بحث ودراسة حول عناصر القصد الجنائي والقصد الجرمي وفقا ً للقانون
عناصر القصد الجنائي :
إن منطق التوفيق بين نظريتي العلم واإلرادة يؤدي بنا إلى القول بأن القصد الجنائي يق وم على عنص ري العلم واإلرادة ،وهذان العنصران يمتدان ليشمال كل الوقائع المادية التي تتكون منها الجريمة( )1فإن قصر أح دهما ال يغني انبساط األخر على سائر ماديات الجريمة ،بل يعت بر القص د متخلف ا ً في جملت ه ( ،)2أي أن كليهم ا ال غنى عنه بالنسبة لقي ام القص د الجن ائي ،وإس تنادا ً ل ذلك سنخص ص ه ذا الموض وع لتن اول عنص ري القص د الجنائي ،العلم واإلرادة على التوالي(: )3 أوالً العلم :نحاول الوصول إلى حقيقة العلم باعتباره أحد عناص ر القص د الجن ائي من خالل بي ان معن اه أوالً، ومن ثم بيان محله : معنى العلم :العلم هو التصور لحقيقة الشـيء على نحو يطابق الواقع( ، )4لذلك فهو ص فة يتض ح به ا الش يء ويظهر علـى ما هو عليه ،وهكذا فالعلم بالشيء عكس الجه ل ب ه وال ذي ه و إنع دام العلم كلي ا ً أو جزئي ا ً (.)5 وتتجلى أهمية العلم باعتباره أساس القصد الجنائي ،إذ بدونه يتجرد الفعل الجرمي وحتى مع توافر اإلرادة من الصفة العمدية ،ويقتصر وجوده على المظهر المادي فقط ( ، )6ألن القصد إرادة واعية ،لـذلك فهو ال يكتمل إال إذا تمثل الجاني فـي ذهن ه الواقع ة اإلجرامي ة بك ل عناص رها المعت برة قانون ا ً ( . )7أم ا معي ار العلم ،فق د جاءت النصوص العقابية خالية من تحديد مستوى العلم المطلوب من الناحية الجنائية ،لهذا أختلفت آراء الفقهاء بهذا الخصوص (.)8 محل العلم :باإلضافة إلى إفتراض علم الجاني بالقوانين العقابية ،يتعين أن يحيط علمه بكل واقعة ذات أهمي ة قانونية في تكوين الجريمة ( ، )9لذا فإن محل العلم يتكون من علم بالقانون باإلضافة إلى علم بالوقائع : -1العلم بالقانون :من المبادئ األساسية فـي القانون العقابـي أن كل إنسان مفترض فيـه العلم بالقوانين العقابية علـى وجه ال يقبل إثبات العكس ،وال يقبل من أحد أن يحتج بجهل ه أو غلط ه فيه ا ( ،)10ل ذلك فـأن احتج اج مجرم قانونا ً ال يعتد به وال يصلح عذرا ً لنفي مسؤوليته عن جريمة القت ل .وه ذا ّ الفاعل بعدم علمه بكون القتل المبدأ تمليه المصلحة العامة ،ألن عدم األخذ به يتيح الفرصة في فروض كثيرة لالحتجاج بالجهل أو الغلط في القانون مما يترتب عليه تعطيل تنفيذ أحكامه باإلضافة إلى تفويت األغراض الجوهرية التي تهدف الدولة إليه ا من وراء مباشرة حقها في العقاب ( ، )11لذلك تس لم غالبي ة الق وانين العقابي ة به ذا المب دأ وإن اختلفت وس يلة تقريره ،فبعضها يذكره صراحة ،واألخر يستفاد ضمنا ً من أحكامها باعتباره من المبادئ العامة التي ال تحت اج إلى النص عليها (. )12 -2العلم بالوق ائع :وتش مل الوق ائع أو العناص ر ال تي تُع د الزم ة من وجه ة نظ ر المش رع إلعط اء الواقع ة اإلجرامية وصفها القانوني وتمييزها عمن سواها من الوقائع ( ، )13وهذه الوقائع هي: أ -عناصر الجريمة ،ب -الظروف المشددة : أ -عناصر الجريمة :لكل جريمة عناصرها الخاصة التي يجب أن يح اط علم الج اني به ا جميع ا ً في ترتب على غلطه أو جهله في أحدها عدم توافر القصد الجنائي لديه ( ، )14وهذه العناصر هي خطورة الفع ل اإلج رامي وتوقع النتيجة الجرمية ومحل الحق المعتدى عليه : – خطورة الفعل اإلجرامي :في جريمة القتل العمد يجب أن ينصرف علم الجاني إلى أنه يقوم بنشاط من ش أنه أن يودي بحياة إنسان هو المجني عليه ( ،)15حتى ولو لم يكن هذا النش اط متجه ا ً مباش رة إلى اإلنس ان طالم ا أنه يملك الكفاءة الالزمة إلحداث الوفاة للغير كنتيجة حتمية والزمة للنشاط ،فمن يفجر قنبلة فـي مكان مزدحم بالناس يعلم بـأن من شـأن هذا النشـاط إحداث الوفـاة للغير كنتيجة حتمية لنشاطه ( ، )16وعليه إذا كان الجاني يعتقد نشاطه ال يترتب عليه إنهاء للحياة فان القصد الجن ائي ينتفي لدي ه ،كمن يطل ق الرص اص إبتهاج ا ً بف رح ويصيب أحد الحاضرين (. )17 – توقع النتيجة الجرمية :في جريمة القتل العمد يجب أن يتوقع الجاني حدوث الوف اة ك أثر لفعل ه ،أي أن يعلم إن الوفاة سوف تترتب على سلوكه ،فإذا انتفى هذا التوقع وحدثت الوفاة أنتفى القصد ،كمن يعطي ألخر مـادة سامة متوقعا ً أن يستعملها كمبيد حشري ،فيتناولها األخير متوقعا ً أنها تشفي مـن م رض ،ك ذلك ال يسـأل عن قتل عمد مـن لم يكن يقصد بإطالق النار قتل إنسان ،بـل مجرد التخويف (. )18 – العلم بموضوع الحق المعتدى عليه :يشترط لقيام القصد الجنائي في جريمة القتل العمد أن يعلم الجاني وقت إرتكاب الفعل بأنه يتجه بفعله إلى إنسان حي ،فإن أعوزه هذا العلم تخلف القصد في جانبه ،ول و ثبت من بع د ذلك أن فعله أصاب إنسانا ً فقضى عليه ،ويتخلف القص د له ذا الس بب في ح التين ،أوالهم ا خل و ذهن الفاع ل تمام ا ً من أن لفعل ه محالً أص الً كم ا ل و أطل ق ش خص أع يرة ناري ة في اله واء لفض مش اجرة فيقت ل أح د الحاضرين ،واألخرى أن يتخذ لفعله محالً يقر في وهمه أن ه غ ير إنس ان كمـن يطل ق الن ار على إنس ان فـي الظالم معتقدا ً أنه حيوان مفترس جــاء لمهاجمته والفتك به (.)19 نخلص من كل ما تقدم بيانه إلى أنه يشترط لقيام قصد القتل أن ينصرف علم الجاني إلى مح ل الجريم ة بكون ه إنسان على قي د الحي اة ،وإن من ش أن فعل ه أن ي ؤدي إلى الوف اة ،وأن يعلم ب أن األث ر الم ترتب على س لوكه اإلجرامي أو أن نتيجة فعله هي الوفاة . ب -الظروف المشددة :هي عناصر إضافية تابعة ،تلح ق أو تق ترن بأح د العناص ر المكون ة للجريم ة فتض في عليها وصفا ً جديدا ً يرتب أث را ً مش ددا ً في جس امة الجريم ة وعقوبتها ( .)20ويمكن تقس يم الظ روف المش ددة حسب طبيعتها إلى ظ روف مادي ة وأخ رى شخص ية ،ف األولى تتعل ق ب الركن الم ادي للجريم ة كالترص د أو استخدام طرق وحشية أو السم أو المتفجرات في القتل ،أما الظروف المشددة الشخصيـة فهـي تل ك الوق ائع أو األوصاف التـي يتطلب توافرها في شخص الجاني والتـي من ش انها أن تزي د من جسامـة الجريم ة وعقوبته ا كسبق اإلصرار أو الباعث الدنيء في القتل ( .)21وقد رسم المشرع العراقي صورة واضحة بين مـن خالله ا موقفه من الظروف المشددة وحكم الجهل والغلط فيـها ،فبالنسبة للظروف المشددة المادية فإنـها وبحسب نـص الم ادة 51ق.ع .ع ( )22تس ري على الفاع ل والش ريك ،س واء علم به ا أو لم يعلم ،أم ا الظ روف المش ددة الشخصية التي من شأنها تسهيل ارتكاب الجريمة فإنها تسري علـى من توافرت فيـه وال تسري علـى الشـريك إال إذا كـان عالمـا ً بـها ،ثـم أستثنى المشـرع العراقي بموجب نص المادة 36ق .ع .ع ( )23الظروف المشددة التي من شأنها أن تغير وصف الجريمة ،فإنها ال تسري على الفاعل إال إذا كان عالما ً بها . ثانيا ً اإلرادة :سنتولى بي ان اإلرادة باعتباره ا العنص ر الث اني من عناص ر قص د القت ل من خالل بي ان مع نى اإلرادة ،ومن ثم بيان محلها : معنى اإلرادة: تعرف اإلرادة بأنها صفة تخصص الممكن وهي نشاط نفسي يعول عليه اإلنس ان في الت أثير بم ا يحي ط ب ه من أشخاص وأشياء ،إذ هي الموجه للقوى العصبية إلتيان أفعال تترتب عليها آث ار مادي ة مم ا يش بع ب ه اإلنس ان حاجاته ( .)24ورغم تع دد التعريف ات ال تي وص فت اإلرادة فإنه ا ال تع دو عن كونه ا حرك ة عض وية واعي ة مختارة تتم إستجابة لسيطرة الجانب النفسي لتحقيق غرض معين ،وبذلك يتضح لنا إن لإلرادة ثالثة عناصر ، هي الج انب النفس ي والج انب العض وي أو المظه ر الخ ارجي ،فض الً عن حري ة متعلق ة بالج انب النفس ي والعضوي معا ً ( . )25تتجلى أهمي ة اإلرادة في كونه ا ج وهر القص د الجن ائي وأب رز عناص ره ،ألن القص د بمفهومه لدى عامة الناس هـو توجيه اإلرادة لتحقيق أمر معين ،فإذا كان هذا األمر إجراميا ً كان القصد جنائي ا ً ( .)26ولإلرادة أهمية كبيرة في تحديد نط اق الق انون العق ابي ،فليس للش ارع ش أن بغ ير األفع ال اإلرادي ة ، فاألفعال غير اإلرادية ال تعني القانون العقابي وإن أصابت المجتمع بأفدح األضرار ( ، )27ولإلرادة أهميته ا كذلك فـي بناء النظرية العام ة للجريم ة من خالل التفرق ة بين الج رائم العمدي ة وغ ير العمدي ة ،والتمي يز بين القصد المباشر والقصد االحتمالي وهما أهـم ما يبحث فيه القانون العقابي ومقياسهما االختالف فـي كيفية اتجاه اإلرادة ( ، )28وإذا ك ان القص د علم ا ً و إرادة ً ف إن اإلرادة هي ج وهره ،وهي ت أثم باتجاهه ا وجه ة تخ الف القانون ،ثم هي بالعلم تزداد إثما ً ،لما هو معروف من أن إثم من يعلم أشد من إثم من يجهل (. )29 محل اإلرادة :محل اإلرادة في قصد القتل هو السلوك دائما ً وكذلك نتيجته : – 1إرادة السلوك :هذه اإلرادة مشتركة فـي الجرائم العمدية وغير العمدية ( ، )30واتجاه اإلرادة إلى السلوك يفترض علم الجاني بماهية سلوكه وخطورته على الحق الذي يحميه القانون ثم دفعه أعض اء جس مه إلى إتي ان الحركة التي يتطلبها ذلك السلوك ( ، )31ففي جريمة القتل العمد تنعقد اإلرادة علـى إنهاء حياة المجني علي ه ، وقد تستقر علـى اختيار وسيلة ما لتحقيق هذا الغرض ،فتصدر األمر ألعضاء الجسم للقي ام به ذا العم ل ،وال ينتهي دور اإلرادة عند هذا الحد ،بل تهيمن ك ذلك على األعض اء فـي حركته ا حتـى تف رغ من مهمته ا ،إذا كـان اتجاه اإلرادة الزمـا ً لقيام القصد ،فأن الفترة التـي تمضي بين انعقاده ا وبين مباش رة الس لوك لهـا أثره ا فـي تحديد نوع القصد ،ولكـنها ال تؤثر على أصل القصد ووجوده (.)32 – 2إرادة النتيجة :ال تكفي إرادة السلوك وحدها لتحقق قصد القتل ،وإنما ينبغي أيضا ً انصراف إرادة الجاني إلى النتيجة الجرمية (وفاة المجني عليه) باعتبارها فيصل التفرقة بين القص د الجن ائي والخط أ غ ير العم دي ( .)33وتكون النتيجة عمدية متى كانت تمثل الغاية التي يرمي الجاني إلى تحقيقها بسلوكه ،فهي تعبر عن النية التي حركت السلوك اإلجرامي لتحقيقها ،غير أن قصد القتل ال يقف فقط عند حد النتائج المتعم دة المع برة عن النية ،وإنما يشمل أيضا ً النتائج اإلرادي ة ،فمم ا ال ش ك في ه أن اإلرادة تحي ط بالنت ائج ال تي وإن لم تكن تمث ل الغاية أو الهدف من السلوك ،إال أنها أكيدة التحقق كأثر للس لوك م تى ك ان الج اني ق د تمثله ا وتوقعه ا (،)34 كمن يضع قنبل ة في ط ائرة لقت ل أح د الرك اب ويعلم بص ورة أكي دة أن فعل ه س يؤدي إلى قت ل رك اب آخ رين ويمضي بفعله رغم ذلك ،لذلك يؤكد الفق ه ( )35على أن إرادة النتيج ة في جريم ة القت ل العم د ال تتمث ل فق ط بإرادة إنهاء الحي اة ،ولكنه ا أيض ا ً توق ع الم وت ك أمر ممكن ،وبكلم ة واح دة ،اإلرادة والتوق ع هم ا أم ران متساويان ويكونان في الح التين قص د القت ل .نخلص من ك ل م ا تق دم بيان ه إلى أن قص د القت ل بوص فه إرادة متجهة إلى السلوك وإلى النتيجة يتطلب توقع النتيجة الجرمية باعتبارها أكيدة أو محتمل ة م تى م ا قب ل الج اني تحققها . ______________________________ -1د .ماهر عبد شويش ،األحكام العامة ،المرجع السابق ،ص / 301د .محمود نجيب حسني ،االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية ،المرجع السابق ،ص. 65 -2د .مصطفى كامل ،شرح قانون العقوبات العراقي-القس م الع ام ( الجريم ة والعق اب ) ،مطبع ة المع ارف- بغداد ،1947،ص. 210 -3لكون العلم يسبق اإلرادة في التسلسل الزمني فقد جرى الفقه على بحث عنصر العلم قبل اإلرادة على سبيل األولوية في التدرج وليس على سبيل األفضلية في القدر واألهمية /القاضي فريد الزغبي ،المرجع السابق ،ص . 36 -4د .فوزية عبد الستار ،المساهمة األصلية في الجريم ة ،دار النهض ة العربي ة-مص ر ،1967،ص / 297د. سمير الشناوي ،المرجع السابق،ص /722د .عبد المهيمن بكر ،القصد الجنائي ،المرجع السابق ،ص. 179 -5د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح قانون العقوبات-القسم العام ،المرجع السابق ،ص. 276 -6القاضي فريد الزغبي ،المرجع السابق ،ص. 36 -7د .محمد سامي النبراوي ،المرجع السابق ،ص / 169د .ع وض محم د ،ق انون العقوب ات-القس م الع ام، المرجع السابق ،ص0 225 -8في تفصيالت ذلك أنظر :د .محم د زكي محم ود ،آث ار الجه ل والغل ط في المس ؤولية الجنائي ة ،دار الفك ر العربي ،1967،ص / 40د .سامح السيد جاد ،الوجيز في ش رح ق انون العقوب ات-القس م الخ اص ،دار الكت اب الجامعي ،1977،ص / 28د .عبد المهيمن بكر ،القصد الجنائي ،المرجع السابق ،ص. 119 -9غني عن البيان أن هناك وقائع ال يتطلب العلم بها ،وبالت الي ال ت ؤثر في تحق ق العلم كعنص ر من عناص ر القصد الجنائي وهي الوقائع التي يترتب أثرها ،علم بها الجاني أو لم يعلم ،ففي جريمة القتل العمد مثالً كل م ا ال يعد عنصرا ً في أحد أركانها ال يشترط أن يحيط علم الجاني به ،ولو كان من شأن الواقعة ال تي لم ينص رف العلم إليها أن تضفي على القتل بعض التحديد أو تعين معالمه .فال يشترط مثالً العلم بزمان ومكان القتل ،وكذا الحال بالنسبة للظروف المشددة التي ليس من شأنها تغيير وصف الجريمة كظرف العود ،ويسري الحكم نفسه بالنسبة إلى موانع المسؤولية (وهي الحاالت التي أورده ا المش رع حص را ً في الم واد 65-60ق.ع .ع وال تي تتج رد فيه ا اإلرادة من القيم ة القانوني ة وينتفي فيه ا اإلدراك أو االختي ار أو كليهم ا ) ،وإلى الخط أ في الشخصية( وهو أن يتجه الجاني بسلوكه اإلجرامي تجاه شخص معين قاصدا ً إنهاء حياته وتتحقق النتيجة ،بي د أنه يكتشف أن المجني عليه ش خص آخ ر غ ير المقص ود بالس لوك) ،وإلـى الخط أ فـي التص ويب ( وه و أن يرتكب الجاني فعله مريدا ً تحقيق نتيجة معينة في موضوع معين ،ولكنه ال يحسن توجيه الفعل فتتحقق النتيج ة عينها ولكن في موضوع آخر) . في تفصيالت ذلك أنظر :د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح قانون العقوبات-القسم العام ،المرج ع الس ابق، ص / 281د .واثبة السعدي ،قانون العقوبات-القسـم الخاص ،طبع علـى نفقة جامعة بغ داد ،1989،ص/ 114 أحمد موافي ،من الفقه الجنائي المقارن بين الشريعة والقانون ،دار مطابع الش عب-الق اهرة ،1965 ،ص/247 د.محمد صبحي نجم ،شرح ق انون العقوب ات الجزائ ري-القس م الخ اص،ط،1دار المطبوع ات الجامعي ة ،دون تاريخ ،ص / 4د .عبد الحميد الشواربي ،جرائم اإليذاء في ضوء القضاء والفقه ،دار المطبوع ات الجامعي ة ، ،1986ص91 -10من المفيد ذكره في هذا المقام أن مبدأ افتراض العلم بالقانون يقتصر نطاق ه على الق وانين العقابي ة فق ط ، أما الجهل والغلط في سوى ذلك من القوانين ،فإنه يعتد به في نفي القصد الجنائي -11في تفصيالت ذلك أنظر :د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح ق انون العقوب ات-القس م الع ام ،المرج ع الس ابق ،ص / 284د .س عدي بسيس و ،مب ادئ ق انون العقوب ات،ط،1مديري ة الكتب والمطبوع ات الجامعي ة، ،1964ص / 117لطيفه حميد محمد ،القصد الجنائي الخاص ،رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون-جامع ة بغداد ،1994،ص/48 Wayne R. Lafave and Austin W. Scott” Substantive criminal law”، V.1، West- publishing co.، U.S.A.، 1989، p.587 -12نص علي ه المش رع الع راقي ص راحة في الم ادة ( )37ق.ع .ع ،حيث أورد فيه ا إس تثنائين على ه ذا المبدأ ،األول في الفقرة األولى منها إذا تعذر على الشخص العلم بالقانون بسبب قوة قاهرة ،واإلستثناء الث اني في فقرتها الثانية في حال كون مرتكب الجريم ة أجن بي ولم يمض على قدوم ه إلى الع راق أك ثر من ( )7أي ام وفعله المرتكب ال يشكل جريمة في قانون محل إقامته . -13د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،شـرح ق انون العقوب ات-القسـم العـام ،المرج ع السـابق ،ص /276د. عوض محمد ،قانون العقوبات-القس م الع ام ،المرج ع الس ابق ،ص / 226د.محم د س امي الن براوي ،المرج ع السابق ،ص / 171د .حميد السعدي ،ش رح ق انون العقوب ات الجدي د ،النظري ة العام ة ،دار الحري ة للطباع ة- بغداد ،1976،ص. 252 -14في الشريعة اإلسالمية ينتفي القصد الجنائي أيضا ً بسبب الجهل والغلط والخطأ ،ويتبع الخطأ النسيان ،إذ ال قصد فيه كذلك ،وقد قرنت الشريعة الغ راء النس يان بالخط أ في قول ه تع الى في س ورة البق رة اآلي ة ()286 ؤاخ ْذنا ْ إن نَسيْنا أو أخَطأنا ) . ( َربْنا ال ت ُ ِ في تفصيالت ذلك أنظر :د .هاللي عبد الالة أحمد ،شرح قانون العقوبات ،المرجع الس ابق ،ص /212جمع ة محمد فرج ،األسباب المسقطة للمسؤولية الجنائية في الشريعة اإلس المية والق انون الوض عي ،المنش أة العام ة للتوزيع واإلعالن ،ط ،1986 ،1ص. 59 -15د .مصطفى العوجي ،القانون الجنائي العام،ج ،1النظرية العامة للجريم ة ،ط،1مؤسس ة نوف ل-ب يروت، ،1984ص / 578د.محمد سعيد نمور ،الج رائم الواقع ة على األش خاص في ق انون العقوب ات األردني ،ط،1 دار عمار للطباعة-األردن ،1990 ،ص. 35 -16د .محمد الفاضل ،المبادئ العامـة في قانون العقوبات ،ط ،2بال دار للنشر ،1963،ص / 458د .م أمون محمد سالمـة ،قانون العقوبـات-القسم الخاص،ج،2جرائم االعتداء علـى األشخاص واألموال ،مطبعـة جامع ة القاهرة ،1983،ص. 28 -17د .عبد المهيمن بكر ،القسم الخاص في قانون العقوبات-جرائم االعتداء على األش خاص واألم وال ،دار النهضة العربية-مصر ،1968 ،ص. 173 -18في تفصيالت ذلك أنظر :د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،ش رح ق انون العقوب ات-القس م الع ام ،المرج ع الس ابق ،ص / 278د .محم ود نجيب حس ني ،دروس في ق انون العقوب ات-القس م الخ اص ،مكتب ة النهض ة العربية ،1955 ،ص / 49د .عم ر الس عيد رمض ان ،ش رح ق انون العقوب ات-القس م الخ اص ،دار النهض ة العربي ة-مص ر ،1965 ،ص /194د .أدور غ الي ال دهبي ،ش رح ق انون العقوب ات –القس م الخ اص ،مكتب ة غريب-مصر ،ط ،1976 ، 2ص /40المحامي حسن الفكهاني ،موسوعة القضاء والفق ه لل دول العربي ة ،ج ،1978 ،25ص / 8د .فوزية عبد الستار ،شرح قانون العقوبات-القسم الخاص ،دار النهضة العربية-مصر، ط ، 1988 ،2ص. 364 -19د .عوض محمد ،جرائم االعتداء على األشخاص واألموال ،دار المطبوعات الجامعي ة-مص ر،1985 ، ص / 41أياد حس ين الع زاوي ،قت ل الموظ ف أو المكل ف بخدم ة عام ة أثن اء تأدي ة واجب ه أو بس ببه ،مطبع ة عصام-بغداد ،1988،ص / 22د .ماهر عب د ش ويش ،ش رح ق انون العقوب ات-القس م الخ اص ،ط ، 2بال دار للنشر ، 1997 ،ص.147 -20د .علي حسين الخلف ود .سلطان عبد القادر الشاوي ،المرجع السابق ،ص / 444د .أكرم نشأت إبراهيم، الح دود القانوني ة لس لطة القاض ي الجن ائي في تق دير العقوب ة ( دراس ة مقارن ة) ،دار مط ابع الش عب-مص ر، ، 1965ص / 118د .ص باح ع ريس ،الظ روف المش ددة في العقوب ة ،ط ، 1المغ رب للطباع ة والتص ميم- بغداد ، 2002 ،ص. 44 -21د .ضاري خليل محمود ،البسيط في قانون العقوبات-القسم العام ،ط ، 1،2002ص101و / 123د .أكرم نش أت إب راهيم ،الح دود القانوني ة لس لطة القاض ي الجن ائي ،المرج ع الس ابق ،ص / 196د .ص باح عريس ،المرجع السابق ،ص / 51د .محمد محي الدين ع وض ،نظري ة الجه ل والغل ط في الق انون الجن ائي، بحث منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة ،ع ،1س ،28مارس ،1979ص/ 14 R. Mérle et A. Vitu “ Traite de Droit criminél، Droit pénal spécial”، par: A. Vitu،- Editions Cujas، Paris، 1982، p.1377 -22تنص المادة 51ق .ع .ع ( إذا توافرت في الجريمة ظروف مادي ة من ش أنها تش ديد العقوب ة أو تخفيفه ا سرت آثارها على كل من ساهم في إرتكابها فاعالً كان أو شريكا ً ،علم بها أو لم يعلم أم ا إذا ت وافرت ظ روف مشددة شخصية سهلت إرتكاب الجريمة فال تسري على غير صاحبها إال إذا كان عالما ً بها ،أما ماعدا ذل ك من الظروف فال يتعدى أثرها شخص من تعلقت به سواء كانت ظروف مشددة أو مخففة ) . -23تنص المادة 36ق.ع .ع ( إذا جهل الفاعل وجود ظرف مشدد يغير من وصف الجريمة فال يسأل عن ه ، ولكنه يستفيد من العذر ولو كان يجهله ) . -24د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح قانون العقوبات-القسم العام ،المرجع السابق ،ص. 287 ولإلطالع علـى مزي د مـن التعريف ات لإلرادة أنظ ر :د .محم د س امي الن براوي ،المرج ع الس ابق ،ص79 /القاضي فريد الزغبي ،المرجع السابق ،ص / 43د .محم ود نجيب حس ني ،القص د الجن ائي تحدي د عناص ره، المرجع السابق ،ص / 135د .جالل ثروت ،نظرية الجريمة المتعدية القص د ،المرج ع الس ابق ،ص /174د. عباس الحسني ،شرح قانون العقوبات الجديد ،ط ، 2مطبع ة اإلرش اد-بغ داد ،1972،ص – . 90ومن المفي د ذك ره في ه ذا الخص وص أن ه ال يوج د في الفق ه اإلنكل يزي تعري ف مح دد لإلرادة ،ولكن القض اة عموم ا ً يفترضون أن هذه الكلمة ذات معنى شائع وال تحت اج إلى تعري ف ،فض الً عن كونه ا العنص ر ال ذي يم يز بين الجرائم العمدية عن غير العمدية Glanvill L. Williams “ The mental element in crime “، : ebrew university – Lionei Cohen lectures، 11th series، 1965، p.10 -25في تفصيالت ذلك أنظر :د .مصطفى العوجي ،المرجع السابق ،ص / 578د .رؤوف عبيد ،السببية في الق انون الجن ائي ( دراس ة تحليلي ة مقارن ة ) ،مطبع ة نهض ة مص ر ،1959،ص / 59د .عب د ال رؤوف مهدي ،اإلرادة بين النظرية العام ة للجريم ة والنظري ة العام ة للمس ؤولية ،بحث منش ور في المجل ة الجنائي ة القومية ،ع ،3المجلد ،19نوفمبر ،1976ص / 400د .رؤوف عبيد ،في التيسير والتخيير بين الفلسفة العامة وفلسفة القانون ،ط ،3دار الفكر العربي ،1984 ،ص. 362 -26ندى سالم حمدون مال علو ،أثر األمراض النفسية في التصرفات القانوني ة ،رس الة دكت وراه مقدم ة إلى كلية القانون-جامعة الموصل ، 2001 ،ص. 40 -27د .محمود نجيب حسني ،القصد الجنائي تحديد عناصره ،المرج ع الس ابق ،ص/ 125د .هاللي عب د الالة أحمد ،شرح قانون العقوبات-القسم العام ،المرجع السابق ،ص. 205 -28د .محمود نجيب حسني ،النظرية العامة للقصد الجنائي ،المرجع السابق ،ص / 202نفس المؤلف ،القصد الجنائي تحديد عناصره ،المرجع السابق ،ص. 106 -29د .عوض محمد ،قانون العقوبات-القسم العام ،المرجع السابق ،ص. 216 -30د .سليم إبراهيم حربة ،القتل العمد وأوصافه المختلفة ،ط ،1مطبعة بابل-بغداد ،1988 ،ص. 64 -31د .محمد الفاضل ،الجرائم الواقعة على األش خاص ،ط،3مط ابع ف تى الع رب-س وريا ،1965 ،ص/ 26 نفس المؤلف ،المبادئ العامة في قانون العقوبات ،المرجع السابق ،ص/471 – H. L. A. Hart “ punishment and responsibility ”Calarendon press، Oxford، London، 1968، p.90 -32د .م اهر عب د ش ويش ،ش رح ق انون العقوب ات-القس م الخ اص ،المرج ع الس ابق ،ص / 148د .حمي د السعدي ،شرح قانون العقوبات الجديد ،النظرية العامة ،المرجع السابق ،ص249 -33د .ضاري خليل محمود ،البسيط ،المرجع السابق ،ص/ 68 – I. G. Carvell and E. Swinfew Green “ criminal law and procedure “، Sweet and Maxwell، London، 1970، p.13 -34في تفصيالت ذلك أنظر :د .مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات-القسم الخاص ،المرجع السابق ،ص / 29د .جالل ثروت ،نظرية القسم الخ اص،ج، 1ج رائم االعت داء على األش خاص ،ال دار الجامعي ة-مص ر، دون تاريخ ص. 146 -35د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،قانون العقوبات-القسم الخ اص ،المرج ع الس ابق ،ص / 128د .حمي د السعدي ،النظرية العامة لجريمة القتل ،المرجع السابق ،ص / 178د .محم د س عيد نم ور ،الج رائم الواقع ة على األش خاص في ق انون العقوب ات األردني ،المرج ع الس ابق ،ص / 36د .محم د الفاض ل ،ش رح ق انون العقوبات-القسم الخاص ،مطبعة جامعة القاهرة ، 1959،ص.235 عناصر القصد الجرمي : يتوافر القصد الجرمي في جرائم االعتداء على حق اإلنسان في التكامل الجس دي العمدي ة م تى ارتكب الج اني الفعل المكون للجريم ة( )1عن إرادة وعلم ب أن ه ذا الفع ل ي ترتب علي ه المس اس بس المة جس م اإلنس ان(،)2 سندرس هذين العنصرين: أوالً :إرادة السلوك اإلجرامي ونتيجته الجرمية اإلرادة تتمث ل في نش اط نفس ي يتجس د في ق درة اإلنس ان على توجي ه نفس ه إلى فع ل معين أو االمتن اع عن ه. ويتوافر القصد الجرمي في اتجاه إرادة الج اني إلى انته اج س لوك إج رامي (فع ل أو امتن اع) لغ رض إح داث النتيجة الجرمية المترتبة عليه ،فاإلرادة نشاط نفسي يصدر عن وعي وإدراك ،وعليه فيفترض علم ا ً ب الغرض المستهدف وبالوس يلة ال تي يس تعان به ا لبل وغ ه ذا الغ رض .إن الج اني يجب أن ي رتكب الس لوك اإلج رامي بصورة إرادية حرية االختيار أيضا ً مما يترتب عليه أنه فإذا تبين من الوقائع أن الفاعل لم يقترف الفعل المسند إليه عن إرادة حرة مختارة وإنما عن إكراه أو بسب قوة قاهرة أو تحت تأثير التنويم المغناطيسي أو غيبوبة فال يتوافر القصد الجرمي بسبب عدم توافر إرادة السلوك اإلج رامي ل دى الج اني( .)3ف إذا م ا ت وافر القص د ف إن اإلرادة ال تنصرف إلى تحقيق السلوك المحرم فقط وإنم ا تتج ه ك ذلك نح و تحقي ق النت ائج ال تي تنش أ عن ه ذا السلوك ،ويكفي في ذل ك أن يري د الج اني ه ذه النت ائج وال يهم بع د ذل ك أن يع رف م ا إذا ك ان لس لوكه ص فة إجرامية أم ال إذ أن الجهل بالقانون ليس بعذر(.)4 ثانياً :العلم لتحقق القصد الجرمي ال يكفي أن يكون الجاني مريدا ً للسلوك اإلجرامي الذي أتاه ومريدا ً للنتيجة الجرمية التي حصلت منه ،وأن إرادته متجهة القترافه ا بالش روط ال تي ينص عليه ا الق انون لتوافره ا ،ف إذا أعطى ش خص آلخر مادة ضارة إلبادة الحشرات متوقعا ً أن يستعملها لهذا الغرض ولكن الثاني تناولها فأصيب من جراء ذل ك بأضرار صحية ،فإن القصد الجرمي ال يتوافر لدى الشخص األول( .)5وهكذا فالعلم بالشيء عكس الجهل به، إن دراس ة العلم معناه ا تحدي د الوق ائع أو العناص ر ال تي يل زم العلم به ا لت وافر القص د الج رمي وهي تش مل العناصر التي تعد الزمة جميعها من وجهة نظر المشرع إلعطاء الواقعة اإلجرامية وصفها الق انوني وتميزه ا عن سواها من الوقائع المشروعة وغير المشروعة( .)6وقد ينصب العلم على وق ائع مادي ة وق د ينص رف إلى تكييف يستمد من قاعدة قانونية مثل صفة الموظف أو صفة الزوجية أو صفة المكان العام ،وبصورة عامة فإن الوقائع التي يلزم العلم بها قد تكون سابقة على الفعل أو معاص رة ل ه أو الحق ة علي ه وه و م ا يح دده النم وذج القانوني للجريمة كما ينص عليه القانون( .)7ففي جرائم االعتداء على حق اإلنسان في التكام ل الجس دي يل زم أن يعلم الجاني ،لتوافر عنصر العلم في القصد الجرمي ،أن فعله ينصب على جسم حي إذ أن الحق في التكامل الجسدي ال يتمتع به إال شخص حي ،فمن يبتر عضوا ً في جسم شخص أغمي عليه معتق دا ً أن ه ق د م ات ال يع د القصد الجرمي متوافر لدي ه ،ويتعين ك ذلك أن يعلم الج اني بطبيع ة نش اطه وخطورت ه على عناص ر الس المة الجسدية للمجني عليه ،وأن من شأن هذا النشاط أن ينال باالعت داء من عناص ر ه ذه الس المة وتطبيق ا ً ل ذلك ال تتحقق المسؤولية الجنائية إذا انعدم علم الجاني بشأن نشاطه وبأن فعله ينال بالمساس من سالمة الجسم للمج ني عليه ولذلك فال يسأل الصيدلي ال ذي يس لم المج ني علي ه دوا ًء معتق دا ً أن ه مقوي ا ً وال من يت درب على الرماي ة فيصادف ذلك وجود شخص لم يره في منطقة الهدف فيص يبه ألن في ه ذه األح وال وم ا ش ابهها ينتفي القص د الجرمي ،ولكن ه ذا ال يمن ع من قي ام مس ؤولية الج اني عن اإلص ابة الخط أ إذا انط وى مس لكه عن إهم ال أو رعونة أو عدم احتياط. ولتوافر عنصر العلم في القصد الجرمي ينبغي كذلك أن يتوقع الج اني أن ي ترتب على فعل ه المس اس بالتكام ل الجسدي للمجني عليه ،فإذا انتفى هذا التوقع تخل ف القص د الج رمي كحال ة األم ال تي ت ترك س هوا ً في متن اول أطفالها الصغار مادة ضارة فيتناوله ا أح دهم ويم رض ،وال يغ ني عن توق ع النتيج ة اس تطاعة توقعه ا ،فه ذه االستطاعة ال يقوم بها سوى الخط أ( .)8ولكي يتحق ق القص د الج رمي الب د من اتج اه إرادة الج اني الرتك اب الفعل الذي يعلم بأنه يمس سالمة جسم المجني عليه ،ف إذا لم تتج ه إرادة الج اني إلى الفع ل كم ا ل و أك ره على ضرب المجني عليه أو جرحه أو قذفت به ريح عاتية فوقع على أحد الم ارة ف ألحق ب ه أذى فال يت وافر القص د الجرمي في هذه الحاالت .والبد كذلك من أن تتجه اإلرادة إلى تحقيق النتيجة المع اقب عليه ا أي إح داث األذى البدني بجسم المجني عليه ،وبنا ًء على ذلك فإن القصد الجرمي ينتفي ولو اتجهت إرادة الجاني إلى الفع ل إذا لم يتوقع هذه النتيجة إطالقا ً كحالة من يطلق الرصاص ابتهاجا ً فيصيب شخصا ً بجراح أو توقع النتيجة ولكنه كان يأمل أال تقع كحالة الطبيب الذي يجري عملية خطيرة لمريض توقع احتمال أن تفض ي إلى عاه ة مس تديمة إال أنه أجراها معتمدا ً على مهارته ورغبته أال ينال الم ريض س وء ،إال أن العملي ة فش لت وأص يب المج ني علي ه بعاهة مستديمة ،وإذا ك ان القص د الجن ائي يتخل ف في ه ذه الح االت ف إن ذل ك ال يمن ع من مس اءلة المتهم عن جريمة غ ير عمدي ة إذا ثبت في حق ه الخط أ( .)9األص ل أن ي زامن القص د الج رمي ال ركن الم ادي للجريم ة بعناصرها كلها فتتوافر لدى الجاني اإلرادة اإلجرامية وقت إتيانه الفعل ،وتظ ل مت وافرة ح تى تتحق ق النتيج ة الجرمية ،وفي هذا الوضع ال تثور صعوبة إذ ال مح ل للش ك في مس ؤولية الج اني عم دا ً ومحكم ة الموض وع تتمتع بسلطة واسعة في تكوين عقيدتها حول توافر القصد الجرمي ومعاصرته للركن الم ادي ،فق د قض ي ب أن (من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحرية كاملة في تكوين عقي دتها مم ا ترت اح إلي ه من أق وال الش هود وم تى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها طرحت االعتبارات جميعها التي ساقها الدفاع لحملها على عدم األخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان عل ة طرحه ا إياه ا)( )10م تى ثبت أن الج اني ارتكب الس لوك اإلج رامي المك ون للجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة بإرادته وعن علم بأن هذا الس لوك ي ترتب علي ه المس اس بس المة جسم المجني علي ه أو ص حته ف إن ذل ك يكفي لت وافر القص د الج رمي في ه ذه الج رائم وعلى ه ذا األس اس ال يشترط القانون لتوافر القصد الجرمي أن يتوقع الجاني عالقة السببية التي تربط ما بين فعله والمساس بالتكامل الجسدي للمجني عليه فالغلط في عالقة السببية في جرائم االعتداء على حق اإلنسان بالتكامل الجسدي هو غلط غير جوهري ،فكل الوسائل سوا ًء إذا أراد شخص أن يضرب آخر بوسيلة معينة فإذا به يح دث بوس يلة أخ رى فالقصد الجرمي يظل متوافرا ً لديه. كذلك ال يؤثر الغلط في الشخص وال الخطأ في التصويب على قيام القصد الجرمي ويتحق ق الغل ط في ش خص المجني عليه عندما يعم د الج اني إلى إي ذاء زي ٍد من الن اس في تربص ل ه ثم يم ر بك ر فيعتق د الج اني أن ه زي د فيجرمه .وفي حالة الغلط تقوم الجريمة كاملة ألن القانون يحمي الحق في س المة الجس م وص حته للن اس كاف ة ومادام الجاني يعلم بأنه يعتدي على س المة إنس ان وق ع االعت داء فعالً على س المة إنس ان فال أهمي ة بع د ذل ك للغلط الواقع منه في األوصاف التي تميز هذا الشخص عن ذاك( .)11وقد قض ي بأن ه (إذا انت وى المتهم إي ذاء شخص معين فأخطأ وأصاب شخصا ً آخر سواء كان ذلك لعدم إحكامه تسديد الضربة أم كان لجهله حقيق ة ذات شخص غريمه فإنه يحاس ب على أن ه أح دث اإلص ابة عن عم د كم ا ل و ك انت ض ربته ق د أص ابت من قص د إصابته)( .)12أما الخطأ في توجيه السلوك االجرامي فيتحقق عن دما يري د الج اني إي ذاء ش خص معين ولكن ه يصيب شخصا ً آخر لم يكن الجاني يقصد مطلقا ً إيذاءه ،إن الجاني في هذه الحالة يسأل عن النتيج ة ال تي وقعت ألنه وقد ثبت لديه نية المساس بالتكامل الجسدي فإنه يجب أن يس أل عن النت ائج ال تي ك ان يمكن أو ك ان يجب عليه أن يتوقعها كما لو كان قد تعمدها( .)13إن قانون العقوبات العراقي قد تبنى فكرة القصد االحتمالي وجعله مساويا ً من الناحية القانونية للقصد المباشر بشرط أن يكون الجاني قد توقع نتائج إجرامية لفعله فأقدم عليه قابالً المخاطرة بح دوثها ،إذ نص ت الم ادة ( )34من ق انون العقوب ات رقم 111لس نة 1969ب أن (تك ون الجريم ة عمدية إذا توافر القصد الجرمي لدى فاعلها ،وتعد الجريمة عمدية ك ذلك (ب) إذا توق ع الفاع ل نت ائج إجرامي ة لفعله فأقدم عليه قابالً المخاطرة بحدوثها) .وإذا كان األصل في جرائم االعتداء على سالمة الجسم أنها تقع بنا ًء على فعل جرمي مباشر فإن كثيرا ً منها قد يق ع بن ا ًء على القص د احتم الي ال ذي نص ت علي ه الم ادة ( )34من قانون العقوبات العراقي النافذ ،وقد ال يحيط الجاني على وجه أكيد بنتيجة نشاطه أو بطبيعة المادة ال تي يق دمها إلى المجني عليه ولكنه يتصور أن من الممكن أو من (المحتمل) أن يؤدي فعله إلى المساس بجسمه أو بص حته دون أن يكون ذلك داخالً في هدف الجاني من النشاط أو دوافعه إليه ،والقاعدة أنه يعد متعمدا ً إذا كان مع علم ه إمكان حدوث النتيجة الجرمية قد استوى لديه ،عند إقدامه على النشاط ،حصولها أو ع دم حص ولها ،وه ذه هي صورة القصد االحتمالي( .)14وقد عرف الفقه اإليطالي طائفة من الجرائم سماها (جرائم ما وراء القص د) أي الجرائم ذات النتيجة( )15التي تجاوز قصد الجاني ،وقد عرفه ا ق انون العقوب ات اإليط الي في الم ادة ()43/2 منه بأنها (تعد الجريمة متجاوزة القصد أو متعديته إذا ترتب على الفعل أو االمتناع نتيجة ضارة أو خطرة أشد جسامة من تلك التي أرادها الجاني) .ومن الجرائم المتعدية القصد في ق انون العقوب ات الع راقي اإلي ذاء العم د المفضي إلى عاه ة مس تديمة (الم ادة )412/2وجريم ة الض رب المفض ي إلى م وت (الم ادة )410وجريم ة اإلجهاض المفضي إلى موت (المادة )418 ،417وجريمة الحريق العمد المفضي إلى موت (المادة .)324 __________________ -1الدكتور محمود نجيب حسني ،النظرية العامة للقصد الجنائي ،الطبعة الثانية ،دار النهضة العربية ،القاهرة، ،1974ص.10 -2الدكتور محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوب ات ،القس م الع ام ،الطبع ة الرابع ة ،دار النهض ة العربي ة، مطبعة جامعة القاهرة ،1977 ،ص.633 -3الدكتور محمد أحمد المشهداني ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،1997 ،مصدر سابق ،ص.351 -4تنص المادة ( )37من قانون العقوبات العراقي بأن (ليس ألحد أن يحتج بجهل ه ألحك ام ه ذا الق انون أو أي قانون عقابي آخر ما لم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي يعاقب على الجريمة بسبب قوة قاهرة.).. -5الدكتور محمد عيد الغريب ،المصدر السابق ،ص.459 -6الدكتور مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات ،القسم العام ،دار الفكر الع ربي للطباع ة والنش ر ،الق اهرة، ،1979ص.305 -7الدكتور أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،القسم العام ،مصدر سابق ،ص.539 -8ال دكتور محم د ص بحي نجم ،الج رائم الواقع ة على األش خاص ،الطبع ة األولى ،األردن ،ع ّم ان ،س وق البتراء ،مكتبة دار الثقافة للنش ر والتوزي ع2002 ،ـ ص128؛ وال دكتور محم ود نجيب حس ني ،ش رح ق انون العقوبات ،القسم الخاص ،القاهرة ،دار النهضة لعربية ،1988 ،ص.452 -9الدكتورة فوزية عبد الستار ،المصدر السابق ،ص.458 -10طعن رقم 30في 22/10/1984الص ادر من محكم ة النقض في دول ة اإلم ارات ،أنظ ر مجل ة العدال ة الصادرة عن دولة اإلمارات العربية المتحدة ،العدد الثاني واألربعون ،الس نة الثاني ة عش ر ،1985 ،تص درها وزارة العدل ،ص.85 -11الدكتور عبد المهيمن بكر ،جرائم االعتداء على األشخاص واألموال ،القاهرة ،دار النهضة العربي ة32 ، شارع عبد الخالق ثروت ،1968 ،ص.112 Elliott، D. W..، and Wood، J. C.، A Case Book of Criminal Law، Third Edition، -12 ;London، Sweet and Maxwell، 1974، p. 302والدكتور محمد عيد الغريب ،المصدر السابق ،ص .460 -13فقد قضي بأن (المتهم يسأل عن إصابة شخص آخر غير المجني عليه ولو لم يقصده ابتدا ًء) ،أنظر تمي يز رقم /856جنايات 1974 /في ،26/5/1974النشرة القضائية ،العدد الثاني ،السنة الخامسة ،ص.336 -14الدكتور عبد المهيمن بكر ،جرائم االعتداء على األشخاص واألموال ،1968 ،المصدر السابق ،ص.114 -15الدكتور سمير الجنزوري ،المصدر السابق ،ص.444