You are on page 1of 57

‫وزارة العـ ـدل‬

‫مذكرة تخرج لنيل شهادةـ المدرسة العليا للقضاء‬

‫حماية الورثة من الوصية المستترة‬


‫في القانون الجزائري‬

‫تحت إشراف السيد ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب القاضيـ ‪:‬‬


‫حم ــوشـ محـمــد‬ ‫زروق عبـد الــرؤوف‬
‫رئيس الغرفة اإلدارية بمجلس‬ ‫الدفعـةـ الرابعـةـ عشـرة‬
‫قضاء غلي ــزان‬

‫السنة الدراسية ‪2006 / 2005‬‬


‫مقـدم ـ ــة‬

‫لقد أحاط القانون حق امللكية حبماية كبرية لكونه من أهم احلقوق العينية اليت يتمتع هبا اإلنسان‪ ،‬كما أنه‬
‫يكتسي مكانة هامة و مقدسة يف جمتمعن‪//‬ا‪ ،‬ل‪//‬ذا ت‪//‬وىل املش‪//‬رع بي‪//‬ان نط‪//‬اق امللكية و وس‪//‬ائل محايتهـا‪ ،‬و ك‪//‬ذا القي‪//‬ود اليت ت‪//‬رد‬
‫عليهـا‪ ،‬و جرم االعتداء عليها ‪.‬‬
‫و بني املش‪// /‬رع أيضا ط‪// /‬رق اكتس‪// /‬اب امللكية من خالل نص‪// /‬وص الق‪// /‬انون املدين‪،‬و من أهم أس‪// /‬باب كسب امللكية‬
‫الوف‪// /‬اة اليت تتحقق هبا اخلالفة يف املال و ذلك س ‪// /‬واء عن طريق املرياث أو الوص ‪// /‬ية‪ ،‬ل ‪// /‬ذا فقد خص ‪// /‬تها الش‪// /‬ريعة اإلس‪// /‬المية‬
‫الغراء‪ ،‬و من مث القانون بالتنظيم احملكم و املفصل ألحكامها ‪.‬‬

‫و بالرغم من أن لإلنسان حق اإليصاء بأمواله ح‪//‬ال حيات‪//‬ه‪ ،‬إال أن وص‪//‬يته مقي‪//‬دة بض‪//‬وابط ش‪//‬رعية و قانونية هبدف‬
‫عدم املساس حبق الورثة برتك زمام الوصية حتت إرادة املورث يتصرف فيها كما يشاء ‪.‬‬
‫ل‪// /‬ذا ف‪// /‬ان األش‪// /‬خاص ‪ -‬ألس‪// /‬باب خمتلفة ‪ -‬رغبة منهم يف التحايل على أحك‪// /‬ام الق‪// /‬انون لنيل احلرية يف تع‪// /‬يني من‬
‫خيلفهم يف أم‪//‬واهلم‪ ،‬يص‪//‬بغون على تص‪//‬رفهم بالوص‪//‬ية ث‪//‬وب تص‪//‬رف آخر يك‪//‬ون هلم فيه احلرية املطلقة دون أي تقيي‪//‬د‪ ،‬لكن‬
‫املش‪//‬رع تص‪//‬ديا ملثل ه‪//‬ذه التص‪//‬رفات وضع قواعد هبا ميكن ف‪//‬رض اح‪//‬رتام القواعد اآلم‪//‬رة للق‪//‬انون املتعلقة بالوص‪//‬ية؛ و ه‪//‬ذا‬
‫مبعاملة من حياول التهرب من أحكامها بنقيض قصده و اعتبار تصرفه وصية محاية حلقوق ورثته ‪.‬‬

‫و يالحظ أن مثل ه ‪// /‬ذه التص ‪// /‬رفات اليت تغطي أو تسرت الوص ‪// /‬ية‪ ،‬واس ‪// /‬عة اإلس‪// /‬تعمال يف اجملتمع اجلزائ ‪// /‬ري‪ ،‬حيث‬
‫يتضح ذلك من خالل املنازع‪//‬ات املتعلقة هبا املطروحة أم‪//‬ام القض‪//‬اء‪ ،‬و اليت ترفع ع‪//‬ادة من الورثة قصد الوص‪//‬ول إىل حكم‬
‫بعدم نفاذ التصرف يف حقهم‪ ،‬و ما يؤكد ذلك غزارة قرارات احملكمة العليا هبذا اخلصوص ‪.‬‬

‫إال أنه ب‪// /‬الرغم من ذل‪// /‬ك‪ ،‬ف‪// /‬إن ه‪// /‬ذا املوض‪// /‬وع مل حيظى بدراسة متخصصة لكل جوانبه النظرية و العملي ‪//‬ة‪ ،‬بل أن‬
‫جل الدراس‪//‬ات ع‪//‬اجلت أحد جوانبـه و ذلك من زاويـة خاص‪//‬ة‪ ،‬كاإلش‪//‬ارة إليه عنـد احلديث عن أس‪//‬باب كسب امللكـية أو‬
‫احلديث عن التص‪// /‬رفات يف م‪// /‬رض املوت عند دراسة أحك‪// /‬ام بعض العق‪// /‬ود أو التص‪// /‬رفات‪ ،‬و يرجع ذلك إىل تف ‪//‬رق أغلب‬
‫أحكام هذا املوضوع بني الفقه اإلسالمي و القانون املدين و قانون االسرة ‪.‬‬
‫و نظ‪//‬را ملا من أمهية كب‪//‬رية هلذا املوض‪//‬وع بالنس‪//‬بة للقاض‪//‬ي‪ ،‬فإنه جيب على ه‪//‬ذا األخري اإلملام جبميع جوانبه الفقهية‬
‫و القانونية س ‪// /‬واء ما تعلق منها باجلانب املوض ‪// /‬وعي‪ ،‬أو بقواعد اإلثب‪// /‬ات خصوصا إذا ما علمنا انه يط‪// /‬رح ع ‪// /‬دة مش ‪// /‬اكل‬
‫قانونية تتعلق اما بتحديد بعض املف‪// /‬اهيم او بتط ‪// /‬بيق النض‪// /‬وض القانونية املتعلقة به و اليت تط‪// /‬رح ص‪// /‬ياغة بعض‪// /‬ها مش‪// /‬اكل‬
‫قانونية و عملية عديدة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫و ه‪//‬ذا ما يقودنا إىل إع‪//‬داد ه‪//‬ذه الدراسة للقواعد اليت حتقق احلماية للورثة من الوص‪//‬ية املس‪//‬ترتة‪ ،‬مع اإلقتص‪//‬ار على‬
‫القانون اجلزائري بكل مصادره‪ ،‬دون اخلوض فيما جاءت به التش‪//‬ريعات املقارن‪/‬ة‪ ،‬و مع الرتك‪/‬يز على ما ج‪/‬اءت به احملكمة‬
‫العليا من خالل قراراهتا العديدة يف هذا الشأن ‪.‬‬

‫ومن اجل اإلملام بعناصر املوضوع يتعني أن نقسمه إىل فصلني‪ ،‬حيث نبني يف الفصل األول األحكام املقيدة حلرية‬
‫اإليص‪// /‬اء باعتب‪// /‬ار أن القاضي يطبقها على التص‪// /‬رف ال‪// /‬ذي يق‪// /‬رر إحلاقه بالوص‪// /‬ية‪ ،‬مع تبي‪// /‬ان األسس الش‪// /‬رعية و القانونية‬
‫إلحاطة الوصية هبذه الضوابط‪ ،‬كما نبني األسس و اإلعتبارات اليت تقوم عليها القرائن اليت مفادها أن بعض التصرفات يف‬
‫حقيقتها وصايا تلحق حبكم هذه األخرية ‪.‬‬
‫أما الفصل الثاين فنعدد فيه التصرفات اليت تنط‪//‬وي على نية اإليص‪//‬اء‪ ،‬و اليت يعتربها املش‪//‬رع وص‪/‬ايا مس‪/‬ترتة و يوقع‬
‫عليها قواعدها‪ ،‬و نبني شروط هذه التصرفات و أحكامها‪ ،‬و كذا قواعد اإلثبات املتعلقة هبا ‪.‬‬

‫الفصـل األول‬
‫أساس حماية الورثة في الوصية و التصرفات الملحقة بها‬

‫يعترب كل من املرياث و الوصية‪،‬سببان لكسب امللكية وبعض احلقوق العينية األص‪//‬لية بس‪//‬بب الوف‪//‬اة‪ ،‬و يف كليهما‬
‫تتحقق اخلالفة يف املال للوارث أو املوصى له ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وملا رسم الش‪//‬ارع و الق‪//‬انون قواعد اخلالفة اإلجبارية املتمثلة يف املرياث‪ ،‬بص‪//‬فة حمكمة ودقيق‪//‬ة‪ ،‬فإنه تبعا ل‪//‬ذلك مل‬
‫ي ‪//‬رتك زم ‪//‬ام اخلالفة اإلختيارية ‪-‬املتمثلة يف الوص ‪//‬ية‪ -‬حتت إرادة املورث املطلق ‪//‬ة‪ ،‬بل حد ح ‪//‬دودها‪ ،‬و بني ش ‪//‬روطها بتقييد‬
‫حرية اإليص‪//‬اء وفقا لقواعد ج‪//‬اءت هبا الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية‪ ،‬واعتنقها ق‪//‬انون األس‪//‬رة باعتب‪//‬ار أن مجيع أحك‪//‬ام الش‪//‬ريعة الغ‪//‬راء‬
‫تقوم على أسس مستمدة من قواعد و مبادئ منزهة عن النقص أو القصور ‪.‬‬

‫إال أن الش ‪//‬ريعة اإلس ‪//‬المية‪ ،‬ومن مث الق ‪//‬انون مل يكتفيا بإحاطة الوص ‪//‬ية فقط هبذه القي ‪//‬ود‪ ،‬بل تع ‪//‬دت ه ‪//‬ذه األخ ‪//‬رية‬
‫الوص‪//‬ية لتس‪//‬ري على بعض التص‪//‬رفات األخ‪//‬رى اليت يلجأ إليها املورث ح‪//‬ال ص‪//‬حته‪ ،‬أو خالل ف‪//‬رتة مرضه‪ /‬و يص‪//‬بغ عليها‬
‫ش‪//‬كل تص‪//‬رف آخر غري الوص‪//‬ية‪ ،‬ف‪//‬أحلقت ه‪//‬ذه التص‪//‬رفات بأحك‪//‬ام الوص‪//‬ية‪ ،‬ومنح للقاضي س‪//‬لطة اعتبارها ك‪//‬ذلك؛ وه‪//‬ذا‬
‫بن ‪//‬اء على أسس معينة ختتلف عند تعلق األمر بالتص ‪//‬رفات ال ‪//‬واردة يف م ‪//‬رض املوت عنها إذا تعلق األمر بتص ‪//‬رفات حتيط هبا‬
‫قرائن أخرى تثبت نية التهرب من أحكام الوصية ‪.‬‬

‫ل‪// /‬ذا س‪// /‬نحاول توض‪// /‬يح األحك‪// /‬ام اليت ج‪// /‬اءت هبا الش‪// /‬ريعة اإلس‪// /‬المية‪ ،‬ومن مث الق‪// /‬انون تقيي‪// /‬دا حلرية اإليص‪// /‬اء‪ ،‬و‬
‫إستقراء العلة من تقرير هذه القيود على تصرف الشخص يف أمواله‪ ،‬و هذا بعد حتديد مفهوم الوصية يف املبحث األول ‪.‬‬
‫و يف مبحث ث‪//‬ان نتط‪//‬رق إىل األسس اليت أدت باملش‪//‬رع إىل إحلاق بعض التص‪//‬رفات حبكم الوص‪//‬ية ‪ ،‬س‪//‬واء ال‪//‬واردة‬
‫يف مرض املوت ‪ ،‬أو غريها من التصرفات ‪.‬‬

‫المبحـث األول‬
‫األحكامـ التي تحمي الورثة في الوصية و أساسهاـ‬

‫إن محاية الورثة من التصرفات اليت يربمها املورث؛ و اليت ختفي وصية يكون بإحلاق املشرع هذه التص‪//‬رفات حبكم‬
‫الوصية ‪،‬و تبعا لذلك وحتقيقا هلذه احلماية‪ ،‬فإن القاضي يطبق أحكام الوصية عليها من خالل املنازعات املطروحة عليه‪.‬‬
‫ل‪//‬ذا وجب علينا توض‪//‬يح ه‪//‬ذه األحك‪//‬ام ‪-‬املتعلقة بالوص‪//‬ية‪ -‬بدقة لتمكني الورثة من اإلس‪//‬تفادة هبا إذا ما ثبتت نية‬
‫اإليصاء يف جانب املورث‪ ،‬حيث سنتناول ماهية الوصية عموما وفقا ملا جاء به فقهاء الشريعة اإلسالمية‪ ،‬و قانون األسرة‬
‫يف املطلب األول‪ ،‬مث األحك‪//‬ام املقي‪//‬دة حلرية اإليص‪//‬اء يف املطلب الث‪//‬اين‪ ،‬هبدف حصر البحث فيما يتعلق مبوض‪//‬وع دراس‪//‬تنا‪،‬‬
‫ونوضح العلة من هذا التقييد و أساسه يف املطلب الثالث ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬ماهي ــة الوصي ــة‬

‫نتط‪// /‬رق هنا لتعريف الوص‪// /‬ية و حتديد أركاهنا األساس‪// /‬ية‪ ،‬دون اخلوض يف األحك‪// /‬ام الش‪// /‬رعية و القانونية للوص‪// /‬ية‬
‫بتفاصيلها؛ لعدم تعلقها مبوضوع دراستنا‪.‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬تعريــف الوصيــة‬


‫تعد الوصية من أصل األحوال الشخصية‪ ،‬لذا فإن املشرع نص باملادة ‪ 775‬من القانون املدين على سريان قانون‬
‫األحوال الشخصية و النصوص املتعلقة هبا عليها‪ ،‬وذلك يف الفصل املتعلق بطرق اكتسـاب امللكية‪ ،‬كما أنه مل خيـص‬
‫الوصية بقانون خاص هبا كما فعلت بعض التشريعات كالتشريع املصري (‪ ، )1‬بل أورد أحكامها يف قانون األسرة باملواد‬
‫من ‪ 184‬إىل ‪ 201‬منه‪.‬‬
‫للوص‪//‬ية كإص‪//‬طالح ش‪//‬رعي تعريف‪//‬ات متع‪//‬ددة‪ ،‬حيث عرفها البعض بأهنا ت‪//‬ربع مض‪//‬اف إىل ما بعد املوت‪ ،‬وعرفهـا‬
‫الكاساين بأهنا إسم ملا أوجبه املوصي يف ماله بعد املوت ‪ ،‬و قال الكرخي بأهنا ما أوجبه املوصي يف ماله تطوعا بعد موته‬
‫أو يف مرضه‪ /‬الذي مات فيه (‪.)2‬‬
‫أما ال‪// / / / /‬دكتور علي علي س‪// / / / /‬ليمان فقد عرفها بأهنا "تص‪// / / / /‬رف يف الرتكة يض‪// / / / /‬اف إىل ما بعد املوت" مس‪// / / /‬تخدما‬
‫مصطلح"يضاف" بدال من "مضاف"‪ ،‬مؤكدا بذلك على األثر املستقبلي لنفاذ الرتكة ‪.‬‬
‫كما عرفها ابن عابدين أهنا "متليك مضاف إىل ما بعد املوت بطريق التربع" و هو أصح التعريفـات و أمشلهـا‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قانون الوصية املصري الصادر بالقانون رقم ‪ 71‬سنة ‪. 1946‬‬
‫(‪ )2‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ /.‬دار الفكر العريب‪ .‬مصر‪ .1988 .‬ص ‪.11‬‬
‫باعتب‪//‬اره تعريفا جامعا مانعا يش‪//‬مل كل ش‪//‬يء يوصي به الش‪//‬خص بعد وفاته كما يش‪//‬مل قي‪//‬ام الوصي على أوالده الص‪//‬غار‬
‫ورعايتهم (‪. )1‬‬
‫كما أن ق‪// / / / /‬انون األس‪// / / / /‬رة مل يبتعد عن ه‪// / / / /‬ذا التعريف يف املادة ‪ 184‬منه حيث نصت على أن ‪" :‬الوص ‪// / /‬ية متليك‬
‫مضاف إىل ما بعد املوت بطريق التربع"‪.‬‬
‫و يستخلص من العبارات املستعملة يف هذا التعريف ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬إن اس‪/‬تعمال مص‪//‬طلح"متلي‪//‬ك" جيعل ه‪//‬ذا التعريف جامعا و ش‪/‬امال لكل أن‪//‬واع الوص‪//‬ايا؛ س‪//‬واء ك‪//‬انت واجبة أو مندوبة ‪،‬‬
‫وس‪//‬واء ك‪//‬انت باملال أو بغ‪//‬ريه‪ ،‬فهي ب‪//‬ذلك تش‪//‬مل التملي‪//‬ك‪ ،‬واإلس‪//‬قاط‪ ،‬وتقرير مرتب‪//‬ات‪ ،‬كما تش‪//‬مل الوص‪//‬ية باملن‪//‬افع من‬
‫السكن لدار أو الزراعة ألرض‪ ،‬و الوصية باألعيان من منقوالت أو عقارات‪.‬‬
‫‪ -‬إن املقص‪//‬ود بعب‪//‬ارة "مض‪//‬اف إىل ما بعد املوت" هو أن الوص‪//‬ية ال تنفذ إال بعد املوت املوص‪//‬ي؛ و بالت‪//‬ايل خيرج عن ه‪//‬ذا‬
‫التعريف اهلبة ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬يس ‪//‬تخلص من مص ‪//‬طلح "ت ‪//‬ربع" إخ ‪//‬راج الوص ‪//‬ايا اليت تنبين على بيع أو إجيار لش ‪//‬خص ما ‪ ،‬وذلك باعتب ‪//‬ار الوص ‪//‬ية تتم‬
‫بدون عوض باعتبارها ما أوجبه املوصي يف ماله تطوعا بعد موته ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬أركــان الوصيــة‬


‫ب‪//‬الرجوع إىل أحك‪//‬ام ق‪//‬انون األس‪//‬رة و الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية‪ ،‬فإهنا تش‪//‬رتط إلنش‪//‬اء الوص‪//‬ية ت‪//‬وافر مجلة من األرك‪//‬ان‬
‫قسمها معظم الفقهاء إىل أربعة‪ ،‬وهي الصيغة‪ ،‬املوصي‪ ،‬املوصى له و املوصى به‪ ،‬نفصلها على النحو التايل ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬الصيــغةـ‬
‫إن األصل يف ص‪//‬يغ التص‪//‬رفات أن تك‪//‬ون منج‪//‬زة‪ ،‬و ال خيرج عن ه‪//‬ذه القاعـدة إال الوص‪//‬ية؛ فهي ت‪//‬أىب التنجيـز‪ ،‬و‬
‫ذلك حبكم طبيعتها ألهنا تص ‪//‬رف مض ‪//‬اف إىل ما بعد املـوت‪ ،‬و بالت ‪//‬ايل ف ‪//‬إن ص ‪//‬يغتها ال تك ‪//‬ون إال مض ‪//‬افة إىل أجـل (‪ )2‬و‬
‫األجل هنا هو وف‪//‬اة املوصي ‪ ،‬كما ميكن أن تك‪//‬ون ص‪//‬يغة الوص‪//‬ية معلقة على ش‪//‬رط حبيث إذا حتقق ه‪//‬ذا الش‪//‬رط أص‪//‬بحت‬
‫الوصية قائمة‪ ،‬و رغم ذلك تظل مضافة إىل أجل ‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقه يف ركن الصيغة من حيث توافق اإلرادتني؛أي اإلجياب و القبول وانقسموا يف ذلك إىل آراء ‪:‬‬
‫فاألحن‪//‬اف و خاصة اإلم‪//‬ام‪-‬زف‪//‬ر‪-‬ق‪//‬ال أن الوص‪//‬ية تل‪//‬زم ب‪//‬املوت من غري حاجة إىل قب‪//‬ول‪ ،‬وأهنا ال ترتد ب‪//‬الرد عن‪//‬ده‪ ،‬وحجته‬
‫أن ملك املوصى له يثبت باخلالفة كما يثبت ملك الوارث‪.‬‬
‫و ي‪// /‬رى مجه‪// /‬ور الفقه‪// /‬اء أن للموصى له حق ال‪// /‬رد‪ ،‬ألنه ال ش‪// /‬يء ي‪// /‬دخل يف ملك اإلنس‪// /‬ان ج ‪//‬ربا عنه غري املرياث‬
‫مبقتضى نص الش‪//‬ارع‪ ،‬و ألن املوصى له جيب أن يعطى حق ال‪//‬رد دفعا الحتم‪//‬ال الض‪//‬رر‪ ،‬فض‪//‬رر املنة ث‪//‬ابت‪،‬ومن الن‪//‬اس من‬
‫ال يقبله‪ ،‬و ألن املوصى به قد يكون ملزما مبؤن أكثر مما فيه من نفع (‪. )3‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫‪230‬‬ ‫(‪ )1‬العربيب بلحاج‪ .‬الوجيز يف شرح قانون األسرة اجلزائري‪ .‬اجلزء الثاين‪ .‬املرياث و الوصية‪ /.‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .2004 .‬ص‬
‫(‪ )2‬عمر محدي باشا‪ .‬عقود التربعات‪-‬اهلبة – الوصية – الوقف‪ .‬دار هومة‪ .‬اجلزائر‪ .2004.‬ص ‪.47‬‬
‫(‪ )3‬حممد أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.18‬‬

‫و قـد إتفـق على ما يـلي ‪:‬‬


‫‪ -‬أن القبول ال يكون إال بعد الوفاة‪ ،‬و ال عربة به يف حياة املوصي ‪.‬‬
‫‪ -‬أن الوص‪// /‬ية تنشأ مبا جياب من املوصي ‪ -‬وهو ركنها الوحيد ‪ -‬و لكن ش‪// /‬رط ثب‪// /‬وت امللكية أو لزومها هو القب‪// /‬ول بعد‬
‫وفاته؛ ألن القبول إمنا هو لثبوت امللكية ال إلنشاء التصرف‪ ،‬فكان ال عربة به إال عند تنفيذ أحكامه‪.‬‬
‫‪ -‬أن القب‪//‬ول أو ال‪//‬رد ال يش‪//‬رتط ف‪//‬ور وف‪//‬اة املوص‪//‬ي‪ ،‬بل يثبت على ال‪//‬رتاخي‪ ،‬و أنه يقبل عن اجملن‪//‬ون و املعت‪//‬وه و الصيب غري‬
‫املميز ممن له الوالية عليه (‪.)1‬‬
‫أما ق‪//‬انون األس‪//‬رة فقد اش‪//‬رتط يف املادة‪ 191‬فق‪//‬رة‪ 1‬منه تص‪//‬ريح املوصي بالوص‪//‬ية فقط دون حاجة القرتانه ب‪//‬القبول‬
‫من املوصى له و أك‪/‬دت املادة ‪ 197‬منه على ما يلي‪" :‬يك‪/‬ون قب‪/‬ول الوص‪/‬ية ص‪/‬راحة أو ض‪/‬منا بعد وف‪/‬اة املوص‪/‬ي"‪ ،‬وه‪/‬ذا ما‬
‫ي ‪//‬بني نية املش ‪//‬رع يف اعتب ‪//‬ار الوص ‪//‬ية تص ‪//‬رفا ينشأ ب ‪//‬اإلرادة املنف ‪//‬ردة للموص ‪//‬ي‪ ،‬حبيث أكد على وق ‪//‬وع القب ‪//‬ول بعد الوف ‪//‬اة و‬
‫بالتايل عدم اقرتانه باإلجياب؛ و عليه فإن القبول ال يكون إال شرطا للزوم الوصية ‪،‬وبه تثبت ملكية املوصى به‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أما بالنس ‪//‬بة للتعبري عن ه ‪//‬ذه الص ‪//‬يغة ‪ ،‬فقد اختلفت املذاهـب يف وس ‪//‬ائله من عب ‪//‬ارة وكتابة و إشـارة‪...‬إخل (‪ ،)2‬و‬
‫ب ‪//‬الرجوع إىل األحك ‪//‬ام العامة للق ‪//‬انون املـدين ف ‪//‬إن التعبري عن اإلرادة حسب املادة ‪ 60‬منه يك ‪//‬ون باللفـظ‪،‬و بالكتاب ‪//‬ة‪ ،‬أو‬
‫باإلش‪// /‬ارة املتداولة عرف‪// /‬ا‪ ،‬كما يك‪// /‬ون باختاذ موقف ال ي‪// /‬دع أي شك يف داللته على مقص‪// /‬ود ص‪// /‬احبه‪ ،‬و جيوز أن يك‪// /‬ون‬
‫ضمنيا حسب الفقرة الثانية منها ‪.‬‬
‫ه‪//‬ذا بالنس‪//‬بة ل‪//‬ركن الص‪//‬يغة‪ ،‬أما بقية األرك‪//‬ان من موص‪//‬ي‪ ،‬وموصى له ‪،‬وموصى‪ /‬به ف‪//‬إن بعض الفقه‪//‬اء يوردها يف‬
‫باب شروط الوصية ويعتربوهنا شروطا ال تصح الوصية إال هبا (‪.)3‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الم ــوصي‬
‫نصت املادة ‪ 186‬من ق ‪// /‬انون األس ‪// /‬رة على ش ‪// /‬روط جيب توافرها يف املوصي لص ‪// /‬حة الوص ‪// /‬ية بقوهلا‪" :‬يش‪// /‬رتط يف‬
‫املوصي أن يك‪//‬ون س‪//‬ليم العق‪//‬ل‪ ،‬بالغا من العمر تسع عش‪//‬رة (‪ )19‬س‪//‬نة على األق‪//‬ل"‪ .‬أي أهنا تش‪//‬رتط أن يك‪//‬ون املوصي من‬
‫أهل التربع بتوافر ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬س‪//‬المة العقل ‪ :‬تطبيقا للم‪//‬ادة ‪ 186‬الس‪//‬ابقة ال‪//‬ذكر ف‪//‬إن وص‪//‬ية اجملن‪//‬ون تعد باطلة بطالنا مطلقا باعتب‪//‬اره ع‪//‬دمي األهلي‪//‬ة‪،‬‬
‫كما ينطبق ه ‪//‬ذا احلكم أيضا على املعت ‪//‬وه‪ ،‬وحسب املذهب املالكي‪ ،‬ف ‪//‬إن الوص ‪//‬ية مىت ص ‪//‬درت ص ‪//‬حيحة ال تبطل ب ‪//‬زوال‬
‫أهلية املوصي بعد ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬البل ‪//‬وغ ‪ :‬إن الوص ‪//‬ية ت ‪//‬ربع م ‪//‬ايل‪ ،‬وهي من التص ‪//‬رفات الض ‪//‬ارة ض ‪//‬ررا حمض ‪//‬ا؛ إذ ال يقابلها ع ‪//‬رض دني ‪//‬وي‪ ،‬و عليه ف ‪//‬إن‬
‫الوص‪/‬ية الص‪/‬ادرة عن صيب مميز تك‪/‬ون باطلة بطالنا مطلق‪/‬ا‪ ،‬و ل‪/‬ذا ف‪/‬إن املش‪/‬رع أكد على ش‪/‬رط البل‪/‬وغ تنص املادة ‪ 186‬من‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬ج ‪//‬اء يف النص الع‪//‬ريب للم ‪//‬ادة ‪" : 191‬تثبت الوص‪//‬ية ‪ - :‬بتص‪//‬ريح املوصي أم‪//‬ام املوثق و حترير عقد ب ‪//‬ذلك"‪ ،‬و ب ‪//‬الرجوع إىل النس ‪//‬خة الفرنس ‪//‬ية جند مص ‪//‬طلح‬
‫‪ acte authentique‬يقابل "عقد" فان املقصود به هو احملرر أما مصطلح عقد فما هو إال ترمجة خاطئة مل يقصد به اعتبار الوصية عقدا ‪.‬‬
‫(‪ )2‬إرجع‪ .‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص‬
‫‪.14 ،13 ،12‬‬
‫(‪ )3‬فتحي حسن مصطفى‪ .‬امللكية باملرياث يف ض‪/‬وء الفقه و القض‪/‬اء‪ .‬منش‪/‬أة املع‪/‬ارف‪ .‬اإلس‪/‬كندرية‪ .‬ص ‪ / 233‬حممد‪ /‬أبو زه‪//‬رة‪ .‬نفس املرج‪//‬ع‪ .‬ص ‪ / 51‬الع‪/‬ريب‬
‫بلحاج‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.253‬‬

‫ق‪//‬انون األس‪//‬رة‪ ،‬ب‪//‬الرغم من أنه من املع‪//‬روف أن من‪//‬اط التكليف يف األحك‪//‬ام الش‪//‬رعية هو البل‪//‬وغ‪ ،‬و هو املب‪//‬دأ ال‪//‬وارد بنص‬
‫املادة ‪ 40‬من الق ‪//‬انون املدين اليت حتدد سن الرشد الق ‪//‬انوين ببل ‪//‬وغ ‪ 19‬س ‪//‬نة كامل ‪//‬ة‪ ،‬و اليت هي نفس السن ال ‪//‬واردة باملادة‬
‫‪ 186‬من قانون األسرة ‪.‬‬
‫‪ -‬الرضا ‪ :‬جيب أن يتوافر رضا املوصي باإليص‪//‬اء‪ ،‬كما هو احلال يف ب‪/‬اقي التص‪//‬رفات خاصة يف اهلب‪//‬ات و التربع‪//‬ات‪ ،‬و إال‬
‫ك‪// /‬انت غري ص ‪// /‬حيحة‪ ،‬و هلذا فمن املتفق عليه فقها و قض ‪// /‬اء أن وص ‪// /‬ية املك ‪// /‬ره و اهلازل و املخطىء باطل‪// /‬ة‪ ،‬كما ال تصح‬
‫وصية السكران‪ ،‬ألنه ال قصد له و الوصية هنا تضر بورثته‪ ،‬إذ القاعدة املقررة يف هذا الشأن أنه "ال ضرر و ال ضرار"‪)1(.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ال ــموصى لـه‬


‫يش‪//‬رتط يف املوصى له أن يك‪//‬ون موج‪//‬ودا‪ ،‬معلوم‪//‬ا‪ ،‬أهال للتمل‪//‬ك‪ ،‬و اإلس‪//‬تحقاق‪ ،‬و أال يك‪//‬ون جهة معص‪//‬ية‪ ،‬و ال‬
‫قاتال للموصي أو وارثا له ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -1‬أن يك‪//‬ون املوصى له موج‪//‬ودا ‪ :‬و ه‪//‬ذا عند إنش‪//‬اء الوص‪//‬ية‪ ،‬و وج‪//‬وده قد يك‪//‬ون حقيقة ‪ ،‬أو حكما (تق‪//‬ديرا) كاحلمل‬
‫أو املعدوم ‪.‬‬
‫فقد تعرضت ملس‪// /‬ألة الوص‪// /‬ية للحمل كل من املادة ‪ 187‬من ق‪// /‬انون األس‪// /‬رة اليت نصت على أنه ‪" :‬تصح الوص ‪//‬ية‬
‫للحمل بش‪// / /‬رط أن يولد حي‪// / /‬ا‪ ، /"...‬واملادة ‪ 134‬منه اليت ج‪// / /‬اء فيها ‪" :‬ال ي‪// / /‬رث احلمل إال إذا ولد حي ‪// /‬ا‪ ،‬و يعترب حيا إذا‬
‫إس‪//‬تهل ص‪//‬ارخا ‪،‬أو ب‪//‬دت منه عالمة ظ‪//‬اهرة باحلي‪//‬اة" ‪،‬وك‪//‬ذا املادة ‪ 25‬من الق‪//‬انون املدين اليت تنص يف فقرهتا الثانية ‪" :‬على‬
‫أن اجلنني يتمتع باحلقوق اليت حيددها القانون بشرط أن يولد حيا"‬
‫و إتفقت كل ه‪// /‬ذه املواد يف ض‪// /‬رورة ال‪// /‬والدة املص‪// /‬حوبة بعالمة ظ‪// /‬اهرة للحي‪// /‬اة (‪ ،)2‬و ه‪// /‬ذا ما ج‪// /‬اء موافقا ملا ذهبت إليه‬
‫أحكام الفقه اإلسالمي ‪.‬‬
‫و قد تك‪// / / /‬ون الوص‪// / / /‬ية يف بعض احلاالت إىل من مل يكن موج‪// / / /‬ودا وقت إنش‪// / / /‬اء الوص‪// / / /‬ية ‪ ،‬وحيتمل أن يوجد يف‬
‫املستقبل سواء وجد عند الوفاة أو مل يوجد إال بعدها (‪، )3‬وهذا ما يصطلح عليه بالوصية للمعدوم‪ /،‬و ال ي‪//‬راد به من ك‪//‬ان‬
‫موج‪//‬ودا مث انع‪//‬دم ‪ .‬و هي احلالة اليت مل ي‪//‬ورد الق‪//‬انون اجلزائ‪//‬ري نصا بش‪//‬أهنا؛ ل‪//‬ذا نطبق عليها أحك‪//‬ام املذهب املالكي (‪، )4‬‬
‫اليت جتيز الوص‪// / /‬ية للمع‪// / /‬دوم‪ /،‬وتبقى الوص‪// / /‬ية ما بقي األمل يف وج‪// / /‬ود املوصى له قائما وظ‪// / /‬اهرا؛ ملا فيه من محاية مص ‪// /‬لحة‬
‫املوصى له إىل أن يتحقق اليأس من وجود هذا األخري ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يك‪//‬ون املوصى له معلوما ‪ :‬وذلك ب‪//‬التعيني (باإلش‪//‬ارة أو باإلس‪//‬م) كفالن بن فالن أو جهة الرب الفالني‪//‬ة‪ ،‬أو بتعريفه‬
‫بالوصف كفقراء طلبة العلم ‪ .‬و يقصد هبذا الشرط ‪ ،‬أال يكون املوصى له جمهوال جهالة مطلقة و فاحشة ال ميكن دفعها‪،‬‬
‫وإال بطلت الوص‪// / /‬ية‪ ،‬كما لو أوصى ش‪// / /‬خص لط‪// / /‬الب من اجلامعة مثال دون ذكر إمسه‪ ،‬و يرجع تق‪// / /‬دير معلومة املوصى له‬
‫للقاضي ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬عمر محدي باشا‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )2‬العريب بلحاج‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.256‬‬
‫(‪ )3‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.71‬‬
‫(‪ )4‬العريب بلحاج‪ .‬نفس املرجع‪ .‬ص ‪. 257‬‬
‫و قد ق‪// /‬رر مجه‪// /‬ور الفقه‪// /‬اء ه‪// /‬ذا الش‪// /‬رط حىت ميكن تنفيذ الوص‪// /‬ية؛ ذلك أهنا ال تل‪// /‬زم إال بقب‪// /‬ول املوصى له (املواد‬
‫‪ 184‬و‪ 192‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة)‪ /،‬إال أهنم اس‪//‬تثنوا من ه‪//‬ذا الش‪//‬رط الوص‪//‬ية هلل تع‪//‬اىل و ألعم‪//‬ال ال‪//‬رب‪ ،‬و أس‪//‬اس ذلك وج‪//‬ود‬
‫مفه‪// /‬وم التكافل يف مثل ه ‪// /‬ذه الوص‪// /‬ايا‪ ،‬كما أن أعم‪// /‬ال الرب و اإلحس‪// /‬ان تأخذ حكم الن ‪// /‬وع الواحد و إن تع‪// /‬ددت إلحتاد‬
‫القصد منها‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يك‪//‬ون املوصى له أهال للتملك و اإلس‪//‬تحقاق ‪ :‬فقد اتفق الفقه‪//‬اء ‪ -‬باس‪//‬تثناء احلنابلة ال‪//‬ذين هلم رأي خمالف (‪- )1‬‬
‫على اش‪// / / / /‬رتاط ذل‪// / / / /‬ك‪ ،‬و عليه فال تصح الوص‪// / / / /‬ية حلي‪// / / / /‬وان مثال‪ ،‬و تبطل على أس‪// / / / /‬اس أن املوصى له ليس أهال للتملك و‬
‫اإلستحقاق ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أما ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة فقد أغفل ه ‪//‬ذا الش ‪//‬رط‪ ،‬و قد يفهم ذلك حسب بعض الفقه ‪//‬اء‪ ،‬من أن الوص ‪//‬ية ملن ليس أهال‬
‫لإلس‪//‬تحقاق قد تك‪//‬ون ص ‪//‬حيحة يف بعض احلاالت‪ ،‬كالوص‪//‬ية لبن‪//‬اء مس‪//‬جد أو مدرسة لكنها ال تك‪//‬ون للتملي ‪//‬ك؛ بل جمرد‬
‫وصية بتصرف ‪ ،‬أي إخراج مال من تركته (‪. )2‬‬
‫‪ -4‬أال يكون املوصى له جهة معصية ‪ :‬و يقصد باجلهة املعصية اجلهة احملرمة شرعا و قانونا‪ ،‬فالوصية شرعت لتك‪//‬ون قربة‬
‫أو صلة ‪ ،‬و شرعت لإلصالح و اخلري ال من أجل الفساد و املنكر و اخلروج عن املعقول‪.‬‬
‫و ل‪//‬ذا فال يصح للمس‪//‬لم أن يوصي جلهة حرمتها الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية كالوص‪//‬ية ل‪//‬دور الله‪//‬و‪ ،‬و الكن‪//‬ائس‪ ،‬و املعاهد اليت ال‬
‫ختص املسلمني ‪.‬‬
‫و قد تك‪//‬ون اجلهة املوصى إليها غري حمرمة يف ذاهتا‪ ،‬و لكن الب‪//‬اعث عليها حمرم‪ ،‬كالوص‪//‬ية اليت يك‪//‬ون اهلدف منها‬
‫إس ‪//‬تمرار العالقة غري الش ‪//‬رعية بني املوصي و اخلليل ‪//‬ة‪ ،‬ف ‪//‬الرأي ال ‪//‬راجح هنا ‪ -‬حسب املالكية و احلنابلة و منهم ابن تيمية و‬
‫ابن القيم ‪ -‬أهنا باطلة؛ ألن العربة بالقصد و النية و الباعث حينئذ مناف ملقاصد الشريعة اإلسالمية مما جيعلها باطلة (‪.)3‬‬
‫و بالرجوع إىل القانون املدين فإننا جنده أقرب إىل هذا الرأي من خالل املواد ‪97‬و‪ 98‬منه ‪.‬‬
‫‪ -5‬أال يك ‪// /‬ون املوصى له ق ‪// /‬اتال للموصي ‪ :‬إختلفت املذاهب يف ن ‪// /‬وع القتل املانع من الوص ‪// /‬ية‪ ،‬فاحلنفية اعت ‪// /‬ربوا أن القتل‬
‫املقص‪//‬ود هنا هو القتل ع‪//‬دوانا بغري حق أو ع‪//‬ذر ش‪//‬رعي‪ ،‬س‪//‬واء ك‪//‬ان عم‪//‬دا أم خط‪//‬أ‪ ،‬أما القتل بالتس‪//‬بب‪ ،‬فال مينع إرثا و ال‬
‫وصية‪ ،‬مع جواز اإلجازة من الورثة ‪.‬‬
‫و ق‪/‬ال احلنابلة أن القتل املانع من اإلرث و الوص‪//‬ية هو القتل بغري حق س‪//‬واء ك‪//‬ان عم‪/‬دا أم خط‪/‬أ‪ ،‬مباش‪//‬رة أم تس‪/‬ببا‪ ،‬أما إذا‬
‫حصلت الوصية بعد اجلرح املفضي إىل املوت كانت صحيحة ‪.‬‬
‫و ي‪//‬رى الش‪//‬افعية أن القاتل يس‪//‬تحق الوص‪//‬ية س‪//‬واء ك‪//‬ان القتل عم‪//‬دا أم ك‪//‬ان خط‪//‬أ؛ ألن الوص‪//‬ية متليك كاهلب‪//‬ة‪ ،‬و القتل ال‬
‫يبطل اهلبة فال يبطل الوصية‪.‬‬
‫وذهب املذهب املالكي إىل أن القتل مينع اإلستحقاق يف الوصية‪ ،‬و هذا استنـادا إىل قوله ‪ -‬ص‪//‬لى اهلل عليه و س‪//‬لم ‪" : -‬ال‬
‫وص ‪//‬ية لقات ‪//‬ل" (‪ ،)4‬غري أنه ي ‪//‬رى أن الوص ‪//‬ية تصح للقاتل خط ‪//‬أ؛ ألهنا متليك كاهلب ‪//‬ة‪ ،‬أما إذا حصل القتل عم ‪//‬دا بعد إنش ‪//‬اء‬
‫الوصية حرم املوصى له من الوصية‪ ،‬كما تنفذ الوصية اليت تنشأ بعد اإلصابة املفضية إىل الوفاة إحرتاما إلرادة املوصي‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )2( )1‬العريب بلحاج‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 259‬‬
‫(‪ )3‬العريب بلحاج‪ .‬نفس املرجع‪ .‬ص ‪. 260‬‬
‫(‪ )4‬رواه الدارقطين و البيهقي ‪.‬‬
‫ب‪//‬الرجوع إىل ق‪//‬انون األس‪//‬رة ‪ ،‬فإنه أخذ مبا ذهب إليه الفقه املالكي؛ حيث اش‪//‬رتط قتل املوصى له للموصي عم‪//‬دا‬
‫لعدم استحقاق الوصية و هذا يف املادة ‪ 188‬منه (‪ ،)1‬فالعربة إذن بالقتل العمد عدوانا ب‪//‬دون حق و ليس بالقتل اخلطأ ‪ ،‬و‬
‫ه‪//‬ذا ما يس‪/‬اير ما ج‪/‬اءت به املادة ‪ 137‬من ق‪/‬انون األس‪//‬رة املتعلقة ب‪/‬املرياث بص‪//‬فة عام‪/‬ة‪ ،‬وعليه فإنه ال يس‪/‬تحق الوص‪//‬ية قاتل‬
‫املوصي عمدا سواء كان فاعال أصليا أو شريكا أو ش‪/‬اهد زور أدت ش‪/‬هادته إىل احلكم باإلع‪/‬دام و تنفي‪/‬ذه‪ ،‬و ال يس‪/‬تحقها‬
‫من ك ‪//‬ان عاملا أو م ‪//‬دبرا للقتل و مل خيرب الس ‪//‬لطات املعنية ( كل ه ‪//‬ذا إذا جلأنا للتفسري املوسع ألحك ‪//‬ام املواد ‪ 137‬و ‪135‬‬

‫‪8‬‬
‫من ق‪//‬انون األس‪//‬رة )‪ ،‬و يش‪//‬رتط هنا أن يك‪//‬ون املوصى له أهال للمس‪//‬ؤولية اجلزائية دون ع‪//‬ذر ق‪//‬انوين ‪ ،‬و أال يك‪//‬ون يف حالة‬
‫دفاع شرعي ‪.‬‬
‫وما يالحظ يف ه‪//‬ذه األحك‪//‬ام هو اإلنس‪//‬جام بني كل من قواعد ق‪//‬انون األس‪//‬رة من جهة و الق‪//‬انون املدين و ق‪//‬انون‬
‫العقوبات من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪ -6‬أال يكون املوصى له وارثا للموصي ‪ :‬وه‪//‬ذا مص‪//‬داقا لقوله ‪ -‬ص‪//‬لى اهلل عليه و س‪//‬لم ‪" : -‬إن اهلل أعطى لكل ذي حق‬
‫حقه فال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث" (‪ ،)2‬و عن ابن عب‪//‬اس قوله ‪ :‬ق‪//‬ال رس‪//‬ول اهلل ‪ -‬ص‪//‬لى اهلل عليه و س‪//‬لم ‪" : -‬ال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث إال‬
‫أن يشاء الورثة" (‪. )3‬‬
‫و قد اختلفت ق‪// /‬وانني ال‪// /‬دول اإلس‪// /‬المية يف ش‪// /‬أن ج‪// /‬واز الوص‪// /‬ية ل‪// /‬وارث من عدم‪// /‬ه‪ ،‬أما املش‪// /‬رع اجلزائ ‪//‬ري فقد أخذ هبذا‬
‫الشرط بنص املادة ‪ 189‬من قانون األسرة‪ ،‬و قضت به احملكمة العليا يف قراراهتا ‪.‬‬
‫وهذا ما سنقتصر عليه فيما خيص هذا الشرط‪ ،‬وذلك ألننا سنشرحه بإسهاب ضمن املطلب املوايل ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬الم ــوصى بــه‬
‫يشرتط يف املوصى به أن يكون م‪/‬اال ق‪/‬ابال للت‪/‬وارث‪ ،‬و أن يك‪//‬ون متقوما و ق‪/‬ابال للتملي‪/‬ك‪ ،‬كما يش‪/‬رتط أن يك‪//‬ون‬
‫موجودا عند الوصية و غري مستغرق بالدين و أال يزيد عن ثلث الرتكة ‪.‬‬
‫‪ -1‬أن يكون املوصى به ماال قابال للتوارث ‪ :‬فاملوصى به الذي يصلح لإليصاء نوعان ‪:‬‬
‫‪ -‬نوع يصلح أن ينتقل باملرياث أي يصح أن يكون تركة كاألموال احلقيقية أي النقود ‪ ،‬و األشياء العينية‪ ،‬و احلق‪//‬وق اليت‬
‫تتعلق هبا كحقوق اإلرتفاق و حنوها‪.‬‬
‫‪-‬ون‪//‬وع ال يك‪//‬ون من احلق‪//‬وق اليت ت‪//‬ورث و لكن تصح به الوص‪//‬ية‪ ،‬ألنه يصح التعاقد عليه ح‪//‬ال احلي‪//‬اة فيصح أن يوصى به‬
‫بعد الوفاة‪ ،‬وذلك كاألموال احلكيمة كاملنافع مثل سكن دار‪ ،‬أو زراعة أرض و غريها (‪.)4‬‬
‫وه ‪//‬ذا ما أق‪//‬ره ق‪//‬انون األس ‪//‬رة‪ ،‬يف مادته ‪ 190‬اليت تنص ‪" :‬للموصي أن يوصي ب‪//‬األموال اليت ميلكها و اليت ت‪//‬دخل‬
‫يف ملكه قبل موته عينا أو منفعة" ‪،‬و عليه فقد أجاز الوصية باملن‪/‬افع ملدة معينة أو غري معينة و يف ه‪/‬ذه احلالة األخ‪/‬رية تنتهي‬
‫بوفاة املوصى له ( املادة ‪ 196‬من قانون األسرة ) ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬تنص املادة ‪ 188‬من قانون األسرة ‪" :‬ال يستحق الورثة الوصية من قتل املوصي عمدا"‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه الرتمذي ‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه الدارقطين ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ألن الوصية تصرف يالحظ فيه التوسيع‪ /‬على املوصي‪ ،‬لتسهل عليه أبواب الرب و املعروف‪ ،‬إذ هو يف الغالب ال يقصد هبا نفعا شخصيا ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون املوصى به متقوما و قابال للتمليك ‪ :‬و هذا الشرط خ‪/‬اص باملوصى به إذا ك‪//‬ان م‪/‬اال و ليس منفعة و ال حقا‬
‫عينيا ‪ ،‬و يقصد باملال املتق‪// / /‬وم أن يك‪// / /‬ون م‪// / /‬اال ‪ ،‬فال تصح الوص‪// / /‬ية بامليتة مثال‪ ،‬و املال ال‪// / /‬ذي يصح أن يك‪// /‬ون موض ‪// /‬وعا‬
‫للوصية جيب أن يكون مما يباح اإلنتفاع به فاخلمر و اخلنزير و املخدرات‪ ،‬و كل ما هو حمرم أو معصية أموال غري متقومة‬
‫يف مفهوم‪ /‬الشرع اإلسالمي (‪.)1‬‬

‫‪9‬‬
‫أما قابلية املوصى به للتمليك فيقصد هبا أن يك‪//‬ون مما جيوز متلكه بعقد من العق‪//‬ود ك‪//‬البيع أو اهلبة بإعتب‪//‬ار الوص‪//‬ية‬
‫متليكا ( املادة ‪ 184‬من ق‪// / / / / / /‬انون األس‪// / / / / / /‬رة )‪ ،‬و عليه ال تصح الوص‪// / / / / / /‬ية ب‪// / / / / / /‬األموال املباحة غري اململوكة بعقد معني‪ /،‬و ال‬
‫بالوظائف العامة أو األموال العامة‪ ،‬و غريها من احلقوق الشخصية و املهنية احملضة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يك‪//‬ون املوصى به موج‪//‬ودا عند الوص‪//‬ية ‪ :‬و ه‪//‬ذا الش‪//‬رط متفق عليه إذا ك‪//‬ان املال معينا بال‪//‬ذات أو ج‪//‬زء ش‪//‬ائعا يف‬
‫م‪//‬ال معني‪ /،‬فيجب أن يك‪//‬ون املوصى به هنا يف ملك املوصي عند إنش‪//‬اء الوص‪//‬ية‪ ،‬و ل‪//‬ذا ال تصح الوص‪//‬ية مبلك الغري حىت و‬
‫إن ملكه بعد الوصية مث مات‪ ،‬و إن أجازها الغري بعد الوفاة فيكون ذلك هبة منه و ال تتم إال بالقبض (‪. )2‬‬
‫و هذه األحكام أكدها املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 190‬من قانون األسرة اليت تش‪/‬رتط أن يك‪/‬ون اإليص‪/‬اء ب‪/‬األموال‬
‫اليت ميلكها املوصي عند الوص‪//‬ية‪ ،‬و يقصد هنا األش‪//‬ياء املعينة بال‪//‬ذات‪ ،‬أما إذا ك‪//‬ان املوصى به غري معني بال‪//‬ذات و مل يكن‬
‫جزء يف شيء معني و ال نوع معني‪ /،‬بل كان شائعا يف املال كله فيشرتط وجوده عند الوفاة‪ ،‬و إال بطلت الوصية ‪.‬‬
‫إال أن هن‪//‬اك مس‪//‬ألة تصح فيها الوص‪//‬ية مع أن املوصى به غري موج‪//‬ود وقت الوص‪//‬ية و ال وقت الوف‪//‬اة‪ ،‬و ذلك إذا‬
‫ما أوصى بغلة بس‪/‬تانه فتك‪/‬ون له الغالت املس‪/‬تقبلة ما دام حي‪/‬ا‪ ،‬ألن الوص‪/‬ية بالغلة من قبيل الوص‪/‬ية باملن‪/‬افع‪ ،‬و ه‪/‬ذه األخ‪/‬رية‬
‫جتوز الوصية هبا مع أنه حيصل عليها وقتا بعد آخر يف املستقبل بعد وفاة املوصي (‪.)3‬‬
‫‪ -4‬أال يكون املوصى به مستغرقا بدين ‪ :‬يشرتط لنفاذ الوص‪//‬ية أال يك‪//‬ون املوصي م‪//‬دينا ب‪//‬ديون تس‪//‬تغرق مجيع مال‪//‬ه‪ ،‬وذلك‬
‫ألن دي‪// / /‬ون العب‪// / /‬اد مقدمة على الوص‪// / /‬ية و اإلرث لتعلق حق ال‪// / /‬دائنني ب‪// / /‬أموال املدين‪ ،‬فال‪// / /‬ديون ت‪// / /‬أيت يف املرتبة الثانية بعد‬
‫مص ‪//‬اريف التجه ‪//‬يز و ال ‪//‬دفن بالق ‪//‬در املش ‪//‬روع حسب املادة ‪ 180‬من ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة‪ ،‬فأداؤها واجب بينما الوص ‪//‬ية يف غري‬
‫الواجبات مندوبة أو مباحة‪ ،‬و الواجب مقدم على املندوب و املباح يف أحكام الفقه ‪.‬‬
‫أما بالنس‪//‬بة ألس‪//‬اس تق‪//‬دمي ال‪//‬دين على الوص‪//‬ية مع قوله تع‪//‬اىل ‪" :‬من بعد وص‪//‬ية توص‪//‬ون هبا أودين" (‪ / )4‬أي بتق‪//‬دمي‬
‫الوص ‪// /‬ية على ال‪// / /‬دين؛ فإنه قد روي عن علي ‪ -‬ك‪// / /‬رم اهلل وجهه ‪ -‬أنه ق‪// / /‬ال ‪" :‬إنكم تق‪// / /‬رؤون الوص‪// / /‬ية قبل ال ‪// /‬دين‪ ،‬و قد‬
‫شهدت رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪ -‬بدأ بالدين قبل الوصية" ‪ ،‬و عليه فإن تقدمي القرآن للوصية على الدين مل‬
‫يكن لتقدميها يف الرتبة؛ بل لتبيان أمهيتها و وجوب تنفيذها حىت ال يهمل الورثة ذلك ‪.‬‬
‫وقد تصح الوصية مبال مستغرق بالدين إذا أبرأه الغرماء و أسقطوا ديوهنم‪ ،‬أو إذا أجازوا إنفاذ الوصية قبل الدين ‪.‬‬
‫‪ -5‬أال يزيد املوصى به عن ثلث الرتكة ‪ :‬نصت املادة ‪ 185‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة على أنه ‪ " :‬تك‪//‬ون الوص‪//‬ية يف ح‪//‬دود ثلث‬
‫الرتك ‪//‬ة‪ ،‬وما زاد على الثلث تتوقف على إج ‪//‬ازة الورث ‪//‬ة" ‪ ،‬وه ‪//‬ذه هي احلدود الش ‪//‬رعية و القانونية للوص ‪//‬ية‪ ،‬كما جـاء يف‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬عمر محدي باشا‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 55‬‬
‫(‪ )3( )2‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 100‬‬
‫(‪ )4‬سورة النساء‪ .‬اآلية ‪. 12‬‬
‫احلديث الشريف عن سعد ابن أيب وقاس حيث قال الرسول ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪ -‬و سعد يف م‪//‬رض املوت ‪" :‬الثلث‬
‫و الثلث كثري" (‪ )1‬و يقول ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪" -‬إن اهلل تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم" (‪. )2‬‬
‫ونرتك التفصيل يف هذه األحكام عند احلديث عن تقييد حرية اإليصاء يف املطلب التايل ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تقييد حريةـ اإليصاء في الشريعة اإلسالميةـ و قانون األسرة‬

‫بوصف الوص ‪//‬ية تص ‪//‬رفا يف الرتكة مض ‪//‬افا إىل ما بعد الوف ‪//‬اة‪ ،‬تتحقق فيها اخلالفة يف املال بالوف ‪//‬اة؛ فهي تق ‪//‬رتب من‬
‫املرياث كس ‪// /‬بب من أس ‪// /‬باب كسب امللكي ‪// /‬ة‪ ،‬و ختتلف عنه من حيث اإلختي ‪// /‬ار‪ ،‬فالش ‪// /‬ارع احلكيم ملا نظم اخلالفة يف املال‬
‫ب‪//‬املرياث توالها ب‪//‬التوزيع الع‪//‬ادل‪ ،‬وباملقابل نظم أمر اخلالفة بالوص‪//‬ية مقي‪//‬دا حرية األش‪//‬خاص يف اإليص‪//‬اء بغية احلف‪//‬اظ على‬
‫حق‪// /‬وق الورث‪// /‬ة‪ ،‬ومحاية هلم من خطر التص‪// /‬رف بالوص‪// /‬ية س‪// /‬واء متت ل‪// /‬وارث أو لغ‪// /‬ريه‪ ،‬وذلك باعتب‪// /‬ار الوص‪// /‬ية مساسا يف‬
‫الصميم بالرتكة اليت ستؤول إىل الورثة احملتملني ‪ .‬وعمال بأحكام الش‪/‬ريعة اإلس‪/‬المية قيد املش‪/‬رع اجلزائ‪/‬ري من جهته حرية‬
‫اإليص ‪//‬اء بع ‪//‬دة أحك ‪//‬ام منها ما تعلق باملوصى ل ‪//‬ه‪ ،‬ومنها ما تعلق باملوصى ب ‪//‬ه‪ ،‬وه ‪//‬ذا ما سنفص ‪//‬له فيما ي ‪//‬أيت مرك ‪//‬زين على‬
‫األحكام اليت حتقق احلماية حلقوق الورثة ‪.‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬عــدم جـواز اإليصـاء لوارث‬


‫من أهم شروط املوصى له املقيدة حلرية املوصي يف اإليصاء بأمواله‪ ،‬أال يكون املوصى له وارثا كقاعدة عامة ‪.‬‬
‫ق ‪//‬ال اهلل تع ‪//‬اىل ‪" :‬كتب عليكم إذا حضر أح ‪//‬دكم املوت إن ت ‪//‬رك خ ‪//‬ريا الوص ‪//‬ية للوال ‪//‬دين و األق ‪//‬ربني ب ‪//‬املعروف حقا على‬
‫املتقني" (‪)3‬‬
‫قال رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪" : -‬إن اهلل أعطى لكل ذي حق حقه فال وصية لوارث" (‪ ،)4‬و روي عن إبن‬
‫عباس قوله ‪ :‬قال رسول اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪" : -‬ال وصية لوارث إال أن يشاء الورثة" (‪ ،)5‬كما روي عن عمر‬
‫بن شعيب عن أبيه عن جده قوله ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪" : -‬ال وصية لوارث إال أن جييزها الورثة" ‪.‬‬
‫مبا أن جل أحك ‪//‬ام الوص ‪//‬ية مستس ‪//‬قاة من الفقه اإلس ‪//‬المي‪ ،‬ك ‪//‬ان م ‪//‬رد اخلالف يف ج ‪//‬واز وع ‪//‬دم ج ‪//‬واز الوص ‪//‬ية لل ‪//‬وارث يف‬
‫تفسري اآليات و اعتماد األحاديث على رأيني ‪.‬‬
‫الـرأي األول ‪ :‬جييز اإليصـاء لـوارث‬
‫و اعتمد هذا الرأي القانون املصري الذي اعترب أن الوصية للوارث ال حتتاج إىل إجازة الورثة إال إذا جتاوزت‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري و مسلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬رواه ابن ماجة و الدارقطين ‪.‬‬
‫(‪ )3‬سورة البقرة‪ .‬اآلية ‪. 180‬‬
‫(‪ )4‬رواه الرتمذي ‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه الدارقطين ‪.‬‬
‫الثلث ‪ ،‬و من أهم ما اس‪//‬تند إليه ه‪//‬ذا ال‪//‬رأي قوله تع‪//‬اىل يف اآلية ‪ 180‬من س‪//‬ورة البق‪//‬رة ‪" :‬كتب عليكم إذا حضر أح‪//‬دكم‬
‫املوت إن ترك خريا الوصية للوالدين و األقربني باملعروف حقا على املتقني" ‪.‬‬
‫إض ‪//‬افة إىل ق ‪//‬ول بعض املفس ‪//‬رين منهم أبو مس ‪//‬لم األص ‪//‬فهاين ب ‪//‬أن ه ‪//‬ذه اآلية غري منس ‪//‬وخة بآية املواريث‪ ،‬و من أسس ه ‪//‬ذا‬
‫الرأي أيضا هو أن الناس قد احتاجوا للوصية لوارث‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫و قد انتقد ه ‪//‬ذا ال ‪//‬رأي على أس ‪//‬اس أنه إذا ك ‪//‬ان أبو مس ‪//‬لم األص ‪//‬فهاين من بني ع ‪//‬دد من املفس ‪//‬رين إعترب أن ه ‪//‬ذه اآلية غري‬
‫منس ‪//‬وخة ‪ -‬ألنه ق ‪//‬رر أنه ال نسخ يف كت ‪//‬اب اهلل تع ‪//‬اىل قط ‪ -‬فإنه باملقابل ح ‪//‬اول التوفيق بينها و بني آية املواريث و اعترب‬
‫أهنا غري خمالفة هلا‪ ،‬و أن معناها ‪ :‬كتب عليكم ما أوصى اهلل تع‪// / /‬اىل من ت‪// / /‬وريث الوال‪// / /‬دين و األق‪// / /‬ربني من قوله تع‪// /‬اىل ‪" :‬‬
‫يوص ‪//‬يكم اهلل يف أوالدكم" أي كتب على احملتضر أن يوصى للوال ‪//‬دين و األق ‪//‬ربني بتوفية ما أوصى اهلل به هلم‪ ،‬و أال ينقص‬
‫من أنصبتهم‪.‬‬
‫و طبقا ملا س ‪// /‬بق فإنه ال مناف ‪// /‬اة بني ثب ‪// /‬وت املرياث لألقرب ‪// /‬اء‪ ،‬مع ثب ‪// /‬وت الوص ‪// /‬ية ب‪// /‬املرياث عطية من اهلل تع‪// /‬اىل‪ ،‬و‬
‫الوص ‪//‬ية عطية ممن حض ‪//‬ره املوت إض ‪//‬افة إىل ذلك ‪ ،‬فإنه لو ق ‪//‬درنا حص ‪//‬ول املناف ‪//‬اة‪ ،‬لك ‪//‬ان ميكن جعل آية املواريث خمصصة‬
‫هلذه اآلية‪ ،‬وذلك ألن هذه اآلية توجب الوصية لألقربني‪ ،‬مث آية املواريث خترج القريب ال‪//‬وارث (‪ ،)1‬و ال مناف‪//‬اة بني اآلية‬
‫اخلاصة بالوصية وقوله صلى اهلل عليه و س‪//‬لم ‪" :‬إن اهلل أعطى كل ذي حق حق‪//‬ه‪ ،‬فال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث" ألن اآلية ما أج‪//‬ازت‬
‫الوصية للوارث‪ ،‬بل أجازت الوصية للوالدين و األقربني باملعروف‪ ،‬و ليس متعينا أن يكونوا ورثة ‪.‬‬
‫و يرى البعض يف هذا الشأن جواز الوصية لل‪//‬وارث إذا ك‪//‬ان ه‪//‬ذا ال‪//‬وارث أح‪//‬وج من غ‪//‬ريه‪ ،‬و اآلية تشري إليه ألهنا‬
‫اش‪//‬رتطت لنف‪//‬اذ الوص‪//‬ية أال يك‪//‬ون فيها جتانف إلمث إذ ق‪//‬ال اهلل تع‪//‬اىل بعد آية الوص‪//‬ية ‪" :‬فمن خ‪//‬اف من م‪//‬وص جنفا أو إمثا‬
‫فأص ‪//‬لح بينهم فال إمث علي ‪//‬ه" (‪ ،)2‬و قيل مل تنسخ اآلية و ال ‪//‬وارث جيمع له بني الوص ‪//‬ية و املرياث حبكم اآلي ‪//‬تني‪ ،‬لكن ه ‪//‬ذا‬
‫الرأي يف كتب التفسري رأي مغمور وليس مبشهور ‪.‬‬
‫و يرى اإلمام أبو زهرة أن إجازة القانون املصري الوصية لل‪//‬وارث وجعلها كوص‪//‬ية األجنيب مب‪//‬دأ خطري اس‪//‬تحدث‬
‫يف قوانني الدولة املصرية‪ ،‬و يكاد يكون انقالبا يف التوريث اإلسالمي ‪.‬‬
‫الـرأي الثـاني ‪ :‬يذهب إىل أنه ليس للوارث احلق يف الوصية ‪:‬‬
‫يذهب املالكية ‪ -‬املشهور عندهم ‪ -‬إىل أن الوصية باطلة للوارث ‪ ،‬فلو صح و أن أوصي للوارث ولغريه صحت‬
‫لغري ال ‪//‬وارث ‪ ،‬و بطلت وص ‪//‬ية ال ‪//‬وارث فقط ‪.‬و ي ‪//‬رى ابن ح ‪//‬زم أن الوص ‪//‬ية باطلة بطالنا مطلقا إذا ما متت لل ‪//‬وارث‪ ،‬و ال‬
‫تصححها إجازة الورثة بعد وفاة املوصي (وهذا الرأي أخذ به املشرع املغريب الذي نص على انه ال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث إطالق‪//‬ا‪،‬‬
‫و ال تصح و لو أجازها الورثة (‪.)3‬‬
‫غري أن هناك رأيا آخر يذهب إىل أن الوصية لوارث صحيحة متوقفة على إجازة باقي الورثة‪ ،‬و يف ذلك قـال‬
‫إبن القصار و إبن العطار ‪ -‬ومها من املالكية ‪ ، -‬وعليه فإذا أجـاز الورثة الوصية بعد وفاة املوصي كانت صحيحـة‪،‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 64‬‬
‫(‪ )2‬سورة البقرة‪ .‬اآلية ‪. 182‬‬
‫(‪ )3‬بلحاج العريب‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 264‬‬
‫أما إذا أجازها بعض الورثة ‪ ،‬و رفضها البعض اآلخر نفذت يف حصص من قبلها ‪.‬‬
‫و من بني اإلعتبارات اليت تربر عدم جواز الوصية للوارث ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ملا ك‪// /‬ان املرياث حمددا من عند اهلل س‪// /‬بحانه و تع‪// /‬اىل‪ ،‬فهو ال‪// /‬ذي ت‪// /‬وىل تقس‪// /‬يمه و بيان‪// /‬ه‪ ،‬و ح‪// /‬دد لكل وارث نص‪// /‬يبه‬
‫الشرعي‪ ،‬و إن جاء فرض الوصية للوالدين و األقربني بقوله تعاىل ‪" :‬كتب عليكم إذا حضر أحدكم املوت‪ ،‬إن ترك خريا‬
‫‪12‬‬
‫الوص ‪//‬ية للوال ‪//‬دين واألق ‪//‬ربني" فه ‪//‬ذا معن ‪//‬اه توفية الوال ‪//‬دين و األق ‪//‬ربني ما أوصى اهلل ب ‪//‬ه‪ ،‬إض ‪//‬افة إىل ما ذكرن ‪//‬اه يف نقد ال ‪//‬رأي‬
‫األول ‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله ‪ -‬ص‪// /‬لى اهلل عليه وس‪// /‬لم‪" : -‬إن اهلل قد أعطى لكل ذي حق حق‪// /‬ه‪ ،‬أال ال وص‪// /‬ية ل‪// /‬وارث" ؛فقد ج ‪//‬اء فيه نفي‬
‫الوص‪// / /‬ية بـ "ال" فهو نفي جنس الوص‪// / / /‬ية ل‪// / / /‬وارث‪ ،‬س‪// / / /‬واء أج‪// / / /‬از الورثة أم مل جييزوا رغم أن احلديث مل تثبت روايته عن‬
‫اإلمامني مسلم و البخاري فهو قول الشافعي من األئمة و أقرب إىل عصر السلف الصاحل ‪.‬‬
‫إض ‪//‬افة إىل قوله ‪ -‬ص ‪//‬لى اهلل عليه و س ‪//‬لم ‪" : -‬ال وص ‪//‬ية ل ‪//‬وارث إال أن يش ‪//‬اء الورث ‪//‬ة" ‪ ،‬و قوله ‪" :‬إن اهلل أعطى‬
‫لكل ذي حق حقه فال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث" و عن ش‪//‬عيب عن أبيه عن ج‪//‬ده قول‪//‬ه‪-‬ص‪//‬لى اهلل عليه و س‪//‬لم‪":‬ال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث إال‬
‫أن جييزها الورثة"‪.‬‬
‫‪ -3‬إن أس‪//‬اس الت‪/‬وريث اإلس‪//‬المي تقس‪/‬يم الش‪//‬ارع للرتكة بني الورث‪/‬ة‪ ،‬و قد أعطى للم‪/‬ورث الثلث يعطيه من يش‪/‬اء من غري‬
‫الورثة‪ ،‬فإذا جاء املورث و أعطى هذا ومنع ذلك فقد غاير قسمة الشارع‪ ،‬و زاد بعض األنصبة و أنقص أخرى (‪.)1‬‬
‫‪ -4‬إن مثة إمجاعا من الص ‪//‬حابة ‪ -‬رض ‪//‬وان اهلل عليهم ‪ -‬من أن الوص ‪//‬ية غري واجبة للوال ‪//‬دين‪ ،‬و مل يلزم ‪//‬وا هبا ‪،‬و لو صح‬
‫خالف ذلك ألقدموا عليها ‪.‬‬
‫و لقد خ ‪//‬الف املش ‪//‬رع اجلزائ ‪//‬ري أغلب الق ‪//‬وانني العربية و اعتمد ال ‪//‬رأي األخري املش ‪//‬ار إليه س ‪//‬ابقا ؛و ه ‪//‬ذا يف املادة‬
‫‪ 189‬من ق‪//‬انون األس ‪//‬رة اليت تنص على أنه ‪" :‬ال وص‪//‬ية ل‪//‬وارث إال إذا أجازها الورثة بعد وف‪//‬اة املوص ‪//‬ي"‪ ،‬و اعترب الوص ‪//‬ية‬
‫ل ‪//‬وارث ص ‪//‬حيحة‪ ،‬و لكنها موقوفة على إج ‪//‬ازة خاصة من الورث ‪//‬ة‪ ،‬و يس ‪//‬تخلص ذلك من النس ‪//‬خة الفرنس ‪//‬ية هلذه املادة (‪)2‬‬
‫اليت تعترب أن الوص‪//‬ية ل‪//‬وارث ال تنتج أثرها إال إذا أجازها الورثة بعد وف‪//‬اة املوص‪//‬ي‪ ،‬و عليه فهي ص‪//‬حيحة‪ ،‬و لكن أثرها ال‬
‫يسري إال بإجازة الورثة ‪ .‬و جيب اإلشارة هنا أنه إذا أج‪//‬از بعض الورثة الوص‪//‬ية و مل جيزها البعض اآلخر ك‪/‬انت ناف‪/‬ذة يف‬
‫حق من قبلها دون تنفذ يف حق من مل يقبلها من الورثة ‪.‬‬
‫و املشرع اجلزائري هبذا املوقف قد تفادى خلق الشقاق و األحقاد بني الورثة‪ ،‬مبنع الوصية للوارث بصفة مطلقة‪،‬‬
‫كما فعل الق ‪// /‬انون املغ ‪// /‬ريب‪ ،‬وذلك جتاه بعض احلاالت املش ‪// /‬روعة كالولد املص ‪// /‬اب بعاهة أو م ‪// /‬رض م ‪// /‬زمن‪ ،‬و يريد وال ‪// /‬ده‬
‫اإليص‪//‬اء له لت‪//‬أمني حياته و لعالجه ‪ .‬كما انه قد اجتنب أيضا ما قد يثري البغض‪//‬اء بني آح‪//‬اد األس‪//‬رة بالس‪//‬ماح املطلق لنظ‪//‬ام‬
‫الوص‪//‬ية لل‪//‬وارث‪ ،‬على غ‪//‬رار املش‪//‬رع املص‪//‬ري‪ ،‬ألن ذلك س‪//‬يوغر ص‪//‬در من مل ين‪//‬الوا ما ن‪//‬ال ذواحلظ‪//‬وة‪ ،‬و لن يك‪//‬ون س‪//‬بيل‬
‫عدل بل سيكون يف أكثر أحواله لغري ذي احلاجة ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 63‬‬
‫‪(2) Voir l’article 189 : « le testament fait au profit d’un héritier ne produit effet que si les co-héritiers y consentent après le‬‬
‫»‪décès du testateur. ‬‬
‫و قد قضت احملكمة العليا بقاعدة عدم جواز الوصية لوارث إال إذا أجازها الورثة يف العديد من قراراهتا منها‬
‫القرار الصادر بتاريخ ‪ 05/03/1990‬ملف رقم ‪ ،)1( 59240‬وكذا القرار الصادر بتاريخ ‪ 24/11/1992‬ملف رقم‬
‫‪.)2( 86039‬‬

‫‪13‬‬
‫و تطبيقا لقاع‪//‬دة ع‪//‬دم ج‪//‬واز اإليص‪//‬اء ل‪//‬وارث‪ ،‬جيب اإلش‪//‬ارة إىل أن الع‪//‬ربة يف حتديد ص‪//‬فة ال‪//‬وارث ‪ -‬أي يف ك‪//‬ون‬
‫املوصى له من الورثة أومن غري الورثـة ‪ -‬هي بت‪//‬اريخ وف‪//‬اة املوص‪//‬ي‪ ،‬ال ت‪//‬اريخ إنش‪//‬اء الوص‪//‬ية‪ ،‬كما أن الع‪//‬ربة باإلجـازة اليت‬
‫يعرب عنها بعد وفاة املوصي ألن الوصية متليـك مضاف إىل ما بعد املوت‪ ،‬وهذا ما جـاءت به املادة ‪ 189‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة‬
‫‪.‬‬
‫و يش ‪//‬رتط يف ص ‪//‬حة اإلج ‪//‬ازة‪ ،‬أن تقع فيما ميلك الورث ‪//‬ة‪ ،‬كما أن ال ‪//‬وارث ال ‪//‬ذي تعترب إجازته هو ال ‪//‬وارث ال ‪//‬ذي‬
‫يكون أهال للتربع‪ ،‬وهو كامل األهلية‪ ،‬البالغ‪ ،‬العاقل‪،‬الذي مل حيجر عليه وذلك ألن اإلجازة تربع و الت‪//‬ربع تص‪//‬رف ض‪//‬ار‬
‫ض‪//‬ررا حمض‪//‬ا‪ ،‬ل‪//‬ذا ف‪//‬إذا ك‪//‬ان ال‪//‬وارث ع‪//‬دمي األهلية أو ناقص‪//‬ها لألس‪//‬باب اليت يقررها الق‪//‬انون ‪ ،‬ف‪//‬إن تص‪//‬رفه باإلج‪//‬ازة يك‪//‬ون‬
‫باطال بطالنا مطلقا طبقا للمواد ‪ ،43 ،42 ،40‬و ‪ 44‬من القانون املدين و املواد ‪،82 ،81‬و ‪ 83‬من قانون األسرة‪.‬‬
‫إضافة إىل ذلك ال بد أن يكون الوارث عاملا علما كامال بالوصية ليجيزها (‪ )3‬ألن اجلهالة متنع صحة التصرف ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬عدم تجـاوز الموصى به ثلث التـركة‬


‫من القي‪//‬ود ال‪//‬واردة على الوص‪//‬ية ما تعلق باملوصى ب‪//‬ه‪ ،‬و املتمثلة يف إش‪//‬رتاط ح‪//‬دود للوص‪//‬ية هي ع‪//‬دم جتاوز املوصى‬
‫به ثلث الرتك‪//‬ة‪ ،‬وه‪//‬ذا ما أمجع عليه الفقهـاء مس‪//‬تندين على ح‪//‬ديث س‪//‬عد بن أيب وقـاص إىل الرسـول ‪ -‬ص‪//‬لى اهلل عليه و‬
‫س‪//‬لم ‪ -‬ق‪//‬ال س‪//‬عد ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ : -‬ج‪//‬اءين رس ‪//‬ول اهلل ص ‪//‬لى اهلل عليه و س‪//‬لم ‪ ،‬يع ‪//‬ودين من وجع اش‪//‬تد يب‪ ،‬فقلت يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬إين قد بلغ يب من الوجع ما ترى و أنا ذو مال‪ ،‬و ال يرثين إال إبنة يل‪ ،‬فأتصدق بثلثي مايل‪ ،‬ق‪//‬ال‪:‬كال‪ ،‬فقلت‪،‬‬
‫فالش ‪//‬طر‪ ،‬ق ‪//‬ال‪:‬كال‪ ،‬قلت ف ‪//‬الثلث يا رس ‪//‬ول اهلل‪ ،‬ق ‪//‬ال ‪" :‬الثلث‪ ،‬و الثلث كث ‪//‬ري‪ ،‬انك أن ت ‪//‬ذر ورثتك أغني ‪//‬اء خري من أن‬
‫تدعهم عالة يتكففون الناس"(‪.)4‬‬
‫وكذا قوله صلى اهلل عليه و سلم ‪":‬إن اهلل تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم" (‪)5‬‬
‫يتضح من ه ‪// /‬ذه األح ‪// /‬اديث أن ما زاد عن ثلث الرتكة إمنا هو خ ‪// /‬الص للورثة ف ‪// /‬إن رفض ‪// /‬وه ال جيوز ألحد أن ينفذ عليهم‬
‫ذلك‪ ،‬لذا يستحب يف الفقه اإلسالمي أن يوصي اإلنسان مبا دون الثلث‪ ،‬سواء كان الورثة أغنياء أم فقراء ‪.‬‬
‫و قد نصت املادة ‪ 185‬من ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة على ما يلي ‪" :‬تك ‪//‬ون الوص ‪//‬ية يف ح ‪//‬دود ثلث الرتك ‪//‬ة‪ ،‬و ما زاد على‬
‫الثلث تتوقف على إجازة الورثة" ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قرار احملكمة العليا‪ .‬الصادر بتاريخ ‪ 05/03/1990‬ملف رقم ‪ .59240‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثالث‪ .1992 .‬ص ‪. 57‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا‪ .‬الصادر بتاريخ ‪ .24/11/1992‬ملف رقم ‪ . 86039‬اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪. 292‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق أمحد السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬أسباب كسب امللكية‪ .‬اجمللد التاسع‪ /.‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬لبنان‪ .1986 .‬ص ‪. 213‬‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري و مسلم‪.‬‬
‫(‪ )5‬رواه ابن ماجه و الدارقطين ‪.‬‬
‫و ه‪// /‬ذا ما قضت به احملكمة العليا يف قراراهتا‪ ،‬ومن بينها الق‪// /‬رار املؤرخ يف ‪ ،)1( 24/02/1986‬وك‪// /‬ذا الق‪// /‬رار املؤرخ يف‬
‫‪.)2( 29/07/1997‬‬

‫‪14‬‬
‫و عليه إذا جتاوزت الوص‪//‬ية الثلث الق‪//‬انوين‪ ،‬في‪//‬ذهب الفقه املالكي إىل أن الوص‪//‬ية لغري ال‪//‬وارث يف ه‪//‬ذه احلالة تقع‬
‫باطلة بالنسبة للزي‪//‬ادة‪ ،‬أما إذا أجازها الورثة فإهنا تأخذ حكم اهلبة من أم‪/‬واهلم‪ ،‬و يف رأي آخر للمالكية إعت‪/‬ربوا أن الزي‪/‬ادة‬
‫صحيحة‪ ،‬و لكنها موقوفة على إجازة الورثة بشرط أن تكون الوصية لغري وارث‪.‬‬
‫أما األحن‪/‬اف فقد ق‪//‬رروا أن الوص‪/‬ية ب‪/‬أكثر من الثلث تص‪/‬ح‪ ،‬و ال تقع باطل‪/‬ة‪ ،‬بل يتوقف نفاذها على إج‪/‬ازة الورثة‬
‫ألن الوص‪/‬ية مهما يكن مق‪/‬دارها تص‪/‬رف من املوصي يف امللكي‪/‬ة‪ ،‬و األصل يف تص‪/‬رف اإلنس‪/‬ان يف ملكه النف‪/‬اذ‪ ،‬و إمنا امتنع‬
‫النفاذ يف الزائد عن الثلث لتعلق حق الورثة بالثلثني وقت تنفيذ الوصية‪ ،‬فإذا أجازوا فقد زال املانع و بقي الس‪//‬بب املنش‪//‬ىء‬
‫مللكية املوصى له قائما وهو وصية املوصي ‪.‬‬
‫ل ‪//‬ذا فقد إعترب األحن ‪//‬اف أن اإلج ‪//‬ازة‪ ،‬و إن ك ‪//‬انت بالنس ‪//‬بة لل ‪//‬وارث تربعا ف ‪//‬إن التمليك ال يك ‪//‬ون منه و إمنا من املوص ‪//‬ي‪،‬‬
‫فليست اإلجازة منشئة للحق حىت يستند التمليك للوارث‪ ،‬بل هي منفذة للحق و إنشاؤه كان بالعبارة املنشئة للوصية ‪.‬‬
‫و يعترب الش ‪//‬افعي أن الوص ‪//‬ية مبا زاد عن الثلث باطلة يف أحد قولي ‪//‬ه‪ ،‬وعليه فإج ‪//‬ازة الورثة متليك مبت ‪//‬دأ‪ ،‬أي‬
‫اإلجازة متليك من جانب الوارث‪ ،‬ال من جانب املوصي ‪.‬‬
‫و بالرجوع إىل املادة ‪ 185‬من قانون األسرة جندها اكتفت بالنص على أن الوصية تكون يف حدود الثلث و أن‬
‫ما زاد عنه يتوقف على إجازة الورثة ‪.‬‬
‫و جتدر اإلش‪//‬ارة إىل أنه لو أج‪//‬از بعض الورثة الزي‪//‬ادة عن الثلث‪ ،‬و امتنع بعض‪//‬هم عن اإلج‪//‬ازة نف‪//‬ذت الوص‪//‬ية يف‬
‫حق اجمليز‪ ،‬و بطلت الزيادة عن الثلث يف حق غري اجمليز‪ ،‬و ل‪/‬ذا نقسم الرتكة تقس‪/‬مني أح‪/‬دمها على ف‪/‬رض اإلج‪/‬ازة و اآلخر‬
‫على فرض عدم اإلجازة؛ فمن أجاز أخذ نصيبه على فرض اإلجازة‪ ،‬ومن مل جيز أخذ نصيبه على فرض عدم اإلجازة ‪.‬‬
‫و اإلج ‪//‬ازة املعت ‪//‬ربة تك ‪//‬ون بعد الوف ‪//‬اة‪ ،‬و ال ع ‪//‬ربة باإلج ‪//‬ازة قبل الوف ‪//‬اة‪ ،‬ألن تنفيذ الوص ‪//‬ية هو وقت الوف ‪//‬اة و قبل ذلك ال‬
‫يعرف الورثة على التع‪/‬يني‪ ،‬كما أن الص‪/‬فة اليت هي س‪/‬بب احلق مل تتحقق بع‪/‬د‪ ،‬واإلج‪/‬ازة ت‪/‬ربع حبق و ال يك‪//‬ون الت‪/‬ربع قبل‬
‫ثبوت احلق كما أنه جيب أن تكون اإلجازة صرحية ال يساورها أدىن شك (‪ ، )3‬و يشرتط يف الوارث اجمليز أن يكون أهال‬
‫للتربع كما سبق بيانه يف الفرع السابق ‪.‬‬
‫و عليه ال يثور اإلشكال يف حالة جتاوز املوصى به ثلث الرتكة و وجد ورثة جييزونه أو يرفضونه‪ ،‬و إمنا يطرح يف‬
‫حالة عدم وجود ورثة للموصي‪ ،‬فالزيادة عن الثلث باطلة عند كل من املالكية و الشافعية‪ ،‬و تؤول لبيت مال املسلمني‪،‬‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 24/02/1986‬ملف رقم ‪ .40651‬غري منشور‪ .‬مشار إليه‪ .‬عمر محدي باشا‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 167‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ .29/07/1997‬ملف رقم ‪ .166090‬اإلجتهاد القضائي لغرفة احلوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪. 298‬‬
‫(‪ )3‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ .14/03/2001‬ملف رقم ‪ . 241885‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد األول ‪ 2002‬ص ‪ " : 133‬إن القرار املطعون فيه ملا قرر ع‪//‬دم‬
‫وجود ما يثبت اعرتاض الوارث على الوصية أثناء حياته و بالتايل فان اجازته للوص‪/‬ية‪ /‬تص‪/‬بح ناف‪//‬ذة يك‪//‬ون قد بىن ه‪//‬ذه اإلج‪/‬ازة على وج‪/‬ود االف‪//‬رتاض و الظن خمالفا‬
‫بذلك أحكام املادة ‪ 185‬من قانون األسرة اليت جتعل من الوصية اليت توصي بأكثر من الثلث متوقفة على إجازة الورثة لالبتعاد عن أدىن شك‪".‬‬
‫أما عند كل من األحناف و احلنابلة فإن الزيادة عن الثلث تصح‪ ،‬لكن بعد إيفاء الديون إن وجدت (‪.)1‬‬

‫‪15‬‬
‫أما ق‪//‬انون األس‪//‬رة فإنه أغفل ه‪//‬ذه الفرض‪//‬ية ‪ -‬أي ع‪//‬دم وج‪//‬ود الورثة ‪ -‬و ذلك بع‪//‬دم النص عليه‪//‬ا‪ ،‬لكن ب‪//‬الرجوع للقواعد‬
‫العامة يف املرياث ال ‪//‬واردة ب ‪//‬املواد من ‪ 126‬إىل ‪ 183‬من ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة ف ‪//‬إن املادة ‪ 180/4‬منه تنص على أنه يف حالة ع ‪//‬دم‬
‫وج ‪//‬ود وارث ف ‪//‬إن الرتكة تك ‪//‬ون من حق اخلزينة العام ‪//‬ة‪ ،‬و قياسا على ذلك فإننا ن ‪//‬رى أن ال ‪//‬رأي ال ‪//‬راجح هو ما ذهب إليه‬
‫املالكية ففي حالة عدم وجود ورثة فإن ما زاد عن الثلث يؤول إىل اخلزينة العامة ‪.‬‬
‫إضافة إىل ما سبق ‪ ،‬جيب لتطبيق هذه األحكام أن حندد وقت تقدير الثلث وكيفية تقديره ‪.‬‬
‫فبالنس‪//‬بة ل‪//‬وقت تق‪//‬دير الثلث‪ ،‬فقد اختلفت يف ذلك آراء الفقه‪//‬اء‪ ،‬و اخلالف قائـم على أس‪//‬اس اس‪//‬تقرار امللكيـة‪ ،‬و‬
‫الزيادة أو النقصان يف الرتكة بعد موت املوصي و قبل القسمة ‪.‬‬
‫ف‪// /‬الرأي املش‪// /‬هور عند املالكية و األحن‪// /‬اف أن وقت تق‪// /‬دير ما يرتكه املوصي هو وقت القس‪// /‬مة‪ ،‬و قبض كل من الورثة و‬
‫املوصى له حقوقهم؛ ألنه الوقت الذي تنفذ فيه الوصية ‪.‬‬
‫أما الشافعية و احلنابلة فإهنم يرون أن وقت تقديره وقت الوفاة؛ و ذلك ألن الوصية تلزم ب‪//‬املوت من جهة املوصي و يثبت‬
‫هبا امللك للورثة‪ ،‬و املوصى له ‪.‬‬
‫والق‪//‬انون اجلزائ‪//‬ري مل ي‪//‬ورد نصا فيما خيص ه‪//‬ذه املس‪//‬ألة‪ ،‬و عليه يس‪//‬توجب الرج‪//‬وع إىل ما ج‪//‬اء به م‪//‬ذهب اإلم‪//‬ام مالك‬
‫تطبيقا للمادة ‪ 222‬من قانون األسرة ‪.‬‬
‫أما بالنس‪//‬بة لكيفية تق ‪//‬دير الرتك‪//‬ة‪ ،‬فيجب أوال توض ‪//‬يح أن تق ‪//‬دير الرتكة ال يك ‪//‬ون إال بعد س ‪//‬داد ال ‪//‬ديون‪ ،‬ف ‪//‬الثلث‬
‫املعترب هو مما يك‪//‬ون تركة خالصة من كل دين‪ ،‬ألن الورثة خيلص هلم ثلثا الب‪//‬اقي بعد س‪//‬داد ال‪//‬ديون‪ ،‬وه‪//‬ذا ما يستشف من‬
‫املادة ‪ 185‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة بقوهلا ‪" :‬تك‪//‬ون الوص‪//‬ية يف ح‪//‬دود ثلث الرتك‪//‬ة" فاملقص‪//‬ود‪ /‬بكلمة الرتكة "‪ "patrimoine‬هنا‬
‫األموال اخلاضعة للوصايا‪ ،‬و املواريث بعد قضاء ديون العباد ‪.‬‬
‫و إن ك‪// / /‬ان تق ‪// /‬دير الثلث ال يثري إش ‪// /‬كاال يف كيفيته بالنس ‪// /‬بة للوص ‪// /‬ية باألعي ‪// /‬ان ‪-‬ألن الوص ‪// /‬ية تق ‪// /‬در بقيمة العني‬
‫نفسها‪ -‬فإن الصعوبة تطرح عندما يتعلق األمر بالوصية باملنافع (‪ )2‬فقد اختلف الفقهاء يف ذلك على رأيني ‪:‬‬
‫‪ -‬رأي أيب حنيفة و اإلم‪// /‬ام مالك أن الوص‪// /‬ية باملنفعة تق‪// /‬در بقيمة العني املوصى مبنفعتها أيا ك‪// /‬انت املدة ال بقيمة‬
‫املنفعة مس‪//‬تقلة‪ ،‬و علل‪//‬وا ذلك ب‪//‬أن الوص‪//‬ية باملن‪//‬افع فيها منع العني عن ال‪//‬وارث ملدة ط‪//‬الت أو قص‪//‬رت‪ ،‬و تف‪//‬ويت للمقص‪//‬ود‬
‫من األعيان و هو اإلنتفاع هبا ‪.‬‬
‫‪ -‬رأي الش‪//‬افعية و احلنابلة هو أن قيمة الوص‪//‬ية باملن‪//‬افع تق‪//‬در بقيمة املن‪//‬افع نفس‪//‬ها يف م‪//‬دة الوص‪//‬ية ألن تق‪//‬دير قيمة‬
‫الوصية يكون بقيمة ما يناله املوصى له منها‪ ،‬فتقدر قيمة املنافع جمردة عن العني ذاهتا ‪.‬‬
‫وطريقة تق‪//‬دير قيمة املنفعة هو أن يع‪//‬رف أجر املثل للعني اليت حتمل املنفعة يف م‪//‬دة الوص‪//‬ية‪ ،‬أما إذا ك‪//‬انت الوص‪//‬ية‬
‫باملنافع مؤبدة فتقدر العني مبنفعتها‪ ،‬و يعترب خروجها عن الثلث ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬العريب بلحاج‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 297‬‬
‫(‪ )2‬تنص املادة ‪" : 190‬للموصي أن يوصي باألموال التيت ميلكها و اليت تدخل يف ملكه قبل موته عينا أو منفعة"‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬علـة و أسـاس تقييــد الوصيــة‬

‫‪16‬‬
‫حفاظا على حق ‪// /‬وق الورثة احملتملني ‪ -‬ال‪// / /‬ذين س‪// / /‬تؤول إليهم الرتكة ‪ -‬من الوص‪// / /‬ايا اليت قد ت ‪// /‬ؤثر عليه ‪// /‬ا‪ ،‬ف ‪// /‬إن الش ‪// /‬ريعة‬
‫اإلس‪//‬المية و املش‪//‬رع الوض‪//‬عي (عمال بأحك‪//‬ام ه‪//‬ذه األخ‪//‬رية) قد قي‪//‬دت حرية اإليص‪//‬اء ب‪//‬الرجوع إىل أسس ش‪//‬رعية حاولنا‬
‫إمجاهلا يف نقط‪//‬تني أساس‪//‬يتني مها منع اإلض‪//‬رار بالورثة و تنظيم أحك‪//‬ام الوص‪//‬ية باعتب‪//‬ار إض‪//‬افتها إىل ما بعد املوت م‪//‬وازاة مع‬
‫تنظيم الشارع احلكيم ألحكام املرياث ‪.‬‬

‫الفرع األولـ ‪:‬منـع اإلضـرار بالورثـة‬


‫إن األصل أن الوص‪// /‬ية يف مفه‪// /‬وم اإلس‪// /‬الم هي ب‪// /‬اب من أب‪// /‬واب اإلنف‪// /‬اق على األقرب‪// /‬اء ال‪// /‬ذين ال يرث‪// /‬ون‪ ،‬و على‬
‫أص ‪//‬حاب اخلري‪ ،‬وعموما على وج ‪//‬وه اخلري كالوص ‪//‬ية للفق ‪//‬راء أو ل ‪//‬دور العلم و املستش ‪//‬فيات‪ ،‬أي أن اهلدف منها هو حتقيق‬
‫التكافل اإلجتم‪//‬اعي‪ ،‬إىل درجة تقرير وج‪//‬وب الوص‪//‬ية يف بعض احلاالت حبكم الش‪//‬رع و الق‪//‬انون وهو ما يس‪//‬مى بالوص‪//‬ية‬
‫الواجبة أي التنزيل طبقا للم ‪//‬واد ‪ 169‬إىل ‪ 172‬من ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة‪ ،‬واعتب ‪//‬ار الوص ‪//‬ية مكروهة يف ح ‪//‬االت أخ ‪//‬رى كوص ‪//‬ية‬
‫ص‪// /‬احب املال القليل للغري مع أن ورثته كث‪// /‬ريون وحمت‪// /‬اجون مص‪// /‬داقا لقوله ‪ -‬ص‪// /‬لى اهلل عليه و س‪// /‬لم ‪" : -‬إنك أن ت‪// /‬دع‬
‫ورثتك أغنياء خري من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" ‪.‬‬
‫و عليه فتحقيقا هلذا الغ ‪//‬رض النبيل للوص‪// /‬ية‪ ،‬إعت‪// /‬ربت الش‪// /‬ريعة اإلس‪// /‬المية الوص ‪//‬ية باطلة إذا ك ‪//‬ان القصد منها هو‬
‫اإلض‪/‬رار بالورثة وحق‪/‬وقهم‪ ،‬و ه‪/‬ذا مص‪/‬داقا لقوله تع‪//‬اىل ‪":‬من بعد وص‪//‬ية يوصى هبا أو دين غري مض‪//‬ار وص‪/‬ية من اهلل و اهلل‬
‫عليم حليم" (‪. )1‬‬
‫و ل‪// /‬ذا حقق بعض العلم‪// /‬اء بطالن ما يس‪// /‬مى بوص‪// /‬ية الض‪// /‬رار؛ وهي اليت يقصد هبا اإلض‪// /‬رار بالورثة ك‪// /‬أن يوصي‬
‫الش‪//‬خص بثلث ماله لبعض جه‪//‬ات الرب إن ت‪//‬زوج إبنه من فالنة و يص‪//‬رح بأنه ك‪//‬ان ي‪//‬ود أن يوصي بكل ماله يف ه‪//‬ذه احلال‬
‫لو مل يكن الق‪//‬انون مينعه من ذل‪//‬ك‪ ،‬فالقصد هنا مض‪//‬ارة ال‪//‬وارث‪ ،‬وه‪//‬ذا الب‪//‬اعث من‪//‬اف ملقاصد الش‪//‬ارع فالوص‪//‬ية املش‪//‬تملة‬
‫على الضرار خمالفة ملا شرعه اهلل تعاىل وما كان كذلك فهو معصية (‪. )2‬‬
‫و عن ابن عباس ‪ -‬بإسناد صحيح ‪ -‬أن وصية الضرار من الكبائر‪ ،‬فما أحق وصية الضرار باإلبطال من غري فرق‬
‫بني الثلث وما دونه و ما فوقه‪ ،‬وهذا تطبيقا لقوله ‪ -‬صلى اهلل عليه و سلم ‪" : -‬اإلضرار يف الوصية مـن الكب‪//‬ائر" (‪ ، )3‬و‬
‫ال جيب أن يفهم من ع ‪//‬دم ج ‪//‬واز وص ‪//‬ية الض ‪//‬رار بطالهنا عن ‪//‬دما تك ‪//‬ون نية أو قصد املورث اإلض ‪//‬رار بالورثة فق ‪//‬ط؛ بل أن‬
‫عنصر اإلضرار يتحقق يف احلالتني التاليتني ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا اجتهت نية املوصي إىل اإلض‪//‬رار‪ ،‬أي إذا قصد حرم‪//‬ان ورثته من بعض مال‪//‬ه‪ ،‬ك‪//‬أن يقر ب‪//‬ذلك ص‪//‬راحة يف الوص‪//‬ية ‪،‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬سورة النساء‪ .‬من اآلية ‪. 12‬‬
‫(‪ )2‬مل يشتمل قانون األسرة على نص يتعلق بوصية اإلضرار مما يتعني معه تطبيق ما جاءت به الشريعة اإلسالمية طبقا للمادة ‪ 222‬منه ‪.‬‬
‫(‪ )3‬رواه الدارقطين يف سننه ‪.‬‬
‫أو أن يس ‪//‬تخلص ذلك من اش ‪//‬تمال الوص ‪//‬ية على ش ‪//‬رط يتوقف تنفي ‪//‬ذها على حتققه ب ‪//‬أن يوصي الش ‪//‬خص جبزء من ماله إذا‬
‫تصرف وارثه تصرفا معينا‪ ،‬بينما ي‪/‬رى اإلم‪//‬ام مالك أن الوص‪//‬ية إذا ك‪/‬انت مش‪/‬روعة و يف ح‪/‬دود الثلث وك‪//‬انت لغري وارث‬
‫فيقتضي العمل هبا ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -2‬كما يتحقق عنصر اإلضرار بالرغم من عدم وجود نية اإلض‪/‬رار إذا أوصي ب‪/‬أكثر من ثلث الرتك‪/‬ة‪ ،‬أو إذا أوصي ألحد‬
‫الورثة دون ب‪//‬اقي الورثة أو أوصي جلهة معص‪//‬ية‪ ،‬فقد فسر القرط‪//‬يب"غري مض‪//‬ار"من‪ /‬آية املواريث الس‪//‬الفة ال‪//‬ذكر أن م‪//‬دخل‬
‫الضرر على الورثة بأن تزيد الوصية على الثلث أو بأن يوصى للوارث‪ ،‬ومن مث جاء تقييد اإليصاء هبذه القواعد‪.‬‬
‫فال يش‪//‬رتط الفقه ت‪//‬وفر نية اإلض‪//‬رار‪ ،‬بل يكفي حتقق الض‪//‬رر األكيد بالنس‪//‬بة حلق‪//‬وق الورثة لقوله ‪ -‬ص‪//‬لى اهلل عليه و س‪//‬لم‬
‫‪" :-‬إن اهلل قد أعطى كل ذي حق حقه فال وصية لوارث "‪.‬‬
‫و عليه فقانون األسرة بتقييده الوصية خصوصا يف عدم إجازته الوص‪/‬ية ل‪/‬وارث يك‪/‬ون قد متاشى مع بعض القواعد‬
‫الفقهية املش‪// / /‬هورة منها "درء املفاسد مق‪// / /‬دم على جلب املص‪// / /‬احل" و "احلكم يتبع املص‪// / /‬لحة الراجح‪// / /‬ة" فهو حيقق املص‪// /‬لحة‬
‫الراجحة املتمثلة يف اإلبق ‪//‬اء على كي ‪//‬ان األس ‪//‬رة ووح ‪//‬دهتا‪ ،‬و احلف ‪//‬اظ على ص ‪//‬الت ال ‪//‬رحم بني أفراده ‪//‬ا‪ ،‬فه ‪//‬ذا يتحقق بع ‪//‬دم‬
‫ج‪//‬واز الوص‪//‬ية ل‪//‬وارث ؛ حىت ال تنحصر ث‪//‬روة املـوصي كلـها يف وارث واحد على حسـاب مب‪//‬ادئ التكافل اإلجتم‪//‬اعي و‬
‫النظام العام اإلسالمي يف تنظيم تداول األموال‪ ،‬وتوزيعها بني أكرب عدد ممكن ممن هو أقرب ص‪//‬لة ب‪//‬امليت من ذوي قرابت‪//‬ه‪،‬‬
‫و بذلك كان املشرع اجلزائري متماشيا مع اآلراء اإلجتهادية‪ ،‬ومع روح نظام الوصية ‪ ،‬ونظام اإلرث اإلسالميني ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬تـولي الشرع الخالفـة في المـال بالتنظيـم‬


‫من أسباب امللكية امللكية باخلالفة عن املالك‪ ،‬و اليت تؤول فيها امللكية من شخص له ص‪/‬لة باملالك اهلال‪/‬ك‪ ،‬وذلك‬
‫لضرورة انتقال ما كان له من أموال وحقوق إىل آخر يعد خليفة له ‪ .‬وهذه اخلالفة تثبت بسببني ‪:‬‬
‫‪ -1‬إما حبكم الش‪// / /‬ارع؛ وه‪// / /‬ذا يف املواريث أين تك‪// / /‬ون اخلالفة حبكم من الش‪// / /‬ارع‪ ،‬ال ب‪// / /‬إرادة املورث‪ ،‬بل و حىت من غري‬
‫إرادة الوارث‪ ،‬لذا قيل أنه ال يدخل شيء يف ملك اإلنسان جربا عنه سوى املرياث (‪.)1‬‬
‫‪ -2‬و قد تثبت ه‪//‬ذه اخلالفة ب‪//‬إرادة املت‪//‬ويف؛ وه‪//‬ذا يف الوص‪//‬ية فاملوصى له ميلك ما يوصى به مبقتضى ما ص‪//‬در عن املوص‪//‬ي‪،‬‬
‫و تسمى باخلالفة اإلختيارية ‪ ،‬و املوصى له يبقى دائما قبل هذه اخلالفة خمتارا ‪.‬‬
‫و األصل أن الشارع هو الذي يتوىل أمر اخلالفة يف مال امليت‪ ،‬و ينظمها حيث جعل املرياث يف نطاق األسرة ال يع‪//‬دوها؛‬
‫و ه ‪// / /‬ذه حلماية هلذه األخ‪// / / / /‬رية‪ ،‬و إقامة بنياهنا‪ ،‬وتوثيق العالقة بني آحادها مما يق‪// / / / /‬وي دعائمها و يوثق الص ‪// / /‬الت و ينمي‬
‫التعاون بني أفرادها ‪.‬‬
‫و لذا فإن الشريعة اإلسالمية سلبت من املورث أمر اخلالفة يف ثلثي ماله‪ ،‬وهذا لتقسيم املال لألسرة بالقسطاس املستقيم ‪.‬‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬أحكام الرتكات و املواريث‪ .‬دار الفكر العريب‪ .‬مصر‪ .‬ص ‪. 5‬‬
‫والتوزيع العادل الذي تواله اهلل سبحانه و تعاىل يقوم على أسس ثالثة هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه مينح املرياث لألق‪//‬رب إىل املت‪//‬ويف‪ ،‬ول‪/‬ذا ك‪/‬ان أك‪/‬ثر األس‪//‬رة حظا يف املرياث األوالد‪ ،‬ومع ذلك يش‪/‬اركهم فيه غ‪/‬ريهم‬
‫كاألبوين مثال؛ و هذا ملنع تركيز املال يف ورثة معينني‪ ،‬فيكون اإلشرتاك يف املال بدل اإلنفراد و اإلستئثار ‪.‬‬
‫‪ -2‬مراع‪//‬اة احلاج‪//‬ة‪ ،‬فكلما ك‪//‬انت احلاجة أشد ك‪//‬ان العط‪//‬اء أك‪//‬ثر‪ ،‬وه‪//‬ذا هو الس‪//‬بب يف أن نص‪//‬يب األوالد ك‪//‬ان أك‪//‬ثر من‬
‫نص‪// / /‬يب األب‪// / / /‬وين مع قوله ‪ -‬ص‪// / / /‬لى اهلل عليه و س‪// / /‬لم ‪": -‬أنت ومالك ألبي‪// / / /‬ك" باعتب‪// / / /‬ار أن حاجة األوالد إىل املال أشد‬
‫‪18‬‬
‫لضعفهم و استقباهلم للحياة ‪ .‬كما أن هذا هو سبب جعل نصيب الذكر ضعف نص‪/‬يب األن‪/‬ثى باعتب‪//‬ار أن التك‪//‬اليف املالية‬
‫اليت تط ‪// /‬الب هبا املرأة دون التك ‪// /‬اليف اليت يط‪// / /‬الب هبا الرجل كالعمل لتوفري الق‪// / /‬وت أو نفقة األوالد‪ ،‬و إن اإلعط ‪// /‬اء على‬
‫مقدار احلاجة هو العدل‪ ،‬واملساواة عند تفاوت احلاجات هي الظلم (‪.)1‬‬
‫‪ -3‬إن الش‪// /‬ريعة اإلس‪// /‬المية تتجه يف تقس‪// /‬يم الرتكة إىل التوزيع دون التجمي‪// /‬ع‪ ،‬فلم جتعل وارثا ينف‪// /‬رد هبا دون س‪// /‬واه‪ ،‬ومل‬
‫تطلق يد املورث خيتص هبا من يش ‪//‬اء‪ ،‬بل وزعتها على ع ‪//‬دد من الورث ‪//‬ة‪ ،‬وه ‪//‬ذا ما يت ‪//‬بني من التوزيع الع ‪//‬ادل و الق ‪//‬ائم على‬
‫أسس منص‪//‬فة من أمثلتها أن ال‪//‬وارث ال‪//‬ذي أدىل إىل امليت ب‪//‬وارث حيجب عند وج‪//‬ود ذلك ال‪//‬وارث تفاديا جلمع الرتكة يف‬
‫حيز واحد‪ ،‬و غريها من األحكام اليت تعكس ذلك ‪.‬‬
‫إن قس ‪//‬مة اهلل العادلة وتوزيعه احلكيم ال حيتم أن يس ‪//‬اوي الغين و الفق ‪//‬ري‪ ،‬و الق ‪//‬ادر على الكسب من يعجز عن ‪//‬ه‪،‬‬
‫فإذا كان قد وضع أحكام املواريث العادلة على أساس التساوي بني الطبقات باعتبار أهنم سواسية يف احلاجة‪ ،‬فإنه باملقابل‬
‫منح حق الوص‪//‬ية لكي يت‪//‬دارك الش‪//‬خص ما عس‪//‬اه قد يك‪//‬ون فاتـه يف حياته من واجب‪//‬ات مص‪//‬داقا لقولـه ‪ -‬ص‪//‬لى اهلل عليه و‬
‫سلم ‪" : -‬إن اهلل تبارك و تعاىل تصدق عليكم بثلث أم‪/‬والكم يف آخر أعم‪/‬اركم زي‪/‬ادة يف أعم‪/‬الكم فض‪/‬عوه حيث ش‪/‬ئتم"‪.‬‬
‫لكنه حد ح ‪//‬دود الوص ‪//‬ية يف الق ‪//‬در ال ‪//‬ذي جتوز فيه و يف ص ‪//‬فة املوصى له و يف الب ‪//‬اعث عليه ‪//‬ا‪ ،‬ومل ي ‪//‬رتك األمر فيها إلرادة‬
‫املوصي املطلق‪//‬ة؛ ف‪/‬إذا ج‪/‬اء املورث ف‪/‬أعطى ه‪//‬ذا و منع ذلك فقد غ‪/‬اير قس‪/‬مة الش‪//‬ارع احلكيم و زاد بعض األنص‪//‬بة و أنقص‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫ل ‪//‬ذا مت رسم ح ‪//‬دود الوص ‪//‬ية على الوجه ال‪//‬ذي ال يس ‪//‬مح باملس ‪//‬اس حبق ‪//‬وق الورثة كما س‪//‬بق ال ‪//‬ذكر‪ ،‬و ت ‪//‬رك اجملال‬
‫لإليص‪//‬اء يف ح‪//‬دود الثلث فقط و لغري الورث‪//‬ة‪ ،‬إبتغ‪//‬اء ع‪//‬دم املس‪//‬اس مبا ج‪//‬اءت به أحك‪//‬ام الش‪//‬ريعة الغ‪//‬راء على الش‪//‬كل ال‪//‬ذي‬
‫ميس بعدالة اخلالفة يف املال (‪ /)2‬على إعتبار تويل الشارع احلكيم قسمة الرتك‪/‬ات و بي‪/‬ان أنص‪/‬بة الورثة و منح لكل ذي حق‬
‫حقه يف ثلثي الرتكة لقوله تعاىل ‪" :‬يبني اهلل لكم أن تضلوا و اهلل بكل شيء عليم" (‪. )3‬‬
‫و يف األخري و بعد توض‪//‬يح األسس الس‪//‬ابقة ال‪//‬ذكر يس‪//‬تخلص أن الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية ح‪//‬افظت ب‪//‬ذلك على كي‪//‬ان‬
‫األس ‪//‬رة باعتبارها وح ‪//‬دة البن ‪//‬اء اإلجتم ‪//‬اعي‪ ،‬إذ انه منذ بداية احنالل الروابط بني أف ‪//‬راد األس ‪//‬رة يب‪//‬دأ احنالل اجملتمع يف األمة‬
‫الواح‪//‬دة‪ ،‬فس‪//‬لب إرادة املورث يف اإليص‪//‬اء ل‪//‬وارث و ك‪//‬ذا يف ثل‪//‬ثي الرتكة مل يكن إال حلماية األق‪//‬ربني ل‪//‬ه‪ ،‬فهي مل تس‪//‬لب‬
‫منه إال ليعطى املال لألسرة بالقسطاس املستقيم‪ ،‬و لكيال يكون يف النفس جفوة املنع واإلعطاء إن توىل ذلك املورث ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬أحكام الرتكات و املواريث‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 210‬‬
‫(‪ )2‬فنظام املواريث من النظام العام ال ميلك اإلنسان احلق يف تغيريه و تبديله‪. /‬‬
‫(‪ )3‬سورة النساء ‪ .‬اآلية ‪.176‬‬

‫المبحـث الثانـي‬
‫أسس حماية الورثة في التصرفات الملحقة بالوصية‬

‫إن الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية اليت هي املص‪//‬در األساسي لق‪//‬انون األس‪//‬رة اجلزائ‪//‬ري‪ ،‬جعلت لل‪//‬وارث إب‪//‬ان حي‪//‬اة مورثه حقا‬
‫يف ماله يتقيد به حق التصرف بالوص‪/‬ية ل‪//‬وارث آخر أو مبق‪//‬دار معني ألجنيب على التفص‪//‬يل ال‪/‬ذي س‪/‬بق بيان‪/‬ه‪ ،‬بل أن املش‪//‬رع‬
‫‪19‬‬
‫ذهب إىل أبعد من ذل ‪//‬ك؛ ف ‪//‬أقر بطالن التعامل يف تركة إنس ‪//‬ان على قيد احلي ‪//‬اة ولو ك ‪//‬ان برض ‪//‬اه (املادة ‪ 92/2‬من الق ‪//‬انون‬
‫املدين) كما جرم اإلستيالء على أموال الرتكة (املادة ‪ 363/1‬من قانون العقوبات) ‪.‬‬
‫و يف بعض احلاالت‪ ،‬و رغبة من املورث يف حرم‪// / / / / / /‬ان بعض الورثة من حقهم الث‪// / / / / / /‬ابت يف املرياث‪ ،‬أو تفض ‪// / / / /‬يال‬
‫لبعض‪//‬هم على آخ‪//‬رين‪ ،‬أو رغبة منه يف تقس‪//‬يم تركته ح‪//‬ال حيات‪//‬ه‪ ،‬فإنه يص‪//‬بغ على تص‪//‬رفاته ش‪//‬كل تص‪//‬رفات منج‪//‬زة ك‪//‬البيع‬
‫أو اهلبة وهذا حتايال على القانون وهتربا من تقييد حريته يف اإليصاء ‪ .‬إال أن هناك قرائن يستخلص منها ه‪//‬ذا التحايل أنشأ‬
‫من خالهلا املش ‪//‬رع قرينة قانونية بنص املادة ‪ 777‬من الق ‪//‬انون املدين مثال ‪،‬كما أن املريض م ‪//‬رض املوت وهو يش ‪//‬عر ب ‪//‬دنو‬
‫أجله قد يفضل أحد الورثة أو أجنبيا فيحابيه بتص‪//‬رف منجز أو مض‪//‬اف إىل ما بعد املوت‪ ،‬وه‪//‬ذا ما أحلقه املش‪//‬رع بالوص‪//‬ية‬
‫‪.‬أيضا يف العديد من النصوص القانونية ‪ -‬كما سيأيت بيانه يف الفصل الثاين ‪. -‬‬
‫وعليه س ‪//‬نحاول فيما يلي توض ‪//‬يح األسس اليت ت ‪//‬دخل املش ‪//‬رع بن ‪//‬اء عليها يف ه ‪//‬ذا اجملال يف التص ‪//‬رفات اليت يربمها املورث‬
‫بصفة عامة يف مطلب أول‪ ،‬و بصفة خاصة يف تصرفات املريض مرض املوت يف مطلب ثان ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬األسـاسـ العام الذي تقوم عليه قرينة اإليصاء‬

‫لقد أق‪//‬ام املش‪//‬رع س‪//‬واء مبوجب أحك‪//‬ام الق‪//‬انون املدين أو ق‪//‬انون األس‪//‬رة ق‪//‬رائن قانونية مفادها أن بعض التص‪//‬رفات‬
‫اليت يربمها الش‪// /‬خص يف أمواله تأخذ حكم الوص‪// /‬ية‪ ،‬و بالت‪// /‬ايل تس‪// /‬ري عليها أحكامه‪// /‬ا‪ ،‬وذلك منعا للتحايل على أحك‪// /‬ام‬
‫القانون الواردة يف جمال الوصية‪ ،‬وهذا تدعيما لسلطة القاضي يف تكييف التصرفات القانونية ‪.‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬منع التحايل على أحكـام القانون‬


‫كثريا ما يلجأ األفراد من الناحية العملية إىل وصف تصرفاهتم بأهنا تصرفات منجزة كالبيع مثال أو اهلبة‪ ،‬رغم أهنا‬
‫تكون يف حقيقتها تصرفات مضافة إىل ما بعد املوت‪ ،‬وهذا ما يعترب سرتا للوصية حتايال على أحكام القانون اآلمرة املقي‪//‬دة‬
‫حلرية اإليص ‪//‬اء‪ ،‬و اليت س ‪//‬بق اإلش ‪//‬ارة إليها ؛ألن القصد هنا هو الت ‪//‬ربع من ناحي ‪//‬ة‪ ،‬و إض ‪//‬افة التمليك إىل ما بعد املوت من‬
‫ناحية أخرى ‪ ،‬وهي بذلك حتقق كل أهداف الوصية دون أن تتقيد بأحكامها اآلمرة (‪ )1‬فيلجأ الطرفان مثال إىل إظهـار‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬مسري عبد السيد تناغو‪ .‬عقد البيع‪ .‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ /.‬مصر‪ .‬ص ‪. 29‬‬
‫الوص‪//‬ية مبظهر ال‪//‬بيع في‪//‬ذكر يف العقد مثن ص‪//‬وري ال يل‪//‬تزم املش‪//‬رتي به يف حقيقة األم‪//‬ر‪ ،‬أو يص‪//‬بغون عليه مظهر اهلبة بإبرامه‬
‫يف ش‪// /‬كل تص‪// /‬رف منج‪// /‬ز‪ ،‬و لكن حيرص على أن تبقى للب‪// /‬ائع املزايا العملية للملكية فيحتفظ الب‪// /‬ائع حبق اإلنتف‪// /‬اع ب‪// /‬العني‬
‫املبيعة ط‪//‬ول حيات‪//‬ه‪ ،‬أو يش‪//‬رتط منع التص‪//‬رف يف العني حمل العقد ط‪//‬وال حي‪//‬اة املتص‪//‬رف‪ ،‬و الواقع أنه ال جيب التقيد يف ه‪//‬ذا‬
‫الصدد مبا يضفيه األفراد على تص‪/‬رفاهتم من أوص‪/‬اف‪ ،‬وإمنا جيب اإلعت‪/‬داد مبا يثبت من الناحية الواقعية (‪ ، )1‬و عليه يك‪/‬ون‬
‫لكل ذي مص ‪//‬لحة ك ‪//‬الوارث ‪ -‬بوص ‪//‬فه من الغري ‪ -‬أن يتمسك بالتص ‪//‬رف احلقيقي‪ ،‬و أن يثبت التحايل و قصد الت ‪//‬ربع و‬
‫إض‪//‬افة التمليك إىل ما بعد املوت‪ ،‬و غالبا ما يتم اإلثب‪//‬ات عن طريق الق‪//‬رائن القض‪//‬ائية (‪ ، )2‬ك‪//‬أن تس‪//‬تخلص منه نية الت‪//‬ربع‬

‫‪20‬‬
‫من ك ‪//‬ون املتص ‪//‬رف إليه مل يقبض مثنا لل ‪//‬بيع‪ ،‬أومن ع ‪//‬دم جدية الثمن أو ع ‪//‬دم ق ‪//‬درة املش ‪//‬رتي على دفع ‪//‬ه‪ ،‬وك ‪//‬أن تثبت نية‬
‫إضافة امللك إىل ما بعد املوت من عدم تنفيذ التص‪//‬رف قبل الوف‪//‬اة أومن مشول التص‪//‬رف لكافة ممتلك‪//‬ات املتص‪//‬رف‪ ،‬أو ع‪//‬دم‬
‫تسجيل سند التصرف و اإلحتفاظ به لدى املتصرف طوال حياته (‪. )3‬‬
‫و اعتم ‪//‬ادا على ه ‪//‬ذه الق ‪//‬رائن و غريها ف ‪//‬إن على الورثة أن يقيم ‪//‬وا ال ‪//‬دليل على ع ‪//‬دم ص ‪//‬حة ما ورد يف تص ‪//‬رف‬
‫املورث؛ فعبء اإلثب‪// /‬ات يقع يقع عليهم‪ ،‬و ما س‪// /‬بق ليس س‪// /‬وى ق‪// /‬رائن قض‪// /‬ائية يتوسل هبا الط‪// /‬اعن إىل إثب‪// /‬ات دع‪// /‬واه‪ ،‬و‬
‫القاضي بعد ذلك حر يف أن يأخذ هبا أو ال يأخذ‪ ،‬حيث ال يرتتب على جمرد وجودها إعتبار التصرف وصية ‪.‬‬
‫لذا و تيس‪/‬ريا من املش‪/‬رع عبء اإلثب‪/‬ات يف ه‪/‬ذه احلال‪/‬ة‪ ،‬فقد ح‪/‬رص الق‪/‬انون على تقرير ق‪/‬رائن قانونية يس‪/‬تنبط منها‬
‫إعتب‪//‬ار التص‪//‬رف وص‪//‬ية‪ ،‬س‪//‬واء مت يف م‪//‬رض املوت (املواد ‪ 408 ،776‬و ‪ 409‬من الق‪//‬انون املدين‪ ،‬و املواد ‪204‬و‪ 215‬من‬
‫قانون األسرة)أو اقرتن التصرف بشروط معينة (املادة ‪ 777‬من القانون املدين)‪ ،‬و هي قرائن تغين من تقررت ملصلحته عن‬
‫إثب‪//‬ات أي ش‪//‬يء آخر إذا ت‪//‬وافرت ش‪//‬روطها‪ ،‬فاهلدف من تقرير ه‪//‬ذه الق‪//‬رائن القانونية هو إعف‪//‬اء الورثة من اإلثب‪//‬ات لتحقيق‬
‫مصلحة عامة هي التضييق على من حياول التحايل على القانون (‪. )4‬‬
‫و باملقابل ‪ ،‬ف ‪// /‬إن خلو العقد من ش ‪// /‬روط القرينة القانونية ال يص ‪// /‬لح دليال لنفي الوص ‪// /‬ية املس ‪// /‬ترتة‪ ،‬و على القاضي‬
‫التحقق من توافر شروطها على ضوء ظروف ال‪/‬دعوى ومالبس‪/‬اهتا غري متقيد مبا ورد يف العق‪/‬د‪ ،‬حيث جيوز للط‪//‬اعن إثب‪/‬ات‬
‫دعواه بطرق إثبات أخرى‪ /،‬وهذا جلواز إثبات التحايل على القانون بكافة طرق اإلثبات ‪.‬‬
‫و لتوضيح ذلك جيب يف هذا اجملال التفرقة بني أعمال الدفع بالصورية‪ ،‬و الدفع بالتحايل على نظام اإلرث ‪:‬‬
‫إذ أن الصورية هي أن يتعمد املتعاقدان إخفاء حقيقة عالقتهما حتت مظهر كاذب‪ ،‬وجند أمامنا تصرفا ظاهرا‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬توفيق حسن فرج‪ .‬الوجيز يف عقد البيع‪ /.‬الدار اجلامعية‪ .1988 .‬ص ‪. 23‬‬
‫(‪ )2‬تنص املادة ‪ 340‬من الق‪//‬انون املدين‪" :‬ي‪//‬رتك لتق‪//‬دير القاضي إس‪//‬تنباط كل قرينة مل يقررها الق‪//‬انون و ال جيوز اإلثب‪//‬ات هبذه الق‪//‬رائن إال يف األح‪//‬وال اليت جييز فيها‬
‫الق‪//‬انون اإلثب‪//‬ات بالبين‪//‬ة" فالقرينة القض‪//‬ائية هي أن يس‪//‬تخلص القاضي من واقعة معلومة نت‪//‬ائج ت‪//‬ؤدي إىل إثب‪//‬ات واقعة معين‪//‬ة‪ .‬للقرينة القض‪//‬ائية عنص‪//‬ران ‪ :‬م‪//‬ادي هو‬
‫الواقعة اليت خيتارها القاض‪//‬ي‪،‬و معن‪//‬وي هو اإلس‪//‬تنباط‪ ،‬و بالت‪//‬ايل القرينة القض‪//‬ائية هي حتويل لإلثب‪//‬ات من حمل إىل حمل آخر ألن إثب‪//‬ات احملل األول ص‪//‬عب عن طريق‬
‫اإلثبات املباشر‪ .‬عبد الرمحن ملزي‪.‬حماضرات يف طرق اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية‪.‬املعهد الوطين للقضاء‪ .‬الدفعة الرابعة عشرة‪ .‬السنة األوىل‪.2003/2004.‬‬
‫(‪ )3‬أنظر يف بعض التص‪//‬رفات اليت كيفت أهنا وص‪//‬ايا مس‪//‬ترتة لقي‪//‬ام ق‪//‬رائن قض‪//‬ائية من ط‪//‬رف القض‪//‬اء املص‪//‬ري‪ .‬عبد ال‪//‬رزاق الس‪//‬نهوري‪ .‬الوس‪//‬يط يف ش‪//‬رح الق‪//‬انون‬
‫املدين‪ .‬اجمللد التاسع‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 230‬‬
‫(‪ )4‬القرائن القانونية من بني طرق اإلعفاء من اإلثبات و هذا اإلعف‪/‬اء يتق‪/‬رر إما لتحقيق مص‪//‬لحة عامة أو مص‪/‬لحة خاصة أو لألخذ باملألوف املتع‪/‬ارف بني الن‪//‬اس ‪.‬‬
‫عبد الرمحن ملزي‪ .‬املرجع السابق ‪.‬‬
‫خيفي تصرف حقيقيا خمتلفا عنه‪ ،‬و له شروط أخرى مسترتة هي اليت اجتهت إرادة املتعاقدين إليها ‪.‬‬
‫أما التحايل على القانون فقد يكون بغري صورية مىت كانت ش‪/‬روط العقد ظ‪/‬اهرة غري مس‪/‬ترتة كاهلبة مع اإلحتف‪/‬اظ باحلي‪/‬ازة‬
‫واإلنتفاع مدى احلياة (‪. )1‬‬
‫وعليه على الوارث الذي يدعي الصورية عبء اإلثبات‪ ،‬إذ أنه يدعي خالف الظاهر بإعتب‪//‬ار الص‪//‬ورية دفعا مق‪//‬ررا‬
‫طبقا للقواعد العامة‪ ،‬و الورثة ال يعت‪/‬ربون يف ه‪/‬ذه احلالة من الغري و إمنا يس‪/‬تمدون حقهم من م‪/‬ورثهم‪ ،‬فال جيوز هلم إثب‪/‬ات‬
‫الصورية إال مبا كان جيوز ملورثهم أن يثبتها به من طرق اإلثبات باعتبارهم من اخللف العام ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫أما إذا ادعى الورثة وج‪// /‬ود وص‪// /‬ية مس‪// /‬ترتة حتايال على تقييد حرية اإليص‪// /‬اء ف‪// /‬إهنم يس‪// /‬تمدون حقهم من الق‪// /‬انون‬
‫مباش ‪//‬رة ال من املورث‪ ،‬محاية هلم من تص‪// /‬رفات املورث اليت قصد هبا التحايل على الق‪// /‬انون‪ ،‬باعتب‪// /‬ار أن الرتكة حق مق ‪//‬رر‬
‫لل‪/‬وارث و أن الوص‪/‬ية ال تنفذ إال بعد وف‪/‬اة املورث‪ ،‬و ب‪/‬ذلك مىت تع‪/‬دت نص‪/‬اهبا مست ب‪/‬املرياث‪ ،‬فهنا يتغري املركز الق‪/‬انوين‬
‫للورثة من اخللف الع‪/‬ام إىل الغ‪/‬ري‪ ،‬و بالت‪/‬ايل ج‪/‬از هلم اإلثب‪//‬ات بكافة الط‪/‬رق دون التقيد بقاع‪/‬دة ع‪//‬دم ج‪//‬واز إثب‪//‬ات ما خيالف‬
‫الكتابة إال بالكتابة‪ ،‬على أساس وجود غش أو حتايل على القانون (‪. )2‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬سلطة القاضي في تكييف التصرفاتـ القانونيةـ‬


‫يف حالة تسرت الوص ‪//‬ية حتت وصف آخر تظهر جليا س ‪//‬لطة القاضي يف تك ‪//‬ييف التص‪// /‬رف محاية للورث ‪//‬ة‪ ،‬و بالت ‪//‬ايل‬
‫تث‪//‬ار هنا مس‪//‬ألة تفسري وتك‪//‬ييف التص‪//‬رفات؛ فتك‪//‬ييف القاضي للتص‪//‬رف يقتضي أوال تفسري إرادة املتعاق‪//‬دين‪ ،‬وه‪//‬ذا ما هو‬
‫من ص ‪// /‬ميم عمل القاضي للتع ‪// /‬رف على نية املتعاق ‪// /‬دين يف التوجه إىل إب ‪// /‬رام تص ‪// /‬رف مـا بتط ‪// /‬بيق املادتني ‪ 111‬و ‪ 112‬من‬
‫القـانون املدين ‪.‬‬
‫و التفسري مس‪// / / /‬ألة موض‪// / / /‬وعية ال خيضع فيها القاضي لرقابة احملكمة العليا ما دام قد ال‪// / / /‬تزم القواعد اليت نص عليها‬
‫املشرع يف التفسري‪ ،‬بأن استخلص إرادة املتعاقدين من وقائع حقيقة مطابقة للثابت يف أوراق الدعوى وت‪//‬ؤدي فعال للنتيجة‬
‫اليت استخلص ‪//‬ها‪ ،‬إال أن رقابة احملكمة العليا تنصب على احرتامه لقواعد التفسري املنص ‪//‬وص عليها ب ‪//‬املواد ‪ 111‬و ‪ 112‬من‬
‫القانون املدين منها عدم اإلحنراف على عبارات العقد الواضحة (‪ )3‬و قاعدة تفسري الشك ملصلحة املدين مع استثناء عق‪//‬ود‬
‫اإلذعان‪.‬‬
‫و بعد إس‪//‬تخالص القاضي إرادة املتعاق‪//‬دين يس‪//‬قط عليها حكم الق‪//‬انون من أجل تك‪//‬ييف التص‪//‬رف و الكشف عن ماهيت‪//‬ه‪،‬‬
‫أي إعطائه الوصف القانوين‪.‬‬
‫و ال تتقيد احملكمة بالتكييف الذي جاء به األطراف بل تصححه من تلقاء نفسها ‪ ،‬شأن قواعد التكييف يف ذلك‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬حسنني‪ .‬عقد البيع يف القانون املدين اجلزائري‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .2005 .‬ص ‪. 7، 6‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى حممد اجلمال‪ .‬نظام امللكية‪ .‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ /.‬مصر‪ .‬ص ‪. 407‬‬
‫(‪ )3‬و ه‪// /‬ذا ما أكدته احملكمة العليا يف ق‪// /‬رار ص‪// /‬ادر عن غرفة األح‪// /‬وال الشخص‪// /‬ية و املواريث بت ‪//‬اريخ ‪ 16/01/2002‬ملف رقم ‪. 278004‬اجمللة القض ‪//‬ائية‪ .‬الع‪// /‬دد‬
‫األول ‪ .2003‬ص ‪" : 367‬إذا ك‪//‬انت عب‪//‬ارات العقد واض‪//‬حة فال جيوز اإلحنراف عنها عن طريق تأويلها للتع‪//‬رف على إرادة املتعاق‪//‬دين ‪.‬و عليه ف‪//‬إن القض‪/‬اء ب‪//‬رفض‬
‫الدعوى الرامية إىل إلغاء عقد الوصية هو قضاء سليم مادام قصد اهلالك ينصرف إىل توزيع أمالكه على الورثة أثناء حياته" ‪.‬‬
‫ش‪//‬أن س‪//‬ائر القواعد القانونية تطبقها احملكمة تلقائيا و ال تطلب عليها دليال‪ ،‬و عليه إذا تعمد املتعاق‪//‬دان أن يكيفا التص‪//‬رف‬
‫تكييفا غري ص ‪// /‬حيح بقصد التحايل على الق ‪// /‬انون و أحك ‪// /‬ام املرياث بسرت الوص ‪// /‬ية يف مظهر تص ‪// /‬رف منجز مثال‪ ،‬فالقاضي‬
‫يص‪//‬حح ه‪//‬ذا التك‪//‬ييف و ي‪//‬رد على املتعاق‪//‬دين قص‪//‬دمها‪ ،‬ف‪//‬العربة ب‪/‬الواقع و ليس مبا يض‪//‬فيه األش‪//‬خاص‪ ،‬وقد يثبت للقاضي أن‬
‫العقد وصية‪ ،‬و يستعني يف إستجالء احلقيقة بالظروف املالبسة للقضية و ملف الدعوى و القرائن اليت تساعد على ذلك ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫و التك ‪//‬ييف عملية قانونية يق ‪//‬وم هبا القاضي حىت يتمكن من تط ‪//‬بيق أحك ‪//‬ام الق ‪//‬انون على التص ‪//‬رف‪ ،‬س ‪//‬واء ك ‪//‬انت‬
‫هذه األحكام آم‪/‬رة أو مكملة و القاضي يف ذلك خيضع لرقابة احملكمة العلي‪/‬ا‪ ،‬فهو بص‪/‬دد مس‪/‬ألة قانونية حمض‪/‬ة‪ ،‬ألنه ي‪/‬رتتب‬
‫على التكييف آثار قانونية إذ أنه يطبق القانون على الواقع‪ ،‬و تطبيق القانون من املسائل القانونية (‪.)1‬‬
‫فآث‪//‬ار تك‪//‬ييف التص‪//‬رف بأنه وص‪//‬ية تتمثل يف تط‪//‬بيق أحك‪//‬ام الوص‪//‬ية عليه من حيث ع‪//‬دم ج‪//‬واز اإليص‪//‬اء ب‪//‬أكثر من الثلث‪،‬‬
‫وعدم جواز اإليصاء لوارث و توقف ما خالف ذلك على إجازة الورثة ‪.‬‬
‫و عليه قضت احملكمة العليا يف قرار صادر بت‪/‬اريخ ‪ 24/04/2002‬أن على الق‪//‬رار ال‪/‬ذي قضى بإبط‪/‬ال عقد هبة يف‬
‫مرض املوت أن يقضي باعتبار العقد وصية و يستفيد منها املوهوب له يف حدود ما يسمح بذلك موضوع الوصية (‪.)2‬‬

‫المطلب الثانيـ ‪ :‬أساس حماية الورثة من تصرفات المريض مرض الموت‬

‫قد تنت ‪//‬اب الش ‪//‬خص ح ‪//‬ال حياته ف ‪//‬رتة م ‪//‬رض يغلب فيه هالك ‪//‬ه‪ ،‬و ت ‪//‬ؤدي به إىل الوف ‪//‬اة فعال‪ ،‬حيث يش ‪//‬عر خالهلا‬
‫املريض ب‪// /‬دنو أجله وهي حالة تع‪// /‬رف فقها و قانونا مبرض املوت‪ ،‬و قد ي‪// /‬ربم املريض خالل ه‪// /‬ذه الف‪// /‬رتة تص ‪//‬رفات قانونية‬
‫س‪//‬واء ل‪//‬وارث أو لغ‪//‬ريه؛ ل‪//‬ذا ف‪//‬إن املش‪//‬رع نظم أحك‪//‬ام ه‪//‬ذه التص‪//‬رفات يف م‪//‬واد متع‪//‬ددة منها املواد ‪ 409، 408 ،776‬من‬
‫القانون املدين و كذا املادة ‪ 204‬و غريها من قانون األسرة‪ ،‬وذلك محاية لورثة املريض ‪.‬‬
‫ل‪//‬ذا يقتضي األمر بنا أن نوضح مفه‪//‬وم‪ /‬م‪//‬رض املوت ومن مث ن‪//‬بني أس‪//‬اس تقييد تص‪//‬رفات املريض و املتمثل يف تعلق‬
‫حق الورثة بأمواله منذ مرضه‪. /‬‬

‫الفرع األولـ ‪:‬مفهـوم مرض المـوت‬


‫مل ي‪// / /‬أت املش‪// / /‬رع بتنظيم دقيق ملرض املوت‪ ،‬و مل ي‪// / /‬بني تعريفه و ماهيت‪// / /‬ه‪ ،‬بل اكتفى ب‪// / /‬إيراد أحك ‪// /‬ام التص ‪// /‬رفات‬
‫الصادرة خالله يف مواد القانون املدين و قانون األسرة ‪.‬‬
‫و لذلك فاملرجع يف تعريفه هو أحكام الشريعة اإلسالمية إعم‪/‬اال للم‪/‬ادة األوىل من الق‪/‬انون املدين يف فقرهتا الثانية اليت حتيل‬
‫على أحكام الشريعة اإلسالمية فيما ال يوجد يف حكمه نص‪ ،‬و املـادة ‪ 222‬من قانون األسرة باعتبـار مرض املـوت‬
‫من مسائل األحوال الشخصية ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫‪306‬‬ ‫(‪ )1‬حممد‪ /‬صربي السعدي‪.‬شرح القانون املدين اجلزائري‪.‬النظرية العامة لإللتزامات‪.‬العقد و اإلرادة املنفردة‪ .‬ج‪.1‬دار اهلدى‪.‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الثانية‪.2004.‬ص‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا‪ .‬الغرفة العقارية‪ .‬الصادر بتاريخ ‪ .24/04/2002‬ملف رقم ‪ .229397‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثاين ‪ .2002‬ص ‪. 387‬‬
‫فب‪//‬الرجوع للفقه اإلس‪//‬المي فقد وردت العديد من التعريف‪//‬ات منهـا ‪" :‬م‪//‬رض املوت هو ال‪//‬ذي يغلب فيه خ‪//‬وف املـوت ‪ ،‬و‬
‫يعجز معه املريض عن رؤية مص‪// /‬احله خارجا عن داره إن ك‪// /‬ان من ال‪// /‬ذكور‪ ،‬وعن رؤية مص‪// /‬احله داخل داره إن ك‪// /‬ان من‬
‫اإلناث و ميوت على ذلك احلال قبل مرور سنة‪ ،‬سواء كان صاحب فراش أو مل يكن" (‪. )1‬‬
‫و يعرفه البعض أنه املرض ال ‪//‬ذي يتحقق فيه أم ‪//‬ران أحدهـما أن يك ‪//‬ون مرضا من شأنـه أن حيدث املوت غالبـا‪ ،‬و‬
‫ثانيهما أن ميوت الشخص بالفعل موتا متصال به (‪. )2‬‬

‫‪23‬‬
‫و التعريف الس‪// / /‬ائد ملرض املوت يف الفقه اإلس‪// / /‬المي هو أنه "املرض ال ‪// /‬ذي يغلب فيه اهلالك ويعجز الش ‪// /‬خص عن القي ‪// /‬ام‬
‫مبص‪//‬احله‪ /،‬و يتصل به املوت فعال‪ ،‬ولو ك‪//‬ان املريض قد ت‪//‬ويف لس‪//‬بب آخر كح‪//‬ادث مثال ما دامت وفاته قد وقعت يف أثن‪//‬اء‬
‫هذا املرض "‪.‬‬
‫و ب ‪//‬الرغم من اختالف ه ‪//‬ذه التعريف ‪//‬ات يف عباراهتا و تض ‪//‬ارب ظواهره ‪//‬ا‪ ،‬إال أن ه ‪//‬ذا اإلختالف إمنا ي ‪//‬دور ح ‪//‬ول‬
‫األمارات و األوصاف الظاهرة اليت يتبني هبا مرض املوت‪ ،‬و لكن املعىن املقص‪//‬ود يف م‪//‬رض املوت هو أن يك‪//‬ون املريض يف‬
‫ح‪//‬ال يغلب فيها اهلالك و يتوقع‪//‬ه‪ ،‬و تك‪//‬ون تص‪//‬رفاته خلوف املوت املرتقب (‪ ،)3‬و يؤخذ مما تق‪//‬دم أن هن‪//‬اك ش‪//‬روطا ثالثة‬
‫ليكون املرض مرض موت من شأهنا أن تقيم يف نفس املريض حالة نفسية هي أن أجله قد دنا‪ ،‬و أنه مشرف على املوت‪،‬‬
‫وهذه الشروط هي كاآليت (‪:)4‬‬
‫‪ -1‬أن يقعد املرض املريض عن قضاء مصاحله ‪:‬‬
‫ومف‪// /‬اد هـذا الش‪// /‬رط أنه جيب أن جيعـل املرض املريـض ع‪// /‬اجزا على قض‪// /‬اء مصاحلـه العادية املألوف‪// /‬ة‪ ،‬وهي املصـاحل اليت من‬
‫العادة أن يقوم هبـا و هـو يف صحته كالعمل و التسوق ‪ ،‬وكذا عن قضـاء احلوائج املنزلية إذا كان املريض من اإلناث‪.‬‬
‫و ال يش‪//‬رتط ليك‪//‬ون املرض م‪//‬رض م‪//‬وت أن يقعـد ص‪//‬احبه الف‪//‬راش‪ ،‬فقد ال يلـزمه إيـاه و يبقى مع ذلك ع‪//‬اجزا عن قض‪//‬اء‬
‫مصاحله‪/.‬‬
‫و قد يك‪//‬ون اإلنس‪//‬ان ع‪//‬اجزا عن قض‪//‬اء مص‪//‬احله دون أن يك‪//‬ون س‪//‬بب ذلك املرض‪ ،‬فال يعترب يف م‪//‬رض املوت؛ فمن ك‪//‬ان‬
‫ك‪//‬ذلك بس‪//‬بب الش‪//‬يخوخة فيك‪//‬ون لتص‪//‬رفاته حكم تص‪//‬رفات األص‪//‬حاء‪ ،‬وك‪//‬ذا من حيرتف حرفه ش‪//‬اقة يقع‪//‬ده مرضه عنها‬
‫دون أن يعجزه عن مباشرة املألوف من األعمال بني الناس ‪.‬‬

‫‪-------------------‬‬
‫‪313‬‬ ‫(‪ )1‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬العقود اليت ترد على امللكية‪-‬البيع و املقايضة‪ -‬اجمللد الرابع‪ .‬دار إحياء الرتاث العريب‪.‬لبنان‪ .‬ص‬
‫(‪ )2‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬أحكام الرتكات و املواريث‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪ 7‬هامش ‪. 1‬‬
‫(‪)3‬حممد‪ /‬بن أمحد تقية‪ .‬دراسة عن اهلبة يف قانون األس‪/‬رة اجلزائ‪/‬ري مقارنة بأحك‪/‬ام الش‪/‬ريعة اإلس‪/‬المية و الق‪/‬انون املق‪/‬ارن‪ .‬ال‪/‬ديوان الوطين لألش‪/‬غال الرتبوي‪/‬ة‪.‬اجلزائ‪/‬ر‪.‬‬
‫‪ .2003‬ص ‪. 114‬‬
‫(‪ )4‬و قد أكدت احملكمة العليا ضرورة توافر هذه الشروط ‪...":‬و‪ /‬ملا كان ذلك فإن القرار صدر موافقا للقانون مىت بني يف أس‪//‬بابه أن املوكل ك‪//‬ان حني عقد اهلبة‬
‫مريضا بالس‪//‬رطان كما هو ث ‪//‬ابت من املس‪//‬تندات و هو م‪//‬رض يغلب فيه اهلالك و قد دخل املستش‪//‬فى يف ‪ ...‬و قد الزمه حىت م‪//‬ات به يف ‪ ...‬و ملا ك ‪//‬ان ذلك ف‪//‬إن‬
‫املوكل ال يس‪// /‬تطيع أن ي‪// /‬ؤدي بنفسه العمل ال‪// /‬ذي وكل في‪// /‬ه"‪ .‬ق‪// /‬رار احملكمة العليا غرفة األح‪// /‬وال الشخص ‪//‬ية و املواريث الص ‪//‬ادر بت ‪//‬اريخ ‪ 21/02/2001‬ملف رقم‬
‫‪ .256869‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثاين‪ . 2002 .‬ص ‪. 428‬‬
‫‪ -2‬أن يغلب يف املرض خوف اهلالك ‪:‬‬
‫إض ‪//‬افة إىل الش‪// /‬رط األول فإنه جيب أن يغلب على املرض خ ‪//‬وف املوت‪ ،‬ألنه ليس كل م ‪//‬رض يغلب فيه اهلالك‪ ،‬فتس ‪//‬تبعد‬
‫األم ‪//‬راض اليت يش ‪//‬فى منها املريض ع ‪//‬ادة واألم ‪//‬راض البس ‪//‬يطة حىت و إن أقع ‪//‬دت املريض عن قض ‪//‬اء مص ‪//‬احله أو أدت بـه إىل‬
‫الوفاة‪ ،‬ألن هذه األمراض ال يغلب فيها اهلالك‪،‬و إمنا يغلب فيها الشفاء فتأخذ تصرفاته يف هذه احلالة حكم حالة الص‪//‬حة‪،‬‬
‫كما تستبعد أيضا األمراض املزمنة إذا طالت حبيث يطمئن املريض إىل ابتعاد خطر املوت العاجل‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫فيجب ليعترب املرض مرض موت أن يكون مرضا خطريا من األمراض اليت تنتهي عادة باملوت‪ ،‬أو أن يبدأ املرض بسيطا مث‬
‫يتطور حىت تصبح حالة املريض سيئة خيشى عليه فيها املوت ‪.‬‬
‫و من بني األمراض اليت يغلب فيها اهلالك السرطان إذا أصاب مناطق أو أجزاء حساسة من اجلسم‪ ،‬ومرض السيدا‪ ،‬وك‪//‬ذا‬
‫مرض السل و غريها ‪.‬‬
‫و إذا كان ه‪/‬ذا الش‪/‬رط يغين عن الش‪/‬رط األول‪ ،‬فقد اختلف ال‪/‬رأي يف الفرض‪/‬ية العكس‪/‬ية أي إذا غلب على املرض‬
‫خ‪//‬وف املوت و لكنه مل يقعد املريض عن قض‪//‬اء مص‪//‬احله ؛ في‪//‬ذهب البعض إىل أن ذلك يكفي العتب‪//‬ار املرض م‪//‬رض م‪//‬وت‬
‫و ي ‪//‬ذهب اجتاه آخر إىل أنه جيب ت ‪//‬وافر الش ‪//‬رطني مع ‪//‬ا‪ ،‬ألن األصل هو أن يغلب يف م ‪//‬رض خ ‪//‬وف املوت أما قع ‪//‬ود املريض‬
‫عن قضاء مصاحله فهي العالمة املادية اليت تشعر املريض بأن املرض يته‪//‬دده ب‪/‬املوت‪ ،‬و تغين عنها أي عالمة أخر تن‪//‬ىبء هبذا‬
‫الشعور ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ينتهي املرض باملـوت فعال ‪:‬‬
‫أي أن يعقب املوت املرض مباشرة حبيث ال يفصل بينهما ف‪/‬رتة ص‪/‬حة (‪ ،)1‬وه‪/‬ذا س‪/‬واء ك‪/‬ان املوت بس‪/‬بب املرض نفسه أو‬
‫بسبب آخر كاملوت حرقا أو غرقا‪ ،‬فإذا تصرف شخص يف ماله أثناء مرض أقع‪//‬ده عن قض‪//‬اء مص‪//‬احله‪ /،‬و غلب فيه خ‪//‬وف‬
‫املوت كان تصرفه معتدا به حال حياته فإذا انتهى باملوت جاز الطعن فيه على أساس أنه مت يف مرض املوت‪ ،‬أما إذا برىء‬
‫منه كان حكم تصرفه هو حكم تصرف األصحاء ‪.‬‬
‫و يتجه ال ‪//‬رأي الغ ‪//‬الب يف الش ‪//‬ريعة اإلس ‪//‬المية إىل أنه يش ‪//‬رتط وف ‪//‬اة املريض قبل س ‪//‬نة من ب ‪//‬دء املرض (‪ ، )2‬أما إذا‬
‫مضى أك ‪//‬ثر من ه ‪//‬ذه املدة على ب ‪//‬دء املرض و مل ميت املريض مل يعترب مريضا م ‪//‬رض م ‪//‬وت ولو ك ‪//‬ان املرض من األم ‪//‬راض‬
‫املزمن‪// /‬ة‪ ،‬ألن القاع‪// /‬دة يف ه‪// /‬ذه األم‪// /‬راض أهنا ال تعترب للوهلة األوىل م‪// /‬رض م‪// /‬وت إذا ط‪// /‬الت دون أن تش‪// /‬تد حبيث يطمئن‬
‫املريض إىل أنه مل يعد هناك خطر داهم و مل يعد يغلب خطر املوت العاج‪/‬ل‪ ،‬لكن إذا اش‪/‬تد املرض و ازداد و س‪/‬اءت حالة‬
‫املريض حىت أصبحت تنذر ب‪/‬دنو أجله و انتهت ب‪/‬املوت فعال فيعترب م‪//‬رض م‪/‬وت من ال‪/‬وقت ال‪/‬ذي اش‪/‬تد فيه حىت و لو بقي‬
‫مشتدا أكثر من سنة‪ ،‬و مل ميت إال بعد انقضائها وهذا لتولد الشعور يف نفسه بأنه مهدد باملوت يف أي وقت ‪.‬‬
‫و يالحظ أن احملكمة العليا مل تأخذ بش‪//‬رط وف‪//‬اة املريض خالل س‪//‬نة و يس‪//‬تنتج ذلك من قرارها الص‪//‬ادر عن غرفة األح‪//‬وال‬
‫الشخصية بتاريخ ‪.)3( 23/11/1993‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬خليل أمحد حسن قدادة‪ .‬الوجيز يف شرح القانون املدين اجلزائري‪ .‬ج ‪ 4‬عقد البيع‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬طبعة ‪ .2001‬ص ‪. 246‬‬
‫(‪ )2‬يكتفي البعض بأن يطول املرض مدة كافية ليتولد الشعور لدى املريض بأنه مل يعد معرضا خلطر املوت العاجل سواء طال املرض ألكثر من سنة أو أقل ‪.‬‬
‫(‪ )3‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 23/11/1993‬ملف رقم ‪ .96675‬اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪. 302‬‬
‫و ألن املن‪// / / / /‬اط يف وضع األحك‪// / / / /‬ام املتعلقة ب‪// / / / /‬املريض م‪// / / / /‬رض املوت هو خوفه من اهلالك فقد أحلق ب ‪// / /‬املريض كل‬
‫األص‪//‬حاء ال‪//‬ذين يكون‪//‬ون يف أح‪//‬وال جتعلهم ي‪//‬رتقبون املوت لش‪//‬عورهم ب‪//‬دنو األج‪//‬ل‪ ،‬حيث تأخذ تص‪//‬رفاهتم حكم تص‪//‬رفات‬
‫املريض م ‪//‬رض املوت كاملقاتل إذا التحمت الطائفت‪//‬ان و مل تس‪//‬تنب الطائفة الق ‪//‬اهرة و الطائفة املقه‪//‬ورة (‪ ،)1‬و احملك ‪//‬وم عليه‬
‫بإعدام الذي ينتظر التنفي‪/‬ذ‪ ،‬ومن ركب البحر وك‪/‬ان على منت س‪/‬فينة أش‪/‬رفت على الغ‪/‬رق‪ ،‬واحملب‪/‬وس إذا ع‪/‬رف اآلسر بقتل‬
‫احملبوسني‪ ،‬ومن دامهه حريق ال سبيل للنجاة منه‪ ،‬ومن عقد عزمه على اإلنتحار ‪...‬إخل ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫و ب ‪//‬الرجوع إىل ق ‪//‬رارات احملكمة العليا املتعلقة بالتص ‪//‬رفات يف م ‪//‬رض املوت ف ‪//‬إن العديد منها يشري إىل وق ‪//‬وع التص ‪//‬رف يف‬
‫م‪// /‬رض املوت دون إعط‪// /‬اء تعريف دقيق له (‪ )2‬باس‪// /‬تثناء بعض الق‪// /‬رارات‪ ،‬ك‪// /‬القرار الص‪// /‬ادر بت‪// /‬اريخ ‪ 09/07/1984‬حيث‬
‫قضت أنه ‪" :‬من املق ‪//‬رر فقها و قض ‪//‬اء أن م ‪//‬رض املوت ال ‪//‬ذي يبطل التص ‪//‬رف هو املرض األخري إذا ك ‪//‬ان خط ‪//‬ريا و جير إىل‬
‫املوت و به يفقد املتصرف وعيه و متيزه" (‪. )3‬‬
‫غري أنه يؤخذ على هذا التعريف أنه خيرج عن اإلطار الذي رمسه فقهاء الشريعة اإلس‪//‬المية ملرض املوت من حيث كونه ال‬
‫يؤثر على أهلية املريض و متييزه ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تعلق حق الورثة بأموالـ المريض مرض الموت‬


‫إضافة إىل األسس العامة لتقييد تصرفات املورث و اعتبارها وصية يف بعض احلاالت و اليت سبق ذكرها‪ ،‬فإن علة‬
‫تقييد التص ‪//‬رفات الص ‪//‬ادرة يف م ‪//‬رض املوت ترجع إىل منع اإلض ‪//‬رار بالورثة لتعلق حقهم ب ‪//‬أموال املريض من وقت املرض ‪،‬‬
‫لكي حيصل الورثة على حقهم يف الثل‪//‬ثني من الرتك‪//‬ة؛ فمن املق‪//‬رر يف الفقه اإلس‪//‬المي أن حق الورثة يتعلق ب‪//‬أموال م‪//‬ورثهم‬
‫ال من وقت موته فحس‪// / /‬ب‪ ،‬بل من وقت املرض ال‪// / /‬ذي ميوت فيه باعتب‪// / /‬ار أن حقهم يف الرتكة يثبت ب ‪// /‬املوت‪ ،‬و ملا ك ‪// /‬ان‬
‫املرض ال‪// /‬ذي أفضى إىل املوت هو س ‪// /‬ببه الع ‪// /‬ادي ثبت حق الورثة من وقت ح ‪// /‬دوث ذلك املرض ألن احلق ‪// /‬وق و األم ‪// /‬ور‬
‫تض‪//‬اف إىل أس‪//‬باهبا‪ ،‬و بالت‪//‬ايل يثبت حق اخلالفة هلم من ن‪//‬زول املرض ب‪//‬ه‪ ،‬ف‪//‬املريض حبل‪//‬ول م‪//‬رض املوت به يك‪//‬ون يف حالة‬
‫نفسية جتعله يعتقد دنو أجل‪/‬ه‪ ،‬وهو ب‪/‬ذلك إذا ت‪/‬ربع مباله أو تص‪/‬رف فيه فإمنا يقصد أن ينقل ه‪/‬ذا املال إىل غ‪/‬ريه بعد موته ال‬
‫يف املدة احملددة القص ‪//‬رية اليت تق ‪//‬در له احلي ‪//‬اة فيه ‪//‬ا‪ ،‬و ال يس ‪//‬تطيع الش ‪//‬خص أن ينقل ماله بعد موته بتص ‪//‬رف إرادي إال إذا‬
‫كان عن طريق الوصية ‪.‬‬
‫و مهما يكن وجه تعلق حق الورثة يف اخلالفة ح‪/‬ال م‪/‬رض املوت فإنه من املتفق عليه أن ذلك احلق ث‪/‬ابت‪ ،‬و لكن‬
‫يثري الفقه‪//‬اء اختالفا يف تك‪//‬ييف ه‪//‬ذا احلق‪ ،‬حيث ي‪//‬ذهب فريق إىل اعتب‪//‬اره حق ملكية كامل يثبت مبج‪//‬رد املرض‪ ،‬و ي‪//‬ذهب‬
‫آخ ‪//‬رون إىل اعتب ‪//‬ار أن حق امللكية يك ‪//‬ون هلم عند املوت و لكن يس ‪//‬تند إىل وقت ب ‪//‬دء املرض ‪ ،‬كما ي ‪//‬ذهب البعض اآلخر‬
‫إىل اعتبار أن حق الورثة عند املرض ليس حبق ملكية بل هو حق خالفة أو إرث ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬أبو زهرة‪ .‬امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية‪ .‬دار الفكر العريب‪ .‬مصر‪ .‬ص ‪. 316‬‬
‫(‪ )2‬من بني هذه القرارات القرار الصادر بتاريخ ‪ 23/11/1993‬ملف رقم ‪ .96675‬و القرار الصادر بتاريخ ‪ 16/06/1998‬ملف رقم ‪.197335‬و الق‪//‬رار الص‪/‬ادر‬
‫بت‪//‬اريخ ‪ .16/03/1999‬ملف رقم ‪ 219901‬املنش‪//‬ورين مبجلة‪ /‬اإلجته‪//‬اد القض‪//‬ائي لغرفة األح‪//‬وال الشخص‪//‬ية‪ .‬ع‪//‬دد خ‪//‬اص ‪ 2001‬ص ‪)3( /. 287 ، 281 ، 302‬‬
‫قرار احملكمة العليا‪ .‬غرفة األحوال الشخصية الصادر بتاريخ ‪ 09/07/1984‬ملف رقم ‪ .33719‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثالث ‪. 1989‬‬
‫و مهما يكن فإنه حق يقيد من تص‪// / / / /‬رفات املريض‪ ،‬إال أنه جيب التفرقة هنا بني احلق‪// / / / /‬وق اليت تتعلق مبال املريض؛‬
‫فهي مرتبة يف اإلخراج كما يلي (‪:)1‬‬
‫‪ -‬حق املريض نفسه ال‪// /‬ذي يتعلق بقض‪// /‬اء مص‪// /‬احله‪ /،‬وحاجاته األص‪// /‬لية كالنفقة على نفسه و على من تلزمه نفقته و أج ‪//‬رة‬
‫الطبيب‪ ،‬و مثن الدواء‪ ،‬وحنو ذلك ‪ ،‬فإن هذه التصرفات جائزة و خترج عن دائرة املنع ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬حق الدائن إذا كان على املريض دين‪ ،‬وهو يتعلق بكل املال إن كان مستغرقا ل‪/‬ه‪ ،‬أو ما يس‪/‬اويه من أم‪/‬وال إذا ك‪/‬ان غري‬
‫مستغرق ‪.‬‬
‫‪ -‬حق الورثة و يتعلق بثلثي مال املريض اخلايل من الديون ‪.‬‬
‫وجتدر اإلش‪//‬ارة هنا إىل أن املريض م‪//‬رض املوت أثن‪//‬اء مرضه‪ /‬ليس ألحد عليه من س‪//‬لطان‪ ،‬و إمنا ينظر يف تص‪//‬رفاته‬
‫بعد وفاته‪ ،‬ف‪//‬إن ك‪//‬انت متس حبق الورثة ك‪//‬ان هلم اإلع‪//‬رتاض عليها دون أن يك‪//‬ون ذلك يف حيات‪//‬ه‪ ،‬ألن املرض ال يعد م‪//‬رض‬
‫موت إال إذا اتصلت به الوفاة فعال‪ ،‬و ال ميكنهم اإلعرتاض قبل حتقق السبب املنشىء للحق ‪.‬‬
‫و اعتم ‪//‬ادا على ما س ‪//‬بق ف ‪//‬إن تقييد تص ‪//‬رفات املريض م ‪//‬رض املوت ال يرجع إىل نقص أو انع ‪//‬دام أهليت ‪//‬ه‪ ،‬و ال إىل‬
‫عيب يف إرادته؛ ف‪/‬املريض م‪//‬رض املوت ال يفقد أهليته و ال تنقص ه‪//‬ذه األهلية فما دام حيا حمتفظا بق‪//‬واه العقلية ف‪//‬إن أهليته‬
‫كاملة إىل آخر حلظة من حياته ‪ ،‬باعتب‪// /‬ار أن م‪// /‬رض املوت ليس من أس‪// /‬باب نقص األهلية أو فق‪// /‬دها‪ ،‬و ليس عيبا يش ‪//‬وب‬
‫اإلرادة طبقا ألحكام القانون املدين‪ ،‬أما إذا حدث أن أفقد املرض متي‪/‬يز املريض ف‪//‬إن تص‪//‬رفاته هنا ختضع لألحك‪//‬ام العامة يف‬
‫القانون املدين و بالتايل تكون باطلة ‪.‬‬
‫وما يالحظ هنا أن املشرع اعترب يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 408‬من القانون املدين أن البيـع يف م‪//‬رض املوت إذا مت‬
‫للغري فإنه يك‪//‬ون ق‪//‬ابال لإلبط‪//‬ال ‪ ،‬و ب‪//‬الرجوع إىل النس‪//‬خة الفرنس‪//‬ية هلـا جندها تعترب ال‪//‬بيع يف ه‪//‬ذه احلالة ب‪//‬دون ت‪//‬راض"‪sans‬‬
‫‪ ،"consentement‬وهذا ما يستشف منه أخذ املادة بأن مرض املوت عارض من عوارض األهلية أو عيب يف اإلرادة‪،‬كما‬
‫أن احملكمة العليا اعتم‪// / / / / /‬دت نفس املوقف الغ‪// / / / / /‬ريب مبوجب الق‪// / / / / /‬رار الص‪// / / / / /‬ادر عن غرفة األح‪// / / / / /‬وال الشخص‪// / / /‬ية بت‪// / / /‬اريخ‬
‫‪ 09/07/1984‬الس‪/‬ابق ال‪/‬ذكر‪،‬و ال‪/‬ذي خ‪/‬الف املب‪/‬ادىء و القواعد الفقهية املس‪/‬تمدة من الش‪/‬ريعة اإلس‪/‬المية حينما اعترب أن‬
‫مرض املوت يفقد املتصرف وعيه ومتييزه‪،‬وهذا ال يستقيم مبا أن أهلية املريض مثل أهلية الصحيح متاما لألسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا اعتربنا املريض م‪//‬رض املوت ن‪//‬اقص األهلية ف‪//‬إن كل تص‪//‬رف ض‪//‬ار ض‪//‬ررا حمضا ص‪//‬ادر عنه يك‪//‬ون ب‪//‬اطال مطلق‪//‬ا‪ ،‬ف‪//‬إذا‬
‫سلمنا بذلك تكون تصرفاته التربعية باطلة بطالنا مطلق‪//‬ا‪ ،‬وه‪/‬ذا ما مل يقل به أحد ‪ ،‬ك‪/‬ذلك األمر إذا اعتربن‪//‬اه ع‪//‬دمي التمي‪/‬يز‬
‫فإن كل تصرفاته تكون باطلة بطالنا مطلقا ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا اعتربنا تص ‪// /‬رفه ب ‪// /‬اطال بطالنا مطلقا فإنه ال حيق للورثة أن جييزوا تص ‪// /‬رفا تربعيا ملورثهم على أس ‪// /‬اس أن اإلج ‪// /‬ازة ال‬
‫تلحق العقد الباطل بطالنا مطلقا‪ ،‬بينما للورثة حق إجازة الوصية اليت تتجاوز احلدود املقررة قانونا ‪.‬‬
‫‪ -‬إن نقص أو فقد األهلية يرجع قانونا إىل ع‪// / / / / / /‬ارض من ع‪// / / / / / /‬وارض األهلية أو عيب يف اإلرادة و مل يقل أحد أن املريض‬
‫مرض املوت به عيب من هذه العيوب أو عارض على األهلية ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬أمحد فراج حسني‪ .‬امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية‪ .‬الدار اجلامعية‪ .‬لبنان‪ .‬ص ‪. 236‬‬
‫و ب‪//‬الرغم من ه‪//‬ذه اإلنتق‪//‬ادات فإنه يستشف من ق‪//‬رار احملكمة العليا الص‪//‬ادر بت‪//‬اريخ ‪ 27/10/1992‬أن ه‪//‬ذه األخ‪//‬رية بقيت‬
‫متمس‪//‬كة مبوقفه‪//‬ا‪ ،‬بل أك‪//‬ثر من ذلك إعت‪//‬ربت املريض م‪//‬رض املوت غري س‪//‬ليم العقل حيث ج‪//‬اء فيه ‪" :‬تعترب اهلبة يف م‪//‬رض‬
‫املوت و احلاالت املخيفة وصية ألنه يشرتط يف الواهب أن يكون س‪//‬ليم العقل وقت إب‪//‬رام أو حترير اهلبة ‪ .‬و أن إبط‪//‬ال اهلبة‬

‫‪27‬‬
‫احملررة بواس‪//‬طة الوكيل يف م‪//‬رض املوت هو تط‪//‬بيق س‪//‬ليم للق‪//‬انون لع‪//‬دم حتقيق ما تقتض‪//‬يه أحك‪//‬ام املادتني ‪ 203‬و ‪ 204‬من‬
‫قانون األسرة "(‪.)1‬‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قرار احملكمة العليا غرفة األحوال الشخصية و املواريث الصادر بتاريخ ‪ .21/02/2001‬ملف رقم ‪ .256869‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثاين ‪ .2002‬ص ‪. 428‬‬

‫الفصـل الثـاني‬
‫التصرفـات السـاترة للوصيـة و أحكامـها‬

‫قد يلجأ الش ‪//‬خص خالل م ‪//‬رض موته إىل إض ‪//‬فاء ص ‪//‬فة املعاوضة على تص ‪//‬رفه ال ‪//‬ذي قصد به الت ‪//‬ربع‪ ،‬و أك ‪//‬ثر من‬
‫ذلك فقد يعمد عند متتعه بكامل ص‪//‬حته إىل خلع ث‪//‬وب تص‪//‬رف منجز ح‪//‬ال احلي‪//‬اة على تص‪//‬رف يف حقيقته مض‪//‬اف إىل ما‬

‫‪28‬‬
‫بعد املوت ب‪// /‬أن يتص‪// /‬رف ألحد ورثته أو لغ‪// /‬ريه و يس‪// /‬تثين بطريقة ما اإلنتف‪// /‬اع بالش‪// /‬يء وحيازته م‪// /‬دى حيات ‪//‬ه‪ ،‬وكل ه ‪//‬ذه‬
‫التصرفات إمنا تكون حتايال على أحكام القانون املقيدة حلرية اإليصاء كما سبق الذكر‪.‬‬

‫ل‪//‬ذا و اعتم‪//‬ادا على األسس الس‪//‬ابق بياهنا ف‪//‬إن املش‪//‬رع أق‪//‬ام ق‪//‬رائن قانونية محاية ملص‪//‬لحة عامة هبدف صد التحايل‬
‫على الق‪//‬انون من جه‪//‬ة‪ ،‬ومحاية حلق‪//‬وق الورثة من جهة أخ‪//‬رى و ه‪//‬ذا س‪//‬واء تعلق األمر بالتص‪//‬رفات املربمة يف م‪//‬رض املوت‬
‫أو بالتصرف لوارث مع اإلحتفاظ حبيازة العني و اإلنتفاع هبا مدى احلياة ‪.‬‬

‫و على حنو ما تقدم نعاجل الفصل الثاين على مبحثني‪ ،‬خنصص األول لدراسة التص‪//‬رفات يف م‪//‬رض املوت‪ ،‬بتوض‪/‬يح‬
‫احلكم الع‪//‬ام هلا ال‪//‬وارد باملادة ‪ 776‬من الق‪//‬انون املدين إض‪//‬افة إىل حتديد قواعد اإلثب‪//‬ات املتعلقة هبا‪ ،‬مث دراسة أحك‪//‬ام بعض‬
‫التصرفات يف مرض املوت اليت عاجلها املشرع بنصوص خاصة ‪.‬‬
‫كما خنصص املبحث الث‪//‬اين لدراسة قرينة التص‪//‬رف ل‪//‬وارث مع اإلحتف‪//‬اظ باحلي‪//‬ازة و اإلنتف‪//‬اع م‪//‬دى احلي‪//‬اة ال‪//‬واردة‬
‫بنص املادة ‪ 777‬من الق‪// / /‬انون املدين‪ ،‬و ذلك بتوض‪// / /‬يح ش‪// / /‬روط تطبيقها أوال مث التع‪// / /‬رف على أحكامها و قواعد اإلثب ‪// /‬ات‬
‫املتعلقة هبا ‪.‬‬

‫المبحـث األول‬
‫تصرفـات المريض مـرض المـوت‬

‫لقد أورد القانـون املدين نصـا يقرر احلكم العام يف تصرفـات املريض مرض املـوت أيا كان ه‪//‬ذا التصـرف و يتمثل‬
‫ه‪// / /‬ذا النـص يف املادة ‪ 776‬منـه ‪ ،‬و باعتب‪// / /‬ار جتـرد احلق من قيمتـه إذا عجـز ص‪// / /‬احبه عن إثباتـه أم‪// / /‬ام القض ‪// /‬اء ف ‪// /‬إن ه ‪// /‬ذه‬
‫التصرفـات قد أحيطت بقواعـد حمـددة يف إثبـاهتا سـواء بنص هذه املـادة أو غيـرها‪.‬‬
‫إال أن املش‪// /‬رع مل يكتفي ب ‪// /‬ذلك فخص بعض التص‪// /‬رفات املربمة يف م ‪// /‬رض املوت بقواعد خاصة هبا ك‪// /‬البيع يف‬
‫املادتني ‪ 408‬و ‪ 409‬من القانون املدين‪ ،‬أو اهلبة يف املادة ‪ 204‬من قانون األسرة ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫و ب‪//‬الرغم من أن املشـرع مل يوضـح بص‪//‬فة صرحيـة أحك‪//‬ام بعض التص‪//‬رفات األخـرى اليت تؤثـر على حق‪//‬وق الورثة ش‪//‬أهنا‬
‫ش‪// /‬أن ال‪// /‬بيع و اهلبة إال أنه ميكن اس‪// /‬تخالص أحكـامها من خالل إحلاقـها ب‪// /‬احلكم الع‪// /‬ام ‪ ،‬وك ‪// /‬ذا من خالل حتليل بعض‬
‫النصوص القانونية و قرارات احملكمـة العلـيا املتعلقة هبا فنتطـرق إىل أمهـها و هي الوقف ‪ ،‬و اإلبراء ‪ ،‬و اإلقرار ‪.‬‬
‫بن ‪//‬اء على ما س ‪//‬بق سنفصل يف املطلب األول احلكم الع ‪//‬ام للتص ‪//‬رف يف م ‪//‬رض املوت بتوض ‪//‬يح ش ‪//‬روطه و أحكامه‬
‫وقواعد اإلثبات املتعلقة به‪ ،‬كما نوضح يف املطلب الثاين األحكام اخلاصة لبعض التصرفات األخرى ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الحكم العـام للتصرف في مرض الموت‬

‫تنص املادة ‪ 776‬من الق‪//‬انون املدين على ما يلي ‪" :‬كل تص‪//‬رف ق‪//‬انوين يص‪//‬در عن ش‪//‬خص يف ح‪//‬ال م‪//‬رض املوت‬
‫بقصد الت ‪//‬ربع يعترب تربعا مض ‪//‬افا إىل ما بعد املوت‪ ،‬و تس ‪//‬ري عليه أحك ‪//‬ام الوص ‪//‬ية أيا ك ‪//‬انت التس ‪//‬مية اليت تعطى إىل ه ‪//‬ذا‬
‫التصرف ‪.‬‬
‫و على ورثة املتصرف أن يثبتوا أن التص‪/‬رف الق‪/‬انوين قد ص‪/‬در عن م‪/‬ورثهم وهو يف م‪/‬رض املوت و هلم إثب‪/‬ات ذلك جبميع‬
‫الطرق‪ ،‬و ال حيتج على الورثة بتاريخ العقد إذا مل يكن هذا التاريخ ثابتا ‪.‬‬
‫إذا أثبت الورثة أن التص ‪//‬رف ص ‪//‬در عن م ‪//‬ورثهم يف م ‪//‬رض املوت إعترب التص ‪//‬رف ص ‪//‬ادرا على س ‪//‬بيل الت ‪//‬ربع ما مل‬
‫يثبت من صدر له التصرف خالف ذلك‪ ،‬كل هذا ما مل توجد أحكام خاصة ختالفه"‪/.‬‬
‫على ه‪//‬ذا األس‪//‬اس س‪//‬نبني يف الف‪//‬رع األول ش‪//‬روط أعم‪//‬ال املادة ‪ 776‬من الق‪//‬انون املدين و النتيجة املرتتبة عنها أي‬
‫خضوع التصرف حلكم الوصية‪ ،‬و يف الفرع الثاين نوضح قواعد اإلثبات املتعلقة هبا‪.‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬شروط إعمال المادة ‪ 776‬من القانون المدني وحكمهاـ‬


‫إن التص ‪//‬رف الص ‪//‬ادر عن املورث يف م ‪//‬رض املوت و يك ‪//‬ون القصد منه الت ‪//‬ربع يعت ‪//‬ربه الق ‪//‬انون وص ‪//‬ية مس ‪//‬ترتة‪ ،‬و‬
‫تسري عليه أحكام الوصية محاية للورثة (‪ ،)1‬وهذا بتوفر الشرطني التاليني ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬أن يتم التصرف في مرض الموت‬
‫فيش‪//‬رتط أن ي‪//‬ربم التص‪//‬رف خالل م‪//‬رض املوت وال‪//‬ذي س‪//‬بق حتديد مفهوم‪//‬ه‪ /،‬و يتضح من خالل مص‪//‬طلح "كل‬
‫تص ‪//‬رف ق ‪//‬انوين " مشول حكم املادة لكل تص ‪//‬رف ص ‪//‬ادر يف م ‪//‬رض املوت أيا ك ‪//‬انت التس ‪//‬مية اليت أعطيت له من تربع ‪//‬ات‬
‫ومعاوض‪// /‬ات؛‪ /‬فه‪// /‬ذا النص يتصف بالعمومي‪// /‬ة‪ ،‬وعليه خترج من مفه‪// /‬وم ه‪// /‬ذه املادة التربع‪// /‬ات واهلب‪// /‬ات املنج‪// /‬زة اليت يربمها‬
‫الشخص حال حياته وصحته‪ ،‬فال معقب‪ /‬للورثة علة املتصرف النتفاء على اإلضرار ‪.‬‬
‫و حىت يس ‪// /‬تفيد الورثة من أحك ‪// /‬ام ه ‪// /‬ذه املادة‪ ،‬ف ‪// /‬إن عليهم أن يثبت ‪// /‬وا أن التص ‪// /‬رف وقع يف م‪// /‬رض املوت‪ ،‬فعبء‬
‫اإلثب ‪//‬ات يقع عليهم و ذلك طبقا للفق ‪//‬رة الثانية من املادة ‪ 776‬و اليت تض ‪//‬يف أن هلم إثب ‪//‬ات ذلك بكل الط ‪//‬رق أي مبا فيها‬
‫البينة و القرائن باعتبار أهنم بصدد إثبات واقعة مادية ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫حيث جيوز هلم إثب ‪// /‬ات م ‪// /‬رض املوت بالش ‪// /‬هادات الطبية و تق ‪// /‬ارير اخلرباء و األطب ‪// /‬اء و غريها من الق ‪// /‬رائن املستخلصة من‬
‫ظروف املرض ‪...‬إخل‪ ،‬كما جيوز هلم إثبات صدور التصرف خالل املرض بكافة الطرق كالبينة مثال و غريها ‪.‬‬
‫إض ‪// /‬افة إىل ذلك ف‪// / /‬إن ال‪// / /‬وارث ينتقل إىل حكم الغري يف ه‪// / /‬ذا اجملال وه‪// / /‬ذا ما نوض‪// / /‬حه بالتفص‪// / /‬يل عند احلديث عن قواعد‬
‫اإلثبات يف الفرع الثاين ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن يكون التصرف بقصد التبرع‬
‫من احملتمل أن يك‪//‬ون التص‪//‬رف الص‪//‬ادر عن املورث يف م‪//‬رض املوت معاوضة ال تربع‪//‬ا‪ ،‬ك‪//‬أن يثبت ب‪//‬أن املورث قد‬
‫قبض مقابال ملا تصرف‪ ،‬و أك‪/‬ثر ما يك‪/‬ون ذلك يف عقد ال‪/‬بيع ‪ -‬فال تطبق املادة ‪ 776‬من الق‪/‬انون املدين بل تس‪/‬ري أحك‪/‬ام‬
‫البيع يف مرض املوت ‪ -‬لكن من النادر أن يكون التصرف معاوضة حيث يكون يف غالب األحي‪//‬ان بنية الت‪//‬ربع‪ ،‬و عليه إذا‬
‫انط‪// /‬وى التص‪// /‬رف ص‪// /‬راحة على معىن الت‪// /‬ربع فال ص‪// /‬عوبة يف األمر و تس‪// /‬ري عليه أحك‪// /‬ام الوص‪// /‬ية طبقا للم‪// /‬ادة ‪ 776‬من‬
‫القانون املدين‪ ،‬ومنها اهلبة‪ ،‬و اإلبراء و غريها من التصرفات التربعية‪ ،‬لكن يط‪//‬رح اإلش‪//‬كال يف التص‪//‬رفات املس‪//‬ترتة أي اليت‬
‫تك ‪//‬ون يف ظاهرها معاوضة ختفي تص ‪//‬رفا تربعيا وعليه إذا ادعى الورثة أن التص ‪//‬رف الص ‪//‬ادر عن م ‪//‬ورثهم ت ‪//‬ربع ف ‪//‬إن عبء‬
‫إثب‪//‬ات ذلك ال يقع عليهم ‪ -‬كما هو ث‪/‬ابت يف إثب‪//‬ات وق‪//‬وع التص‪/‬رف يف م‪/‬رض املوت ‪ -‬و إمنا مىت ثبت ص‪//‬دور التص‪//‬رف‬
‫يف مرض املوت كان ذلك قرينة على نية التربع ‪.‬‬
‫خضوع التصرف لحكم الوصية‬
‫مىت ثبت ت ‪//‬وافر الش ‪//‬رطني ال ‪//‬واردين باملادة ‪ 776‬من الق ‪//‬انون املدين ومها ص ‪//‬دور التص ‪//‬رف يف م ‪//‬رض املوت وك ‪//‬ون‬
‫التصرف تربعيا سرت على هذا التصرف أحكام الوصية حيث تنص ه‪//‬ذه املادة على أن ‪" :‬كل تص‪//‬رف ق‪/‬انوين يص‪//‬در عن‬
‫شخص يف حال مرض املوت بقصد التربع يعترب مضافا إىل ما بعد املوت و تسري عليه أحكام الوصية ‪"...‬‬
‫و عليه ف ‪//‬إن ال ‪//‬وارث ينتقل من ص ‪//‬فة اخللف الع ‪//‬ام إىل ص ‪//‬فة الغري من حيث نف ‪//‬اذ التص ‪//‬رف علي ‪//‬ه‪ ،‬ال من الغري من‬
‫حيث ثبوت التاريخ الذي يبقى حجة عليه حىت يثبت عدم صحته ‪.‬‬
‫و بالت ‪//‬ايل يس ‪//‬تفيد الورثة مبا هو مق‪// /‬رر هلم من تقيد حرية اإليص‪// /‬اء و اليت س ‪//‬بق بياهنا يف املبحث األول من الفصل‬
‫األول و اليت جنملها يف أنه لو مت التص‪//‬رف ل‪//‬وارث فإنه ال جيوز و ال ينف‪//‬ذ‪ ،‬و يبقى متوقفا على إج‪//‬ازة الورثة من غري التقيد‬
‫بالنص ‪//‬يب املتص ‪//‬رف فيه وه ‪//‬ذا طبقا للم ‪//‬ادة ‪ 189‬من ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة ‪" :‬ال وص ‪//‬ية ل ‪//‬وارث إال إذا أجازها الورثة بعد وف ‪//‬اة‬
‫املوص‪//‬ي"‪ ،‬أما إذا ك‪//‬ان التص‪//‬رف لغري وارث فإنه يك‪//‬ون ص‪//‬حيحا وناف‪//‬ذا يف ثلث الرتك‪//‬ة‪ ،‬وما زاد عنه يتوقف على إج‪//‬ازة‬
‫الورثة تطبيقا للمادة ‪ 185‬من قانون األسرة ‪.‬‬
‫و بالت‪//‬ايل فالقاضي حيكم باعتب‪//‬ار التص‪//‬رف وص‪//‬ية و بتقيي‪//‬ده بأحك‪//‬ام الوص‪//‬ية تبعا لكل ن‪//‬زاع على ح‪/‬دة‪ ،‬و قد ج‪/‬اء‬
‫يف ق‪// /‬رار للمحكمة العليا ص‪// /‬ادر بت‪// /‬اريخ ‪" : 24/04/2002‬أن القض‪// /‬اء بإبط‪// /‬ال هبة يف م‪// /‬رض املوت دون مراع‪// /‬اة املب‪// /‬دأ‬
‫القانوين ال‪/‬ذي يق‪/‬رر ب‪/‬أن اهلبة يف م‪/‬رض املوت تعترب وص‪/‬ية و يس‪/‬تفيد منها املوه‪/‬وب له يف ح‪/‬دود ما يس‪/‬مح ب‪/‬ذلك موض‪/‬وع‬
‫الوص ‪//‬ية يعد خمالفة للق ‪//‬انون " (‪ ،)1‬و يس ‪//‬تخلص من ذلك أن على القاضي أن ي ‪//‬بني يف حكمه أن التص ‪//‬رف قد أحلق حبكم‬
‫الوصية و يطبق عليه أحكامها ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وما يالحظ أن أغلب قرارات احملكمة العليا املتعلقة بالتصرفات يف مرض املوت تقضي ببطالن التصرف يف م‪//‬رض‬
‫املوت على ال‪// /‬رغم من أن أحك‪// /‬ام املادة ‪ 776‬من الق‪// /‬انون املدين و املادة ‪ 204‬من ق‪// /‬انون األس‪// /‬رة ال تنص على بطالنه بل‬
‫بإحلاقه بالوصية فقط‪ ،‬و البطالن ال يكون إال لألسباب اليت يقررها القانون كالعيب يف اإلرادة أو نقص أو انعدام األهلي‪//‬ة‪،‬‬
‫باستثناء ما تنص عليه املادة ‪ 408‬من القانون املدين اليت تثري مشاكل عديدة سيأيت بياهنا بالتفصيل ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬قواعد اإلثبات المتعلقة بالتصرفات في مرض الموت‬


‫من الناحية العملية ال وج ‪// /‬ود للحق جمردا من دليل إثباته عند املنازعة في ‪// /‬ه‪ ،‬فهو و الع ‪// /‬دم س‪// /‬واء (‪ ،)1‬و جيب أن‬
‫يثبت للقاضي عناصر و شروط احلق حىت حيكم به‪ ،‬لذا وجب إلعمال أحكام املادة ‪ 776‬من الق‪/‬انون املدين و اس‪/‬تخالص‬
‫القرينة ال‪//‬واردة هبا أن يثبت للقاضي وج‪//‬ود م‪//‬رض م‪//‬وت‪ ،‬إض‪//‬افة إىل ت‪//‬وافر الش‪//‬رطني الس‪//‬الفي ال‪//‬ذكر‪ ،‬و عليه جيب حتديد‬
‫طرق اإلثبات اليت جيوز اإلعتماد عليها‪ ،‬إضافة إىل حتديد الطرف الذي يقع عليه عبء اإلثبات يف كل ذلك ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬إثبـات مرض المـوت‬
‫مرض املوت حالة مرض‪/‬ية يغلب فيها اهلالك على الش‪/‬خص و تتصل به املوت فعال من ش‪/‬روطه قع‪/‬ود املريض عن‬
‫قضاء مصاحله و غلبة املوت فيه و انتهائه باملوت فعال ‪.‬‬
‫و كل هذه الشروط موضوعية حيث تقيم يف نفس املريض حالة نفس‪/‬ية بأنه مش‪/‬رف على املوت‪ ،‬فيجب الوق‪/‬وف‬
‫عند الض ‪//‬وابط املوض ‪//‬وعية و االس ‪//‬تدالل هبا على األم ‪//‬ور الذاتي ‪//‬ة؛ فالقاضي يس ‪//‬تخلص من ه ‪//‬ذه العالم ‪//‬ات املادية أن املريض‬
‫كان يتصرف حتت تأثري احلالة النفسية (‪ )2‬و يعترب من خالهلا يف حكم املريض مرض املوت ‪.‬‬
‫و تبعا ل ‪//‬ذلك ف ‪//‬إن م ‪//‬رض املوت واقعة مادية جيوز إثباهتا جبميع ط ‪//‬رق اإلثبـات مبا يف ذلك البينة و الق ‪//‬رائن حـيث‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬عبد الرمحن ملزي‪ .‬املرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد الرابع‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.314‬‬
‫يستخلص‪//‬ها قاضي املوض‪//‬وع من ظ‪//‬روف ال‪//‬دعوى ومالبس‪//‬اهتا‪ ،‬و قد أك‪//‬دت احملكمة العليا ذلك يف قرارها الص‪//‬ادر بت‪//‬اريخ‬
‫‪ 16/06/1998‬بقوهلا ‪..." :‬إض‪//‬افة إىل أن م‪//‬رض ال‪//‬واهب هو حالة مادية ظ‪//‬اهرة ال ميكن إخفاؤها و جيوز إثباهتا بش‪//‬هادة‬
‫الشهود زيادة على الشهادات الطبية احملتج هبا‪)1( /"...‬‬
‫و القاضي عند تقديره ملرض املوت ال خيضع لرقابة احملكمة العلي‪//‬ا‪ ،‬و إمنا تنصب رقابة احملكمة العليا على التس‪/‬بيب‬
‫ال‪//‬ذي ج‪//‬اء به احلكم يف ذل‪//‬ك‪ ،‬و العناصر اليت اعتمد عليها العتب‪//‬ار املرض م‪//‬رض م‪//‬وت‪ /،‬فتتأكد من توصل القاضي لذلـك‬
‫اعتمادا على أسباب سائغة و قانونية‪ ،‬كما تتأكد من توافر شروط مرض املوت اليت سبق بياهنا (‪.)2‬‬
‫ومن بني أهم أدلة إثب‪// / / /‬ات م‪// / / /‬رض املوت الش‪// / / /‬هادات الطبية الدالة على حالة املريض يف أواخر أيامه بعد اللج‪// / /‬وء إىل أهل‬
‫اخلربة‪ ،‬حيث أش‪// / / / /‬ارت إليها احملكمة العليا يف العديد من قراراهتا ك‪// / / / /‬القرار الص‪// / / / /‬ادر بت‪// / / / /‬اريخ ‪": 16/03/1999‬حيث أن‬
‫الط ‪//‬اعن قد أثبت أن اهلبة موض ‪//‬وع ال ‪//‬نزاع قد وقعت يف م ‪//‬رض املوت س ‪//‬واء من مالحظة املوثق نفسه يف عقد اهلبة أو من‬

‫‪32‬‬
‫التقرير الطيب املؤرخ يف ‪ )3( " ...‬و ك‪// /‬ذا الق‪// /‬رار الص‪// /‬ادر بت‪// /‬اريخ ‪ ، )4( 16/06/1998‬إض‪// /‬افة إىل التحقيق ال‪// /‬ذي جتريه‬
‫احملكمة بسماع الشهود مثال حول احلالة الصحية للمتويف خالل إبرامه التصرف‪...‬إخل ‪.‬‬
‫و يقع عبء إثب‪/‬ات م‪/‬رض املوت على الورثة ال‪/‬ذين يطعن‪//‬ون يف تص‪/‬رف م‪/‬ورثهم باعتب‪//‬ار أن ذلك مق‪//‬رر ملص‪/‬لحتهم‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إثبات شروط المـادة ‪ 776‬من القانون المدني‬
‫‪ -‬فبالنس‪/‬بة إلثب‪/‬ات الش‪/‬رط األول املتمثل يف ض‪/‬رورة ص‪/‬دور التص‪/‬رف يف م‪/‬رض املوت ف‪/‬إن عبء إثب‪/‬ات ذلك يقع‬
‫على الورثة‪ ،‬وهلم ذلك جبميع الطرق مبا فيها البينة و القرائن‪ ،‬ألهنم يثبتون واقعة مادية ‪.‬‬
‫و بناء على مبدأ نسبية آث‪/‬ار العقد ف‪/‬إن ه‪/‬ذا األخري تنص‪/‬رف إىل املتعاق‪/‬دين و خلفهما الع‪/‬ام تأسيسا على أحك‪/‬ام املادة ‪108‬‬
‫من الق‪// /‬انون املدين اليت تنص ‪" :‬ينص‪// /‬رف العقد إىل املتعاق‪// /‬دين و اخللف الع‪// /‬ام‪ ،‬ما مل يت‪// /‬بني من طبيعة التعام‪// /‬ل‪ ،‬أومن نص‬
‫الق ‪//‬انون‪ ،‬أن ه ‪//‬ذا األثر ال ينص ‪//‬رف إىل اخللف الع ‪//‬ام كل ذلك مع مراع ‪//‬اة القواعد املتعلقة ب ‪//‬املرياث"‪ ،‬و القاع ‪//‬دة العامة أن‬
‫يعترب الورثة خلفا عاما للم‪//‬ورث‪ ،‬لكن يقصد بعب‪//‬ارة "مع مراع‪//‬اة القواعد املتعلقة ب‪//‬املرياث " ع‪//‬دم س‪//‬ريان تص‪//‬رفات املورث‬
‫إذا أبرمها يف م‪// / /‬رض املوت يف حق الورث‪// / /‬ة‪ ،‬و اعتبارها وص‪// / /‬ية؛ حيث يعت‪// / /‬ربون يف ه‪// / /‬ذه احلالة من الغري يف مواجهة ه ‪// /‬ذه‬
‫التصرفات‪ ،‬كما سبق توضيحه ‪.‬‬
‫و لكن الورثة ال يعتربون من الغري بالنسبة ملسألة ثبوت تاريخ احملرر العريف ال‪//‬ذي يص‪//‬در عن م‪//‬ورثهم مبفه‪//‬وم املادة‬
‫‪ 328‬فق ‪//‬رة ‪ 1‬من الق ‪//‬انون املدين اليت تنص على أنه ‪" :‬ال يك ‪//‬ون العقد الع ‪//‬ريف حجة على الغري يف تارخيه إال منذ أن يك ‪//‬ون‬
‫له تاريخ ثابت" باعتبار أن القاعدة العامة هي أن الورثة يعتربون خلفا عاما ملورثهم‪ ،‬ولذا يسري عليهم ما كان يسري يف‬
‫حقه‪ ،‬ومن مث يكون تاريخ الورقة العرفية املثبتة للتصرف الصادر عنه حجة عليهم كما كان حجة على مورثهم ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ .16/06/1998‬ملف رقم ‪ .197335‬اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪. 2001‬ص ‪. 281‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 14/08/1990‬ملف رقم ‪ .64311‬غري منشور‪":‬حيث أن تقدير حالة إبرام بيع يف مرض املوت يدخل يف إطار س‪//‬لطة قض‪//‬اة‬
‫املوضوع التقديرية ماداموا أسسوا حكمهم على أسباب سائغة"‪ .‬عمر بن سعيد‪ .‬اإلجتهاد القضائي وفقا ألحكام القانون املدين‪ .‬دار اهلدى ‪ .‬اجلزائر‪ .‬ص ‪. 257‬‬
‫(‪ )4( )3‬ق‪// /‬رار للمحكمة العليا الص‪// /‬ادر بت‪// /‬اريخ ‪ .16/03/1999‬ملف رقم ‪ .219901‬و الق ‪//‬رار الص ‪//‬ادر بت ‪//‬اريخ ‪ .16/06/1998‬ملف رقم ‪ .197335‬اإلجته‪// /‬اد‬
‫القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ . 2001‬ص ‪. 281 ، 287‬‬
‫و يكتسي تاريخ التصرف القانوين الصادر عن املورث املريض أمهية بالغة بالنس‪/‬بة لتحديد آث‪/‬ار ه‪/‬ذا التص‪/‬رف على‬
‫الورثة و الطعن يف صحة هذا التاريخ املدون على الس‪//‬ند املثبت للتص‪//‬رف املطع‪//‬ون فيه ب‪//‬النظر إىل بداية املرض و الوفـاة ‪ ،‬و‬
‫لعل من الثابت عمليا أن السلف املورث لتفادي أحكام الق‪/‬انون اآلم‪/‬رة و التقيي‪/‬دات ال‪/‬واردة على أحك‪/‬ام تص‪/‬رفات املريض‬
‫م‪//‬رض املوت‪ ،‬غالبا ما يعمد إىل تق‪//‬دمي ت‪//‬اريخ تص‪//‬رفه املاس حبق الس‪//‬لف‪ ،‬و جيعله س‪//‬ابقا على املرض حىت ينص‪//‬رف أث‪//‬ره إىل‬
‫اخللف و حيتج عليهم باحملرر الذي تضمنه ‪.‬‬
‫و عليه إذا ادعى الورثة ب ‪// /‬أن احملرر الع ‪// /‬ريف ال ‪// /‬ذي حيمل تارخيا معينا ال حيمل الت ‪// /‬اريخ احلقيقي لألس ‪// /‬باب الس ‪// /‬ابقة ال ‪// /‬ذكر‪،‬‬
‫فيجب عليهم هنا أن يثبت‪// /‬وا أن الت ‪// /‬اريخ قد مت تقدميه عم ‪// /‬دا‪ ،‬و أن الت‪// /‬اريخ احلقيقي لص ‪// /‬دور احملرر يقع يف وقت ك‪// /‬ان فيه‬

‫‪33‬‬
‫املورث مريضا م‪//‬رض م‪//‬وت فق‪//‬دم الت‪//‬اريخ ليخفي ه‪//‬ذه احلقيق‪//‬ة‪ ،‬وهم يف ذلك غري مقي‪//‬دين بط‪//‬رق إثب‪//‬ات معينة ألن تق‪//‬دمي‬
‫التاريخ على هذا النحو غش‪ ،‬و الغش جيوز إثباته بكافة الطرق (‪ )1‬باعتباره واقعة مادية ‪.‬‬
‫و استنادا إىل ما سبق فإن الفقرة الثانية للم‪//‬ادة ‪ 776‬من الق‪//‬انون املدين قد ج‪/‬انبت الص‪//‬واب بنص‪//‬ها على أن‪/‬ه‪ /":‬وال‬
‫حيتج على الورثة بت‪// /‬اريخ العقد إذا مل يكن ه‪// /‬ذا الت‪// /‬اريخ ثابت‪// /‬ا" باعتب‪// /‬ار أن ه‪// /‬ذا الت‪// /‬اريخ حىت و لو يكن ثابتا حيتج به على‬
‫الورثة‪ ،‬و إمنا هلم إثبات عكسه كما سبق الذكر ‪.‬‬
‫و حسب األس‪//‬تاذ عبد ال‪//‬رزاق الس‪//‬نهوري فإنه قد يس‪//‬تخلص من الفق‪//‬رة الثانية من املادة ‪ 776‬أن املش‪//‬رع قصد هبا‬
‫أن الت‪//‬اريخ الع‪//‬ريف ال حيتج به على ال‪//‬وارث إىل احلد ال‪//‬ذي مينعه من إثب‪//‬ات العكس‪ ،‬بل جيوز له م‪//‬ادام الت‪//‬اريخ غري ث‪//‬ابت أن‬
‫يقيم الدليل على عدم ص‪//‬حته‪ ،‬و لكن ه‪/‬ذا ب‪/‬ديهي فال ض‪/‬رورة إلي‪/‬راد حكم خ‪/‬اص ب‪//‬ه‪ ،‬فكل ش‪/‬خص يك‪/‬ون الت‪/‬اريخ الع‪//‬ريف‬
‫حجة عليه ‪ -‬و لو كان املتعاقد نفسه ‪ -‬يستطيع إثبات عدم صحة هذا التاريخ (‪.)2‬‬
‫و ال يث ‪// /‬ور اإلش ‪// /‬كال املتعلق بت ‪// /‬اريخ التص ‪// /‬رف على اإلطالق إذا ورد العقد يف حمرر رمسي باعتب‪// /‬ار أن ما ورد فيه‬
‫حجة على الكافة حىت يثبت تزوي‪//‬ره طبقا للم‪//‬ادة ‪ 324‬مك‪//‬رر ‪ 5‬من الق‪//‬انون املدين‪ ،‬وك‪//‬ذلك األمر إذا ورد العقـد يف حمرر‬
‫عرفـي و أص‪//‬بح له ت‪//‬اريخ ث‪//‬ابت بإح‪//‬دى احلاالت املنص‪//‬وص عليها يف املادة ‪ 328‬من نفس الق‪//‬انون حبيث يك‪//‬ون حجة حىت‬
‫على الغري ‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة إلثب‪/‬ات الش‪/‬رط الث‪/‬اين املتمثل يف أن يك‪/‬ون التص‪/‬رف يف م‪/‬رض املوت بقصد الت‪/‬ربع ف‪/‬إن عبء إثب‪/‬ات‬
‫أن التص ‪//‬رف الص ‪//‬ادر من املورث قد قصد به الت ‪//‬ربع ال يقع على الورثة ‪ -‬عكس ما هو ث ‪//‬ابت أن الورثة يقع عليهم عبء‬
‫إثب‪//‬ات الش‪//‬رط األول ‪ -‬فاملش‪//‬رع هنا وقوفا يف وجه التحايل خفف العبء ب‪//‬أن أق‪//‬ام قرينة قانونية لص‪//‬احل الورثة (‪ )3‬ج‪//‬اءت‬
‫ب‪//‬الفقرة الثالثة من املادة ‪ 775‬من الق‪//‬انون املدين ونقل هبا حمل اإلثب‪//‬ات إىل واقعة أخ‪//‬رى يس‪//‬هل عليهم إثباهتا حبيث أهنم إذا‬
‫أثبت‪//‬وا ص‪//‬دور التص‪//‬رف يف م‪//‬رض املوت اعترب ص‪//‬ادرا على س‪//‬بيل الت‪//‬ربع و اعترب الورثة من الغري فال يس‪//‬ري يف م‪//‬واجهتهم‬
‫تصرف مورثهم إال يف حدود الثلث‪،‬وإذا مل يقوموا بإجازة ما زاد عنه كان هلم تتبع العني حتت يد املتصرف إليه الستيفاء‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد التاسع‪.‬ص ‪.223‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬نفس املرجع‪ .‬ص ‪.224‬‬
‫(‪" )3‬القرينة القانونية هي قاع‪//‬دة يعفي هبا املش‪//‬رع املدعي يف ظ‪//‬روف معينة من القي ‪//‬ام باثب‪//‬ات دع ‪//‬واه كال أو بعض ‪//‬ا"‪ .‬حيىي بك ‪//‬وش‪ .‬أدلة اإلثب ‪//‬ات يف الق ‪//‬انون املدين‬
‫اجلزائري و الفقه اإلسالمي‪ .‬دراسة نظرية و تطبيقية مقارنة‪ .‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬ص ‪.357‬‬
‫نصيبهم املتمثل يف الثلثني ‪.‬‬
‫وعلة هذه القرينة هي أن اإلنسان ال يتصرف ع‪/‬ادة يف م‪/‬رض موته إال على س‪/‬بيل الت‪/‬ربع‪ ،‬وين‪/‬در أن يك‪/‬ون تص‪/‬رفه‬
‫‪ -‬وهو يف حالة اليأس من احلياة والقنوط منها ‪ -‬بقصد املعاوضة ‪.‬‬
‫ولكن ه ‪// /‬ذه القرينة ليست قاطعة (‪ ،)1‬وإمنا هي قرينة قانونية بس ‪// /‬يطة قابلة إلثب‪// / /‬ات العكس‪ ،‬فيج ‪// /‬وز للمتص ‪// /‬رف إليه أن‬
‫يدحض‪//‬ها ب‪//‬أن يثبت أن التص‪//‬رف ليس تربع‪//‬ا‪ ،‬وإمنا ك‪//‬ان على س‪//‬بيل املعاوض‪//‬ة؛ ف‪//‬إذا أثبت ذلك إنتفت القرينة وس‪//‬رت على‬
‫التصرف أحكام البيع يف مرض املوت ( املواد ‪ 409 ،408‬من القانون املدين ) ‪.‬‬
‫وجيب التوضيح أخريا أن نيـة التربع مسألة خاضعة لسلطـة وتقدير قاضي املوضـوع ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األحكام الخاصة لبعض التصرفاتـ في مرض الموت‬

‫إض‪// /‬افة إىل احلكم الع‪// /‬ام للتص‪// /‬رفات يف م‪// /‬رض املوت خص املش‪// /‬رع بعض التص‪// /‬رفات بنص‪// /‬وص خاصة أورد فيها‬
‫أحكاما خاصة ك‪//‬البيع يف م‪//‬رض املوت‪ ،‬أو بنص‪//‬وص ج‪//‬اءت تطبيقا للقـاعدة العامة وه‪//‬ذا يف بعض التص‪//‬رفات التربعيـة‪ .‬و‬
‫عليه سنتوىل دراستها على التوايل فيما يلي ‪:‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬البيـع في مرض المـوت‬


‫أورد املش‪//‬رع أحك‪//‬ام ال‪//‬بيع يف م‪//‬رض املوت ب‪//‬املواد ‪ 408‬و ‪ 409‬من الق‪//‬انون املدين‪ ،‬حيث تنص املادة ‪ 408‬على‬
‫مايلي ‪" :‬إذا باع املريض مرض املوت لوارث فإن البيع ال يكون ناجزا إال إذا اقره باقي الورثة‪.‬‬
‫أما إذا مت البيع للغري يف نفس الظروف فإنه يعترب غري مصادق عليه و من أجل ذلك يكون قابال لإلبطال " ‪.‬‬
‫فه‪//‬ذا احلكم ينطبق على ال‪//‬بيع فق‪//‬ط‪ ،‬وتطبيقا للقواعد الس‪//‬الفة ال‪//‬ذكر ف‪//‬إن تط‪//‬بيق ه‪//‬ذا احلكم يقتضي أن يثبت أوال‬
‫من ص‪//‬در له التص‪//‬رف عكس القرينة اليت نصت عليها املادة ‪ 776/3‬من الق‪//‬انون املدين (‪ )2‬و اليت س‪//‬بق بياهنا ب‪//‬أن يثبت أن‬
‫التص ‪// / /‬رف رغم ص ‪// / / /‬دوره يف م‪// / / /‬رض املوت ك‪// / / /‬ان مقابل و ليس تربعا (‪ )3‬غري أن املش ‪// / / /‬رع اجلزائ‪// / / /‬ري على خالف بعض‬
‫التشريعات األخرى ‪ -‬كاملش‪//‬رع املص‪//‬ري ‪ -‬مل ي‪//‬بني هل أن ال‪//‬بيع مت دون مثن أصال أو بأقل من قيمة املبيع‪ ،‬أو إذا ك‪//‬ان فيه‬
‫حماباة جتاوز ثلث الرتكة ‪.‬‬
‫فب ‪// / / /‬الرجوع إىل القواعد العام ‪// / / /‬ة‪ ،‬إذا مت ال ‪// / / /‬بيع دون مثن أصال أو مت مقابل مثن خبس يصل إىل حد التفاهة مل يأخذ‬
‫التصرف حكم البيـع ملخالفته املادة ‪ 351‬من القانون املدين حيث يعترب ركن الثمن منعدمـا‪ ،‬و بالتايل يبطـل عقـد‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬املادة ‪":776/3‬إذا أثبت الورثة أن التص ‪//‬رف ص ‪//‬در عن م ‪//‬ورثهم يف م ‪//‬رض املوت اعترب التص ‪//‬رف ص ‪//‬ادرا على س ‪//‬بيل الت ‪//‬ربع م ‪//‬امل يثبت من ص ‪//‬در له التص ‪//‬رف‬
‫خالف طلك‪"..‬‬
‫(‪ )2‬خليل أمحد حسن قدادة‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 248‬‬
‫(‪ )3‬جل التش‪//‬ريعات العربية تعترب أنه إذا أثبت املش‪//‬رتي أنه دفع للب‪//‬ائع مثنا ال يقل عن قيمة املبيع اعترب ه‪//‬ذا ال‪//‬بيع ص‪//‬حيحا منتجا آلث‪//‬اره و ناف‪//‬ذا يف حق الورثة دون‬
‫حاجة إلجازهتم ‪ ،‬عكس املشرع اجلزائري الذي خيضعه ألحكام املادة ‪ 408‬من القانون املدين ‪.‬‬
‫البيع‪ ،‬و من مث تسري على التصرف أحكام املادة ‪ 776‬من القانون املدين العتباره تصرفا تربعيا‪.‬‬
‫و فيما ع ‪//‬دا ه ‪//‬ذه احلالة إذا ك ‪//‬ان ال ‪//‬بيع بأقل من القيمة احلقيقية للم ‪//‬بيع‪ ،‬ف ‪//‬إن بعض التش ‪//‬ريعات كالق ‪//‬انون املص ‪//‬ري‬
‫إعتربت البيع ساريا يف حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة املبيع على الثمن ال جتاوز ثلث الرتكة (مبا فيها ال‪/‬بيع ذات‪/‬ه)‪ ،‬أما إذا‬
‫جاوزته فإن البيع فيما جياوز الثلث ال يسري يف حق الورثة إال إذا أقروه أو رد املشرتي للرتكة ما بقي بتكملة الثلثني (‪.)1‬‬
‫لكن الق‪//‬انون اجلزائ‪//‬ري مل يتض‪//‬من مثل ه‪//‬ذا احلكم‪ ،‬و مل يف‪//‬رق بني التص‪//‬رفات اعتمـادا على قيمة املبيع احلقيقيـة و‬
‫قيمة البيع‪ ،‬بل أخضع التص‪//‬رف هنا للم‪//‬ادة ‪ 408‬من الق‪//‬انون املدين اليت س‪/‬يأيت بي‪//‬ان أحكامها فيما يلي‪ ،‬و ذلك باعتب‪//‬ار أن‬
‫التصرف كان مبقابل أي أنه بيع ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫و قد خص املش ‪//‬رع ال ‪//‬بيع يف م ‪//‬رض املوت بأحك ‪//‬ام خاصة الف ‪//‬رتاض ش ‪//‬بهة التحايل يف الثمن‪ ،‬ال س ‪//‬يما إذا ما مت ل ‪//‬وارث ‪،‬‬
‫فخصه بأحك ‪//‬ام ختتلف عما ورد بقرينة املادة ‪ 776‬من الق ‪//‬انون املدين‪ ،‬و ف ‪//‬رق بني ال ‪//‬بيع ل ‪//‬وارث و ال ‪//‬بيع لغري وارث‪ ،‬كما‬
‫أنه أورد باملادة ‪ 409‬منه إستثناء على احلالتني السابقتني يتعلق حبماية الغري حسن النية ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬البيع في مرض الموت لوارث‬
‫يس‪//‬تخلص من الفق‪//‬رة األوىل للم‪//‬ادة ‪ 408‬من الق‪//‬انون املدين أن قي‪//‬ام الش‪//‬خص ب‪//‬بيع ش‪//‬يء من أمواله ألحد ورثته يف م‪//‬رض‬
‫املوت ال ينفذ حبق باقي الورثة إال إذا أقروه (‪.)2‬‬
‫و مصطلح "ال يكون ن‪/‬اجزا ‪ "n’est pas valable‬ال‪/‬وارد باملادة ي‪/‬دل على أن ال‪/‬بيع يك‪/‬ون ص‪/‬حيحا و ليس ب‪/‬اطال‪،‬‬
‫لكن موق‪//‬وف النف‪//‬اذ على إق‪//‬رار الورثة له (‪ )3‬ف‪//‬إن أق‪//‬روه أص‪//‬بح ناف‪//‬ذا يف حقهم من وقت إبرام‪//‬ه‪ ،‬و إن رفض‪//‬وه مل ينفذ يف‬
‫حقهـم و بقي الش ‪//‬يء املبيع كعنصر من عناصر الرتك ‪//‬ة‪ ،‬و على الورثـة أن ي ‪//‬ردوا إىل املش ‪//‬رتي املبلـغ ال ‪//‬ذي يك ‪//‬ون قد دفعـه‬
‫كثمن للمبيع‪.‬‬
‫و إذا أقر بعض الورثة البيع و مل يقره البعض اآلخر نفذ يف حق من أق‪//‬ره بنس‪/‬بة حصص‪/‬هم يف املرياث و مل ينفذ يف‬
‫حق البقية ‪.‬‬
‫و ما يالحظ هنا أن املش‪//‬رع طبق على ال‪//‬بيع ل‪//‬وارث يف م‪//‬رض املوت أحك‪//‬ام الوص‪//‬ية‪ ،‬حبيث جعل نف‪//‬اذ التص‪//‬رف‬
‫متوقفا على قبول باقي الورثة أي أنه أحلق البيع بأحكام الوصية بطريقة غري مباشرة ‪.‬‬
‫و يقصد بالورثة من تثبت هلم الص‪// /‬فة وقت وف ‪//‬اة املورث املريض و لو مل يكون‪// /‬وا ورثة وقت ال ‪//‬بيع‪ ،‬أما من ك ‪//‬ان‬
‫وارثا وقت ال‪//‬بيع و أص‪//‬بح غري وارث وقت م‪//‬وت املورث فليس له حق إق‪//‬رار التص‪//‬رف من عدم‪//‬ه‪ ،‬و ب‪//‬ذلك ف‪//‬إن ال‪//‬وارث‬
‫ال ‪//‬ذي مل تكن له ه ‪//‬ذه الص ‪//‬فة وقت انعق ‪//‬اد ال ‪//‬بيع‪ ،‬و حتققت له وقت الوف ‪//‬اة له حق اإلع ‪//‬رتاض و ع ‪//‬دم قب ‪//‬ول نف ‪//‬اذ ال ‪//‬بيع يف‬
‫حدود حصته ‪.‬‬
‫و إقرار الورثة أو رفضهم للتصرف ال يكون معتدا به إال إذا صدر بعد موت املورث‪ ،‬و ال يعتد باإلقرار السابق‬
‫على املوت ‪ -‬كأن يدون يف نفس احملرر املثبت لتصرف املورث ‪ -‬ألن صفة الوارث و حقه يف املرياث ال تثبت إال بعد‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬أنظر املادة ‪ 477‬من القانون املدين املصري‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد التاسع‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 224‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا الغرفة املدنية‪ /‬الصادر بتاريخ ‪ .09/07/1990‬ملف رقم ‪ .62156‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الرابع ‪ .1991‬ص ‪. 68‬‬
‫(‪ )3‬حممد‪ /‬يوسف الزعيب‪ .‬شرح عقد البيع يف القانون املدين‪ /.‬دار الثقافة‪ .‬األردن‪ .‬ص ‪. 507‬‬
‫م ‪//‬وت املورث ‪.‬و يش ‪//‬رتط لص ‪//‬حة اإلق ‪//‬رار ما يش ‪//‬رتط يف أي تص ‪//‬رف ت ‪//‬ربعي آخ ‪//‬ر‪ ،‬فيجب أن يك ‪//‬ون ال ‪//‬وارث املقر بالغ ‪//‬ا‪،‬‬
‫عاقال‪ ،‬غري حمجور عليه‪ ،‬و ذلك حتت طائلة بطالن إقراره بطالنا مطلقا ‪.‬‬
‫كما جيب أن يك‪// /‬ون اإلق‪// /‬رار ص‪// /‬رحيا‪،‬فال يكفي الس‪// /‬كوت أو أي تص‪// /‬رف آخر دليال على إق‪// /‬رار ال‪// /‬بيع الص‪// /‬ادر يف م‪// /‬رض‬
‫املوت‪.‬‬
‫جتدر اإلش‪// /‬ارة إىل أن املش‪// /‬رع أص‪// /‬اب عن‪// /‬دما اس‪// /‬تعمل يف الفق‪// /‬رة األوىل مص‪// /‬طلح"إق‪// /‬رار" و ليس "إج‪// /‬ازة"‪ ،‬ألن‬
‫اإلجازة تلحق التصرف القابل لإلبطال و تصدر من أحد أطراف التصرف‪ ،‬و ال تلحقه إذا كان باطال بطالنا مطلقا ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫و قد أورد ال ‪//‬دكتور علي علي س ‪//‬ليمان مجلة من اإلنتق ‪//‬ادات للفق ‪//‬رة األوىل من املادة ‪ 408‬من الق ‪//‬انون املدين (‪،)1‬‬
‫منها أن النسخة الفرنسية جاءت بشرط مل يرد يف النص العريب‪ ،‬فاشرتطت أن يتم البيع يف حالة اشتداد حدة املرض "‪dan‬‬
‫)‪ ،s la période aigue" (2‬يف حني أن فقهاء الشريعة اإلسالمية اليت هي مص‪/‬در حكم تص‪/‬رفات املريض م‪//‬رض املوت مل‬
‫يشرتطوا هذا الشرط‪ ،‬بل اختلفوا حول املدة اليت يعترب التصرف خالهلا صادرا يف مرض املوت فقط ‪.‬‬
‫و من بني ه‪//‬ذه اإلنتق‪//‬ادات التفرقة بني ال‪//‬بيع ل‪//‬وارث وجعله معلقا على إق‪//‬رار بقية الورث‪//‬ة‪ ،‬و ال‪//‬بيع ألجنيب و جعله‬
‫قابال لإلبطال (‪. )3‬‬
‫ثانيـا ‪ :‬البيع في مرض الموت لغير وارث‬
‫إعت‪//‬ربت الفق‪//‬رة الثانيـة للم‪//‬ادة ‪ 408‬من القانـون املدين ال‪//‬بيع لغيـر وارث يف م‪//‬رض املوت غري مصـادق علي‪//‬ه‪ ،‬و من‬
‫أجل ذلك يكون قابال لإلبطال ‪ .‬وما يالحـظ على ه‪//‬ذا النص أنه يتم‪//‬يز باللبـس و الغم‪//‬وض ‪ ،‬و من أس‪//‬باب ذلك اختالف‬
‫النص الع‪// /‬ريب عن النسخـة الفرنس‪// /‬ية يف أس‪// /‬اس اجلزاء ؛ ف‪// /‬النص العـريب يعترب التص‪// /‬رف غري مصـادق عليه و من أجل ذلك‬
‫يكـون قابـال لإلبط‪//‬ال‪ ،‬بينمـا النس‪//‬خة الفرنس‪//‬ية تنص ‪" :‬يف‪//‬رتض أن البيـع مت ب‪//‬دون رضـاء ص‪//‬حيح…‪est présumée avoir‬‬
‫‪ " ...été faite sans consentement valable‬فطبقا للنص العريب يكون أس‪//‬اس القابلية لإلبط‪//‬ال هو أن ال‪/‬بيع غري مص‪//‬ادق‬
‫علي‪//‬ه‪ ،‬وه‪//‬ذا مص‪//‬طلح غ‪//‬ريب على أحك‪//‬ام الق‪//‬انون املدين (‪ ، )4‬إض‪//‬افة إىل أن الس‪//‬ؤال املط‪//‬روح هو ممن تص‪//‬در املص‪//‬ادقة وما‬
‫املقص ‪//‬ود هبا ؟ أما النص الفرنسي فإنه يعترب أن األس ‪//‬اس هو عيب ش ‪//‬اب الرض ‪//‬ا‪ ،‬ب ‪//‬الرغم من أن الث ‪//‬ابت قانونا أن اإلبط ‪//‬ال‬
‫يك ‪//‬ون إما لقصر أو لغل ‪//‬ط‪ ،‬إك ‪//‬راه ‪ ،‬ت ‪//‬دليس أو اس ‪//‬تغالل‪ ،‬وهو ما ال يت ‪//‬وافر عند املريض م ‪//‬رض املوت‪ ،‬حيث يتفق فقه ‪//‬اء‬
‫الش‪// /‬ريعة اإلس‪// / /‬المية على أن تص ‪// /‬رفات املريض غري مش‪// / /‬وبة بعيب يف رض‪// / /‬اه‪،‬و إمنا العلة هي مساس ‪// /‬ها حبق‪// /‬وق الورثة اليت‬
‫تعلقت بثلثي الرتكة ‪.‬‬
‫و من بني اإلنتق‪//‬ادات املوجهة للفق‪//‬رة الثانية للم‪//‬ادة ‪ 408‬من الق‪//‬انون املدين أهنا تعترب التص ‪//‬رف لغري وارث ق‪//‬ابال‬
‫لإلبط‪//‬ال ‪ ،‬و ه‪//‬ذا ما يتع‪//‬ارض مع نص املادة ‪ 185‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة اليت تنص ‪" :‬تك‪//‬ون الوص‪//‬ية يف ح‪//‬دود ثلث الرتك‪//‬ة‪،‬‬
‫وما زاد على الثلث توقف على إج ‪//‬ازة الورث ‪//‬ة" و اليت ج ‪//‬اءت وفقا ملب ‪//‬ادىء الش ‪//‬ريعة اإلس ‪//‬المية الس ‪//‬ابق اإلش ‪//‬ارة إليها يف‬
‫الفصل األول ‪ ،‬حيـث كان من األجـدر أن يعـترب املشرع البيـع ألجنيب وصية أيضا ‪ ،‬و يعلـق نفاذها على إقرار الورثـة‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬علي علي سليمان‪ /.‬ضرورة إعادة النظر يف القانون املدين اجلزائري‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬ص ‪. 128‬‬
‫‪(2) voir l’article 408/1 du code civile : « la vente consentie par un malade, dans la période aigue de la maladie qui a‬‬
‫»‪entraîné sa mort, à un de ses héritiers n’est pas valable que si elle est ratifiée par les autres héritiers . ‬‬
‫الدكتور‪ /‬علي علي سليمان‪ .‬نقال عن حممد زهدور‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.135 ، 134‬‬ ‫(‪ )3‬عن‬
‫(‪ )4‬علي علي سليمان‪ /.‬نفس املرجع‪ .‬ص ‪.129‬‬
‫فيـما جيـاوز الثلث (‪ ،)1‬إضافة إىل ذلك إذا اعتربنا أن البيع هنا قابل لإلبطال‪ ،‬فلمن يكون حق طلب اإلبطال ؟‬
‫ب‪//‬الرجوع إىل األحك‪//‬ام العامة للق‪//‬انون املدين ف‪//‬إن طلب اإلبط‪//‬ال يك‪//‬ون لص‪//‬احل من ش‪//‬اب رض‪//‬اءه عيب من عي‪//‬وب‬
‫الرضا‪ ،‬فإذا سلمنا بأن رضا املريض مرض املوت مشوب بعيب من العيوب حسب الفقرة الثانية فيك‪//‬ون له وح‪//‬ده احلق يف‬
‫طلب اإلبط ‪//‬ال‪ ،‬وهنا ف ‪//‬إن املريض قد م ‪//‬ات‪ ،‬و مبا أن الورثة يعت ‪//‬ربون من الغري بالنس ‪//‬بة لتص ‪//‬رفات م ‪//‬ورثهم املريض م ‪//‬رض‬

‫‪37‬‬
‫املوت و ال تنفذ يف حقهم‪ ،‬ف‪// /‬إن من غري املمكن الق‪// /‬ول ب‪// /‬أن حق طلب اإلبط‪// /‬ال انتقل إليهم من املورث باعتب‪// /‬ارهم خلفا‬
‫عاما له؛ فهم ال يعتربون خلفا عاما بالنسبة لتصرفاته يف مرض املوت ‪.‬‬
‫و فضال عن ذلك ف‪// / / /‬إن املذهب املالكي يعتبـر الوص‪// / / /‬ية الزمة هنائيـا بعد مـوت املوص‪// / / /‬ي‪ ،‬حبيث ال جيوز ألحد إبـطاهلا أو‬
‫تع‪//‬ديلها‪ ،‬فقد ج‪//‬اء عن اإلم‪//‬ام مالك ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أنه ق‪//‬ال ‪" :‬إذا م‪//‬ات املوصي ل‪//‬زمت الوص‪//‬ية‪ ،‬و ليس لغ‪//‬ريه أن يغري‬
‫شيئا من ذلك و ال يبطله وال يبدله بغريه" (‪.)2‬‬
‫كما أنه لو فرض‪//‬نا أن رض‪//‬اء املريض ك‪//‬ان غري ص‪//‬حيح‪ ،‬ف‪//‬إن رض‪//‬اءه يش‪//‬وبه نفس العيب عند ال‪//‬بيع ألحد الورث‪//‬ة‪،‬‬
‫فلماذا فرق القانون بني التصرفني ؟‬
‫و استنادا إىل كل ما سبق فال حمل للكالم عن القابلية لإلبطال‪ ،‬و إمنا األصح هو نفاذ التصـرف أو عدم نف‪//‬اذه‪ ،‬ال‬
‫س ‪//‬يما أن اإلبط ‪//‬ال ال يك ‪//‬ون إال حبكم من القض ‪//‬اء‪ ،‬يف حني أن النف ‪//‬اذ أو ع ‪//‬دم النف ‪//‬اذ ليس حباجة إىل حكم قض ‪//‬ائي إال إذا‬
‫حدث نزاع حول مقدار الثلث اجلائز اإليصاء به ‪.‬‬
‫يظهر يف األخري أن نص املادة ‪ 408/2‬من القانون املدين قد خالف ما أمجع عليه فقه‪//‬اء الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية من أن‬
‫للشخص حرية التصرف بالوصية يف ثلث أمواله دون أن يتوقف تصرفه يف الثلث على إجازة الورثة (‪.)3‬‬
‫ثالـثا ‪ :‬حماية الغير حسن النية في البيع في مرض الموت‬
‫قد يقوم املش‪/‬رتي من املريض م‪/‬رض املوت ب‪/‬بيع العني املبيعة إىل أخر أو ب‪/‬رتتيب حق عيين آخر عليها مبقابل لص‪/‬احل‬
‫الغري‪ ،‬كالرهن أو اإلنتفاع أو اإلرتف‪//‬اق‪ ،‬فبإس‪/‬تعمال الورثة املتض‪/‬ررين من ال‪/‬بيع يف م‪//‬رض املوت حقهم املبني يف املادة ‪408‬‬
‫من الق‪//‬انون املدين يته‪//‬دد مركز الغ‪//‬ري‪ ،‬و ميكن أن يلحق به ب‪//‬الغ الض‪//‬رر‪ ،‬و من مث ميس ذلك باس‪//‬تقرار التعام‪//‬ل‪ ،‬و عليه ف‪//‬إن‬
‫العدالة اس ‪//‬تلزمت محاية ه ‪//‬ذا الغري من الض ‪//‬رر ال ‪//‬ذي يص ‪//‬يبه من ذل ‪//‬ك؛ فج ‪//‬اء املش ‪//‬رع باملادة ‪ 409‬من نفس الق ‪//‬انون و اليت‬
‫تنص على ما يلي ‪ " :‬ال تس‪//‬ري أحك‪//‬ام املادة ‪ 408‬على الغري احلسن النية إذا ك‪//‬ان الغري قد كسب بع‪//‬وض حقا عينيا على‬
‫الشيء املبيع"‪ .‬و عليه فإن هذه املادة تلزم توافر شرطني أساسيني مها ‪:‬‬
‫الش‪// /‬رط األول ‪ :‬حىت يس‪// /‬تفيد الغري من احلماية املق‪// /‬ررة هبذه املادة جيب أن يك‪// /‬ون إكتس‪// /‬ابه مللكية املبيع أو للحق‬
‫العيين عليه بع‪// / / /‬وض‪،‬و إال ك‪// / / /‬ان الورثة أوىل باحلماية إذا انتقل احلق إليه تربع‪// / / /‬ا‪ ،‬حبيث جيوز للورثة أن يتتبع‪// / /‬وا العني يف يد‬
‫املتربع له‪ ،‬و أن يستوفوا منها حقهم غري مثقل باحلق الذي كسبه الغري عليها‪ ،‬و ذلك ما مل تكن العني منقوال و حـازه‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬زهدور‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.134‬‬
‫(‪ )2‬علي علي سليمان‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.132‬‬
‫(‪ )3‬ألجل ذلك مت اق ‪//‬رتاح ص ‪//‬ياغة املادة ‪ 408/2‬من ط ‪//‬رف ال ‪//‬دكتور علي علي س ‪//‬ليمان على النحو الت ‪//‬ايل ‪":‬أما إذا مت ال ‪//‬بيع للغري يف نفس الظ ‪//‬روف‪ ،‬فإنه ينفذ يف‬
‫حدود الثلث و ما زاد على الثلث يتوقف على إجازة الورثة‪".‬‬
‫املتربع له حبسن نية ‪ ،‬إذ يصبح مالكا مبقتضى احليازة يف هذه احلالة ‪.‬‬
‫و إذا كان املبيع عقارا فحىت يستفيد الغري من أحكام املادة ‪ 409‬من القانون املدين جيب أن يكون التصرف الذي‬
‫اكتسب به احلق العيين على العق‪/‬ار يف س‪/‬ند رمسي مش‪//‬هر (‪ ،)1‬فورثه الب‪/‬ائع يعت‪//‬ربون من الغري بالنس‪/‬بة للتص‪//‬رفات اليت يربمها‬
‫املشرتي و عليه ال يكون هلا أثر بالنسبة هلم إال من تاريخ شهرها يف جمموعة البطاقات العقارية ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الش ‪//‬رط الث ‪//‬اين ‪ :‬ب ‪//‬الرجوع إىل املادة ‪ 409‬من الق ‪//‬انون املدين فإهنا تش ‪//‬رتط أيضا أن يك ‪//‬ون الغري ‪ -‬ال ‪//‬ذي اكتسب‬
‫حقا عينيا على املبيع من املش‪// / / / / /‬رتي ‪ -‬حسن النية ال يعلم وقت تعامله مع املش‪// / / / / /‬رتي أن للورثة حقا فيها و أن التص ‪// / / /‬رف‬
‫الس ‪//‬ابق ك ‪//‬ان فيه الب ‪//‬ائع يف م ‪//‬رض املوت‪ ،‬أما إذا علم ب ‪//‬ذلك بعد التص ‪//‬رف ال ‪//‬ذي أكس ‪//‬به احلق العيين ف ‪//‬إن ذلك ال ي ‪//‬ؤثر يف‬
‫حسن نيته ‪.‬‬
‫أما إذا ك‪//‬ان ه‪//‬ذا الغري س‪/‬يء النية ب‪//‬أن أخ‪//‬ربه الورثة قبل أن يق‪//‬دم على ذلك بع‪//‬دم إج‪//‬ازهتم لتص‪//‬رف م‪//‬ورثهم ال‪//‬ذي‬
‫مت يف م ‪//‬رض موت‪//‬ه‪ ،‬فال جيوز له عندئذ اإلس‪//‬تفادة من ه ‪//‬ذه احلماي‪//‬ة‪ ،‬و جيوز للورثة تتبع العني حتت ي‪//‬ده أو اس‪//‬رتجاع العني‬
‫غري مثقلة باحلق العيين الذي كسبه عليها‪.‬‬
‫و عليه إذا ت‪//‬وافر الش‪//‬رطان الس‪//‬الفا ال‪//‬ذكر ف‪//‬إن الغري حيتفظ حبقه ال‪//‬ذي كس‪//‬به على العني املبيع‪//‬ة‪ ،‬ف‪//‬إن ك‪//‬ان قد تلقى‬
‫امللكية عن املشرتي فال جيوز نزعها منه‪ ،‬و إن كان قد ترتب له حق عيين آخر على املبيع فإن ه‪//‬ذا األخري يع‪//‬ود إىل الرتكة‬
‫مثقال حبق الغري كاإلنتف‪//‬اع أو اإلرتق‪//‬اق أو ال‪//‬رهن مثال‪ ،‬و ه‪//‬ذا بعد اس‪//‬تعمال الورثة احلق الـوارد يف املادة ‪ 408‬من الق‪//‬انون‬
‫املدين ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬التصرفاتـ التبرعية الصريحة في مرض الموت‬


‫تطبيقا للم‪// / /‬ادة ‪ 776‬من الق‪// / /‬انون املدين ف‪// / /‬إن كل تص‪// / /‬رف بنية الت‪// / /‬ربع يأخذ حكم الوص‪// / /‬ية‪ ،‬فمن ب ‪// /‬اب أوىل أن‬
‫التص ‪// /‬رفات التربعية الص‪// / /‬رحية من هب‪// / /‬ة‪ ،‬وقف و إب‪// / /‬راء و غريها تأخذ نفس احلكم؛ ل‪// / /‬ذا حناول تفص‪// / /‬يل ذلك مع توض ‪// /‬يح‬
‫األحكام اخلاصة بكل تصرف منها ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الهبـة في مرض المـوت‬
‫تنص املادة ‪ 202‬من قانون األسرة أن ‪" :‬اهلبة متليك بال عوض وجيوز للواهب أن يش‪/‬رتط على املوه‪//‬وب له القي‪//‬ام‬
‫بالتزام يتوقف متامها على إجناز الشرط "‬
‫و بذلك فإن اهلبة بوصفها متليكا بال عوض كانت من أشد التربعات الضارة باملتصرف ض‪//‬ررا حمض‪//‬ا‪ ،‬ل‪/‬ذا أحاطها‬
‫املشرع بضوابط هامة‪ ،‬ال سيما تلك املتعلقة بأهلية املتربع‪ ،‬فإذا كان ال‪//‬واهب أهال للت‪//‬ربع من غري املرض ج‪//‬از له أن يهب‬
‫شرعا و قانونا كل ماله ملن يشاء‪ ،‬وارثا كان أم أجنبيا طبقا للمادة ‪ 205‬من قانون األسرة ‪.‬‬
‫إال أن حرية الش‪// /‬خص يف اهلبة تتقيد إبت‪// /‬داءا من م‪// /‬رض املوت‪ ،‬و حيق لص‪// /‬احب املص‪// /‬لحة الطعن فيها بعد الوف‪// /‬اة‪ ،‬و ذلك‬
‫طبقا للم ‪// /‬ادة ‪ 204‬من ق ‪// /‬انون األس ‪// /‬رة اليت تنص على أن ‪" :‬اهلبة يف م ‪// /‬رض املوت‪ ،‬و األم ‪// /‬راض و احلاالت املخيف‪// /‬ة‪ ،‬تعترب‬
‫وصية"‪،‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪)1‬املادة ‪ 324‬مكرر‪1‬من القانون املدين و املواد ‪ 15،16‬من األمر ‪ 74–75‬املؤرخ يف‪12/11/1975‬يتضمن إعداد مسح األراضي العام و تأسيس السجل العقاري‬
‫إضافة إىل نص املادة ‪ 776‬من القانون املدين اليت تنطبق على اهلبة أيضا ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ما يالحظ على نص املادة ‪ 204‬من ق‪// / /‬انون األس ‪// / /‬رة أنه أض ‪// / /‬اف حالة مل تتط ‪// / /‬رق هلا جل التش ‪// /‬ريعات و ال الفقه‬
‫اإلسالمي و أحلقها مبرض املوت و ذلك يف ما مساه باحلاالت املخيفة‪ ،‬فه‪/‬ذا املص‪/‬طلح حيت‪/‬اج إىل تفسري من خالل اإلجته‪/‬اد‬
‫القضائي (‪.)1‬‬
‫و عليه ف‪//‬إن اهلبة يف م‪//‬رض املـوت‪ ،‬أعطاها املش‪//‬رع حكـم الوص‪//‬ية بنص ص‪//‬ريح‪ ،‬و هبذا ق‪//‬ال مجهـور الفقه‪//‬اء ؛ إذ‬
‫اعت‪//‬ربوا أن ال‪//‬واهب املريض م‪//‬رض املوت تأخذ هبته حكم الوص‪//‬ية‪ ،‬و تس‪//‬ري عليه أحكامها من ع‪//‬دم ج‪//‬واز اإليص‪//‬اء ب‪//‬أكثر‬
‫من الثلث و عدم جواز اإليصاء لوارث‪ ،‬كل ذلك مع إمكانية إجازة الورثة ‪.‬‬
‫و ما يالحظ يف ه‪//‬ذا الش‪//‬أن غ‪//‬زارة الق‪//‬رارات القض‪//‬ائية الص‪//‬ادرة عن احملكمة العليا و املتعلقة باهلبة يف م‪//‬رض املـوت‬
‫و اليت اعتربت هذه األخرية وص‪//‬ية منها الق‪//‬رار الص‪//‬ادر عن غرفة األح‪//‬وال الشخص‪//‬ية و املواريث بتاريـخ ‪)2(16/03/1999‬‬
‫و القرار الصادر عن نفس الغرفة بتاريخ ‪.)3( 21/02/2001‬‬
‫و أك ‪//‬دت احملكمة العليا على أن القض ‪//‬اء بإبط ‪//‬ال اهلبة يف م ‪//‬رض املوت دون مراع ‪//‬اة املـبدأ القانـوين ال ‪//‬ذي يعتربها وصيـة و‬
‫يستفيد منها املوهوب له يف حدود ما يسمح بذلك موضوع الوصية بعد خمالفة للقانون ‪.‬‬
‫و أكثر من ذلك فقد ذهبت احملكمة العليا يف قرارها الصادر بتاريخ ‪ 13/03/1998‬إىل اعتبار اهلبة وص‪//‬ية إس‪//‬تنادا‬
‫إىل قرينة يس‪// / / /‬تخلص من خالهلا إض‪// / / /‬افة اهلبة إىل ما بعد املوت حيث ج‪// / / /‬اء فيه ‪ /..." :‬و من املق‪// / / /‬رر قانونا أن اهلبة ختضع‬
‫ألحكام الشريعة اإلسالمية ‪ .‬ومىت تبني ‪ -‬يف قضية احلال ‪ -‬أن اهلبة موضوع النزاع أقامها املرحوم لزوجته ذاك‪//‬را بأنه يف‬
‫حالة ما إذا وجد بعد وفاته ورثة آخرون و شرعيون حتدد اهلبة حسب القانون و هو ما جيعلها يف شكل وصية مض‪//‬افة إىل‬
‫ما بعد املوت يف حني أن الش‪// / / /‬ريعة اإلس‪// / / /‬المية ال تس‪// / / /‬مح بالوص‪// / / /‬ية لل‪// / / /‬وارث‪ /"...‬مؤسسة قرارها على أحك‪// / /‬ام الش‪// / /‬ريعة‬
‫اإلسالمية‪)4( .‬‬

‫ثانيـا ‪ :‬الوقـف في مرض المـوت‬


‫نظم املش‪//‬رع اجلزائ‪//‬ري الوقف يف املواد ‪ 213‬إىل ‪ 219‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة‪ ،‬مث ص‪//‬در ق‪//‬انون التوجيه العق‪//‬اري ال‪//‬ذي‬
‫نص يف مادته ‪ 31‬على أن ‪" :‬األمالك الوقفية هي األمالك العقارية اليت حبس ‪// / / / / / / / / /‬ها مالكها مبحض إرادته ليجعل التمتع هبا‬
‫دائما تنتفع به مجعية خريية أو مجعية ذات منفعة عامـة أو مس ‪// /‬جد أو مدرسـة قرآنية س ‪// /‬واء ك ‪// /‬ان ه ‪// /‬ذا التمتع فوريا أو عند‬
‫وف ‪//‬اة املوصى هلم الوس ‪//‬طاء ال ‪//‬ذين يعينهم املالك املـذكور" و أحـالت املادة ‪ 32‬منه على ق ‪//‬انون خ ‪//‬اص‪ ،‬و فعـال ص ‪//‬در ه ‪//‬ذا‬
‫القـانون حتـت رقم ‪ 10-91‬بتاريخ ‪ 27/04/1991‬يتعلق باألوقاف (‪ )5‬و الـذي عرف يف مادته الرابـعة‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬ص ‪// /‬در ق ‪// /‬رار عن احملكمة العليا غرفة األح ‪// /‬وال الشخص ‪// /‬ية و املواريث أش ‪// /‬ار إىل احلاالت املخيفة إال أنه يستشف منه أنه مل يف ‪// /‬رق بينها و بني م‪// /‬رض املوت و‬
‫اعتربمها شيئا واحدا‪ .‬قرار بتاريخ ‪ 16/06/1998‬ملف رقم ‪ .197335‬االجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪.281‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 16/03/1999‬ملف رقم ‪ . .219901‬االجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪.287‬‬
‫(‪ )3‬قرار احملكمة العليا غرفة األحوال الشخصية و املواريث الصادر بتاريخ ‪ 21/02/2001‬ملف رقم ‪ .256869‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثاين ‪ 2002‬ص ‪.428‬‬
‫(‪ )4‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 13/03/1998‬ملف رقم ‪ . 179724‬االجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ 2001‬ص ‪.277‬‬
‫(‪)5‬القانون‪ 10-91‬املؤرخ يف‪ 27/04/1991‬يتعلق باألوقاف املعدل و املتمم‪ /‬بالقانون ‪ 07-01‬املؤرخ يف‪ 22/05/2001‬والقانون ‪ 10-02‬املؤرخ ‪.14/12/2002‬‬
‫الوقف مبا يـلي ‪ " :‬الوقف عقد إلتزام تربع صادر عن إرادة منفردة‪ /،"...‬و ينقسم الوقف إىل وقف عام و وقف خاص‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫و قد نص ه ‪// /‬ذا الق ‪// /‬انون باملادة ‪ 32‬منه على حق ال‪// /‬دائنني طلب إبط ‪// /‬ال الوقف يف م ‪// /‬رض املوت إذا ك‪// /‬ان ال‪// /‬دين‬
‫يس‪//‬تغرق مجيع أمواله و لكنه مل يتض‪//‬من أي حكم يتعلق بالورث‪//‬ة‪ ،‬لكن ب‪//‬الرجوع إىل ق‪//‬انون األس‪//‬رة فقد نصت املادة ‪215‬‬
‫على تطبيق املادة ‪ 205‬منه على الوقف و اليت تنص على اعتبار اهلبة يف مرض املوت و األمراض و احلاالت املخيفة وصية‬
‫و عليه ف‪// /‬إن الوقف يف م‪// /‬رض املوت يأخذ حكم اهلبة يف م‪// /‬رض املوت و تس‪// /‬ري عليه أحك‪// /‬ام الوص ‪//‬ية و ه ‪//‬ذا ما‬
‫يط ‪//‬ابق ما أخذ به مجه ‪//‬ور الفقه ‪//‬اء‪ ،‬وهو ما قضت به احملكمة العليا يف ق ‪//‬رار هلا‪":‬حيث أن املادتني ‪ 215‬و ‪ 204‬من ق ‪//‬انون‬
‫األس ‪//‬رة تنص على بطالن احلبس يف م ‪//‬رض املوت و احلاالت املخيفة و إن حالة احملبس (ع م) ال ‪//‬ذي أق ‪//‬ام احلبس موض ‪//‬وع‬
‫النزاع يف أوت ‪ 1987‬كان يعاين منذ سنة ‪ 1985‬من مرض خطري الزمه إىل يوم وفاته‪.)1( /"...‬‬
‫و محاية للورثة من تصرفات مورثهم املاسة حبقوقهم فإن احملكمة العليا اعتربت يف عدة ق‪//‬رارات هلا أن عقد احلبس‬
‫ال‪//‬ذي حيرر بس‪//‬وء نية بقصد حرم‪//‬ان أحد الورثة من املرياث يعد ب‪//‬اطال بغض النظر عن وقوعه يف م‪//‬رض املوت من عدمه (‬
‫‪)2‬‬
‫إضافة إىل ذلك فإن الوقف اخلاص يشرتط فيه إكتساب املوقوف عليه اإلنتفاع أثناء حياة الواقف‪ ،‬فالواقف على‬
‫النفس مث الورثة يأخذ حكم الوص‪// /‬ية حيث يقـول خليل أن الوقف باطـل إذا مل تتم حي‪// /‬ازة املوق‪// /‬وف عليه قبل إفـالس أو‬
‫م‪// / /‬وت الواقف أو قبل م‪// / / /‬رض املوت (‪ ،)3‬و عليه إذا ظل الواقف ينتفع ب‪// / / /‬العني املوقوفة إىل حني وفاته فال ميكن أن ينفذ‬
‫الوقف اخلاص إال على أس ‪// / / / /‬اس أنه وص ‪// / / / /‬ية طبقا لقرينة املادة ‪ 777‬من الق ‪// / / / /‬انون املدين‪ ،‬وما يؤكد ذلك هو أن املواد اليت‬
‫ك‪// /‬انت تنظم الوقف اخلاص ألغيت مبوجب الق‪// /‬انون ‪ 10-02‬الس‪// /‬ابق ال‪// /‬ذكر و أح‪// /‬الت املادة األوىل معدلة على األحك ‪//‬ام‬
‫التش ‪//‬ريعية و التنظيمية املعم ‪//‬ول هبا‪ ،‬فيفهم من ذلك أن الوقف اخلاص خيضع لألحك ‪//‬ام املطبقة على اهلبة و الوص ‪//‬ية حسب‬
‫احلالة اليت يقررها الواقف يف العقد (‪. )4‬‬
‫ثالثـا ‪ :‬اإلبراء و اإلقرار في مرض الموت‬
‫يأخذ كل من اإلبراء و اإلقرار يف مرض املوت حكم التصرفات التربعية يف مرض املوت ونوضح ذلك فيما يأيت‪.‬‬
‫نصت املادة ‪ 306‬من القانون املدين على أنه ‪" :‬تسري على اإلبراء األحكام املوضوعية اليت تسري على كل تربع"‬
‫باعتبار نية التربع الص‪//‬رحية يف اإلب‪/‬راء ف‪/‬إن ن‪/‬زول املريض م‪//‬رض املوت عن دينه يأخذ حكم الوص‪//‬ية تطبيقا ألحك‪/‬ام‬
‫الش ‪//‬ريعة اإلس ‪//‬المية‪ ،‬إض ‪//‬افة إىل تط ‪//‬بيق احلكم الع ‪//‬ام للتص ‪//‬رفات القانونية اليت تص ‪//‬در عن الش ‪//‬خص يف م ‪//‬رض املوت بقصد‬
‫التربع الوارد باملادة ‪ 776‬من القانون املدين‪ ،‬و بالتايل تسري عليه القيود الواردة على الوصية و اليت سبق بياهنا ‪.‬‬
‫أما بالنس‪// /‬بة لإلق‪// /‬رار فإنه من الوس‪// /‬ائل اليت وض‪// /‬عها املش‪// /‬رع لإلعف‪// /‬اء من اإلثب‪// /‬ات‪ ،‬إذ أنه يعفي اخلصم من إقامة‬
‫الدليل على ما يدعيه‪ ،‬و جيوز الطعن يف اإلقرار بكل ما جيوز الطعن به يف التصرف القانوين ‪.‬‬
‫و اإلقرار إما أن يكون قضائيا أو غري قضائي‪ ،‬و قد عرف املشرع اإلقرار القضائي باملادة ‪ 341‬من القانون املدين‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 23/11/1993‬ملف رقم ‪ .96675‬اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪.302‬‬
‫(‪ )2‬من بينها القرار الصادر بتاريخ ‪ 16/11/1999‬ملف رقم ‪ .230617‬اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص ‪ .2001‬ص ‪.311‬‬
‫(‪ )3‬فريدة زواوي‪ .‬مقال بعنوان‪:‬الوقف اخلاص‪ .‬وجهة نظر يف وضعيته احلالية‪ .‬جملة املوثق‪ .‬العدد اخلامس‪ .‬ديسمرب ‪ .1998‬ص ‪.40‬‬
‫(‪ )4‬ليلى زروقي‪ .‬حماضرات يف القانون العقاري ‪ .‬املعهد الوطين للقضاء‪ .‬الدفعة الرابعة عشرة‪.2003/2004 .‬‬

‫‪41‬‬
‫أنه إعرتاف اخلصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى هبا عليه‪ ،‬وذلك أثناء السري يف الدعوى املتعلقة هبا الواقعة ‪.‬‬
‫و اإلق ‪//‬رار القض ‪//‬ائي يك ‪//‬ون حجة على املق ‪//‬ر‪ ،‬و لكنه يقتصر عليه و ال يتع ‪//‬داه كقاع ‪//‬دة عام ‪//‬ة‪ ،‬ف ‪//‬إذا أقر الش ‪//‬خص قض ‪//‬ائيا مث‬
‫م‪//‬ات قبل ص‪//‬دور احلكم ف‪//‬إن إق‪//‬راره ال ينص‪//‬رف إىل ورثت‪//‬ه‪ ،‬لكن إذا ص‪//‬در احلكم قبل وفات‪//‬ه‪ ،‬ف‪//‬إن ه‪//‬ذا احلكم يك‪//‬ون حجة‬
‫عليهم ‪.‬‬
‫أما بالنس‪// /‬بة لإلقـرار غري القض‪// /‬ائي فقد ج‪// /‬اء يف ق‪// /‬رار للمحكمة العليـا ما يلي ‪..." :‬حيث أنه من املق‪// /‬رر فقـها و‬
‫اجته ‪//‬ادا أن ال جيوز التمسك ب ‪//‬إقرار الب ‪//‬ائع أنه قبض مثنا ولو ذكر ذلك يف عقد ال ‪//‬بيع‪ ،‬ألن ه ‪//‬ذا اإلق ‪//‬رار من املريض م ‪//‬رض‬
‫املوت‪ ،‬وال يعتد به ألن الش‪// /‬بهة قائمة بني الب‪// /‬ائع و املش ‪// /‬رتي أهنما متواطئ‪// /‬ان على تص‪// /‬وير أن هن‪// /‬اك مثنا دف‪// /‬ع‪ ،‬وحيث أن‬
‫القرار املطعون فيه خمالف ألحكام الشريعة اإلسالمية يف إقرار املريض مرض املوت‪ ،‬مما يتعني نقضه" (‪. )1‬‬
‫و ميكن الق ‪//‬ول إذن يف ه ‪//‬ذا الس ‪//‬ياق أنه جيوز إس ‪//‬قاط حكم املادة ‪ 776‬من الق ‪//‬انون املدين على اإلق ‪//‬رار يف م ‪//‬رض‬
‫املوت إذا توافرت شروطها ‪.‬‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬قرار احملكمة العليا غرفة األحوال الشخصية الصادر بتاريخ ‪ 09/07/1984‬ملف رقم ‪ .33719‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثالث‪ .1989 .‬ص ‪.53‬‬

‫المبحـث الثـانيـ‬
‫التصرف لوارث مع اإلحتفاظـ بالحيازة و اإلنتفاع بالشيءـ مدى الحياة‬

‫‪42‬‬
‫إض ‪//‬افة إىل التص ‪//‬رفات اليت يربمها املورث يف م ‪//‬رض املوت و اليت تأخذ حكم الوص ‪//‬ية‪ ،‬فإنه قد تص ‪//‬در عن املورث‬
‫بعض التص‪//‬رفات وهو يف كامل ص ‪//‬حته رغبة منه يف حماب‪//‬اة بعض الورثة على آخ ‪//‬رين‪ ،‬فيعمد من خالهلا إىل إخف‪//‬اء وص ‪//‬يته‬
‫يف صورة تصرف منجز‪ ،‬و غالبا ما يتخذ من عقد ال‪//‬بيع وس‪//‬يلة هلذا التحايل فيجعل الوص‪//‬ية يف مظهر عقد بيع و ي‪//‬ذكر يف‬
‫العقد مثنا ص ‪//‬وريا ال يل ‪//‬تزم به املش ‪//‬رتي يف حقيقة األم ‪//‬ر‪ ،‬و حيرص أن تبقى املزايا العملية للملكية له فيحتفظ حبق اإلنتف ‪//‬اع‬
‫ب ‪//‬العني ط ‪//‬وال حيات ‪//‬ه‪ ،‬كما قد يتخذ التص ‪//‬رف يف ش ‪//‬كل هبة مع ورود نفس ه ‪//‬ذا الش ‪//‬رط األخري هبا‪ ،‬كما قد يش ‪//‬رتط يف‬
‫العقد منع املتصرف إليه من التصرف يف العني طوال حياة املتصرف ‪.‬‬
‫ورغبة من املش‪//‬رع يف معاملة املورث هنا بنقيض قص‪//‬ده فقد أق‪//‬ام قرينة قانونية بنص املادة ‪ 777‬من الق‪//‬انون املدين‬
‫اليت تنص على ما يلي ‪ " :‬يعترب التص‪// /‬رف وص‪// /‬ية وجتري عليه أحكامها إذا تص‪// /‬رف ش‪// /‬خص ألحد ورثته و اس‪// /‬تثىن لنفسه‬
‫بطريقة ما حيازة الشيء املتصرف فيه و اإلنتفاع به مدة حياته ما مل يكن هناك دليل خيالف ذلك"‪.‬‬
‫لذا سنوضح يف املطلب األول الشروط الواجب توافرها إلعمال هذه املادة‪ ،‬إض‪//‬افة إىل توض‪//‬يح أحكامها و قواعد‬
‫اإلثبات املتعلقة هبا يف املطلب الثاين ‪.‬‬

‫المطلب األولـ ‪ :‬شروط التصرف الوارد بالمادة ‪ 777‬من القانون المدني‬

‫حىت تقوم القرينة القانونية الواردة يف املادة ‪ 777‬من القانون املدين ال بد من توافر شروط حمددة تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬أن يتم التصرف ألحد الورثة‬


‫تضمنت املادة ‪ 777‬من القانون املدين نصا صرحيا على وج‪//‬وب أن يك‪/‬ون التص‪//‬رف ل‪//‬وارث‪ ،‬ألن التص‪//‬رف يك‪/‬ون‬
‫يف الغ‪//‬الب ألحد الورثة حبكم أن الوص‪//‬ية غري ج‪//‬ائزة له فقد حيدث أن ال يك‪//‬ون للم‪//‬ورث إبن يرثه فيلجأ إىل ه‪//‬ذه الوص‪//‬ية‬
‫املسترتة إلبنته أو زوجته بكل ماله‪ ،‬ألنه ال يريد وصية ال تنفذ إال بعد إجازة باقي الورثة ‪.‬‬
‫و عليه فإذا مت التصرف لغري وارث فإنه ال جيوز إعمال هذه القرينة القانونية و إعتبار التصرف وص‪//‬ية‪ ،‬ب‪//‬الرغم من‬
‫أن البعض يرى أن هناك ظروفا قد تدفع املورث إىل اإليص‪/‬اء لغري ال‪/‬وارث ب‪/‬أكثر من ثلث الرتكة لوج‪/‬ود عالقة قوية تربطه‬
‫هبذا األجنيب ي‪//‬رى من خالهلا أن يوصي له بكل ماله أو جبزء كبري من‪//‬ه‪ ،‬فيلجأ تبعا ل‪//‬ذلك إىل إص‪//‬باغ ص‪//‬فة البيـع أو اهلبـة أو‬
‫غريها على تص ‪//‬رفه مع احتفاظه باحلي ‪//‬ازة و اإلنتف ‪//‬اع باملال‪ ،‬ل ‪//‬ذا ف ‪//‬إن مل تطبق عليه القرينة القانونية عمال حبرفية النص فإنه‬
‫ميكن اعتب ‪//‬ار ذلك قرينة قض ‪//‬ائية‪ ،‬حيث يتعطل تط ‪//‬بيق املادة ‪ 777‬بوص ‪//‬فها قرينة قانوني ‪//‬ة‪ ،‬و يطبقه القاضي يف ال ‪//‬نزاع على‬
‫أس ‪//‬اس أنه قرينة قض ‪//‬ائية‪ ،‬و لكن القاضي حر يف أن يأخذ هبذه القرينة القض ‪//‬ائية أو ال يأخذ هبا كما هو ث ‪//‬ابت يف مب ‪//‬ادىء‬
‫الق‪// /‬انون ألهنا تعترب كس‪// / /‬ائر الق‪// / /‬رائن القض‪// / /‬ائية خاض‪// / /‬عة ملطلق تق‪// / /‬ديره و واسع نظ‪// / /‬ره حتت رقابة احملكمة العليا فيما خيص‬
‫تسبيب احلكم ‪ .‬و سواء اعترب ذلك قرينة قانونية أو قرينة قضائية‪ ،‬فهو يف احلالتني يقبل إثبات العكس ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫و الع‪// /‬ربة يف حتديد ص‪// /‬فة ال‪// /‬وارث هي بوقف وف‪// /‬اة املتص‪// /‬رف ال ب‪// /‬وقت انعق‪// /‬اد التص‪// /‬رف‪ ،‬فيعترب وارثا من أص ‪//‬بح‬
‫كذلك وقت وف‪/‬اة املتص‪//‬رف و لو مل يكن وارثا وقت التص‪//‬رف‪ ،‬و على العكس من ذلك ال يعترب وارثا من مل يعد ك‪/‬ذلك‬
‫وقت الوفاة و لو كان وارثا وقت التصرف (‪.)1‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬أن يحتفظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها مدى الحياة‬
‫إضافة إىل الشرط األول جيب أن يستثين املتصرف لنفسه حيازة العني املتصرف فيها مدى احلياة ‪.‬‬
‫واحليازة كسبب من أسباب كسب امللكية تعرف على أهنا ‪" :‬وضع مادي به يس‪//‬يطر الش‪//‬خص س‪//‬يطرة فعلية على‬
‫ش ‪//‬يء أو حق من احلق ‪//‬وق‪ ،‬بقصد الظه ‪//‬ور مبظهر املالك (‪ )2‬أو ص ‪//‬احب حق عيين آخ ‪//‬ر‪ ،‬س ‪//‬واء أك ‪//‬ان ه ‪//‬ذا الش ‪//‬خص هو‬
‫صاحب احلق أو مل يكن كذلك ‪ .‬و تتحقق هذه السيطرة الفعلية مبباشرة أعمال تتفق و مض‪//‬مون احلق و ع‪//‬ادة ما يباش‪//‬رها‬
‫املالك نفس‪//‬ه‪ ،‬و عليه ال بد للحي‪//‬ازة من ت‪//‬وفر رك‪//‬نني أساس‪//‬يني مها ركن م‪//‬ادي يتمثل يف جمم‪//‬وع األعم‪//‬ال املادية اليت يأتيها‬
‫احلائز‪ ،‬وهي يف الع‪//‬ادة من قي‪//‬ام املالك ك‪//‬إحراز الش‪//‬يء و اإلنتف‪//‬اع ب‪//‬ه‪ ،‬و ركن معن‪//‬وي يتمثل يف اجتاه نية احلائز إىل مباش‪//‬رة‬
‫تلك األعمال حلساب نفسه فتكون له نية الظهور مبظهر املالك ‪.‬‬
‫غري أن احلي‪/‬ازة اليت تعد ش‪//‬رطا إلعم‪//‬ال قرينة املادة ‪ 777‬من الق‪//‬انون املدين ختتلف عن احلي‪//‬ازة كس‪/‬بب من أس‪//‬باب‬
‫امللكية‪ ،‬فاحتفاظ املتصرف حبيازة العني بأي طريقة معناه أن يكون ح‪/‬ائزا هلا باعتب‪/‬اره منتفعا ال مالك‪/‬ا‪ ،‬فيتحقق معه ال‪/‬ركن‬
‫املادي دون ال ‪//‬ركن املعن ‪//‬وي‪ /،‬إال أن هن ‪//‬اك من ي ‪//‬رى أن املش ‪//‬رع م ‪//‬ادام قد اعترب ه ‪//‬ذا التص ‪//‬رف وص ‪//‬ية فاملوصي يبقى مالكا‬
‫للشيء املوصى به لكون الوصية تص‪//‬رفا مض‪//‬افا ملا بعد املوت‪ ،‬لكن ه‪//‬ذا ال‪//‬رأي األخري م‪//‬ردود عليه ملا فيه من مص‪//‬ادرة‪ /‬على‬
‫املطل‪//‬وب فهو يفسر احلي‪//‬ازة اليت هي ش‪//‬رط للم‪//‬ادة ‪ 777‬من الق‪//‬انون املدين إعتم‪//‬ادا على نتيجة ه‪//‬ذا الش‪//‬رط و هي اعتب‪//‬ار‬
‫التصرف وصية ‪.‬‬
‫و عليه ف ‪//‬إن احلي ‪//‬ازة املقص ‪//‬ودة بنص ه ‪//‬ذه املادة هي الس ‪//‬يطرة القانونية والفعلية على الش ‪//‬يء حمل التص ‪//‬رف‪ ،‬أي أنه‬
‫يكفي جمرد وضع اليد (‪ ،)3‬و ال يشرتط توافر الركن املعنوي هلا ‪.‬‬
‫و مثال ذلك أن حيتفظ املتصرف باحلي‪/‬ازة بوس‪/‬يلة من ع‪/‬دة وس‪/‬ائل ك‪/‬أن يق‪/‬وم ب‪/‬إدارة الش‪/‬يء ودفع الض‪/‬رائب املق‪/‬ررة عليـه ‪،‬‬
‫أو كأن يشرتط بقاء احليازة لديه يف العقد‪ ،‬إال أن اشرتاط منع املتصرف إليه من التصرف يف العني طوال حيـاة املتصرف‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬جيدر الذكر إلر أن هناك رأيا آخر يعترب أن العربة يف حتديد‪ /‬صفة الوارث هي بوقت انعقاد التصرف منتقدا الرأي املخ‪//‬الف ألنه يعتمد‪ /‬قي‪/‬اس ه‪//‬ذه القاع‪//‬دة على‬
‫قاع‪/‬دة التص‪/‬رف يف م‪/‬رض املوت ‪ ،‬و ه‪/‬ذا ما هو غري ج‪/‬ائز – حسب ه‪/‬ذا ال‪/‬رأي – ألنه يف حالة م‪/‬رض املوت ال تعد ص‪/‬فة ال‪/‬وارث قرينة على نية اإليص‪/‬اء بينما يف‬
‫املادة ‪ 777‬ق‪.‬م ف‪// /‬إن ص‪// /‬فة ال‪// /‬وارث تعد عنص‪// /‬را من عناصر القرينة على نية اإليص‪// /‬اء و نية املتص‪// /‬رف تنص‪// /‬رف إىل ذلك وقت ابرامه التص‪// /‬رف حيث ك‪// /‬ان له نية‬
‫اإليصاء لوارث ‪ .‬أنظر رمضان أبو السعود‪ .‬شرح العقود املسماة‪-‬يف عقدي البيع و املقايضة‪ .-‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ .‬مصر‪ .2003 .‬ص ‪. 80 ، 79‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد التاسع‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.784‬‬
‫(‪ )3‬عمر محدي باشا‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.63‬‬

‫ال يق ‪// /‬وم قرينة على وج‪// / /‬ود العني يف حي‪// / /‬ازة املتص‪// / /‬رف‪ ،‬ف‪// / /‬رغم وج‪// / /‬ود الش‪// / /‬رط املانع فقد تبقى العني مع ذلك يف ح ‪// /‬وزة‬
‫املتص ‪//‬رف إلي ‪//‬ه‪ ،‬ولكن تس ‪//‬تفاد حي ‪//‬ازة املتص ‪//‬رف للعني املبيعة إذا اس ‪//‬تبقى لنفسه احلق يف اإلنتف ‪//‬اع (‪ ،)1‬فاإلنتف ‪//‬اع هبا يعين‬

‫‪44‬‬
‫بالض‪//‬رورة‪ /‬حيازهتا‪ ،‬و احتف‪//‬اظ املورث حبق اإلنتف‪//‬اع ط‪//‬ول حياته ك‪//‬اف وح‪//‬ده لقي‪//‬ام القرينة القانونية فهو يتض‪//‬من اإلنتف‪//‬اع‬
‫بالعني مدى احلياة و استبقاء احليازة يف يده بصفته منتفعا ‪.‬‬
‫وأخ‪//‬ريا ف‪//‬إن احتف‪//‬اظ املورث حبي‪//‬ازة العني اليت مت التص‪//‬رف فيها ‪،‬هي واقعة مادية جيوز إثباهتا بكافة ط‪//‬رق اإلثب‪//‬ات‬
‫حيث أك‪//‬دت احملكمة العليا يف قرارها الص‪//‬ادر عن الغرفة العقارية بت‪//‬اريخ ‪ 22/11/2000‬أن احلي‪//‬ازة واقعة مادية يتم إثباهتا‬
‫جبميع الطرق القانونية (‪.)2‬‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬أن يحتفظ المتصرف بحقه في اإلنتفاع بالعينـ المتصرف فيها مدى الحياة‬
‫فالش‪// /‬رط األخري لتط‪// /‬بيق املادة ‪ 777‬من الق‪// /‬انون املدين هي أن حيتفظ املتص‪// /‬رف باإلنتف‪// /‬اع بالش ‪//‬يء املتص ‪//‬رف فيه‬
‫مدى حياته ‪.‬‬
‫ولتوض ‪// /‬يح ه ‪// /‬ذا الش ‪// /‬رط حندد معىن اإلنتف ‪// /‬اع طبقا للقواعد العامة حيث مل يعرفه الق ‪// /‬انون املدين‪ ،‬لكن الفقه عرفه‬
‫كما يلي ‪" :‬هو حق عيين يف اإلنتف‪//‬اع بش‪//‬يء ممل‪//‬وك للغ‪//‬ري‪ ،‬فتك‪//‬ون له س‪//‬لطة اس‪//‬تعماله و اس‪//‬تغالله بش‪//‬رط اإلحتف‪//‬اظ ب‪//‬ذات‬
‫الشيء لرده إىل صاحبه عند هناية حق اإلنتفاع الذي جيب أن ينتهي حتما مبوت املنتفع" (‪. )3‬‬
‫و عليه ف‪// /‬إن املادة ‪ 777‬من الق‪// /‬انون املدين تش‪// /‬رتط أن حيتفظ املتص‪// /‬رف باس‪// /‬تعمال الش‪// /‬يء املتص ‪//‬رف فيه بنفس ‪//‬ه‪،‬‬
‫وكذا باستغالله حلساب اخلاص وهذا طوال حياته ‪.‬‬
‫و يك ‪//‬ون ذلك بط ‪//‬رق خمتلف ‪//‬ة‪ ،‬وأكثرها انتش ‪//‬ارا هي أن يش ‪//‬رتط لنفسه يف عقد بيع يص ‪//‬در منه حق اإلنتف ‪//‬اع ب ‪//‬العني املبيعة‬
‫مدى احلياة‪ ،‬مع منع املشرتي من التصرف يف الرقب‪/‬ة‪ ،‬و ب‪/‬ذلك يبقى ح‪/‬ائزا للعني م‪//‬دى حياته بص‪/‬فته منتفعا ال مالك‪/‬ا‪ ،‬دون‬
‫حاجة لتتبع حقه يف اإلنتف ‪// /‬اع يف يد الغري بفضل ش ‪// /‬رط املنع من التص ‪// /‬رف يف الرقب ‪// /‬ة‪ ،‬كما أنه قد يتم اللج ‪// /‬وء إىل طريقة‬
‫أخ‪//‬رى لإلحتف‪//‬اظ باإلنتف‪//‬اع؛ ب‪//‬أن يس‪//‬تأجر العني م‪//‬دى حياته من املتص‪//‬رف إليه بب‪//‬دل إجيار حيصل على خمالصة به دون أن‬
‫يدفعه فعال‪ ،‬فيتمكن املتصرف من اإلحتفاظ باإلنتفاع مبوجب عقد اإلجيار ‪.‬‬
‫و جيب أن يكون اإلنتفاع بالعني مدى احلياة مستندا إىل حق ثابت ال يس‪/‬تطيع املتص‪//‬رف إليه جتري‪/‬ده من‪//‬ه‪ ،‬فمج‪//‬رد‬
‫اإلنتف ‪//‬اع الفعلي ال‪// /‬ذي ال يس‪// /‬تند إىل حق ق‪// /‬انوين ال يكفي لقي‪// /‬ام القرينة القانونية على اإليص‪// /‬اء؛ ومن ذلك توثيق و ش ‪//‬هر‬
‫التص‪//‬رف يف العق‪/‬ار ب‪/‬دون ش‪/‬رط لص‪/‬احل ال‪/‬وارث مع بق‪/‬اء املتص‪//‬رف منتفعا به (‪ ، )4‬إذ أن زم‪/‬ام اإلنتف‪//‬اع يك‪//‬ون موك‪/‬وال إىل‬
‫إرادة املتص‪// /‬رف إليه و له أن ين‪// /‬تزع اإلنتف‪// /‬اع من يد املتص‪// /‬رف مىت ش ‪// /‬اء ‪ .‬كما ال يكفي أن حيتفظ املتص‪// /‬رف باإلنتف‪// /‬اع‬
‫حلساب الغري طيلة حياة املتصرف‪ ،‬فحق اإلنتفاع هنا يكون مقررا هلذا الغري ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬رمضان أبو السعود‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.81‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ .22/11/2000‬ملف رقم ‪ .201544‬اإلجتهاد القضائي للغرفة العقارية‪ .‬اجلزء الثاين‪ .2004 .‬ص ‪.283‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد التاسع‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.1200‬‬
‫(‪ )4‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ‪ 22/09/1986‬ملف رقم ‪ .43301‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثالث‪ .1992 .‬ص ‪.63‬‬

‫‪45‬‬
‫و يقع عبء إثب‪/‬ات ت‪/‬وافر ه‪//‬ذه الش‪//‬روط على من ي‪/‬دعي توافرها من الورثة (‪ ،)1‬ف‪/‬إذا أثبت‪/‬وا ت‪//‬وافر الش‪/‬روط الس‪//‬ابقة‬
‫ال‪/‬ذكر جمتمعة (‪ )2‬أمكن اس‪/‬تخالص القرينة ال‪/‬واردة بنص املادة ‪ 777‬من الق‪/‬انون املدين‪ ،‬و اليت تفيد اعتب‪/‬ار التص‪/‬رف وص‪/‬ية‬
‫مسترتة كما سيأيت بيانه ‪.‬‬
‫إال أنه قد يتخلف أحد هذه الشروط أو يعجز الورثة عن إثباهتا فال ميكن إعمال القرينة القانونية‪ ،‬فيكون للط‪//‬اعن‬
‫يف هذه احلالة إثبات طعنه بكل طرق اإلثبات مبا فيها القرائن القض‪//‬ائية ‪ ،‬إذ ال يوجد ما مينع القاضي من أن يس‪//‬تخلص من‬
‫ظ‪//‬روف ال‪//‬دعوى قرينة قض‪//‬ائية على قصد التحايل فاس‪//‬تخالص الق‪//‬رائن القض‪//‬ائية من س‪//‬لطة قاضي املوض‪//‬وع‪ ،‬ال‪//‬ذي يتع‪//‬رف‬
‫على حقيقة العقد من خالل التح ‪//‬ري عن قصد املتص ‪//‬رف من تص ‪//‬رفه يف ض ‪//‬وء ظ ‪//‬روف ال ‪//‬دعوى وما ج ‪//‬اء فيها من أق ‪//‬وال‬
‫شهود وقرائن‪ ،‬وهذه القرائن القضائية ختتلف من قضية إىل أخرى ومنها ‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تسجيل العقد و عدم دفع الثمن و بقاء العقد يف حوزة املتصرف حىت وفاته ‪.‬‬
‫‪ -‬وجود ورقة ضد بنفس تاريخ السند تتضمن تعهد املشرتي بعدم املساس مبلكية العني طول حياة والديه البائعني له ‪.‬‬
‫‪ -‬إحتفاظ املورث بعقد البيع و بقائه واضعا يده على العني من دون أن يقبض مثنا إضافة إىل عدم حاجته إىل بيع أمالكه‪.‬‬
‫‪ -‬إيداع األم مبالغ نقدية يف صندوق التوفري باسم ابنتها اليت تعيش يف رعايتها و اليت ال مورد هلا ‪.‬‬
‫‪ -‬قيام البائع بإبراء املشرتي من الثمن وكون املتصرف إليه فقريا ال يستطيع دفع الثمن بأي حال ‪.‬‬

‫المطلب الثانيـ ‪ :‬أحكام التصرف لوارث مع اإلحتفاظ بالحيازة واإلنتفاع مدى الحياة وقواعد اإلثبات‬
‫المتعلقـة به ‪.‬‬

‫نقسم ه ‪//‬ذا املطلب إىل ف ‪//‬رعني‪ ،‬نتن ‪//‬اول من خالل الف ‪//‬رع األول اآلث ‪//‬ار املرتتبة على القرينة ال ‪//‬واردة باملادة ‪ 777‬من‬
‫القانون املدين املثمتلة يف خضوع التصرف ألحكام الوصية‪ ،‬و يف الفرع الثاين إىل طبيعة هذه القرينة و إثبات عكسها ‪.‬‬

‫الفرع األولـ ‪ :‬خضوع التصرف ألحكام الوصية‬


‫عند ت ‪//‬وافر الش ‪//‬روط الس ‪//‬ابقة ال ‪//‬ذكر تق ‪//‬وم قرينة قانونية على أن تص ‪//‬رف املورث ألحد ورثته يعد وص ‪//‬ية مس ‪//‬ترتة‪،‬‬
‫وهذا من ش‪/‬أنه أن جيعل ال‪//‬وارث يف منزلة املوصى له ال يف منزلة املش‪//‬رتي باعتب‪/‬ار أنه مل حيز العني املوصى هبا و مل ينتفع هبا‬
‫إال عند موت املورث‪ ،‬وهذا من أحكام املوصى له ‪.‬‬
‫فقد أحلق املشرع مبوجب هذه القرينة التصرف بالوصية وذلك لرد التحايل على أحكام الوصية بأن يعمد املورث‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬ي ‪//‬رى األس ‪//‬تاذ الس ‪//‬نهوري أنه يصح أن يطعن املورث نفسه يف التص ‪//‬رف الص ‪//‬ادر منه على أس ‪//‬اس أنه وص ‪//‬ية و قد رجع فيها فيقع عليه‪ /‬عبء إثب ‪//‬ات قي ‪//‬ام ه ‪//‬ذه‬
‫القرينة‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ .‬اجمللد التاسع‪ /.‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪ .233‬هامش ‪.1‬‬
‫(‪ )2‬يض‪//‬يف البعض ش‪//‬رطا رابعا هو وج‪//‬وب انعق‪//‬اد التص‪//‬رف على األقل يف ‪ 05/07/1975‬أو يف ت‪//‬اريخ الحق طبقا لقاع‪//‬دة ع‪//‬دم رجعية الق‪//‬وانني (املادة ‪ 2‬ق‪.‬م) و‬
‫املادة ‪ 1003‬ق‪.‬م اليت تنص على سريان القانون املدين ابتداء من ‪ 05/07/1975‬أما التصرفات السابقة له فال تس‪//‬ري عليها ه‪//‬ذه القرينة لع‪//‬دم وج‪//‬ود ما يقابل املادة‬
‫‪ 777‬يف القانون السابق لكن هذا ال مينع من استخالص قرائن قضائية بالنسبة هلا‪ .‬حممد حسنني‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.222‬‬

‫‪46‬‬
‫إىل سرت وص‪/‬يته يف ش‪/‬كل تص‪/‬رف منجز ك‪/‬بيع أو هب‪/‬ة‪ ،‬أي أنه خيلع على تص‪/‬رفه وص‪/‬فا قانونيا غري ص‪/‬حيح‪ ،‬فحسم املش‪/‬رع‬
‫التكييف القانوين له باعتباره وص‪/‬ية و اعتب‪/‬ار س‪/‬لطة تكييفه لقاضي املوض‪/‬وع ال‪/‬ذي يطبق القواعد القانونية املق‪/‬ررة للتص‪/‬رف‬
‫بعد القي‪//‬ام بتكييف‪//‬ه‪ ،‬ومن مث إذا جنح الط‪//‬اعن يف إثب‪//‬ات طعنه ب‪//‬أن التص‪//‬رف وص‪//‬ية مستتـرة ف‪//‬إن الوص‪//‬ية ال جتـوز لل‪//‬وارث ‪-‬‬
‫باعتب ‪//‬ار املتص ‪//‬رف إليه هنا وارث ‪ -‬و بالت ‪//‬ايل تك ‪//‬ون موقوفة على إج ‪//‬ازة الورثة فمن أجازها س ‪//‬رت يف حقه ومن مل جيزها‬
‫كانت غري نافذة يف حقه‪.‬‬
‫و ال‪//‬وارث ال‪//‬ذي يطعن يف التص‪//‬رف هنا يعد من الغري بالنس‪//‬بة ملورث‪//‬ه‪ ،‬ألن حقوقه تعلقت بالرتكة فليس للم‪//‬ورث‬
‫املساس هبذه احلقوق‪ ،‬فهو ال يعد خلفا عاما هنا لذا أجيز له الطعن يف التص‪//‬رف حبيث ال يس‪//‬ري يف حقه إال مبا هو ث‪/‬ابت‬
‫من تقييد وه‪//‬ذا باعتب‪//‬ار أن ال‪//‬وارث يس‪//‬تمد حقه يف الطعن من الق‪//‬انون مباش‪//‬رة و ليس حبق يتلق‪//‬اه من مورثه ألن التص‪//‬رف‬
‫ألحد الورثة مع اإلحتفاظ باحليازة واإلنتفاع مدى احلياة يفرتض فيه قصد التحايل على نظام اإلرث املقرر ش‪//‬رعا‪ ،‬ومن مث‬
‫ال يك ‪//‬ون احلكم الص ‪//‬ادر قبل املورث بص ‪//‬حة التص ‪//‬رف ب ‪//‬البيع مثال حجة علي ‪//‬ه؛ إذ يعد ال ‪//‬وارث يف حكم الغري فيما خيتص‬
‫بتصرفات مورثه الضارة به و املاسة حبقه يف اإلرث (‪.)1‬‬
‫و قد أخ‪// / / / /‬ذت احملكمة العليا بقرينة املادة ‪ 777‬من الق‪// / / / /‬انون املدين يف ع‪// / / / /‬دة ق‪// / / / /‬رارات منها الق ‪// / /‬رار املؤرخ يف‬
‫‪ 05/03/1990‬ال ‪//‬ذي ج ‪//‬اء فيه ‪" :‬من املق ‪//‬رر قانونا أنه يعترب التص ‪//‬رف وص ‪//‬ية و جيري عليه أحكامها إذا تص ‪//‬رف ش ‪//‬خص‬
‫ألحد ورثته و اس‪//‬تثىن لنفسه بطريقة ما حي‪//‬ازة الش‪//‬يء املتص‪//‬رف فيه واإلنتف‪//‬اع به م‪//‬دة حياته ما مل يكن هن‪//‬اك دليل خيالف‬
‫ذلك ومن املقرر أيضا أنه ال وصية لوارث إال إذا أجازها الورثة ‪.‬‬
‫‪ /...‬وملا ك‪// /‬ان ثابتا ‪ -‬يف قض‪// /‬ية احلال ‪ -‬أن قض‪// /‬اة اإلس‪// /‬تئناف ملا قض‪// /‬وا ببطالن عقد اهلبة وع‪// /‬دم تنفيذ التص ‪//‬رف باعتب ‪//‬اره‬
‫وص‪// /‬ية ل‪// /‬وارث يكون‪// /‬وا بقض‪// /‬ائهم كما فعل‪// /‬وا طبق‪// /‬وا الق‪// /‬انون تطبيقا ص‪// /‬حيحا" (‪. )2‬و ك‪// /‬ذا الق‪// /‬رار الص‪// /‬ادر عنها بت‪// /‬اريخ‬
‫‪ 28/05/1991‬الذي قرر نفس املبدأ (‪.)3‬‬
‫إال أن هن‪//‬اك مجلة من املالحظ‪//‬ات ح‪//‬ول املادة ‪ 777‬من الق‪//‬انون املدين إذا ك‪//‬ان التص‪//‬رف ل‪//‬وارث يف شكـل هبـة و‬
‫ميكن إمجاهلا فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬ي‪//‬رى البعض أن نص املادة ‪ 777‬من الق‪//‬انون املدين يتع‪//‬ارض مع أحك‪//‬ام بعض التص‪//‬رفات اليت قد تس‪//‬ري عليها‬
‫هذه املادة‪ ،‬و ب‪/‬األخص عقد اهلب‪/‬ة‪ ،‬حيث تقضي املادة ‪ 202‬من ق‪/‬انون األس‪/‬رة بتخويل ال‪/‬واهب إدراج بعض الش‪//‬روط على‬
‫املوه ‪//‬وب ل ‪//‬ه‪ ،‬بينما بتط ‪//‬بيق املادة ‪ 777‬عليها جند ب ‪//‬أن اش ‪//‬رتاط ال ‪//‬واهب حق حيازته للموه ‪//‬وب و اإلنتف ‪//‬اع به طيلة حياته‬
‫جيعل من اهلبة وص‪//‬ية‪ ،‬وه‪//‬ذا ما يش‪//‬كل تعارضا على حد ق‪//‬ول أص‪//‬حاب ه‪//‬ذا ال‪//‬رأي إىل درجة اعتب‪//‬ارهم أن املادة ‪ 777‬من‬
‫الق ‪// /‬انون املدين قد ألغيت فيما خيص اهلبة بنص املادة ‪ 223‬من ق ‪// /‬انون األس ‪// /‬رة اليت تقضي ‪" :‬تلغى مجيع األحك ‪// /‬ام املخالفة‬
‫هلذا القانون" و الفقرة الثانية للمادة ‪ 2‬من القانون املدين لتنظيم موضوع الوصية من جديد يف قانون األسرة ‪.‬‬
‫إال أن ه ‪//‬ذا ال ‪//‬رأي م ‪//‬ردود‪ /‬عليه ألن املادة ‪ 777‬من الق ‪//‬انون املدين و إن وردت ض ‪//‬من القواعد املوض ‪//‬وعية إال أهنـا‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد التاسع‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪ .234‬هامش ‪.2‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ .05/03/1990‬ملف رقم ‪ .59240‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثالث‪ .1992 .‬ص ‪.57‬‬
‫(‪ )3‬قرار احملكمة العليا الصادر بتاريخ ‪ 28/05/1991‬ملف رقم ‪ .74549‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثاين‪ .1993 .‬ص ‪.28‬‬

‫‪47‬‬
‫تعـد من صميم مواد اإلثبات الواردة يف القانون املدين (‪ ،)1‬بينما مواد قانون األسرة املتعلقة بالوص‪//‬ية هي قواعد موض‪//‬وعية‬
‫و بالتايل ال وجود لتنظيم موضوع الوصية من جديد ‪.‬‬
‫كما ميكن ال ‪//‬رد على من ي ‪//‬رى بالتن ‪//‬اقض مع املادة ‪ 202‬من ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة أن التن ‪//‬اقض ال ‪//‬ذي ي ‪//‬وجب اإللغ ‪//‬اء هو‬
‫التع ‪//‬ارض ال ‪//‬ذي يس‪//‬تحيل معه التوفيق بني النصني و األخذ هبما مع ‪//‬ا‪ ،‬وه ‪//‬ذا األمر يفتقد هنا إذ أن املادة ‪ 777‬تش ‪//‬مل مجيع‬
‫التص‪//‬رفات س‪//‬واء تعلق األمر هببة أو غريها من التص‪//‬رفات بينما املادة ‪ 202‬من ق‪//‬انون األس‪//‬رة خاصة باهلبة فحس‪//‬ب‪ ،‬إض‪//‬افة‬
‫إىل أن هذه املادة األخرية تشمل اإلشرتاط بالقيام بالتزام ما مهما ك‪//‬ان نوع‪//‬ه‪ ،‬أما املادة ‪ 777‬فتتض‪//‬من حض‪//‬را خاصا يتمثل‬
‫يف قيد واحد وهو احلي ‪// /‬ازة و اإلنتف‪// / /‬اع بالش‪// / /‬يء املتص‪// / /‬رف فيه من ط‪// /‬رف املتص‪// / /‬رف م‪// / /‬دى احلي‪// / /‬اة‪ ،‬وه‪// /‬ذا إذا تعلق األمر‬
‫بالتصرف لوارث فقط‪ ،‬و القاعدة أن اخلاص يقيد العام (‪. )2‬‬
‫‪ -‬تنص املادة ‪ 206‬من ق ‪// / /‬انون األس ‪// / /‬رة على ما يلي ‪" :‬تنعقد اهلبة باإلجياب و القب ‪// / /‬ول‪ ،‬وتتم احلي ‪// /‬ازة‪ ،‬ومراع ‪// /‬اة‬
‫أحكام قانون التوثيق يف العقارات و اإلجراءات اخلاصة يف املنقوالت ‪.‬‬
‫و إذا إختل أحد القيود السابقة بطلت اهلبة"‬
‫ل‪// /‬ذا ي‪// /‬رى البعض أن احلي‪// /‬ازة ركن يف عقد اهلبة إس‪// /‬تنادا إىل الفق‪// /‬رة األخ‪// /‬رية من ه‪// /‬ذه املادة‪ ،‬و إىل بعض ق ‪//‬رارات‬
‫احملكمة العليا كالقرار الصادر بت‪/‬اريخ ‪ ،)3( 09/04/1969‬ومن مث إذا مل ميكن ال‪//‬واهب ال‪//‬وارث املوه‪/‬وب له من العني حمل‬
‫اهلبة وذلك ب‪// /‬أن احتفظ حبيازهتا و اإلنتف‪// /‬اع هبا م‪// /‬دى حياته ف‪// /‬إن أص‪// /‬حاب ه‪// /‬ذا ال‪// /‬رأي يعت‪// /‬ربون اهلبة باطلة و عليه ف ‪//‬إهنم‬
‫يعت‪//‬ربون هبة حق الرقبة دون حق اإلنتف‪//‬اع تص‪//‬رفا ب‪//‬اطال‪ ،‬و اس‪//‬تنادا إىل ه‪//‬ذا ال‪//‬رأي فقد ص‪//‬درت م‪//‬ذكرة عن املديرية العامة‬
‫لألمالك الوطنية بت‪// / /‬اريخ ‪ 12‬فيف‪// / /‬ري ‪ 1995‬حتت رقم ‪ 00689‬موجهة إىل م‪// / /‬ديري احلفظ العق‪// / /‬اري تتعلق بي ‪// /‬وم دراسي‬
‫ح‪//‬ول اإلش‪//‬هار العق‪//‬اري ورد فيها ‪..." :‬ول‪//‬ذا‪ ،‬فإنه إذا ك‪//‬انت اهلبة منص‪//‬بة على حق اإلنتف‪//‬اع (أي ال‪//‬واهب حيتفظ مبلكية‬
‫الرقب‪//‬ة) مقبولة قانون‪//‬ا‪ ،‬ف‪//‬إن اهلبة ال‪//‬واردة على ملكية الرقبة فقط دون حق اإلنتف‪//‬اع فهي مس‪//‬تبعدة قانون‪//‬ا" بعد اس‪//‬تنادها إىل‬
‫أن احليازة ركن يف عقد اهلبة‪ ،‬وهذا ما أدى إىل صدور قرارات عن احملافظني العقاريني بعد سنة ‪ 1995‬تقضي بع‪//‬دم قب‪//‬ول‬
‫شهر العقد على هذا النحو‪ ،‬و وصل األمر تبعا لذلك إىل الطعن يف هذه القرارات أمام القضاء ‪.‬‬
‫إال أن هذا الرأي قد جانب الص‪//‬واب ألن املادة ‪ 206‬من ق‪/‬انون األس‪//‬رة تنص على أن اهلبة تتم باحلي‪//‬ازة أي أهنا مل‬
‫تعترب احلي‪// /‬ازة ركنا يف اهلبة يبطل العقد بتخلفه‪// /‬ا‪ ،‬إض‪// /‬افة إىل أن تس‪// /‬ليم الش‪// /‬يء املوه‪// /‬وب إىل املوه‪// /‬وب له يعد التزاما على‬
‫ع‪//‬اتق ال‪//‬واهب ناش‪//‬ئا عن العقد جيوز للموه‪//‬وب له املطالبة ب‪//‬ه‪ ،‬و اإلل‪//‬تزام ال ينشأ إال عن عقد مكتمل األرك‪//‬ان‪ ،‬فال ميكن‬
‫اعتب ‪//‬ار احلي ‪//‬ازة ركنا يف عقد اهلبة و التزاما يف نفس ال ‪//‬وقت؛ ل ‪//‬ذا فيمكن الق ‪//‬ول بأهنا ش ‪//‬رط لل ‪//‬زوم اهلبة خاصة إذا علمنا أن‬
‫أصل ش‪//‬رط احلي‪//‬ازة أي القبض هو الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية‪ ،‬و مل يعترب أي من املذاهب األربعة احلي‪//‬ازة أو القبض ركنا يف عقد‬
‫اهلبة أو شرطا إلنعقاده‪ ،‬بل اعترب هذا الشرط إما ش‪//‬رط ص‪//‬حة أو ش‪//‬رط ل‪//‬زوم (‪ . /)4‬و عليه ف‪/‬إن هبة ملكية الرقبة فقط دون‬
‫اإلنتفاع‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )2( )1‬حممد‪ /‬شعبان‪ .‬مقال بعنوان‪ .‬وجوب تطبيق احلضر القانوين على ما هو معمول به واقعيا‪ .‬جملة املوثق‪ .‬العدد‪ .‬الرابع‪.‬سبتمرب ‪ .1998‬ص ‪.32 .31‬‬
‫(‪ )3‬ق‪/‬رار احملكمة العليا الص‪/‬ادر بت‪//‬اريخ ‪ .09/04/1969‬النش‪/‬رة الس‪/‬نوية لس‪//‬نة ‪ . 1969‬ص ‪ .285‬نقال عن ‪ .‬عمر محدي باش‪//‬ا‪ .‬املرجع الس‪//‬ابق‪.‬ص ‪" : 9‬يس‪/‬توجب‬
‫نقض و ابطال القرار الذي صحح عقد اهلبة اليت مل تتم احليازة فيها و ذلك ألن اهلبة شرعاتلزم بالقول و تتم باحلوز"‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫(‪ )4‬حممد‪ /‬بن أمحد تقية‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.223 ، 222 ، 221‬‬
‫جائزة قانونا وكل ما يقول خبالف ذلك خمالف للق‪//‬انون ‪ -‬ومن ذلك املذكرة الص‪//‬ادرة عن املديرية العامة لألمالك الوطنية‬
‫الس ‪//‬الفة ال ‪//‬ذكر ‪ -‬وه ‪//‬ذا باعتب ‪//‬ار أنه ال يوجد ما مينع من ذل ‪//‬ك‪ ،‬بـل أن املش ‪//‬رع عامل اهلبة يف ه ‪//‬ذه احلالة معاملة خاصة إذا‬
‫كانت لوارث واعتربها وصية وتطبق عليها أحكامها طبقا للمادة ‪ 777‬من القانون املدين ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬قرينة نية اإليصاء بسيطة قابلة إلثبات العكسـ‬


‫إن التصرف لوارث مع اإلحتفاظ حبيازة العني واإلنتفاع هبا مدى احلياة‪ ،‬و إن ق‪//‬ام قرينة قانونية على أن التص‪//‬رف‬
‫وص‪// /‬ية مس ‪// /‬ترتة‪ ،‬فإنه ليس بالقرينة القاطعة طبقا لنص املادة ‪ 777‬من الق ‪// /‬انون املدين ال ‪// /‬ذي ج ‪// /‬اء يف آخ‪// /‬ره ‪ " :‬ما مل يكن‬
‫هناك دليل خيالف ذلك" و عليه فهي قرينة بسيطة جيوز ملن تصرف له املورث أن يدحضها بأن يثبت عكس ذلك أي ب‪//‬أن‬
‫يثبت أن التصرف رغم توافر شروط املادة مل يكن وصية‪ ،‬بل كان يف احلقيقة بيعا أو هبة‪ ،‬و هذا حىت ولو أثبت ذلك عن‬
‫طريق تق‪// / /‬دمي ق ‪// / /‬رائن قض‪// / /‬ائية مض‪// / /‬ادة ك ‪// / /‬أن يثبت أن التص‪// / /‬رف بيع بإقامة ال‪// / /‬دليل على واقعة دفع الثمن‪ ،‬أو أن يثبت أن‬
‫التص ‪//‬رف قصد به إنتق ‪//‬ال امللكية ح ‪//‬ال حي ‪//‬اة املتص ‪//‬رف (‪ ،)1‬أو أن يثبت أنه قد تن ‪//‬ازل عن ش ‪//‬رط املنع من التص ‪//‬رف و أن‬
‫احتفاظه باحلي‪//‬ازة يرجع إىل أن املش‪//‬رتي قاصر و قد باشر احلي‪//‬ازة نيابة عنه باعتب‪//‬اره ولي‪//‬ا‪ ،‬أو أن احتفاظه هبا ك‪//‬ان مبوجب‬
‫عقد إجيار مقابل ب ‪// / /‬دل إجيار حمدد‪ ،‬أو أن يثبت أن احتفاظه مبنفعة العني م ‪// / /‬دى حياته يقابله إنق‪// / /‬اص الثمن مبا يتناسب مع‬
‫هذه املنفعة ‪.‬‬
‫و قد قضت احملكمة العليا يف ق ‪//‬رار هلا ص ‪//‬ادر بت ‪//‬اريخ ‪..." : 05/03/1990‬و اش ‪//‬رتط ال ‪//‬واهب على املوه ‪//‬وب هلا‬
‫ب ‪// /‬أن تبقى األم‪// / /‬وال املوهوبة حبيازته وحتت إدارته وتص‪// / /‬رفه إىل ما بعد ممات‪// / /‬ه‪ ،‬و مبا أن الطاعنة مل تثبت عكس ما ج ‪// /‬اء يف‬
‫العقد ال من حيث عالقتها ب ‪// /‬الواهب‪ ،‬أو من حيث الت‪// / /‬دليل على حيازهتا الفعلية و املادية للش‪// / /‬يء املوه ‪// /‬وب إب ‪// /‬ان حي ‪// /‬اة‬
‫ال ‪// / /‬واهب وعلى ذلك ال يعترب ما قضى به اجمللس خرقا للق‪// / / / /‬انون ‪ /...‬و إن قض ‪// / / /‬اة اجمللس ملا قض ‪// / / /‬وا ببطالن وع ‪// / /‬دم تنفيذ‬
‫التص ‪//‬رف طبق ‪//‬وا الش ‪//‬ريعة اإلس ‪//‬المية أحسن تط ‪//‬بيق" (‪ .)2‬و عليه ف ‪//‬إذا أثبت من تص ‪//‬رف له املورث عكس القرينة القانونية‬
‫على النحو الذي سبق بيانه فإن التصرف ال يعترب وصية و ال تس‪//‬ري عليه أحكامه‪//‬ا‪ ،‬بل يبقى تص‪//‬رفا منج‪//‬زا بيعا أو هبة أو‬
‫غريمها‪ ،‬و تس‪// / /‬ري عليه األحك‪// / /‬ام اخلاصة بكل تص‪// / /‬رف‪ ،‬أما إذا مل يتمكن املتص‪// / /‬رف إليه من إثب‪// / /‬ات العكس تس‪// /‬ري على‬
‫التص‪// /‬رف أحك‪// /‬ام الوص‪// /‬ية ومن مث ال تنفذ يف حق الورثة إال بإجازهتا ‪ -‬باعتبارها وص‪// /‬ية ل‪// /‬وارث ‪ -‬و ميكن للموصي هنا‬
‫(املتص ‪//‬رف) أن يرجع عنها يف ح ‪//‬ال حياته و بالت ‪//‬ايل تس ‪//‬قط بالع ‪//‬دول عنه ‪//‬ا‪ ،‬كما أهنا تسقـط مبوت املوصى له قبل م ‪//‬وت‬
‫املوصي (‪ ،)3‬وهذا طبقا للمادتني ‪ 192‬و ‪ 201‬من قانون األسرة ‪.‬‬
‫وهذا ما حيدث غالبا‪ ،‬حيث تبقى قرينة املادة ‪ 777‬من القانون املدين قائمة لصعوبة دحضها بإثب‪//‬ات العكس لع‪//‬دة‬
‫أسباب منها أنه غالبا ما يتم إبرام هذه التص‪/‬رفات مبوجب حمرر رمسي خصوصا وأهنا تك‪//‬ون يف كثري من األحي‪/‬ان يف ش‪/‬كل‬
‫هبة للعني ‪ -‬خاصة العقار ‪ -‬مع اإلحتفاظ باحليازة أو اإلنتفاع مدى احلياة‪ ،‬وهذا ما جيعل األمر يصل إىل حـد كبري من‬
‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬زهدور‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.145‬‬
‫(‪ )2‬قرار احملكمة العليا غرفة األحوال الشخصية‪ .‬الصادر بتاريخ ‪ 05/03/1990‬ملف رقم ‪ .59240‬اجمللة القضائية‪ .‬العدد الثالث‪ . 1993 .‬ص ‪.62‬‬

‫‪49‬‬
‫(‪ )3‬عبد الرزاق السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ /.‬اجمللد التاسع‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪. 235‬‬
‫الص‪// /‬عوبة يف إثب‪// / /‬ات عكس ه‪// / /‬ذه القرينة ملا للمح‪// / /‬رر الرمسي من حجية مطلقة يف اإلثب‪// / /‬ات ال يدحضه إال الطعن ب‪// /‬التزوير‬
‫حسب ما تقضي به املادة ‪ 324‬مك‪// /‬رر ‪ 5‬من الق‪// /‬انون املدين‪ ،‬و إن ك‪// /‬ان ميكن إثب‪// /‬ات العكس ب ‪// /‬دليل ي‪// /‬وازي على األقل‬
‫الورقة الرمسية إال أن هذا األخري ال يعدو إال أن يكون تعديال للعقد األصلي عن طريق تنحية القيد أو الشرط نفسه (‪.)1‬‬
‫و يف األخري جتدر اإلش‪// / / /‬ارة إىل أن البعض ي‪// / / /‬رى أن املادة ‪ 777‬من الق‪// / / /‬انون املدين تتع‪// / / /‬ارض مع مب‪// / /‬دأ إس‪// / /‬تقرار‬
‫املع‪// /‬امالت‪ ،‬خصوصا منها املع‪// / /‬امالت العقارية باعتب‪// / /‬اره ه‪// / /‬دف كل التش‪// / /‬ريعات؛ وذلك ألن ش‪// / /‬رط اإلحتف‪// /‬اظ باحلي‪// /‬ازة‬
‫واإلنتف ‪//‬اع م ‪//‬دى احلي ‪//‬اة ش ‪//‬رط ج ‪//‬ائز إدراجه يف العقد و لكن إعم ‪//‬ال املادة ‪ 777‬يس ‪//‬مح ب ‪//‬الطعن يف العديد من العق ‪//‬ود اليت‬
‫تتض ‪//‬منه خاصة إذا ط ‪//‬الت الف ‪//‬رتة الزمنية املمت ‪//‬دة بني ت ‪//‬اريخ إبرامه وت ‪//‬اريخ الطعن فيه كحالة إبرامه ضد مص ‪//‬لحة ال ‪//‬وارث‬
‫القاص‪//‬ر‪ ،‬و يف ه‪//‬ذا مس‪//‬اس باس‪//‬تقرار املع‪//‬امالت خاصة إذا ح‪//‬دثت تع‪//‬امالت الحقة على العق‪//‬ار حمل التص‪//‬رف مما ي‪//‬ؤثر على‬
‫حقوق الغري حسن النية الذي مت التعامل لصاحله ‪.‬‬

‫‪-------------------‬‬
‫(‪ )1‬حممد‪ /‬شعبان‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.31‬‬

‫خـاتم ـ ـةـ‬

‫‪50‬‬
‫من خالل كل ما س ‪// /‬بق يتضح ب ‪// /‬أن املش ‪// /‬رع ض ‪// /‬بط اخلالفة يف املال ب ‪// /‬التنظيم احملكم يف نظ ‪// /‬ام املواريث‪ ،‬و باملقابل قيد من‬
‫حياول التص‪//‬رف يف أمواله بتص‪//‬رف مض‪//‬اف إىل ما بعد املوت بقي‪//‬ود تتمثل يف ع‪//‬دم ج‪//‬واز اإليص‪//‬اء ل‪//‬وارث‪ ،‬و ع‪//‬دم ج‪//‬واز‬
‫جتاوز املوصى به ثلث الرتكة فيما ع ‪// /‬دا إج‪// /‬ازة الورثة ملا خيالف ه‪// /‬ذه احلدود‪ ،‬و ذلك لض‪// /‬مان ع ‪// /‬دم املس‪// /‬اس مبا ج‪// /‬اء به‬
‫الش‪// /‬ارع احلكيم من توزيـع ع‪// /‬ادل للرتكة إذا منـحت احلرية للم‪// /‬ورث يف التص‪// /‬رف فيها مبا يلحق الض ‪//‬رر ببعض الورثـة أو‬
‫كلهم ‪.‬‬

‫و م‪//‬وازاة مع ذلك فقد تص‪//‬دى املش‪//‬رع لكل تص‪//‬رف يقصد به التحايل على ه‪//‬ذه القواعد العادل‪//‬ة‪ ،‬و منح للقاضي‬
‫س ‪//‬لطة تك ‪//‬ييف التص ‪//‬رف مبا حيقق احلماية للورث ‪//‬ة؛ و ذلك بنص املادة ‪ 777‬من الق ‪//‬انون املدين اليت وض ‪//‬عت قرينة على نية‬
‫اإليص‪//‬اء تتمثل يف أن التص‪//‬رف ل‪//‬وارث مع اإلحتف‪//‬اظ باحلي‪//‬ازة و اإلنتف‪//‬اع م‪//‬دى احلي‪//‬اة يعترب وص‪//‬ية و تطبق عليه أحكامه‪//‬ا‪،‬‬
‫إضافة إىل نصوص املواد اخلاصة بالتصرفات املربمة يف مرض املوت الواردة يف الق‪//‬انون املدين (املواد ‪ 776،408،409‬من‪/‬ه)‬
‫و ق ‪//‬انون األس ‪//‬رة (املواد ‪ 204،215‬من ‪//‬ه) و اليت حتقق احلماية للورثة من تص ‪//‬رفات م ‪//‬ورثهم املريض م ‪//‬رض املوت‪ ،‬و ه ‪//‬ذا‬
‫لتعلق حقوقهم بأمواله مبجرد نزول املرض به‪ ،‬باعتبار أنه يشعر ب‪/‬دنو أجله خالل تلك الف‪/‬رتة في‪/‬ربم تص‪/‬رفات منج‪/‬زة يقصد‬
‫هبا إضافتها إىل ما بعد املوت ‪.‬‬

‫إال أنه ب‪//‬الرغم من كل ذل ‪//‬ك‪ ،‬ف‪//‬إن التط ‪//‬بيق العملي ألحكـام الوص‪//‬ايا املستتـرة بقي مش‪//‬وبا ب‪//‬النقص و الغمـوض و‬
‫اخلطأ يف بعض األحي‪//‬ان‪ ،‬و ه‪//‬ذا يف ع‪//‬دة ج‪//‬وانب منها املفه‪//‬وم الص‪//‬حيح ملرض املوت؛ فب‪//‬الرغم من حتديد ش‪//‬روطه يف الفقه‬
‫اإلس‪/‬المي إال أن احملكمة العليا بقيت تعترب يف قراراهتا أن املريض م‪/‬رض املوت يفقد وعيه و متي‪/‬يزه‪ ،‬بل ميس املرض بس‪/‬المة‬
‫عقل‪//‬ه‪ ،‬و ه‪/‬ذا ما هو خمالف ملب‪/‬ادئ الش‪/‬ريعة اإلس‪/‬المية و الق‪//‬انون باعتب‪/‬ار أن تص‪//‬رفاته ال يش‪/‬وهبا عيب يف اإلرادة أو ع‪//‬ارض‬
‫من عوارض األهلية ‪.‬‬

‫إض‪// / /‬افة إىل ذلك ف‪// / /‬إن النص‪// / /‬وص يف حد ذاهتا تثري العديد من اإلش‪// / /‬كاليات يف التط‪// / /‬بيق؛ منها نص املادة ‪ 408‬من‬
‫القانون املدين الذي خيلق عدة مشاكل‪ ،‬منها ما يرجع إىل التناقض بني النص العريب و الرتمجة الفرنسية ل‪//‬ه‪ ،‬س‪//‬واء يف حتديد‬
‫ف‪//‬رتة م‪//‬رض املوت‪ ،‬أو يف ت‪//‬وافر الرتاضي من عدمه يف ال‪//‬بيع لغري وارث‪ ،‬و منها ما يرجع إىل ع‪//‬دم تالءم نص الفق‪//‬رة الثانية‬
‫منها مع املب‪/‬ادئ العـامة للق‪/‬انون اخلاصة بقابلية التص‪/‬رفات للبطـالن‪ ،‬مما جيعل تط‪/‬بيق ه‪/‬ذا النص مس‪/‬تحيال كما س‪/‬بق تفص‪/‬يل‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫و عليه ك ‪//‬ان من األج ‪//‬در أن يس ‪//‬لك املش ‪//‬رع ما س ‪//‬لكه بق ‪//‬انون األس ‪//‬رة فيما خيص اهلبة يف م ‪//‬رض املوت‪ ،‬و جيعل ال ‪//‬بيع يف‬
‫مرض املوت يأخذ حكم الوصية سواء مت لوارث أو لغريه ‪.‬‬
‫كما أن املادة ‪ 776‬من الق ‪// /‬انون املدين ج ‪// /‬اءت مش ‪// /‬وبة يف ص ‪// /‬ياغة الفق ‪// /‬رة الثانية منها حينما اعت‪// /‬ربت أنه ال جيوز‬
‫اإلحتجاج على الورثة بتاريخ العقد إذا مل يكن هذا التاريخ ثابتا‪ ،‬و هذا ما جيانب الصواب كما سبق توضيحه‪ ،‬و األصح‬
‫النص على أن هذا التاريخ حجة على الورثة‪ ،‬و أنه جيوز إقامة الدليل على عدم صحته‪ ،‬أو ترك ه‪//‬ذا احلكم للقواعد العامة‬
‫دون إيراد نص خاص به‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫و عليه خنلص إىل ضرورة تدخل املشرع لتعديل نصوص املواد السابق ذكرها لتفادي الغموض و تكريس التط‪//‬بيق‬
‫الص‪//‬حيح للق‪//‬انون ت‪//‬دعيما حلماية الورث‪//‬ة‪ ،‬إض‪//‬افة إىل ال‪//‬دور الكبري للقاضي يف تك‪//‬ريس ه‪//‬ذه احلماي‪//‬ة‪ ،‬من خالل اس‪//‬تخالص‬
‫القرائن القضائية من ظروف و مالبسات التصرفات املاسة حبقوق الورثة ‪.‬‬

‫المــراج ـعـ‬

‫‪ – 1‬المـؤلفـات ‪:‬‬
‫‪ -‬أمحد فراج حسني‪ .‬امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية‪ .‬الدار اجلامعية‪ .‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -‬الع‪// /‬ريب بلح‪// /‬اج‪ .‬الوج‪// /‬يز يف ش‪// /‬رح ق‪// /‬انون األس‪// /‬رة اجلزائ‪// /‬ري‪ .‬اجلزء الث‪// /‬اين ‪ -‬املرياث و الوص‪// /‬ية ‪ .-‬دي‪// /‬وان املطبوع‪// /‬ات‬
‫اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الثالثة‪.2004 .‬‬
‫‪ -‬توفيق حسن فرج‪ .‬الوجيز يف عقد البيع‪ .‬الدار اجلامعية‪.1988 .‬‬
‫‪ -‬خليل أمحد حسن ق‪// / /‬دادة‪ .‬الوج‪// / /‬يز يف ش‪// / /‬رح الق‪// / /‬انون املدين اجلزائ‪// / /‬ري‪ .‬اجلزء الرابع (عقد ال‪// / /‬بيع)‪ .‬دي ‪// /‬وان املطبوع ‪// /‬ات‬
‫اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬طبعة ‪.2001‬‬
‫رمضان أبو السعود‪ .‬شرح العقود املسماة ‪ -‬يف عقدي البيع و املقايضة ‪ .-‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ .‬مصر‪.2003 .‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬مسري عبد السيد تناغو‪ .‬عقد البيع‪ .‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ .‬مصر‪/.‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق أمحد السنهوري‪ .‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ .‬العق‪//‬ود اليت ت‪//‬رد على امللكية ‪ -‬ال‪//‬بيع و املقايضة ‪ .-‬اجمللد‬
‫الرابع‪ .‬دار إحياء الرتاث العريب‪ .‬لبنان‪.1986 .‬‬
‫‪ -‬عبد ال‪/‬رزاق أمحد الس‪/‬نهوري‪ .‬الوس‪/‬يط يف ش‪/‬رح الق‪/‬انون املدين‪ .‬أس‪/‬باب كسب امللكي‪/‬ة‪ .‬اجمللد التاس‪/‬ع‪ .‬دار إحي‪/‬اء ال‪/‬رتاث‬
‫العريب‪ .‬لبنان‪.1986 .‬‬
‫‪ -‬عز الدين الدناصوري ‪ ،‬عبد احلميد الشواريب‪ .‬الصورية يف ضوء الفقه و القضاء‪ .‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ .‬مصر‪/.‬‬
‫‪ -‬عمر محدي باشا‪ .‬عقود التربعات ‪ -‬اهلبة‪ .‬الوصية‪ .‬الوقف ‪ .-‬دار هومة‪ .‬اجلزائر‪.2004 .‬‬
‫‪ -‬علي علي سليمان‪ .‬ضرورة إعادة النظر يف القانون املدين اجلزائري‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ -‬عمر بن سعيد‪ .‬اإلجتهاد القضائي وفقا ألحكام القانون املدين‪ .‬دار اهلدى‪ .‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ -‬فتحي حسن مصطفى‪ .‬امللكية باملرياث يف ضوء الفقه و القضاء‪ .‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ .‬مصر‪/.‬‬
‫‪ -‬حممد أبو زهرة‪ .‬أحكام الرتكات و املواريث‪ .‬دار الفكر العريب‪ .‬مصر‪.‬‬
‫‪ -‬حممد أبو زهرة‪ .‬شرح قانون الوصية‪ .‬دار الفكر العريب‪ .‬مصر‪.1988.‬‬
‫‪ -‬حممد أبو زهرة‪ .‬امللكية و نظرية العقد يف الشريعة اإلسالمية‪ .‬دار الفكر العريب‪ .‬مصر‪/.‬‬
‫‪ -‬حممد بن أمحد تقي‪//‬ة‪ .‬دراسة عن اهلبة يف ق‪//‬انون األس‪//‬رة اجلزائ‪//‬ري مقارنة بأحك‪//‬ام الش‪//‬ريعة اإلس‪//‬المية و الق‪//‬انون املق‪//‬ارن‪.‬‬
‫الديوان الوطين لألشغال الرتبوية‪ .‬اجلزائر‪.2003 .‬‬
‫‪ -‬حممد حسنني‪ .‬عقد البيع يف القانون املدين اجلزائري‪ .‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الرابعة‪.2005 .‬‬
‫‪ -‬حممد زهدور‪ .‬الوصية يف القانون املدين اجلزائري و الشريعة اإلسالمية‪ .‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ .‬اجلزائر‪.1991 .‬‬
‫‪ -‬حممد ص ‪//‬ربي الس‪//‬عدي‪ .‬ش ‪//‬رح الق ‪//‬انون املدين اجلزائ‪//‬ري‪ .‬النظرية العامة لإللتزام ‪//‬ات – العقد و اإلرادة املنف ‪//‬ردة ‪ .-‬اجلزء‬
‫األول‪ .‬دار اهلدى‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الثانية‪.2004 .‬‬
‫‪ -‬حممد يوسف الزعيب‪ .‬شرح عقد البيع يف القانون املدين‪ .‬دار الثقافة‪ .‬األردن‪.‬‬
‫‪ -‬مصطفى حممد اجلمال‪ .‬نظام امللكية‪ .‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ .‬مصر‪/.‬‬
‫‪ -‬حيىي بك ‪// /‬وش‪ .‬أدلة اإلثب ‪// /‬ات يف الق ‪// /‬انون املدين اجلزائ ‪// /‬ري و الفقه اإلس ‪// /‬المي‪ .‬دراسة نظرية و تطبيقية مقارن ‪// /‬ة‪ .‬املؤسسة‬
‫الوطنية للكتاب‪ .‬اجلزائر‪ .‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ – 2‬الدراسـاتـ و المقـاالتـ ‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرمحن ملزي‪ .‬حماضرات يف طرق اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية‪ .‬املعهد الوطين للقضاء‪ .‬الدفعة الرابعة عشرة‪.‬‬
‫‪.2003/2004‬‬
‫‪ -‬فري‪//‬دة زواوي‪ .‬مق‪//‬ال بعن‪//‬وان ‪ :‬الوقف اخلاص ‪ -‬وجهة نظر يف وض‪//‬عيته احلالية ‪ .-‬جملة املوث‪//‬ق‪ .‬الع‪//‬دد اخلامس‪ /.‬ديس‪//‬مرب‬
‫‪.1998‬‬
‫‪ -‬ليلى زروقي‪ .‬حماضرات يف القانون العقاري‪ .‬املعهد الوطين للقضاء‪ .‬الدفعة الرابعة عشرة‪.2003/2004 .‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬حممد ش‪//‬عبان‪ .‬مق‪//‬ال بعن‪//‬وان ‪ :‬وج‪//‬وب تط‪//‬بيق احلضر الق‪//‬انوين على ما هو معم‪//‬ول به واقعي‪//‬ا‪ .‬جملة املوث‪//‬ق‪ .‬الع‪//‬دد الراب‪//‬ع‪.‬‬
‫سبتمرب ‪.1998‬‬
‫‪ – 3‬المجـالت القضائيـةـ ‪:‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد الثالث‪.1989 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد الرابع‪.1991 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد الثالث‪.1992 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد الثاين‪.1993 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد الثالث‪.1993 .‬‬
‫‪ -‬اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية‪ .‬عدد خاص‪.2001 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد األول‪.2002 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد الثاين‪.2002 .‬‬
‫‪ -‬اجمللـة القضـائيـة‪ .‬العـدد األول‪.2003 .‬‬
‫‪ -‬اإلجتهاد القضائي للغرفة العقارية‪ .‬عدد خاص‪ .‬اجلزء الثاين‪.2004 .‬‬
‫‪ – 4‬النصـوص التشريعيـة ‪:‬‬
‫‪ -‬القانون املدين ( األمر ‪ 58 -75‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬املعدل و املتمم ) ‪.‬‬
‫‪ -‬قانون األسرة ( القانون ‪ 11 – 84‬املؤرخ يف ‪ 9‬يونيو ‪ 1984‬املعدل و املتمم ) ‪.‬‬
‫‪ -‬األمر ‪ 74 - 75‬املؤرخ يف ‪ 12‬نوفمرب ‪ 1975‬يتضمن إعداد مسح األراضي العام و تأسيس السجل العقاري‪/.‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 10 – 91‬املؤرخ يف ‪ 27‬أفريل ‪ 1991‬يتعلق باألوقاف املعدل و املتمم ‪.‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 25 - 90‬املؤرخ يف ‪ 18‬نوفمرب ‪ 1990‬يتضمن التوجيه العقاري‪ /.‬املعدل و املتمم ‪.‬‬

‫الفـه ــرس‬

‫مـقـدم ــة ‪1/..........................................................................................................................‬‬


‫الفصـل األول ‪ :‬أساس محاية الورثة يف الوصية و التصرفات امللحقة هبا ‪3/........................................................‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬األحكام اليت حتمي الورثة يف الوصية و أساسها ‪4/....................................................‬‬
‫‪/.......................................................................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬ماهية الوصية‬
‫‪4‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريــف الوصيــة ‪4/.......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬أركــان الوصيــة ‪5.........................................................................‬‬

‫‪54‬‬
‫‪/................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬تقييد حرية اإليصاء يف الشريعة اإلسالمية و قانون األسرة‬
‫‪11‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬عــدم جـواز اإليصـاء لوارث ‪11.......................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬عدم جتـاوز املوصى به ثلث التـركة ‪14......................................................‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬علـة و أسـاس تقييــد الوصيــة ‪17..................................................‬‬
‫الفرع األول ‪:‬منـع اإلضـرار بالورثـة ‪17/...................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬تـويل الشرع اخلالفـة يف املـال بالتنظيـم ‪18/.............................................‬‬
‫المبحـث الثانـي ‪ :‬أسس محاية الورثة يف التصرفات امللحقة بالوصية ‪20/.............................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األسـاس العام الذي تقوم عليه قرينة اإليصاء ‪20/.............................................‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬منع التحايل على أحكـام القانون ‪20........................................................‬‬
‫‪/.............................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬سلطة القاضي يف تكييف التصرفات القانونية‬
‫‪22‬‬
‫‪/.....................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬أساس محاية الورثة من تصرفات املريض مرض املوت‬
‫‪23‬‬
‫الفرع األول ‪:‬مفهـوم مرض املـوت ‪23/......................................................................‬‬
‫‪/..............................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬تعلق حق الورثة بأموال املريض مرض املوت‬
‫‪26‬‬
‫الفصـل الثـاني ‪ :‬التصرفـات السـاترة للوصيـة و أحكامـها ‪29...........................................................‬‬
‫المبحـث األول ‪ :‬تصرفـات املريض مـرض املـوت ‪30/..............................................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬احلكم العـام للتصرف يف مرض املوت ‪30/....................................................‬‬
‫‪..................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬شروط إعمال املادة ‪ 776‬من القانون املدين وحكمها‬
‫‪31‬‬
‫‪/.......................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬قواعد اإلثبات املتعلقة بالتصرفات يف مرض املوت‬
‫‪32‬‬
‫‪.........................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬األحكام اخلاصة لبعض التصرفات يف مرض املوت‬
‫‪35‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬البيـع يف مرض املـوت ‪35/....................................................................‬‬
‫‪/...............................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬التصرفات التربعية الصرحية يف مرض املوت‬
‫‪39‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحـث الثـاني ‪ :‬التصرف لوارث مع اإلحتفاظ باحليازة و اإلنتفاع بالشيء مدى احلياة ‪43..........................‬‬
‫‪....................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬شروط التصرف الوارد باملادة ‪ 777‬من القانون املدين‬
‫‪43‬‬
‫‪/................................................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬أن يتم التصرف ألحد الورثة‬
‫‪43‬‬
‫‪/..............................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬أن حيتفظ املتصرف حبيازة العني املتصرف فيها مدى احلياة‬
‫‪44‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬أن حيتفظ املتصرف حبقه يف اإلنتفاع بالعني املتصرف فيها مدى احلياة ‪45/.............‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أحكام التصرف لوارث مع اإلحتفاظ باحليازة واإلنتفاع مدى احلياة وقواعد اإلثبات‬
‫به ‪............................................................................................‬‬ ‫املتعلقة‬
‫‪46‬‬
‫‪...........................................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬خضوع التصرف ألحكام الوصية‬
‫‪46‬‬
‫‪/..............................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬قرينة نية اإليصاء بسيطة قابلة إلثبات العكس‬
‫‪49‬‬
‫‪51/..........................................................................................................................‬‬ ‫خ ــاتمــة‬

‫‪56‬‬

You might also like