Professional Documents
Culture Documents
مقاصد الشريعة في القرآن والسنة وعند الصحابة
مقاصد الشريعة في القرآن والسنة وعند الصحابة
الحلقة التاسعه
في مقاصد الزكاة
ك َس َكنٌ لَ ُه ْم َوهَّللا ُ َسمِي ٌع
صاَل َت َ
ص ِّل َعلَي ِْه ْم ِإنَّ َ
يه ْ-م ِب َها َو َ قال تعالىُ ( :خ ْذ مِنْ َأم َْوال ِِه ْم َ
ص َد َق ًة ُت َط ِّه ُر ُه ْ-م َو ُت َز ِّك ِ
َعلِي ٌم)
هذه واحدة من تلك اآليات الكثيرة التي تتحدث عن فوائد -الصدقة ومقاصد -الزكاة ،وأن التصدق -بالمال
يطهِّر اإلنسان ويزكيه .قال ابن عاشور :وأيًا ما كان فاآلية دالة على أن الصدقة تطهر وتزكي .والتزكية
:جعل الشيء زكياً ،أي كثير الخيرات .فقوله { :تطهرهم } إشارة إلى مقام التخلية عن السيئات.
وقوله { :تزكيهم } -إشارة إلى مقام التحلية بالفضائل والحسنات .وال جرم أن التخلية مقدمة على التحلية
.فالمعنى أن هذه الصدقة كفارة لذنوبهم ومجلبة للثواب العظيم .
يه ْم ِب َها } -كما قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر -السعدي– تطهرهم -من الذنوب ومعنى { ُت َط ِّه ُر ُه ْم َو ُت َز ِّك ِ
يه ْ-م } أي :تنميهم ،وتزيد -في أخالقهم -الحسنة ،وأعمالهم الصالحة ،وتزيد -في واألخالق الرذيلةَ { .و ُت َز ِّك ِ
ثوابهم الدنيوي واألخروي ،وتنمي أموالهم .واآلية تفيد أن العبد ال يمكنه أن يتطهر -ويتزكى حتى يخرج
زكاة ماله ،وأنه ال يكفرها شيء سوى -أدائها ،ألن الزكاة والتطهير -متوقف على إخراجها.
وعند الغزالي رحمه هللا أن الزكاة فيها ثالثة معان :
األول :أن من تمام الوفاء بتوحيد العبودية أن ال يبقى للموحِّ د محبوب سوى الواحد الفرد ،فإن المحبة ال
تقبل الشركة ،والتوحيد باللسان قليل الجدوى ،وإنما يمتحن به درجة المحب بمفارقة المحبوب .واألموال-
محبوبة عند الخالئق ألنها آلة تمتعهم بالدنيا ،وبسببها يأنسون بهذا العالم ،وينفرون عن الموت مع أن فيه
لقاء المحبوب ،فامتحنوا -بتصديق دعواهم في المحبوب ،واس ُتنزلوا -عن المال الذي هو مرقومهم
ومعشوقهم.
المعنى الثاني :التطهير -من صفة البخل فإنه من المهلكات وإنما تزول صفة البخل بأن تتعود بذل المال
فحب الشيء ال ينقطع إال بقهر النفس على مفارقته حتى يصير -ذلك اعتياداً .فالزكاة بهذا المعنى طهرة
أي تطهر صاحبها عن خبث البخل المهلك وإنما طهارته بقدر بذله وبقدر فرحه بإخراجه واستبشاره
بصرفه إلى هللا تعالى.
المعنى الثالث :شكر النعمة فإن هلل عز وجل على عبده نعمة في نفسه وفي ماله فالعبادات البدنية شكر
لنعمة البدن والمالية شكر لنعمة المال .وما أخس من ينظر -إلى الفقير وقد ضيق عليه الرزق وأحوج إليه
ثم ال تسمح نفسه بأن يؤدي شكر هللا تعالى على إغنائه عن السؤال وإحواج غيره إليه بربع العشر أو
العشر من ماله.
وهذه فقط بعض المعاني التي احتوتها فريضة الزكاة ،فإن لها –زيادة على ذلك -فوائد -كثيرة يطول
ذكرها ويصعب حصرها ،وال تقتصر على تلك الجوانب النفسية والتربوية وإنما تمتد آثارها إلى مناحي
الحياة االجتماعية واالقتصادية وقد تتجاوز إلى الحياة العلمية والثقافية.
الى اللقاء في الحلقة القادمة .....فى أمان هللا....خادم السنه/شحاته سعيد