You are on page 1of 22

‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال‬

‫السند‬

‫أيمن جاسم الدوري‬

‫‪ā‬‬ ‫‪ŪR‬‬

‫المدخل‬
‫لم تحظ َّأمة من األمم بالعناية بمرويات نبيهم كما حظيت أمة محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬لذا اشتهرت‬
‫بأنها َّأمة السند‪ ،‬فتولى نخبة من رجالها التمحيص والتدقيق في أسانيد جميع األحاديث التي وصلتنا عن‬
‫خاتم األنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصالة والتسليم‪ .‬قال أبو حاتم الرازي‪" :‬لم يكن في أمة من‬

‫*‬
‫أستاذة مساعدة‪ ،‬الحديث وعلومه‪ ،‬جامعة ماردين أرتوقلو‪ ،‬تركيا‪ay_dor@yahoo.com ،‬‬
‫‪0000-0002-4420-5257‬‬
‫‪1‬‬
‫وتصان من‬
‫السنة‪ُ ،‬‬
‫األمم منذ خلق اهلل آدم أمناء يحفظون آثار الرسول إال في هذه األمة‪ "،‬فباإلسناد تحفظ ُّ‬
‫التحريف والوضع والزيادة والنقصان‪ ،‬حيث إنها ثبتت بأدق طرق النقد والتحقيق التي لم َتعرف البشرية لها‬
‫جدا تتعلق باإلسناد بل هي أهم مسائل اإلسناد‬
‫مثيالا في تاريخها‪ ،‬فجاء هذا البحث ليؤكد على مسألة هامة ا‬
‫على االطالق أال وهي االتصال‪ ،‬فمن المعروف أ َّن لصحة الحديث خمسة شروط أولها اتصال السند‪ ،‬وقد‬
‫جهدا كبيرا‪ ،‬للتحقق من سماع الرواة عمن فوقهم‪ ،‬وأولوا هذا األمر عناية بالغة لما يحتمله‬
‫ا‬ ‫بذل أئمة النقد‬
‫ا‬
‫السند المنقطع من سقوط راو ال يتصف بالعدالة أو يكون غير ضابط‪ .‬قال شعبة بن الحجاج‪" :‬كل حديث‬
‫ليس فيه‪ ،‬حدثنا فهو مثل الرجل في فالة معه بعير بال خطام‪ 2".‬وقال اإلمام الشافعي‪" :‬إذا اتصل الحديث‬
‫وصح اإلسناد فهو سنة‪ 3".‬وقال محمد بن يحيى الهذلي‪" :‬ال يجوز االحتجاج إال بالحديث‬
‫َّ‬ ‫عن رسول اهلل‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫الموصول غير المنقطع‪ ،‬الذي ليس فيه رجل مجروح‪".‬‬
‫بالغا في البحث عن االتصال‪ ،‬فدرسوا روايات كل راوي‪ ،‬وبحثوا عن شيوخه‬
‫جهدا ا‬
‫لذا بذل أئمة النقد ا‬
‫مثال‪" :‬فالن سمع‬
‫وتالمذته‪ ،‬وتحققوا من إدراك كل راو لمن فوقه ومن سماعه له‪ ،‬وتنوعت عباراتهم‪ ،‬فقالوا ا‬
‫معينا‪-‬من فالن"‪ ،‬أو "فالن‬
‫عددا ا‬
‫شيئا من فالن"‪ ،‬أو "فالن سمع حدي اثا –أو ا‬
‫من فالن"‪ ،‬أو "فالن لم يسمع ا‬
‫أدرك فالن"‪ ،‬وغيرها من العبارات الدالة على السماع أو عدمه‪ ،‬لذا لزم التعرف على منهج المحدثين وطرقهم‬
‫في معرفة اتصال السند وإثبات سماع الرواة عمن فوقهم‪ ،‬والطرق التي يسلكها من جاء بعدهم من الباحثين‪.‬‬
‫مشكلة البحث‬
‫تعد معرفة طرق اتصال اإلسناد من أهم المسائل التي تطرق إليها أئمة النقد من المحدثين للوصول‬
‫للحكم على الحديث‪ ،‬مما يدلل على الجهد الكبير الذي بذله هؤالء العلماء في حماية وصون السنة النبوية‬
‫من التحريف والتلفيق‪ ،‬واالنتقاء العلمي القائم على منهج اإلقناع واإلنصاف والتورع عن إطالق األحكام‬
‫جزا افا‪ ،‬كما يدل على تبحرهم‪ ،‬وعميق فهمهم‪ ،‬ومتانة حفظهم‪ ،‬ورصانة منهجهم في النقد والذي لم يسبقهم‬
‫إليه أحد من األمم‪ .‬لذا جاء هذا البحث ليجيب عن أسئلة هامة منها‪:‬‬
‫ما منهج أئمة النقد في الحكم على األسانيد باالتصال أو االنقطاع؟‬
‫هل اعتمد أئمة النقد على مصطلحات معينة في التعبير عن االتصال أو االنقطاع؟‬
‫ما الوسائل التي اعتمد عليها أئمة النقد في معرفة إدراك الراوي لمن فوقه والسماع منه؟‬
‫ما القرائن التي يتوصل بها إلى معرفة سماع الراوي ممن فوقه؟‬

‫‪1‬‬
‫محمد بن عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬السخاوي‪ ،‬فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي‪ ،‬مح‪ .‬علي حسين علي‪( ،‬مصر‪:‬‬
‫مكتبة السنة‪ 2003 ،‬م)‪.330 ،3 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد بن أحمد بن عثمان‪ ،‬الذهبي‪ ،‬سير أعالم النبالء‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الحديث‪ 2006 ،‬م)‪.617 ،6 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن أبي حاتم‪ ،‬الرازي‪ ،‬المراسيل‪ ،‬مح‪ .‬شكر اهلل نعمة اهلل قوجاني‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬دت)‪.11 ،6 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد‪ ،‬الخطيب البغدادي‪ ،‬الكفاية في علم الرواية‪ ،‬مح‪ .‬أبو عبد اهلل السورقي‪ ،‬إبراهيم حمدي‬
‫المدني‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬المكتبة العلمية‪ ،‬دت)‪ ،‬ص‪.20 .‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫ما الطرق التي يستعملها من جاء بعد أئمة النقد للكشف عن اتصال السند أو انقطاعه؟‬
‫هل علينا اتباع آراء أئمة النقد في الرواة؟ أم أننا غير ملزمين بذلك؟ عن هذه األسئلة وغيرها يسعى هذا‬
‫البحث لإلجابة عنها‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‬
‫بعد البحث عن دراسة مشابهة لدراستي هذه وجدت ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ رسالة ماجستير بعنون (مسالك الكشف عن االتصال واالنقطاع عند المحدثين النقاد)‪ ،‬إعداد‪ :‬فاتح‬
‫بو زيت‪ ،‬وهي رسالة مقدمة للجامعة األردنية عام ‪ 2006‬م‪.‬‬
‫‪2‬ـ كتاب (االتصال واالنقطاع) إلبراهيم بن عبد اهلل الالحم‪ ،‬طبعته مكتبة الرشد بالرياض عام ‪ 2005‬م‪.‬‬
‫والدراستان‪ ،‬وإن كان فيهما توافق مع بعض أجزاء دراستي هذه‪ ،‬إال أن فيهما تفصيالت وتفرعات كثيرة‬
‫مسهبة ومطولة‪ ،‬في حين أن دراستي تركز بالدرجة األولى على أمر يهتم به كل من يريد الحكم على اإلسناد‬
‫بأقصر الطرق وأسرعها‪ ،‬وأقربها للصحة‪ ،‬بشكل مباشر وموجز بال إسهاب وال تفريط قدر المستطاع‪.‬‬
‫منهج البحث‬
‫استدعت طبيعة هذا البحث االعتماد على المنهج االستقرائي والتحليلي‪ ،‬واستخدمته في استقصاء‬
‫منهج أئمة النقد من المحدثين في اثبات السماع واالتصال بين الرواة أو نفيه‪ ،‬ثم تحليل تلك الطرق التي‬
‫استخدموها وإثبات دقتها ومتانتها‪ .‬وكذلك المنهج االستنباطي والذي استخدمته في استنباط الطرق التي‬
‫تساعد الباحثين ومن جاء بعد أئمة النقد في اثبات االتصال والسماع بين الرواة أو نفيه‪.‬‬

‫المقصود باتصال السند‪:‬‬


‫الشيء‬
‫ُ‬ ‫وات َص َل‬
‫صل ض ُّد الهجران‪َّ ،‬‬
‫والو ُ‬
‫الش ْي َء َو ْص اال َوص َل اة‪َ ،‬‬
‫االتصال لغة‪ :‬قال ابن منظور‪َ " :‬و َصلت َّ‬
‫الشيء‪ :‬لم َي ْن َقط ْع‪ 5".‬ووصل الشيء بالشيء‪ :‬ضمه إليه‪ ،‬واالتصال‪ :‬بكسر الهمزة والتاء المشددة من اتصل‪،‬‬ ‫ب‬
‫َّ ْ‬
‫‪6‬‬
‫االرتباط في مماسة والتئام ضد االنقطاع ومنه‪ :‬اتصال السند في الحديث أي‪ :‬عدم سقوط أي راو منه‪.‬‬
‫ارت َف َع م َن األَرض في ُق ُبل ا ْل َج َبل أَو ا ْل َوادي‪ ،‬وفالن َس َند أَي َ‬
‫معت َمد‪،‬‬ ‫السند لغة‪ :‬قال ابن منظور السند‪َ " :‬ما َ‬
‫اهلل عليه َو َس َّلم‪،‬‬
‫النبي‪ ،‬صلى َّ‬
‫سند من الحديث ما َّات َص َل إسناده حتى ُي ْس َند إلى َّ‬ ‫والم َ‬ ‫وأ َ َ‬
‫سند الحديث‪َ :‬ر َف َع ُه‪ُ ،‬‬
‫‪7‬‬
‫والم ْن َقطع ما لم َّيتصل‪ .‬واإلسناد في الحديث‪َ :‬ر ْف ُعه إلى قائله‪".‬‬ ‫والم ْر َسل ُ‬
‫ُ‬
‫اصطالحا ال يتجاوز معناه اللغوي‪ .‬قال المناوي‪" :‬االتصال‪ :‬اتحاد‬ ‫ا‬ ‫االتصال‬ ‫معنى‬ ‫‪:‬‬‫ا‬‫اصطالح‬
‫ً‬ ‫االتصال‬

‫‪5‬‬
‫محمد بن مكرم بن على‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪( ،3‬بيروت‪ :‬دار صادر‪ 1414 ،‬هـ)‪ ،726 ،11 ،‬مادة (وصل)‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫محمد رواس قلعجي‪ ،‬وحامد صادق قنيبي‪ ،‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬ط‪( ،2‬بيروت‪ :‬دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع‪1988 ،‬‬
‫م)‪ ،‬ص‪ ،86 .‬ص‪.504 .‬‬
‫األشياء بعضها ببعض‪ ،‬كاتصال طرفي الدائرة‪ ،‬ويضاده االنفصال‪ 8".‬أما المقصود باتصال السند عند‬
‫المحدثين فهو‪" :‬أن يكون كل واحد من رواته سمعه ممن فوقه‪ ،‬حتى ينتهي إلى آخره‪ ،‬وإن لم يبين السماع‬
‫بل اقتصر على العنعنة‪ 9".‬وعرفه ابن الصالح بأنه‪" :‬الذي اتصل إسناده‪ ،‬فكان كل واحد من رواته قد سمعه‬
‫‪10‬‬
‫وعرف بأنه‪" :‬الحديث الذي سلم إسناده من سقوط فيه‪ ،‬بحيث يكون‬
‫ُ‬ ‫ممن فوقه‪ ،‬حتى ينتهي إلى منتهاه‪".‬‬
‫كل من رجاله سمع ذلك المروي من شيخه بال واسطة‪ 11".‬ويقال للحديث الموصوف به‪ :‬متصال وموصوال‪،‬‬
‫مؤتصال‪ ،‬كما عزاه السخاوي للشافعي‪ 12،‬قال ابن عبد البر‪" :‬وإنما سمي متصالا ألن بعضهم صحت‬
‫ا‬ ‫وكذا‬
‫‪13‬‬
‫مجالسته ولقاؤه لمن بعده في اإلسناد وصح سماعه منه‪".‬‬

‫طرق تحقق االتصال عند المحدثين‬


‫يتحقق االتصال عند المحدثين بما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1.2‬وجود صيغ التحمل الدالة على اتصال السند‪ ،‬وهي نوعان‪:‬‬


‫‪1‬ـ نوع يدل على االتصال الصريح وهي‪ :‬السماع‪ ،‬ثم القراءة‪ ،‬ثم المناولة‪ ،‬فالمكاتبة‪ ،‬إذا كانتا مقرونتين‬
‫باإلجازة‪ .‬فالسماع‪" :‬تارة يكون من لفظ المسمع حفظاا‪ ،‬أو من كتاب وال خالف حينئذ أن يقول السامع‪:‬‬
‫‪14‬‬
‫أما القراءة‪" :‬فأكثر المحدثين يسمونها‬ ‫حدثنا‪ ،‬أو أخبرنا‪ ،‬وأنبأنا وسمعت‪ ،‬وقال لنا‪ ،‬وذكر لنا فالن‪".‬‬
‫(عرضا) من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يعرض القرآن على المقرئ‪ .‬وسواء كنت‬‫ا‬
‫أنت القارئ‪ ،‬أو قرأ غيرك وأنت تسمع‪ ،‬أو قرأت من كتاب‪ ،‬أو من حفظك‪ ،‬أو كان الشيخ يحفظ ما يقرأ‬
‫عليه‪ ،‬أو ال يحفظه لكن يمسك أصله هو أو ثقة غيره‪ 15".‬وأما المناولة "فالمقرونة باإلجازة أعلى أنواع‬
‫اإلجازة مطلقا‪ ،‬ومن صورها أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو مقابال به‪ ،‬ويقول‪ :‬هذا سماعي أو‬
‫روايتي عن فالن فاروه أو أجزت لك روايته عني‪ ،‬ثم يبقيه معه تمليكا أو لينسخه أو نحوه‪ ،‬ومنها أن يدفع‬
‫إليه الطالب سماعه فيتأمله الشيخ وهو عارف متيقظ ثم يعيده إليه ويقول‪ :‬هو حديثي أو روايتي فاروه عني‬

‫‪8‬‬
‫عبد الرؤوف بن تاج العارفين‪ ،‬المناوي‪ ،‬التوقيف على مهمات التعاريف‪( ،‬القاهرة‪ :‬عالم الكتب‪ 1990 ،‬م)‪ ،‬ص‪.37 .‬‬
‫‪9‬‬
‫الخطيب البغدادي‪ ،‬الكفاية‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪10‬‬
‫عثمان بن عبد الرحمن أبو عمرو‪ ،‬ابن الصالح‪ ،‬معرفة أنواع علوم الحديث‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر المعاصر‪ 1986 ،‬م)‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.44‬‬
‫‪11‬‬
‫عبد الرؤوف بن تاج العارفين‪ ،‬المناوي‪ ،‬اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر‪ ،‬مح‪ .‬المرتضي الزين أحمد‪( ،‬الرياض‪:‬‬
‫مكتبة الرشد‪ 1999 ،‬م)‪.339 ،1 ،‬‬
‫‪12‬‬
‫السخاوي‪ ،‬فتح المغيث‪.136 ،1 ،‬‬
‫‪13‬‬
‫يوسف بن عبد اهلل بن محمد‪ ،‬ابن عبد البر‪ ،‬التمهيد لما في الموطأ من المعاني واألسانيد‪ ،‬مح‪ .‬مصطفى العلوي ومحمد‬
‫البكري‪( ،‬المغرب‪ :‬وزارة عموم األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ 1387 ،‬هـ)‪.24 ،1 ،‬‬
‫‪14‬‬
‫إسماعيل بن عمر القرشي البصري‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬اختصار علوم الحديث‪ ،‬ط‪( ،2‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.109 .‬‬
‫‪15‬‬
‫ابن الصالح‪ ،‬معرفة أنواع علوم الحديث‪ ،‬ص‪.137 .‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬
‫‪16‬‬
‫أو أجزت لك روايته‪".‬‬
‫وأما المكاتبة المقترنة باإلجازة‪ ،‬فهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب ويقول له‪" :‬أجزت لك ما كتبته لك‪،‬‬
‫‪17‬‬
‫أو ما كتبت به إليك‪".‬‬
‫وأما صيغ التحمل األخرى والتي لم تقترن بإجازة كالوجادة‪ ،‬والوصية‪ ،‬واإلعالم‪ ،‬فعند جمهور‬
‫المحدثين أنه ال يعمل بها‪ ،‬وإن أجازها بعض المحدثين‪ .‬فالوجادة مثال وهي‪" :‬أن يقف على كتاب شخص‬
‫فيه أحاديث يرويها بخطه‪ ،‬ولم يلقه‪ ،‬أو لقيه‪ ،‬ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه‪ ،‬وال له منه إجازة‪،‬‬
‫وال نحوها‪ .‬فيقول‪ :‬وجدت بخط فالن‪ ،‬أو قرأت بخط فالن‪ ،‬أو في كتاب فالن بخطه أخبرنا فالن بن‬
‫‪18‬‬
‫المحدثين والفقهاء من المالكيين‪ ،‬وغيرهم ال يرون العمل بذلك‪ ،‬وحكي‬
‫فالن‪ ".‬قال ابن الصالح‪" :‬معظم ُ‬
‫عن الشافعي‪ ،‬وطائفة من نظار أصحابه جواز العمل به‪ 19".‬والوصية‪ :‬وهي "أن يوصي الراوي بكتاب يرويه‬
‫عند موته‪ ،‬أو سفره لشخص‪ 20".‬قال ابن الصالح‪" :‬روي عن بعض السلف رضي اهلل تعالى عنهم‪ :‬أنه جوز‬
‫جدا‪ ،‬وهو إما زلة عالم‪ ،‬أو متأول على أنه‬
‫بذلك رواية الموصى له لذلك عن الموصي الراوي‪ ،‬وهذا بعيد ا‬
‫أراد الرواية على سبيل الوجادة‪ 21".‬وكذلك اإلعالم وهو‪" :‬أن يعلم الشيخ أحد الطلبة بأنني أروي الكتاب‬
‫‪22‬‬
‫الفالني عن فالن‪ ،‬فإن كان له منه إجازة اعتبر‪ ،‬وإال فال عبرة بذلك‪".‬‬
‫‪2‬ـ نوع يفيد االتصال غير الصريح وهي‪" :‬عن"‪ ،‬و"أ َّن"‪ ،‬و"قال"‪ .‬وهذا ما عرف عند علماء الحديث‬
‫بالحديث المعنعن والمؤنن‪ ،‬ومذهب الجمهور أنه ال فرق بينهما وال عبرة بالحروف واأللفاظ‪ .‬ويشترط‬
‫لهذه األدوات كي تفيد االتصال‪ :‬عدالة الراوي‪ ،‬وسالمته من التدليس‪ ،‬وإمكانية لقائه بمن روى عنه بالعنعنة‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر‪" :‬وجدت أئمة الحديث أجمعوا على قبول المعنعن إذا جمع شروطا ثالثة العدالة‪ ،‬وعدم‬
‫التدليس‪ ،‬ولقاء بعضهم بعضا على خالف بينهم في ذلك‪ 23".‬فاإلمام البخاري رحمه اهلل وشيخه ابن المديني‬
‫‪25‬‬
‫فيشترطان ثبوت اللقاء بين الراوي ومن روى عنه بالعنعنة‪ 24‬واكتفى مسلم بمطلق المعاصرة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬السيوطي‪ ،‬تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي‪( ،‬الرياض‪ :‬دار طيبة‪ ،‬د‪.‬ت)‪،1 ،‬‬
‫‪.467‬‬
‫‪17‬‬
‫ابن الصالح‪ ،‬معرفة أنواع علوم الحديث‪ ،‬ص‪.173 .‬‬
‫‪18‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.178 .‬‬
‫‪19‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.180 .‬‬
‫‪20‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.177 .‬‬
‫‪21‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.177 .‬‬
‫‪22‬‬
‫أحمد بن علي بن محمد‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر‪( ،‬الرياض‪ :‬مطبعة سفير‪،‬‬
‫‪ 1422‬هـ)‪ ،‬ص‪.161 .‬‬
‫‪23‬‬
‫صالح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي‪ ،‬العالئي‪ ،‬جامع التحصيل في أحكام المراسيل‪ ،‬ط‪( ،2‬بيروت‪ :‬عالم الكتب‪1986 ،‬‬
‫م)‪ ،‬ص‪.116 .‬‬
‫‪24‬‬
‫السيوطي‪ ،‬تدريب الراوي‪.246 ،1 ،‬‬
‫‪25‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬نزهة النظر‪ ،‬ص‪.75 .‬‬
‫‪ .2.2‬نفي المحدثين السماع لبعض الرواة عمن فوقهم‪:‬‬
‫وبالرغم من اهتمام المحدثين بصيغ األداء وأدوات التحمل‪ ،‬إال أنهم لم يأخذوا أحيا انا بها في كل‬
‫وقت‪ ،‬فكانوا يقفون عن األخذ بها رغم صراحتها في السماع أحيا انا‪ ،‬وأحيا انا يبطلون السماع من أصله‪،‬‬
‫وأحيا انا يقبلون الصيغ المحتملة لثبات السماع عندهم‪ ،‬وسأبين الحاالت الثالث هذه مع األمثلة‪:‬‬
‫‪ .1.2.2‬عدم قبول التصريح بالسماع في حاالت معينة‬
‫لم يقبل علماء الجرح والتعديل التصريح بسماع بعض الرواة في عدة حاالت وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أبطلوا السماع إذا كان قد وقع من الراوي سجية‪ 26.‬سأل اإلمام يحيى بن سعيد القطان اإلمام علي‬
‫َّ‬
‫بن المديني عن قول فطر بن خليفة هل تعتمد على قوله‪ :‬حدثنا فالن؟ وهل قوله حدثنا فالن موصول؟ قال‪:‬‬
‫"ال‪ .‬قلت‪ :‬كانت منه سجية؟ قال‪ :‬نعم"‪ 27‬وكذلك قال يحيى بن معين في يونس بن أبي إسحاق‪" :‬كانت فيه‬
‫غفلة وكانت فيه سجية‪ ،‬كان يقول‪ :‬حدثني أبي‪ 28".‬وقال اإلمام أحمد بن حنبل‪" :‬يقول كان سجية في جرير‬
‫َّ‬
‫بن حازم يقول حدثنا الحسن قال حدثنا عمرو بن تغلب وأبو األشهب يقول عن الحسن قال بلغني أن النبي‬
‫‪29‬‬
‫صلى اهلل عليه وسلم قال لعمرو بن تغلب‪".‬‬
‫مؤوال فال يعتد به‪ .‬وهذا التأويل يعرفه الحذاق من علماء الجرح والتعديل‬
‫بالسماع َّ‬
‫التصريح َّ‬
‫‪2‬ـ إذا كان َّ‬
‫ممن لهم معرفة ثاقبة بالرجال‪ ،‬ومن أمثلته‪ :‬قول أبي حاتم الرازي عن الحسن البصري‪" :‬الحسن لم يسمع‬
‫‪30‬‬
‫أيضا عن أبي البختري‬
‫من ابن عباس وقوله خطبنا ابن عباس يعني خطب أهل البصرة‪ ".‬وقال الرازي ا‬
‫الطائي‪" :‬لم يلق سلمان‪ ،‬وأما قول أبي البختري أنهم حاصروا نهاوند يعني أن المسلمين حاصروا‪ 31".‬ومن‬
‫أيضا‪ :‬قول علي بن المديني‪" :‬روى الحسن بن أبي الحسن أ َّن سراقة حدثهم في رواية علي بن زيد‬
‫أمثلته ا‬
‫بن جدعان وهو إسناد ينبو عنه القلب أن يكون الحسن سمع من سراقة إال أن يكون معنى حدثهم حدث‬
‫‪32‬‬
‫الناس فهذا أشبه‪".‬‬
‫‪3‬ـ إذا وقع التصريح بالسماع خطأ ووهما‪ .‬قال ابن رجب‪" :‬وحينئذ ينبغي التفطن لهذه األمور‪ ،‬وال يعتبر‬
‫بمجرد ذكر السماع والتحديث في األسانيد‪ ،‬فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه‬
‫األخبار عن شيوخه‪ ،‬ويكون منقطعا‪ ،‬وذكر أحمد أن ابن مهدي حدث بحديث عن هشيم (أنا) منصور بن‬

‫‪26‬‬
‫يع اة م ْن َغير َت َكلُّف‪( .‬ينظر‪ :‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪.)372 ،14 ،‬‬
‫ْ‬ ‫سجية‪ :‬أَي َ‬
‫طب َ‬ ‫َّ‬ ‫‪27‬‬
‫الذهبي‪ ،‬سير أعالم النبالء‪.32 ،7 ،‬‬
‫‪28‬‬
‫يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف‪ ،‬المزي‪ ،‬تهذيب الكمال في أسماء الرجال‪ ،‬مح‪ .‬بشار عواد معروف‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة)‪.491 ،32 ،‬‬
‫‪29‬‬
‫أحمد بن محمد بن حنبل‪ ،‬الشيباني‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال‪ ،‬مح‪ .‬وصي اهلل بن محمد عباس‪ ،‬ط‪( ،2‬الرياض‪ :‬دار الخاني‪،‬‬
‫‪ 2001‬م)‪.267 ،1 ،‬‬
‫‪30‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.99 .‬‬
‫‪31‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.269 .‬‬
‫‪32‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.128 .‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫زاذان‪ ،‬قال أحمد‪ :‬ولم يسمعه هشيم من منصور‪ ،‬ولم يصحح قول معمر وأسامة عن الزهري‪ ،‬سمعت عبد‬
‫‪33‬‬
‫الرحمن بن أزهر‪".‬‬
‫تدليسا‪ .‬رواية المدلس أحيانا يكون فيها أداة محتملة للسماع وغيره كعن‬
‫ا‬ ‫‪4‬ـ إذا وقع التصريح بالسماع‬
‫ومن‪ ،‬ولكن إذا كان فيها أداة تدل على التصريح بالسماع وقد ثبت عدم سماعه فهذا يعد من أشد أنواع‬
‫شديدا‪،‬‬
‫ا‬ ‫تدليسا‬
‫ا‬ ‫التدليس‪ .‬ومثاله ما ذكره السيوطي عن أبي حفص عمر بن علي المقدمي قال‪" :‬كان يدلس‬
‫يقول‪ :‬سمعت‪ ،‬وحدثنا‪ ،‬ثم يسكت‪ ،‬ثم يقول‪ :‬هشام بن عروة‪ ،‬األعمش‪ 34".‬وهذا ما يسميه المحدثون‬
‫بتدليس السكوت‪ :‬وهو أن يذكر الشيخ الصيغة ويسكت عن ذكر شيخه‪ ،‬ثم يذكر شيخاا فوقه بطبقة‪.‬‬
‫كذبا‪ .‬ومن أمثلته‪ :‬ما حدث لإلمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في‬
‫‪5‬ـ إذا وقع التصريح بالسماع ا‬
‫قاصاا يقول‪ :‬أخبرنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين‪ ،‬عن عبد‬
‫مسجد الرصافة حيث دخال المسجد فسمعا َّ‬
‫الرزاق‪ ،‬عن معمر‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس أنه ‪ ‬قال‪ :‬من قال‪ :‬ال إله إال اهلل خلق من كل كلمة طير اا منقاره من‬
‫ذهب وريشه من ُمرجانة‪ ...‬وأخذ في قصة طويلة‪ ،‬فأنكرا عليه الحديث‪ ،‬فقال‪ :‬أليس في الدنيا غيركما أحمد‬
‫ويحيى؟‪ 35‬ومنه كذلك ما رواه الخطيب البغدادي عن عفير بن معدان الكالعي‪ ،‬قال‪" :‬قدم علينا عمر بن‬
‫موسى حمص فاجتمعنا إليه في المسجد‪ ،‬فجعل يقول حدثنا شيخكم الصالح‪ ،‬حدثنا شيخكم الصالح‪ ،‬فلما‬
‫أكثر‪ ،‬قلت له‪ :‬من شيخنا هذا الصالح؟ سمه لنا نعرفه‪ ،‬قال‪ :‬فقال خالد بن معدان‪ ،‬قلت له‪ :‬في أي سنة‬
‫لقيته؟ قال‪ :‬لقيته سنة ثمان ومائة‪ ،‬قلت‪ :‬فأين لقيته؟ قال‪ :‬لقيته في غزاة أرمينية‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬اتق اهلل يا‬
‫شيخ‪ ،‬وال تكذب‪ ،‬مات خالد بن معدان في سنة أربع ومائة‪ ،‬وأنت تزعم أنك لقيته بعد موته بأربع سنين‪،‬‬
‫وأزيدك أخرى إنه لم يغز أرمينية قط‪ ،‬كان يغزو الروم‪ 36".‬ومن أمثلتهم أحمد بن عطاء الهجيمي البصري‬
‫الزاهد أبو عمرو‪ ،‬قال ابن المديني‪" :‬رأيته يحدث بما لم يسمع فقلت له في ذلك فقال أرغبهم وأقربهم إلى‬
‫اهلل ليس فيه حكم وال سنة فقلت له‪ :‬أما تخاف اهلل تقرب العباد إلى اهلل بالكذب على رسول اهلل‪ 37".‬وقد‬
‫روى الخطيب البغدادي عن حسين بن إدريس قال‪" :‬سألت عثمان أنا وجدي عن أبي هشام الرفاعي فقال‪:‬‬
‫ال تخبر هؤالء أنه يسرق حديث غيره فيرويه‪ ،‬قلت‪ :‬أعلى وجه التدليس‪ ،‬أو على وجه الكذب؟ فقال‪ :‬كيف‬
‫‪38‬‬
‫يكون تدليسا وهو يقول َح َّد َث َنا؟"‬

‫‪33‬‬
‫زين الدين عبد الرحمن بن أحمد‪ ،‬ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪ ،‬مح‪ .‬همام عبد الرحيم سعيد‪( ،‬األردن‪ :‬مكتبة المنار‪،‬‬
‫‪ 1987‬م)‪.201 ،1 ،‬‬
‫‪34‬‬
‫السيوطي‪ ،‬تدريب الراوي‪.260 ،1 ،‬‬
‫‪35‬‬
‫جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬الموضوعات‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬المكتبة السلفية‪ 1966 ،‬م)‪،1 ،‬‬
‫‪.46‬‬
‫‪36‬‬
‫الخطيب البغدادي‪ ،‬الكفاية في علم الرواية‪ ،‬ص‪.119 .‬‬
‫‪37‬‬
‫علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن‪ ،‬ابن عراق الكتاني‪ ،‬تنزيه الشريعة المرفوعة عن األخبار الشنيعة الموضوعة‪ ،‬مح‪ .‬عبد‬
‫الوهاب عبد اللطيف‪ ،‬عبد اهلل محمد الصديق الغماري‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ 1399 ،‬هـ)‪.30 ،1 ،‬‬
‫‪38‬‬
‫أحمد بن علي بن ثابت‪ ،‬الخطيب البغدادي‪ ،‬تاريخ بغداد‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ 1417 ،‬هـ)‪ ،‬مح‪ .‬مصطفى عبد القادر‬
‫عطا‪.147 ،4 ،‬‬
‫‪ .2.2.2‬إبطال السماع أصالة‬
‫السماع لمن فوقهم لما عرفوه‬
‫أبطل بعض علماء الحديث وخاصة من لهم علم ثاقب في معرفة الرجال َّ‬
‫من عدم إدراك الراوي لمن فوقه‪ ،‬أو أنه أدركه لكنه لم يسمع منه تلك الرواية‪ ،‬أو يحدث عمن أدركه ولم‬
‫يلقه‪ ،‬أو يحدث وقد اختلط‪ ،‬وتفصيل ذلك بما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ من يحدث عمن لم يدركه‪ :‬ومن أمثلة ذلك رواية ابن جريج عن عبيد اهلل بن عبد اهلل بن عتبة‪ ،‬ورواية‬
‫مالك بن أنس عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق‪ ،‬ورواية حماد بن أبي سليمان عن علقمة‪ ،‬قال‬
‫الخطيب البغدادي‪" :‬فهذه كلها روايات ممن سمينا عمن لم يعاصروه‪ 39".‬ومنه كذلك رواية خالد بن معدان‬
‫عن معاذ بن جبل رضي اهلل عنه‪ ،‬قال أبو حاتم الرازي‪" :‬خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرسل لم يسمع‬
‫منه وربما كان بينهما اثنان‪ 40".‬وقال عن أبي البختري‪" :‬أبو البختري كوفي قتل في الجماجم لم يسمع من‬
‫‪42‬‬
‫علي ولم يدركه‪ 41".‬وقال عن الشعبي‪" :‬ولم يدرك عاصم بن عدي ألنه قديم‪".‬‬
‫‪2‬ـ من يحدث عمن أدركه ما لم يسمع منه‪ :‬وهذا نوع من أنواع تدليس بعض المحدثين‪ ،‬ال يكتشفه إال‬
‫الحفاظ وذو المعرفة الثاقبة بأحوال الرجال‪ .‬وقد حدد اإلمام الشافعي شروط الراوي الذي يكون خبره‬
‫مدلسا‪ ،‬يحدث عمن لقي ما لم يسمع منه ‪ 43‬ومن أمثلة ذلك‬
‫ا‬ ‫حجة‪ ،‬وذكر منها‪ :‬أن يكون بريئا من أن يكون‬
‫ما ذكره عبد اهلل بن أحمد بن حنبل قال‪" :‬حدثني أبي قال حدثنا عبد اهلل بن نمير قال حدثنا الحارث بن‬
‫حصيرة قال سمعت أبا سليمان الجهني قال أبي يعني زيد بن وهب قال أبي لم يسمع منه بن نمير إال حدي اثا‬
‫واحدا يعني هذا الحديث‪ 44".‬وكذلك قال اإلمام أحمد عن سفيان الثوري في روايته عن عبد اهلل بن شداد‪،‬‬
‫ا‬
‫واحدا عن عبد اهلل بن شداد‪ 45".‬ومن أمثلة كذلك ما ذكره‬
‫ا‬ ‫قال‪" :‬لم يسمع الثوري من أبي عون إال حدي اثا‬
‫اإلمام أحمد بن حنبل عن سعيد بن أبي عروبة قال‪" :‬لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم بن عتيبة شيئا‬
‫وال من حماد وال من عمرو بن دينار وال من هشام بن عروة وال من إسماعيل بن أبي خالد وال من عبيد‬
‫اهلل بن عمر وال من أبي بشر وال من زيد بن أسلم وال من أبي الزناد‪ ،‬وقد حدث عن هؤالء كلهم ولم يسمع‬
‫منهم شيئا‪ 46".‬وقال اإلمام أحمد‪" :‬لم يسمع هشيم من عاصم بن كليب وال من الحسن بن عبيد اهلل شيئا‬
‫وقد حدث عنهما وقد حدث عن العمري الصغير ولم يسمع منه وحدث عن أبي خلدة ولم يسمع منه حدثنا‬

‫‪39‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.384 .‬‬
‫‪40‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.181 .‬‬
‫‪41‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.258 .‬‬
‫‪42‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.591 .‬‬
‫‪43‬‬
‫الخطيب البغدادي‪ ،‬الكفاية‪ ،‬ص‪.23 .‬‬
‫‪44‬‬
‫أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال‪.339 ،1 ،‬‬
‫‪45‬‬
‫المصدر السابق‪.387 ،1 ،‬‬
‫‪46‬‬
‫المصدر السابق‪.358 ،1 ،‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫عنه ثم سئل عنه فأنكره‪ 47".‬وقال عن بشر بن المفضل‪" :‬لم يسمع بشر بن المفضل من بن طاوس إال حدي اثا‬
‫واحدا اتقوا بيتا يقال له الحمام‪ 48".‬وقال علي بن المديني عن األعمش‪" :‬األعمش لم يسمع من أنس بن‬
‫مالك إنما رآه رؤية بمكة يصلي خلف المقام فأما طرق األعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشي‬
‫‪50‬‬
‫عن أنس‪.49".‬وقال أبو عبد اهلل الحاكم عن الشعبي‪" :‬لم يسمع من عبد اهلل بن مسعود انما رآه رؤية‪".‬‬
‫‪51‬‬
‫"رواه َر ْوح بن ُعبادة عن‬
‫وبمثله ما ذكره الدارقطني من علة في حديث‪" :‬أفطر عندكم الصائمون‪ "،‬قال‪َ :‬‬
‫وسلم‪ ...‬الخ‪ ،‬وال شك أن‬
‫َ َ‬
‫اهلل َعليه‬ ‫حيى ْبن أَبي َكثير َعن أَنس أَ َّن َّ‬
‫النبي َصلى َّ ُ‬ ‫هشام بن أَبي َعبد اهلل عن ي‬
‫َ َ َ‬
‫‪52‬‬
‫أنسا ولكنه لم يسمع منه هذا الحديث‪".‬‬ ‫َ‬
‫حيى بن أبي كثير رأى ا‬ ‫ي‬
‫َ َ‬
‫‪3‬ـ من يحدث عمن أدركه ولم يلقه‪ :‬ومن أمثلته ما سأله ابن الجنيد ليحيى بن معين‪ :‬إن يحيى بن سعيد‬
‫يزعم أن قتادة لم يسمع من سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي في البدن‪ ،‬فقال‪" :‬ومن شك في‬
‫هذا؛ أن قتادة لم يسمع منه ولم يلقه؟!"‪ 53‬وكذلك رواية الحسن البصري عن ابن عباس رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‬
‫علي بن المديني‪" :‬الحسن لم يسمع من ابن عباس وما رآه قط كان ابن عباس بالبصرة‪ 54".‬وقال أبو حاتم‬
‫عن رواية عبد اهلل بن عكيم عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال يعرف له سماع صحيح أدرك زمان‬
‫‪55‬‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪".‬‬
‫‪56‬‬
‫‪4‬ـ من اختلط‪ :‬يشترط في الراوي أن يكون حاف اظا إن حدث من حفظه حافظا لكتابه إن حدث من كتابه‬
‫واالختالط ينافي الحفظ واالتقان‪ .‬واالختالط في اصطالح أهل الحديث‪" :‬هو كون الراوي ثقة حافظ اا‪ ،‬ثم‬

‫‪47‬‬
‫المصدر السابق‪.32 ،2 ،‬‬
‫‪48‬‬
‫المصدر السابق‪.189 ،2 ،‬‬
‫‪49‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.294 .‬‬
‫‪50‬‬
‫الحاكم محمد بن عبد اهلل بن محمد النيسابوري‪ ،‬ابن البيع‪ ،‬سؤاالت مسعود بن علي السجزي (مع أسئلة البغداديين عن‬
‫أحوال الرواة لإلمام الحافظ أبي عبد اهلل محمد بن عبد اهلل الحاكم النيسابوري)‪ ،‬مح‪ .‬موفق بن عبد اهلل بن عبد القادر‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ 1988 ،‬م)‪ ،‬ص‪.149 .‬‬
‫‪51‬‬
‫رواه أحمد بن شعيب بن علي الخراساني‪ ،‬النسائي‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬كتاب األشربة المحظورة‪ ،‬باب الدعاء لمن أفطر عنده‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ 2001 ،‬م)‪ ،311 ،6 ،‬رقم (‪.)6874‬‬
‫وسليمان بن األشعث بن إسحاق‪ ،‬أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬المكتبة العصرية‪ ،‬دت)‪ ،367 ،3 ،‬رقم (‪.)3854‬‬
‫صائما‪( ،‬دار إحياء الكتب العربية‪:‬‬
‫ا‬ ‫ومحمد بن يزيد القزويني‪ ،‬ابن ماجه‪ ،‬سنن ابن ماجه‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب في ثواب من فطر‬
‫بيروت‪ ،‬دت)‪ ،556 ،1 ،‬رقم (‪.)1747‬‬
‫‪52‬‬
‫علي بن عمر بن أحمد‪ ،‬الدارقطني‪ ،‬العلل الواردة في األحاديث النبوية‪( ،‬الرياض‪ :‬دار طيبة‪ 1985 ،‬م)‪.45 ،1 ،‬‬
‫‪53‬‬
‫يحيى بن معين بن عون‪ ،‬سؤاالت ابن الجنيد ألبي زكريا يحيى بن معين‪ ،‬مح‪ .‬أحمد محمد نور سيف‪( ،‬المدينة المنورة‪:‬‬
‫مكتبة الدار‪ 1988 ،‬م)‪ ،‬ص‪.340 .‬‬
‫‪54‬‬
‫علي بن عبد اهلل بن جعفر السعدي‪ ،‬المديني‪ ،‬العلل‪ ،‬مح‪ .‬محمد مصطفى األعظمي‪ ،‬ط‪( ،2‬بيروت‪ :‬المكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪ ،)1980‬ص‪.49 .‬‬
‫‪55‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.371 .‬‬
‫‪56‬‬
‫البغدادي‪ ،‬الكفاية‪ ،‬ص‪.30 .‬‬
‫يطرأ سوء الحفظ عليه لسبب من األسباب‪ 57".‬فاالختالط هو تغير في الحفظ واختالل في الضبط يحدث‬
‫للراوي لعدة أسباب منها‪ :‬كبر سنه‪ ،‬أو ذهاب بصره‪ ،‬أو احتراق كتبه‪ ،‬أو موت بعض أهله‪ ،‬أو سرقة بيته‪،‬‬
‫وغيرها‪ .‬ومن أمثلة هؤالء‪ :‬صالح بن أبي األخضر‪ ،‬قال عنه ابن حبان‪" :‬اختلط عليه ما سمع بما لم يسمع‬
‫فحدث بالكل فال ينبغي أن يحدث عنه‪ 58".‬ومنهم‪ :‬قيس بن الربيع األسدي‪ ،‬قال الحافظ ابن حجر‪" :‬قال‬
‫ابن حبان تتبعت حديثه فرأيته صادقا إال أنه لما كبر ساء حفظه فيدخل عليه ابنه فيحدث منه ثقة به فوقعت‬
‫‪59‬‬
‫المناكير في روايته فاستحق المجانبة‪".‬‬

‫إثبات المحدثين السماع لبعض الرواة عمن فوقهم رغم عدم التصريح بالسماع‪:‬‬
‫أثبت علماء الجرح والتعديل من المحدثين سماع بعض الرواة عمن فوقهم بالرغم من استخدامهم للصيغ‬
‫المحتملة للسماع وعدمه في حالت معينة وهي‪:‬‬
‫مثال‪ -‬تصدر من راو عرف عنه أنه ال يدلس وقد التقى بمن روى‬
‫‪1‬ـ أن تكون تلك الصيغ ‪-‬عن‪ ،‬أن ا‬
‫عنه‪ ،‬أو عاصره‪ .‬قال ابن رجب‪" :‬قول الشافعي ـ رحمه اهلل‪ :‬وأقبل الحديث حدثني فالن عن فالن‪ ،‬إذا لم‬
‫يكن مدلساا مراده أن تقبل العنعنة عمن عرف منه أنه ليس بمدلس‪ ،‬فإن الربيع نقل عنه أيضاا‪ ،‬قال في كالم‬
‫له‪ :‬لم يعرف التدليس ببلدنا‪ ،‬فيمن مضى‪ ،‬وال ممن أدركنا من أصحابنا‪ ،‬إال حديث اا‪ ،‬فإن منهم من قبله عمن‬
‫لو تركه عليه كان خير اا له‪ .‬وكان قول الرجل‪ :‬سمعت فالن اا يقول‪ :‬سمعت فالن اا وقوله‪ :‬حدثني فالن عن‬
‫فالن سواء عندهم‪ ،‬ال يحدث واحد منهم عمن لقي إال ما سمع منه‪ ،‬فمن عرفناه بهذا الطريق قبلنا منه‪:‬‬
‫حدثني فالن عن فالن‪ ،‬إذا لم يكن مدلسا‪ 60".‬وقال ابن الصالح‪" :‬هذا بشرط أن يكون الذين أضيفت العنعنة‬
‫بعضا‪ ،‬مع براءتهم من وصمة التدليس‪ ،‬فحينئذ يحمل على ظاهر االتصال‪،‬‬
‫إليهم قد ثبتت مالقاة بعضهم ا‬
‫إال أن يظهر فيه خالف ذلك"‪ 61‬وقال الحافظ ابن حجر‪" :‬وعنعنة المعاصر محمولة على السماع‪ ،‬بخالف‬
‫غير المعاصر فإنها تكون مرسلة أو منقطعة‪ ،‬فشرط حملها على السماع ثبوت المعاصرة‪ ،‬إال من المدلس‬
‫فإنها ليست محمولة على السماع‪ 62".‬وهذا على الخالف الذي ذكرته سابقا بين اإلمام البخاري وشيخه ابن‬
‫المديني اللذان يشترطان اللقاء مع المعاصرة‪ ،‬وبين اإلمام مسلم الذي اكتفى بالمعاصرة‪.‬‬
‫‪2‬ـ إذا عرف عن الراوي أنه ال يروي بالعنعنة إال فيما سمعه ممن فوقه‪ :‬وهذا ما ذكره السيوطي بقوله‪:‬‬
‫"إن عرف من حاله أنه ال يقول‪ :‬قال إال فيما سمعه منه‪ ،‬كحجاج بن محمد األعور روى كتب ابن جريج‬

‫‪57‬‬
‫وصى اهلل بن محمد عباس‪ ،‬علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬مجمع الملك فهد لطباعة‬
‫المصحف الشريف)‪ ،‬ص‪.30 .‬‬
‫‪58‬‬
‫جال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد‪ ،‬ابن الجوزي‪ ،‬العلل المتناهية في األحاديث الواهية‪ ،‬مح‪ .‬إرشاد الحق‬
‫األثري‪( ،‬باكستان‪ :‬إدارة العلوم األثرية‪ 1981 ،‬م)‪.202 ،1 ،‬‬
‫‪59‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬تهذيب التهذيب‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.394 .‬‬
‫‪60‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪.586 ،2 ،‬‬
‫‪61‬‬
‫ابن الصالح‪ ،‬معرفة أنواع علوم الحديث‪ ،‬ص‪.61 .‬‬
‫‪62‬‬
‫ابن حجر‪ ،‬نزهة النظر‪ ،‬ص‪.159 .‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫عنه بلفظ‪ :‬قال ابن جريج‪ ،‬فحملها الناس عنه واحتجوا بها‪ ،‬وخص الخطيب حمله على السماع به أي من‬
‫عرف منه ذلك بخالف من ال يعرف منه ذلك فال يحمله على السماع‪ 63".‬وهذا ما أشار إليه ابن الصالح‬
‫في كون العرف في زمن الرواية إذا كان بالعنعنة فإنه يدل على االتصال‪ .‬قال رحمه اهلل‪" :‬كثر في عصرنا وما‬
‫قاربه بين المنتسبين إلى الحديث استعمال (عن) في اإلجازة فإذا قال أحدهم‪ :‬قرأت على فالن عن فالن أو‬
‫نحو ذلك فظن أنه رواه باإلجازة‪ ،‬قال‪ :‬وال يخرجه ذلك من قبيل االتصال على ما ال يخفى‪ 64".‬ومن ذلك‪:‬‬
‫رواية هشام بن عروة عن أبيه‪ ،‬وهشام بن عروة مشهور السماع من أبيه‪ ،‬بل هو أشهر من روى عن أبيه‪،‬‬
‫فذكر مسلم حدي اثا من رواية هشام بن عروة عن أبيه‪ ،‬دلسه هشام‪ ،‬إذ لم يكن قد سمعه من أبيه‪ ،‬وإنما سمعه‬
‫من رجل عن أبيه‪ ،‬إال أن العلماء لم يترددوا في قبول رواية هشام عن أبيه بالعنعنة‪ ،‬ألن الحكم للغالب‪،‬‬
‫والغالب من عنعنات هشام أنها وقعت منه مع السماع واالتصال‪ 65.‬وذكر اإلمام الصنعاني بعض رجال‬
‫الصحيحين الذين وصفوا بالتدليس ثم قال‪" :‬فهؤالء الرفعاء من المدلسين في الصحيحين ممن لم يوصف‬
‫نادرا وغالب رواياتهم على السماع‪ 66".‬يتضح مما سبق من أقوال العلماء أن من اشتهر بالعنعنة‬
‫بالتدليس إال ا‬
‫في الرواية تقبل روايته إن كان معرو افا سماعه عمن فوقه‪ ،‬أو كان نادر التدليس‪ ،‬وهذا ما يعرفه أئمة النقد‬
‫من المحدثين رحمهم اهلل‪.‬‬
‫‪3‬ـ إذا عرف بالتدليس عن الثقات فقط‪ :‬قال الزركشي‪" :‬من كانت عادته ال يدلس إال عن ثقة فحديثه‬
‫مقبول‪ 67".‬وقال الحافظ أبو بكر البزار‪ :‬من كان يدلس عن الثقات كان تدليسه مقبوال عند أهل العلم وإن‬
‫مدلسا‪ 68".‬وقال الحافظ ابن حجر‪" :‬من عرف لقيه وكان يدلس لكن ال يدلس إال عن ثقة قبل وإال‬ ‫ا‬ ‫كان‬
‫‪69‬‬
‫فال‪ ".‬وقال الصنعاني‪" :‬أكثر األئمة من إخراج حديثه إما ألمانته أو لكونه قليل التدليس في جنب ما روى‬
‫من الحديث الكثير أو أنه كان ال يدلس إال عن ثقة‪ 70".‬وقد علم أئمة الجرح والتعديل أحوال هؤالء الذين‬
‫متصال‪ ،‬وكان من أبرزهم سفيان‬
‫ا‬ ‫اشتهروا بالتدليس عن الثقات فقبلوا أخبارهم ومروياتهم‪ ،‬واعتبروا إسنادهم‬
‫بن عيينة‪ ،‬وإبراهيم النخعي‪ ،‬وإسماعيل األحمسي‪ ،‬والحسن البصري‪ ،‬والزهري‪ ،‬وسليمان األعمش‪،‬‬

‫‪63‬‬
‫السيوطي‪ ،‬تدريب الراوي‪.423 ،1 ،‬‬
‫‪64‬‬
‫محمد بن إسماعيل بن صالح‪ ،‬الصنعاني‪ ،‬توضيح األفكار لمعاني تنقيح األنظار‪ ،‬مح‪ .‬صالح بن محمد بن عويضة‪( ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ 1997 ،‬م)‪.307 ،1 ،‬‬
‫‪65‬‬
‫ينظر‪ :‬حاتم بن عارف بن ناصر الشريف‪ ،‬العوني‪ ،‬إجماع المحدثين على عدم اشتراط العلم بالسماع في الحديث المعنعن بين‬
‫المتعاصرين‪( ،‬الرياض‪ :‬دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع‪ 1421 ،‬هـ)‪.154 ،1 ،‬‬
‫‪66‬‬
‫الصنعاني‪ ،‬توضيح األفكار‪.328 ،1 ،‬‬
‫‪67‬‬
‫بدر الدين محمد بن عبد اهلل بن بهادر‪ ،‬الزركشي‪ ،‬النكت على مقدمة ابن الصالح‪ ،‬مح‪ .‬زين العابدين بن محمد‪( ،‬الرياض‪:‬‬
‫أضواء السلف‪ 1998 ،‬م)‪.72 ،2 ،‬‬
‫‪68‬‬
‫إبراهيم بن موسى بن أيوب‪ ،‬األبناسي‪ ،‬الشذا الفياح من علوم ابن الصالح‪ ،‬مح‪ .‬صالح فتحي هلل‪( ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫‪ 1998‬م)‪.176 ،1 ،‬‬
‫‪69‬‬
‫أحمد بن علي بن محمد‪ ،‬ابن حجر العسقالني‪ ،‬النكت على كتاب ابن الصالح‪ ،‬مح‪ .‬ربيع بن هادي عمير المدخلي‪( ،‬المدينة‬
‫المنورة‪ :‬الجامعة اإلسالمية‪ 1984 ،‬م)‪.584 ،2 ،‬‬
‫‪70‬‬
‫الصنعاني‪ ،‬توضيح األفكار‪.328 ،1 ،‬‬
‫وغيرهم وقد روى عنهم أصحاب الكتب الستة‪ .‬لذا قال اإلمام ابن عبد البر‪" :‬االعتبار ليس بالحروف وإنما‬
‫صحيحا‪ ،‬كان حديث بعضهم‬
‫ا‬ ‫هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة‪ ،‬فإذا كان سماع بعضهم من بعض‬
‫محموال على االتصال حتى تتبين فيه علة االنقطاع‪ 71".‬وهنا أود اإلشارة إلى‬
‫ا‬ ‫أبدا بأي لفظ ورد‬
‫عن بعض ا‬
‫‪72‬‬
‫أن المدلس إذا صرح بالتحديث انتفت عنه شبهة التدليس وقبلت روايته عند كثير من المحدثين‪.‬‬

‫طرق الباحثين إلى معرفة سماع الراوي ممن روى عنه‪.‬‬


‫أمام كل باحث عن اتصال السند من عدمه ثالثة طرق وهي على النحو اآلتي‪:‬‬

‫الرجوع لكتب الجرح والتعديل لترجمة الراويين والتحقق من رواية أحدهما عن اآلخر‪:‬‬
‫يعد الرجوع لكتب الرجال ومعرفة تالمذة وشيوخ الراوي من أهم الطرق لمعرفة شيوخ الراوي‪ ،‬أو‬
‫جدا في حصر شيوخ‬
‫عظيما ا‬
‫ا‬ ‫جهدا‬
‫ا‬ ‫معرفة تالمذة الشيخ‪ ،‬وبذلك يتحقق السماع بينهما‪ ،‬وقد بذل أئمة النقد‬
‫كل راو وتالمذته‪ ،‬وكان الهدف من ذلك بالدرجة األولى التحقق من اتصال السند‪ ،‬إضافة لما يقرره هؤالء‬
‫العلماء من اثبات سماع فالن من فالن‪ ،‬أو نفي السماع‪ ،‬وكذلك التعرف على مواليد الرواة ووفياتهم للتحقق‬
‫من المعاصرة وإمكان اللقاء‪ ،‬والتعرف على الصحابة والتابعين لتمييز المرسل من الموصول والموقوف من‬
‫المقطوع‪ ،‬وقد ظهرت لنا كتب عظيمة في هذا المجال‪ ،‬تفنن أصحابها في تنويعها وتقسيمها‪ ،‬فمن كتب‬
‫خاصة بمعرفة الصحابة‪ ،‬إلى كتب صنفت على الطبقات‪ ،‬وأخرى على البلدان‪ ،‬ومن كتب خاصة برجال‬
‫كتب معينة‪ ،‬إلى كتب عامة‪ ،‬ولعل من أبرز هذه الكتب والتي صنفت في رجال كتب مخصوصة وهي الكتب‬
‫الستة ‪-‬البخاري‪ ،‬ومسلم‪،‬وأبو داود‪ ،‬والنسائي‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وابن ماجه‪-‬هو كتاب (الكمال في معرفة الرجال)‬
‫اشتهارا وقد لقي عناية بالغة من العلماء‪،‬‬
‫ا‬ ‫لإلمام عبد الغني المقدسي‪( ،‬ت ‪ 600‬هـ)‪ ،‬وهو من أشهر الكتب‬
‫فقد قام الحافظ أبو الحجاج يوسف بن زكي المزي(‪ 742‬هـ) بتهذيبه في كتاب أسماه (تهذيب الكمال)‪ ،‬ثم‬
‫وذيله وسماه (إكمال تهذيب‬
‫جاء الحافظ عالء الدين مغلطاي (ت‪ 762‬هـ) أكمل كتاب تهذيب الكمال َّ‬
‫الكمال)‪ ،‬ثم جاء الحافظ أبو عبد اهلل الذهبي (ت‪ 748‬هـ) فصنف على كتاب شيخه المزي كتابين‪( ،‬تذهيب‬
‫التهذيب) و(الكاشف)‪،‬ومن بعده جاء الحافظ ابن حجر فعمل على تهذيب واختصار كتاب تهذيب الكمال‬
‫في كتاب سماه‪( :‬تهذيب التهذيب)‪ ،‬ثم اختصره في كتاب سماه(تقريب التهذيب)‪ ،‬ثم جاء الحافظ صفي‬
‫الدين الخزرجي فاختصر كتاب (تذهيب التهذيب) للذهبي في كتاب (خالصة تذهيب تهذيب الكمال)‪.‬‬
‫ولقد أصبح كتاب اإلمام المزي من أشهر الكتب التي يلجأ إليها الباحثون عن اتصال السند من عدمه‪،‬‬
‫والذي هذب به كتاب (الكمال) لعبد الغني المقدسي‪ ،‬بل إن بعض األئمة من أحال إليه‪ ،‬فقد ذكر اإلمام‬
‫البيهقي قول اإلمام البخاري‪" :‬وال أعرف ألبي خالد الداالني سماعا من قتادة‪ 73".‬وتعقبه ابن التركماني (ت‬

‫‪71‬‬
‫ابن عبد البر‪ ،‬التمهيد‪.26 ،1 ،‬‬
‫‪72‬‬
‫ينظر‪ :‬علي بن سلطان محمد‪ ،‬القاري‪ ،‬شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل األثر‪( ،‬بيروت‪ :‬دار األرقم‪ ،‬دت)‪ ،‬ص‪.674 .‬‬
‫‪73‬‬
‫محمد بن عيسى بن َس ْورة‪ ،‬الترمذي‪ ،‬علل الترمذي الكبير‪( ،‬بيروت‪ :‬عالم الكتب‪ 1409 ،‬هـ)‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫‪ 750‬هـ) بقوله‪" :‬ذكر صاحب الكمال أنه سمع عن قتادة‪ 74".‬فهنا استند اإلمام ابن التركماني على قول اإلمام‬
‫عبد الغني المقدسي في كتاب الكمال كما يظهر‪ .‬وكذلك في قول اإلمام الشافعي عن قيس بن طلق‪ :‬لم‬
‫‪75‬‬
‫نجد من يعرفه‪ ،‬تعقبه ابن التركماني بقوله‪" :‬هو معروف روى عنه تسعة أنفس ذكرهم صاحب الكمال‪".‬‬
‫وقال في موضع آخر‪":‬وذكر صاحب الكمال أن سليمان بن يسار سمع من أم سلمة‪ 76".‬وقال ابن الملقن‬
‫(ت ‪ 804‬هـ)‪" :‬وقد جزم صاحب الكمال بأن سليمان سمع منها‪ ،‬وتبعه المزي والذهبي‪ 77".‬وهذا مما يدل‬
‫على اعتماد األئمة ومن جاء بعدهم على هذا الكتاب لمعرفة االتصال واالنقطاع‪ .‬إال أنه مما ينبغي التنبيه‬
‫عليه أن اإلمامين عبد الغني المقدسي والمزي لم يستوعبا جميع شيوخ الراوي أو تالمذته‪ ،‬فال ينبغي التسرع‬
‫جدا استيعاب جميع الشيوخ أو‬
‫بالحكم باالنقطاع لمجرد أنهما لم يذكرا شيخا أو تلميذا‪ ،‬فمن الصعب ا‬
‫جدا وهو‪ :‬هل الرواية عن شخص ما تعني السماع‬
‫أيضا أمر مهم ا‬‫جميع التالميذ كما هو معلوم‪ .‬وهنا ا‬
‫واالتصال؟‬
‫من المعلوم أن اإلمام المزي رحمه اهلل كان يستعمل عبارة "روى عن"‪ ،‬وعبارة "روى عنه"‪ ،‬وقد أورد‬
‫علماء الجرح وتعديل عبارات عديدة في النقد بمثل‪" :‬لم يسمع منه"‪ ،‬أو "سمع منه حدي اثا واحدا" من أن‬
‫ظاهر السند االتصال‪ ،‬فهل يمكن االعتماد على قول المزي‪" :‬روى عنه" الثبات اتصال السند؟ في الحقيقة‬
‫أن هناك مواضع في كتابه قد يستدل بها على أنه يحكم باالتصال بين الراويين ‪ ،78‬ومن أمثلته ما تعقب به‬
‫الكتاب األصل وهو (الكمال)‪ ،‬فقد ذكر المقدسي في ترجمة عبداهلل بن نافع الصائغ أنه روى عن هشام بن‬
‫عروة‪ ،‬فتعقبه المزي قائالا‪" :‬وذكر صاحب (الكمال) في شيوخه‪ :‬هشام بن عروة‪ ،‬ولم يدركه إنما يروي عن‬
‫أسمة عنه‪ 79".‬إال أنه لم يوجد تصريح من قبل اإلمام المزي بعبارة تدل على أنه يقصد بعبارة‪" :‬روى عن"‪،‬‬
‫أو "روى عنه" السماع‪ .‬وقد جرت عادة األئمة أن يعبروا بالرواية عن الشخص‪ ،‬وال يريدون بذلك إثبات‬
‫السماع واالتصال‪ .80‬فكثرت عبارات النقاد بمثل‪" :‬لم يدرك فالن"‪ ،‬أو "لم يسمع من فالن"‪ .‬ومن النماذج‬
‫على ذلك ما ذكره الترمذي في رواية أبي عبيد القاسم بن سالم عن ابن جريج‪ ،‬قال الترمذي‪" :‬أبو عبيد لم‬
‫يدرك ابن جريج‪ 81".‬ومنه‪ :‬ما رواه ابن خيثمة في تاريخه‪" :‬حدثنا يحيى بن معين‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا غندر‪ ،‬عن‬

‫‪74‬‬
‫عالء الدين علي بن عثمان‪ ،‬ابن التركماني‪ ،‬الجوهر النقي على سنن البيهقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬دت)‪.121 ،1 ،‬‬
‫‪75‬‬
‫المصدر السابق‪.134 ،1 ،‬‬
‫‪76‬‬
‫المصدر السابق‪.333 ،1 ،‬‬
‫‪77‬‬
‫عمر بن علي بن أحمد‪ ،‬ابن الملقن‪ ،‬البدر المنير في تخريج األحاديث واألثار الواقعة في الشرح الكبير‪( ،‬الرياض‪ :‬دار الهجرة‬
‫للنشر والتوزيع‪ 2004 ،‬م)‪.124 ،3 ،‬‬
‫‪78‬‬
‫إبراهيم بن عبد اهلل‪ ،‬الالحم‪ ،‬االتصال واالنقطاع‪( ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد‪ 2005 ،‬م)‪ ،‬ص‪.53 .‬‬
‫‪79‬‬
‫يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف‪ ،‬المزي‪ ،‬تهذيب الكمال في أسماء الرجال‪ ،‬مح‪ .‬د‪ .‬بشار عواد معروف‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ 1980 ،‬م)‪.209 ،16 ،‬‬
‫‪80‬‬
‫الالحم‪ ،‬االتصال واالنقطاع‪ ،‬ص‪.54 .‬‬
‫‪81‬‬
‫يوسف بن محمد الدخيل‪ ،‬النجدي‪ ،‬سؤاالت الترمذي للبخاري حول أحاديث في جامع الترمذي‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬عمادة‬
‫البحث العلمي بالجامعة اإلسالمية‪ 2003 ،‬م)‪.846 ،2 ،‬‬
‫سعيد بن أبي عروبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،...‬قال ابن خيثمة‪" :‬سمعت يحيى بن معين يقول‪ :‬قتادة لم يدرك سنان بن‬
‫شيئا‪ 82".‬ومنه‪ :‬قال ابن قانع‪" :‬حدثنا عبد اهلل بن بشر الطيالسي‪ ،‬نا محفوظ بن أبي توبة‪،‬‬
‫سلمة وال سمع منه ا‬
‫نا عبد اهلل بن نافع‪ ،‬عن محمد بن صالح التمار‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن سعيد بن المسيب‪ ،‬عن عتاب بن أسيد‪،...‬‬
‫لم يدرك سعيد بن المسيب عتاب بن أسيد‪ 83".‬وقال ابن المديني‪" :‬لم يسمع أبو قالبة من هشام بن عامر‬
‫أيضا‪" :‬سعيد بن المسيب روى عنه القاسم ولم يثبت أنه سمع منه شيئا‪ 85":‬وقال أبو‬ ‫‪84‬‬
‫وروى عنه‪ ".‬وقال ا‬
‫حاتم الرازي‪" :‬لم يسمع أبو إسحق من ابن عمر إنما رآه رؤية‪ 86".‬وعن عبد الملك بن ميسرة قال‪" :‬قلت‬
‫للضحاك‪ :‬أسمعت من ابن عباس؟ قال‪ :‬ال‪ .‬قلت‪ :‬فهذا الذي ترويه عمن أخذته؟ قال‪ :‬عنك‪ ،‬وعن ذا‪ ،‬وعن‬
‫ذا‪ 87".‬وغيرها من نماذج كثيرة تدل على أن الرواية ال تدل على السماع‪ ،‬بل إن اإلمام المزي نفسه‪ ،‬يذكر‬
‫"مرسال‪ 89".‬إضافة لذلك فالمزي رحمه اهلل يذكر‬
‫ا‬ ‫أحيا انا عبارات تدل على عدم السماع كـ "لم يدركه‪ 88"،‬أو‬
‫في نهاية كل ترجمة أقوال أئمة الجرح والتعديل في الراوي‪ ،‬ومن ذلك إثبات السماع أو نفيه عمن روى‬
‫عنه‪ ،‬لذا فإن االعتماد على عبارة "روى" عن"‪ ،‬أو "روى عنه" لتكون حكماا في االتصال اعتماد في قصور‬
‫فهو ال يعدو أن يكون قرينة‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫كالم علماء الجرح والتعديل في الرواة‪ ،‬من حيث إثبات السماع من عدمه‪:‬‬
‫يعمد كثير من أئمة النقد في كتب الجرح والتعديل إلى إثبات سماع الراوي عمن فوقه‪ ،‬أو سماع التلميذ‬
‫عن شيخه‪ ،‬أو نفي السماع أصالة‪ ،‬أو إثبات سماع ألحاديث مخصوصة فقط‪ ،‬لذا فاألمر يتطلب الرجوع‬
‫لكتب الجرح والتعديل لمن يريد التحقق من السماع والبحث عن أقوال العلماء في سماع فالن عن فالن‪.‬‬
‫ومن أهم الكتب المساعدة على ذلك والتي تكلم فيها أصحابها عن السماع وعدمه‪ ،‬الكتب التي اهتمت‬
‫بالمراسيل ككتاب (المراسيل) البن أبي حاتم الرازي (ت ‪ 327‬هـ)‪ ،‬وكتاب (جامع التحصيل في أحكام‬
‫المراسيل) لصالح الدين العالئي‪( ،‬ت ‪ 761‬هـ)‪ ،‬وكتاب (تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل) ألبي زرعة‬
‫العراقي (‪ 826‬هـ)‪ .‬وكذلك كتب السؤاالت‪ ،‬ككتاب (سؤاالت أبي داود لإلمام أحمد بن حنبل في جرح‬
‫الرواة وتعديلهم)‪ ،‬وكتاب (سؤاالت الحاكم النيسابوري للدارقطني)‪ ،‬وكتاب (سؤاالت محمد بن عثمان بن‬

‫‪82‬‬
‫أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة‪ ،‬أبو خيثمة‪ ،‬التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة‪( ،‬القاهرة‪ :‬الفاروق الحديثة للطباعة‬
‫والنشر‪ 2006 ،‬م)‪.42 ،1 ،‬‬
‫‪83‬‬
‫عبد الباقي بن قانع بن مرزوق‪ ،‬ابن قانع‪ ،‬معجم الصحابة‪ ،‬مح‪ .‬صالح بن سالم المصراتي‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬مكتبة الغرباء‬
‫األثرية‪ 1418 ،‬هـ)‪.270 ،2 ،‬‬
‫‪84‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.109 .‬‬
‫‪85‬‬
‫ابن المديني‪ ،‬العلل‪ ،‬ص‪.49 .‬‬
‫‪86‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.146 .‬‬
‫‪87‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.340 .‬‬
‫‪88‬‬
‫مثال‪ :‬المزي‪ ،‬تهذيب الكمال‪.221 ،12 ،‬‬
‫ينظر ا‬
‫‪89‬‬
‫المصدر السابق‪.9 ،2 ،‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫أبي شيبة لعلي بن المديني)‪ ،‬وكتاب (سؤاالت البرقاني للدارقطني)‪ ،‬وغيرها‪ .‬وكذلك كتب العلل‪ ،‬ككتاب‬
‫(العلل ومعرفة الرجال) لإلمام أحمد (ت ‪ 241‬هـ)‪ ،‬وكتاب (العلل) لعلي بن المديني (ت ‪ 234‬هـ)‪ ،‬وكتاب‬
‫(لعلل الواردة في األحاديث النبوية‪ ).‬للدارقطني (ت ‪ 385‬هـ)‪ ،‬وكتاب (العلل الكبير)‪ ،‬و(العلل الصغير)‬
‫للترمذي (ت‪ 279‬هـ)‪ ،‬وغيرها إضافة لكتب الرجال األخرى وبما فيها (تهذيب الكمال)‪ ،‬للمزي‪ ،‬و(تهذيب‬
‫التهذيب) البن حجر‪ ،‬و(إكمال تهذيب الكمال) لمغلطاي‪.‬‬
‫ومن أمثلة ما ذكره أصحاب هذه الكتب ما يأتي‪ :‬قال ابن المديني في الحسن عن عائذ بن عمرو‪" :‬ليس‬
‫بشيء وحرك رأسه ما أراه سمع منه شيئا‪ 90".‬وسأل أبو داود اإلمام أحمد عن معاوية بن صالح فقال‪ :‬لم‬
‫يسمع ابن عياش سمع منه أبو فضالة وأبو فضالة قديم‪ 91".‬وقال ابن أبي حاتم‪" :‬سمعت أبي يقول أبو إسحق‬
‫َّ‬
‫الهمداني قد رأى حجر بن عدي وال أعلم سمع منه‪ 92".‬وكذا سأل ابن أبي حاتم أبيه‪" :‬يحيى بن أبي كثير‬
‫عن عبد الرحمن األعرج سمع منه؟ قال‪ :‬ال لم يسمع منه‪ 93".‬قال عبد اهلل بن أحمد بن حنبل‪" :‬سألت أبي‬
‫عن مطر الوراق سمع من رجاء بن حيوة فقال قد سمع منه أرى قال أبي قال بعض الناس قتادة لم يسمع‬
‫من رجاء بن حيوة إنما هو عن مطر وأنكره أبي جدا وقال ال قد حدث عنه قتادة‪ 94".‬وكذلك سأل عبد اهلل‬
‫بن أحمد أباه عن بن أبي ذئب سمع من الزهري؟ قال‪" :‬نعم سمع منه‪ ،‬قلت‪ :‬إنهم يقولون لم يسمع من‬
‫الزهري‪ ،‬قال‪ :‬قد سمع من الزهري‪ ،‬حدثناه يحيى بن سعيد عن بن أبي ذئب قال‪ :‬حدثني الزهري‪ ،‬فذكر‬
‫أيضا‪ :‬سألت الزهري‪ 95".‬وقال العالئي‪" :‬وقد اختلف في سماع عبد‬
‫غير حديث فيها حدثني الزهري‪ ،‬وفيها ا‬
‫الرحمن بن عبد اهلل بن مسعود من أبيه‪ ،‬فالصحيح أنه سمع منه دون أخيه أبي عبيدة‪ ،‬قاله اإلمام البخاري‬
‫وغيره‪ 96".‬وقد يستفاد من الرجوع لهذه الكتب لمعرفة إمكانية إدراك الراوي لمن فوقه من عدمها وبناء عليه‬
‫يستطيع التحقق من إمكانية السماع‪ ،‬أو عدمها‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬روى اإلمام أبو داود في المراسيل قال‪ :‬حدثنا موسى بن إسماعيل‪ ،‬حدثنا حماد هو ابن‬
‫سلمة عن برد أبي العالء‪ ،‬عن سليمان بن موسى‪ ،‬عن رجل‪ ،‬من بني عدي بن كعب‪ ،...‬ثم قال‪" :‬سليمان‬
‫لم يدرك العدوي هذا‪ 97".‬وفي موضع آخر قال‪ :‬حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم‪ ،‬حدثنا حجاج‪ ،‬عن‬
‫ابن جريج‪ ،‬عن عطاء الخراساني‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،...‬ثم قال‪" :‬عطاء الخراساني لم يدرك ابن عباس ولم‬

‫‪90‬‬
‫ابن المديني‪ ،‬العلل‪ ،‬ص‪.66 .‬‬
‫‪91‬‬
‫أحمد بن محمد بن حنبل‪ ،‬الشيباني‪ ،‬سؤاالت أبي داود لإلمام أحمد بن حنبل في جرح الرواة وتعديلهم‪ ،‬مح‪ .‬زياد محمد‬
‫منصور‪( ،‬المدينة المنورة‪ :‬مكتبة العلوم والحكم‪ 1414 ،‬هـ)‪ ،‬ص‪.195-194 .‬‬
‫‪92‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.146 .‬‬
‫‪93‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.895 .‬‬
‫‪94‬‬
‫أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل ومعرفة الرجال‪.362 ،1 ،‬‬
‫‪95‬‬
‫المصدر السابق‪.538 ،1 ،‬‬
‫‪96‬‬
‫العالئي‪ ،‬جامع التحصيل‪ ،‬ص‪.53 .‬‬
‫‪97‬‬
‫أبو داود‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.47 .‬‬
‫يره‪ 98".‬وقال الترمذي‪ :‬سألت محمدا‪ -‬يعني البخاري‪ -‬عن حديث القاسم بن الفضل‪ ،‬عن محمد بن علي‪،‬‬
‫عن أم سلمة‪ ...،‬فقال‪" :‬لم يدرك محمد بن علي أم سلمة‪ 99".‬وقال علي بن المديني‪" :‬عمر بن الحكم لم‬
‫يسمع من أسامة ولم يدركه وروى عن مولى أسامة عن أسامة‪ 100".‬مع أن اإلمام المزي رحمه اهلل قال في‬
‫ترجمة عمر بن الحكم‪ :‬روى عن أسامة بن زيد‪ 101.‬وقال ابن المديني عن أبي عثمان النهدي‪" :‬وقد أدرك‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ 102".‬وقال أبو حاتم عن عبد اهلل بن يزيد األنصاري‪" :‬وكان قد أدرك النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ 103".‬لذا فمن الضروري جدا الرجوع ألئمة الجرح والتعديل للتحقق من أمر سماع الراوي‬
‫أو إدراكه لمن يروي عنه‪ ،‬ثم يبنى الحكم على السند باالتصال من عدمه بعد ذلك‪ ،‬خاصة إذا كان هناك‬
‫اتفاق على راو ما في أنه سمع أو لم يسمع من فالن‪ .‬فمثال قال أبو حاتم‪" :‬الزهري لم يسمع من أبان بن‬
‫شيئا‪ ،‬ال ألنه لم يدركه‪ ،‬قد أدركه وأدرك من هو أكبر منه‪ ،‬ولكن ال يثبت له السماع منه‪ ،‬كما أن‬
‫عثمان ا‬
‫حبيب بن أبي ثابت ال يثبت له السماع من عروة بن الزبير‪ ،‬وهو قد سمع ممن هو أكبر منه‪ ،‬غير أن أهل‬
‫‪104‬‬
‫الحديث قد اتفقوا على ذلك واتفاق أهل الحديث على شيء يكون حجة‪".‬‬
‫"وإذا وقف الباحث على كالم اإلمام أو أكثر من أئمة النقد فعليه أن يتحقق جيداا من صحة نسبة القول‬
‫إلى صاحبه‪ ،‬إذ قد يقع في النقل اضطراب‪ ،‬لسبب من األسباب يلزم معه البحث والتحري في نسبة القول‬
‫‪105‬‬
‫وذلك بمثل قول ابن أبي حاتم عن أبيه في (المراسيل)‪" :‬عكرمة لم يسمع من‬ ‫إلى من روى عنه"‬
‫‪107‬‬
‫وبالتالي يجب التحقق‬ ‫عائشة‪ 106"،‬وقوله في (الجرح والتعديل)‪" :‬قيل ألبي سمع من عائشة؟ فقال نعم‪".‬‬
‫من النقل‪ ،‬وعدم وجود تحريف في النص‪ ،‬والرجوع لمصادر أخرى معززة ألحد القولين‪ ،‬فقد يكون لإلمام‬
‫قول آخر‪ ،‬أو خالفه آخرون فيأخذ برأي األغلبية‪ .‬وفي أمر سماع عكرمة من عائشة رضي اهلل عنهما‪:‬‬
‫فاألرجح واهلل أعلم أن رأي أبي حاتم أنه لم يسمع منها‪ ،‬ألنه أثبت عدم السماع في كتاب (المراسيل) وهو‬
‫مخصص للسماعات عندي أن أبا حاتم يذهب لعدم السماع؛ ألن النقل عنه في ذلك كان في كتاب‬
‫«المراسيل» المخصص لهذه المسائل في السماعات‪ ،‬وهي محررة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وقد رجح بعض أهل العلم سماع عكرمة من عائشة ألن اإلمام البخاري أخرج ثالثة أحاديث في‬

‫‪98‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.349 .‬‬
‫‪99‬‬
‫الترمذي‪ ،‬علل الترمذي الكبير‪ ،‬ص‪.220 .‬‬
‫‪100‬‬
‫أحمد بن عبد الرحيم العراقي‪ ،‬أبو زرعة‪ ،‬تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل‪ ،‬مح‪ .‬عبد اهلل نوارة‪( ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫دت)‪ ،‬ص‪.239 .‬‬
‫‪101‬‬
‫المزي‪ ،‬تهذيب الكمال‪.307 ،21 ،‬‬
‫‪102‬‬
‫ابن المديني‪ ،‬العلل‪ ،‬ص‪.87 .‬‬
‫‪103‬‬
‫عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي‪ ،‬ابن أبي حاتم‪ ،‬العلل‪( ،‬الرياض‪ :‬مطابع الحميضي‪ 2006 ،‬م)‪.111 ،2 ،‬‬
‫‪104‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.703 .‬‬
‫‪105‬‬
‫الالحم‪ ،‬االتصال واالنقطاع‪ ،‬ص‪.67 .‬‬
‫‪106‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.581 .‬‬
‫‪107‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬الجرح والتعديل‪.7 ،7 ،‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫صحيحه عن عكرمة عن عائشة رضي اهلل عنها‪ .‬قال أبو زرعة العراقي عن قول ابن أبي حاتم‪" :‬حكى في‬
‫المراسيل عن أبيه أن عكرمة لم يسمع من عائشة‪ ،‬وقال في كتاب الجرح والتعديل‪ :‬قيل ألبي سمع عكرمة‬
‫‪108‬‬
‫من عائشة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فهذا تناقض ورجح سماعه منها أن روايته عنها في صحيح البخاري‪".‬‬

‫القرائن التي تثبت سماع الراوي أو تنفيه‪:‬‬


‫جهودا عظيمة للتحقق من سماع الرواة عمن فوقهم‪ ،‬واستدلوا بقرائن عدة‬
‫ا‬ ‫بذل أئمة الجرح والتعديل‬
‫تثبت السماع أو تنفيه‪ ،‬ومن أهم هذه القرائن ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ معرفة تاريخ والدة ووفاة الراوي ومن روى عنه‪ :‬مما ال شك فيه أن معرفة إدراك الراوي لمن روى‬
‫عنه من أهم طرق التحقق من السماع‪ ،‬ومعرفة تاريخ الوالدة والوفاة تعد من أبرز طرق التحقق من إدراك‬
‫الراوي لمن يروي عنه‪ ،‬فمن ثبتت والدته قبل وفاة من روى عنه فقد أدركه‪ ،‬ومن كانت والدته بعد وفاة من‬
‫منقطعا‪ ،‬وكذا لو كانت والدة الراوي قبل وفاة من روى عنه بسنين يسيرة‬
‫ا‬ ‫روى عنه فحتما يكون السند هنا‬
‫أيضا‪ .‬يقول اإلمام النووي‪" :‬التواريخ والوفيات فن مهم به يعرف اتصال‬
‫فيحكم على سنده باالنقطاع ا‬
‫الحديث وانقطاعه‪ ،‬وقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد‬
‫‪109‬‬
‫وقد اهتم كثير من أئمة النقد بذكر تاريخ الوالدة والوفاة ألجل التحقق من السماع‬ ‫وفاتهم بسنين‪".‬‬
‫واالتصال‪ ،‬ومن أبرز الكتب التي اهتمت بذكر تاريخ الوالدة والوفاة كتاب‪ (:‬تهذيب الكمال) للمزي‪،‬‬
‫و(تهذيب التهذيب)‪ ،‬البن حجر‪ ،‬و(إكمال تهذيب الكمال) لمغلطاي‪ ،‬و(سير أعالم النبالء)‪( ،‬تاريخ‬
‫اإلسالم)‪ ،‬و(العبر) للذهبي‪ .‬وإن لم يجد الباحث تاريخ والدة ووفاة الراوي عليه باللجوء إلى كتب الطبقات‬
‫لمعرفة طبقة الراوي ومن روى عنه‪ ،‬ككتاب (الطبقات الكبرى) البن سعد (ت ‪ 230‬هـ)‪ ،‬وكتاب (الطبقات)‬
‫البن خياط (ت ‪ 240‬هـ)‪ ،‬وكذلك كتاب (تذكرة الحفاظ) للذهبي (‪ 748‬هـ)‪ ،‬و(التاريخ الصغير)‪ ،‬و(التاريخ‬
‫الكبير) للبخاري (‪ 265‬هـ)‪ ،‬وهو مرتبة على الطبقات وإن لم تسمى بالطبقات‪ .‬فإذا كان الراوي في طبقة‬
‫صغار التابعين‪ ،‬وشيخه في اإلسناد من كبار الصحابة‪ُ ،‬علم أنه لم يدركه‪ ،‬وعكسه كذلك‪ .‬وقد استخدم أئمة‬
‫الجرح والتعديل هذه الطريقة‪ ،‬وهي التحقق من إدراك الراوي لمن يروي عنه‪ ،‬والتأكد أنهما من طبقة واحدة‪،‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ُ :‬سئل أحمد بن حنبل عن ميمون بن مهران هل لقي حكيم بن حزام؟ قال‪" :‬ال‪ ،‬من أين لقيه؟‬
‫‪110‬‬
‫لم يرو إال عن ابن عباس وابن عمر‪".‬‬
‫فنفى اإلمام أحمد هنا سماع ميمون من حكيم‪ ،‬وأثبت سماعه من اثنين من الصحابة فقط‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على استعانة اإلمام أحمد بمعرفة شيوخ الراوي‪ ،‬والتأكد من سماع الراوي ممن هو في طبقته‪ .‬وقال ابن أبي‬
‫حاتم‪" :‬يحيى بن أبي كثير ما أراه سمع من عروة بن الزبير ألنه يدخل بينه وبينه رجل أو رجالن وال يذكر‬

‫‪108‬‬
‫أبو زرعة‪ ،‬تحفة التحصيل‪ ،‬ص‪.232 .‬‬
‫‪109‬‬
‫محيي الدين يحيى بن شرف‪ ،‬النووي‪ ،‬التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ 1985 ،‬م)‪ ،‬ص‪.117 .‬‬
‫‪110‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.761 .‬‬
‫‪111‬‬
‫أيضا فيه داللة واضحة على اهتمام علماء النقد بقضية‬
‫سماع وال رؤية وال سؤاله عن مسألة‪ ".‬وهذا ا‬
‫إدراك التلميذ للشيخ والتأكد من لقائه والسماع منه‪ .‬وفي إسناد لألشج‪ ،‬عن أبي خالد‪ ،‬عن ابن عجالن‪ ،‬عن‬
‫شيئا‪،‬‬
‫أبي حازم‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬قال الدارقطني‪" :‬وأبو حازم هذا هو سلمة بن دينار لم يسمع من أبي هريرة ا‬
‫‪112‬‬
‫والحديث يرويه أبو حازم‪ ،‬عن سهل بن سعد‪".‬‬
‫‪2‬ـ تباعد مكان الراوي عن مكان من روى عنه‪.‬‬
‫من يروي عن راو ليس من أهل بلدته‪ ،‬ولم يثبت رحلته إليها دليل قوي على عدم السماع يستعين به‬
‫كثير من أئمة النقد‪ .‬وقد اعتنى أئمة النقد بمعرفة المكان الذي اجتمع فيه الراوي مع شيخه‪ ،‬بل إن بعضهم‬
‫نص على تاريخ دخول الراوي إلى بلدة ما‪ ،‬وفترة إقامته بها‪ ،‬ومن لقيه فيها‪ ،‬وهنا تكمن أهمية الرحلة في‬
‫طلب الحديث‪ ،‬وأئمة النقد إذا علموا بذلك استطاعوا اثبات السماع أو نفيه‪ ،‬لذا فأمر وارد أن يجمع بعض‬
‫الرواة عصر واحد‪ ،‬ولكن لم يسمع بعضهم من البعض‪.‬‬
‫قال ابن رجب‪" :‬أن يروي الراوي عن شيخ من غير أهل بلده‪ ،‬ولم يعلم أنه دخل إلى بلده‪ ،‬وال أن‬
‫الشيخ قدم إلى بلد كان الراوي عنه فيه‪ ،‬ومثاله‪ :‬ما نقله مهنا عن أحمد‪ ،‬قال‪ :‬لم يسمع زرارة بن أوفى من‬
‫تميم الداري‪ ،‬تميم بالشام وزرارة بصري‪ ،‬وقال ابن المديني‪ :‬لم يسمع الحسن من الضحاك بن قيس كان‬
‫‪113‬‬
‫ومن أمثلته‪ :‬قول الشافعي عن سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من بالل‬ ‫الضحاك يكون بالبوادي‪".‬‬
‫‪114‬‬
‫الحبشي رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪" :‬وال نعلم عبد الرحمن رأى بالال قط‪ ،‬عبد الرحمن بالكوفة‪".‬‬
‫وكذلك قول ابن أبي حاتم‪" :‬سئل أبي عن ابن سيرين سمع من أبي الدرداء؟ قال‪ :‬قد أدركه‪ ،‬وال أظنه‬
‫سمع منه ذاك بالشام وهذا بالبصرة‪ 115".‬وقال اإلمام أحمد‪" :‬لم يسمع الحسن من ابن عباس إنما كان ابن‬
‫‪116‬‬
‫عباس بالبصرة واليا أيام علي رضي اهلل عنهما‪".‬‬
‫‪3‬ـ أن يروي عمن عاصره‪ ،‬ثم يدخل أحيا انا بينه وبين من يروي عنه واسطة‪ .‬يستدل أئمة النقد بهذا على‬
‫عدم السماع من الراوي لمن فوقه‪ .‬قال ابن رجب‪" :‬هذا يستدل به هؤالء األئمة على عدم السماع‪ ،‬ومثاله‪:‬‬
‫قال أحمد‪ :‬البهي ما أراه سمع من عائشة إنما يروى عن عروة عن عائشة‪ ،‬وقال في حديث زائدة عن السدى‬
‫‪117‬‬
‫عن البهي‪ ،‬قال‪ :‬حدثتني عائشة‪ .‬قال‪ :‬وكان ابن مهدي سمعه من زائدة‪ ،‬وكان يدع منه‪ :‬حدثتني عائشة‪".‬‬
‫ومن أمثلته‪ :‬قال اإلمام أحمد‪" :‬خيثمة لم يسمع من عبد اهلل بن مسعود شيئا روى عن األسود عن عبد‬

‫‪111‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.899 .‬‬
‫‪112‬‬
‫الدارقطني‪ ،‬العلل‪.238 ،8 ،‬‬
‫‪113‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪.200 ،1 ،‬‬
‫‪114‬‬
‫أحمد بن الحسين بن علي‪ ،‬البيهقي‪ ،‬معرفة السنن واآلثار‪ ،‬مح‪ .‬عبد المعطي أمين قلعجي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار قتيبة‪ 1991 ،‬م)‪،1 ،‬‬
‫‪.276‬‬
‫‪115‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.680 .‬‬
‫‪116‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص‪.96 .‬‬
‫‪117‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪.201 ،1 ،‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬
‫‪118‬‬
‫شيئا إنما يحدث‬
‫اهلل‪ ".‬وسئل عن الحجاج بن أرطأة هل سمع من عكرمة؟ فقال‪" :‬لم يسمع من عكرمة ا‬
‫‪119‬‬
‫وقال اإلمام البخاري في رواية يونس بن عبيد عن نافع‪" :‬ما أرى‬ ‫عن داود بن الحصين عن عكرمة‪".‬‬
‫يونس بن عبيد سمع من نافع‪ ،‬وروى يونس بن عبيد‪ ،‬عن ابن نافع‪ ،‬عن أبيه حدي اثا‪ 120".‬وقال ابن معين‪" :‬لم‬
‫‪121‬‬
‫يسمع الحسن من حبيب‪ ،‬إنما سمع حديثه من عمرو بن خالد عنه‪ ،‬وعمرو متروك‪".‬‬
‫‪4‬ـ من اشتهر بكثرة اإلرسال‪ ،‬أو كان من بلد اشتهر أهله بكثرة اإلرسال‪ .‬وهذه قرينة تدل على عدم‬
‫السماع‪ .‬وممن اشتهروا باإلرسال‪ :‬عبد الرحمن بن سابط‪ ،‬سئل يحيى بن معين‪ :‬عبد الرحمن بن سابط سمع‬
‫َّ‬
‫من سعد بن أبي وقاص؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قيل‪ :‬سمع من أبي أمامة؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬قيل‪ :‬سمع من جابر؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬هو‬
‫مرسل كان مذهب يرسل عنهم ولم يسمع منهم ‪ 122‬ومنهم إسحاق بن أبي فروة‪ :‬قال اإلمام الزهري إلسحاق‬
‫بن أبي فروة‪" :‬مالك ‪ -‬قاتلك اهلل ‪ -‬تجيئنا بأسانيد ال خطم لها وال أزمة‪ 123".‬ومنهم‪ :‬يحيى بن أبي كثير‪،‬‬
‫قال ابن رجب‪" :‬وكان يحيى بن أبي كثير يرسل‪ .‬وضعف يحيى بن سعيد مرسالته وقال‪ :‬هي شبه الريح‪.‬‬
‫وقال أحمد‪ :‬ال تعجبني مراسيله‪ ،‬ألنه قد روى عن رجال صغار ضعاف‪ 124".‬ومنهم‪ :‬مكحول الدمشقي‪،‬‬
‫‪125‬‬
‫قال العالئي‪" :‬وهو مشهور باإلرسال عن جماعة لم يلقهم‪".‬‬
‫‪126‬‬
‫‪.‬‬ ‫وقد ذكر عدد من أئمة أهل النقد أن الشام مشهورة باإلرسال‪ ،‬فإن اإلرسال يغلب على روايتهم‬
‫قال أبو عوانة‪" :‬كنا يوما عند الحكم فذكر حديثا ليس بمسند فقال‪ :‬ليس هذا من بابه شعبة‪ ،‬قال‪ :‬فقال شعبة‪:‬‬
‫‪127‬‬
‫وأود التنبيه هنا إلى أن هذه القرائن تفيد الباحث خاصة إذا لم‬ ‫ال ينبغي أن تروي عن الشامي كثيرا‪".‬‬
‫ا‬
‫يوجد التصريح بالتحديث فبها يستطيع إثبات السماع وعدمه‪ ،‬كما أن فيها فائدة كبيرة في حال التصريح‬
‫دليال على‬
‫أيضا فهي تؤكد التصريح وتعززه‪ ،‬بل أحيا انا تنفي صدق التصريح بالتحديث فتكون ا‬
‫بالتحديث ا‬
‫عدم السماع‪.‬‬
‫‪5‬ـ طول صحبة الراوي لشيخه‪ ،‬أو قصرها‪" .‬أعطى المحدثون لطول مالزمة الراوي لشيخه‪ ،‬وممارسته‬
‫لحديثه أهمية كبيرة‪ ،‬حيث قسموا الرواة عن الشيخ إلى فئات بين األطول صحبة‪ ،‬واألقصر‪ ،‬واألقل ممارسة‪،‬‬
‫واألكثر‪ ،‬ورجحوا من أجل ذلك أسانيد كثيرة على أخرى‪ 128".‬فلطول صحبة الراوي بشيوخه اعتبار مهم‬

‫‪118‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.189 .‬‬
‫‪119‬‬
‫العالئي‪ ،‬جامع التحصيل‪ ،‬ص‪.123 .‬‬
‫‪120‬‬
‫الترمذي‪ ،‬العلل الكبير‪ ،‬ص‪.345 .‬‬
‫‪121‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪.827 ،2 ،‬‬
‫‪122‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬المراسيل‪ ،‬ص‪.459 .‬‬
‫‪123‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪.185 ،1 ،‬‬
‫‪124‬‬
‫المصدر السابق‪.445 ،1 ،‬‬
‫‪125‬‬
‫العالئي‪ ،‬جامع التحصيل‪ ،‬ص‪.120 .‬‬
‫‪126‬‬
‫الالحم‪ ،‬االتصال واالنقطاع‪ ،‬ص‪.85 .‬‬
‫‪127‬‬
‫أحمد بن حنبل‪ ،‬العلل‪.415 ،3 ،‬‬
‫‪128‬‬
‫فاتح بو زيت‪ ،‬مسالك الكشف عن االتصال واالنقطاع في الرواية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪،‬‬
‫عند أئمة النقد‪ ،‬فبه يحكمون على الرواية باالتصال‪ ،‬كما أن قصر صحبة الراوي لشيخه عدها األئمة أحد‬
‫أسباب ضعف الرواية‪ .‬ومما يدل على ذلك تقسيم ابن رجب من روى عن الزهري إلى خمس طبقات‪،‬‬
‫فقال عن الطبقة األولى‪" :‬جمعت الحفظ واإلتقان وطول الصحبة للزهري‪ ،‬والعلم بحديثه والضبط له‪،‬‬
‫كمالك‪ ،‬وابن عيينة‪ ،‬وعبيد اهلل بن عمر‪ ،‬ومعمر‪ ،‬ويونس‪ ،‬وعقيل وشعيب وغيرهم‪ ،‬وهؤالء متفق على‬
‫‪129‬‬
‫تخريج حديثهم عن الزهري‪".‬‬
‫وكذا الحال إذا قصرت صحبة الراوي لشيخه‪ ،‬قدم سماع من هو أحفظ منه في شيخه‪ .‬ومثاله‪" :‬سئل‬
‫أبو زرعة عن حديث رواه القعنبي‪ ،‬عن سليمان بن المغيرة‪ ،‬عن ثابت‪ ،‬عن أبي موسى‪ ،‬عن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬إذا سقطت لقمة أحدكم‪ ،‬فليمط عنها‪ ،‬ثم ليأكلها‪ ،‬وال يدعها للشيطان‪ ،‬ورواه حماد بن‬
‫حمادا‬
‫ا‬ ‫سلمة‪ ،‬عن ثابت‪ ،‬عن أنس‪ ،‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم؟ فقال أبو زرعة‪" :‬حماد أحفظ‪ 130".‬فقدم‬
‫على سليمان لطول صحبة حماد لشيخه ثابت وقصر صحبة سلمان له‪.‬‬
‫والدليل على ذلك ما نقله المزي عن يحيى بن معين قال‪ :‬من خالف حماد بن سلمة في ثابت فالقول‬
‫قول حماد‪ ،‬قيل‪ :‬فسليمان بن المغيرة عن ثابت قال‪ :‬سليمان ثبت‪ ،‬وحماد أعلم الناس بثابت‪ ،‬أثبت الناس‬
‫في ثابت البناني حماد بن سلمة‪ ،...‬وقال علي بن المديني‪ :‬لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن‬
‫سلمة"‪ .131‬لذا فإن طول الصحبة للشيخ ترجح السماع عند المحدثين‪ ،‬وتقدمه على الراوي الذي قصرت‬
‫صحبته ومالزمته للذات الشيخ‪.‬‬

‫النتائج‬
‫وختاما وبعد التعرف على منهج أئمة النقد من المحدثين في الكشف عن اتصال السند والتحقق من‬
‫ا‬
‫سماع الراوي عمن فوقه‪ ،‬وطرق الباحثين الذين أتوا من بعدهم ممن يريد معرفة اتصال السند أو انقطاعه‬
‫نخلص على النتائج اآلتية‪:‬‬
‫بالغا لم تشهده أمة من األمم السابقة‪ ،‬بغية صون سنة‬
‫اهتماما ا‬
‫ا‬ ‫‪1‬ـ اهتم علماء المسلمين بدراسة األسانيد‬
‫جهدا‬
‫ا‬ ‫اهتماما استلزم‬
‫ا‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم وحمايتها من التحريف والكذب‪ ،‬ومن الزيادة والنقصان‪،‬‬
‫عظيما‪ ،‬صنفت ألجله مصنفات عديدة شملت جل رواة السنة‪.‬‬
‫ا‬
‫استعماال للكشف عن اتصال الرواية والتحقق من السماع‪،‬‬
‫ا‬ ‫‪2‬ـ تعتبر صيغ التحمل واألداء الطريقة األكثر‬
‫إال أنها أحيا انا ال يؤخذ بها وإن تم التصريح بالسماع فيها العتبارات معينة عند أئمة النقد‪.‬‬
‫‪3‬ـ دقة أئمة النقد من المحدثين وغزارة علمهم وحفظهم الثاقب أدى لمعرفتهم إدراك الرواة لمن فوقهم‬

‫‪2006‬م‪ ،‬ص‪.77 .‬‬


‫‪129‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬شرح علل الترمذي‪.113 ،1 ،‬‬
‫‪130‬‬
‫ابن أبي حاتم‪ ،‬العلل‪.395 ،4 ،‬‬
‫منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند‬

‫فأبطلوا سماع من لم يدركوه‪ ،‬ومن أدركوه ولم يسمعوا منه أو لم يلقوه‪.‬‬


‫‪4‬ـ أثبت أئمة النقد السماع لبعض الرواة رغم عدم التصريح به من قبلهم العتبارات معينة منها‪ :‬أن‬
‫الراوي عرف عنه عدم التدليس وال يروي إال عمن لقيه‪ ،‬أو عرف عنه أنه ال يروي إال ممن سمع منه‪ ،‬أو‬
‫عرف بالتدليس عن الثقات فقط‪.‬‬
‫‪5‬ـ الباحث عن اتصال السند يسلك طر اقا معينة أهمها‪ :‬الرجوع لكتب الجرح والتعديل التي حددت‬
‫الرواه أو نفيه‪ ،‬إضافة للقرائن الدالة‬
‫شيوخ الرواة وتالمذتهم‪ ،‬وكذلك الرجوع لكالم أئمة النقد في سماع ُّ‬
‫على السماع من عدمه‪.‬‬
‫‪6‬ـ من أهم القرائن الموصلة إلثبات سماع الرواة‪ :‬معرفة تاريخ والدة ووفاة الراوي ومن روى عنه فبها‬
‫أيضا طول صحبته لشيخه فهي دليل على‬
‫يعرف إدراك الراوي لشيخه وأنهما في طبقة واحدة‪ ،‬ومن القرائن ا‬
‫سماعه وثبوت الرواية عنه‪.‬‬
‫‪7‬ـ تباعد مكان الراوي عن مكان من روى عنه‪ ،‬وقصر صحبته له‪ ،‬قرائن تدل على عدم السماع إضافة‬
‫لمن اشتهر بكثرة اإلرسال‪.‬‬

‫"منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند"‬


‫الملخص‪ :‬تناول هذا البحث مسألة مهمة من مسائل علوم الحديث تتعلق باتصال السند والتحقق من سماع الراوي عمن‬
‫فوقه‪ ،‬وذلك عن طريق التعرف على منهج أئمة النقد من المحدثين في الكشف عن اتصال السند أو انقطاعه‪ ،‬ودور‬
‫جهدا كبيرا في كشف طرق االتصال تمثل‬ ‫ا‬ ‫الباحثين من بعدهم في كيفية إثبات االتصال أو االنقطاع‪ ،‬وقد بذل أئمة النقد‬
‫ا‬
‫التحمل الدالة على االتصال الصريح‪ ،‬والتي تفيد االتصال غير الصريح بشروط واعتبارات‬ ‫في عدة أمور منها‪ :‬وجود صيغ َّ‬
‫معينة‪ ،‬وأبطلوا السماع الصريح العتبارات معينة‪ ،‬وأبطلوا سماع من حدث عمن لم يدركه‪ ،‬وعمن أدركه ولم يسمع منه‪،‬‬
‫أو لم يلقه‪ ،‬أومن اختلط‪ ،‬وبذلك يكونوا قد رسموا للباحثين من بعدهم طرق التأكد من اتصال السند تتمثل بالرجوع‬
‫السماع وعدمه‪،‬‬‫لكتب الجرح والتعديل ومعرفة شيوخ الراوي وتالمذته‪ ،‬والنظر في كالم علماء النقد في الرواة من حيث َّ‬
‫السماع أو تنفيه‪ .‬وقد خلص البحث لعدة نتائج أهمها‪ :‬اهتمام علماء المسلمين بدراسة‬ ‫والتعرف على القرائن التي تفيد َّ‬
‫استعماال للكشف عن اتصال‬
‫ا‬ ‫بالغا لم تشهده أمة من األمم السابقة‪ ،‬صيغ التحمل واألداء الطريقة األكثر‬ ‫اهتماما ا‬
‫ا‬ ‫األسانيد‬
‫بالسماع فيها العتبارات معينة‪ ،‬دقة أئمة النقد في‬
‫َّ‬ ‫التصريح‬ ‫تم‬ ‫وإن‬ ‫بها‬ ‫يؤخذ‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫ن‬‫ا‬ ‫أحيا‬ ‫أنها‬ ‫إال‬ ‫ماع‬‫الس‬
‫َّ‬ ‫من‬ ‫والتحقق‬ ‫الرواية‬
‫تحديد إدراك الرواة لمن فوقهم فأبطلوا سماع من لم يدركوه‪ ،‬ومن أدركوه ولم يسمعوا منه أو لم يلقوه‪.‬‬
‫عطف‪ :‬أيمن جاسم الدوري‪" ،‬منهج المحدثين في التحقق من اتصال السند"‪ ،‬مجلة بحوث الحديث‪ ،‬المجلد التاسع‬
‫عشر‪ ،‬العدد الثاني‪ ،2021 ،‬ص‪254-233 .‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬اتصال‪ ،‬السماع‪ ،‬السند‪ ،‬أئمة النقد‪ ،‬المحدثين‪.‬‬
.

You might also like