Professional Documents
Culture Documents
لقد أحاط القانون حق امللكية حبماية كبرية لكونه من أهم احلقوق العينية اليت يتمتع هبا اإلنسان ،كما أنه
يكتسي مكانة هامة و مقدسة يف جمتمعن//ا ،ل//ذا ت//وىل املش//رع بي//ان نط//اق امللكية و وس//ائل محايتهـا ،و ك//ذا القي//ود اليت ت//رد
عليهـا ،و جرم االعتداء عليها .
و بني املش// /رع أيضا ط// /رق اكتس// /اب امللكية من خالل نص// /وص الق// /انون املدين،و من أهم أس// /باب كسب امللكية
الوف// /اة اليت تتحقق هبا اخلالفة يف املال و ذلك س // /واء عن طريق املرياث أو الوص // /ية ،ل // /ذا فقد خص // /تها الش// /ريعة اإلس// /المية
الغراء ،و من مث القانون بالتنظيم احملكم و املفصل ألحكامها .
و بالرغم من أن لإلنسان حق اإليصاء بأمواله ح//ال حيات//ه ،إال أن وص//يته مقي//دة بض//وابط ش//رعية و قانونية هبدف
عدم املساس حبق الورثة برتك زمام الوصية حتت إرادة املورث يتصرف فيها كما يشاء .
ل// /ذا ف// /ان األش// /خاص -ألس// /باب خمتلفة -رغبة منهم يف التحايل على أحك// /ام الق// /انون لنيل احلرية يف تع// /يني من
خيلفهم يف أم//واهلم ،يص//بغون على تص//رفهم بالوص//ية ث//وب تص//رف آخر يك//ون هلم فيه احلرية املطلقة دون أي تقيي//د ،لكن
املش//رع تص//ديا ملثل ه//ذه التص//رفات وضع قواعد هبا ميكن ف//رض اح//رتام القواعد اآلم//رة للق//انون املتعلقة بالوص//ية؛ و ه//ذا
مبعاملة من حياول التهرب من أحكامها بنقيض قصده و اعتبار تصرفه وصية محاية حلقوق ورثته .
و يالحظ أن مثل ه // /ذه التص // /رفات اليت تغطي أو تسرت الوص // /ية ،واس // /عة اإلس// /تعمال يف اجملتمع اجلزائ // /ري ،حيث
يتضح ذلك من خالل املنازع//ات املتعلقة هبا املطروحة أم//ام القض//اء ،و اليت ترفع ع//ادة من الورثة قصد الوص//ول إىل حكم
بعدم نفاذ التصرف يف حقهم ،و ما يؤكد ذلك غزارة قرارات احملكمة العليا هبذا اخلصوص .
إال أنه ب// /الرغم من ذل// /ك ،ف// /إن ه// /ذا املوض// /وع مل حيظى بدراسة متخصصة لكل جوانبه النظرية و العملي //ة ،بل أن
جل الدراس//ات ع//اجلت أحد جوانبـه و ذلك من زاويـة خاص//ة ،كاإلش//ارة إليه عنـد احلديث عن أس//باب كسب امللكـية أو
احلديث عن التص// /رفات يف م// /رض املوت عند دراسة أحك// /ام بعض العق// /ود أو التص// /رفات ،و يرجع ذلك إىل تف //رق أغلب
أحكام هذا املوضوع بني الفقه اإلسالمي و القانون املدين و قانون االسرة .
و نظ//را ملا من أمهية كب//رية هلذا املوض//وع بالنس//بة للقاض//ي ،فإنه جيب على ه//ذا األخري اإلملام جبميع جوانبه الفقهية
و القانونية س // /واء ما تعلق منها باجلانب املوض // /وعي ،أو بقواعد اإلثب// /ات خصوصا إذا ما علمنا انه يط// /رح ع // /دة مش // /اكل
قانونية تتعلق اما بتحديد بعض املف// /اهيم او بتط // /بيق النض// /وض القانونية املتعلقة به و اليت تط// /رح ص// /ياغة بعض// /ها مش// /اكل
قانونية و عملية عديدة .
1
و ه//ذا ما يقودنا إىل إع//داد ه//ذه الدراسة للقواعد اليت حتقق احلماية للورثة من الوص//ية املس//ترتة ،مع اإلقتص//ار على
القانون اجلزائري بكل مصادره ،دون اخلوض فيما جاءت به التش//ريعات املقارن/ة ،و مع الرتك/يز على ما ج/اءت به احملكمة
العليا من خالل قراراهتا العديدة يف هذا الشأن .
ومن اجل اإلملام بعناصر املوضوع يتعني أن نقسمه إىل فصلني ،حيث نبني يف الفصل األول األحكام املقيدة حلرية
اإليص// /اء باعتب// /ار أن القاضي يطبقها على التص// /رف ال// /ذي يق// /رر إحلاقه بالوص// /ية ،مع تبي// /ان األسس الش// /رعية و القانونية
إلحاطة الوصية هبذه الضوابط ،كما نبني األسس و اإلعتبارات اليت تقوم عليها القرائن اليت مفادها أن بعض التصرفات يف
حقيقتها وصايا تلحق حبكم هذه األخرية .
أما الفصل الثاين فنعدد فيه التصرفات اليت تنط//وي على نية اإليص//اء ،و اليت يعتربها املش//رع وص/ايا مس/ترتة و يوقع
عليها قواعدها ،و نبني شروط هذه التصرفات و أحكامها ،و كذا قواعد اإلثبات املتعلقة هبا .
الفصـل األول
أساس حماية الورثة في الوصية و التصرفات الملحقة بها
يعترب كل من املرياث و الوصية،سببان لكسب امللكية وبعض احلقوق العينية األص//لية بس//بب الوف//اة ،و يف كليهما
تتحقق اخلالفة يف املال للوارث أو املوصى له .
2
وملا رسم الش//ارع و الق//انون قواعد اخلالفة اإلجبارية املتمثلة يف املرياث ،بص//فة حمكمة ودقيق//ة ،فإنه تبعا ل//ذلك مل
ي //رتك زم //ام اخلالفة اإلختيارية -املتمثلة يف الوص //ية -حتت إرادة املورث املطلق //ة ،بل حد ح //دودها ،و بني ش //روطها بتقييد
حرية اإليص//اء وفقا لقواعد ج//اءت هبا الش//ريعة اإلس//المية ،واعتنقها ق//انون األس//رة باعتب//ار أن مجيع أحك//ام الش//ريعة الغ//راء
تقوم على أسس مستمدة من قواعد و مبادئ منزهة عن النقص أو القصور .
إال أن الش //ريعة اإلس //المية ،ومن مث الق //انون مل يكتفيا بإحاطة الوص //ية فقط هبذه القي //ود ،بل تع //دت ه //ذه األخ //رية
الوص//ية لتس//ري على بعض التص//رفات األخ//رى اليت يلجأ إليها املورث ح//ال ص//حته ،أو خالل ف//رتة مرضه /و يص//بغ عليها
ش//كل تص//رف آخر غري الوص//ية ،ف//أحلقت ه//ذه التص//رفات بأحك//ام الوص//ية ،ومنح للقاضي س//لطة اعتبارها ك//ذلك؛ وه//ذا
بن //اء على أسس معينة ختتلف عند تعلق األمر بالتص //رفات ال //واردة يف م //رض املوت عنها إذا تعلق األمر بتص //رفات حتيط هبا
قرائن أخرى تثبت نية التهرب من أحكام الوصية .
ل// /ذا س// /نحاول توض// /يح األحك// /ام اليت ج// /اءت هبا الش// /ريعة اإلس// /المية ،ومن مث الق// /انون تقيي// /دا حلرية اإليص// /اء ،و
إستقراء العلة من تقرير هذه القيود على تصرف الشخص يف أمواله ،و هذا بعد حتديد مفهوم الوصية يف املبحث األول .
و يف مبحث ث//ان نتط//رق إىل األسس اليت أدت باملش//رع إىل إحلاق بعض التص//رفات حبكم الوص//ية ،س//واء ال//واردة
يف مرض املوت ،أو غريها من التصرفات .
المبحـث األول
األحكامـ التي تحمي الورثة في الوصية و أساسهاـ
إن محاية الورثة من التصرفات اليت يربمها املورث؛ و اليت ختفي وصية يكون بإحلاق املشرع هذه التص//رفات حبكم
الوصية ،و تبعا لذلك وحتقيقا هلذه احلماية ،فإن القاضي يطبق أحكام الوصية عليها من خالل املنازعات املطروحة عليه.
ل//ذا وجب علينا توض//يح ه//ذه األحك//ام -املتعلقة بالوص//ية -بدقة لتمكني الورثة من اإلس//تفادة هبا إذا ما ثبتت نية
اإليصاء يف جانب املورث ،حيث سنتناول ماهية الوصية عموما وفقا ملا جاء به فقهاء الشريعة اإلسالمية ،و قانون األسرة
يف املطلب األول ،مث األحك//ام املقي//دة حلرية اإليص//اء يف املطلب الث//اين ،هبدف حصر البحث فيما يتعلق مبوض//وع دراس//تنا،
ونوضح العلة من هذا التقييد و أساسه يف املطلب الثالث .
3
المطلب األول :ماهي ــة الوصي ــة
نتط// /رق هنا لتعريف الوص// /ية و حتديد أركاهنا األساس// /ية ،دون اخلوض يف األحك// /ام الش// /رعية و القانونية للوص// /ية
بتفاصيلها؛ لعدم تعلقها مبوضوع دراستنا.
-------------------
( )1قانون الوصية املصري الصادر بالقانون رقم 71سنة . 1946
( )2حممد /أبو زهرة .شرح قانون الوصية /.دار الفكر العريب .مصر .1988 .ص .11
باعتب//اره تعريفا جامعا مانعا يش//مل كل ش//يء يوصي به الش//خص بعد وفاته كما يش//مل قي//ام الوصي على أوالده الص//غار
ورعايتهم (. )1
كما أن ق// / / / /انون األس// / / / /رة مل يبتعد عن ه// / / / /ذا التعريف يف املادة 184منه حيث نصت على أن " :الوص // / /ية متليك
مضاف إىل ما بعد املوت بطريق التربع".
و يستخلص من العبارات املستعملة يف هذا التعريف ما يلي :
-إن اس/تعمال مص//طلح"متلي//ك" جيعل ه//ذا التعريف جامعا و ش/امال لكل أن//واع الوص//ايا؛ س//واء ك//انت واجبة أو مندوبة ،
وس//واء ك//انت باملال أو بغ//ريه ،فهي ب//ذلك تش//مل التملي//ك ،واإلس//قاط ،وتقرير مرتب//ات ،كما تش//مل الوص//ية باملن//افع من
السكن لدار أو الزراعة ألرض ،و الوصية باألعيان من منقوالت أو عقارات.
-إن املقص//ود بعب//ارة "مض//اف إىل ما بعد املوت" هو أن الوص//ية ال تنفذ إال بعد املوت املوص//ي؛ و بالت//ايل خيرج عن ه//ذا
التعريف اهلبة .
4
-يس //تخلص من مص //طلح "ت //ربع" إخ //راج الوص //ايا اليت تنبين على بيع أو إجيار لش //خص ما ،وذلك باعتب //ار الوص //ية تتم
بدون عوض باعتبارها ما أوجبه املوصي يف ماله تطوعا بعد موته .
5
أما بالنس //بة للتعبري عن ه //ذه الص //يغة ،فقد اختلفت املذاهـب يف وس //ائله من عب //ارة وكتابة و إشـارة...إخل ( ،)2و
ب //الرجوع إىل األحك //ام العامة للق //انون املـدين ف //إن التعبري عن اإلرادة حسب املادة 60منه يك //ون باللفـظ،و بالكتاب //ة ،أو
باإلش// /ارة املتداولة عرف// /ا ،كما يك// /ون باختاذ موقف ال ي// /دع أي شك يف داللته على مقص// /ود ص// /احبه ،و جيوز أن يك// /ون
ضمنيا حسب الفقرة الثانية منها .
ه//ذا بالنس//بة ل//ركن الص//يغة ،أما بقية األرك//ان من موص//ي ،وموصى له ،وموصى /به ف//إن بعض الفقه//اء يوردها يف
باب شروط الوصية ويعتربوهنا شروطا ال تصح الوصية إال هبا (.)3
ثانيا :الم ــوصي
نصت املادة 186من ق // /انون األس // /رة على ش // /روط جيب توافرها يف املوصي لص // /حة الوص // /ية بقوهلا" :يش// /رتط يف
املوصي أن يك//ون س//ليم العق//ل ،بالغا من العمر تسع عش//رة ( )19س//نة على األق//ل" .أي أهنا تش//رتط أن يك//ون املوصي من
أهل التربع بتوافر ما يلي :
-س//المة العقل :تطبيقا للم//ادة 186الس//ابقة ال//ذكر ف//إن وص//ية اجملن//ون تعد باطلة بطالنا مطلقا باعتب//اره ع//دمي األهلي//ة،
كما ينطبق ه //ذا احلكم أيضا على املعت //وه ،وحسب املذهب املالكي ،ف //إن الوص //ية مىت ص //درت ص //حيحة ال تبطل ب //زوال
أهلية املوصي بعد ذلك .
-البل //وغ :إن الوص //ية ت //ربع م //ايل ،وهي من التص //رفات الض //ارة ض //ررا حمض //ا؛ إذ ال يقابلها ع //رض دني //وي ،و عليه ف //إن
الوص/ية الص/ادرة عن صيب مميز تك/ون باطلة بطالنا مطلق/ا ،و ل/ذا ف/إن املش/رع أكد على ش/رط البل/وغ تنص املادة 186من
-------------------
( )1ج //اء يف النص الع//ريب للم //ادة " : 191تثبت الوص//ية - :بتص//ريح املوصي أم//ام املوثق و حترير عقد ب //ذلك" ،و ب //الرجوع إىل النس //خة الفرنس //ية جند مص //طلح
acte authentiqueيقابل "عقد" فان املقصود به هو احملرر أما مصطلح عقد فما هو إال ترمجة خاطئة مل يقصد به اعتبار الوصية عقدا .
( )2إرجع .حممد /أبو زهرة .شرح قانون الوصية /.املرجع السابق .ص
.14 ،13 ،12
( )3فتحي حسن مصطفى .امللكية باملرياث يف ض/وء الفقه و القض/اء .منش/أة املع/ارف .اإلس/كندرية .ص / 233حممد /أبو زه//رة .نفس املرج//ع .ص / 51الع/ريب
بلحاج .املرجع السابق .ص .253
ق//انون األس//رة ،ب//الرغم من أنه من املع//روف أن من//اط التكليف يف األحك//ام الش//رعية هو البل//وغ ،و هو املب//دأ ال//وارد بنص
املادة 40من الق //انون املدين اليت حتدد سن الرشد الق //انوين ببل //وغ 19س //نة كامل //ة ،و اليت هي نفس السن ال //واردة باملادة
186من قانون األسرة .
-الرضا :جيب أن يتوافر رضا املوصي باإليص//اء ،كما هو احلال يف ب/اقي التص//رفات خاصة يف اهلب//ات و التربع//ات ،و إال
ك// /انت غري ص // /حيحة ،و هلذا فمن املتفق عليه فقها و قض // /اء أن وص // /ية املك // /ره و اهلازل و املخطىء باطل// /ة ،كما ال تصح
وصية السكران ،ألنه ال قصد له و الوصية هنا تضر بورثته ،إذ القاعدة املقررة يف هذا الشأن أنه "ال ضرر و ال ضرار")1(.
6
-1أن يك//ون املوصى له موج//ودا :و ه//ذا عند إنش//اء الوص//ية ،و وج//وده قد يك//ون حقيقة ،أو حكما (تق//ديرا) كاحلمل
أو املعدوم .
فقد تعرضت ملس// /ألة الوص// /ية للحمل كل من املادة 187من ق// /انون األس// /رة اليت نصت على أنه " :تصح الوص //ية
للحمل بش// / /رط أن يولد حي// / /ا ، /"...واملادة 134منه اليت ج// / /اء فيها " :ال ي// / /رث احلمل إال إذا ولد حي // /ا ،و يعترب حيا إذا
إس//تهل ص//ارخا ،أو ب//دت منه عالمة ظ//اهرة باحلي//اة" ،وك//ذا املادة 25من الق//انون املدين اليت تنص يف فقرهتا الثانية " :على
أن اجلنني يتمتع باحلقوق اليت حيددها القانون بشرط أن يولد حيا"
و إتفقت كل ه// /ذه املواد يف ض// /رورة ال// /والدة املص// /حوبة بعالمة ظ// /اهرة للحي// /اة ( ،)2و ه// /ذا ما ج// /اء موافقا ملا ذهبت إليه
أحكام الفقه اإلسالمي .
و قد تك// / / /ون الوص// / / /ية يف بعض احلاالت إىل من مل يكن موج// / / /ودا وقت إنش// / / /اء الوص// / / /ية ،وحيتمل أن يوجد يف
املستقبل سواء وجد عند الوفاة أو مل يوجد إال بعدها (، )3وهذا ما يصطلح عليه بالوصية للمعدوم /،و ال ي//راد به من ك//ان
موج//ودا مث انع//دم .و هي احلالة اليت مل ي//ورد الق//انون اجلزائ//ري نصا بش//أهنا؛ ل//ذا نطبق عليها أحك//ام املذهب املالكي (، )4
اليت جتيز الوص// / /ية للمع// / /دوم /،وتبقى الوص// / /ية ما بقي األمل يف وج// / /ود املوصى له قائما وظ// / /اهرا؛ ملا فيه من محاية مص // /لحة
املوصى له إىل أن يتحقق اليأس من وجود هذا األخري .
-2أن يك//ون املوصى له معلوما :وذلك ب//التعيني (باإلش//ارة أو باإلس//م) كفالن بن فالن أو جهة الرب الفالني//ة ،أو بتعريفه
بالوصف كفقراء طلبة العلم .و يقصد هبذا الشرط ،أال يكون املوصى له جمهوال جهالة مطلقة و فاحشة ال ميكن دفعها،
وإال بطلت الوص// / /ية ،كما لو أوصى ش// / /خص لط// / /الب من اجلامعة مثال دون ذكر إمسه ،و يرجع تق// / /دير معلومة املوصى له
للقاضي .
-------------------
( )1عمر محدي باشا .املرجع السابق .ص .48
( )2العريب بلحاج .املرجع السابق .ص .256
( )3حممد /أبو زهرة .شرح قانون الوصية /.املرجع السابق .ص .71
( )4العريب بلحاج .نفس املرجع .ص . 257
و قد ق// /رر مجه// /ور الفقه// /اء ه// /ذا الش// /رط حىت ميكن تنفيذ الوص// /ية؛ ذلك أهنا ال تل// /زم إال بقب// /ول املوصى له (املواد
184و 192من ق//انون األس//رة) /،إال أهنم اس//تثنوا من ه//ذا الش//رط الوص//ية هلل تع//اىل و ألعم//ال ال//رب ،و أس//اس ذلك وج//ود
مفه// /وم التكافل يف مثل ه // /ذه الوص// /ايا ،كما أن أعم// /ال الرب و اإلحس// /ان تأخذ حكم الن // /وع الواحد و إن تع// /ددت إلحتاد
القصد منها.
-3أن يك//ون املوصى له أهال للتملك و اإلس//تحقاق :فقد اتفق الفقه//اء -باس//تثناء احلنابلة ال//ذين هلم رأي خمالف (- )1
على اش// / / / /رتاط ذل// / / / /ك ،و عليه فال تصح الوص// / / / /ية حلي// / / / /وان مثال ،و تبطل على أس// / / / /اس أن املوصى له ليس أهال للتملك و
اإلستحقاق .
7
أما ق //انون األس //رة فقد أغفل ه //ذا الش //رط ،و قد يفهم ذلك حسب بعض الفقه //اء ،من أن الوص //ية ملن ليس أهال
لإلس//تحقاق قد تك//ون ص //حيحة يف بعض احلاالت ،كالوص//ية لبن//اء مس//جد أو مدرسة لكنها ال تك//ون للتملي //ك؛ بل جمرد
وصية بتصرف ،أي إخراج مال من تركته (. )2
-4أال يكون املوصى له جهة معصية :و يقصد باجلهة املعصية اجلهة احملرمة شرعا و قانونا ،فالوصية شرعت لتك//ون قربة
أو صلة ،و شرعت لإلصالح و اخلري ال من أجل الفساد و املنكر و اخلروج عن املعقول.
و ل//ذا فال يصح للمس//لم أن يوصي جلهة حرمتها الش//ريعة اإلس//المية كالوص//ية ل//دور الله//و ،و الكن//ائس ،و املعاهد اليت ال
ختص املسلمني .
و قد تك//ون اجلهة املوصى إليها غري حمرمة يف ذاهتا ،و لكن الب//اعث عليها حمرم ،كالوص//ية اليت يك//ون اهلدف منها
إس //تمرار العالقة غري الش //رعية بني املوصي و اخلليل //ة ،ف //الرأي ال //راجح هنا -حسب املالكية و احلنابلة و منهم ابن تيمية و
ابن القيم -أهنا باطلة؛ ألن العربة بالقصد و النية و الباعث حينئذ مناف ملقاصد الشريعة اإلسالمية مما جيعلها باطلة (.)3
و بالرجوع إىل القانون املدين فإننا جنده أقرب إىل هذا الرأي من خالل املواد 97و 98منه .
-5أال يك // /ون املوصى له ق // /اتال للموصي :إختلفت املذاهب يف ن // /وع القتل املانع من الوص // /ية ،فاحلنفية اعت // /ربوا أن القتل
املقص//ود هنا هو القتل ع//دوانا بغري حق أو ع//ذر ش//رعي ،س//واء ك//ان عم//دا أم خط//أ ،أما القتل بالتس//بب ،فال مينع إرثا و ال
وصية ،مع جواز اإلجازة من الورثة .
و ق/ال احلنابلة أن القتل املانع من اإلرث و الوص//ية هو القتل بغري حق س//واء ك//ان عم/دا أم خط/أ ،مباش//رة أم تس/ببا ،أما إذا
حصلت الوصية بعد اجلرح املفضي إىل املوت كانت صحيحة .
و ي//رى الش//افعية أن القاتل يس//تحق الوص//ية س//واء ك//ان القتل عم//دا أم ك//ان خط//أ؛ ألن الوص//ية متليك كاهلب//ة ،و القتل ال
يبطل اهلبة فال يبطل الوصية.
وذهب املذهب املالكي إىل أن القتل مينع اإلستحقاق يف الوصية ،و هذا استنـادا إىل قوله -ص//لى اهلل عليه و س//لم " : -ال
وص //ية لقات //ل" ( ،)4غري أنه ي //رى أن الوص //ية تصح للقاتل خط //أ؛ ألهنا متليك كاهلب //ة ،أما إذا حصل القتل عم //دا بعد إنش //اء
الوصية حرم املوصى له من الوصية ،كما تنفذ الوصية اليت تنشأ بعد اإلصابة املفضية إىل الوفاة إحرتاما إلرادة املوصي.
-------------------
( )2( )1العريب بلحاج .املرجع السابق .ص . 259
( )3العريب بلحاج .نفس املرجع .ص . 260
( )4رواه الدارقطين و البيهقي .
ب//الرجوع إىل ق//انون األس//رة ،فإنه أخذ مبا ذهب إليه الفقه املالكي؛ حيث اش//رتط قتل املوصى له للموصي عم//دا
لعدم استحقاق الوصية و هذا يف املادة 188منه ( ،)1فالعربة إذن بالقتل العمد عدوانا ب//دون حق و ليس بالقتل اخلطأ ،و
ه//ذا ما يس/اير ما ج/اءت به املادة 137من ق/انون األس//رة املتعلقة ب/املرياث بص//فة عام/ة ،وعليه فإنه ال يس/تحق الوص//ية قاتل
املوصي عمدا سواء كان فاعال أصليا أو شريكا أو ش/اهد زور أدت ش/هادته إىل احلكم باإلع/دام و تنفي/ذه ،و ال يس/تحقها
من ك //ان عاملا أو م //دبرا للقتل و مل خيرب الس //لطات املعنية ( كل ه //ذا إذا جلأنا للتفسري املوسع ألحك //ام املواد 137و 135
8
من ق//انون األس//رة ) ،و يش//رتط هنا أن يك//ون املوصى له أهال للمس//ؤولية اجلزائية دون ع//ذر ق//انوين ،و أال يك//ون يف حالة
دفاع شرعي .
وما يالحظ يف ه//ذه األحك//ام هو اإلنس//جام بني كل من قواعد ق//انون األس//رة من جهة و الق//انون املدين و ق//انون
العقوبات من جهة أخرى .
-6أال يكون املوصى له وارثا للموصي :وه//ذا مص//داقا لقوله -ص//لى اهلل عليه و س//لم " : -إن اهلل أعطى لكل ذي حق
حقه فال وص//ية ل//وارث" ( ،)2و عن ابن عب//اس قوله :ق//ال رس//ول اهلل -ص//لى اهلل عليه و س//لم " : -ال وص//ية ل//وارث إال
أن يشاء الورثة" (. )3
و قد اختلفت ق// /وانني ال// /دول اإلس// /المية يف ش// /أن ج// /واز الوص// /ية ل// /وارث من عدم// /ه ،أما املش// /رع اجلزائ //ري فقد أخذ هبذا
الشرط بنص املادة 189من قانون األسرة ،و قضت به احملكمة العليا يف قراراهتا .
وهذا ما سنقتصر عليه فيما خيص هذا الشرط ،وذلك ألننا سنشرحه بإسهاب ضمن املطلب املوايل .
رابعا :الم ــوصى بــه
يشرتط يف املوصى به أن يكون م/اال ق/ابال للت/وارث ،و أن يك//ون متقوما و ق/ابال للتملي/ك ،كما يش/رتط أن يك//ون
موجودا عند الوصية و غري مستغرق بالدين و أال يزيد عن ثلث الرتكة .
-1أن يكون املوصى به ماال قابال للتوارث :فاملوصى به الذي يصلح لإليصاء نوعان :
-نوع يصلح أن ينتقل باملرياث أي يصح أن يكون تركة كاألموال احلقيقية أي النقود ،و األشياء العينية ،و احلق//وق اليت
تتعلق هبا كحقوق اإلرتفاق و حنوها.
-ون//وع ال يك//ون من احلق//وق اليت ت//ورث و لكن تصح به الوص//ية ،ألنه يصح التعاقد عليه ح//ال احلي//اة فيصح أن يوصى به
بعد الوفاة ،وذلك كاألموال احلكيمة كاملنافع مثل سكن دار ،أو زراعة أرض و غريها (.)4
وه //ذا ما أق//ره ق//انون األس //رة ،يف مادته 190اليت تنص " :للموصي أن يوصي ب//األموال اليت ميلكها و اليت ت//دخل
يف ملكه قبل موته عينا أو منفعة" ،و عليه فقد أجاز الوصية باملن/افع ملدة معينة أو غري معينة و يف ه/ذه احلالة األخ/رية تنتهي
بوفاة املوصى له ( املادة 196من قانون األسرة ) .
-------------------
( )1تنص املادة 188من قانون األسرة " :ال يستحق الورثة الوصية من قتل املوصي عمدا".
( )2رواه الرتمذي .
( )3رواه الدارقطين .
( )4ألن الوصية تصرف يالحظ فيه التوسيع /على املوصي ،لتسهل عليه أبواب الرب و املعروف ،إذ هو يف الغالب ال يقصد هبا نفعا شخصيا .
-2أن يكون املوصى به متقوما و قابال للتمليك :و هذا الشرط خ/اص باملوصى به إذا ك//ان م/اال و ليس منفعة و ال حقا
عينيا ،و يقصد باملال املتق// / /وم أن يك// / /ون م// / /اال ،فال تصح الوص// / /ية بامليتة مثال ،و املال ال// / /ذي يصح أن يك// /ون موض // /وعا
للوصية جيب أن يكون مما يباح اإلنتفاع به فاخلمر و اخلنزير و املخدرات ،و كل ما هو حمرم أو معصية أموال غري متقومة
يف مفهوم /الشرع اإلسالمي (.)1
9
أما قابلية املوصى به للتمليك فيقصد هبا أن يك//ون مما جيوز متلكه بعقد من العق//ود ك//البيع أو اهلبة بإعتب//ار الوص//ية
متليكا ( املادة 184من ق// / / / / / /انون األس// / / / / / /رة ) ،و عليه ال تصح الوص// / / / / / /ية ب// / / / / / /األموال املباحة غري اململوكة بعقد معني /،و ال
بالوظائف العامة أو األموال العامة ،و غريها من احلقوق الشخصية و املهنية احملضة .
-3أن يك//ون املوصى به موج//ودا عند الوص//ية :و ه//ذا الش//رط متفق عليه إذا ك//ان املال معينا بال//ذات أو ج//زء ش//ائعا يف
م//ال معني /،فيجب أن يك//ون املوصى به هنا يف ملك املوصي عند إنش//اء الوص//ية ،و ل//ذا ال تصح الوص//ية مبلك الغري حىت و
إن ملكه بعد الوصية مث مات ،و إن أجازها الغري بعد الوفاة فيكون ذلك هبة منه و ال تتم إال بالقبض (. )2
و هذه األحكام أكدها املشرع اجلزائري يف املادة 190من قانون األسرة اليت تش/رتط أن يك/ون اإليص/اء ب/األموال
اليت ميلكها املوصي عند الوص//ية ،و يقصد هنا األش//ياء املعينة بال//ذات ،أما إذا ك//ان املوصى به غري معني بال//ذات و مل يكن
جزء يف شيء معني و ال نوع معني /،بل كان شائعا يف املال كله فيشرتط وجوده عند الوفاة ،و إال بطلت الوصية .
إال أن هن//اك مس//ألة تصح فيها الوص//ية مع أن املوصى به غري موج//ود وقت الوص//ية و ال وقت الوف//اة ،و ذلك إذا
ما أوصى بغلة بس/تانه فتك/ون له الغالت املس/تقبلة ما دام حي/ا ،ألن الوص/ية بالغلة من قبيل الوص/ية باملن/افع ،و ه/ذه األخ/رية
جتوز الوصية هبا مع أنه حيصل عليها وقتا بعد آخر يف املستقبل بعد وفاة املوصي (.)3
-4أال يكون املوصى به مستغرقا بدين :يشرتط لنفاذ الوص//ية أال يك//ون املوصي م//دينا ب//ديون تس//تغرق مجيع مال//ه ،وذلك
ألن دي// / /ون العب// / /اد مقدمة على الوص// / /ية و اإلرث لتعلق حق ال// / /دائنني ب// / /أموال املدين ،فال// / /ديون ت// / /أيت يف املرتبة الثانية بعد
مص //اريف التجه //يز و ال //دفن بالق //در املش //روع حسب املادة 180من ق //انون األس //رة ،فأداؤها واجب بينما الوص //ية يف غري
الواجبات مندوبة أو مباحة ،و الواجب مقدم على املندوب و املباح يف أحكام الفقه .
أما بالنس//بة ألس//اس تق//دمي ال//دين على الوص//ية مع قوله تع//اىل " :من بعد وص//ية توص//ون هبا أودين" ( / )4أي بتق//دمي
الوص // /ية على ال// / /دين؛ فإنه قد روي عن علي -ك// / /رم اهلل وجهه -أنه ق// / /ال " :إنكم تق// / /رؤون الوص// / /ية قبل ال // /دين ،و قد
شهدت رسول اهلل -صلى اهلل عليه و سلم -بدأ بالدين قبل الوصية" ،و عليه فإن تقدمي القرآن للوصية على الدين مل
يكن لتقدميها يف الرتبة؛ بل لتبيان أمهيتها و وجوب تنفيذها حىت ال يهمل الورثة ذلك .
وقد تصح الوصية مبال مستغرق بالدين إذا أبرأه الغرماء و أسقطوا ديوهنم ،أو إذا أجازوا إنفاذ الوصية قبل الدين .
-5أال يزيد املوصى به عن ثلث الرتكة :نصت املادة 185من ق//انون األس//رة على أنه " :تك//ون الوص//ية يف ح//دود ثلث
الرتك //ة ،وما زاد على الثلث تتوقف على إج //ازة الورث //ة" ،وه //ذه هي احلدود الش //رعية و القانونية للوص //ية ،كما جـاء يف
-------------------
( )1عمر محدي باشا .املرجع السابق .ص . 55
( )3( )2حممد /أبو زهرة .شرح قانون الوصية /.املرجع السابق .ص . 100
( )4سورة النساء .اآلية . 12
احلديث الشريف عن سعد ابن أيب وقاس حيث قال الرسول -صلى اهلل عليه و سلم -و سعد يف م//رض املوت " :الثلث
و الثلث كثري" ( )1و يقول -صلى اهلل عليه و سلم " -إن اهلل تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم" (. )2
ونرتك التفصيل يف هذه األحكام عند احلديث عن تقييد حرية اإليصاء يف املطلب التايل .
10
المطلب الثاني :تقييد حريةـ اإليصاء في الشريعة اإلسالميةـ و قانون األسرة
بوصف الوص //ية تص //رفا يف الرتكة مض //افا إىل ما بعد الوف //اة ،تتحقق فيها اخلالفة يف املال بالوف //اة؛ فهي تق //رتب من
املرياث كس // /بب من أس // /باب كسب امللكي // /ة ،و ختتلف عنه من حيث اإلختي // /ار ،فالش // /ارع احلكيم ملا نظم اخلالفة يف املال
ب//املرياث توالها ب//التوزيع الع//ادل ،وباملقابل نظم أمر اخلالفة بالوص//ية مقي//دا حرية األش//خاص يف اإليص//اء بغية احلف//اظ على
حق// /وق الورث// /ة ،ومحاية هلم من خطر التص// /رف بالوص// /ية س// /واء متت ل// /وارث أو لغ// /ريه ،وذلك باعتب// /ار الوص// /ية مساسا يف
الصميم بالرتكة اليت ستؤول إىل الورثة احملتملني .وعمال بأحكام الش/ريعة اإلس/المية قيد املش/رع اجلزائ/ري من جهته حرية
اإليص //اء بع //دة أحك //ام منها ما تعلق باملوصى ل //ه ،ومنها ما تعلق باملوصى ب //ه ،وه //ذا ما سنفص //له فيما ي //أيت مرك //زين على
األحكام اليت حتقق احلماية حلقوق الورثة .
11
و قد انتقد ه //ذا ال //رأي على أس //اس أنه إذا ك //ان أبو مس //لم األص //فهاين من بني ع //دد من املفس //رين إعترب أن ه //ذه اآلية غري
منس //وخة -ألنه ق //رر أنه ال نسخ يف كت //اب اهلل تع //اىل قط -فإنه باملقابل ح //اول التوفيق بينها و بني آية املواريث و اعترب
أهنا غري خمالفة هلا ،و أن معناها :كتب عليكم ما أوصى اهلل تع// / /اىل من ت// / /وريث الوال// / /دين و األق// / /ربني من قوله تع// /اىل " :
يوص //يكم اهلل يف أوالدكم" أي كتب على احملتضر أن يوصى للوال //دين و األق //ربني بتوفية ما أوصى اهلل به هلم ،و أال ينقص
من أنصبتهم.
و طبقا ملا س // /بق فإنه ال مناف // /اة بني ثب // /وت املرياث لألقرب // /اء ،مع ثب // /وت الوص // /ية ب// /املرياث عطية من اهلل تع// /اىل ،و
الوص //ية عطية ممن حض //ره املوت إض //افة إىل ذلك ،فإنه لو ق //درنا حص //ول املناف //اة ،لك //ان ميكن جعل آية املواريث خمصصة
هلذه اآلية ،وذلك ألن هذه اآلية توجب الوصية لألقربني ،مث آية املواريث خترج القريب ال//وارث ( ،)1و ال مناف//اة بني اآلية
اخلاصة بالوصية وقوله صلى اهلل عليه و س//لم " :إن اهلل أعطى كل ذي حق حق//ه ،فال وص//ية ل//وارث" ألن اآلية ما أج//ازت
الوصية للوارث ،بل أجازت الوصية للوالدين و األقربني باملعروف ،و ليس متعينا أن يكونوا ورثة .
و يرى البعض يف هذا الشأن جواز الوصية لل//وارث إذا ك//ان ه//ذا ال//وارث أح//وج من غ//ريه ،و اآلية تشري إليه ألهنا
اش//رتطت لنف//اذ الوص//ية أال يك//ون فيها جتانف إلمث إذ ق//ال اهلل تع//اىل بعد آية الوص//ية " :فمن خ//اف من م//وص جنفا أو إمثا
فأص //لح بينهم فال إمث علي //ه" ( ،)2و قيل مل تنسخ اآلية و ال //وارث جيمع له بني الوص //ية و املرياث حبكم اآلي //تني ،لكن ه //ذا
الرأي يف كتب التفسري رأي مغمور وليس مبشهور .
و يرى اإلمام أبو زهرة أن إجازة القانون املصري الوصية لل//وارث وجعلها كوص//ية األجنيب مب//دأ خطري اس//تحدث
يف قوانني الدولة املصرية ،و يكاد يكون انقالبا يف التوريث اإلسالمي .
الـرأي الثـاني :يذهب إىل أنه ليس للوارث احلق يف الوصية :
يذهب املالكية -املشهور عندهم -إىل أن الوصية باطلة للوارث ،فلو صح و أن أوصي للوارث ولغريه صحت
لغري ال //وارث ،و بطلت وص //ية ال //وارث فقط .و ي //رى ابن ح //زم أن الوص //ية باطلة بطالنا مطلقا إذا ما متت لل //وارث ،و ال
تصححها إجازة الورثة بعد وفاة املوصي (وهذا الرأي أخذ به املشرع املغريب الذي نص على انه ال وص//ية ل//وارث إطالق//ا،
و ال تصح و لو أجازها الورثة (.)3
غري أن هناك رأيا آخر يذهب إىل أن الوصية لوارث صحيحة متوقفة على إجازة باقي الورثة ،و يف ذلك قـال
إبن القصار و إبن العطار -ومها من املالكية ، -وعليه فإذا أجـاز الورثة الوصية بعد وفاة املوصي كانت صحيحـة،
-------------------
( )1حممد /أبو زهرة .شرح قانون الوصية /.املرجع السابق .ص . 64
( )2سورة البقرة .اآلية . 182
( )3بلحاج العريب .املرجع السابق .ص . 264
أما إذا أجازها بعض الورثة ،و رفضها البعض اآلخر نفذت يف حصص من قبلها .
و من بني اإلعتبارات اليت تربر عدم جواز الوصية للوارث ما يلي :
-1ملا ك// /ان املرياث حمددا من عند اهلل س// /بحانه و تع// /اىل ،فهو ال// /ذي ت// /وىل تقس// /يمه و بيان// /ه ،و ح// /دد لكل وارث نص// /يبه
الشرعي ،و إن جاء فرض الوصية للوالدين و األقربني بقوله تعاىل " :كتب عليكم إذا حضر أحدكم املوت ،إن ترك خريا
12
الوص //ية للوال //دين واألق //ربني" فه //ذا معن //اه توفية الوال //دين و األق //ربني ما أوصى اهلل ب //ه ،إض //افة إىل ما ذكرن //اه يف نقد ال //رأي
األول .
-2قوله -ص// /لى اهلل عليه وس// /لم" : -إن اهلل قد أعطى لكل ذي حق حق// /ه ،أال ال وص// /ية ل// /وارث" ؛فقد ج //اء فيه نفي
الوص// / /ية بـ "ال" فهو نفي جنس الوص// / / /ية ل// / / /وارث ،س// / / /واء أج// / / /از الورثة أم مل جييزوا رغم أن احلديث مل تثبت روايته عن
اإلمامني مسلم و البخاري فهو قول الشافعي من األئمة و أقرب إىل عصر السلف الصاحل .
إض //افة إىل قوله -ص //لى اهلل عليه و س //لم " : -ال وص //ية ل //وارث إال أن يش //اء الورث //ة" ،و قوله " :إن اهلل أعطى
لكل ذي حق حقه فال وص//ية ل//وارث" و عن ش//عيب عن أبيه عن ج//ده قول//ه-ص//لى اهلل عليه و س//لم":ال وص//ية ل//وارث إال
أن جييزها الورثة".
-3إن أس//اس الت/وريث اإلس//المي تقس/يم الش//ارع للرتكة بني الورث/ة ،و قد أعطى للم/ورث الثلث يعطيه من يش/اء من غري
الورثة ،فإذا جاء املورث و أعطى هذا ومنع ذلك فقد غاير قسمة الشارع ،و زاد بعض األنصبة و أنقص أخرى (.)1
-4إن مثة إمجاعا من الص //حابة -رض //وان اهلل عليهم -من أن الوص //ية غري واجبة للوال //دين ،و مل يلزم //وا هبا ،و لو صح
خالف ذلك ألقدموا عليها .
و لقد خ //الف املش //رع اجلزائ //ري أغلب الق //وانني العربية و اعتمد ال //رأي األخري املش //ار إليه س //ابقا ؛و ه //ذا يف املادة
189من ق//انون األس //رة اليت تنص على أنه " :ال وص//ية ل//وارث إال إذا أجازها الورثة بعد وف//اة املوص //ي" ،و اعترب الوص //ية
ل //وارث ص //حيحة ،و لكنها موقوفة على إج //ازة خاصة من الورث //ة ،و يس //تخلص ذلك من النس //خة الفرنس //ية هلذه املادة ()2
اليت تعترب أن الوص//ية ل//وارث ال تنتج أثرها إال إذا أجازها الورثة بعد وف//اة املوص//ي ،و عليه فهي ص//حيحة ،و لكن أثرها ال
يسري إال بإجازة الورثة .و جيب اإلشارة هنا أنه إذا أج//از بعض الورثة الوص//ية و مل جيزها البعض اآلخر ك/انت ناف/ذة يف
حق من قبلها دون تنفذ يف حق من مل يقبلها من الورثة .
و املشرع اجلزائري هبذا املوقف قد تفادى خلق الشقاق و األحقاد بني الورثة ،مبنع الوصية للوارث بصفة مطلقة،
كما فعل الق // /انون املغ // /ريب ،وذلك جتاه بعض احلاالت املش // /روعة كالولد املص // /اب بعاهة أو م // /رض م // /زمن ،و يريد وال // /ده
اإليص//اء له لت//أمني حياته و لعالجه .كما انه قد اجتنب أيضا ما قد يثري البغض//اء بني آح//اد األس//رة بالس//ماح املطلق لنظ//ام
الوص//ية لل//وارث ،على غ//رار املش//رع املص//ري ،ألن ذلك س//يوغر ص//در من مل ين//الوا ما ن//ال ذواحلظ//وة ،و لن يك//ون س//بيل
عدل بل سيكون يف أكثر أحواله لغري ذي احلاجة .
-------------------
( )1حممد /أبو زهرة .شرح قانون الوصية /.املرجع السابق .ص . 63
(2) Voir l’article 189 : « le testament fait au profit d’un héritier ne produit effet que si les co-héritiers y consentent après le
»décès du testateur.
و قد قضت احملكمة العليا بقاعدة عدم جواز الوصية لوارث إال إذا أجازها الورثة يف العديد من قراراهتا منها
القرار الصادر بتاريخ 05/03/1990ملف رقم ،)1( 59240وكذا القرار الصادر بتاريخ 24/11/1992ملف رقم
.)2( 86039
13
و تطبيقا لقاع//دة ع//دم ج//واز اإليص//اء ل//وارث ،جيب اإلش//ارة إىل أن الع//ربة يف حتديد ص//فة ال//وارث -أي يف ك//ون
املوصى له من الورثة أومن غري الورثـة -هي بت//اريخ وف//اة املوص//ي ،ال ت//اريخ إنش//اء الوص//ية ،كما أن الع//ربة باإلجـازة اليت
يعرب عنها بعد وفاة املوصي ألن الوصية متليـك مضاف إىل ما بعد املوت ،وهذا ما جـاءت به املادة 189من ق//انون األس//رة
.
و يش //رتط يف ص //حة اإلج //ازة ،أن تقع فيما ميلك الورث //ة ،كما أن ال //وارث ال //ذي تعترب إجازته هو ال //وارث ال //ذي
يكون أهال للتربع ،وهو كامل األهلية ،البالغ ،العاقل،الذي مل حيجر عليه وذلك ألن اإلجازة تربع و الت//ربع تص//رف ض//ار
ض//ررا حمض//ا ،ل//ذا ف//إذا ك//ان ال//وارث ع//دمي األهلية أو ناقص//ها لألس//باب اليت يقررها الق//انون ،ف//إن تص//رفه باإلج//ازة يك//ون
باطال بطالنا مطلقا طبقا للمواد ،43 ،42 ،40و 44من القانون املدين و املواد ،82 ،81و 83من قانون األسرة.
إضافة إىل ذلك ال بد أن يكون الوارث عاملا علما كامال بالوصية ليجيزها ( )3ألن اجلهالة متنع صحة التصرف .
14
و عليه إذا جتاوزت الوص//ية الثلث الق//انوين ،في//ذهب الفقه املالكي إىل أن الوص//ية لغري ال//وارث يف ه//ذه احلالة تقع
باطلة بالنسبة للزي//ادة ،أما إذا أجازها الورثة فإهنا تأخذ حكم اهلبة من أم/واهلم ،و يف رأي آخر للمالكية إعت/ربوا أن الزي/ادة
صحيحة ،و لكنها موقوفة على إجازة الورثة بشرط أن تكون الوصية لغري وارث.
أما األحن/اف فقد ق//رروا أن الوص/ية ب/أكثر من الثلث تص/ح ،و ال تقع باطل/ة ،بل يتوقف نفاذها على إج/ازة الورثة
ألن الوص/ية مهما يكن مق/دارها تص/رف من املوصي يف امللكي/ة ،و األصل يف تص/رف اإلنس/ان يف ملكه النف/اذ ،و إمنا امتنع
النفاذ يف الزائد عن الثلث لتعلق حق الورثة بالثلثني وقت تنفيذ الوصية ،فإذا أجازوا فقد زال املانع و بقي الس//بب املنش//ىء
مللكية املوصى له قائما وهو وصية املوصي .
ل //ذا فقد إعترب األحن //اف أن اإلج //ازة ،و إن ك //انت بالنس //بة لل //وارث تربعا ف //إن التمليك ال يك //ون منه و إمنا من املوص //ي،
فليست اإلجازة منشئة للحق حىت يستند التمليك للوارث ،بل هي منفذة للحق و إنشاؤه كان بالعبارة املنشئة للوصية .
و يعترب الش //افعي أن الوص //ية مبا زاد عن الثلث باطلة يف أحد قولي //ه ،وعليه فإج //ازة الورثة متليك مبت //دأ ،أي
اإلجازة متليك من جانب الوارث ،ال من جانب املوصي .
و بالرجوع إىل املادة 185من قانون األسرة جندها اكتفت بالنص على أن الوصية تكون يف حدود الثلث و أن
ما زاد عنه يتوقف على إجازة الورثة .
و جتدر اإلش//ارة إىل أنه لو أج//از بعض الورثة الزي//ادة عن الثلث ،و امتنع بعض//هم عن اإلج//ازة نف//ذت الوص//ية يف
حق اجمليز ،و بطلت الزيادة عن الثلث يف حق غري اجمليز ،و ل/ذا نقسم الرتكة تقس/مني أح/دمها على ف/رض اإلج/ازة و اآلخر
على فرض عدم اإلجازة؛ فمن أجاز أخذ نصيبه على فرض اإلجازة ،ومن مل جيز أخذ نصيبه على فرض عدم اإلجازة .
و اإلج //ازة املعت //ربة تك //ون بعد الوف //اة ،و ال ع //ربة باإلج //ازة قبل الوف //اة ،ألن تنفيذ الوص //ية هو وقت الوف //اة و قبل ذلك ال
يعرف الورثة على التع/يني ،كما أن الص/فة اليت هي س/بب احلق مل تتحقق بع/د ،واإلج/ازة ت/ربع حبق و ال يك//ون الت/ربع قبل
ثبوت احلق كما أنه جيب أن تكون اإلجازة صرحية ال يساورها أدىن شك ( ، )3و يشرتط يف الوارث اجمليز أن يكون أهال
للتربع كما سبق بيانه يف الفرع السابق .
و عليه ال يثور اإلشكال يف حالة جتاوز املوصى به ثلث الرتكة و وجد ورثة جييزونه أو يرفضونه ،و إمنا يطرح يف
حالة عدم وجود ورثة للموصي ،فالزيادة عن الثلث باطلة عند كل من املالكية و الشافعية ،و تؤول لبيت مال املسلمني،
-------------------
( )1قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ 24/02/1986ملف رقم .40651غري منشور .مشار إليه .عمر محدي باشا .املرجع السابق .ص . 167
( )2قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ .29/07/1997ملف رقم .166090اإلجتهاد القضائي لغرفة احلوال الشخصية .عدد خاص .2001ص . 298
( )3قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ .14/03/2001ملف رقم . 241885اجمللة القضائية .العدد األول 2002ص " : 133إن القرار املطعون فيه ملا قرر ع//دم
وجود ما يثبت اعرتاض الوارث على الوصية أثناء حياته و بالتايل فان اجازته للوص/ية /تص/بح ناف//ذة يك//ون قد بىن ه//ذه اإلج/ازة على وج/ود االف//رتاض و الظن خمالفا
بذلك أحكام املادة 185من قانون األسرة اليت جتعل من الوصية اليت توصي بأكثر من الثلث متوقفة على إجازة الورثة لالبتعاد عن أدىن شك".
أما عند كل من األحناف و احلنابلة فإن الزيادة عن الثلث تصح ،لكن بعد إيفاء الديون إن وجدت (.)1
15
أما ق//انون األس//رة فإنه أغفل ه//ذه الفرض//ية -أي ع//دم وج//ود الورثة -و ذلك بع//دم النص عليه//ا ،لكن ب//الرجوع للقواعد
العامة يف املرياث ال //واردة ب //املواد من 126إىل 183من ق //انون األس //رة ف //إن املادة 180/4منه تنص على أنه يف حالة ع //دم
وج //ود وارث ف //إن الرتكة تك //ون من حق اخلزينة العام //ة ،و قياسا على ذلك فإننا ن //رى أن ال //رأي ال //راجح هو ما ذهب إليه
املالكية ففي حالة عدم وجود ورثة فإن ما زاد عن الثلث يؤول إىل اخلزينة العامة .
إضافة إىل ما سبق ،جيب لتطبيق هذه األحكام أن حندد وقت تقدير الثلث وكيفية تقديره .
فبالنس//بة ل//وقت تق//دير الثلث ،فقد اختلفت يف ذلك آراء الفقه//اء ،و اخلالف قائـم على أس//اس اس//تقرار امللكيـة ،و
الزيادة أو النقصان يف الرتكة بعد موت املوصي و قبل القسمة .
ف// /الرأي املش// /هور عند املالكية و األحن// /اف أن وقت تق// /دير ما يرتكه املوصي هو وقت القس// /مة ،و قبض كل من الورثة و
املوصى له حقوقهم؛ ألنه الوقت الذي تنفذ فيه الوصية .
أما الشافعية و احلنابلة فإهنم يرون أن وقت تقديره وقت الوفاة؛ و ذلك ألن الوصية تلزم ب//املوت من جهة املوصي و يثبت
هبا امللك للورثة ،و املوصى له .
والق//انون اجلزائ//ري مل ي//ورد نصا فيما خيص ه//ذه املس//ألة ،و عليه يس//توجب الرج//وع إىل ما ج//اء به م//ذهب اإلم//ام مالك
تطبيقا للمادة 222من قانون األسرة .
أما بالنس//بة لكيفية تق //دير الرتك//ة ،فيجب أوال توض //يح أن تق //دير الرتكة ال يك //ون إال بعد س //داد ال //ديون ،ف //الثلث
املعترب هو مما يك//ون تركة خالصة من كل دين ،ألن الورثة خيلص هلم ثلثا الب//اقي بعد س//داد ال//ديون ،وه//ذا ما يستشف من
املادة 185من ق//انون األس//رة بقوهلا " :تك//ون الوص//ية يف ح//دود ثلث الرتك//ة" فاملقص//ود /بكلمة الرتكة " "patrimoineهنا
األموال اخلاضعة للوصايا ،و املواريث بعد قضاء ديون العباد .
و إن ك// / /ان تق // /دير الثلث ال يثري إش // /كاال يف كيفيته بالنس // /بة للوص // /ية باألعي // /ان -ألن الوص // /ية تق // /در بقيمة العني
نفسها -فإن الصعوبة تطرح عندما يتعلق األمر بالوصية باملنافع ( )2فقد اختلف الفقهاء يف ذلك على رأيني :
-رأي أيب حنيفة و اإلم// /ام مالك أن الوص// /ية باملنفعة تق// /در بقيمة العني املوصى مبنفعتها أيا ك// /انت املدة ال بقيمة
املنفعة مس//تقلة ،و علل//وا ذلك ب//أن الوص//ية باملن//افع فيها منع العني عن ال//وارث ملدة ط//الت أو قص//رت ،و تف//ويت للمقص//ود
من األعيان و هو اإلنتفاع هبا .
-رأي الش//افعية و احلنابلة هو أن قيمة الوص//ية باملن//افع تق//در بقيمة املن//افع نفس//ها يف م//دة الوص//ية ألن تق//دير قيمة
الوصية يكون بقيمة ما يناله املوصى له منها ،فتقدر قيمة املنافع جمردة عن العني ذاهتا .
وطريقة تق//دير قيمة املنفعة هو أن يع//رف أجر املثل للعني اليت حتمل املنفعة يف م//دة الوص//ية ،أما إذا ك//انت الوص//ية
باملنافع مؤبدة فتقدر العني مبنفعتها ،و يعترب خروجها عن الثلث .
-------------------
( )1العريب بلحاج .املرجع السابق .ص . 297
( )2تنص املادة " : 190للموصي أن يوصي باألموال التيت ميلكها و اليت تدخل يف ملكه قبل موته عينا أو منفعة".
16
حفاظا على حق // /وق الورثة احملتملني -ال// / /ذين س// / /تؤول إليهم الرتكة -من الوص// / /ايا اليت قد ت // /ؤثر عليه // /ا ،ف // /إن الش // /ريعة
اإلس//المية و املش//رع الوض//عي (عمال بأحك//ام ه//ذه األخ//رية) قد قي//دت حرية اإليص//اء ب//الرجوع إىل أسس ش//رعية حاولنا
إمجاهلا يف نقط//تني أساس//يتني مها منع اإلض//رار بالورثة و تنظيم أحك//ام الوص//ية باعتب//ار إض//افتها إىل ما بعد املوت م//وازاة مع
تنظيم الشارع احلكيم ألحكام املرياث .
17
-2كما يتحقق عنصر اإلضرار بالرغم من عدم وجود نية اإلض/رار إذا أوصي ب/أكثر من ثلث الرتك/ة ،أو إذا أوصي ألحد
الورثة دون ب//اقي الورثة أو أوصي جلهة معص//ية ،فقد فسر القرط//يب"غري مض//ار"من /آية املواريث الس//الفة ال//ذكر أن م//دخل
الضرر على الورثة بأن تزيد الوصية على الثلث أو بأن يوصى للوارث ،ومن مث جاء تقييد اإليصاء هبذه القواعد.
فال يش//رتط الفقه ت//وفر نية اإلض//رار ،بل يكفي حتقق الض//رر األكيد بالنس//بة حلق//وق الورثة لقوله -ص//لى اهلل عليه و س//لم
" :-إن اهلل قد أعطى كل ذي حق حقه فال وصية لوارث ".
و عليه فقانون األسرة بتقييده الوصية خصوصا يف عدم إجازته الوص/ية ل/وارث يك/ون قد متاشى مع بعض القواعد
الفقهية املش// / /هورة منها "درء املفاسد مق// / /دم على جلب املص// / /احل" و "احلكم يتبع املص// / /لحة الراجح// / /ة" فهو حيقق املص// /لحة
الراجحة املتمثلة يف اإلبق //اء على كي //ان األس //رة ووح //دهتا ،و احلف //اظ على ص //الت ال //رحم بني أفراده //ا ،فه //ذا يتحقق بع //دم
ج//واز الوص//ية ل//وارث ؛ حىت ال تنحصر ث//روة املـوصي كلـها يف وارث واحد على حسـاب مب//ادئ التكافل اإلجتم//اعي و
النظام العام اإلسالمي يف تنظيم تداول األموال ،وتوزيعها بني أكرب عدد ممكن ممن هو أقرب ص//لة ب//امليت من ذوي قرابت//ه،
و بذلك كان املشرع اجلزائري متماشيا مع اآلراء اإلجتهادية ،ومع روح نظام الوصية ،ونظام اإلرث اإلسالميني .
-------------------
( )1حممد /أبو زهرة .أحكام الرتكات و املواريث .دار الفكر العريب .مصر .ص . 5
والتوزيع العادل الذي تواله اهلل سبحانه و تعاىل يقوم على أسس ثالثة هي :
-1أنه مينح املرياث لألق//رب إىل املت//ويف ،ول/ذا ك/ان أك/ثر األس//رة حظا يف املرياث األوالد ،ومع ذلك يش/اركهم فيه غ/ريهم
كاألبوين مثال؛ و هذا ملنع تركيز املال يف ورثة معينني ،فيكون اإلشرتاك يف املال بدل اإلنفراد و اإلستئثار .
-2مراع//اة احلاج//ة ،فكلما ك//انت احلاجة أشد ك//ان العط//اء أك//ثر ،وه//ذا هو الس//بب يف أن نص//يب األوالد ك//ان أك//ثر من
نص// / /يب األب// / / /وين مع قوله -ص// / / /لى اهلل عليه و س// / /لم ": -أنت ومالك ألبي// / / /ك" باعتب// / / /ار أن حاجة األوالد إىل املال أشد
18
لضعفهم و استقباهلم للحياة .كما أن هذا هو سبب جعل نصيب الذكر ضعف نص/يب األن/ثى باعتب//ار أن التك//اليف املالية
اليت تط // /الب هبا املرأة دون التك // /اليف اليت يط// / /الب هبا الرجل كالعمل لتوفري الق// / /وت أو نفقة األوالد ،و إن اإلعط // /اء على
مقدار احلاجة هو العدل ،واملساواة عند تفاوت احلاجات هي الظلم (.)1
-3إن الش// /ريعة اإلس// /المية تتجه يف تقس// /يم الرتكة إىل التوزيع دون التجمي// /ع ،فلم جتعل وارثا ينف// /رد هبا دون س// /واه ،ومل
تطلق يد املورث خيتص هبا من يش //اء ،بل وزعتها على ع //دد من الورث //ة ،وه //ذا ما يت //بني من التوزيع الع //ادل و الق //ائم على
أسس منص//فة من أمثلتها أن ال//وارث ال//ذي أدىل إىل امليت ب//وارث حيجب عند وج//ود ذلك ال//وارث تفاديا جلمع الرتكة يف
حيز واحد ،و غريها من األحكام اليت تعكس ذلك .
إن قس //مة اهلل العادلة وتوزيعه احلكيم ال حيتم أن يس //اوي الغين و الفق //ري ،و الق //ادر على الكسب من يعجز عن //ه،
فإذا كان قد وضع أحكام املواريث العادلة على أساس التساوي بني الطبقات باعتبار أهنم سواسية يف احلاجة ،فإنه باملقابل
منح حق الوص//ية لكي يت//دارك الش//خص ما عس//اه قد يك//ون فاتـه يف حياته من واجب//ات مص//داقا لقولـه -ص//لى اهلل عليه و
سلم " : -إن اهلل تبارك و تعاىل تصدق عليكم بثلث أم/والكم يف آخر أعم/اركم زي/ادة يف أعم/الكم فض/عوه حيث ش/ئتم".
لكنه حد ح //دود الوص //ية يف الق //در ال //ذي جتوز فيه و يف ص //فة املوصى له و يف الب //اعث عليه //ا ،ومل ي //رتك األمر فيها إلرادة
املوصي املطلق//ة؛ ف/إذا ج/اء املورث ف/أعطى ه//ذا و منع ذلك فقد غ/اير قس/مة الش//ارع احلكيم و زاد بعض األنص//بة و أنقص
أخرى .
ل //ذا مت رسم ح //دود الوص //ية على الوجه ال//ذي ال يس //مح باملس //اس حبق //وق الورثة كما س//بق ال //ذكر ،و ت //رك اجملال
لإليص//اء يف ح//دود الثلث فقط و لغري الورث//ة ،إبتغ//اء ع//دم املس//اس مبا ج//اءت به أحك//ام الش//ريعة الغ//راء على الش//كل ال//ذي
ميس بعدالة اخلالفة يف املال ( /)2على إعتبار تويل الشارع احلكيم قسمة الرتك/ات و بي/ان أنص/بة الورثة و منح لكل ذي حق
حقه يف ثلثي الرتكة لقوله تعاىل " :يبني اهلل لكم أن تضلوا و اهلل بكل شيء عليم" (. )3
و يف األخري و بعد توض//يح األسس الس//ابقة ال//ذكر يس//تخلص أن الش//ريعة اإلس//المية ح//افظت ب//ذلك على كي//ان
األس //رة باعتبارها وح //دة البن //اء اإلجتم //اعي ،إذ انه منذ بداية احنالل الروابط بني أف //راد األس //رة يب//دأ احنالل اجملتمع يف األمة
الواح//دة ،فس//لب إرادة املورث يف اإليص//اء ل//وارث و ك//ذا يف ثل//ثي الرتكة مل يكن إال حلماية األق//ربني ل//ه ،فهي مل تس//لب
منه إال ليعطى املال لألسرة بالقسطاس املستقيم ،و لكيال يكون يف النفس جفوة املنع واإلعطاء إن توىل ذلك املورث .
-------------------
( )1حممد /أبو زهرة .أحكام الرتكات و املواريث .املرجع السابق .ص . 210
( )2فنظام املواريث من النظام العام ال ميلك اإلنسان احلق يف تغيريه و تبديله. /
( )3سورة النساء .اآلية .176
المبحـث الثانـي
أسس حماية الورثة في التصرفات الملحقة بالوصية
إن الش//ريعة اإلس//المية اليت هي املص//در األساسي لق//انون األس//رة اجلزائ//ري ،جعلت لل//وارث إب//ان حي//اة مورثه حقا
يف ماله يتقيد به حق التصرف بالوص/ية ل//وارث آخر أو مبق//دار معني ألجنيب على التفص//يل ال/ذي س/بق بيان/ه ،بل أن املش//رع
19
ذهب إىل أبعد من ذل //ك؛ ف //أقر بطالن التعامل يف تركة إنس //ان على قيد احلي //اة ولو ك //ان برض //اه (املادة 92/2من الق //انون
املدين) كما جرم اإلستيالء على أموال الرتكة (املادة 363/1من قانون العقوبات) .
و يف بعض احلاالت ،و رغبة من املورث يف حرم// / / / / / /ان بعض الورثة من حقهم الث// / / / / / /ابت يف املرياث ،أو تفض // / / / /يال
لبعض//هم على آخ//رين ،أو رغبة منه يف تقس//يم تركته ح//ال حيات//ه ،فإنه يص//بغ على تص//رفاته ش//كل تص//رفات منج//زة ك//البيع
أو اهلبة وهذا حتايال على القانون وهتربا من تقييد حريته يف اإليصاء .إال أن هناك قرائن يستخلص منها ه//ذا التحايل أنشأ
من خالهلا املش //رع قرينة قانونية بنص املادة 777من الق //انون املدين مثال ،كما أن املريض م //رض املوت وهو يش //عر ب //دنو
أجله قد يفضل أحد الورثة أو أجنبيا فيحابيه بتص//رف منجز أو مض//اف إىل ما بعد املوت ،وه//ذا ما أحلقه املش//رع بالوص//ية
.أيضا يف العديد من النصوص القانونية -كما سيأيت بيانه يف الفصل الثاين . -
وعليه س //نحاول فيما يلي توض //يح األسس اليت ت //دخل املش //رع بن //اء عليها يف ه //ذا اجملال يف التص //رفات اليت يربمها املورث
بصفة عامة يف مطلب أول ،و بصفة خاصة يف تصرفات املريض مرض املوت يف مطلب ثان .
لقد أق//ام املش//رع س//واء مبوجب أحك//ام الق//انون املدين أو ق//انون األس//رة ق//رائن قانونية مفادها أن بعض التص//رفات
اليت يربمها الش// /خص يف أمواله تأخذ حكم الوص// /ية ،و بالت// /ايل تس// /ري عليها أحكامه// /ا ،وذلك منعا للتحايل على أحك// /ام
القانون الواردة يف جمال الوصية ،وهذا تدعيما لسلطة القاضي يف تكييف التصرفات القانونية .
-------------------
( )1مسري عبد السيد تناغو .عقد البيع .منشأة املعارف اإلسكندرية /.مصر .ص . 29
الوص//ية مبظهر ال//بيع في//ذكر يف العقد مثن ص//وري ال يل//تزم املش//رتي به يف حقيقة األم//ر ،أو يص//بغون عليه مظهر اهلبة بإبرامه
يف ش// /كل تص// /رف منج// /ز ،و لكن حيرص على أن تبقى للب// /ائع املزايا العملية للملكية فيحتفظ الب// /ائع حبق اإلنتف// /اع ب// /العني
املبيعة ط//ول حيات//ه ،أو يش//رتط منع التص//رف يف العني حمل العقد ط//وال حي//اة املتص//رف ،و الواقع أنه ال جيب التقيد يف ه//ذا
الصدد مبا يضفيه األفراد على تص/رفاهتم من أوص/اف ،وإمنا جيب اإلعت/داد مبا يثبت من الناحية الواقعية ( ، )1و عليه يك/ون
لكل ذي مص //لحة ك //الوارث -بوص //فه من الغري -أن يتمسك بالتص //رف احلقيقي ،و أن يثبت التحايل و قصد الت //ربع و
إض//افة التمليك إىل ما بعد املوت ،و غالبا ما يتم اإلثب//ات عن طريق الق//رائن القض//ائية ( ، )2ك//أن تس//تخلص منه نية الت//ربع
20
من ك //ون املتص //رف إليه مل يقبض مثنا لل //بيع ،أومن ع //دم جدية الثمن أو ع //دم ق //درة املش //رتي على دفع //ه ،وك //أن تثبت نية
إضافة امللك إىل ما بعد املوت من عدم تنفيذ التص//رف قبل الوف//اة أومن مشول التص//رف لكافة ممتلك//ات املتص//رف ،أو ع//دم
تسجيل سند التصرف و اإلحتفاظ به لدى املتصرف طوال حياته (. )3
و اعتم //ادا على ه //ذه الق //رائن و غريها ف //إن على الورثة أن يقيم //وا ال //دليل على ع //دم ص //حة ما ورد يف تص //رف
املورث؛ فعبء اإلثب// /ات يقع يقع عليهم ،و ما س// /بق ليس س// /وى ق// /رائن قض// /ائية يتوسل هبا الط// /اعن إىل إثب// /ات دع// /واه ،و
القاضي بعد ذلك حر يف أن يأخذ هبا أو ال يأخذ ،حيث ال يرتتب على جمرد وجودها إعتبار التصرف وصية .
لذا و تيس/ريا من املش/رع عبء اإلثب/ات يف ه/ذه احلال/ة ،فقد ح/رص الق/انون على تقرير ق/رائن قانونية يس/تنبط منها
إعتب//ار التص//رف وص//ية ،س//واء مت يف م//رض املوت (املواد 408 ،776و 409من الق//انون املدين ،و املواد 204و 215من
قانون األسرة)أو اقرتن التصرف بشروط معينة (املادة 777من القانون املدين) ،و هي قرائن تغين من تقررت ملصلحته عن
إثب//ات أي ش//يء آخر إذا ت//وافرت ش//روطها ،فاهلدف من تقرير ه//ذه الق//رائن القانونية هو إعف//اء الورثة من اإلثب//ات لتحقيق
مصلحة عامة هي التضييق على من حياول التحايل على القانون (. )4
و باملقابل ،ف // /إن خلو العقد من ش // /روط القرينة القانونية ال يص // /لح دليال لنفي الوص // /ية املس // /ترتة ،و على القاضي
التحقق من توافر شروطها على ضوء ظروف ال/دعوى ومالبس/اهتا غري متقيد مبا ورد يف العق/د ،حيث جيوز للط//اعن إثب/ات
دعواه بطرق إثبات أخرى /،وهذا جلواز إثبات التحايل على القانون بكافة طرق اإلثبات .
و لتوضيح ذلك جيب يف هذا اجملال التفرقة بني أعمال الدفع بالصورية ،و الدفع بالتحايل على نظام اإلرث :
إذ أن الصورية هي أن يتعمد املتعاقدان إخفاء حقيقة عالقتهما حتت مظهر كاذب ،وجند أمامنا تصرفا ظاهرا
-------------------
( )1توفيق حسن فرج .الوجيز يف عقد البيع /.الدار اجلامعية .1988 .ص . 23
( )2تنص املادة 340من الق//انون املدين" :ي//رتك لتق//دير القاضي إس//تنباط كل قرينة مل يقررها الق//انون و ال جيوز اإلثب//ات هبذه الق//رائن إال يف األح//وال اليت جييز فيها
الق//انون اإلثب//ات بالبين//ة" فالقرينة القض//ائية هي أن يس//تخلص القاضي من واقعة معلومة نت//ائج ت//ؤدي إىل إثب//ات واقعة معين//ة .للقرينة القض//ائية عنص//ران :م//ادي هو
الواقعة اليت خيتارها القاض//ي،و معن//وي هو اإلس//تنباط ،و بالت//ايل القرينة القض//ائية هي حتويل لإلثب//ات من حمل إىل حمل آخر ألن إثب//ات احملل األول ص//عب عن طريق
اإلثبات املباشر .عبد الرمحن ملزي.حماضرات يف طرق اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية.املعهد الوطين للقضاء .الدفعة الرابعة عشرة .السنة األوىل.2003/2004.
( )3أنظر يف بعض التص//رفات اليت كيفت أهنا وص//ايا مس//ترتة لقي//ام ق//رائن قض//ائية من ط//رف القض//اء املص//ري .عبد ال//رزاق الس//نهوري .الوس//يط يف ش//رح الق//انون
املدين .اجمللد التاسع /.املرجع السابق .ص . 230
( )4القرائن القانونية من بني طرق اإلعفاء من اإلثبات و هذا اإلعف/اء يتق/رر إما لتحقيق مص//لحة عامة أو مص/لحة خاصة أو لألخذ باملألوف املتع/ارف بني الن//اس .
عبد الرمحن ملزي .املرجع السابق .
خيفي تصرف حقيقيا خمتلفا عنه ،و له شروط أخرى مسترتة هي اليت اجتهت إرادة املتعاقدين إليها .
أما التحايل على القانون فقد يكون بغري صورية مىت كانت ش/روط العقد ظ/اهرة غري مس/ترتة كاهلبة مع اإلحتف/اظ باحلي/ازة
واإلنتفاع مدى احلياة (. )1
وعليه على الوارث الذي يدعي الصورية عبء اإلثبات ،إذ أنه يدعي خالف الظاهر بإعتب//ار الص//ورية دفعا مق//ررا
طبقا للقواعد العامة ،و الورثة ال يعت/ربون يف ه/ذه احلالة من الغري و إمنا يس/تمدون حقهم من م/ورثهم ،فال جيوز هلم إثب/ات
الصورية إال مبا كان جيوز ملورثهم أن يثبتها به من طرق اإلثبات باعتبارهم من اخللف العام .
21
أما إذا ادعى الورثة وج// /ود وص// /ية مس// /ترتة حتايال على تقييد حرية اإليص// /اء ف// /إهنم يس// /تمدون حقهم من الق// /انون
مباش //رة ال من املورث ،محاية هلم من تص// /رفات املورث اليت قصد هبا التحايل على الق// /انون ،باعتب// /ار أن الرتكة حق مق //رر
لل/وارث و أن الوص/ية ال تنفذ إال بعد وف/اة املورث ،و ب/ذلك مىت تع/دت نص/اهبا مست ب/املرياث ،فهنا يتغري املركز الق/انوين
للورثة من اخللف الع/ام إىل الغ/ري ،و بالت/ايل ج/از هلم اإلثب//ات بكافة الط/رق دون التقيد بقاع/دة ع//دم ج//واز إثب//ات ما خيالف
الكتابة إال بالكتابة ،على أساس وجود غش أو حتايل على القانون (. )2
22
و التك //ييف عملية قانونية يق //وم هبا القاضي حىت يتمكن من تط //بيق أحك //ام الق //انون على التص //رف ،س //واء ك //انت
هذه األحكام آم/رة أو مكملة و القاضي يف ذلك خيضع لرقابة احملكمة العلي/ا ،فهو بص/دد مس/ألة قانونية حمض/ة ،ألنه ي/رتتب
على التكييف آثار قانونية إذ أنه يطبق القانون على الواقع ،و تطبيق القانون من املسائل القانونية (.)1
فآث//ار تك//ييف التص//رف بأنه وص//ية تتمثل يف تط//بيق أحك//ام الوص//ية عليه من حيث ع//دم ج//واز اإليص//اء ب//أكثر من الثلث،
وعدم جواز اإليصاء لوارث و توقف ما خالف ذلك على إجازة الورثة .
و عليه قضت احملكمة العليا يف قرار صادر بت/اريخ 24/04/2002أن على الق//رار ال/ذي قضى بإبط/ال عقد هبة يف
مرض املوت أن يقضي باعتبار العقد وصية و يستفيد منها املوهوب له يف حدود ما يسمح بذلك موضوع الوصية (.)2
قد تنت //اب الش //خص ح //ال حياته ف //رتة م //رض يغلب فيه هالك //ه ،و ت //ؤدي به إىل الوف //اة فعال ،حيث يش //عر خالهلا
املريض ب// /دنو أجله وهي حالة تع// /رف فقها و قانونا مبرض املوت ،و قد ي// /ربم املريض خالل ه// /ذه الف// /رتة تص //رفات قانونية
س//واء ل//وارث أو لغ//ريه؛ ل//ذا ف//إن املش//رع نظم أحك//ام ه//ذه التص//رفات يف م//واد متع//ددة منها املواد 409، 408 ،776من
القانون املدين و كذا املادة 204و غريها من قانون األسرة ،وذلك محاية لورثة املريض .
ل//ذا يقتضي األمر بنا أن نوضح مفه//وم /م//رض املوت ومن مث ن//بني أس//اس تقييد تص//رفات املريض و املتمثل يف تعلق
حق الورثة بأمواله منذ مرضه. /
23
و التعريف الس// / /ائد ملرض املوت يف الفقه اإلس// / /المي هو أنه "املرض ال // /ذي يغلب فيه اهلالك ويعجز الش // /خص عن القي // /ام
مبص//احله /،و يتصل به املوت فعال ،ولو ك//ان املريض قد ت//ويف لس//بب آخر كح//ادث مثال ما دامت وفاته قد وقعت يف أثن//اء
هذا املرض ".
و ب //الرغم من اختالف ه //ذه التعريف //ات يف عباراهتا و تض //ارب ظواهره //ا ،إال أن ه //ذا اإلختالف إمنا ي //دور ح //ول
األمارات و األوصاف الظاهرة اليت يتبني هبا مرض املوت ،و لكن املعىن املقص//ود يف م//رض املوت هو أن يك//ون املريض يف
ح//ال يغلب فيها اهلالك و يتوقع//ه ،و تك//ون تص//رفاته خلوف املوت املرتقب ( ،)3و يؤخذ مما تق//دم أن هن//اك ش//روطا ثالثة
ليكون املرض مرض موت من شأهنا أن تقيم يف نفس املريض حالة نفسية هي أن أجله قد دنا ،و أنه مشرف على املوت،
وهذه الشروط هي كاآليت (:)4
-1أن يقعد املرض املريض عن قضاء مصاحله :
ومف// /اد هـذا الش// /رط أنه جيب أن جيعـل املرض املريـض ع// /اجزا على قض// /اء مصاحلـه العادية املألوف// /ة ،وهي املصـاحل اليت من
العادة أن يقوم هبـا و هـو يف صحته كالعمل و التسوق ،وكذا عن قضـاء احلوائج املنزلية إذا كان املريض من اإلناث.
و ال يش//رتط ليك//ون املرض م//رض م//وت أن يقعـد ص//احبه الف//راش ،فقد ال يلـزمه إيـاه و يبقى مع ذلك ع//اجزا عن قض//اء
مصاحله/.
و قد يك//ون اإلنس//ان ع//اجزا عن قض//اء مص//احله دون أن يك//ون س//بب ذلك املرض ،فال يعترب يف م//رض املوت؛ فمن ك//ان
ك//ذلك بس//بب الش//يخوخة فيك//ون لتص//رفاته حكم تص//رفات األص//حاء ،وك//ذا من حيرتف حرفه ش//اقة يقع//ده مرضه عنها
دون أن يعجزه عن مباشرة املألوف من األعمال بني الناس .
-------------------
313 ( )1عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.العقود اليت ترد على امللكية-البيع و املقايضة -اجمللد الرابع .دار إحياء الرتاث العريب.لبنان .ص
( )2حممد /أبو زهرة .أحكام الرتكات و املواريث .املرجع السابق .ص 7هامش . 1
()3حممد /بن أمحد تقية .دراسة عن اهلبة يف قانون األس/رة اجلزائ/ري مقارنة بأحك/ام الش/ريعة اإلس/المية و الق/انون املق/ارن .ال/ديوان الوطين لألش/غال الرتبوي/ة.اجلزائ/ر.
.2003ص . 114
( )4و قد أكدت احملكمة العليا ضرورة توافر هذه الشروط ...":و /ملا كان ذلك فإن القرار صدر موافقا للقانون مىت بني يف أس//بابه أن املوكل ك//ان حني عقد اهلبة
مريضا بالس//رطان كما هو ث //ابت من املس//تندات و هو م//رض يغلب فيه اهلالك و قد دخل املستش//فى يف ...و قد الزمه حىت م//ات به يف ...و ملا ك //ان ذلك ف//إن
املوكل ال يس// /تطيع أن ي// /ؤدي بنفسه العمل ال// /ذي وكل في// /ه" .ق// /رار احملكمة العليا غرفة األح// /وال الشخص //ية و املواريث الص //ادر بت //اريخ 21/02/2001ملف رقم
.256869اجمللة القضائية .العدد الثاين . 2002 .ص . 428
-2أن يغلب يف املرض خوف اهلالك :
إض //افة إىل الش// /رط األول فإنه جيب أن يغلب على املرض خ //وف املوت ،ألنه ليس كل م //رض يغلب فيه اهلالك ،فتس //تبعد
األم //راض اليت يش //فى منها املريض ع //ادة واألم //راض البس //يطة حىت و إن أقع //دت املريض عن قض //اء مص //احله أو أدت بـه إىل
الوفاة ،ألن هذه األمراض ال يغلب فيها اهلالك،و إمنا يغلب فيها الشفاء فتأخذ تصرفاته يف هذه احلالة حكم حالة الص//حة،
كما تستبعد أيضا األمراض املزمنة إذا طالت حبيث يطمئن املريض إىل ابتعاد خطر املوت العاجل.
24
فيجب ليعترب املرض مرض موت أن يكون مرضا خطريا من األمراض اليت تنتهي عادة باملوت ،أو أن يبدأ املرض بسيطا مث
يتطور حىت تصبح حالة املريض سيئة خيشى عليه فيها املوت .
و من بني األمراض اليت يغلب فيها اهلالك السرطان إذا أصاب مناطق أو أجزاء حساسة من اجلسم ،ومرض السيدا ،وك//ذا
مرض السل و غريها .
و إذا كان ه/ذا الش/رط يغين عن الش/رط األول ،فقد اختلف ال/رأي يف الفرض/ية العكس/ية أي إذا غلب على املرض
خ//وف املوت و لكنه مل يقعد املريض عن قض//اء مص//احله ؛ في//ذهب البعض إىل أن ذلك يكفي العتب//ار املرض م//رض م//وت
و ي //ذهب اجتاه آخر إىل أنه جيب ت //وافر الش //رطني مع //ا ،ألن األصل هو أن يغلب يف م //رض خ //وف املوت أما قع //ود املريض
عن قضاء مصاحله فهي العالمة املادية اليت تشعر املريض بأن املرض يته//دده ب/املوت ،و تغين عنها أي عالمة أخر تن//ىبء هبذا
الشعور .
-3أن ينتهي املرض باملـوت فعال :
أي أن يعقب املوت املرض مباشرة حبيث ال يفصل بينهما ف/رتة ص/حة ( ،)1وه/ذا س/واء ك/ان املوت بس/بب املرض نفسه أو
بسبب آخر كاملوت حرقا أو غرقا ،فإذا تصرف شخص يف ماله أثناء مرض أقع//ده عن قض//اء مص//احله /،و غلب فيه خ//وف
املوت كان تصرفه معتدا به حال حياته فإذا انتهى باملوت جاز الطعن فيه على أساس أنه مت يف مرض املوت ،أما إذا برىء
منه كان حكم تصرفه هو حكم تصرف األصحاء .
و يتجه ال //رأي الغ //الب يف الش //ريعة اإلس //المية إىل أنه يش //رتط وف //اة املريض قبل س //نة من ب //دء املرض ( ، )2أما إذا
مضى أك //ثر من ه //ذه املدة على ب //دء املرض و مل ميت املريض مل يعترب مريضا م //رض م //وت ولو ك //ان املرض من األم //راض
املزمن// /ة ،ألن القاع// /دة يف ه// /ذه األم// /راض أهنا ال تعترب للوهلة األوىل م// /رض م// /وت إذا ط// /الت دون أن تش// /تد حبيث يطمئن
املريض إىل أنه مل يعد هناك خطر داهم و مل يعد يغلب خطر املوت العاج/ل ،لكن إذا اش/تد املرض و ازداد و س/اءت حالة
املريض حىت أصبحت تنذر ب/دنو أجله و انتهت ب/املوت فعال فيعترب م//رض م/وت من ال/وقت ال/ذي اش/تد فيه حىت و لو بقي
مشتدا أكثر من سنة ،و مل ميت إال بعد انقضائها وهذا لتولد الشعور يف نفسه بأنه مهدد باملوت يف أي وقت .
و يالحظ أن احملكمة العليا مل تأخذ بش//رط وف//اة املريض خالل س//نة و يس//تنتج ذلك من قرارها الص//ادر عن غرفة األح//وال
الشخصية بتاريخ .)3( 23/11/1993
-------------------
( )1خليل أمحد حسن قدادة .الوجيز يف شرح القانون املدين اجلزائري .ج 4عقد البيع .ديوان املطبوعات اجلامعية .اجلزائر .طبعة .2001ص . 246
( )2يكتفي البعض بأن يطول املرض مدة كافية ليتولد الشعور لدى املريض بأنه مل يعد معرضا خلطر املوت العاجل سواء طال املرض ألكثر من سنة أو أقل .
( )3قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ 23/11/1993ملف رقم .96675اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية .عدد خاص .2001ص . 302
و ألن املن// / / / /اط يف وضع األحك// / / / /ام املتعلقة ب// / / / /املريض م// / / / /رض املوت هو خوفه من اهلالك فقد أحلق ب // / /املريض كل
األص//حاء ال//ذين يكون//ون يف أح//وال جتعلهم ي//رتقبون املوت لش//عورهم ب//دنو األج//ل ،حيث تأخذ تص//رفاهتم حكم تص//رفات
املريض م //رض املوت كاملقاتل إذا التحمت الطائفت//ان و مل تس//تنب الطائفة الق //اهرة و الطائفة املقه//ورة ( ،)1و احملك //وم عليه
بإعدام الذي ينتظر التنفي/ذ ،ومن ركب البحر وك/ان على منت س/فينة أش/رفت على الغ/رق ،واحملب/وس إذا ع/رف اآلسر بقتل
احملبوسني ،ومن دامهه حريق ال سبيل للنجاة منه ،ومن عقد عزمه على اإلنتحار ...إخل .
25
و ب //الرجوع إىل ق //رارات احملكمة العليا املتعلقة بالتص //رفات يف م //رض املوت ف //إن العديد منها يشري إىل وق //وع التص //رف يف
م// /رض املوت دون إعط// /اء تعريف دقيق له ( )2باس// /تثناء بعض الق// /رارات ،ك// /القرار الص// /ادر بت// /اريخ 09/07/1984حيث
قضت أنه " :من املق //رر فقها و قض //اء أن م //رض املوت ال //ذي يبطل التص //رف هو املرض األخري إذا ك //ان خط //ريا و جير إىل
املوت و به يفقد املتصرف وعيه و متيزه" (. )3
غري أنه يؤخذ على هذا التعريف أنه خيرج عن اإلطار الذي رمسه فقهاء الشريعة اإلس//المية ملرض املوت من حيث كونه ال
يؤثر على أهلية املريض و متييزه .
26
-حق الدائن إذا كان على املريض دين ،وهو يتعلق بكل املال إن كان مستغرقا ل/ه ،أو ما يس/اويه من أم/وال إذا ك/ان غري
مستغرق .
-حق الورثة و يتعلق بثلثي مال املريض اخلايل من الديون .
وجتدر اإلش//ارة هنا إىل أن املريض م//رض املوت أثن//اء مرضه /ليس ألحد عليه من س//لطان ،و إمنا ينظر يف تص//رفاته
بعد وفاته ،ف//إن ك//انت متس حبق الورثة ك//ان هلم اإلع//رتاض عليها دون أن يك//ون ذلك يف حيات//ه ،ألن املرض ال يعد م//رض
موت إال إذا اتصلت به الوفاة فعال ،و ال ميكنهم اإلعرتاض قبل حتقق السبب املنشىء للحق .
و اعتم //ادا على ما س //بق ف //إن تقييد تص //رفات املريض م //رض املوت ال يرجع إىل نقص أو انع //دام أهليت //ه ،و ال إىل
عيب يف إرادته؛ ف/املريض م//رض املوت ال يفقد أهليته و ال تنقص ه//ذه األهلية فما دام حيا حمتفظا بق//واه العقلية ف//إن أهليته
كاملة إىل آخر حلظة من حياته ،باعتب// /ار أن م// /رض املوت ليس من أس// /باب نقص األهلية أو فق// /دها ،و ليس عيبا يش //وب
اإلرادة طبقا ألحكام القانون املدين ،أما إذا حدث أن أفقد املرض متي/يز املريض ف//إن تص//رفاته هنا ختضع لألحك//ام العامة يف
القانون املدين و بالتايل تكون باطلة .
وما يالحظ هنا أن املشرع اعترب يف الفقرة الثانية من املادة 408من القانون املدين أن البيـع يف م//رض املوت إذا مت
للغري فإنه يك//ون ق//ابال لإلبط//ال ،و ب//الرجوع إىل النس//خة الفرنس//ية هلـا جندها تعترب ال//بيع يف ه//ذه احلالة ب//دون ت//راض"sans
،"consentementوهذا ما يستشف منه أخذ املادة بأن مرض املوت عارض من عوارض األهلية أو عيب يف اإلرادة،كما
أن احملكمة العليا اعتم// / / / / /دت نفس املوقف الغ// / / / / /ريب مبوجب الق// / / / / /رار الص// / / / / /ادر عن غرفة األح// / / / / /وال الشخص// / / /ية بت// / / /اريخ
09/07/1984الس/ابق ال/ذكر،و ال/ذي خ/الف املب/ادىء و القواعد الفقهية املس/تمدة من الش/ريعة اإلس/المية حينما اعترب أن
مرض املوت يفقد املتصرف وعيه ومتييزه،وهذا ال يستقيم مبا أن أهلية املريض مثل أهلية الصحيح متاما لألسباب التالية :
-إذا اعتربنا املريض م//رض املوت ن//اقص األهلية ف//إن كل تص//رف ض//ار ض//ررا حمضا ص//ادر عنه يك//ون ب//اطال مطلق//ا ،ف//إذا
سلمنا بذلك تكون تصرفاته التربعية باطلة بطالنا مطلق//ا ،وه/ذا ما مل يقل به أحد ،ك/ذلك األمر إذا اعتربن//اه ع//دمي التمي/يز
فإن كل تصرفاته تكون باطلة بطالنا مطلقا .
-إذا اعتربنا تص // /رفه ب // /اطال بطالنا مطلقا فإنه ال حيق للورثة أن جييزوا تص // /رفا تربعيا ملورثهم على أس // /اس أن اإلج // /ازة ال
تلحق العقد الباطل بطالنا مطلقا ،بينما للورثة حق إجازة الوصية اليت تتجاوز احلدود املقررة قانونا .
-إن نقص أو فقد األهلية يرجع قانونا إىل ع// / / / / / /ارض من ع// / / / / / /وارض األهلية أو عيب يف اإلرادة و مل يقل أحد أن املريض
مرض املوت به عيب من هذه العيوب أو عارض على األهلية .
-------------------
( )1أمحد فراج حسني .امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية .الدار اجلامعية .لبنان .ص . 236
و ب//الرغم من ه//ذه اإلنتق//ادات فإنه يستشف من ق//رار احملكمة العليا الص//ادر بت//اريخ 27/10/1992أن ه//ذه األخ//رية بقيت
متمس//كة مبوقفه//ا ،بل أك//ثر من ذلك إعت//ربت املريض م//رض املوت غري س//ليم العقل حيث ج//اء فيه " :تعترب اهلبة يف م//رض
املوت و احلاالت املخيفة وصية ألنه يشرتط يف الواهب أن يكون س//ليم العقل وقت إب//رام أو حترير اهلبة .و أن إبط//ال اهلبة
27
احملررة بواس//طة الوكيل يف م//رض املوت هو تط//بيق س//ليم للق//انون لع//دم حتقيق ما تقتض//يه أحك//ام املادتني 203و 204من
قانون األسرة "(.)1
-------------------
( )1قرار احملكمة العليا غرفة األحوال الشخصية و املواريث الصادر بتاريخ .21/02/2001ملف رقم .256869اجمللة القضائية .العدد الثاين .2002ص . 428
الفصـل الثـاني
التصرفـات السـاترة للوصيـة و أحكامـها
قد يلجأ الش //خص خالل م //رض موته إىل إض //فاء ص //فة املعاوضة على تص //رفه ال //ذي قصد به الت //ربع ،و أك //ثر من
ذلك فقد يعمد عند متتعه بكامل ص//حته إىل خلع ث//وب تص//رف منجز ح//ال احلي//اة على تص//رف يف حقيقته مض//اف إىل ما
28
بعد املوت ب// /أن يتص// /رف ألحد ورثته أو لغ// /ريه و يس// /تثين بطريقة ما اإلنتف// /اع بالش// /يء وحيازته م// /دى حيات //ه ،وكل ه //ذه
التصرفات إمنا تكون حتايال على أحكام القانون املقيدة حلرية اإليصاء كما سبق الذكر.
ل//ذا و اعتم//ادا على األسس الس//ابق بياهنا ف//إن املش//رع أق//ام ق//رائن قانونية محاية ملص//لحة عامة هبدف صد التحايل
على الق//انون من جه//ة ،ومحاية حلق//وق الورثة من جهة أخ//رى و ه//ذا س//واء تعلق األمر بالتص//رفات املربمة يف م//رض املوت
أو بالتصرف لوارث مع اإلحتفاظ حبيازة العني و اإلنتفاع هبا مدى احلياة .
و على حنو ما تقدم نعاجل الفصل الثاين على مبحثني ،خنصص األول لدراسة التص//رفات يف م//رض املوت ،بتوض/يح
احلكم الع//ام هلا ال//وارد باملادة 776من الق//انون املدين إض//افة إىل حتديد قواعد اإلثب//ات املتعلقة هبا ،مث دراسة أحك//ام بعض
التصرفات يف مرض املوت اليت عاجلها املشرع بنصوص خاصة .
كما خنصص املبحث الث//اين لدراسة قرينة التص//رف ل//وارث مع اإلحتف//اظ باحلي//ازة و اإلنتف//اع م//دى احلي//اة ال//واردة
بنص املادة 777من الق// / /انون املدين ،و ذلك بتوض// / /يح ش// / /روط تطبيقها أوال مث التع// / /رف على أحكامها و قواعد اإلثب // /ات
املتعلقة هبا .
المبحـث األول
تصرفـات المريض مـرض المـوت
لقد أورد القانـون املدين نصـا يقرر احلكم العام يف تصرفـات املريض مرض املـوت أيا كان ه//ذا التصـرف و يتمثل
ه// / /ذا النـص يف املادة 776منـه ،و باعتب// / /ار جتـرد احلق من قيمتـه إذا عجـز ص// / /احبه عن إثباتـه أم// / /ام القض // /اء ف // /إن ه // /ذه
التصرفـات قد أحيطت بقواعـد حمـددة يف إثبـاهتا سـواء بنص هذه املـادة أو غيـرها.
إال أن املش// /رع مل يكتفي ب // /ذلك فخص بعض التص// /رفات املربمة يف م // /رض املوت بقواعد خاصة هبا ك// /البيع يف
املادتني 408و 409من القانون املدين ،أو اهلبة يف املادة 204من قانون األسرة .
29
و ب//الرغم من أن املشـرع مل يوضـح بص//فة صرحيـة أحك//ام بعض التص//رفات األخـرى اليت تؤثـر على حق//وق الورثة ش//أهنا
ش// /أن ال// /بيع و اهلبة إال أنه ميكن اس// /تخالص أحكـامها من خالل إحلاقـها ب// /احلكم الع// /ام ،وك // /ذا من خالل حتليل بعض
النصوص القانونية و قرارات احملكمـة العلـيا املتعلقة هبا فنتطـرق إىل أمهـها و هي الوقف ،و اإلبراء ،و اإلقرار .
بن //اء على ما س //بق سنفصل يف املطلب األول احلكم الع //ام للتص //رف يف م //رض املوت بتوض //يح ش //روطه و أحكامه
وقواعد اإلثبات املتعلقة به ،كما نوضح يف املطلب الثاين األحكام اخلاصة لبعض التصرفات األخرى .
تنص املادة 776من الق//انون املدين على ما يلي " :كل تص//رف ق//انوين يص//در عن ش//خص يف ح//ال م//رض املوت
بقصد الت //ربع يعترب تربعا مض //افا إىل ما بعد املوت ،و تس //ري عليه أحك //ام الوص //ية أيا ك //انت التس //مية اليت تعطى إىل ه //ذا
التصرف .
و على ورثة املتصرف أن يثبتوا أن التص/رف الق/انوين قد ص/در عن م/ورثهم وهو يف م/رض املوت و هلم إثب/ات ذلك جبميع
الطرق ،و ال حيتج على الورثة بتاريخ العقد إذا مل يكن هذا التاريخ ثابتا .
إذا أثبت الورثة أن التص //رف ص //در عن م //ورثهم يف م //رض املوت إعترب التص //رف ص //ادرا على س //بيل الت //ربع ما مل
يثبت من صدر له التصرف خالف ذلك ،كل هذا ما مل توجد أحكام خاصة ختالفه"/.
على ه//ذا األس//اس س//نبني يف الف//رع األول ش//روط أعم//ال املادة 776من الق//انون املدين و النتيجة املرتتبة عنها أي
خضوع التصرف حلكم الوصية ،و يف الفرع الثاين نوضح قواعد اإلثبات املتعلقة هبا.
30
حيث جيوز هلم إثب // /ات م // /رض املوت بالش // /هادات الطبية و تق // /ارير اخلرباء و األطب // /اء و غريها من الق // /رائن املستخلصة من
ظروف املرض ...إخل ،كما جيوز هلم إثبات صدور التصرف خالل املرض بكافة الطرق كالبينة مثال و غريها .
إض // /افة إىل ذلك ف// / /إن ال// / /وارث ينتقل إىل حكم الغري يف ه// / /ذا اجملال وه// / /ذا ما نوض// / /حه بالتفص// / /يل عند احلديث عن قواعد
اإلثبات يف الفرع الثاين .
ثانيا :أن يكون التصرف بقصد التبرع
من احملتمل أن يك//ون التص//رف الص//ادر عن املورث يف م//رض املوت معاوضة ال تربع//ا ،ك//أن يثبت ب//أن املورث قد
قبض مقابال ملا تصرف ،و أك/ثر ما يك/ون ذلك يف عقد ال/بيع -فال تطبق املادة 776من الق/انون املدين بل تس/ري أحك/ام
البيع يف مرض املوت -لكن من النادر أن يكون التصرف معاوضة حيث يكون يف غالب األحي//ان بنية الت//ربع ،و عليه إذا
انط// /وى التص// /رف ص// /راحة على معىن الت// /ربع فال ص// /عوبة يف األمر و تس// /ري عليه أحك// /ام الوص// /ية طبقا للم// /ادة 776من
القانون املدين ،ومنها اهلبة ،و اإلبراء و غريها من التصرفات التربعية ،لكن يط//رح اإلش//كال يف التص//رفات املس//ترتة أي اليت
تك //ون يف ظاهرها معاوضة ختفي تص //رفا تربعيا وعليه إذا ادعى الورثة أن التص //رف الص //ادر عن م //ورثهم ت //ربع ف //إن عبء
إثب//ات ذلك ال يقع عليهم -كما هو ث/ابت يف إثب//ات وق//وع التص/رف يف م/رض املوت -و إمنا مىت ثبت ص//دور التص//رف
يف مرض املوت كان ذلك قرينة على نية التربع .
خضوع التصرف لحكم الوصية
مىت ثبت ت //وافر الش //رطني ال //واردين باملادة 776من الق //انون املدين ومها ص //دور التص //رف يف م //رض املوت وك //ون
التصرف تربعيا سرت على هذا التصرف أحكام الوصية حيث تنص ه//ذه املادة على أن " :كل تص//رف ق/انوين يص//در عن
شخص يف حال مرض املوت بقصد التربع يعترب مضافا إىل ما بعد املوت و تسري عليه أحكام الوصية "...
و عليه ف //إن ال //وارث ينتقل من ص //فة اخللف الع //ام إىل ص //فة الغري من حيث نف //اذ التص //رف علي //ه ،ال من الغري من
حيث ثبوت التاريخ الذي يبقى حجة عليه حىت يثبت عدم صحته .
و بالت //ايل يس //تفيد الورثة مبا هو مق// /رر هلم من تقيد حرية اإليص// /اء و اليت س //بق بياهنا يف املبحث األول من الفصل
األول و اليت جنملها يف أنه لو مت التص//رف ل//وارث فإنه ال جيوز و ال ينف//ذ ،و يبقى متوقفا على إج//ازة الورثة من غري التقيد
بالنص //يب املتص //رف فيه وه //ذا طبقا للم //ادة 189من ق //انون األس //رة " :ال وص //ية ل //وارث إال إذا أجازها الورثة بعد وف //اة
املوص//ي" ،أما إذا ك//ان التص//رف لغري وارث فإنه يك//ون ص//حيحا وناف//ذا يف ثلث الرتك//ة ،وما زاد عنه يتوقف على إج//ازة
الورثة تطبيقا للمادة 185من قانون األسرة .
و بالت//ايل فالقاضي حيكم باعتب//ار التص//رف وص//ية و بتقيي//ده بأحك//ام الوص//ية تبعا لكل ن//زاع على ح/دة ،و قد ج/اء
يف ق// /رار للمحكمة العليا ص// /ادر بت// /اريخ " : 24/04/2002أن القض// /اء بإبط// /ال هبة يف م// /رض املوت دون مراع// /اة املب// /دأ
القانوين ال/ذي يق/رر ب/أن اهلبة يف م/رض املوت تعترب وص/ية و يس/تفيد منها املوه/وب له يف ح/دود ما يس/مح ب/ذلك موض/وع
الوص //ية يعد خمالفة للق //انون " ( ،)1و يس //تخلص من ذلك أن على القاضي أن ي //بني يف حكمه أن التص //رف قد أحلق حبكم
الوصية و يطبق عليه أحكامها .
31
وما يالحظ أن أغلب قرارات احملكمة العليا املتعلقة بالتصرفات يف مرض املوت تقضي ببطالن التصرف يف م//رض
املوت على ال// /رغم من أن أحك// /ام املادة 776من الق// /انون املدين و املادة 204من ق// /انون األس// /رة ال تنص على بطالنه بل
بإحلاقه بالوصية فقط ،و البطالن ال يكون إال لألسباب اليت يقررها القانون كالعيب يف اإلرادة أو نقص أو انعدام األهلي//ة،
باستثناء ما تنص عليه املادة 408من القانون املدين اليت تثري مشاكل عديدة سيأيت بياهنا بالتفصيل .
32
التقرير الطيب املؤرخ يف )3( " ...و ك// /ذا الق// /رار الص// /ادر بت// /اريخ ، )4( 16/06/1998إض// /افة إىل التحقيق ال// /ذي جتريه
احملكمة بسماع الشهود مثال حول احلالة الصحية للمتويف خالل إبرامه التصرف...إخل .
و يقع عبء إثب/ات م/رض املوت على الورثة ال/ذين يطعن//ون يف تص/رف م/ورثهم باعتب//ار أن ذلك مق//رر ملص/لحتهم
.
ثانيا :إثبات شروط المـادة 776من القانون المدني
-فبالنس/بة إلثب/ات الش/رط األول املتمثل يف ض/رورة ص/دور التص/رف يف م/رض املوت ف/إن عبء إثب/ات ذلك يقع
على الورثة ،وهلم ذلك جبميع الطرق مبا فيها البينة و القرائن ،ألهنم يثبتون واقعة مادية .
و بناء على مبدأ نسبية آث/ار العقد ف/إن ه/ذا األخري تنص/رف إىل املتعاق/دين و خلفهما الع/ام تأسيسا على أحك/ام املادة 108
من الق// /انون املدين اليت تنص " :ينص// /رف العقد إىل املتعاق// /دين و اخللف الع// /ام ،ما مل يت// /بني من طبيعة التعام// /ل ،أومن نص
الق //انون ،أن ه //ذا األثر ال ينص //رف إىل اخللف الع //ام كل ذلك مع مراع //اة القواعد املتعلقة ب //املرياث" ،و القاع //دة العامة أن
يعترب الورثة خلفا عاما للم//ورث ،لكن يقصد بعب//ارة "مع مراع//اة القواعد املتعلقة ب//املرياث " ع//دم س//ريان تص//رفات املورث
إذا أبرمها يف م// / /رض املوت يف حق الورث// / /ة ،و اعتبارها وص// / /ية؛ حيث يعت// / /ربون يف ه// / /ذه احلالة من الغري يف مواجهة ه // /ذه
التصرفات ،كما سبق توضيحه .
و لكن الورثة ال يعتربون من الغري بالنسبة ملسألة ثبوت تاريخ احملرر العريف ال//ذي يص//در عن م//ورثهم مبفه//وم املادة
328فق //رة 1من الق //انون املدين اليت تنص على أنه " :ال يك //ون العقد الع //ريف حجة على الغري يف تارخيه إال منذ أن يك //ون
له تاريخ ثابت" باعتبار أن القاعدة العامة هي أن الورثة يعتربون خلفا عاما ملورثهم ،ولذا يسري عليهم ما كان يسري يف
حقه ،ومن مث يكون تاريخ الورقة العرفية املثبتة للتصرف الصادر عنه حجة عليهم كما كان حجة على مورثهم .
-------------------
( )1قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ .16/06/1998ملف رقم .197335اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية .عدد خاص . 2001ص . 281
( )2قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ 14/08/1990ملف رقم .64311غري منشور":حيث أن تقدير حالة إبرام بيع يف مرض املوت يدخل يف إطار س//لطة قض//اة
املوضوع التقديرية ماداموا أسسوا حكمهم على أسباب سائغة" .عمر بن سعيد .اإلجتهاد القضائي وفقا ألحكام القانون املدين .دار اهلدى .اجلزائر .ص . 257
( )4( )3ق// /رار للمحكمة العليا الص// /ادر بت// /اريخ .16/03/1999ملف رقم .219901و الق //رار الص //ادر بت //اريخ .16/06/1998ملف رقم .197335اإلجته// /اد
القضائي لغرفة األحوال الشخصية .عدد خاص . 2001ص . 281 ، 287
و يكتسي تاريخ التصرف القانوين الصادر عن املورث املريض أمهية بالغة بالنس/بة لتحديد آث/ار ه/ذا التص/رف على
الورثة و الطعن يف صحة هذا التاريخ املدون على الس//ند املثبت للتص//رف املطع//ون فيه ب//النظر إىل بداية املرض و الوفـاة ،و
لعل من الثابت عمليا أن السلف املورث لتفادي أحكام الق/انون اآلم/رة و التقيي/دات ال/واردة على أحك/ام تص/رفات املريض
م//رض املوت ،غالبا ما يعمد إىل تق//دمي ت//اريخ تص//رفه املاس حبق الس//لف ،و جيعله س//ابقا على املرض حىت ينص//رف أث//ره إىل
اخللف و حيتج عليهم باحملرر الذي تضمنه .
و عليه إذا ادعى الورثة ب // /أن احملرر الع // /ريف ال // /ذي حيمل تارخيا معينا ال حيمل الت // /اريخ احلقيقي لألس // /باب الس // /ابقة ال // /ذكر،
فيجب عليهم هنا أن يثبت// /وا أن الت // /اريخ قد مت تقدميه عم // /دا ،و أن الت// /اريخ احلقيقي لص // /دور احملرر يقع يف وقت ك// /ان فيه
33
املورث مريضا م//رض م//وت فق//دم الت//اريخ ليخفي ه//ذه احلقيق//ة ،وهم يف ذلك غري مقي//دين بط//رق إثب//ات معينة ألن تق//دمي
التاريخ على هذا النحو غش ،و الغش جيوز إثباته بكافة الطرق ( )1باعتباره واقعة مادية .
و استنادا إىل ما سبق فإن الفقرة الثانية للم//ادة 776من الق//انون املدين قد ج/انبت الص//واب بنص//ها على أن/ه /":وال
حيتج على الورثة بت// /اريخ العقد إذا مل يكن ه// /ذا الت// /اريخ ثابت// /ا" باعتب// /ار أن ه// /ذا الت// /اريخ حىت و لو يكن ثابتا حيتج به على
الورثة ،و إمنا هلم إثبات عكسه كما سبق الذكر .
و حسب األس//تاذ عبد ال//رزاق الس//نهوري فإنه قد يس//تخلص من الفق//رة الثانية من املادة 776أن املش//رع قصد هبا
أن الت//اريخ الع//ريف ال حيتج به على ال//وارث إىل احلد ال//ذي مينعه من إثب//ات العكس ،بل جيوز له م//ادام الت//اريخ غري ث//ابت أن
يقيم الدليل على عدم ص//حته ،و لكن ه/ذا ب/ديهي فال ض/رورة إلي/راد حكم خ/اص ب//ه ،فكل ش/خص يك/ون الت/اريخ الع//ريف
حجة عليه -و لو كان املتعاقد نفسه -يستطيع إثبات عدم صحة هذا التاريخ (.)2
و ال يث // /ور اإلش // /كال املتعلق بت // /اريخ التص // /رف على اإلطالق إذا ورد العقد يف حمرر رمسي باعتب// /ار أن ما ورد فيه
حجة على الكافة حىت يثبت تزوي//ره طبقا للم//ادة 324مك//رر 5من الق//انون املدين ،وك//ذلك األمر إذا ورد العقـد يف حمرر
عرفـي و أص//بح له ت//اريخ ث//ابت بإح//دى احلاالت املنص//وص عليها يف املادة 328من نفس الق//انون حبيث يك//ون حجة حىت
على الغري .
-أما بالنسبة إلثب/ات الش/رط الث/اين املتمثل يف أن يك/ون التص/رف يف م/رض املوت بقصد الت/ربع ف/إن عبء إثب/ات
أن التص //رف الص //ادر من املورث قد قصد به الت //ربع ال يقع على الورثة -عكس ما هو ث //ابت أن الورثة يقع عليهم عبء
إثب//ات الش//رط األول -فاملش//رع هنا وقوفا يف وجه التحايل خفف العبء ب//أن أق//ام قرينة قانونية لص//احل الورثة ( )3ج//اءت
ب//الفقرة الثالثة من املادة 775من الق//انون املدين ونقل هبا حمل اإلثب//ات إىل واقعة أخ//رى يس//هل عليهم إثباهتا حبيث أهنم إذا
أثبت//وا ص//دور التص//رف يف م//رض املوت اعترب ص//ادرا على س//بيل الت//ربع و اعترب الورثة من الغري فال يس//ري يف م//واجهتهم
تصرف مورثهم إال يف حدود الثلث،وإذا مل يقوموا بإجازة ما زاد عنه كان هلم تتبع العني حتت يد املتصرف إليه الستيفاء
-------------------
( )1عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.اجمللد التاسع.ص .223
( )2عبد الرزاق السنهوري .نفس املرجع .ص .224
(" )3القرينة القانونية هي قاع//دة يعفي هبا املش//رع املدعي يف ظ//روف معينة من القي //ام باثب//ات دع //واه كال أو بعض //ا" .حيىي بك //وش .أدلة اإلثب //ات يف الق //انون املدين
اجلزائري و الفقه اإلسالمي .دراسة نظرية و تطبيقية مقارنة .املؤسسة الوطنية للكتاب .اجلزائر .الطبعة الثانية .ص .357
نصيبهم املتمثل يف الثلثني .
وعلة هذه القرينة هي أن اإلنسان ال يتصرف ع/ادة يف م/رض موته إال على س/بيل الت/ربع ،وين/در أن يك/ون تص/رفه
-وهو يف حالة اليأس من احلياة والقنوط منها -بقصد املعاوضة .
ولكن ه // /ذه القرينة ليست قاطعة ( ،)1وإمنا هي قرينة قانونية بس // /يطة قابلة إلثب// / /ات العكس ،فيج // /وز للمتص // /رف إليه أن
يدحض//ها ب//أن يثبت أن التص//رف ليس تربع//ا ،وإمنا ك//ان على س//بيل املعاوض//ة؛ ف//إذا أثبت ذلك إنتفت القرينة وس//رت على
التصرف أحكام البيع يف مرض املوت ( املواد 409 ،408من القانون املدين ) .
وجيب التوضيح أخريا أن نيـة التربع مسألة خاضعة لسلطـة وتقدير قاضي املوضـوع .
34
المطلب الثاني :األحكام الخاصة لبعض التصرفاتـ في مرض الموت
إض// /افة إىل احلكم الع// /ام للتص// /رفات يف م// /رض املوت خص املش// /رع بعض التص// /رفات بنص// /وص خاصة أورد فيها
أحكاما خاصة ك//البيع يف م//رض املوت ،أو بنص//وص ج//اءت تطبيقا للقـاعدة العامة وه//ذا يف بعض التص//رفات التربعيـة .و
عليه سنتوىل دراستها على التوايل فيما يلي :
35
و قد خص املش //رع ال //بيع يف م //رض املوت بأحك //ام خاصة الف //رتاض ش //بهة التحايل يف الثمن ،ال س //يما إذا ما مت ل //وارث ،
فخصه بأحك //ام ختتلف عما ورد بقرينة املادة 776من الق //انون املدين ،و ف //رق بني ال //بيع ل //وارث و ال //بيع لغري وارث ،كما
أنه أورد باملادة 409منه إستثناء على احلالتني السابقتني يتعلق حبماية الغري حسن النية .
أوال :البيع في مرض الموت لوارث
يس//تخلص من الفق//رة األوىل للم//ادة 408من الق//انون املدين أن قي//ام الش//خص ب//بيع ش//يء من أمواله ألحد ورثته يف م//رض
املوت ال ينفذ حبق باقي الورثة إال إذا أقروه (.)2
و مصطلح "ال يكون ن/اجزا "n’est pas valableال/وارد باملادة ي/دل على أن ال/بيع يك/ون ص/حيحا و ليس ب/اطال،
لكن موق//وف النف//اذ على إق//رار الورثة له ( )3ف//إن أق//روه أص//بح ناف//ذا يف حقهم من وقت إبرام//ه ،و إن رفض//وه مل ينفذ يف
حقهـم و بقي الش //يء املبيع كعنصر من عناصر الرتك //ة ،و على الورثـة أن ي //ردوا إىل املش //رتي املبلـغ ال //ذي يك //ون قد دفعـه
كثمن للمبيع.
و إذا أقر بعض الورثة البيع و مل يقره البعض اآلخر نفذ يف حق من أق//ره بنس/بة حصص/هم يف املرياث و مل ينفذ يف
حق البقية .
و ما يالحظ هنا أن املش//رع طبق على ال//بيع ل//وارث يف م//رض املوت أحك//ام الوص//ية ،حبيث جعل نف//اذ التص//رف
متوقفا على قبول باقي الورثة أي أنه أحلق البيع بأحكام الوصية بطريقة غري مباشرة .
و يقصد بالورثة من تثبت هلم الص// /فة وقت وف //اة املورث املريض و لو مل يكون// /وا ورثة وقت ال //بيع ،أما من ك //ان
وارثا وقت ال//بيع و أص//بح غري وارث وقت م//وت املورث فليس له حق إق//رار التص//رف من عدم//ه ،و ب//ذلك ف//إن ال//وارث
ال //ذي مل تكن له ه //ذه الص //فة وقت انعق //اد ال //بيع ،و حتققت له وقت الوف //اة له حق اإلع //رتاض و ع //دم قب //ول نف //اذ ال //بيع يف
حدود حصته .
و إقرار الورثة أو رفضهم للتصرف ال يكون معتدا به إال إذا صدر بعد موت املورث ،و ال يعتد باإلقرار السابق
على املوت -كأن يدون يف نفس احملرر املثبت لتصرف املورث -ألن صفة الوارث و حقه يف املرياث ال تثبت إال بعد
-------------------
( )1أنظر املادة 477من القانون املدين املصري .عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.اجمللد التاسع .املرجع السابق .ص . 224
( )2قرار احملكمة العليا الغرفة املدنية /الصادر بتاريخ .09/07/1990ملف رقم .62156اجمللة القضائية .العدد الرابع .1991ص . 68
( )3حممد /يوسف الزعيب .شرح عقد البيع يف القانون املدين /.دار الثقافة .األردن .ص . 507
م //وت املورث .و يش //رتط لص //حة اإلق //رار ما يش //رتط يف أي تص //رف ت //ربعي آخ //ر ،فيجب أن يك //ون ال //وارث املقر بالغ //ا،
عاقال ،غري حمجور عليه ،و ذلك حتت طائلة بطالن إقراره بطالنا مطلقا .
كما جيب أن يك// /ون اإلق// /رار ص// /رحيا،فال يكفي الس// /كوت أو أي تص// /رف آخر دليال على إق// /رار ال// /بيع الص// /ادر يف م// /رض
املوت.
جتدر اإلش// /ارة إىل أن املش// /رع أص// /اب عن// /دما اس// /تعمل يف الفق// /رة األوىل مص// /طلح"إق// /رار" و ليس "إج// /ازة" ،ألن
اإلجازة تلحق التصرف القابل لإلبطال و تصدر من أحد أطراف التصرف ،و ال تلحقه إذا كان باطال بطالنا مطلقا .
36
و قد أورد ال //دكتور علي علي س //ليمان مجلة من اإلنتق //ادات للفق //رة األوىل من املادة 408من الق //انون املدين (،)1
منها أن النسخة الفرنسية جاءت بشرط مل يرد يف النص العريب ،فاشرتطت أن يتم البيع يف حالة اشتداد حدة املرض "dan
) ،s la période aigue" (2يف حني أن فقهاء الشريعة اإلسالمية اليت هي مص/در حكم تص/رفات املريض م//رض املوت مل
يشرتطوا هذا الشرط ،بل اختلفوا حول املدة اليت يعترب التصرف خالهلا صادرا يف مرض املوت فقط .
و من بني ه//ذه اإلنتق//ادات التفرقة بني ال//بيع ل//وارث وجعله معلقا على إق//رار بقية الورث//ة ،و ال//بيع ألجنيب و جعله
قابال لإلبطال (. )3
ثانيـا :البيع في مرض الموت لغير وارث
إعت//ربت الفق//رة الثانيـة للم//ادة 408من القانـون املدين ال//بيع لغيـر وارث يف م//رض املوت غري مصـادق علي//ه ،و من
أجل ذلك يكون قابال لإلبطال .وما يالحـظ على ه//ذا النص أنه يتم//يز باللبـس و الغم//وض ،و من أس//باب ذلك اختالف
النص الع// /ريب عن النسخـة الفرنس// /ية يف أس// /اس اجلزاء ؛ ف// /النص العـريب يعترب التص// /رف غري مصـادق عليه و من أجل ذلك
يكـون قابـال لإلبط//ال ،بينمـا النس//خة الفرنس//ية تنص " :يف//رتض أن البيـع مت ب//دون رضـاء ص//حيح…est présumée avoir
" ...été faite sans consentement valableفطبقا للنص العريب يكون أس//اس القابلية لإلبط//ال هو أن ال/بيع غري مص//ادق
علي//ه ،وه//ذا مص//طلح غ//ريب على أحك//ام الق//انون املدين ( ، )4إض//افة إىل أن الس//ؤال املط//روح هو ممن تص//در املص//ادقة وما
املقص //ود هبا ؟ أما النص الفرنسي فإنه يعترب أن األس //اس هو عيب ش //اب الرض //ا ،ب //الرغم من أن الث //ابت قانونا أن اإلبط //ال
يك //ون إما لقصر أو لغل //ط ،إك //راه ،ت //دليس أو اس //تغالل ،وهو ما ال يت //وافر عند املريض م //رض املوت ،حيث يتفق فقه //اء
الش// /ريعة اإلس// / /المية على أن تص // /رفات املريض غري مش// / /وبة بعيب يف رض// / /اه،و إمنا العلة هي مساس // /ها حبق// /وق الورثة اليت
تعلقت بثلثي الرتكة .
و من بني اإلنتق//ادات املوجهة للفق//رة الثانية للم//ادة 408من الق//انون املدين أهنا تعترب التص //رف لغري وارث ق//ابال
لإلبط//ال ،و ه//ذا ما يتع//ارض مع نص املادة 185من ق//انون األس//رة اليت تنص " :تك//ون الوص//ية يف ح//دود ثلث الرتك//ة،
وما زاد على الثلث توقف على إج //ازة الورث //ة" و اليت ج //اءت وفقا ملب //ادىء الش //ريعة اإلس //المية الس //ابق اإلش //ارة إليها يف
الفصل األول ،حيـث كان من األجـدر أن يعـترب املشرع البيـع ألجنيب وصية أيضا ،و يعلـق نفاذها على إقرار الورثـة
-------------------
( )1علي علي سليمان /.ضرورة إعادة النظر يف القانون املدين اجلزائري .ديوان املطبوعات اجلامعية .اجلزائر .ص . 128
(2) voir l’article 408/1 du code civile : « la vente consentie par un malade, dans la période aigue de la maladie qui a
»entraîné sa mort, à un de ses héritiers n’est pas valable que si elle est ratifiée par les autres héritiers .
الدكتور /علي علي سليمان .نقال عن حممد زهدور .املرجع السابق .ص .135 ، 134 ( )3عن
( )4علي علي سليمان /.نفس املرجع .ص .129
فيـما جيـاوز الثلث ( ،)1إضافة إىل ذلك إذا اعتربنا أن البيع هنا قابل لإلبطال ،فلمن يكون حق طلب اإلبطال ؟
ب//الرجوع إىل األحك//ام العامة للق//انون املدين ف//إن طلب اإلبط//ال يك//ون لص//احل من ش//اب رض//اءه عيب من عي//وب
الرضا ،فإذا سلمنا بأن رضا املريض مرض املوت مشوب بعيب من العيوب حسب الفقرة الثانية فيك//ون له وح//ده احلق يف
طلب اإلبط //ال ،وهنا ف //إن املريض قد م //ات ،و مبا أن الورثة يعت //ربون من الغري بالنس //بة لتص //رفات م //ورثهم املريض م //رض
37
املوت و ال تنفذ يف حقهم ،ف// /إن من غري املمكن الق// /ول ب// /أن حق طلب اإلبط// /ال انتقل إليهم من املورث باعتب// /ارهم خلفا
عاما له؛ فهم ال يعتربون خلفا عاما بالنسبة لتصرفاته يف مرض املوت .
و فضال عن ذلك ف// / / /إن املذهب املالكي يعتبـر الوص// / / /ية الزمة هنائيـا بعد مـوت املوص// / / /ي ،حبيث ال جيوز ألحد إبـطاهلا أو
تع//ديلها ،فقد ج//اء عن اإلم//ام مالك -رضي اهلل عنه -أنه ق//ال " :إذا م//ات املوصي ل//زمت الوص//ية ،و ليس لغ//ريه أن يغري
شيئا من ذلك و ال يبطله وال يبدله بغريه" (.)2
كما أنه لو فرض//نا أن رض//اء املريض ك//ان غري ص//حيح ،ف//إن رض//اءه يش//وبه نفس العيب عند ال//بيع ألحد الورث//ة،
فلماذا فرق القانون بني التصرفني ؟
و استنادا إىل كل ما سبق فال حمل للكالم عن القابلية لإلبطال ،و إمنا األصح هو نفاذ التصـرف أو عدم نف//اذه ،ال
س //يما أن اإلبط //ال ال يك //ون إال حبكم من القض //اء ،يف حني أن النف //اذ أو ع //دم النف //اذ ليس حباجة إىل حكم قض //ائي إال إذا
حدث نزاع حول مقدار الثلث اجلائز اإليصاء به .
يظهر يف األخري أن نص املادة 408/2من القانون املدين قد خالف ما أمجع عليه فقه//اء الش//ريعة اإلس//المية من أن
للشخص حرية التصرف بالوصية يف ثلث أمواله دون أن يتوقف تصرفه يف الثلث على إجازة الورثة (.)3
ثالـثا :حماية الغير حسن النية في البيع في مرض الموت
قد يقوم املش/رتي من املريض م/رض املوت ب/بيع العني املبيعة إىل أخر أو ب/رتتيب حق عيين آخر عليها مبقابل لص/احل
الغري ،كالرهن أو اإلنتفاع أو اإلرتف//اق ،فبإس/تعمال الورثة املتض/ررين من ال/بيع يف م//رض املوت حقهم املبني يف املادة 408
من الق//انون املدين يته//دد مركز الغ//ري ،و ميكن أن يلحق به ب//الغ الض//رر ،و من مث ميس ذلك باس//تقرار التعام//ل ،و عليه ف//إن
العدالة اس //تلزمت محاية ه //ذا الغري من الض //رر ال //ذي يص //يبه من ذل //ك؛ فج //اء املش //رع باملادة 409من نفس الق //انون و اليت
تنص على ما يلي " :ال تس//ري أحك//ام املادة 408على الغري احلسن النية إذا ك//ان الغري قد كسب بع//وض حقا عينيا على
الشيء املبيع" .و عليه فإن هذه املادة تلزم توافر شرطني أساسيني مها :
الش// /رط األول :حىت يس// /تفيد الغري من احلماية املق// /ررة هبذه املادة جيب أن يك// /ون إكتس// /ابه مللكية املبيع أو للحق
العيين عليه بع// / / /وض،و إال ك// / / /ان الورثة أوىل باحلماية إذا انتقل احلق إليه تربع// / / /ا ،حبيث جيوز للورثة أن يتتبع// / /وا العني يف يد
املتربع له ،و أن يستوفوا منها حقهم غري مثقل باحلق الذي كسبه الغري عليها ،و ذلك ما مل تكن العني منقوال و حـازه
-------------------
( )1حممد /زهدور .املرجع السابق .ص .134
( )2علي علي سليمان /.املرجع السابق .ص .132
( )3ألجل ذلك مت اق //رتاح ص //ياغة املادة 408/2من ط //رف ال //دكتور علي علي س //ليمان على النحو الت //ايل ":أما إذا مت ال //بيع للغري يف نفس الظ //روف ،فإنه ينفذ يف
حدود الثلث و ما زاد على الثلث يتوقف على إجازة الورثة".
املتربع له حبسن نية ،إذ يصبح مالكا مبقتضى احليازة يف هذه احلالة .
و إذا كان املبيع عقارا فحىت يستفيد الغري من أحكام املادة 409من القانون املدين جيب أن يكون التصرف الذي
اكتسب به احلق العيين على العق/ار يف س/ند رمسي مش//هر ( ،)1فورثه الب/ائع يعت//ربون من الغري بالنس/بة للتص//رفات اليت يربمها
املشرتي و عليه ال يكون هلا أثر بالنسبة هلم إال من تاريخ شهرها يف جمموعة البطاقات العقارية .
38
الش //رط الث //اين :ب //الرجوع إىل املادة 409من الق //انون املدين فإهنا تش //رتط أيضا أن يك //ون الغري -ال //ذي اكتسب
حقا عينيا على املبيع من املش// / / / / /رتي -حسن النية ال يعلم وقت تعامله مع املش// / / / / /رتي أن للورثة حقا فيها و أن التص // / / /رف
الس //ابق ك //ان فيه الب //ائع يف م //رض املوت ،أما إذا علم ب //ذلك بعد التص //رف ال //ذي أكس //به احلق العيين ف //إن ذلك ال ي //ؤثر يف
حسن نيته .
أما إذا ك//ان ه//ذا الغري س/يء النية ب//أن أخ//ربه الورثة قبل أن يق//دم على ذلك بع//دم إج//ازهتم لتص//رف م//ورثهم ال//ذي
مت يف م //رض موت//ه ،فال جيوز له عندئذ اإلس//تفادة من ه //ذه احلماي//ة ،و جيوز للورثة تتبع العني حتت ي//ده أو اس//رتجاع العني
غري مثقلة باحلق العيين الذي كسبه عليها.
و عليه إذا ت//وافر الش//رطان الس//الفا ال//ذكر ف//إن الغري حيتفظ حبقه ال//ذي كس//به على العني املبيع//ة ،ف//إن ك//ان قد تلقى
امللكية عن املشرتي فال جيوز نزعها منه ،و إن كان قد ترتب له حق عيين آخر على املبيع فإن ه//ذا األخري يع//ود إىل الرتكة
مثقال حبق الغري كاإلنتف//اع أو اإلرتق//اق أو ال//رهن مثال ،و ه//ذا بعد اس//تعمال الورثة احلق الـوارد يف املادة 408من الق//انون
املدين .
39
ما يالحظ على نص املادة 204من ق// / /انون األس // / /رة أنه أض // / /اف حالة مل تتط // / /رق هلا جل التش // /ريعات و ال الفقه
اإلسالمي و أحلقها مبرض املوت و ذلك يف ما مساه باحلاالت املخيفة ،فه/ذا املص/طلح حيت/اج إىل تفسري من خالل اإلجته/اد
القضائي (.)1
و عليه ف//إن اهلبة يف م//رض املـوت ،أعطاها املش//رع حكـم الوص//ية بنص ص//ريح ،و هبذا ق//ال مجهـور الفقه//اء ؛ إذ
اعت//ربوا أن ال//واهب املريض م//رض املوت تأخذ هبته حكم الوص//ية ،و تس//ري عليه أحكامها من ع//دم ج//واز اإليص//اء ب//أكثر
من الثلث و عدم جواز اإليصاء لوارث ،كل ذلك مع إمكانية إجازة الورثة .
و ما يالحظ يف ه//ذا الش//أن غ//زارة الق//رارات القض//ائية الص//ادرة عن احملكمة العليا و املتعلقة باهلبة يف م//رض املـوت
و اليت اعتربت هذه األخرية وص//ية منها الق//رار الص//ادر عن غرفة األح//وال الشخص//ية و املواريث بتاريـخ )2(16/03/1999
و القرار الصادر عن نفس الغرفة بتاريخ .)3( 21/02/2001
و أك //دت احملكمة العليا على أن القض //اء بإبط //ال اهلبة يف م //رض املوت دون مراع //اة املـبدأ القانـوين ال //ذي يعتربها وصيـة و
يستفيد منها املوهوب له يف حدود ما يسمح بذلك موضوع الوصية بعد خمالفة للقانون .
و أكثر من ذلك فقد ذهبت احملكمة العليا يف قرارها الصادر بتاريخ 13/03/1998إىل اعتبار اهلبة وص//ية إس//تنادا
إىل قرينة يس// / / /تخلص من خالهلا إض// / / /افة اهلبة إىل ما بعد املوت حيث ج// / / /اء فيه /..." :و من املق// / / /رر قانونا أن اهلبة ختضع
ألحكام الشريعة اإلسالمية .ومىت تبني -يف قضية احلال -أن اهلبة موضوع النزاع أقامها املرحوم لزوجته ذاك//را بأنه يف
حالة ما إذا وجد بعد وفاته ورثة آخرون و شرعيون حتدد اهلبة حسب القانون و هو ما جيعلها يف شكل وصية مض//افة إىل
ما بعد املوت يف حني أن الش// / / /ريعة اإلس// / / /المية ال تس// / / /مح بالوص// / / /ية لل// / / /وارث /"...مؤسسة قرارها على أحك// / /ام الش// / /ريعة
اإلسالمية)4( .
40
و قد نص ه // /ذا الق // /انون باملادة 32منه على حق ال// /دائنني طلب إبط // /ال الوقف يف م // /رض املوت إذا ك// /ان ال// /دين
يس//تغرق مجيع أمواله و لكنه مل يتض//من أي حكم يتعلق بالورث//ة ،لكن ب//الرجوع إىل ق//انون األس//رة فقد نصت املادة 215
على تطبيق املادة 205منه على الوقف و اليت تنص على اعتبار اهلبة يف مرض املوت و األمراض و احلاالت املخيفة وصية
و عليه ف// /إن الوقف يف م// /رض املوت يأخذ حكم اهلبة يف م// /رض املوت و تس// /ري عليه أحك// /ام الوص //ية و ه //ذا ما
يط //ابق ما أخذ به مجه //ور الفقه //اء ،وهو ما قضت به احملكمة العليا يف ق //رار هلا":حيث أن املادتني 215و 204من ق //انون
األس //رة تنص على بطالن احلبس يف م //رض املوت و احلاالت املخيفة و إن حالة احملبس (ع م) ال //ذي أق //ام احلبس موض //وع
النزاع يف أوت 1987كان يعاين منذ سنة 1985من مرض خطري الزمه إىل يوم وفاته.)1( /"...
و محاية للورثة من تصرفات مورثهم املاسة حبقوقهم فإن احملكمة العليا اعتربت يف عدة ق//رارات هلا أن عقد احلبس
ال//ذي حيرر بس//وء نية بقصد حرم//ان أحد الورثة من املرياث يعد ب//اطال بغض النظر عن وقوعه يف م//رض املوت من عدمه (
)2
إضافة إىل ذلك فإن الوقف اخلاص يشرتط فيه إكتساب املوقوف عليه اإلنتفاع أثناء حياة الواقف ،فالواقف على
النفس مث الورثة يأخذ حكم الوص// /ية حيث يقـول خليل أن الوقف باطـل إذا مل تتم حي// /ازة املوق// /وف عليه قبل إفـالس أو
م// / /وت الواقف أو قبل م// / / /رض املوت ( ،)3و عليه إذا ظل الواقف ينتفع ب// / / /العني املوقوفة إىل حني وفاته فال ميكن أن ينفذ
الوقف اخلاص إال على أس // / / / /اس أنه وص // / / / /ية طبقا لقرينة املادة 777من الق // / / / /انون املدين ،وما يؤكد ذلك هو أن املواد اليت
ك// /انت تنظم الوقف اخلاص ألغيت مبوجب الق// /انون 10-02الس// /ابق ال// /ذكر و أح// /الت املادة األوىل معدلة على األحك //ام
التش //ريعية و التنظيمية املعم //ول هبا ،فيفهم من ذلك أن الوقف اخلاص خيضع لألحك //ام املطبقة على اهلبة و الوص //ية حسب
احلالة اليت يقررها الواقف يف العقد (. )4
ثالثـا :اإلبراء و اإلقرار في مرض الموت
يأخذ كل من اإلبراء و اإلقرار يف مرض املوت حكم التصرفات التربعية يف مرض املوت ونوضح ذلك فيما يأيت.
نصت املادة 306من القانون املدين على أنه " :تسري على اإلبراء األحكام املوضوعية اليت تسري على كل تربع"
باعتبار نية التربع الص//رحية يف اإلب/راء ف/إن ن/زول املريض م//رض املوت عن دينه يأخذ حكم الوص//ية تطبيقا ألحك/ام
الش //ريعة اإلس //المية ،إض //افة إىل تط //بيق احلكم الع //ام للتص //رفات القانونية اليت تص //در عن الش //خص يف م //رض املوت بقصد
التربع الوارد باملادة 776من القانون املدين ،و بالتايل تسري عليه القيود الواردة على الوصية و اليت سبق بياهنا .
أما بالنس// /بة لإلق// /رار فإنه من الوس// /ائل اليت وض// /عها املش// /رع لإلعف// /اء من اإلثب// /ات ،إذ أنه يعفي اخلصم من إقامة
الدليل على ما يدعيه ،و جيوز الطعن يف اإلقرار بكل ما جيوز الطعن به يف التصرف القانوين .
و اإلقرار إما أن يكون قضائيا أو غري قضائي ،و قد عرف املشرع اإلقرار القضائي باملادة 341من القانون املدين
-------------------
( )1قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ 23/11/1993ملف رقم .96675اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية .عدد خاص .2001ص .302
( )2من بينها القرار الصادر بتاريخ 16/11/1999ملف رقم .230617اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية .عدد خاص .2001ص .311
( )3فريدة زواوي .مقال بعنوان:الوقف اخلاص .وجهة نظر يف وضعيته احلالية .جملة املوثق .العدد اخلامس .ديسمرب .1998ص .40
( )4ليلى زروقي .حماضرات يف القانون العقاري .املعهد الوطين للقضاء .الدفعة الرابعة عشرة.2003/2004 .
41
أنه إعرتاف اخلصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى هبا عليه ،وذلك أثناء السري يف الدعوى املتعلقة هبا الواقعة .
و اإلق //رار القض //ائي يك //ون حجة على املق //ر ،و لكنه يقتصر عليه و ال يتع //داه كقاع //دة عام //ة ،ف //إذا أقر الش //خص قض //ائيا مث
م//ات قبل ص//دور احلكم ف//إن إق//راره ال ينص//رف إىل ورثت//ه ،لكن إذا ص//در احلكم قبل وفات//ه ،ف//إن ه//ذا احلكم يك//ون حجة
عليهم .
أما بالنس// /بة لإلقـرار غري القض// /ائي فقد ج// /اء يف ق// /رار للمحكمة العليـا ما يلي ..." :حيث أنه من املق// /رر فقـها و
اجته //ادا أن ال جيوز التمسك ب //إقرار الب //ائع أنه قبض مثنا ولو ذكر ذلك يف عقد ال //بيع ،ألن ه //ذا اإلق //رار من املريض م //رض
املوت ،وال يعتد به ألن الش// /بهة قائمة بني الب// /ائع و املش // /رتي أهنما متواطئ// /ان على تص// /وير أن هن// /اك مثنا دف// /ع ،وحيث أن
القرار املطعون فيه خمالف ألحكام الشريعة اإلسالمية يف إقرار املريض مرض املوت ،مما يتعني نقضه" (. )1
و ميكن الق //ول إذن يف ه //ذا الس //ياق أنه جيوز إس //قاط حكم املادة 776من الق //انون املدين على اإلق //رار يف م //رض
املوت إذا توافرت شروطها .
-------------------
( )1قرار احملكمة العليا غرفة األحوال الشخصية الصادر بتاريخ 09/07/1984ملف رقم .33719اجمللة القضائية .العدد الثالث .1989 .ص .53
المبحـث الثـانيـ
التصرف لوارث مع اإلحتفاظـ بالحيازة و اإلنتفاع بالشيءـ مدى الحياة
42
إض //افة إىل التص //رفات اليت يربمها املورث يف م //رض املوت و اليت تأخذ حكم الوص //ية ،فإنه قد تص //در عن املورث
بعض التص//رفات وهو يف كامل ص //حته رغبة منه يف حماب//اة بعض الورثة على آخ //رين ،فيعمد من خالهلا إىل إخف//اء وص //يته
يف صورة تصرف منجز ،و غالبا ما يتخذ من عقد ال//بيع وس//يلة هلذا التحايل فيجعل الوص//ية يف مظهر عقد بيع و ي//ذكر يف
العقد مثنا ص //وريا ال يل //تزم به املش //رتي يف حقيقة األم //ر ،و حيرص أن تبقى املزايا العملية للملكية له فيحتفظ حبق اإلنتف //اع
ب //العني ط //وال حيات //ه ،كما قد يتخذ التص //رف يف ش //كل هبة مع ورود نفس ه //ذا الش //رط األخري هبا ،كما قد يش //رتط يف
العقد منع املتصرف إليه من التصرف يف العني طوال حياة املتصرف .
ورغبة من املش//رع يف معاملة املورث هنا بنقيض قص//ده فقد أق//ام قرينة قانونية بنص املادة 777من الق//انون املدين
اليت تنص على ما يلي " :يعترب التص// /رف وص// /ية وجتري عليه أحكامها إذا تص// /رف ش// /خص ألحد ورثته و اس// /تثىن لنفسه
بطريقة ما حيازة الشيء املتصرف فيه و اإلنتفاع به مدة حياته ما مل يكن هناك دليل خيالف ذلك".
لذا سنوضح يف املطلب األول الشروط الواجب توافرها إلعمال هذه املادة ،إض//افة إىل توض//يح أحكامها و قواعد
اإلثبات املتعلقة هبا يف املطلب الثاين .
حىت تقوم القرينة القانونية الواردة يف املادة 777من القانون املدين ال بد من توافر شروط حمددة تتمثل فيما يلي:
43
و الع// /ربة يف حتديد ص// /فة ال// /وارث هي بوقف وف// /اة املتص// /رف ال ب// /وقت انعق// /اد التص// /رف ،فيعترب وارثا من أص //بح
كذلك وقت وف/اة املتص//رف و لو مل يكن وارثا وقت التص//رف ،و على العكس من ذلك ال يعترب وارثا من مل يعد ك/ذلك
وقت الوفاة و لو كان وارثا وقت التصرف (.)1
الفرع الثاني :أن يحتفظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها مدى الحياة
إضافة إىل الشرط األول جيب أن يستثين املتصرف لنفسه حيازة العني املتصرف فيها مدى احلياة .
واحليازة كسبب من أسباب كسب امللكية تعرف على أهنا " :وضع مادي به يس//يطر الش//خص س//يطرة فعلية على
ش //يء أو حق من احلق //وق ،بقصد الظه //ور مبظهر املالك ( )2أو ص //احب حق عيين آخ //ر ،س //واء أك //ان ه //ذا الش //خص هو
صاحب احلق أو مل يكن كذلك .و تتحقق هذه السيطرة الفعلية مبباشرة أعمال تتفق و مض//مون احلق و ع//ادة ما يباش//رها
املالك نفس//ه ،و عليه ال بد للحي//ازة من ت//وفر رك//نني أساس//يني مها ركن م//ادي يتمثل يف جمم//وع األعم//ال املادية اليت يأتيها
احلائز ،وهي يف الع//ادة من قي//ام املالك ك//إحراز الش//يء و اإلنتف//اع ب//ه ،و ركن معن//وي يتمثل يف اجتاه نية احلائز إىل مباش//رة
تلك األعمال حلساب نفسه فتكون له نية الظهور مبظهر املالك .
غري أن احلي/ازة اليت تعد ش//رطا إلعم//ال قرينة املادة 777من الق//انون املدين ختتلف عن احلي//ازة كس/بب من أس//باب
امللكية ،فاحتفاظ املتصرف حبيازة العني بأي طريقة معناه أن يكون ح/ائزا هلا باعتب/اره منتفعا ال مالك/ا ،فيتحقق معه ال/ركن
املادي دون ال //ركن املعن //وي /،إال أن هن //اك من ي //رى أن املش //رع م //ادام قد اعترب ه //ذا التص //رف وص //ية فاملوصي يبقى مالكا
للشيء املوصى به لكون الوصية تص//رفا مض//افا ملا بعد املوت ،لكن ه//ذا ال//رأي األخري م//ردود عليه ملا فيه من مص//ادرة /على
املطل//وب فهو يفسر احلي//ازة اليت هي ش//رط للم//ادة 777من الق//انون املدين إعتم//ادا على نتيجة ه//ذا الش//رط و هي اعتب//ار
التصرف وصية .
و عليه ف //إن احلي //ازة املقص //ودة بنص ه //ذه املادة هي الس //يطرة القانونية والفعلية على الش //يء حمل التص //رف ،أي أنه
يكفي جمرد وضع اليد ( ،)3و ال يشرتط توافر الركن املعنوي هلا .
و مثال ذلك أن حيتفظ املتصرف باحلي/ازة بوس/يلة من ع/دة وس/ائل ك/أن يق/وم ب/إدارة الش/يء ودفع الض/رائب املق/ررة عليـه ،
أو كأن يشرتط بقاء احليازة لديه يف العقد ،إال أن اشرتاط منع املتصرف إليه من التصرف يف العني طوال حيـاة املتصرف
-------------------
( )1جيدر الذكر إلر أن هناك رأيا آخر يعترب أن العربة يف حتديد /صفة الوارث هي بوقت انعقاد التصرف منتقدا الرأي املخ//الف ألنه يعتمد /قي/اس ه//ذه القاع//دة على
قاع/دة التص/رف يف م/رض املوت ،و ه/ذا ما هو غري ج/ائز – حسب ه/ذا ال/رأي – ألنه يف حالة م/رض املوت ال تعد ص/فة ال/وارث قرينة على نية اإليص/اء بينما يف
املادة 777ق.م ف// /إن ص// /فة ال// /وارث تعد عنص// /را من عناصر القرينة على نية اإليص// /اء و نية املتص// /رف تنص// /رف إىل ذلك وقت ابرامه التص// /رف حيث ك// /ان له نية
اإليصاء لوارث .أنظر رمضان أبو السعود .شرح العقود املسماة-يف عقدي البيع و املقايضة .-دار اجلامعة اجلديدة للنشر .مصر .2003 .ص . 80 ، 79
( )2عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.اجمللد التاسع .املرجع السابق .ص .784
( )3عمر محدي باشا .املرجع السابق .ص .63
ال يق // /وم قرينة على وج// / /ود العني يف حي// / /ازة املتص// / /رف ،ف// / /رغم وج// / /ود الش// / /رط املانع فقد تبقى العني مع ذلك يف ح // /وزة
املتص //رف إلي //ه ،ولكن تس //تفاد حي //ازة املتص //رف للعني املبيعة إذا اس //تبقى لنفسه احلق يف اإلنتف //اع ( ،)1فاإلنتف //اع هبا يعين
44
بالض//رورة /حيازهتا ،و احتف//اظ املورث حبق اإلنتف//اع ط//ول حياته ك//اف وح//ده لقي//ام القرينة القانونية فهو يتض//من اإلنتف//اع
بالعني مدى احلياة و استبقاء احليازة يف يده بصفته منتفعا .
وأخ//ريا ف//إن احتف//اظ املورث حبي//ازة العني اليت مت التص//رف فيها ،هي واقعة مادية جيوز إثباهتا بكافة ط//رق اإلثب//ات
حيث أك//دت احملكمة العليا يف قرارها الص//ادر عن الغرفة العقارية بت//اريخ 22/11/2000أن احلي//ازة واقعة مادية يتم إثباهتا
جبميع الطرق القانونية (.)2
الفرع الثالث :أن يحتفظ المتصرف بحقه في اإلنتفاع بالعينـ المتصرف فيها مدى الحياة
فالش// /رط األخري لتط// /بيق املادة 777من الق// /انون املدين هي أن حيتفظ املتص// /رف باإلنتف// /اع بالش //يء املتص //رف فيه
مدى حياته .
ولتوض // /يح ه // /ذا الش // /رط حندد معىن اإلنتف // /اع طبقا للقواعد العامة حيث مل يعرفه الق // /انون املدين ،لكن الفقه عرفه
كما يلي " :هو حق عيين يف اإلنتف//اع بش//يء ممل//وك للغ//ري ،فتك//ون له س//لطة اس//تعماله و اس//تغالله بش//رط اإلحتف//اظ ب//ذات
الشيء لرده إىل صاحبه عند هناية حق اإلنتفاع الذي جيب أن ينتهي حتما مبوت املنتفع" (. )3
و عليه ف// /إن املادة 777من الق// /انون املدين تش// /رتط أن حيتفظ املتص// /رف باس// /تعمال الش// /يء املتص //رف فيه بنفس //ه،
وكذا باستغالله حلساب اخلاص وهذا طوال حياته .
و يك //ون ذلك بط //رق خمتلف //ة ،وأكثرها انتش //ارا هي أن يش //رتط لنفسه يف عقد بيع يص //در منه حق اإلنتف //اع ب //العني املبيعة
مدى احلياة ،مع منع املشرتي من التصرف يف الرقب/ة ،و ب/ذلك يبقى ح/ائزا للعني م//دى حياته بص/فته منتفعا ال مالك/ا ،دون
حاجة لتتبع حقه يف اإلنتف // /اع يف يد الغري بفضل ش // /رط املنع من التص // /رف يف الرقب // /ة ،كما أنه قد يتم اللج // /وء إىل طريقة
أخ//رى لإلحتف//اظ باإلنتف//اع؛ ب//أن يس//تأجر العني م//دى حياته من املتص//رف إليه بب//دل إجيار حيصل على خمالصة به دون أن
يدفعه فعال ،فيتمكن املتصرف من اإلحتفاظ باإلنتفاع مبوجب عقد اإلجيار .
و جيب أن يكون اإلنتفاع بالعني مدى احلياة مستندا إىل حق ثابت ال يس/تطيع املتص//رف إليه جتري/ده من//ه ،فمج//رد
اإلنتف //اع الفعلي ال// /ذي ال يس// /تند إىل حق ق// /انوين ال يكفي لقي// /ام القرينة القانونية على اإليص// /اء؛ ومن ذلك توثيق و ش //هر
التص//رف يف العق/ار ب/دون ش/رط لص/احل ال/وارث مع بق/اء املتص//رف منتفعا به ( ، )4إذ أن زم/ام اإلنتف//اع يك//ون موك/وال إىل
إرادة املتص// /رف إليه و له أن ين// /تزع اإلنتف// /اع من يد املتص// /رف مىت ش // /اء .كما ال يكفي أن حيتفظ املتص// /رف باإلنتف// /اع
حلساب الغري طيلة حياة املتصرف ،فحق اإلنتفاع هنا يكون مقررا هلذا الغري .
-------------------
( )1رمضان أبو السعود .املرجع السابق .ص .81
( )2قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ .22/11/2000ملف رقم .201544اإلجتهاد القضائي للغرفة العقارية .اجلزء الثاين .2004 .ص .283
( )3عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.اجمللد التاسع .املرجع السابق .ص .1200
( )4قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ 22/09/1986ملف رقم .43301اجمللة القضائية .العدد الثالث .1992 .ص .63
45
و يقع عبء إثب/ات ت/وافر ه//ذه الش//روط على من ي/دعي توافرها من الورثة ( ،)1ف/إذا أثبت/وا ت//وافر الش/روط الس//ابقة
ال/ذكر جمتمعة ( )2أمكن اس/تخالص القرينة ال/واردة بنص املادة 777من الق/انون املدين ،و اليت تفيد اعتب/ار التص/رف وص/ية
مسترتة كما سيأيت بيانه .
إال أنه قد يتخلف أحد هذه الشروط أو يعجز الورثة عن إثباهتا فال ميكن إعمال القرينة القانونية ،فيكون للط//اعن
يف هذه احلالة إثبات طعنه بكل طرق اإلثبات مبا فيها القرائن القض//ائية ،إذ ال يوجد ما مينع القاضي من أن يس//تخلص من
ظ//روف ال//دعوى قرينة قض//ائية على قصد التحايل فاس//تخالص الق//رائن القض//ائية من س//لطة قاضي املوض//وع ،ال//ذي يتع//رف
على حقيقة العقد من خالل التح //ري عن قصد املتص //رف من تص //رفه يف ض //وء ظ //روف ال //دعوى وما ج //اء فيها من أق //وال
شهود وقرائن ،وهذه القرائن القضائية ختتلف من قضية إىل أخرى ومنها :
-عدم تسجيل العقد و عدم دفع الثمن و بقاء العقد يف حوزة املتصرف حىت وفاته .
-وجود ورقة ضد بنفس تاريخ السند تتضمن تعهد املشرتي بعدم املساس مبلكية العني طول حياة والديه البائعني له .
-إحتفاظ املورث بعقد البيع و بقائه واضعا يده على العني من دون أن يقبض مثنا إضافة إىل عدم حاجته إىل بيع أمالكه.
-إيداع األم مبالغ نقدية يف صندوق التوفري باسم ابنتها اليت تعيش يف رعايتها و اليت ال مورد هلا .
-قيام البائع بإبراء املشرتي من الثمن وكون املتصرف إليه فقريا ال يستطيع دفع الثمن بأي حال .
المطلب الثانيـ :أحكام التصرف لوارث مع اإلحتفاظ بالحيازة واإلنتفاع مدى الحياة وقواعد اإلثبات
المتعلقـة به .
نقسم ه //ذا املطلب إىل ف //رعني ،نتن //اول من خالل الف //رع األول اآلث //ار املرتتبة على القرينة ال //واردة باملادة 777من
القانون املدين املثمتلة يف خضوع التصرف ألحكام الوصية ،و يف الفرع الثاين إىل طبيعة هذه القرينة و إثبات عكسها .
46
إىل سرت وص/يته يف ش/كل تص/رف منجز ك/بيع أو هب/ة ،أي أنه خيلع على تص/رفه وص/فا قانونيا غري ص/حيح ،فحسم املش/رع
التكييف القانوين له باعتباره وص/ية و اعتب/ار س/لطة تكييفه لقاضي املوض/وع ال/ذي يطبق القواعد القانونية املق/ررة للتص/رف
بعد القي//ام بتكييف//ه ،ومن مث إذا جنح الط//اعن يف إثب//ات طعنه ب//أن التص//رف وص//ية مستتـرة ف//إن الوص//ية ال جتـوز لل//وارث -
باعتب //ار املتص //رف إليه هنا وارث -و بالت //ايل تك //ون موقوفة على إج //ازة الورثة فمن أجازها س //رت يف حقه ومن مل جيزها
كانت غري نافذة يف حقه.
و ال//وارث ال//ذي يطعن يف التص//رف هنا يعد من الغري بالنس//بة ملورث//ه ،ألن حقوقه تعلقت بالرتكة فليس للم//ورث
املساس هبذه احلقوق ،فهو ال يعد خلفا عاما هنا لذا أجيز له الطعن يف التص//رف حبيث ال يس//ري يف حقه إال مبا هو ث/ابت
من تقييد وه//ذا باعتب//ار أن ال//وارث يس//تمد حقه يف الطعن من الق//انون مباش//رة و ليس حبق يتلق//اه من مورثه ألن التص//رف
ألحد الورثة مع اإلحتفاظ باحليازة واإلنتفاع مدى احلياة يفرتض فيه قصد التحايل على نظام اإلرث املقرر ش//رعا ،ومن مث
ال يك //ون احلكم الص //ادر قبل املورث بص //حة التص //رف ب //البيع مثال حجة علي //ه؛ إذ يعد ال //وارث يف حكم الغري فيما خيتص
بتصرفات مورثه الضارة به و املاسة حبقه يف اإلرث (.)1
و قد أخ// / / / /ذت احملكمة العليا بقرينة املادة 777من الق// / / / /انون املدين يف ع// / / / /دة ق// / / / /رارات منها الق // / /رار املؤرخ يف
05/03/1990ال //ذي ج //اء فيه " :من املق //رر قانونا أنه يعترب التص //رف وص //ية و جيري عليه أحكامها إذا تص //رف ش //خص
ألحد ورثته و اس//تثىن لنفسه بطريقة ما حي//ازة الش//يء املتص//رف فيه واإلنتف//اع به م//دة حياته ما مل يكن هن//اك دليل خيالف
ذلك ومن املقرر أيضا أنه ال وصية لوارث إال إذا أجازها الورثة .
/...وملا ك// /ان ثابتا -يف قض// /ية احلال -أن قض// /اة اإلس// /تئناف ملا قض// /وا ببطالن عقد اهلبة وع// /دم تنفيذ التص //رف باعتب //اره
وص// /ية ل// /وارث يكون// /وا بقض// /ائهم كما فعل// /وا طبق// /وا الق// /انون تطبيقا ص// /حيحا" (. )2و ك// /ذا الق// /رار الص// /ادر عنها بت// /اريخ
28/05/1991الذي قرر نفس املبدأ (.)3
إال أن هن//اك مجلة من املالحظ//ات ح//ول املادة 777من الق//انون املدين إذا ك//ان التص//رف ل//وارث يف شكـل هبـة و
ميكن إمجاهلا فيما يلي :
-ي//رى البعض أن نص املادة 777من الق//انون املدين يتع//ارض مع أحك//ام بعض التص//رفات اليت قد تس//ري عليها
هذه املادة ،و ب/األخص عقد اهلب/ة ،حيث تقضي املادة 202من ق/انون األس/رة بتخويل ال/واهب إدراج بعض الش//روط على
املوه //وب ل //ه ،بينما بتط //بيق املادة 777عليها جند ب //أن اش //رتاط ال //واهب حق حيازته للموه //وب و اإلنتف //اع به طيلة حياته
جيعل من اهلبة وص//ية ،وه//ذا ما يش//كل تعارضا على حد ق//ول أص//حاب ه//ذا ال//رأي إىل درجة اعتب//ارهم أن املادة 777من
الق // /انون املدين قد ألغيت فيما خيص اهلبة بنص املادة 223من ق // /انون األس // /رة اليت تقضي " :تلغى مجيع األحك // /ام املخالفة
هلذا القانون" و الفقرة الثانية للمادة 2من القانون املدين لتنظيم موضوع الوصية من جديد يف قانون األسرة .
إال أن ه //ذا ال //رأي م //ردود /عليه ألن املادة 777من الق //انون املدين و إن وردت ض //من القواعد املوض //وعية إال أهنـا
-------------------
( )1عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.اجمللد التاسع .املرجع السابق .ص .234هامش .2
( )2قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ .05/03/1990ملف رقم .59240اجمللة القضائية .العدد الثالث .1992 .ص .57
( )3قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ 28/05/1991ملف رقم .74549اجمللة القضائية .العدد الثاين .1993 .ص .28
47
تعـد من صميم مواد اإلثبات الواردة يف القانون املدين ( ،)1بينما مواد قانون األسرة املتعلقة بالوص//ية هي قواعد موض//وعية
و بالتايل ال وجود لتنظيم موضوع الوصية من جديد .
كما ميكن ال //رد على من ي //رى بالتن //اقض مع املادة 202من ق //انون األس //رة أن التن //اقض ال //ذي ي //وجب اإللغ //اء هو
التع //ارض ال //ذي يس//تحيل معه التوفيق بني النصني و األخذ هبما مع //ا ،وه //ذا األمر يفتقد هنا إذ أن املادة 777تش //مل مجيع
التص//رفات س//واء تعلق األمر هببة أو غريها من التص//رفات بينما املادة 202من ق//انون األس//رة خاصة باهلبة فحس//ب ،إض//افة
إىل أن هذه املادة األخرية تشمل اإلشرتاط بالقيام بالتزام ما مهما ك//ان نوع//ه ،أما املادة 777فتتض//من حض//را خاصا يتمثل
يف قيد واحد وهو احلي // /ازة و اإلنتف// / /اع بالش// / /يء املتص// / /رف فيه من ط// /رف املتص// / /رف م// / /دى احلي// / /اة ،وه// /ذا إذا تعلق األمر
بالتصرف لوارث فقط ،و القاعدة أن اخلاص يقيد العام (. )2
-تنص املادة 206من ق // / /انون األس // / /رة على ما يلي " :تنعقد اهلبة باإلجياب و القب // / /ول ،وتتم احلي // /ازة ،ومراع // /اة
أحكام قانون التوثيق يف العقارات و اإلجراءات اخلاصة يف املنقوالت .
و إذا إختل أحد القيود السابقة بطلت اهلبة"
ل// /ذا ي// /رى البعض أن احلي// /ازة ركن يف عقد اهلبة إس// /تنادا إىل الفق// /رة األخ// /رية من ه// /ذه املادة ،و إىل بعض ق //رارات
احملكمة العليا كالقرار الصادر بت/اريخ ،)3( 09/04/1969ومن مث إذا مل ميكن ال//واهب ال//وارث املوه/وب له من العني حمل
اهلبة وذلك ب// /أن احتفظ حبيازهتا و اإلنتف// /اع هبا م// /دى حياته ف// /إن أص// /حاب ه// /ذا ال// /رأي يعت// /ربون اهلبة باطلة و عليه ف //إهنم
يعت//ربون هبة حق الرقبة دون حق اإلنتف//اع تص//رفا ب//اطال ،و اس//تنادا إىل ه//ذا ال//رأي فقد ص//درت م//ذكرة عن املديرية العامة
لألمالك الوطنية بت// / /اريخ 12فيف// / /ري 1995حتت رقم 00689موجهة إىل م// / /ديري احلفظ العق// / /اري تتعلق بي // /وم دراسي
ح//ول اإلش//هار العق//اري ورد فيها ..." :ول//ذا ،فإنه إذا ك//انت اهلبة منص//بة على حق اإلنتف//اع (أي ال//واهب حيتفظ مبلكية
الرقب//ة) مقبولة قانون//ا ،ف//إن اهلبة ال//واردة على ملكية الرقبة فقط دون حق اإلنتف//اع فهي مس//تبعدة قانون//ا" بعد اس//تنادها إىل
أن احليازة ركن يف عقد اهلبة ،وهذا ما أدى إىل صدور قرارات عن احملافظني العقاريني بعد سنة 1995تقضي بع//دم قب//ول
شهر العقد على هذا النحو ،و وصل األمر تبعا لذلك إىل الطعن يف هذه القرارات أمام القضاء .
إال أن هذا الرأي قد جانب الص//واب ألن املادة 206من ق/انون األس//رة تنص على أن اهلبة تتم باحلي//ازة أي أهنا مل
تعترب احلي// /ازة ركنا يف اهلبة يبطل العقد بتخلفه// /ا ،إض// /افة إىل أن تس// /ليم الش// /يء املوه// /وب إىل املوه// /وب له يعد التزاما على
ع//اتق ال//واهب ناش//ئا عن العقد جيوز للموه//وب له املطالبة ب//ه ،و اإلل//تزام ال ينشأ إال عن عقد مكتمل األرك//ان ،فال ميكن
اعتب //ار احلي //ازة ركنا يف عقد اهلبة و التزاما يف نفس ال //وقت؛ ل //ذا فيمكن الق //ول بأهنا ش //رط لل //زوم اهلبة خاصة إذا علمنا أن
أصل ش//رط احلي//ازة أي القبض هو الش//ريعة اإلس//المية ،و مل يعترب أي من املذاهب األربعة احلي//ازة أو القبض ركنا يف عقد
اهلبة أو شرطا إلنعقاده ،بل اعترب هذا الشرط إما ش//رط ص//حة أو ش//رط ل//زوم ( . /)4و عليه ف/إن هبة ملكية الرقبة فقط دون
اإلنتفاع
-------------------
( )2( )1حممد /شعبان .مقال بعنوان .وجوب تطبيق احلضر القانوين على ما هو معمول به واقعيا .جملة املوثق .العدد .الرابع.سبتمرب .1998ص .32 .31
( )3ق/رار احملكمة العليا الص/ادر بت//اريخ .09/04/1969النش/رة الس/نوية لس//نة . 1969ص .285نقال عن .عمر محدي باش//ا .املرجع الس//ابق.ص " : 9يس/توجب
نقض و ابطال القرار الذي صحح عقد اهلبة اليت مل تتم احليازة فيها و ذلك ألن اهلبة شرعاتلزم بالقول و تتم باحلوز".
48
( )4حممد /بن أمحد تقية .املرجع السابق .ص .223 ، 222 ، 221
جائزة قانونا وكل ما يقول خبالف ذلك خمالف للق//انون -ومن ذلك املذكرة الص//ادرة عن املديرية العامة لألمالك الوطنية
الس //الفة ال //ذكر -وه //ذا باعتب //ار أنه ال يوجد ما مينع من ذل //ك ،بـل أن املش //رع عامل اهلبة يف ه //ذه احلالة معاملة خاصة إذا
كانت لوارث واعتربها وصية وتطبق عليها أحكامها طبقا للمادة 777من القانون املدين .
49
( )3عبد الرزاق السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين /.اجمللد التاسع .املرجع السابق .ص . 235
الص// /عوبة يف إثب// / /ات عكس ه// / /ذه القرينة ملا للمح// / /رر الرمسي من حجية مطلقة يف اإلثب// / /ات ال يدحضه إال الطعن ب// /التزوير
حسب ما تقضي به املادة 324مك// /رر 5من الق// /انون املدين ،و إن ك// /ان ميكن إثب// /ات العكس ب // /دليل ي// /وازي على األقل
الورقة الرمسية إال أن هذا األخري ال يعدو إال أن يكون تعديال للعقد األصلي عن طريق تنحية القيد أو الشرط نفسه (.)1
و يف األخري جتدر اإلش// / / /ارة إىل أن البعض ي// / / /رى أن املادة 777من الق// / / /انون املدين تتع// / / /ارض مع مب// / /دأ إس// / /تقرار
املع// /امالت ،خصوصا منها املع// / /امالت العقارية باعتب// / /اره ه// / /دف كل التش// / /ريعات؛ وذلك ألن ش// / /رط اإلحتف// /اظ باحلي// /ازة
واإلنتف //اع م //دى احلي //اة ش //رط ج //ائز إدراجه يف العقد و لكن إعم //ال املادة 777يس //مح ب //الطعن يف العديد من العق //ود اليت
تتض //منه خاصة إذا ط //الت الف //رتة الزمنية املمت //دة بني ت //اريخ إبرامه وت //اريخ الطعن فيه كحالة إبرامه ضد مص //لحة ال //وارث
القاص//ر ،و يف ه//ذا مس//اس باس//تقرار املع//امالت خاصة إذا ح//دثت تع//امالت الحقة على العق//ار حمل التص//رف مما ي//ؤثر على
حقوق الغري حسن النية الذي مت التعامل لصاحله .
-------------------
( )1حممد /شعبان .املرجع السابق .ص .31
خـاتم ـ ـةـ
50
من خالل كل ما س // /بق يتضح ب // /أن املش // /رع ض // /بط اخلالفة يف املال ب // /التنظيم احملكم يف نظ // /ام املواريث ،و باملقابل قيد من
حياول التص//رف يف أمواله بتص//رف مض//اف إىل ما بعد املوت بقي//ود تتمثل يف ع//دم ج//واز اإليص//اء ل//وارث ،و ع//دم ج//واز
جتاوز املوصى به ثلث الرتكة فيما ع // /دا إج// /ازة الورثة ملا خيالف ه// /ذه احلدود ،و ذلك لض// /مان ع // /دم املس// /اس مبا ج// /اء به
الش// /ارع احلكيم من توزيـع ع// /ادل للرتكة إذا منـحت احلرية للم// /ورث يف التص// /رف فيها مبا يلحق الض //رر ببعض الورثـة أو
كلهم .
و م//وازاة مع ذلك فقد تص//دى املش//رع لكل تص//رف يقصد به التحايل على ه//ذه القواعد العادل//ة ،و منح للقاضي
س //لطة تك //ييف التص //رف مبا حيقق احلماية للورث //ة؛ و ذلك بنص املادة 777من الق //انون املدين اليت وض //عت قرينة على نية
اإليص//اء تتمثل يف أن التص//رف ل//وارث مع اإلحتف//اظ باحلي//ازة و اإلنتف//اع م//دى احلي//اة يعترب وص//ية و تطبق عليه أحكامه//ا،
إضافة إىل نصوص املواد اخلاصة بالتصرفات املربمة يف مرض املوت الواردة يف الق//انون املدين (املواد 776،408،409من/ه)
و ق //انون األس //رة (املواد 204،215من //ه) و اليت حتقق احلماية للورثة من تص //رفات م //ورثهم املريض م //رض املوت ،و ه //ذا
لتعلق حقوقهم بأمواله مبجرد نزول املرض به ،باعتبار أنه يشعر ب/دنو أجله خالل تلك الف/رتة في/ربم تص/رفات منج/زة يقصد
هبا إضافتها إىل ما بعد املوت .
إال أنه ب//الرغم من كل ذل //ك ،ف//إن التط //بيق العملي ألحكـام الوص//ايا املستتـرة بقي مش//وبا ب//النقص و الغمـوض و
اخلطأ يف بعض األحي//ان ،و ه//ذا يف ع//دة ج//وانب منها املفه//وم الص//حيح ملرض املوت؛ فب//الرغم من حتديد ش//روطه يف الفقه
اإلس/المي إال أن احملكمة العليا بقيت تعترب يف قراراهتا أن املريض م/رض املوت يفقد وعيه و متي/يزه ،بل ميس املرض بس/المة
عقل//ه ،و ه/ذا ما هو خمالف ملب/ادئ الش/ريعة اإلس/المية و الق//انون باعتب/ار أن تص//رفاته ال يش/وهبا عيب يف اإلرادة أو ع//ارض
من عوارض األهلية .
إض// / /افة إىل ذلك ف// / /إن النص// / /وص يف حد ذاهتا تثري العديد من اإلش// / /كاليات يف التط// / /بيق؛ منها نص املادة 408من
القانون املدين الذي خيلق عدة مشاكل ،منها ما يرجع إىل التناقض بني النص العريب و الرتمجة الفرنسية ل//ه ،س//واء يف حتديد
ف//رتة م//رض املوت ،أو يف ت//وافر الرتاضي من عدمه يف ال//بيع لغري وارث ،و منها ما يرجع إىل ع//دم تالءم نص الفق//رة الثانية
منها مع املب/ادئ العـامة للق/انون اخلاصة بقابلية التص/رفات للبطـالن ،مما جيعل تط/بيق ه/ذا النص مس/تحيال كما س/بق تفص/يل
ذلك .
و عليه ك //ان من األج //در أن يس //لك املش //رع ما س //لكه بق //انون األس //رة فيما خيص اهلبة يف م //رض املوت ،و جيعل ال //بيع يف
مرض املوت يأخذ حكم الوصية سواء مت لوارث أو لغريه .
كما أن املادة 776من الق // /انون املدين ج // /اءت مش // /وبة يف ص // /ياغة الفق // /رة الثانية منها حينما اعت// /ربت أنه ال جيوز
اإلحتجاج على الورثة بتاريخ العقد إذا مل يكن هذا التاريخ ثابتا ،و هذا ما جيانب الصواب كما سبق توضيحه ،و األصح
النص على أن هذا التاريخ حجة على الورثة ،و أنه جيوز إقامة الدليل على عدم صحته ،أو ترك ه//ذا احلكم للقواعد العامة
دون إيراد نص خاص به.
51
و عليه خنلص إىل ضرورة تدخل املشرع لتعديل نصوص املواد السابق ذكرها لتفادي الغموض و تكريس التط//بيق
الص//حيح للق//انون ت//دعيما حلماية الورث//ة ،إض//افة إىل ال//دور الكبري للقاضي يف تك//ريس ه//ذه احلماي//ة ،من خالل اس//تخالص
القرائن القضائية من ظروف و مالبسات التصرفات املاسة حبقوق الورثة .
المــراج ـعـ
– 1المـؤلفـات :
-أمحد فراج حسني .امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية .الدار اجلامعية .لبنان.
-الع// /ريب بلح// /اج .الوج// /يز يف ش// /رح ق// /انون األس// /رة اجلزائ// /ري .اجلزء الث// /اين -املرياث و الوص// /ية .-دي// /وان املطبوع// /ات
اجلامعية .اجلزائر .الطبعة الثالثة.2004 .
-توفيق حسن فرج .الوجيز يف عقد البيع .الدار اجلامعية.1988 .
-خليل أمحد حسن ق// / /دادة .الوج// / /يز يف ش// / /رح الق// / /انون املدين اجلزائ// / /ري .اجلزء الرابع (عقد ال// / /بيع) .دي // /وان املطبوع // /ات
اجلامعية .اجلزائر .طبعة .2001
رمضان أبو السعود .شرح العقود املسماة -يف عقدي البيع و املقايضة .-دار اجلامعة اجلديدة للنشر .مصر.2003 .
52
-مسري عبد السيد تناغو .عقد البيع .منشأة املعارف اإلسكندرية .مصر/.
-عبد الرزاق أمحد السنهوري .الوسيط يف شرح القانون املدين .العق//ود اليت ت//رد على امللكية -ال//بيع و املقايضة .-اجمللد
الرابع .دار إحياء الرتاث العريب .لبنان.1986 .
-عبد ال/رزاق أمحد الس/نهوري .الوس/يط يف ش/رح الق/انون املدين .أس/باب كسب امللكي/ة .اجمللد التاس/ع .دار إحي/اء ال/رتاث
العريب .لبنان.1986 .
-عز الدين الدناصوري ،عبد احلميد الشواريب .الصورية يف ضوء الفقه و القضاء .منشأة املعارف اإلسكندرية .مصر/.
-عمر محدي باشا .عقود التربعات -اهلبة .الوصية .الوقف .-دار هومة .اجلزائر.2004 .
-علي علي سليمان .ضرورة إعادة النظر يف القانون املدين اجلزائري .ديوان املطبوعات اجلامعية .اجلزائر.
-عمر بن سعيد .اإلجتهاد القضائي وفقا ألحكام القانون املدين .دار اهلدى .اجلزائر.
-فتحي حسن مصطفى .امللكية باملرياث يف ضوء الفقه و القضاء .منشأة املعارف اإلسكندرية .مصر/.
-حممد أبو زهرة .أحكام الرتكات و املواريث .دار الفكر العريب .مصر.
-حممد أبو زهرة .شرح قانون الوصية .دار الفكر العريب .مصر.1988.
-حممد أبو زهرة .امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية .دار الفكر العريب .مصر/.
-حممد بن أمحد تقي//ة .دراسة عن اهلبة يف ق//انون األس//رة اجلزائ//ري مقارنة بأحك//ام الش//ريعة اإلس//المية و الق//انون املق//ارن.
الديوان الوطين لألشغال الرتبوية .اجلزائر.2003 .
-حممد حسنني .عقد البيع يف القانون املدين اجلزائري .ديوان املطبوعات اجلامعية .اجلزائر .الطبعة الرابعة.2005 .
-حممد زهدور .الوصية يف القانون املدين اجلزائري و الشريعة اإلسالمية .املؤسسة الوطنية للكتاب .اجلزائر.1991 .
-حممد ص //ربي الس//عدي .ش //رح الق //انون املدين اجلزائ//ري .النظرية العامة لإللتزام //ات – العقد و اإلرادة املنف //ردة .-اجلزء
األول .دار اهلدى .اجلزائر .الطبعة الثانية.2004 .
-حممد يوسف الزعيب .شرح عقد البيع يف القانون املدين .دار الثقافة .األردن.
-مصطفى حممد اجلمال .نظام امللكية .منشأة املعارف اإلسكندرية .مصر/.
-حيىي بك // /وش .أدلة اإلثب // /ات يف الق // /انون املدين اجلزائ // /ري و الفقه اإلس // /المي .دراسة نظرية و تطبيقية مقارن // /ة .املؤسسة
الوطنية للكتاب .اجلزائر .الطبعة الثانية.
– 2الدراسـاتـ و المقـاالتـ :
-عبد الرمحن ملزي .حماضرات يف طرق اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية .املعهد الوطين للقضاء .الدفعة الرابعة عشرة.
.2003/2004
-فري//دة زواوي .مق//ال بعن//وان :الوقف اخلاص -وجهة نظر يف وض//عيته احلالية .-جملة املوث//ق .الع//دد اخلامس /.ديس//مرب
.1998
-ليلى زروقي .حماضرات يف القانون العقاري .املعهد الوطين للقضاء .الدفعة الرابعة عشرة.2003/2004 .
53
-حممد ش//عبان .مق//ال بعن//وان :وج//وب تط//بيق احلضر الق//انوين على ما هو معم//ول به واقعي//ا .جملة املوث//ق .الع//دد الراب//ع.
سبتمرب .1998
– 3المجـالت القضائيـةـ :
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد الثالث.1989 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد الرابع.1991 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد الثالث.1992 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد الثاين.1993 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد الثالث.1993 .
-اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية .عدد خاص.2001 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد األول.2002 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد الثاين.2002 .
-اجمللـة القضـائيـة .العـدد األول.2003 .
-اإلجتهاد القضائي للغرفة العقارية .عدد خاص .اجلزء الثاين.2004 .
– 4النصـوص التشريعيـة :
-القانون املدين ( األمر 58 -75املؤرخ يف 26سبتمرب 1975املعدل و املتمم ) .
-قانون األسرة ( القانون 11 – 84املؤرخ يف 9يونيو 1984املعدل و املتمم ) .
-األمر 74 - 75املؤرخ يف 12نوفمرب 1975يتضمن إعداد مسح األراضي العام و تأسيس السجل العقاري/.
-القانون 10 – 91املؤرخ يف 27أفريل 1991يتعلق باألوقاف املعدل و املتمم .
-القانون 25 - 90املؤرخ يف 18نوفمرب 1990يتضمن التوجيه العقاري /.املعدل و املتمم .
الفـه ــرس
54
/................................ المطلب الثاني :تقييد حرية اإليصاء يف الشريعة اإلسالمية و قانون األسرة
11
الفرع األول :عــدم جـواز اإليصـاء لوارث 11.......................................................
الفرع الثاني :عدم جتـاوز املوصى به ثلث التـركة 14......................................................
المطلب الثالث :علـة و أسـاس تقييــد الوصيــة 17..................................................
الفرع األول :منـع اإلضـرار بالورثـة 17/...................................................................
الفرع الثاني :تـويل الشرع اخلالفـة يف املـال بالتنظيـم 18/.............................................
المبحـث الثانـي :أسس محاية الورثة يف التصرفات امللحقة بالوصية 20/.............................................
المطلب األول :األسـاس العام الذي تقوم عليه قرينة اإليصاء 20/.............................................
الفرع األول :منع التحايل على أحكـام القانون 20........................................................
/............................................. الفرع الثاني :سلطة القاضي يف تكييف التصرفات القانونية
22
/..................................... المطلب الثاني :أساس محاية الورثة من تصرفات املريض مرض املوت
23
الفرع األول :مفهـوم مرض املـوت 23/......................................................................
/.............................................. الفرع الثاني :تعلق حق الورثة بأموال املريض مرض املوت
26
الفصـل الثـاني :التصرفـات السـاترة للوصيـة و أحكامـها 29...........................................................
المبحـث األول :تصرفـات املريض مـرض املـوت 30/..............................................................
المطلب األول :احلكم العـام للتصرف يف مرض املوت 30/....................................................
.................................. الفرع األول :شروط إعمال املادة 776من القانون املدين وحكمها
31
/....................................... الفرع الثاني :قواعد اإلثبات املتعلقة بالتصرفات يف مرض املوت
32
......................................... المطلب الثاني :األحكام اخلاصة لبعض التصرفات يف مرض املوت
35
الفرع األول :البيـع يف مرض املـوت 35/....................................................................
/............................................... الفرع الثاني :التصرفات التربعية الصرحية يف مرض املوت
39
55
المبحـث الثـاني :التصرف لوارث مع اإلحتفاظ باحليازة و اإلنتفاع بالشيء مدى احلياة 43..........................
.................................... المطلب األول :شروط التصرف الوارد باملادة 777من القانون املدين
43
/................................................................ الفرع األول :أن يتم التصرف ألحد الورثة
43
/.............................. الفرع الثاني :أن حيتفظ املتصرف حبيازة العني املتصرف فيها مدى احلياة
44
الفرع الثالث :أن حيتفظ املتصرف حبقه يف اإلنتفاع بالعني املتصرف فيها مدى احلياة 45/.............
المطلب الثاني :أحكام التصرف لوارث مع اإلحتفاظ باحليازة واإلنتفاع مدى احلياة وقواعد اإلثبات
به ............................................................................................ املتعلقة
46
........................................................... الفرع األول :خضوع التصرف ألحكام الوصية
46
/.............................................. الفرع الثاني :قرينة نية اإليصاء بسيطة قابلة إلثبات العكس
49
51/.......................................................................................................................... خ ــاتمــة
56