You are on page 1of 16

‫اإلعداد‪:‬پوهنیار نقیب الدین نقی‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪This research deals with expressions that have several meanings in what‬‬
‫‪is called the phenomenon of verbal commonality, in light of the opinions of‬‬
‫‪linguistic scholars in the past and in the present and we went on the‬‬
‫‪approach of scholars in defining terms.‬‬
‫‪And the modernists and we showed the opinions of both groups and‬‬
‫‪after that we talked about the causes and factors of the occurrence of this‬‬
‫‪phenomenon in the language.‬‬
‫‪New information in this field and a revealing light on one of the‬‬
‫‪phenomena of the Arabic.‬‬
‫‪Key words: Verbal joint, Moral joint, Alliterations, linguistic development,‬‬
‫‪Faces and isotopes.‬‬

‫یتناول هذا البحث األلفاظ التی هلا عدة معان بام یسمی ظاهرة املشرتك اللفظی وذلك فی ضوء آراء العلامء اللغة‬
‫قدیام وحدیثا وذهبنا علی هنج العلامء فی تعریفاملصطلحات‪ ،‬فبدأنا بالتعریف اللغوی واالصطالحی علی أساس أقوال‬
‫األدباء واللغوینی فی هذه الظاهرة ثم تكلمنا عن منكری ومؤیدی هذه الظاهرة بنی القدماء واملحدثنی وب ّینا آراء كال‬
‫الفریقنی وبعد ذلك حتدثنا عن أسباب وعوامل وقوع هذه الظاهرة فی اللغة ونستكمل الكالم برشح أنواع املشرتك‬
‫اللفظی فی اللغة العربیة وفی األخری ننظر نظرة موجزة عابرة إلی ظاهرة االشرتاك اللفظی فی القرآن بام یسمی الوجوه‬
‫والنظائر ونأمل أن جید القارئ فی هذه الدراسة ما نحسبه معلومة جدیدة فی هذا احلقل و ضوءا كاشفا علی ظاهرة من‬
‫ظواهر اللغة العربیة‪.‬‬
‫الكلامت الدالة‪ :‬املشرتك اللفظی‪ ،‬املشرتك املعنوی‪ ،‬التجنیس‪ ،‬التطور اللغوی‪،‬الوجوه والنظائر‪.‬‬

‫~‪~2‬‬
‫احلمد هلل الذي ّرشف اللسان العريب بكتابه العزیز ورشیعته اهلادیة‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسوله ومصطفاه حممد بن عبداهلل‪ ،‬وعىل‬
‫آله وصحبه أمجعنی‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫املشرتك اللفظی ظاهرة موجودة فی معظم اللغات إن مل یكن كلها‪ ،‬مع بعض الفوارق الطفیفة فی تفاصیله‪ ،‬وفی العربیة هی تعد‬
‫من الظواهر اللغویة التي كثر حوهلا الكالم والنقاش بنی العلامء واللغوینی واألدباء والباحثنی قدی اام وحدی اثا‪ ،‬وقد عدها الكثریون منهم سمة‬
‫من سامت العربیة‪ ،‬ومیزة من ممیزاهتا ومظهرا من مظاهر العبقریة فیها‪.‬‬
‫یر ى كثری من الباحثنی أن املشرتك اللفظي هو القوة االقتصادیة الضاربة للرصید اللغوي‪ ،‬ألنه یمثل العنرص اجلوهري واألساس‬
‫للثروة اللغویة والفكریة واحلضاریة‪ ،‬وهو یعترب احلالة الطبیعیة الغالبة يف اللغة مقارنة باإلفرادیة املدلولیة التی أصبحت بحكم الواقع‬
‫اللغوي تعترب حالة ثانویة ‪.‬ویعود ذلك إىل قانون عام سائد يف اللغات مجیعها‪ ،‬ومفاده ‪:‬أن أفكار اإلنسان غفریة وكثریة ووسائل التعبری عنها‬
‫حمدودة‪ ،‬وبتعبری علامء األصول‪« :‬األحكام حمدودة واحلوادث غریحمدوة؛ ألن املعاين التي یمكن أن تعقل ال تتناهى‪ ،‬واأللفاظ متناهیة‬
‫واملتناهي إذا وزع عىل غری املتناهي لزم االشرتاك‪.‬‬
‫األلفاظ املشرتكة املعاين مع ما صدر هلا من رشوح ودار حوهلا من مناقشات جز اءا مه اام من الرتاث اللغوي واألديب عند العرب ‪.‬‬
‫غری أن موقف الباحثنی واللغوینی حول هذه األلفاظ وحدیثهم عن طبیعتها وعن أمهیتها ودورها يف جمال التعبری كان وما یزال خالفی اا غری‬
‫مستقر‪ .‬باإلضافة إىل االختالف القائم حول حقیقة االشرتاك اللفظي يف اللغة العربیة ‪ ،‬هناك تباین يف اآلراء حول أمهیته ‪ ،‬أو مدى إجیابیة‬
‫وجوده ‪ ،‬أو كثرته يف اللغة ‪ :‬فمن مدع أن املشرتك اللفظي یشكل دلیالا عىل ضعف اللغة ‪ ،‬وعدم قدرهتا أو قدرة رصیدها عىل التعبری عن‬
‫ال مهـ اام من عوامل الغموض يف‬
‫معاين احلیاة وأغراضها املختلفة ‪ ،‬لذلك جیب تنزیه اللغة عنه ‪ .‬ومن مدع أن املشرتك اللفظي یشكل عام ا‬
‫النصوص ‪ ،‬والسیام النصوص الشعریة ‪ ،‬وإ اذا فال یعد وجوده أو تزایده يف العربیة صفة إجیابیة حممودة ؛ ألنه یسلبهـا جانب اا من وضوحها‬
‫وجالئها املفرتض ‪ .‬وهذا مذهب تؤیده بعض النزعات التقلیدیة التي تشرتط وضوح العبارة عىل عمومها ‪ ،‬وترى أن أحسن الكالم ما‬
‫كشف القناع عن معناه ‪ ،‬وأفهم سامعه مضمونه دون جهد أو عناء ‪ .‬بینام ترفضه االجتاهات التي تعد الغموض سمة إجیابیة يف النص األديب‬
‫شعرا ‪ ،‬وتعترب كثرة املشرتك اللفظي دلیالا عىل ثراء اللغة ‪ ،‬وطواعیتها ومرونتها ‪ ،‬وشاعریتها ‪ ،‬واتساعها يف التعبری ‪ ،‬ولیس‬
‫‪ ،‬السیام إذا كان ا‬
‫فقرها وضعفها كام یزعم اآلخرون‪.‬‬
‫من جانب آخر فقد كان للمشرتك اللفظي عند أهل البدیع مقام كبری ؛ ألن عد ادا من فنون البدیع كاجلناس والتوریة والرتصیع‬
‫وغریه من فنون البالغة األخرى قائم علیه ‪ ،‬مستمد وجودها من وجوده ‪ .‬وهذا من مجلة ما جعل املشرتك اللفظي موضع اهتامم الفقهاء‬
‫واألصولینی واملفرسین والباحثنی يف بالغة القرآن وإعجازه من علامء العرب ونقادهم القدامى وهذا ما جعل من هذه األلفاظ قضیة لغویة‬
‫جدیرة بالدراسة ‪ ،‬ووجود هذه اخلالفات فی آراء املتقدمنی جیعل اإلحاطة بكل جوانب هذه القضیة صعب املنال‪ ،‬إضافة إىل قلة املراجع‬
‫والدراسات التي تناولت موضوع املشرت ك اللفظي يف إطار لساين حدیث‪ ،‬فمعظم الدراسات التي كان موضوعها املشرتك اللفظي تكاد‬
‫تقدم نفس األطروحات حول هذه الظاهرة‪.‬‬
‫مع كل هذا‪ ،‬ینظر بحثنا هذا إلی هذه الظاهرة من زوایا خمتلفة ویعتمد الفحص والتحلیل والطرح املوضوعي ومناقشة اآلراء هیدف‬
‫بالدرجة األوىل التعرف علی مفهوم املشرتك اللفظی عند القدماء واملحدثنی ثم أهم أسباب وقوع االشرتاك اللفظی وفی النهایة أنواع‬
‫االشرتاك اللفظی‪ .‬و خیتم البحث بخامتة تضمنت أبرز نتائج التی نتوصل إلیها من خالله‪.‬‬

‫~‪~3‬‬
‫مما حيتاج إىل معرفته مؤلف الكالم‪ ،‬لیجد إذا ضاق به موضع يف كالمه بعض األلفاظ سعة يف العدول عنه إىل غریه مما هو يف معنهاه‪،‬‬
‫وخیص هذا اجلانب الرتادف‪ ،‬كام یمكنه إیراد بعض األسامء املشرتكة لیستعنی هبا عىل استعامل التجنیس يف كالمه‪ ،‬وهي احتاد االسم‬
‫واختالف املسمیات‪ ،‬كالعنی‪ ،‬و األمة‪ ،‬والرمحة وأمثاهلا‪ ،‬وقضیة املشرتك اللفظي يف الرتاث العريب اإلسالمي‪ ،‬أمر لیس يف حاجة إىل أن یبنی‬
‫أو یستدل علیه‪ ،‬لوضوحه فیه‪ ،‬وكثرة ما كتب حوله‪ ،‬يف مجیع مناحي هذا الرتاث‪ ،‬نحوا‪ ،‬وبالغة‪ ،‬ورصفا‪ ،‬ومعجام‪ ،‬وفقها‪ ،‬وفلسفة‪ ،‬ومنطقا‪،‬‬
‫وأصوال‪ ،‬وفقه اللغة‪ ،‬وحدیثا‪ ،‬وعقیدة‪،‬وقراءات قرآنیة ‪ ...‬وغریها من العلوم‪ ،‬وهو موضوع أكرب من أن حياط به يف هذه الصفحات‪ ،‬أو‬
‫أن‪ ،‬یدرس من وجهة نظر واحدة‪.‬‬

‫أردت أن أكتب مقاال يف املشرتك اللفظي؛ ألن هذا البحث یعالج قضیة اللفظ واملعنى من زوایا خمتلفة‪ :‬لغویة‪ ،‬وأدبیة‪ ،‬وبالغیة‪،‬‬
‫معاجل اة تعتمد الفحص‪ ،‬والتحلیل‪ ،‬والطرح املوضوعي‪ ،‬ومناقشة اآلراء‪ ،‬وفق منهج نقدي جدید‪ ،‬هیدف ب الدرجة األوىل إىل إجیاد حلول‬
‫جذریة للخالف الدائر حول األلفاظ املشرتكة املعاين يف اللغة العربیة‪ ،‬كام یسعى إىل توضیح طبیعة نشوئها‪ ،‬وإثبات أمهیتها ومدى فاعلیتها‬
‫يف جماالت التعبری يف حیاتنا احلارضة‪.‬‬
‫نتیجة‪ :‬هذا كله‪ ،‬باإلضافة إىل ما یثریه هذا البحث من أسئلة وموضوعات تتعلق بجوانب جدیرة بالدراسات املستقبلیة؛ من مثل‪:‬‬
‫ارتباط املشرتك اللفظي بالقرآن الكریم بنوعیه القدیم واحلدیث‪ ،‬وارتباطه ببعض األسالیب البالغیة؛ كاملجاز‪ ،‬والتوریة‪ ،‬االستعارة‪،‬‬
‫واجلناس‪ ،‬و أخریا ما یمكن أن تكون له من صلة بمستقبل املصطلح العلمي‪.‬‬

‫سأحاول اإلجابة عن األسئلة اآلتیة‪:‬‬


‫‪ .1‬ما مفهوم املشرتك اللفظي وأسباب وجوهه لدى علامء اللغة العربیة قدیام وحدیثا؟‬
‫‪ .2‬ما أثر السیاق يف حتدید داللة املشرتك اللفظي عند أهل اللغة من القدماء واملحدثنی؟‬
‫‪ .3‬ما آثار املشرتك اللفظي يف اللغة العربیة‪ ،‬ويف استنباط األحكام الرشعیة؟‬
‫‪ .4‬ما أقسام املشرتك اللفظي وما نامذجه؟‬
‫‪ .5‬ما أوجه االختالف و االتفاق بنی علامء اللغة العربیة قدیام وحدیثا؟‬

‫املنهج الذي اخرتت يف كتابة املقالة العلمیة هي منهج املكتبیة التحلیلیة‪ ،‬بحیث أراجع يف املكتبات وأبحث عن املشرتك اللفظي‬
‫عند أهل اللغة ثم أرتب املوضوعات حتلیلیا‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن للعلامء منهجا خاصا یسریون علیه يف التعریف باملصطلحات حیث یبدؤون ببیان املعنى اللغوي للمصطلح قبل تعریفه‬
‫ال للمعنى االصطالحي ‪.‬وعىل هذا املنهج نسری يف التعریف بمصطلح املشرتك اللفظی‪.‬‬
‫االصطالحي؛ لیكون متهیدا ا وتأصی ا‬

‫~‪~4‬‬
‫«املشرتك»‬
‫یدل عَ َىل ام ٍ‬
‫اآلخر ُّ‬ ‫ف انفر ٍ‬
‫خال ِ‬ ‫عىل ‪:‬م ٍ‬
‫قارنة َو َ‬ ‫أحدمها ُّ‬ ‫ِ‬ ‫والرا ُء َوا ْلك ُ‬
‫تداد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اد‪َ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫یدل َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫أصالن‪،‬‬ ‫َاف‬ ‫یقول ابن فارس يف مقاییس اللغة‪ِّ « :‬‬
‫الشنیُ َّ‬
‫واس ٍ‬
‫تقامة ‪.‬‬ ‫َ ْ‬
‫ت َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن اا ِيف َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الَّش ُء بنیَ ا ْث ِ‬
‫رشی َكه ‪.‬‬ ‫رص َ‬ ‫الَّشء‪ ،‬إ َذا ْ‬ ‫ْ‬ ‫كت ُف ُ‬ ‫‪.‬وی ُق ُال ‪َ :‬‬
‫شار ُ‬ ‫دمها َ‬‫أح ُ َ‬ ‫ننی َال َینفر ُد به َ‬ ‫یكون َّ ْ‬‫َ‬ ‫وه َو ْ‬
‫أن‬ ‫الرشك ُة‪ُ ،‬‬‫ول ْ‬ ‫َف ْاأل ُ‬
‫ِ‬ ‫قص ِة ُم ْو َسی‪﴿ :‬و َأ ْ ِ‬
‫رش ْك ُه ِ ْيف َأ ْم ِر ْي﴾ (طه‪َ ) 32 :‬وی ُق ُال ِِيف الدُّ عَاء ‪ :‬ا َّل ُ‬
‫له َّم‬ ‫لك ‪َ .‬ق َال اهللَُّ َج َّل َثناؤُ ُه ِيف َّ‬‫رشیك اا َ‬ ‫الناا‪ ،‬إ َذا َج َع َلت ُه َ ِ‬
‫ْت ُف َ ا‬ ‫أرشك ُ‬
‫َو ْ َ‬
‫لرش ُك ‪ :‬ل َق ُم ال َّط ِر ِیق‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫ْت ال َّر ُج َل ِِيف ْا ْألَ ْم ِر ْ ِ‬ ‫رشكَا َء ِيف َذل ِ َك‪َ ،‬و َ ِ‬ ‫اء املُْؤْ ِمننیَ ‪ِ ،‬‬‫أرش َكنَا د َع ِ‬
‫أرش ُكه‪َ .‬وأ َّما ْاألَ ْص ُل ْاآل َخ ُر َفا َّ َ‬ ‫رشك ُ‬ ‫اج َع َلنَا َهل ُ ْم ُ َ‬
‫أي ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ِ‬
‫لك المتدَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أیضا ِ‬ ‫ِ‬
‫اده» (ابن فارس‪1979،‬م‪.)265/5 ،‬‬ ‫بذ َ‬ ‫ِّسم َي َ‬
‫الصائد‪ِّ ،‬‬ ‫اك النَّ ْع ِل ُم َش َّبه هبذا َومنْ ُه َرش ُك َّ‬ ‫رش ُ‬ ‫‪.‬و َ‬ ‫رشا ُك ُه ا َ‬ ‫َ‬
‫وجاء يف لسان العرب البن منظور يف مادة(ش ر ك)‪:‬‬
‫اآلخر‬
‫َ‬ ‫وشارك أحدُ مها‬
‫َ‬ ‫تشاركا‬
‫‪:‬تشاركنا‪ ،‬وقد اشرتك الرجالن‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫رتكنا بمعنى‬ ‫الرش َك ُة َّ ِ‬
‫والرشكة سواء ‪:‬خمالط ُة الرشیكنی ‪.‬یقال ‪:‬اش َ‬ ‫ِّ ْ‬
‫‪:‬رصت رشیكَه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ْت فالناا‬
‫‪ ...‬وشارك ُ‬
‫رت ٌك لیس بواحد‬ ‫حيدِّ ث نفسه َّ‬
‫أن رأیه ُم َش َ‬ ‫واشرتكنا وتَشاركنا يف كذا‪ِ ،‬‬
‫ورش ْك ُته يف البیع واملریاث ‪...‬قال ‪:‬ور َأیت فال انا مشرتكاا‪ ،‬إذا كان َ‬ ‫ْ‬
‫(ابن منظور‪ ،‬د‪.‬ت‪.)2249-2248/4،‬‬

‫« اللفظ»‬
‫جاء يف معجم مقاییس اللغة البن فارس «الالم والفاء والظاء »كلمة صحیحة تدل عىل طرح الَّشء؛ وغالب ذلك أن یكون من‬
‫الفم ‪.‬تقول ‪:‬لفظ بالكالم َی ْل ِفظ ل ْفظا‪.‬‬
‫ملفوظ ولفیظ (ابن فارس‪1979،‬م‪.)259/5 ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫والالفِ َظة ‪:‬الدِّ یك‪ ،‬ویقال ال َّرحى‪ ،‬والبحر ‪...‬وهو يشء‬ ‫ولفظت الَّش َء من فمي‪َّ .‬‬ ‫ُ‬
‫‪:‬لفظت الَّشء من فمي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والفعل ل َف َظ ال ََّّشء ‪ُ .‬یقال‬ ‫بشیء كان فی فیك‬ ‫ٍ‬ ‫و فی لسان العب البن منظور(ت‪711.‬هـ)‪ :‬اللفظ أن ترمی‬
‫یظ َول ْف ٌظ ‪ .‬وقال ابن سید ْه ‪ :‬ل َف َظ الَّش َء‬ ‫اظ َو ِلف ٌ‬
‫ألفظه لفظا رمیته ‪.‬وذلك الَّشء ل َفا َظ ٌة‪... ،‬قال ابن ِّبر ّي‪ ،‬واسم ذلك امللفوظ لفا َظ ٌة ُول َف ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وظ َو ِلف ٌ‬ ‫ِ‬
‫وبالَّشء َیل ِف ُظ ل ْف اظ اا‪ ،‬فهو َم ْل ُف ٌ‬
‫یب‬ ‫لم ‪ .‬ويف التنزیل العزیز‪َ ﴿ :‬ما ی ْلف ُظ من َق ْو ٍل َّإال لدَ ْیه َرق ٌ‬ ‫مى‪.‬ول َف َظ بالَّشء‪ ،‬ی ْلف ُظ ل ْفظ ا ‪:‬ت َّك َ‬
‫یظ ‪ :‬ر َ‬
‫عَ تِ ْیدٌ ﴾ )ق‪( 18 :‬‬
‫در رماه‪ ،‬فهو ملفوظ ولفیظ(ابن‬ ‫ولفظت بالكالم وت َل َّف ْظ ُت به‪ ،‬أي ت َك َّل ْمت به ‪.‬واللفظ ‪:‬واحدُ واأللفاظ‪ ،‬وهو يف األصل ْ‬
‫مص ٌ‬
‫منظور‪ ،‬د‪.‬ت‪.)4 405،‬‬
‫و فی القاموس املحیط‪ :‬لفظه‪ ،‬ولفظ به‪ ،‬كرضب وسمع‪ :‬رماه‪ ،‬فهو ملفوظ ولفیظ‪ ،‬ولفظ بالكالم ‪:‬نطق كتلفظ (الفریوز آبادي‪،‬‬
‫‪1998‬م‪ .)698/‬وعن التعریف االصطالحي للفظ‪ ،‬یقول أبو البقاء الكفوي (ت ‪ 1094‬هـ)‪ :‬و اللفظ يف – أصل اللغة – مصدر بمعنى‬
‫الرمي‪ ،‬وهو بمعنى املفعول‪ ،‬فیتناول ما مل یكن صوتا وحرفا‪ ،‬وما هو حرف واحد وأكثر‪ ،‬مهمال أو مستعمال‪ ،‬صادرا من الفم أو ال‪ ،‬لكن‬
‫خص يف عرف اللغة بام صدر من الفم من الصوت املعتمد عىل املخرج حرفا واحدا أو أكثر‪ ،‬مهمال‪ ،‬أو مستعمال‪.‬‬
‫معنى فقول‪،‬‬
‫ا‬ ‫معنى فهو لفظ‪ ،‬وإن أفاد‬
‫ا‬ ‫ویقول أیض اا‪ :‬وما خرج من الفم إن مل یشتمل عىل حرف فهو صوت‪ ،‬وإن اشتمل ومل یفد‬
‫فإن كان مفر ادا فكلمة‪ ،‬أو مركب اا من اثننی ومل ِیفد نسبة مقصودة فجملة‪ ،‬أو أفاد ذلك فكالم‪ ،‬أو من ثالثة َفكَلِ ٌم‪)14(.‬‬

‫~‪~5‬‬
‫للمشرتك اللفظی تعاریف شتی أمهها‪:‬‬
‫تعریفات القدماء للمشرتك اللفظی‪:‬‬
‫عرفه السیوطی بقوله‪ « :‬و قد َحدَّ ُه أهل األصول بأنه اللفظ الواحد الدال علی معنینی خمتلفنی فأكثر داللة علی السواء عند أهل‬
‫تلك اللغة» (الزخمرشي‪1998 ،‬م‪.)369/،‬‬
‫يف ما قال الرسخيس‪ :‬فأما املشرتك فكل لفظ به معان أو أسام‪ ،‬ال علی سبیل االنتظام‪ ،‬بل عىل احتامل أن یكون كل واحد‪ ،‬هو املراد‬
‫به عىل االنفراد ‪ .‬وإذا تعنی الواحد مرادا به‪ ،‬انتفى اآلخر ‪.‬مثل اسم (العنی) فإنه للناظر‪ ،‬ولعنی املاء‪ ،‬وللشمس‪،‬وللمیزان‪ ،‬وللنقد من املال‪،‬‬
‫وللَّشء املعنی‪ ،‬ال عىل أن مجیع ذلك مراد بمطلق اللفظ‪ ،‬ولكن عىل احتامل كون كل واحد مرادا بانفراده عند اإلطالق‪ ،‬وهذا ألن االسم‬
‫یتناول كل واحد من هذه األشیاء‪ ،‬باعتبار معنى‪ ،‬غری املعنى اآلخر ‪ .‬وقد بینا أن لفظ الواحد ال ینتظم املعاين املختلفة‪.‬‬
‫أما الشوكاين فحده بقوله‪ :‬اللفظة املوضوعة حلقیقتنی خمتلفتنی‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬وضعا أوال‪ ،‬من حیث مها كذلك ‪.‬فخرج بالوضع‪ ،‬ما یدل‬
‫عىل الَّشء باحلقیقة‪ ،‬وعىل غریه باملجاز وخرج بقید احلیثیة‪ ،‬املتواطئ‪ .‬فإنه یتناول املاهیات املختلفة‪ ،‬لكن ال من حیث هي كذلك‪ ،‬بل من‬
‫حیث إهنا مشرتكة يف معنى واحد‪.‬‬
‫كي (‪ 1771‬هـ) إىل أنه "اللفظ الواحد‪ُّ ،‬‬
‫الدال عىل معنینی خمتلفنی أو أكثر؛ داللة عىل السواء عند أهل‬ ‫الس ُب ُّ‬
‫تاج الدین ُ‬
‫بینام یذهب ُ‬
‫الوضع واألخرى من ِ‬
‫كثرة‬ ‫اس ِتف ْ‬
‫یدت إحدامها من ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مستفادتنی من الوضع األول أو من كثرة االستعامل‪ ،‬أو ُ‬ ‫الداللتان‬ ‫تلك اللغة‪ ،‬سوا ٌء كانت‬
‫اختلفت حم ُّلها‪.‬وقولنا"‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫االستعامل‪ .‬ومن قولنا‪" :‬الواحد "احرتازٌ عن األسامء املتباینة واملرتادفة؛ فإنه یتناول املاهیة‪ ،‬وهي معنى واحد‪ ،‬وإن‬
‫‪:‬عند أهل تلك اللغة "‪...‬إىل آخره‪ ،‬إشار ٌة إىل أن املشرتك قد یكون بنی حقیقتنی لغویتنی‪ ،‬أو عرفیتنی‪ ،‬أو عرفیة ولغویة‪)14( .‬‬

‫و من تعریفات احملدثني‪:‬‬
‫تعریف الباحث عبد الواحد وايف حیث یقول عن املشرتك‪ :‬وذلك بأن یكون للكلمة الواحدة عدة معان تطلق عىل كل منها عىل‬
‫طریق احلقیقة ال املجاز‪ ،‬وذلك كلفظ (اخلال) الذي یطلق عىل أخي األم‪ ،‬وعىل الشامة يف الوجه‪ ،‬وعىل السحاب‪ ،‬وعىل البعری الضخم‪،‬‬
‫وعىل األكمة الصغری (رمضان‪1999 ،‬م‪.)145/،‬‬
‫احتدت صورة لفظة‪ ،‬واختلف معناها أو هو‪ :‬أن‬
‫ْ‬ ‫‪ -‬و یقول الدكتور صبحی صالح فی كتابه دراسات فی فقه اللغة‪ :‬هو ما‬
‫تتعدد املعاين َّل َّلفظ الواحد (صبحي الصالح‪1986،‬م‪.)302/‬‬
‫ٍ‬
‫معان تطلق علی‬ ‫‪-‬وأما الدكتور وايف يف كتابه "فقه اللغة "فقد قال عن املشرتك اللفظي" ‪:‬وذلك بأن یكون للكلمة الواحدة عد ُة‬
‫كل منها علی طریق احلقیقة ال املجاز‪( )13-114( .‬رمضان‪1999 ،‬م‪.)114/،‬‬
‫تعریف االستاذ الرتتوري الذي استخلصه من جمموعة تعاریف اصولیة‪ ،‬وهو‪ ( :‬املشرتك‪ :‬هو اللفظ املوضوع لكل واحد من معنینی‬
‫فأكثر بوضع واحد) ‪.‬‬
‫وخیترص الدكتور أنیس تعریف املشرتك اللفظي بكتابه (يف اللهجات العربیة) بقوله‪ :‬وهو(الكلامت التي رویت لنا متحدة الصورة‬
‫خمتلفة املعنى) (أنیس‪2003،‬م‪.)192/‬‬
‫أي أن املشرتك اللفظي‪ :‬هو الكلمة الواحدة التي تعرب مع حمافظتها عىل لفظها وأصواهتا عن أكثر من معنى واحد‪.‬‬

‫~‪~6‬‬
‫وكام ترى‪ ،‬فإن هذه التعریفات كلها ترمي إىل مفهوم واحد هو أن املشرتك اللفظي‪ :‬یعني اللفظة الواحدة (أوالكلمة الواحدة) التي‬
‫هلا عدة معان تدل عىل كل معنى من معانیها داللة حقیقیة‪.‬‬
‫الفرق بنی املشرتك اللفظی و املعنوی‬
‫قال اللغویون ینقسم املشرتك اىل قسمنی‪ :‬معنوي ولفظي‪.‬‬
‫واملشرتك املعنوي كام یعرفه االستاذ الرتتوري يف رسالته )املشرتك وداللته عىل االحكام(‪ :‬لفظ تعدد معناه دون وضعه ‪ ،‬واتفقت‬
‫أفراده يف ذلك املعنى ( ‪.‬‬
‫ویقول الرتتوري يف رشح تعریفه هذا‪ ) :‬ومعنى قولنا ) اتفقت أفراده يف ذلك املعنى أي اشرتكت أفراده يف معناه‬
‫مثال ذلك‪( :‬اجلسم) فانه یطلق عىل السامء واالرض واالنسان وغریها من األجسام‪ ،‬الشرتاكها يف معنى اجلسمیة التي وضع االسم‬
‫بازائها‪.‬‬
‫وهذا یعني أن املشرتك املعنوي هو ما یصطلح علیه فیعلم املنطق بـ (الكيل) مالحظا فیه انطباقه عىل جزئیاته‪.‬‬
‫والكيل یقسم منطقیا باعتبار مستوى انطباقه عىل مصادیقه (جزئیاته) إىل‪ :‬متواطئ ومشكك‪.‬‬
‫فام تساوت فیه نسبة االنطباق فهو املتواطي‪ ،‬وذلك نحو اإلنسان والذهب فان كال من هذین الكلینی یصدق عىل مجیع جزئیاته‬
‫بالتساوي دون التفاوت يف انطباقه علیها‪.‬‬
‫وإن تفاوت انطباق الكيل عىل جزئیاته فهو املشكك‪،‬وذلك مثل البیاض‪ ،‬فان نسبة انطباقه عىل جزئیاته خمتلفة شدة وضعفا ‪،‬ونصوعا‬
‫وخفوتا‪.‬‬
‫وهبذا نلمس الفرق بنی املشرتك اللفظي واملشرتك املعنوي‪:‬‬
‫*‪ -‬هو أن اللفظ يف املشرتك اللفظي اسم للمعنى‪ ،‬ويف املشرتك املعنوي هو وصف للمعني‪.‬‬
‫*‪ -‬املشرتك املعنوي یقبل القسمة واملشرتك اللفظي ال یقبل القسمة‪،‬‬
‫العنی كمشرتك لفظي ‪:‬ال جیوز أن نقول إهنا تنقسم إىل‪ :‬اجلاسوس‪ ،‬والبارصة‪ ،‬وعنی املاء ‪. ...‬‬
‫يف حنی أن املشرتك املعنوي یقبل القسمة‪ :‬الكلمة مثال مشرتك معنوي تنقسم إىل اسم وفعل وحرف (‪ .)14‬الفرق بنی املشرتك‬
‫اللفظی و الرتادف‪:‬‬
‫الرتادف اصطالحا فیام عرفه الشیخ اجلرجانی‪« :‬عبارة عن االحتاد فی املفهوم؛ و قیل‪ :‬هو توالی األلفاظ املفردة الدالة علی شیء‬
‫واحد باعتبار واحد»‪.‬‬
‫سهم و نجواهم»‪ِ « ،‬رشع اة و منهاج اا»‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و املرتادفان مثل‪َ « :‬ب ِّثی و ُحزْ نی»‪َّ « ،‬‬
‫فهو إشرتاك األلفاظ املتعددة يف معنى واحد و هو عكس املشرتك اللفظی بمعنی داللة اللفظ الواحد علی املعانی املتعددة و لكی‬
‫نستوعب هذه التعاریف نشری إلی نظرة علامء األصول لنسبة األلفاظ للمعانی إشارة موجزة عابرة‪ :‬قال أهل األصول‪ :‬اللفظ و املعنی إ َّما‬
‫أن یتحدا فهو املُ ْفرد كلفظة اهلل‪ ،‬فإالنفراد لفظه بمعناه؛ أو یتعدَّ د فهي األلفاظ املتباینة كاإلنسان والفرس وغری ذلك من األلفاظ املختلفة‪،‬‬
‫والصفة؛ نحو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املوضوعة ملعان خمتلفة؛ وحینئذ إما أن یمتنع اجتامعهام؛ كالسواد والبیاض‪ ،‬وتسمى املتباینة املتفاضلة؛ أو ال یمتنع كاالسم ّ‬
‫السیف والصارم‪ ،‬أو الصفة وصفة الصفة كالناطق والفصیح‪ ،‬وتسمى املتباینة املتواصلة؛ أو یتعدد اللفظ واملعنى واحدٌ فهو األلفاظ‬
‫ملعنى ثم نقل لغریه ال لعالقة فهو املرجتل‪،‬أو‬
‫املرتادفة؛ أو یتحد اللفظ ویتعدد املعنى؛ فإن كان قد وضع للكل فهو املشرتك‪ ،‬وإال فإن وضع ا‬

‫~‪~7‬‬
‫لعالقة فإن اشتهر يف الثاين كالصالة سم َّي بالنسبة إىل األول منقوال عنه‪ ،‬وإىل الثاين منقوال إلیه؛ وإن مل یشتهر يف الثاين كاألسد فهو حقیق‬
‫بالنسبة إىل األول جماز بالنسبة إىل الثانی (السیوطي‪،‬د‪.‬ت‪.)368/،‬‬

‫اختلف علامء ال ُّل َغ ِة القدامى وحمدثون يف ظاهرة االشرتاك اللفظي وذهبوا فیها مذاهب شتى فبعضهم اعرتف هبا وقال بوجودها يف‬
‫ٍ‬
‫ولكل رأیه وحجته التي استند علیها‪.‬‬ ‫فریق آخر للقول بعدم وجودها يف ا ّللغة الواحد‪،‬‬
‫اللغة العربیة‪ ،‬وقد ذهب ٌ‬
‫القائلون باالشرتاك اللفظی‪:‬‬
‫عند علامء العربیة القدامی‬
‫و علی رأس هؤالء خلیل بن أمحد الفراهیدی و سیبویه و أبوعبیدة و الثعالبی و املربد و غریهم‪.‬‬

‫سیبویه (ت‪180‬هـ)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اللفظنی واملعنى واحدٌ ‪ ،‬واتفاق‬ ‫واختالف‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫املعنینی‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اللفظنی الختالف‬ ‫كال ِمهم اختالف‬
‫أن من ِ‬
‫یقول سیبویه مقسام األلفاظ‪ :‬اعلم ّ‬

‫اللفظنی واختالف املعنینی ‪.‬وسرتى ذلك إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬


‫وانطلق ‪ .‬واتفاق‬
‫َ‬ ‫‪:‬ذهب‬
‫َ‬ ‫وذهب ‪ .‬واختالف اللفظنی واملعنى واحدٌ نحو‬
‫َ‬ ‫‪:‬جلس‬
‫َ‬ ‫فاختالف اللفظنی الختالف املعنینی هو نحو‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وو َجدت إذا أردت ِو ِجدان الضالة ‪.‬وأشباه هذا كثری (سیبویه‪1988،‬م‪.)24/‬‬‫املو ِجدة‪َ ،‬‬
‫دت علیه من ْ‬ ‫اللفظنی واملعنى خمتلِف قولك َ‬
‫‪:‬وج ُ‬
‫یذهب سیبویه إىل تقسیم وجوه العالقة بنی األلفاظ واملعاين إىل‪:‬‬
‫وذهب‪.‬‬
‫َ‬ ‫جلس‬
‫‪-‬اختالف اللفظنی الختالف املعنینی(متباین)‪ ،‬مثل له بـ‪َ :‬‬
‫وانطلق‪.‬‬
‫َ‬ ‫ذهب‬
‫‪-‬اختالف اللفظنی واملعنى واحدٌ (ترادف)‪ ،‬مثل له بـ ‪َ :‬‬
‫وو َجدت إذا أردت ِو ِجدان الضالة (حممد‬
‫املو ِجدة‪َ ،‬‬
‫دت علیه من ْ‬ ‫‪-‬اتفاق اللفظنی واملعنى خمتلِف (اشرتاك لفظي)‪ ،‬مثل له بـ‪َ :‬‬
‫وج ُ‬
‫نور الدین‪1999 ،‬م‪.)29/‬‬
‫واكتفى سیبویه هبذه اإلشارة إىل املشرتك من غری تقعید أو تنظری للمصطلح‪ ،‬وهكذا شأن البدایات‪ ،‬إذ تكون غری واضحة املعامل‪. .‬‬

‫أمحد بن فارس (ت ‪ 395‬هـ)‬ ‫‪‬‬

‫وسع ابن فارس يف مفهوم سیبویه السابق ذكره بقوله‪ :‬و منه اتفاق اللفظ واختالف املعنی كقولنا ‪ :‬عنی املاء وعنی املال وعنی الركبة‬
‫وعنی املیزان‪ ،‬ومنه يف كتاب اهلل جل ثناؤه‪) :‬قضی( بمعنی ختم كقوله جل ثناؤه‪َ ﴿ :‬ق ََض َعلیْ َها املَْ ْو َ‬
‫ت﴾ ) الزمر ‪ )42‬و قضی بمعنی أمر‬
‫﴿و َق ََض َر ُّب َك أالَّ َت ْع ُبدُ ْوا إالَّ إ َّیا ُه﴾ ( اإلساء ‪ )23‬أي أمر ‪.‬ویكون قضی بمنی أع َلم كقوله ّ‬
‫جل ثناؤه‪:‬‬ ‫كقوله جل ثناؤه‪َ :‬‬
‫أنت َق ٍ‬
‫اض﴾ (طه‪)72‬‬ ‫جل ثناؤه ﴿ َفا ْق ِ‬
‫ض َما َ‬ ‫‪:‬صنَع كقوله ّ‬ ‫ئیل ِيف ا ْلكِ ِ‬
‫تاب﴾ اإلساء‪ 4‬أي أعلمناهم‪ .‬وقَض بمعنى َ‬ ‫إساِ َ‬ ‫ِ‬
‫﴿و َق َضینَا إىل بِني ْ َ‬
‫َ‬
‫﴿ثم ا ْق ُض ْوا إ َّيل﴾ یونس ‪ : 71‬أي اعملوا ما أنتم عاملون وقَض ‪َ :‬ف َرغ ‪.‬ویقال للمیت ‪َ :‬ق ََض أي فرغ‪.‬‬ ‫وكقوله ّ‬
‫جل ثناؤه‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫بمثال لیوضح ما ذهب إلیه‪ ،‬فلفظة (قَض) حتمل عد ادا من‬ ‫فابن فارس يف النَّص أعاله بعد أن أوضح مفهوم املشرتك ال َّل ِّ‬
‫فظي جاء‬
‫املعاين املختلفة (ابن فارس‪1979،‬م‪.)149/ ،‬‬

‫ابن جنی (‪ 392‬هـ)‬ ‫‪‬‬

‫~‪~8‬‬
‫یقول ابن جنی‪ « :‬من‪ ،‬وال‪ ،‬وإن‪ ،‬ونحو ذلك مل ُیقترصهبا علی معنى واحد ألهنا حروف وقعت مشرتكة‪ ،‬كام وقعت األسامء مشرتكة؛‬
‫أیضا الرجل‬
‫الصدى؛ فإنه ما ُیعارض الصوت‪ ،‬وهو بدن املیت‪ ،‬وهو طائر خیرج فیام یدّ عون من رأس القتیل إذا مل یؤخذ بثأره‪ ،‬وهو ا‬
‫نحو َّ‬
‫اجلید الرعیة للامل يف قوهلم ‪:‬هو صدى ٍ‬
‫مال ‪ ...‬مما اتفق لفظه واختلف معناه ‪.‬وكام وقعت األفعال مشرتكة‪ ،‬نحو وجدت يف احلزن‪ ،‬ووجدت‬
‫الضالة‪ ،‬ووجدت بمعنى علمت‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فكذلك جاء نحو هذا يف احلروف» و هبذا یثبت‬
‫يف الغضب‪ ،‬ووجدت يف الغنى‪ ،‬ووجدت يف ّ‬
‫ابن جني االشرتاك للحروف‪ ،‬واألسامء‪ ،‬واألفعال عىل حد سواء‪.‬‬

‫السیوطی (‪ 911‬هـ)‬ ‫‪‬‬

‫یوطي الذي عرفها بقوله‪ :‬إن املشرتك ا ّل ّ‬


‫لفظي هو اللفظ الواحد الدال عىل‬ ‫ُّ‬ ‫الس‬ ‫ومن املعرتفنی بظاهرة االشرتاك ال َّل ِّ‬
‫فظي املؤیدین هلا ُّ‬
‫معنینی خمتلفنی فأكثر‪ ،‬داللة عىل السواء عند أهل تلك اللغة»‪.‬‬
‫أن اللغة الواحدة یمكن أن جتعل من ال َّلفظ‬
‫یوطي أضاف قوله‪ « :‬عىل السواء عند أهل تلك اللغة» فهو یذهب إىل ّ‬
‫َّ‬ ‫الس‬ ‫ُیالحظ هنا ّ‬
‫أن ُّ‬
‫ٍ‬
‫واحد دون أن یكون هنالك تطور عن طریق املجاز أو أن تأيت به من لغات خمتلفة‪.‬‬ ‫الواحد معنینی خمتلفنی يف ٍ‬
‫زمن‬

‫املنكرون لالشرتاك اللفظی‬

‫ابن درستویه ( ت ‪ 347‬هـ)‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ضیق ابن درستویه مفهوم املشرتك‪ ،‬وأخرج منه كل ما یمكن رد معانیه إىل معنى عام جیمعها‪ ،‬جاء عنه يف املزهر‪« :‬قال – ابن‬
‫یزعم أن من كالم العرب ما ی ِتف ُق‬
‫ُ‬ ‫درستویه يف رشح الفصیح – وقد ذكر لفظه (وجد) واختالف معانیها ‪ -‬هذه اللفظة من أ ْقوى ُح َجج من‬
‫لفظه وخیتلف معناه؛ ألن سیبویه ذكره يف أول كتابه‪ ،‬وجعله من األصول املتقدمة؛ فظ َّن من مل یتأمل املعاين‪ ،‬ومل یتحقق احلقائق أن هذا ٌ‬
‫لفظ‬
‫واحد قد جاء ٍ‬
‫ملعان خمتلفة‪ ،‬وإنام هذه املعاين كُّلها يش ٌء واحد‪ ،‬وهو إصاب ُة الَّشء خریا كان أو رشا‪ ،‬ولكن فرقوا بنی املصادر؛ ألن املفعوالت‬
‫غامض ‪ِ ،‬‬
‫وعللها‬ ‫وقیاسها‬ ‫الفرق يف املصادربأهنا أیضا مفعولة‪ ،‬واملصادر كثریة التصاریف جدا‪ ،‬وأمثلتها كثریة خمتلفة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫كانت خمتلفة‪ ،‬فجعل ْ‬
‫أهل اللغة أهنا تأيت عىل غری قیاس‪ ،‬أل هنم مل یضبطوا قیاسها ومل ِیقفوا‬
‫خفیة واملفتشون عنها قلیلون‪ ،‬والصرب علیها معدوم؛ فلذلك تو َّهم ُ‬

‫عىل غ َْورها (السیوطي‪ ،‬د‪.‬ت‪.)384/‬‬


‫ویذهب الباحث نور الدین املنجد إىل أن هذا ملمح جدید يف معامل املشرتك عند ابن د رستویه‪ ،‬أال وهو املعنى العام الذي یستغرق‬
‫أبعاضه‪ ،‬فكان ابن درستویه یرد املعاين املختلفة إىل أصل واحد یضم تلك الفروع‪ ،‬ویعتمد علیه يف إنكار املشرتك (حممد‬
‫نورالدین‪1999،‬م‪.)32/‬‬

‫االشرتاك اللفظي عند علامء اللغة املحدثني‪:‬‬


‫أقر املحدثون وقوع املشرتك اللفظي يف العربیة‪ ،‬بل يف مجیع اللغات‪ ،‬وعلل األستاذ حممد املبارك ذلك بأن أكثر األصول التي تشتق‬
‫َّ‬
‫للداللة عىل معان جدیدة ذات معان عامة؛ لذلك فقد تستعمل للداللة عىل مسمیات خمتلفة تشرتك يف تلك الصفة‪ ،‬أو ذلك املعنى العام ‪.‬‬
‫ویرى بعض املحدثنی أن من التعسف إنكار االشرتاك يف العربیة‪ ،‬وتأویل مجیع األمثلة تأویال خیرجها من مفهوم االشرتاك‪ ،‬ففي بعض‬
‫تسوغ هذا التأویل‪.‬‬
‫الشواهد ال نجد بنی املعاين التي یطلق علیها اللفظ الواحد أیة رابطة ّ‬
‫وعىل هذا فاملحدثون مل ینكروا االشرتاك‪ ،‬وإن كانوا قد اختلفوا يف دائرته ضیقا واتساعا بل كانوا أبعد أفقا؛ إذ تعمقوا يف أثر السیاق‬
‫يف حتدید داللة املشرتك عىل وجه خمصوص‪.‬‬

‫~‪~9‬‬
‫ومن املحدثنی من وقف أمام ظاهرة االشرتاك اللفظي موقف املتشدد فأخرج منه كل األلفاظ التي آلت إلیه عن طریق املجاز و من‬

‫هؤالء عيل عبد الواحد وايف والذي ذهب إىل أن كثریا من أمثلة املشرتك اللفظی یمكن تأویلها عىل وجه آخر خیرجها من هذا الباب‬

‫(وايف‪2004،‬م‪.)136/‬‬

‫كام ذهب إبراهیم أنیس إىل نفس املذهب فقال‪ :‬إذا اتضح أحد املعنینی هو األصل‪ ،‬و أن اآلخر جماز له‪ ،‬فال یصح أن یعد هذه من‬
‫املشرتك اللفظی فی حقیقة أمره‪ ،‬و قد كان ابن درستویه حمقا حنی أنكر معظم تلك األلفاظ التی عدّ ت من املشرتك اللفظی‪ ،‬و اعتربها من‬
‫املجاز‪.‬‬

‫و ذهب إبراهیم أنیس إلی أن املشرتك اللفظی فی صورته الصحیحة ال ُیتصور إلی حنی تنقطع الصلة بنی الداللتنی ‪،‬كاخلال حنی‬

‫یعرب عن الشامة فی الوجه و عن أخی األم مثال (أنیس‪2003 ،‬م‪.)214-213 /‬‬

‫أما صبحی صالح من املحدثنی أیضا‪ ،‬فقد انترص لوقوع مشرتك اللفظی فی اللغة‪ ،‬إذ أخذ یلتمس روابط مشرتكة بنی املعانی‬

‫املتعددة للفظ الواحد‪ ،‬و تكلف فی ذلك كثریا‪ ،‬و كأنه أحس بذلك عندما قال‪ :‬و لقد یكون فی التامس فی هذه الروابط املشرتكة بعض‬
‫التكلف‪ ،‬و لكنه خریا ألف مرة من اترصف فی رمی القدماء بقلة التثبت‪ ،‬فام أمثالنا أهل لكیل االهتامات جزافا ألمثاهلم (صبحي‬
‫الصالح‪1986،‬م‪)308/‬‬

‫‪-1‬‬
‫بعض أمثلة املشرتك باعثها تباین اللهجات العربیة القدیمة‪ ،‬وملا جامعو اللغة ضموا هذه األلفاظ املشرتكة صارفنی النظر يف كثری‬
‫من األحیان عن رجع كل معنى إىل القبیلة التي كانت تستخدمه‪ ،‬والناظر يف املعجامت أو كتب العربیة جید هذا التباین يف بعض أمثلتها‪،‬و‬
‫من ذلك ما ذكره السیوطی‪ :‬ومن املشرتك بالنسبة إىل لغتنی ‪:‬قال يف الغریب املصنف قال أبو زید ‪:‬األ ْل َف ُت يف كالم قیس ‪:‬األْ ْمحق‪ ،‬واأل ْلفت‬
‫يف كالم متیم ‪:‬األعرس‪ ،‬وقال األصمعي‪ :‬السلِیط عند عامة العرب ‪:‬الزیت‪ ،‬وعند أهل الیمن ‪:‬دهن السمسم (ابن فارس‪1997،‬م‪.)381/‬‬
‫ویرى رمضان عبد التواب أن هذه املعاين قد تكون لغری قبیلة؛ إذ إن الشك قد یتبادر إىل الذهن يف استعامل قبیلة واحدة كل معاين‬
‫هذا اللفظ (رمضان‪1999 ،‬م‪.)329/‬‬
‫أما إبراهیم أنیس فهو یذهب إىل أنه قد یتغری معنى الكلمة يف هلجة من اللهجات‪ ،‬ثم یمر زمن طویل‪ ،‬خالله ینسى فیه املعنى‬
‫األصيل‪ ،‬وتلتزم تلك اللهجة استعامل هذه الكلامت يف معناها اجلدید دون سواء‪ ،‬وهنا نرى هلجات اللغة الواحد تستعمل كلامت متحدة‬
‫الصورة يف معان خمتلفة‪ ،‬ویظهر أن هذه الظاهرة قد لعبت دورا مهام يف اللهجات العربیة‪ ،‬إذ تغریت معاين بعض الكلامت يف بعض اللهجات‬
‫دون البعض اآلخر لظروف لغویة خاصة ‪.‬فلام مجعت اللغة خ ِّیل جلامعیها أن إحدى القبائل تستعمل هذه الكلمة يف معنى من املعاين‪ ،‬يف‬
‫حنی أن قبیلة أخرى تستعملها فی معنی آخر‪ .‬و حقیقة معنی هذه الكلمة قد تغری فی هلجة من اللهجات دون أن یطرأ علیه التغیری فی‬
‫اللهجة األخری (سیبویه‪1988،‬م‪ .)170/‬ویمثل هلذا بكلمة ( ِ‬
‫اهل ْج ِرس) التي تعني القرد يف لغة أهل احلجاز‪ ،‬وتعرب عن الثعلب عند متیم‪،‬‬
‫وال یكاد یشك يف أن الكلمة كانت تطلق عىل احد احلیواننی وحده‪ ،‬ألن البیئة الصحراویة تناسبه ویكثر فیها أمثاله‪ ،‬ثم إن هذا تغری لظرف‬
‫من الظروف املجهولة‪ ،‬فأصبح یعني عند قبیلة من القبائل شیئا آخر غری الشائع‪ ،‬ثم جاء جامعو اللغة وذكروا معنینی اثننی هلذه الكلمة‬
‫(سیبویه‪1988،‬م‪.)170/‬‬

‫~ ‪~ 10‬‬
‫‪-2‬‬
‫و له أشكال خمتلفة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬االستعامل املجازی‬


‫للمجاز دور يف وقوع االشرتاك اللفظي؛ فالعرب كانوا یمیلون إىل التلویح دون الترصیح‪ ،‬واإلیامء باإلشارة اللطیفة الدالة ثقة منهم‬
‫بفهم املخاطب‪ ،‬وملا كثر نقل ألفاظ إىل معان جمازیة أصبحت معاين هذه األلفاظ معاين حقیقیة‪ ،‬ومن التكریر ولكنه من التذكرة أن یشارإلی‬
‫ٍ‬
‫لشیء فتكثر و تغلب فتصری بمنزلة األصل»‪.‬‬ ‫قول ابن سیدة ثانیة‪ ....« :‬أو تكون كل لفظة تستعمل ملعنی ثم تستعار‬
‫ومن أمثلة ذلك حدیث السیوطي عن اشرتاك معنى العنی‪.‬یقول‪ :‬و أما الراجع إلی التشبیه فستة معان ‪:‬العنی ‪:‬اجلاسوس تشبیها‬
‫وعنی القوم ‪:‬سیدهم‪ ،‬وال َع ْنی ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫‪:‬الربیئة‪ ،‬وهو الذي یرقب القوم‪ْ ،‬‬
‫بالعنی؛ ألنه یطلع عىل األمور الغائبة‪ ،‬وعنی الَّشء ‪:‬خیاره‪ ،‬والعنی َّ‬
‫لرشفِها (صبحي الصالح‪1986 ،‬م‪.)375/‬‬ ‫نی ‪ :‬احلر ُّ‬
‫‪.‬كل هذه مشبه ٌة بالعنی َ‬
‫اإلخو ُة ِ‬
‫األش َّقاء‪ ،‬وال َع ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫َواحدُ األعیان وهم ْ َ‬

‫ب‪ -‬تغیری معنی املقصود‬


‫كتحمیل لفظ له داللة قدیمة داللة اصطالحیة جدیدة ذات عالقة باألوىل ومن أجىل أمثلة هذا املطلب األلفاظ اإلسالمیة كالصالة‬
‫والصوم والزكاة‪ ،‬وهذه كلامت ظهرت بدالالهتا اجلدیدة يف اإلسالم‪.‬‬

‫ج‪ -‬التطور الصوتی‬


‫و قد حيدث أن یعرتی الكلمة التطور اللغوی‪ ،‬فینال من أصواهتا‪ ،‬و قد یؤذن هذا باحتاد كلمة مع أخرى يف املبنى‪ ،‬مع بقاء االفرتاق‬
‫يف املعنى‪ ،‬وبمكنة الناظر يف كتب اإلبدال أن یستخرج أمثلة یستأنس هبا يف دعم هذا امللحظ‪ ،‬ولكن القول فیها سیبقى قائام عىل الرتجیح‬
‫ومن أمثلة ذلك كلمتا (نثر و نثل)‪.‬‬
‫ید َك ْترمي ِبه َمت َف ِّر اقا‬
‫إن هاتنی الكلمتنی تعنیان عند أيب الطیب اللغوي(ت ‪ 351‬هـ) لبس الدرع‪ ،‬و فی اللسان «الن ْثر نَثر َك الَّشء ب ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫الواسعة ‪ .‬ونثر ِد ْرعَه عَل ْی ِه ‪ :‬ص َّبها‪َ ،‬وی ُق ُال للدر ِع ‪ :‬ن ْثر ٌة ونَث َلة ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لو ِز ‪ ...‬والن ْثرة ‪ :‬الدِّ ْر ُع سلسلة امل َلبس‪ ،‬و قیل‪ :‬ه َي ْ‬
‫الدر ُع‬ ‫جل ْو ِز وا َّل ْ‬
‫مثل ن َِثر ا َ‬
‫َ‬

‫ترص افا‪َ ،‬و ِه َي األَصل» (ابن‬


‫أعم َ ُّ‬ ‫الال ِم ل َق ِو ِهل ْم ن ََثل عَل ْی ِه ِد ْرعَه َومل ْ ی َقولوا ن ََثر َها‪َ ،‬و َّ‬
‫الال ُم ّ‬ ‫بدال ِم َن َّ‬
‫الرا ُء ِيف الن ْث َر ِة ا‬ ‫َق َال ابن ِجنِّي ‪ :‬ی ِ‬
‫نبغي َأن ت ُك َ‬
‫ون َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫منظور‪،‬د‪.‬ت‪.)4339/،‬‬
‫ین ُثلها ن ْث اال ‪َ :‬أخرج ُتراهبا‪ ،‬و اسم الرتاب النثیلة‪ ،‬والنَث َا َلة ‪ .‬والن ْث َلة ‪ :‬الدِّ ْرع عَا َّم اة‪َ ،‬و ِق َیل ‪ِ :‬ه َي‬
‫الركِّة ِ‬
‫أما معنی « َن َثل» فیقال‪ :‬ن ََثل َّ‬
‫نثل ِد ْرع َأي َألقاها عنْ ُه‪َ ،‬‬
‫وال ی ُق ُال‬ ‫یقال َقدْ َ‬
‫ِّیت ‪ُ :‬‬ ‫نثرة ون َثل علی ِه درعه ینث ُلها صبها ‪.‬ابن السك ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫اسع ُة ِمنْها ِم ُثل ال ِ‬
‫الو َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الساب َغ ُة من َْها‪ ،‬وق َیل ‪ :‬ه َي َ‬
‫َّ‬
‫َن َثر (ابن منظور‪،‬د‪.‬ت‪.)4339/،‬‬
‫ولعله یستقیم للناظر بعد ما تقدم أن یقال إن األصل (نثل) بشهادة ابن السكیت وابن جني‪ ،‬وملا كان هناك تقارب يف املخرج وصفة‬
‫التحكم بنی الالم والراء أبدلت الالم راء‪ ،‬فصار للفعل (نثر) معنیان‪ ،‬معنى أصيل‪ ،‬ومعنى آخر قادم من اإلبدال الذي أفَض إىل مطابقة هذا‬
‫الفعل فعال آخر ذا معنى مفرتق عن األول‪ ،‬فاشرتكا يف هیئة واحدة‪ ،‬مع وجود معنینی‪.‬‬

‫د‪ -‬االفرتاض من اللغات األجنبیة‬


‫هذا من العوامل التي تفيض إىل وقوع الرتادف واالشرتاك اللفظي‪ ،‬وقد دخلت بعض األلفاظ األجنبیة التي اتفقت يف صور الصوتیة‬
‫مع ألفاظ موجودة يف العربیة‪ ،‬ثم استعملت تلك األلفاظ بالداللتنی ‪:‬الدخیلة واألصلیة‪ ،‬وقد آذن هذا بوقوع االشرتاك‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‬

‫~ ‪~ 11‬‬
‫أن(احلب) بمعنى (الوداد)‪ ،‬و(اجلرة) التي جیعل فیها املاء لفظة مشرتكة‪ ،‬واملعنى األول عريب‪ ،‬واألخری فاريس مأخوذ من كلمة فارسیة‬
‫مماثلة للفظ العريب‪ ،‬ومثل هذا النوع قلیل الوقوع‪.‬‬

‫هـ‪ -‬داللة اللفظ علی املعنی العام‬


‫إن بعض األصول التي قد تشتق منها األلفاظ للداللة عىل معان جدید ذات معان عامة‪ ،‬لذلك تستعمل يف الداللة عىل مسمیات‬
‫خمتلفة تشرتك يف تلك الصفة أو ذلك املعنى العام‪ ،‬ولعل من األمثلة التي توضح هذا كلمة (املشق) فهي تشرتك بنی خفة اخلط‪ ،‬وسعة‬
‫السری‪ ،‬وتطویل الَّشء‪ ،‬ومد الوتر‪ ،‬واخذ اإلبل الكأل برسعة وعلیها امحاهلا‪ ،‬ورضب من النكاح‪.‬‬
‫ول َوق َّل ُة حلْ ٍم ‪.‬‬‫مشق) َممْشوق َأي فِ ِیه ُط ٌ‬
‫ولعل نظرة فیام یسوقه صاحب اللسان يف هذه املادة تبنی عن ذلك فرس مشیق‪ُ ،‬مم َّشق( ِّ‬
‫‪:‬مح َل ِ‬ ‫اری ٌة َممْشوقة ‪:‬حسن ُة ال َقوام قلِیل ُة اللح ِم ‪ِ .‬‬
‫القرطاس‬ ‫ري ِيف ْ‬ ‫جل ِ‬‫‪:‬سیع ا َ‬
‫ُ‬ ‫مشاق‬ ‫لیدق ‪ ...‬وقلم ّ‬ ‫ِ‬
‫الربي ُّ‬ ‫علیه ِيف‬ ‫مشق اا ُ‬‫القدح ْ‬
‫ُ‬ ‫ومشق‬ ‫َ‬ ‫َو َج ِ‬

‫اإلبل ِِيف َس ْ ِری َها مت ْ ُشق‬ ‫ب واألَكل وا ْلكِ ِ‬


‫تابة‪.. ،‬و َم َشقت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫الرسع ُة ِيف ال َّط ْع ِن َو َّ ْ‬
‫الرض ِ‬ ‫قیل َأسع فیه ‪ .‬واملشق‪ْ :‬‬
‫مشق اا ‪:‬مدَّ ُه‪َ ،‬و َ‬
‫اخلط یمش ُقه ْ‬
‫‪.‬ومشق َّ‬‫َ‬
‫سع ٍَة َم ْشق ‪...‬وامتشق الشیء‪ :‬اختطفه (ابن منظور‪،‬د‪.‬ت‪.)4210/،‬‬ ‫ِ‬
‫َم ْشقا‪َ :‬أسعت‪َ ،‬وق َیل ‪ُ :‬ك ُّل ُ ْ‬
‫من هذا النص املقتبس یظهر أن (املشق) داللة عامة‪ ،‬وهي الرسعة واخلفة‪ ،‬وملا كانت الرسعة واخلفة تتجلیان يف مظاهر خمتلفة يف العامل‬

‫اخلارجي كالرسعة يف األكل أو السری أو الطعن‪ ،‬أو خفة اجلاریة ‪ -‬ملا كان ذلك كذلك – اقرتن كل مظهر من املظاهر املذكورة آنفا بلفظة‬

‫(املشق)‪.‬‬

‫و قد أضفت هذه الداللة املائعة العامة التی تكتنف (املشق)ٍ إلی أن تلحقها بركب االشرتاك اللفظی‪.‬‬

‫‪-3‬‬
‫و قد حيدث أن تؤدی القواعد الترصیفیة إلی أن تتفق لفظتان فی صیغة رصفیة و احدة‪ ،‬فینشأ عن ذلك تعدد فی معنا هذه الصیغة‬
‫یفضی هبا إلی أن تكون مائلة فی مضامر ما هو مشرتك لفظی‪ ،‬و قد حيدث أن تكون صیغة املصدر الثالثی (علی فعول) كهروب وخروج‪،‬‬
‫و أن تكون صیغة اجلمع (علی فعول) أیضا كسیوف و أمور‪ ،‬و لكن یعرض فی اللغة أن جتیء صیغة املصدر وصیغة اجلمع متطابقتنی فی‬
‫املبنی‪ ،‬مفرتقتنی فی املعنی‪ ،‬و ذلك نحو (ظهور) التی تفید معنینی‪ :‬معنی مأخوذا من صیغة املصدر و معنی آخر من صیغة اجلمع‪.‬‬
‫و كلمة (سائل) اسم فاعل من فعل (سال) و من فعل (سأل) و كال الفعلنی مفرتق فی معناه عن اآلخر‪ .‬و هذا ما یسمی باجلناس‬
‫و أحیانا العربة عندمها يف االتفاق يف النطق واألصوات بغض النظر عن صورة الكتابة نحو كلمتی ( علی و عال أو عصا و عصی) تعریف‬
‫اجلناس‪ :‬التجنیس أو اجلناس هو أن یتفق اللفظان يف النطق أو یتقاربان فیه وخیتلفان يف املعنى‪ ،‬هذا من جهة ماهیته‪ ،‬أما من جهة فائدته فقد‬
‫عرفه الرماين فقال" ‪:‬هو بیان املعاين بأنواع من الكالم جیمعها أصل واحد من اللغة‪".‬‬
‫و للجناس أنواع متعددة و ما نحن بصدده هنا هو( التجنیس التام) وهو ما اتفق فیه اللفظان يف أربعة أشیاء‪ ،‬نوع احلروف ‪،‬وعددها‪،‬‬
‫وهیئتها‪ ،‬وترتیبها‪ ،‬مع اختالف املعنى‪.‬‬

‫و قد یكون علی نوعني‪:‬‬


‫جتنیس االسمني أو فعلني (التجنیس املامثل)‬ ‫أ‪-‬‬
‫ون ما َلبِ ُثوا غَری س ٍ‬
‫اعَة﴾ (الروم ‪ )55‬فالساعة األوىل هي یوم القیامة‪ ،‬و الساعة‬ ‫َ َ‬ ‫سم املُْ ْج ِر ُم َ َ‬
‫لساعَ ُة ی ْق ُ‬
‫﴿و ْیو َم ت ُقو ُم ا َّ‬
‫مثال‪ :‬قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫الثانیة هي الساعة الزمنیة‪.‬‬

‫~ ‪~ 12‬‬
‫ب‪ -‬جتنیس اسم و فعل(التجنیس املستوفی)‬

‫مثال‪ :‬قوهلم "ارع اجلار ولو جار"‪ ،‬فاجلار األوىل أي الساكن بقربك‪ ،‬و جار الثانیة أي ظلم وتعدى‪ .‬ومثال‪:‬آخر "فدارهم ما دمت‬
‫يف دارهم "فدارهم فعل أمر من املداراة‪ ،‬ودارهم الثانیة بمعنى الدار‪.‬‬

‫یمیز اللغویون املحدثون فی نظرهتم للمشرتك اللفظی بنی أنواع أربعة‪:‬‬

‫‪ -1‬وجود معنی مركزی للفظ‪ ،‬تدور حوله عده معان فرعیة أو هامشیة‪.‬‬

‫واملعنى املركزي هو الكلمة التي یمكن أن تدرج حتت معناها كلامت أخرى هلا معان جزئیة أو هامشیة نحو كلمة «هالل» )رأیت‬
‫هالل اللیلة وفالن ال یبرص هالل حذائه وال یقطع هالل أصابعه و اهلالل اخلصیب‪ :‬أی العراق و الشام فاملعنی املركزی هو «اهلالل» بشكله‬
‫املعروف و البقیة ذوات معان هامشیة‪.‬‬

‫‪ -2‬تعدد املعنی‪ ،‬نتیجة استعامل اللفظ فی أوضاع خمتلفة و یسمی (التغیریات اإلستعامل) نحو كلمة‬

‫«الرصف» فی اجلمل اآلتیة‪:‬‬

‫‪ -‬هیتم طلبتنا بعلم النحو‪ ،‬ویزهدون يف دراسة ّ‬


‫الرصف‪.‬‬

‫‪ -‬هتتم اهلیئات البلدیة بالرصف كثریا‪ ،‬يف برنامج هذه السنة ‪.‬‬

‫‪ -‬الری و الرصف موضوعان أساسیان فی (اهلیدرولیك)‬

‫‪ -‬ال تكاد ختلو مدینة من سوق الرصف هذه األیام‪.‬‬

‫‪ -3‬داللة الكلمة الواحدة عىل أكثر من معنى‪ ،‬نتیجة حلدوث تطور يف جانب املعنى‪.‬‬

‫أن تدل الكلمة الواحدة عىل أكثر من معنى‪ ،‬نتیجة لتطور یعرتهیا يف املعنى‪ ،‬وهوالذي یسمیه اللغویون (تعدد املعنى) بسبب تطور‬
‫تطور معناها إىل (عملیة جراحیة‪ ،‬عملیة اسرتاتیج َّیة‪ ،‬عملیة يف صفقة جتاریة)‪.‬‬
‫معنى الكلمة‪ ،‬نحو كلمة (عمل َّیة) التي ّ‬
‫و یری بعض العلامء أن هناك طریقنی رئیسنی تتبعهام الكلامت الكتساهبا معانیها املتعددة‪:‬‬
‫• التغیری فی تطبیق الكلامت أو استعاهلا‪ ،‬ثم شعور املتكلمنی باحلاجة إلی االختصار فی املواقف و السیاقات التی تكرر فیها الكلمة‬
‫تكرارا ملحوظا‪.‬‬
‫• االستعامل املجازی أو نقل املعنی‪.‬‬

‫‪ -4‬وجود كلمتنی یدل كل واحد منهام علی معنی‪ ،‬و قد احتدت صورة الكلمتنی نتیجة تطور فی‬

‫جانب النطق (‪. )14‬‬

‫القرآن قد نزل بلغة العرب الذین اشتهروا بقوة الفصاحة والبالغة‪ ،‬فأعجزهم فصاحته وبیانه املعجز‪ ،‬وبالغته التي تقارصت دوهنا‬
‫بالغتهم ‪ ،‬إذ كان أوسع دائرة يف أسلوبه‪ ،‬وأدق معنى يف تعبریه‪ ،‬وأكثر استعامالا لأللفاظ الدالة عىل املعنى الواحد‪ ،‬وأفضل صیاغة للفظ‬
‫الواحد الدال عىل املعاين املتعددة بام أصبح یعرف بالوجوه والنظائر يف القرآن الكریم التي كشفت النقاب عن املعاين املتعددة واملتجددة ‪.‬‬

‫~ ‪~ 13‬‬
‫و ما زالت معاين القرآن الكریم بكرا تتجدد يف كل عرص ألنه القاعدة العریضة للرشیعة ِ‬
‫اإلسالمیة الصاحلة لكل زمان ومكان‪ .‬وملا‬
‫كانت معاين هذا القرآن مكنونة يف ألفاظه العربیة املعجزة تنوعت مسالك العلامء يف استخراج معانیه من هذه األلفاظ‪ ،‬وقامت دراسات‬
‫حول ألفاظه العربیة كي یتسنّى للفقیه‪ ،‬واملفتي‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬وطالب الفائدة معرفة أحكامه ومعانیه لذلك اعتنى العلامء املتخصصون بعلوم‬
‫القرآن الكریم هبذا اجلانب عنایة خاصة‪ ،‬وذلك ألمهیته ‪ ،‬إذ به تتسع قاعدة املفاهیم اإلسالمیة‪ ،‬وتصل إىل البعید والقریب‪ ،‬والعايل والداين‪.‬‬
‫فكتب فیه العلامء منذ بدایة القرن الثاين اهلجري‪.‬‬
‫ع ّرف ابن اجلوزی الوجوه والنظائر يف كتابه (نزهة األعنی النواظر يف علم الوجوه والنظائر يف القرآن الكریم)‪" :‬واعلم أن معنى‬
‫الوجوه والنظائر أن تكون الكلمة الواحدة قد ذكرت يف مواضع من القرآن الكریم عىل لفظ واحد وحركة واحدة‪ ،‬وأرید بكل مكان معنى‬
‫للكلمة غری معناها يف املكان اآلخر‪ ،‬وتفسری كل كلمة بمعنى یناسبها غری معنى الكلمة األخرى‪ ،‬هذا ما یسمى (الوجوه)‪ ،‬أما النظائر( فهو‬
‫اسام للمعاين)‪.‬‬
‫اسم لأللفاظ‪ ،‬وعىل هذا تكون الوجوه ا‬
‫أمثلة عىل الوجوه والنظائر يف القرآن ‪:‬‬

‫أوالا ‪ :‬الوجوه‪.‬‬
‫قال اإلمام السیوطي‪ :‬ومن ذلك السوء یأيت عىل أوجه‬ ‫•‬
‫عذ ِ‬
‫اب﴾ (البقرة ‪.)49‬‬ ‫الشدة ‪َ ﴿ :‬ی ُسو ُم ْون ُك ْم ُس ْو َء ا ْل َ‬ ‫•‬
‫بسوء﴾ (األعراف ‪.)73‬‬ ‫﴿والَ مت َ ُّس َ‬
‫وها ُ‬ ‫والعقر‪َ :‬‬ ‫•‬
‫بوك ا ْم َرأ َس ْو ٍء﴾ (مریم ‪.)28‬‬
‫والزنى ‪﴿ :‬ما جزَ اء من أراد َبأ ْهلِ َك سوءا﴾ (یوسف ‪﴿ ،)25‬ما كَا َن ُأ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ا‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫•‬
‫والربص ‪﴿ :‬بی َضاء ِمن غَ ِری س ٍ‬
‫وء﴾ (طه ‪.)22‬‬ ‫•‬
‫ْ ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫یو َم َوا ْل ُّسو َء﴾ (النحل ‪)27‬‬ ‫﴿إن ْ ِ‬ ‫•‬
‫زي ْا َل ْ‬
‫اخل َ‬ ‫والعذاب ‪َّ :‬‬

‫ثان ای اا‪ :‬النظائر‪:‬‬


‫لفظة (قریة) حیث تكررت يف القرآن يف أكثر من مخسنی موضع اا ‪ ،‬ويف كل هذه املواضع معنى القریة واحد فقط‪ ،‬لكن املراد منها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫تم َر َغدا﴾ ( البقرة‪( )58‬القریة هنا‪ :‬أرحيا‪ ،‬أو القدس)‪ .‬ويف‬ ‫﴿وإذ ُق ْلن َا ا ْد ُخ ُلوا َهذه ا ْل َقری َة َف ُكلوا م ْ‬
‫نها َح ْی ُث ش ُئ ْ‬ ‫خیتلف‪ ،‬فمثال يف قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫أخ ِر ْجنَ َا ِم ْن َه ِذ ِه ا ْل َق َر ِیة ال َّظامل ْ‬
‫لها﴾ (النساء ‪( )75‬القریة هنا‪ :‬مكة)‪.‬‬ ‫ولون َربنَ َا ْ‬ ‫قوله تعاىل‪َّ ﴿ :‬ا ِ‬
‫لذی َن ی ُق َ‬
‫أه َ‬
‫فیها﴾ (یوسف ‪( )82‬القریة هنا‪ :‬مرص)‪ .‬فمعنى القریة يف كل هذه املواضع واحد‪ ،‬لكن‬ ‫اس َأ ِل ْا ْل َق َری َة ا ِ‬
‫لتي ُكنَّا َ‬ ‫﴿و ْ‬
‫ويف قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫املراد منها خیتلف يف كل موضع عن اآلخر‪.)14( .‬‬

‫~ ‪~ 14‬‬
‫و فی خامتة هذا البحث أسجل أهم النتائج التی توصلت إلیها و هی كام یأتی‪:‬‬
‫اعتبار ظاهرة االشرتاك اللفظی قضیة داللیة فهی اشتامل اللفظ علی عدة معان‪ ،‬تنتمی إلی قضیة واسعة ‪،‬كبریة و شاملة فی‬ ‫•‬
‫الرتاث العربی فی ما یسمی بقضیة اللفظ و املعنی‪.‬‬
‫املشرتك اللفظی ما هو إال نتیجة أو انعكاس للجدل و التناسب و التوازن احلاصل بنی األلفاظ و املعانی علی املستوی الكلمة‬ ‫•‬
‫املفردة من حیث هی لفظ مفرد و جمرد دون أن یدخل فی تركیب أو تألیف‪.‬‬
‫التقابل بنی اللفظ واملعنى أثار نشاطا لغویا ملعرفة الكیفیة أو اآللیة التي اعتمد إلجیاد نوع من التوازن بنی عنرصین وصف أحدمها‬ ‫•‬
‫باملحدودیة وهو األلفاظ يف مقابل العنرص اآلخر الذي وصف بالالحمدودیة وهو املعاين ‪.‬ومع االشرتاك اللفظي نجد َّ‬
‫أن اللفظ‬
‫الواحد یعرب عن عدة معاين‪ ،‬فمن خالل هذه الظاهرة تفرض اللغة منطقها يف احتواء هذا اجلدل القائم بنی اللفظ واملعنى ‪.‬‬
‫االشرتاك اللفظي عامل مهم من عوامل املسامهة يف إضافة معان جدیدة للكلمة الواحدة وتعدد دالالهتا كام أنه وطید الصلة‬ ‫•‬
‫بالسیاق إذ ال یمكن حتدید معنى كلامته إال بوجودها داخل تراكیب معینة كام أن األلفاظ العربیة التي تعد من املشرتك اللفظي‬
‫یمكن أن نلحظها بصورة ملفتة لالنتباه‪ ،‬وهي تكون قدرا ال یستهان به من الثروة اللفظیة‪ ،‬وهذا دلیل عىل ثرائها‪ ،‬وعىل سعتها‬
‫يف التعبری‪.‬‬
‫أغلب كلامت املشرتك اللفظي یعود سببها إىل التغری الداليل وهذا ما یراه اللغویون يف اللغة عامة يف معظم حاالته‪.‬‬ ‫•‬

‫~ ‪~ 15‬‬
‫املصادر و املراجع‬
‫القرآن الكریم‬

‫‪ -1‬ابن فارس‪ ،‬أمحد ‪1997(،‬م)‪ ،‬الصاحبي يف فقه اللغة العربیة ومسائلها وسنن العرب يف كالمها‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬النارش ‪:‬حممد عيل‬

‫بیضون‪.‬‬

‫ابن فارس‪ ،‬أمحد ‪1979(،‬م)‪ ،‬معجم مقاییس اللغة‪ ،‬حتقیق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنرش‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -3‬ابن منظور‪(،‬د‪.‬ت)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬حتقیق‪ :‬عبداهلل علی الكبری‪ ،‬و حممد أمحد حسب اهلل‪ ،‬و هاش حممد الشاذلی‪ ،‬داراملعاف‬

‫‪،‬القاهرة‪.‬‬

‫الزخمرشي‪1998(،‬م)‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬حتقیق‪ :‬حممد باسل عیون السود‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الكتب لعلمیة‪ ،‬بریوت – لبنان‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ -5‬السیوطي جالل الدین‪(،‬د‪.‬ت)‪ ،‬املزهر يف علوم اللغة و أنواعها‪ ،‬رشح و تعلیق ‪:‬حممد جاد املوىل بك وحممد أيب الفضل‬

‫إبراهیم وعيل حممد البجاوي‪ ،‬ط‪ ، 3‬مكتبة دار الرتاث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫الصالح‪ ،‬صبحي‪1986( ،‬م)‪ ،‬دراسات يف فقه اللغة‪ ،‬ط ‪ ، 16‬دار العلم للمالینی‪ ،‬بریوت لبنان‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ -7‬الفریوز آبادي‪1998( ،‬م)‪ ،‬القاموس املحیط‪ ،‬حتقیق‪ :‬مكتب حتقیق الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪ ،‬بإرشاف ‪:‬حممد نعیم‬

‫العرقسويس‪ ،‬ط‪ ، 6‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بریوت – لبنان ‪.‬‬

‫املن ّّجد‪ ،‬حممد نور الدین‪1999( ،‬م)‪ ،‬االشرتاك اللفظي يف القرآن الكریم بنی النظریة والتطبیق‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الفكر‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫دمشق‪.‬‬

‫‪ -9‬أنیس ‪،‬إبراهیم‪2003( ،‬م)‪ ،‬يف اللهجات العربیة‪ ،‬مكتبة األنجلو املرصیة‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -10‬سیبویه‪1988( ،‬م)‪ ،‬الكتاب‪ ،‬حتقیق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬ط‪ ، 3‬مكتبة اخلانجي‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -11‬عبدالتواب ‪،‬رمضان ‪1999( ،‬م)‪ ،‬فصول يف فقه اللغة‪ ،‬ط‪ ، 6‬مكتبة اخلانجي‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -12‬وافی ‪،‬عيل عبد الواحد‪2004( ،‬م)‪ ،‬فقه اللغة‪ ،‬ط‪ ، 3‬هنضة مرص للطباعة والنرش والتوزیع‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪ -13‬الشبكة الدولیة‬

‫‪http://www.3refe.com/vb/showthread.php?t=208089‬‬

‫‪http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=9689‬‬

‫‪http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=64855‬‬

‫‪http://almerja.com/reading.php?idm=53456‬‬

‫~ ‪~ 16‬‬

You might also like