Professional Documents
Culture Documents
Eco d1 2016
Eco d1 2016
أطروحة:
مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في العلوم االقتصادية
الموضوع:
" انعكاسات تحليل البيئة الخارجية الدولية على التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية في ظل العولمة
دراسة حالة :شركة سوناط ارك – الجزائر "
تشهد البيئة الخارجية للمؤسسة االقتصادية في السنوات األخيرة تحوالت عميقة و متسارعة بفعل
تنامي ظاهرة العولمة حتى أصبحت دولية الطابع ،مما جعل المؤسسة االقتصادية أمام ضرورة امتالك
الوسائل و اآلليات التي تمكنها من تحليل تغيرات هاته البيئة ( الحالية و المستقبلية ) ،و من ثم
تشخيص ما فيها من فرص القتناصها و ما فيها من تهديدات أو مخاطر لتجنبها أو التقليل من آثارها.
و بما أن التسيير االستراتيجي هو منهج يقوم على :التحليل االستراتيجي لبيئة المؤسسة االقتصادية
( الداخلية و الخارجية ) ،فاعتماد خيا ار إستراتيجيا من بين مجموعة البدائل المتاحة ،ثم وضع هذا
الخيار موضع التنفيذ ،فالرقابة عليه و تقويمه ،فإننا حاولنا من خالل دراستنا تحقيق هدف رئيسي هو:
الكشف عن مدى انعكاسات تحليل المؤسسة االقتصادية لبيئتها الخارجية الدولية على تسييرها
اإلستراتيجي في ظل العولمة .و مما جعل هاته الدراسة تتمحور حول اإلجابة على اإلشكال الرئيس
التالي:
إلى أي مدى يمكن للبيئة الخارجية الدولية الـتأثير على تفعيل التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
في ظل العولمة ؟
و قد حاولنا اإلجابة على هذا اإلشكال عبر التعرف على ظاهرة العولمة و دراسة أهم جوانبها ،ثم
دراسة تحليل البيئة الخارجية الد ولية للمؤسسة االقتصادية ،و استعراض أهم ما يتعلق بالتسيير
اإلستراتيجي للمؤسسة االقتصادية ،فدراسة حالة شركة سوناطراك -الجزائر .
و توصلنا إلى أن تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية مدخل رئيسي لخلق درجة
عالية من التناغم بين هذه المؤسسة و بيئتها الخارجية الدولية ،كما توصلنا أيضا إلى أن هذا التحليل
يلعب دو ار أساسيا في تفعيل التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية في ظل العولمة.
الكلمات المفتاحية - :العولمة -المؤسسة االقتصادية -البيئة الخارجية الدولية -الفرص -التهديدات
-التسيير االستراتيجي – اإلستراتيجية.
Résumé:
Dans quelle mesure l' environnement externe international peut influer sur l'activation
de la gestion stratégique de l'entreprise économique dans le contexte de la
mondialisation ?
فهرس المحتويات
الملخص
I فهرس المحتويات............................................................................... .
VII فهرس الجداول ...................................................................................
I
فهرس المحتويات
II
فهرس المحتويات
VI
فهرس الجداول
فهرس الجداول
23 تطور أهم المؤشرات الخاصة بالفروع األجنبية للشركات متعددة الجنسيات 04 -I
2011 -1990
2013 -1970الفترة: خالل
الفترة: خالل
31 تطور االستثمار في األوراق المالية عبر العالم خالل الفترة2012-1990 : 05 -I
32 متوسط التعامل اليومي في النقد األجنبي خالل الفترة - 1998 :أفريل 2013 06 -I
استثمارات مؤسسة التمويل الدولية حسب القطاعات خالل الفترة: 07 -I
44
30 -2010جوان 2013
الضمانات الصادرة من الوكالة الدولية لضمان االستثمار خالل الفترة : 08 -I
46
2010 -2006
88 مصفوفة تقييم الفرص و التهديدات 01- II
124 جدول يوضح أوزان صناعة القرار اإلستراتيجية لهذه المؤسسة 01- III
124 جدول يوضح البدائل اإلستراتيجية وفقا للمعايير المعتمدة من هذه المؤسسة 02 - III
125 االختيار اإلستراتيجي وفقا لنموذج SYNDER 03 - III
126 أوجه االختالف بين مرحلة صياغة اإلستراتيجية وتنفيذها 04 - III
160 تشخيص أهم الفرص و التهديدات السياسية 01 - IV
معدل النمو االقتصادي الدولي السنوي المتوقع خالل المدى المتوسط
161 0201- -IV
( ) 2019 – 2014و المدى الطويل( )2040 – 2014
162 الضرائب المفروضة على النفط من طرف دول مجموعة السبعة خالل سنة 2013 03 - IV
VII
فهرس الجداول
163 توزيع سكان العالم عبر القارات خالل منتصف سنة 2013و في آفاق 2050 04 - IV
168 خطة خفض االنبعاثات في الدول الكبرى و األهداف المستقبلية 07 - IV
170 تطور الطلب الدولي على النفط حتى آفاق 2040 09 - IV
174 تشخيص أهم الفرص و التهديدات على مستوى الموردين 13 - IV
176 يوضح أهم االحتياطات الدولية من النفط الصخري خالل سنة 2013 17- IV
177 أهم االحتياطات الدولية من الغاز الصخري خالل سنة 2013 18 - IV
VIII
فهرس الجداول
الطلب العالمي على مصادر الوقود و الطاقة من غير المحروقات وفقا " لسيناريو
178 19 - IV
السياسات الجديد" خالل الفترة 2035 – 2014 :
حجم االستثمارات المتوقعة على المستوى الدولي في مصادر الوقود و الطاقة من
178 20 - IV
غير المحروقات وفقا " لسيناريو السياسات الجديد" خالل الفترة 2035 – 2014 :
179 تشخيص أهم الفرص و التهديدات الناتجة عن المنتجات البديلة 21 - IV
184 ناقالت غاز البترول المميع المستلمة خالل المخطط ()2006 -2002 24 - IV
187 محطات تحلية مياه البحر المنجزة من طرف سوناطراك و شركائها 25 - IV
192 الموارد البشرية الموظفة من طرف سوناطراك خالل2013 -2002 : 26 - IV
192 عدد موظفي سوناطراك الخاضعين للتكوين أو التدريبي خالل 2013 -2002 27 - IV
IX
فهرس األشكال
فهرس األشكال
08 دور التكنولوجيا في دعم قدرة الشركات و المشروعات على التعولم 01 - I
X
المقدمــــــة العامة
المقدمة العامة
تمهيد:
لقد شهد العالم خالل السنوات القليلة الماضية موجات متتالية و متسارعة من التغيرات و التطورات
عبر مختلف األصعدة ،نتيجة سواد نظام دولي جديد يتزايد فيه االعتماد المتبادل بين الدول و تتآكل فيه كل
الحدود مما أدى إلى نمو حجم و نوعية التجارة ،االستثمار و التدفقات النقدية ،و ظهور مشترين و بائعين
عالميين و أزمات عابرة للقارات تحت إطار ما يسمى بالعولمة .
و في ظل تنامي ظاهرة العولمة وجدت المؤسسات االقتصادية نفسها في عالم يختلف كثي ار عن ذلك الذي
كان في الربع األخير من القرن العشرين ،هذا العالم المتسم بالمنافسة العالمية مع تطبيقات تكنولوجيات اإلعالم
و االتصال ،و التحرير التجاري المتزايد تحت إطار المنظمة العالمية للتجارة ،و المزيد من التكتالت الدولية
و التحالفات اإلستراتيجية للشركات العمالقة .و بالتالي فان بيئة األعمال المعاصرة أصبحت بيئة دولية حافلة
بالمتغيرات المتسارعة ،و أصبح من المطلوب اليوم أن تدرك المؤسسة االقتصادية هذه التغيرات لتكون قادرة
على التعامل معها.
أمام هذا الوضع أصبحت بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية دولية الطابع تتالشى فيها المحلية
و الوطنية ،أكثر تعقيدا و جد متغيرة ،و بالتالي فالمؤسسة االقتصادية أصبحت في وضعية ال توجد فيها
المثلى و الدائمة التي تصلح لجميع المؤسسات أو لنفس المؤسسة في ظروف مختلفة ،و بالتالي فلم يعد من
المقبول أن يقضي قادة المؤسسة االقتصادية معظم وقتهم في تعديل الهيكل التنظيمي و وضع أسس للترقية
و إعادة النظر في مسميات الوظائف -رغم أهمية هذه المهام -و إنما يجب أن يخصصوا وقتهم إلى مهمة
إستراتيجية تهدف في المقام األول إلى اقتناص ما تتيحه هذه البيئة من فرص و اجتناب أو التقليل من أثر ما
تفرضه من مخاطر أو تهديدات ،أي أن مهمة قادة المؤسسة االقتصادية في ظل هذا الوضع هي تسييرها
استراتيجيا.
إن أسلوب التسيير االستراتيجي للمؤسسات االقتصادية هو منهج فكري يتميز بالحداثة و الريادة ،من خالل
عملياته و وسائله التي تمكن من زيادة القدرات التنافسية للمؤسسات و تطوير أدائها أحيانا ،كما تضمن لها
البقاء و االستم اررية أحيانا أخرى ،حيث يعتمد هذا األسلوب على أنظمــة المعلومات لبيئة المؤسسة االقتصادية
(الخارجية و الداخلية ) و تشخيص ما فيها من :فرص و تهديدات /نقاط قوة و نقاط ضعف ،ومن ثم
اعتماد خيا ار إستراتيجيا من بين مجموعة البدائل المتاحة يعكس موقفا أو سلوكا رشيدا لها في ظروف معينة
و في وقت محدد ،ليتم بعد ذلك وضع هذا الخيار موضع التنفيذ ،فالرقابة عليه و تقويمه.
ب
المقدمة العامة
و انطالقا مما سبق يتضح أن تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية في ظل العولمة أصبح
من األهمية بما كان ليس على المستوى النظري فحسب ،بل يتعداه إلى المستوى العملي ،هذا التحليل الذي
يقوم على مدخل تحليلي تشخيصي أساسي يعمل على التحليل المستمـر لبيئــة المؤسسة االقتصادية الخارجية
الدولية ،و تشخيص ما فيها من فرص متاحة لها و ما فيها من تهديدات تعترضـها ،تجعله أم ار ضروريا لبقاء
هاته المؤسسة و فعاليتها في ظل بيئة متغيرة باستمرار و تتعدد فيها الفرص و التهديدات ،و لكن مع ذلك فإن
بعض المؤسسات االقتصادية تعتمد إستراتيجيات تمكنها من استغالل هذه الفرص و تجاوز التهديدات ،بل
و أكثر من ذلك فهي تتوسع و تنمو و تحول التهديدات إلى فرص لتحقيق هدف االستم اررية بنجاح في المدى
الطويل ،و في حين أن البعض اآلخر من المؤسسات قد تنجح بالصدفة في األجل القصير إال أنها تتعثر
و تفشل عند أدنى األخطار في المدى الطويل.
إلى أي مدى يمكن للبيئة الخارجية الدولية الـتأثير على تفعيل التسيير االستراتيجي للمؤسسة
االقتصادية في ظل العولمة ؟
إن هذا الطرح يستدعي تحليل اإلشكالية العامة باألسئلة الفرعية اآلتية:
-1ما هي العولمة ؟ و ما هي العناصر األساسية في هذه الظاهرة ؟
-2ما هي البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية ؟
-3كيف يتم تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية ؟
-4ما هو التسيير اإلستراتيجي للمؤسسة االقتصادية ؟
-5كيف تسير المؤسسة االقتصادية إستراتيجيا ؟
ج
المقدمة العامة
-1العولمة ظاهرة متعددة الجوانب تستهدف الوصول بالعالم إلى وحدة متكاملة و متجانسة على مختلف
األصعدة عن طريق العديد من اآلليات.
-2يعتبر تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية مدخل رئيسي لخلق درجة عالية من التناغم بين
المؤسسة االقتصادية و بيئتها الخارجية الدولية في ظل العولمة.
-3يعتمد نجاح أو فشل المؤسسة االقتصادية في ظل العولمة بشكل كبير على مدى فعالية تسييرها
االستراتيجي.
-4يجعل تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية من تسييرها اإلستراتيجي استجابة للتغيرات الحالية
و المستقبلية ألهم مكونات هذه البيئة.
د
المقدمة العامة
-6المساهمة في دعم المؤسسة محل الدراسة بتوصيات يمكن أن تحقق إضافة لها ،في ظل واقع يفرض
التقارب بين الجامعة و المؤسسات االقتصادية الجزائرية.
ه
المقدمة العامة
و
المقدمة العامة
2- " The Environment , Involvement , and Performance : Implications for The
" Strategic Process of Food Firms
الدراسة للباحث " " Robert J. Arringtonالصادرة في المجلد الرابع من العدد - 23:نوفمبر 2004
(ص ص )341-317 :من الدورية األمريكية:
" " International Journal of Hospitality Management
حاول الباحث دراسة تأثير التعقد البيئي على العناصر التنظيمية عبر مجموعة متنوعة من الشركات ،من خالل
استقصاء عدد كبير من المديرين التنفيذيين و كبار المديرين لتحديد تصوراتهم حول ذلك ،فتوصلت الدراسة
إلى إثبات وجود عالقة ايجابية بين المواءمة التنظيمية للشركات مع بيئتها الخارجية و تحسن أدائها ،حيث
استخدمت هذه الدراسة العائدين على المبيعات و األصول قبل الضرائب و الفوائد ،و كذلك استخدام سعر سهم
الشركة في السوق و ربحيته مقارنة بالمنافسين لتقييم األداء.
" -3التفاعل بين الرسالة و البيئة في المؤسسة االقتصادية الجزائرية -دراسة حالة بعض مؤسسات
صناعة األدوية " أطروحة دكتوراه العلوم في العلوم االقتصادية للباحث " السعيد قاسمي " من جامعة فرحات
عباس – سطيف ( سنة . )2012
حاول الباحث إظهار أهمية التفاعل بين المتغير المستقل المعبر عنه بالبيئة و المتغير التابع المعبر عنه
بالرسالة ،و موضحا بذلك طبيعة العالقة بين المتغيرين عن طريق الوقوف على درجة تأثير كل عنصر من
عناصر البيئة )الداخلية و الخارجية ) على رسالة المؤسسة االقتصادية ،و قام بدراسة حالة بعض مؤسسات
صناعة األدوية في الجزائر ،ليتوصل في نهاية بحثه إلى نتيجة وجود ارتباط قوي بين رسالة المؤسسة
االقتصادية و بيئتها ،حيث ال يمكن صياغة هذه الرسالة بشكل جيد و فعال إال بالوقوف على نتائج تحليل بيئة
هاته المؤسسة .
ز
المقدمة العامة
ح
الفصل األول:
إطار عام حول ظاهرة
العولمة
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
تمهيد:
لكل عصر تعبير معين يعكس طبيعة هذا العصر و يعتقد الكثيرون أن التعبير الذي يعكس طبيعة عصرنا هذا
()1
هو "العولمة" :
-بين عام 1984 -1980كان عدد الدراسات و الكتب التي تحمل عنوان العولمة ) 13 (:
-بين عام 1989 – 1985كان عدد الدراسات و الكتب التي تحمل عنوان العولمة )78( :
-بين عام 1996 – 1992كان عدد الدراسات و الكتب التي تحمل عنوان العولمة . )600( :
هذا االهتمام على المستوى الدولي و المحلي ،و كذلك على المستوى الفردي يوضح أن هناك تغيير كبير
يحدث ،فما هو هذا الشيء؟
لذلك و لفهم هذه الظاهرة قسمنا دراستنا في هذا الفصل على النحو التالي:
-المبحث األول :مفاهيم أساسية حول العولمة.
-المبحث الثاني :إطار عام حول العولمة االقتصادية .
-المبحث الثالث :مؤسسات العولمة.
()1
حكومة دبي :العولمة االقتصادية :فرص أم تحديات ،إدارة الدراسات االقتصادية و المالية ،دائرة المالية ، 2007 ،ص.02 :
2
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
سعدون حمود الربيعاوي ،ناظم جواد الزيدي :انعكاسات ظاهرة العولمة في إبراز أهمية احتضان األعمال ،مجلة العلوم االقتصادية و اإلدارية ،جامعة ()1
ص. 27 :
3
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
هذا التعريف سلط الضوء على ظاهرة العولمة من زاوية تقارب المسافات و الثقافات ،حيث يصبح الوضع
ال يمكن من االنعزال أو االنغالق ،و بالتالي فهذه الظاهرة حتمية تاريخية ال مفر منها .
ب -يعرفها صندوق النقد الدولي بأنها " :تزايد االعتماد المتبادل بين دول العالم من خالل زيادة حجم معامالت
السلع و الخدمات و تنوعها عبر الحدود ،إضافة إلى تدفق رؤوس األموال الدولية ،و كذلك االنتشار المتسارع
()1
للتقنية في أرجاء العالم"
ركز هذا التعريف على الشق االقتصادي من ظاهرة العولمة ،و حدد أسبابها بزيادة المبادالت التجارية
و التدفقات المتزايدة لرؤوس األموال بين الدول ،و كذلك انتقال التكنولوجيا بين أرجاء العالم.
ج -تعرف أيضا بأنها " :عملية اجتماعية تذاب و تتالشى فيها الحدود الجغرافية ،تؤدي إلى إدراك األفراد لهذا
()2
االندماج ".
اعتبر هذا التعريف العولمة ظاهرة اجتماعية تتداخل فيها المجتمعات دون االعتداد بالحدود الجغرافية ،
و بالتالي جعل العالم كقرية كونية تذاب فيها القوميات.
د " -هي محاولة نشر حضارة السوق المعولمة ،لتحويل كل شيء إلى سلعة متداولة في السوق لصالح قوة حرة
()3
جديدة عابرة للقوميات".
يرى هذا التعريف ظاهرة العولمة من زاوية االقتصاد ،لتكون لها انعكاسات على مختلف المناحي األخرى
السياسية ،الثقافية ،و االجتماعية ،و تصبح فكرة السوق الحرة و تطبيقاتها هي السائدة.
ه " -هي ص يرورة رأسمالية تاريخية يتحول فيها خط اإلنتاج الرأسمالي من دائرة عولمة المبادلة و التوزيع
و التسويق و التجارة إلى دائرة عولمة اإلنتاج الرأسمالي ،مع عولمة رأس المال اإلنتاجي و قوى و عالقات
اإلنتاج الرأسمالية ،مما يؤدي إلى إخضاع العالم كله إلى النظام الرأسمالي تحت قيادة و هيمنة و توجيه القوى
()4
الرأسمالية العالمية المركزية و سيادة نظام التبادل الشامل و المتميز لصالح االقتصاديات الرأسمالية المتقدمة"
يرى هذا التعريف العولمة بأنها ظاهرة ناتجة عن التطور الرأسمالي من عولمة التبادل إلى عولمة اإلنتاج ،
و بالتالي فهي امتداد للهيمنة الغربية الرأسمالية و أقطابها المتقدمة.
و في األخير يمكننا أن نعرف العولمة على أنها " :ظاهرة لم تكتمل مالمحها بعد يختلف في تحديدها
باختالف الخلفيات و األيديولوجيات لمعرفيها ،تهدف إلى تحويل العالم إلى قرية كونية تتقارب و تتداخل فيها
صندوق النقد الدولي ،آفاق االقتصاد العالمي ،واشنطن ،1997 ،ص.55 : ()1
()3
Theodor Levitt : A world Difference , In Globalization , Edit by Malcolm Waters , London , p:03.
()3
أحمد مجد مجازي :العولمة بين التفكيك و إعادة التركيب ،الدار المصرية السعودية ،القاهرة ،الطبعة األولى ، 2005 ،ص.28 :
()4
أحمد عبد العزيز ،جاسم زكريا :العولمة االقتصادية و تأثيراتها على الدول العربية ،مجلة اإلدارة و االقتصاد ،جامعة بغداد ،العدد ،2011 ، 86
ص. 64 :
4
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
جل الشعوب و األمم ،و في مختلف مناحي الحياة :االقتصادية ،السياسية ،الثقافية ،و االجتماعية ،تحت
سلطة األقوى عالميا".
الفرع الثاني :تطور ظاهرة العولمة :لغرض الوصول إلى فهم دقيق ألبعاد و جوهر أية ظاهرة فإن الدراسة
التاريخية للواقع الذي أفرزها تكون من الضرورة بما كان ،ألن بروز الظاهرة و تطورها ال يمكن أن يتم إال إذا
كانت عوامل وجودها قائمة في المجتمع ذاته .فحداثة لفظ العولمة كمصطلح اقتصادي و سياسي و ثقافي في
التراث الرأسمالي ال تعني حداثة الواقع الذي يعبر عنه المصطلح.
أوال :العولمة القديمة :عرف العالم منذ القدم عدة موجات منفصلة و مختلفة لما يعرف بظاهرة العولمة ،نقسمها
()1
كما يلي:
أ -الموجة األولى :هناك من يرى أشكاال بدائية من هذه الظاهرة وجدت منذ األلفية الثالثة قبل الميالد ،ففي
عصر اإلمبراطورية اليونانية امتدت طرق التجارة من إسبانيا إلى الهند ،و ازدهرت مراكز حضرية تجارية عدة
كاإلسكندرية و أثينا ،كما ظهرت أشكاال من التجارة خالل عهد اإلمبراطورية الرومانية التي مهدت إلى ظهور
تجارة طريق الحرير التي امتدت من روما إلى الصين.
كما ساهمت الحضارة اإلسالمية في المراحل األولى من العولمة حيث قام التجار و المستكشفون بعولمة تجارة
السكر و القطن ،و أدى انتشار تعلم اللغة العربية و التوافد إلى الحج على انتشار الثقافة المدنية .و ساهمت
اإلمبراطورية المغولية أيضا في تعزيز تجارة طريق الحرير و ظهور أول خدمة بريد.
ب -الموجة الثانية :أدى ظهور القوة البحرية في القرنين السادس و السابع عشر ميالدي إلى موجة من
العولمة قائمة على االستعمار ،فتوسعت رقعة العولمة من خالل نشاط شركة الهند الشرقية البريطانية
و الهولندية ،كما أدى عصر االكتشافات الجغرافية إلى إدماج إفريقيا و أوراسيا في تبادل مع العالم الجديد .ليبدأ
البرتغاليون بعد ذلك بتأسيس مناطق تجارية من أفريقيا إلى آسيا و الب ارزيل للتعامل بالمنتجات المحلية كالذهب
و التوابل و الخشب ،و تأسيس مركز تجاري عالمي تحت إدارة شركة إمبراطورية تسمى " بيت الهند " .كما
استمر االندماج مع االستعمار األوروبي ألمريكا و تطبيق التبادل الكولومبي ( مبادلة األشجار ،الحيوانات،
الغذاء ،العبيد ) الذي أدى إلى تشابه الثقافة بين الضفتين الشرقية و الغربية لألطلس ،حيث تعتبر هذه الحركة
من أهم حركات العولمة فيما يخص البيئة و الزراعة و الثقافة ،كما ساهمت أيضا المحاصيل الجديدة التي تم
استيرادها من أمريكا في القرن السادس عشر ميالدي إلى تسارع وتيرة النمو السكاني في أوروبا.
()1
بلقاسم العباس :السياسات الصناعية في ظل العولمة ،دورية جسر التنمية ،المعهد العربي للتخطيط ،الكويت ،العدد ، 111مارس /آذار ، 2012
ص ص. 03 -02 :
5
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
()1
ثانيا :العولمة الحديثة :و تجسدت عبر العديد من الموجات ،نوجزها فيما يلي:
أ -الموجة األولى :تشكلت هذه الموجة نتيجة للثورة الصناعية و االختراعات في مجال النقل ،حيث زادت
المبادالت التجارية جراء ارتفاع العرض في اإلنتاج الصناعي و انخفاض تكلفة النقل ،و استمر تطور
التشابكات و ارتفاع تدفقات التجارة و رؤوس األموال حتى نشوب الحرب العالمية األولى ،حيث ظهرت آنذاك
النزعة الحمائية ما بين الدول األوروبية باللجوء إلى تطبيق الحماية الجمركية و فرض القيود على رؤوس األموال
،مما أدى إلى تقليص التدفقات التجارية و خاصة في ظل أزمة الكساد الكبير ،فالحرب العالمية الثانية التي
زادت من هذه النزعة.
ب -الموجة الثانية :بعد الحرب العالمية الثانية بدأت السياسات التجارية تتجه نحو التقليل من القيود التي
ظهرت ما بين الحربين ،و تم اتفاق بريتون وودز إلنشاء صندوق النقد الدولي و البنك الدولي لإلنشاء
و التعمير ،كما تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات ،و التبادل الواسع لألفكار و الثقافة ،و تصدير الثقافة
الغربية من خالل وسائل اإلعالم عبر السينما و التلفزيون ،و كذلك تطور وسائل النقل و االتصاالت ،كلها
عوامل أدت إلى انتشار ظاهرة ما اصطلح عليه فيما بعد بالعولمة.
ج -الموجة الثالثة :بدأت هذه الموجة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي حيث ساهمت االختراعات الحديثة
في مجال التكنولوجيا و المعلومات ،خاصة االنترنت في تخفيض تكلفة الحصول على المعلومات و ربط
األسواق و العالقات التجارية ،حيث تزامن ذلك مع انهيار المعسكر الشرقي و دخول العديد من الدول النامية
في أزمات اقتصادية حادة اقتضت إعادة جدولة الديون مقابل إجراء إصالحات اقتصادية و مالية برعاية
المؤسسات المالية الدولية ،قللت من القيود على التجارة الخارجية مما أدى إلى رفع التدفقات التجارية الخارجية
و بروز االقتصاد الرأسمالي بقوة ،و تم خالل هاته الفترة ظهور المنظمة العالمية للتجارة التي دفعت نحو
المزيد من تحرير التجاري في العديد من القطاعات.
و في مجمل ما سبق نخلص إلى أن هناك رؤى عديدة في نشأة ظاهرة العولمة ،إال أن ظهور مصطلح
العولمة في صورته األولى بدأ في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي حيث ورد تعبير " القرية الكونية" في
كتابات "مارشال ماكلوهان" الذي بين االتجاه الذي بدأ يفرض نفسه على صعيد العالقات الدولية من خالل
التأثير المتبادل بين مختلف الدول بفضل تقدم وسائل التكنولوجيا و المواصالت ،أما بالمصطلح الراهن
(العولمة) ف لم يظهر في الكتابات العلمية أو تم تناوله في الكتابات الفكرية و وسائل اإلعالم إال في الثمانينيات
من القرن الماضي.
()1
رباب فتحي عبد العزيز نجم :أثر العولمة على صناعة النقل البحري في الدول العربية ،رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في االقتصاد ،غير منشور ،
كلية التجارة ،جامعة عين شمسن ،مصر ، 2005 ،ص.07 :
()2
عبد الوهاب رميدي :التكتالت االقتصادية اإلقليمي ة في عصر العولمة و تفعيل التكامل االقتصادي في الدول النامية -دراسة تجارب مختلفة ،أطروحة
دكتوراه في العلوم االقتصادية ،غير منشورة ،فرع التخطيط ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ،2007/ 2006 ،ص.96 :
7
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
شكل رقم ( : )01- Iدور التكنولوجيا في دعم قدرة الشركات و المشروعات على التعولم
المصدر :عبد الوهاب رميدي :التكتالت االقتصادية اإلقليمية في عصر العولمة و تفعيل التكامل االقتصادي في الدول النامية-
دراسة تجارب مختلفة ،أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية ،غير منشورة ،فرع التخطيط ،كلية العلوم االقتصادية و علوم
التسيير ،جامعة الجزائر ، 2007/ 2006 ،ص97 :
من خالل الشكل السابق يتضح دعم التكنولوجيا لقدرة الشركات و المشروعات على التعولم ،حيث نجد
في هذا الشكل منظومة تكنولوجية تدافعية ،كل فاعل رئيسي فيها يدفع اآلخر من أجل الوصول إلى األهداف
الكلية ،و بالتالي فثورة تكنولوجيا المعلومات و االتصال أدت إلى تعميق عالمية االقتصاد و تحول العالم إلى
()1
قرية كونية ،تتضح من خالل:
أ -االتصاالت السلكية و الالسلكية :فخالل سنة 1990كان عدد مقتنيي الهواتف الخلوية يقدر بـ 11:مليون
شخص عبر العالم ،أما في سنة 2011فقد بلغ عدد الهواتف الخلوية بـ 5,6 :مليار خلوي و 1,32مليار
هاتف أرضي ،في الوقت الذي بلغ فيه عدد سكان العالم حوالي 7 :مليارات نسمة .و يمكن االتصال بأي مكان
في العالم تقريبا دون تكلفة تذكر من خالل االنترنت عبر خدمة "السكايب" مثال .و يعكس هذا القدر من كثافة
االتصاالت السلكية و الالسلكية مستوى التواصل البشري الذي لم يشهده التاريخ من قبل.
ب -إتاحة التكنولوجيا للناس عبور الحدود بأعداد كبيرة :ففي سنة 1990نجد المسافرين بين بلدان العالم لم
يتجاوز عددهم 25مليون مسافر ،في حين يتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 1,6مليار مسافر في حدود سنة
.2020و يعني ذلك باختصار أن 1من بين 5من ساكني كوكب األرض سوف يعبر حدودا دولية .
كيشور مهبوباتي :القرية العالمية ،مجلة التمويل و التنمية ،صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،سبتمبر ، 2012ص ص.9 -8 : ()1
8
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
ج -التواصل العاطفي عبر الحدود :و من باب المقارنة أن التكنولوجيا و هي قوة مادية ينشأ عنها أيضا تواصل
عاطفي عبر الحدود ،فعندما تم عزل القائد العسكري األوغندي "جوزيف كوني" و تجريده من قوته ،و هو متهم
بقتل و تشويه اآلالف عبر العقود ،فأدى ذلك إلى انتشار فيديو له سجل أعلى نسبة مشاهدة على اإلطالق ،
فخالل ستة أيام شوهد هذا الفيديو أكثر من 100مليون مرة أغلبها على اليوتوب ،و استرعى هذا العدد الهائل
من المشاهدات مجلس الشيوخ األمريكي أدى إلى طرح ق ار ار ضد " كوني" في مارس .2012
ثانيا :انتهاء الحرب الباردة و سقوط نظام الثنائية القطبية :لقد كان النهيار االتحاد السوفياتي دو ار مهما في
فسح المجال أمام النظام الرأسمالي لفرض منطقه في تسيير االقتصاد العالمي و توسيع و تعميق النمط
الرأسمالي عالميا ،بعدما كانت القطبية الثنائية هي السائدة و ما عرفته الحرب الباردة من صراعات قسمت
دول العالم إلى دول مساندة للنظام الرأسمالي بقيادة الواليات المتحدة األمريكية ،و أخرى مساندة للنظام
االشتراكي بقيادة االتحاد السوفياتي.
و بهذين الحدثين ( انتهاء الحرب الباردة و سقوط نظام القطبية الثنائية ) انتفت مبررات التسهيل في العالقات
االقتصادية الدولية ،و انتهت مرحلة تجاهل الدول الكبرى للتجاوزات االقتصادية و التجارية التي تقوم بها
بعض الدول المرتبطة بها سياسيا ،و بدأت الدول الرأسمالية عالية التطور تطرح و بقوة قضايا اإلغراق و حقوق
الملكية الفكرية و التجارة العادلة و الفتح المتبادل لألسواق في إطار المفاوضات الثنائية ،و أيضا في إطار
()1
منظمة التجارة العالمية.
()2
بعد الحرب ثالثا :انخفاض القيود على التجارة و االستثمار و التطور الصناعي في الدول النامية :
العالمية الثانية بدأت الدول في تخفيض القيود المفروضة على التجارة الدولية و ذلك باستخدام الرسوم الجمركية
في إطار الجات ،و قد تم تخفيض هذه الرسوم على السلع الصناعية في الدول المتقدمة من %40سنة 1940
إلى أقل من %10في المتوسط بعد جولة طوكيو سنة .1979
كما أن ما حققته الدول النامية من نمو يعتبر كأحد أهم األسباب التي أدت إلى العولمة ،فقد ارتفع نصيب دول
شرق آسيا في الفترة 1988 -1965 :من الناتج اإلجمالي العالمي من %5إلى ،%20و من الناتج
الصناعي العالمي من %10إلى ، %23أما الدول النامية إجماال فزاد نصيب قطاعها الصناعي من الناتج
، 1988بينما زاد نصيب التجارة المحلي اإلجمالي العالمي من %27سنة 1965إلى %34سنة
من الناتج المحلي اإلجمالي للدول النامية زيادة سريعة من % 33في منتصف الثمانينيات إلى % 43
()1
رباب فتحي عبد العزيز نجم :مرجع سابق ،ص.12 :
()2
عبد القادر بابا :سياسة االستثمارات في الجزائر و تحديات التنمية في ظل التطورات العالمية الراهنة ،أطروحة دكتوراه دولة في العلوم االقتصادية ،غير
منشورة ،فرع التخطيط ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ، 2004/2003 ،ص ص.95 -94 :
9
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
في منتصف التسعينيات ،و هكذا زاد نصيب الدول النامية من التجارة العالمية من %23سنة 1985إلى
%29سنة .1995
الفرع الثاني :أهداف العولمة :هناك جملة من األهداف الرئيسية لظاهرة العولمة تختلف باختالف األيديولوجية
إزاءها ،فهناك من يرى أن هدفها األساسي هو إشاعة النمط الغربي و فرض الهيمنة الرأسمالية و السيما
األمريكية منها على باقي العالم ( يتمثل هذا االتجاه في معارضي العولمة ) ،و هناك من يرى بأن لها أهداف
()1
حيوية يمكن إيجازها على النحو التالي:
أوال :الوصول إلى سوق عالمي واحد مفتوح :أي بدون حواجز أو فواصل جمركية أو إدارية أو قيود مادية ،بل
إقامة سوق متسع يشمل العالم كله ،و يشمل كافة قطاعاته و مؤسساته و أفراده ( أي الوصول بالعالم كله إلى
أن يصبح كتلة واحدة متكاملة ).
ثانيا :الوصول بالعالم إلى جعله وحدة واحدة مندمجة و متكتلة :سواء من حيث المصالح و المنافع المشتركة
أو من حيث اإلحساس بالخطر الواحد الذي يهدد البشرية جمعاء ،أو من حيث أهمية تحقيق األمن الجماعي.
ثالثا :الوصول إلى شكل من أشكال التجانس العالمي :سواء من خالل تقليل الفوارق في مستويات المعيشة ،
أو في الحدود الدنيا لمتطلبات الحياة أو في حقوق اإلنسان.
رابعا :تنمية االتجاه نحو إيجاد لغة اصطالحية :من خالل استخدامها و تبادلها سواء بالتخاطب بين البشر
أو بين الحاسبات اإللكترونية أو ما بين مراكز تبادل البيانات و توليد و صناعة المعلومات.
خامسا :الوصول إلى الوحدة اإلنسانية :بمعنى أن يتم تدريجيا تذويب الفوارق ،خاصة فوارق األجناس
و القوميات من خالل تكثيف عمليات االختالط و المزج بين عناصر الجنس البشري.
سادسا :تعميق اإلحساس باإلنسانية البشرية :من خالل إزالة كل أشكال التعصب و التمايز العنصري
و النوعي وصوال إلى عالم إنساني بعيدا عن التعصب و التناقضات.
سابعا :بعث رؤية جديدة تكون بمثابة حركة تنوير كبرى :تكون للبشر باختالف أجناسهم و شعوبهم و دولهم
و تخاطب أحالمهم.
المطلب الثالث :مظاهر العولمة:
من الطبيعي أن يختلف فهم األفراد للعولمة و مضامينها و مظاهرها المختلفة ،فال يمكن حصر العولمة في
نطاق محدد مهما اتصف هذا النطاق بالشمول و الدقة ،فاالقتصادي يركز على المستجدات االقتصادية
العالمية و طبيعة المرحلة الراهنة من التراكم الرأسمالي ،بينما السياسي الذي يبحث عن تأثير التطورات العالمية
()1
رباب فتحي عبد العزيز نجم :مرجع سابق ،ص.19 :
10
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
و التكنولوجية المعاصرة على الدولة و دورها في عالم يزداد انكماشا ،كما أن اإلعالمي يركز على كل
المستجدات و التطورات على الصعيد العالمي و آليات توصيلها إلى أكبر قدر ممكن ،أما المهتم بالشأن الثقافي
الذي يهمه ما يحدث من انفتاح للثقافات و الحضارات و ترابطها مع بعضها البعض ،بخالف عالم االجتماع
الذي يرصد بروز القضايا العالمية المعاصرة كقضايا النمو الديمغرافي ،الفقر ،البيئة ،اإلرهاب ،باإلضافة إلى
تطور المجتمع المدني على الصعيد العالمي .و بالتالي فالعولمة ظاهرة واسعة النطاق و متعددة المظاهر ،هاته
األخيرة التي يمكن أن نوضح أهمها كما يلي:
الفرع األول:العولمة السياسية :بسقوط نظام القطبية الثنائية و بروز نظام عالمي جديد ،و كذلك التطور الهائل
في التكنولوجيا اإلعالمية و االتصاالت جعلت شعوب العالم أمام وضع سياسي تآكلت فيه الحدود الجغرافية
و الحواجز التقليدية ،و ساد فيه واقع جديد للسياسة و العالقات الدوليتين جسد مظه ار من مظاهر العولمة على
الصعيد السياسي.
أوال :تعريف العولمة السياسية :لقد تعددت تعاريف العولمة السياسية كتعدد تعاريف العولمة ،تبعا للمشارب
الفكرية و التخصصية ،و انطالقا من االختالفات اإليديولوجية ،نوجز أهمها كما يلي:
أ " -هي اتحاد متواصل تلعب فيه الهيآت الدولية دو ار رئيسيا ،لتشكيل بنية عابرة للقوميات ،مع ظهور شبكة
()1
من المنظمات غير الحكومية المحلية و الدولية ،تراقب عمل الحكومات و تؤثر فيه".
يرى هذا التعريف بان العولمة السياسية هي ظاهرة لم تكتمل بعد نحو تشكيل بنية سياسية عابرة للقوميات
تتالشى فيها حدود و حواجز الدولة الوطنية و سلطانها ،كما تلعب فيها المنظمات غير الحكومية المحلية
و الدولية دور المراقب ،و الهيآت الدولية المحدد الرئيسي للسياسات الدولية .
إال أن هذا التعريف ال يعكس الواقع الحقيقي العالمي الراهن ،حيث يتضح فيه الدور المهم للواليات المتحدة
األمريكية في المشهد السياسي العالمي ،و انفرادها بالكثير من الق اررات حتى خارج الشرعية الدولية كحرب العراق
و احتالل أفغانستان.
ب " -هي أحد أبعاد العولمة االقتصادية التي تعمل على إرساء هيمنة الثالوث الرأسمالي ( الواليات المتحدة
األمريكية ،أوروبا ،اليابان ) هيمنة شبه تامة على مختلف أنحاء الكرة األرضية ،بهدف تفكيك السيادة الوطنية
()2
للدول الصغيرة و المتوسطة" .
يصنف هذا التعريف العولمة السياسية كمظهر سلبي للعولمة ،حيث أكد على أنها استمرار للهيمنة الرأسمالية
( )1عبد الحي وليد :انعكاسات العولمة على الوطن العربي ،الدار العربية للعلوم ،بيروت ، 2011 ،ص.33 :
()2
الظاهر نعيم :إدارة العولمة و أنواعها ،عالم الكتاب الحديث ،إربد ،األردن ، 2010 ،ص.109 :
11
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
األمريكية ،األوروبية ،اليابانية ،على مختلف الدول األخرى سعيا منها على تفكيكها ،و بالتالي أهمل دور كل
األطراف األخرى في السياسة الدولية من منظمات دولية و دول تعتبر محورية في السياسات و العالقات
الدوليتين كروسيا مثال و الصين.
و في األخير يمكن أن نعرف العولمة السياسية كما يلي :هي ظاهرة لم تكتمل بعد ،تهدف إلى تشكيل
بنية سياسية عالمية الطابع ،يكون السلطان فيها للقوى و الكيانات الكبرى في العالم.
ثانيا :آثار العولمة السياسية :تعتبر العولمة السياسية نظام له األثر البالغ على السياسة الدولية و في عالقات
الدول و الشعوب ببعضها البعض إيجابا أو سلبا.
أ -اآلثار اإليجابية للعولمة السياسية :و من أهمها:
-1نشر القيم الديمقراطية :للعولمة السياسية دور و أثر مهمين في نشر قيم الديمقراطية و تعزيزها ،فمن خالل
انفتاح الشعوب على بعضها و التطور الهائل في تكنولوجيات اإلعالم و االتصال انتشرت األفكار و القيم
و التجارب الديمقراطية بين أنحاء العالم ،و أصبح إدراك الشعوب لها متاح للكل ،مما شكل ضغطا هائال على
األنظمة الشمولية لالنخراط في العمل الديمقراطي و االستجابة للمطالب الشعبية و لو جزئيا.
-2تحقيق التنمية البشرية :للعولمة السياسية أثر مهم على التنمية البشرية من خالل انفتاح الشعوب على
بعضها البعض و انتقال المعلومات و األفكار و القيم ،فازداد استعدادها للتجديد و اإلبداع.
-3دعم حقوق اإلنسان :لقد أصبح من غير الممكن في ظل التطور الهائل لتكنولوجيات اإلعالم واالتصال
و وسائل اإلعالم المختلفة ،و انتشار شبكات المنظمات الدولية ( الحكومية و غير الحكومية ) عبر كل أنحاء
العالم إخفاء االنتهاكات لحقوق اإلنسان السياسية و المدنية.
ب -اآلثار السلبية للعولمة السياسية :يمكن إيجاز هذه اآلثار السلبية فيما يلي:
-1تفكيك الدولة الوطنية :إن من أهم مكونات الدولة الوطنية هي :الشعب ،اإلقليم ،و السلطة التي تبسط
نفوذها على هذا الشعب و اإلقليم ،فالعولمة السياسية تشكل البداية لتفتيت الدولة الوطنية عن طريق حرية
انتقال األفراد و السلع و رؤوس األموال عبر الحدود ليجعل هذه الحدود وهمية ،و كذلك من أهم ما تقوم عليه
تلك العولمة هو الدور الفاعل للمنظمات الدولية غير الحكومية المحلية و الدولية في الدفاع على حقوق األفراد
و حرياتهم ،مما يهدد و يضعف سلطة الدولة الوطنية في بسط نفوذها.
-2هيمنة الدول الغربية على الدول النامية :و هي نتيجة تدخل الدول الغربية و السيما الواليات المتحدة
األمريكية في الشؤون الداخلية للدول النامية ألسباب إنسانية أو سياسية ،و تحت أطر مختلفة كحماية حرية
التعبير و حقوق األقليات.
12
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
-3ازدواجية المعايير في تطبيق حقوق اإلنسان :تتميز الدول الغربية عموما و الواليات المتحدة األمريكية
خصوصا بسياسة برغماتية مزدوجة المعايير ،فنجدها في الكثير من قضايا حقوق اإلنسان تكيل بمكيالين
و يتضح ذلك السيما في القضية الفلسطينية و ما يحدث من انتهاكات صهيونية لحقوق هذا الشعب األعزل،
و كذلك ما حدث بعد أحداث 11سبتمبر 2001من انتهاكات لحقوق اإلنسان و تعد على القوانين و األعراف
الدولية بحجة مكافحة اإلرهاب.
الفرع الثاني :العولمة الثقافية :ترتبط العولمة بوسائل االتصال الحديثة التي لها دور كبير في التأثير على
رغبة األفراد من خالل اإلعالن التجاري المركز ،و كذلك على السلوك اإلنساني من خالل الدعاية و مناهج
التعامل النفسي ،و بالتالي التأثير على الثقافة اإلنسانية عموما تحت إطار ما اصطلح عليه بالعولمة الثقافية.
أوال :تعريف العولمة الثقافية :لقد تعددت تعاريفها و اختلفت بتعدد الخلفيات و اإليديولوجيات لمعرفيها حالها
حال ظاهرة العولمة عامة ،و من أهم هذه التعاريف ما يلي:
أ " -هي بعد من أبعاد العولمة يشير إلى بروز الثقافة كسلعة عالمية تسوق كأي سلعة تجارية أخرى ،و من ثم
بروز وعي ،إدراك ،مفاهيم ،قناعات ،رموز و وسائل ثقافية عالمية الطابع ،تستند إلى مفهوم الشمولية
( ثقافة بال حدود ) .فالعولمة وفقا لهذه المبادئ و المفاهيم هي توحيد للقيم حول :المرأة و األسرة ،أنماط
()1
االستهالك ،المأكل و الملبس ،العادات و التقاليد".
لقد قدم هذا التعريف العولمة الثقافية بصورة نمطية مبسطة توحد فيها الثقافات و تذاب لتشكل ثقافة عالمية
موحدة ،إال أن هذا الطرح هو نظري ال يقبل التطبيق على أرض الواقع ،فمهما تقاربت و تداخلت الثقافات ال
يمكن تنميطها و انحاللها في بعضها تماما.
ب " -هي محاولة إيجاد نمط ثقافي موحد لدول العالم ،و هو ما لم تستطع القوى الغربية تحقيقه لحد اآلن ،
()2
الصطدامها بثقافات أخرى تخالفها الرأي" .
لقد مثل هذا التعريف العولمة الثقافية بأنها محاولة للتوحيد الثقافي فقط لم تجسد بعد ،لكن الواقع يثبت بأن
العديد من جوانب العولمة الثقافية هي مجسدة على أرض الواقع ،و رغم اصطدام الثقافات في بعض المجاالت
و القضايا إال أنها تداخلت و تفاعلت مع بعضها في قضايا و مجاالت أخرى ،و أصبح من المالحظ سواد نمط
يكاد يكون موحد في بعض الجوانب الثقافية كالفنون و العادات.
()1
فرحات غول :مؤشرات تنافسية المؤسسات االقتصادية في ظل العولمة االقتصادية – حالة المؤسسات الجزائرية ،أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية،
تخصص التسيير ،غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ، 2006/2005 ،ص.08 :
()2
السيد محمد أبو هاشم :تصور مقترح عن المقومات الشخصية و المهنية الضرورية لمعلم التعليم العام في ضوء متطلبات العولمة ،ورقة مقدمة ضمن
فعاليات ندوة :العولمة و أولويات التربية ،كلية التربية ،جامعة الملك سعود ،المملكة العربية السعودية ،يومي 21-20 :أبريل ، 2004ص.08 :
13
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
ب " -هي محاولة إلغاء الهوية و األصالة و الثقافة المحلية من أجل ثقافة و أنماط استهالكية تخدم الثقافة
()1
المسيطرة ،و تحاول فرض السيطرة على غيرها" .
يعتبر هذا التعريف العولمة الثقافية بأنها امتداد لهيمنة الدول المسيطرة في العالم ،بإفراغ الهوية الوطنية
و الثقافة المحلية من مضمونها الوطني ،و اندماجها تحت راية الثقافة المسيطرة الرأسمالية .و بالتالي فنظرته
إلى هذه العولمة هي نظرة سلبية ال تحمل اإليجاب ،على عكس ما يمكن أن تستفيد منه الدول بانفتاح ثقافاتها
على بعضها البعض و تجنب اإلصطدامات الثقافية و الحضارية التي لن تكون في صالح أي طرف.
و في األخير يمكن أن نعرف العولمة الثقافية كما يلي :هي أحد أهم مظاهر العولمة ،تهدف إلى إيجاد
نوع من التقارب و التناغم بين مختلف الثقافات العالمية تحت إطار القرية الكونية ،و بتوجيه من القوى الكبرى
في العالم.
ثانيا :آثار العولمة الثقافية :للعولمة الثقافية آثار لها انعكاساتها على الدول و ثقافاتها إيجابا أو سلبا ،يمكن أن
نوضح أهمها كما يلي:
أ -اآلثار اإليجابية :نلخص أهمها فيما يلي:
-1إمكانية االستفادة من التطورات التكنولوجية الهائلة :من خالل التطورات في مجاالت المواصالت ،
االتصاالت ،الفضائيات ،الحواسيب ،االنترنت ،و ما ينتج عن ذلك من سهولة نشر المعلومة و الوصول
إليها ،األمر الذي أتاح الفرصة لتحسين التنمية المجتمعية عموما ،و تحسين اتخاذ الق اررات بأقل تكلفة و بأكثر
فاعلية خصوصا.
-2انفتاح مختلف الشعوب على بعضها البعض ثقافيا :و من ثم خلق جسور للتواصل بين مختلف الثقافات
اإلنسانية ،و من ثم إيجاد نوع من التعايش و اجتناب تصادم الثقافات و الحضارات.
ب -اآلثار السلبية :يمكن للعولمة الثقافية أن تحدث اآلثار السلبية التالية:
-1تحويل الثقافة االستهالكية إلى آلية لتشويه البنى المجتمعية :بتغريب اإلنسان و عزله عن قضاياه ،و جعله
إنسانا مستهلكا للثقافة بشقيها :المادي ( السلع و الخدمات ) و المعنوي ( األفكار و القناعات ) ،من خالل
()2
آليات أصبحت أكثر قوة كوسائل اإلعالم و التكنولوجيات الحديثة.
-2انحسار الثقافة المكتوبة و انتشار ثقافة الصورة :فالصورة هي المفتاح السحري للنظام الثقافي الجديد ،
فهي نظام وعي اإلنسان بالعالم ،كما أنها المادة األساسية التي يجري تسويقها على أوسع نطاق
فتلعب الدور الذي لعبته الكلمة في سائر التواريخ الثقافية .إن هجوم ثقافة الصورة على اإلنسان يجري
في امتداد لتراجع مروع في معدالت القراءة في العالم مما يعني ضمو ار لجسم المعرفة ،و ضعفا شديدا في
()1
التكوين المعرفي لإلنسان.
-3خطورة التدفق المعلوماتي :بالرغم من إيجابيات تداول المعلومات و تدفقها عبر شبكة االنترنت خصوصا،
إال أن خطورة الوضع يتمثل في تحويلها إلى أداة تدميرية مهلكة ( القنابل المعلوماتية ) ،نظ ار ألنها تخلف آثا ار
سلبية في تشكيل األفكار و األخالقيات و القيم ،و تؤسس بناءا معرفيا هشا قائما على السطحية و التغريب ،
مما يجعل المجتمعات تواجه مشكال حقيقيا يضرب في أعماق البنية الفكرية ،الثقافية و االجتماعية ،و التي
()2
تهدد بال شك األمن الفكري ،الذي هو جزء ال يتج أز من األمن القومي.
الفرع الثالث :العولمة اإلعالمية :فرضت العولمة نفسها بعد انتهاء الحرب الباردة و أفرزت نظاما عالميا يعتمد
على االنفتاح اإلعالمي الدولي ،و على التجدد السريع للتكنولوجيا ،و زيادة التقارب االتصالي بين الدول ،هذا
األخير الذي كان من ميزات الثورة االتصالية التي رافقتها حركة اجتماعية دولية ،أصبحت تستخدم بموجبها
أشكاال جديدة من وسائل النقل و تكنولوجيات االتصال ،و من هنا ظهر ما يعرف بالعولمة اإلعالمية.
أوال :تعريف العولمة اإلعالمية :اختلف في تعريف العولمة اإلعالمية ما بين مؤيد و معارض لها على غرار
ظاهرة العولمة عامة ،إال أن ما اتفق عليه في ذلك هو كونها أحد أبرز مظاهر العولمة التي جعلت العالم كقرية
كونية تنتقل فيها المعلومات و التطورات عبر كامل أنحاء العالم دون حواجز أو قيود.
ثانيا :آثار العولمة اإلعالمية :تتضمن ظاهرة العولمة اإلعالمية آثا ار تختلف في انعكاساتها ما بين اإليجاب
و السلب ،نوضح أهمها كما يلي:
أ -اآلثار اإليجابية :و تكمن أهم هذه اآلثار في:
-1زيادة البدائل المطروحة أمام المتلقين :إن الطريق السريع إلى المعلومات مدت المجال االتصالي بوسائل
إعالم جديدة و المزيد من الخيارات االتصالية للمتلقين.
-2تعزيز الديمقراطية و المشاركة السياسية :إن مشاركة المتلقي العادي في العملية اإلعالمية عن طريق ما
يسمى بظاهرة االندماج ،و كذلك التدوين اإللكتروني أتاحت لفئات و جماعات خارج النخب الحاكمة إيصال
صوتها.
()1
وليد أحمد مساعدة ،عماد عبد هللا الشريفين :العولمة الثقافية رؤية تربوية إسالمية ،مجلة الجامعة اإلسالمية ،األردن ،المجلد الثامن عشر ،العدد األول
،يناير ، 2010ص.258 :
( )2إبراهيم إسماعيل عبده محمد :مرجع سابق ،ص.22 :
15
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
-3نشر الوعي بالحقوق المدنية و السياسية لألفراد :من خالل نشر الوعي حول حريات اإلنسان األساسية ،
و هو ما من شأنه توسيع قاعدة المشاركة السياسية و تسهيل اندماج األقليات لغرض التنظيم االجتماعي
و السياسي ،حيث أصبح من الممكن للعديد من األفراد تكوين تنظيمات اجتماعية دون الحاجة إلى التواجد
()1
المادي المباشر ،و بشكل متاح و غير مكلف اقتصاديا.
ب -اآلثار السلبية :تتضمن العولمة اإلعالمية مخاطر كبيرة على المجتمعات في العالم ،من تدمير مستمر
لالستقرار االجتماعي و تهديد مباشر لألمن و السلم االجتماعي ،و يتضح ذلك من خالل:
-1بناء صورة ذهنية سلبية :تقوم وسائل اإلعالم في ظل العولمة بتقديم معلومات و مواقف عن القضايا
المعاشة ،و بالتالي توجيه األفراد بالطريقة التي تتسق مع سياستها اإلعالمية و األيديولوجيا التي تحكمها.
-2التدمير المنهجي للوحدات االجتماعية الفاعلة :حيث أنه يمكن للعولمة اإلعالمية تدمير ما هو اجتماعي
و ثقافي في مخزون المجتمع من القيم األصلية المشتركة.
-3انهيار الضوابط االجتماعية و األخالقية التقليدية :حيث أنه تحت مد حرية الفرد الخاصة المروج لها إعالميا
و بال حدود أو قيود تنهار هذه الضوابط .
()1
انتصار إبراهيم عبد الرزاق ،صفد حسام الساموك :اإلعالم الجديد ،سلسلة مكتبية اإلعالم و المجتمع ،جامعة بغداد ، 2011 ،ص.61 :
16
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
()1
أحمد إبراهيم المالوي :التحوالت االقتصادية في عصر العولمة ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات المؤتمر الدولي حول :عولمة اإلدارة في عصر المعرفة ،
كلية إدارة األعمال ،جامعة الجنان ،طرابلس -لبنان ،يومي 17 -15 :ديسمبر ، 2012ص.05 :
()2
بثينة عمارة :العولمة و تحديات العصر و انعكاساتها على المجتمع المصري ،دار األمين ،القاهرة ، 2000 ،ص.21 :
17
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
الدول اقتصاديا و مصرفيا بإزالة كافة الحدود و الحواجز ،و بالتالي قدم إطا ار عاما لهذه الظاهرة و لم يحدد
اآلليات لبلوغ ذلك.
ج -و تعرف أيضا بأنها " :نشر للقيم الغربية في مجال االقتصاد مثل الحرية االقتصادية ،و فتح األسواق
و ترك األسعار للعرض و الطلب ،و عدم تدخل الحكومات في النشاط االقتصادي ،و ربط اقتصاد الدول
النامية باالقتصاد العالمي ،كما تعكس هذه الظاهرة زيادة حركة رؤوس األموال و تفسح المجال واسعا أمام
()1
أصحاب رؤوس األموال لجمع المزيد من المال".
يتضح من خالل هذا التعريف الخلفية األيديولوجية المعارضة لهذه الظاهرة ،حيث صورها بأنها إشاعة
للنمط الرأسمالي و فرض لهيمنته على االقتصاد العالمي ،و زيادة أرباح الرأسماليين .و بالتالي وضعها موضع
السلب و أهمل ما فيها من إيجاب.
و في األخير يمكن أن نعرف العولمة االقتصادية على أنها :ظاهرة لم تكتمل مالمحها بعد تمثل مظهر
العولمة في الجانب االقتصادي ،تهدف إلى تشكيل بنية اقتصادية عالمية الطابع ،تكون فيها الموارد الوطنية
أكثر قدرة للحركة على الصعيد الدولي ،و يتصاعد فيها ترابط االقتصاديات الوطنية مع بعضها عن طريق
التدويل المتزايد لمختلف األسواق وفقا لمنطق األقوى عالميا.
ثانيا :أهداف العولمة االقتصادية :طرح مؤيدوا العولمة أهدافا علنية جذابة ،من بينها:
أ -تهيئة الفرص للنمو االقتصادي على المستويين المحلي و العالمي.
ب -زيادة حجم التجارة العالمية و إنعاش االقتصاد العالمي.
ج -تقريب االتجاهات العالمية نحو تحرير أسواق التجارة و رأس المال.
د -حل المشكالت اإلنسانية التي ال يمكن حلها فرديا كالتلوث و قضايا البيئة.
أما معارضو العولمة فيرون أن للعولمة االقتصادية أهدافا خفية تتمثل في هيمنة الدول الرأسمالية على االقتصاد
العالمي ،و فرض توسيع النظام الربوي و ربط اقتصاديات الدول المختلفة باقتصاديات الدول الرأسمالية ،
و كذلك السيطرة على الدول النامية بقصد نهب مواردها و ثرواتها.
يقوم معهد االقتصاد السويسري ألبحاث الدورة االقتصادية ()KOF ()2
الفرع الثاني :قياس العولمة االقتصادية:
الذي مقره "زيورخ" بإعداد مؤشر كلي للعولمة و بشكل دوري ،حيث يتكون هذا المؤشر من ثالثة مؤشرات فرعية
من بينها المؤشر االقتصادي ( للعولمة االقتصادية ) ،و بيانات هذه األخيرة متوفرة لمعظم دول العالم ابتداء
من سنة ، 1970حيث يعتمد مؤشر العولمة االقتصادية على محورين رئيسيين هما :التدفقات الفعلية الذي
()1
أحمد عبد العزيز و آخرون :العولمة االقتصادية و تأثيراتها على الدول العربية ،مجلة اإلدارة و االقتصاد ،الجامعة المستنصرية ،العراق ،العدد
السادس و الثمانون ، 2011 ،ص.66 :
))2
أحمد إبراهيم المالوي :مرجع سابق ،ص.08 :
18
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
بواسطته يتم تقدير مستوى حركة النشاط االقتصادي مع العالم الخارجي ،سواءا كانت تجارة أو استثمارات
مباشرة أو استثمارات محافظ األوراق المالية ،حيث توفر البيانات في مجال التجارة من بيانات البنك الدولي ،
و بيانات االستثمار األجنبي المباشر من قبل "األونكتاد" ،في حين بيانات االستثمارات في المحافظ المالية من
صندوق النقد الدولي .أما المحور الثاني يحدد الحواجز و التعريفات الجمركية التي قد تحد من حرية التدفقات
لألنشطة االقتصادية ،و مصدر البيانات هو تقرير التنافسية العالمية للمنتدى االقتصادي العالمي.
يتخذ مؤشر العولمة االقتصادية قيما تتراوح بين الصفر و المائة حيث القيمة ( )100تعني أعلى درجة من
العولمة االقتصادية ،بينما القيمة ( )0تعني انعدام العولمة االقتصادية ،كما يمثل هذا المؤشر مستوى االنفتاح
االقتصادي والتجاري .حيث يتضح تصنيف الدول العربية التي تتوفر عليها بيانات في هذا المؤشر كما يلي:
الجدول رقم ( :)01-Iقياس العولمة االقتصادية وفقا لمؤشر KOFللدول العربية التي تتوفر عليها البيانات
خالل الفترة 2013 -1970 :
الرتبة خالل 2013 2010 2000 1990 1980 1970
2013
118 47,13 44,25 42,95 32,13 41,91 41 ,26 الج ازئر
115 49,30 51,11 40,54 36,8 32,1 27 ,12 مصر
79 61,49 60,41 50,76 49,44 43,7 39,77 تونس
11 87,40 85,29 69,46 65,9 71,04 - اإلمارات العربية
09 88,9 87,85 86,54 77,14 74,96 - البحرين
67 64,55 68,41 61,84 53,69 46,68 42,47 األردن
58 67,35 69,16 63,04 69,11 60,95 56,34 الكويت
49 69,58 43,58 60,47 60,2 61,13 62,65 المملكة العربية السعودية
127 43,03 80,06 36,57 33,88 18,16 17,74 سوريا
26 78,65 63,35 76,85 69,96 70,11 - قطر
79 - 50,96 55,77 52,48 49,54 49,54 لبنان
107 51,61 39,35 35,42 38,42 32,82 24,92 المغرب
140 39,25 57,62 32,21 13,99 15,3 15,08 السودان
90 57,95 74,85 42,31 46,7 43,52 39,89 موريتانيا
38 75,33 58,04 70,0 62,05 63,22 66,88 عمان
113 49,92 58,73 48,49 48,49 48,49 اليمن
Source : KOF Index of Economic Globalization, Available on:
http:/ globalization.Kof.ethz.ch/query / . Consulted in: 02/07/2014.
19
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
من الجدول السابق يتضح قيم مؤشر العولمة االقتصادية ( ) KOFللدول العربية التي تتوفر عليها
البيانات خالل الفترة ( ، ) 2013 -1970و التي يالحظ منها ارتفاع معدل قيمة هدا المؤشر بالنسبة لكل
الدول العربية ،حيث احتلت سلطنة عمان المرتبة األولى عربيا في سنة 1970بقيمة مؤشر العولمة االقتصادية
، 66.88لتليها المملكة العربية السعودية بقيمة ، 62,65و احتلت السودان المرتبة األخيرة عربيا بقيمة
المؤشر 15,08 :لتكون األقل تعولما اقتصاديا خالل هذه السنة.
أما خالل سنة 2013فقد احتلت البحرين المرتبة األولى عربيا بقيمة مؤشر ، 88,91و المرتبة التاسعة من
إجمالي 207دولة التي طالها المؤشر بحيث تتصدرها سنغافورة بقيمة مؤشر 95,54ثم لكسمبورغ بقيمة
مؤشر ، 94,75لتليها في المرتبة الثالثة أيرلندا بقيمة مؤشر 93,95 :و قد فاقت البحرين مرتبة الواليات
المتحدة األمريكية التي لها قيمة مؤشر ، 60,33 :و كذلك اليابان التي لها قيمة مؤشر 44,01و مرتبة 125
خالل نفس السنة ،كما احتلت اإلمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية عربيا بقيمة مؤشر ، 87,40 :و المرتبة
11دوليا ،و تذيل الترتيب عربيا السودان بقيمة مؤشر 39,25 :و مرتبة دولية ، 140 :لتليها لبنان األخير
عربيا و بمرتبة 179دوليا ،لتكون األقل تعولما اقتصاديا على المستوى العربي خالل هذه السنة.
المطلب الثاني :مظاهر العولمة االقتصادية و أدواتها:
لقد أصبحت العولمة االقتصادية واقعا حتميا في االقتصاد العالمي ينتشر و يتنامى باضطراد ،و يكفي فقط
للداللة على المدى الذي وصلت إليه في عالم اليوم أن نشير إلى أهم مظاهرها و األدوات التي تحقق هذا الواقع.
الفرع األول :مظاهر العولمة االقتصادية :تتمتع العولمة االقتصادية بعدة مظاهر ،أهمها:
أوال :نمو حجم المبادالت التجارية الدولية :خالل النصف الثاني من القرن العشرين فاق نمو حجم المبادالت
التجارية معدل نمو اإلنتاج ،فلقد نمت صادرات السلع خالل الفترة ما بين( ) 1997 -1984بمعدل نمو % 6
سنويا في حين كان معدل نمو اإلنتاج ، % 3.7كما تضاعفت التجارة الدولية بـ 17 :مرة مقابل 6مرات
()1
لإلنتاج خالل نفس الفترة .
واستمر هذا النمو المتسارع لحجم المبادالت التجارية خاصة في ظل سواد التحرير التجاري المتواصل الذي
يشهده العالم تحت رعاية المنظمة العالمية للتجارة ،و الذي يمكن أن نوضحه بالجدول التالي:
() 1
Organisation Mondial du Commerce : Rapport Annuel 1998 , Publication de l’OMC , GENEVE , P : 39.
20
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
جدول رقم ( :)02-Iتطور حجم المبادالت التجارية السلعية الدولية خالل الفترة 2012 -1948 :
الوحدة :مليار دوالر
2012 2003 1993 1983 1973 1963 1953 1948
17930 7380 3677 1838 579 157 84 59 صادرات السلع
18188 7696 3787 1882 594 164 85 62 واردات السلع
Source: Organisation Mondial du Commerce: Statistiques du commerce international 2013 ,
Publication de l’OMC , GENEVE , PP : 22-23.
من خالل الجدول السابق يتضح النمو المضطرد لحجم المبادالت التجارية خالل الفترة ( ، ) 2013 – 1948
حيث بلغ إجمالي صادرات السلع الدولية في سنة 59 : 1948مليار دوالر و انتقل إلى 17930مليار دوالر
سنة ، 2012في حين كان حجم إجمالي الواردات الدولية في سنة 62 :1948مليار دوالر و انتقل إلى
18188مليار دوالر واردات خالل سنة .2012
ثانيا :تغيير شكل و طبيعة التنمية :فبعد أن كانت التنمية تعتمد أساسا على تعبئة الفوائض و التمويل الذاتي
تحولت إلى تنمية تعتمد على االستثمارات الخارجية و الشركات متعددة الجنسيات ،و أصبحت التنمية عملية
تنمية الفوائض و المدخرات ( االستهالك ) كناتج أساليب االستهالك الترفيهي المتزايدة تحت ضغط اآللة
اإلعالنية الكبيرة ،و التي أدت إلى عجز موازين المدفوعات و تفاقم أزمة الديون في العالم الثالث ،و تركيز
التنمية على الجانب االقتصادي فقط و إهمال الجوانب االجتماعية و الثقافية ،مع اعتماد نظام السوق ليكون
()1
أساسا للتنمية في مختلف دول العالم.
ثالثا :نمو التدفقات االستثمارية المباشرة :حيث يتضح حجم هذه التدفقات من خالل الجدول التالي:
الجدول رقم ( : )03-Iتطور حجم التدفقات االستثمارية الدولية المباشرة الداخلة و الخارجة و إيراداتها
خالل الفترة2011 -1990 :
الوحدة :مليار دوالر باألسعار الجارية
2011 2010 2009 متوسط القيمة قبل األزمة 1990
2007-2005
1524 1309 1198 1473 207 االستثمار األجنبي المباشر الداخل
1694 1451 1175 1501 241 االستثمار األجنبي المباشر الخارج
1359 1178 960 1020 75 إيرادات االستثمارات الداخلة
1470 1278 1049 1100 122 إيرادات االستثمارات الخارجة
Source : Conférence Des Nations Unies Sur le commerce et Développement : Rapport sur
l’investissement dans le monde 2012 , Nations Unies , New York , P : 9.
من خالل الجدول السابق يتضح نمو حجم االستثمارات األجنبية المباشرة بصفة عامة رغم تراجعها بعد
األزمة األخيرة ،إال أنها عاودت هذه االستثمارات النمو بعدها حتى بلغت الداخلة منها 1524 :مليار دوالر في
سنة 2011بعدما كانت 207مليار دوالر في سنة ،1990و كذلك بالنسبة لالستثمارات الخارجة التي بلغت :
1694مليار دوالر في سنة 2011بعدما كانت 241مليار دوالر في سنة .1990و أصبحت هذه
االستثمارات تدر إيرادات تزداد من سنة ألخرى باضطراد قبل األزمة المالية األخيرة و بعدها.
إن نمو االستثمار األجنبي المباشر و تحرير و تسهيل عمليات انتقال رؤوس األموال و ما يتبعها من
انتقال لعوامل اإلنتاج يمثل زيادة تنقل الصناعات بين دول العالم و توطنها في المكان الذي يقلل التكاليف
و يعظم األرباح ،و بالتالي فهو مؤشر مهم على مدى مرونة االقتصاد الدولي تجاه ظاهرة العولمة االقتصادية .
و عليه فهذا النمو المتزايد لحجم التدفقات االستثمارية األجنبية المباشرة الناتج عن توسع الشركات في عملياتها
خارج حدودها الوطنية هو أكبر داللة على عولمة االقتصاد الدولي.
رابعا :تزايد االندماج العالمي :تنامت عمليات اندماج أسواق السلع و الخدمات و رؤوس األموال األمر الذي يعد
من أبرز مظاهر العولمة االقتصادية ،حيث يتحقق اندماج أسواق السلع بانخفاض التعريفات الجمركية
و الحواجز غير الجمركية .كما تنامت مسيرة العولمة االقتصادية في أسواق النقد ورؤوس األموال فتزايدت
المعامالت المالية العابرة للحدود ،و اندماج أسواق األوراق المالية و التأمين و فعاليات المصارف العابرة
للقارات و الوساطة العالمية للدفع ،و كذلك تحرير تجارة الخدمات المصرفية ،و انتشار العمليات المصرفية
()1
اإللكترونية ،و حرية انتقال رؤوس األموال.
الفرع الثاني :أدوات العولمة االقتصادية :تركز العولمة االقتصادية كظاهرة على دراسة االتجاه االقتصادي نحو
المزيد من االندماج العالمي ،و تحرير التجارة و حركة رؤوس األموال ،مستخدمة جملة من األدوات التي تساهم
في تشكيل االتجاهات المستقبلية للنظام االقتصادي العالمي الجديد.
أوال :الشركات متعددة الجنسيات :تؤكد دالالت التاريخ على أن الشركات متعددة الجنسيات هي في حقيقتها ذراع
من أذرع الرأسمالية من جهة و العصب المركزي للعولمة االقتصادية من جهة أخرى ،و عليه شهد هذا العصر
و ثورة صناعية و تجارية كبيرة بسبب ضخامة رؤوس األموال المستخدمة في الميدان التجاري
االقتصادي مع زيادة حجم االستثمارات من أجل تحقيق الهدف الذي وجدت من أجله تلك الشركات أال و هو
الربح التجاري ،حيث عرفت هذه الشركات تطو ار ملحوظا بعد الحرب العالمية الثانية خاصة في ستينيات القرن
الماضي ،فلقد نمت بمعدل يفوق نمو اقتصاديات الدول الرأسمالية المتطورة نفسها بالضعفين إذ بلغ
()1
أحمد عبد العزيز و آخرون :مرجع سابق ،ص.68 :
22
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
معدل نموها السنوي حوالي ، % 10 :بينما بلغ النمو االقتصادي للدول المتقدمة ، % 5 :و قد بلغ عدد
الشركات متعددة الجنسيات في سنة 1995حوالي 500شركة تتركز 418منها في ثالث مناطق :منطقة
االتحاد األوروبي وتضم 155 :شركة ،و الواليات المتحدة األمريكية التي تضم 153شركة ،و اليابان التي
تضم 141 :شركة ،كما بلغ إيراد تلك الشركات حوالي 11378 :مليار دوالر سنة ،1995و الذي يمثل
%171من الناتج المحلي للواليات المتحدة األمريكية و % 45من الناتج المحلي اإلجمالي العالمي .أما أصول
الشركات متعددة الجنسيات فقد بلغت نحو 11200 :مليار دوالر ،و بعدد عمال يقدر بـ 37.2 :مليون عامل ،و
()1
صافي أرباح نحو 323.4 :مليار دوالر ،كما أنها استحوذت على حوالي % 40 :من حجم التجارة العالمية.
و يمكن أن نوضح بعض التقديرات الحديثة الخاصة بالشركات المتعددة الجنسيات من خالل الجدول التالي:
الجدول رقم ( :)04-Iتطور أهم المؤشرات الخاصة بالفروع األجنبية للشركات متعددة الجنسيات
خالل الفترة 2011 -1990 :
الوحدة :مليار دوالر باألسعار الجارية
Source : Conférence Des Nations Unies Sur le commerce et Développement : Rapport sur
l’investissement dans le monde 2012 , OP , P : 9.
()1
أحمد عباس عبد هللا ،أحمد محمد جاسم :دور الشركات متعددة الجنسيات في االقتصاد العالمي ،مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية ،العدد التاسع
و العشرون ، 2012 ،ص ص.57 -56 :
23
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
يعبر الجدول أعاله على معطيات التحقيق السنوي لمؤتمر هيئة األمم المتحدة للتجارة و التنمية التي
تجريه على 100أهم شركة متعددة الجنسيات في العالم ،حيث يوضح هذا التحقيق أن كل المؤشرات المعبرة
عن الفروع األجنبية للشركات متعددة الجنسيات كانت تزداد إيجابا من سنة إلى أخرى ،حتى بلغت خالل نهاية
الفترة المعبر عنها ( سنة ) 2011أكثر من 69 :مليون عامل لديها ،و رقم أعمال بنحو 28000 :مليار
دوالر ،و قيمة مضافة تقدر بـ 7183 :مليار دوالر ،و إجمالي أصول الفروع األجنبية بـ 82131 :مليار
دوالر ،و بإجمالي صادرات 7358 :مليار دوالر.
ثانيا :التكتالت االقتصادية :شهدت الساحة االقتصادية الدولية خالل القرن العشرين العديد من التغيرات التي
يمكن أن يكون لها األثر البالغ على العالقات االقتصادية الدولية ،حيث سيطر على النظام االقتصادي العالمي
الجديد االتجاه نحو المزيد من التكتالت االقتصادية و بالتالي تتضاءل أهمية االقتصاد الفردي عند رسم
السياسات االقتصادية التي تتعامل مع العالم الخارجي و يحل محله االقتصاد الجماعي للحصول على أكبر
مكاسب ممكنة ،و ذلك عن طريق زيادة التبادل التجاري بين الدول األعضاء ،و زيادة القدرة التنافسية لمنتجات
دول التكتل االقتصادي نتيجة التساع السوق و اندماج الوحدات االقتصادية ،فأصبحت هذه التكتالت تعكس
درجة عالية من كثافة االعتماد المتبادل و تقسيم العمل الدولي ،كما تعمل الشركات متعددة الجنسيات على
()1
إيجاد نوع من الترابط بين هذه التكتالت.
أ -أشكال التكامل االقتصادي :تتنوع و تختلف أشكال التكامل االقتصادي بين أبسط صور التعاون كاتفاقيات
التجارة و ما يتبعها من اتفاقيات لتسوية المدفوعات ،و االندماج االقتصادي التام و ما يترتب عليه من وجود
سلطة عليا ترسم السياسات االقتصادية و تراقب االلتزام بها ،إال أن هناك بصفة عامة خمسة أشكال للتكامل
االقتصادي ،نوضحها كما يلي:
-1منطقة التجارة الحرة :هي شكل يتم فيه إلغاء التعريفات و الحواجز الجمركية بين الدول األعضاء ،على أن
تبقى لكل عضو الحرية في تعامالته التجارية الخارجية مع غير األعضاء.
-2االتحاد الجمركي :و هي مرحلة يضاف فيها إلى منطقة التجارة الحرة ،تبني الدول األعضاء نظام جمركي
موحد مع العالم الخارجي من دول التكتل.
-3السوق المشتركة :هي مرحلة تضيف إلى مرحلة االتحاد الجمركي إلغاء كافة القيود على عناصر اإلنتاج
بين دول التكتل.
-4االتحاد االقتصادي :بعد مرحلة السوق المشتركة تسعى دول التكتل إلى البحث عن نوع من التناسق
و االنسجام بين السياسات االقتصادية للدول األعضاء.
( )1رياض فتحي عبد العزيز نجم :مرجع سابق ،ص.15 :
24
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
-5التكامل االقتصادي التام :و هي مرحلة ترتقي فيها الدول األعضاء من االتحاد االقتصادي إلى توحيد
سياساتها االقتصادية ،و إنشاء سلطة عليا تكون ق ارراتها ملزمة لكل األعضاء ،حتى تصبح دول التكامل كأنها
دولة واحدة .
ب -التجارب التكاملية االقتصادية :شهد العالم خالل العقدين األخيرين من القرن الماضي بروز العديد من
التجارب التكاملية االقتصادية ،منها من أنشئ خالل هذه الفترة و منها من أعاد ترتيب أوضاعه بما يتالءم
و المرحلة االقتصادية الراهنة ،و من أهم هذه التجارب ما يلي:
-1االتحاد األوروبي :كانت االنطالقة األولى لبناء االتحاد األوروبي بعد الحرب العالمية الثانية و بدءا من سنة
1950بعد إنشاء الجماعة األوروبية للفحم و الصلب من طرف كال من :فرنسا ،ألمانيا ،إيطاليا ،لكسمبورغ ،
هولندا .و في سنة 1957تم إنشاء الجماعة االقتصادية األوروبية و سوق مشتركة بموجب معاهدة روما ،
و استمر تطور إنشاء هذه السوق المشتركة باالنضمام المتواصل للعديد من الدول األوروبية ،فخالل سنة
1973انضمت :الدنمارك ،إيرلندا ،و المملكة المتحدة ،ثم في سنة 1981انضمت :اليونان ،فإسبانيا
و البرتغال بعد خمس سنوات ،لتليها :النمسا ،فنلندا ،السويد في سنة ، 1995ثم عشر دول أخرى في سنة
، 2004ثم دولتين أخرتين في سنة ، 2007ليختتم االنضمام في جويلية 2013بانضمام كرواتيا و يصبح
()1
عدد دول االتحاد األوروبي 28دولة.
و بعد هذا التطور أصبحت الدول األوروبية كتلة واحدة دون أية حدود أو حواجز أمام البضائع و الخدمات ،
األشخاص ،رؤوس األموال ،و لم يكتف البعض بتوحيد السوق و تقارب السياسات و إنما توحيد العملة من
طرف جزء مهم من دول االتحاد األوروبي في إطار منطقة اليورو التي تضم 18دولة .كما أصبح االتحاد
()2
األوروبي رقما مهما في المعادلة الدولية من خالل عدة مؤشرات ،أهمها:
-خالل 01جانفي 2014بلغ عدد سكان االتحاد األوروبي 507.4 :مليون نسمة.
-بلغ الناتج الداخلي الخام لالتحاد األوروبي 12495.402 :مليار أورو في سنة . 2012
-يمثل االتحاد األوروبي حوالي %7من سكان العالم ،لكن حجم تبادالته مع بقية العالم تقدر بحوالي % 20
من حجم التجارة الدولية خالل سنة ، 2012وهو األول في االستيراد بنسبة % 16.4من الواردات العالمية ،
و األول في التصدير بنسبة % 15.4من الصادرات العالمية خالل سنة . 2011
)(1
Union Européenne : l’histoire de l’union Européenne . Disponible sur :
http://Europa.eu/about-eu/eu-history/index-fr.htm.
Consulte le : 08/07/2014.
)-figures/economy/index-eu/facts-a.eu/about: http://europ : l’économie de l’UE. Disponible sur Union Européenne )2
fr.htm. consulte le : 08/07/2014.
25
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
-يعتبر االتحاد األوروبي رقم مهم في االستثمارات األجنبية العالمية ،بحجم استثمارات أجنبية خارجة :
335مليار أورو ،و استثمارات أجنبية داخلة 243 :مليار أورو خالل سنة .2012
-2رابطة دول جنوب شرق آسيا ( النمور اآلسيوية ) :تأسست هذه الرابطة سنة ،1967و هي تضم حاليا كال
من :بروناي ،كمبوديا ،أندونيسيا ،الوس ،ماليزيا ،ميانمار ،الفليبين ،سانغفورة ،تايالند ،الفيتنام ،وأمانتها العامة
بجاكرتا -أندونيسيا.
تهدف رابطة دول جنوب شرق آسيا إلى تحقيق تقدم سريع في النمو االقتصادي و الثقافي لألعضاء و العمل
على تحرير التجارة و تبادل السلع بين الدول األعضاء ،مستخدمة أسلوب االدخار الثقيل و االستثمار الجيد،
()1
دور مهما في إنجاز األمرين في آن واحد.
كما تلعب السياسات الحكومية ا
و سواء سميت هذه التجربة بالمعجزة أم ال فلن يغير ذلك شيئا ،فالزيادة في الدخل و خفض الفقر في هذه
الدول عبر العقود الثالثة األخيرة لم يسبق له مثيل ،و حجم التطور الهائل في معدالت األجور العالية
و االستثمار في الميدان التربوي و الصناعي الموجه جعل المنطقة بأسرها مولد قوة اقتصادية واعدة ،حققت في
()2
2009المؤشرات التالية:
-عدد السكان 591.8 :مليون نسمة.
-الناتج المحلي اإلجمالي 1492 :مليار دوالر.
-حجم التجارة 1536 :مليار دوالر.
-حجم االستثمارات األجنبية المباشرة 60 :مليار دوالر.
-3التكتل االقتصادي ألمريكا الشمالية ( نافتا ) :جاءت االتفاقية المؤسسة للنافتا سنة 1992بين الواليات
المتحدة األمريكية و كندا و المكسيك ،لتوسيع اتفاقية التجارة الحرة التي كانت قد أبرمت بين الواليات المتحدة
)(3
األمريكية و كندا سنة ،1989حيث يسعى هذا التكتل إلى تحقيق جملة من األهداف ،أهمها:
-زيادة معدالت النمو للدول األعضاء.
-تحرير التجارة و زيادة االستثمارات بين الدول األعضاء.
-زيادة االستثمارات األمريكية و الكندية في المكسيك لزيادة فرص العمل أمام العمالة المكسيكية ،و في نفس
()1
سهام الدين خيري :العولمة االقتصادية و متطلبات التنمية و النهوض في الدول النامية ،مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية ،جامعة بغداد ،العدد
التاسع و العشرون ، 2012 ،ص ص.36 -35 :
)(2
ASEAN Economy Community Score card : Charting progress Towards Regional Economic integration , ASEAN
Secretariat , Jakarta , March 2010 , P: 03.
()3
حشماوي محمد :االتجاهات الجديدة للتجارة الدولية في ظل العولمة االقتصادية ،أطروحة دكتوراه دولة في العلوم االقتصادية ،غير منشورة ،كلية العلوم
االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ،2006 ،ص ص.101-100 :
26
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
الوقت فتح السوق المكسيكية التي كانت مغلقة أمام السلع األمريكية.
-زيادة القدرة لدول النافتا على التعامل مع التكتالت االقتصادية العمالقة في العالم.
تشير الكثير من الدراسات إلى أن الكثير من المزايا و االستفادة تحققت من خالل هذا التكتل االقتصادي للدول
األعضاء ،أهمها زيادة الرفاهية ( الدخل ) بين 2.2إلى 6.1مليار دوالر للواليات المتحدة األمريكية ،و من
1.6إلى 5.8مليار دوالر للمكسيك ،و 2.8مليار دوالر لكندا.
-4تكتل جماعة التعاون االقتصادي آلسيا و دول المحيط الهادي ( األيباك ) :يتكون هذا التكتل من دول
رابطة اآلسيان باإلضافة إلى :اليابان ،كندا ،الواليات المتحدة األمريكية ،كوريا الجنوبية ،نيوزيلندا .و تقترب
فكرة هذه الجماعة من المنتدى االقتصادي الذي يتم التشاور فيه حول مسائل التجارة الدولية و تنسيق السياسات
االقتصادية بدون التزام مقنن مسبق فيما بينها ،و اتجاه الدول األعضاء إلى إقامة تكتل اقتصادي.
إن هذا التكتل المنشود يقع في وضع وسط ما بين التكتل االقتصادي األوروبي و التكتل االقتصادي في أمريكا
الشمالية ( نافتا ) ،لكن ما يجمع بين التكتالت الثالثة مفهوم مشترك يتلخص في أنه ال يمكن إحراز المزيد من
التقدم و التطور بدون التعاون االقتصادي فيما بين الدول بعضها البعض في ظل النظام االقتصادي الجديد
الذي يرسخ العولمة االقتصادية.
المطلب الثالث :العولمة االقتصادية و األزمات المالية:
احتل مفهوم األزمات المالية بصفة عامة حي از كبي ار في التوجه العالمي الراهن ،و أثار الكثير من الجدل
و النقاش حول دور ظاهرة العولمة االقتصادية و السيما في الجانب المالي منها ( العولمة المالية ) في تكريس
األزمات المالية ،مما جعل التطرق إلى هذه العالقة الجدلية من األهمية بما كان.
الفرع األول :إطار مفاهيمي حول العولمة المالية :باعتبار العولمة االقتصادية ظاهرة تتضمن العديد من األبعاد
المترابطة و المتشابكة أحيانا ،و التي من أهمها البعد المالي أو ما اصطلح عليه بالعولمة المالية ،لذلك سنهتم
في هذا اإلطار بالتطرق إلى :ماهية العولمة المالية و أهم مؤشراتها.
أوال :ماهية العولمة المالية :سنتطرق في هذا النطاق إلى العولمة المالية بدءا بتحديد مفهومها و مراحلها ،ثم
آثارها.
أ -مفهوم العولمة المالية :على الرغم من تنامي تداول مصطلح العولمة المالية منذ تسعينيات القرن الماضي
إلى يومنا هذا ،إال أن أراء المفكرين و الباحثين إزاء مفهومه قد تعددت و تباينت حول تحديد مفهوم موحد
و دقيق ،وبالتالي فسنتطرق إلى أهم هذه التعاريف كما يلي:
()1
" -1العولمة المالية هي ظاهرة تتعامل مع السوق كوحدة كلية تزال فيها كل القوانين للدول الوطنية" .
() 1
Henry Bougruiant : Finance Internationale , Press Universitaire de France , Paris , 1999 , p : 72.
27
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
يشير هذا التعريف إلى جانب مهم من العولمة المالية أال و هو انفتاح األسواق المالية على بعضها
البعض و تداخلها ،حتى تفقد الدول الوطنية سيطرتها و آليات تدخلها في هذه األسواق ،إال أن هذا األمر هو
هدف لم يتحقق كليا على أرض الواقع.
()1
" -2هي ظاهرة التدفقات المالية المتصاعدة عبر الحدود" .
لقد ركز هذا التعريف على جانب مهم أيضا من العولمة المالية ،أال و هو التدفق المالي المتصاعد عبر
الحدود ،إال أنه لم يشر إلى الدور الذي تلعبه األسواق المالية و ترابطها في تحقيق العولمة المالية.
" -3هي االنخفاض في تكاليف المعامالت المالية الدولية ،و الزيادة في تدفقات رؤوس األموال بين الدول
()2
و دون قيود تذكر" .
طرح هذا التعريف العولمة المالية بأنها االنخفاض في التكاليف المالية و التصاعد في تدفق رؤوس األموال
دون قيود تذكر بين الدول ،إال أن هذا الطرح يعكس أهم نتائج العولمة المالية و ال يعكس الظاهرة ككل.
و في األخير يمكن أن نعرف العولمة المالية على أنها :عملية ديناميكية تمثل أحد مظاهر العولمة
االقتصادية الرئيسية ( في الجانب المالي ) ،تعكس التدويل المتزايد لألسواق المالية و ترابطها و تشابكها عبر
كل أنحاء العالم ،من خالل التحرير المتصاعد للتدفقات المالية و خدماتها عبر الحدود الدولية .
أ -مراحل تطور العولمة المالية :مرت العولمة المالية بثالث مراحل أساسية جعلت من العالم في وقتنا الراهن
قرية مالية كونية ،نلخصها كاآلتي:
()3
-1مرحلة تدويل التمويل غير المباشر :استمرت من سنة 1960إلى ، 1979و تميزت بما يلي:
-تعايش األنظمة النقدية و المالية الوطنية المغلقة بصورة مستقلة.
-ظهور و توسع أسواق األورو -دوالر.
-سيطرة البنوك على االقتصاديات الوطنية.
-انهيار سعر الصرف الثابت مع نهاية الستينيات.
-انهيار نظام بريتون وودز في .1971
-ظهور سوق األوراق المدينة كسندات الخزينة الدولية .
إيهاب كوزي و آخرون :العولمة المالية فيما وراء لعبة إلقاء اللوم ،مجلة التمويل و التنمية ،مجلة ثالثية تصدر عن صندوق النقد الدولي ،مارس ()1
، 2007ص.09 :
أحمد عاشور عبد هللا :تقييم أثر العولمة على سوق المال المصري بالتركيز على أزمتي جنوب شرق آسيا و األزمة االقتصادية العالمية ، 2008رسالة ()2
دكتوراه الفلسفة في االقتصاد ،غير منشورة ،كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة ،يونيو ، 2013ص.193 :
()3
أسماء دردور ،نسرين بن زاوي :األزمة المالية الحالية و مستقبل العولمة المالية ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات الملتقى الدولي حول :األزمة المالية
و االقتصادية الدولية و الحوكمة العالمية ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة سطيف ،يومي 21-20 :أكتوبر ،2009ص.03 :
28
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
()1
أحمد عاشور عبد هللا :مرجع سابق ،ص.22 :
( )2أسماء دردور ،نسرين بن زاوي :مرجع سابق ،ص.04 :
29
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
التكامل المالي الدولي في البلدان ذات القطاعات و المؤسسات المالية الضعيفة نسبيا .كما تباينت األدلة أيضا
من حيث النمو ،فبينما ال يوجد شك في أن االستثمار األجنبي المباشر يشجع النمو في األجل الطويل ،فإن
تأثير الديون على النمو يعتمد على مدى كفاءة استخدام النقود ،و هو ما يتأثر بدوره بجودة السياسات
و المؤسسات في البلد المعني ،و عليه فهناك عدة عوامل يرجح أنها تساهم في تأثير العولمة المالية على
()1
التقلب و النمو االقتصادي إيجابا أو سلبا ،من أهمها:
-1تطور القطاع المالي :حيث تساعد األسواق المالية المتطورة على تخفيف حدة دورات االزدهار و الركود
التي تنشأ عن الطفرات الحادة في التدفقات المالية و توقفاتها المفاجئة.
-2جودة المؤسسات :فالمؤسسات القوية تلعب دو ار مهما في توجيه التدفقات المالية نحو االستثمار األجنبي
(المباشر و غير المباشر) ،و وجود إطار مؤسسي سليم ( مثال :متحرر من الفساد ،سيادة القانون ) يسهل من
تقاسم المخاطر الدولية و يدعم نمو االقتصاد.
-3السياسات االقتصادية الكلية السليمة :ففي حالة ضعف السياسات االقتصادية الكلية سيؤدي االنفتاح المالي
إلى إفراط االقتراض و تراكم الديون ،مما يزيد من مخاطر األزمات.
-4التكامل التجاري :فكلما ازداد انفتاح البلدان أمام التجارة تراجعت احتماالت التوقف المفاجئ في التدفقات
الداخلة أو التحول في أوضاع حساباتها الجارية ،و يمكن أن يؤدي االنفتاح أمام التجارة أيضا إلى تخفيف
آثار األزمات بما يحققه من تيسير االنتعاش االقتصادي.
ثانيا :مؤشرات العولمة المالية :هناك العديد من المؤشرات التي تعكس مدى انتشار ظاهرة العولمة المالية،
نوضح أهمها كما يلي:
أ -تطور المعامالت في األوراق المالية عبر الحدود :أدت العولمة المالية إلى النمو الكبير في االستثمار
المحفظي عبر الحدود ،حيث يتضح ذلك عبر الجدول التالي:
باولو ماورو ،جوناثان أوستري :إرساء العولمة المالية على مسار النجاح ،نشرة صندوق النقد الدولي ،إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي ،واشنطن ()1
الجدول رقم ( :) 05 - Iتطور االستثمار في األوراق المالية عبر العالم خالل الفترة 2012 -1990 :
الوحدة :تريليون دوالر
2012 2007 2000 1990
يتضح من خالل الجدول السابق تطور حجم االستثمارات الموجهة نحو األوراق المالية عبر العالم ،فبعد
أن كانت المعامالت في األوراق المالية تقدر ب 56 :تريليون دوالر سنة 1990تطورت حتى بلغت 225
تريليون دوالر سنة ، 2012مما يدل على تنامي ظاهرة العولمة المالية و تطور حجم المعامالت في األسهم
التي تراجعت بعد األزمة األخيرة حتى بلغت 50تريليون دوالر في سنة ، 2012بعد أن كانت 64تريليون في
سنة . 2007
()1
تعرف الصناديق السيادية بأنها ب -دخول الصناديق السيادية و صناديق التحوط إلى األسواق العالمية:
مؤسسات تابعة للدولة تستخدم األموال العامة في األنشطة االستثمارية طويلة األجل خارج تلك الدول ،و قد
ارتفع عدد هذه الصناديق و ازدادت األصول المالية الخاصة بها ،كما توسعت استثماراتها خصوصا في
منتصف التسعينيات ،فلم يكن يوجد في سنة 1969غير ثالثة صناديق ثم ازداد عددها إلى 21صندوقا سنة
، 1999لتصبح 44صندوقا في ، 2007و بلغت أصولها المالية وفقا لما أوردته مؤسسة "مورغان ستانلي"
في نهاية مارس 2007نحو 216ألف مليار دوالر.
أما صناديق التحوط فقد تصاعد الجدل حول نشاطاتها و التي تزايدت أعدادها إلى 9575صندوقا سنة 2007
و بأصول تقارب 106تريليون دوالر ،بعد أن كانت 610صندوقا سنة ، 1990حيث تكمن الخطورة بها في
( )1أحمد عاشور عبد هللا :مرجع سابق ،ص ص. 26 -25 :
31
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
أسلوب عملها الذي يستهدف تحقيق عوائد أعلى مما هو سائد في األسواق عبر تحمل المخاطر و تنويع
االستثمارات ،كما أنها تحيط أعمالها بشيء من السرية و تغيب الرقابة عليها من قبل السلطات المحلية ،كما
أنها أيضا تخضع لقوانين خاصة تختلف عن القوانين التي تخضع لها الصناديق العامة ،و تضع معايير خاصة
لدخول المستثمرين بها.
ج -تطور تداول النقد األجنبي :تشير إحصائيات بنك التسويات الدولية في تقريره الذي يصدر كل ثالث
سنوات عن إجمالي المعامالت اليومية في سوق النقد الدولي ،إلى ما يلي:
الجدول رقم ( :)06 -Iمتوسط التعامل اليومي في النقد األجنبي خالل الفترة -1998 :أفريل 2013
الوحدة :مليار دوالر
أفريل
2010 2007 2004 2001 1998
2013
2046 1488 1005 631 386 568 المعامالت الفورية
680 475 362 209 130 128 معامالت السوق اآلجل
2228 1759 1714 954 656 734 مقايضة النقد األجنبي
54 43 31 21 7 10 مقايضة العمالت
337 207 212 119 60 87 الخيارات والمنتجات األخرى
5345 3971 3324 1934 1239 1527 مجموع أدوات النقد األجنبي
Source : Bank For International Settlements : Triennial Central Bank Survey , Foreign
exchange turnover in April 2013: Preliminary global results , Monetary and Economic
Department , Basel , Switzerland , September 2013, p: 09.
من خالل الجدول السابق يتضح التطور الذي عرفته أسواق تداول النقد األجنبي و في مختلف األدوات،
حيث أن متوسط حجم التعامل اليومي بلغ 5345مليار دوالر في أفريل 2013بعد أن كان 1527مليار دوالر
سنة ، 1998فهذا يدل على اتساع و انتشار ظاهرة العولمة المالية من سنة إلى أخرى و سواد مبدأ حرية
التداول العابر للحدود في النقد األجنبي ،كما أن هذا التقرير يشير إلى أن الدوالر هو العملة األساسية في
التداول ،حيث مثل %87من المعامالت المالية الدولية اليومية في سوق النقد األجنبي خالل شهر أفريل
.2013
32
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
()1
و المقصود باألقطاب الجدد هو دخول مؤسسات مالية غير د -صعود أقطاب جدد في األسواق المالية:
مصرفية في ميادين الوساطة المالية ،و التي أصبحت تمارس أعماال في مجال الخدمات المالية تنافس فيها
المؤسسات المصرفية ،و هذه المؤسسات هي :صناديق التقاعد ،شركات التأمين ،صناديق االستثمار ،البنوك
المتخصصة و غيرها .
فخالل الفترة من سنة 1985إلى 1995انخفض نصيب البنوك التجارية من األصول المالية العائلية من:
%50إلى % 18و قابل ذلك ارتفاع نصيب تلك المؤسسات إلى ، % 42و على الصعيد الدولي أيضا فإن
أقطاب دولية قد ساهمت في تغيير الموازين االقتصادية كالصين ،الهند ،المكسيك ،الب ارزيل و كوريا الجنوبية،
حيث أصبحت تنافس الواليات المتحدة األمريكية و دول أوربا ،فالصين أصبحت اآلن ثاني اقتصاد في العالم
بحجم 2600 :مليار دوالر ،و تملك أكبر احتياطي من العمالت األجنبية و الذهب في العالم 1200 :مليار
دوالر ،و كذلك الب ارزيل عاشر االقتصاديات العالمية بحجم 1100مليار دوالر ،و كذلك الحال لروسيا ،الهند ،
و كوريا الجنوبية.
الفرع الثاني :دور العولمة المالية في تكريس األزمات المالية :ظهرت عبارة األزمة المالية ألول مرة عند
الكاتب " الكونت دي الس كاز" في سنة ،1823و من ثم توسع استخدام المصطلح في األدبيات االقتصادية
و السيما في السنوات القليلة الماضية ،مما جعل دراسة و تحليل األزمات المالية الشغل الشاغل للكثير من
المفكرين و الباحثين االقتصاديين ،هؤالء االقتصاديين الذين اختلفوا في آليات و أسباب حدوث هذه األزمات إال
أنهم أجمعوا على الدور الذي تلعبه العولمة المالية في كل مراحل األزمة المالية ،و الذي يمكن أن نوضحه كما
يلي:
()2
لقد كان النتشار ظاهرة العولمة المالية آثا ار بعيدة المدى على أوال :العولمة المالية و األزمات المصرفية:
مختلف األنشطة االقتصادية ،حيث أدت إلى إعادة صياغة العالقات االقتصادية الدولية على النحو الذي فرض
الكثير من التحديات خاصة أمام األنشطة المالية و المصرفية ،و قد انعكس هذا المناخ بشكل كبير على أعمال
البنوك و هيكل الخدمات التي تقدمها ،مع ظهور كيانات مصرفية جديدة تمثلت في البنوك الشاملة ،إضافة
إلى تحرير التجارة في الخدمات المالية و تزايد المنافسة في السوق المصرفية ،و كذلك التوجه نحو خوصصة
البنوك و االندماجات المصرفية ،إلى جانب ظهور البنوك اإللكترونية أو ما يعرف " بالبنوك االفتراضية ".
( )1أحمد عاشور عبد هللا :مرجع سابق ،ص ص.25 -24 :
العقون نادية :العولمة االقتصادية و األزمات المالية :الوقاية و العالج " دراسة ألزمة الرهن العقاري في الواليات المتحدة األمريكية " ،أطروحة دكتوراه ()2
العلوم في العلوم االقتصادية ،غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة باتنة ،2013/2012 ،ص ص. 60 -59 :
33
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
إن أهم ما أدت إليه العولمة المالية من مخاطر على الجهاز المصرفي هي تلك األزمات القوية التي قد
تتعرض لها البنوك أثناء عملية التحرير المالي أو بعد إتمام هذه العملية ،و قد ظهر كم هائل من الدراسات
و البحوث حول هذه القضية ،كما أن األزمات التي واجهتها البنوك في عصر العولمة المالية قد لفتت االنتباه
بقوة و دقت ناقوس الخطر لعدة أسباب ،أهمها:
أ -أن تلك األزمات كان لها تأثير شديد على مجمل االقتصاديات الوطنية التي حدثت فيها.
ب -أصبح من السهل أن تمتد المصاعب التي يعانيها الجهاز المصرفي في بلد ما إلى القطاعات المصرفية
و األسواق المالية العالمية في دول أخرى ،بعد أن زادت درجة اندماجها و تكاملها.
و قد أكدت األزمة التي حدثت في دول جنوب شرق آسيا سنة ، 1997كيف تؤدي العولمة المالية من
خالل تحرير حساب رأس المال و االنفتاح دون ضوابط على األسواق المالية العالمية ،إلى حدوث أزمة النظام
المصرفي ،و هو ما حدث أيضا في الواليات المتحدة األمريكية فيما عرف بأزمة الرهن العقاري.
()1
ولدت العولمة المالية ما يسمى ثانيا :العولمة المالية و عدم استقرار النظامين المالي و النقدي الدوليين:
بـ" :خطر النظام" و هو خطر التعرض إلى أزمة مالية على المستوى الدولي ،و تحدث أزمة النظام عبر
مرحلتين :حيث تؤدي المضاربات في البداية إلى خلق االضطرابات التي تتوسع بفعل األدوات المالية الجديدة ،
و في مرحلة ثانية تبدأ موجة الصدمة في االنتشار إلى مجموع النظام المالي العالمي بفعل ما يسمى بـ " :أثر
العدوى" ،و تجد لها مناخا مناسبا في األسواق المالية المتصلة ببعضها البعض ،لتتوسع هذه السلسلة من
االنعكاسات من خالل سلوكيات مشتركة لدى عدد كبير من المشترين في األسواق المالية.
فمن مجمل ما سبق يمكن القول أن العولمة المالية تؤكد تفوق و سيادة قوى السوق على السياسات
االقتصادية ،أين تصبح األسواق هي المقررة فيما إذا كانت السياسات االقتصادية الوطنية جيدة أم ال ،كما
تؤدي إلى تقليل مجاالت العمل الممكنة أمام السياسة النقدية ،و تعتبر مصد ار لعدم االستقرار نظ ار لما يمكن أن
توفره من بيئة مالئمة للمضاربات و حدوث األزمات المالية ،و السماح بانتشارها مهددة بذلك النظام العالمي
ككل.
34
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
صندوق النقد الدولي :تحديات عالمية – حلول عالمية ،متاح في: ()1
أ -تشجيع التعاون النقدي الدولي عن طريق هيئة دائمة تهيء سبل التشاور و التعاون بشأن المشكالت النقدية
الدولية .
ب -تيسير التوسع و النمو المتوازن في التجارة الدولية ،مما يسهم في زيادة فرص العمل و رفع مستوى الدخل
الحقيقي بصفة مستمرة ،و تنمية الموارد اإلنتاجية لجميع البلدان األعضاء باعتبارها أهدافا أساسية للسياسة
االقتصادية.
ج -العمل على تحقيق استقرار أسعار الصرف و الحفاظ على ترتيبات منظمة للصرف بين عمالت البلدان
األعضاء ،و تجنب التنافس في تخفيض العمالت.
ه -المساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد األطراف بالنسبة للمعامالت الجارية بين البلدان األعضاء
و إلغاء قيود الصرف األجنبي التي تعيق نمو التجارة العالمية.
و -توفير الثقة بين البلدان األعضاء عن طريق إتاحة موارد الصندوق العامة لها بصفة مؤقتة و بضمانات
كافية ،و من ثم إعطاؤها الفرص لتصحيح االختالالت التي تصيب موازين مدفوعاتها دون اللجوء إلى تدابير
من شأنها اإلضرار بالرخاء على المستوى الوطني أو الدولي.
ز -تقصير أمد االختالل في موازين المدفوعات الدولية للبلدان األعضاء و تخفيف حدته وفقا لما ورد آنفا.
تمثل اشتراكات الحصص مكونا أساسيا من مكونات ()1
ثالثا :حصص العضوية في صندوق النقد الدولي:
الصندوق المالية ،و تخصص لكل بلد عضو حصة ممددة تقوم في األساس على مركزه النسبي في االقتصاد
العالمي ،و تحدد هذه الحصة االلتزامات المالية لكل بلد تجاه الصندوق كما تحدد قوته التصويتية ،و تؤثر على
حجم التمويل الذي يمكنه الحصول عليه من الصندوق.
أ -صيغة الحصص :تحدد الحصص حاليا عبر متوسط مرجح إلجمالي الناتج المحلي ( بوزن ) %50و درجة
االنفتاح ( ، )%30مدى التغيير االقتصادي ( ،)%15حجم االحتياطات الدولية ( ، )%5و لهذا الغرض يقاس
إجمالي الناتج المحلي باستخدام مزيج من إجمالي الناتج المحلي القائم على أسعار الصرف السائدة في السوق
(بوزن )%60و على أسعار الصرف حسب تعادل القوى الشرائية ( ، )%40كذلك تتضمن الصيغة عامل
تقليص يحد من التباين في أنصبة الحصص المحسوبة للبلدان المختلفة .و العملة التي تحرر بها الحصص
هي حقوق السحب الخاصة التي يستخدمها الصندوق كوحدة حساب ،حيث أنه أكبر البلدان األعضاء في
الصندوق هي الواليات المتحدة األمريكية بحصة حالية تبلغ 42,1مليار وحدة حقوق سحب خاصة ( ما يعادل
65مليار دوالر ) .
( )1صندوق النقد الدولي :حصص عضوية الصندوق ،صحيفة وقائع ،دائرة االتصاالت ،صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،أفريل ، 2014متاح في:
http:/www. Imf.org/ external/np /exr/facts/quotas. pdf
تاريخ الزيارة.2014 /07 /18 :
36
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
ب -أدوار الحصص في الصندوق :تحدد حصة البلد العضو عددا من الجوانب األساسية في العالقة المالية
و التنظيمية بين البلدان األعضاء و الصندوق ،أهمها:
-1االشتراكات ( أنصبة الحصص ) :يحدد اشتراك البلد العضو الحد األقصى لحجم الموارد المالية التي يلتزم
بتقديمها للصندوق ،حيث يسدد العضو االشتراك المحدد له بالكامل عند االنضمام إلى الصندوق ،مع سداد
مبلغ يصل إلى %25من قيمة االشتراك بحقوق السحب الخاصة أو إحدى العمالت المقبولة على نطاق واسع،
و بقية المبلغ بعملته الوطنية.
-2القوة التصويتية ( نصيب األصوات ) :تمثل حصة البلد العضو عامال أساسيا في تحديد قوته التصويتية في
ق اررات الصندوق ،و تتكون األصوات المخصصة لكل بلد عضو من أصوات أساسية ،و صوت إضافي لكل
جزء من الحصص يعادل 100ألف وحدة حقوق سحب خاصة ،و بمقتضى إصالحات سنة 2008تم تثبيت
عدد األصوات األساسية عند % 5,502 :من مجموع األصوات األساسية الحالية بنحو ثالثة أضعاف العدد
السابق على تطبيق إصالحات سنة 2008و التي دخلت حيز التنفيذ في 03 :مارس . 2011وقد تم في
جانفي 2013استكمال المراجعة الشاملة لصيغة الحصص المطبقة حاليا ،حيث ستكون هذه المراجعة الصيغة
الجديدة في إطار المراجعة العامة الخامسة عشرة للحصص ،و التي حدد جانفي 2015كموعد نهائي
الستكمالها.
-3التمويل المتاح :تحدد حصة البلد العضو حجم التمويل الذي يمكنه الحصول عليه في الصندوق ( أي حدود
استفادته من الموارد ).
من مسؤوليات الصندوق منح القروض للبلدان األعضاء التي ()1
الفرع الثاني :األدوات المالية للصندوق :
تواجه موازين مدفوعاتها مشكالت تمويلية فعلية أو محتملة ،حيث تساهم هذه المساعدات المالية في دعم جهود
البلدان األعضاء إلعادة بناء احتياطاتها الدولية ،و استقرار عمالتها المحلية ،و االستمرار في تغطية
مدفوعات االستيراد ،و استعادة األوضاع المواتية لتحقيق النمو االقتصادي القوي ،مع إتباع سياسات لمعالجة
المشكالت التي أفضت في األساس إلى الوضع القائم ،على عكس بنوك التنمية ال يقدم الصندوق قروضا
لتمويل مشروعات محددة.
أ -عملية اإلقراض في الصندوق :يوفر صندوق النقد الدولي موارد بطلب من البلدان األعضاء و يتم ذلك في
العادة بمقتضى اتفاق إقراض قد ينص ( حسب أداة اإلقراض المستخدمة ) على سياسات و تدابير اقتصادية
صندوق النقد الدولي :اإلقراض من صندوق النقد الدولي ،صحيفة وقائع ،دائرة االتصاالت ،صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،أفريل ، 2014متاح في: ()1
محددة يوافق البلد المعني على تنفيذها لحل مشكلة ميزان المدفوعات ،و يتولى هذا البلد بالتشاور مع الصندوق
تحديد برنامج السياسة االقتصادية الذي يرتكز عليه االتفاق ،ثم يعرض في معظم الحاالت على المجلس
التنفيذي ضمن " خطاب نوايا " ،و بعد الموافقة تصرف موارد الصندوق المطلوبة و تكون مقسمة في العادة
على أقساط مرحلية تتوافق مع التقدم في خطوات تنفيذ البرنامج ،غير أن بعض االتفاقات تتيح للبلدان ذات
األداء القوي االستفادة من موارد الصندوق مقدما في دفعة واحدة و من ثم ال تخضع لتفاهمات بشأن السياسات.
ب -أدوات الصندوق لإلقراض :استحدث الصندوق على مدار السنوات أدوات متنوعة لإلقراض تم تصميمها
لتالئم خصوصيات البلدان األعضاء على اختالف مواصفاتهم ،حيث يمكن تصنيفها إلى:
-1اإلقراض بشروط غير ميسرة :و يشمل هذا النوع من اإلقراض األدوات األساسية التي يستخدمها الصندوق
في تقديم القروض بشروط تجارية ،و هي:
-اتفاقات االستعداد االئتماني :هي أداة مصممة لمساعدة البلدان األعضاء على معالجة المشكالت التمويلية
التي تواجه ميزان المدفوعات على المدى القصير ،و تكون عمليات صرف الموارد للبلد مشروطة بتحقيق أهداف
البرامج التي تعالج هذه المشكالت ( الشرطية ) ،و عادة ما تتراوح مدة هذه االتفاقات من 12إلى 24شه ار ،
على أن يتم السداد في غضون 3,25إلى 5سنوات بعد الحصول على القرض.
-خط االئتمان المرن :يختص بالبلدان التي تتمتع بمستوى بالغ القوة من السياسات االقتصادية و األداء
السابق في مجال تنفيذ السياسات ،حيث يوافق الصندوق بناءا على طلب البلد العضو على اتفاقات استخدام
هذا الخط إذا استوفى هذا البلد معايير األهلية المحددة مسبقا ،و تبلغ مدة االستفادة من هذا التسهيل إما سنة
أو سنتين ،و تصرف موارده دفعة واحدة كما ال يشترط للحصول عليها تنفيذ تفاهمات معينة بشأن السياسات
االقتصادية.
-خط الوقاية و السيولة :يتاح للبلدان األعضاء التي تتميز بسياسات اقتصادية سليمة ،و يجمع هذا الخط بين
معايير األهلية و الشروط المركزة التي تهدف إلى معالجة ما يتم تحديده من مواطن ضعف ،كما تبلغ مدة
االستفادة منه ستة أشهر أو فترة تتراوح بين السنة و السنتين ،كما أن الحد األقصى المتاح للبلد العضو
% 250من قيمة حصته في حالة الستة أشهر و لكن هذا الحد يمكن تجاوزه إلى % 500في الحاالت
االستثنائية ،أما في حالة اتفاقات تغطي سنة أو سنتين فالحد األقصى المتاح للبلد العضو % 500من قيمة
حصته ،على أن تخضع كل االتفاقات من هذا النوع لحد أقصى تراكمي قدره % 1000من قيمة حصته.
-تسهيل الصندوق الممدد :مصمم لمساعدة البلدان األعضاء في معالجة المشكالت المتوسطة و الطويلة
األجل التي يتعرض لها ميزان المدفوعات ،حيث تعكس تشوهات كبيرة تتطلب إصالحات اقتصادية أساسية ،
38
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
و عادة تعقد االتفاقات في ظل هذا التسهيل لمدة ال تتجاوز ثالث سنوات في الحاالت العادية و أربع سنوات
كحد أقصى ،ليتم سداد المسحوبات في غضون 4,5سنوات إلى 10سنوات من تاريخ الصرف.
-أداة التمويل السريع :تقدم هذه األداة مساعدات مالية سريعة بشروط محدودة لكل البلدان األعضاء التي تواجه
موازين مدفوعاتها احتياجات تمويلية عاجلة ،و تخضع الموارد المتاحة لحد أقصى سنوي قدره % 50من قيمة
حصة البلد المعني و بحد أقصى تراكمي قدره % 100من قيمة الحصة ،ليتم السداد في غضون 3,25إلى
5سنوات.
تخضع جميع تسهيالت الصندوق السابقة لسعر الفائدة السائد في السوق و المعروف باسم " معدل الرسم "،
بينما يحصل رسم إضافي على جميع القروض الكبيرة ،و يتحدد معدل الرسم حسب سعر الفائدة على حقوق
السحب الخاصة الذي يراجع أسبوعيا لمراعاة التغيرات في أسعار الفائدة قصيرة األجل في أسواق النقد الدولية
الكبرى.
-2اإلقراض بشروط ميسرة للبلدان منخفضة الدخل :و يشمل هذا النوع من اإلقراض ما يلي:
-تسهيالت اإلقراض الميسر الجديدة للبلدان منخفضة الدخل :دخلت هذه األداة حيز التنفيذ في جانفي 2010
كجزء من عملية إصالح واسعة تهدف إلى جعل الدعم المالي الذي يقدمه الصندوق أكثر مرونة و مالءمة
لمختلف احتياجات البلدان منخفضة الدخل ،و التي تم تنقيحها و إضفاء المزيد من المرونة عليها في أفريل
، 2013ليتم زيادة حدود االستفادة من الموارد بمقدار الضعف تقريبا مقارنة بمستويات ما قبل األزمة العالمية
لسنة ، 2008كما أصبح التمويل بشروط أكثر يس ار و مراجعة أسعار الفائدة مرة كل عامين .
تدعم هذه التسهيالت البرامج التي تتبناها البلدان المعنية بغية الوصول إلى مركز اقتصادي كلي قابل لالستمرار
بما يتوافق مع تحقيق النمو و الحد من الفقر على أساس قوي و دائم.
-التسهيل االئتماني الممدد :يأتي خلفا لتسهيل النمو و الحد من الفقر باعتباره أداة الصندوق األساسية لتوفير
الدعم متوسط األجل للبلدان منخفضة الدخل التي تواجه موازين مدفوعاتها احتياجات تمويلية على المدى
المتوسط ،و يقدم التمويل في ظل هذا التسهيل بدون فوائد في الوقت الراهن ،مع فترة سماح مدتها 5,5سنة
و أجل استحقاقي نهائي مدته 10سنوات.
-تسهيل االستعداد االئتماني :يتيح مساعدات مالية للبلدان منخفضة الدخل التي تواجه موازين مدفوعاتها
احتياجات تمويلية قصيرة األجل ،و يمكن استخدامه في مجموعة كبيرة من الظروف بما في ذلك االستخدام
الوقائي ،و يقدم التمويل في ظل هذا التسهيل بدون فوائد في الوقت الراهن مع فترة سماح مدتها 4سنوات
و أجل استحقاق نهائي مدته 8سنوات.
39
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
-التسهيل االئتماني السريع :يتيح مساعدات مالية سريعة بشروط محدودة للبلدان منخفضة الدخل التي تواجه
موازين مدفوعاتها احتياجات عاجلة ،و يأتي هذا التسهيل في خطوة لتبسيط المساعدات العاجلة التي يقدمها
الصندوق ،كما يمكن استخدامه بمرونة في مجموعة كبيرة من الظروف ،و يقدم هذا التسهيل بدون فوائد في
الوقت الراهن ،مع فترة سماح مدتها 5,5سنة و أجل استحقاق نهائي مدته 10سنوات.
الفرع الثالث :طرق الصندوق لممارسة الدور اإلشرافي و الرقابي الدوليين :يمارس صندوق النقد الدولي
كمؤسسة دولية لها وزنها في العمل الدولي ،و كأحد مؤسسات العولمة دوره اإلشرافي و الرقابي من خالل
الطرق التالية:
أوال :الرقابة القطرية :و هي تتخذ شكل مشاورات شاملة منتظمة حول سياسة الدولة االقتصادية ،و يطلق على
هاته المشاورات اسم " مشاورات المادة الرابعة من ميثاق الصندوق " و ال يطلق عليها لفظ المشاورات الثنائية
حيث أن الصندوق يكون ممثال لجميع الدول األعضاء لذلك تكون متعددة األطراف ،و تتم تلك المشاورات من
خالل قيام فريق من خبراء الصندوق بزيارة الدولة المعنية لجمع البيانات االقتصادية و المالية ،و عقد مناقشات
مع المسؤولين في الحكومة و البنك المركزي حول السياسات االقتصادية الكلية ،ليقوم بتقييم مدى سالمة
نظامها المالي ،السياسات الصناعية و االجتماعية ،سياسات العمالة ،سالمة الحكم و اإلدارة ،و كذلك
السياسات البيئية و غير ذلك مما يمكن أن يؤثر في أداء االقتصاد الكلي ،ثم يقدم هذا الفريق تقري ار إلى المجلس
التنفيذي ،ليقوم هذا المجلس بمناقشته و تحليله ثم تحال آ ارؤه إلى حكومة الدولة المعنية في شكل ملخص يصدر
من رئيس المجلس ،كما يكمل الصندوق مشاوراته المعتادة سنويا مع الدول األعضاء بزيارات إضافية يقوم بها
()1
خبراء الصندوق إلى تلك الدول كلما دعت الحاجة.
ثانيا :الرقابة اإلقليمية و العالمية :فبموجب الرقابة اإلقليمية يدرس الصندوق السياسات المتبعة طبقا التفاقيات
إقليمية ،كمناقشات المجلس التنفيذي للتطورات في االتحاد األوربي خالل أزمة الديون السيادية ،أما الرقابة
العالمية فهي تعني أن يقوم الصندوق باستعراض االتجاهات و التطورات االقتصادية العالمية و هي تتم مرتين
في السنة قبل االجتماعات نصف السنوية للجنة الدولية للشؤون النقدية و المالية التابعة للصندوق ،لينشر
التقرير بالكامل قبل اجتماعات هاته اللجنة ،و من العناصر األخرى في عملية الرقابة العالمية يعقد المجلس
التنفيذي للصندوق مناقشات غير رسمية حول ما يجري في العالم من تطورات اقتصادية و مستجدات في
األسواق.
محمود فاروق محمد غراب :تطوير دور المنظمات االقتصادية الدولية في تحقيق التنمية االقتصادية في الدول النامية ،رسالة دكتوراه الفلسفة في ()1
االقتصاد ،غير منشورة ،كلية التجارة ،جامعة عين شمس ،مصر ، 2007 ،ص ص.42 -41 :
40
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
ثالثا :الرقابة من أجل منع وقوع األزمات :يشرف صندوق النقد الدولي على برامج معدة على أساس مؤشرات
محددة لمحاولة التحسيس باألخطار المحتملة و القريبة الوقوع ،و سياسات تفرض على الدول األعضاء
()1
تصحيح االختالالت و معرفة أسبابها و بالتالي المساعدة في معالجتها ،و من أهم هذه البرامج ما يلي:
أ -برامج التثبيت والتعديل الهيكلي :هي برامج تحاول تصحيح االختالالت الناتجة عن اإلفراط في الطلب الكلي
المحلي و الخارجي على المديين القصير و المتوسط ،بالتركيز على أدوات السياسة النقدية و المالية
و التجارية و االستثمارية.
ب -برامج اإلنذار المبكر :في إطار سعي الصندوق الستشعار األزمات و التنبؤ بوقوعها لجأ هذا األخير إلى
اعتماد نماذج من االقتصاد القياسي ،التي تعتمد في تحليل التنبؤ بوقوع األزمات على مجموعة من المتغيرات
و البيانات التاريخية ( خالل فترة من 12إلى 24شه ار ) التي تؤدي إلى إحداث األزمة ،و التي من أهمها:
نسبة الدين القصير األجل إلى احتياطات النقد األجنبي ،االرتفاع في سعر الصرف الحقيقي بالنسبة لالتجاه
السائد ،العجز في الحساب الجاري للمعامالت الخارجية ،بحيث كلما ارتفعت قيمة متغير من هذه المتغيرات
ازداد احتمال وقوع األزمة ،و هنا يتدخل الصندوق ليمنح مهلة تبني سياسات تصحيحية لألعضاء.
ج -برامج اختبار الجهد :تعد هذه البرامج من أهم األدوات المستخدمة في إدارة المخاطر و اختبار السالمة
المالية و تقدير نقاط القوة و نقاط الضعف للنظم المالية التي يجريها صندوق النقد و البنك الدوليين ،حيث
تحاول قياس مدى حساسية مجموعة من المؤسسات و النظام المالي بأكمله لصدمة معينة بدراسة و قياس التغير
في المحفظة الناتج عن التغيرات في عوامل المخاطرة .
المطلب الثاني :مجموعة البنك الدولي :
لقد برزت الحاجة إلى إقامة مؤسسات دولية لدعم التنمية و تفادي المشكالت المالية و النقدية و التجارية ،
و كذلك المساعدة في إعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية ،فكان مؤتمر بريتون وودز الذي أنشئ بمقتضاه
كل من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي لإلنشاء و التعمير لتحقيق ذلك ،هذا األخير الذي تطور و تزايد
دوره تبعا للتحوالت العميقة و المتسارعة التي شهدها العالم ،حتى أصبح اليوم أحد أهم مؤسسات إدارة االقتصاد
العالمي الجديد ،و من أبرز مؤسسات العولمة.
الفرع األول :ماهية مجموعة البنك الدولي :انطالقا من الدور الذي تلعبه هذه المجموعة في االقتصاد العالمي،
أصبح من األهمية القصوى التطرق إلى أهم الجوانب النظرية التي تحدد لنا إطار مفاهيمي حول هاته المجموعة
لطرش ذهبية :دور صندوق النقد الدولي في مواجهة األزمة المالية و االقتصادية العالمية ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات الملتقى العلمي الدولي حول: ()1
األزمة المالية و االقتصادية الدولية و الحوكمة العالمية ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة فرحات عباس ،سطيف ،يومي 21 -20 :أكتوبر
،2009ص ص.07-06 :
41
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
أوال :التعريف بمجموعة البنك الدولي :منذ نواة إنشائها في سنة 1944توسعت مجموعة البنك الدولي من
مؤسسة وحيدة ( البنك الدولي لإلنشاء و التعمير ) تهدف إلى إعادة االعمار و التنمية في فترة ما بعد الحرب
العالمية الثانية ،إلى خمس مؤسسات إنمائية هي :البنك الدولي لإلنشاء و التعمير و المؤسسة الدولية للتنمية
( و هما يشكالن البنك الدولي ) ،مؤسسة التمويل الدولية ،الوكالة الدولية لضمان االستثمار ،المركز الدولي
لتسوية منازعات االستثمار ،حيث تعمل هذه المؤسسات معا و يكمل كال منها أنشطة األخرى ،رافعين رسالة
المجموعة :نعمل من أجل عالم خال من الفقر ،ساعين لتحقيق هدفين طموحين هما :إنهاء الفقر المدقع خالل
جيل واحد ،و تعزيز الرخاء المشترك.
فمجموعة البنك الدولي هي مصدر مهم لتقديم المساعدات المالية و الفنية للبلدان األعضاء ( 188بلدا) ،
و لكن ليس بنكا بالمعنى العادي الشائع لهذه الكلمة ،ألنها عبارة عن شراكة فريدة تستهدف الحد من الفقر
و دعم عملية التنمية.
()1
يعتبر أقدم مؤسسات مجموعة البنك الدولي و منطلق هذه المجموعة، أ -البنك الدولي لإلنشاء و التعمير:
حيث أنه مؤسسة تعاونية إنمائية عالمية تملكها البلدان المساهمة فيها البالغ عددها حاليا 188بلدا عضوا ،
و هو من مؤسسات األمم المتحدة التي تعمل مع البلدان األعضاء لتحقيق نمو اقتصادي مستدام و منصف في
اقتصادياتها الوطنية ،و إيجاد الحلول للمشكالت اإلقليمية و العالمية التي تواجه عملية التنمية االقتصادية ،
و هو يسعى لتحقيق أهدافه األساسية المتعلقة بإنهاء الفقر و تحسين األحوال المعيشية للناس عن طريق تقديم
القروض و أدوات إدارة المخاطر و خبرات في التخصصات الفنية المتعلقة بالتنمية ،و عن طريق تنسيق التدابير
الالزمة للتصدي للتحديات اإلقليمية و العالمية.
-1موارد البنك الدولي لإلنشاء و التعمير :يصدر البنك الدولي لإلنشاء و التعمير سندات في أسواق رؤوس
األموال الدولية ،و يقدم قروضا طويلة األجل إلى البلدان متوسطة الدخل ،ففي السنة المالية 2013قام البنك
بتعبئة ما يعادل 22,1مليار دوالر من خالل إصدار سندات في 21عملة ،و نظ ار لمكانته في أسواق رؤوس
األموال و قوته المالية تمكن من اقتراض هذه المبالغ الكبيرة بشروط مناسبة للغاية ،حيث تستند قوة البنك
الدولي لإلنشاء و التعمير إلى قوة مركزه ال أرسمالي و دعم البلدان المساهمة ،فضال عن سياساته و ممارساته
المالية المتحوطة التي تساعده على االحتفاظ بتصنيفه االئتماني من الفئة (.)AAA
تتألف المساهمات في رأس مال البنك على نحو رئيسي من رأس المال المدفوع و االحتياطات ،و بموجب
شروط الزيادة العامة و الزيادة االنتقائية في رأس المال المقررة في 16 :مارس 2011من المتوقع أن يرتفع
))1
البنك الدولي :أدوار البنك الدولي لإلنشاء و التعمير و المؤسسة الدولية للتنمية ،التقرير السنوي ،2013منشورات البنك الدولي ،واشنطن ،
ص ص.49 - 48 :
42
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
رأس المال المكتتب به إلى 86,2مليار دوالر ،سيدفع منها 5,1مليار دوالر على مدى خمس سنوات ،
و حتى 30جوان 2013بلغ حجم الزيادة التراكمية في رأس المال المكتتب به 32,2 :مليار دوالر ،و بلغت
المبالغ المدفوعة المتصلة فيما يتعلق بق اررات زيادة رأس المال هذه ما قيمته 1,9مليار دوالر.
-2الخدمات المالية للبنك الدولي لإلنشاء و التعمير :خالل السنة المالية 2013بلغت عمليات اإلقراض
الجديدة من البنك الدولي لإلنشاء و التعمير ما قيمته 15,2مليار دوالر لتمويل 92عملية ،حيث شملت هذه
العمليات كال من :منطقة أمريكا الالتينية و البحر الكاريبي ( 4,8مليار دوالر) ،منطقة أوربا و آسيا الوسطى
( 4,6مليار دوالر) ،فمنطقة شرق آسيا و المحيط الهادي ( 3,7مليار دوالر) ،فمنطقة الشرق األوسط و شمال
إفريقيا ( 1,8مليار دوالر) ،ثم منطقة جنوب آسيا ( 378مليون دوالر) ،و أخي ار منطقة إفريقيا ( 42مليون
دوالر) .و كانت محاور التركيز التي تلقت أكبر حصة من االرتباطات :تنمية القطاع المالي و القطاع الخاص
( ، )% 18حوكمة القطاع العام ( ،)% 14الحماية االجتماعية و إدارة المخاطر (.)% 13
باإلضافة إلى أنشطته اإلقراضية يقدم البنك الدولي لإلنشاء و التعمير للبلدان المتعاملة معه أدوات مالية تتيح لها
العمل بكفاءة على تمويل برامجها التنموية و إدارة المخاطر ذات الصلة بكل من :أسعار الصرف و أسعار
الفائدة ،أسعار المواد األولية ،و الكوارث الطبيعية.
ب -مؤسسة التمويل الدولية :هي أكبر مؤسسة إنمائية عالمية أنشئت سنة ،1956تركز بصورة مطلقة على
القطاع الخاص في البلدان النامية ،و هي ملك للبلدان األعضاء البالغ عددهم حاليا 184عضوا ،يتيح عملها
في أكثر من 100بلد نام للشركات و المؤسسات المالية في األسواق الصاعدة :خلق الوظائف ،تحقيق
إيرادات ضريبية ،تحسين حوكمة الشركات و األداء البيئي ،و المساهمة كذلك في المجتمعات المحلية التي
تعمل فيها ،و رؤية المؤسسة تتمثل في ضرورة إتاحة الفرص للناس للتخلص من الفقر و تحسين أحوالهم
()1
المعيشية.
و تمول مؤسسة التمويل الدولية من االشتراكات التي تسددها الدول األعضاء ،إضافة إلى األرباح التي تحققها
من خالل االستثمارات الخاصة التي تملكها.
-1األولويات اإلستراتيجية لمؤسسة التمويل الدولية :والتي يمكن أن نوضح أهمها كما يلي:
-التركيز على األسواق عالية المخاطر أو الجديدة في التعامل.
-معالجة تغير المناخ و ضمان االستدامة البيئية و االجتماعية.
()1
مؤسسة التمويل الدولية :معلومات عن مؤسسة التمويل الدولية ،متاح في:
http://www.inf.org/wps/wcm/connect/ multilingual _Ext_ content/inf_ External _corporate_ site/ Home_Ar.
تاريخ الزيارة.2014 /07 /19 :
43
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
-معالجة القيود الماثلة أمام القطاع الخاص في مجاالت :البنية التحتية ،الصحة ،التعليم ،و سالسل توريد
المواد الغذائية.
-تنمية األسواق المالية المحلية.
-بناء عالقات طويلة المدى مع الجهات المتعاملة مع المؤسسة في األسواق الصاعدة.
-2استثمارات مؤسسة التمويل الدولية :يمكن توضيح أهم استثمارات مؤسسة التمويل الدولية حسب القطاعات
بدءا من سنة 2010إلى غاية 30جوان 2013بالجدول التالي:
الجدول رقم ( :) 07 -Iاستثمارات مؤسسة التمويل الدولية حسب القطاعات خالل الفترة 30 -2010 :جوان .2013
الوحدة :مليون دوالر
المحروقات وصناعة
صناعة تكنولوجيا اإلعالم الزراعة
الخدمات االجتماعية البنية التحتية
المنتجات و االتصال و الغابات
و خدمات المستهلكين
581 1904 1240 442 727 2010
229,27 1620,87 830,2 337,21 513,1 2011
490,55 1447,43 1021,3 247,45 1020,92 2012
389,34 2247,16 1313,91 471,65 1277,75 30جوان 2013
Source: Groupe de la Banque Mondial : Données Financière du Groupe de la Banque
Mondiale , Disponible sur : https://Finances. World Bank.org/ Fr/ifc.
Consulte le: 20/ 07/ 2014.
من خالل الجدول السابق يتضح نمو حجم استثمارات مؤسسة التمويل الدولية في جل القطاعات ،فبدءا
من سنة 2010كان حجم االستثمارات في قطاع الزراعة و الغابات 727مليون دوالر ليصل إلى أكثر من
مليار دوالر في حدود 30جوان ،2013و كذلك األمر بالنسبة لتكنولوجيات اإلعالم و االتصال ،صناعة
المنتجات ،البنية التحتية ،هاته األخيرة التي ارتفعت من 1,904مليار دوالر خالل سنة 2010لتصل في
30جوان 2013إلى أكثر من 2,2مليار دوالر ،في حين تراجع قطاع المحروقات و صناعة الخدمات
االجتماعية و خدمات المستهلكين من حجم استثماري يقدر بـ 581 :مليون دوالر خالل سنة 2010إلى
389,34مليون دوالر في حدود 30جوان .2013و بالتالي فمؤسسة التمويل الدولية تساهم و بقوة في دعم
القطاع الخاص في القطاعات االستثمارية المذكورة أعاله و من سنة إلى أخرى.
44
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
()1
هي أكبر مصدر متعدد األطراف لتقديم التمويل الميسر إلى أشد البلدان فق ار ج -المؤسسة الدولية للتنمية:
في العالم ،تم إنشاؤها في سنة 1960لتساعد بمواردها المالية جهود البلدان الرامية إلى تعزيز النمو االقتصادي
و الحد من الفقر ،و تحسين األحوال المعيشية للفقراء ،ففي السنة المالية 2013بلغ مجموع البلدان المؤهلة
للحصول على المساعدة من المؤسسة الدولية للتنمية 82 :بلدا منهم 40بلدا إفريقيا.
-1موارد المؤسسة الدولية للتنمية :تحصل المؤسسة الدولية للتنمية على معظم مواردها التمويلية من
المساهمات المقدمة من حكومات البلدان الشريكة ،كما يأتي التمويل اإلضافي الذي تحصل عليه المؤسسة من:
التحويالت من صافي دخل البنك الدولي لإلنشاء و التعمير ،المنح من مؤسسة التمويل الدولية ،حصيلة سداد
االعتمادات السابقة التي حصلت عليها البلدان المقترضة من المؤسسة ،حيث تعقد الحكومات الشريكة
و ممثلون عن البلدان المقترضة اجتماعا كل ثالث سنوات لالتفاق على التوجه االستراتيجي للمؤسسة
و أولوياتها ،و مواردها التمويلية بالنسبة لفترة التنفيذ التالية التي تمتد ثالث سنوات .و في إطار العملية
السادسة عشرة لتحديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية التي تغطي السنوات ( )2014 -2012بلغ إجمالي
الموارد ما قيمته 33,9مليار وحدة حقوق السحب الخاصة ( ما يعادل 50,9مليار دوالر ) و أهم ما يشمل هذا
المبلغ :موارد من الشركاء ( 17,6مليار وحدة حقوق السحب الخاصة ) من 51بلدا ،تعويضات من الشركاء
قدرها 3,5 :مليار وحدة ،حصيلة سداد االعتمادات بمبلغ 8,9 :مليار وحدة ،كما أن الدخل المحقق من
االستثمارات قدر بمبلغ 1,9 :مليار وحدة ،و الرصيد المرحل من عمليات التجديد السابقة المقدر بـ 2 :مليار
وحدة.
-2االرتباطات المالية للمؤسسة الدولية للتنمية :بلغت ارتباطات المؤسسة الدولية للتنمية في السنة المالية
2013ما مجموعه 16,3مليار دوالر ،شمل ذلك 13,8مليار دوالر من االعتمادات 2,5 ،مليار دوالر من
المنح 60 ،مليون دوالر من الضمانات ،حيث وجهت المؤسسة أكبر حصة من مواردها إلى منطقة إفريقيا
بمبلغ 8,2 :مليار دوالر ،فمنطقة جنوب آسيا بمبلغ 4,1 :مليار دوالر ،ثم منطقة شرق آسيا و المحيط الهادي
بـ 2,6 :مليار دوالر ،كما تحصلت منطقة أوربا و آسيا الوسطى على 729 :مليون دوالر ،و منطقة أمريكا
الالتينية و البحر الكاريبي على 435 :مليون دوالر ،ثم منطقة الشرق األوسط و شمال إفريقيا 249 :مليون
دوالر ،حيث تلقت الفيتنام 2 :مليار دوالر و بنغالدش 1,6 :مليار دوالر كأكبر حصتين من مجموع ارتباطات
التمويل .كما بلغت االرتباطات التي قدمتها المؤسسة إلى :مشروعات البنية التحتية ( 6,1مليار دوالر)،
قطاعات القانون و العدالة ( 3,6مليار دوالر) ،قطاع الزراعة ( 1,3مليار دوالر) ،و كانت محاور التركيز
( )1البنك الدولي :أدوار البنك الدولي ،مرجع سابق ،ص ص.50 -49 :
45
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
التي تلقت أكبر حصة من االرتباطات :التنمية الريفية ( 2,9مليار دوالر) ،التنمية البشرية ( 2,8مليار دوالر)،
الحماية االجتماعية و إدارة المخاطر( 1,9مليار دوالر).
د -الوكالة الدولية لضمان االستثمار :هي أحد وكاالت مجموعة البنك الدولي تأسست خالل سنة ،1988
مهمتها تشجيع االستثمار األجنبي المباشر في البلدان النامية للمساعدة في دعم النمو االقتصادي و الحد من
الفقر و تحسين حياة الناس ،و إستراتيجيتها هي جذب المستثمرين في بيئات العمل الصعبة من خالل توفير
ضمانات التأمين ضد المخاطر السياسية للمستثمرين و المقرضين من القطاع الخاص ،ضمانات هذه الوكالة
هي حماية االستثمارات من المخاطر غير التجارية ،و يمكن أن تساعد المستثمرين على الوصول إلى مصادر
()1
التمويل مع أحكام و شروط مالية معينة.
و يمكن توضيح حجم الضمانات التي أصدرتها الوكالة خالل الفترة ( )2010 -2006كما يلي:
الجدول رقم ( :) 08 -Iالضمانات الصادرة من الوكالة الدولية لضمان االستثمار خالل الفترة 2010 -2006 :
)(1
Multilateral Investment Guarantee Agency: Who We Are, Available on:
http:// www.miga/ who we are/ index.cfc , Consulted in: 20/ 07/ 2014 .
()
المشاريع التي حصلت على مساندة الوكالة ألول مرة في ( 2010بما فيها التوسعات ).
()
المشاريع التي ساندتها الوكالة في سنة 2010و سنوات سابقة.
()
يشمل المبالغ المعبأة من خالل البرنامج التعاوني لضمان االستثمار.
()
إجمالي التغطيات الضمانية هو الحد األقصى إلجمالي المسؤولية الضمانية ،و صافي التغطيات الضمانية هو إجمالي التغطيات الضمانية مطروحا
منه إعادة التأمين.
46
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
من خالل الجدول يتضح أنه في السنة المالية 2010بلغ مجموع مبالغ الضمانات التي أصدرتها الوكالة
الدولية لضمان االستثمار بشأن المشاريع في البلدان النامية األعضاء فيها 1,5 :مليار دوالر ،مما يشكل زيادة
طفيفة عن اإلصدارات الجديدة في السنة المالية 2006البالغة 1,3مليار دوالر ،كما يتضح أيضا من الجدول
الزيادة اإليجابية بحجم التغطيات الضمانية حيث بلغت 7,7مليار دوالر خالل سنة 2010بعد أن كانت
5,4مليار دوالر في سنة 2006و هو رقم قياسي .
ه -المركز الدولي لتسوية منازعات االستثمار :أنشئ هذا المركز بموجب معاهدة متعددة األطراف وضعتها
إدارة البنك الدولي لإلنشاء و التعمير في 18 :مارس 1965و دخلت حيز التطبيق في 14أكتوبر ،1966
ليصبح بذلك مركز دولي تابع لمجموعة البنك الدولي يقدم تسهيالت دولية من أجل المصالحة و التحكيم في
منازعات االستثمار بين المستثمرين األجانب و الدول المضيفة لهم ،و هو يشجع االستثمار األجنبي عن طريق
إتاحة تسهيالت دولية محايدة للتوفيق و التحكيم في منازعات االستثمار ،فهو بذلك يساعد على إيجاد نوع من
الثقة المتبادلة بين الدول و المستثمرين األجانب ،كما يقوم المركز ببحوث و دراسات في مجاالت قوانين
االستثمار األجنبي و التحكيم الدولي.
ثانيا :عالقة البنك الدولي بصندوق النقد الدولي :الروابط بين البنك و صندوق النقد الدوليين قوية و متكاملة ،
حيث نجد أن عضوية الصندوق شرط مسبق لعضوية البنك ،و أن الدول التي تنتهي عضويتها في الصندوق
تفقد عضويتها في البنك بعد ثالثة أشهر ،كما أن التعاون بينهما يتم بصورة منتظمة و على مستويات متعددة
لتقديم المساعدة للبلدان األعضاء ،و العمل معا في عدة مبادرات مشتركة ،ففي سنة 1979تم تحديد شروط
التعاون بينهما في اتفاقية أبرمت لضمان التعاون الفعال في مجاالت المسؤولية المشتركة ،و من أهم أوجه
()1
التعاون ما يلي:
أ -التنسيق عالي المستوى :أثناء االجتماعات التي يعقدها مجلسا محافظي المؤسستين يتشاور المحافظون
و يقدمون وجهات نظر بلدانهم بشأن قضايا االقتصاد و المالية الجارية على المستوى الدولي ،و يقرر مجلسا
المحافظين كيفية معالجة القضايا االقتصادية و المالية الدولية ،كما يحددان األولويات للمؤسستين.
كما تلتقي مجموعة فرعية من محافظي البنك و الصندوق أيضا ضمن " لجنة التنمية " التي تتزامن اجتماعاتها
و االجتماعات المشتركة للمؤسستين ،حيث أنشئت هذه اللجنة في سنة 1974بهدف تقديم المشورة لمجلسي
محافظي المؤسستين بشأن القضايا االئتمانية و كذلك الموارد المالية الالزمة لتشجيع التنمية االقتصادية في
البلدان منخفضة الدخل.
( )1صندوق النقد الدولي :صندوق النقد الدولي و البنك الدولي ،صحيفة وقائع ،دائرة االتصاالت ،صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،مارس ،2014متاح في:
http:/www. Imf.org/ external/np /exr/facts/infwb. pdf
تاريخ الزيارة.2014 /07 /19 :
47
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
ب -مشاورات اإلدارة العليا :يعقد رئيس البنك الدولي و مدير صندوق النقد الدولي اجتماعات منظمة للتشاور
حول أهم القضايا الراهنة ،كما يصدران بيانات مشتركة و أحيانا يكتبان مقاالت مشتركة ،كما سبق لهما القيام
بزيارات مشتركة لعدة مناطق و بلدان.
ج -مشاورات الخبراء :تحرص المؤسستان على التعاون الوثيق في المجاالت المشتركة المتعلقة بالمساعدات
القطرية و قضايا السياسات االقتصادية ،فكثي ار ما توفر المؤسستان بعثات متوازية إلى البلدان األعضاء،
و يشارك خبراء كل منهما في بعثات المؤسسات األخرى ،كما تمثل التقييمات التي يجريها الصندوق للموقف
العام في البلدان األعضاء عنص ار مساهما في تقييمات البنك الدولي لمشروعات التنمية أو اإلصالحات
المحتملة ،و بالمثل يراعي الصندوق فيما يقدمه من مشورة بشأن السياسة االقتصادية للبلدان األعضاء مشورة
البنك الدولي لها بشأن اإلصالحات الهيكلية و القطاعية ،كما يتعاون أيضا خبراء المؤسستين في تحديد
الشرطية التي تصاحب برامج اإلقراض في كل منها.
د -تخفيف أعباء الديون :يتعاون كال من البنك و الصندوق معا في تخفيف أعباء الديون الخارجية التي
تتحملها معظم البلدان الفقيرة المثقلة بالديون ،و ذلك من خالل المبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون
بهدف مساعدة البلدان منخفضة الدخل على تحقيق أهدافها اإلنمائية دون أن يؤدي ذلك إلى مشكالت مديونية
في المستقبل ،كما يشترك خبراء المؤسستين في إعداد التحليالت المعنية بمدى استم اررية تحمل الديون ضمن
إطار استم اررية القدرة على تحمل الديون الذي اشتركت المؤسستان في تصميمه.
ه -الحد من الفقر :بدءا من سنة 1999استهلت المؤسستان منهج إعداد تقارير إستراتيجية للحد من الفقر،
و هي إستراتيجية تقودها البلدان األعضاء للربط بين سياساتها الوطنية و الدعم المقدم من الجهات المانحة
و نتائج التنمية الالزمة للحد من الفقر في البلدان منخفضة الدخل ،حيث تمثل تقارير إستراتيجية الحد من
الفقر ركيزة أساسية للمبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون و معظم اإلقراض الميسر الذي يقدمه
الصندوق و البنك.
و -متابعة التقدم في تنفيذ األهداف اإلنمائية لأللفية الجديدة :تتعاون المؤسستان منذ سنة 2004في إعداد
تقرير الرصد العالمي ،الذي يتضمن تقدي ار للتقدم الالزم حتى تتحقق أهداف األمم المتحدة اإلنمائية لأللفية الثالثة
،و ينظر التقرير أيضا في مدى جودة مساهمة البلدان النامية و المتقدمة و المؤسسات المالية الدولية في
الشراكة و اإلستراتيجية الموجهتين لتحقيق أهداف األمم المتحدة المذكورة.
ز -تقييم االستقرار المالي :يعمل البنك و الصندوق معا إلكساب القطاعات المالية في البلدان األعضاء درجة
من الصالبة في مواجهة الصدمات ،و ضمان خضوعها لمستوى جيد من التنظيم ،فقد استحدث برنامج تقييم
48
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
القطاع المالي في سنة 1999لتحديد مواطن القوة و الضعف في النظام المالي لدى أي بلد عضو ،
و التوصية بإجراء السياسة االقتصادية المالئمة لمعالجتها.
الفرع الثاني :دور مجموعة البنك الدولي في تكريس ظاهرة العولمة :إن ارتفاع موجة العولمة و تغير الظروف
الدولية كانت من األسباب التي أحدثت تطوي ار في دور و عمليات البنك الدولي لدعم توجهات العولمة ،حيث
()1
يبرز هذا الدور فيما يلي:
أوال :العمل على دعم القطاع الخاص :يعتبر القطاع الخاص المحرك الرئيسي لخلق الوظائف ،إذ يستأثر بنحو
% 90من مجموع الوظائف في بلدان العالم النامية ،و بما أن الدخل المكتسب من العمل هو أهم العوامل التي
تسهم في الحد من الفقر فقد عملت مجموعة البنك الدولي على دعم القطاع ماليا و السيما من طرف مؤسسة
التمويل الدولية ،و كذلك حث الحكومات على تهيئة الظروف المواتية لتحقيق نمو قوي يقوده القطاع الخاص ،
و تخفيفها من شدة القيود التي تحول دون قيامه بخلق وظائف تصب في صالح التنمية و معالجة أزمة البطالة.
كما تواصل مجموعة البنك الدولي مع شبكة من الشركاء – منها المؤسسات األكاديمية و منظمات المجتمع
المدني و القطاع الخاص – لربط البحوث بالسياسات.
ثانيا :العمل على دعم التجارة :تلعب التجارة دو ار رئيسيا في مكافحة الفقر ،و يعمل برنامج التجارة التابع للبنك
الدولي على تشجيع منظومة متعددة األطراف تعزز التنمية و تدعم القدرة على المنافسة ،كما تشجع إصالح
السياسات من خالل برامج فاعلة " للمعونة من أجل التجارة " ،و البنك الدولي هو أكبر مانح متعدد األطراف
للمعونة من أجل التجارة في العالم حيث تتألف حافظة عملياته النشطة من المساعدات ذات الصلة بالتجارة من:
12,4مليار دوالر خالل السنة المالية ( 2013ما يعادل ارتفاعا بقيمة 2,8مليار دوالر مقارنة بسنة ،) 2003
وفي ضوء تنامي أهمية التجارة فإن نسبة المعونة من أجل التجارة في إجمالي إقراض البنك قد سجلت نموا
مضطردا إذ ارتفعت من % 3 :من القروض الجديدة للبنك في سنة 2003إلى % 8,6 :من السنة المالية
،2013و بلغ مستوى اإلقراض الجديد المتصل بالتجارة 2,7:مليار دوالر سنة .2013
ثالثا :االستثمار في الزراعة و األمن الغذائي :تشكل االستثمارات في قطاع الزراعة عنص ار حيويا لتلبية
االحتياجات المتزايدة لسكان العالم من الغذاء ،إذ يجب على العالم أن يزيد إنتاجه الغذائي بحوالي % 50بحلول
سنة 2050لتلبية احتياجات السكان المتوقع أن يبلغ عددهم 9مليارات نسمة ،و لمساعدة البلدان على توفير
االحتياجات الغذائية اليوم و في المستقبل تعمل مجموعة البنك الدولي على زيادة مساندتها لقطاع الزراعة ،
حيث من المتوقع أن ترتفع من متوسط 7مليارات دوالر سنويا خالل الفترة ( ) 2012 -2010
()1
البنك الدولي :عالم بال فقر :إنهاء الفقر المدقع و تعزيز الرخاء المشترك ،التقرير السنوي ، 2013منشورات البنك الدولي ،واشنطن ،ص ص20 -12 :
.
49
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
إلى ما بين 8و 10مليارات دوالر سنويا خالل الفترة ( .) 2015 - 2013و باإلضافة إلى ذلك فقد قدمت
مجموعة البنك الدولي مبلغ 1,6مليار دوالر من المساعدات المالية الطارئة عن طريق برنامج التصدي ألزمة
الغذاء العالمية.
رابعا :تكوين شراكات إلدارة المخاطر و الكوارث :تساعد مجموعة البنك الدولي األعضاء في االستعداد للتصدي
لمجموعة متنوعة و واسعة النطاق من المخاطر الناتجة عن األزمات المالية و الكوارث الطبيعية ،من خالل
تسهيل سبل الحصول على الحلول الخاصة بأسواق األدوات المشتقة و رؤوس األموال إلدارة المخاطر السيادية،
و يمكن إلدارة المخاطر السوقية و أدوات التمويل مساعدة البلدان في إدارة تعرضها للصدمات الخارجية
المصاحبة لتقلبات األسواق و الكوارث الطبيعية مع استدامة المالية العامة في الوقت ذاته ،ففي السنة المالية
2013نفذت مجموعة البنك الدولي ما يعادل 4,8 :مليار دوالر من معامالت التحوط لحساب البلدان
األعضاء ،و شمل ذلك أول معاملة تحوط لمساعدة أحد األعضاء على إدارة مخاطر تقلب أسعار الصرف
الخاصة بالتزامات مستحقة عليه.
كما نفذت المجموعة خالل السنة 2013أول معاملة للتأمين على أسواق رأس المال تغطي كوارث التسونامي ،
و ذلك بغرض مساعدة خمسة بلدان من جزر المحيط الهادي على تأمينها ضد مخاطر الكوارث الطبيعية.
خامسا :االستثمار في التعليم والصحة :توفير التعليم و الخدمات الصحية الجيدة للجميع مكون أساسي من
مكونات التنمية االقتصادية ،لذلك تعتبر مجموعة البنك الدولي إحدى الجهات الرئيسية الداعمة للتعليم في
البلدان النامية ،إذ تصل محفظة عملياتها إلى أكثر من 9,3 :مليار دوالر لتمويل عمليات هذا القطاع في
72بلدا ،و تم استثمار أكثر من 2,9 :مليار دوالر في برامج التعليم خالل السنة المالية ، 2013قدمت
المؤسسة الدولية للتنمية 1,3مليار دوالر منها.
وفي إطار اإلستراتيجية الحالية الخاصة بالتعليم " التعليم للجميع " التي أطلقتها المجموعة خالل سنة 2011
لتشجيع تنفيذ اإلصالحات التعليمية في 100بلد ،باستخدام أدوات تحليلية متطورة وفق برنامج عالمي للمعرفة
يساعد هاته البلدان على تقييم سياساتها التعليمية ،و تحديد األولويات القابلة للتطبيق لمساعدة أنظمة التعليم
على النجاح ،و لعل من أهم السياسات لهذا البرنامج تنمية الطفولة المبكرة ،تقييم الطالب ،تدريب المعلمين.
أما بالنسبة لتدعيم أنظمة الرعاية الصحية استثمرت مجموعة البنك أكثر من 2,4 :مليار دوالر في برامج
،2013كما تدير المجموعة محفظة مشروعات بلغ إجمالي قيمتها 8,7 : الصحة و السكان في السنة المالية
مليار دوالر في 65بلدا.
سادسا:التصدي لتغير المناخ :تعكف مجموعة البنك الدولي حاليا على إعداد إستراتيجية جديدة لمساعدة البلدان
النامية في التصدي للتحديات المتعلقة بتغير المناخ ،الذي يشكل خط ار السيما على التنمية االقتصادية و جهود
50
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
مكافحة الفقر على مستوى العالم ،حيث أنه ما لم يتخذ العالم إجراءات جريئة اآلن فإن كوكبنا سترتفع درجة
ح اررته أكثر ،مما يهدد بضياع عقود من التنمية و يجعل الرخاء بعيدا عن متناول ماليين البشر.
يشرح تقرير " اخفضوا الح اررة :لماذا يجب تفادي ارتفاع درجة ح اررة 4درجات مئوية " -و الذي أصدرته
مجموعة البنك الدولي في نوفمبر - 2012المخاطر الناشئة عن تغير المناخ و خاصة على البلدان النامية ،
و يقترح القيام بإجراءات تعاونية دولية للتخفيف من آثاره و مساعدة البلدان على التكيف معه ،مما جعلها في
السنة المالية 2013تقدم قروضا بقيمة 4,1 :مليار دوالر لصالح مشروعات التكيف مع اآلثار الناشئة عنه .
كما تعتبر السندات الخضراء عامال تحفيزيا لظهور سوق السندات الخضراء التي تساعد على تعبئة األموال من
القطاع الخاص لتمويل األنشطة المتعلقة بتغير المناخ ،فقد عملت المجموعة عن كثب مع 130بلدا التخاذ
إجراءات محددة ذات صلة بالمناخ كاستبدال 45مليون مصباح مفتقرة للكفاءة في المكسيك ،و توفير الطاقة
الشمسية لما يقارب 14مليون منزل في بنغالديش ،و تمويل شبكات األمان االجتماعية لدعم 7,8مليون
متضرر من موجات الجفاف في أثيوبيا.
المطلب الثالث :المنظمة العالمية للتجارة :
يعتبر النظام التجاري الدولي من أهم أسس النظام االقتصادي العالمي ،حيث كان للتجارة و على مر التاريخ
دور مهم في تحقيق التنمية االقتصادية ،مما جعل قضية إنشاء منظمة دولية تعنى بشؤون التجارة الدولية من
القضايا األكثر إلحاحا على الصعيد الدولي خالل النصف الثاني من القرن الماضي ،و التي تجسدت بدءا من
سنة 1995بإنشاء المنظمة العالمية للتجارة ،لتصبح أحد أهم مؤسسات العولمة.
الفرع األول :إطار عام حول المنظمة العالمية للتجارة :سنتطرق في هذا اإلطار إلى مدخل مفاهيمي حول هاته
المنظمة ،بدءا من التعريف بها ،فأهم مبادئها و مهامها.
أوال :التعريف بالمنظمة العالمية للتجارة :لقد بدأ نظام التجارة العالمية في شكل اتفاقيات دولية بدأت في إطار
االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية و التجارة (الجات) سنة ،1947و شمل بعد ذلك عدة جوالت كان آخرها جولة
األورجواي للمفاوضات التجارية التي انتهت باتفاقية مراكش 1994المنشئة لمنظمة التجارة العالمية بدءا من
األول جانفي ،1995و التي تضم 160عضوا إلى غاية جوان .2014
منظمة التجارة العالمية هي منظمة عالمية النشاط ذات شخصية قانونية مستقلة ،تعمل ضمن منظومة
النظام االقتصادي العالمي الجديد على :إدارة و إقامة دعائم النظام التجاري الدولي ،تقويته في مجال تحرير
التجارة الدولية ،زيادة التبادل الدولي و النشاط االقتصادي العالمي الجديد ،كما تقف على قدم المساواة مع
صندوق النقد و البنك الدوليين في رسم السياسات االقتصادية الدولية المؤثرة على األطراف المختلفة في العالم ،
51
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
للوصول إلى تسيير أكثر كفاءة و أفضل فاعلية للنظام االقتصادي العالمي .كما أن آلية التصويت في هذه
المنظمة يقوم على أسلوب الصوت الواحد لكل دولة على خالف التصويت المعمول به في كال من مؤسستي
بريتون وودز ،و تتخذ ق ارراتها بتوافق آراء أعضائها.
أ -األسباب التي عجلت بإنشاء المنظمة العالمية للتجارة :و يمكن تلخيص أهم التحوالت التي عجلت بإنشائها
()1
كما يلي:
-1انهيار المعسكر االشتراكي بتدهور أوضاع االتحاد السوفياتي و تفككه ،مما أفسح المجال لهيمنة المعسكر
الرأسمالي.
-2إخفاق مسيرة التنمية في الدول النامية و تفاقم مشكالت المديونية.
-3محدودية االتفاقيات التجارية التي تمت في إطار الجات.
-4تطور أزمات الدول الصناعية المتقدمة و رغبتها في توسيع أسواقها الخارجية لدفع حركية النشاط ،
االقتصادي و التخلص من أعباء حماية اقتصادياتها المحلية.
ب -أهداف منظمة التجارة العالمية :تسعى المنظمة العالمية للتجارة إلى تحقيق هدف رئيسي هو تحرير التجارة
()2
الدولية من كل القيود ،و في هذا اإلطار تعمل على تحقيق األهداف التالية:
-1خلق وضع تنافسي دولي في التجارة يعتمد على الكفاءة االقتصادية في تخصيص الموارد.
-2تحقيق التوظيف الكامل للموارد العالمية ،و زيادة اإلنتاج بما يؤدي إلى االستخدام األمثل لتلك الموارد.
-3تعظيم الدخل العالمي و رفع مستويات المعيشة من خالل زيادة معدالت النمو الحقيقي.
-4توسيع اإلنتاج و خلق أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي ،و زيادة نطاق التجارة الدولية.
-5محاولة إشراك الدول النامية و األقل نموا في التجارة الدولية بصورة أفضل.
ثانيا :مبادئ المنظمة العالمية للتجارة و مهامها :تتضمن اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة مجموعة من
المبادئ و المهام ،نوضحها كما يلي:
()3
أ -مبادئ المنظمة العالمية للتجارة :تقوم هذه المنظمة على مبادئ اتفاقية الجات ،و التي من أهمها:
-1مبدأ الدولة األولى بالرعاية :تتم التجارة الدولية بمقتضى هذا المبدأ على أسس خالية من االحتكار
و التمييز ،و على الدول األعضاء المنظمة لالتفاقية أن ال تميز في معامالتها التجارية بين دولة و أخرى ،
()1
صالح صالحي :دور المنظمات الدولية في إدارة التحوالت االقتصادية العالمية ،دار الوفاء للطباعة و النشر و التوزيع ،القاهرة ،الطبعة األولى ،
،2004ص ص.12 -11 :
( )2حازم شحته أبو شرخ ذكي :التعاون االقتصادي المصري – السعودي في ظل المتغيرات االقتصادية العالمية ،رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في
االقتصاد ،غير منشورة ،كلية التجارة ،جامعة عين شمس ،مصر ، 2007 ،ص ص.71 -70:
()3
عبد الوهاب رميدي :مرجع سابق ،ص ص.108 -107 :
52
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
حيث يلزم البلد العضو بمنح بقية الدول األعضاء المعاملة نفسها فيما يتعلق بالرسوم و الحقوق الخاصة
باالستيراد ،و بالتالي تتساوى جميع الدول األعضاء في الحقوق و االلتزامات التجارية الدولية.
-2مبدأ المعاملة الوطنية :عندما يتم استيراد سلعة ما و بعد تسديد الرسوم الجمركية المفروضة على هذه السلعة
وفق التعريفة المتفق عليها ،تصبح كأنها سلعة وطنية ،و تعامل معاملة السلع المنتجة محليا و دون أي تمييز.
-3أسلوب المفاوضات :تعتمد على المشاورات لتفادي الخسائر التي تنجم على الدول األعضاء في مجال
التجارة الدولية ،و بمقتضى هذا المبدأ فإن المفاوضات تتم على أساس مجموعة من البنود.
-4مبدأ المعاملة التفضيلية للدول النامية :يقصد بهذا المبدأ أن الدول المتقدمة تعمل على تقديم مزايا تفضيلية
إلى الدول النامية دون المطالبة بالمثل ،و ذلك بتوفير الظروف المالئمة لتنمية هذه البلدان.
-5مبدأ االلتزام بالتعريفات الجمركية :إن االلتزام بالتعريفات الجمركية هو األساس الذي يحكم استقرار التعامل
التجاري الدولي ،و يعمل على نمو التجارة الدولية و ازدهارها ،فإذا ما رغب أحد األعضاء في زيادة التعريفات
الجمركية فإنه ال يمكن ذلك طالما كان هناك أضرار لألعضاء اآلخرين.
-6منع سياسة اإلغراق :و ذلك لتفادي األضرار المادية للمنتجين الناتجة عن استخدام هذه السياسة.
()1
ب -مهام المنظمة العالمية للتجارة :للمنظمة عدة مهام ،من أهمها:
-1إنشاء نظام قائم على قواعد و أسس صحيحة و أكثر تفتحا.
-2تحرير و إزالة العراقيل التعريفية و غير التعريفية المرتبطة بتجارة السلع تدريجيا و رفض كل األشكال
الحمائية.
-3التحرير التدريجي المتعلق بتجارة الخدمات.
-4تسهيل إدارة و تطبيق االتفاقيات التجارية التي نتجت عن جوالت األورجواي ،و االتفاقيات الجديدة التي
يجري التفاوض عليها مستقبال.
-5تقوم بتسيير االتفاقيات الخاصة المتعلقة بالقطاعات الجديدة كالخدمات و حقوق الملكية الفكرية .
-6وضع القواعد المتعلقة باالستثمار و االتصاالت و الشبكات العلمية ،كما تقدم المساعدات التقنية للبلدان
النامية.
-7توفير منتدى تفاوض للدول األعضاء في المنظمة حول األمور التي تشملها االتفاقيات و القضايا
المستحدثة.
-8إدارة االتفاقيات التجارية التي أبرمتها مع الدول األعضاء ،كما تقوم باإلشراف على تنفيذ التخفيضات
()1
بن موسى كمال :المنظمة العالمية للتجارة و النظام التجاري العالمي الجديد ،أطروحة دكتوراه دولة في العلوم االقتصادية ،غير منشورة ،كلية العلوم
االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ، 2004 ،ص ص.90 -89 :
53
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
()1
حازم شحته أبوشرخ زكي :مرجع سابق ،ص ص.72 -71:
( )2حشماوي محمد :مرجع سابق ،ص ص.150 -149:
54
الفصـل األول :اطار عام حول ظاهرة العولمة
لقد أعقب انتهاء الحرب الباردة و انهيار المعسكر االشتراكي ،و ما شهده العالم من تقدم تكنولوجي
و انخفاض في القيود على التجارة و االستثمار و التطور الصناعي في الدول النامية تشكل نظام عالمي جديد
تنامت فيه ما يعرف بظاهرة العولمة و تيارها المستهدف للوصول بالعالم إلى وحدة مندمجة متكتلة و متجانسة
على مختلف األصعدة :االقتصادية ،السياسية ،الثقافية ،و اإلعالمية.
حيث أصبح هذا التيار أشبه ما يكون بالرياح التي تجتاز كل الحدود دون إشعار مسبق و أن القبول بها
قد يكون أمر واقع أمام الدول ،و السيما في الجانب االقتصادي الذي يعتبر
من أهم مظاهر العولمة بما يعرفه من نمو مضطرد لحجم المبادالت التجارية و حجم التدفقات االستثمارية
الدولية ،و كذلك الدور المتنامي للشركات متعددة الجنسيات ،و ما شهده العالم من تكتالت اقتصادية و أزمات
مالية هزت أركان االقتصاد العالمي .مما جعل قياس ظاهرة العولمة االقتصادية من أهم المؤشرات التي تعكس
مدى تعولم الدول.
كما أنه في ظل القرية الكونية التي يعيشها العالم اليوم برزت مجموعة من األطر المؤسساتية الدولية عرفت
بمؤسسات العولمة ،و التي أصبحت تلعب دو ار مهما في صياغة المنظومة االقتصادية العالمية و التأثير فيها
و دعم ظاهرة العولمة ،هذه المؤسسات هي:
صندوق النقد الدولي :الذي له دور مهم في عمليات اإلشراف و الرقابة الدولية عبر رقابة قطرية -
و أخرى إقليمية و عالمية ،و رقابة من أجل منع وقوع األزمات.
مجموعة البنك الدولي :التي تكرس ظاهرة العولمة من خالل العمل على دعم القطاع الخاص و التجارة ، -
و االستثمار في الزراعة و األمن الغذائي ،و في التعليم والصحة ،و تكوين شراكات إلدارة المخاطر
و الكوارث الطبيعية ،و كذلك التصدي للتغير المناخي.
-منظمة التجارة العالمية :التي تسعى إلى إزالة كل القيود أمام التجارة الدولية ،و الفصل في أهم النزاعات
التي قد تنشأ بين أعضائها ،كما تقوم بالتنسيق مع مختلف الهيآت و المؤسسات الدولية من أجل تحديد
المواقف و اإلجراءات في القضايا االقتصادية الدولية.
55
الفصل الثاني:
تحـليل البيئـة الخـارجية
الدولية للمؤسسـة
االقتصادية
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
تمهيــد
في ظل التطورات المعاصرة لعالم األعمال أصبح الفكر االستراتيجي الحديث يعتمد على مفاهيم أساسية
تعتبر بمثابة المرشد األساسي للمؤسسات الساعية للتفوق على المنافسين و زيادة قيمتها من وجهة نظر
المتعاملين ،فالفكر االستراتيجي أصبح يعتمد على إدراك أن البيئة هي وحدة كونية متكاملة (عولمة البيئة) ،
و ذلك بحسب طبيعة نشاط المؤسسة و حجمها ،حيث يتحتم على المؤسسات النظر إلى األسواق بنظرة عالمية
باعتبارها أسواقا محتملة و فرصا ينبغي العمل على استغاللها بصورة عقالنية في شتى المجاالت ( يد عاملة،
مواد أولية ،تمويل…) ،و من هذا المنطلق لجأت إلى اعتماد تحليل البيئة الخارجية الدولية كمدخل يمكنها من
تحقيق ذلك.
هذا االعتماد الذي جعلنا نتعرض ضمن هذا الفصل إلى عملية تحليل بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية
الدولية ،و نجسد تفاصيلها من خالل المباحث التالية:
-المبحث األول :إطار عام حول تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية.
-المبحث الثاني :مكونات البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية .
-المبحث الثالث :خطوات تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية.
57
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
المبحث األول :إطار عام حول تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :
إذا كان تحقيق األرباح ،االستم اررية ،و النمو من األهداف الرئيسية التي تسعى جل المؤسسات
و التي تعتبرها من أكبر التحديات التي تواجهها ،فإن إدراك هاته المؤسسات االقتصادية إلى تحقيقها
للتغيرات التي تقع خارجها في ظل الوضع الراهن المتسم بتالشي الحدود و الحواجز تحت إطار العولمة تعتبر
شرطا ضروريا لتحقيق تلك األهداف ،مما يجعل عملية تحديد إطار مفاهيمي عام حول بيئة المؤسسة
االقتصادية الخارجية الدولية و تحليلها من األهمية بما كان .
المطلب األول :ماهية البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :
نحاول في هذا اإلطار تحديد ماهية بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية من خالل تعريفها و إبراز أهم
خصائصها ،فدراسة أهم التصنيفات لهذه البيئة.
الفرع األول :تعريف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية و خصائصها :يعتبر مصطلح البيئة
الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية من المصطلحات المستحدثة في مجال األعمال و المرتبطة بانتشار مد
ظاهرة العولمة ،و بالتالي فتحديد تعريف لهذه البيئة و توضيح أهم خصائصها يعتبر من األهمية بما كان
لتحديد و فهم مكوناتها و تحليلها .
أوال :تعريف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :لقد وردت العديد من التعاريف حول مفهوم البيئة
الخارجية للمؤسسة االقتصادية بصفة عامة ،و اختلفت من باحث آلخر نتيجة تداخل و تعقد مكوناتها ،نذكر
منها:
( )1
أ -تعرف بأنها " :مجموعة من القوى و المتغيرات الخارجية التي ال يمكن للمؤسسة التحكم فيها "
اعتبر هذا التعريف المؤسسة االقتصادية نظاما مفتوحا يتأثر بالقوى و المتغيرات التي تقع خارجه ( البيئة
الخارجية ) إال أنه كان عاما و لم يحدد طبيعة مكونات هذه البيئة ،كما أنه أهمل إمكانية تأثير أو تحكم
المؤسسة االقتصادية في هذه البيئة و لو جزئيا ،و بالتالي فهذا التعريف قدم نطاقا مفتوحا لبيئة المؤسسة
االقتصادية الخارجية ،و وضع هذه المؤسسة بموضع سلبي اتجاهها في ظل واقع راهن يعكس الـدور و التأثير
المتزايد للمؤسسات االقتصادية في ظل العولمة.
ب -كما تعرف من خالل التساؤالت التالية " :إن المؤسسة االقتصادية تسبح في فضاء خارجي نسميه بيئتها
الخارجية ،و لكن أين يبدأ هذا الفضاء؟ فهو يبدأ عند خروجنا من باب هذه المؤسسة ،و لكن أين ينتهي ؟
( )2
و ما هي حدوده ؟ "
()1
محمود جاسم الصميدعي :إستراتيجية التسويق – مدخل كمي و تحليلي ،دار حامد للنشر ،عمان -األردن ،2000 ،ص .53 :
()2
محمد بوهزة :محيط المؤسسة العمومية الصناعية في الجزائر -حالة بعض المؤسسات ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات الملتقى الدولي حول :تنافسية
المؤسسات االقتصادية و تحوالت المحيط ،قسم علوم التسيير ،جامعة بسكرة 30/29 ،أكتوبر ،2002ص.116 :
58
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
هذا التعريف وضح الحد الفاصل بين البيئة الخارجية و المؤسسة االقتصادية ،إال أنه لم يضع ضوابط
لتحديد بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية ،فهذه البيئة تشمل كل العناصر و المتغيرات التي لها ارتباط مع هاته
المؤسسة و التي ليس لها أي ارتباط ،و بالتالي فإننا أمام بيئة ال متناهية يستحيل دراستها أو تقييمها.
ج -و تعرف أيضا بأنها " :مجموعة الظروف و المؤثرات الخارجية التي تمس حياة و تطور نظام المؤسسة ،
( )1
و تعبر عن قوى و عوامل تحيط بها ،و ذات التأثير اليقيني أو المحتمل "
لقد وضع هذا التعريف بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية في صورة أوضح ،إال أنه لم يحدد الدور
الذي يمكن أن تلعبه المؤسسة االقتصادية في هذه البيئة .
وفي األخير يمكننا أن نعرف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية بأنها " :مجموع العوامل
و المتغيرات ذات النطاق الدولي التي تنشأ خارج المؤسسة االقتصادية و تؤثر عليها ،كما يمكنها أن تتأثـر بهذه
المؤسسة و لو نسبيا" .
ثانيا :خصائص البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :و من أهم خصائص البيئة الخارجية الدولية
() 2
للمؤسسة االقتصادية ما يلي:
أ -التفرد أو التميز :حيث تختلف هذه البيئة من مؤسسة ألخرى حتى و إن لم يختلفوا في نوع المتغيرات ،
فالتباين سيكون بالضرورة في درجة تأثير هاته المتغيرات على كل منها.
ب -الطبيعة المتغيرة أو الديناميكية :فهذه البيئة تتسم بعدم الثبات المستمر و سرعة التغير.
ج -صعوبة التحكم أو السيطرة على المتغيرات البيئية :حتى وان كان من الممكن التأثير فقط على بعض
هاته المتغي ارت ،أما السيطرة الكاملة فهي من الصعوبة بما كان.
د -التأثير المتبادل للمتغيرات البيئية :فالمتغيرات السياسية تتأثر باالقتصادية و االجتماعية لدرجة أنه قد
يصعب تحديد درجات تأثير هذه المتغيرات في بعضها البعض.
الفرع الثاني :تصنيف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :تواجه المؤسسات االقتصادية بيئات
خارجية دولية مختلفة باختالف مجاالت نشاطها و أحجامها ،إال أنه يمكننا أن نضبط أصنافها باالعتماد على
البعدين األساسيين التاليين:
أوال :درجة التعقد :يشير هذا البعد إلى درجة التداخل و التفاعل بين مكونات هذه البيئة لتصنف وفقه إلى
بسيطة أو معقدة ،و ذلك من خالل:
أ -عدد و طبيعة المتغيرات الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية.
)(1
بهدي عيسى :رسم مالمح نموذج للتسيير االستراتيجي لعينة من المؤسسات االقتصادية وفق التنظيم الشبكي ،أطروحة دكتوراه دولة في العلوم
االقتصادية ،فرع التسيير ،غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ، 2005 / 2004 ،ص68 :
))2
عبد السالم أبو قحف :اقتصاديات األعمال و االستثمار الدولي ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ، 2003 ،بتصرف ،ص ص. 114 -113 :
59
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
ب -مدى ارتباط المتغيرات الخارجية الدولية و تداخلها ،و درجة تفاعلها.
ثانيا :درجة التغير :يشير هذا البعد إلى سرعة تغير عناصر بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية لتصنف
وفقه إلى :مستقرة و متوقعة ،متغيرة و غير متوقعة ،و يتحدد ذلك من خالل:
أ -طبيعة النظام االقتصادي الدولي السائد.
ب -طبيعة نشاط المؤسسة االقتصادية.
و يمكن توضيح أصناف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية من خالل الشكل التالي:
الشكل رقم ( :) 01- IIتصنيف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية بمقياسي :درجة التعقد – درجة التغير
قـويـة
ضعيفـة قويــــة
درجة التعقـــد
المصدر :عبد الرزاق بن حبيب :اقتصاد وتسيير المؤسسة ،الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية ،الجزائر ،الطبعة الثالثة ،
، 2006بتصرف ،ص44 :
من خالل الشكل السابق يتضح أنه يمكن تصنيف البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية وفقا لبعدي درجة
التعقد و التغير إلى األصناف األربعة التالية:
-1بيئة بسيطة و متوقعة :تحتوي على عناصر بيئية ضعيفة التعقيد ،كما تتصف تلك العناصر بكونها ثابتة
نوعا ما أو أنها تتغير ببطء ،كما أن درجة التأكد من سلوك تلك العناصر تكون عالية جدا.
-2بيئة معقدة و متوقعة :ذات عناصر كثيرة التعقيد ،كما تتصف هذه العناصر بكونها ثابتة نوعا ما أو أنها
تتغير ببطء ،كما أن درجة التأكد من سلوك تلك العناصر و القدرة على التوقع أو التنبؤ بتغيراتها عالية جدا ،إال
أن درجة تعقدها تصعب من فهم هذه المؤسسة لبيئتها.
60
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
-3بيئة بسيطة و أقل توقعا :تحتوي على عناصر بيئية ضعيفة التعقيد ،كما تتصف بكونها متغيرة باستمـرار،
و درجة التأكد من سلوك تلك العناصر و القدرة على التوقع أو التنبؤ بتغيراتها تكون منخفضة.
-4بيئة مضطربة :ذات عناصر كثيرة التعقيد و متغيرة باستمرار ،كما أن درجة التأكد من سلوك تلك العناصر
و القدرة على التوقع أو التنبؤ بتغيراتها تكون منخفضة جدا.
المطلب الثاني :ماهية تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :
نحاول في هذا اإلطار تحديد ماهية تحليل بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية من خالل استعراض أهم
التعاريف لتحليل هذه البيئة ،فتوضيح أهمية هذه العملية بالنسبة للمؤسسة االقتصادية .
الفرع األول :تعريف تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :هناك العديد من التعاريف التي
حاولت توضيح تحليل البيئة الخارجية بصفة عامة ،و التي من أهمها:
أوال :يعرف على أنه " :مراجعة البيئة الخارجية بغرض التعرف على أهم الفرص و التهديدات التي تواجه
( )1
المؤسسة االقتصادية ،و يجب أن تكون هذه العملية مستمرة لكي تخدم عملية صياغة اإلستراتيجية "
عرض هذا التعريف طبيعة تحليل البيئة الخارجية للمؤسسة االقتصادية و الغرض منه ،إال أنه لم يحـدد
المستوى اإلداري القائم بهذه المراجعة و لم يحدد مضمون عملية المراجعة هاته .
ثانيا :كما يعرف بأنه " :مجموعة األدوات التي تستخدمها اإلدارة اإلستراتيجية لتشخيص مدى التغير الحاصل
في البيئة الخارجية ،و بشكل يساعد اإلدارة في تحقيق العالقة االيجابية بين تحليل هاته البيئة و تحديد أهداف
( )2
الوحدة االقتصادية و اإلستراتيجية المطلوبة "
هذا التعريف قدم إطا ار عاما لتحليل بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية اتضح من خالله الجهة القائمة
على هذا التحليل و الدور الذي تلعبه نتائج عملية التحليل بالنسبة إلى أهداف المؤسسة و استراتيجياتها ،إال أنه
أيضا لم يحدد طبيعة هاته األدوات و آليات عملها.
ثالثا :و يعرف أيضا على أنه " :مجموعة المراحل المتالحقة و المتسلسلة التي تهدف إلى دراسة العوامل
و المتغيرات الخارجية المؤثرة في اتجاهات و مستقبل المؤسسة االقتصادية ،و دراسة طبيعة العالقات التداخلية
( )3
و التفاعلية بين هذه المتغيرات ،لتحدد في النهاية الفرص و التهديدات الحالية و المتوقعة بهذه البيئة".
لقد قدم هذا التعريف صورة أكثر وضوحا عن تحليل بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية ،إال أنه لم يحدد
طبيعة هذا التحليل و الجهة القائمة عليه.
وفي األخير يمكن أن نعرف تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية بأنه " :نشاط إنساني تقوم به
اإلدارة العليا ،يهدف إلى استكشاف الفرص و التهديدات بالبيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية ،من
( )1نادية العارف :اإلدارة اإلستراتيجية :إدارة األلفية الثالثة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ، 2000 ،بتصرف ،ص.76 :
))2
زكريا مطلك الدوري :اإلدارة اإلستراتيجية :مفاهيم و عمليات و حاالت دراسية ،المكتبة الوطنية ،دار الكتب و الوثائق ،بغداد ، 2003 ،ص.107 :
()3
فالح حسن الحسيني :اإلدارة اإلستراتيجية ،دار وائل للنشر ،عمان ،الطبعة األولى ،2000 ،ص ص.121 -120 :
61
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
خالل دراسة التغيرات الحاصلة و المتوقعة أو المتنبأ بها في مكونات تلك البيئة ،و العالقات التداخلية
و التفاعلية بينها ،و تأثيراتها على هذه المؤسسة".
الفرع الثاني :أهمية تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :تتمثل أهمية هذا التحليل في أنه
يمكن المؤسسة االقتصادية من تحقيق ما يلي:
أوال :توفير المعلومات :و هي من أهم األهداف التي تسعى اإلدارة اإلستراتيجية إلى توفيرها و ذلك بتحليلها
و تمحيصها ،و على ضوء هذه المعلومات تستطيع اإلدارة التحكم في األنشطة و توجيهها حسب تلك المعلومات
،كما أنه على اإلدارة أن تكون لديها أسلوب للتأكد من صحة المعلومات الواردة ألن األخطاء غير مسموح
( )1
بها.
ثانيا :صياغة األهداف :يساعد تحليل هذه البيئة على وضع األهداف أو تعديلها حسب نتائجه ،إلى جانب دوره
() 2
في وضع األهداف التشغيلية لمختلف اإلدارات و الوظائف.
ثالثا:الموارد المتاحة :تساعد عوامل البيئة الخارجية الدولية المختلفة في بيان الموارد المتاحة ( مواد أولية ،رأس
المال ،تكنولوجيا ،آالت ،أفراد )...،و كيفية االستفادة منها ،و متى يمكن للمؤسسة االقتصادية أن تحقق هاته
( )3
االستفادة .
رابعا :وضوح الرؤية المستقبلية :حيث تتطلب عملية صياغة اإلستراتيجية قد ار كبي ار من الدقة في توقع
األحداث المستقبلية و التنبؤ بها ،مما يساعد على توفير ضمانات :الربحية ،النمو ،و االستمرار.
خامسا :القدرة على إحداث التغيير و تحسين قدرتها عند التعامل مع المشكالت :إن قيام المؤسسة االقتصادية
بعملية التحليل لبيئتها الخارجية الدولية يجعلها في وضع يمكنها من اكتشاف ،تصحيح ،و تجديد اإلستراتيجية
المعتمدة ،ليتم إعادة تشكيل اإلمكانيات و األنشطة الحالية أو تطويرها ،و القيام بتغيير صورة هذه المؤسسة
و مخرجاتها ،أو إعادة توزيع استثماراتها في الوقت المناسب.
سادسا :تدعيم األداء و تحسين النتائج :يمكن هذا التحليل أيضا المؤسسة االقتصادية من تحقيق المواءمة مع
بيئتها الخارجية ،من خالل استغالل الفرص و اجتناب التهديدات أو التقليل من مخاطرها ،مما يجعله أحد
العوامل الداعمة لألداء و المحسنة للنتائج.
سابعا :تواصل المؤسسة االقتصادية المستمر مع بيئتها الخارجية الدولية و التغيرات التي تحدث فيها :حيث
( )4
أن هذا التواصـل يمكنها من تلبية احتياجات المجتمع المتزايدة ،و يدعـم مركزها التنافسي.
))1
الطيب داودي :أثر تحليل البيئة الخارجية و الداخلية في صياغة اإلستراتيجية ،مجلة الباحث ،جامعة ورقلة ،العدد ، 2007 /05ص.41 :
()2
نفس المرجع السابق ،ص.41 :
) (3عبد الحميد عبد الفتاح المغربي :اإلدارة اإلستراتيجية :مواجهة و تحديات القرن الحادي و العشرين ،مجموعة النيل العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى
، 1999،بتصرف ،ص ص.110 -109 :
( )4ناصر دادي عدون :اقتصاد المؤسسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1999 ،بتصرف ،ص.78 :
62
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
ثامنا :نظام يقظة إستراتيجي :إن عملية تحليل البيئة الخارجية الدولية و الفحص المستمر لمتغيراتها يمكن
المؤسسة االقتصادية من بناء نظام يقظة إستراتيجي فعال و متكامل ،يمكنها من النمو و االستمرار بهذه البيئة.
63
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
المؤسسة االقتصادية
الممولون و الوسطاء
البياااا
64
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
)(1
World Bank Institute : Governance Matters 2008 . Available on :
http://siteresources.worldbank.org/EXTWBIGOVANTCOR/Resources/Brochure_ar.pdf , Consulted in : 07/01/2014.
65
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
( )1
هي أداة تدخل الدول في النشاط االقتصادي عن طريق مجموع الق اررات التي أ -السياسات االقتصادية:
تتخذها السلطات العمومية بهدف توجيه النشاط في االتجاه المرغوب فيه ،و هي عادة تكون في شكل :سياسة
ضبط ،إنعاش ،إعادة هيكلة الجهاز الصناعي ،انكماش ،توقف ثم الذهاب .و وسيلتها في ذلك فروع السياسة
االقتصادية (السياسة المالية ،السياسة النقدية ،سياسة الصرف ،السياسة التجارية )
ب -المؤشرات االقتصادية :تشمل مجموعة من المؤشرات التي يتحدد من خاللها األداء االقتصادي الدولي ،
من أهمها:
-1مؤشرات االقتصاد الكلي :و هي مؤشرات تعكس األداء االقتصادي الكلي لكل من :االقتصاد العالمي ،
الدول التي لها تأثير قوي في االقتصاد العالمي كالواليات المتحدة األمريكية مثال ،و الدول التي تكون
المؤسسة االقتصادية على ارتباط معها .و من أهم هاته المؤشرات :معدل النمو االقتصادي ،معدل التضخم ،
نسبة البطالة ،التوازن الخارجي ،حيث تكون هاته المؤشرات المربع السحري لـ ( ، ) OCDEو الذي نوضحه
كما يلي :
الشكل رقم ( :) 03 - IIالمربع السحري لـ ( ) OCDE
معدل النمو االقتصادي
نسبة البطالة
))1عبد المجيد قدي :المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 2003 ،بتصرف ،ص.24 :
66
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
من خالل الشكل يتضح أن األداء اإلجمالي يكون أفضل كلما كان مؤشري معدل النمو االقتصادي
و التوازن الخارجي أعلى و مؤشري معدل التضخم و نسبة البطالة أضعف ،كما أن العافية االقتصادية ألي
اقتصاد تتحدد بمساحة هذا المربع مقارنة بفترات مختلفة أو اقتصاديات أخرى.
- 2مؤشر الحرية االقتصادية :يصدر هذا المؤشر من مؤسسة "هيرتدج" األمريكية لألبحاث بالتعاون مع
صحيفة " وال ستريت جورنال" المعنية بالشؤون االقتصادية و شؤون األعمال ،حيث تعرف الحرية االقتصادية
وفقا لهذا المؤشر على أنها عدم تقييد الحكومة ألنشطة :اإلنتاج ،التوزيع ،و استهالك السلع و الخدمات ،
و بالتالي فهذا المؤشر يقيس درجة التضييق التي تمارسها الحكومات على األنشطة االقتصادية .
متغير اقتصاديا مستقال ،حيث جمعت هاته المتغيرات في
ا و لقياس الحرية و معدل كل دولة فيها تم دراسة 50
10عناصر سميت بعناصر الحرية االقتصادية :السياسة التجارية ،العبء الضريبي للحكومة ،تدخل الحكومة
في االقتصاد ،السياسة النقدية ،تدفق رأس المال و االستثمار األجنبي ،البنوك و التمويل ،سياسة األجور
و األسعار ،حقوق الملكية ،القواعد المنظمة للنشاط االقتصادي ،السوق السوداء.
كل دولة تعطى لها نقطة إجمالية للحرية االقتصادية التي تحسب من المتوسط الحسابي البسيط لتنقيط كل
عنصر من العناصر المنقط وفق سلم موحد ،حيث أن التنقيط يتراوح ما بين ( )1الذي يعني أن سياسات الدولة
() 1
تقود في النهاية إلى الحرية االقتصادية ،و بين ( )5التي تقود إلى عدم و جود حرية اقتصادية .
-3مؤشر التنافسية العالمي :يصدر هذا المؤشر عن" المؤتمر االقتصادي الدولي في دافوس " ،و ينقسم إلى
ٍ
"جار" و مؤشر " النمو" الذي يعكس توقعات أداء الدول مستقبال ( خالل 5سنوات ) ،حيث يوضح مؤشر
هذا المؤشر قدرة الدول على النمو و المنافسة اقتصادياَ مع دول أخرى لتحقيق التنمية المستدامة و زيادة الكفاءة
اإلنتاجية باستخدام أحدث التقنيات و تحسين مناخ األعمال.
-4المؤشر المركب للمخاطر القطرية :يصدر شهريا عن مجموعة ) (PRSمن خالل الدليل الدولي للمخاطر
القطرية ) (ICRGمنذ عام ،1980لغرض قياس المخاطر المتعّلقة باالستثمارات الدولية ،حيث يغطي المؤشر
140دولة منها 18دولة عربية ،حيث يتكون المؤشر من ثالثة مؤشرات فرعية هي :مؤشر تقييم المخاطر
السياسية ( الذي يشكل نسبة % 50من المؤشر المركب ) ،مؤشـر تقييم المخاطر االقتصادية ( يشكل،)%25
( )2
مؤشر تقييم المخاطر المالية ( الذي يشكل .) % 25
))1
غريب بولرباح ،بضياف أحمد :األداء الحكومي من خالل المؤشرات الكمية ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات المؤتمر العلمي الدولي حول األداء المتميز
للمنظمات و الحكومات ،كلية الحقوق و العلوم االقتصادية ،جامعة ورقلة ،يومي 09 – 08 :مارس ، 2005ص ص. 244 – 243 :
))2
البشير عبد الكريم :انعكاس المخاطر القطرية على االستثمار األجنبي المباشر -حالة الجزائر ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات الملتقى الدولي الثالث
حول ":إستراتيجية إدارة المخاطر في المؤسسات :اآلفاق و التحديات " ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الشلف ،يومي 26 – 25 :
نوفمبر ، 2008ص. 04 :
67
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
الفرع الثاني :العوامل الثقافية و االجتماعية :تعتبر العوامل الثقافية و االجتماعية من أهم مكونات البيئة
الخارجية الدولية العامة التي لها تأثيرات مهمة على المؤسسة االقتصادية ،و ذلك لما لها من تأثيرات على
سلوكيات األفراد و ق ارراتهم .
أوال :العوامل الثقافية :الثقافة هي محصلة لتراكم العديد من المكونات :كالمعتقدات و القيم و الموروث اللغوي،
العادات و التقاليد ،العلوم و المعارف ،اإلعالم و األفكار ،و الموروثات التاريخية التي تتفاعل في إطار
مجتمع معين .فهي تركيب متشابك يتحدد من خالل جملة عناصر ،من أهمها:
أ -الــدين و القيم :يؤثران مباشرة علـى سلوك األفـراد ،و يختلف هذا التأثير تبعا للدين المتبع و درجة تدين
األفراد و القيم السائدة في المجتمعات .
ب -الموروث اللغوي :فاللغة هي أداة تواصل األفراد تعكس اإلنجازات الفكرية لمتكلميها و تعززها ،كما أنها
تؤثر على سلوكياتهم و ق ارراتهم.
ج -العادات و التقاليد :تعبر عن مجموعة من القواعد السلوكية التي يلتزم بها األفراد في الجماعة أو المجتمع
الذي ينتمون إليه.
د -العلوم و المعارف :يؤدي مستوى التعليم و المعارف المكتسبة إلى إحـداث عدة تغييرات على الخصائص
المميزة لألفراد.
ه -اإلعـالم :تعتبر وسائل اإلعالم من المؤثرات المباشرة التي تغير من الخصائص الثقافية الرئيسية للفرد
كالقيم و الموروث اللغوي ،العادات و التقاليد ،األفكار و المعارف .
و بالتالي فان أي تغير في أحد العناصر السابقة على المستوى الدولي له تأثيرات مباشرة على سلوكيات
األفراد و ق ارراتهم خاصة في ظل تنامي ظاهرة العولمة.
ثانيا :العوامل االجتماعية :وهي عبارة عن التغيرات التي تمس المجتمع و لها انعكاسات على المؤسسة
االقتصادية و أنشطتها سواء من جانب الموارد البشرية التي تحصل عليها أو من جانب الطلب على مخرجاتها،
كما يمكن أن يكون لها تأثير على بيئة هذه المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية العامة ككل تحت إطار ما
يعرف باألمن االجتماعي ،و من أهم هاته المتغيرات:
أ -التغيرات الديمغرافية :تشمل جميع التغيرات التي تمس تركيبة السكان ،من خالل التغير في كال من :
-1نسبة نمو السكان ( النمو الديمغرافي)
-2هيكل السكان ( السن و الجنس )
-3توزع و انتشار السكان ( الكثافة السكانية )
68
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
ب -التغيرات المعيشية لألفراد :وهي تشمل التغيرات التي تمس المستوى المعيشي لألفراد ،من خالل التغير في
كال من :
-1مستويات الدخل و توزيعاته.
-2المستويات التعليمية .
-3الحالة الصحية و الغذائية .
الفرع الثالث :العوامل اإليكولوجية :تتكون البيئة( االيكولوجية ) من الموارد الطبيعية الالحيوية و الحيوية
كالهواء ،الجو ،الماء ،األرض ،و باطن األرض ،النبات ،الحيوان ،بما في ذلك التراث الوراثي و أشكال
( )1
التفاعل بين هذه الموارد ،و كذلك األماكن و المناظر و المعالم الطبيعية .
و بالتالي فالعوامل االيكولوجية تشمل جميع التغيرات الراهنة و المتوقعة التي تقع على المستوى اإليكولوجي
و المؤثرة على المؤسسة االقتصادية و أنشطتها ،و التي من أهم أسبابها :
أوال :التلوث :هو كل تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة ،يتسبب فيه كل فعل يحدث أو قد يحدث وضعية
مضرة بالصحة ،و سالمة اإلنسان ،النبات ،الحيوان ،الهواء و الجو ،الماء ،األرض ،و الممتلكات
( )2
الجماعية و الفردية .
و مما سبق يتضح أنه يمكن للتلوث أن يكون ماديا يمس الموارد االيكولوجية كالهواء و الماء و التربة ،
كما يمكن أن يكون معنويا يمس صحة اإلنسان و سالمته كالتلوث السمعي (الضوضائي) و االلكتروني.
ثانيا :استنزاف الموارد :هو هدر الموارد و عدم مراعاة النظم اإليكولوجية و توازناتها ،خاصة لتلك الموارد
الناضبة و التي يصعب تجديدها .
تؤثر التغيرات اإليكولوجية على المؤسسة االقتصادية -باعتبارها نظاما مفتوحا -و على نشاطها الحالي
أو المستقبلي ،إما مباشرة عن طريق مكونات هذا النظام ،أو بتأثير غير مباشر عن طريق السياسة اإليكولوجية
الحالية أو المستقبلية لمواجهة هذه التغيرات ،كفرض المعايير القياسية للبيئة ،أو فرض ضرائب بيئية على
( )3
األنشطة االقتصادية.
الفرع الرابع :العوامل التكنولوجية :تشمل جميع المتغيرات في المجال التكنولوجي المؤثرة على المؤسسات
( )4
و أنشطتها بصفة عامة .هذا المجال الذي يمكن تصنيفه إلى مجموعة من التكنولوجيات أهمها:
)(1
القانون رقم 10 – 03المؤرخ في 19جمادى األولى 1424الموافق 19يوليو سنة ، 2003يتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ،الجريدة
الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ، 43الصادر في 20 :جمادى األولى 1424الموافق 20يوليو ، 2003ص.10 :
( )2نفس المرجع السابق ،ص.10 :
((3
Stéphanie Monjon , Julien Hamoteau : Développement , Croissance et Environnement , Cahier Français , n° 337 ,
2006 , p : 36.
) )4بن قارة أمينة :أهمية نظام معلومات الموارد البشرية في اإلدارة اإلستراتيجية ،مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير في علوم التسيير ،
تخصص :إدارة األعمال ،غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر ، 2009 -2008 ،بتصرف ،ص ص.131 - 129 :
69
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
أوال :تكنولوجيات معالجة المعلومة ( المعلوماتية ) :تشمل تكنولوجيا المعلومات حسب منظمة التعاون و التنمية
االقتصادية " "OCDEمجموعة من التكنولوجيات التي تسمح بجمع ،تخزين ،نقل و معالجة المعلومات في
شكل أصوات ،بيانات و صور ،فهي تشمل اإللكترونيك الدقيق ،علم البعديات اإللكترونية و التكنولوجيات
الملحقة.
و تتكون تكنولوجيا المعلومات مما يلي:
أ -عتاد الحاسوب " : "Hardwareالمكونات المادية للحاسوب .
ب -برامج الحاسوب " : " Softwareو تتضمن كل برامج إدارة النظام و برامج التطبيقات .
ج -تكنولوجيا التخزين" : " Storage technologyو تتضمن الوسائط المادية و البرامج التي تتولى عملية
تخزين البيانات داخل الحاسوب و خارجه.
ثانيا :تكنولوجيات االتصال :و يقصد بها مجموعة من األدوات التي تساعد في استقبال المعلومة و معالجتها ،
تخزينها ،استرجاعها و طباعتها ،و نقلها بشكل إلكتروني سواء أكانت على شكل نص ،صورة ،أو فيديو
و ذلك باستخدام الحاسوب ،حيث أنها تتكون من:
أ -شبكة الحاسوب" :"Computer networkو هي تتشكل من ربط مجموعة من أجهزة الحاسوب باستخدام
وسائط االتصال السلكية أو الالسلكية ،لتكوين شبكة تتبادل البيانات و المعلومات بين نظم الحاسوب المرتبطة
بالشبكة ،و التي تنقسم إلى األنواع التالية :شبكة االتصال المحلي " ،" LANشبكة االتصال الواسعة "" WAN
و الفضاء الرقمي" ." Internet
ب -شبكة األعمال :تستند نظم المعلومات اإلدارية في معظم المؤسسات الحديثة على تكنولوجيا الشبكات :شبكة
المؤسسة الخارجية ضمن نطاق محدود حسب العالقة التي تريدها المؤسسة االقتصادية " " Extranetو شبكة
المؤسسة الداخلية " ." Intranet
ثالثا :تكنولوجيات اإلعالم واالتصال :إن مصطلح تكنولوجيا المعلومات و االتصال " " ICTأو ما يعرف
بتكنولوجيا المعلومات و االتصال الحديثة " "NICTيشير إلى التكنولوجيات المتولدة عن التقارب أو التالحم بين
تكنولوجيات معالجة المعلومة و تكنولوجيات االتصال بغرض :تخزين ،معالجة ،و بث المعلومات ،و هي
تكنولوجيات تستفيد كثي ار من االبتكارات في ميدان العلم و التقنية ،لهذا فإن صفة " الحداثة " تبقى مؤقتة ،
فبعد سنوات قليلة ستصبح هذه التكنولوجيات و التي تتعلق بشبكة اإلنترنت و اإلدارة اإللكترونية للسيرو ارت
" ، " Workflowو الهندسة المعلوماتية ،و العمل التعاوني عن بعد " " Groupwareعبارة عن أمور عادية.
70
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
الفرع الخامس :العوامل التشريعية و التنظيمية الدولية :و هي مجموعة النصوص التشريعية و التنظيمية
الصادرة و التي يمكن أن تصدر من الدول المؤثرة على المؤسسة االقتصادية و أنشطتها ( من غير الدولة محل
في كل المجاالت :كالسياسية، اإلقامة األم ) و كذلك األطر التي تحكم العالقات على الصعيد الدولي
االقتصادية ،االجتماعية ،اإليكولوجية ،ألن النصوص التشريعية و التنظيمية الدولية هي إطار يترجم التطورات
الراهنة أو المستقبلية في كل الميادين على الصعيد الدولي.
أوال :النصوص التشريعية الدولية :و تشمل كال من:
أ -القانون الدولي :يعمل على تأسيس عالقات أوثق بين الدول في تعامالتها مع بعضها ،أما دوره في فض
النزاعات التجارية و االستثمارية فهو ال يزال ضعيف.
ب -قوانين المنظمات الدولية :و هي قوانين تصدر من منظمات دولية توفر ضمانات متبادلة بين المؤسسات
االقتصادية الدولية و الدول ،و من هذه المنظمات :األمم المتحدة ،صندوق النقد الدولي ،مجموعة البنك
الدولي ،و هذه القوانين تلزم إال الدول المنضوية تحت هذه المنظمات.
ثانيا -النصوص التنظيمية الدولية :و تشمل:
أ -االتفاقيات الثنائية :و هو إطار تتفق فيه دولتين على تبادل حقوق كاإلقامة ،االستثمار ،و التجارة .كما
يتم أيضا االتفاق على الجهة التي يتم اللجوء إليها لفض النزاعات المحتملة ،فهناك مثال :اتفاقيات الصداقة،
اتفاقيات الشراكة ،اتفاقيات التعاون ،و اتفاقيات التجارة.
ب -التعاون اإلقليمي :و هو بديل ثان تلجأ إليه الدول لتوثيق عالقاتها مع دول أخرى ،فالتعاون اإلقليمي عبارة
عن اتفاقيات دولية كاتفاقيات التكامل االقتصادي ،اتفاقيات حماية الملكية الفكرية ،و اتفاقيات تسجيل
( )1
العالمات التجارية.
المطلب الثاني :البيئة الخارجية الدولية الخاصة للمؤسسة االقتصادية :
تعبر البيئة الخارجية الدولية الخاصة للمؤسسة االقتصادية عن تلك العوامل الدولية التي تؤثر على المؤسسة
االقتصادية و أنشطتها بصفة خاصة ،كما يمكن لهذه المؤسسة أن تؤثر عليها ،حيث تختلف هذه البيئة من
مؤسسة ألخرى حسب طبيعة و مجال نشاطها ،إال أنه يمكن تقسيمها بصفة عامة إلى:
الفرع األول :الممولون و الوسطاء :يرتبط نشاط الوساطة بمختلف مكونات البيئة الخارجية الخاصة و السيما
التمويل ،هذا األخير الذي يعتبر من أشد أنشطة المؤسسة االقتصادية حساسية للتغيرات الخارجية ،لذلك سيتم
التطرق عبر هذا الفرع إلى كال من الممولين و الوسطاء .
))1
علي عباس :إدارة األعمال الدولية – اإلطار العام ،دار حامد للنشر و التوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ، 2003 ،ص ص.287 -286 :
71
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
أوال :الممولون :في ظل وضع راهن يتسم بسهولة حركة رؤوس األموال عبر الحدود الدولية أصبح بإمكان
المؤسسة االقتصادية أن تلجأ إلى مصادر تمويلية خارجية دولية لتغطية متطلباتها ( االستثمارية أو الجارية )
و من ثم تعاملها مع ممولين دوليين تختلف تأثيراتهم عليها باختالف قوتهم التفاوضية أمامها ،هاته األخيرة التي
تتحدد انطالقا من مجموعة عوامل تتناسب معها عكسيا ،من أهمها:
أ -مصادر التمويل المتاحة :تتحدد هذه المصادر انطالقا من طبيعة النظام المالي القائم (تجاري أو إسالمي )،
وهي في العموم مصدرين:
-1تمويل مباشر :يتم هذا التمويل دون وساطة أي من الممول إلى المؤسسة االقتصادية مباشرة ،و من
أشكاله :إصدار األوراق المالية و االئتمان التجاري .
-2تمويل غير مباشر :و هو عبارة عن تمويل المؤسسة االقتصادية عبر مؤسسات وساطة ،و من أهم
أشكاله :التمويل بالقروض المصرفية و التمويل باالستئجار.
ب -آجال التمويل المتاحة :تنقسم أجال التمويل المتاحة إلى:
-1قصيرة األجل :مدتها أقل من سنة.
-2متوسطة األجل :و مدتها أكثر من سنة إلى 5سنوات.
-3طويلة األجل :مدتها تزيد عن 5سنوات.
ج -تكلفة التمويل :من أهم محددات تكلفة التمويل بالنسبة للمؤسسة االقتصادية ما يلي:
-1معدل الفائدة :يؤدي ارتفاع معدل الفائدة إلى ارتفاع تكلفة التمويل و من ثم التأثير على عوائد المؤسسة
االقتصادية.
-2عوائد التمويل اإلسالمي :و تشمل العوائد التي تحصل عليها مؤسسات التمويل اإلسالمي ،حيث تختلف
طبيعة هذه العوائد تبعا لصيغة التمويل ( كالمرابحة ،اإلجارة ،اإلستصناع ،التورق ،المضاربة ) .
-3عوائد أموال الملكية :و هي توزيعات األرباح التي يحصل عليها المساهمين ،و كذلك مشاركة هؤالء
المساهمين في اتخاذ الق اررات ،و بالتالي فهذه العوائد تمثل تكلفة التمويل عن طريق إصدار األسهم .
-4نفقات إصدار األوراق المالية :و تشمل النفقات القانونية و اإلدارية الناتجة عن إصدار المؤسسة االقتصادية
ألوراق مالية.
ثانيا :الوسطاء :انطالقا من كون المؤسسة االقتصادية نظاما له مدخالت و مخرجات فالوسطاء الدوليين هم
قناة غير مباشرة لتعاملها مع األسواق األولية لمدخالتها أو النهائية لمخرجاتها ،أما في حاالت خاصة فيمكن
لهؤالء الوسطاء أن يكونوا كقناة غير مباشرة بين المؤسسة االقتصادية و أنشطتها أو استثماراتها عن طريق آلية
العقود الباطنية ( الضمنية ).
72
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
انطالقا مما سبق يمكن تصنيف هؤالء الوسطاء باعتماد معيار األسواق التي ينشطون فيها إلى:
أ -وسطاء سوق التمويل :لهم دور الوساطة بين أصحاب الفوائض المالية و أصحاب العجز المالي ،أو إتمام
التعامالت المالية بين أطراف التبادل ،و من أهم هؤالء الوسطاء:
-1مؤسسات الوساطة المالية.
-2وسطاء( سماسرة ) بورصات األوراق المالية أو العمالت .
ب -وسطاء سوق العمل :يمثل الوسطاء في هذه السوق حلقة الوصل بين طلب العمل و عرضه ،و بالتالي
فهم يوفرون للمؤسسة االقتصادية العمالة المناسبة ،و من أهم أشكالهم:
-1وكاالت التشغيل.
-2مكاتب التوظيف.
-3مواقع عروض و طلبات العمل عبر االنترنيت.
ج -وسطاء سوق السلع و الخدمات :تتعامل معهم المؤسسة االقتصادية لتوفير مدخالتها أو لتصريف
مخرجاتها ،و يتم تقسيمهم حسب طبيعة أنشطتهم إلى:
-1تجـار .
-2وكالء البيع .
-3سماسرة السلع و الخدمات .
-4وسطاء ( سماسرة ) بورصات السلع أو المعادن .
و يتحدد مدى تأثير هؤالء الوسطاء على المؤسسة االقتصادية تبعا لقوتهم التفاوضية أمامها ،هاته القوة
التي ترتبط أساسا بجملة عوامل ،من أهمها :عدد الوسطاء ،قدراتهم و خصائصهم ،أماكن تواجدهم ،
و شروط التعامل معهم .
الفرع الثاني :الموردون و مقدموا الخدمات :يعتبر الموردون و مقدموا الخدمات من أهم مكونات البيئة
الخارجية الدولية الخاصة للمؤسسة االقتصادية ،و ذلك لدرجة ارتباط هاته المؤسسة و أنشطتها بهما و شدة
حساسيتها للتغيرات الحاصلة في مجاليهما.
أوال :الموردون :تبعا للتطور المتسارع لتكنولوجيات االتصال و كذلك لوسائل النقل في ظل القرية الكونية
أصبحت تعامالت المؤسسة االقتصادية تتجاوز الحدود المحلية إلى الدولية ،و بالتالي تعاملها مع موردين
دوليين يتعددون باختالف أنشطتها و تختلف تأثيراتهم عليها باختالف قوتهم التفاوضية أمامها ،هاته األخيرة
التي تتحدد انطالقا من مجموعة عوامل ،أهمها:
أ -عدد الموردين في السوق و تمركزهم .
73
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
))1طارق السويدان :قيادة السوق ،دار ابن حزم ،بيروت ،الطبعة األولى ، 2001 ،بتصرف ،ص ص. 22 – 21 :
74
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
75
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
أ -التأثير على الطلب :يؤدي التغير التكنولوجي إلى ظهور منتجـات جديدة تلبـي حاجـات المستهلك و رغباته ،
فتستقطب الطلب إليها و يقل عن المنتجات األخرى.
ب -التأثير على العمليات اإلنتاجية :تؤثر التغيرات التكنولوجية على العمليات اإلنتاجية للمؤسسة االقتصادية
من خالل ظهور بدائل لطرق و أساليب إنتاج أو مواد أولية تستلزم تغيير لعمليات اإلنتاج أو تعديلها بما يتالءم
( )1
و التكنولوجيات الجديدة .
كما أنه يمكن للمؤسسة االقتصاد ية التأثير على هذا النوع من التكنولوجيات عن طريق مخرجاتها من البحث
و التطوير.
ثانيا :المنافسون :يعتبر منافسا كل من يزاحم المؤسسة االقتصادية في سوق مدخالتها أو مخرجاتها ،و بالتالي
فهذه المؤسسة تواجه نوعين من المنافسين الدوليين ،هما:
أ -منافسوا المدخالت :و هم منافسوا المؤسسة االقتصادية في الموارد و اإلمكانات المتاحة في بيئتها
الخارجية الدولية ،و يمكن تقسيمهم إلى:
-1المنافسين الحاليين :أي السائدون في أسواق مدخالت هذه المؤسسة ،و الذين تتحدد شدة منافستهم من
خالل:
-المـوارد و اإلمكانات المتاحة.
-عدد المنافسين.
-سياسات و إستراتيجيات المنافسين.
-القوة التفاوضية للعارضـين.
-2المنافسين المحتملين :يجلب المنافسون المحتمل دخولهم إلـى أسواق مدخالت المؤسسة االقتصادية قدرات
طلب جديدة ترفع من شدة المنافسة ،إال أن لهؤالء المنـافسون المحتملون حواجز يمكن أن تحد من دخولهم إلى
هذه األسواق ،من أهمها :
-الحاجة المرتفعة إلى الموارد المالية عند دخولهم لهذه األسواق.
-تميز المتنافسون الحاليون في تعامالتهم كالسعر ،حجم الشراء ،طرق الدفع .
-ارتفاع تكاليف تحويل العارضين من عميل إلى آخر.
ب -منافسوا المخرجات :يمثلون منافسي المؤسسة االقتصادية بمخرجات مشابهة أو بديلة ،و الذين يمكن
توضيحهم كمايلي :
-1المنافسون بمخرجات مشابهة :و يمكن تقسيمهم إلى:
))1
فالح حسن الحسيني :مرجع سابق ،ص.68 :
76
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
() 1
-المنافسين الحاليين :تشتد منافستهم للمؤسسة االقتصادية بتوفر مجموعة من العوامل ،أهمها :
ارتفاع عددهم أو تقاربهم في الحجم أو الموارد.
بطء نمو مجال النشاط .
تحملهم لتكاليف ثابتة مرتفعة ترغمهم على رفع أرقام أعمالهم للتقليل من آثار هذه التكاليف .
وجود مخزون يحملهم تكاليف مرتفعة .
التزامهم بوقت محدد للبيع .
وفرة البدائل أمام العمالء ،و انخفاض تكلفة التحول من منافس آلخر.
اختالف توجهات المتنافسين و أهدافهم.
صعوبة عوائق الخروج من مجال النشاط .
( )2
-المنافسين المحتملين :يتحدد احتمال دخولهم من خالل العقبات التي يالقونها ،و التي من أهمها:
عقبات التكاليف التابعة القتصاديات السلم و آثار التجربة .
المزايا المكتسبة من طرف المتنافسين الحاليين في مجال النشاط ،كسهولـة الحصـول على الموارد
و التكنولوجيا ،التموقعات المالئمة ،تسهيالت الدول.
الكتلة الحرجة لرؤوس األموال :فكلما كانت الحاجة للموارد المالية عند البدء في النشاط أكبر ،كلما كانت
عقبات الدخول إلى هذا المجال أكثر.
مستوى التميز للمتنافسين الحاليين.
صعوبة الوصول إلى قنوات التوزيع التي تكون تحت سيطرة المتنافسين الحاليين في النشاط .
السياسات الحكومية :و التي تحدد كال من :الحواجز الجمركية ،التقنية ،االحتكارات ،االمتيازات .
-2المنافسون بمخرجات بديلة :ينافس هذا الصنف المؤسسة االقتصادية بمخرجات يمكنها تأدية نفس وظيفة
مخرجاتها ،لتزاحمها في السوق و تهددها بالحد من ربحيتها أو بإزالة سوقها كليا .و يشتد تهديد هذه المخرجات
البديلة بتوفر مايلي:
-الثنائية (جودة ،سعر) :مما يجعل هذه البدائل ذات جودة عالية و بأسعار مالئمة تغري و تستقطب العمالء.
-غياب والء العمالء و عدم اهتمامهم بالعالمة أو االسم التجاري :مما يسهل دخول المنافسين بالبدائل إلى
السوق و استثمار هذه الصفة للعمالء ،خاصة في ظل انصياعهم وراء اإلغراءات السعرية .
)(2
عبد الرزاق بن حبيب :مرجع سابق ،ص ص.170 – 169 :
77
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
المبحث الثالث :خطوات تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :
يتوقف نجاح المؤسسات االقتصادية في ظل العولمة إلى حد كبير على مدى فاعليتها في فهم
و تحليل عوامل و متغيرات بيئتها الخارجية الدولية ،هذا األخير الذي يتم عبر خطوات ممنهجة تبدأ
بجمع البيانات و المعلومات حول هذه البيئة ،و تنتهي بمعالجتها و تشخيص أهم الفرص
و التهديدات بها.
المطلب األول :جمع البيانات و المعلومات حول البيئة الخارجية الدولية المؤسسة االقتصادية :
تعتبر عملية جمع البيانات و المعلومات مرحلة هامة و رئيسية في عملية تحليل البيئة الخارجية الدولية
للمؤسسة االقتصادية ،و هي مسألة بالغة التعقيد تحتاج إلى تحضير جيد يبدأ بتحديد أنواع البيانات
و المعلومات المطلوبة و مصادر الحصول عليها .
الفرع األول :إطار مفاهيمي عام حول بيانات و معلومات بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية :إن
تحديد إطار مفاهيمي عام حول بيانات و معلومات البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية يعتبر من
األمور بالغة األهمية قبل بدء عملية جمع البيانات و المعلومات حول هاته البيئة ،حيث يمكن هذا اإلطار
المؤسسة االقتصادية من اقتصاد الوقت و الجهد أثناء عملية الجمع.
أوال :تعريف بيانات و معلومات بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية :لقد اختلف العديد من
الباحثين و الدارسين حول صياغة تعريف لكل من بيانات و معلومات بيئة المؤسسة االقتصادية بصفة
عامة ،إال أن الكثير منهم أجمعوا على ما يجب أن تتضمنه هاته التعاريف ،و بالتالي فانه لصياغة تعريف
لبيانات و معلومات البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية يجب أن يتضمن هذا بعض األساسيات
التي ال يمكن االستغناء عنها ،و التي تتضح من خالل التعريفين التاليين:
( )1
هي عبارة عن الحقائق ،األفكار ،اآلراء ،األحداث و العمليات التي تعبر عن المواقف أ -البيانات:
و األفعال ،أو تصف متغيرات البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية ،دون أي تعديل أو تفسير
أو مقارنة ،و تكون مكتوبة أو شفوية ،كما يتم التعبير عنها بكلمات ،أرقام ،رموز ،أو أشكال.
( )2
هي بيانات البيئة الخارجية الدولية التي تمت معالجتها و حولت إلى صيغة ذات معنى ب -المعلومات:
للمؤسسة االقتصادية ،و ذات قيمة حقيقية مدركة في ق ارراتها اإلستراتيجية.
))1
عبد الرحمان الصباح :نظم المعلومات اإلدارية ،دار زهران للنشر ،عمان ، 1998 ،بتصرف ،ص.15 :
))2
حسن علي الزعبي :نظم المعلومات اإلستراتيجية – مدخل إستراتيجي ،دار وائل للنشر و التوزيع ،عمان ،الطبعة األولى ، 2005 ،بتصرف ،
ص.34:
78
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
ثانيا :خصائص معلومات بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية :من أهم الخصائص التي يجب أن
( )1
تتصف بهـا معلومات هذه البيئة مايلي :
أ -المالءمة :بمعنى أن تتناسب المعلومات مع الغرض الذي أعدت من أجله أال و هو تشخيص الفرص
و التهديدات بالبيئة الخارجية الدولية ،و يمكن الحكم على مدى مالءمتها بمدى تأثير هذه المعلومات على
المؤسسة االقتصادية و أنشطتها.
ب -الوقتية :بمعنى يجب أن تصل المعلومات في الوقت المناسب ،أي أن تكون متوفرة وقت الحاجة إليها
حتى تكون مفيدة و مؤثرة ،حيث تعد هذه الخاصية من الخصائص المهمة خصوصا في ظل بيئة خارجية دولية
سريعة التغير.
ج -السهولة و الوضوح :بمعنى أن تكون المعلومات واضحة و مفهومة لمستخدمها ،فال يجب أن تتضمن أي
ألفاظ أو رموز أو مصطلحات أو تعبيرات رياضية و معادالت غير معروفة ال يستطيع مستخدم هذه المعلومات
أن يفهمها.
د -الصحة و الدقة :يقصد بالمعلومات الصحيحة أن تكون معلومات حقيقية عن الشيء الذي تعبر عنه ،
و دقيقة بمعنى عدم وجود أخطاء أثناء إنتاج و تجميع و إعداد التقرير عن هذه المعلومات.
هـ -الشمول :بمعنى أن تكون المعلومات المقدمة معلومات كاملة تغطي كافة الجوانب المؤثرة على المؤسسة
االقتصادية و أنشطنها.
و -القبول :بمعنى أن تقدم المعلومات في الصورة و بالوسيلة التي يقبلها مستخدم هذه المعلومات ،أي في
شكل تقرير مكتوب بلغة سهلة و واضحة و مفهومة ،أو في شكل جداول أو إحصائيات أو رسومات بيانية ،
كما تكون مختصرة و كافية لفهم التغيرات في هذه البيئة .
ز -الجودة و التكلفة :تتحقق جودة البيانات و المعلومات بأمرين :أحدهما الموضوعية و يقصد بها عدم
التحيز في معالجة البيانات و طريقة عرضها ،و اآلخر تجنب األخطاء و التزوير.
أما عن التكلفة فيتعلق األمر بتكاليف الحصول على هاته المعلومات ،حيث يجب أن يكون العائد الذي تحققه
المؤسسة االقتصادية من جراء استخدام المعلومات معتب ار و أكبر من تكاليف الحصول عليها .
ثالثا :أنواع البيانات و المعلومات لهذه البيئة :يتم تصنيف البيانات و المعلومات في هذه البيئة إلى عدة أنواع
أهمها:
أ -البيانات و المعلومات الكمية و النوعية :و هي كما يلي:
-1بيانات و معلومات كمية :هي بيانات و معلومات رياضية و إحصائية ،تبرز عالقات محددة بين عدد من
العوامل أو المتغيرات ،و تتميز بالدقة ألنها تقوم على األرقام و اإلحصائيات و النسب المحددة.
))1
بن قارة أمينة :مرجع سابق ،بتصرف ،ص. 118:
79
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
-2بيانات و معلومات نوعية :هي عبارة عن أحكام أو تقييمات أو تقديرات غير محددة بأرقام ،و لذلك فإنها
تتميز عن الكمية بأنها معرضة لألخطاء التي تكون في الغالب نابعة من التقديرات الشخصيـة لألفـراد ،و التي
يشوبها النسيان أو التحيز أو عدم الموضوعية ،كذلك عدم التوافق و المالءمة الحتياجات المؤسسة االقتصادية.
ب -البيانات و المعلومات األولية و الثانوية :و هي كالتالي:
التي تجمع عن طريق االتصال المباشر بالجهـات التي تكـون المؤسسة االقتصادية على عالقة ( )1
-1األولـية:
معها ،و من أهم مصادرها:
-المالحظة.
-التجارب.
-البحث الميداني.
-التقدير الشخصي.
-2الثانـوية :هي تلك المنشورة و المتوافرة التي سبق جمعها و تسجيلها ،و كذلك تبويبها في سجالت المؤسسة
االقتصادية و دفاترها ،أو تم أو جار نشرها بواسطة إحدى الهيآت الخارجية ،باإلضافة إلى تلك الدراسات
أو النتائج التي سبق أن توصل إليها و نشرها الباحثون اآلخرون أفرادا أو جماعات ،أو أجهزة البحوث.
( )2
)(1
نواف كنعان :اتخاذ الق اررات اإلدارية ( بين النظرية و التطبيق ) ،دار الثقافة ،عمان ، 1998 ،ص.134 :
))2
محي الدين األزهري :بحوث التسويق :علم و فن ،دار الفكر العربي ،القاهرة ، 1993 ،ص.151 :
80
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
))1
فالح حسن الحسيني :مرجع سابق ،بتصرف ،ص.81 :
81
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
))1
فضيل دليو :دراسات في المنهجية ،الديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2000 ،ص.65 :
82
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
و تسمى أيضا بالمتوسطات ،حيث أن المتوسط هو القيمة النموذجية -1مقاييس النزعة المركزية:
أو الممثلة لمجموعة من البيانات ،و هاته القيمة النموذجية تميل إلى الوقوع في المركز داخل مجموعة بيانات
مرتبة حسب قيمها ،كما أن لهذه المتوسطات صو ار عديدة لكل منها مميزاته و عيوبه باالعتماد على البيانات
و الهدف من استخدامها ،و من أهمها :الوسط الحسابي ،الوسيط ،المنوال ،الوسط الهندسي ،الوسط
( )1
التوافقي.
-2مقاييس التشتت :و هي مقاييس تعكس تشتت البيانات الرقمية حول قيمة وسطى ،و ذلك بغية قياس
التفاوت بينها و مقارنتها ،و من أهم هذه المقاييس :المدى ،االنحراف المتوسط ،نصف المدى الربيعي ،
االنحراف المعياري .
-3األرقام القياسية :هي مقاييس إحصائية مصممة إلظهار التغيرات في متغير أو مجموعة من المتغيرات
بالنسبة للزمن أو المكان الجغرافي أو أي خاصية أخرى ،و تسمى أحيانا المجموعة من األرقام القياسية
() 2
لسنوات أو أماكن مختلفة بالسلسلة القياسية.
و على الرغم من أهمية الدراسة اإلحصائية و قيمتها بالنسبة لتحليل هذه البيئة ،إال أنها تبقى ناقصة
و غير كاملة إذا لم يتم تفسيرها و تبيان مدلولها بالنسبة للمؤسسة االقتصادية كيفيا ،لتجسد معلومات البيئة
الخارجية الدولية لهذه المؤسسة.
ج -أسلوب التوقع أو التنبؤ :تقوم هذه الدراسة على إضافة عنصر األفق الزمني المستقبلي للبيانات الحـالية ،
و يتم ذلك بالعـديد من الطـرق النوعية و الكمية التي تتيح معلومات و مؤشرات تساعد على تصميم افتراضات
يسترشد بها محلل هذه البيئة للتوقع أو التنبؤ بمتغيراتها.
-1الطرق النوعية ( الوصفية ) :و هي طرق أساسها الخبرة و آراء األفراد داخل و خارج المؤسسة ،من
أهمها :
-الحدس و الخبرة :وتعتبر من األساليب النوعية األكثر شيوعا في القيام بالتوقع أو التنبؤ أين يعتمد متخذ
القرار كليا على خبرته أكثر من النماذج العلمية و اإلحصائية ،مما يجعل نتائج التنبؤ تكون في وقت محدود
نسبيا و بتكلفة منخفضة و ق ارراتها مرنة ،إال أنها تتسم بالتحيز الشخصي في عملية التقدير و التنبؤ.
-أسلوب دلفي :طور هذا األسلوب من قبل شركة " راند " RANDاألمريكية كطريقة تنبؤ جماعي تلغي
التأثيرات غير المرغوب فيها بين أعضاء اللجنة ،فليس من الضروري أن يلتقي الخبراء وجها لوجه و ال أن
يعرف بعضهم بعضا ،حيث تبدأ الطريقة بأن يكتب كل خبير تقديراته الشخصية حول التغيرات المحتملة
)(1
مواري ر .شبيجل :ملخصات شوم نظريات و مسائل في اإلحصاء ،ترجمة :شعبان عبد الحميد شعبان ،الدار الدولية لالستثما ارت الثقافية ،القاهرة
،الطبعة السابعة ، 2004 ،ص.73 :
))2نفس المرجع السابق ،ص. 497 :
83
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
لـبيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية مدعمة أو مبررة مع االفتراضات التي وضعها ،ثم تعطى هذه
التقديرات إلى منسق يؤلف بينها و يلخصها ،ليوزع هذا الملخص من جديد في جولة ثانية مع قائمة جديدة
من األسئلة ،و تستمر هذه العملية لعدة جوالت حتى تتحدد خصائص التنبؤ و نصل إلى شبه اتفاق بين
الخبراء من خالل مالحظة أن الجوالت الجديدة لم تضف تغي ار على الجوالت السابقة ،و بالتالي فهذه
الطريقة تتميز بأنها تستفيد من تعدد اآلراء و الخبرات و تتحاشى اآلثار السلبية الجتماع الخبراء وجها لوجه
) )1
كطغيان رأي واحد على المجموعة .
-العصف الذهني :هو أسلوب نوعي للتنبؤ يقوم على تفكير تخيلي ألفراد لديهم المعرفة و الخبرة بالموقف
موضع التنبؤ و كذلك الخيال الواسع بقدر اإلمكان ،حيث يقوم قائد حلقة العصف الذهني بتشجيع
األعضاء على توليد أفكار بغض النظر عن جودتها على أساس أنه سيجري تقييمها و تصفيتها بعد ذلك ،
و ال يسمح القائد بمقاطعات أو انتقادات خالل مرحلة توليد األفكار ،كما يبني األعضاء أفكارهم على أفكار
( )2
سابقة أخرى طرحت .
إن هذا التفكير الجماعي يؤدي إلى تكوين رؤى أفضل مما لو قام المسير االستراتيجي بذلك لوحده ،و كذلك
يؤدي إلى الخروج بأفكار و أراء مبتكرة و خالقة تتوقع أو تتنبأ بتغيرات البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة
االقتصادية.
-السيناريوهات :تشير األدبيات المتخصصة إلى أن استعمال هذا األسلوب في منظمات األعمال كان بدءا
من سنة ، 1967و من ثم برزت الحاجة إلى بناء السيناريوهات كأحد األساليب النوعية في التفكير
االستراتيجي بسبب التحديات لتي تواجهها المؤسسات االقتصادية من البيئة الخارجية الدولية ،و التي تتسم
بالتغير المستمر و الشديد تحت إطار العولمة من جهة و صعوبة التكيف معها باألساليب التقليدية و التنبؤية
قصيرة المدى من جهة أخرى ،حيث يمثل هذا األسلوب تهيئة لألذهان من أجل النظر في أكثر من صورة
وحيدة للمستقبل عبر وصف عدة بيئات مستقبلية تختلف عن بعضها و يحتمل أن تواجه المؤسسة
( )3
االقتصادية واحدة منها.
و يمكن أن نوضح أهم خطوات بناء السيناريوهات كما يلي:
))1
لقوقي فاتح :جودة نماذج السالسل الزمنية الموسمية المختلطة SARIMAفي التنبؤ بالمبيعات -دراسة حالة مؤسسة مطاحن جديع بتقرت ،مذكرة
مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير في علوم التسيير ،تخصص :األساليب الكمية في التسيير ،غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية
و علوم التسيير ،جامعة بسكرة ، 2014/2013 ،ص. 36 :
()2
أحمد سيد مصطفى :التخطيط االستراتيجي و اإلدارة اإلستراتيجية ،ماس للطباعة ،مصر ،2012 ،ص. 225 :
))3
زكريا الدوري ،أحمد علي صالح :الفكر اإلستراتيجي و انعكاساته على نجاح منظمات األعمال– قراءات و بحوث ،دار اليازوري العلمية للنشر
. و التوزيع ،عمان ، 2009 ،ص ص34 -33:
84
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
-4إعداد ثالثة أشكال من السيناريوهات -في العادة -أو أكثر :بشكل تختلف
معطيات كل منهم عن اآلخر لمواجهة المستقبل الذي نتخيله.
المصدر :زكريا الدوري : :أحمد علي صالح :الفكر اإلستراتيجي و انعكاساته على نجاح منظمات األعمال – قراءات
و بحوث ،دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع ،عمان ، 2009 ،بتصرف ،ص. 37:
85
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
-2الطرق الكمية :و هي طرق تقوم أساسا عند توفر معلومات سابقة قابلة للقياس حول المتغير المتنبأ به ،
تنطلق من فرضية النمط الماضي سيستمر في المستقبل ،من أهمها :
-طريقة المتوسطات المتحركة البسيطة :تستخدم هذه الطريقة متوسط قيم من البيانات األكثر حداثة كتنبؤ
للفترة القادمة ،حيث اصطالح متحرك يشير إلى أنه كلما كانت المشاهدة الجديدة متوفرة تستبدل مكان األقدم
() 1
و يحسب متوسط جديد ،لذلك فالمتوسط سيتغير و يتحرك كلما توفرت مشاهدة جديدة .
-طريقة المتوسطات المتحركة المرجحة :هذه الطريقة التي تعطي لكل مشاهدة تاريخية وزن معين -و هذا من
نقائص الطريقة السابقة -فالوزن يترجم بمعامل الترجيح باعتبار أن السلسلة تتخللها تقلبات حادة خالل فترة
زمنية محددة تؤخذ بعين االعتبار ،و تعرف على أنها الوسط الذي يتم تعديله بشكل مستمر مع مرور الفترات
الزمنية عن طريق تغيير األرقام التي يحسب على أساسها ،و ذلك بإضافة رقم جديد و إسقاط رقم قديم .
-طريقة التمهيد األسى البسيط :تستخدم هذه الطريقة مرجح من قيم السلسلة الماضية كتنبؤ -و هي حالة
خاصة من طريقة المتوسطات المتحركة المرجحة – تتطلب وجود ثالث بيانات :القيمة الفعلية األخيرة الخاصة
() 2
بالظاهرة محل التنبؤ ،آخر قيمة متوقعة ،معامل الترجيح .
-طريقة تحليل االنحدار الخطي البسيط :تستخدم هذه الطريقة لمعرفة االتجاه العام للظاهرة محل التنبؤ،
و من ثم توقع المستقبل بامتداد خط االنحدار ،و الهدف منها توضيح العالقة بين متغيرين ( مستقل و تابع ) .
-السالسل الزمنية :هذا األسلوب يقوم على افتراض أساسي مؤداه أن ما حدث في الماضي سوف يتكرر حدوثه
في المستقبل ،فالعالقة بين المتغيرات الخاضعة للتنبؤ سوف تظل على حالها دون حدوث أي تغير فيها ،فيتم
جمع البيانات الكمية من مصادرها األولية و الثانوية ،و من ثم و عن طريق تحديد و معرفة االتجاه الحقيقي
للقيم ،أو ما يعرف بخط االتجاه العام و تحديد معادلته ،يستطيع المحلل أن يحدد أو يقدر ما ستكون عليه هذه
البيانات خالل الفترة الزمنية المطلوبة.
إن استخدام السالسل الزمنية للتنبؤ ببيانات البيئة الخارجية الدولية هو مؤشر سليم ،يشترط بيانـات دقيقـة
و لفترة طويلة نسبيا ،تدعم بإطار كيفي لتفسير هذه البيانات المتنبأ بها و تحديد مدلولها بالنسبة للمؤسسة
االقتصادية لتجسد في شكل معلومات بيئية خارجية لها.
الفرع الثاني :تشخيص الفرص و التهديدات ببيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية و تقييمها :تعتبر
هذه العملية المرحلة األخيرة في تحليل بيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية ،فبعد أن تنتهي
عملية التحليل يأتي دور التشخيص الذي يبحث عن استنباط األحكام النهائية حول الوضعية التي تتميز بها
( )1ديفيد أندرسون و آخرون :األساليب الكمية في اإلدارة ،ترجمة :محمد توفيق البلقيني ،مرفت طلعت المحالوي ،دار المريخ للنشر ،الرياض ،
،2006ص . 222 :
))2نفس المرجع السابق ،ص ص.227 -226 :
86
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
هاته البيئة ،و تخضع هذه العملية إلى التصور و الخبرات التي يتمتع بها المسيرون لضبط الصورة الكاملة لما
ستكون عليه البيئة الخارجية الدولية في المستقبل ،و على ضوء ذلك يمكن مراجعة األهداف الخاصة
و أقلمتها مع النتائج المتوصل إليها لمواكبة المتغيرات ،حيث يقوم بعملية التشخيص حسب األطراف المستفيدة
منها و الهدف المنتظر من هذه العملية طرفان :طرف خارجي( كأن يكون مستشا ار خارجيا) و طرف داخلي
( المؤسسة نفسها ) ،لتأتي في األخير مرحلة تقييم اإلستراتيجيون لكل من فرص هاته البيئة و تهديداتها.
( )1
أوال :الفـرص :هي عبارة عن مواقف و عوامل خارجية تساعد المؤسسة االقتصادية في تحقيق أهدافها .
أي أن الفرصة يمكن أن تكون موقفا تستطيع استثماره لتحسين وضعها ،أـو أن يكون عامال خارجيا ببيئتها
الخارجية الدولية يمكنها من تحقيق أهدافها.
و بما أنه يمكن للمؤسسة االقتصادية أن تواجه عدد كبير من الفرص ببيئتها الخارجية الدولية يصعب
علبها استغاللها كليا ،فتجد نفسها أمام وضع يفرض عليها تحديد األهم منها ،انطالقا مما يلي:
أ -التعرف و بشكل دقيق على طبيعة الفرص المتاحة ،من أجل تحديد :الكلف ،العوائد ،و المخاطر التي
تتضمنها.
ب -تقييم الفرص المتاحة و تقدير جدواها من حيث قدرتها على تحقيق عوائد تفوق كلفها و حجم المخاطرة التي
تكتنفها ،و كذلك مدى مالءمتها إلمكانات المؤسسة االقتصادية.
ثانيا :التهديدات :و هي عبارة عن أي موقف ،فكرة ،أو موقع يؤدي تجاهل أو ضعف التعامل معه إلى
( )2
عرقلة مسيرة المؤسسة االقتصادية أو إلحاق الضرر بها ،حسب رؤياها اإلستراتيجية حاليا و مستقبال .
و إذا كا نت المؤسسة االقتصادية في وضع تتعدد فيه التهديدات ببيئتها الخارجية الدولية ،و يصعب تجنبها
أو التقليل من مخاطرها كليا ،فيجب عليها تحديد أكثرها تهديدا لها للتركيز عليها.
ثالثا :تقييم الفرص و التهديدات بالبيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية :يتم ذلك من خالل مصفوفة
تقييم الفرص و التهديدات التي تساهم في معرفة األهمية النسبية لجميع المتغيرات بالبيئة الخارجية الدولية
للمؤسسة االقتصادية عن طريق تقييم اإلستراتيجيون للفرص و التهديدات ،و يتم تكوين هذه المصفوفة من
()3
خالل خمس الخطوات التالية:
أ -إعداد قائمة بعوامل النجاح مستنتجة من المسح الشامل للبيئة الخارجية الدولية على أن تكون في مدى من
10إلى 20متغي ار متضمنة جميع مناطق المسح البيئي و شاملة للفرص و التهديدات.
))1
عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :إدارة اإلستراتيجية -خمس خطوات نحو الهدف ،دار المعارف ،الدوحة ، 2012 ،ص. 41:
))2
حسن علي الزعبي :مرجع سابق ,ص.115 :
) (3جمال رشدي عبد العزيز :منهج مقترح لتطوير قياس و تقويم أداء الوحدات االقتصادية في ظل مفهوم األداء االستراتيجي ،أطروحة دكتوراه الفلسفة في
المحاسبة ،غير منشورة ،كلية التجارة ،جامعة عين شمس ،مصر ، 2004 ،بتصرف ،ص ص. 100 -99 :
87
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
ب -تخصيص وزن نسبي يتراوح ما بين( )0أين ال توجد أهمية و ( )1أين توجد أهمية عالية ،لكل عامل
مع األخذ في االعتبار األوزان الجزئية من الصفر إلى الواحد ،و يشير هذا الوزن إلى األهمية النسبية
للعامل البيئي من وجهة نظر االستراتيجيين و في العادة تكون األوزان النسبية للفرص أكبر من األوزان النسبية
للتهديدات ،إال أنه يمكن إعطاء التهديدات وزنا أكبر إذا كانت خطيرة بصورة ملفتة للنظر ،و هنا يجب أن
تكون مجموع األوزان لعوامل البيئة الخارجية الدولية تساوي الواحد صحيح.
ج -تقدير مدى من ( )1إلى ( )4للتعبير عن درجة استجابة اإلستراتيجية الحالية للمتغير أو العامل موضوع
التقييم ،حيث القيمة ( )4تشير إلى استجابة عالية و ( )3إلى استجابة فوق المتوسطة ،كما تشير القيمة ()2
إلى استجابة متوسطة أما القيمة ( )1فتشير إلى استجابة ضعيفة.
د -يتم ضرب الوزن النسبي في الترتيب لنحصل على األوزان المرجحة.
هـ -استخراج مجموع األوزان المرجحة لمعرفة القيمة الكلية لتأثير هذه العوامل على المؤسسة االقتصادية ككل،
حيث يتراوح الوزن النسبي اإلجمالي المرجح للمؤسسة االقتصادية ككل ما بين ( )4و التي تشير إلى كفاءة
استراتيجيات هذه المؤسسة في االستفادة من الفرص المتاحة و تخفيض أو تجنب آثار التهديدات ،و الرقم ()1
الصحيح الذي يشير إلى عدم كفاءة استراتيجيات هذه المؤسسة في االستفادة من الفرص المتاحة و تخفيض
أو تجنب آثار التهديدات ،أما المدى فيما بينهما فيعبر عن درجات متفاوتة لكفاءة االستراتيجيات المنتهجة من
طرف هذه المؤسسة ،فإذا كانت أكبر من المدى ( )2فيمكن اعتبار استراتيجيات هاته المؤسسة االقتصادية ذات
كفاءة أما إذا كانت أقل من ذلك فيجب إدخال تعديالت جوهرية على االستراتيجيات الحالية.
و يمكن توضيح نموذج لمصفوفة تقييم الفرص و التهديدات بالبيئة الخارجية الدولية كمايلي:
xxx
اإلجمالي
المصدر :جمال رشدي عبد العزيز :منهج مقترح لتطوير قياس و تقويم أداء الوحدات االقتصادية في ظل مفهوم األداء
اال ستراتيجي ،أطروحة دكتوراه الفلسفة في المحاسبة ،غير منشورة ،كلية التجارة ،جامعة عين شمس ،مصر ، 2004 ،
بتصرف ،ص. 100 :
88
الفصـل الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية
استعرضنا في هذا الفصل اإلطار النظري لبيئة المؤسسة االقتصادية الخارجية الدولية و لتحليلها ،كما
عرضنا أيضا مكونات هذه البيئة ،ثم خطوات تحليل البيئة الخارجية الدولية لهذه المؤسسة.
فخلصنا في النهاية بأن عناصر البيئة الخارجية الدولية عديدة و معقدة بفعل انفتاح االقتصاديات على بعضها
البعض و العمل في ظل تعدد السياسات و الثقافات و العادات و القوانين ،مما يجعل المؤسسة االقتصادية أمام
ضرورة أخذ هذه العناصر بعين االعتبار ،و ذلك ألن نجاح هذه المؤسسة أو فشلها يتوقف إلى حد كبير على
مدى قدرتها على خلق درجة عالية من التناغم مع تغيرات بيئتها الخارجية الدولية ،هذه البيئة التي تشمل العديد
من المتغيرات و التي تم تصنيفها إلى:
-بيئة خارجية دولية عامة :تشمل جميع المتغيرات التي تؤثر على المؤسسات عامة ،و ال يمكن لهذه
األخيرة أن تؤثر عليها إال في حاالت محدودة جدا ،و تتمثل هاته المتغيرات في :العوامل السياسية
و االقتصادية ،الثقافية و االجتماعية ،اإليكولوجية ،التكنولوجية ،العوامل التشريعية و التنظيمية.
-بيئة خارجية دولية خاصة :تشمل تلك المتغيرات التي لها ارتباطا وثيقا بطبيعة نشاط المؤسسة االقتصادية
و تؤثر بشكل مباشر عليها ،كما يمكن لهذه المؤسسة أن تؤثر عليها ،و تتمثل هاته المتغيرات في :الممولين
و الوسطاء ،الموردين و مقدمي الخدمات ،العمالء و مجموعات الضغط ،تكنولوجيا النشاط و المنافسين.
كما خلصنا إلى أن هذه الدرجة من التناغم تتحقق عبر مدخل رئيسي يتمثل في تحليل هاته المؤسسة
االقتصادية لبيئتها الخارجية الدولية ،هـذا التحليل الـذي يمـر بخطوات متتالية تبدأ بمرحلـة جمـع البيانـات
و المعلومات من مصادرها المختلفة بعد تخطيط عملية التجميع و اعتماد أحد مدخلي هذا التجميع ،ليقوم
المحلل لهذه البيئة فيما بعد بمعالجة هاته البيانات بدءا من مراجعتها و تبويبها فتصنيفها ،ثم دراستها بمختلف
الطرق الكيفية و الكمية ،و تجسيد المعلومات الحالية و المستقبلية لهذه البيئة ،ليتم بعد ذلك تحديد تأثير تلك
المعلومات على المؤسسة االقتصادية ثم تشخيص الفرص و التهديدات.
كما خلصنا في األخير إلى أنه يمكن للمؤسسة االقتصادية أن تواجه العديد من الفرص و التهديدات التي
تجعلها في وضع ال يسمح لها باستغالل كل هذه الفرص و تجنب أو التقليل من مخاطر كل هذه التهديدات،
لذلك يجب أن تحدد من بين كل الفرص و التهديدات األهم فقط و التركيز عليها ،كما أنه يمكن للمؤسسة
االقتصادية تقييم الفرص و التهديدات ببيئتها الخارجية الدولية لمعرفة األهمية النسبية لجميع متغيرات هذه البيئة،
و مدى كفاءة استراتيجياتها المعتمدة في استغالل هذه الفرص و تجنب أو التقليل من مخاطر هاته التهديدات ،
تحت إطار حيث يتم إدخال تعديالت جوهرية على االستراتيجيات الحالية المعتمدة إذا كانت أقل كفاءة
استم اررية ما يعرف بـ " :التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية ".
89
الفصل الثالث:
مدخل نظري حول التسيير
االستراتيجي للمؤسسة
االقتصادية
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
تمهيد:
يعتبر مصطلح التسيير االستراتيجي من المصطلحات الحديثة في المجاالت اإلدارية ،حيث اقتصر
استخدامه في البداية على النواحي العسكرية ليشمل فيما بعد و مع التطور الكبير في العلوم االجتماعية
المجاالت اإلدارية و االقتصادية ،مما جعل أغلب المؤسسات االقتصادية تتجه نحو هذا النوع من التسيير
الذي وجدت فيه الوسيلة التي تمكنها من توحيد جهود األفراد و االستخدام األمثل للموارد المتاحة ،و تحويل
رأس المال البشري إلى رأس مال فكري يحقق أهدافها.
و عليه سنتطرق من خالل هذا الفصل بشيء من التفصيل إلى أهم جوانب و مرتكزات التسيير االستراتيجي
للمؤسسة االقتصادية عبر المباحث التالية:
-المبحث األول :إطار عام حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية.
-المبحث الثاني :مراحل التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية.
-المبحث الثالث :مستويات التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية.
91
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
)(1
عبد المليك مزهودة :الفكر االستراتيجي التسييري من نموذج SWOTإلى نظرية اإلستراتيجية ،مجلة العلوم اإلنسانية ،جامعة بسكرة ،العدد الرابع
،ماي ، 2003ص ص .110 -109 :
92
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
و بذلك ساهم السياق السابق و بشكل سريع في جعل اإلستراتيجية مجاال للفكر و الممارسة التسييريين ،إذ
أنه مع بداية الستينات من القرن الماضي أصبحت أغلب المؤسسات الكبرى في الواليات المتحدة األمريكية
مزودة بخطة إستراتيجية تتناول خصوصا اختيار مجاالت النشاط و طبيعة كثافة اندفاع المؤسسة فيها.
أما فكريا فيقترن ظهور وارساء اإلستراتيجية في علوم التسيير خصوصا بمؤلف "شاندلر" ()Schandler
المعنون بـ :اإلستراتيجية و الهيكلة ( )Strategy and Structureالذي نشر في سنة ، 1962حيث سلط الضوء
على العالقة بين اإلستراتيجية و هيكلة المؤسسة بمقاربة تاريخية تناولت تطور الهياكل التنظيمية
و االستراتيجيات ألهم الشركات األمريكية ،فتوصل إلى نتيجته الشهيرة " اإلستراتيجية تسبق الهيكلة " ،و في
الوقت نفسه أسهب المؤلف في تناول مراحل إعداد اإلستراتيجية و تنفيذها إلى الحد الذي جعل البعض يربط
ميالد اإلستراتيجية في التسيير به ،باعتباره أول من أسسها بناءا على تصور سبقي للمستقبل الموجه نحو تنمية
المؤسسة و المدعم بمعطيات حول تالزمات :حجم اإلنتاج ،التكاليف ،األرباح.
و في سنة 1965نشر " أنسوف " ( ) Ansoffمؤلفا بعنوان :إستراتيجية المؤسسة ( Corporate
)Strategyيحلل فيه سياسات النمو و التوسع للمؤسسات ،و يقسم فيه فضاء الق اررات التسييرية إلى ثالثة
مستويات متدرجة :استراتيجي ،إداري وجاري ،و بهذا الطرح وافق " أنسوف " أبو التحليل االستراتجي
" شاندلر" في اعتبار الق اررات اإلستراتيجية إطا ار لضبط مختلف السياسات الوظيفية بالمؤسسة.
كما أن ثالث طرح أسس للفكر االستراتيجي في المؤسسة هو نموذج باحثي " مدرسة هارفارد لألعمال"
( )HARVARD Business Schoolالذي يعرف باسم ( .)( )SWOTأو ما عرف أيضا بنموذج ( )LCAGنسبة
إلى الباحثين )Guth, Andrews, Christensen, Learned( :الذي نشر سنة 1965في كتاب بعنوان :سياسة
األعمال :نصوص و حاالت ( )Business Policy : Texts and Casesليقدم طريقة إجرائية رسمية إلعداد
االستراتيجيات و تنفيذها استخلصها بإتباع منهج دراسة الحالة ،حيث ينطلق هذا النموذج من فكرة المقابلة
المنطقية بين فرص و مخاطر البيئة من جهة و إمكانيات المؤسسة معب ار عنها بنقاط القوة و نقاط الضعف من
جهة أخرى لوضع اإلستراتيجية المناسبة.
إن مجمل هذه الكتابات تعتبر أولى مدارس الفكر االستراتيجي التسييري ،التي اصطلح عليها المدرسة
التصورية كونها تعتقد أن صياغة اإلستراتيجية في حد ذاتها عملية تصورية أو تنطلق من مجموعة من األفكار
األساسية لتنتهي بصياغة اإلستراتيجية.
)(
SWOT : Strengths, Weakness, Opportunities, Threats.
93
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
الفرع الثاني :مرحلة التخطيط االستراتيجي :لقد ساد خالل الخمسينيات و بداية الستينيات من القرن الماضي
إنشاء خاليا للتخطيط في المؤسسات ،و تطوير األدوات و التقنيات التي يستعملها المخططون ،و احتدام
المنافسة في مجاالت أكثر دقة ،و كذلك ازدياد وتيرة االختراعات التكنولوجية من جهة و تأكيد باحثي
" هارفارد " على ضرورة و أهمية إعداد استراتيجيات و تنفيذها من جهة أخرى ،جعل التخطيط طويل المدى
يأخذ بعدا استراتيجيا و يتكفل بتحديد التوجهات و الخيارات اإلستراتيجية للمؤسسة ،ليعرف التخطيط
االستراتيجي خالل الستينيات و بداية السبعينيات من القرن الماضي تطو ار عميقا إلى حد محاولة تطوير نظرية
شاملة للتخطيط بمساهمة من مكاتب االستشارات التسييرية ،التي جعلت من اإلستراتيجية سلعة تمحورت حولها
الخدمات التي اقترحتها و أقبلت عليها المؤسسات بكثافة ،خصوصا في مجال تسيير حافظة األنشطة
اإلستراتيجية ،على أن مكاتب االستشارات لم تتوقف عند تقديم الخدمات فحسب بل اهتمت أيضا بالجانب
التنظيري للفكر االستراتيجي و اقترحت أدوات للتحليل وظفتها أغلب المؤسسات ،و في هذا المجال اشتهرت
المصفوفات كأهم أدوات تحليل حافظات األنشطة و دراسة توازن المؤسسة من حيث المردودية المالية
و الثنائيات :سوق /منتج.
()1
يرجع ظهور مصطلح التسيير االستراتيجي إلى مرحلة الفرع الثالث :مرحلة ظهور التسيير االستراتيجي:
السبعينيات من القرن الماض ي ،ففي عز تطور التخطيط االستراتيجي و انتشاره في المؤسسات ،بادر
" أنسوف " انطالقا من بعض إرهاصات الفشل في الميدان ،إلى التفكير في التسيير االستراتيجي كتيار يحوي
فيما بعد التخطيط االستراتيجي و ينقذ إستراتيجية المؤسسة من العقالنية المفرطة ،فنظم سنة 1973الندوة
العالمية األولى للتسيير االستراتيجي ،و التي تالها سنة 1976بمؤلف مشترك مع " هايس " و" كالرك "
بعنوان :من التخطيط االستراتيجي إلى التسيير االستراتيجي ( From Strategic Planning to Strategic
. )Managementو قد بدأ ذلك في البداية مجرد تحول سيمولوجي ليس إال ،ألن المجال لم يكن آنذاك يسمح
بمثل هذه التغيرات الجذرية ،غير أنه مع النقائص التي ميزت التخطيط االستراتيجي ،و التي من أهمها :
-اندفاع المسيرين نحو المدى الطويل رغم غياب المعلومات عنه.
-االهتمام بالخطط أكثر من التخطيط ( المحتوى أهم من العملية ).
-االعتماد على معايير المردودية.
-السعي نحو تقليص الاليقين بدال من تضخيمه و تصور مستقبل المؤسسة على ضوء ذلك.
( )1عبد المليك مزهودة :التسيير االستراتيجي مقاربات مفهومية و تحديات التنافسية ،مجلة الباحث ،جامعة ورقلة ،العدد ، 2006 ، 04 :ص.87:
94
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
و كذلك االنتقادات التي وجهت للمصفوفات باعتبارها أشهر أدوات التحليل االستراتيجي آنذاك ،و التي فعلت
بالمؤسسات األمريكية ما لم تفعله المنافسة اليابانية ،و ذلك لألسباب التالية:
-الوضعية التي تصورها عن المؤسسة ما هي إال وضعية تاريخية لن تستمر بالضرورة .
يرتبط تطور المؤسسة بالثنائيات ( سوق /منتج ) بدال من مهاراتها و كفاءتها. -
-تعتمد كثي ار على التجزئة التي تهمل تماما أفضليات الزيادة.
-اقتصار تحليلها على بعدين اقتصاديين مهما كثرت خاناتها.
و نتيجة لكل هذا تقلصت مصداقية إستراتيجية المؤسسة ككل فجاء التسيير االستراتيجي حسب
" أنسوف " للمزاوجة بين التخطيط و التنفيذ االستراتيجيين بأبعاد شملت جملة من العناصر ،أهمها :الموارد ،
التنظيم ،و العالقات بين األطراف الفاعلة داخل المؤسسة ،فاحتل بذلك حي از هاما في أدبيات التسيير بل أخذ
مكانة ال تقل أهمية عن مكانة اإلستراتيجية نفسها لدى المسيرين و المنظرين على حد سواء ،و تطور إلى حد
كبير في ظل تغيرات القرن الحادي و العشرين السيما في ظل تأثير العولمة و ثورة تكنولوجيات اإلعالم
و االتصال.
المطلب الثاني :ماهية التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية:
تعتبر عملية تحديد إطار مفاهيمي يحدد ماهية التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية من األهمية بما كان
عند دراسة هذا النوع من التسيير ،مما جعلنا نتطرق إلى هذا اإلطار من خالل :تعريف التسيير االستراتيجي
للمؤسسة االقتصادية ،ثم تحديد أهدافه و أهمية تطبيقه ،فتحديد عالقته بالتخطيط االستراتيجي ،و في األخير
استعراض أهم التحديات التي تواجهه .
الفرع األول :تعريف التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية :يعتبر تحديد مفهوم جامع و شامل للتسيير
االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية من األمور التي يصعب تحقيقها ،و ذلك لتعدد آراء الكتاب و الدارسين حول
هذا الموضوع ،لذلك سنورد أهمها كما يلي:
أوال :يعرف التسيير االستراتيجي على أنه " :العملية اإلدارية المتعلقة بحماية و تطوير العالقة بين المؤسسة
()1
و بيئتها ،بواسطة وضع أهداف و استراتيجيات لنمو المؤسسة ،و خطط لمحفظة أعمالها".
لقد طرح هذا التعريف جانبا مهما حيث ركز على دور التسيير االستراتيجي في حماية و الحفاظ على
التناغم بين المؤسسة و بيئتها ،إال أنه جعل التسيير االستراتيجي كالتخطيط االستراتيجي ،دون وضع هذه
الخطط موضع التنفيذ.
)(1
Phillip Kolter : Marketing Management : Analysis , Planning , and Control , 4th Edition , Engle Wood , N. J ,
Prentice – Hallinc , 1980, p: 65.
95
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ثانيا :التسيير االستراتيجي هو " :مجموعة من الممارسات و الق اررات اإلدارية المتضمنة بناء إستراتيجية
المؤسسة و تنفيذها و الرقابة عليها ،عبر تحديد الفرص و التهديدات البيئية ،و جوانب القوة و الضعف في
()1
المنظمة لتحديد األداء في المدى الطويل".
أعطى هذا التعريف صورة أوضح عن التسيير االستراتيجي بتحديده ألهم مقومات هذا النوع من التسيير،
إال أنه لم يوضح القائمين على هذا التسيير و في أي مستوى إداري ،و ما هي الوسائل الالزمة لذلك.
ثالثا :التسيير االستراتيجي هو " :علم و فن صياغة ،تنفيذ ،و عرض الق اررات الوظيفية المتداخلة التي تحقق
()2
للمنظمة أهدافها الرئيسية".
لقد أضاف هذا التعريف طبيعة هذا النوع من التسيير ( فهو علم و فن ) ،إال أنه لم يوضح طبيعة
القائمين عليه و طبيعة األهداف ( قصيرة ،متوسطة ،طويلة األجل ).
رابعا :التسيير االستراتيجي هو " :عملية تتضمن تصميم و تنفيذ الق اررات ذات األثر طويل األجل ،و التي
()3
تهدف إلى زيادة قيمة المؤسسة من وجهة نظر العمالء و المساهمين و المجتمع ككل".
لقد قدم هذا التعريف التسيير االستراتيجي على أنه جملة من الق اررات ذات األثر طويل األجل ،التي
تسعى المؤسسة من ورائها إلى زيادة قيمتها ،إال أنه أهمل جانب االستم اررية حيث أنه يمكن للمؤسسة أن تزيد
قيمتها في فترة ما لكن ال تضمن بعد هذه الفترة استم ارريتها.
خامسا :التسيير االستراتيجي هو " :عملية تكيف المؤسسة مع محيطها ،بما يضمن تحقيق أغراضها
()4
و استم ارريتها في المدى البعيد ،من خالل العمل على رفع قيمة منتجاتها و خدماتها".
لقد قدم هذا التعريف التسيير االستراتيجي بصورة أوضح ،إال أنه لم يوضح مكونات هذه العملية
و القائمين عليها .
و في األخير يمكن أن نعرف التسيير االستراتيجي على أنه :علم و فن صياغة إستراتيجية المؤسسة
و تنفيذها و الرقابة عليها و تقويمها ،يتم على مستوى اإلدارة العليا من طرف قادة إستراتيجيون.
الفرع الثاني :أهداف التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية و أهمية تطبيقه :تسعى المؤسسات من خالل
التسيير االستراتيجي إلى تحقيق جملة من األهداف ،و تحقيق العديد من المكاسب المترتبة على تطبيق هذا
النوع من التسيير و التي تعكس أهميته.
)(1
Thomas . w, David H : Strategique Management, Addison Wesley Publishing co, New York, 1986, P: 27.
)(2
Fred . R : Concept of Strategique Management, Mac millan Publishing co, Inc, New York, 1988, p: 5.
( )3أحمد محمد عوض :اإلدارة اإلستراتيجية – األصول و األسس العلمية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ، 2000 ،ص.06 :
( )4حسين حريم :إدارة المنظمات (منظور كلي) ،دار الحامد ،الطبعة األولى ،عمان ، 2003 ،ص. 86 :
96
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
أوال :أهداف التسيير االستراتيجي :من أهمها:
أ -صياغة الرؤية و الرسالة اإلستراتيجية للمؤسسة.
ب -تحليل مكامن القوة و الضعف ( تحليل البيئة الداخلية ) و كذلك تحليل الفرص و التهديدات ( تحليل البيئة
الخارجية ).
ج -تطوير إستراتيجية المؤسسة عبر اختيار مجموعة األهداف طويلة المدى و االستراتيجيات التي تحقق
الخيارات المرغوب فيها.
د -تنفيذ و تطبيق اإلستراتيجية من خالل توزيع المصادر عبر عملية يتم فيها ربط المهام و القوى العاملة ،
و الهياكل و التكنولوجيا بكفاءة و فعالية.
ه -إنجاز الق اررات اإلستراتيجية للمؤسسة ،و تنفيذ أنشطة الرقابة اإلستراتيجية لضمان الوصول إلى األهداف
اإلستراتيجية ،و تقييم نجاح العملية اإلستراتيجية كأساس التخاذ الق اررات المستقبلية.
و -بيان واقع المؤسسة الذي يعكس ظروفها و قدراتها ،و تحديد الخصائص األساسية للمؤسسة و استثمارها
بما يساعد المؤسسة على تحقيق الميزة التنافسية المستدامة.
ز -تقويم األداء الكلي للمؤسسة و العمل على تحسين مستوياته.
ثانيا :أهمية تطبيق التسيير االستراتيجي :لقد تناول العديد من الكتاب في حقل هذا النوع من التسيير هذه
النقطة في الكثير من مؤلفاتهم ،لذا فإنه يمكن تلخيص مزايا تطبيق هذا التسيير بالنسبة للمؤسسات االقتصادية
()2
كما يلي:
أ -إن التسيير االستراتيجي له دور كبير في مساعدة منظمات األعمال على تطوير و تحسين أدائها ،من
خالل الموازنة بين عنصري كفاءة و فعالية األداء.
ب -إن التسيير االستراتيجي يتجه نحو التركيز على إنجاز األهداف اإلستراتيجية.
ج -إن التسيير االستراتيجي يسمح للمؤسسة باالندماج و التأثير في بيئة العمل الخاصة بها ،و بالتالي إحداث
تحكم مستمر في العوامل المؤثرة على أنشطتها.
د -إن التسيير االستراتيجي يقدم أسسا منطقية لتخصيص الموارد و اإلمكانات على الوحدات اإلستراتيجية
و الوظائف حسب مساهمة كل واحد منها في إنجاز األهداف اإلستراتيجية للمؤسسة ،مما يؤدي إلى تخفيض
حدة الصراعات الداخلية.
ز -إنه يوفر للمؤسسة فرصة الحصول على فرص من البيئة المتاحة مع تجنب المخاطر و التهديدات.
()1
غازي رسمي أبو قاعود :دور اإلدارة اإلستراتيجية في تحسين األداء المؤسسي في المنظمات العامة في المملكة األردنية الهامشية مع التطبيق على و ازرة
التخطيط و التعاون الدولي ،رسالة دكتوراه الفلسفة في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة ،2006 ،ص.50 :
()2
جمال رشدي عبد العزيز :مرجع سابق ،ص ص . 86 -85 :
97
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
الفرع الثالث :العالقة بين التسيير و التخطيط االستراتيجيين :يخطئ البعض في استخدام التسيير و التخطيط
االستراتيجيين كوجهان لعملة واحدة ،فعلى الرغم من الترابط بينهما إال أنهما ال يتطابقان في المعنى حيث أنهما
أسلوبان منظمان للتعامل مع المستقبل في بيئة تتسم بالتعقيد و الديناميكية ،إال أن التسيير االستراتيجي يختلف
عن التخطيط االستراتيجي في كون األخير جزءا من التسيير االستراتيجي و عنص ار مهما من عناصره يرتبط
بالبرمجة و الجدولة الزمنية لإلستراتيجية ،التي هي الناتج النهائي لعملية التخطيط االستراتيجي ،و هي الخطة
()1
التي تقدم تصو ار عن المسار الذي ستكون عليه المؤسسة مستقبال.
و يمكن أن نوضح ما سبق من خالل الشكل التالي:
التسيير اإلستراتيجي
التخطيط اإلستراتيجي
اإلستراتيجية
المصدر :غازي رسمي أبو قاعود :دور اإلدارة اإلستراتيجية في تحسين األداء المؤسسي في المنظمات العامة في المملكة
األردنية الهامشية مع التطبيق على وزارة التخطيط و التعاون الدولي ،رسالة دكتوراه الفلسفة في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،
كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة ، 2006 ،بتصرف ،ص.49:
من خالل الشكل يتضح أن التخطيط االستراتيجي يعتبر أحد مكونات التسيير االستراتيجي باإلضافة
إلى تنفيذ اإلستراتيجية والرقابة عليها و تقويمها ،حيث أن وضع الخطة اإلستراتيجية هي الهدف النهائي لهذا
التخطيط ،في حين أن التسيير االستراتيجي و إضافة إلى ذلك يعمل على تطوير آليات تنفيذ اإلستراتيجية
و تقويمها.
الفرع الرابع :التحديات التي تواجه التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية :تعمل المؤسسات االقتصادية
اليوم في بيئة تتصف بالتغير المستمر و في كافة المجاالت ،مما أدى إلى وجود العديد من التحديات التي
تواجه تسيير هاته المؤسسات استراتيجيا ،أهمها:
أوال :زيادة وتيرة التغيرات :و ذلك من حيث الكمية و النوعية في جميع المنتجات ،بل التغير السريع في بيئة
األعمال كلها كالبيئة السياسية ( النزاعات و الحروب مثال ) أو البيئة االقتصادية ( التكتالت الدولية ) ،
()1
أو البيئة الثقافية ( أذواق المستهلكين ) ،أو البيئة التكنولوجية و المعلوماتية.
ثانيا :شراسة المنافسة :يتضح من دراسة السوق العالمي زيادة عدد المؤسسات العاملة في نفس مجال األعمال،
و بالتالي أصبحت نتيجة للتطور التكنولوجي تقدم منتجات متشابهة و لها نفس المواصفات و الجودة ،و تحقق
نفس القيمة للعمالء ،مما جعل المنافسة دامية و المؤسسات التي تعمل في نفس المجال تعرف بالمؤسسات
()2
التي تعمل في المحيط األحمر نسبة إلى لون الدم.
ثالثا :ندرة الموارد :إن الزيادة السكانية التي يشهدها العالم اليوم و التي لم يصاحبها زيادة مماثلة في اكتشاف
الموارد أدى إلى ظهور واضح للصراعات بين الدول و بين المؤسسات على الموارد كالنفط ،الماء ،و الكفاءات
العلمية و الفنية ،هذه الصراعات فرضت منطق التفكير في وضع استراتيجيات تضمن توفير الموارد بالقدر
الكافي لتلك المؤسسات و تأمين بقائها.
رابعا :اقتصاد المعرفة :لم يعد االقتصاد القائم على اإلنتاج المادي هو األساس و لكن من يمتلك المعرفة يمتلك
القوة اإلستراتيجية و بقدر ما للمؤسسات من معرفة بقدر قوتها في السوق ،فالمعرفة هي التي تساعد على
تطوير المنتجات و تقديم منتجات جديدة ،و التحكم في دورة حياة المنتج ،و كذلك تحقيق الجودة و ضمان
رضا العمالء ،فالمؤسسات الناجحة و المسيطرة هي التي تعمل في ظل اقتصاد المعرفة.
خامسا :التحالفات و الشراكات اإلستراتيجية :اتجهت الكثير من المؤسسات إلى سياسة التحالفات و الشراكات
()1
مدحت محمد عبد العزيز :الدور االستراتيجي لمجالس اإلدارات – مع التطبيق على شركات قطاع األعمال العام المصرية ،رسالة مقدمة للحصول على
درجة الماجستير في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة ، 2008 ،ص.176 :
()2
عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،ص.12 :
99
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
اإلستراتيجية مع الشركات العالمية الكبرى ،و ذلك نتيجة لجملة من األسباب ،أهمها:
أ -العولمة و ما أدت إليه من تالشي الحدود السيادية بين الدول في مجال األعمال.
ب -اشتداد حدة المنافسة األجنبية في األسواق المحلية و اإلقليمية.
ج -حرية التبادل التجاري و ما فرضته االتفاقيات الدولية من تخفيضات هائلة للتعريفات الجمركية بين الدول
الموقعة عليها.
د -ندرة الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها شركة ما في دولتها ،و توافرها في دولة شركة أخرى تعمل في نفس
المجال.
المطلب الثالث :القيادة اإلستراتيجية في المؤسسة االقتصادية:
تتراكم حقائق المعرفة اإلستراتيجية بفعل التأمل و التصور و التفكير بما هو غير مألوف قصد كشف المجهول
منها و نقله إلى دائرة المعلوم ،و لعل من بين تلك الحقائق التي استقطبت عناية المفكرين و الباحثين
و الممارسين للتسيير االستراتيجي هي القيادة اإلستراتيجية و التي تعتبر أحد أهم عناصر هذا النوع من التسيير.
الفرع األول :تعريف القيادة اإلستراتيجية للمؤسسة االقتصادية و الشروط الواجب توفرها فيها :تعتبر القيادة
اإلستراتيجية صانعة القرار االستراتيجي داخل المؤسسة االقتصادية ،لذلك تحضى باهتمام كبير من طرف
الدارسين و الباحثين و الممارسين للتسيير اإلستراتيجي ،مما يجعل مهمة تحديد تعريفها و الشروط الواجب
توفرها بهؤالء القادة من األهمية بما كان.
أوال :تعريف القيادة اإلستراتيجية :لقد تعددت تعاريف القيادة عامة و اإلستراتيجية خاصة ،إال أنها في الغالب
اشتركت في بعض الخصائص ،لذلك سنوضح أهم تعريفاتها كما يلي:
أ -تعريف القيادة :رغم اختالف و تعدد التعاريف للقيادة إال انه يمكن تقديم تعريف أكثر شمولية يجمع الكثير
()2
من العناصر التي اتفق عليها ،و التي تشكل السمات األساسية لمفهوم القيادة :
-1القيادة تتطلب وجود قائد له القدرة على إحداث تأثير في سلوك و تصرفات الغير.
-2أن يكون التأثير إيجابيا في صالح المؤسسة االقتصادية و تحقيق أهدافها.
-3القيادة تتطلب وجود تابعين الذين تتأثر تصرفاتهم و سلوكاتهم بقدرة القائد و صفاته الشخصية.
-4القيادة تتطلب موقف يمثل العوامل المحيطة بالقيادة ،أي أن القائد يغير أسلوبه القيادي و طريقته في
()1
مدحت محمد عبد العزيز :مرجع سابق ،ص.178 :
( )2محمد حاجي :تفعيل األداء المتميز للمؤسسة االقتصادية من خالل عملية القيادة في ظل التحديات و الرهانات التي تفرضها العولمة ،ورقة مقدمة ضمن
فعاليات الملتقى الدولي حول :التسيير الفعال في المؤسسة االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة المسيلة ،يومي4 - 3 :
ماي ، 2005ص.04 :
100
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
نعمة عباس الخفاجي :الفكر اإلستراتيجي – قراءات معاصرة ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان ، 2008 ،ص. 178 :
()2
عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،ص ص.99 - 96 :
101
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
اإلستراتيجية ،فمنذ بداية التخطيط اإلستراتيجي يجب أن تكون القيادة حاضرة في صياغة الرؤية و مشاركة
للموظفين في تحديد الرسالة و صياغة األهداف اإلستراتيجية ،و أن تكون داعمة بكل ما لديها من قوة ،لذلك
يجب التركيز على ضرورة أن يكون من يدير المؤسسة االقتصادية لديه الروح القيادية الملهمة و التفكير
اإلبداعي في التنفيذ و التعامل مع مختلف المواقف و ليست عقلية المدير الذي يفكر فقط في العمل من خالل
الهيكل التنظيمي الذي يستمد منه سلطته و صالحياته.
الفرع الثاني :مهام القيادة اإلستراتيجية للمؤسسة االقتصادية :للقيادة اإلستراتيجية الفاعلة العديد من المهام ،
()1
نوضح أهمها فيما يلي:
أ -تحديد التوجه اإلستراتيجي للمؤسسة االقتصادية :يجب على القائد اإلستراتيجي ذو الجاذبية العالية
– الكارزمي -أن يساهم في تجسيد و تطوير الرؤية بعيدة المدى للمؤسسة االقتصادية لمحور اهتمامها
أو مقصدها االستراتيجي.
ب -استغالل المقدرات الجوهرية و المحافظة عليها :تعبر المقدرات الجوهرية عن الموارد التي تشكل مصد ار
للميزة التنافسية للمؤسسة االقتصادية ،و غالبا ما ترتبط هذه المقدرات بالمجاالت الوظيفية للمؤسسات ،لذلك
يجب على القادة اإلستراتيجيين التأكد من استغالل المؤسسة االقتصادية لمقدراتها الجوهرية التي تستخدم في
إنتاج و تقديم المنتجات ذات القيمة بالنسبة للزبائن من خالل تنفيذ اإلستراتيجيات.
ج -القدرة على تطوير رأس المال البشري للمؤسسة االقتصادية :ينظر القادة اإلستراتيجيون إلى رأس المال
البشري كمورد يجب تعظيمه و ليس كتكلفة يجب تدنيتها إلى أقصى حد ممكن ،مما يترتب على ذلك المنظور
تطوير و استخدام برامج توجه القادة اإلستراتيجيين الحاليين و المرتقبين نحو بناء المهارات المطلوبة لتوفير رأس
المال البشري للمؤسسة االقتصادية.
د -المحافظة على الثقافة التنظيمية الفاعلة :يعد رسم أو صياغة ثقافة المؤسسة االقتصادية المهمة المركزية
للقيادة اإلستراتيجية الفاعلة ،فالثقافة التنظيمية الجيدة تشجع على تطوير التوجه نحو األعمال بين العاملين
و تعزز القدرة على تغيير الثقافة وقت الضرورة.
ه -تأكيد الممارسات األخالقية :يتحفز العاملون في المؤسسات االقتصادية التي تتحلى باألخالق المطلوبة
كتطبيق مبدأ الحكم الشخصي األخالقي و التصرف بالصورة األخالقية المناسبة باستمرار ،حيث يمكن نشر
الممارسات األخالقية و تعزيزها من خالل تصرفات أو فعاليات متعددة ،منها:
-1وضع أهداف محددة لوصف المعايير األخالقية للمؤسسة االقتصادية.
()1
نعمة عباس الخفاجي :مرجع سابق ،ص ص.207-206 :
102
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
103
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
زكريا الدوري ،أحمد علي صالح :مرجع سابق ،ص ص.30 -29:
104
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
نسمة شريف محمود ش اررة :الفكر اإلستراتيجي األمريكي تجاه العالم اإلسالمي ب عد أحداث الحادي عشر من سبتمبر :دراسة في بعض مراكز الفكر
األمريكية ،رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية ،غير منشورة ،كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة ،2010 ،
ص ص.72 -71:
( )2زكريا الدوري ،أحمد علي صالح :مرجع سابق ،ص ص. 32-31:
105
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
-3توافر إدارة مؤمنة بضرورة ممارسة التفكير اإلستراتيجي في المؤسسة االقتصادية و محفزة لمواردها البشرية
لتعلم هذا النوع من التفكير.
-4يظهر أن االفتراضات السابقة تؤكد على جوانب متعددة منها ( ذاتية ) مرتبطة باندفاع األفراد ،و أخرى
( موضوعية ) مرتبطة بمصداقية اإلجراءات ،و ثالثة ( تطويرية ) مرتبطة بإثراء المعارف و التجارب
و الخبرات ،ورابعة ( اسنادية ) مرتبطة بوجود إدارة ذات عقلية متفتحة و مؤمنة بأهمية التفكير اإلستراتيجي ،
و األهم من ذلك كله هو أن هذه االفتراضات تمثل منظومة تكاملية ،يمكن تجسيدها بالشكل التالي:
ذاتية
افتراضات التفكير
تطويرية موضوعية
اإلستراتيجي
اسنادية
المصدر :زكريا الدوري ،أحمد علي صالح :مرجع سابق ،ص32 :
ثانيا :متطلبات التفكير اإلستراتيجي و دور المؤسسة االقتصادية في تطويره :إن التفكير اإلستراتيجي بأهميته
الفائقة له العديد من المتطلبات ،و يستوجب الكثير من العناية من المؤسسة االقتصادية لتطويره ،نوضح ذلك
فيما يلي:
106
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
أ -متطلبات التفكير اإلستراتيجي في المؤسسة االقتصادية :في الوقت الذي يحتاج فيه التفكير اإلستراتيجي إلى
()1
افتراضات عملية ،فإنه يحتاج إلى متطلبات من أهمها:
-1توسيع المشاركة الجماعية و العمل بروح الفريق خاصة في تأسيس الرؤية و التصور المستقبلي و الرسالة
اإلستراتيجية.
خرج األفكار من أعماقهم.
-2تهيئة بيئة محفزة إلطالق العنان للمفكرين و المبدعين في المؤسسة إل ا
-3تطوير مهارات االتصال خاصة في مجال اإلنصات للتعرف على أفكار اآلخرين التي قد تكون فرصة هامة
ال يمكن تكرارها ،و بالتالي اقتناصها و تكييفها لصالح تقدم المؤسسة.
-4تأسيس ثقافة التقاطع الفكري عبر سماع وجهات النظر المختلفة و توليد األفكار المتجددة ،ألن التفكير
اإلستراتيجي يتطلب النظر إلى المتغيرات من زوايا متعددة.
-5تحديد سقفا زمنيا لترجمة الطموحات و التطلعات المستقبلية إلى واقع.
-6تشخيص مستوى أداء المؤسسة من خالل المقارنة المرجعية بأداء مؤسسات رائدة و قائدة.
ب -دور المؤسسة االقتصادية في تطوير التفكير االستراتيجي :على المؤسسة أن تلعب دو ار مهما في تطوير
()2
و تنمية التفكير اإلستراتيجي بداخلها ،و يتم ذلك من خالل:
-1تشجيع المديرين في مستوى اإلدارة العليا و أولئك المرشحين لشغل مناصبها على حضور ندوات و دورات
تدريبية في التسيير اإلستراتيجي عامة و التفكير اإلستراتيجي خاصة.
-2تشجيع مديري اإلدارة العليا على تنمية التفكير اإلستراتيجي لمرؤوسيهم من المديرين ،و جعل ذلك من
معايير تقييم أدائهم ،و ذلك من خالل ما أسندوه لمرؤوسيهم من أدوار إستراتيجية و حرية التصرف ،بهدف
تنمية التفكير اإلستراتيجي لديهم.
-3عقد جلسات منتظمة في المجاالت اإلستراتيجية ،تقوم على معلومات عن ظروف السوق ( كتوجهات
العمالء ،الموزعين ،المنافسة )...،و المتغيرات البيئية المتوقعة ،و يمكن تعظيم الفائدة من هذه االجتماعات
بتشجيع المديرين على تحليل المعلومات المتاحة و استخالص المؤشرات بأنفسهم ،و ليس من خالل مستشارين
خارجيين ( مع أن هؤالء المستشارين – إن وجدوا -يمكن أن يقدموا اتجاهات معاصرة للتفكير اإلستراتيجي قد
ال تكون متاحة للمديرين ).
()1
زكريا الدوري ،أحمد علي صالح :مرجع سابق ،ص ص.32-31 :
()2
أحمد سيد مصطفى :مرجع سابق ،ص.60 :
107
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
الفرع الثاني :تحديد الرؤية – الرسالة -األهداف اإلستراتيجية للمؤسسة االقتصادية :تعتبر عملية تحديد
الرؤية اإلستراتيجية للمؤسسة ،و صياغة رسالتها ،و كذلك تحديد أهدافها من أهم مكونات التسيير اإلستراتيجي
للمؤسسات ،مما يجعلها تتطلب الكثير من العناية و االهتمام من طرف المؤسسة االقتصادية.
أوال :تحديد الرؤية اإلستراتيجية :تعبر الرؤية عن طموح المؤسسة لما يمكن أن تكون عليه مستقبال ،كأن تكون
الرائدة في مجالها ،أو أن تكون صاحبة الحصة السوقية األعلى بين منافسيها ،أو أن تقدم خدمة متميزة وفق
()1
مواصفات و معايير عالمية.
()2
أ -عناصر الرؤية اإلستراتيجية :تحدد هذه العناصر من خالل اإلجابة على األسئلة التالية :
-1ما الذي يجب أن تكون عليه المؤسسة االقتصادية مستقبال ؟
-2ما هو شكل و حجم و نوع التطوير الذي تحاول تلك الرؤية إحداثه ؟
-3ما هي المجاالت و األنشطة التي ترغب المؤسسة أن تكون موجودة مستقبال من خالل تلك الرؤية ؟
-4ما الذي يميز هذه المؤسسة عن غيرها ؟
-5ما هي اإلستراتيجية الالزمة لتحقيق تلك الرؤية ؟
ب -خصائص الرؤية اإلستراتيجية و متطلبات نجاحها :للرؤية اإلستراتيجية جملة من الخصائص و العديد من
متطلبات النجاح التي يجب على المؤسسة االقتصادية مراعاتها عند تحديد رؤيتها.
-1خصائص الرؤية اإلستراتيجية :من أهمها:
-تبعث على التحدي و تحفز العاملين بالمؤسسة االقتصادية.
-توضح هدف المؤسسة االقتصادية.
-يتقبلها العاملون عن قناعة.
-تحدد المسار اإلستراتيجي للمؤسسة االقتصادية.
-تحدد شخصية المؤسسة االقتصادية.
-2متطلبات نجاح رؤية المؤسسة االقتصادية اإلستراتيجية :من أهمها:
-أن تحدد بمساهمة كال من القيادة اإلستراتيجية و باقي العاملين.
-أن تتسم باالختصار ،الوضوح ،و الشمول.
-أن يتم نشرها و تداولها بين العاملين داخل المؤسسة.
()1
نفس المرجع السابق :ص.91:
()2
عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،ص. 68 :
108
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ثانيا :صياغة رسالة المؤسسة االقتصادية :تمثل رسالة المؤسسة االقتصادية الغرض أو السبب في إنشاء هاته
المؤسسة أو غايتها ،فهي تصف مجال نشاط المؤسسة و منتجاتها ،و األسواق التي تستخدمها ،و فلسفتها
و التزاماتها إزاء كل من عمالئها وحملة أسهمها و عامليها.
و بهذا فهي تجسد إحساسا بتوقعات يشارك فيه اإلدارة و العاملين ،و تنقل صورة لجمهور المؤسسة عن ماهيتها
()1
و ماذا تفعل .
()2
أ -خصائص الرسالة الفعالة :هناك مجموعة من الخصائص الواجب توفرها في الرسالة الجيدة ،أهمها:
-1أن تحدد الرسالة بوضوح البيانات التالية:
-القيم األساسية للمؤسسة.
-القوى الدافعة للمؤسسة.
-كما يمكن أن تحدد الرؤية اإلستراتيجية للمؤسسة.
-2يجب أن تتضمن الرسالة بيانات حقيقية عن المؤسسة مع عدم المبالغة فيها.
-3يجب أن تكون الرسالة قابلة للتحقق.
-4أن تكون الرسالة بمثابة مرشد و إطار عام للمديرين يتم من خالله اتخاذ اإلستراتيجيات .
-5أن تثير شعو ار إيجابيا يقود و يحرك دوافع كافة األطراف أصحاب المصلحة مع المؤسسة للعمل معها.
ب -مصادر صياغة رسالة المؤسسة :هناك العديد من المصادر التي يمكن االعتماد عليه في صياغة رسالة
المؤسسة االقتصادية ،و التي نوضح أهمها بالشكل التالي:
()1
أحمد سيد مصطفى :مرجع سابق ،ص ص .92 -91:
()2
سوما علي سليطين :اإلدارة اإلستراتيجية و أثرها في رفع أداء منظمات األعمال – دراسة ميدانية على المنظمات الصناعية العامة في الساحل السوري،
رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في إدارة األعمال ،غير منشورة ،كلية االقتصاد ،جامعة تشرين ،سوريا ، 2007 /2006 ،ص ص.33 - 32 :
109
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
المصدر :عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :إدارة اإلستراتيجية -خمس خطوات نحو الهدف ،دار المعارف ،الدوحة ،
، 2012ص75 :
()1
من خالل الشكل السابق يتضح أن أهم مصادر صياغة رسالة المؤسسة االقتصادية تتمثل فيما يلي:
-1العميل :و هنا تركز الرسالة على مدى اهتمام المؤسسة االقتصادية بالعميل.
-2الخدمة :تركز رسالة المؤسسة االقتصادية على الخدمات التي تقدمها.
-3الفلسفة :تركز هاته المؤسسة على القيم التي تتميز بها في أدائها كاالحترافية ،السرية ،الشفافية ،و العمل
الجماعي.
-4التقنية :تقديم منتجات ذات جودة عالية باستخدام أحدث التكنولوجيات.
-5االنطباعات :تركز الرسالة على سمعة المؤسسة و االنطباعات التي تريد أن تتركها لدى الجمهور.
()1
عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،ص ص.76 -75:
110
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ج -أهمية صياغة الرسالة للمؤسسة االقتصادية :تعتبر عملية صياغة رسالة المؤسسة االقتصادية ذات أهمية
()1
بالغة لهاته األخيرة ،حيث يتضح ذلك من خالل:
-1تشكل رسالة المؤسسة األساس الذي يعتمد عليه من أجل صياغة أهداف المؤسسة و إستراتيجياتها.
-2إن الصياغة الجيدة و المكتوبة لرسالة المؤسسة االقتصادية و نشرها يوضح صورة هاته المؤسسة أمام
أصحاب المصالح ،و من ثم يقلل من مخاطر فقدان دعمهم لها و قد يجذب المزيد للتعامل معها.
-3إن الصياغة الجيدة و المكتوبة لرسالة المؤسسة االقتصادية و نشرها ينشئ مناخا تنظيميا عاما جيدا.
-4إن الصياغة الجيدة و المكتوبة لرسالة المؤسسة االقتصادية و نشرها يرسخ القيم مع الوقت في المؤسسة.
ثالثا :تحديد األهداف اإلستراتيجية :بعد تحديد و صياغة رسالة المؤسسة االقتصادية تأتي مرحلة تحديد
األهداف اإلستراتيجية لها ،و هي مرحلة يتم من خاللها وضع أهداف رئيسية لهاته المؤسسة بغرض التحديد
الدقيق لما يجب عمله لتحقيق رسالتها.
أ -شروط تحديد األهداف اإلستراتيجية للمؤسسة االقتصادية :من الضروري لتحديد هاته األهداف مراعاة جملة
من الشروط التي يجب أن تتوفر عليها كي تجعلها قابلة للتحقيق ،و قد تم تحديد شروط الهدف الجيد بالكلمة
اإلنجليزية ( )SMARTوهي عبارة عن خمس حروف كل منها يعبر عن شرط من الشروط ،و البعض اآلخر
يعبر عنها بكلمة ( )SMARTERبإضافة حرفين معبرين عن شرطين إضافيين ،هذه األخيرة التي تمثل الشروط
()2
التالية:
-1محددة و واضحة ( :) Spécificحيث يجب أن يكون الهدف محددا و واضحا ،ألن عدم تحديد الهدف
بوضوح يؤدي إلى عدم تحقيقه.
-2قابلة للقياس ( :) Measurableعندما يكون الهدف قابال للقياس يمكن التعرف على مدى التقدم نحو
المستهدف ،و يمكن تحديد المشكالت التي تواجه المؤسسة ليتم وضع حلوال لها.
-3ممكنة التحقق ( :) Attainableعند القيام بتحديد األهداف يجب التأكد من المهارات و القدرات
و اإلمكانات التي تساعد على تحقيقها ،حيث يمكن تحقيق األهداف التي تضعها المؤسسة بوضع خطوات
محددة و إطار يسمح لها بتنفيذها.
-4واقعية ( :) Réalisticيجب أن تكون األهداف واقعية ،و المؤسسة االقتصادية وحدها هي التي تستطيع
تحديد مدى واقعيتها.
()1
سوما علي سليطين :مرجع سابق ،ص.32 :
()2
عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،ص ص.84 -83 :
111
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
سوما علي سليطين :مرجع سابق ،ص.34:
()2
مرمي مراد :أهمية نظم المعلومات اإلدارية كأداة للتحليل البيئي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الجزائرية – دراسة حالة شركة Chiali Profiplast
بسطيف ،مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير في العلوم االقتصادية ،تخصص :اقتصاد و تسيير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ،غير
منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة فرحات عباس ،سطيف ، 2010 /2009 ،ص. 109 :
112
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
أ -العناصر المؤثرة في البيئة الداخلية للمؤسسة االقتصادية :هناك ثمانية عناصر رئيسية ( ) 8 M ’ Sيجب
أخذها بعين االعتبار عند تحليل بيئة المؤسسة االقتصادية الداخلية ،و التي يمكن توضيحها بالشكل التالي:
الشكل رقم ( :)04 - IIIالعناصر الثمانية المؤثرة في البيئة الداخلية للمؤسسة االقتصادية
Manpower
Minutes
العنصر البشري
الوقــــــت
Money
المال Mother-nature
بيئة المؤسسة الثقافية
Market
السوق
Measurements
المقاييس
Materials
الموارد
Means
الوسائل
التسيير هو االستخدام
األمثل للموارد
)(8MS
المصدر :عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،بتصرف ،ص.53 :
113
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
()1
من خالل الشكل السابق يتضح أن أهم العناصر المؤثرة في البيئة الداخلية تتمثل فيما يلي:
-1العنصر البشري ( :) Man Powerمن الوظائف األساسية ألي مؤسسة اقتصادية هي وظيفة الموارد
البشرية ،التي تسعى إلى توفير القوى العاملة ذات الجودة العالية لزيادة كفاءة المؤسسة و تحسين أدائها،
و بذلك تعتبر عملية تحليل الوظائف و تقدير االحتياجات من العمالة ،و الحفاظ على القوى البشرية و تنميتها
من المهام الرئيسية إلدارة الموارد البشرية و الواجب تحليلها بعمق.
-2الوضع المالي ( :) Moneyضرورة دراسة الوضع المالي لتحديد نقاط القوة و الضعف بها ،و تحديد قدراتها
المالية و األرباح التي تحققها و ما عليها من ديون و التزامات ،و نسب السيولة و الديون ،و كذلك احتياجاتها
المالية في المستقبل.
-3السوق ) :) Marketتحليل السوق مهم جدا في صياغة اإلستراتيجيات ألنه يوضح عمليات البيع و التوزيع
و المنافسين ،و احتمالية ظهور بدائل جديدة للمنتجات الحالية ،و بالتالي يساعد المؤسسة في صياغة
إستراتيجياتها لتتالءم مع هذه التغيرات.
-4المواد ( :) Materialsبدون توافر المواد ال تستطيع القوة البشرية في المؤسسة االقتصادية اإلنتاج ،
و بالتالي فتوفير المواد يمثل أهمية كبيرة في نجاح صياغة اإلستراتيجية ،و يتم تحليل الموارد المستخدمة في
المنتجات و الخدمات التي تقدمها المؤسسة و مدى توافرها ،و المشكالت التي تواجه المؤسسة في الحصول
عليها.
-5األدوات و الوسائل ( :) Meansو يقصد بها األدوات التي تستخدمها المؤسسة االقتصادية في تسيير
العمل.
-6الوقت ( :) Minutesدراسة الوقت عنصر مهم لنجاح المؤسسات في صياغة إلستراتيجياتها.
-7بيئة المؤسسة الثقافية ( :) Mother-natureتعرف الثقافة التنظيمية بمجموعة المعتقدات و القيم التي تشكل
فكر أعضاء المؤسسة االقتصادية ،و التي انتقلت بين الموظفين من جيل إلى جيل ،و تعكس الثقافة التنظيمية
قيم المؤسسين لهذه المؤسسة و رسالتها ،و تؤثر الثقافة التنظيمية في اتجاه هاته المؤسسة و أنشطتها ،كما
تساعد على تشكيل سلوك في كافة المستويات .و يعتبر تحليل الثقافة التنظيمية للمؤسسة في غاية األهمية ،
ألنه من خالل هذا التحليل يمكن اإللمام بالقيم و االتجاهات السائدة في المؤسسة ،لتؤخذ هذه األمور بعين
االعتبار عند صياغة إستراتيجيات المؤسسة االقتصادية .
-8نظم القياس ( :) Measurementsعملية القياس من األمور المهمة في نجاح إستراتيجية هاته المؤسسة ،
( )1عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :مرجع سابق ،ص.53 :
114
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
و بالتالي يجب أن يكون هناك مقاييس واضحة لقياس مدى التقدم في تحقيق األهداف ،انطالقا من مبدأ ما
يمكن قياسه يمكن تسييره ،و ما يمكن تسييره يمكن انجازه ،و بالتالي يجب مراعاة أثناء عملية التحليل
المقاييس المستخدمة في قياس أداء المؤسسة ،و معايير و مؤشرات قياس األداء ،و ما مدى مالءمة نظم
القياس الحالية لعمل المؤسسة.
ب -أهمية تحليل البيئة الداخلية للمؤسسة االقتصادية :إن لعملية تحليل البيئة الداخلية للمؤسسة االقتصادية
خاصة من الناحية اإلستراتيجية ،إذ تعد أحد األساسيات التي يتم االستناد إليها في تحديد أهمية كبيرة
و اختيار البدائل اإلستراتيجية المناسبة ،و على وجه التحديد فإن تحليل البيئة الداخلية للمؤسسة االقتصادية
()1
يساهم فيما يلي:
-1تقييم القدرات و اإلمكانات المادية و البشرية المتاحة للمؤسسة االقتصادية.
-2التعرف على الوضع التنافسي النسبي للمؤسسة االقتصادية مقارنة بالمؤسسات المنافسة.
-3بيان و تحديد نقاط القوة و تعزيزها ،و االستفادة منها و البحث عن طرق تدعيمها مستقبال ،بما يؤدي إلى
زيادة قدرات هذه المؤسسة على استغالل الفرص أو مواجهة المخاطر.
-4استكشاف نقاط الضعف أو مجاالت القصور التنظيمية ،و ذلك حتى يمكن التغلب عليها أو الحد من
آثارها السلبية.
-5تحقيق الترابط بين نقاط القوة و الضعف ،و مجاالت الفرص و المخاطر أو التهديدات بما يساعد على
زيادة فاعلية اإلستراتيجيات المختارة.
ثانيا :أدوات تحليل البيئة الداخلية للمؤسسة االقتصادية :يقصد بهذه األدوات تلك الوسائل و اآلليات التي من
شأنها أن تحدد نقاط القوة في المؤسسة لالستفادة منها ،و نقاط الضعف لتصحيحها أو التقليل من آلثارها،
و يمكن أن نقسمها إلى ما يلي:
أ -تحليل المتغيرات التنظيمية :و تشمل هذه العملية كال من:
-1الهيكل التنظيمي :حيث يعتبر الهيكل التنظيمي أحد المكونات األساسية للبيئة الداخلية ألي مؤسسة،
فبموجبه يتم توزيع األدوار و المسؤوليات و الصالحيات و تتحدد شبكات االتصال و انسياب المعلومات بين
مختلف المستويات التنظيمية و اإلدارية.
-2االتصال داخل المؤسسة :تعتبر عملية االتصال أداة هامة تعتمد عليها المؤسسة االقتصادية في تأدية
مختلف أوجه العملية التسييرية ،لذلك يتوجب على المسيرين القيام باستمرار بتطوير أنظمة االتصال داخل هاته
المؤسسة خاصة في عمليات اتخاذ القرار التي تتوقف كفاءتها و فعاليتها بالدرجة األولى على نوع المعلومات
التي تتيحها أنظمة االتصال ،حيث تستعمل عدة طرق لالتصال داخل المؤسسة االقتصادية سواء كانت طرق
مكتوبة ( كالخطابات ،مجالت و جرائد العمل ،لوحة اإلعالنات ،التقارير ، )...،أو الطرق الشفوية
( كاالجتماعات و المقابالت ،المؤتمرات و الندوات ،الزيارات كلقاء الرئيس بالمرؤوسين ، )...أو الطرق
()1
االلكترونية خصوصا في ظل التطورات التقنية الحديثة في مجال االتصاالت.
-3الثقافة التنظيمية :تمثل ثقافة المنظمة جانب ذو أهمية كبيرة لألعمال المعاصرة ،فهي نظام من القيم
و المعتقدات يتقاسمها أعضاء المؤسسة لتصبح موجهة للسلوك الفردي و الجماعي المؤسسي ،و يتأثر بناء هذه
()2
الثقافة عادة بثالثة عناصر رئيسية :
-بيئة العمل التي تعمل فيها المؤسسة االقتصادية :فبعض المؤسسات ذات البيئة الديناميكية تصبح ثقافتها
متفتحة و شفافة و سريعة التغير كمؤسسات االتصاالت و المعلوماتية ،في حين تكون المؤسسات التي تعمل
في مجاالت تقليدية أكثر استق ار ار و أقل عرضة للتغيير.
-القادة اإلستراتيجيون :الذين تنتشر أفكارهم و آراؤهم إلى باقي أجزاء المؤسسة و العاملين.
-الخبرة لدى القادة و ممارساتهم السابقة ،و كذلك التجارب التي مرت بها هذه المؤسسة سابقا.
ب -التحليل الوظيفي للمؤسسة االقتصادية :و يتضح ذلك من خالل الطريقتين التاليتين:
()3
يهتم هذا النموذج بتحديد نقاط القوة و الضعف إما لكل المؤسسة أو حسب كل -1نموذج ( :( Thietart
ميدان نشاط إستراتيجي ،و تتم هذه العملية بتحديد المميزات الخاصة بكل وظيفة بما فيها :التسويق ،اإلنتاج ،
البحث و التطوير ،المالية ،الموارد البشرية ،التنظيم ،حيث تختلف هذه المميزات من مؤسسة إلى أخرى .ثم
بعد ذلك يتم تقييم هذه المميزات على سلم ذو خمسة درجات من ضعيف إلى قوي ،و على أساس ذلك يتم
مقارنة نقاط قوة و ضعف المنافسين و حتى لمقتضيات البيئة الخارجية بصفة عامة.
إن هذه المقارنة تسمح للمؤسسة من معرفة قدرتها النسبية إزاء منافسيها ،ثم بعد ذلك تمكن من معرفة وضعية
هذه المؤسسة بالنسبة لمقتضيات بيئتها التنافسية.
-2نموذج ( ) Porterلسلسلة القيم :تعد سلسلة القيم التي جاء بها " بورتر " مدخال لتحليل األنشطة الداخلية
()1
نفس المرجع السابق ،ص.115 -110 :
( )2نعمة عباس الخفاجي ،طاهر محسن الغالبي :قراءات في الفكر اإلداري المعاصر ،دار اليازوري للنشر و التوزيع ،عمان ، 2008 ،ص.341 :
()3
مداح عرايبي الحاج :أهمية التحليل اإلستراتيجي في تقييم رأس المال غير المادي للمؤسسات االقتصادية ،مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا ،جامعة الشلف،
العدد ، 05جانفي ، 2008ص.205 :
116
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
للمؤسسة بغرض تحديد مصادر الميزة التنافسية الحالية و المستقبلية ،و يقوم هذا األسلوب على تجزئة أنشطة
المؤسسة إلى مجموعتين :أنشطة أساسية و أخرى داعمة ،توضح بالشكل التالي:
البنية األساسية
التمــــــــــــــــــــــــــــــــوين
الخارجي الداخلي
األنشطة األساسية
من خالل الشكل السابق يتضح بأن لكل مؤسسة سلسلة قيم خاصة بها تتكون من أنشطة أساسية كاإلمداد
الداخلي ( الذي يشمل أنشطة استالم ،تخزين و توصيل المدخالت الالزمة لإلنتاج ) ثم اإلنتاج ،فأنشطة
اإلمداد الخارجي ( التي تشمل أنشطة جمع ،تخزين و التوزيع للمنتج ) ،و التسويق ،ثم أنشطة الخدمة ( التي
تشمل أنشطة تدعيم أو المحافظة على قيمة المنتج كالصيانة ،قطع الغيار).
و تدعم هذه األنشطة األساسية أنشطة أخرى كالتموين ،التطوير التكنولوجي ،و إدارة الموارد البشرية ،و كذلك
البنية األساسية ( التي تتمثل في الهياكل األساسية للمؤسسة كالمديرية العامة ،المالية و المحاسبة ،الشؤون
القانونية ،إدارة الجودة ، )...،حيث يتضمن كل خط إنتاج سلسلة القيم الخاصة به ،و لذلك فإن تحليل البيئة
الداخلية للمؤسسة يتضمن تحليل مجموعة من سالسل القيمة.
117
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
الفرع الرابع :اختيار المؤسسة االقتصادية إلستراتيجيتها :يعبر االختيار االستراتيجي عن العملية التي تتضـمـن
مجموعة من المراحل ،و التي تبدأ من تحديد البدائل اإلسترتيجية المتاحة و تقييمها ،فإختيار البديل الذي
يحقق أهداف المؤسسة االقتصادية في إطار رسالتها ،و وفقا للمتغيرات البيئية و ما يناسب أوضاعها.
أوال :تحديد البدائل اإلستراتيجية و تقويمها :و هي من أهم مراحل االختيار االستراتيجي ،حيث يتم تحديد
البدائل اإلستراتيجية المتاحة ثم تقويمها .
تحديد البدائل اإلستراتيجية :حيث يمكن تحديد هذه البدائل عن طريق األسلوبين التاليين : أ-
-1التحديد الكيفي :هو أبسط األساليب لتحديد البدائل اإلستراتيجية ،يقوم على نظرة متخذ القرار الخاصة
و تأثره بالمجريات و المتغيرات ،إضافة إلى خبرته السابقة و خلفياتها الثقافية و المعلومات المتوفرة لديه ،إال
أن هناك عوامل تتفاعل مع مؤهالته ال تزال لم تضبط بعد ،مما يجعل هذا التحديد أمر يصعب تأطيره الفتقاده
لألساس العلمي الدقيق.
-2التحديد الكمي :يتم عن طريق أدوات و أساليب تحليلية تعتمد كتوجهات و معالم مساعدة و ليس كحقائق
مطلقة ال تحتمل الخطأ ،ألنها طرق للتحليل تعمل على إعطاء اقت ارحـات و ليس ق اررات الختيار البديل
اإلستراتيجي الذي يعكس سلوك المؤسسة االقتصادية ،و من أهم هذه األساليب ما يلي:
-أسلوب تحليل محفظة األنشطة ( :)BCGيتم إعداد مصفوفة ( )BCGباالعتماد على بعدي معدل نمو السوق
و النصيب النسبي من السوق.
معـدل نمو السوق :يحسب هذا المعدل بمتوسط معدالت نمو مجال النشاط بين مجموع المؤسسات
المتنافسة ,و يمكن أن يرجح بحصص هذه المؤسسات.
النصيب النسبي من السوق :يحسب بالنسبة إلى حصص المنافسين الرئيسيين بالسوق ،أي:
النصيب النسبي للمؤسسة االقتصادية = رقم أعمال هذه المؤسسة /رقم أعمال مجموع المنافسين
و قد يحسب النصيب النسبي بالمقارنة إلى رقم أعمال قائد السوق إذا كانت هذه المؤسسة تطمح إلى قيادة هذه
السوق.
كما ترسم مصفوفة ( )BCGبإتباع الخطوات التالية:
حساب معدل نمو السوق و النصيب النسبي للمؤسسة في مجال النشاط اإلستراتيجي المعني.
يقسم النموذج مجاالت النشاط اإلستراتيجية لهذه المؤسسة إلى أربعة مجموعات ،حيث نسبة حصة السوق
تحتل المحور األفقي و معدل نمو السوق يمثل المحور العمودي ،و تقييم هذه المجاالت يكون حسب
مكانها في المصفوفة ( المفارقات ،القيم الالمعة ،البقرة الحلوب ،األوزان الميتة )
انطالقا مما سبق يتم تحديد إحداثيات كل مجال نشاط إستراتيجي في المصفوفة.
118
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
تمثل هذه المجاالت بدوائر يعكس حجمها أهمية كل مجال إستراتيجي بالنسبة إلى رقم األعمال اإلجمالي
للمؤسسة االقتصادية.
و نوضح هذه المصفوفة بالشكل التالي:
منخفضة مرتفعــة
الحصـــة السوقيــــــــة
من خالل الشكل يتضح أن كل خلية من الخاليا األربعة التي تتكون منها مصفوفة ( )BCGتعبر عن
المركز اإلستراتيجي لمجال النشاط اإلستراتيجي ،حيث أنه لكل مركز خيارات إستراتيجية تتالءم معه ،و بالتالي
فال يمكن تحديد أي خيار استراتيجي ( النمو ،االستقرار ،االنكماش ) ما لم يتم تحديد موقع هذا المجال على
المصفوفة هل هو من :المفارقات ،القيم الالمعة ،البقرة الحلوب ،أو األوزان الميتة .
المفارقات :تشير إلى مجاالت أنشطة إستراتيجية ذات حصة سوقية منخفضة ،في حين يتميز معدل نمو
السوق باالرتفاع مما يعني ضعف المركز التنافسي للمؤسسة االقتصادية مقارنة بغيرها من المؤسسات في
نفس مجال النشاط المتميز باالنتعاش و النمو ,و هي تعكس المرحلة األولى مـن م ارحــل دورة الحيـاة
( االنطالق ) .و قد سميت بالمفارقات ألن توجهاتها لحد اآلن غير معلومة و على المؤسسة االقتصادية
أن تختار بين تكثيف االستثمار في هذا المجال ليصبح من القيم الالمعة ،أو السعي للتخلص منه ألنه من
المحتمل أن يصبح من األوزان الميتة.
القيم الالمعة :تمثل مجاالت أنشطة إستراتيجية ذات معدل نمو مرتفع و حصة سوقية مرتفعة مما يعني
مركز تنافسي قوي ،و لها إمكانية تحقيق أرباح عالية فتصبح بمثابة النجوم التي تبني عليها المؤسســة
119
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
االقتصادية نجاحاتها ،و بالتالي فإنها تحتاج إلى تمويل يناسب نموها السريع ،و في حالة عدم توفره تتراجع
()1
لتصبح أوزانا ميتة ،و هي تعكس المرحلة الثانية من دورة الحياة ( النمو ).
البقرة الحلوب :تمثل مجاالت أنشطة إستراتيجية ذات حصة سوقية عالية ،أي أن مركزها التنافسي قوي
و لكن معدل نموها في السوق ضعيف ،هذه المجاالت مربحة لتوليدها تدفقات نقدية كبيرة و ال تتطلب
توظيفات مالية جديدة ،فهي بمثابة البقرة الحلوب التي تدر عائدات وفيرة مقابل احتياجات مالية محدودة ،
و تشير هذه الخانة إلى مركز تنافسي قوي للمؤسسة االقتصادية من ناحية في حين يتسم معدل النمو
باالنخفاض ،و بالتالي فإن هذه المؤسسة ستحافظ على استقرار هذه المجاالت و عدم التوسع فيها ،أو أنها
تتركها على حالها لتنكمش في األخير ،و تعكس هذه الخانة مرحلة النضج من مراحل دورة الحياة.
األوزان الميتة :تظهر في هذه الخانة مجاالت األنشطة اإلستراتيجية التي تؤول إلى الزوال ،و هي تشيـر
إلى مركز تنافسي و معدل نمو منخفضين مما يعني أن هذه المجاالت قد وصلت إلى مرحلة التراجع
فتستهلك استثمارات قليلة و في نفس الوقت توفر تدفقات قليلة ،و بالتالي فالمؤسسة االقتصادية عادة ما
تعمل على إزالتها أو تركها دون دعم لتتالشى بشكل تلقائي ،و تعكس هذه الخانة مرحلة التدهور من
مراحل دورة الحياة.
وضعت هذه المصفوفة من طرف شركة جنرال إلكتريك العالمية بالتعاون مع مكتب ()2
-مصفوفة ماكينزي:
ماكينزي لالستشارة ،و تتضمن هذه المصفوفة بعدين:
جاذبية السوق :و التي تحدد من خالل عوامل داخلية تتمثل في األنشطة الوظيفية التي يمكن للمؤسسة
االقتصادية استغاللها بغرض النجاح في مواجهة المنافسة ،و عوامل خارجية :كحجم قطاع النشاط ،
معدل نمو القطاع ،هيكل المنافسة ،قيود الدخول إلى السوق التكنولوجية و العوامل االجتماعية .ثم تقدير
معدل جاذبيــة السوق باالعتماد على اختبار المعايير العامة الالزمة لذلك.
القوة التنافسية :تحدد القوة التنافسية للمؤسسة االقتصادية بالعوامل األساسية التي تمثل عناصر القوة
و الضعف لها ،و الوزن النسبي لكل عامل حسب أهميته في تحقيق نجاحها.
و لرسم هذه المصفوفة يجب إتباع الخطوات التالية :
تحديد معايير تقييم جاذبية السوق و قوة التنافسية.
((1
Michel MARCHESNAY: Management Stratégique , Les éditions de L’Adreg ,1995 , P : 92.
()2
بهدي عيسى :مرجع سابق ،ص.93 :
120
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ترجيح معايير الجاذبية و قوة التنافسية بحيث يكون المجموع لكل بعد = .01
تقييم كل مجال نشاط إستراتيجي حسب المعايير المقترحة بنقطة تتراوح مابين 01و .05
حساب النقطة المرجحة لكل معيار ثم مجموع نقاط كل بعد.
تحديد وضعية كل مجال نشاط إستراتيجي في المصفوفة و تقديم االقتراحات اإلستراتيجية.
ترجح العوامل حسب أهميتها في إستراتيجية المؤسسة االقتصادية ,فالمؤسسة التي تعتمد إستراتيجية التمييز
مثال تعطي معامال أكبر لوظيفة البحث و التطوير ،أما التي تعتمد إستراتيجية السيطرة بالتكاليف فتعطيه
لوظيفة اإلنتاج.
بعد عملية التقييم تظهر ثالث مستويات لكل بعد ( ضعيفة ،متوسطة ،قوية ) ،و تمثل مجاالت
النشاط اإلستراتيجي حسب وزنها في رقم األعمال حيث تعود أهمية النشاطات على أساس األرباح التي تدرها.
فتتكون لدينا الوضعيات الموضحة في الشكل التالي:
المفارقات قويـة
وضعيات التفوق
الوضعيات
جاذبية السـوق
متوسطة
المقبولة
الوضعيات الخاسرة
ـوق
الوضعيات ضعيفة ضعيفة
المربحة
Source: Raymond Alain Thietart: La Stratégie D’entreprise , 2eme édition , Paris ,
1996 , p :14.
121
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
وضعيات التفوق :و هي التي تكون فيها كال من التنافسية و الجاذبية قويتان ،و بالتالي يكون السعي هنا
لتطوير هذه الوضعيات ألقصى حد ممكن.
الوضعيات المربحة :تحدث عندما تحقق المؤسسة االقتصادية وضعية قوية في قطاع ضعيف أو متوسط
الجاذبية ،و عليه يجب البقاء و استغالل المردودية التي تكون في هذه الحالة كبيرة.
الوضعيات المقبولة :و هي التي تكون فيها كل من التنافسية و الجاذبية بمستوى متوسط أو مقبول ،و عليه
يجب البقاء و االستمرار ,حيث تصادف هذه الوضعيات عموما حاالت الترقب القصوى التي تواجه فيها
المؤسسة االقتصادية الاليقين المرتفع.
وضعيات المفارقات :تكون في حاالت الجاذبية الكبيرة مع وضعيات تنافسية ضعيفة وهنا يتعين على
المؤسسة االقتصادية االنسحاب أو االستثمار أكثر من أجل تعزيز الوضعية.
الوضعيات الخاسرة :و هي التي تتميز بضعف كل من الوضعية التنافسية و الجاذبية لذلك يستحسن فيها
االنكماش و االنسحاب .
ب -تقويم البدائل اإلستراتيجية :تتم هذه العملية باالعتماد على المعايير النوعية و الكمية التالية :
()1
-1المعايير النوعية :و تتمثل في مجموعة من المعايير التي تقيم بواسطتها البدائل كيفيا ،و من أهمها :
-الوضوح من حيث الصياغة و القابلية للتطبيق العلمي.
-مدى تضمنها لمزايا تنافسية ايجابية .
-مدى اتساقها مع باقي اإلستراتيجيات المعتمدة من طرف المؤسسة االقتصادية بمختلف المستويات.
-درجة المرونة التي تتسم بها.
-مدى اتفاقها مع رسالة المؤسسة االقتصادية و أهدافها اإلستراتيجية.
-مدى تأييد أصحاب المصالح بالمؤسسة االقتصادية لها.
-درجة المخاطرة التي ترافقها.
-مدى تالؤمها و العوامل البيئية و القدرات الذاتية للمؤسسة االقتصادية.
-2المعايير الكمية :و التي من أهمها:
-الحصة السوقية.
-العائد من االستثمار.
-العائد من حق الملكية.
))1
عبد الرحمان توفيق :منهج اإلدارة العليا -التخطيط اإلستراتيجي و التفكير اإلبداعي ،مركز الخبرات المهنية اإلدارية ،مصر ،الطبعة الثالثة ،2004 ،
ص.33:
122
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
))1
فالح حسن الحسيني :مرجع سابق ،ص ص.161-160 :
123
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
-5ضرب الوزن الكمي لكل معيار في الوزن الكمي لدرجة تأثير كل بديل على ذلك المعيار للحصول على
مقدار التأثير.
-6جمع نتائج عملية الضرب السابقة لكل صف ،و بذلك يتم التوصل إلى األثر الكلي لكل بديل وفـق المعايير
المعتمدة من قبل هذه المؤسسة للتقويم.
-7اختيار البديل األفضل وفق المعايير المعتمدة ،و هو البديل الذي حصل على أكبر مجموع.
-مثــال:
قامت مؤسسة اقتصادية بتحديد بدائلها اإلستراتيجية ،حيث أنها توصلت إلى ( ) 6بدائل ،لتضع بعد
ذلك ( ) 6معايير لصناعة قرارها اإلستراتيجي ،توضح أوزانهم كما يلي:
جدول رقم( :) 01 - IIIجدول يوضح أوزان صناعة القرار اإلستراتيجية لهذه المؤسسة
جدول رقم ( :) 02 – IIIجدول يوضح البدائل اإلستراتيجية وفقا للمعايير المعتمدة من هذه المؤسسة
المعايير
المعيار السادس المعيار الخامس المعيار الرابع المعيار الثالث المعيار الثاني المعيار األول
البدائل اإلستراتيجية
124
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
فاإلشكال المطروح اآلن :ما هو االختيار اإلستراتيجي المناسب لهذه المؤسسة من بين البدائل المتاحة
وفقا لنموذج SYNDER؟ و يمكن اإلجابة على ذلك كالتالي:
معايير الخيار
المعيار المعيار المعيار المعيار المعيار المعيار اإلستراتيجي
مجموع
السادس الخامس الرابع الثالث الثاني األول البدائل
األوزان
الوزن5 : الوزن4 : الوزن5: الوزن3 : الوزن4 : الوزن5: اإلستراتيجية
المتاحة
106 20=5 x4 12=4 x3 25=5 x5 9=3 x3 20=4 x5 20=5 x4 البديل األول
122 20=5 x4 20=4 x5 25=5 x5 12=3 x4 20=4 x5 25=5 x5 البديل الثاني
93 15=5 x3 12=4 x3 25=5 x5 9=3 x3 12=4 x3 20=5 x4 البديل الثالث
88 10=5 x2 12=4 x3 25=5 x5 6=3 x2 20=4 x5 15=5 x3 البديل الرابع
123 25=5 x5 20=4 x5 25=5 x5 12=3 x3 16=4 x4 25=5 x5 البديل الخامس
77 15=5 x3 8=4 x2 25=5 x5 3=3 x1 16=4 x4 10=5 x2 البديل السادس
المصدر :فالح حسن الحسيني :مرجع سابق ،ص.161 :
من خالل الجدول السابق يتضح أن :البديل الخامس هو االختيار اإلستراتيجي المناسب لهذه المؤسسة
االقتصادية ،كونه أكبر البدائل تأثي ار وفقا للمعايير المعتمدة من طرفها.
المطلب الثاني :مرحلة تنفيذ اإلستراتيجية:
تعتبر مرحلة التنفيذ اإلستراتيجي المرحلة الثانية من مراحل التسيير اإلستراتيجي ،و التي تلي مرحلة صياغة
اإلستراتيجية المنتهية بعملية االختيار اإلستراتيجي ،حيث تهتم مرحلة التنفيذ هاته بتحديد الخطوات العملية
و التحركات الفعلية التي يتم من خاللها وضع اإلستراتيجية المختارة موضع التنفيذ.
الفرع األول :القواعد األساسية للتنفيذ اإلستراتيجي و عالقته بالصياغة اإلستراتيجية :تعبر مرحلة التنفيذ
اإلستراتيجي عن تعبئة و توجيه العاملين و المديرين لوضع اإلستراتيجيات المختارة موضع التنفيذ حيث تعتبر
هذه المرحلة من أصعب مراحل التسيير اإلستراتيجي ،لذا فهي تطلب التزام و تضحية و انتظام من طرف موارد
المؤسسة البشرية ،و إدراك شديد ألهم القواعد األساسية للمرحلة و عالقتها بمرحلة الصياغة اإلستراتيجية.
125
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
أوال :القواعد األساسية للتنفيذ اإلستراتيجي :هناك مجموعة من القواعد األساسية لمرحلة التنفيذ اإلستراتيجي،
()1
نوضح أهمها فيما يلي:
أ -التزام اإلدارة العليا بالتسيير اإلستراتيجي.
ب -مدى مالءمة التنظيم الحالي للمؤسسة االقتصادية مع اإلستراتيجية.
ج -إعداد خطط إستراتيجية جديرة بالثقة.
د -إعداد تخصيصات واقعية للموارد.
ه -توافق اإلستراتيجية مع ثقافة المؤسسة االقتصادية.
و -إعداد خطط للتصرف على المستوى الوظيفي لتدعيم اإلستراتيجية ،و ربط الحوافز بتنفيذ اإلستراتيجية.
ز -وجود نظام جيد لمتابعة تنفيذ اإلستراتيجية.
ثانيا :عالقة مرحلة تنفيذ اإلستراتيجية بصياغتها :إن التسيير اإلستراتيجي عملية متكاملة مترابطة ،فعلى الرغم
مما حظيت به مرحلة الصياغة اإلستراتيجية من اهتمام كبير دون غيرها من طرف المفكرين اإلستراتيجيين ،إال
أنه ال يمكن التركيز على نجاح مرحلة دون أخرى .حيث أن العالقة بين مرحلة صياغة اإلستراتيجية
و مرحلة تنفيذها عالقة ترابط و تكامل ،و إن عملية الفصل بينهما صعبة بوصفهما مرحلتين مستمرتين ،إال أن
هذا ال يمنع االعتراف بأوجه اختالف تميز بين المرحلتين ،يمكن أن نوضحها كما يلي:
تنفيذ اإلستراتيجية بمثابة تسيير القوات خالل التحرك صياغة اإلستراتيجية بمثابة تحديد مواقع القوات قبل التحرك
يركز تنفيذ اإلستراتيجية على الكفاءة تركز صياغة اإلستراتيجية على الفعالية
تنفيذ اإلستراتيجية أساسا عملية تنفيذية إعداد اإلستراتيجية أساسا عملية تشغيلية
يتطلب تنفيذ اإلستراتيجية مهارات خاصة في مجال الدافعية تتطلب عملية صياغة اإلستراتيجية مهارات تحليلية و ذهنية
و القيادة
يتطلب تنفيذ يتطلب صياغة اإلستراتيجية التنسيق بين عدد محدود من
اإلستراتيجية التنسيق بين الكثير من األفراد األفراد
المصدر :نادية العارف :التخطيط اإلستراتيجي و العولمة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،2003 ،ص.297 :
()1
نبيل محمد مرسي :اإلدارة اإلستراتيجية – تكوين و تنفيذ إستراتيجية التنافس ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،الطبعة األولى ، 2003ص. 352 :
126
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
فعلى الرغم من أهمية الصياغة الجيدة لنجاح اإلستراتيجية إال أن مجرد الصياغة الجيدة وحدها ال تكفي
لضمان النجاح دون وجود كفاءة عالية في عملية التنفيذ ،فقد تتوصل المؤسسة االقتصادية إلى صياغة
إستراتيجية مناسبة و لكن يؤدي التنفيذ الرديء لها إلى إلحاق الفشل بهذه المؤسسة ،كما أن التنفيذ السيء يؤدي
إلى فشل إستراتيجية مناسبة فإن التنفيذ الجيد سوف يؤدي ليس فقط إلى نجاح إستراتيجية مناسبة بل قد يؤدى
()1
إلى إنقاذ إستراتيجية غير مناسبة.
الفرع الثاني :متطلبات التنفيذ اإلستراتيجي الناجح :يتطلب وضع االختيار اإلستراتيجي موضع التنفيذ تجهيز
المؤسسة بصفة عامة ،عن طريق مراجعة بعض المكونات الرئيسية التي يعتمد عليها التنفيذ الناجح
()2
لإلستراتيجية ،و التي من أهمها:
أوال :الهيكل التنظيمي :إن االتفاق بين الهيكل التنظيمي للمؤسسة االقتصادية و اإلستراتيجية يعتبر من
المسائل الواجب االهتمام بها في مرحلة التنفيذ اإلستراتيجي ،حيث أن مالءمة الهيكل لإلستراتيجية المقترح
تطبيقها يزيد من عوامل القوة لدى المؤسسة ،كما أن عدم تناسق أو مواءمة الهيكل مع اإلستراتيجية محل التنفيذ
سيكون أحد نقاط الضعف المؤثرة على أدائها.
فاألشكال التنظيمية تتفاوت في كفاءتها في ظل تنفيذ اإلستراتيجية ،لذا يصبح من األهمية بما كان اختيار
و تصميم الهيكل المناسب للتنفيذ اإلستراتيجي ،و من القضايا الهامة التي انتشرت في الفكر اإلستراتيجي هو
توافق و تطابق اإلستراتيجية و الهيكل التنظيمي للمؤسسة االقتصادية و االختالف حول من الذي يتبع اآلخر،
فالبعض يميل إلى أن الهيكل هو الذي يتبع اإلستراتيجية في حين البعض اآلخر يرى العكس ،لكن ما يمكن
االحتكام إليه هو المعيار األساسي الذي يستوجب ضرورة توافق و تناسب اإلست ارتيجية و الهيكل التنظيمي ألي
مؤسسة و إحداث التوازن بين االثنين بغض النظر عن األسلوب.
ثانيا :القيادة :تقوم القيادة بدور هام في تحقيق نجاح التنفيذ االستراتيجي حيث تعكس مجموعة الق اررات التي
يتم اتخاذها بمعرفة اإلستراتيجيين ،لتحديد مهام و متطلبات فريق العمل التابع لهم في مختلف المستويات
اإلدارية ،و تمثل القيادة اإليجابية العامل الفعال في تهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ االختيار اإلستراتيجي و وضعه
موضع التنفيذ ،من خالل ما تضطلع به من مهام تحديد و توضيح غايات و أهداف كل مرحلة من مراحل
التنفيذ اإلستراتيجي ،و هي التي تحدد الموارد الالزمة للتنفيذ و كيفية توزيعها على الوحدات اإلستراتيجية ،
()1
سوما علي سليطين :مرجع سابق ،ص. 84 :
()2
جمال رشدي عبد العزيز :مرجع سابق ،ص ص.131-128:
127
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
و أوجه النشاط الوظيفي المختلفة ،كما أنها تشرف على إعداد التقييم المناسب و وضع و تطوير السياسات
و اإلجراءات و البرامج الوظيفية المطلوبة لتنفيذ اإلستراتيجية المختارة .
ثالثا :السياسات الوظيفية :تمثل السياسات الوظيفية خطط التحركات التفصيلية الالزمة لوضع اإلستراتيجية
موضع التنفيذ ،فهي الطريقة التي تتحدد بها كيفية بلوغ األهداف و الكيفية التي يتم بها توجيه األداء نحو
تحقيق األهداف ،و يؤثر حجم المؤسسة االقتصادية و درجة انتشار و كثافة أنشطتها و تعقد عملياتها على
شكل السياسة الوظيفية المناسبة.
رابعا :توزيع الموارد :و يقصد بها تخصيص الموارد المتاحة فيما بين الوظائف التي تقوم المؤسسة بأدائها،
و يتم تحديد نصيب كل وظيفة من الموارد المادية و المالية حتى يمكن إنجاز الهدف المطلوب من تأدية
الوظيفة بأكبر قدر من الكفاءة و الفعالية.
خامسا :ثقافة المؤسسة :من الثقافة الهامة في منهج التسيير اإلستراتيجي نحو اختيار اإلستراتيجية التي تتالءم
و تتناسب مع الثقافة التنظيمية للمؤسسة ،و عند حدوث تعارض بين االختيار اإلستراتيجي و هذه الثقافة ،
فاألمر يتطلب تعديل هاته األخيرة حتى يتم ضمان النجاح لهذا االختيار في مرحلة التنفيذ.
المطلب الثالث :مرحلة الرقابة اإلستراتيجية و التقويم:
تمثل الرقابة اإلستراتيجية مرحلة مهمة من مراحل التسيير اإلستراتيجي التي تمكن المؤسسة من معرفة مدى
نجاحها استراتيجيا ،و قد اختلفت األفكار حول آليات تحقيقها فمنهم من نادى بضرورة اعتماد الرقابة على مقارنة
المعايير السابق تحديدها بعد االنتهاء من التنفيذ اإلستراتيجي ثم اتخاذ اإلجراءات التصحيحية ،إال أن هذه
األفكار ال تفيد في الرقابة على اإلستراتيجية حيث ال يعقل االنتظار حتى تطبيق اإلستراتيجية ( و هذا ربما
يستغرق أكثر من خمس سنوات ) ،و على هذا فال بد من إحالل الرقابة اإلستراتيجية محل الرقابة التقليدية ،
و على ذلك فإن المديرين اإلستراتيجيين في المؤسسة االقتصادية سيعتمدون مراحل الرقابة اإلستراتيجية التالية:
اختبار االفتراضات و األسس التي تم خاللها صياغة إستراتيجية المؤسسة ،فقياس األداء الفعلي و مقارنة
النتائج الفعلية مع النتائج المحددة ثم القيام أخي ار باإلجراءات التصحيحية.
الفرع األول :اختبار األسس و االفتراضات التي تم من خاللها صياغة إستراتيجية المؤسسة االقتصادية:
تنطوي هذه المرحلة على مراجعة العوامل البيئية التي تم التركيز عليها عند صياغة إستراتيجية المؤسسة
االقتصادية ،و ذلك للتأكد من مدى صالحيتها للظروف التي تمت فيها عملية التنفيذ ،و تسمى هذه العملية
بالرقابة المسبقة و التي تنفذ إما من خالل متخصصين من داخل المؤسسة االقتصادية أو من خالل مستشارين
128
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
من خارج هذه المؤسسة ،و في هذه العملية يكون مضمون الرقابة مرك از على االفتراضات األساسية التي
أعدت في ظلها اإلستراتيجية للتأكد من مدى صالحيتها و مناسبتها للمؤسسة ،عبر جملة من التساؤالت التي
تحدد إجابتها مدى فاعلية عملية الصياغة ،و إن اإلجابة بالنفي على أي من التساؤالت السابقة تسهم في فشل
اإلستراتيجية حتى و إن حسن تصميمها .و يتم ذلك من خالل اختبار مايلي :
()1
أوال :اختبار التحليل البيئي :يتم عبر مجموعة من التساؤالت ،و التي من أهمها:
أ -هل حسن تحليل المتغيرات البيئية لتوقع الفرص و التهديدات ؟
ب -هل حسن تقدير نقاط و مواضع القوة و الضعف ؟
ج -هل أمكن توظيف نقاط القوة القتناص الفرص و تحييد أو تجنب التهديدات ؟
ثانيا :الرؤية و الرسالة :يتم تقسيمها من خالل اإلجابة على مدى فاعلية كل منهما ،و نوضح ذلك كما يلي:
أ -الرؤية :السؤال المطروح لتقييمها هو :إلى أي مدى حققت الرؤية ما يلي:
-1النمو الذي كانت ترغب المؤسسة فيه ؟
-2استشراف المستقبل بشكل واقعي ؟
-3قابليتها لقياس مقدار التقدم الذي أحرزته ؟
-4نسبة اإلنجاز مقارنة مع التاريخ المحدد لتحقيقها ؟
-5قيادة عملية التغيير اإلداري نحو الوضع المأمول ؟
-6المرونة و التكيف مع كافة التغيرات ؟
ب -الرسالة :السؤال المطروح لتقييمها هو :إلى أي مدى كانت الرسالة:
-1تتمتع بالوضوح ؟
-2تتمتع بدقة التعبير؟
-3تتمتع بمالءمة الظروف الواقعية و إمكانية تحقيقها ؟
-4طموحة و تعبر عن قيم و فلسفة المؤسسة االقتصادية ؟
-5محفزة للعاملين في المؤسسة االقتصادية ؟
-6قابلة للتحويل إلى خطط و سياسات و برامج عمل واضحة ؟
ثالثا :األهداف اإلستراتيجية :ويتم تقييمها من خالل التساؤالت التالية:
أ -هل حسن تصميم األهداف اإلستراتيجية وفق معيار ( ) SMARTER؟
()1
احمد سيد مصطفى :مرجع سابق ،ص .404
129
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ب -هل وقع مديرو اإلدارات العليا و الوسطى بمشاركتهم في صياغة هذه األهداف ؟
ج -هل حسن ترجمة الرسالة إلى أهداف إستراتيجية واضحة و مرنة و قابلة للقياس ؟
د -هل صممت األهداف انطالقا من معالجة نقاط الضعف ،و تعزيز نقاط القوة لتوظيفها في اقتناص الفرص
و تعظيم عوائدها ،و كذلك مواجهة التهديدات أو التقليل من مخاطرها ؟
ه -هل تم نقل هذه األهداف إلى المرؤوسين من طرف مديري اإلدارة العليا و المتوسطة ؟
رابعا :االختيار اإلستراتيجي :و يقيم أيضا من خالل اإلجابة عن التساؤالت التالية:
أ -هل حسن ترجمة األهداف إلى إستراتيجيات ؟
ب -هل حسن تصميم معايير تقييم اإلستراتيجيات البديلة ؟
ج -هل حسن اختيار البديل اإلستراتيجي األنسب ؟
د -هل حسن ترجمة اإلستراتيجيات إلى سياسات ؟
ه -هل فصلت السياسات إلجراءات عمل واضحة و محددة ؟
و -هل تم تصميم معايير واضحة يقاس عليها األداء ( جدولة ،جودة ،و تكلفة ) ؟
الفرع الثاني :قياس األداء الفعلي و مقارنته باألداء المخطط ،و اتخاذ اإلجراءات التصحيحية :يعبر قياس
األداء عن عملية اكتشاف و تحسين تلك األنشطة المرتبطة بأداء المؤسسة في الماضي و المستقبل بهدف تقييم
مدى تحقيق هذه األخيرة ألهدافها ،و من ثم اتخاذ اإلجراءات التصحيحية الالزمة ،و تتم هذه العملية كما يلي:
أوال :اختيار مؤشرات القياس :يتم اختيار مؤشرات القياس من خالل مجموعة من العناصر الضرورية التي
()1
يجب توفرها ،و التي من أهمها:
أ -أن يكون المقياس ذا معنى و يحقق األهداف التي تسعى المؤسسة االقتصادية للوصول إليها.
ب -ارتباط المقاييس بالعمليات التي تقوم بها المؤسسة االقتصادية و تجنب اإلفراط في استخدام المقاييس.
ج -توفير مؤشرات تتعلق بالمستقبل لتحديد النتائج السلبية التي يمكن أن تحدث فيما بعد.
د -توفير البيانات الفنية الحقيقية و تخفيض حجم البيانات التي يتم جمعها.
ثانيا :قياس األداء :بعد تحديد مؤشرات قياس األداء تأتي مرحلة قياس األداء و التي جوهرها جمع المعلومات
التي تمثل األداء الفعلي ،و قياس األداء الفعلي عموما ال بد أن يشمل كال من الجانبين الكمي و النوعي ،
حيث أن عملية جمع المعلومات الكمية قد تكون أسهل و أيسر من جمع المعلومات النوعية و أقل تكلفة
كقياس عدد الزبائن المستفيدين من خدمة ما ،أما المعلومات النوعية كتلك المتعلقة باألداء الفكري و التي
يصعب وضع مقاييس محددة و ثابتة لقياسها.
ينبغي قياس األداء الحقيقي بوحدات القياس التي يجب أن تكون محددة و منظمة و متجانسة في جميع
مراحل عملية القياس ،كما أنه يوجد العديد من األساليب لجمع المعلومات الرقابية الالزمة حول األداء الفعلي
تتنوع بين األساليب الوصفية ( المالحظة الشخصية ،التقارير الرقابية ،الزيارات الميدانية )...،و أساليب كمية
()1
( النسب المالية ،الموازنات التقديرية ،شبكة ، PERTالرسوم البيانية.)...،
ثالثا :مقارنة األداء الفعلي باألداء المخطط :في هذه المرحلة يتم مقارنة األداء الفعلي باألداء المخطط ما إذا
كان هناك تطابق بينهما أم هناك اختالف ،و هل هذا االختالف مقبول أو غير مقبول حتى نستطيع تحديد
الفجوة بينهما ،و تكون هذه المقارنة أقل تعقيدا إذا كانت وحدة القياس للمؤشرات الموضوعة و األداء المقاس
متماثلة و محددة المقدار.
رابعا :اتخاذ اإلجراءات التصحيحية :و تمثل المرحلة األخيرة من عملية الرقابة اإلستراتيجية حيث يتم القيام
بتصرفات من شأنها أن تؤدي إلى تصحيح االنحرافات المؤثرة في األداء الفعلي للمؤسسة االقتصادية و جعله
يطابق المعايير و المؤشرات الموضوعة ،و قد تتضمن هذه اإلجراءات تعديل المؤشرات و المعايير أو القيام
بتغيير اإلستراتيجيات ،و لذلك فإن هذه العملية تشتمل على خطوتين رئيسيتين هما :تحديد أسباب االنحرافات ،
ثم القيام باإلجراءات الالزمة لمعالجة هذه االنحرافات.
و هناك جملة من التساؤالت تحدد اإلجابة عليها األسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهور انحرافات ،من
أهمها:
أ -هل األسباب التي أدت إلى ظهور انحرافات داخلية أم خارجية ؟
ب -هل هذه األسباب فجائية أم من المفروض التنبؤ بها مسبقا ؟
ج -هل أن هذه األسباب ستكون موجودة بصورة مستمرة أم مؤقتة ؟
د -هل أن اإلستراتيجية الحالية مالئمة في ظل أسباب االنحرافات الحالية ؟
ه -هل يوجد لدى المؤسسة االقتصادية قدرة على التعامل مع هذه األسباب التي أدت إلى ظهور االنحرافات؟
()1
بن قارة أمينة :مرجع سابق ،ص.49 :
131
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
)(1
جمال الدين محمد المرسي و آخرون :التفكير اإلستراتيجي و اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ، 2002 ،ص.297 :
))2عبد السالم أبو قحف :أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ، 2005 /2004 ،ص ص. 290 -289 :
))3
نبيل محمد مرسي :مرجع سابق ،ص.193:
)(4
Jean .F. Dehenin , Brigitte Fournier : 50 Thèmes D’initiation à l’économie d’entreprise , Bréal , Paris, 1998 , P : 221.
132
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
-1تنويع المخاطر :و ذلك لتجنب المخاطر الناجمة عن تركيز المؤسسة االقتصادية على نشاط وحيد ،بتنويع
نقاط قوتها على أنشطة مختلفة ذات مردودية.
-2تسيير محفظة أنشطة متكاملة :عن طريق أنشطة ذات مردودية تساعد في تمويل األنشطة المستقبلية.
-3دخول أسواق جديدة أكثر مردودية :عن طريق اغتنام المؤسسة االقتصادية لما تمنحه هذه األسواق الجديدة.
ب -أشكال التنويع :يأخذ التنويع األشكال التالية:
-1التنويع المرتبط :حيث تتوسع المؤسسة االقتصادية بمخرجات أو أنشطة جديدة تكـون مترابطـة و متوافقة مع
نشاطها الحالي ،مما يعطي لها فرصة استخدام نفس الخبرة و التكنولوجيا.
-2التنويع غير المرتبط :في هذا الشكل من التنويـع تتوسـع المؤسسة االقتصاديـة بإضافـة مخرجـات أو أنشطة
جديدة تختلف عن التركيبة الحالية و ال ترتبط بها.
ثانيا :إستراتيجية النمو و التوسع عن طريق التكامل :يقصد بالتكامل توسع المؤسسة االقتصادية باتجاه
مدخالتها أو مخرجاتها ،أو في اتجاه المؤسسات المنافسة.
) )1
أ -أسباب التكامل :ومن أهمها:
-1تحقيق أفضل مردودية :انطالقا من اعتبار التكامل كأداة لتخفيض التكاليف و رفع هامش األرباح.
-2ضمان اإلمدادات :عن طريق استقاللية تموين المؤسسة االقتصادية.
-3تحقيق حجم تنافسي :و ذلك عن طريق تحقيق حجم يؤدي إلى تحسين الوضع التنافسي للمؤسسة
االقتصادية.
ب -أشكال التكامل :يأخذ التكامل األشكال التالية:
( )2
و يعني تعزيز نشاط المؤسسة االقتصادية إما خلفيا أو أماميا ،كما يلي: -1التكامل العمودي:
-التكامل الخلفي :في هذه الحالة تعمل المؤسسة االقتصادية على التوسع باستثمارات في مجال مدخالت
نشاطها ،لتسمح لها هذه العملية بضمان مدخالتها و انتظامها كميا و قيميا ،و عادة تستخدم هذه اإلستراتيجيات
لكون الموردين الحاليين غير جديرين بالثقة ،أو يفرضون تكلفة عالية ،أو أن إمكانياتهم الحالية ال تسمح بتلبية
حاجيات المؤسسة االقتصادية.
-التكامل األمامي :يقصد به تنويع نشاط المؤسسة االقتصادية بتوجهها نحو قنوات توزيع مخرجاتها ،و بالتالي
تقديم قيمة مضافة أكثر ،و تحقيق نتائج أحسن ،بالتحكم في األسعار سواء عن طريق تملك قنوات التوزيع
أو التحكم فيها.
)(1
Ibid , P : 222.
)(2
ناصر دادي عدون :اإلدارة والتخطيط اإلستراتيجي ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2003 ،ص ص.35-34 :
133
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
( )1
يقصد به تملك المؤسسة االقتصادية أو شراء مؤسسات منافسة أو زيادة درجة السيطرة -2التكامل األفقي :
عليها ،عن طريق مجموعة من األشكال ،من أهمها:
-الشراء :عن طريق شراء المؤسسة االقتصادية لمؤسسة أخرى كليا أو جزئيا.
-االندماج :عن طريق انضمام مجموعة من المؤسسات االقتصادية لتكون مؤسسة واحدة جديدة أو باسـم
أحدها.
-االستيالء :عن طريق استحواذ المؤسسة االقتصاديـة على أخرى ضد رغبـة إدارتـها بسبب عدم الموافقة على
السعر ،أو للمحافظة على استقالليتها.
-الشراكة :عن طريق إنشاء مؤسسة اقتصادية مختلطة أو اتحاد بغرض االستفادة من مزايا ذلك ،و هي
إستراتيجية تنتشر بشكل كبير في األعمال الدولية بسبب القيود المالية و السياسية و القانونيـة لالستثمـار في
الدول المختلفة.
( )2
تعني تحديد نوع معين من األنشطة أو المنتجات، ثالثا :إستراتيجية النمو و التوسع عن طريق التخصص:
و توجيه مختلف طاقات المؤسسة االقتصادية نحوها سواء الموارد المالية أو البشرية ،و ما يرافقها من بحث
و تكنولوجيا ،حيث تتميز هذه اإلستراتيجية بعدة مزايا ،من أهمها:
أ -سهولة التسيير مقارنة مع المؤسسات االقتصادية التي تتنوع أنشطتها و منتجاتها و ما تشهده من تعقيد.
ب -تتضح األهداف و تكون التوجيهات أكثر دقة مما يزيد من فرص تحقيق األهداف العامة لها.
ج -تدعيم تواجد المؤسسة االقتصادية في السوق باالهتمام أكثر بالمستهلك و أذواقه مما يسمح لها بتكوين
عالقة مميزة معه ،و من ثم تحقيق مكان ريادي في مجال نشاطها.
د -االستفادة من مزايا التخصص الذي ينعكس على التكاليف و متابعة التطورات في مجال نشاطها.
ه -القدرة على التجديد و االبتكار.
و رغم ما تحققه هذه اإلستراتيجية من مزايا إال أنها تتميز بنوع من الخطر الناتج عن حشد قدرات
المؤسسة االقتصادية و مواردها في تخصص أو منتجات محددة ،مما يزيد من درجة االنعكاسات السلبية التي
قد تلحق بها ،في حالة تغير ظروف السوق أو ظهور منافسة قوية أو تكنولوجيا حديثة أكثر تطورا.
الفرع الثاني :إستراتيجيات االستقرار :و يقصد بها أن تبقى المؤسسة االقتصادية محافظة على المستوى الذي
( )3
كانت عليه.
))1
نادية العارف :اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ، 2004 ،ص.89 :
()2
ناصر دادي عدون :اإلدارة و التخطيط اإلستراتيجي ،مرجع سابق ،ص.34 :
))3
عبد الحميد عبد الفتاح المغربي :مرجع سابق ،ص.162 :
134
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
و بالتالي فإن االستقرار قد ينطوي على قيام المؤسسة االقتصادية على بعض التغييرات المحدودة و الرئيسية في
( )1
نفس الوقت .و يمكن للمؤسسة االقتصادية تبني إستراتيجيات االستقرار في الظروف التالية:
-حينما تستمر في تحقيق نفس معدالت األهداف التي كانت تسعى إلى تحقيقها في الماضي ،و ذلك بزيادة
معدالت االنجاز بنفس النسب التي تحققت في السابق.
-حينما يكون الهدف هو زيادة معدالت تحسين األداء الوظيفي أو تحقيق الكفاءة.
أما بالنسبة لألسباب التي تكمن وراء تبني المؤسسة االقتصادية لهذه اإلستراتيجيات ،فيمكن توضيح أهمها
( )2
كما يلي:
-إدراك المؤسسة االقتصادية و اقتناعها بمستوى النجاح أو األداء المحقق.
-كون االستقرار أقل خطورة من التغيير ،الذي يحمل في طياته الكثير من المخاطر.
-االستقرار النسبي لبيئة المؤسسة االقتصادية و احتوائها على القليل من الفرص و التهديدات.
-المغاالة في التوسع تؤدي إلى عدم الكفاءة.
-عدم وجود فجوات أداء بين مستوى تحقيق األهداف في المستقبل و ذلك المستوى المتوقع تحقيقه.
انطالقا من الظروف السابقة و األسباب التي تدفع بالمؤسسة االقتصادية إلى تبني استراتيجيات االستقرار ،
يمكن أن نوضح أهم هذه اإلستراتيجيات كما يلي:
( )3
تقتضي هذه اإلستراتيجية تحرك المؤسسة االقتصادية بوعـي و ببطء أوال :إستراتيجية الحركة الواعية :
تماشيا مع العوامل البيئية الخارجية المؤثرة عليها ،مثل النقص المفاجئ في المواد األوليـة ،أو الق ار ارت
الحكومية.
ومن أهم أسباب تبني هذه اإلستراتيجية ما يلي:
أ -االتجاه نحو االنتفاع المباشر من التغيرات المحدودة المحفوفة بالمخاطر.
ب -وجود مؤشرات باحتمال حدوث تغيرات مفاجئة بها قيود أو تهديدات متوقعة.
ج -وجود معلومات بحدوث تغيرات بيئية ذات العالقة بأنشطة المؤسسة االقتصادية.
د -االتجاه إلى التركيز على الربح المتواضع قصير األجل لتحفيز المساهمين والعاملين.
ثانيا:إستراتيجية التريث :تعتمدها المؤسسة االقتصادية عند سعيها إلى خفض مستوى أهدافها من مستوى النمو
إلى مستوى االستقرار ،من أجل التركيز على تحسين الكفاءة.
)) 1
عايدة سيد خطاب :مرجع سابق ،ص.283:
)) 2
عبد السالم أبو قحف :أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية ،مرجع سابق ،ص.283 :
جمال الدين محمد المرسي و آخرون :مرجع سابق ،ص.300 : )( 3
135
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
( )1
ومن أهم أسباب تبني هذه اإلستراتيجية ما يلي:
أ -تجنب توسيع المهام و األعباء الفنية و اإلدارية و التنظيمية.
ب -ضعف الرغبة إلدخال موارد و إمكانيات إضافية في األعمال.
ج -ضعف القد ارت اإلدارية و الفنية بالمؤسسة االقتصادية ،و عدم قدرتها على استيعاب أعباء النمو
و التوسع.
ثالثا:إستراتيجية عدم التغيير :عبر هذه اإلستراتيجية تستمر المؤسسة االقتصادية بنفس أسلوبها المعتمد سابقا ،
لعدم الرغبة في إجراء عملية التحليل اإلستراتيجي ،و خصوصا عند شعور هذه المؤسسة االقتصادية بأن
األمور تسير على ما يرام.
ومن أسباب تبني هذه اإلستراتيجية ما يلي:
أ -اقتناع المؤسسة االقتصادية بموضوعية االستمرار على المسار الحالي.
ب -في حالة عدم حدوث تغيرات بيئية تبرر إدخال أي تعديل في مجاالت و حجم األعمال الحالية.
ج -في حالة عدم وجود فجوة بين ما هو مستهدف و ما تحقق فعال و اقتناع المؤسسة االقتصادية باإلنجاز
المحقق.
الفرع الثالث :إستراتيجيات االنكماش :و هي من البدائل اإلستراتيجية التي تؤدي بالمؤسسة االقتصادية إلى
( )2
التخفيض في نطاق أعمالها و آفاق تعامالتها.
و بالتالي فإن االنكماش يعني اتجاه المؤسسة االقتصادية نحو تخفيض عدد األنشطة أو المنتجــات التي تقدمها
للسوق ،كما قد تعني أيضا تخفيض عدد األسواق التي تخدمها ،أو عدد قنوات التوزيع التي تستخدمها .حيث
( )3
انه العتماد المؤسسة االقتصادية لهذه اإلستراتيجية العديد من األسباب ،أهمها:
-اإلستراتيجيات االنكماشية هي إستراتيجيات دفاعية بالدرجة األولى ،يتم تبنيها في حالة قيام هذه المؤسسة
بتخفيض عملياتها أو أنشطتها ،لعالج جوانب ضعف معينة أو مواجهة أزمات خاصة في األجل القصير.
-حالة مواجهة مشكالت مالية ناتجة عن انخفاض األداء.
-التنبؤ بحدوث مشكالت أو أزمات في المستقبل.
-بلوغ المساهمين في هذه المؤسسة مرحلة اليأس من ممارسة النشاطات الحالية ،أو توقع حصولهم على أرباح
في حالة بيع بعض األصول.
))1
مصط فى محمود أبو بكر :المرجع في التفكير اإلستراتيجي و اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،2004 ،ص ص. 399 -398 :
)) 2إسماعيل محمد السيد :اإلدارة اإلستراتيجية -مفاهيم و حاالت تطبيقية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،2000 ،ص.237 :
)) 3
عبد السالم أبو قحف :أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية ،مرجع سابق ،ص.302 :
136
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
)) 1
مصطفى محمود أبو بكر :مرجع سابق ،ص.402 :
137
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
و تجدر اإلشارة إلى أن قرار تبني إستراتيجية التصفية يعتبر من أصعب الق اررات التي تتخذها المؤسسة
( )1
االقتصادية ،و ترجع صعوبة هذا القرار إلى ما يلي:
أ -عوامل هيكلية :فكلما كانت أصول هذه المؤسسة ذات طبيعة تناسب مؤسسـة واحـدة أو نشـاط أو موقع
إنتاجي واحد كلما ارتفعت درجة صعوبة التخلص.
ب -عوامل إدارية :عدم توافر معلومات مالئمة عن األعمال اإلستراتيجية بحيث تمكنها من الحكم على مدى
فعالية أداء هذه الوحدات ،و في حالة التأثير السلبي لعملية التصفية على معنويـات و سمعـة المديرين ،باعتبار
أن هذه العملية تعني الفشل.
المطلب الثاني :إستراتيجيات على مستوى وحدات األعمال و على المستوى الوظيفي:
و هي استراتيجيات تعتمدها المؤسسة االقتصادية في المستويات األدنى فاألدنى ( مستوى وحدات األعمال ،
فالمستوى الوظيفي ) ،بحيث تتوافق و تتالءم مع استراتيجيات هذه المؤسسة على المستوى العام
الفرع األول :إستراتيجيات على مستوى وحدات األعمال :و هي إستراتيجيات تتبناها وحدات أعمال المؤسسة
االقتصادية ،حيث يمكن أن تختلف هذه اإلستراتيجيات من وحدة إلى أخـرى ،شرط تالؤمها مع اإلستراتيجيـة
العامـة للمؤسسـة االقتصادية ،و أهدافها و رسالتها ،و كذلك مع إمكانياتها .بحيث تتمثل هذه اإلستراتيجيات
فيما يلي:
أوال :إستراتيجية تحقيق الريادة بتخفيض التكاليف :تحاول المؤسسة االقتصادية التي تسعى إلى الريادة عن
طريق تخفيض التكاليف بأن تخفض ما يمكن تخفيضه من تكاليف ،حتى تتمكن في النهاية من بيع مخرجاتها
()2
بسعر أقل من المنافسين في نفس مجال النشاط وبنفس الجودة.
( )3
و من خالل هذه اإلستراتيجية يمكن أن تحقق المؤسسة االقتصادية مجموعة من المكاسب ،أهمها:
أ -القدرة على المنافسة من خالل تخفيض األسعار أو تقديم تسهيالت ،أو مزايا أو خدمات إضافية.
ب -القدرة على مواجهة التغيرات المفاجئة في أسعار المدخالت وتكلفة اإلنتاج.
ج -القدرة المالية و تدعيم المركز التفاوضي مع اآلخرين.
ه -تتوفر لديها قدرات مانعة لدخول منافسين جدد في مجال نشاطها.
كما أن لهذه اإلستراتيجية انعكاسات يمكن أن تؤثر سلبا على المؤسسة االقتصادية و أنشطتها ،من أهمها:
أ -إمكانية أن يحقق المنافسون نفس ميزة تخفيض التكلفة ،و من ثم وجود فرص قوية للمنافسة.
))1
عبد السالم أبو قحف :مرجع سابق ،ص ص.309 -307 :
()2
محمد أحمد عوض :مرجع سابق ،ص.175 :
))2
مصطفى محمود أبو بكر :مرجع سابق ،ص.413 :
138
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ب -إمكانية تعويض مزايا منحنى الخبرة من خالل التقنيات الحديثة التي تساهم في تخفيض التكلفة.
ج -مخاطر التركيز على تخفيض التكلفة و االنشغال بها على حساب تحسين الجودة و خدمة العمالء.
ثانيا :إستراتيجية التميز عن المنافسين :تهدف هذه اإلستراتيجية إلى تقديم مخرجات مختلفة عن المنافسين ،
( )1
لتناسب احتياجات و رغبات العميل الذي يهتم بالتميز و الجودة.
و يمكن أيضا للمؤسسة االقتصادية من خالل هذه اإلستراتيجية المعتمدة على مستوى وحدات أعمالها ،أن
تحقق مجموعة من المكاسب أهمها:
أ -خلق و تعميق والء العميل لمخرجات المؤسسة االقتصادية.
ب -خلق قيود و تهديدات تمنع المنافسين من دخول مجال نشاطها.
ج -توفير إطار من الحماية النفسية و السلوكية للمؤسسة االقتصادية ،من خالل الصورة الذهنية و االتجاهات
النفسية لدى العمالء.
د -توفر فرص رفع األسعار عند الضرورة انطالقا من تمايز مخرجاتها ،و والء العمالء لها.
ك ما أنه يمكن لهذه اإلستراتيجية أن تؤثر سلبا على المؤسسة االقتصادية وأنشطتها ،من خالل ما تتطلبه
مما يلي:
أ -جهد متواصل و تحمل عبء التكلفة اإلضافية لالحتفاظ بالتميز.
ب -يقظة دائمة و جهد متواصل لمتابعة المقلدين لمخرجاتها ،و اتخاذ اإلجراءات الصارمة ضدهم قبل
استحواذهم على سوقها.
ج -المزيد من اإلنفاق على الجهود الترويجية و خدمة العمالء.
ثالثا :إستراتيجية التركيز :يقصد بهذه اإلستراتيجية أن تركز المؤسسة االقتصادية كل جهودها على قطاع
سوقي محدد ،أو خط منتجات معين ،و قد تتركز كل الجهود على منتج واحد من أجل رفع األداء اإلنتاجي
و التسويقي و عدم تشتيت الجهود ،و تجميعها و توجيهها نحو هدف إستراتيجي واحد و بكفاءة أكبر من
المنافسين .و يمكن التمييز بين التركيز على التكلفة كميزة أساسية ،أو التركيز على التميز.
و من خالل هذه اإلستراتيجية ،يمكن لهذه المؤسسة االقتصادية أن تحقق مجموعة من المكاسب ،و التي
()2
من أهمها ما يلي:
أ -تحفيز المؤسسة االقتصادية على ترشيد و ضبط التكلفة للسيطرة على األسعار.
ب -تحفيز المؤسسة االقتصادية على البحث و التطوير لتحسين مستوى الجودة التي تقدمها للعمالء.
)(3
محمد أحمد عوض :مرجع سابق ،ص.176 :
))2
مصطفى محمود أبو بكر :مرجع سابق ،ص.405 :
139
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
ج -االستفادة من رصيد الخبرة المرتبط بالتخصص و منحنى المعرفة في منتج معين أو سوق معينة لخدمة فئة
معينة .
د -توفر قدر معين من الحماية للمؤسسة االقتصادية ،حيث تمنع المنافسين الجدد من دخول مجال نشاطها،
لتخصصها و اتساع خبرتها في مجال التركيز.
كما أنه أيضا لهذه اإلستراتيجية انعكاسات يمكن أن تؤثر على المؤسسة االقتصادية سلبا ،حيث تتمثل أهم
هذه االنعكاسات السلبية فيما يلي:
أ -الحرص على توسيع الحصة السوقية قد يتطلب التضحية بقدر من الربحية ،نتيجة منح مزايا مرتبطة بتكلفة
ال يقابلها ارتفاع في األسعار.
ب -تتطلب تجهيزات إضافية و أنظمة متطورة لترشيد التكلفة و تحسين الجودة.
ج -يضعف المركز التفاوضي للمؤسسة االقتصادية أمام مورديها.
الفرع الثاني :إستراتيجيات المستوى الوظيفي :و هي استراتيجيات توضع في المجاالت الوظيفية األساسية ف ـي
الفعال
المنظمة كالتسويق ،التمويل ،التموين ،اإلنتاج ،الموارد البشرية .تهدف إلى تحقيق التكامل و االستخدام ّ
و الكفء للموارد داخل كل إدارة ،كما تركز على أساليب و وسائل و آليات التنفيذ و مشاكلـه المرتبطة
( )1
باألنشطة المختلفة .
كما تحدد هذه االستراتيجيات مساهمة كل مجال وظيفي في تحقيق اإلستراتيجية العامة للمؤسسة ،و من أهم
األساليب المساعدة على تحديد هذه اإلستراتيجيات نموذج دورة حياة المنتج.
-نموذج دورة حياة المنتج :يقوم هذا النموذج على ضرورة تحديد المرحلة التي تمر بها مخرجات المؤسسة
االقتصادية ( انطالق ،نمو ،نضج ،تراجع ) ،و من ثم تتبع النشاطات خالل دورة حياتها و وضع إستراتيجية
لكل مرحلة و لمختلف الوظائف .و يمكن توضيح هذا النموذج من خالل الشكل التالي:
)) 1
ثابت عبد الرحمان إدريس ،جمال الدين محمد مرسي :اإلدارة اإلستراتيجية -مفاهيم و نماذج تطبيقية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية- 2001 ،
ص.316 : ،2002
140
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
المبيعات
الزمن
ضعيف في تزايد مرتفع في تراجع معدل نمو المبيعات
مرتفع متوسط ضعيف في ارتفاع التكلفة الوحدوية
سالب أو=0 ضعيف مرتفع في تراجع الربح
ضعيف في تزايد كبيرة في تراجع الحصة السوقية
141
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
رابعا :و في المرحلة الرابعة ( مرحلة النضج ) حيث يبدأ التناقص التدريجي للمبيعات نتيجة لتشبع السوق مـن
المنتج أو دخول منتجات منافسة ،أو أن المؤسسة طورت هذا المنتج أو أدخلت منتجا جديدا لتعويضه و هي
اإلستراتيجية األسلم لها في هذه الحالة.
142
الفصـل الثالث :مدخل نظري حول التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية
استعرضنا في هذا الفصل كل ما يحيط بالتسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية ،بدءا بإطار عام حوله،
إلى المراحل التي يمر عبرها و انتهاءا بمستويات اإلستراتيجية ،حيث خلصنا إلى أن:
-التسيير االستراتيجي هو علم و فن :صياغة إستراتيجية المؤسسة ،تنفيذها ،الرقابة عليها و تقويمها ،يتم
على مستوى اإلدارة العليا من طرف قادة إستراتيجيون.
-نجاح أو فشل المؤسسة االقتصادية في الوقت الراهن ( في ظل العولمة ) يعتمد بشكل كبير على مدى
فعالية تسييرها االستراتيجي ،هذا األخير الذي يتحدد من خالل:
الصياغة اإلستراتيجية :و التي تشمل العديد من العناصر اإلستراتيجية من أهمها :تحليل البيئة الخارجية
للمؤسسة االقتصادية و تشخيص ما فيها من فرص و تهديدات ،و من ثم اختيار البديل االستراتيجي
المالئم لهذا التشخيص وفق معايير كمية أو نوعية ،و في مختلف المستويات اإلستراتيجية
( العام ،وحدات األعمال ،الوظيفي ) .
وضع االختيار اإلستراتيجي موضع التنفيذ :حيث يتطلب مراجعة بعض المكونات الرئيسية التي يعتمد
عليها التنفيذ الناجح لإلستراتيجية ،و التي من أهمها :الهيكل التنظيمي ،القيادة ،السياسات الوظيفية ،
توزيع الموارد ،ثقافة المؤسسة.
الرقابة اإلستراتيجية :و هي عملية مستمرة تتم عبر :اختبار االفتراضات و األسس التي تم خاللها صياغة
إستراتيجيات المؤسسة االقتصادية ( في مختلف المستويات ) ،ثم قياس األداء الفعلي و مقارنة النتائج
الفعلية مع النتائج المحددة ،فالقيام أخي ار باإلجراءات التصحيحية .مما يجعل التسيير االستراتيجي للمؤسسة
االقتصادية عملية ديناميكية مستمرة في مختلف مستوياتها باستمرار نشاط هذه المؤسسة.
-تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية أحد أهم العناصر اإلستراتيجية التي يتحدد من خاللها بقاء
و استم اررية المؤسسة االقتصادية و أنشطتها في ظل العولمة ،حيث يستوجب من تسييرها االستراتيجي في
( ظل هذا الوضع أن يكون استجابة للتغيرات الحالية و المستقبلية ألهم مكونات بيئتها الخارجية الدولية
لما لها من دور في صياغة إستراتيجية هذه المؤسسة و الرقابة عليها ) ،و بالتالي فالبيئة الخارجية الدولية
للمؤسسة االقتصادية تلعب دو ار مهما في تفعيل تسييرها االستراتيجي في ظل العولمة .
143
الفصل الرابع:
دراسـة حالـة شركـة
سوناطراك -الجزائر
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
تمهيــد:
تطرقنا في الفصول السابقة بشيء من التفصيل إلى ظاهرة العولمة و إلى الجوانب النظرية لكل من :
البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية و التسيير االستراتيجي لها ،لذلك و بقصد االنتقال من الجانب
النظري إلى الجانب التطبيقي و إسقاط المادة العلمية النظرية على الواقع من خالل دراسة حالة مؤسسة
اقتصادية و التعمق في فهم مختلف جوانب الموضوع حوله ،سنتطرق في هذا الفصل إلى دراسة حالة مؤسسة
اقتصادية وطنية ( شركة سوناطراك -الجزائر) تعتبر قاطرة االقتصاد الجزائري و المؤسسة اإلستراتيجية األكبر
وطنيا ،و يتجسد ذلك عبر المباحث التالية:
-المبحث األول :التعريف بشركة سوناطراك -الجزائر
-المبحث الثاني :تحليل البيئة الخارجية الدولية لسوناطراك
-المبحث الثالث :مالمح التسيير اإلستراتيجي لسوناطراك.
145
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
)*(
Société Nationale Pour Transport et Commercialisation des Hydrocarbures.
146
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
( 105مؤسسة على المستوى الوطني و 49على المستوى الدولي ) ،حاضرة في العديد من الدول ،من
( )1
أهمها :البيرو ،انكلت ار ،اسبانيا ،ايطاليا ،مالي ،النيجر ،مصر ،و ليبيا .
( )2
كما يقدر حجم عمالة مجمع سوناطراك بحوالي 120ألفا ،و يحتل الصدارة عالميا من خالل كونه :
أ -أول شركة نفطية و غازية في أفريقيا.
ب -أول شركة غاز في البحر األبيض المتوسط.
ج -ثالث مصدر في العالم لغاز البترول المميع (.)GPL
د -رابع مصدر في العالم للغاز الطبيعي المميع (.)GNL
ه -خامس مصدر في العالم للغاز الطبيعي.
و -سادس شركة عالميا من حيث احتياطات و إنتاج الغاز الطبيعي.
ز -في المرتبة الثانية عشرة عالميا كشركة بترولية ،و الخامسة و العشرون من حيث عدد الموظفين.
إال أن مهامها استمرت ،كما يلي:
أ -تلبية احتياجات السوق الجزائرية للمحروقات ،خاصة الغاز الطبيعي الذي يعتبر من أولوياتها.
ب -تموين السوق العالمية بالمحروقات السائلة و الغازية و الطاقة عامة.
ج -ضمان تنمية صناعة المحروقات ( شرط استم ارريتها).
ثانيا:أهداف سوناطراك :لسوناط ارك مجموعة من األهداف التي تسعى إلى تحقيقها ،من أهمها:
أ -اإلبقاء على نمو سوناطراك و تعزيز قيادتها في الجزائر و إفريقيا ،و مكانتها بين قادة الصناعة و التجارة
العالميتين في مجال المحروقات السائلة و الغازية.
ب -اإلسراع و اإلنهاء بنجاح عملية التكيف مع الشروط الجديدة التي حددها قانون المحروقات الجديد ()07/05
للتقدم إلى المعايير العالمية.
ج -التكفل كمؤسسة وطنية ناجحة و متطورة لبلد نفطي و غازي في تحسين تقييم الموارد الوطنية للمحروقات،
و خلق الثروات لصالح التنمية االقتصادية و االجتماعية للبالد.
د -االستمرار في جعل أنشطة المنبع ( ) AMONTأساس تقدم سوناطراك ،و محور أساسي لتوسيع احتياطات
الجزائر و تدعيم نشاطها في الخارج.
ه -تنويع أنشطة المصب ( ) AVALو رفع مساهمتها في أرباح الشركة بالجزائر و خارجها.
)(1
SONATRACH : SONATRACH an Integrated Oil and Gas Company , BAOSEM , Alger , 2013 , P : 08.
) (2سوناطراك :التعريف بالمؤسسة ،متاح في :
http://www.sonatrach.com/ar/sonatrach-en-bref.html
تاريخ الزيارة 2015 / 02 / 01 :
147
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
و -االستمرار في التحكم و تخفيض التكاليف لضمان البقاء :األولى في الجزائر ،األولى في إفريقيا ،
و قائدة الصناعة الغازية في المنطقة األورو متوسطية ،و في الصدارة العالمية.
الفرع الثاني :التعريف بمنتجات سوناطراك و عمالئها :تتميز سوناطراك بكونها مجمع طاقوي له العديد من
المنتجات التي يتم تسويقها وطنيا و دوليا ،مما يستوجب في هذا اإلطار التعريف بأهم بمنتجات هذا المجمع ،
و بأسواق هذه المنتجات .
(*)
و مشتقاتها، أوال :التعريف بمنتجات سوناطراك :لسوناطراك مجموعة من المنتجات تتنوع ما بين المحروقات
كهرباء و اتصاالت ،مياه البحر المحالة ،خدمات مالية و بيئية ،و منتجات منجمية ،إال أنها تركز على
المحروقات كمنتجات رئيسية و أساس نشاطها ،و التي تتمثل فيما يلي:
-النفط (البترول) :كلمة النفط هي فارسية األصل (نافاتا) تعني القابلية للسريان .أما كلمة البترول
( )PETROLEUMفهي التينية األصل تتألف من مقطعين ،هما PETRو تعني الصخر ،و OLEUMالتي
( )1
تعني زيت ،و بذلك تعني في مجملها ( البترول) زيت الصخر
يتكون النفط عبر مراحل متتالية بصورة تدريجية بطيئة ،ففي أولى مراحله تتحول البقايا العضويـة عبـر ماليين
السنيين بفعل مستوى الضغط و الح اررة التي تنشط البكتيريا المساعدة على تحليلها إلى ما يعرف بالكيروجين(**)،
و هي مادة هالمية تمثل النفط غير التام ،و يبدأ هذا األخير في التكون بتحول الكيروجين إلى أسفلت ( أردء
أنواع النفط ألنه أقلها نضجا) الذي يتحول بدوره إلى النفط الثقيل ثم الخفيف و تزداد درجة خفته بطول فترات
و يتسرب النفط من خالل الطبقات األرضية المسامية التي تتسم بارتفاع نسبة الرمل و الجير بها، تكونه،
ليتجمع في النطاقات المعروفة " بمصايد النفط " ،و تتحدد درجة جودته من خالل معياري ( ثقله أو خفته /
م اررته أو حالوته) ،حيث يتحدد معيار الثقل أو الخفة تبعا لكثافته ،أما معيار الم اررة أو الحالوة فتبعا لكمية
عنصر الكبريت فيه ،فأجودها الخفيف الحلو (قليل الكبريت) .و للنفط أكثر من 150نوعا ،و يدخل في إنتاج
أكثر من 400ألف منتوج.
-الغاز الطبيعي :بعد تكون النفط الخفيف تزداد درجة خفته تبعا الستمرار توافر الظروف السابقة الذكر إلى أن
يتحول إلى غاز طبيعي ،يكون إما مصاحبا للنفط في مصايده ،و إما يكون في مصايد نفطية تم تحولها كليا
()2
إلى غاز طبيعي .
أ -مراحل اإلنتاج :تمر عملية إنتاج المحروقات بالمراحل التالية:
-1التنقيب :و تتم من خالل:
(*)
سميت المحروقات ( )Hydrocarburesبذلك الحتوائها على عنصري الهيدروجين و الكربون.
)(1
محمد خميس الزوكة :جغرافيا الطاقة ( مصادر الطاقة بين الواقع و المأمول ) ،دار المعرفة ،اإلسكندرية ، 2001 ،ص.71 :
(**)
إذا سخنت مادة الكيروجين في درجة ح اررة ( 900درجة فهرنهايت) ينتج عنه نفطا ثقيال.
( )2المرجع السابق نفسه ،ص.74 :
148
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
-الكشف الجيولوجي :عند البحث عن النفط في منطقة ما يجري أوال الكشف الجيولوجي ،لمعرفة مدى مساعدة
الظروف التي كانت سائدة خالل األزمنة الجيولوجية القديمة على تكوينه ،و تتم هذه المرحلة عن طريق رسم
خريطة للصخور ،ليجري بعد ذلك البحث عن التكوينات األرضية التي يحتمل ألن يتجمع فيها.
-الكشف الجيوفيزيقي :إذا تعذر استخدام الكشف الجيولوجي لرسم خريطة تفصيلية للتكوينات الصخرية
الموجودة تحت سطح األرض تستخدم طريقة الكشف الجيوفيزيقي والتي تشمل:
-طريقة قياس الجاذبية :عن طريق أجهزة خاصة لقياس االختالفات في قوة الجاذبية.
-طريقة قياس المغناطيسية :عن طريق تحديد الخواص المغناطيسية لكل نوع من الصخور.
-طريقة قياس االهت اززات :بإحداث هزات أرضية اصطناعية و تحديد عن طريق أجهزة خاصة طبيعية
المكونات األرضية تبعا لرصد هذه االهت اززات.
-2الحفر :و هي المرحلة الثانية بعد التنقيب ،حيث أنه رغم تعدد طرق التنقيب عن النفط و تطورها إال أنه ال
يمكن إثبات وجوده إال بعملية الحفر و الوصول إلى مصايده ،ليحدد بعد ذلك جدوى هذا البئر تبعا للتكنولوجيا
المتاحة و كميات النفط أو الغاز بهذه المصايد ،و عمقها ،و السعر الحالي له.
-3االستخراج :و هي المرحلة النهائية إلنتاج المحروقات الخامة ،و يتم االستخراج عن طريق التدفق الذاتي
لآلبار انطالقا من الضغط المتوافر ،أو عن طريق مضخات تساعد على استخراجه ،ليتم نقله عادة عبر
األنابيب إلى العمالء مباشرة ( بالنسبة للغاز الطبيعي) أو إلى موانئ ليتم نقله إلى العمالء أو تخزينه ( بالنسبة
أو يتم نقله عبر هاته األنابيب إلى معامل التكرير و الفصل إذا كان نفطا ،و إلى مركبات التمييع للنفط) ،
عادة إذا كان غا از طبيعيا.
-4معالجة المحروقات الخامة :تختلف معالجة النفط عن الغاز الطبيعي ،حيث أنه يمكن معالجة كل منهما
عامة كما يلي:
-معالجة النفط :يتم معالجة النفط عن طريق تكريره بما يعرف بنظام التقطير ،فبعد فصل عنصري الماء
و األمالح من النفط الخام ،تتم المعالجة بالح اررة للمزيج المتبقي ليترسب كل نوع من المشتقات تبعا لدرجة
الح اررة المتعرض إليها ،و يتحصل بذلك على المشتقات ،التي تختلف بنسبها من نفط آلخر ،فمثال برميل النفط
( )1
الجزائري صحارى البلند ( الخفيف -الحلو) يمكن أن يشتق منه بعد تكريره:
نافتا% 34 :
مازوت%25 :
) (1
SONATRACH - Activité Commercialisation : SAHARA Blend , Publications Périodique , Décembre 2004 , P : 06.
149
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
رزيديس% 25 :
كيروسين% 12 :
غاز البترول المميع% 04 :
تساهم كل من هذه المشتقات في صناعات أخرى كمواد أولية مثل صناعة البتروكيماويات ،أو كوقود بعد إعادة
تحسينها.
-معالجة الغاز الطبيعي :من أهم أساليب معالجة الغاز الطبيعي هي عملية تمييعه وذلك لتسهيل نقله في
خزانات (عن طريق بارجات النقل ،الشاحنات) ،في حين الغاز بصورته الطبيعية ال يمكن تخزينه أو نقله بغير
األنابيب ،وتتم عملية التمييع عن طريق آلية خفض درجة ح اررته إلى ما دون الصفر بعشرات الدرجات
الفهرنهايتية ،كما يمكن أن يعالج أيضا بفصل مشتقات غازية ال سيما في المصاحب للنفط.
ب -إنتاج سوناطراك من المحروقات :تنتج سوناطراك إضافة إلى المحروقات الخامة ( النفط و الغاز) تشكيلة
متنوعة من مشتقات المحروقات الخامة ،حيث يمكن توضيح بصفة عامة إنتاج سوناطراك من خالل سنة 2013
( )1
كما يلي:
( لسوناطراك طاقة إنتاجية تقدر بـ 1,4 :مليون برميل (*)
-1النفط الخام 49,4 :مليون طن مكافئ للبترول
يوميا).
-2المكثفات 6.6 :مليون طن مكافئ للبترول.
3
-3الغاز الطبيعي 127.2 :مليار م
3
-4الغاز الطبيعي المميع ( 25 :)GNLمليون م
-5غاز البترول المميع ( 7.3 :)GPLمليون طن مكافئ للبترول.
-6منتجات مكررة 23.8 :مليون طن مكافئ للبترول.
ثانيا :عمالء سوناطراك :يتنوع عمالء سوناطراك لتنوع أنشطتها و منتجاتها ،إال أنها تركز على عمالء منتجاتها
الرئيسية ( المحروقات) ،و تقسمهم ما بين السوق الوطنية و السوق الدولية ،لذلك فهم يتوزعون على المستويين
التاليين:
أ -السوق الوطنية :تعطي سوناطراك لتلبية طلب السوق الوطنية األولوية ال سيما في الغاز الطبيعي ،حيث
( )2
وجهت خالل سنة 2013إليها ما يلي:
-1نفط خام 330 :ألف طن مكافئ للبترول.
( (1
SONATRACH: Rapport Annuel 2013 , BAOSEM , Alger , 2014 , pp : 15-26.
(*)
1طن مكافئ للبترول = 7,3برميل ( 1برميل = 159لتر)
((2
SONATRACH: Rapport Annuel 2013, op , p:29.
150
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
3
-2الغاز الطبيعي 33376 :مليون سم
-3غاز البترول المميع 1,9 :مليون طن مكافئ للبترول.
-4منتجات مكررة 10,15 :مليون طن مكافئ للبترول.
ب -السوق الدولية :تسعى سوناطراك إلى تلبية حاجيات السوق الدولية من المحروقات الخامة و مشتقاتها ،
( )1
حيث صدرت في 2013ما قيمته 63.5مليار دوالر أمريكي ،من خالل:
28.4 -1مليون طن متري من النفط الخام صدرت إلى مختلف القارات.
5.4 -2مليون طن مكافئ للبترول من المكثفات.
32,7 -3مليار سم 3من الغاز الطبيعي.
24.4 -4مليون م 3من الغاز الطبيعي المميع.
5.3 -5مليون طن مكافئ للبترول من غاز البترول المميع.
12.8 -6مليون طن مكافئ للبترول منتجات مكررة.
()2
و تتوزع صادرات محروقات سوناطراك جغرافيا كما يلي:
-1أوروبا .%69 :
-2أمريكا %17 :
-3آسيا و أوقيانيا %10 :
-4إفريقيا ( تونس ،المغرب ،مصر ) % 4 :
المطلب الثاني :دراسة الهيكل التنظيمي لمجمع سوناطراك:
تتم دراسة الهيكل التنظيمي اإلداري لمجمع سوناطراك انطالقا من التطرق إلى تنظيم المجمع العام ،ثم
استعراض الهيكل التنظيمي له و شرحه.
الفرع األول :التنظيم العام لمجمع سوناطراك :و هو يعكس أهم الهيآت العليا بالمجمع ،والمتمثلة فيما يلي:
أوال:الجمعية العامة و مجلس اإلدارة :هما هيئتان تتخذان الق اررات الحاسمة و اإلستراتيجية للمجمع ،لها
اجتماعات دورية منتظمة و أخرى طارئة إذا اقتضت الضرورة ،يمكن توضيحها كما يلي:
أ -الجمعية العامة :و هي أعلى هيئة بالنسبة للمجمع و أقواها سلطة ،تتكون من أربعة 04أعضاء و رئيسا،
هم :
-1وزير الطاقة (رئيسا)
-2وزير المالية (عضوا)
152
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع الثاني :الهيكل التنظيمي لمجمع سوناطراك و شرحه :و يتم التطرق إلى ذلك من خالل :
أوال :الهيكل التنظيمي لسوناطراك :وقع الرئيس المدير العام يوم 10جانفي 2011القرار :أ001 -
( ر ) 25 -المتضمن الهيكل التنظيمي الجديد للبنية الكبرى لسوناطراك و المعتمد من قبل مجلس اإلدارة في
04جانفي ، 2011و ذلك في إطار تطوير قيادة نشاطات المجمع سواءا من حيث تكييف إستراتجية التنمية
الدولية و ذلك بصفة ديناميكية مستمرة ،أو من حيث تعزيز التنسيق بين مجمل
المستجدات الوطنية و ّ
ّ مع
النشاطات و موارد الشركة ، .يوضح هذا الهيكل بالشكل التالي:
153
الشكل رقم ( : )01 - IVالهيكل التنظيمي لمجمع سوناطراك
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
154
المصدر :سوناطراك :التعريف بالمؤسسة ،التنظيم ،متاح في:
http://www.sonatrach.com/ar/organisation.html
تاريخ الزيارة 2015/02/01 :
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
ثانيا :شرح الهيكل التنظيمي لمجمع سوناطراك :الهيكل التنظيمي لسوناطراك هو عبارة عن هرم يوضح مختلف
المستويات و العالقات بالمجمع ،و التي هي كما يلي:
أ -الرئيس المدير العام :هو أعلى سلطة تنفيذية بالمجمع ،دوره األساسي اإلشراف على التسيير العام.
ب -الديوان :له دور التسيير اإلداري للمجمع ،و متابعة مختلف الشؤون اإلدارية.
ج -اللجنة التنفيذية :و هي لجنة تضطلع بتسيير المجمع ،وترفع التقارير إلى كل من مجلس اإلدارة ،و إلى
الجمعية العامة إذا لزم األمر.
بالسهر على احترام أحكام قانون األخالقيات و تعزيز االمتثال للممارسات األخالقية
د -لجنة األخالقيات :مكلّفة ّ
في المؤسسة.
ه -مديرية المراجعة للمجمع :تقوم بدور المراجعة الداخلية للمجمع بمختلف األنشطة و المستويات.
و -المستشارين :لهم دور استشاري يساعد على اتخاذ الق اررات ،و تيسير فهم التغيرات المختلفة المؤثرة على
المجمع.
ز -األمن الداخلي للمؤسسة :له دور متابعة و تسيير األمن داخل المجمع ،سواء الموفر ذاتيا ،أو من طرف
مؤسسات األمن الخاصة.
ح -مفتشية الصحة و األمن و البيئة :تساهم في صياغة السياسات لحماية صحة و أمن األفراد داخل
المجمع و خارجه ،و كذلك حماية البيئة في مختلف األنشطة و المستويات و مراقبتها.
ط -مديرية العالقات التأسيسية و الدولية :تشرف على مختلف العالقات التأسيسية و الدولية التي يقوم بها
المجمع.
ك -نشاط المنبع ( : )AMONTيشمل جميع األنشطة التي تؤدي و تساعـد على استخـراج المحروقات الخامة ،
من البحث و التنقيب إلى صيانة اآلبار و استخراج النفط .و قد جمعت سوناطراك كل هذه األنشطة في محفظة
واحدة هي الشركة القابضة للخدمات النفطية و شبه النفطية ( ، )SPPهذه األخيرة التي تضم حصص سوناطراك
بمجموعة من المؤسسات المملوكة لها كليا أو بالشراكة مع مؤسسات أخرى ،أهمها:
-1المؤسسة الوطنية للجيوفيزياء ( ، )ENAGEOو التي تمتلكها سوناطراك بالكامل.
-2المؤسسة الوطنية للحفر( ،)ENAFORو التي تمتلكها أيضا سوناطراك كليا.
-3المؤسسة الوطنية لخدمات اآلبار ( ، )ENSPو التي ترجع ملكيتها أيضا كليا للمجمع.
-4المؤسسة الوطنية للهندسة المدنية و البناء ( ، )ENGCBو التي تمتلكها سوناطراك كليا.
ل -نشاط النقل عبر األنابيب ( :)TRCيشمل األنشطة التي تعمل و تساعد على ضمان نقل منتجات المجمع
عبر األنابيب ،و قد جمعت سوناطراك أيضا هذه األنشطة في محفظة واحدة هي سوناطراك القابضة لالستثمار
155
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
و المساهمة ( ، )SIPو التي تضم بدورها حصص مجمع سوناطراك بمجموعة من المؤسسات التي يشترك في
ملكيتها مع مؤسسات أخرى ،و من أهم مكونات هذه المحفظة:
-1شركة نفل المحروقات ( ، )STHحيث تصل حصة سوناطراك إلى % 60
-2الشركة الجزائرية النجاز المشاريع الصناعية ( ،)SARPIحيث تمتلك سوناطراك % 50منها.
م -نشاط المصب ( :)AVALو يشمل األنشطة التي تساهم في معالجة الخامات و تحويلها ،و قد جمعت
سوناطراك كذلك هذه األنشطة في محفظة واحدة هي الشركة القابضة للتكرير و كيمياء المحروقات (، )RCH
و التي تضم حصص المجمع في مجموعة من المؤسسات التي تمتلكها بالكامل أو بالشراكة مع مؤسسات
أخرى ،و التي من أهمها:
-1المؤسسة الوطنية لتكرير النفط ( ، )NAFTECو التي تمتلكها سوناطراك بالكامل.
-2المؤسسة الوطنية للبتروكيمياويات ( ،)ENIPو التي تمتلكها سوناطراك بنسبة .% 100
ن -نشاط التسويق :و يشمل جميع األنشطة التي تساهم في تسويق منتجات مجمع سوناطراك ،و التي
جمعت في سوناطراك القابضة لتقييم المحروقات ( ، )SVHهذه األخيرة التي تضم حصص المجمع في
مؤسسات تنوعت ملكيتها ما بين الملكية الكاملة ،و بين الشراكة مع مؤسسات أخرى ،و تتمثل أهم مؤسسات
هذه المحفظة فيما يلي:
-1المؤسسة الوطنية لتسويق و توزيع المنتجات النفطية ( ، )NAFTALو التي يمتلكها المجمع بالكامل.
-2مؤسسة النقل البحري ( ، )HYPROCو التي يمتلكها المجمع كليا.
-3شركة تجهيز و تسويق الغازات الصناعية ( ،)COGIZو التي ترجع ملكيتها بالكامل للمجمع.
-4الشركة الجزائرية للطاقة ( ،)AECو التي يمتلك مجمع سوناطراك حصة % 50منها.
-5الشركة الجزائرية للطاقة المتجددة ( ،)NEALو التي ترجع ملكية % 45منها للمجمع.
س -المديرية التنسيقية للمجمع للشراكة :تهتم بمتابعة أنشطة المشاركات ،في أنشطة المنبع بمراعاة المسائل
العملية ،اإلستراتجية و المالية لسوناط ارك .
ّ
ع -المديرية التنسيقية للمجمع للبيروكيمياء :تهتم بمتابعة أنشطة البيتروكيماويات .
المديرية التنسيقية للمجمع اإلستراتيجية ،التخطيط واالقتصاد :تشرف على صياغة و اختيار إستراتيجية
المجمع بالتنسيق مع مختلف األنشطة ،كما تعمل على تقييم مشاريعه و صياغة سياساته العامة.
ف -المديرية التنسيقية للمجمع للشؤون المالية :و هي المديرية المسؤولة عن مختلف العمليات المالية
للمجمع.
ص -المديرية التنسيقية للمجمع للموارد البشرية :تساهم هذه المديرية بصياغة السياسات و اإلستراتيجيات
على مستوى الموارد البشرية بالمجمع و متابعتها.
156
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
ق -المديرية التنسيقية للمجمع لألنشطة المركزية :تشرف على مختلف األنشطة التابعة إلى المديرية العامة
مباشرة .
ر -المديرية التنسيقية للمجمع للفروع و المساهمات :تعمل على ضمان التنسيق ،المتابعة و مراقبة ميزانية
الفروع و المشاركات في الجزائر و في الخارج ،كما تسهر على تسجيل أهداف الميزانية في إطار إستراتجية
سوناطراك و السيما في الجوانب اإلستراتجية ،التخطيط ،المالية ،الموارد البشرية ،الشؤون القانونية
و التدقيق.
ش -المديرية التنسيقية للمجمع التقنية :تعمل على توحيد و تنسيق جميع موارد الشركة و كذا جعلها مركز
للتحكم بالتكنولوجيات ،تطوير الخبرة و البحث و التنمية .
ّ تفوق و تؤهّلها
ّ
ت -المديرية المركزية للشؤون القانونية :لها دور متابعة كل التغيرات القانونية الخارجية التي تؤثر على
المجمع ،لتقوم بكشفها و توضيحها لمختلف المستويات و األنشطة ،كما تقوم بإضفاء الطابع القانوني على كل
األنشطة و المستويات ،و متابعة ذلك.
ث -المديرية المركزية لصفقات :تهتم بمختلف الشؤون المتعلقة بصفقات المجمع.
خ -المديرية المركزية لإلعالم اآللي و نظام المعلومات :تشرف على تسهيل االتصال داخل المجمع و تبادل
المعلومات بين مختلف ألنشطة و المستويات ،و كذلك تطوير األنظمة المعلوماتية و التقنية.
157
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
158
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
ثانيا :التجاذبات الغربية -اإليرانية حول القضية النووية اإليرانية :و ما يمكن أن ينجر عن ذلك من توترات
في المنطقة مع التشبث اإليراني بحقها في االستخدام السلمي لهذا النوع من الطاقة ،خاصة و أن ( )% 40من
صادرات النفط العالمية الحالية تمر عبر مضيق هرمز (الواقع بين إيران و اإلمارات العربية المتحدة ).
ثالثا :الصراع األمريكي الغربي -الروسي :بدءا من قضية منصات الصواريخ و محاولة انضمام دول أوربا
الشرقية إلى حلف الناتو السيما أوكرانيا (طريق % 20من الغاز الروسي ألوربا) و جورجيا ،و ما انجر عليها
من توتر روسي -أمريكي أدى إلى الحرب الروسية الجورجية في سنة ، 2008و اختالف رؤاهم حول األزمة
السورية ،كل ذلك ينبئ باشتداد التوتر ( خاصة في منطقة بحر قزوين التي تمثل حوالي % 4من احتياطيات
العالم النفطية ،و % 7من االحتياطات الغازية في العالم ).
و بذلك يمكن تشخيص أهم الفرص و التهديدات السياسية الدولية كالتالي:
159
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
-تضاؤل فرص -استمرار التوترات في هذه المنطقة هذا التوتر يضع منطقة تمثل %60من التوتر األمني
االستثمار بهذه يمكن أن يدفع أسعار النفط نحو احتياطي العالم النفطي تحت التهديد ،و الذي و السياسي في
المنطقة المهمة االرتفاع مستقبال يمكن الدول الغربية عموما و الواليات المتحدة العراق و سوريا
و الحيوية. األمريكية خصوصا من ملء الفراغ و تحقيق
و انعكاساته على
امتيازات في مجال المحروقات ،و لعب دور
-غموض في السوق الخليج العربي
رئيسي في السياسات النفطية الدولية و بالتالي
النفطية مستقبال. إضعاف دور األوبك فيها.
-خطورة االستثمار -إمكانية ارتفاع األسعار في هذا التدهور السياسي و األمني سوف يضع عدم االستقرار
في هذا البلد الذي المستقبل منطقة شمال إفريقيا و دول الساحل في حالة األمني و السياسي
ترتبط به سوناطراك توتر أمني شديد ،خاصة بعد حادثة تيقنتورين- في ليبيا
باتفاقيات شراكة. إن أمناس بالجزائر في جانفي ،2013و كذلك
الدول الغربية و على سيمكن هذا الوضع
-زيادة الغموض في لعب و رأسها أمريكا من تحقيق امتيازات
السوق النفطية أدوار في هذا البلد النفطي و الغازي لتؤثر على
األوبك و السياسات النفطية العالمية.
-تضاعف مخاطر -استمرار التوترات في هذه المنطقة تهديد منطقة تمثل %60من احتياط العالم التوتر األمريكي-
االستثمار في هذه سيدعم األسعار مستقبال. النفطي ،و أكبر الدول إنتاجا على المستوى اإليراني
المنطقة في ظل صراع العالمي ،و وضع ممر %40من صادرات
النفوذ. -بحث الشركات النفطية العالمية العالم النفطية تحت احتمال خطر التصعيد
عن مناطق أقل خط ار الستثماراتها، و حالة الالاستقرار سياسيا.
تكون الجزائر أهمها.
-سيدعم أسعار النفط (ما يؤثر أيضا يرفع من إمكانية التوتر المستقبلي بين روسيا التوتر األمريكي-
على أسعار الغاز). وهذه الدول ،السيما أوكرانيا ممر الغاز الروسي الروسي
ألوربا.
-سيجعل أوربا تتجه نحو دول غازية
أكثر استق ار ار وأمنا للطاقة منها
الجزائر األقرب جغرافيا.
160
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع الثاني :تحليل العوامل االقتصادية :لعبت المتغيرات االقتصادية الدولية دو ار هاما و مؤث ار في الطلب على
المحروقات إيجابا أو سلبا ،حيت يعتبر مؤشر النمو االقتصاد العالمي الحالي و المتوقع مستقبال من أهم
المؤشرات التي يجب أخذها بعين االعتبار من طرف المؤسسات االقتصادية و السيما ذات النشاط الدولي،
لذلك نوضح هذا المؤشر فيما يلي:
الجدول رقم ( :)02 -IVمعدل النمو االقتصادي الدولي السنوي المتوقع خالل المدى المتوسط ( ) 2019 – 2014
و المدى الطويل( )2040 – 2014
( %سنويا )
2040 - 2014 2019 -2014
يعبر الجدول السابق السيناريو المطروح من طرف منظمة الدول المصدرة للبترول( )OPECللنمو
االقتصادي ألهم التكتالت الدولية و الدول المؤثرة في الساحة االقتصادية العالمية ،و كذلك بالنسبة إلى إجمالي
االقتصاد العالمي ،حيث يتضح من خالل هذا الجدول أن هذا السيناريو و بالرغم من حالة الاليقين التي تكتنف
االقتصاد العالمي إال أنه كان تفاؤليا متوقعا لنمو اقتصادي سنوي ايجابي خالل المديين المتوسط و الطويل
لكل التكتالت الدولية و الدول المؤثرة في الساحة االقتصادية الدولية ،فيتوقع نمو االقتصاد العالمي
بمعدل % 3.6 :سنويا في المدى المتوسط ( )2019 – 2014و بمعدل نمو % 3.5سنويا في المدى
الطويل( )2040 – 2014استجابة للنمو الديمغرافي العالمي و كذلك لالتجاهات اإلنتاجية العالمية.
161
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
ومما سبق يتضح بأنه على المديين المتوسط و الطويل سيبقى معدل نمو االقتصاد العالمي ايجابي باستمرار
و بالتالي سينعكس ذلك إيجابا على األنشطة االقتصادية و قطاعاتها خاصة المحروقات ،و عليه يمكن
تشخيص فرصة استم اررية زيادة الطلب العالمي على المحروقات في المديين المتوسط و الطويل.
الفرع الثالث :تحليل العوامل الثقافية و االجتماعية :تعتبر هذه العوامل و تغيراتها من أهم العوامل المؤثرة على
مختلف القطاعات االقتصادية و المحروقات خصوصا ،لذلك سنقوم بتحليل أهم التغيرات فيها و تشخيص أهم
الفرص و التهديدات الناتجة عنها.
أوال :العوامل الثقافية :تحلل هذه العوامل عن طريق تحليل أهم العناصر المكونة لها ،و التي من أهمها:
أ -العادات والتقاليد :تبعا النتشار مد العولمة ،ساد العالم نمط يكاد يكون موحدا من القواعد السلوكية ،أثر
على الخصوصيات المحلية ،و خلق أذواق و عادات عالمية الطابع فصلت المكان عن الهوية .
ب -اإلعالم :في ظل ظاهرة العولمة و حرية انتقال المعلومة ،أصبح للصناعة اإلعالمية الدور األكبر في
صياغة أفكار و قيم األفراد ،و في ظل سيطرة الدول المتقدمة على هذه الصناعة أصبح من األمور األكثر
رواجا في اإلعالم هو تحميل دول أوبك ارتفاع أسعار النفط ،و الترويج لذلك من خالل الفوائض المالية التي
تحققها دول أوبك ،و بالتالي بناء صورة ذهنية سلبية مغالطة عن هذه الدول ،في حين أن الحقيقة هي كما في
الجدول التالي:
الجدول رقم ( :)03 - IVالضرائب المفروضة على النفط من طرف دول مجموعة السبعة خالل سنة 2013
الوحدة :دوالر أمريكي /لتر
نسبة قيمة الضرائب إلى قيمة الضرائب المفروضة نسبة سعر النفط الخام إلى سعر النفط
السعر النهائي للنفط ()% على النفط السعر النهائي بعد عمليات الخام
اإلنتاج ()%
57.8 1.21 33 0.69 المملكة المتحدة
55.5 1.22 31.4 0.69 ايطاليا
50.6 0.96 36.3 0.69 ألمانيا
49.3 0.89 38.4 0.69 فرنسا
32.3 0.45 49.5 0.70 اليابان
29.6 0.37 55.3 0.68 كندا
14.2 0.14 63.4 0.61 الواليات المتحدة األمريكية
44.9 0.77 39.9 0.68 متوسط دول OECD
Source: OPEC :Taxes on Oil – Who gets what from a Littre of Oil in 2013 , Available on:
http://www.opec.org/opec_web/en/data_graphs/333.htm , Consulted in : 15/02/2015.
162
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الجدول رقم ( :)04 - IVتوزيع سكان العالم عبر القارات خالل منتصف سنة 2013و في آفاق 2050
الوحدة :مليون نسمة
آفاق 2050 منتصف 2013
2393 1111 إفريقيا
5164 4299 آسيا
709 742 أوربا
782 617 أمريكا الالتينية و الكاريبي
446 355 أمريكا الشمالية
57 38 أوقيانيا
9551 7162 إجمالي سكان العالم
Source: United Nations : World Population Prospects : The 2012 Revision, Population
Division , The Department of Economic and Social Affairs , United Nations Secretariat ,
New York , 2013 , p : 2.
من خالل الجدول السابق يتضح بأن معدل النمو الديمغرافي ايجابي في كل قارات العالم حيث يزداد عدد
سكان العالم بما يقارب 65مليون نسمة سنويا بدءا من سنة 2013و حتى آفاق ، 2050كما يتضح أيضا
((1
United Nations : World Population Prospects : The 2012 Revision, Population Division , The Department of
Economic and Social Affairs , United Nations Secretariat , New York , 2013, p:1.
163
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
تركز عدد السكان في الدول النامية عموما ،و في قارتي آسيا و إفريقيا خصوصا اللتان يشكالن حوالي
% 75من إجمالي سكان العالم في سنة ، 2013و ما يفوق % 79في آفاق .2050
ب -مستوى المعيشة :تسعى مجموعة البنك الدولي إلى تسريع جهود إنهاء الفقر المدقع على مستوى العالم
( و يعبر الفقر المدقع عن العيش بأقل من 1.25دوالر أمريكي للفرد في اليوم ) ،و قد حددت بلوغ هدف
إنهاء الفقر المدقع في العالم بحلول سنة ، 2030و هدفاً مرحلياً لخفض نسبة الفقر على مستوى العالم إلى
%9في آفاق سنة .2020
و قد ساهمت مجموعة البنك الدولي ببرامجها اإلنمائية و تسهيالتها في خفض معدالت الفقر المدقع
باضطراد بدءا من سنة 1990حيث كان %43من سكان البلدان النامية يعيشون في أوضاع الفقر .و كان ما
يقدر بنحو 1.9مليار نسمة من الفقراء في العالم ،لينخفض هذا العدد إلى 1.2مليار نسمة في سنة . 2010
إال أن الوصول إلى نسبة %9في سنة 2020يعني أيضا أن ما يقدر بـنحو 690مليون نسمة سيبقون في
تعداد من يعيشون في فقر مدقع .و لكن رغم ذلك سيكون أقل ب ـ 510مليون نسمة مقارنة بما كان عليه الوضع
قبل عقد من الزمن .و هذا سيعادل نصف تعداد سكان قارة أفريقيا ،أو أكثر من ضعف تعداد سكان إندونيسيا.
مما سبق يمكن تشخيص أهم الفرص و التهديدات كما يلي:
164
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع الرابع :تحليل العوامل اإليكولوجية :و يمكن تحليلها من خالل العوامل التالية:
أوال :التغيرات المناخية :يتضح من خالل تقارير األمم المتحدة حول التغير المناخي بأن العالم يتجه نحو
تغيرات مناخية حادة خالل القرن الحادي و العشرين ،نتيجة النبعاث غازات الدفيئة التي تؤدي إلى ظاهرة
االحتباس الحراري و ما ينجم عنها :من ارتفاع ح اررة األرض و حدوث تغيرات سلبية في الدورة الهيدرولوجية ،
و ارتفاع في مستويات البحار ،و من ثم حدوث تغييرات مناخية في العالم بأسره تؤدي إلى تأثيرات إقليمية
( )1
نوجزها فيما يلي:
أ -إفريقيا :ستكون عرضة للتغير المناخي و بشدة نتيجة للفقر المتوطن ،و ضعف المؤسسات ،و التعرض
لكوارث و صراعات معقدة .فقد انتشر الجفاف و اشتدت كثافته منذ سبعينات القرن العشرين حيث أصبحت
منطقة الساحل و منطقة الجنوب األفريقي بالفعل أكثر جفافاً أثناء القرن العشرين .و من المرجح أن تتعرض
إمدادات المياه و اإلنتاج الزراعي لخطر شديد لتنخفض المحاصيل في بعض البلدان بما قد يصل إلى %50
في حدود سنة ، 2020و من المرجح أيضا أن يتوقف اإلنتاج في بعض المناطق الزراعية و تتغير الغابات
و األراضي العشبية و النظم الطبيعية األخرى خاصة في الجنوب اإلفريقي .و من المرجح أن تزيد مساحة
األراضي القاحلة و شبه القاحلة في إفريقيا بنسبة تتراوح ما بين 5إلى %8بحلول ثمانينات القرن الحادي
و العشرين.
استعصاءا على الفهم و التنبؤ .و باستثناء شبه
ً ب -المنطقة القطبية الجنوبية :أثبتت هذه القارة أنها أكثر
الجزيرة القطبية الجنوبية التي تزداد ح اررتها بسرعة ،ظل كل من درجات الح اررة و سقوط الجليد ثابتين نسبياً
في هذه القارة ككل على مدى السنوات الخمسين الماضية .و بالنظر إلى أن هذه القارة المتجمدة تحتوي على
ما يقرب من % 90من مياه كوكب األرض العذبة ،يتابع الباحثون بعناية أي عالمات تدل على أن أنهارها
الجليدية و صفحاتها المتجلدة آخذة في الذوبان.
ج -منطقة القطب الشمالي :ارتفع متوسط درجات الح اررة في منطقة القطب الشمالي بسرعة تقارب
ضعف سرعة زيادة المتوسط العالمي لدرجات الح اررة على مدى المائة سنة الماضية ،مما أدى إلى انكماش
الجليد البحري في هذا القطب بنسبة % 2.7لكل عقد و يمكن أن تفقد مساحات كبيرة من المحيط القطبي
الشمالي غطاءها الجليدي على مدار العام بحلول نهاية القرن الحادي و العشرين إذا استمرت االنبعاثات
البشرية على نحو التقديرات الحالية.
إن التغيرات التي تحدث في القطب المتجمد الشمالي لها انعكاسات مهمة و مباشرة على العالم .فعلى
سبيل المثال فبذوبان الجليد و الثلوج ستقل عاكسية الكرة األرضية التي تؤدي إلى اختزان الح اررة التي كانت
ستنعكس ،و بالتالي زيادة ح اررة سطح كوكب األرض.
د -آسيا :يمكن أن يتأثر أكثر من مليار نسمة بحدوث انخفاض في مستويات المياه العذبة ،خاصة في
أحواض األنهار الكبيرة بحلول سنة ، 2050فالذوبان المتوقع لألنهار الجليدية في منطقة الهيمااليا سيؤدي
إلى زيادة الفيضانات و االنهيارات الصخرية مما يؤثر على موارد المياه خالل العقدين إلى ثالثة العقود
المقبلة ،و مع انحسار األنهار الجليدية ستقل تدفقات األنهار وستصبح مناطق الدلتا الضخمة المأهولة
بالسكان معرضة و بشدة لألخطار نتيجة لتزايد فيضانات البحار و األنهار.
ه -استراليا و نيوزيلندا :على مدى العقود القليلة الماضية ازدت موجات الح اررة و ازداد هطول األمطار
في شمال غرب أستراليا و جنوب غرب نيوزيلندا ،كما قل هطول األمطار في جنوب و شرق أستراليا و في
شمال شرق نيوزيلندا ،و من المؤكد تقريباً أن مناخ القرن الحادي و العشرين سيكون أدفأ مع زيادة التعرض
لموجات ح اررة بدرجة أكثر ،و لحاالت :جفاف و حرائق ،عواصف و فيضانات ،و انهيارات أرضية.
و -أوروبا :يعتقد الباحثون أن المناطق الشمالية من أوروبا ستشهد فصول شتاء أدفأ و هطوالً أكبر
لألمطار ،و توسعاً في الغابات و إنتاجية زراعية أكبر ،أما المناطق الجنوبية المجاورة للبحر المتوسط فستشهد
فصول صيف أكثر ح اررة ،و هطوالً أقل لألمطار و مزيداً من حاالت الجفاف ،و تراجعاً في الغابات و
انخفاضاً في اإلنتاجية الزراعية ،كما تضم أوروبا قد اًر كبي اًر من األراضي الساحلية المنخفضة على مستوى
و الحيوانات سطح البحر و المعرضة للزوال ،و من المرجح أن تهدد باالنقراض العديد من النباتات
بحلول نهاية القرن.
ز -أمريكا الالتينية :من المتوقع أن تحل السافانا تدريجياً محل الغابات االستوائية شرق منطقة األمازون
و جنوب و وسط المكسيك ،و ستزداد األجزاء القاحلة من شمال شرق الب ارزيل و معظم وسط و شمال
المكسيك نتيجة للتغير المناخي و للفعل البشري ،و من المرجح بحلول خمسينات هذا القرن أن تشهد
%50من األراضي الزراعية تصح اًر و ارتفاعا في ملوحتها .
ح -أمريكا الشمالية :سيؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع في درجات الح اررة و زيادة التبخر ،مما يؤدي إلى
التأثير على المياه الموسمية و انخفاض مستويات المياه في البحيرات الكبرى و األنهار الرئيسية ،كما
يسود الجفاف و تزداد الحرائق .و على مدى القرن الحادي و العشرين سيتم إعادة ترتيب النظم اإليكولوجية
في أمريكا الشمالية.
166
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
ط -الجزر الصغيرة :ستتأثر هذه الجزر بتغير المناخ ،فحجمها المحدود يجعلها أكثر تعرضاً للمخاطر
الطبيعية خاصة لالرتفاعات في مستوى سطح البحر و للمخاطر التي تهدد مياهها العذبة.
ثانيا :استنزاف الموارد :انطالقا من كون المحروقات سلع ناضبة فإنه كلما تسارعت وتيرة اإلنتاج كلما تسارع
استنزافها ،السيما مع ظهور المؤشرات التي تدعم نظرية الذروة النفطية لعالم الجيولوجيا األمريكي" كينغ
)*(1
هوبرت.
حيث اختلف في هذه الذروة حول توقيت بلوغها ،ما بين متفائل كوكالة الطاقة الدولية التي تؤكد انخفاض وتيرة
اإلنتاج للحقول بنسبة ، % 2,9إال أنها تحدد أجل بلوغ هذه الذروة انطالقا من سنة ، 2030و بين متشائم من
علماء الجيولوجيا النفطية ( كالعالم البريطاني كولن كامبل) حيث حددوا أجل بلوغها في سنة 2020كأقصى
تقدير.
و مما سبق يمكن تشخيص الفرص و التهديدات كما يلي:
بيئة خارجية ذات مخاطر النقص الحاد في المياه و المحاصيل الزراعية ،سيؤدي إلى حالة من الالاستقرار التغيرات
منتظمة عالية اقتصاديا ،اجتماعيا و سياسيا المناخية
-ارتفاع مخاطر االقتراب من بلوغ الذروة النفطية يرفع من درجة التوترات السيما السياسية استنزاف
االستثمار الدولي. و العسكرية الدولية ،و اندالع حروب النفوذ و السيطرة على منابع النفط الموارد
-مخاطر فقدان مورد
هام للنشاط
المصدر :من إعداد الطالب.
نظرية الذروة النفطية ظهرت في خمسينات القرن الماضي على يد عالم الجيولوجيا األمريكي" كينغ هوبرت" ،تؤكد ظاهرة تراجع اإلنتاج النفطي في )*( 1
حدود معينة مهما كانت المحاوالت لرفع إنتاجية البئر ( و نضوب النفط ليس نهائي بل انخفاض ضغط خزاناته ستؤدي إلى عدم القدرة على استخراجه
على عكس الغاز الذي يتميز بالنضوب التام) ،و بعد دراسات أجريت على حالة الواليات المتحدة األمريكية توقع تراجع إنتاجها بدءا من سنة ،1970
و فعال تحقق ذلك ،كما توقع أيضا مؤيدوا هذه النظرية من علماء جيولوجيا النفط انحدار إنتاج بحر الشمال ،و فعال بعد أن كان يتوقع إنتاج 8,2
مليون برميل يوميا بحلول سنة ، 2000تم تراجع هذا اإلنتاج على عكس المتوقع في نفس الفترة إلى 6,1مليون برميل.
167
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع الخامس :تحليل العوامل التشريعية و التنظيمية الدولية :تعتبر االتفاقيات و المعاهدات االيكولوجية هي
األبرز تأثي ار على المجمع و أنشطته ،حيث يعتبر برتوكول كيوتو الموقع عليه باليابان سنة 1997من أبرز
االتفاقيات الدولية في هذا المجال ،و التي تنص على أن حد االنبعاثات يكون بدفع الدول الموقعة على االتفاقية
إذا تجاوزت الحد المسموح به من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الدول التي لها انبعاثات أقل مما هو متفق
عليه ،فهي كضريبة تدفع على االنبعاثات الزائدة عن الحد المتفق عليه ،و منحت هذه االتفاقية للدول النامية
فترة سماح حتى سنة ، 2012و ألجل تخفيض االنبعاثات وفقا لهذه االتفاقية تم وضع أهداف دولية للتخفيض،
يتضح أهمها فيما يلي:
الجدول رقم( :)07 - IVخطة خفض االنبعاثات في الدول الكبرى و األهداف المستقبلية
على المدى البعيد على المدى المتوسط على المدى القريب أهداف خفض غازات
(آفاق ) 2050 (في حدود ) 2020 ()2015-2012 االحتباس الحراري
%80على األقل %30 انبعاثات تبلغ ذروتها تقرير التنمية البشرية المستدامة
(انبعاثات الدول المتقدمة)
مــــــــــــــــــــــــــا بعد كيوتــــــــــــــــــــــــــــو أهداف كيوتو الدول
( %80-60باالتفاق الدولي) ( % 20فردي ) %8 االتحاد األوربي
( % 30جماعي )
%75 فرنسا
%40 %21 ألمانيا
%6.5 ايطاليا
%25 %4 السويد
%60 %32-26 %12.5 المملكة المتحدة
%100 %30قبل ستة 2030 %10 النرويج
%8زيادة أستراليا
% 80-60بالنسبة 2006 %20بالنسبة لسنة 2006 %2 كندا
%50 %2 اليابان
%7 الواليات المتحدة األمريكية
%10تحت مستويات (2002 التثبيت عند مستويات (2001 المبادرة األمريكية غازات االحتباس
)2004 -حتى سنة 2019 )2004 -حتى ستة 2015 الحراري
%80أقل من مستويات سنة %2سنويا تخفيض من سنة مستوى 2009لسنة 2010 القانون األمريكي لسالمة المناخ
2000 2011إلى 2020
المصدر :وائل فوزي عبد الباسط :األبعاد االقتصادية و البيئية لظاهرة االحتباس الحراري في مصر ،رسالة مقدمة لنبل درجة
الماجستير في االقتصاد ،غير منشورة ،كلية اإلدارة ،جامعة عين شمس ،مصر ،2010-2009 ،ص.25:
168
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
من خالل الجدول السابق يتضح بأن المسار العام للدول الكبرى المؤثرة في الساحة الدولية يتجه مستقبال
نحو المزيد من التخفيضات النبعاثات غازات االحتباس الحراري ،و التي من أهمها االتحاد األوربي الذي يساهم
كتكتل بحوالي %15من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم و المطلوب منه في ظل برتوكول كيوتو
تخفيض انبعاثاته بـنسبة %8تحت مستويات سنة ، 1990حيث ألزم نفسه بتخفيض غازات االحتباس الحراري
بنسبة %20على األقل بحلول سنة 2020و بنسبة ما بين % 80 -60في آفاق سنة .2050
أما الواليات المتحدة األمريكية التي تعتبر أكبر الدول تلويثا للعالم و لم توقع على معاهدة كيوتو العالمية للحد
من االنبعاثات العالمية التي نصت على ضرورة تخفيضها لالنبعاثات بنسبة ، %7إال أنها من أكثر الدول
اهتماما بالمشاكل البيئية المحلية من خالل سن العديد من القوانين المحلية المتعلقة بالمحافظة على البيئة
و الموجهة لسلوك األفراد و المؤسسات نحو العمل على تخفيض التلوث و االنبعاثات وفقا لنسب مستهدفة ،
تجسدها بمجموعة من الحوافز و الضرائب للحد من التلوث سواء على مستوى الواليات المتحدة ككل أو على
المستوى الفيدرالي كضريبة اإلنتاج و ضريبة االنبعاثات.
و مما سبق يمكن أن نشخص الفرص والتهديدات كما يلي:
-ضغوطات قانونية على الجزائر تنشئ هذه االتفاقية سوق للمبادالت االيكولوجية ،يسري تطبيقها على اتفاقية
لاللتزام بهذه االتفاقية تنعكس على الدول النامية بما فيها الجزائر بدءا من سنة ،2012كما أن هذه كيوتو
التشريعات و التنظيمات الوطنية. األهداف الدولية لتخفيض االنبعاثات ستكون مجسدة عمليا بحوافز
-فرض المزيد من القيود على و حواجز.
االستثمار الدولي.
المصدر :من إعداد الطالب.
169
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
أوال :تحليل الطلب على المحروقات :يعتبر الطلب العالمي على المحروقات و اتجاهاته من أهم المؤشرات التي
تؤثر مباشرة على القطاع ككل و على ق اررات و استراتيجيات مؤسسات هذا القطاع ،لذلك سنبدأ تحليلنا هذا
بتحليل االتجاهات المستقبلية لهذا الطلب.
أ -الطلب على النفط :يتضح اتجاهات هذا الطلب من خالل الجدول التالي:
الجدول رقم ( :)09 - IVتطور الطلب الدولي على النفط حتى آفاق 2040
الوحدة :مليون برميل /اليوم
2040 2035 2030 2025 2020 2015 2013
الجدول رقم ( :)10 - IVتوزيع الطلب النفطي العالمي على مختلف القطاعات خالل سنتي ، 2011 :آفاق 2040
قطاع الكهرباء السكن /التجارة /الفالحة
الصناعة النقل
%6 %10 %25 % 59 2011
%4 %10 %23 %63 2040
Source: OPEC : 2014 World Oil Outlook , OP , P:89.
170
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
من خالل الجدول السابق يتضح بأن قطاع النقل هو أكبر قطاع دافع للطلب على النفط ،حيث مثل
%59من إجمالي الطلب العالمي في سنة 2011و سيمثل %63منه في حدود ، 2040و يرجع ذلك
أساسا إلى النمو المستمر لحجم وسائل النقل العالمية ،فعلى سبيل المثال حضيرة السيارات العالمية ستصل إلى
حوالي 2.1مليار سيارة في حدود ، 2040و خالل الفترة 2040 -2011ستعرف دول منظمة ()OCED
زيادة في حضيرتها بما يفوق 130مليون سيارة ،و ستعرف الدول النامية زيادة في حضيرة سياراتها بما يفوق
مليار سيارة متجاوزة بذلك دول منظمة ( ، )OCEDحيث أن %68من هذه الزيادة ستكون في الدول النامية
اآلسيوية و التي في مقدمتها الصين بزيادة تفوق 470مليون سيارة خالل الفترة ، 2040 – 2011و تنتقل
بذلك من معدل 53سيارة لكل 1000نسمة خالل سنة 2011إلى معدل 382في آفاق ، 2040لتليها
الهند التي ستنتقل من معدل 12سيارة لكل 1000نسمة خالل سنة 2011إلى 134سيارة في آفاق
.2040
() 1
من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بمعدل %1.9 ب -الطلب على الغاز الطبيعي :
سنويا ليصل إلى 490مليار قدم مكعب في اليوم في آفاق ، 2035حيث يرجع هذا النمو أساسا إلى طلب
الدول خارج منظمة ( )OCEDالذي ينمو بمعدل %2.5سنويا ،مضيفا طلب بمقدار 123مليار قدم مكعب
في اليوم إلى الطلب العالمي ،كما أن دول منظمة ( )OCEDتضيف أيضا طلبا يقدر بحوالي 42مليار قدم
مكعب في اليوم و بمعدل نمو % 1.1سنويا.
يمثل قطاعي الطاقة و الصناعة %80من إجمالي الطلب العالمي على الغاز الطبيعي ،حيث تحتل
الطاقة المرتبة األولى بحوالي 75مليار قدم مكعب في اليوم و بمعدل نمو % 2.3سنويا و ذلك لكون هذا
النوع من المحروقات أقل طرحا ألكسيد الكربون عند االحتراق ( 170غرام لكل كيلواط ساعي في حين يطلق
النفط 220غرام لكل كيلواط ساعي ) ،كما أن الصناعة تحتل المرتبة الثانية بطلب يقارب 61مليار قدم
مكعب في اليوم و بمعدل نمو % 1.8سنويا .إال أن قطاع النقل يعتبر األسرع نموا فمن المتوقع أن يبلغ معدل
%3من استهالك الغاز الطبيعي في حدود سنة .2035
ثانيا :تحليل عرض المحروقات :لدراسة و تحليل عرض المحروقات العالمي الحالي و المستقبلي ينبغي تحليل
احتياطات العالم منها و أماكن تركزها و كذلك إلى حجم االستثمارات الستخراجها ،و التي نوضحها كما يلي :
أ -احتياطات العالم من المحروقات :يتضح حجم االحتياطات العالمية المؤكدة من النفط و الغاز الطبيعي
التقليديين من خالل الجدول التالي:
الجدول رقم ( :)11 - IVحجم احتياطيات المحروقات التقليدية العالمية و توزيعها خالل سنتي2013 ، 2009 :
الوحدة :مليون برميل
2013 2009
الغاز الطبيعي النفــــــط الغاز الطبيعي النفــــــط
( مليار م)3 (مليون برميل) ( مليار م)3 (مليون برميل)
95.034 1.206.170 90.634 1.064.288 دول األوبك
19.753 64.448 17.737 51.734 دول منظمة OCED
8.735 33.000 6.928 19.121 الواليات المتحدة األمريكية
3.200 24.428 3.090 21.618 الصيـــــــــن
1.330 5.654 1.116 5.673 الهنـــــــــــد
200.363 1.489.865 189.082 1.323.490 االحتياطي العالمي
Source: OPEC : Annual Statistical Bulletin , OPEC Secretariat , 2014 , PP : 22-23.
172
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الجدول رقم ( :)12 - IVتشخيص أهم الفرص و التهديدات على مستوى السوق النفطية
-االرتفاع المتسارع للطلب -زيادة الطلب الخارجي. ارتفاع الطلب على المحروقات في السوق العالمية يؤثر نمو الطلب
سيسرع من استنفاذ احتياطات -دعم القوة التفاوضية على الدول المنتجة ،ومن ثم على المجمع نتيجة لعدم قدرة العالمي
المحروقات على المدى للمجمع السيما في المدى هذا األخير على تلبية الطلب المتنامي باضطراد.
الطويل. الطويل.
-سيبقي األسعار مرتفعة
في المدى البعيد.
-سيدعم المنافسين األقوى -زيادة فرص االستثمار ارتفاع حجم االستثمارات العالمية في قطاع المحروقات حجم
ماليا و تكنولوجيا الخارجي. سيؤدي إلى فرص استثمارية أكثر و في مناطق عديدة ، االستثمارات
-سيجعل المجمع أمام حتمية ويفرض على دول األوبك ضرورة اإلسراع في تحقيق العالمية
االستثمار و تنمية القدرات االستثمارات المطلوبة.
الوطنية.
الفرع الثاني :تحليل الموردين :يرتكز نشاط سوناطراك األساسي على المستوى الوطني ،و بالتالي فمجمع
سوناطراك يرتكز في توريده على هذا المستوى ،حيث تتميز الجزائر في مجال المحروقات
بمساحة 1.5مليون كلم 2أحواض يمكن استكشاف المحروقات بها ،كما أن الجزائر لها معدل 15بئ ار
( )1
لكل 10أالف كلم 2في حين المعدل العالمي هو 100بئر لنفس المساحة .
كما أن احتياطي الجزائر النفطي يقدر بـ 12,2 :مليار برميل وهو يمثل بذلك %0,9من االحتياطي
العالمي إال أنه سينضب في حدود سنة 2030حسب تصريحات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في العديد
من المناسبات ،و يقدر احتياطي الجزائر الغازي هو 4504مليار م 3وهو يمثل حوالي %2من االحتياطي
العالمي و % 56من احتياطي المحروقات الجزائري.
مما سبق يمكن تشخيص أهم الفرص و التهديدات على مستوى الموردين كما يلي:
) (1
SONATRACH : SONATRACH une compagnie pétrolière et gazière intégrée , BAOSEM , Alger , 2014 , P :03.
173
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الجدول رقم ( :)13 - IVتشخيص أهم الفرص و التهديدات على مستوى الموردين
-إمكانية تحقيق استكشافات المساحة الشاسعة لألحواض الممكن تحقيق استكشافات بها، مساحة
هامة تدعم احتياطات المجمع و كذلك معدل األبيار بمساحة 10أالف كلم 2المنخفض، األحواض
من المحروقات. يطرح إمكانية استكشافات هامة جديدة . و معدل اآلبار
-جذب المستثمرين األجانب
لالستكشاف وتقوية المركز
التفاوضي للمجمع.
-ضغط التحول -التحول التدريجي لإلنتاج نهاية عصر النفط بالجزائر بحدود سنة ،2030في ظل نهاية عصر
و بسرعة نحو الغازي. تنامي صدى نظرية الذروة النفطية ،يطرح إشكال فقدان هذا النفط بالجزائر
منتجات أخرى. المورد الهام ،في ظل عدم تحقيق اكتشافات هامة يمكن أن
تؤخر هذه النهاية بحدود أبعد.
المصدر :من إعداد الطالب.
الفرع الثالث :تحليل دور الوسطاء :يعتمد تحديد سعر برميل النفط على أسواق النفط العالمية ،السيما في
)*(1
نيويورك و لندن ،مما يجعل أهم المحددات لهذا السعر هو مدى المضاربة في هاته البورصات.
فرغم عدم وجود دراسات علمية متخصصة إال أنه أجمع الكثير من خبراء النفط العالميين -السيما دول أوبك -
على أن للوسطاء دور مهم جدا في ارتفاع و انخفاض أسعار النفط ،فبفقدان الثقة في أسواق األوراق المالية
يتجه هؤالء المضاربون ألسواق السلع ،خصوصا النفط مما يؤدي إلى تداول حتى ما يقارب مليار برميل يوميا
على الورق في حين يتم يتداول فعليا حوالي 85مليون برميل يوميا ،فترتفع األسعار باضطراد و قد تؤدي إلى
انفجار الفقاعة لتهوي مجددا .
مما سبق يمكن تشخيص الفرص و التهديدات التالية:
-عدم استقرار -تحقيق فوائض يعملون على المضاربة في هذه السلعة اإلستراتيجية ،السيما عند تدهور المضاربون في
السوق النفطية. مالية في األجل أسواق األوراق المالية ،مما يجعل أسعار النفط تكسر حواجز سعرية رغم السوق النفطية
-عدم وضوح القصير. استقرار آلية السوق (الطلب -العرض) ،في حين يمكن أن تشكل هذه
الرؤية اإلستراتجية. المضاربات فقاعة لها آثار وخيمة عند انفجارها.
المصدر :من إعداد الطالب.
يتم تداول في البورصات نفوط قياسية تكون معيا ار لتحديد أسعار بقية النفوط. (*(
174
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع الرابع :تحليل المنافسين :ينافس سوناطراك في مجاالت نشاطها شركات عالمية عمالقة متفوقة تكنولوجيا
و تستثمر ماليير الدوالرات و تسيطر على احتياطيات ضخمة من المحروقات ،نوضح أهمها كما يلي:
الجدول رقم( :) 15 - IVأهم المؤشرات ألكبر خمس شركات عالمية في قطاع المحروقات خالل سنة 2013
روايال دوتش / اكسون بريتيش
اإلجمالي شفرون شال توتال موبيل بتروليوم
33.286 4.303 6.170 5.413 13.239 4.161 (مليون برميل) احتياطي النفط
5.431 727 766 935 2.035 968 ( مليار م)3 احتياطي الغاز
من خالل الجدول يتضح مدى القوة التي تمثلها هاته الشركات المنافسة على المستوى الدولي فمداخيلها
و احتياطات المحروقات التي تسيطر عليها جعلتها شركات عمالقة تؤثر بق ارراتها في الساحة الدولية.
و لذلك يمكن تشخيص الفرص و التهديدات على هذا المستوى كما يلي:
175
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع الخامس :تحليل المنتجات البديلة :نظ ار للنمو المتزايد و باضطراد على مصادر الطاقة و االستراتيجيات
الطاقوية الدولية المعتمدة على خيار تنويع مصادرها ،تتقاطع صناعة المحروقات مع جملة من مصادر الطاقة
لتتكامل أحيانا و تتنافس أحيانا أخرى في سوق الطاقة العالمي ،حيث نوضح أهم هذه المصادر كما يلي:
أوال :المحروقات غير التقليدية :و هي محروقات لها نفس مواصفات التقليدية إال أنها تختلف في طرق و آليات
استخراجها ،و التي أهمها :النفط و الغاز الصخريين.
أ -النفط الصخري :تتوزع احتياطاته في العالم كما يلي:
الجدول رقم ( : )17 - IVيوضح أهم االحتياطات الدولية من النفط الصخري خالل سنة 2013
الوحدة :مليار برميل
حجم االحتياطي الدولة المرتبة
من خالل الجدول السابق يتضح بان هذا النوع من النفط سيضيف احتياطيات هامة لالحتياطي العالمي
من النفط التقليدي ( ما يقارب ، ) % 23و بالتالي فسيعزز مركز هذه الدول األكبر احتياطيا في الخارطة
الطاقوية الدولية ( يقدر االحتياطي الجزائري وفق نفس المصدر أعاله بحوالي 5.7مليار برميل ) خاصة
الواليات المتحدة األمريكية ،إال ما يمكن أن يواجه هذا النوع من النفط من تحديات هي تكلفة االستخراج ( التي
تقدر بما بين 80 -40دوالر للبرميل) العالية مقارنة بنظيره التقليدي.
176
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
ب -الغاز الصخري :يماثل الغاز الصخري نظيره التقليدي في الخصائص و المكونات و يختلف عنه فقط من
ناحية التموقع الجيولوجي و آليات الحفر و االستخراج ،حيث تتوزع أهم احتياطاته في العالم كما يلي:
الجدول رقم ( :)18 - IVأهم االحتياطات الدولية من الغاز الصخري خالل سنة 2013
الوحدة :تريليون قدم مكعب
حجم االحتياطي الدولة المرتبة
من خالل الجدول أعاله يتضح بأن هذا النوع من الغاز سيضاعف االحتياطي العالمي الغازي ،و سيرفع
من قدرات العديد من الدول و السيما الواليات المتحدة األمريكية التي ستتجه بذلك نحو اكتفائها الطاقوي الذاتي
و التخلص من إشكال أرقها لعقود ( األمن الطاقوي) ،أما فيما يخص الجزائر فان هذه االحتياطيات من الغاز
غير التقليدي ستضيف إلى احتياطاتها الغازية التقليدية الحالية أربعة أضعاف.
ثانيا :مصادر الطاقة األخرى :و هي تشمل جملة من مصادر الطاقة المتنوعة ذات األهمية على الصعيد
الدولي ،و التي سيتم تحليل الطلب عليها و حجم االستثمارات فيها وفقا " لسيناريو السياسات الجديد " المعتمد
من طرف الوكالة الدولية للطاقة عند صياغة تقاريرها بدءا من مطلع سنة ، 2014و الذي يعكس سياسات
الطاقة و توقعاتها انطالقا من االلتزامات و التدابير الدولية المعتمدة ،فضال عن غيرها من االلتزامات التي لم
تنفذ بعد ( مع الحذر من مدى تحقيقها ).
177
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
أ -الطلب على مصادر الطاقة األخرى :و يتضح هذا الطلب من خالل الجدول التالي:
الجدول رقم ( :)19 - IVالطلب العالمي على مصادر الوقود و الطاقة من غير المحروقات وفقا " لسيناريو السياسات الجديد"
خالل الفترة 2035 – 2014 :
الوحدة :مليون طن مكافئ للبترول
2035 2030 2025 2020 2012 2000 1990
4.398 4.309 4.238 4.137 3.796 2.375 2.230 الفحم
1.118 1.051 969 869 642 676 526 الطاقة النووية
1.848 1.718 1.598 1.488 1.318 1.016 893 الطاقة الحيوية
501 466 430 391 313 225 184 الطاقة الهيدروليكية
717 566 432 311 142 60 36 الطاقات المتجددة األخرى
8.583 8.110 7.667 7.196 6.186 4335 3.870 الطلب العالمي اإلجمالي
Source: International Energy Agency : World Energy Investment Outlook – Special Report ,
IEA , 2014 , P:24.
من خالل الجدول السابق يتضح مدى االرتفاع الذي سيعرفه الطلب العالمي اإلجمالي على مصادر
الوقود و الطاقة من غير المحروقات ( بما يقارب الثلث بدءا من سنة 2012و حتى آفاق ، )2035في حين
أن معدل نمو الطلب على الفحم سيكون األبطء بحوالي ، %16 :و معدل نمو الطلب على كال من الطاقة
النووية و الطاقات المتجددة األخرى سيكون %74 :و % 400على الترتيب.
ب -حجم االستثمارات في مصادر الطاقة األخرى :و يتضح حجم هذه االستثمارات من خالل ما يلي:
الجدول رقم ( :)20 - IVحجم االستثمارات المتوقعة على المستوى الدولي في مصادر الوقود و الطاقة من غير المحروقات
وفقا " لسيناريو السياسات الجديد" خالل الفترة 2035 – 2014 :
الوحدة :مليار دوالر( دوالر سنة ) 2012
اإلجمالي طاقات الطاقة طاقة الرياح الطاقة الطاقة الطاقة الفحم
أخرى الشمسية الهيدروليكية الحيوية النووية
1.658 60 207 368 311 87 293 332 الصين
1.234 93 254 354 100 160 166 103 االتحاد األوربي
944 88 212 219 57 143 90 185 الواليات المتحدة األمريكية
876 17 139 138 174 34 72 302 الهند
303 5 3 6 55 25 125 84 روسيا
259 6 17 35 158 27 11 5 البرازيل
7.887 447 1.276 1.429 1.507 639 1.061 1.528 إجمالي العالم
Source: International Energy Agency : OP , P : 103.
178
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
يتضح من هذا الجدول أن إجمالي االستثمارات التي يحتاجها العالم لتلبية الطلب على مصادر الوقود
و الطاقة من غير المحروقات خالل الفترة 2035 – 2014ستقارب 9.7تريليون دوالر( 2012دوالر) ،حيث
% 19.3من إجمالي االستثمارات ،لتليه الطاقة يعتبر الفحم المصدر األكبر استثماريا منها بنسبة
الهيدروليكية بنسبة ، %19فالرياح ، %18ثم الطاقة الشمسية ، %16لتليها النووية بحوالي ، % 13.5
و الحيوية بنسبة ، % 8و أخي ار طاقات أخرى ( الطاقة الح اررية ،الطاقة الشمسية المركزة و البحرية ) بحوالي
.%6
انطالقا مما سبق يمكن تشخيص الفرص و التهديدات على مستوى المنتجات البديلة كما يلي:
الجدول رقم ( :)21 – IVتشخيص أهم الفرص و التهديدات الناتجة عن المنتجات البديلة
إضعاف دور األوبك - التخلص من ضغط ذروة ستغير االحتياطيات غير التقليدية من قواعد لعبة - -
مستقبال. المحروقات. النفط العالمية مستقبال ،و ستجعل أكبر مستورد
المخاطر الحالية الستغالل - فرص استثمار المجمع في للمحروقات في العالم (الواليات المتحدة األمريكية) -
هذا النوع من المحروقات هذا النوع من المحروقات، تخرج من دائرة االستيراد إلى االكتفاء الطاقوي
العالية الرتباطها بارتفاع و السيما الغاز الصخري. الذاتي و ربما التصدير.
األسعار. امتالك الجزائر الحتياطيات هامة من هاته -
المحروقات و السيما الغاز غير التقليدي ستضمن
المحروقات
لها مكانة عالمية رائدة مستقبال في ظل تنامي
الطلب. غير
هذا النوع من المحروقات و بالتكنولوجيا الحالية - التقليدية
لن يكون ذا جدوى اقتصادية إال في حالة ارتفاع
أسعار البترول بما يفوق 80دو ا
الر للبرميل.
اتجاه عمالء المجمع - فرص استثمار المجمع في و حجم - نمو الطلب على هاته المصادر -
التقليديين ( االتحاد الطاقات المتجددة. االستثمارات المتوقعة لها تحت اطار تنويع
األوربي ) نحو الطاقات استمرار هيمنة المحروقات مصادر الطاقة سيجعل خارطة الطلب العالمي -
المتجددة. كمصدر رئيسي لقطاع على الطاقة تتغير مستقبال.
مصادر
الطاقة العالمي حتى في رغم الطلب العالمي المتنامي و حجم االستثمارات -
الطاقة
المدى البعيد. المتوقعة لهذه المصادر إال أنه و حتى آفاق سنة
األخرى
2035سيبقى الطلب على المحروقات كمصدر
للطاقة هو األكبر.
179
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الجدول رقم( : )22 - IVاالستثمارات السنوية المحققة من طرف سوناطراك في مختلف األنشطة
خالل الفترة ( )2013 -2010
الوحدة :مليار دوالر
األنشطة
األنشطة المركزية المصب النقل عبر األنابيب المنبع
السنوات
من خالل الجدول السابق يتضح النمو المستمر لالستثمارات اإلجمالية المحققة لمجمع سوناطراك تجسيدا
لخياره اإلستراتيجي بالتوسع و النمو السيما في أنشطة المنبع التي يعتبرها المجمع المحرك الرئيسي لكل
األنشطة األخرى.
أما المخطط ( ) 2015-2019والذي سنركز عليه في دراستنا هذه ،فقد أكد استم اررية سوناطراك في تجسيد
خيارها اإلستراتيجي المعتمد على مختلف المستويات رغم االنخفاض المستمر ألسعار النفط .
المطلب األول :مالمح التسيير االستراتيجي لسوناطراك على المستوى العام:
يعكس هذا المستوى المجمع ككل ،حيث تم االستمرار في االعتماد على خيار النمو و التوسع باستثمارات هامة
يصل مستوى تمويلها إلى 90مليار دوالر أمريكي ،هذه األرقام التي ستتغير حسب مساهمة سوناطراك في
المشاريع المستقبلية كاالستكشاف و استغالل الحقول و التمييع.
و قد اعتمدت سوناطراك لتحقيق خيارها اإلستراتيجي وفقا لهذا المخطط على:
180
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الفرع األول :خيار التنويع :و يركز هذا الخيار اإلستراتيجي على تنويع محفظة األنشطة للمجمع ،وأخذ هذا
التنويع الشكلين التاليين:
أوال :التنويع المرتبط :استمرت سوناطراك بنهجها خيار النمو و التوسع ليشمل كل أنشطتها الرئيسية بمختلف
مراحلها و مستوياتها ،فنوعت نموها من خالل:
أ -أنشطة المنبع :تولي سوناطراك أهمية بالغة لهذه األنشطة و تعتبرها المحرك الرئيسي لنموها مما جعلها
تعتمد خيار النمو و التوسع في مختلف أنشطة المنبع بدءا من سنة 2001و حتى آفاق ، 2019و مما أدى
إلى انتقال إنتاجها من 188مليون طن مكافئ للبترول من المحروقات في سنة ،1999إلى إنتاج 194.6
مليون طن مكافئ للبترول من المحروقات سنة ، 2012و تسعى إلى بلوغ هدف إنتاج 225مليون طن مكافئ
للبترول من المحروقات التقليدية في آفاق سنة ( 2019يمثل الغاز الطبيعي % 60منه ) ،و إنتاج 20مليار
متر مكعب سنويا من الغاز غير التقليدي(الصخري) في آفاق سنة ، 2022و بلوغ إنتاج 30مليار متر
مكعب سنويا في حدود .2027-2025
فمن خالل المخطط ( ) 2019 - 2015ستستمر مجهودات تطوير احتياطياتها من المحروقات و بما يفوق
، % 88حيث خصصت سوناطراك الحصة األكثر أهمية من الموارد المستثمرة لتنمية الحقول بغالف مالي يقدر
بـ 48 :مليار دوالر أمريكي ،تستثمر 28مليار دوالر منها في حقول الغاز الطبيعي لرفع إنتاج هذه الحقول
بنسبة ، %40و لتحقيق هدف التنقيب بـالمسح الزلزالي ثنائي األبعاد لمساحة تفوق 10000كلم 2سنويا ،و
((1
بالمسح الزلزالي ثالثي األبعاد لما يفوق 26000كلم 2سنويا ،و تحقيق معدل حفر يقارب 125بئ ار سنويا.
و يشمل برنامج التنقيب وفقا لهذا المخطط المحاور التالية:
-1االستمرار في تطوير األحواض الناضجة ( كاليزي ،بركين ،واد ميا ،محيط حاسي مسعود و حاسي
الرمل) و التنقيب في مناطق األحواض غير الناضجة كبشار ،تندوف ،الشناشن ،تامسنا ،و تافاساست.
-2التعرف على إمكانيات شمال البالد و المناطق البحرية باستثمار يقدر بـ % 6 :من إجمالي استثمارات
المنبع.
-3استكشاف و تقييم موارد البالد من الغاز غير التقليدي (الغاز الصخري) بحجم استثماري يقدر بـ 70 :مليار
دوالر خالل العشرين سنة القادمة ،حيث تقدر سوناطراك االحتياطي الجزائري منه بما يفوق 4900تريليون
قدم مكعب كتقييم أولي ،أي 7أضعاف احتياطي حقل حاسي الرمل ( الذي يمثل 60من االحتياطي الغازي
التقليدي الجزائري) ،و قد أعلن المجمع عن برنامج أولي بـ 11بئ ار للغاز الصخري لتقييم االحتياطيات و تكوين
إطاراته ،و ستكون هذه العمليات في 5أحواض في الجنوب الجزائري ( بركين ،مويدير ،أهنات ،بشار ،رقان ).
((1
Saïd Sahnoun : Allocution de Président Directeur Général de SONATRACH , le Sommet Nord-africain du Pétrole
et du Gaz , 07 /12/ 2014 , p:03.
181
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
بين أنشطــة المنبع ب -أنشطة النقل عبر األنابيب :تعتبر أنشطة النقل عبر األنابيب الشريان الرئيسي
و أنشطة المصب من جهة ،و بينها و بين عمالء المجمع ،مما جعلها ترتبط ارتباطا وثيقا بأنشطة المنبع،
فباعتماد النمو و التوسع كخيار إستراتيجي لهذه األخيرة أرفقت سوناطراك ذلك بالنمو و التوسع في أشطة النقل
عبر األنابيب لمواكبتها .و استمرت في تحقيق هذا الخيار منذ سنة 2001حيث بلغ طول شبكة أنابيب النقل
14529كلم سنة 2002و بقدرة نقل 202مليون طن مكافئ للبترول من المحروقات ،و وصلت إلى
19599كلم سنة 2013منها 9689كلم لنقل الغاز الطبيعي و بقدرة نقل 357مليون طن مكافئ للبترول
( )1
من المحروقات ،و تحقق ذلك من خالل االستثمار في مشاريع ضخمة أهمها:
-1مشروع ( :)GALSIو هو خط غاز يربط حاسي الرمل بالقالة في الجزائر بمدينة ساردين االيطالية ،بطول
يقدر بـ 1470 :كلم بقدرة نقل 8مليار م 3سنويا.
-2مشروع ( :)TSGPوهو خط غاز يربط نيجيريا عبر النيجر بالجزائر فأوروبا ،بطول 4188كلم منها 2310
باإلقليم الجزائري ،و بقدرة نقل ما بين 20إلى 30مليار م 3سنويا ،ما زال قيد االنجاز.
-3مشروع ( :)MEDGAZوهو خط غاز يربط بين بني صاف الجزائرية باألميرية االسبانية بطول 210كلم ،
و بقدرة نقل 8مليار م 3سنوي ا ،بدأ استغالله في سنة . 2011
أما خالل المخطط المتوسط المدى ( )2019 – 2015ستستثمر سوناطراك ما يفوق 7.5مليار دوالر
لتطوير شبكة النقل عبر األنابيب ،منها 5مليار دوالر ستستثمر في مشروع خط نقل الغاز ( GR4الرابط
( )2
بين رهورد النص و حاسي الرمل ) .
ج -أنشطة المصب :اعتمد مجمع سوناطراك النمو و التوسع في أنشطة المصب خيا ار استراتيجيا منذ سنة
، 2001مجسدا ذلك عب ار مخططاته التي حملت الكثير من المشاريع الضخمة ،و التي من أهمها:
)(1
SONATRACH : SONATRACH une Dimension Gazière Internationale , BAOSEM , Alger , 2014 , p : 05.
( (2 Saïd Sahnoun : op , p : 05.
182
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
الجدول رقم( : )23 - IVمشاريع المصب المحققة من طرف سوناطراك خالل السنوات األخيرة
بدء التشغيل حجم االستثمار الشركاء قدرة اإلنتاج
(مليون دوالر) (مليون طن سنويا)
2011 1928 أوراسكوم ( ) % 51 -األمونياك1.45 : مركب األمونياك
-اليوري ـ ـ ـ ـ ــا1.14 : و اليوريا – أرزيو ()1
2011 1138 سوناطراك ()%100 3 3قطا ارت فصل غاز
البترول المميع -بطيوة
2012 3007 سهيل باهوان ()%51 -األمونياك1.45 : مركب األمونياك
-اليوريـ ـ ـ ــا1.14 : و اليوريا – أرزيو ()2
2012 3780 سوناطراك ()%100 4.5 قطار لغاز البترول
المميع -سكيكدة
2012 2342 سوناطراك ()%100 1.5 تحديث مصفاة سكيكدة
2012 651 سوناطراك ()%100 1.25 تحديث مصفاة أرزيو
2012 186 - 17مليون م 3سنويا وحدة الهليوم (– )2
أرزيو
2013 4115 سوناطراك ()%100 4.7 قطار لغاز البترول
المميع -أرزيو
2013 1162 سوناطراك ()%100 0.945+ تحديث مصفاة الجزائر
2015 4460 توتال 1.4 تقطير اإليثان -أرزيو
قيد االنجاز 8880 سوناطراك ()%100 15 انجاز مصفاة جديدة
Source :Ministère de l'Energie et des Mines : Bilan des Réalisations du secteur de l'Energie
et des Mines ( 1962-2010) , BAOSEM , Alger , 2011 , pp:31-32.
يتضح من الجدول السابق حجم االستثمارات الضخمة التي خصصتها سوناطراك لهذه األنشطة و التي
تقارب 32مليار دوالر ،مجسدة بذلك خيار النمو و رفع القدرات اإلنتاجية في كل هذه األنشطة.
أما خالل المخطط متوسط المدى ( )2019 -2015اعتبر مجمع سوناطراك االستمرار في النمو و التوسع
و كذلك تنويع أنشطة المصب خيا ار إستراتيجيا يجسد بإطالق مشاريع كبرى للتمييع ،فصل ،تصفية ،
( )1
و بتروكيمياويات ،تعطي الصناعة الغازية األولوية في االستثمارات ،و هي كما يلي:
-1انجاز قطاران (مصنع) لتمييع الغاز الطبيعي بقدرة إنتاج 20مليون م 3سنويا باستثمار 8مليار دوالر .
) (1
Saïd Sahnoun : op , p : 05.
183
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
-2رفع قدرة التكرير لسوناطراك في حدود 15مليون طن سنويا و باستثمارات تقارب 10مليار دوالر في
المرحلة األولى .
-3استثمار ما يفوق 10مليار دوالر كمرحلة أولى في البتروكيماويات.
د -األنشطة التجارية :سعيا ل تحقيق أهداف مجمع سوناطراك اإلستراتيجية برفع الطاقة اإلنتاجية النفطية إلى
مليوني برميل يوميا ،و طاقة تصديرية للغاز تصل إلى 85مليار م 3سنويا ،و تغطية على المستوى الوطني
لغاز المدينة بنسبة ،% 57و كذلك تأمين أسطول ناقالت بحرية للمحروقات بوسائلها الذاتية لنقل % 50من
صادراتها بدءا من سنة .2015و تجسيدا لخيار النمو و التوسع المعتمد على مستوى مختلف األنشطة حقق
المجمع ،ما يلي:
-1على مستوى النقل البحري للمحروقات :تمتلك سوناطراك ( )21ناقلة للمحروقات تعكس موقعها الريادي في
تصدير غاز البترول المميع و الغاز الطبيعي المميع ،تتوزع كما يلي )02( :لنقل النفط الخام )10( ،لنقل غاز
البترول المميع ،و ( )09لنقل الغاز الطبيعي المميع .
و في إطار تحقيق إستراتيجية النمو و التوسع الشاملة التي ينتهجها المجمع منذ سنة 2001فقد تدعم
األسطول البحري لسوناطراك منذ سنة 2002بانجازات ضخمة رفعت من قدراته االستيعابية ،أهمها:
-بالنسبة لنقل غاز البترول المميع :استلم المجمع ثالث ناقالت خالل سنتي ( ، )2004-2005نوضحها
كما يلي:
جدول رقم( :)24 - IVناقالت غاز البترول المميع المستلمة خالل المخطط ()2002-2006
بداية الخدمة القدرة االستيعابية (م)3 التسمية
2004 59 000 ألــــرار
2004 59 000 رهـورد النص
2005 59 000 حــاسي مسعود
Source : SONATRACH-Activité Commercialisation : SAHARA Blend , Publication
Périodique , Décembre 2004 , P : 12.
كما استلمت سوناطراك ناقلة " رهورد األدرا" بقدرة نقل 22500م 3في سنة ،2007مما أدى إلى نمو حجم
الطاقة االستيعابية ألسطول نقل غاز البترول المميع للمجمع ما بين سنتي 2007-2004بنسبة % 85عما
كان عليه سابقا.
-بالنسبة لناقالت الغاز الطبيعي المميع :استلمت سوناطراك في سنة 2007ناقلة " الشيخ المقراني" بقدرة نقل
75500م ،3وناقلة " الشيخ بوعمامة" بنفس قدرة النقل في سنة ،2008مما رفع القدرة االستيعابية ألسطول نقل
الغاز الطبيعي المميع بنسبة % 16عما كان عليه من قبل.
184
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
-بالنسبة لناقالت النفط الخام :استلم مجمع سوناطراك خالل سنة 2007ناقلة "مسدار" بقدرة نقل مليوني برميل
خام للشحنة ،و التي تعد أول ناقلة يستلمها المجمع بهذا الحجم.
-2على مستوى االتفاقيات و العقود :حقق مجمع سوناطراك العديد من العقود التجارية الغازية ،جسدت اتجاهه
نحو تحقيق أهدافه اإلستراتيجية عبر تنويع عمالئه ،من أهمها:
-االتفاقيتين طويلتي المدى لبيع 3مليار م/3سنويا اليطاليا بدءا من سنة .2008
-اتفاقية البيع الفوري ( )SPOTللغاز الطبيعي المميع للب ارزيل بدءا سنة .2008
-اتفاقية طويلة المدى لبيع 1,6مليار م/3سنويا للبرتغال بدءا من سنة .2008
ثانيا :التنويع غير المرتبط :إضافة إلى استم اررية سوناطراك في دعم نموها و توسعها في أنشطتها الرئيسية ،
سعت إلى اعتماد الخيار ذاته بالنسبة لألنشطة المستحدثة و التي تختلف عن تركيبة الرئيسية منها ،مما أدى إلى
انجاز استثمارات هامة نوعت محفظة أنشطة سوناطراك ،أهمها:
أ -في مجال الخدمات البيئية و المالية :تسعى سوناطراك إلى التوسع و النمو في هذا النوع من الخدمات،
بدعم نمو األنشطة الخدماتية المحققة و استحداث أنشطة جديدة ،مما أدى إلى تحقيقها لمجموعة من المشاريع
أهمها:
-1إنشاء شركة لمكافحة التلوث البحري عن طريق المحروقات للضفة المتوسطية الجنوبية و غرب افريفيا
في سنة 2007برأسمال يقدر بـ 43 :مليون دج. (*)1
()OSPREC. SPA
-2رفع رأسمال شركة تأمين المحروقات ( )CASHمن 1,8مليار دج إلى 2,8مليار دج.
-3إنشاء شركة إلعادة التأمين( )SONATRACH . REبرأسمال يقدر بـ 20 :مليون أورو تم اعتمادها من
طرف و ازرة المالية للكسمبورغ ،تختص بإعادة التأمين في مجال المحروقات.
ب -في مجال الكهرباء واالتصاالت :تميز هذا المجال بتوجه المجمع لتحقيق مشاريع ضخمة ،من أهمها:
-1إنشاء الشركة الجزائرية للطاقة و االتصاالت ( )AETCبرأسمال يقدر ب 2 :مليون دج لتقديم خدمة
االتصاالت للسوق الوطنية و الدولية.
-2انجاز مركزي توليد كهرباء بطاقة إنتاجية تقدر بـ 1200 :ميغاواط لكل منها ،األول بالتارقة -والية عين
تيموشنت باستثمار يقدر بملياري دوالر أمريكي ،و الثاني بكدية الدراوش -والية الطارف باستثمار
يقدر بـ 2,2 :مليار دوالر أمريكي.
ج -في مجال الطيران :بهدف تنمية مجمع سوناطراك على المستوى الوطني و الدولي ،قرر المجمع في سنة
2007جعل الطاسيلي للطيران مجمع فرعي للمصالح الجوية ( )TALبعد أن كانت مؤسسة فرعية للنقل
الجوي ،و أصبح هذا المجمع الفرعي يتكون من:
(*)
OIL SPILL RESPONSE COMPANY.
185
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
-1طاسيلي للطيران :تتمثل مهامها في ضمان المصالح الجوية لنقل األشخاص و الشحن المنتظم و غير
المنتظم في الشبكات الوطنية و الدولية.
-2نفط طاسيلي للطيران :تتمثل مهامها في تقديم الخدمات الجوية لفائدة مجمع سوناطراك ،و لقطاع الطاقة
و المناجم بما في ذلك الشركاء األجانب و المستثمرين في قطاع المحروقات و المناجم.
-3طاسيلي للطيران الزراعي :تتكفل بخدمات العمل و الطاكسي الجوي لتلبية حاجات الزراعة و القطاعات
األخرى عمومية كانت أو خاصة.
كما تم اعتماد النمو والتوسع كخيار إستراتيجي بهذا المجمع الفرعي ،و وضع بناء أسطول جديد متنوع
بـ 41:طائرة جديدة كهدف إستراتيجي يسعى لتحقيقه ،و قد شرع هذا المجمع في تجسيد ذلك من خالل استالم
04طائرات في سنة 2007و 04أخرى خالل .2008
د -في مجال الصناعة و المناجم :حيث حقق مجمع سوناطراك العديد من االتفاقيات لدعم هذا المجال أهمها:
-1اتفاقية لتطوير و انجاز مركب إلنتاج األلمنيوم بطاقة إنتاجية تقدر بـ 700:ألف طن سنويا ،بالمنطقة
الصناعية ببني صاف ،و باستثمار يقدر بـ 05 :مليار دوالر أمريكي.
-2اتفاقية التنقيب المنجمي في كل من :حقل الحديد غار الجبيالت ببشار ،حقل الرصاص و الزنك كاف
السماح بسطيف ،حقل الرصاص و الزنك بتمن ارست.
ه -في مجال تحلية مياه البحر :يسعى مجمع سوناطراك لبلوغ هدف طاقة تحلية لمياه البحر تقدر
بـ 2,2 :مليار لتر سنويا ،مما جعله يجسد ذلك بمشاريع هامة ،نوضح أهمها كما يلي:
186
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
جدول رقم( :)25 - IVمحطات تحلية مياه البحر المنجزة من طرف سوناطراك و شركائها
187
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
من خالل الجدول السابق يتضح النمو و التوسع المستمر من طرف سوناطراك في مجال نشاط تحلية مياه
3
البحر بحجم استثمارات يفوق 3مليار دوالر النجاز 13محطة عبر التراب الوطني بقدرة إنتاج 2.3مليون م
يوميا ،أي ما يقارب 840مليون م 3سنويا.
و -في مجال الطاقات المتجددة :يسعى مجمع سوناطراك إلى التوسع في هذا المجال لتحقيق هدف تغطية نسبة
ما بين % 15 -10في سنة 2030من إنتاج الطاقة ،و تم البدء في تجسيد ذلك من خالل:
-1تموين 38قرية بالكهرباء المنتجة بالطاقة الشمسية في الجنوب الكبير الجزائري .
-2االستثمار في مجال توليد الكهرباء عن طريق الغاز و الطاقة الشمسية معا ،من خالل انجاز مشروع إنتاج
150ميغاواط منها 30ميغاواط من الطاقة الشمسية بمنطقة حاسي الرمل.
-3خالل الفترة 2020 – 2011يتوقع انجاز 65مشروعا إلنتاج ما يقارب 2600ميغاواط .
الفرع الثاني :خيار التكامل :في إطار الخيار اإلستراتيجي المعتمد من طرف مجمع سوناطراك بالنمو و التوسع
عبر تنويع أنشطته ،عمل على دعمه بخيار التكامل في مختلف األنشطة السيما األفقي منه ،ليكون أداة تفعل
تحقيق أهدافه اإلستراتيجية ،و أخذ هذا التكامل األفقي األشكال التالية:
أوال :الشراكة :اعتبرت سوناطراك الشراكة كخيار إستراتيجي في مختلف األنشطة و بمختلف المستويات،
و تجسيد ذلك من خالل مشاريع ضخمة ،من أهمها:
أ -على مستوى أنشطة المنبع :حققت سوناطراك من خالل الفترة ( 51 )2006 -2002اكتشافا ،منها 24
( )1
بالشراكة ،أما خالل الفترة ( )2013 -2010فقد حققت 112اكتشافا منها 13بالشراكة.
و كذلك تم عقد اتفاقيات خارجية للتنقيب و االستغالل كلها عن طريق الشراكة ،و التي من أهمها عقد التنقيب
و اإلنتاج باألفشور المصري عن طريق الشراكة بين سوناطراك الدولية للتنقيب واإلنتاج ( ) SIPEXبنسبة
% 20و شركة ( )STATOILالنرويجية بنسبة .% 80
ب -على مستوى أنشطة النقل عبر األنابيب :يعتمد مجمع سوناطراك النجاز أغلب مشاريعه السيما الدولية
منها على خيار الشراكة ،حيث تشترك سوناطراك مع مجموعة من الشركات بنسب مشاركة بأهم مشاريعها
نوضحها كما يلي:
-1مشروع ( : )GALSIتتوزع نسب الشراكة في هذا المشروع كما يلي:
-سوناطراك.% 36 :
.%18 : EDISON GAS -
.%13,5 : ENEL POWER -
.%13,5: WINTER SHALL -
( (1
SONATRACH : Les Rapports Annuels : 2002 - 2013 , BAOSEM , Alger.
188
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
(*)
هو عبارة عن شراكة بين مجمع سوناطراك بنسبة % 75و مجمع سونلغاز بنسبة .% 25 ((1
189
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
أ -عقد التنازل الموقع سنة 2005من طرف مؤسسة الخطوط الجوية الجزائرية لـ % 41 :التي تمتلكها في
شركة الخطوط الجوية الطاسيلي لصالح مجمع سوناطراك لتصبح مؤسسة فرعية مملوكة بالكامل من طرف
المجمع.
ب -شراء مجمع سوناطراك من السوق المالي البرتغالي خالل سنة 2007حصة % 2,38من المجمع
البرتغالي ( ، )EDP.SPAو هي أول عملية يقوم بها مجمع سوناطراك لشراء أسهم من السوق المالي.
المطلب الثاني :مالمح التسيير االستراتيجي لسوناطراك على مستوى وحدات األعمال و المستوى الوظيفي:
تتسم هذه المالمح بكونها امتدادا للتسيير االستراتيجي للمجمع على المستوى العام ،و التي نوضحها كما يلي:
الفرع األول :مالمح التسيير االستراتيجي على مستوى وحدات األعمال :يقسم مجمع سوناطراك أعماله إلى
وحدتي أعمال ،األولى على المستوى الوطني و الثانية على المستوى الدولي ،إال أن الخيار اإلستراتيجي
المعتمد لكل من وحدتي األعمال هو المزاوجة بين خيار السيطرة عن طريق التكاليف و خيار التميز.
أوال :خيار السيطرة عن طريق التكاليف :تعتمد كل من وحدتي األعمال سواء على المستوى الوطني أو الدولي
على هذا الخيار لتحقيق نموها و توسعها ،و ذلك من خالل:
أ -تخفيض التكاليف :طبقا للقرار رقم DG/129الصادر بتاريخ 2001/11/08من طرف الرئيس المدير العام
لمجمع سوناطراك ،اعتمد المجمع مسابقة تنظم سنويا لتخفيض التكاليف على مستوى مختلف األنشطـة (حيث
يشترط في األفكار المطروحة القابلية للتطبيق) تحدد خمسة فائزين يتم اعتماد أفكارهم و مشاريعهم المقترحة،
و بذلك تكون هذه المشاريع كأداة تستخدمها وحدتي األعمال في أنشطتها و من ثم محاولة ضمان فعاليتها
االستثمارية.
ب -التحكم في آليات الصفقات :حي تدعم مركز كال من وحدتي األعمال بالعديد من الدورات و الملتقيات
التكوينية للتحكم في تقنيات الصفقات و إجراءاتها ،أهمها ورشتي التحكم في تقنيات صياغة دفاتر الشروط وفقا
للمعايير الدولية في مختلف المشاريع بتأطير خبراء من البنك الدولي.
ثانيا :خيار التميز :اعتمدت كال من وحدتي األعمال إضافة إلى السيطرة عن طريق التكاليف على التميز
لتحقيق الريادة و دعم وضعها التنافسي ،و تم تحقيق ذلك من خالل:
أ -اكتساب معايير الجودة :حيث تحصلت أهم مؤسسات األنشطة الرئيسية على شهادات الجودة السيما
) ، ( ISO 9001-2000فتحصلت عليها خالل سنة 2004كال من:
-1المؤسسة الوطنية للحفر)(ENAFOR
-2المؤسسة الوطنية لألشغال النفطية )(ENTP
-3المؤسسة الوطنية للجيوفيزياء )(ENAGEO
190
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
( (1
SONATRACH : Rapport Annual HSE , 2008 , P: 37 .
191
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
البشرية ،التي تقوم أساسا على التوسع في توظيف الكفاءات المطلوبة و تفعيل موارده البشرية من خالل التكوين
و التدريب.
أوال :التوسع في التوظيف :و ذلك بغرض مسايرة النمو و التوسع االستثماري في مختـلف األنشطـة و بمختلف
المستويات ،و يتضح ذلك كما يلي:
جدول رقم ( :)26 - IVالموارد البشرية الموظفة من طرف سوناطراك خالل الفترة 2013 -2002 :
2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 2003 2002 السنة
عدد
1019 1198 3558 397 - 2702 2429 2242 1531 1431 500 1031 الموظفين
الجدد
Source : SONATRACH : Les Rapports des Activités : 2002-2013 , BAOSEM , Alger.
ثانيا :التكوين و التدريب :اعتمدت سوناطراك تفعيل مواردها البشرية كآلية للسيطرة و التميز ،عن طريق اعتماد
التكوين و التدريب كخيار إستراتيجي لتحقيق ذلك ،و تغطية هذا الخيار لـ % 80من موظفيها كهدف إستراتيجي
تسعى لتحقيقه ،فحققت ما يلي:
جدول رقم ( :)27 - IVعدد موظفي سوناطراك الخاضعين للتكوين أو التدريب خال ل الفترة 2013 -2002 :
2013 2012 2011 2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 2003 2002 السنة
عدد
25895 24860 17148 17445 - 22394 33 409 26 077 25 830 27 933 20 524 19 390
المتكونين/المدربين
Source: SONATRACH: Les Rapports des Activités: 2002-2013 , BAOSEM , Alger.
فمن خالل الجدول السابق يتضح أن سوناطراك لم تسع إلى نهج خيار توظيفي توسعي لمواجهة نموها
العام فقط ،بل دعمت ذلك بخيار تكويني و تدريبي يحقق خيار و أهداف وحدتي أعمالها بالسيطرة عن طريق
التكاليف و التميز ،و من ثم تحقيق خيار و أهداف المجمع ككل ،حيث خصصت خالل الخمس سنوات
األخيرة 2.5مليار دج ( ما يقارب 32مليون دوالر) لتكوين و تدريب مواردها البشرية .
كما ستستمر سوناطراك في نهج هذا الخيار من خالل المخطط ( )2015-2019حيث ستوظف ما يفوق
8000من المهندسين و التقنيين ،لتحقيق أهدافها اإلستراتيجية في مجال الموارد البشرية و التي من أهمها :
192
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
أ -التحكم في نمو الموارد البشرية بتوجيهها نحو األنشطة األساسية للمجمع.
ب -اعتماد التكوين و التدريب ضمن إستراتيجية المؤسسة لتنمية مهارات الموظفين الجدد.
ج -تطوير المهارات اإلدارية بما في ذلك المتعلقة بإدارة مشاريع النمو ،لتحسين قدرة المجمع على تحقيق
األهداف.
د -تطوير الشراكة مع المدارس و الجامعات.
193
الفصـل الرابع :دراسة حالة شركة سوناطراك – الجزائر
من أجل مقارنة ما تم التوصل إليه في الجانب النظري بواقع التسيير بالمؤسسة االقتصادية الجزائرية قمنا
في هذا الفصل بدراسة حالة شركة سوناطراك -الجزائر ،بدءا بالتعريف بها ،و تحليل أهم متغيرات بيئتها
الخارجية الدولية ،ثم استعرضنا أهم مالمح التسيير االستراتيجي من خالل تسييرها ،حيث خلصنا إلى ما يلي:
-مؤسسة سوناطراك شركة من المنظور القانوني ،مجمع طاقوي بالمنظور االقتصادي ،عامة الملكية ،
و نشاطها الرئيسي المحروقات الذي يتسم بكونه إستراتيجي الطابع بالنسبة لالقتصاد الوطني و العالمي ،تحتل
الريادة في مجال نشاطها الرئيسي على المستويين اإلقليمي و العالمي ،من خالل كونها:
أول شركة نفطية و غازية في أفريقيا
أول شركة غاز في البحر األبيض المتوسط
ثالث مصدر في العالم لغاز البترول المميع ()GPL
رابع مصدر في العالم للغاز الطبيعي المميع ()GNL
خامس مصدر في العالم للغاز الطبيعي
سادس شركة عالميا من حيث احتياطات و إنتاج الغاز الطبيعي
في المرتبة الثانية عشرة عالميا كشركة بترولية ،و الخامسة و العشرون من حيث عدد الموظفين
-البيئة الخارجية لسوناطراك تفوق النطاق الوطني إلى العالمي ،لحساسية مجال نشاطها للتغيرات الوطنية
و الدولية ،حيث تتسم هذه البيئة بدرجة عالية من التغير و التعقيد و التداخل في ظل القرية الكونية و تحت
إطار ظاهرة العولمة ،مما يفرض على المجمع التركيز على أهم العوامل المؤثرة على أنشطته الرئيسية
و التتبع المستمر لتغيراتها.
-اتضحت مالمح التسيير اإلستراتيجي لمجمع سوناطراك أساسا من خالل استراتيجياته المعتمدة ،التي تجسدت
على المستوى العام باستراتيجيات النمو و التوسع في مختلف األنشطة و العمليات ،و تم تدعيم استراتيجيات
المستوى العام بإستراتيجيات على مستوى وحدات األعمال ( السيطرة عن طريق التكاليف ،التميز ) ،هذه
األخيرة التي يتم دعمها أيضا بإستراتيجيات على مستوى أهم الوظائف الرئيسية (كانت وظيفة الموارد البشرية
محورها) ،حيث تحقق هذا التدرج بتناغم تام بين مختلف المستويات ،أدى إلى اغتنام أهم الفرص و اجتناب
أو التقليل من مخاطر أهم التهديدات ببيئتها الخارجية الدولية .
194
الخاتمـــــة العامة
الخاتمة العامة
شهد العالم منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي -تحت إطار ظاهرة العولمة -العديد من التغيرات العالمية
العميقة و المتسارعة المختلفة في سماتها و مالمحها عن كل الفترات السابقة ،حيث أصبح تيار العولمة أشبه
ما يكون بالرياح التي تجتاز كل الحدود دون إشعار مسبق و أن القبول بها قد يكون أمر واقع أمام الدول ،
و السيما في الجانب االقتصادي الذي يعتبر من أهم مظاهر العولمة بما يعرفه من نمو مضطرد لحجم
المبادالت التجارية و حجم التدفقات االستثمارية الدولية ،و كذلك الدور المتنامي للشركات متعددة الجنسيات ،
و ما شهده العالم من تكتالت اقتصادية و أزمات مالية هزت أركان االقتصاد العالمي .
كما أنه في ظل القرية الكونية التي يعيشها العالم اليوم لعبت مجموعة من المؤسسات الدولية دو ار مهما في دعم
و انتشار ظاهرة العولمة ،من أهمها :صندوق النقد الذي له دور مهم في عمليات اإلشراف و الرقابة
الدوليتين ،و مجموعة البنك الدولي التي تكرس ظاهرة العولمة من خالل العمل على دعم القطاع الخاص
و التجارة و كذلك المساهمة في العديد من االستثمارات التنموية عبر العالم ،و منظمة التجارة العالمية التي
تستهدف من خالل نشاطها إزالة كل القيود أمام التجارة الدولية و الفصل في أهم النزاعات التي قد تنشأ بين
أعضائها .
إن ما حدث و يحدث في العالم من تغيرات في ظل العولمة أدت إلى اندماج األسواق العالمية ،و إلى
التغيرات المستمرة في :التكنولوجيات ،األذواق ،المنتجات و الخدمات ،جعلت المؤسسات االقتصادية تعمل
في بيئة أكثرتغيرا و تعقيدا تستوجب منها انتهاج نموذج تسييري دولي النطاق بأفكار و فلسفة جديدة تختلف عن
مفاهيم و أفكار التسيير التقليدي ،هذا التسيير الذي ينبغي أن يكون استراتيجيا يراعي التغيرات الحاصلة
و يحقق التفاعل بين هذه المؤسسات و بيئتها الخارجية الدولية ،من خالل مدخل رئيسي يقوم على تحليل
بيئتيها الخارجية و الداخلية عبر خطوات متتالية تمكنها من تشخيص الفرص و التهديدات الحالية و المستقبلية،
و كذلك نقاط القوة و الضعف ،و من ثم اختيار إستراتيجيات في مختلف المستويات تتفاعل فيما بينها لتحقق
أهدافها اإلستراتيجية ،فوضعها موضع التنفيذ ،ثم الرقابة عليها و تقويمها.
إن إدراك المؤسسة االقتصادية في ظل هذا الوضع ألهمية التغيرات و التطورات في بيئتها الخارجية
الدولية و متطلبات التكيف معها ،جعل من تحليل هاته البيئة أحد األولويات الرئيسية في تسييرها ،من خالل
التتبع المستمر لتغيرات عوامل هاته البيئة و تحليلها ،فتشخيص ما فيها من فرص يمكن استغاللها و ما فيها
من مخاطر أو تهديدات يمكن اجتنابها أو التقليل من مخاطرها ،و من ثم االستفادة من نتائج هذا التحليل عند
اعتماد االستراتيجيات بمختلف المستويات اإلستراتيجية ،و كذلك أثناء عمليات الرقابة اإلستراتيجية و التقويم .
196
الخاتمة العامة
-1العولمة ظاهرة لم تكتمل مالمحها بعد يختلف في تحديدها باختالف الخلفيات و األيديولوجيات لمعرفيها ،
تهدف إلى تحويل العالم إلى قرية كونية تتقارب و تتداخل فيها جل الشعوب و األمم ،و في مختلف مناحي
الحياة :االقتصادية ،السياسية ،الثقافية و االجتماعية ،و اإلعالمية ،تحت سلطة األقوى عالميا.
-2إن ما يشهده العالم اليوم من تقدم تكنولوجي و انخفاض في القيود على التجارة و أرس المال و تنقل
األفراد ،شكل نظاما عالميا جديدا تنامت فيه ظاهرة العولمة و تيارها المستهدف للوصول بالعالم إلى وحدة
مندمجة متكتلة و متجانسة على مختلف األصعدة ،كانت مجموعة من األطر المؤسساتية الدولية ( كصندوق
النقد و البنك الدوليين ،و المنظمة العالمية للتجارة ) أداتها لتحقيق ذلك ،حيث أصبحت هذه المؤسسات تلعب
دو ار مهما في صياغة المنظومة االقتصادية العالمية و التأثير فيها من أجل دعم ظاهرة العولمة.
و من خالل ما سبق يمكن تأكيد صحة الفرضية األولى :العولمة ظاهرة متعددة الجوانب تستهدف
الوصول بالعالم إلى وحدة متكاملة و متجانسة على مختلف األصعدة عن طريق العديد من اآلليات.
-3البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية في ظل العولمة تعبر عن مجموع العوامل و المتغيرات ذات
النطاق الدولي التي تنشأ خارج المؤسسة االقتصادية و تؤثر عليها ،كما يمكنها أن تتأثـر بهذه المؤسسة و لو
نسبيا ،و بالتالي فعناصر هذه البيئة في ظل العولمة عديدة و معقدة بفعل انفتاح االقتصاديات على بعضها
البعض و العمل في ظل تعدد :السياسات ،الثقافات ،القوانين ، ....مما يجعل المؤسسة االقتصادية أمام
ضرورة أخذ هذه العناصر بعين االعتبار ،و ذلك ألن نجاحها أو فشلها يتوقف إلى حد كبير على مدى قدرتها
على التناغم و تغيرات بيئتها الخارجية الدولية.
-4تحليل المؤسسة االقتصادية لبيئتها الخارجية الدولية في ظل العولمة يمـر بخطوات متتالية تبدأ بمرحلـة
جمـع البيانـات و المعلومات من مصادرها المختلفة بعد تخطيط عملية التجميع و اعتماد أحد مداخلها ،ليقوم
فريق التحليل بمعالجة هاته البيانات ،ثم دراستها بمختلف الطرق الكيفية و الكمية ،فتحديد المعلومات الحالية
و المستقبلية لهذه البيئة ،ليتم بعد ذلك دراسة تأثير تلك المعلومات على المؤسسة االقتصادية ،و من ثم
تشخيص الفرص و التهديدات.
-5تواجه المؤسسة االقتصادية في ظل العولمة العديد من الفرص و التهديدات التي تجعلها في وضع ال
يسمح لها باستغالل كل هذه الفرص و تجنب أو التقليل من مخاطر كل هذه التهديدات ،لذلك يجب أن تركز
-من بين كل الفرص و التهديدات – على األهم فقط و الحاسمة منها .
من خالل النتائج الثالث السابقة يمكن إثبات صحة الفرضية الثانية :يعتبر تحليل البيئة الخارجية
الدولية للمؤسسة االقتصادية مدخل رئيسي لخلق درجة عالية من التناغم بين المؤسسة االقتصادية و بيئتها
الخارجية الدولية في ظل العولمة.
-6التسيير االستراتيجي للمؤسسة االقتصادية في ظل العولمة هو علم و فن :صياغة إستراتيجية المؤسسة ،
197
الخاتمة العامة
تنفيذها ،الرقابة عليها و تقويمها ،يتم على مستوى اإلدارة العليا من طرف قادة إستراتيجيون.
-7إن التسيير اإلستراتيجي للمؤسسة االقتصادية في ظل العولمة عملية متكاملة و مترابطة ،فعلى الرغم مما
حظيت به مرحلة الصياغة اإلستراتيجية من اهتمام كبير دون غيرها من طرف المفكرين اإلستراتيجيين إال أنه
ال يمكن التركيز على نجاح مرحلة دون أخرى ،حيث أن العالقة بين مختلف المراحل هي عالقة ترابط
و تكامل تغيب فيها الخطوط الفاصلة بينها إال ألغراض الدراسة و البحث العلمي و تبسيط هذه المراحل .
-8تعتمد المؤسسة االقتصادية في ظل العولمة استراتيجيات على المستوى العام تعكس مكانتها و توجهاتها
في ظل الوضع القائم ،و استراتيجيات على المستوى األدنى فاألدنى ( مستوى وحدات األعمال ،فالمستوى
الوظيفي ) تتوافق و تتالءم مع استراتيجيات المستوى العام .
من خالل النتائج الثالث األخيرة يمكن إثبات صحة الفرضية الثالثة :يعتمد نجاح أو فشل المؤسسة
االقتصادية في ظل العولمة بشكل كبير على مدى فعالية تسييرها االستراتيجي.
-9تحليل البيئة الخارجية الدولية للمؤسسة االقتصادية أحد أهم عناصر التسيير االستراتيجي التي يتحدد
من خاللها بقاء و استم اررية المؤسسة االقتصادية و أنشطتها في ظل العولمة ،حيث أن الفرص و التهديدات
التي يتم تشخيصها من خالل هذا التحليل لها دور رئيسي في صياغة إستراتيجياتها ،كما يمكن أن تكون أداة
رئيسية محددة لمدى تكيف هذه المؤسسة مع بيئتها الخارجية الدولية من خالل عملية الرقابة اإلستراتيجية
و التقويم .
-10تسعى المؤسسة االقتصادية في ظل العولمة إلى تحقيق التناغم المستمر مع بيئتها الخارجية الدولية
و مكافحة االغتراب البيئي من أجل تحقيق أهدافها اإلستراتيجية بكفاءة و فعالية ،مما يفرض عليها استم اررية
تحليلها لهذه البيئة و استغالل أهم الفرص بها و اجتناب أو التقليل من مخاطر أهم تهديداتها ،و بالتالي اختيار
إستراتيجيات تكون استجابة للتغيرات الحالية و المستقبلية ألهم مكونات بيئتها الخارجية الدولية.
من خالل النتيجتين السابقتين يمكن إثبات صحة الفرضية الرابعة :يجعل تحليل البيئة الخارجية الدولية
للمؤسسة االقتصادية من تسييرها اإلستراتيجي استجابة للتغيرات الحالية و المستقبلية ألهم مكونات هذه
البيئة.
-11مؤسسة سوناطراك شركة من المنظور القانوني ،مجمع طاقوي بالمنظور االقتصادي ،عامة الملكية ،
و نشاطها الرئيسي المحروقات الذي يتسم بكونه إستراتيجي الطابع بالنسبة لالقتصاد الوطني و العالمي ،تعبر
عن نموذج نجاح جزائري على المستوى الدولي بما تحققه من انجازات و إمكانيات تضعها في صدارة مجال
نشاطها على المستويين اإلقليمي و العالمي .
-12البيئة الخارجية لسوناطراك تفوق النطاق الوطني إلى العالمي ،لحساسية مجال نشاطها للتغيرات الوطنية
و الدولية ،حيث تتسم هذه البيئة بدرجة عالية من التغير و التعقيد و التداخل في ظل القرية الكونية و انتشار
198
الخاتمة العامة
199
الخاتمة العامة
-6البحث عن إنشاء هيئة إعالمية ذات وزن ثقيل في الساحة الدولية ( و السيما بالشراكة مع المؤسسات
الحليفة ) لخلق روابط اتصال قوية مع المستهلكين و كشف المغالطات السائدة للرأي العام الوطني و الدولي ،
و من ثم تحرير المجمع و حلفائه من كل الضغوطات مستقبال .
200
قائمة المراجع
قائمة المراجع
قائمة المراجع:
202
قائمة المراجع
-13زكريا الدوري ،أحمد علي صالح :الفكر اإلستراتيجي و انعكاساته على نجاح منظمات
األعمال – قراءات و بحوث ،دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع ،عمان . 2009 ،
-14زكريا مطلك الدوري :اإلدارة اإلستراتيجية :مفاهيم و عمليات و حاالت دراسية ،المكتبة الوطنية ،دار
الكتب و الوثائق ،بغداد . 2003 ،
-15زينب عوض هللا :االقتصاد الدولي ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية. 1998 ،
-16صالح صالحي :دور المنظمات الدولية في إدارة التحوالت االقتصادية العالمية ،دار الوفاء للطباعة
و النشر و التوزيع ،القاهرة ،الطبعة األولى .2004 ،
-17طارق السويدان :قيادة السوق ،دار ابن حزم ،بيروت ،الطبعة األولى . 2001 ،
-18الظاهر نعيم :إدارة العولمة و أنواعها ،عالم الكتاب الحديث ،إربد ،األردن . 2010 ،
-19عبد الحميد عبد الفتاح المغربي :اإلدارة اإلستراتيجية لمواجهة تحديات القرن الحادي و العشرين،
مجموعة النيل العربية ،مصر .1999 ،
-20عبد الحي وليد :انعكاسات العولمة على الوطن العربي ،الدار العربية للعلوم ،بيروت . 2011 ،
-21عبد الرحمان الصباح :نظم المعلومات اإلدارية ،دار زهران للنشر ،عمان . 1998 ،
-22عبد الرحيم محمد عبد الرحيم :إدارة اإلستراتيجية -خمس خطوات نحو الهدف ،دار المعارف ،
الدوحة. 2012 ،
-23عبد الرزاق بن حبيب :اقتصاد و تسيير المؤسسة ،الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية ،الجزائر،
الطبعة الثالثة . 2006 ،
-24عبد السالم أبو قحف :اقتصاديات األعمال و االستثمار الدولي ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،
. 2003
-25عبد السالم أبو قحف :أساسيات اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية . 2005/2004 ،
-26عبد المجيد قدي :المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
. 2003
-27علي عباس :إدارة األعمال الدولية – اإلطار العام ،دار حامد للنشر و التوزيع ،عمان ،الطبعة األولى،
. 2003
-28فضيل دليو :دراسات في المنهجية ،الديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر. 2000 ،
-29فالح حسن الحسيني :اإلدارة اإلستراتيجية ،دار وائل للنشر ،عمان ،الطبعة األولى . 2000 ،
-30محمد خميس الزوكة :جغرافيا الطاقة ( مصادر الطاقة بين الواقع و المأمول ) ،دار المعرفة ،
اإلسكندرية. 2001 ،
203
قائمة المراجع
-31محمود جاسم الصميدعي :إستراتيجية التسويق– مدخل كمي و تحليلي ،دار حامد للنشر ،عمان2000 ،
-32محي الدين األزهري :بحوث التسويق :علم و فن ،دار الفكر العربي ،القاهرة .1993 ،
-33مصطفى محمود أبو بكر :المرجع في التفكير اإلستراتيجي و اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية،
اإلسكندرية . 2004 ،
-34مواري ر .شبيجل :ملخصات شوم نظريات و مسائل في اإلحصاء ،ترجمة :شعبان عبد الحميد
شعبان ،الدار الدولية لالستثمارات الثقافية ،القاهرة ،الطبعة السابعة . 2004 ،
-35نادية العارف :اإلدارة اإلستراتيجية :إدارة األلفية الثالثة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية . 2000 ،
-36نادية العارف :اإلدارة اإلستراتيجية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية . 2004 ،
-37نادية العارف :التخطيط اإلستراتيجي و العولمة ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية . 2003 ،
-38ناصر دادي عدون :اقتصاد المؤسسة ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر. 1999 ،
-39ناصر دادي عدون :اإلدارة و التخطيط اإلستراتيجي ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر . 2003 ،
-40نبيل محمد مرسي :اإلدارة اإلستراتيجية – تكوين و تنفيذ إستراتيجية التنافس ،دار الجامعة الجديدة ،
اإلسكندرية ،الطبعة األولى . 2003 ،
-41نعمة عباس الخفاجي :الفكر اإلستراتيجي – قراءات معاصرة ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان،
. 2008
-42نعمة عباس الخفاجي ،طاهر محسن الغالبي :قراءات في الفكر اإلداري المعاصر ،دار اليازوري للنشر
و التوزيع ،عمان . 2008 ،
-43نواف كنعان :اتخاذ الق اررات اإلدارية ( بين النظرية و التطبيق ) ،دار الثقافة ،عمان . 1998 ،
204
قائمة المراجع
-5باولو ماورو ،جوناثان أوستري :إرساء العولمة المالية على مسار النجاح ،نشرة صندوق النقد الدولي،
إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي ،واشنطن 16 ،أغسطس . 2007
بلقاسم العباس :السياسات الصناعية في ظل العولمة ،دورية جسر التنمية ،المعهد العربي للتخطيط ، -6
الكويت ،العدد ، 111مارس /آذار . 2012
-7البنك الدولي :أدوار البنك الدولي لإلنشاء و التعمير و المؤسسة الدولية للتنمية ،التقرير السنوي 2013
،منشورات البنك الدولي ،واشنطن .
-8البنك الدولي :عالم بال فقر :إنهاء الفقر المدقع و تعزيز الرخاء المشترك ،التقرير السنوي ، 2013
منشورات البنك الدولي ،واشنطن .
-9الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية ،العدد ، 43الصادر في 20 :جمادى األولى 1424الموافق 20
يوليو . 2003
حكومة دبي :العولمة االقتصادية :فرص أم تحديات ،إدارة الدراسات االقتصادية و المالية ،دائرة -10
المالية. 2007 ،
-11سعدون حمود الربيعاوي ،ناظم جواد الزيدي :انعكاسات ظاهرة العولمة في إبراز أهمية احتضان
األعمال ،مجلة العلوم االقتصادية و اإلدارية ،جامعة بغداد ،المجلد ، 13العدد .2007 ، 47
-12سهام الدين خيري :العولمة االقتصادية و متطلبات التنمية و النهوض في الدول النامية ،مجلة كلية
بغداد للعلوم االقتصادية ،جامعة بغداد ،العدد التاسع و العشرون. 2012 ،
-13صندوق النقد الدولي :اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي ،واشنطن . 2011،
-14صندوق النقد الدولي :آفاق االقتصاد العالمي ،واشنطن. 1997 ،
-15الطيب داودي :أثر تحليل البيئة الخارجية و الداخلية في صياغة اإلستراتيجية ،مجلة الباحث ،جامعة
ورقلة ،العدد . 2007 ، 05
-16عبد المليك مزهودة :الفكر االستراتيجي التسييري من نموذج SWOTإلى نظرية اإلستراتيجية ،مجلة
العلوم اإلنسانية ،جامعة بسكرة ،العدد الرابع ،ماي . 2003
-17عبد المليك مزهودة :التسيير االستراتيجي مقاربات مفهومية و تحديات التنافسية ،مجلة الباحث ،
جامعة ورقلة ،العدد. 2006 ، 04 :
-18كيشور مهبوباتي :القرية العالمية ،مجلة التمويل و التنمية ،صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،سبتمبر
. 2012
-19مداح عرايبي الحاج :أهمية التحليل اإلستراتيجي في تقييم رأس المال غير المادي للمؤسسات
االقتصادية ،مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا ،جامعة الشلف ،العدد ، 05جانفي . 2008
205
قائمة المراجع
-20الوكالة الدولية لضمان االستثمار :التقرير السنوي ،2010منشورات الوكالة الدولية لضمان االستثمار،
مجموعة البنك الدولي ،واشنطن .
-21وليد أحمد مساعدة ،عماد عبد هللا الشريفين :العولمة الثقافية رؤية تربوية إسالمية ،مجلة الجامعة
اإلسالمية ،األردن ،المجلد الثامن عشر ،العدد األول ،يناير . 2010
206
قائمة المراجع
-9سماللي يحضية :أثر التسيير اإلستراتيجي للموارد البشرية و تنمية الكفاءات على الميزة التنافسية للمؤسسة
االقتصادية ( مدخل الجودة و المعرفة ) ،أطروحة دكتوراه دولة في العلوم االقتصادية ،تخصص :تسيير،
غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر. 2004/2003 ،
-10سوما علي سليطين :اإلدارة اإلست ارتيجية و أثرها في رفع أداء منظمات األعمال – دراسة ميدانية على
المنظمات الصناعية العامة في الساحل السوري ،رسالة مقدمة لنبل درجة الماجستير في إدارة األعمال،
غير منشورة ،كلية االقتصاد ،جامعة تشرين ،سوريا. 2007 /2006 ،
-11عبد القادر بابا :سياسة االستثمارات في الجزائر و تحديات التنمية في ظل التطورات العالمية الراهنة،
أطروحة دكتوراه دولة في العلوم االقتصادية ،فرع التخطيط ،غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية
و علوم التسيير ،جامعة الجزائر. 2004/2003 ،
-12عبد الوهاب رميدي :التكتالت االقتصادية اإلقليمية في عصر العولمة و تفعيل التكامل االقتصادي في
الدول النامية -دراسة تجارب مختلفة ،أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية ،فرع التخطيط ،غير منشورة
،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر. 2007/ 2006 ،
-13العقون نادية :العولمة االقتصادية و األزمات المالية :الوقاية والعالج "دراسة ألزمة الرهن العقاري في
الواليات المتحدة األمريكية" ،أطروحة دكتوراه العلوم في العلوم االقتصادية ،غير منشورة ،كلية العلوم
االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة باتنة. 2013/2012 ،
-14غازي رسمي أبو قاعود :دور اإلدارة اإلستراتيجية في تحسين األداء المؤسسي في المنظمات العامة في
المملكة األردنية الهامشية مع التطبيق على و ازرة التخطيط و التعاون الدولي ،رسالة دكتوراه الفلسفة في
اإلدارة العامة ،غير منشورة ،كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة . 2006 ،
-15فرحات غول :مؤشرات تنافسية المؤسسات االقتصادية في ظل العولمة االقتصادية – حالة المؤسسات
الجزائرية ،أطروحة دكتوراه في العلوم االقتصادية ،تخصص :تسيير ،غير منشورة ،
كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الجزائر . 2006/2005 ،
-16لقوقي فاتح :جودة نماذج السالسل الزمنية الموسمية المختلطة SARIMAفي التنبؤ بالمبيعات -
دراسة حالة مؤسسة مطاحن جديع بتقرت ،مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير في علوم
العلوم كلية ، منشورة غير التسيير، في الكمية األساليب تخصص: ، التسيير
االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة بسكرة . 2014/2013 ،
-17محمود فاروق محمد غراب :تطوير دور المنظمات االقتصادية الدولية في تحقيق التنمية االقتصادية
في الدول النامية ،رسالة دكتوراه الفلسفة في االقتصاد ،غير منشورة ،كلية التجارة ،جامعة عين شمس،
مصر . 2007 ،
207
قائمة المراجع
-18مدحت محمد عبد العزيز :الدور االستراتيجي لمجالس اإلدارات – مع التطبيق على شركات قطاع
األعمال العام المصرية ،رسالة مقدمة لنبل درجة الماجستير في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،
كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة . 2008 ،
-19مرمي مراد :أهمية نظم المعلومات اإلدارية كأداة للتحليل البيئي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة
الجزائرية – دراسة حالة شركة Chiali Profiplastبسطيف ،مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة
الماجستير في العلوم االقتصادية ،تخصص :اقتصاد و تسيير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ،غير
منشورة ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة سطيف . 2010 /2009 ،
-20نسمة شريف محمود ش اررة :الفكر اإلستراتيجي األمريكي تجاه العالم اإلسالمي بعد أحداث الحادي
عشر من سبتمبر :دراسة في بعض مراكز الفكر األمريكية ،رسالة مقدمة لنبل درجة الماجستير في العلوم
السياسية ،غير منشورة ،كلية االقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة . 2010 ،
-21وائل فوزي عبد الباسط :األبعاد االقتصادية و البيئية لظاهرة االحتباس الحراري في مصر ،رسالة مقدمة
لنبل درجة الماجستير في االقتصاد ،غير منشورة ،كلية اإلدارة ،جامعة عين شمس ،مصر،
. 2010 -2009
208
قائمة المراجع
و التحديات" ،كلية العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة الشلف ، ،يومي 26 – 25 :نوفمبر
. 2008
-5السيد محمد أبو هاشم :تصور مقترح عن المقومات الشخصية و المهنية الضرورية لمعلم التعليم العام في
ضوء متطلبات العولمة ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات ندوة :العولمة و أولويات التربية ،كلية التربية ،جامعة
الملك سعود ،المملكة العربية السعودية ،يومي 21-20 :أبريل . 2004
-6غريب بولرباح ،بضياف أحمد :األداء الحكومي من خالل المؤشرات الكمية ،ورقة مقدمة ضمن
فعاليات المؤتمر العلمي الدولي حول األداء المتميز للمنظمات و الحكومات ،كلية العلوم الحقوق و العلوم
االقتصادية ،جامعة ورقلة ،يومي 09 – 08 :مارس . 2005
-7لطرش ذهبية :دور صندوق النقد الدولي في مواجهة األزمة المالية واالقتصادية العالمية ،ورقة مقدمة
ضمن فعاليات الملتقى العلمي الدولي حول :األزمة المالية و االقتصادية الدولية و الحكومة العالمية ،كلية
العلوم االقتصادية و علوم التسيير ،جامعة سطيف ،يومي 21 -20 :أكتوبر . 2009
-8محمد بوهزة :محيط المؤسسة العمومية الصناعية في الجزائر -حالة بعض المؤسسات ،ورقة مقدمة
ضمن فعاليات الملتقى الدولي حول :تنافسية المؤسسات االقتصادية و تحوالت المحيط ،قسم علوم
التسيير ،جامعة بسكرة ،يومي 30 -29 :أكتوبر . 2002
-9محمد حاجي :تفعيل األداء المتميز للمؤسسة االقتصادية من خالل عملية القيادة في ظل التحديات
و الرهانات التي تفرضها العولمة ،ورقة مقدمة ضمن فعاليات الملتقى الدولي حول :التسيير الفعال فـ ـ ـ ـ ـي
المؤسسة االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية و التجارية و علوم التسيير ،جامعة المسيلة ،يومي:
4 - 3ماي. 2005
ه -المواقع اإللكترونية:
1- http:/www. Imf.org
2- http://www.inf.org
3- http://www.un.org
: الدوريات و التقارير-ب
1- Conférence Des Nations Unies Sur le Commerce et Développement : Rapport
sur l’Investissement dans le Monde 2012 , Nations Unies, New York .
2- Ministère de l'Energie et des Mines : Bilan des Réalisations du secteur de
L' Energie et des Mines ( 1962-2010) , , BAOSEM , Alger , 2011.
3- Ministère de L'énergie : Bilan des Réalisations du secteur de L'énergie et des
Mines année 2013 , BAOSEM ,Alger , 2014 .
4- Organisation Mondial du Commerce : Rapport Annual 1998 , Publication de
l’OMC , GENEVE .
5- Organisation Mondial du Commerce: Statistiques du commerce international
2013, Publication de l’OMC, GENEVE .
6- SONATRACH - Activité Commercialisation : SAHARA Blend , Publications
Périodique, Décembre 2004 .
7- SONATRACH : SONATRACH une compagnie pétrolière et gazière intégrée ,
BAOSEM , Alger , 2014.
8- SONATRACH: Rapport Annuel 2002 , BAOSEM , Alger , 2003.
9- SONATRACH: Rapport Annuel 2003 , BAOSEM , Alger , 2004.
10- SONATRACH: Rapport Annuel 2004 , BAOSEM , Alger , 2005.
11- SONATRACH: Rapport Annuel 2005 , BAOSEM , Alger , 2006.
12- SONATRACH: Rapport Annuel 2006 , BAOSEM , Alger , 2007.
13- SONATRACH: Rapport Annuel 2007 , BAOSEM , Alger , 2008.
14- SONATRACH: Rapport Annuel 2008 , BAOSEM , Alger , 2009.
15- SONATRACH: Rapport Annuel 2009 , BAOSEM , Alger , 2010.
16- SONATRACH: Rapport Annuel 2010 , BAOSEM , Alger , 2011.
17- SONATRACH: Rapport Annuel 2011 , BAOSEM , Alger , 2012.
18- SONATRACH: Rapport Annuel 2012 , BAOSEM , Alger , 2013.
19- SONATRACH: Rapport Annuel 2013 , BAOSEM , Alger , 2014.
210
قائمة المراجع
: الملتقيات و الندوات-ج
1- Saïd Sahnoun: Allocution de Président Directeur Général de SONATRACH ,
le Sommet Nord-africain du Pétrole et du Gaz , 07 /12/ 2014 .
: المواقع اإللكترونية-د
1- http://Europa.eu
2- https://Finances. World Bank.org .
: الدوريات و التقارير-ب
1- ASEAN Economy Community Score card : Charting progress Towards
Regional Economic integration , ASEAN Secretariat , Jakarta , March 2010 .
2- Bank For International Settlements : Triennial Central Bank Survey , Foreign
exchange turnover in April 2013: Preliminary global results , Monetary and
Economic Department , Basel , Switzerland, September 2013 .
3- BP: Energy Outlook 2035 , February 2015 .
4- International Energy Agency : World Energy Investment Outlook – Special
Report , IEA , 2014 .
5- OPEC : 2 014 World Oil Outlook , OPEC Secretariat , 2014 .
6- OPEC : Annual Statistical Bulletin , OPEC Secretariat , 2014.
211
قائمة المراجع
: المواقع اإللكترونية-ج
1- http:/ globalization.Kof.ethz.ch
2- http:// www.miga.cfc
3- http://www.opec.org .
4- http://siteresources.worldbank.org.
212