You are on page 1of 5

‫البيداغوجيا الفارقية وتقنيات التنشيط ‪1-‬‬ ‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬عبد العزيز قريش‬


‫مفتش تربوي‬

‫لن يكون البدء إطناب''ا في البي'داغوجيا الفارقي''ة‪ ،‬بق'در م''ا س'يكون َر ُّموزًا لمنبعه''ا وألهميته''ا في التربية‬
‫والتعليم‪ .‬ذلك أن الفروق الفردية تنبع من طبيعة االختالف الذي أوجده هللا تع''الى في البش''ر‪ ،‬ونوع''ه في‬
‫الطاقة والتحمل واالس'تيعاب والق'درات التحص'يلية واألدائية والتواص'لية للف'رد‪ ،‬وه'و اختالف ط'بيعي و‬
‫مكتسب في آن واحد؛ فالطبيعي يعود إلى طبيعة وبنية الفرد البيولوجية‪ ،‬وفسيولوجية هذه الطبيعة وتل''ك‬
‫البني''ة‪ ،‬وم''دى إمكاناتها الطبيعي''ة في أداء وظيفته''ا على الوج''ه األكم''ل‪ .‬في حين المكتس''ب من الف''روق‬
‫الفردية يعود إلى التنشئة االجتماعية والثقافية والحالة المادية والمعنوي''ة للف''رد كم''ا للمجتمع واألس''رة‪،‬‬
‫ولست في حاجة إلى تعداد نماذج من هذه الف''روق‪ ،‬فيكفي مثال أن الف'رد ال''ذي يعيش في أس'رة ميس''ورة‬
‫ومثقفة ومنفتحة على محيطه''ا االجتم''اعي‪ ...‬غ''ير الف''رد ال''ذي يعيش في أس''رة على نقيض األولى‪ ،‬فتم‬
‫فروق فردية تظهر في مستوى التواصل وطريقة التفكير وتمثل الع''الم ال''داخلي للف''رد و الع''الم الخ''ارجي‬
‫عنه‪ .‬ومنه الفروق الفردية طبيعية في التربية والتعليم‪ ،‬بل تم استحضارها مع نظري''ات التربي''ة الحديث''ة‪،‬‬
‫وأص''بحت ج''زءا من األداء الص''في ال يمكن االس''تغناء عنه''ا في تحص''يل جودت''ه‪ ،‬كم''ا أنها مك''ون من‬
‫مكونات نظريات علم النفس المعرفي‪ .‬ومفهوم من مفاهيم التدريس بالكفايات حاضر بقوة فيها‪ .‬لهذا كان‬
‫من الضروري التعاطي مع هذه البي'داغوجيا نظري'ا وتطبيقي'ا في التك'وين األس'اس لألس''تاذ‪ ،‬حيث نلمس‬
‫الفروق الفردية في جماعة القسم بكل وض'وح عن''دما ن''درس‪ ،‬فه'ذا يكتس'ب المعرف'ة والقيم والس''لوكات‬
‫واألداءات بوثيرة أسرع أو إيقاع تعلمي أسرع من اآلخر‪ ،‬وذاك يبدي رغب''ة إلى تعلم م''ادة بعينه''ا مقاب''ل‬
‫نفور اآلخر منها؛ وبالت'الي ح''تى نحق''ق تعلم''ا متوازن''ا ي'راعي ك''ل ف'رد على ح''دة أو على األق''ل ي''راعي‬
‫مجموعة أف''راد على ح''دة الب''د من أن نوظ''ف في أدائن''ا البي''داغوجيا الفارقي''ة‪ .‬وعلي''ه ف''إن أهمية ه''ذه‬
‫البيداغوجيا تنبع من مراعاتها لق''درات وكف''اءات ك''ل متعلم على ح''دة وتس''ير وف''ق حالته الفردي''ة‪ ،‬فهي‬
‫بمفهوم' آخر متقدم عبارة عن تربية وتعليم تفريدي يستحضر الف''رد كتم''يز داخ''ل الجماع''ة يتكام''ل معه''ا‬
‫بخصوص''ياته البيولوجي''ة والفس''يولوجية' واألدائي''ة والثقافية واالجتماعي''ة واالقتص''ادية واإليديولوجي''ة‬
‫والعقائدي'''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''ة‪.‬‬
‫ويعبر عن الفروق الفردية بأنها ( االنحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة‪ ،‬فهي‬
‫بهذا المعنى مقياس علمي لمدى االختالف القائم بين الناس في صفة مشتركة وهكذا يعتمد مفهوم الفكرة‬
‫على مفه''ومي التش''ابه واالختالف‪ ،‬والتش''ابه الن''وعي في وج''ود الص''فة واالختالف الكمي في درج''ات‬
‫ومستويات هذه الوجود ) ويعبر عنها إحصائيا بالـبعد عن المتوسط الحسابي (‪ ) X X -‬سواء في االتجاه‬
‫الم''وجب أو في االتج''اه الس''الب كم''ا س''نرى الحق''ا‪ .‬وهي ف''روق فردي''ة يجب التع''اطي معه''ا من منطل''ق‬
‫األسس التالية‪:‬‬

‫( ‪ 1‬ـ النظر إلى الفروق الفردية بين الناشئين على أساس كونها أمرا طبيعيا‪ ،‬وهي تش'مل جمي'ع ن''واحي‬
‫الشخصية‪ .‬فكما يالح'ظ اختالف األف'راد في ال'وزن والط''ول‪ ،‬والنض''ارة والش''حوب‪ ،‬والس''منة والنحاف'ة‪،‬‬
‫فيجب أال يستغرب اآلباء والمربون وجود الف''روق الفردي''ة في ال''ذكاء وغ''يره من االس''تعدادات العقلي''ة‪،‬‬
‫وفي الميول والهوايات‪ ،‬وفي السمات المزاجية كاالنطواء واالنبساط‪ ،‬واالنفعال' والرصانة‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ تتصف بعض الفروق الفردية بالصفات الوراثية‪ ،‬وبعضها يتأثر بتأثير البيئ''ة والظ''روف االجتماعي''ة‬
‫المحيطة بالفرد‪ ،‬ونوع التربية التي يتلقاها‪ ،‬وإذا كان من الصعب التحكم في العوام''ل الوراثي''ة ـ العوامل'‬
‫الوراثية لم تع''د م''ع علم الوراث''ة مش''كلة ـ فإن''ه يمكن التحكم في العوام'ل' المكتس''بة بإخض''اعها للتغي''ير‬
‫والتعديل‪ .‬وهو ما يحمل اآلباء والمربين حسن والرعاية بالناش''ئين كل حس''ب مس''تواه وقدرات''ه وميول''ه‬
‫واتجاهاته‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬وبما يساعده على استكمال نمو شخصيته المتكاملة الجوانب‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ إن وجود الفروق الفردية من الخصائص البشرية الهامة التي جعلها هللا عز وجل وسيلة بناءة لتنويع‬
‫وتطوير الحياة وتقدمها واستمرارها‪ ،‬فالحياة ال تستقيم إذا كان حظ الناس أجمعين واحدا من حيث درجة‬
‫الذكاء والقدرات والميول والمواهب والهوايات والمزاج والعواطف‪ ،‬وغيرها‪ .‬والب'د من مراع'اة الف'روق‬
‫الفردية وحسن تنميتها وتكاملها مهما كان مستواها وتوظيفها لخ''ير الف''رد والجماع''ة وبم''ا يحق''ق لهم''ا‬
‫األه'''''''''''''''''''''''''''داف والغاي'''''''''''''''''''''''''''ات المش'''''''''''''''''''''''''''تركة في الحي'''''''''''''''''''''''''''اة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ من أهم واجبات اآلباء والمربين التعرف على الف'روق الفردي'ة ل'دى أبن'ائهم واكتش'افها أثن'اء التعليم‬
‫واللعب والنشاط ال''ترويحي‪ ،‬وتمكينهم من تنميته'ا وص''قلها ح''تى يحقق''وا' أقص'ى ق'در ممكن من الج'ودة‬
‫واإلتق''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''ان واإلب''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''داع‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ البد من تحديد طبيعة الفروق الفردية‪ ،‬والعوامل' المؤثرة فيها وراية كانت أم مكتسبة‪ ،‬وكيفية قياسها‬
‫بغي''ة مراع''اة ق''درات وإمكاني''ات واس''تعدادات' األف''راد المتنوع''ة في ال''برامج ومن''اهج التعليم والتربية )‬
‫تعريف البيداغوجيا الفارقية‪:‬‬

‫حصرا‪:‬‬ ‫هناك عديد من التعاريف االصطالحية لهذه البيداغوجيا نورد منها مثال ال‬

‫‪ 1‬ـ " إجراءات وعمليات تهدف إلى جعل التعليم متكيفا م''ع الف''روق الفردي''ة بين المتعلمين قص''د جعلهم‬
‫يتحكمون في األهداف المتوخاة " وهذا التعريف هو تقني يركز على اإلجراءات والعمليات‪ ،‬وبذلك ض''يق‬
‫مساحة تحركه وحصرها فيما إجرائي‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ " البيداغوجيا الفارقية هي بيداغوجيا المسارات تسمح بإطار مرن؛ حيث التعلمات متنوعة وواضحة‬
‫وبائنة من أجل أن يكتسب المتعلمون‪/‬التالميذ المعرفة أو المعرفة الفعل وفق مساراتهم الخاص''ة " وه''ذا‬
‫التعريف هو أكثر توس''عا وش''مولية من األول‪ ،‬حيث تعل''ق بالمس''ار التعلمي الف''ردي للمتعلم المب''ني على‬
‫معطيات ذاتية وخارجية وعلى المتغيرات الفردانية‪ ،‬كما يقوم حيثي'ات التعلم''ات ال''تي تق''وم ب'دورها على‬
‫المعرف''''''''''''''''''ة ومعرف''''''''''''''''''ة الفع''''''''''''''''''ل بم''''''''''''''''''ا فيه''''''''''''''''''ا التقني''''''''''''''''''ات‪.‬‬
‫وهي بهذا التعريف حسب هالينة برزمسكي يمكن أن تتحدد كـ‪:‬‬

‫" ـ بي'''داغوجيا فرداني'''ة تع'''ترف بالتلمي'''ذ شخص'''ا له تمثالت'''ه وتص'''وراته الخاص'''ة بالوض'''عية‬
‫التعلمي'''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''ة‪/‬التكوينية‪.‬‬
‫ـ بيداغوجيا متنوعة تطرح مسارات تعلمية تستحضر خصوصيات كل متعلم‪ ،‬تتنافى بهذا االستحضار م''ع‬
‫قولة التوحيد وتم''اهي الك''ل في أداء العم''ل بنفس اإليق''اع والوث''يرة‪ ،‬وفي نفس الم''دة الزماني''ة‪ ،‬وبنفس‬
‫الطريقة والنهج‪...‬‬

‫ـ بي''داغوجيا مج''ددة لش''روط التعلم‪/‬التك''وين؛ لفتحه''ا أقص''ى أب''واب ومناف''ذ ألقص''ى ع''دد من المتعلمين‪/‬‬
‫"‬ ‫التالميذ‬
‫ويمكن طرح تعريف إجرائي للبيداغوجيا الفارقية على الشكل التالي‪:‬‬

‫( البيداغوجيا الفارقية هي البي''داغوجيا ال''تي تهتم ب''الفروق الفردي''ة ض''من س''يرورة التعلم وتعم''ل على‬
‫تحقيق التعلم حسب تلك الفروق بمعنى أنه''ا تغطي المتوس''ط الحس''ابي والبع''د عن''ه في االتج''اه الم''وجب‬
‫واالتجاه السالب )‪.‬‬

‫على‪:‬‬ ‫وهي وفق هذا التعريف تقوم‬

‫شخصية المتعلم‪.‬‬ ‫ـ الفروق الفردية المتنوعة التي تمس‬

‫التعلم‪.‬‬ ‫ـ سيرورة‬

‫معطياته الفردية‪.‬‬ ‫ـ تحقق التعلم عند المتعلم حسب‬

‫ـ تغطي ثالث فئات على األقل هي فئة المتوسط الحس'ابي‪ ،‬وفئ'ة البع'د عن المتوس'ط الحس'ابي الم'وجب‪،‬‬
‫فئة البعد عن المتوسط الحساب السالب‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ " مقاربة تربوية تكون فيها األنشطة التعليمي''ة وإيقاعاته''ا مبني''ة على أس''اس الف''روق واالختالف''ات‬
‫التي قد يبرزها المتعلمون‪/‬المتعلمات في وض'عية التعلم‪ .‬وق'د تك''ون ه'ذه الف''روق معرفية أو وجداني''ة أو‬
‫سوس''يو ـ ثقافي'ة وب''ذلك فهي بي''داغوجيا تش'كل إط''ارا تربوي'ا مرن'ا وق'ابال للتغي''ير حس'ب خصوص'يات‬
‫المتعلمين والمتعلمات ومواصفاتهم' " ‪ ،‬وهذا التعريف مستقى من هالينة برزمسكي‬
‫‪.‬‬
‫واالختالف‪:‬‬ ‫أنواع البيداغوجيا القائمة على الفروق‬

‫يم''يز ال''تربويون بين ثالث''ة أن''واع من البي''داغوجيا ال''تي تق''وم على االختالف والف''روق الموج''ودة بين‬
‫المتعلمين والمتعلم''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''ات كالت''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''الي‪:‬‬
‫( * البيداغوجيا التنويعية ‪pédagogie variée‬‬
‫وهي التي تستعمل فيها طرائق وتقنيات تتنوع حسب عنصر الزم''ان؛ أي أنه''ا تعتمد على أنش''طة تتن''وع‬
‫من فترة إلى أخرى ومن حصة إلى أخرى‪ .‬وتبع''ا له''ذه المقارب''ة‪ ،‬ف''إن ال''درس أو اله''دف ال''تربوي يق''دم‬
‫باعتماد تقنية ما‪ ،‬ثم يقدم بعد ذلك‪ ،‬الدرس أو الهدف التربوي بتقنية أخرى‪ ،‬وهكذا‪..‬‬

‫• بيداغوجيا المداخل المتعددة ‪pédagogie diversifiée‬‬

‫وهي المقاربة التي يقدم فيها نفس الدرس ويحقق نفس الهدف التربوي باستعمال تقنيات مختلفة بكيفي''ة‬
‫‪.‬‬ ‫متزامنة‬
‫• البيداغوجيا الفارقية ‪pédagogie différenciée‬‬

‫وهي المقاربة التي تشمل‪ ،‬باإلضافة إلى الممارستين األوليين‪ ،‬على التنوي''ع في محتوي''ات التعلم؛ أي أن‬
‫هذه البيداغوجيا ال تحاول فقط التنويع في التقنيات والوس''ائل ع''بر الزم''ان أو لتحقي''ق اله''دف نفس''ه في‬
‫وقت واحد‪ ،‬وإنما تسعى كذلـك إلـى تـنـويـع محتويات التعلم داخل الصف‪ ،‬ومن ثم'ة فإنه'ا مقارب'ة تعتم'د‬
‫على التنويع في الطرائق وفي المحتوى معا )‪.‬‬

‫منطلقات البيداغوجيا الفارقية‬

‫مثل‪:‬‬ ‫تنطلق البي''''''داغوجيا الفارقي''''''ة من الف''''''روق الفردي''''''ة الذاتي''''''ة الطبيعي''''''ة والمكتس''''''بة‪،‬‬


‫ـ الفروق الفردية الذاتية الطبيعية البيولوجي''ة والفس''يولوجية' كالبني''ة الجس''مية وخصائص''ها ووظيفته''ا‪،‬‬
‫حيث يتأثر تعلم المتعلم بشكل وخصائص ووظائف بنيته الجسمية‪ ،‬فعلى سبيل المثال تلعب س''المة البني''ة‬
‫الجسمية والعقلية دورا هاما في التعلم؛ في مقابل إعاقتها التعلم عندما تكون غير سليمة بمعنى مريض''ة‪،‬‬
‫ولعل ذوي الحاجات الخاصة دليل على دور البنية الجسمية والعقلية في التعلم‪..‬‬

‫ـ الفروق الفردية الذاتية المكتسبة من ثقافة وأنماط التنش'ئة االجتماعي'ة‪ ،‬والوض'ع االقتص'ادي والمرك'ز‬
‫االجتماعي‪ ،‬وطبيعة المحيط األسري واالجتماعي‪ ..‬لها دور ه''ام في البي''داغوجيا الفارقي''ة من حيث أنه''ا‬
‫عوامل خارجية تؤثر بشكل مباشر في التعلم‪ ،‬وتضفي التمايزات على المتعلمين‪..‬‬

‫ـ الفروق الفردي''ة المعرفي''ة الناتج''ة عن اختالف المتعلمين في اكتس''اب المعرف''ة ال''تي تنتجها المؤسس''ة‬
‫التعليمية‪ ،‬وتمثالتهم لهذه المعرفة‪ ،‬وطريقة اكتسابهم' له''ا‪ ،‬وس''ترجاتهم في ذل''ك‪ ،‬وطريق''ة استحض''ارها‬
‫والتعام''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''ل معه''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''''ا وتوظيفها‪..‬‬
‫ـ الف''روق الفردي''ة الس''يكولوجية' ( النفس''ية ) الناتج''ة عن اختالف المتعلمين نفس''يا من حيث الشخص''ية‬
‫وطبائعها ومميزاتها‪ ،‬من تقبل ودافعية وإرادة وصبر واهتمام وإبداع‪..‬‬

‫ـ الف''روق الفردي''ة المجتمعية النابع''ة من اختالف مجتمع''ات المتعلمين‪ ،‬وطريق''ة تفك''ير ه''ذه المجتمع''ات‬
‫ولغاتهم وتقاليدهم ونظرتهم للحياة ولآلخرين‪..‬‬

‫ـ الفروق الفردية االقتصادية‪ ،‬واإلمكانيات المتاحة ل''دى المتعلمين‪ ،‬ال''تي تس''اعدهم على التعلم‪ ،‬وتمكنهم‬
‫من تحقيق رغباتهم‪..‬‬

‫الفارقية‪:‬‬ ‫التأطير النظري للبيداغوجيا‬

‫ينبع التأطير النظري لهذه البيداغوجيا من منطلق أن الفروق الفردية هي فروق طبيعية ترج''ع إلى تب''اين‬
‫الجنس البشري في الطاقة والمكون''ات واألداءات‪ ،‬وفي قابليت''ه للتربي''ة والتنش''ئة االجتماعية والتواص''ل‬
‫االجتماعي‪ ..‬كما ترجع إلى اإليمان بمبدأ االختالف وحق التم''يز في إط''ار التكام''ل الجم''اعي ض''من حف''ظ‬
‫حق تكافؤ الفرص في التعلم واكتساب المهارات والقدرات والكفايات من أجل ممارس'ة وظيف''ة اجتماعي'ة‬
‫معينة‪ ..‬بجانب االنطالق من هذه الفروق الفردية لتحقيق التنوع وال''ثراء المجتمعي لتلبي''ة حاج''ات الف''رد‬
‫والمجتمع على حد سواء‪..‬‬

‫وتجد البيداغوجيا الفارقية ج'ذورها النظري'ة في علم النفس المع'رفي ال'ذي يؤك'د على حض'ور الخ'برات‬
‫الحسية للمتعلم‪ ،‬وعلى التفاعالت االجتماعية‪ ،‬وعلى النضج‪ ،‬وعلى التوازن المع''رفي؛ من حيث ( ينبغي‬
‫أن تتضمن لتربية الجيدة تقديم مواقف للطفل بحيث يجرب ويختبر بنفسه‪ ،‬وتجريبه بنفس'ه يس'اعده على‬
‫أن يتلمس بنفسه ماذا يحدث‪ ،‬وأن يعالج األشياء والرموز‪ ،‬وأن يثير السؤال والبحث عن جوانب أخ''رى‪،‬‬
‫وأن يوفق بين ما يتوصل إليه في مرة أخرى تالية‪ ،‬وأن يقارن بين ما يجده من نتائج األطفال' من نتائج‪..‬‬
‫) ‪ ،‬ومن منطلق استحضار المتعلم ذاتا مستقلة عن الذوات األخ''رى‪ ،‬ومتم''يزة عنهم نبع التعليم الم''برمج‬
‫الذي يستخدم بقوة البيداغوجيا الفارقية‪..‬‬

‫لماذا البيداغوجيا الفارقية؟‬

‫سؤال مشروع خصوصا في ظ''ل الت''دريس بالكفاي''ات‪ ،‬حيث نج''د ه''ذه البي''داغوجيا تغطي التباع''دات بين‬
‫المتعلمين في التعلم؛ خاص'''ة م'''ع وج'''ود تب'''اين في أف'''راد جماع'''ات القسم من ناحي'''ة الخص'''ائص‬
‫والخصوصيات التعلمية‪ ،‬فهي معنية بوضع الف''روق الفردي''ة في حس''بان العملي''ة التعليمي''ة التعلمي''ة من‬
‫ناحية السترجة األدائية والتحصيلية‪ ،‬ومن ناحية أنشطة التعلم التي تراعي إمكانيات كل متعلم على ح''دة‪،‬‬
‫وهي بذلك تحارب الفشل الدراسي وتعمل على نجاح التدريس حسب معطيات كل حالة وإيقاعات تعلمها‪..‬‬
‫بل تدخل الدعم الخاص من بابه الواسع‪..‬‬

‫فالبيداغوجيا الفارقية هي التي تضع كل متعلم في سكته المناسبة لسرعته التعلمي''ة‪ ،‬وفي ظله''ا نج''د ك''ل‬
‫يتعاطى المعرفة والقيم' والمهارات حسب طاقته وجهده وزمانه‪ ..‬ومنه فإن الكفايات تركز عليها كثيرا في‬
‫تحققها عند المتعلم‪.‬‬

‫كم''ا نج''دها تمكن المتعلم من معرف''ة قدرات''ه الخاص''ة ومميزات''ه الشخص''ية وس''بل توظيفه''ا في تعلمه‬
‫لتحويله''ا إلى كفاي'ات خاص'ة ب''ه قابل''ة للتوظي''ف في وض'عيات أخ'رى‪ ،‬وص''الحة لالس'تثمار وفق حالت'ه‬
‫الخاصة؛ بجانب تحفيز المتعلم على التعلم الذاتي انطالقا من ثقته في قدراته ومهاراته وكفاياته ومعرفت''ه‬
‫وقيمه وسلوكاته التي تؤهله من جهة أولى لالندماج االجتماعي في النس''يج المجتمعي‪ ،‬ومن جه''ة ثاني''ة‬
‫تؤهله لممارسة وظيفة معينة في مجتمعه بم'ا يض'من اس'تقالليته وتم'يزه في ه'ذا الك'ل‪ ..‬ذل'ك أن التعليم‬
‫الجيد هو الذي يتحول إلى تعلم ذاتي حسب االتجاه التربوي الجديد في التربية والتعليم‪ ،‬ال''ذي ي''ؤمن ب''أن‬
‫المتعلم الذي يعلم نفسه بنفسه في ظل توجي'ه األس'تاذ ل'ه‪ ،‬ه'و أمتن تعلم'ا وأداء من المتعلم ال'ذي يعتم'د‬
‫كلي''ة على إنج''ازات األس''تاذ‪ ،‬حيث " أن تعلم المه''ارات الحركي''ة يقتض''ي أن يق''وم المتعلم ب''أداء ه''ذه‬
‫المهارات بالفعل‪ ،‬وأن يتدرب عليها حتى يتقنها‪ .‬وليست الممارسة العملية مهمة فق''ط في تعلم المه''ارات‬
‫الحركية‪ ،‬بل إنها مهمة أيضا في تعلم العلوم النظرية‪ ،‬وفي تعلم الس''لوك الخلقي والفض''ائل والقيم وآداب‬
‫السلوك االجتماعي‪ .‬فإن أداء الفرد بنفسه لما يريد أن يتعلم يساعد على سرعة التعلم وإتقانه ‪.‬‬
‫‪ ‬‬

You might also like