You are on page 1of 8

‫فنيات العالج المعرفي السلوكي‬

‫الدكتورة ‪ /‬ابتسام عبد الله الزعبي‬

‫العالج المعرفي السلوكي هو أحد األساليب العالجية الحديثة التي تهتم بصفة أساسية بالمدخل المعرفي لالضطرابات النفسية ويهدف‬
‫هذا األسلوب إلى إزالة األلم النفسي وما يشعر به الفرد من ضيق وكرب وذلك من خالل التعرف على المفاهيم واإلشارات الذاتية‬
‫‪.‬الخاطئة وتحديدها والعمل على تصحيحها ومن ثم تعديلها‬
‫ويتوقف تحقيق هذا الهدف على وجود عالقة عالجية دافئة بين المعالج والمريض‪ ،‬الذي يجب أن يتصف بالقبول والتقبل والود‬
‫والدفء والتعاون والمشاركة الوجدانية‪ ،‬وأن يقوم المعالج بتدريب المريض وتعليمه كيفية التعرف على المشكالت وحلها‪ ،‬وعلى مكوناتها‬
‫األساسية وأسبابها وعالقتها باالضطراب ‪( .‬عبد الله ‪)69-67 :2000 ،‬‬
‫‪:‬وهناك العديد من األساليب العالجية التي تستخدم خالل االتجاه المعرفي السلوكي منها‬

‫‪:‬فنية تحديد األفكار التلقائية والعمل على تصحيحها ‪1-‬‬


‫‪The Technique of Detain Identifying Automatic Ideas and Correcting Them‬‬
‫يقصد باألفكار التلقائية‪ ،‬تلك األفكار التي تسبق مباشرة أي انفعال غير سار‪ ،‬وهذه األفكار تأتي بسرعة كبيرة وبصورة تلقائية‪ ،‬وأحيانا ً‬
‫دون أن يالحظها الشخص‪ ،‬وهي أفكار غير معقولة‪ ،‬وهي السبب في االنفعال غير الصحيح لحدث معين‪ ،‬واألفكار التلقائية هذه تكون‬
‫دائما ً ذات صفة سلبية لحدث أو حالة معينة‪ ،‬وبالتالي تؤدي إلى توقع نتيجة غير سارة في النهاية‪ .‬وتهدف هذه الفنية إلى محاولة‬
‫التعرف على تلك األفكار ومن ثم تبديلها بأفكار إيجابية تؤدي إلى نهاية حسنة‪ ،‬ولذلك يطلب من المريض أن يسجل الواجبات‬
‫اليومية على ورقة‪ ،‬ويُدون فيها كل األفكار التلقائية التي مرت بذهنه في كل يوم يمر به‪ ،‬وتعتبر هذه الواجبات اليومية جزء من‬
‫العالج‪( .‬الجلبي‪ ،‬اليحيى ‪)271 :1996 ،‬‬
‫ويرى" بيك "(‪ )189 :2000‬أن الشخص قد يكون غير مدرك تماما لألفكار التلقائية التي تؤثر كثيرا ً على أسلوب المريض‬
‫وشعوره ومدى استمتاعه بخبراته‪ ،‬غير أنه يستطيع بشيء من التدريب أن يزيد إدراكه لهذه األفكار ويتعرف عليها بدرجة عالية من‬
‫التناسق‪ ،‬وفي هذه الفنية يطلب المعالج من المريض أن يركز على تلك األفكار والصور التي تسبب له ضيقا ً ال مبرر له‪ ،‬أو تدفعه‬
‫‪.‬إلى سلوك سلبي انهزامي‬
‫ويشير المحارب (‪)110-109 :2000‬إلى أن هناك العديد من األسباب التي تجعل بعض المرضى يجد صعوبة في التعرف على‬
‫هذه األفكار‪ ،‬فقد يتعود المريض على استخدام هذه األفكار بصورة آلية ويعتقد أنها أفكارا ً معقولة مما يجعله ال يهتم بها‪ .‬ونظرا ً ألن‬
‫األفكار المرتبطة بالخطر تؤدي إلى القلق‪ ،‬يحاول بعض المرضى تفاديها بطريقة ظاهرة أو باطنة‪ .‬وقد يحاول المريض عندما يعي صورة‬
‫أو فكرة مرتبطة بمأساة متوقعة كبت هذه الصورة‪ ،‬أو التخلص منها بسرعة عن طريق إشغال نفسه أو االبتعاد عن الموقف‪ ،‬وهذا‬
‫يجعل تذكر الصورة أو الفكرة بوضوح أمرا ً صعبا ً ‪ .‬وفي مثل هذه الحاالت من األفضل أن يصر المعالج بلطف على طرح األسئلة‪،‬‬
‫‪.‬كي تستثار األفكار المفيدة التي يستطع المعالج استخدامها للتعرف على دقة الخياالت أو األفكار التي ذكرها المريض‬

‫‪:‬وهناك العديد من الفنيات التي تساعد المرضى على تحديد أفكارهم التلقائية السلبية‪ .‬ومن أشهر هذه الفنيات‬
‫‪:‬طريقة مناقشة أحداث الخبرات االنفعالية ‪1-‬‬
‫‪Discussion of the Events of Emotive Experiences‬‬
‫في هذه الطريقة يطلب من المريض تذكر آخر حادث أو موقف من الحوادث أو المواقف المرتبطة بالموضوع االنفعالي لديه؛ على أن‬
‫يكون من الحوادث أو المواقف التي يتذكرها جيدا ً؛ بحيث يصف المريض الحادثة بشيء من التفصيل‪ ،‬ويحاول المعالج جعل المريض‬
‫يتذكر األفكار المرتبطة بظهور واستمرار رد الفعل االنفعالي باستخدام أسئلة مثل (ما هو أسوا ً ما توقعت حدوثه عندما كنت قلقا ً‬
‫جدا ً ؟ ) ما الذي خطر في ذهنك آنذاك ؟ هل تخيلت شيئا ً ما في تلك اللحظة ؟‬
‫‪:‬استخدام التخيل إلعادة الخبرة االنفعالية ‪2-‬‬
‫‪Using Imagery to Get Back the Emotive Experience‬‬
‫عندما ال يستطيع المعالج استخدام األسئلة البسيطة المباشرة إلثارة األفكار التلقائية‪ ،‬فمن الممكن أن يطلب المعالج من المريض‬
‫تخيل الموقف أو تمثيله‪ ،‬وفي حالة كون الموقف عبارة عن تفاعل مع اآلخرين فباإلمكان االستعانة بعدد مناسب من الناس للعب‬
‫األدوار إلى جانب المريض‪( .‬المحارب‪)192-110 :2000 ،‬‬
‫مما سبق ترى الباحثة أن هذه الفنية تفيد كال ً من المعالج والعميل‪ ،‬في التعرف على األفكار السلبية التي تؤدي إلى التوتر‬
‫واالضطراب‪ ،‬ومن ثم تبديلها بأفكار إيجابية تؤدي إلى نهاية حسنة‪ ،‬وذلك من خالل الواجبات اليومية التي تُعتبر بدورها جزء من‬
‫ثم تفيد المعالج في اختيار األسلوب المناسب للتعامل معها‬ ‫‪.‬العالج‪ ،‬ومن ّ‬
‫‪: The Technique of Self Monitoring‬فنية المراقبة الذاتية ‪2-‬‬
‫ي ُقصد بالمراقبة الذاتية في العالج المعرفي السلوكي‪ ،‬قيام المريض بمالحظة وتسجيل ما يقوم به في مفكرة‪ ،‬أو نماذج معدة مسبقا ً‬
‫من المعالج وفقا ً لطبيعة مشكلة المريض‪ .‬ويحرص المعالج على البدء في استخدام المراقبة الذاتية بأسرع وقت ممكن‪ ،‬خالل عملية‬
‫التقويم لكي يتمكن من التعرف على مشكلة المريض بشكل يسمح له بإعداد صياغة مشكلة المريض واالستمرار في استخدامها؛‬
‫لمتابعة العملية العالجية‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك فالمراقبة الذاتية تؤدي في الغالب إلى انخفاض معدل تكرار السلوكيات غير المرغوب‬
‫فيها لدى المريض‪ ،‬وتقدم أدلة تحد من ميل المريض إلى تذكر فشله بدال ً من تذكر نجاحاته‪(.‬المحارب‪)118 :2000 ،‬‬
‫ويطلب المعالج من المريض تعبئة هذه االستمارة بتسجيل وقت ومصدر المواقف التي تسبب القلق والخوف‪ ،‬واألعراض الجسدية‬
‫واألفكار التي صاحبته‪ .‬ومن الممكن أيضا ً أن يقوم بتقييم قلقه بمقياس من ( صفر ‪ )100 -‬ليصف كيف يواجه الموقف‪ ،‬ونضع‬
‫هذه المعلومات أساسا ً لتسجيل مدى تكرار نوبات التوتر أو أي أعراض جسدية أخرى‪ ،‬ويساعد المعالج على معرفة مصادر ومظاهر‬
‫القلق لدى المريض‪ ،‬كما تساعد مراقبة الذات المريض على رؤية متاعبه بشكل مختلف فتشجعه على المحاولة‪ ،‬وأن يكون موضوعيا ً‬
‫مع نفسه مما يساعده على تحديد مشكلته بأسلوب سلوكي معرفي متعلم ‪ ،‬ومن ثم تستخدم المعلومات من قوائم مراقبة الذات في‬
‫الجلسة التالية كأساس للنقاش‪ .‬وتعد هذه الوسيلة وسيلة مقبولة تماما ً‪ ،‬فتتزايد السلوكيات المرغوب فيها وتتناقص السلوكيات غير‬
‫المقبولة عندما يتم مراقبتها‪(.‬عوض ‪)114 :2001 ،‬‬
‫وفي البحث الحالي‪ ،‬استعانت الباحثة بسجل المراقبة الذاتي (ملحق رقم (‪ ))6‬الذي أعطي لكل سجينة منذ الجلسة األولى‬
‫لتسجيل وقت ومصدر المواقف التي تسبب القلق والسلوك العدواني‪ ،‬وانخفاض الشعور بالمسئولية االجتماعية‪ ،‬واألعراض الجسدية واألفكار‬
‫‪.‬التي تصاحبها ومناقشتها في بداية كل جلسة للوقوف على أسبابها وكيفية التخلص منها‬

‫‪ :‬فنية المتصل المعرفي ‪3-‬‬ ‫‪Cognitive Continuum Technique‬‬


‫وفي هذه الفنية يُطلب من المريض أن يُوضح كيف يرى نفسه مقارنة مع اآلخرين‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬يطلب من المريض الذي‬
‫لديه االعتقاد (أنا شخص عديم الفائدة ) أن يعرف المقصود بعديم الفائدة‪ ،‬ثم يطلب منه أن يشير أين سيكون بعض الناس الذين‬
‫يعرفهم على معيار متدرج لهذه الصفة‪ .‬يبدأ بصفر (عديم الفائدة تماما ً ) و ‪( %100‬فعال جدا ً) ‪ .‬وهي فنية مفيدة الستبدال‬
‫(المحارب‪،‬‬ ‫األفكار التلقائية وكذلك االعتقادات األساسية‪ ،‬وتفيد في التعامل مع التفكير الثنائي (كل شيء أو ال شيء)‪.‬‬
‫‪)217 :2000‬‬

‫‪:‬فنية الجدل المباشر ‪4-‬‬ ‫‪Direct Dialogue Technique‬‬


‫وهذه الفنية إحدى الفنيات المعرفية‪ ،‬فرغم أن العالج المعرفي يؤيد التوجيه نحو االكتشاف الموجه أكثر من المواجهة المباشرة ألراء‬
‫المريض‪ ،‬إال أنه في بعض األحيان البد للمعالج من المواجهة المباشرة‪ ،‬ويظهر هذا األسلوب عندما يكون للمريض شعور باالنتحار‬
‫فبالتالي يجب على المعالج أن يعمل بسرعة وبشكل مباشر على مواجهة هذا الشعور باليأس‪ ،‬كما تكون المواجهة المباشرة نافعة‬
‫في المواقف التي يتدخل المعالج فيها للعالج بشكل سريع في الوقت الذي ال يكون للمريض فيه الرغبة أو المقدرة على المشاركة‬
‫الفعالة في عملية العالج‪ ،‬فالتنفيذ والنقاش الحاد يعتبر في جوهره من األدوات الخطيرة ؛ وذلك ألنه من الصعب أن تقدم جدال ً‬
‫مقنعا ً دون أن تسبب للمريض نوعا ً من الدونية والهزيمة والضيق‪ ،‬كما أنها بال نقاش سوف تتحول ببساطة إلى نزاع معرفي‪ .‬وبشكل‬
‫عام فإن فكرة تأكيد المعلومات بأكبر قدر ممكن من التعاون أفضل من مجرد إرسال مبادئ منطقية مجردة أو فلسفية‪ ،‬ثم يتم بعد‬
‫)‪.(Freeman,D .et.al, 1993: 55‬ذلك التحول إلى أسلوب التوجيه نحو االكتشاف بمجرد أن يكون هذا ممكنا ً‬

‫‪: Exposure Technique‬فنية التعريض ‪5-‬‬


‫هو مكون رئيسي في العالج المعرفي السلوكي وكذلك في العالج السلوكي الضطرابات القلق‪ ،‬فقد وجد الباحثون في هذا المجال‪ ،‬أن‬
‫التعريض المستمر للمثيرات التي تسبب القلق ينتج عنه تشتت استجابة القلق لدى الفرد الذي يعاني من القلق‪ .‬فالتعريض له عدة‬
‫أشكال يتخذها منها‪ :‬التعريض التخيلي‪ ،‬والتعريض المتدرج‪ ،‬والتعريض في الحي (الواقع)‪ ،‬وهذا النوع من التعريض يكون بدون تدرج‬
‫‪ ،‬والبد من توفر شروط لهذا النوع من التعريض من أهمها موافقة المريض‪ .‬كما يوجد أنواع أخرى من التعريض منها التعريض‬
‫)‪. (Thomas,H. .et.al, 1994: 422‬بمساعدة المعالج للموقف الذي يسبب القلق بطريقة مباشرة‬
‫ويعود الهدف من هذه الفنية إلى التأثير على األعراض السلبية للقلق بإطفائها وذلك بمواجهة المثيرات من ناحية‪ ،‬ومواجهة سلوك‬
‫التجنب الذي هو معزز للقلق من ناحية أخرى ‪( .‬سعفان ‪)142-141 :2003 ،‬‬

‫‪ :Imagination Technique‬فنية التخيل ‪6-‬‬


‫‪:‬تقوم هذه الفنية على افتراضين أساسين هما‬
‫‪.‬يُكتسب القلق وفق قوانين االشتراط الكالسيكي ‪1-‬‬
‫يُو ِل ّد القلق السلوك التجنبي الذي يتعزز بدوره عن طريق تقليل مستوى القلق‪ ،‬حيث إن المثيرات التي تقترن باأللم أو الحرمان ‪2-‬‬
‫تُح ِد ث ردود فعل انفعالية سلبية‪ ،‬وهذه االنفعاالت بدورها تؤدي إلى استجابات تجنبيه دفاعية تعزز االستجابات الدفاعية التي تؤدي‬
‫إلى إزالة أو إيقاف المثير الشرطي‪ ،‬الذي يبعث على الخوف أو القلق بنجاح ‪ .‬واعتمادا ً على ذلك‪ ،‬يُطلب في هذا اإلجراء من‬
‫العميل تخيل المواقف التي تبعث على الخوف لديه وذلك خالفا ً لتقليل الحساسية التدريجي‪ ،‬الذي يشتمل على االنتقال بالعميل‬
‫تدرجيا ً من الموقف األقل إثارة إلى الموقف األكثر إثارة؛ حيث يبدأ هذا اإلجراء بالموقف الذي يبعث على الحد األقصى من القلق‪،‬‬
‫بل إن المعالج يهول األمر‪ ،‬وذلك بهدف إبقاء العميل في حالة من القلق الشديد مدة طويلة ‪ (.‬الخطيب ‪)360 :1990 ،‬‬
‫إلى أن فنية التخيل تُستخدم في عالج اضطرابات القلق لتوضيح العالقة بين التفكير والعواطف‪ ،‬فيطلب "‪ Beck‬ولقد أشار "بيك‬
‫المعالج من العميل أن يتخيل مشهدا ً أو منظرا ً غير سار ويالحظ استجاباته‪ ،‬فإذا أظهر العميل استجابات انفعالية وعاطفية سالبة‬
‫عندئذ يبحث عن محتوى أفكاره‪ .‬ثم يطلب المعالج من العميل أن يتخيل مشهدا ً سارا ً ويصف مشاعره‪ ،‬كي يستطيع العميل أن‬
‫يدرك التغيير في محتوى أفكاره التي أثرت في مشاعره‪ ،‬وبالتالي يمكن أن يغير مشاعره إذا غير أفكاره‪ (.‬معوض ‪:1996 ،‬‬
‫‪)106‬‬
‫مما سبق ترى الباحثة أن فنية التخيل تساعد العميل في تعلم وإدراك أن تغيير األفكار(السلبية) التي تؤدي إلى مشاعر سلبية‪،‬‬
‫‪.‬يؤدي إلى تغيير هذه المشاعر نتيجة تغيير محتوى هذه األفكار وإبدالها بأخرى إيجابية‬

‫‪:‬فنية الواجبات المنزلية ‪7-‬‬ ‫‪Homework Technique‬‬


‫تلعب الواجبات المنزلية دورا ً هاما ً في كل العالجات النفسية ولها دور خاص في زيادة فعالية العالج المعرفي السلوكي؛ إذ إنها‬
‫الفنية الوحيدة التي يبدأ ويختم بها المعالج المعرفي السلوكي كل جلسة عالجية ‪ ،‬وتساهم في تحديد درجة التعاون واأللفة القائمة‬
‫بين المعالج والعميل‪ ،‬وذلك يؤثر في طريقة أداء العميل في كل خطوات أو مهام البرنامج العالجي‪ ،‬ويستطيع المعالج تقوية العالقة‬
‫العالجية بتكليف العميل بعمل واجبات منزلية‪ ،‬ويقدم كل واجب منزلي على أنه تجربة مناسبة الكتشاف بعض العوامل المعرفية‬
‫‪.‬المتعلقة بالمشكلة التي يواجهها حديثا ً‬
‫وتأخذ الواجبات المنزلية عدة أشكال فيطلب المعالج من المريض تسجيل األفكار اآللية‪ ،‬واالتجاهات المختلة وظيفيا ً‪ ،‬أو إجراء تجربة‬
‫سلوكية أو معرفية لها أهداف محددة ومتعلقة بمشكلته‪ ،‬ويجب أن يالحظ المعالج أن للواجبات المنزلية دورا ً هاما ً في زيادة فعالية‬
‫العالج المعرفي السلوكي‪ ،‬وتكوين األلفة والتعاون بينه وبين المريض‪ ،‬إذا اهتم بإعطاء واجبات بسيطة ومركزة ومتصلة بمشكلة‬
‫المريض‪،‬وتوضيح األساس المنطقي لكل واجب منزلي‪ ،‬باإلضافة إلى توضيح كيفية إجرائها واالهتمام بمراجعتها في بداية كل جلسة‪.‬‬
‫(معوض‪)118-117 :1996 ،‬‬
‫مما سبق ترى الباحثة أن الواجبات المنزلية تستخدم لتحسين إدراك األفكار اآللية وعالقتها بردود الفعل االنفعالية‪ ،‬كما أنها تساعد‬
‫على تقدم العالج المعرفي السلوكي سريعا ً‪ ،‬وتعطي فرصة للعميل لممارسة مهارات ووجهات نظر جديدة ومنطقية؛ لمعرفة أفكاره‬
‫‪.‬المختلة واتجاهاته غير العقالنية ومحاولة تعديلها‪ .‬كما أنها تُعتبر جزءا ً متمما ً لنتائج العالج‬

‫‪:‬فنية صرف االنتباه ‪8-‬‬ ‫‪Distraction Technique‬‬


‫تُستخدم فنية صرف االنتباه في العالج المعرفي السلوكي ألهداف محددة وقصيرة المدى‪ ،‬وذلك بأن يُطلب من العميل الذي يعاني‬
‫من القلق‪ ،‬مثال ً القيام بسلوك يصرف انتباهه عن األعراض التي يشعر بها‪ ،‬ألن التركيز على هذه األعراض يجعلها تزداد سوءا ً ‪.‬‬
‫ولكن لفنية صرف االنتباه بعض الجوانب السلبية التي قد تؤثر سلبا ً على سير العملية العالجية على المدى البعيد‪ ،‬عندما يستخدمه‬
‫‪.‬العميل كأسلوب لتجنب األعراض‬
‫ويستطيع المعالج المعرفي السلوكي استخدام فنية صرف االنتباه في بداية العالج؛ لكي يجعل العميل يُدرك أن باستطاعته التحكم‬
‫في األعراض التي يشكو منها‪ ،‬وهذه خطوة مهمة جدا ً في العالج‪ ،‬وقد تستخدم هذه الفنية في مراحل متأخرة من العالج للتعامل‬
‫مع األعراض‪ ،‬عندما يكون العميل في وضع ال يسمح له بتحدي األفكار السلبية التلقائية‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬عندما تأتي العميل األعراض‬
‫وهو يتحدث مع شخص ما؛ ففي هذه الحالة بإمكان العميل طرد األفكار السلبية من خالل االقتراب أكثر من الشخص الذي يتحدث‬
‫غط ي المجال البصري للعميل ‪،‬أو التركيز على المحادثة نفسها بدال ً من األفكار المتعلقة بتقويمه لنفسه‪ .‬ومن الممكن‬
‫معه مما ي ُ ّ َ‬
‫استخدام أساليب صرف االنتباه لتوضيح النموذج المعرفي السلوكي لالضطرابات النفسية للعميل‪ .‬فقد يطلب المعالج من العميل‬
‫عندما يكون قلقا ً خالل الجلسة أن يصف بصوت مسموع محتويات الغرفة‪ ،‬ومن ثم يستخدم األسئلة ليوضح للعميل كيف أن تمرينات‬
‫‪.‬صرف النظر تخفف من القلق‪ ،‬مما يدلل على أن األفكار تلعب دورا ً كبيرا ً في ظهور األعراض لديه‬

‫‪:‬وفيما يلي بعض األساليب المستخدمة في صرف االنتباه‬


‫‪: Focus on a Particular Object‬أ‪ -‬التركيز على شيء معين‬
‫در ب العميل على التركيز على شيء ما ويصفه بالتفصيل لنفسه باستخدام األسئلة التالية واإلجابة عليها‪( :‬أين هو‬
‫يُ َّ‬
‫‪.‬بالضبط ؟ ما حجمه ؟ ما لونه ؟ كم يوجد منه ؟ ما الفائدة منه ‪ ..‬الخ)‬
‫‪: Sensational Awareness‬ب‪ -‬الوعي الحسي‬
‫در ب العميل على مالحظة البيئة المحيطة به ككل باستخدام النظر‪ ،‬السمع‪ ،‬الذوق ‪ ،‬اللمس‪ ،‬والشم مستعينا ً باألسئلة التالية‪ ( :‬ما‬ ‫يُ َّ‬
‫‪.‬الذي تراه بالضبط إذا نظرت حولك ؟ ما الذي تستطيع سماعه داخل جسمك ؟ في الغرفة ؟ خارج الغرفة ؟ خارج المبنى ؟ )‬
‫‪: Mental Exercises‬ج‪ -‬التمرينات العقلية‬
‫يشتمل ذلك مثال ً على العد إلى الخلف من ‪ 100‬بطرح ‪ 7‬كل مرة ‪ ،‬التفكير في أسماء الحيوانات التي تبدأ بالحرف ( أ ) ثم‬
‫‪.‬بالحرف ( ب ) ‪ ...‬وهكذا ‪ .‬تذكر حادثة معينة بالتفصيل‬
‫‪: Pleasing Memories and Images‬د‪ -‬الذكريات والخياالت السارة‬
‫تذكر الحوادث السارة بأكبر قدر ممكن من الوضوح مثال ً ( رحلة سعيدة) أو التخيل (ما الذي سيفعله العميل لو كسب شيء غير‬
‫متوقع)‪(.‬المحارب‪)211-208 :2000 ،‬‬
‫مما سبق ترى الباحثة أن فنية صرف االنتباه تفيد في خفض مستوى القلق والتوتر عند الفرد بعدة طرق من شأنها أن تصرف انتباه‬
‫الفرد عن األعراض التي يشعر بها نتيجة لألفكار التي تدور في ذهنه ‪،‬مما يؤدي به إلى تغيير محتوى تفكيره إلى أمور أخرى‬
‫‪.‬تجعله أكثر هدوءا ً وأقل توترا ً‬

‫‪:‬فنية ملء الفراغ ‪9-‬‬ ‫‪Filling in the Blank Technique‬‬


‫من اإلجراءات األساسية لمساعدة العميل على توضيح أفكاره التلقائية أن ندربه على مالحظة سلسلة األحداث الخارجية وردود أفعاله‬
‫تجاهها‪ .‬وقد يذكر العميل أحيانا ً عدد من المواقف التي أحس فيها بكدر وضيق ال مبرر له‪ .‬ففي هذه الحالة تكون هناك دائما ً‬
‫فجوة ما بين المؤثر أو المثير واالستجابة االنفعالية‪ .‬وقد يكون باستطاعة العميل أن يفهم سر كدره االنفعالي إذا أمكنه أن يتذكر‬
‫ويسترجع األفكار التي وقعت له خالل هذه الفجوة‪(.‬بيك‪)192 :2000 ،‬‬

‫‪:‬فنية األسئلة السوقراطية واالكتشاف الموجه ‪10-‬‬


‫‪Socratic Question and Guided Discovery Technique‬‬
‫العالج المعرفي السلوكي عملية تجريبية تعاونية‪ ،‬يشترك فيها المعالج والعميل في وضع أهداف العالج‪ ،‬وجدول أعمال كل جلسة‬
‫وجمع األدلة المنظم لصالح أو ضد اعتقادات العميل‪ ،‬بطريقة تشبه الطريقة العلمية لفحص الفروض‪ .‬ويتم فحص هذه الفروض باستخدام‬
‫األسئلة السوقراطية (نسبة إلى سقراط) من قبل المعالج‪ ،‬بدال ً من التحدي المباشر ألفكار العميل واعتقاداته‪ ،‬إلى جانب الفنيات‬
‫‪.‬المعرفية السلوكية األخرى‬
‫وفي األسلوب األول من أساليب هذه الفنية‪ ،‬يقدم المعالج وجهة النظر البديلة على العميل مباشرة؛ كأن يشير إلى عدم التناسق‬
‫ووجود أخطاء في التفكير‪ ،‬ويسأل العميل عن مدى موافقته وفهمه لذلك‪ .‬أما في األسلوب الثاني فيكون الهدف من األسئلة‬
‫السوقراطية توجيه العميل إلى تفحص جوانب وضعه خارج نطاق الفحص والتدقيق‪ ،‬و مساعدته اكتشاف خيارات وحلول لم يأخذها‬
‫بعين االعتبار من قبل‪ ،‬وأخيرا ً تعويد العميل على التروي والتفكير وطرح األسئلة (على نفسه)‪ ،‬في مقابل االندفاع التلقائي وتمكينه‬
‫بذلك من البدء في تقويم اعتقاداته وأفكاره المختلفة بموضوعية‪(.‬المحارب‪)132 :2000 ،‬‬
‫وترى الباحثة أنه من خالل هذه الفنية يحصل المعالج على معلومات عن العميل وعن خبراته الفريدة‪ ،‬فهو الذي يستطيع شرح‬
‫أفكاره‪ ،‬ومشاعره‪ ،‬وهذه المعلومات بدورها تفيد المعالج في تحديد الكيفية التي تستخدم بها القواعد العالجية التي ينوي المعالج‬
‫‪.‬تطبيقها‬

‫‪:‬فنية وقف األفكار ‪11-‬‬ ‫‪Idea's Termination Technique‬‬


‫غالبا ً ما تكون األفكار الخاطئة لها تأثير متزايد ‪ ،‬ونجد أن الفكرة الخاطئة ربما تستدعي فكرة أخرى‪ ،‬وإذا استمرت تلك العملية دون‬
‫أن يتم إيقافها‪ ،‬قد نجد العميل غير قادر على االستجابة لهذه األفكار بشكل مؤثر‪ ،‬وذلك نتيجة ألن ظهور تلك األفكار الخاطئة أسرع‬
‫من قدرة العميل على إظهار استجابات تجاه تلك األفكار‪.‬وعندما تكون هذه هي المشكلة نجد أن الحل هو أن يتعلم العميل كيفية‬
‫وقف تدفق وتزايد هذه األفكار كي يستطيع أن يتعامل معها بشكل أكثر فاعلية‪ .‬وهذه العملية (وقف تدفق األفكار الخاطئة) عملية‬
‫بسيطة إلى حد ما‪ ،‬حيث إن العميل يقوم ببساطة بإيقاف هذا التيار من األفكار بواسطة منبه مفاجئ سواءٌ أكان هذا المنبه حقيقي‬
‫أم خيالي‪ ،‬ثم بعد ذلك يتحول إلى أفكار أخرى قبل أن يعود هذا التيار من األفكار مرة أخرى‪ ،‬وذلك من خالل النصيحة التي يتم‬
‫‪ .‬توجيهها للعميل بشكل متكرر وهي (ال تقلق بشأن ذلك)‬
‫كاف وال يتمتع‬
‫ٍ‬ ‫وبسبب عدم قدرة العميل على استخدام هذه الفنية بسهولة‪ ،‬نجد أن الشرح البسيط لهذا األسلوب غير مؤثر بشكل‬
‫بالمصداقية‪ ،‬حيث إن هذا األسلوب يكون أكثر فاعليه عندما يتم عرضه على العميل بشكل مفصل‪ .‬وبعد أن يجد العميل أن هذا‬
‫األسلوب له تأثير‪ ،‬يشعر في هذا الوقت بأنه يتمتع بالمصداقية وأنه يستطيع أن يتعلم استخدام منبه أكثر مرونة‪ ،‬مثل تخيل النداء‬
‫عال‪ ،‬قائال ً (توقف)‪ ،‬أو العض على قطعة قماش موضوعة حول معصم يده‪ ،‬ويكون استخدام أسلوب إيقاف الفكرة أسهل‬ ‫ٍ‬ ‫بصوت‬
‫)‪.(Freeman,D .et.al, 1993:63‬بكثير في بداية تواتر هذا األفكار‬

‫‪:‬فنية اختبار الدليل ‪12-‬‬ ‫‪Alternatives Choosing Technique‬‬


‫وهي من إحدى الفنيات الفعالة لمواجهة األفكار الخاطئة‪ ،‬بحيث تدعم أو ال تدعم الفكرة بواسطة الحدث المتاح‪ ،‬حتى لو كانت‬
‫‪.‬هناك بعض التأويالت األخرى التي تكون مناسبة بشكل أكثر لهذا الدليل‬
‫فالعملية ال تشمل فقط مجرد اختبار للدليل‪ ،‬ولكنها تضع في االعتبار أيضا ً مصدر تلك المعلومات ومدى صالحية استخدام اآلراء التي‬
‫انتهى إليها العميل‪ ،‬باإلضافة إلى التفكير في ما إذا كان العميل قد أغفل بعض المعلومات المتاحة‪ .‬والكثير من العمالء يبدأ‬
‫‪.‬بإصدار الحكم النهائي مثل "أنا لست شخص جيد"‪ ،‬ثم بعد ذلك يختار األحداث التي تدعم وجهة نظره والرأي الذي انتهي إليه‬
‫أن هذه الفنية تستخدم من أجل مساعدة العمالء على اكتشاف المنطق الخاطئ الكامن )‪ Zarb "(21:1992‬وتذكر" زارب‬
‫وراء تفسيراتهم ومعتقداتهم المشوهة‪ ،‬إذ ي ُطلب من العميل أن يقدم الدليل المؤيد أو المعارض لمعتقداته وتفسيراته لألحداث ‪ ،‬وأن‬
‫‪.‬يقوم بتسجيل الدليل المؤيد أو المعارض في العمود المخصص لذلك‬
‫ثم العمل‬‫ومما سبق ترى الباحثة أنه عن طريق اختبار الدليل من الممكن تحديد ومواجهة األفكار التي انتهى إليها العميل ومن ً‬
‫‪.‬على تغييرها‬

‫‪: Monologue Technique‬فنية الحوار الذاتي ‪13-‬‬


‫ويكون الحوار الذاتي عن األفكار األساسية في النظرية المعرفية‪ .‬فاإلنسان يسلك بحسب ما يفكر‪ ،‬وفي ميدان ممارسة العالج الذاتي‬
‫ينصب جزء من دور المعالج على تدريب األشخاص على تعديل مستوى أفكارهم‪ ،‬التي تثير القلق واالكتئاب وعدم الثقة‪ .‬إن الحوار‬
‫مع النفس عند أي نشاط معين من شأنه أن ينبه الفرد إلى تأثير أفكاره السلبية على سلوكه‪ ،‬وحديث المرء مع نفسه وما يحويه‬
‫من انطباعات وتوقعات عن المواقف التي تواجهه‪ ،‬هو السبب في تفاعله المضطرب‪ .‬ولهذا يعتمد المعالج المعرفي السلوكي على‬
‫محاولة تحديد مضمون مثل هذا الحديث‪ ،‬والعمل على تعديله كخطوة أساسية في مساعدة الفرد على التغلب على اضطرابه‪ ،‬خاصة‬
‫المواقف التي تستثير القلق واالكتئاب‪( .‬عوض‪)112 :2001 ،‬‬

‫‪:‬التعرف على أساليب التفكير الخاطئ غير الفعال ‪14-‬‬


‫‪Identifying Wrong and Non-effective Thinking Methods‬‬
‫عند التفكير في حل مشكلة معينة أو فهمها‪ ،‬تحدث أخطاء في الفهم والتفسير مما يشوه صورة الواقع وبالتالي يثير االضطرابات‬
‫‪:‬السلوكية‪ .‬ومن التحريفات المعرفية التي تحدث ما يأتي‬
‫‪:‬المبالغة ‪1-‬‬
‫وتتمثل في الميل للمبالغة في إدراك األشياء ‪ ،‬أو الخبرات الواقعية وإضفاء دالالت مبالغ فيها؛ كتصور الخطر والدمار فيها‪ .‬ومن‬
‫الثابت أن المبالغة في إدراك نتائج األشياء يميز األشخاص المصابين بالقلق‪ ،‬فتفكير الشخص في حاالت القلق يتميز بالمبالغة في‬
‫تفسير الموقف‪ ،‬مما يؤدي إلى إثارة مشاعر الخوف والتوتر‪ ،‬فهو يتوقع الشر لنفسه وألسرته أو ممتلكاته ‪ ،‬أو يتوقع الخوف من فقدان‬
‫‪.‬مركزه أو وظيفته واألشخاص المهمين في حياته‬
‫كما نجد أن التقليل من المخاطر الواقعية‪ ،‬قد تكون له أيضا ً نتائج انفعالية سلوكية مماثلة؛ إذ يؤدي ذلك إلى االندفاع وتكرار‬
‫التجارب الفاشلة‪ ،‬كما قد يؤدي إلى تخفيض الدافع إلى مواصلة الجهد واإلنجاز‪( .‬إبراهيم‪)312-307 :1998،‬‬
‫من هنا ترى الباحثة أن الفرد ينبغي أن يراعي التوسط في التعامل مع األمور والمشكالت‪ ،‬فال يبالغ في تفسير الموقف فيزيد من‬
‫مبال بالفشل الذي قد‬
‫ٍ‬ ‫شعوره بالخوف‪ ،‬وفي المقابل ال يقلل من شأن أي موقف والمخاطر المترتب عليه فيصبح اندفاعيا ً غير‬
‫‪.‬يتعرض له‬

‫‪:‬التعميم الزائد ‪2-‬‬


‫في مجال علم النفس‪ ،‬من الثابت أن الميل للتعميم من الجزء إلى الكل‪ ،‬يعتبر من العوامل الحاسمة في كثير من األمراض‬
‫االجتماعية‪ ،‬كالتعصب أو غيرها‪ ،‬فكثير من الخصائص السلبية ننسبها لجماعة معينة لكي نبرر تعصبنا نحوها قد يكون في الحقيقة‬
‫تعميما ً خاطئا ً لخبرة سيئة مع فرد ينسب لهذه الجماعة‪ .‬والتعميم أسلوب من التفكير يرتبط باألنماط المرضية‪ ،‬وخاصة االكتئاب‬
‫والفصام‪ ،‬ويعتبر التعميم الخاطئ أيضا ً من العوامل الحاسمة في اكتساب المخاوف المرضية‪( .‬إبراهيم‪)312-307 :1998،‬‬
‫من هنا ترى الباحثة أن المعالج المعرفي السلوكي ينبغي أن يقدر دور هذا العامل في المساهمة في اضطرابات البشر‪ ،‬لذا فعليه أن‬
‫‪.‬يؤكد باستمرار لعميله بأنه ال يوجد شيء أكيد تماما ً‪ ،‬وإنما قد يكون مرجحا ً بدرجة قليلة أو كثيرة‬

‫‪:‬المقياس الثنائي والتطرف ‪3-‬‬


‫أو سوداء‪ ،‬جيدة أو سيئة‪ ،‬خبيثة أو طيبة‪ ،‬دون أن يدرك أن الشيء الواحد الذي قد يبدو‬ ‫يميل بعض األفراد إلدراك األشياء إما بيضاء‬
‫أشياء إيجابية‪ ،‬أو يؤدي إلى نتائج إيجابية‪ .‬وينظر العميل إلى الموقف وكأنه محصور في‬ ‫في ظاهر األمر سيئا ً‪ ،‬قد تكون فيه‬
‫أساس أنه متصل يشتمل على درجات كثيرة بين طرفيه‪( .‬إبراهيم‪)312-307 :1998،‬‬ ‫احتمالين فقط وليس على‬
‫فنية المتصل المعرفي‪ ،‬التي ورد ذكرها سابقا ً‪ ،‬في تصحيح هذه األفكار التلقائية السلبية من‬ ‫وترى الباحثة أنه يمكن االستفادة هنا من‬
‫خالل استخدام معيار متدرج لصفة ما(صفر ‪ ،)%100-‬سيجد من خاللها أن هناك أكثر من احتمالين لهذه الصفة كما كان يعتقد‬
‫‪.‬ويدرك سابقا ً‬

‫‪:‬التجريد االنتقائي ‪4-‬‬


‫وهو أسلوب خاطئ في التفكير؛ كأن يعزل الشخص خاصية معينة من سياقها العام ‪ ،‬ويؤكدها في سياق آخر‪.‬فمثال ً شخص يرفض‬
‫التقدم لعمل جديد مناسب‪ ،‬ذلك ألنه سبق أن ُر ِفض في عمل سابق ألسباب ال عالقة لها بإمكانياته ومواهبه وبما يتطلبه العمل‬
‫‪.‬الجديد‬
‫والتجريد االنتقائي من األخطاء التي تشيع في أفكار المكتئبين‪ ،‬فقد تبين أن المكتئب يركز على جزء من التفاصيل السلبية ويتجاهل‬
‫الموقف ككل (مثال ً يعود إلى المنزل بعد حفلة أو لقاء‪ ،‬وال يذكر من هذا اللقاء إال أن فالنا ً تجاهله ‪ ،‬وفالنا ً قاطعه في الكالم وأنه‬
‫كان يجب أن يقول كذا وكذا‪ ،‬وأن ال يقول كذا وكذا ‪ ..‬إلخ‪( .‬إبراهيم‪)312-207 :1998 ،‬‬
‫مما سبق ترى الباحثة أن التجريد االنتقائي قد يكون مفيدا ً في بعض الحاالت إذا استفاد منه الفرد في تعديل بعض جوانب القصور‬
‫فيه‪ ،‬فمثال ً في المثال األول رفض طلب التوظيف لسبب معين‪ ،‬قد يكون دافع للفرد لتطوير نفسه في هذا الجانب الذي يعاني من‬
‫القصور فيه‪ .‬أما بالنسبة للمثال الثاني قد تجعل الفرد يفكر في تقويم نفسه‪ ،‬فقد يكون لبعض سلوكياته سبب في تجاهل أو تجنب‬
‫الناس له فيصلحها‪ ،‬أو ألنه يحاول دائما ً أن يحتكر أي حوار في جماعة ما‪ ،‬لذلك يقاطعه اآلخرون فيعدل من طريقته‪.‬أما مجرد‬
‫التركيز على السلبيات والتفكير فيها دون الخوض في أسبابها‪ ،‬فهو يؤدي بالفرد إلى التوتر والقلق بسبب األفكار الخاطئة‪ ،‬التي قد‬
‫‪.‬تراوده حينها بأنه إنسان فاشل ال يصلح لشيء‪ ،‬أو أنه منبوذ ومكروه من الجميع‬

‫‪:‬أخطاء الحكم واالستنتاج ‪5-‬‬


‫كثيرا ً من حاالت القلق واالكتئاب والعدوان يكون السلوك فيها ناتجا ً عن خطأ في تفسير الحادثة؛ بسبب عدم توافر معلومات معينة‬
‫أو سياق مختلف‪( .‬إبراهيم‪ ، )313 :1998 ،‬و يذكر "الجلبي" أن "االستنتاج العشوائي" أو "الخطأ في االستنتاج" هو الوصول‬
‫إلى استنتاجات دون أدلة كافية‪ ،‬أو بأدلة واهية ال تتفق مع الواقع الموضوع‪ .‬وعادة ما يكون االستنتاج الخاطئ من النوع السيئ‪،‬‬
‫ومما له انعكاسات سلبية على حياة الفرد‪( .‬الجلبي واليحيي‪)270 :1996،‬‬
‫وترى الباحثة أن ديننا اإلسالمي قد سبق العالج المعرفي السلوكي في إرشادنا إلى ضرورة عدم التسرع في إصدار األحكام‪،‬‬
‫َين َءا ْ َمن ُ ْوا ِإ ذْا‬
‫والقرارات قبل التبين والتحقق من األمر‪ ،‬حتى ال نظلم أنفسنا أو نظلم اآلخرين متمثال ً في قوله تعالى ‪) :‬يَاأي ُّ َها اْلَذ َ‬
‫ادمين( (‪)1‬‬ ‫ْ‬ ‫عل َى َما ف ََعلْتُ ْم ن َ‬
‫بح ْوا َ‬ ‫َاسق بنَبًَأ َفتَبَيّن ُ ْوا َأ ْن تُ َصيبُ ْوا ق َْو َما ً َ‬
‫بج َهال َة َفتُ ْص ُ‬ ‫اءك ُْم ف ٌ‬
‫َج َ‬
‫سورة الحجرات ‪،‬آية (‪(1))6‬‬

‫‪:‬فنية لعب األدوار ‪15-‬‬ ‫‪Role Play‬‬


‫وتُعتبر من الفنيات التي ُتستخدم مع المكون االنفعالي في العالج المعرفي السلوكي‪ ،‬إذ تتيح هذه الفنية الفرصة للتنفيس االنفعالي‬
‫وتفريغ الشحنات والرغبات الظاهرة والمكبوتة‪ ،‬ويتم ذلك من خالل تمثيل سلوك أو موقف اجتماعي معين كما لو أنه يحدث‬
‫بالفعل‪،‬على أن يقوم المعالج بدور الطرف اآلخر من التفاعل والحوار والمناقشة‪ .‬ويتكرر لعب الدور حتى يتم تعلم السلوك‬
‫المرغوب‪ ( .‬شقير‪)272 :2000،‬‬
‫‪.‬فلعب الدور يعني تدريب على تحمل اإلحباط‪ ،‬والتحكم في السلوكيات غير المرغوبة ومعالجة نواحي القصور في السلوك االجتماعي‬
‫كما يستخدم لعب الدور في مساعدة األفراد على ممارسة السلوكيات التي يرغبون في أن تنمو لديهم‪،‬كي يصبحوا أكثر وعيا ً‬
‫النفعاالتهم وأسلوب تفاعلهم مع اآلخرين‪.‬ويعد لعب الدور أحد الطرق التي تُعين على نمو المهارات االجتماعي‪(.‬عمارة ‪:2008،‬‬
‫‪)161-160‬‬
‫وترى الباحثة أن فنية لعب الدور تتيح للفرد الفرصة لتجربة طرق بديلة للتغلب على السلوكيات غير المرغوبة‪ ،‬خصوصا ً عند مقارنة‬
‫‪.‬النتائج المترتبة على االختيار ما بين السلوك المرغوب وغير المرغوب‬

‫‪ :‬فنية النمذجة ‪16-‬‬ ‫‪Modeling‬‬


‫يعتبر التعلم بالنمذجة من أهم األساليب المستخدمة في تعلم العديد من المهارات االجتماعية‪ ،‬وذلك من خالل التعرف على النماذج‬
‫السوية في البيئة واالقتداء بها‪ .‬فالمعالج يعرض على العمالء النماذج المرغوب تعلمها في سلوكهم فيقومون بتقليدها بعد مالحظتها‬
‫مع تعزيز أدائهم للسلوك‪.‬ومن استخدامات النمذجة زيادة السلوك اإليجابي وخفض السلوكيات العدوانية غير المرغوبة‪(.‬منصور‪:2000،‬‬
‫‪)104‬‬

‫‪ :‬وتعتمد هذه الفنية على نظرية التعلم االجتماعي؛ إذ توجد ثالث عمليات أساسية لحدوث التعلم بالنمذجة وهي‬
‫‪:‬أ‌‪ -‬عملية االنتباه‬
‫فمن الضروري االنتباه للنموذج السلوكي لكي يتم التعلم بالمالحظة‪.‬ويجب أن يكون النموذج مؤثرا ً على القائم بالمالحظة كي ينتبه‬
‫‪.‬للسلوك المراد تعلمه‬
‫ب‪ -‬عملية االحتفاظ‬ ‫‪‌ :‬‬
‫‪.‬فمن الضروري أن يتوفر لدى الفرد القدرة على التعلم‪ ،‬فال يتأثر الفرد بسلوك النموذج المشاهد؛ إال إذا تذكر السلوك المراد تعلمه‬
‫‪:‬ج ‪ -‬عمليات اإلدراك الحركي‬
‫فالمالحظة لوحدها ال تؤدي إلى تعلم المهارات‪،‬كما أن المحاوالت واألخطاء ال تساعد وحدها في تعلم المهارات الحركية‪ ،‬ولكن البد‬
‫من الممارسة‪ ،‬ثم التغذية المرتدة لهذا األداء الممارس‪ ،‬والذي يفيد في معالجة نواحي القصور في بعض جوانب السلوك المتعلم‪.‬‬
‫(عمارة ‪)160-156 :2007،‬‬
‫وترى الباحثة أن هذه الفنية ليست بغريبة عن ّا كمسلمين في تعلمنا لكثير من القيم واألخالقيات والسلوكيات المرغوبة‪ .‬فلقد استخدم‬
‫اإلسالم في تصويره للسلوك المرغوب مجموعة األساليب التي تعرض نماذج للسلوك وتعرض نتيج َة القيام بهذا السلوك‪ .‬فنجد أسلوب‬
‫القصص القرآني‪ ،‬األمثال النبوية‪ ،‬أسلوب عرض المواقف‪ .‬وكذلك نجد في السنة النبوية نماذج توجه سلوك المسلم على مدار اليوم‬
‫متمثلة في الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬ونجد في سيرة السلف الصالح الكثير من النماذج على تعلم مكارم األخالق وأنواع السلوك‬
‫‪.‬المرغوب‬

‫‪:‬فنية التدريب على حل المشكالت ‪17-‬‬ ‫‪Problem Solving Skills‬‬


‫‪:‬هناك عدة مراحل يجب اتباعها في أثناء حل المشكلة المطروحة وهي‬
‫مرحلة إدراك وجود المشكلة ‪ :‬وفيها يدرك الفرد بأن لديه مشكلة فمن المهم أن ينتبه إلى مشاعره عندما يكون متوترا ً ‪1- -‬‬
‫‪.‬مضطربا ً‪ -‬مثارا ً‪..‬الخ‪.‬فالمثير يذكرك بأنك قلق فهناك شئ ما غير سليم‬
‫خفض اإلثارة‪:‬عن طريق التوقف عن التفكير التلقائي (قف وفكر قبل أن تتصرف)‪ ،‬فضبط النفس يكسر دائرة اإلثارة المفرطة‪2- ،‬‬
‫‪.‬وفرط اإلثارة يمكن أن يستثير سلوكيات غير مرغوبة؛ ألنها تستطيع أن تقطع تسلسل حل المشكلة‬
‫وضع صياغة للمشكلة ‪:‬من خالل التركيز على المطلوب عمله‪ ،‬وليس من خالل مسبب اإلحباط‪ ،‬وتقدير حجم المعلومات ‪3-‬‬
‫‪.‬المتاحة‪ ،‬ثم عرض المشكلة في شكل يمكن حله بشكل إيجابي وبهذا نحدد الهدف‬
‫‪.‬التفكير بطريقة الحل البديل‪:‬يشير إلى السلوك العقلي المنتج لحلول بديلة عديدة لمشكلة واحدة لالختيار من بينها ‪4-‬‬
‫التفكير بالعواقب‪:‬فإذا فكر الفرد في عواقب الفعل الذي سيقوم به‪ ،‬سواءٌ أكان على نفسه أو على اآلخرين أو األشياء المحيطة ‪5-‬‬
‫‪.‬به سيكف عن هذا الفعل‬
‫‪.‬مهارة التفكير العلمي‪:‬وفيها يتم تقديم إجابات عن األسئلة؛ مثل لماذا؟ كيف يمكن؟‪..‬الخ فهذه مهارة ‪6-‬‬
‫تقييم النتائج ‪:‬من خالل النظر إلى السبب والنتيجة والعالقات بينهما‪ ،‬التعلم من النتائج وهل وصلت إلى اختيار جيد أم ال‪7- ،‬‬
‫تعلم األخطاء‪ ،‬تجنب لوم الذات على محاولة تغيير التفكير الضعيف غير المجدي‪ ،‬تعلم القيمة اإلستراتيجية لحل المشكالت‪(.‬عمارة‬
‫‪)499-498 :2008،‬‬
‫وترى الباحثة أنه يجب على األفراد‪ ،‬في أي جماعة إرشادية أو عالجية أو حتى األشخاص في الحياة اليومية العادية‪ ،‬استخدام‬
‫تسلسل حل المشكالت في كل مرة يختبرون أو يعايشون توترا ً ذو عالقة متصلة بارتفاع القلق لديهم أو ارتفاع مستوى العدوانية ‪،‬أو‬
‫‪.‬انخفاض شعورهم بالمسئولية االجتماعية‬

‫‪:‬فنية التدريب على االسترخاء ‪18-‬‬ ‫‪Relaxation Training‬‬


‫إن االسترخاء ي ُعتبر أمر مطلوب في حد ذاته في مواجهة الضغوط النفسية وما ينشأ من قلق أو مخاوف وتشتت وتزاحم في األفكار؛‬
‫بل وما ينتج عن هذه الضغوط من اضطرابات نفسية (فسيولوجية) مثل قرحة المعدة وأمراض القلب‪ .‬فنجد أن بعض العلماء يُرجع‬
‫مرض السرطان إلى هذه الضغوط‪ .‬ولهذا يحتاج المعالج أن يستخدم أسلوب االسترخاء مع عمالئه في مرحله مبكرة جدا ً من العمل‬
‫معهم؛ ألنه يعمل على تهدئه الفرد‪ .‬ويستغرق التدريب على االسترخاء من ‪ 20‬إلى ‪ 35‬دقيقة ‪ ،‬يقوم بها الفرد وهو جالس على‬
‫كرسي مريح أو مستلق على ظهره في كرسي بظهر متحرك‪ .‬ويضاف إلى االسترخاء عنصر معرفي وذلك عندما يقوم الفرد بالتركيز‬
‫على المجموعات العضلية حتى ال يشتت انتباهه‪ ،‬ويطلب منه أيضا ً التنفس بعمق‪ ،‬حتى يصبح التنفس إشارة لتعميق االسترخاء في‬
‫الجلسات‪(.‬الجوهي‪( )226 :2004،‬الشناوي وعبد الرحمن‪)38 :1998 ،‬‬
‫من أوائل العلماء الذين بحثوا في تدريبات االسترخاء وتطبيقاتها في مجال "‪ Jacobsen‬ويعتبر عالم النفس األمريكي "جاكوبسن‬
‫العالج النفسي‪ ،‬وقد توصل إلى أن حالة االسترخاء خبرة مضادة لحالة القلق واالنفعاالت الحادة‪ ،‬وتقوم الفكرة األساسية لفنية‬
‫االسترخاء على أن الجسم في حالة القلق واالنفعاالت الحادة يتعرض لعمليتين هما الشد العضلي والتوتر النفسي‪ ،‬وتكون جميع‬
‫عضالت الجسم مشدودة في درجة توازي التوتر النفسي الذي يكون عليه اإلنسان في حالة القلق‪ .‬وإذا تم إيقاف أو تحويل حالة‬
‫التوتر والشد العضلي لجسم اإلنسان إلى حالة من االسترخاء‪ ،‬فإن التوتر النفسي ال يمكن أن يستمر على نفس الوضع‪ ،‬إنما يتحول‬
‫‪.‬إلى حالة من االسترخاء مما يخفض درجة القلق عند اإلنسان‪ .‬وبذلك ال يكون اإلنسان متوترا ً جسميا ً ومسترخيا ً نفسيا ً في آن واحد‬
‫ومما سبق ترى الباحثة أن هناك عالقة تالزمية قوية بين التوتر العضلي والتوتر النفسي لدى اإلنسان‪ ،‬فإذا زال التوتر العضلي فإن‬
‫التوتر النفسي يزول‪ .‬ويعزز هذا المبدأ العلمي قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغضب ‪ ((:‬إذا غضب أحدكم وهو قائم‬
‫فليجلس ‪ ،‬فإن ذهب عنه الغضب‪ ،‬وإال فليضطجع))‪)1(.‬‬
‫سنن أبي داود‪،‬كتاب األدب‪ ،‬في باب‪:‬ما يقال عند الغضب ‪ ،‬عن أبي ذر رضي الله عنه ‪،‬ج ‪ ،13‬ص‪ ،140‬دار إحياء التراث )‪(1‬‬
‫العربي‪ ،‬مكتبة الحديث الشريف وعلومه‪ ،‬اإلصدار (‪،)3.0‬شركة العريس للكمبيوتر ‪2004،‬م‪0‬‬

‫فتحول اإلنسان الغاضب "المتوتر" من وضع الوقوف إلى وضع الجلوس يعني تحول عضالته نسبيا ً من حالة الشد إلى االسترخاء ‪،‬‬
‫‪.‬وبالتالي خفض حالة الغضب عنده‬
‫أنه إذا كنت تشعر بالتوتر أو العصبية‪ ،‬فإن هناك عضالت معينة "‪ Groden & Cautela‬وفي هذا الصدد يذكر "جرودون وكوتيال‬
‫في جسدك سوف تكون مشدودة في هذه اللحظة ‪ ،‬وإذا استطعت تعلم تحديد هذه العضالت وطريقة استرخائها‪ ،‬فإنك تستطيع العمل‬
‫على استرخائها مما يجعلك تشعر بحالة هدوء ‪( .‬الرشيدي و السهل‪)302-300 :2000 ،‬‬
‫من هنا ترى الباحثة أن عملية االسترخاء يمكن أن تكون ضرورية لكثير من الناس؛ سواءٌ أكانوا من الذين يعانون من مشكالت أو‬
‫الذين ال يعانون من مشكالت أو اضطرابات نفسية‪ .‬فاإلنسان المتوتر أكثر عرضة للقيام بسلوكيات غير مرغوبة؛ بل قد تسبب له‬
‫مشاعر سلبية مثل القلق‪ ،‬فاالسترخاء عامل عضلي نفسي يعمل على خفض التوتر‪ ،‬فإذا زال التوتر العضلي فإن اإلنسان تزول عنه‬
‫حالة التوتر النفسي‪ ،‬فعملية االسترخاء تساعد على إطالق التوتر والقلق‪ ،‬مما ينتج عنه توافق أفضل مع الموقف الذي سبب القلق‬
‫ثم التفاعل مع‬
‫يحس ن قدرة اإلنسان على االستماع لما يقوله اآلخرون والتفكير بشكل أفضل‪ ،‬ومن ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ،‬كما أن إطالق التوتر العضلي‬
‫‪.‬الحدث بطريقة إيجابية‬

‫‪:‬أهمية التدريب على االسترخاء‬


‫‪:‬إن تدريب الفرد على االسترخاء يمكن أن يحقق له نوعين من األهداف‬
‫‪:‬أهداف وقائية ونمائية ‪1-‬‬
‫فمن خالل ممارسة الفرد لالسترخاء يمكن خفض التوتر والتعامل الصحيح مع الضغوط في كثير من مواقف الحياة اليومية التي‬
‫كل من "همفري‬ ‫"‪ Humphrey‬تسبب لإلنسان التوتر‪ ،‬بل إن ذلك يمنعه من القيام بأفعال غير محمودة العواقب‪ ،‬وقد أكد ٌ‬
‫على أن اللجوء إلى تدريبات االسترخاء يعمل على خفض التوتر عند األفراد‪ ،‬خاصة الذين " ‪ Roe‬و"روي "‪ Richard‬و"ريشارد‬
‫يتصفون بأنهم سريعو االستثارة‪ ،‬سواءٌ أكانت اإلستثارة نتيجة تصرفات اآلخرين أو نتيجة مواقف الحياة اليومية‪ .‬وفي هذه الحالة‬
‫تكون أمام اإلنسان المتدرب على فنية االسترخاء فرصة كبيرة لضبط حالته البدنية واالنفعالية‪ ،‬ومن ثم التحكم في التوتر الناتج عن‬
‫هذه المواقف وتجنب اتخاذ القرارات الناتجة عن التوتر أو غير المرغوبة‪(.‬الرشيدي والسهل‪)305-304 :2000 ،‬‬

‫‪:‬األهداف العالجية ‪2-‬‬


‫‪.‬تساعد تدريبات االسترخاء كثيرا ً كوسيلة أولية أو ثانوية في عالج كثير من المشكالت التي تواجه اإلنسان في حياته اليومية‬
‫ومن أهم المشكالت التي يمكن أن يتم عالجها باستخدام فنية االسترخاء‪ :‬القلق ‪ ،‬المخاوف االجتماعية‪ ،‬المخاوف النوعية‪ ،‬اضطراب‬
‫‪.‬ما بعد الصدمة‪ ،‬اضطراب النوم الغضب والعدوانية‪ ،‬صعوبة التعلم‬

‫وسوف تتطرق الباحثة لفاعلية االسترخاء مع القلق والسلوك العدواني‪ .‬فاإلنسان تنتابه أحيانا ً حاالت من القلق (غير معروف المصدر)‪،‬‬
‫أو القلق االجتماعي (معروف المصدر) وليس لديه القدرة على مواجهتها‪ ،‬وغالبا ً ما يعاني اإلنسان في هذه المواقف من ضيق وخوف‬
‫وتوتر؛ ألنه ال يعرف كيف يتخلص من هذا القلق‪ ،‬ومن الضروري أن يعرف كيف يتصرف في هذه المواقف‪ ،‬كي ال تتفاقم حالة القلق‬
‫‪.‬التي يتعرض لها‬
‫وال يمكن لمن يعمل في هذا المجال االدعاء بأن تدريبات االسترخاء هي المخلص الوحيد من القلق‪ ،‬إال أنها يمكن أن‬
‫‪ "Borkovec&Costello‬تعمل كأداة أولية أو ثانوية في عالج هذه المشكالت‪ .‬ولقد استخدم كال ً من "بوركوفكس وكوستيلو‬
‫تدريبات االسترخاء في عالج حاالت القلق بنجاح‪(.‬الرشيدي والسهل‪" )306-305 :2000 ،‬‬

‫‪:‬مجاالت التدريب على االسترخاء‬


‫تعلم االسترخاء يمنح الشخص مهارة وخبرة يمكن للمعالج والشخص استثمارها في أغراض عدة‪ .‬ومن األهداف الرئيسية‬
‫‪:‬لتعلم االسترخاء‬
‫‪.‬إمكانية استخدامه مع أسلوب التطمين التدرجي‪ ،‬أو التحصين التدرجي على المواقف المثيرة ‪1-‬‬
‫يمكن استخدام االسترخاء كأسلوب من أساليب العالج الذاتي والضبط الذاتي في حاالت القلق الفعلي‪ ،‬ولهذا نجد أن كثيرا ً من ‪2-‬‬
‫المعالجين يوصون بالتدريب على االسترخاء لدقائق معدودة يوميا ً‪ ،‬وقبل الدخول في مواقف حياتية مثيرة للقلق االجتماعي؛ كالظهور أو‬
‫‪.‬الحديث أمام الناس أو المقابالت التي تجري عند الترشيح لوظيفة أو غيرها‬
‫يستخدم أسلوب االسترخاء في كثير من األحيان للتغيير من االعتقادات الفكرية الخاطئة‪ ،‬التي تكون أحيانا ً من األسباب الرئيسية ‪3-‬‬
‫في إثارة االضطرابات االنفعالية‪ ،‬وبالتالي يمكن للشخص أن يدرك المواقف المهددة بصورة عقلية منطقية‪ ،‬ومن المعروف أن استخدام‬
‫‪.‬االسترخاء في عالج حاالت القلق والمخاوف االجتماعية‪ ،‬وتوهم األمراض يمنح الشخص بصيرة عقلية واقعية بطبيعة قلقه‬
‫يمكن استخدام االسترخاء في عالج كثير من األشكال المرضية‪ ،‬على سبيل المثال يستخدم أسلوب االسترخاء في عالج حاالت ‪4-‬‬
‫‪.‬الضعف الجنسي‬
‫وتبين دراسات أخرى أن التدريب على االسترخاء يؤدي إلى تغيير في مفاهيم المرضى عن ذواتهم (مفهوم الذات) فيصبحون بعد‬
‫تعلم االسترخاء أكثر ثقة بأنفسهم‪( .‬إبراهيم‪)167 :1998 ،‬‬
‫كالصداع النصفي‪ ،‬وصداع التوتر‪ ،‬وارتفاع ‪ Psychosomatic‬يستخدم أسلوب االسترخاء في عالج األعراض النفسية الجسمية ‪5-‬‬
‫أن )‪(Agras,1993‬ضغط الدم‪ ،‬وتتأكد الفائدة بشكل خاصة عند االستمرار في تمارين االسترخاء في البيت‪ ،‬فقد وجد أجراس‬
‫تمارين االسترخاء بمعدل نصف ساعة أسبوعيا ً لمدة ثمانية أسابيع تنتج انخفاضا ً في ضغط الدم‪(.‬شربتجي‪)54 :1986 ،‬‬
‫مما سبق ترى الباحثة أن التدريب على االسترخاء ال يقتصر فقط على معالجة االضطرابات االنفعالية للفرد؛ كالقلق والخوف‬
‫والرهاب االجتماعي وغيرها؛ بل إن أثرها يمتد إلى االضطرابات الجسدية كالضعف الجنسي والصداع وارتفاع ضغط الدم؛ بل وهي‬
‫مفيدة حتى بالنسبة للشخص الذي ال يعاني من أي مما سبق ذكره وذلك عند التقدم إللقاء خطاب أو مقابلة لوظيفة؛ األمر الذي‬
‫‪.‬يحسن من مستوى أداء الفرد لشعوره بالهدوء واالسترخاء‬

‫‪:‬التحضير لتدريب االسترخاء‬


‫إن اإلعداد الجيد لالسترخاء من أسباب نجاحه في تحقيق النتائج المرجوة‪ ،‬فيجب قبل البداية في التدريبات على االسترخاء أن‬
‫نعطي الفرد تصورا ً عاما ً لطبيعة اضطرابه النفسي (القلق) أو (الخوف) أو (العدوانية) أو خالفه‪ ،‬وأن نبين له أن االسترخاء العضلي‬
‫ما هو إال طريقة من طرق التخفيف من التوترات النفسية والقلق‪ ،‬إذ إن هناك عالقة واضحة بين مدى استرخاء العضالت وحدوث‬
‫‪.‬تغيرات انفعالية ملطفة أو مضادة للقلق‬
‫ومن المبادئ األساسية التي من خالل تطبيقها يمكن تحقيق أكبر فائدة من ممارسة تدريبات االسترخاء‪،‬حسن اختيار المكان الذي‬
‫يمارس فيه الفرد تدريبات االسترخاء‪ ،‬وهذا المكان يجب أن يكون بعيدا ً عن الضوضاء أو مكان تجمعات الناس أو أماكن اللعب‪،‬‬
‫وغير ذلك مما يجلب أصواتا ً عالية تؤثر على تركيز الفرد‪ ،‬كذلك يجب أن يكون بغرفة االسترخاء أريكة أو مقعد مريح يمكن مده‬
‫وطيه‪ ،‬كما يراعي عوامل أخرى في الغرفة مثل درجة اإلضاءة والحرارة والبرودة‪ ،‬بحيث تكون مناسبة‪ ،‬وال تؤثر سلبا ً على تركيز‬
‫‪.‬الفرد أثناء تدريبات االسترخاء‬

‫كما أن اختيار التوقيت المالئم لممارسة تدريبات االسترخاء يُعد عامال ً ال يقل أهمية عن عامل اختيار المكان‪ ،‬فيجب على الفرد‬
‫أن يمارس تدريبات االسترخاء في وقت مناسب له‪ ،‬بحيث ينظم هذه الممارسة‪ ،‬والوقت المناسب هو ذلك الوقت الذي يالئم ظروف‬
‫الفرد واستعداداته الجسمية والنفسية ‪ .‬فيجب عدم اختيار وقت يكون فيه الفرد مجهدا ً من عناء أداء نشاط جسماني أو عضلي‬
‫‪.‬سابق؛ بل يجب على الفرد أن يختار وقتا ً يكون مستعدا ً فيه ألداء التدريبات‬
‫إضافة إلى ذلك فإن الحالة النفسية التي يكون عليها الفرد تلعب دورا ً بارزا ً في مدى استفادته من تدريبات االسترخاء ‪ ،‬فحاالت‬
‫االنفعال والتوتر والخوف وغيرها يمكن أن تؤثر سلبا ً على هذه التدريبات‪ ،‬فقد تنتاب الفرد بعض األفكار والوساوس من كونه مقدما ً‬
‫على تعلم خبرة جديدة ال عالقة لها بالمشكلة النفسية أو المشكالت التي يعاني منها ‪ .‬لذلك من المناسب أن يساعد المعالج‬
‫الفرد على أن يكون مستعدا ً نفسيا ً لهذه الخبرة‪ ،‬فيجب على المعالج أن يمد الفرد ببعض المعلومات والتوقعات عن ما يمكن أن‬
‫يحصل له في أثناء وبعد ممارسته لتدريبات االسترخاء‪ (.‬الرشيدي والسهل‪)314-312 :2000 ،‬‬
‫‪:‬وعند إعداد الفرد لممارسة التدريب على االسترخاء العضلي يبين المعالج للفرد النقاط التالية‬
‫‪.‬أنه مقبل على تعلم خبرة جديدة أو مهارة جديدة ال تختلف عن أي مهارة أخرى تعلمها في حياته قبل ذلك ‪1-‬‬
‫أنه قد يشعر ببعض المشاعر الغربية كالتنميل في أصابع اليد ‪ ،‬أو إحساس أقرب للسقوط ‪ ،‬وأنه يجب أن ال يخشى ذلك‪ .‬وأن ‪2-‬‬
‫‪.‬هذا شيء عادي ‪ ،‬ودليل على أن عضالت الجسم بدأت تسترخي‬
‫الفرد بأن تكون أفكاره كلها مركزة في اللحظة‪ ،‬أي في عملية االسترخاء وذلك للمساعدة على تعميق اإلحساس ‪3-‬‬‫َ‬ ‫المعالج‬
‫ُ‬ ‫ينصح‬
‫به‪ .‬ولكي يساعد المعالج على تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح في هذه المرحلة‪ ،‬قد يطلب من الفرد أن يتخيل بعض اللحظات‬
‫‪.‬في حياته التي كان يعيش فيها مشاعر هادئة‬
‫من المخاوف التي تنتاب بعض األفراد شعورهم بأنهم سيفقدون القدرة على ضبط النفس‪ .‬ففي مثل هذه الحاالت من األفضل أن ‪4-‬‬
‫‪.‬يتدخل المعالج ما بين الحين واآلخر بتعليق أو بأكثر حتى يبعث الطمأنينة في نفس الفرد‬
‫يجب على المعالج توجيه الفرد بالمحافظة على كل عضالت الجسم في حالة االرتخاء التام أثناء االسترخاء‪ ،‬خاصة تغميض ‪5-‬‬
‫العينين لمنع المشتتات البصرية التي قد تعوق االسترخاء التام‪ .‬لكن في كثير من الحاالت خاصة في الجلسات األولى من العالج‪،‬‬
‫قد يكون من الضروري بين الحين واآلخر السماح للفرد بأن يفتح عينيه‪ .‬وهذا ضروري بشكل خاص في حاالت األشخاص الذين‬
‫‪.‬تتملكهم الريبة أو الشك‬
‫من العوامل الهامة التي قد تعوق االسترخاء الناجح تجول العقل أو الفكر في تخيالت بعيدة‪ ،‬فمن األفضل الرجوع بهذه األفكار ‪6-‬‬
‫‪.‬إلى الموقف بقدر االستطاعة‬
‫أن يكون المعالج قادرا ً على فهم عميله‪ ،‬وحساسا ً لكل شكوكه ومخاوفه ‪ ،‬وأن يكون قادرا ً على كسب ثقته وتعاونه في نجاح ‪7-‬‬
‫)إبراهيم ‪. (Helen:1997:71 ) (164-160 :1998،‬االسترخاء‬

‫الدكتورة ‪ /‬ابتسام عبد الله الزعبي‬


‫كلية التربية ‪ -‬قسم علم النفس‬
‫جامعة األميرة نورة بنت عبد الرحمن‪ -‬الرياض‬

You might also like