You are on page 1of 31

‫مجلة الدراسات القانونية المقارنة‬

‫‪EISSN:2600-6154‬‬ ‫المجلد ‪ /07‬العـــدد‪ ،)2021( 01‬ص‪.‬ص‪2544-2444.‬‬ ‫‪ISSN:2478-0022‬‬

‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬


‫‪The Jurisprudence and Legal Security Requirements‬‬
‫د‪ .‬أحمد هيشور‬
‫‪Dr. HICHOUR Ahmed‬‬
‫أستاذ محاضر قسم "أ"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سعيدة‪ ،‬د‪ .‬الطاهر موالي‪ ،‬الجزائر‬
‫‪Lecturer (A), Faculty of Law and Political Sciences,University of Saida; Dr Tahar‬‬
‫‪moulay‬‬
‫‪ahmed.hichour@univ-saida.dz‬‬

‫تاريخ النشر‪2021/00/28:‬‬ ‫تاريخ القبول‪2021/00/03:‬‬ ‫تاريخ إرسال المقال‪2020/11/22:‬‬

‫الملخص‪:‬‬
‫جداؿ و‬
‫حاد حوؿ طبيعة االجتهاد‬ ‫لقد اطلرط فقهاء القانوف ‪ -‬ذك النزعة الالتينية ‪ -‬خالؿ القرف العشرين يف و‬
‫القضائي‪ ،‬ليي ٍس ىد ىؿ الستار على عدـ اعًتاؼ ادلشرع بو كمصد ور رمس وي من مصادر القانوف‪ ،‬غَت أنو ‪ -‬كحبكم الواقع ‪-‬‬
‫و‬
‫قاعدة أعلى‪ ،‬بل إذل حاجة النظاـ القانوين‬ ‫ال ؽلكن التغاضي عن كونو مصدران عمليان كتلقائيان ال يعزل يف منشئو إذل‬
‫إليو‪.‬‬
‫كمع االقرار لو هبذه الصبغة‪ ،‬كبأف العدكؿ عنو يعد دبثابة و‬
‫تعديل لو‪ ،‬ال ؽلكن النعي عليو بتغيَته للقانوف ‪-‬‬
‫على الرغم من مساسو بفكرة استقراره ‪ -‬ألنو نتاج ضركرةو تقتضيها مالءمة القانوف لظركؼ اجملتمع كتكيفو مع نداء‬
‫احلياة الصاعدة‪ ،‬غَت أنو يستشكل دبا ينفك عنو أحيانان من و‬
‫تبعات تكوف أكثر ضرران شلا ينجر عنو من منافع‪ ،‬كىو‬
‫ادلوطن الذم يتعرض فيو للتجريح باعتباره سببان مولِّدان لال أمن يف نطاؽ القانوف‪.‬‬
‫يف ادلقابل‪ ،‬ال تعترب فكرة األمن القانوين مفهوما حديان تقره صبيع األنظمة القانونية‪ ،‬حىت كإف كانت تشَت‬
‫رلموعة من ادلبادئ العامة‪ ،‬كمن خالؿ اتفاقها حوؿ ضركرة استجماع القاعدة القانونية و‬
‫جلملة من ادلعايَت‬ ‫و‬ ‫إليو ضمن‬
‫الفنية ادلتمثلة يف قابلية الوصوؿ إليها‪ ،‬استقرارىا كإمكانية التوقع بشأهنا‪ ،‬كىي العناصر اليت يفًتض انتفاؤىا يف القاعدة‬
‫و‬
‫اضعاؼ‬ ‫االجتهادية بفعل العدكؿ عنها‪ ،‬كبسبب خاصية الرجعية التلقائية عند تطبيقها‪ ،‬كما ينجر عن ذلك من‬
‫لتوقعات ادلتقاضي‪ ،‬كبالتارل النيل من فكرة األمن القانوين برمتها‪.‬‬
‫كلمات مفتاحية‪:‬‬
‫االجتهاد القضائي‪ ،‬األمن القانوين‪ ،‬العدكؿ عن االجتهاد‪ ،‬الوصوؿ للقاعدة‪ ،‬استقرار القاعدة‪ ،‬توقع القاعدة‪.‬‬

‫‪4242‬‬
‫‪Email: ahmed.hichour@univ-saida.dz‬‬ ‫المؤلف المرسل‪ :‬هيشور أحمد‪.‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
Abstract:
During the twentieth century, Latin-minded jurists engaged in a sharp
debate on the nature of the Jurisprudence to conceal the lack of recognition of the
legislated as an official source of law. However - and de facto - it cannot be
overlooked for being a practical and automatic source that is not only attributed in
its origin to a higher base, but rather to the legal system’s need for it.
While recognizing its nature, and that its modification is considered its
amendment, it cannot be mourned for its alteration to law - despite its harm to its
stability - because it is the product of a necessity required by the suitability of the
law to the conditions of society and its adaptation to the appeal of the rising life.
However, it is sometimes a problematic for what it brings as consequences that
may be more harmful than beneficial. It is the place where it is subjected to
defamation as a cause of insecurity within the law.
On the other hand, the idea of legal security is not a limiting concept
recognized by all legal systems, even if it refers to it within a set of general
principles, and through its agreement on the need to summon the legal basis of a
set of technical standards of accessibility, stability and predictability. These are the
elements that are supposed to be excluded in the discretionary rule by modification,
and because of its automatic retro when applied, and the resulting weakening of the
litigant’s expectations, thus undermining the entire idea of legal security. The
resulting weakening of the litigant's expectations, thereby undermining the entire
idea of legal security.

Keywords:
The Jurisprudence; The Security Requirements; Reversal of jurisprudence;
Accessibility to the rule; stability of the rule; Predictability of the rule.
‫مقدمة‬
‫عرب باقتدا ور عن مظه ور‬
ِّ ‫ فاالجتهاد من ىذا الوجو يي‬،‫ال غٌت عن االجتهاد القضائي لتحيُت القانوف كضماف تطوره‬
‫ يزاضبو كجو و‬،‫اغلايب‬
.‫ثاف تعًتيو سلاطر صبٌة على األمن القانوين‬
‫ ابتداءن من‬،‫تشَت جل الدراسات ادلتعلقة بفكرة األمن القانوين إذل بعض ادلعايَت ادلتفاعلة يف تكريس ىذه الفكرة‬
‫ استقرارىا كإمكانية التنبؤ بشأهنا؛ فاألمن القانوين ليس سول شبرة كضوح القاعدة ادلكتوبة‬،‫الوصوؿ إذل القاعدة القانونية‬
‫ فالوصوؿ إذل القانوف‬،)1(‫ كمستول الفقو يف استجالء دخائلها‬،‫ مع حكمة القاضي كرصانتو يف تفسَتىا كتطبيقها‬،‫كثباهتا‬
،‫ يكٍن ىو مضامينو مىت كاف ىذا القانوف مفرط احلركة كالتبدؿ‬،‫ كمن شبة ال يكوف دبقدكر ادلخاطب بأحكامو‬،‫مرىوف باستقراره‬
- ‫ يف ضوء القواعد السارية‬- ‫ ىو الذم يتيح للفرد‬،‫ فالنظاـ القانوين اآلمن‬،‫شلَّا يعٍت انتهاءن تقويض توقعات الفرد بشأنو‬
‫مستقبلية و‬
.)2(‫ فهو يعرب حبق عن ادلعرفة كاالستباؽ يف اآلف ذاتو‬،‫يقينية لنفسو‬ ‫و‬ ‫سبثيل صوروة‬
‫بيدا أنو من غَت احلكمة التشبث بأىداب استقرار القاعدة القانونية كما ينفك عن ذلك من سلرجات بدعول‬
‫ ألف القانوف غَت و‬،‫ربصيل األمن القانوين‬
‫ كىي اخلاصية اليت ذبعل من االجتهاد القضائي كالعدكؿ عنو فعالن‬،‫جامد بطبيعتو‬
4242
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫ضركريان كمالزمان ذلذه القاعدة‪ ،‬على الرغم شلا يالبسو من أخطار تًتاكح بُت صعوبة الوصوؿ إليو (ادلطلب األكؿ) كعدـ‬
‫استقرار القاعدة ادلتولدة عنو (ادلطلب الثاين) كضآلة فرص التوقع بشأنو (ادلطلب الثالث) ناىيك عن مشكلة األثر‬
‫الرجعي لسريانو (ادلطلب الرابع)‪.‬‬

‫‪4242‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫المطلب األول‬
‫صعوبة الوصول إلى االجتهاد القضائي‬
‫دل يعد افًتاض العلم بالقانوف ‪ -‬يف صورتو التقليدية ‪ -‬ينفي حقيقة اجلهل هبذا األخَت‪ ،‬بسبب عدـ ايفائو‬
‫رلردان دبقتضيات األمن القانوين‪ ،‬لكن القانوف ‪ -‬كعلى النقيض شلا كاف عليو يف و‬
‫أزمنة خلت ‪ -‬يظهر اليوـ دبظه ًر البح ًر‬
‫ً‬
‫اللُّج ٍّي الذم يغشاه ه‬
‫موج من فوقو موج‪ ،‬إ ٍذ غالبان ما يى يش ُّق يريكوبيوي على ادلخاطب بأحكامو‪ ،‬فالوصوؿ إذل القاعدة القانونية‬
‫أضحى أمران معقدا‪ ،‬كرغبة السلطة العامة يف إشاعة الولوج إليها أصبحت من أ ِّيـ الغايات (الفرع األكؿ) يف مقابل ذلك‬
‫مشموؿ دبا ينص‬‫و‬ ‫غليء العدكؿ عن االجتهاد القضائي يزلىيِّنان للقاعدة االجتهادية اليت تسرب أغوار القانوف‪ ،‬ككالعلا غَت‬
‫عليو ىذا األخَت لإلعالف عن نفسو‪ ،‬على الرغم من حاجة ادلتقاضي للوصوؿ إليهما ‪ -‬كحاجتو للوصوؿ إذل القاعدة‬
‫القانونية ‪ -‬ربصيالن لألمن القانوين (الفرع الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫الوصول إلى القاعدة القانونية‬
‫من غَت ادلمكن طرح فكرة األمن القانوين دكف استحضار إمكانية الوصوؿ إذل القانوف‪ ،‬كدلا كاف ىذا األخَت‬
‫َّ‬
‫و‬
‫بشهوة أك غريزة‪ ،‬كأنو من غَت العدالة أف يسرم يف‬ ‫عنصران خارجان عن إرادة ادلخاطبُت بأحكامو(‪ ،)3‬كأنو ال يستثار فيهم‬
‫حقهم دكف العلم بو(‪ ،)4‬كجب أف ينهى إذل علمهم دبقتضى و‬
‫تنبيو خارجي‪ ،‬إذ ال تكليف إال دبعلوـ‪ ،‬كاجلاىل فاقد للعلم‬ ‫ي‬
‫أف اجلهالة ال تزكؿ حقيقةن إال بالوصوؿ ادلوضوعي للقانوف (ثانيان) لكن القانوف يفًتض انتفاءىا‬ ‫الذم يقوـ بو التكليف‪ ،‬ك َّ‬
‫بإمكانية الوصوؿ ادلادم إليو (أكالن)‪.‬‬
‫ص ىل إذل األمر لغةن‪ ،‬دبعٌت بلغو كانتهى إليو(‪ ،)5‬كال سبيل أماـ ادلخاطبُت بأحكاـ‬
‫أوالً‪ :‬الوصول المادي‪ :‬ىك ى‬
‫القانوف لبلوغ قواعده كاالنتهاء إليها‪ ،‬إال بواسطة السلطة العامة كبسع وي منها عن طريق إشهار ىذه القواعد كنشرىا‬
‫و‬ ‫(‪)6‬‬
‫بينهم ‪ ،‬كيراد بالنشر اصطالحان قياـ السلطة العامة بإذاعة القاعدة القانونية كفق إجراء زلدد‪ ،‬كبالوسيلة اليت تراىا مناسبةن‬
‫لذلك‪ ،‬كىي الكتابة بال منازع ‪ -‬باعتبارىا ناقالن ال غٌت عنو لنشر ادلعرفة القانونية(‪ - )7‬من خالؿ الدعامة الورقية (أ) أك‬
‫على مستول الشبكة العنكبوتية (ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬النشر الورقي‪ :‬ال يكوف القانوف حجةن يف مواجهة ادلخاطبُت بأحكامو ‪ -‬على الرغم من كجوده كنفاذه‬
‫عقب إصداره ‪ -‬إال بعد القياـ بنشره يف اجلريدة الرمسية‪ ،‬كييع ٌد النشر إجراءن مركبان يتناكؿ إدراج النص القانوين يف النشرة‬
‫زلددة على النحو الذم تنص عليو ادلادة الرابعة من القانوف ادلدين اجلزائرم(‪ )8‬بقوذلا‪« :‬‬ ‫و‬ ‫مدة و‬
‫زمنية‬ ‫الرمسية‪ ،‬كتربص مركر و‬
‫تطبق القوانُت يف تراب اجلمهورية اجلزائرية الدؽلقراطية الشعبية ابتداءن من يوـ نشرىا يف اجلريدة الرمسية‪ .‬تكوف نافذة ادلفعوؿ‬
‫يوـ و‬
‫كامل من‬ ‫كامل من تاريخ نشرىا‪ ،‬كيف النواحي األخرل يف نطاؽ كل دائرةو بعد مضي و‬ ‫يوـ و‬ ‫باجلزائر العاصمة بعد مضي و‬
‫تاريخ كصوؿ اجلريدة الرمسية إذل مقر الدائرة‪ ،‬كيشهد على ذلك تاريخ ختم الدائرة ادلوضوع على اجلريدة‪.».‬‬
‫عما إذا كاف ىذا االجراء يكرس فعالن عملية الوصوؿ ادلادم إذل القانوف ‪ -‬بالقدر‬
‫كعليو ػلق لنا التساؤؿ َّ‬
‫الالزـ ‪ -‬بالنسبة جلميع ادلخاطبُت بأحكامو؟‬
‫‪4244‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫و‬
‫نفسية ككاقعية‪ ،‬تأيت يف مقدمتها حالة التضخم يف‬ ‫يف الواقع يستحيل إدراؾ ىذه الغاية لعدة اعتبار و‬
‫ات مادية‪،‬‬
‫سن النصوص(‪ ،)9‬كبالتارل تعذر إيصاذلا إذل صبيع األفراد‪ ،‬ناىيك عن كوهنا ‪ -‬حىت مع افًتاض قابليتها للتجسيد ‪ -‬عملي نة‬‫ٌ‬
‫معقد نة كمكلفةن اقتصاديان‪ ،‬يرتدؼ عليها تفاكت مستويات‪ ،‬مراكز كميوؿ األفراد‪ ،‬كاختالؼ كضعياهتم االجتماعية‪،‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬ادلهنية كالثقافية‪ ،‬كعدـ اكًتاث السواد األعظم منهم بالوصوؿ إذل القانوف‪ ،‬ألف الفرد عاد نة ما ييرتب شؤكنو‬
‫كينظمها دبا ػلقق مصاحلو كفق أىوائو ال دبا يقتضيو القانوف‪ ،‬لذا غالبان ما ذبده يصطدـ بقواعده عن جهل‪ « ،‬فعندما‬
‫يثرثر القانوف ال يعَته ادلواطن أذنان صاغية‪ ،)10(».‬بل كمن غَت ادلعقوؿ أف يصل حىت الفرد الفٍت ‪ -‬مهما كانت درجة‬
‫حرصو ككعيو ‪ -‬إذل القانوف باستمرار‪ ،‬مث إ َّف لفظ القانوف ال يقتصر على القواعد ادلسنونة فحسب‪ ،‬بل يتخطاىا إذل‬
‫قواعد الشريعة اإلسالمية كالعرؼ كقواعد العدالة كمبادئ القانوف الطبيعى‪ ،‬كىذه األخَتة ‪ -‬كما ىو معلوـ ‪ -‬ال تستلزـ‬
‫النشر لتحقق العلم هبا‪.‬‬
‫لذا افًتض ادلشرع العلم بالقانوف غَت ادلسنوف علمان رلردان‪ ،‬كافًتضو يف شأف القواعد ادلسنونة من خالؿ إتاحة‬
‫الوصوؿ إليها بنشرىا يف اجلريدة الرمسية‪ ،‬كبالتارل ليس ادلقصود بالنشر ‪ -‬يف ىذا ادلقاـ ‪ -‬إعالـ الناس إعالمان فعليا‪ ،‬بل‬
‫ازباذ ما من شأنو أف يفي بذلك سدان لباب اإلفالت من اخلضوع للقانوف بدعول عدـ العلم بو‪ ،‬كىو ما يصطلح على‬
‫(‪)11‬‬
‫تسميتو دببدأ عدـ جواز االعتذار جبهل القانوف ‪ ،‬أم أف افًتاض العلم بالقانوف ال غلعل من عنصر العلم شرطان‬
‫لتطبيقو‪ ،‬كال من اجلهل عذران مانعان لنفاذه‪.‬‬
‫ينة و‬
‫بإقامة من ادلشرع مفادىا افًتاض علم الكافة بالقانوف‬ ‫كغلد ىذا ادلبدأ أساسو ‪ -‬حسب البعض ‪ -‬ىف قر و‬
‫فور نشره(‪ ،)12‬إال أف ادلشرع دل يرتكن ‪ -‬كما ىو مألوؼ ‪ -‬ىف إقامة ىذه القرينة إذل الغالب األعم‪ ،‬بل أخذ بالقليل‬
‫يعة و‬
‫كعرؼ‪...‬‬ ‫النادر على فرض كجوده‪ ،‬ألنَّو يندر يف الواقع أ ٍف يػليط الشخص بكافة القواعد القانونية(‪ )13‬من تشري وع كشر و‬
‫ي‬
‫اخل‪ ،‬كالقرينة ‪ -‬حبسب األصل ‪ -‬افًتاض غلعل الشيء ادلمكن صحيحان كفقان دلا يرجحو العقل‪ ،‬كدلا ىو مألوؼ شائع ىف‬
‫احلياة‪ ،‬أم أهنا تقوـ على ضبل األمر ادلشكوؾ فيو زلمل الغالب يف العمل‪ ،‬كليس الغالب كال ادلألوؼ علم األفراد‬
‫و‬
‫قانونية على ما ىو نادر أك معدكـ(‪.)15‬‬ ‫بالقانوف‪ ،‬بل الغالب جهلهم بو(‪ ،)14‬كبالتارل من غَت العدالة إقامة قر و‬
‫ينة‬
‫كلعل قواعد العدؿ ىى خَت ما ييؤسس عليو ىذا ادلبدأ‪ ،‬فالعدؿ االجتماعي يقتضي ادلساكاة التامة ىف معاملة‬
‫ادلخاطبُت بأحكاـ القانوف ‪ -‬دكف و‬
‫تفرقة بينهم ىف كجوب اخلضوع لو أك اإلعفاء من التقيد بو(‪ - )16‬إقراران للنظاـ داخل‬
‫و‬
‫متحققة على‬ ‫اجملتمع‪ ،‬كىي فكرة دل تنأ بنفسها عن سهاـ النقد‪ ،‬ألف ادلساكاة ادلنشودة من كراء إعماؿ ىذا ادلبدأ غَت‬
‫الوجو األكمل‪ ،‬فإذا كاف اجلاىل بقواعد القانوف ‪ -‬الػمتيػقَّن ج ٍهليوي ‪ -‬ال يعذر هبذا اجلهل‪ ،‬فمن و‬
‫باب أكذل أف يػي ىؤاخ ىذ‬ ‫ي‬ ‫يى ي ى‬
‫ض يح خبالؼ ذلك أحيانا‪ ،‬كما ىي حاؿ ادلشرع عندما يى يس ُّن قانونان‬ ‫ً‬
‫العادل ادلتخصص على عدـ العلم هبا‪ ،‬لكن الواقع يػىٍن ى‬
‫سابقة لو علم هبا ما كاف ليصدر القانوف اجلديد‪ ،‬أك ما كاف ليضعو يف الصورة الىت‬ ‫نصوص و‬‫و‬ ‫جديدان عن و‬
‫جهل منو بوجود‬
‫خرج هبا‪ ،‬كذلك حاؿ قضاة زلكمة النقض ‪ -‬ادلكلفُت برقابة تطبيق القانوف تطبيقا صحيحان بواسطة احملاكم على‬
‫جهل بالقانوف‪ ،‬كمع ذلك ال جزاء يف ىذا الفرض كذاؾ على عدـ‬ ‫اختالؼ درجاهتا ‪ -‬عندما يصدركف أحكامهم عن و‬
‫علم ادلشرع كالقاضي بقواعد القانوف(‪.)17‬‬
‫‪4242‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫كعليو من غَت ادلتصور أف يفي إجراء النشر الورقي للقانوف الذم يقوـ قرينةن على افًتاض العلم بو ‪ -‬مع ما يف‬
‫ىذا االفًتاض من زلاسن ‪ -‬بغاية الوصوؿ الفعلي إذل القانوف اليت تتوخاىا السلطة العامة من أجل ربقيق األمن القانوين‪،‬‬
‫لذا صلدىا تي ً‬
‫وظف إذل جانبو التقنيات احلديثة لإلعالـ كاالتصاؿ من أجل ترقية ىذه الغاية‪.‬‬
‫ب‪ -‬النشر اإللكتروني‪ :‬لقد دخل العادل منذ بداية تسعينيات القرف ادلاضي عصران جديدان يف رلاؿ معاجلة‬
‫كحفظ كنشر كتداكؿ ادلعلومة بفضل شيوع استعماؿ احلواسيب(‪ )18‬مث االنًتنيت‪ ،‬حيث أصبح القانوف مذ ذاؾ أقرب إذل‬
‫ادلتقاضي بفعل ىذه التقنيات‪ ،‬إذ يكفي أف يتصفح الفرد ادلوقع اإللكًتكين ادلقصود‪ ،‬ليصل رمسيان إذل القواعد القانونية‬
‫ادلتوخاة يف و‬
‫كقت كجيز‪.‬‬
‫فعلى غرار النشر الورقي للقانوف ‪ -‬باعتباره خدم نة عموميةن كإجراءن رمسيان لنفاذ القانوف يف مواجهة ادلخاطبُت‬
‫بأحكامو ‪ -‬تكفلت السلطة العامة بنشره إلكًتكنيان‪ ،‬ككصل األمر يف بعض الدكؿ ذات السبق يف ىذا اجملاؿ إذل التخلي‬
‫كرست ىذه العملية فعالن إشاعة الوصوؿ إذل القانوف‬ ‫عن طباعة اجلريدة الرمسية‪ ،‬كاالعتداد باإلصدار اإللكًتكين ذلا‪ ،‬كقد َّ‬
‫نطاؽ كاسع‪ ،‬فأصبح ىذا األخَت دبقتضاىا زلموالن للناس بعد أف كاف مطلوبا(‪ ،)19‬ناىيك عن عديد ادلزايا اليت‬ ‫على و‬
‫توفرىا‪ ،‬كسرعة االطالع‪ ،‬سهولة التخزين كاالستعماؿ كاالقتصاد يف ادلاؿ كاجلهد(‪.)20‬‬
‫يف ىذا السياؽ‪ ،‬أنشأت اجلزائر موقعان إلكًتكنيان على مستول األمانة العامة للحكومة يضطلع بنشر اجلريدة‬
‫الرمسية بالصيغة اإللكًتكنية(‪ )21‬تزامنان مع نشرىا الورقي‪ ،‬حبيث يوفر للجمهور خدمة اإلطالع اجملاين على النصوص‬
‫كرسو‪ ،‬كال على النص الذم ػلدد‬ ‫القانونية‪ ،‬لكن ‪ -‬كعلى الرغم من أعليتو كدكره احليوم ‪ -‬دل نعثر على القانوف الذم َّ‬
‫القيمة القانونية للنشر فيو‪ ،‬خاصةن ك َّ‬
‫أف ادلشرع استبقى ‪ -‬عقب انشائو ‪ -‬على ادلادة الرابعة من القانوف ادلدين سالفة الذكر‬
‫دبضموهنا القاصر على النشر الورقي‪ ،‬كىو ما دفع بعض الفقو إذل القوؿ بعدـ هنوضو قرينةن على العلم بالقانوف(‪ ،)22‬يف‬
‫حُت ذىب البعض اآلخر إذل اإلقرار حبجيتو‪ ،‬فال ييعذر ادلخاطىب يف ضوئو جبهل القانوف ‪ -‬الصادر هبذه الصيغة ‪ -‬فور‬
‫ي‬
‫نشره(‪ ،)23‬كإف كنا نرجح انتهاءن طرح عدـ اعتباره نشران رمسيان إال بعد صدكر و‬
‫نص يقرره على غرار ما فعلو ادلشرع الفرنسي‬
‫(‪)24‬‬
‫‪ -‬على سبيل ادلثاؿ ‪ -‬حُت عدَّؿ ادلادة األكذل من القانوف ادلدين دبقتضى األمر ادلؤرخ يف ‪ 20‬فرباير ‪2004‬ـ‬
‫القاضي يف مادتو الثالثة بأف‪ « :‬تنشر النصوص ‪ -‬ادلشار إليها يف ادلادة ‪ 2‬يف اليوـ نفسو ‪ -‬كفق و‬
‫شركط تضمن رمسيتها‬
‫على الورؽ كيف الشكل اإللكًتكين‪ »...‬مع أف ادلوقع اإللكًتكين (‪ )Légifrance‬ادلختص يف نشر التشريع الفرنسي‬
‫يعود تاريخ إنشائو إذل سنة ‪1984‬ـ دبقتضى ادلرسوـ ادلؤرخ يف ‪ 24‬أكتوبر ‪1984‬ـ(‪.)25‬‬
‫ادليسر بفضل ىذه التقنية‪ ،‬كمع ذلك‬
‫شلا ال شك فيو أف قابلية الوصوؿ ادلادم إذل القانوف أضحت يف حكم َّ‬
‫قد ربوؿ بعض الظركؼ يف اجملتمعات النامية دكف استثمارىا على الوجو األكمل‪ ،‬تأيت يف مقدمتها زلدكدية التغطية‬
‫باإلنًتنيت كضعف تدفقها‪ ،‬نقص اإلمكانات ادلادية اخلاصة باستغالذلا لدل بعض األفراد كتدين ادلستول التعليمي لدل‬
‫البعض اآلخر‪.‬‬
‫كاحلاصل أف الوصوؿ ادلادم للقاعدة القانونية ‪ -‬على أعليتو ‪ -‬ال يفي كحده دبقتضى الولوج إليها‪ ،‬ما دل يؤازره‬
‫كصوالن فكريان ذلا‪.‬‬
‫‪4242‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫ثانياً‪ :‬الوصول الموضوعي للقانون‪ :‬يبدك أف مشكلة العلم بالقواعد القانونية ‪ -‬باعتبار العلم أساس مساءلة‬
‫كل مكلَّف ‪ -‬قد يحلَّت مبدئيان بعد أف أصبح التشريع مصدران أكالن كرئيسيان للقانوف‪ ،‬فخاصية الكتابة اليت تالزـ التشريع‬
‫ٌ‬
‫شك حوؿ كجود القاعدة القانونية‬ ‫يسب ِّكن ادلخاطب بأحكامو من الوصوؿ إليو كاإلطالع على مضمونو‪ ،‬فتجنبو بذلك كل ٍّ‬
‫كزلتواىا(‪.)26‬‬
‫فالتشريع ىو النص أك اخلطاب القانوين بامتياز‪ ،‬كلكي يكوف فكريان يف متناكؿ أكرب و‬
‫عدد شلك ون من األفراد غلب‬
‫كمثيلو‪ ،‬كأف يكوف مشبعان بثقافتو‪ ،‬كأف يكوف «مقركءن»‪ ،‬كيراد دبقركئية النص أف ؼلضع ىذا األخَت‬
‫أف يعكس قيم اجملتمع ي‬
‫لقواعد ‪ -‬مستلهمة من مبادئ مشًتكة ‪ -‬يتفق ادلختصوف على و‬
‫ثالث منها كىي‪ :‬الوضوح كالبساطة كالدقة(‪ ،)27‬لذا‬
‫(‪)28‬‬
‫كانت الصياغة عنصران مهمان من عناصر تكوين القاعدة القانونية‪ ،‬فهي اليت زبرجها إذل الواقع كعليها يتوقف صلاحها‬
‫يف الوصوؿ فكريان إذل ادلخاطب حبكمها‪.‬‬
‫و‬
‫صاحلة للتطبيق الفعلي على ضل وو‬ ‫يف موجز‪ ،‬ىي عملية ربويل خامة التشريع إذل قواعد و‬
‫عملية‬ ‫كالصياغة يف تعر و‬
‫تتحقق بو الغاية من كراء سنها‪ ،‬بأف تكوف ىذه القواعد آي نة يف الدقة كالوضوح‪ ،‬منسجمةن مع غَتىا من القوانُت‪ ،‬مفهوم نة‬
‫(‪)29‬‬
‫سن النص جلِّيان كاضحان‪ ،‬كأف‬
‫لدل ادلخاطب حبكمها‪ ،‬سهلة التفسَت كالتطبيق ‪ ،‬كعليو ينبغي أف يكوف اذلدؼ من ِّ‬
‫ملمان بادلوضوع زلل التنظيم‪ ،‬فالصياغة مهارة تقتضي سعة التصور‪ ،‬بعد النظر كالقدرة على كضع الفركض‪،‬‬ ‫يكوف الصائغ ٌ‬
‫بأف يقًتح الصائغ حلوالن للوقائع كالنوازؿ كي ال يكوف النص موضوع الصياغة معيبان بالفراغ‪ ،‬كأف يتجنب قدر ادلستطاع‬
‫تفصيل األمور ‪ -‬اليت ال تتطلب تفصيالن‪ ،‬أك تلك اليت يستوجب تفصيلها تنظيمان خاصان ‪ -‬ضمانان لطوؿ عمر النص(‪،)30‬‬
‫كأف يراعي انسجاـ ىذا األخَت مع الدستور‪ ،‬القوانُت السارية كاالتفاقيات الدكلية اليت مت االلتزاـ هبا‪ ،‬ألف ادلنظومة القانونية‬
‫نسق كاحد ال يقبل "النوتات" اخلاطئة‪.‬‬
‫أيضان‪ ،‬كدلا كانت الصياغة احلسنة نتاج ف ون لغو وم يتسم بالوضوح‪ ،‬الدقة‪ ،‬كحدية الداللة‪ ،‬كجب أف يكوف‬
‫َّ‬
‫اية ك و‬
‫اسعة باللغة اليت يصدر هبا التشريع‪ ،‬كأف يتجنب ‪ -‬عند توظيفها ‪ -‬االطناب كإطالة ادلعٌت حىت ال‬ ‫الصائغ على در و‬
‫اية بادلصطلحات كداللتها‪ ،‬كأف يستخدـ‬‫يكوف النص عرضةن للتأكيل يف مواطن ال تقبل التأكيل‪ ،‬كأف يكوف على در و‬
‫عالمات الوقف خدم نة للمعٌت‪ ،‬كاحلاصل ‪ -‬على حد تعبَت أرسطو ‪ -‬أنو « ينبغي على من يتوخى جودة الكتابة أف‬
‫كرجل حكيم‪ ،‬كحينها سيفهم اجلميع‪.)31( ».‬‬
‫كرجل عادم كأف يفكر و‬
‫يتحدث و‬
‫على أف اللغة القانونية ال تنفرد بأية خصوصية ضلوية‪ ،‬فهي ليست لغة داخل اللغة‪ ،‬كليست لغ نة فرعية للغة‪،‬‬
‫كإظلا فقط لغةن متخصصةن يف إطار اللغة ادلشًتكة(‪ ،)32‬كل ما يف األمر أف اللغة القانونية ‪ -‬شأهنا شأف نظائرىا يف رلاالت‬
‫التخصص األخرل ‪ -‬تنفرد دبفاىيمها اخلاصة كمصطلحاهتا النوعية‪ ،‬كتسعى إذل التكيف باستمرار مع التطور احلاصل عن‬
‫و‬
‫دبجاالت مثل الرقمنة‬ ‫طريق االشتقاؽ‪ ،‬أك النقل من اللغات ادلهيمنة ثقافيان‪ ،‬كما ىي حاؿ اللغة العربية اآلف فيما يتصل‬
‫كاالكتشافات احلديثة يف علم الوراثة‪.‬‬
‫و‬
‫سلاطب أمكنو الوصوؿ فكريان إليو عن طريق استيعابو‪،‬‬ ‫عود على بدء‪ ،‬يفًتض أال يعذر جبهل القانوف كل‬
‫ربديد عناصره األساسية كاالحتفاظ هبا(‪ ،)33‬بيدا أنو من غَت ادلتصور أف يتحقق فهم اخلطاب القانوين بادلعٌت العاـ‪ ،‬حىت‬
‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫خطاب ال يفهمو‬
‫ه‬ ‫كإف كاف ىذا اخلطاب يف األصل موجهان لعموـ الناس‪ ،‬ألف القانوف ‪ -‬باعتباره مادةن للمتخصصُت ‪-‬‬
‫إال رجل القانوف‪ ،‬مث إف الوضوح ال يعٍت بالتبعية أف يكوف النص بسيطان كدقيقان‪ ،‬فالقانوف ذك و‬
‫طبيعة معقدة‪ ،‬كقد يتحاشى‬
‫و‬
‫كدقيقة سلافة أف يقوض ادلبادئ ادلتضمنة فيها‪ ،‬لذلك ال ػلقق القانوف ‪ -‬حىت كإف كاف‬ ‫و‬
‫بسيطة‬ ‫سن قواعد‬
‫ادلشرع بسببها َّ‬
‫درجة و‬
‫عالية من ادلقركئية ‪ -‬إال ق ٍدران معينان من األمن القانوين‪.‬‬ ‫على و‬
‫و‬
‫ىامش من عدـ‬ ‫كما أف القانوف الواضح ال يشكل بالضركرة ضمان نة لألمن القانوين‪ ،‬ألنو ينطوم دائمان على‬
‫امكانية التوقع‪ ،‬فعندما يقوـ القاضي بتفسَت النص إلنزاؿ حكمو على النزاع‪ ،‬قد غليء ىذا التفسَت سلالفان لتوقعات‬
‫ادلتقاضي من ذات النص عند تطبيقو‪ ،‬كبالتارل فإف الوصوؿ إذل القانوف ‪ -‬على النحو الذم ذكرنا ‪ -‬ال يكفي كحده‬
‫للجزـ باكتماؿ فكرة الولوج إليو‪ ،‬ما دل يؤازره إعالـ األفراد بقواعد االجتهاد القضائي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫الوصول إلى االجتهاد القضائي‬
‫فعل على تدخل القضاء الفرنسي‪ -‬قبل الثورة ‪ -‬يف مسائل التشريع‪ ،‬نادل فالسفة القرف التاسع عشر‬ ‫كرد و‬‫ِّ‬
‫كل دكور لالجتهاد القضائي‪ ،‬كطالبوا بضركرة قصر عمل القاضي على تطبيق‬
‫كبعض مفكرم الثورة الفرنسية بوجوب إلغاء َّ‬
‫أحكاـ التشريع تطبيقان آليان‪ ،‬كىو ما عرب عنو (‪ )Montesquieu‬بقولو‪ « :‬غَت أف قضاة األمة ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬ليسوا‬
‫حوؿ ذلا على زبفيف قوتو أك شدتو‪،)34(».‬‬
‫سول الفم الذم ينطق بكلمات التشريع‪ ،‬فهم إزاءه كائنات ال حياة فيها كال ى‬
‫لكن سرعاف ما انتكس ىذا الطرح ‪ -‬مع بداية القرف العشرين ‪ -‬لصاحل نظرية البحث العلمي احلر اليت قاؿ هبا الفقيو‬
‫الفرنسي (‪ ،)François Gény‬حيث أصبح دبقدكر القاضي رلددان ‪ -‬عند غياب القاعدة القانونية ‪ -‬أف يبتدع بنفسو‬
‫مكن القضاة للقاعدة االجتهادية حىت صارت مصدران‬ ‫احلل الذم يراه مالئمان للنزاع ادلعركض أمامو(‪ ،)35‬كشيئان فشيئان َّ‬
‫عمليان للقانوف (أكالن) كصارت ‪ -‬يف أعقابو ‪ -‬غاية الوصوؿ إليها ضركرنة ملحةن إف من الناحية ادلادية (ثانيان) أك ادلوضوعية‬
‫(ثالثان)‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬الصبغة المعيارية للقاعدة االجتهادية‪ :‬لقد ىكقىػىر اليوـ كاستقر يف عقيدة األنظمة القانونية ذات النزعة‬
‫أف االجتهاد القضائي ضركرة علمية كعملية مقطوع هبا‪ ،‬كحقيقة ما انفكت طبيعة النصوص التشريعية كالعملية‬ ‫الالتينية‪َّ ،‬‬
‫القضائية ترجحها رجحانان يسمو إذل اليقُت‪ ،‬فدكر االجتهاد القضائي ال يقل أعلي نة عن دكر التشريع‪ ،‬فهو الذم يضفي‬
‫على القانوف طابعو العملي احلي‪ ،‬كيتعهده بادلتابعة كالتحيُت من منطلق قابلية القاعدة القانونية للتطور‪ ،‬فالقاضي ‪-‬‬
‫كحبكم موقعو ‪ -‬ىو أكؿ من يستشعر حاجة القانوف إذل التغيَت كالتجديد‪ ،‬كيتواله بالتفسَت إلنزاؿ حكمو على النزاع‬
‫ادلعركض عليو(‪ ،)36‬كادلقصود باالجتهاد القضائي ‪ -‬كمصد ور من مصادر القانوف يف مفهومو احلديث ‪ -‬رلموع القواعد‬
‫ادلوضوعية اليت تستنبط من استقرار أحكاـ احملاكم على و‬
‫قضاء معُت‪ ،‬مع إتباعها ذلذه القواعد يف كافة القضايا اليت تتوذل‬ ‫ي‬
‫أمر النظر فيها كلما توافرت شركط انطباقها‪ ،‬كبذلك تكتسي القاعدة اليت جرل القضاء على احًتامها خصائص القاعدة‬
‫ادلعيارية‪.‬‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫كدلا كانت القواعد االجتهادية كذلك‪ ،‬كجب على السلطة العامة إعالـ األفراد هبا عن طريق نشرىا كي تكوف‬
‫يف متناكذلم‪ ،‬فتجرم تصرفاهتم كأفعاذلم على ضل و يراعي كجهة نظر احملاكم فيها‪ ،‬كإال سقطت ادلساءلة ‪ -‬بتخلف العلم‬
‫ادلتضمنة ذلذه القواعد حبيسة رفوؼ احملاكم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫الذم يعترب أساسان ذلا ‪ -‬حاؿ بقيت األحكاـ‬
‫ثانياً‪ :‬الوصول المادي إلى القاعدة االجتهادية‪ :‬لقد كتب ادلستشار لدل زلكمة النقض الفرنسية‬
‫(‪ )Augustin-Charles Renouard‬يف عاـ ‪ 1839‬أف‪ « :‬أحكاـ كقرارات اجملالس كاحملاكم ‪ -‬سواء كانت ىذه‬
‫احملاكم مشكل نة من قاضي فرد أك عدة قضاة ‪ -‬ليست ملكان للجهات اليت أصدرهتا‪ ،‬كال للمتقاضُت الذين أثاركىا‪ ،‬إهنا‬
‫تراث للبلد بأسره‪ ،‬كيشكل إشهارىا ‪ -‬يف الوقت نفسو ‪ -‬ضمانة للمتقاضُت ككسيلة لتعليم كافة ادلواطنُت‪ .‬مضيفان‪ :‬يف‬
‫شكلت ‪ -‬يف اآلف ذاتو ‪ -‬أداة رقابة ك مصدر‬ ‫ظل التشريع القدًن‪ ،‬كاف إشهار األحكاـ كالقرارات ؼلضع ألذكف مسبقة‪َّ ،‬‬
‫احتكار»(‪.)37‬‬
‫لقد بدأت فكرة الوصوؿ إذل القاعدة االجتهادية تكتسي أعليةن متزايد نة يف السنوات األخَتة ‪ -‬خاص نة على‬
‫مستول دكؿ االرباد األكركيب ‪ -‬تأسيسان على مبدأ حرية تبادؿ ادلعلومات كاحلصوؿ عليها‪ ،‬ادلنصوص عليو يف ادلادة ‪10‬‬
‫من االتفاقية األكركبية حلقوؽ اإلنساف(‪ ، )38‬كىو ما ترصبتو زلكمتا حقوؽ اإلنساف كالعدؿ األكركبيتُت يف اجتهادعلا‪ ،‬على‬
‫اعتبار أف القرارات كاألحكاـ القضائية باتت من قبيل ادلعطيات العمومية اليت تستلزـ النشر‪ ،‬كأف الوصوؿ إليها من قًبل‬
‫عموـ األفراد يرسخ الثقة يف العدالة‪ ،‬كيذلل السبيل أماـ ادلتقاضي للعلم هبا كقواعد معيارية‪ ،‬فهي قطعان تكتسي ىذه‬
‫الصبغة مىت كانت توقعيةن‪ ،‬مستقرنة كمن السهل الوصوؿ إليها كي يتمكن الفرد من مواءمة سلوكو كفقان ذلا(‪.)39‬‬
‫كخدمة عمومية‪ ،‬تبنت الدكؿ نفس السياسة يف شأف نشر االجتهاد‬ ‫و‬ ‫أيضان كعلى غرار نشر القاعدة التشريعية‬
‫القضائي‪ ،‬حيث أصبح الوصوؿ إليو ‪ -‬يف ظلها ‪ -‬أسهل بكثَت عما كاف عليو يف ادلاضي(‪ ،)40‬كىو ما صرح بو رللس‬
‫الدكلة الفرنسي يف حكمو الصادر بتاريخ ‪ 17‬ديسمرب ‪1997‬ـ بالقوؿ‪ ... « :‬أف توفَت كتعميم نشر النصوص‪،‬‬
‫القرارات كالوثائق القانونية ‪ )...( -‬يف ظركؼ مالئمة تطبق دكف حصرية أك سبييز (‪ )...‬كتليب متطلبات ادلساكاة يف‬
‫الوصوؿ‪ ،‬كاحلياد كادلوضوعية الناشئة عن طبيعة ىذه النصوص ‪ -‬يشكل بطبيعتو خدم نة عامةن يكوف من مسؤكلية الدكلة‬
‫ضماف أدائها على النحو الصحيح‪.)41(».‬‬
‫من ىذا ادلنطلق‪ ،‬أصبح من السهل ‪ -‬خاص نة يف ظل كجود االنًتنيت كتضاعف الدكريات ادلتخصصة ‪ -‬الولوج‬
‫إذل ادلعلومة القانونية عامةن‪ ،‬كاكتسى االجتهاد القضائي احلديث خصائص تؤىلو دلنافسة التشريع من حيث احلفظ‬
‫(‪)42‬‬
‫بل كصار معركفان على قدـ ادلساكاة معو‪.‬‬ ‫كالنشر‬
‫أما يف اجلزائر فقد بيوشرت ىذه العملية منذ سنة ‪ 1965‬كتلقفها ادلشرع بالتنظيم من خالؿ القانوف رقم‬
‫‪ ، )43(22/89‬حيث عهد إذل احملكمة العليا مهمة نشر االجتهاد القضائي عن طريق رللة أنشئت دبوجب ادلرسوـ‬
‫التنفيذم ‪ ،)44(141/90‬ليعاد تأطَتىا تشريعيان دبقتضى ادلادة ‪ 5‬من القانوف العضوم رقم ‪ )45(12/11‬اليت نصت على‬
‫أنو‪ « :‬تعمل احملكمة العليا على نشر قراراهتا ككذا التعليقات كاألحباث القانونية كالقضائية‪ ».‬كأحالت شركط تطبيقها إذل‬

‫‪4224‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫التنظيم‪ ،‬كىو ما جاء بو ادلرسوـ التنفيذم رقم ‪ 268/12‬ادلؤرخ يف ‪ 23‬جواف ‪2012‬ـ(‪ )46‬احملدد لشركط ككيفيات نشر‬
‫القرارات‪ ،‬التعليقات كاألحباث القانونية كالقضائية للمحكمة العليا‪.‬‬
‫إذل جانب ذلك تكفل رللس الدكلة من جهتو بنشر القرارات الصادرة عنو عمالن بأحكاـ ادلادة ‪ 8‬من القانوف‬
‫العضوم رقم ‪ ،)47(01/98‬اليت تنص على أنو‪ « :‬ينشر رللس الدكلة قراراتو كيسهر على نشر كل التعاليق كالدراسات‬
‫القانونية‪.».‬‬
‫أيضان‪ ،‬كرغبةن منها يف نشر ادلعلومة االجتهادية على نطاؽ كاسع‪ ،‬استخدمت السلطات العامة يف اجلزائر‬
‫تكنولوجيا االعالـ كاالتصاؿ لتحقيق ىذا الغرض‪ ،‬حيث أنشأت موقعُت إلكًتكنيُت أحدعلا خاص دبجلس الدكلة(‪، )48‬‬
‫كالثاين تابع لوزارة العدؿ ربت تسمية "بوابة القانوف اجلزائرم"(‪.)49‬‬
‫كمع ذلك ال تزاؿ ىذه العملية بشقيها الورقي كاإللكًتكين دكف ادلستول ادلطلوب من حيث الفاعلية‪ ،‬إذ يبقى‬
‫(‪)50‬‬
‫كيعزل ذلك يف تقديرنا إذل سوء تنظيمها‪ ،‬فباإلضافة إذل غياب النص‬ ‫االجتهاد القضائي رلهوالن يف أغلب اجملاالت‬
‫ادلؤطر للنشر االلكًتكين‪ ،‬جاءت النصوص ادلتعلقة بنشر االجتهاد القضائي ‪ -‬السابق ذكرىا ‪ -‬مقتضب نة على كجو‬
‫العموـ‪ ،‬حيث أغفلت ضبط اآلجاؿ اليت يتعُت خالذلا نشر األحكاـ‪ ،‬كما غضت الطرؼ عن ربديد نوعية األحكاـ‬
‫ادلقصودة بالنشر‪ ،‬كالذم يفًتض فيو أف ينصب على قواعد اجتهادية سبأل فراغان تشريعيان أك تفسر نصان غامضان أك تكمل‬
‫آخر ناقصان‪ ،‬ال أف يتناكؿ أحكامان صارت من قبيل القضاء ادلستقر‪ ،‬أك تلك اليت تتضمن اجتهادان متَّ العدكؿ عنو‪ ،‬كمن‬
‫باب أكذل القرارات اليت تتضمن اجتهادين قضائيُت متعارضُت(‪.)51‬‬
‫كل كخبالؼ ما ىي احلاؿ عليو يف الكثَت من الدكؿ النامية أصبح االجتهاد القضائي يف اجملتمعات‬ ‫على و‬
‫احلديثة يشكل رافدان من ركافد القانوف‪ ،‬كبلغ شأكان عظيمان من حيث تنظيم نشره كإتاحة الوصوؿ إليو كصوالن ماديان‪ ،‬مع‬
‫السعي الدؤكب لتذليل الولوج إليو فكريان‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الوصول الموضوعي لالجتهاد القضائي‪ :‬إذا كانت القرارات كاألحكاـ القضائية متاح نة كمن السهل‬
‫كقت مضى ‪ -‬السيما يف اجملتمعات احلديثة كما سبق القوؿ ‪ -‬فإف ذلك ال يعٍت‬ ‫الوصوؿ إليها ماديان أكثر من أم و‬
‫بالضركرة أف الولوج الفكرم إليها أصبح على نفس القدر من اليسر‪ ،‬فاالجتهاد القضائي ‪ -‬شأنو شأف قواعد القانوف ‪-‬‬
‫ال ؽلكنو بأية و‬
‫حاؿ أف يكوف فكريان يف متناكؿ اجلميع‪ ،‬كال يتهيأ ‪ -‬يف الغالب األعم ‪ -‬لغَت ادلتخصصُت الوصوؿ إذل‬
‫مضمونو‪ ،‬بل كيتعذر أحيانان حىت على ىؤالء إدراؾ ىذه الغاية(‪ ،)52‬كيعزل ذلك يف األساس إذل الطابع ادلعقد كالصياغة‬
‫اخلاصة اليت تتميز هبا القرارات كاألحكاـ القضائية‪ ،‬فعلى غرار التشريع ‪ -‬بل كأكثر منو ‪ -‬يعتمد االجتهاد القضائي على‬
‫أدؽ العمليات الذىنية(‪ ،)53‬كما ترهتن إذل و‬
‫حد بعيد جبوانب شخصية القاضي‪ ،‬كتتأثر بتكوينو‬ ‫عرب عن ِّ‬ ‫لغة و‬
‫نوعية خاصة تي ِّ‬
‫العلمي‪ ،‬القضائي كالثقايف(‪ ،)54‬لذلك تنفرد القواعد االجتهادية بكوهنا قانوف متخصصُت أكثر من القانوف ذم ادلنشأ‬
‫التشريعي‪.‬‬
‫يضاؼ إليو‪ ،‬أف قضاء النقض كثَتان ما يطرح يف اجتهاده مفهومان معينان دكف أف يضع لو تعريفان حديان‪ ،‬أك يقرر‬
‫ُّق ادلتقاضي من كجود ادلبدأ على‬‫وؿ انتهاء دكف ىربق ً‬
‫نتيجةن من غَت أف يسوؽ معها ادلبدأ الذم قامت عليو‪ ،‬كىو ما ىػلي ي‬
‫ن‬
‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫كجو الدقة‪ ،‬كيػىعيوقيوي عن ربديد ادلفهوـ على ضل وو يقيٍت‪ ،‬كبالتارل إضعاؼ قدرتو على التنبؤ بالنظر دلا يتمتع بو قضاة‬
‫سلطة تقدير وية عند تصديهم لضبط ادلفهوـ زلل االجتهاد‪ ،‬كتفاكت تفسَتاهتم بشأنو‪ « ،‬فاألفكار غَت احملددة‬
‫ادلوضوع من و‬
‫تسبب توعكان يف نطاؽ العلوـ القانونية »(‪ ،)55‬خاصة عندما تكوف ادلفاىيم غَت منضبطة كضبالة أكجو(‪.)56‬‬
‫كقد ػلدث أيضان‪ ،‬أف يبتدع االجتهاد القضائي قاعد نة غَت زلددة النطاؽ أك غامضة ادلعٌت(‪ ،)57‬دبناسبة تراجعو‬
‫بُت كزلدد‪ ،‬حينها ستكوف القاعدة االجتهادية اجلديدة مثار إشكاالت طارئة يستحيل على ادلتقاضي بناء‬ ‫قدًن ِّ و‬ ‫عن و‬
‫قضاء و‬
‫توقعاتو يف ضوئها‪ ،‬كالواقع أنو ال مناص ‪ -‬كاحلالة ىذه ‪ -‬من اإلقرار دبا للعمل الفقهي من دكور فعاؿ يف استجالء دكافع‬
‫الًتاجع عن االجتهاد ادلنقضي‪ ،‬كتبياف دخائل العدكؿ عنو‪ ،‬كمع ذلك قد يكوف التعقيب الفقهي بدكره مصدر و‬
‫لبس‬
‫حينما يفسر احلل ادلطركح تفسَتان مغايران دلا اذبهت إليو إرادة القاضي عند كضعو‪.‬‬
‫أف العدكؿ عن االجتهاد القضائي ال يعد سببان من أسباب تعذر الوصوؿ الفكرم إذل القاعدة‬ ‫كاحلاصل َّ‬
‫االجتهادية فحسب‪ ،‬بل أصبحت ىذه األخَتة ‪ -‬كبسبب العدكؿ عنها ‪ -‬مصدران و‬
‫لقانوف غَت مستقر‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫استقرار قاعدة االجتهاد القضائي‬
‫ادل ٍستى ًق ير « ‪ » Stable‬ىو ادلستمر‪ ،‬الذم يظل على نفس احلالة‪ ،‬مستدامان كدائما(‪ ،)58‬كلعل خَت و‬
‫دليل على‬
‫ي‬
‫اتساـ القواعد القانونية بق ٍد ور من الدكاـ كاالستمرارية ما يثَته تعاقبها من حيث الزمن(‪ ،)59‬فهذه صفة تنم ‪ -‬بال ريب ‪-‬‬
‫معدالن ذلذا األخَت‪ ،‬كىو ما‬
‫عن استقرارىا كثباهتا النسيب (الفرع األكؿ) يف مقابل ذلك غليء العدكؿ يف االجتهاد القضائي ِّ‬
‫يعٍت ‪ -‬بداىةن ‪ -‬ادلساس باستقراره (الفرع الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫استقرار القاعدة القانونية‬
‫يتعُت التمييز يف ىذا ادلوضع بُت استقرار القاعدة القانونية من حيث الشكل (أكالن) كاستقرارىا من حيث‬
‫ادلضموف أك احملتول (ثانيان)‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬من حيث الشكل‪ :‬يراد باالستقرار الشكلي للقواعد القانونية سكوف طريقة عرضها‪ ،‬فنكوف ‪ -‬دبفهوـ‬
‫ادلخالفة ‪ -‬إزاء عدـ استقرا ور يف شكل القاعدة عندما تتبدؿ كيفية عرضها‪ ،‬شريطة االحتفاظ دبحتواىا كعدـ ادلساس‬
‫دبصدرىا األصلي(‪ ،)60‬كأف يتم تقنينها‪ ،‬فعملية التدكين ‪ -‬يف ىذا ادلقاـ ‪ -‬ال تنصب على تعديل النص يف مضمونو‪ ،‬بل‬
‫تتناكؿ تغيَت طريقة عرضو‪ ،‬هبدؼ تذليل الولوج إليو فكريان‪ ،‬كمع ذلك قد يقف عدـ االستقرار الشكلي ‪ -‬كفق ىذا‬
‫التصور ‪ -‬مانعان دكف إدراؾ ىذه الغاية‪ ،‬ألف ادلتلقي ادلتخصص ينساؽ أكؿ األمر ‪ -‬كحبكم العادة ‪ -‬إذل التعامل مع‬
‫النص يف ثوبو القدًن باعتباره مألوفان(‪ ،)61‬ناىيك عن أف النص قد ييغَت من معناه بالنظر إذل تبويبو أك موقعو يف‬
‫التقنُت(‪ ،)62‬لذا ينبغي دائمان االحًتاس من التعديل الشكلي الذم يتبدَّل دبظهر التغيَت احملايد‪ ،‬بينما ػلمل يف طياتو عدـ‬
‫استقرا ور يمبطَّ ون قد يتسبب يف تصحيف ادلعٌت احلقيقي للقاعدة‪ ،‬يف ادلقابل قد ييزعزع االستقرار الشكلي ‪ -‬من جهتو ‪-‬‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫مضموف القانوف كػلد من فرص الوصوؿ إليو‪ ،‬كما ىي حاؿ القاعدة اليت نأت بنفسها عن التغيَت ‪ -‬كتلقفها االجتهاد‬
‫القضائي بالتطوير ‪ -‬حىت صارت عاجزنة عن تصدير معناىا احلقيقي يف شكلها التشريعي (‪.)63‬‬
‫كاحلاصل أف تعديل شكل القاعدة قد يولِّد آثاران عميقةن يف غَت صاحل استقرار القانوف‪ ،‬إال أف ىذا األخَت ‪-‬‬
‫كحبكم الغالب ‪ -‬ينصرؼ عند اطالقو للداللة على استقرار القاعدة موضوعيان‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬من حيث الموضوع‪ :‬يينظِّم القانوف بقواعده سلوؾ كعالقات األشخاص داخل اجملتمع‪ ،‬كىو إذ يقوـ‬
‫بذلك إظلا ػلدد يف الوقت ذاتو ادلصاحل ادلشركعة لكل شخص‪ ،‬كيعًتؼ لو ‪ -‬من أجل ربقيقها ‪ -‬بً يس ٍلطىًة يمبى ى‬
‫اشىرةً بعض‬
‫حدكد معينة‪ ،‬ىذه السلطات اليت يعًتؼ هبا القانوف ربقيقان للمصاحل ادلشركعة تسمى حقوقا‪ ،‬بينما تسمى‬ ‫و‬ ‫األعماؿ يف‬
‫القواعد اليت أنتجتها بالقانوف ادلوضوعي‪ ،‬فالصلة بينهما كثيقة‪ ،‬ألف احلقوؽ تتولد عن القانوف كىي مشركطة بو‪ ،‬لذا‬
‫يًتتب على استقراره (أ) استقرارىا (ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬استقرار مضمون القاعدة‪ :‬ؽلكننا التمييز يف ىذا ادلقاـ بُت مستويُت من االستقرار‪ ،‬يتعلق األكؿ منهما‬
‫بوجوب احًتاـ مبدأ تدرج القوانُت‪ ،‬بأف تنأل القاعدة الدنيا بنفسها عن ادلساس بادلبادئ ادلقررة يف التشريعات األعلى‬
‫منها درجة‪ ،‬كيف ذلك ربصُت للقاعدة األمسى من االنتهاؾ‪ ،‬كتنزيو لألدىن مرتب نة من التطاكؿ عليها بالتعديل‪ ،‬طلبان‬
‫النسجاـ ادلنظومة القانونية كاستقرارىا(‪.)64‬‬
‫بينما ينصرؼ االستقرار يف شقو الثاين إذل التزاـ اجلهة ادلخوؿ ذلا تعديل القاعدة القانونية باإلمساؾ عن تغيَت‬
‫مضموهنا قدر ادلستطاع‪ ،‬ألف ىذه األخَتة تكتسب ق ٍدران كبَتان من قيمتها بفعل استقرارىا كاستمرار تطبيقها‪ ،‬إذ يضفي‬
‫عليها عنصر الزمن ىالةن من السلطة كالنفوذ كالشرعية مىت أفلتت من الوقوع ربت طائلة اإلعلاؿ بطبيعة احلاؿ‪« ،‬‬
‫فالقانوف‪ ،‬الذم يكتسب قيمتو من االستمرارية‪ ،‬ػلوز ‪ -‬يف اآلف ذاتو ‪ -‬على شرعيتو منها‪ « ،)65(».‬فمن غَت ادلتصور أف‬
‫يكوف القانوف شيئا آخر سول النظاـ كاالستمرارية‪ ،)66(»...‬كبالتارل ليس ىناؾ أكثر نيالن من احًتاـ فكرة القانوف‬
‫كتعارضان معها‪ ،‬من عدـ االستقرار التشريعي كالقانوين‪ ،‬فالقانوف ىو اذليكل الصلب للمجتمع اإلنساين‪ ،‬فال ينبغي ادخاؿ‬
‫و‬
‫تعديالت عليو إال إذا كانت مناسبةن بعد الدراسة ادلتأنية كعمق التأمل(‪ ،)67‬ذلك أف اجملتمع ‪ -‬كفق ىذا الرأم ‪ « -‬ال‬
‫يعيش إال من خالؿ اتساقو كاستمراريتو‪ ،‬لذا كاف رلرد ادلساس باستمرارية القانوف يشكل بائقةن يف حد ذاتو‪.)68(».‬‬
‫على النقيض من ذلك يرل الغالبية أف اجلمود نقيصةه تناؿ من قيمة القاعدة القانونية‪ ،‬كأف التغيَت سبب‬
‫لتطورىا‪ ،‬لذا من ادلفًتض أف غليء القانوف اجلديد ‪ -‬على الدكاـ ‪ -‬أجود بكث وَت من ادلنقضية كاليتو‪ ،‬كىو ما يرمي إليو‬
‫كاضع النص ‪ -‬بال ريب ‪ -‬عند التفكَت يف سنو‪ ،‬كبُت ىذا كذاؾ يرل فريق ثالث أال فائدة تيرجى من كراء ىذه اجلدلية‬
‫برمتها(‪.)69‬‬
‫كالواقع أنو ال ينبغي التقاط مصطلح االستقرار ‪ -‬يف ىذا ادلقاـ ‪ -‬دبدلولو العاـ‪ ،‬فهو ال يعٍت قطعان أف تظل‬
‫القاعدة القانونية جامدةن زلصنةن من كل تغيَت‪ ،‬بل على العكس من ذلك يتعُت عليها مالحقة التطور بغية التكيف مع‬
‫أكضاع كقضايا اجملتمع الذم تطبق فيو(‪ ،)70‬ألف التغيَت ال يعٍت بالضركرة عدـ استقرار القاعدة القانونية إال إذا زاد عن‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫حده ادلطلوب(‪ ، )71‬كاحلاصل أف ادلقصود باالستقرار القانوين‪ ،‬ىو ذلك االستقرار القابل للتطور‪ ،‬شريطة أف يكوف ىذا‬
‫التطور ضركريان كدقيقان‪.‬‬
‫بتعبَت أدؽ‪ ،‬يقتضي تطبيق القانوف من حيث الزمن لزكـ التفرقة بُت احلاجة إذل األمن القانوين‪ ،‬كاحلاجة إذل‬
‫الرقي االجتماعي‪ ،‬فاألمن القانوين يفًتض أال غليء القانوف اجلديد للمساس بتوقعات األفراد(‪ ،)72‬كأى ٍف تي ِّ‬
‫شكل القاعدة‬
‫القانونية تطورا‪ ،‬كأى ٍف يرب ًقق أكرب ق ٍد ور من العدالة‪ ،‬كىو ما يربر مبدأ التطبيق الفورم ذلا‪ ،‬لذا من الطبيعي أال تًتتب أية‬
‫يجة حالٌوة بالنسبة للفرد جراء عدـ استقرار القانوف‪ ،‬كمع ذلك قد ييولِّد لديو شعوران بانعداـ األمن القانوين(‪،)73‬‬‫نت و‬
‫الستهدافو تغيَت حقوؽ األفراد كالتزاماهتم يف ادلستقبل‪.‬‬
‫ب‪ -‬استقرار الحقوق‪ :‬من البديهي أف يؤدم استقرار القانوف ادلوضوعي إذل استقرار احلقوؽ‪ ،‬ألهنا تيس ى‬
‫تمد‬
‫منو كتتطور بتطوره‪ ،‬فكلما تغَت القانوف كلما اضطربت احلقوؽ ادلتولدة عنو‪ ،‬كاضطرب معها توقع األفراد‪ ،‬كيف ذلك‬
‫مساس باألمن القانوين‪.‬‬
‫لذا كطلبان لالستقرار القانوين متَّ اعتماد بعض اآلليات التشريعية لتثبيت احلقوؽ كادلراكز القانونية ادلهددة كغَت‬
‫ادلؤكدة‪ ،‬على غرار التقادـ كمبدأ عدـ رجعية القوانُت‪ ،‬كيندرج استقرار احلقوؽ ‪ -‬كما ىي احلاؿ بالنسبة الستقرار القانوف‬
‫ادلوضوعي‪ -‬يف إطار مقار وبة تربط القانوف بفكرة الزمن‪ ،‬فعنصر االستقرار يغل ِّسد ‪ -‬يف كلتا احلالتُت ‪ -‬االستمرارية عند‬
‫النظر إذل ادلستقبل‪ ،‬كعدـ التشكيك فيما ىو مكتسب عند االلتفات إذل ادلاضي(‪.)74‬‬
‫تصرؼ قضائي لعدـ‬ ‫و‬ ‫َّأما بالنسبة للتقادـ‪ ،‬فإما أف يكوف يمكسبان أك مسقطان حلق‪ ،‬أك سببان يف انقضاء و‬
‫عمل أك‬
‫شلارستو‪ ،‬عقب مركر فًتةو و‬
‫زمنية و‬
‫معينة يف ظل الشركط اليت ػلددىا القانوف(‪ ،)75‬فبواسطة التقادـ ادلكسب ػلرز الفرد بأث ور‬
‫حالة ك و‬
‫اقعية يف الزمن مت‬ ‫رجع وي ‪ -‬كيف غياب سند ادللكية ‪ -‬حقان عينيان بسبب احليازة الطويلة‪ ،‬فعن طريق رلرد امتداد و‬
‫تثبيت حق ادللكية‪ ،‬كبالتارل ضماف استقرار ىذه الوضعية جبعلها زلصنةن من النزاع فور استيفائها للشركط القانونية‪،‬‬
‫و‬
‫تصرؼ‬ ‫حبق و‬
‫ثابت أك مباشرة‬ ‫و‬
‫زلددة تسقط بفواهتا ادلطالبة ٍّ‬ ‫ككذلك التقادـ ادلسقط الذم يقوـ بدكره على مركر م ٌد وة‬
‫قضائي طلبان الستقرار ادلراكز القانونية‪ ،‬كيف كال الفرضُت يستمد القانوف ادلوضوعي تأثَت االستقرار من الواقع‪ ،‬كيتبناه‬
‫ليضفي على ىذه األكضاع استقراران قانونيا(‪.)76‬‬
‫كىو ما ينطلي أيضان على مبدأ عدـ الرجعية‪ ،‬الذم ؽلنع احلكم على مركز قانوين ‪ -‬تشكل يف ظل قاعدة‬
‫قانونية قدؽلة ‪ -‬دبوجب قاعدة قانونية جديدة دل تكن موجود نة كقت الوقائع‪ ،‬فهو يضمن احًتاـ ادلاضي كػلصنو من‬
‫التهمة أك االدعاء عليو من خالؿ فرضيات غَت متوقعة‪.‬‬
‫كمع أف ادلقصود يف ىذا ادلقاـ ليس استقرار ا لقانوف يف حد ذاتو‪ ،‬كإظلا استتباب احلقوؽ كادلراكز الفردية ادلتولدة‬
‫عنو‪ ،‬إال أف ىذه األخَتة فرضت ‪ -‬كحبكم الواقع ‪ -‬على القانوف ضركرة التكيف معها‪ ،‬كىو ما يصب انتهاءن يف صاحل‬
‫االستقرار الذم يتوخاه القانوف‪.‬‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫الفرع الثاني‬
‫عدم استقرار القاعدة االجتهادية‬
‫كما ىو الشأف بالنسبة للقواعد القانونية ينبغي التمييز ىنا أيضان بُت استقرار القواعد االجتهادية من حيث‬
‫الشكل (أكالن) كاستقرارىا من حيث ادلضموف (ثانيان)‪.‬‬
‫أ‪ -‬االستقرار الشكلي‪ :‬على غرار القاعدة القانونية‪ ،‬قد تكوف القاعدة االجتهادية بدكرىا زلالن لعدـ استقرا ور‬
‫شكل وي بأف تتغَت طريقة عرضها‪ ،‬كأف يتم ترسيخها تشريعيان‪ ،‬على ضلو ما فعلو ادلشرع الفرنسي مؤخران عند تعديلو للقانوف‬
‫و‬
‫اجتهادية يف السنوات القليلة‬ ‫ادلدين(‪ ،)77‬حيث تلقف بالتدكين أبرز ما استقرت عليو زلكمة النقض الفرنسية من و‬
‫حلوؿ‬
‫كصبِّ ًو يف و‬
‫قالب تشريع وي بعد إعادة‬ ‫ادلاضية‪ ،‬فعدـ االستقرار الشكلي ىنا ينبٍت على اعتماد ادلشرع لالجتهاد القضائي‪ ،‬ى‬
‫صياغتو دبا يتفق كمظهره اجلديد‪ ،‬كبالتارل فإف التغَت ‪ -‬كاحلالة ىذه ‪ -‬دل يىطى ٍل مادة القاعدة‪ ،‬كإظلا أنصب على كيفية‬
‫عرضها‪ ،‬بغرض إتاحتها كتذليل الوصوؿ إليها‪ ،‬ألف فرص الولوج ادلادم إذل القاعدة التشريعية أكثر ربققان منو بالنسبة‬
‫للقاعدة االجتهادية‪ ،‬كما أضفى ادلشرع على ىذه األخَتة ‪ -‬دبقتضى تدخلو ‪ -‬صبغة القاعدة احملققة اليت ال ًمراء فيها‪،‬‬
‫بل كأصبحت زلصنةن ‪ -‬هبذا الوصف ‪ -‬من العدكؿ عنها‪ ،‬كمن شلاطلة كميل اجلهات القضائية الدنيا للتأثَت عليها أك‬
‫اإلطاحة هبا(‪ ،)78‬فصالبة التشريع ‪ -‬يف ىذا الفرض ‪ -‬ىي اليت صنعت استقرار القاعدة بإخراجها من دائرة االجتهاد‬
‫القضائي ذم الطابع ادلرف‪ ،‬لذا من ادلفًتض أف يكوف التعديل الشكلي للقاعدة مدعا نة الستقرار مضموهنا‪.‬‬
‫كإف كنا نرجح انتهاءن أف عملية التغيَت ىذه ‪ -‬اليت انتقل دبوجبها االجتهاد القضائي إذل مصاؼ التشريع ‪ -‬ال‬
‫أف ىذه األخَتة انسلخت من‬ ‫ادلرسخة‪ ،‬أم َّ‬
‫تعترب من قبيل التعديل الشكلي‪ ،‬ألهنا أتت على ادلصدر األصلي للقاعدة َّ‬
‫يعية و‬
‫صرفة ال عالقة ذلا باالجتهاد القضائى عدا كونو مصدران ماديان ذلا‪ ،‬لذا‬ ‫مصدرىا كانقلبت بفعل التدكين إذل و‬
‫قاعدة تشر و‬
‫فال معٌت إلثارة استقرار القاعدة االجتهادية يف جانبها الشكلي‪ ،‬ألف ادلقصود يف كل األحواؿ استقرارىا ادلوضوعي‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستقرار الموضوعي‪ :‬الغالب أف االجتهاد القضائي ذك و‬
‫طبيعة مستقرة‪ ،‬كبغَت ىذه الصفة ال ؽلكن‬
‫اعتباره مصدران للقانوف‪ ،‬كمع ذلك قد تعًتيو مسة عدـ االستقرار من كجهُت‪ ،‬يتعلق أكالعلا بطريقة تكوينو‪ ،‬كيف كنفها يثور‬
‫التساؤؿ حوؿ اللحظة اليت يستويف فيها االجتهاد القضائي خاصية استقراره‪ ،‬بينما ينصرؼ الوجو الثاين إذل طبيعتو‬
‫التطورية‪ ،‬فهو يتحرؾ باستمرار‪ « ،‬كمن غَت ادلمكن أف يظل ثابتان يف حالة من اجلمود ادلهلك‪ ،)79(».‬لذا من الطبيعي أف‬
‫يكوف العدكؿ عنو مالزمان لو‪ ،‬كىو ما ينطلي على السابقة القضائية حىت يف ظل أنظمة القانوف العاـ‪ ،‬فهي كعلى الرغم‬
‫من اتصافها بطابع االستقرار‪ ،‬إال أهنا غَت و‬
‫ثابتة إذل درجة اجلمود(‪.)80‬‬
‫كل‪ ،‬ينبغي على القاضي ‪ -‬لبلوغ القرار العادؿ ‪ -‬أف يراعي ظركؼ كمعطيات اللحظة اليت يباشر فيها‬ ‫على و‬
‫و‬
‫اجتهادية جديدة‬ ‫عملية التفسَت سباشيان مع التطورات احلاصلة داخل اجملتمع‪ ،‬كىو ما يعٍت ‪ -‬بالنتيجة ‪ -‬ظهور قاعدة‬
‫تفرض على ادلتقاضي تعديل توقعو كفقان لتوجهها‪ ،‬على الرغم من أف القاعدة التشريعية اليت بيًٍت عليها ىذا التوقع ال زالت‬
‫ساريةن تراكح مكاهنا‪ ،‬كعليو ؽلكننا القوؿ إف القاعدة القضائية اليت نالت ‪ -‬بفعل تطورىا ‪ -‬من توقع الفرد‪ ،‬ستناؿ ‪-‬‬
‫بادلوازاة معو ‪ -‬من فكرة األمن القانوين‪ ،‬باعتبار التوقع ادلشركع ضلعان من أضلع ىذا األخَت‪.‬‬
‫‪4224‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫فضالن عن ذلك‪ ،‬فإف القاضي لن يستطيع أداء مهمتو على الوجو األكمل إذا اقتصر دكره على "قوؿ القانوف‬
‫فقط"‪ ،‬ألف الزمن سيعفو ‪ -‬حينها ‪ -‬على قواعد التشريع جبمود االجتهاد ادل ىح ِّ ً‬
‫ُت ذلا‪ ،‬كال سبيل لتعديلها إال بواسطة‬
‫ي‬
‫ادلشرع ادلعركؼ ببطء تدخلو‪ ،‬لذا كاف العدكؿ القضائي احلل األكثر مالءم نة لتحيينو‪ ،‬ألف « القانوف ادلدكف لن يستمر‬
‫حيان إال إذا حفزتو حركة دائمة من التحديث‪.)81(».‬‬
‫ىذا كتشًتؾ القاعدة االجتهادية مع نظَتهتا التشريعية يف كوهنما متطورتُت‪ ،‬كغَت مقيدتُت للقاضي كادلشرع على‬
‫حل من اإلبقاء عليو‪ ،‬كذلك األمر بالنسبة لالجتهاد‪ ،‬الذم ؽللك‬ ‫التوارل‪ ،‬فعندما يسن ىذا األخَت نصان يكوف يف ٍّ‬
‫القاضي سلطة تغيَته أك التخلي عنو‪ ،‬أما عن كتَتة التعديل فهي ال زبتلف يف احلالتُت‪ ،‬كإف كاف التعديل يف االجتهاد‬
‫القضائي غَت شائ وع كنادر الوقوع مقارن نة مع تعديل أك إلغاء القوانُت‪ ،‬خاص نة يف البيئة التشريعية ادلتقلبة اليت تعيشها‬
‫اجملتمعات ادلعاصرة(‪ ،)82‬كأما عن مستول التوقع‪ ،‬فال شك أنو أضعف يف نطاؽ العدكؿ ‪ -‬الذم يتسم بالطابع ادلباغت‬
‫نقاش كإشها ور قبل اعتماده‪.‬‬
‫‪ -‬عنو بالنسبة للتشريع الذم يكوف موضع و‬
‫المطلب الثالث‬
‫خطر إخالل القاعدة االجتهادية والعدول عنها بالتوقع المشروع‬
‫القانوف العادؿ‪ ،‬ىو القانوف الذم يهيئ لألفراد إمكانية بناء توقعاهتم ادلشركعة على أساس قواعده ادلوجبة كقت‬
‫بناء ىذه التوقعات (الفرع األكؿ) غَت أف العدكؿ عن االجتهاد القضائي ‪ -‬ذك الطابع ادلباغت كادلفاجئ كالعارم من‬
‫عنصر العلم ادلسبق بو ‪ -‬غليء بصفاتو ىذه يزلبًطان لتوقعات األفراد (الفرع الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫التوقع المشروع في نطاق القانون‬
‫ادل ىتوقَّ يع اسم مفعوؿ لفعل "تىػ ىوقَّ ىع"‪ ،‬كيطلق لغةن للداللة على الًتقب‪ ،‬كأف يقاؿ‪ :‬توقع الشخص األمر‪ ،‬إذا ترقبو‬
‫ي‬
‫ُت يف ادلستقبل بناءن على مقدمات يف احلاضر(‪ ،)84‬أم «‬
‫كانتظر حدكثو(‪ ،)83‬فالتوقع إذف‪ ،‬ىو التنبؤ حبدكث أم ور مع و‬
‫حارل للمستقبل‪.)85(».‬‬ ‫سبثيل ه‬
‫ه‬
‫أما التوقع اصطالحان فَتاد بو إحجاـ السلطات العامة عن إصدار النصوص كالقياـ بالتصرفات ادلباغتة اليت من‬
‫شأهنا ادلساس دبا استقر يف نفوس األفراد كاطمأنوا إليو كتصرفوا على أساسو(‪ ،)86‬كقد أضيف إذل التوقع قيد ادلشركعية‬
‫حلصره يف نطاؽ األمن القانوين‪ ،‬فال ينصرؼ إذل غَته مىت جاء مقًتنان هبذا التنبيو‪ ،‬فالتوقع ادلشركع إذف‪ ،‬يقتضي أال‬
‫تصطدـ تنبؤات األفراد ‪ -‬ادلبنية على أسس موضوعية ‪ -‬دبا يصدر على ضل وو مفاجئ من سلطات الدكلة يف صورة قوانُت‬
‫(‪)87‬‬
‫كعرفو رللس الدكلة الفرنسي بكونو‪ « :‬مبدأ يفرض عدـ اإلخالؿ بالثقة اليت كضعها األفراد ‪ -‬بصفة‬ ‫كلوائح ‪ ،‬ىذا َّ‬
‫مشركعة كمؤسسة ‪ -‬يف ثبات مركز قانوين‪ ،‬كذلك بالتعديل ادلباغت لقواعد القانوف »(‪ ،)88‬أم أنو آلية ضبائية يف مواجهة‬
‫تغيَتات التنظيم ادلفاجئة بدكف تدابَت انتقالية مناسبة‪.‬‬
‫تصرؼ و‬
‫سابق صاد ور عن‬ ‫و‬ ‫يستشف شلا سبق‪ ،‬كجوب توافر ثالثة و‬
‫شركط لتفعيل ىذه اآللية احلمائية‪ :‬أكذلا كجود‬ ‫ي‬
‫سلطة عمومية‪ ،‬يػي ىؤ ًسس للتوقع ادلشركع لدل الفرد دبا يتضمنو من معطيات مستقبلية‪ ،‬أم قاعدة تيبٌت عليها الثقة كمنها‬ ‫و‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫س‬‫دلؤس ً‬ ‫و‬
‫تصرؼ يعكس توقع الفرد‪ ،‬باالرتكاز على التصرؼ السابق ا ً‬ ‫التوقع ليكوف مشركعا‪ ،‬كما يشًتط إذل جانبو قياـ‬
‫و‬
‫سلالف للتوقع ادلشركع‪ ،‬كىو‬ ‫و‬
‫تصرؼ‬ ‫للتوقع‪ ،‬أم البد كأف يًتجم التوقع يف شكل و‬
‫سلوؾ خارجي‪ ،‬كأخَتان ينبغي صدكر‬ ‫ي‬
‫و‬
‫الئحة أك و‬
‫عدكؿ عن كعد‪ ،‬كيكوف سلالفان‬ ‫تصرؼ الحق كمفاجئ يصدر عن السلطة العمومية بإلغاء أك تعديل و‬
‫قانوف أك‬
‫دلا كاف صاحب التوقع ادلشركع يتوخاه‪.‬‬
‫تفاديان ذلذه النتيجة‪ ،‬البد كأف يكوف القانوف ادلوجب يف حكم عالقات األفراد نظامان من القواعد ادلستقرة‪،‬‬
‫ادلتسقة‪ ،‬ادلنزىة عن الغموض‪ ،‬احملصنة من التبدؿ كالتضارب‪ ،‬كأف ربظى التنبؤات اليت بينيت عليو باالحًتاـ يف كل‬
‫مراحلها‪ ،‬كأف يناؿ السلوؾ اإلرادم للفرد احلماية الالزمة‪ ،‬ألف اإلرادة ىي مدار التوقع كعلتو(‪ ،)89‬حبيث يلزـ من عدمها‬
‫عدمو‪.‬‬
‫عندما تتيح القاعدة ادلعيارية للفرد رسم مستقبلو القانوين‪ ،‬كضبط سلوكو كفقان دلقتضياهتا على ضل و يقيٍت‪ ،‬فذلك‬
‫ىو يج ُّل األمن القانوين‪ ،‬الذم غلعل من ادلخاطب حبكم القانوف حران طادلا أمكنو التصرؼ عن علم‪ ،‬يف ىذا السياؽ يرل‬
‫س مع احلماية البسيطة للفرد كحريتو‪ ،‬فهو يػي ىعبِّػ ير ‪ -‬على كجو الدقة ‪ -‬عن‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫الفقيو (‪ « :)BATIFFOL‬أف األمن ال يػىٍلتىب ي‬
‫و‬
‫منظومة من القواعد اليقينية‪ ،‬ألف مثل ىذا اليقُت يػيلى ِّيب احلاجة احليوية للتوقع‪" :‬غلب أف تفعل أك ال تفعل"‪،‬‬ ‫التطلع إذل‬
‫احد من توقع ما ػلق للغَت فعلو أك عدـ فعلو‪ ،‬كي يتسٌت لو ضبط تصرفاتو كفقان‬ ‫أيضان‪ ،‬البد أف يتمكن كل ك و‬
‫لذلك‪ ،)90(».‬أما الفقيو (‪ )RIPERT‬فيقدر‪ « :‬أنو ال كجود للحرية إذا دل يكن بوسعنا معرفة قيمة األفعاؿ‪ ،‬كتأكيد‬
‫استقامة التصرفات مسبقان‪.)91(».‬‬
‫كمع ذلك ال ينبغي االسًتساؿ يف ضلت و‬
‫مفهوـ و‬
‫مثارل لفكرة التوقع ادلشركع‪ ،‬فادلنطق يقتضي أف يبقى ىذا ادلبدأ‬
‫يف نطاقو ادلعقوؿ‪ ،‬إذ من غَت ادلمكن أف يتنبأ الفرد من خالؿ القانوف بكل شيء‪ ،‬كأف يكوف القانوف صعيدان منبسطان‪،‬‬
‫كمنظران ساكنان يفي دبقتضيات الثقة ادلشركعة على كجهها األكمل‪ ،‬فذلك « ىدؼ يستحيل ربقيقو »(‪.)92‬‬
‫لغوية موجزوة تناؿ أحيانان من سباـ ادلعٌت بسبب قصور‬‫بألفاظ و‬‫و‬ ‫صب يف قواعد رلملة‪ ،‬يمتلبَّسة‬
‫فالتشريع عاد نة ما يي ُّ‬
‫اللغة‪ ،‬أك سهو ادلشرع كتعثره يف اإلمساؾ بناصية التعبَت‪ ،‬ألف اللغة ‪ -‬كإف كانت آي نة يف الدقة ‪ -‬تقف عاجزنة يف كث وَت‬
‫أف بشرية ادلشرع خبطئها كسهوىا كنسياهنا قد ربوؿ‬ ‫من األحياف عن استيعاب ما غلنح الواضع أف يضمنها من معاف‪ ،‬ك َّ‬
‫يعية مهما كاف عملها جيدان‬‫ىيئة تشر و‬
‫بينو كبُت استحضار كل الوقائع ادلستهدفة ليكوف النص جامعان ذلا‪ ،‬كليس دبقدكر أية و‬
‫سن قواعد قانونية بسيطة‪ ،‬كاضحة‬ ‫أف تينتج نصوصان ال زبتلف احملاكم بشأف تطبيقها‪ ،‬بل كقد يتحاشى ادلشرع قصدان َّ‬
‫كدقيقة‪ ،‬سلافة أف يقوض األحكاـ ادلتضمنة فيها‪ ،‬ففي ىذا الفرض كذاؾ‪ ،‬غالبان ما يكرس التشريع عدـ اليقُت‪ ،‬ناىيك‬
‫جل أحوالو ال ػلقق سول قى ٍدران معينان من ىذا اليقُت‪ ،‬كبالتارل ذات ال ىق ٍدر من التوقع‪.‬‬ ‫عن َّ‬
‫أف القانوف يف ِّ‬
‫كما أف القدرة على التوقع ليست بالضركرة ضمان نة لألمن القانوين‪ ،‬فعلى مستول ادليل السلوكي ‪ -‬كعندما‬
‫يتيح كضوح النص كإحكاـ صياغتو قى ٍد نرا كبَتان من اليقُت ‪ -‬فإما أف يكوف التوقع مشركعان‪ ،‬بأف يستقرئ ادلخاطب حكم‬
‫مشركع يوفر للجاين ىامشان يؽلى ِّكنو من‬
‫و‬ ‫القاعدة القانونية بغية طاعتها كضبط سلوكو كفقان ذلا‪ ،‬كإما أف يكوف توقعان غَت‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫االلتفاؼ حوذلا كاالضلراؼ اآلمن عنها تفاديان للعقاب‪ ،‬فمزية عدـ القدرة على التنبؤ تسمح للقاضي ‪ -‬كاحلالة ىذه ‪-‬‬
‫بتوقيع اجلزاء على السلوؾ ادلنحرؼ بسهولة أكرب(‪.)93‬‬
‫كاحلاصل أنو ال مناص من اإلقرار دبا للقاضي من و‬
‫فضل يف إرساء القدرة على التوقع إزاء النص الفضفاض‪ ،‬فهو‬
‫منأل عن أم تأكيل‪،‬‬ ‫ػلد ‪ -‬عند تفسَته ‪ -‬من حالة الشك اليت تعًتيو‪ ،‬كغلعل منو دبقتضى تدخلو نصان كاضحان يف ن‬
‫كبذلك يكوف احلل الذم كضعو القاضي هبذه ادلناسبة أكثر قابليةن للتوقع‪.‬‬
‫غَت أف االجتهاد دبفهومو الواسع على ادلستول األفقي يفضى ‪ -‬بال ريب ‪ -‬إذل اختالؼ احملاكم يف قراءهتا‬
‫كتفسَتىا للنص الواحد‪ ،‬كمن شبة تضارب أحكامها حوؿ تطبيقو‪ ،‬كيف ذلك زعزعة الستقرار احلقوؽ كادلراكز اليت‬
‫يستهدؼ القانوف استتباهبا‪ ،‬كىو ما سيؤدم انتهاءن إذل اضطراب النظاـ القانوين برمتو‪ ،‬كعلة ذلك أف صياغة النصوص‬
‫تقبل اختالؼ التأكيل بشأهنا‪ ،‬كأف قاضي ادلوضوع ادلنوط بو تطبيقها‪ ،‬يتأثر عند تفسَتىا دبا بُت يديو من كقائع الدعول‪،‬‬
‫كبعلمو من مراجعة ىذه النصوص‪ ،‬كدبا كضعو الفقو من شركح ذلا‪ ،‬كما قرره القضاء من و‬
‫حلوؿ خبصوص تطبيقها‪ ،‬لكنو‬
‫يعتمد يف النهاية على فهمو الشخصي ألحكاـ القانوف دكف أف يقيده يف ذلك فقو أك قضاء سابق(‪ ،)94‬فيكوف احلكم‬
‫الصادر يف ضوئها غَت متوق وع بالنسبة للمتقاضُت(‪.)95‬‬
‫فإف قضاء النقض ‪ -‬من منطلق موقعو على رأس النظاـ القضائي‪ ،‬كحبكم كظيفتو يف مراقبة التطبيق ادلوحد‬ ‫لذا َّ‬
‫لقواعد القانوف من قًبىل زلاكم ادلوضوع(‪ - )96‬عندما يعتمد تفسَتان موحدان كزلددان للقاعدة القانونية‪ ،‬فإنو ىػلي ٌد من تأكيل‬
‫القضاة ذلا تأكيالن سلتلفان‪ ،‬كغلعل منها ماد نة طيِّعةن للتوقع ادلشركع‪.‬‬
‫عليو ‪ -‬كحىت ال ييبخس األفراد حقهم يف التوقع حبجة تطور القانوف من جهة‪ ،‬ككي ال تيكبح خصاصة القانوف‬
‫ُت لألمن القانوين يكوف فيو مبدأ‬ ‫كحاجتو إذل التطور بدعول احًتاـ التوقع من جهة أخرل ‪ -‬ينبغي اعتناؽ مفهوـ و‬
‫مرف ل و‬
‫التوقع ادلشركع معقوالن‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫العدول عن االجتهاد القضائي ومبدأ التوقع المشروع‬
‫يتعارض العدكؿ عن االجتهاد القضائي مع فكرة األمن القانوين‪ ،‬بسبب نسخو للقاعدة االجتهادية ادلستقرة‬
‫دكف إعالـ ادلتقاضي بذلك مقدمان‪ ،‬شلا يعٍت تقويض قدرتو على التوقع كرلازاتو على النقيض من قصده ادلشركع(‪ ،)97‬فإذا‬
‫عدؿ عنو إذل تفس وَت جديد‪ ،‬يكوف بفعلو ىذا قد جازل من‬ ‫حدث كأف فسر قضاء النقض نصان تشريعيان على ضل وو ما‪ ،‬مث ى‬
‫ىكثًق باالجتهاد األكؿ كامتثل لو دبا يناقض حسن نيتو كالتزامو‪ ،‬لذلك غالبان ما ال يستسيغ ادلتقاضي حقيقة أ ٍف ييغَت‬
‫االجتهاد معناه‪ ،‬كأف ينقلب صواب األمس يف ظلو إذل خطأ الغد (‪.)98‬‬
‫و‬
‫اجتهاد‬ ‫كالواقع أنو ال أقل من كصف ىذا ادلوقف باإلجحاؼ من كجهُت‪ ،‬أكذلما أف الفرد الذم انصاع حلكم‬
‫و‬
‫الجتهاد ‪ -‬متأخ ور عن الوقائع ‪َّ -‬‬
‫حل زللو‪ ،‬كثانيهما أف يػلمل‬ ‫قضائ وي يف و‬
‫كقت معُت‪ ،‬سيجازل الحقان على عدـ االنقياد‬
‫ادلتقاضي على العلم باالجتهاد ادلوجب كاالمتثاؿ لو‪ ،‬كعلى التنبؤ دبا قد يطرأ عليو من تطور‪ ،‬كتلك غاية يستحيل‬
‫بلوغها‪.‬‬
‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫شك أف القاضي‪ -‬عندما يباشر تعديالن لالجتهاد ‪ -‬يدرؾ ىذه االشكاالت كلِّها‪ ،‬فال يقطع بالتفسَت‬ ‫ال َّ‬
‫اجلديد إال بعد تفك وَت عميق كدر و‬
‫اسة متأنية‪ ،‬مراعيان مصاحل األطراؼ كاجملتمع يف اآلف نفسو‪ ،‬كال يقع اختياره على نسخ‬
‫احلل القدًن‪ ،‬إال إذا اقتنع أف آثار االحتفاظ بو ستكوف َّ‬
‫أشد ضرران من آثار العدكؿ عنو‪.‬‬
‫فالعدكؿ مالزـ لطبيعة القاعدة االجتهادية‪ ،‬كبالتارل ال خيار أماـ ادلتقاضي سول توقعو كلو عن طريق ادلشورة‬
‫القانونية(‪ ،)99‬لكن حىت مع التسليم بفرض ادراؾ ادلتقاضي إلمكانية تغَت االجتهاد‪ ،‬يتعذر عليو اجلزـ بذلك قطعان‪ ،‬ألف‬
‫مسار العدكؿ عن االجتهاد صعب االستكشاؼ‪ ،‬على النقيض من تعديل التشريع الذم ؼلضع قبل اقراره دلناقشات تتيح‬
‫(‪)100‬‬
‫إعالـ ادلتقاضي بو‪ ،‬فالعدكؿ نادران ما يتم اإلعالف عنو‪ ،‬حيث ػلركو قضاة ادلوضوع ادلقاكمُت للقاعدة االجتهادية‬
‫انطالقان من زلاكم الدرجة األكذل مركران باالستئناؼ‪ ،‬دكف القدرة على استشراؼ مآلو فيما إذا كاف سيجابو بالرفض أـ‬
‫ػلضى بالقبوؿ لدل قضاة النقض‪ ،‬أم أنو ؽلر بفًتة و‬
‫شك سبتد من حلظة ظهوره على مستول احملاكم ادلوضوعية إذل غاية‬
‫ذبسيده أك االعراض عنو من قبل زلكمة النقض‪.‬‬
‫بطبيعة احلاؿ ال أحد ينكر جدلية األمن القانوين كتطور القانوف‪ ،‬إذ تلزـ التضحية أحيانان باألكؿ لًتقية الثاين‪،‬‬
‫كلكنها تضحية آنية انتقالية تزكؿ دبجرد استقرار العدكؿ عن االجتهاد القضائي كعلم األفراد بو‪ ،‬فاالجتهاد القضائي يعترب‬
‫‪ -‬على كجو العموـ ‪ -‬مصدران لألمن القانوين ألنو يأيت للحد من عديد التفسَتات اليت تكتنف النص الواحد كتوحيدىا‪،‬‬
‫ُت من القاعدة القانونية لتكوف أكثر عدالن‬ ‫فيجعلو بذلك أكثر قابليةن للتوقع‪ ،‬كبالتارل أكثر أمنا‪ ،‬أما العدكؿ عنو‪ ،‬فيي ىح ِّ ي‬
‫كمن شبة أكثر أمنان‪.‬‬
‫المطلب الرابع‬
‫مشكلة األثر الرجعي للعدول عن االجتهاد القضائي‬
‫تقبع مشكلة األثر الرجعي لسرياف العدكؿ عن االجتهاد القضائي على رأس ادلخاطر اليت تتهدد األمن‬
‫القانوين‪ ،‬ألف العدكؿ ذك أث ور رجع وي بطبيعتو(‪)101‬سواء كاف تفسَتيان أك تقريريان أك منشئان للقاعدة القانونية(‪( )102‬الفرع‬
‫األكؿ) كبالتارل ال يقتصر أثره على أطراؼ الدعول اليت نشأ دبناسبتها فحسب‪ ،‬بل يسرم يف مواجهة الكافة (الفرع‬
‫الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫االقرار بالطبيعة الرجعية للعدول عن االجتهاد القضائي‬
‫عندما ينربم القاضي معدالن ‪ -‬حبكم سلطتو ادلعيارية ‪ -‬قاعد نة سابقة‪ ،‬فإف سرياف مفعوؿ القاعدة اجلديدة ال‬
‫يكوف من تاريخ احلكم الذم أكجدىا‪ ،‬بل ؽلتد ليشمل كافة الوقائع كاألفعاؿ ادلنظورة‪ ،‬حىت كإف حدثت تلك الوقائع‬
‫كاألفعاؿ يف ظل القاعدة االجتهادية القدؽلة اليت أقاـ عليها األطراؼ توقعاهتم من منطلق افًتاض ثباهتا‪ ،‬كمع ذلك ال‬
‫سلطاف ذلذه األخَتة على النزاع بوصفها قاعد نة نافذ نة عند منشئو‪ ،‬بل تنعقد الوالية بشأنو للقاعدة اجلديدة ‪ -‬اليت حلَّت‬
‫زللها ‪ -‬على الرغم من أهنا تاليةن لو‪ ،‬كبالتارل ال مناص من اإلقرار برجعية القاعدة االجتهادية خبصوص الدعول اليت‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫أينشئت دبناسبتها‪ ،‬كيف مواجهة صبيع ادلنازعات ادلماثلة ‪ -‬اليت أحيلت إذل القاضي قبل صدكر القرار االجتهادم ‪ -‬كاليت‬
‫الحق لتاريخ صدكره(‪.)103‬‬
‫سيتم البت فيها كفق ىذا األخَت بتاريخ و‬
‫ىذه النتيجة تتعارض قطعان مع أحكاـ تطبيق القاعدة التشريعية من حيث الزمن‪ ،‬كما توفره من و‬
‫ضباية الستقرار‬
‫العالقات القانونية كتوقعات ادلتقاضُت‪ ،‬كىو ادلبدأ ادلنصوص عليو يف ادلادة الثانية من القانوف ادلدين اجلزائرم(‪ )104‬كادلكرس‬
‫تاؿ لو فقط(‪ ،)106‬حىت كإف كاف‬ ‫دستوريان يف ادلسائل اجلزائية(‪ ،)105‬كقوامو أف القانوف ينصب عند صدكره على ما ىو و‬
‫األخذ هبذا ادلب دأ ال يقع على اطالقو‪ ،‬إذ تتخللو استثناءات كما ىو الشأف بالنسبة لسرياف القانوف الرجعي كالقانوف‬
‫التفسَتم كالقانوف األصلح للمتهم‪.‬‬
‫على النقيض من ذلك يتسم األثر الرجعي للعدكؿ بالتلقائية دكف خضوعو للنظاـ الوقائي ادلقرر يف ادلادة ادلشار‬
‫إليها أعاله‪ ،‬فالقاعدة االج تهادية ال زبضع لذات النظاـ الذم ػلكم سرياف القاعدة التشريعية من حيث الزمن‪ ،‬يف غياب‬
‫االعًتاؼ الرمسي ذلا بصبغة القاعدة القانونية‪.‬‬
‫نطاؽ زم وٍت ‪ -‬على النحو الذم يراه مالئمان ‪ -‬للقاعدة الرجعية عند سنو‬ ‫فيد ادلشرع غَت مغلولة يف ضبط و‬
‫إياىا‪ ،‬يف حُت يقبع القاضي عاجزان عن اتياف ذلك‪ ،‬حىت عند اقتناعو دبساس األثر الرجعي ‪ -‬غَت احملدكد زمنيان لسرياف‬
‫تعديل اجتهاده ‪ -‬بفكرة األمن القانوين‪ ،‬السيما يف األكضاع اليت تستند فيها القاعدة االجتهادية إذل مبدأ و‬
‫قانوين عاـ‬
‫يفًتض كجوده منذ القدـ‪ ،‬كيفلت من ذلك فرض ارتباط ىذه القاعدة و‬
‫بنص ق و‬
‫انوين‪ ،‬إذ ال يسوغ حينها امتداد سرياهنا إذل‬
‫يخ و‬
‫سابق لتاريخ نفاذ النص ادلقًتنة بو‪ ،‬ففي ىذه احلالة ‪ -‬دكف سواىا ‪ -‬تكوف القاعدة االجتهادية زلدكدة األثر‬ ‫تار و‬
‫الرجعي‪.‬‬
‫ذلذا السبب‪ ،‬غالبان ما يظهر األثر الرجعي للعدكؿ عن االجتهاد القضائي دبظه ور سليب(‪ ،)107‬فهو مضعف‬
‫لت وقعات ادلخاطب حبكم القاعدة‪ ،‬كيف ذلك انتهاؾ صارخ لألمن القانوين‪ ،‬غَت أنو ال مفر من ادلوازنة بُت مضار ىذا‬
‫األثر ‪ -‬على افًتاض كجوده ادلطلق ‪ -‬كمفاسد االستمرار يف تطبيق قاعدةو اجتهادية أتى عليها الزمن‪ ،‬ألف االحتفاظ ٍّ‬
‫حبل‬
‫متهالك سيكوف قطعان أشد كقعان على فكرة األمن القانوين من رجعية تعديل االجتهاد عليها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫مخرجات األثر الرجعي للعدول عن االجتهاد القضائي‬
‫و‬
‫قانونية زلل تشري وع‬ ‫و‬
‫مسألة‬ ‫عندما يستحدث قضاء النقض قاعدة اجتهاديةن جديدة‪ ،‬فإنو يباشر ذلك إما‪ ،‬بصدد‬
‫سابق قرر قضاة النقض تغيَت موقفهم بشأنو‪ ،‬كيف كلتا‬ ‫مسألة مؤطروة با و‬
‫جتهاد و‬ ‫و‬ ‫مبه وم عا ور من أم اجتهاد‪ ،‬أك دبناسبة‬
‫احلالتُت‪ ،‬تكوف احملكمة قد فرضت على ادلتقاضي قاعد نة جديد نة يمعدِّلةن حلالة القانوف السابقة(‪.)108‬‬
‫و‬
‫اجتهاد‬ ‫ففي الفرض األكؿ ‪ -‬كباعتباره سببان يف ميالد أكؿ اجتهاد ‪ -‬ال يكوف يف متناكؿ ادلتقاضي بداىةن أم‬
‫قائ وم لالرتكاز عليو كتنظيم دفاعو على أساسو عند مباشرة دعواه‪ ،‬فليس بوسعو حينها إال أف يًتقب على ضل وو و‬
‫رلرد جرياف‬
‫اجتهادية و‬
‫قائمة يزلكمة‪ ،‬حىت إذا‬ ‫و‬ ‫رياح احلكم دبا تشتهيو سفنو‪ ،‬بينما يباشر ادعاءه يف الفرض الثاين على أساس قاعدةو‬
‫أعادت احملكمة تفكيكها كتركيبها عند ا لنظر يف دعواه‪ ،‬تكوف قد نالت بذلك من توقعاتو ادلشركعة‪ ،‬حينها يستشعر‬
‫‪4224‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫ادلتقاضي حتمان كقع الضرر الذم نالو جراء تعديل التفسَت‪ ،‬إذ من غَت العدالة أف زبضع الوقائع كالتصرفات الناشئة يف‬
‫ظل قاعدة اجتهادية مستقرة إذل و‬
‫قاعدة جديدة ناشئة دبناسبة النظر يف ىذه الوقائع كالتصرفات‪ ،‬ففي ذلك اخالؿ بالنظاـ‬
‫القانوين كمدعاة النعداـ األمن فيو‪.‬‬
‫أكثر من ذلك‪ ،‬يعترب العدكؿ عن االجتهاد القضائي أشد كقعان على األمن القانوين‪ ،‬ألنو غَت قاص ور على‬
‫أطراؼ الدعول اليت نشأ يف كنفها‪ ،‬بل يتخطاىا إذل الغَت ‪ -‬شلن حدثت كقائعهم كبوشرت تصرفاهتم قبل كجوده ‪ -‬يف‬
‫الدعاكل غَت ادلفصوؿ فيها‪.‬‬
‫كعليو ينبغي التمييز يف ىذا ادلقاـ بُت الرجعية الفردية من جهة‪ ،‬كالرجعية العامة كاجملردة من جهة أخرل‪ ،‬حيث‬
‫تكوف الرجعية فرديةن عندما يتعلق األمر بالدعول اليت أفضت إذل ميالد العدكؿ عن االجتهاد القضائي‪ ،‬كىي رجعية أكثر‬
‫معقوليةن ألف القاضي يراعي عند إعادة صياغتو للقاعدة كقائع ىذه الدعول بعينها‪ ،‬السيما عنصر القدـ فيها‪ ،‬كمن شبة‬
‫يكوف العدكؿ أكثر احللوؿ مالءمةن ذلا يف الظركؼ الراىنة‪ ،‬ألنو آؿ بناءن عليها كمفصالن على مقاسها‪ ،‬بالرغم شلا يالبسو‬
‫قانوين دل يكن ادلتقاضي على علم بو كقت حدكث الوقائع‪ ،‬كبالتارل من غَت ادلمكن نظريان‬ ‫من رجعية‪ ،‬كمن انزاؿ حك وم و‬
‫أف يقيم عليو توقعاتو(‪.)109‬‬
‫أما الرجعية اجملردة‪ ،‬فتنصرؼ إذل إعماؿ االجتهاد القضائي اجلديد دبفعوؿ عاـ ينسحب إذل ادلاضي على صبيع‬
‫ادلنازعات اخلاضعة لواليتو‪ ،‬بصرؼ النظر عما إذا كانت سابقةن أك تاليةن لو‪ ،‬كمع ذلك ذبب التفرقة يف ىذا ادلوضع أيضان‬
‫بُت ادلنازعات الناشئة بعد االجتهاد اجلديد من جهة أكذل‪ ،‬كتلك اليت نشأت قبلو سواء كانت منظورة ‪ -‬عند صدكره ‪-‬‬
‫بعد عليو من جهة ثانية‪.‬‬
‫من قبل القضاء أك دل تعرض ي‬
‫فال رلاؿ بداىةن ‪ -‬يف احلالة األكذل ‪ -‬للقوؿ بالرجعية كاستثارة ما ينفك عنها من خطر‪ ،‬ألف ادلتقاضي يكوف‬
‫بينة من أمره‪ ،‬حبيث يباشر دعواه كقد نظم دفاعو على أساس االجتهاد اجلديد الذم ييفًتض علم‬ ‫يف ىذا الفرض على و‬
‫الكافة بو‪ ،‬من منطلق استقراره كإمكاف الوصوؿ إليو على ضلو ما ذكرنا فيما تقدـ‪.‬‬
‫أما يف احلالة الثانية‪ ،‬فتيبًُت الرجعية عن كجهها ادلستهجن‪ ،‬ألف احلل االجتهادم اجلديد ‪ -‬مع ما فيو من‬
‫إضعاؼ لتكهنات األفراد ‪ -‬يسرم على الكثَت من ادلنازعات فوؽ ادلنازعة اليت انتجتو‪ ،‬كيف ذلك مساس بغاية التنظيم‬
‫اليت يتوخى القانوف من كرائها اشاعة النظاـ داخل اجملتمع(‪ ،)110‬فالقاعدة القانونية تستهدؼ ضبط و‬
‫سلوؾ معيار وم يتعُت‬
‫على األفراد االمتثاؿ لو‪ ،‬خبالؼ العدكؿ الذم ينحرؼ بالقاعدة االجتهادية إذل تفس وَت جديد‪ ،‬فيحرمها بذلك من أف‬
‫سلوؾ قبل أف تولد كتؤسس جلزاء يػي ىوقَّع‬ ‫أف كل و‬
‫قاعدة ؽلتد تطبيقها إذل ادلاضي ال ؽلكنها مطلقان توجيو أم و‬ ‫تكوف ظلوذجان‪ ،‬ك َّ‬
‫على من خالفها دكف علم‪ ،‬فهي حبق‪ ،‬قاعدة باىتة مفرغة من أية منفعة اجتماعية(‪.)111‬‬
‫كمع ذلك تبقى القاعدة االجتهادية اجلديدة زلدكدة اخلطر ‪ -‬على افًتاض كجوده ‪ -‬من منطلق سرياهنا على‬
‫و‬
‫كمتناقص من ادلنازعات كإف كثرت‪ ،‬فضالن عن أهنا ال تقوض يف كل األحواؿ من توقعات األفراد‪ ،‬كما يف‬ ‫و‬
‫زلدكد‬ ‫عدد‬
‫الوقائع ادلستقل حدكثها أصالن عن إرادة األطراؼ‪ ،‬بصرؼ النظر عن حصوؿ العدكؿ من عدمو عند نظرىا(‪ ،)112‬كىذا‬
‫خبالؼ التصرفات اليت تتجو اإلرادة قصدان إلحداثها‪ ،‬كما يالزـ ذلك من توقعات باآلثار ادلنجرة عنها يف حدكد ما يتيحو‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫القانوف من حلوؿ‪ ،‬كبالتارل فإف سرياف العدكؿ بأثر رجعي عليها من شأنو أف يهدد مراكز األطراؼ ادلباشرة ذلا‪ ،‬لذلك‬
‫أكذل ادلشرع االعتبار يف حكمها للقواعد التشريعية القدؽلة اليت انعقدت يف ظلها ىذه التصرفات‪ ،‬طلبان الستقرار‬
‫ادلعامالت‪.‬‬
‫أضف إليو‪ ،‬أف بعضان من العدكؿ ال يهدد أحدا‪ ،‬كقد يصب يف مصلحة الطرفُت‪ ،‬ناىيك عن ندرة حاالت‬
‫كقوعو‪ ،‬كتشابو آثاره مع آثار التشريع السارم بأثر رجعي(‪ ،)113‬كبالتارل ليس كل و‬
‫عدكؿ عن االجتهاد القضائي سليب‬
‫األثر بالتبعية‪ ،‬بل يقتصر األمر على العدكؿ الذم يناؿ من توقعات ادلتقاضُت كحقوقهم‪ ،‬لذا كمن أجل تلطيف ىذه‬
‫و‬
‫منازعة على حدة‪ ،‬كالسماح لقضاء النقض بتكييف سرياف قراراتو‬ ‫النتيجة‪ ،‬ينبغي دراسة أثر رجعية العدكؿ يف نطاؽ كل‬
‫من حيث الزمن‪.‬‬
‫خالصة‬
‫صفوة القوؿ‪ ،‬ؽلكننا اجلزـ باعتبار االجتهاد القضائي ‪ -‬يف ظل األنظمة القانونية الالتينية احلديثة ‪ -‬باب‬
‫ابتكا ور للقاعدة ادلعيارية أملتو ظركؼ الواقع كحاجة النظاـ القانوين إليو‪ ،‬لذا غلب أف يستويف ‪ -‬شأنو شأف القاعدة‬
‫القانونية ادلكتوبة ‪ -‬ما يقتضيو مبدأ األمن القانوين كما يوفره لألفراد كالفاعلُت من استقرا ور لألطر القانونية اليت يتعاملوف‬
‫يف نطاقها كدبوجب قواعدىا‪.‬‬
‫بيدا أف ىذا ادلبدأ ‪ -‬كعلى الرغم من أعليتو ‪ -‬يظل غَت حدم الداللة بسبب طابعو شبو الفلسفي من جهة‪،‬‬
‫كتعقيد مضمونو من جهة أخرل‪ ،‬لذا ال مناص ‪ -‬للقبض عليو ‪ -‬من االرتكاز على بعض مظاىره ادلتمثلة يف ضركرة‬
‫استجماع القاعدة ادلعيارية للعناصر الثالثة السابق ربليلها‪ ،‬كيتعلق األمر بإمكانية الوصوؿ إليها‪ ،‬استقرارىا كالقدرة على‬
‫التوقع يف ظلها‪ ،‬كىي معايَت إذا ما قًيس هبا مستول األمن يف القاعدة االجتهادية‪ ،‬أمكن القوؿ باستيفائها للمعيار‬
‫األكؿ‪ ،‬إال أهنا ال تكاد تفي بالثاين كالثالث بسبب طبيعتها التطورية‪.‬‬
‫أما عن العنصر األكؿ‪ ،‬فقد أصبح من اليسر ‪ -‬بفعل الدكريات ادلتخصصة كتقنية االنًتنيت ‪ -‬الوصوؿ ادلادم‬
‫إذل االجتهاد القضائي‪ ،‬حىت كإف كاف تعوًن الولوج إليو فكريان ال يزاؿ بعيد ادلراـ باعتباره قانونان فنيان قاصر فهمو على أىل‬
‫التخصص كادلشورة‪.‬‬
‫كأما عن العنصر الثاين ‪ -‬كدلا كانت حياة القانوف مرتبطة بتحديثو ادلستمر‪ ،‬كأف القاضي كحبكم كظيفتو ىو‬
‫و‬
‫مستوؼ لو مقارنةن‬ ‫أكؿ من يستشعر حاجة القانوف إذل التغيَت كالتجديد ‪ -‬فمن الواضح أف االجتهاد القضائي غَت‬
‫بالقاعدة التشريعية‪ ،‬دبا أنو يتغَت باستمرار ‪ -‬رلاراةن للتطور احلاصل داخل اجملتمع ‪ -‬من أجل الوصوؿ إذل و‬
‫قانوف أكثر‬
‫عدالن‪.‬‬
‫كأما عن العنصر الثالث‪ ،‬فال ريب أف العدكؿ يأيت يف كث وَت من األحياف ‪ -‬بفعل طابعو ادلباغت ‪ -‬على‬
‫توقعات األفراد‪.‬‬
‫بيدا أف مشكلة األثر الرجعي لسرياف تعديل االجتهاد القضائي تقبع على رأس ادلخاطر اليت تتهدد األمن‬
‫القانوين‪ ،‬النطباقو على كقائع كتصرفات سابقةن لوجوده‪.‬‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫لذا ككعيان منَّا دبا يرافق االجته اد القضائي من صعوبات يف عالقتو دببدأ األمن القانوين ‪ -‬خاص نة ما تعلق منها‬
‫بالًتاجع عن االجتهادات القضائية السابقة ‪ -‬نرل أنو ال سبيل للحد منها إال بإتباع ما قررتو بعض الدكؿ ‪ -‬اليت ذلا‬
‫قصب السبق يف ىذا اجملاؿ ‪ -‬من تقنيات(‪ )114‬أذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬ضركرة اإلعالف عن التغيَت ادلستقبلي لالجتهاد القضائي من قبل اجلهات القضائية العليا يف تقاريرىا‬
‫السنوية‪ ،‬إلعالـ الكافة هبذا التغيَت الذم اقتضاه تطوير احللوؿ القانونية يف انتظار تدخل ادلشرع‪.‬‬
‫‪ -‬ضركرة احلد زمنيان من سلبيات األثر الرجعي لالجتهاد القضائي اجلديد‪ ،‬بإطالؽ يد القاضي يف تكييف‬
‫قضية على حدة‪.‬‬‫ذلك مع ظركؼ كل و‬
‫‪ -‬ضركرة إشاعة الوصوؿ إذل االجتهاد القضائي على قدـ ادلساكاة مع القاعدة التشريعية‪.‬‬
‫كىي احللوؿ ادلطبقة يف بعض الدكؿ األكركبية على الرغم من افتقار مبدأ األمن القانوين فيها للصبغة الدستورية‪،‬‬
‫على النقيض شلا كرسو ادلشرع الدستورم يف اجلزائر دبقتضى تعديل ‪ ،2020‬حيث أصبح ُّ‬
‫يشد على ي ٌد القضاء الدستورم‬
‫كالقضاء اإلدارم كقضاء النقض لتفعيل العمل هبذا ادلبدأ كترقيتو من خالؿ الفقرة األخَتة من ادلادة ‪ 34‬اليت تنص على‬
‫أنو‪ « :‬ربقيقان لألمن القانوين‪ ،‬تسهر الدكلة عند كضع التشريع ادلتعلق باحلقوؽ كاحلريات‪ ،‬على ضماف الوصوؿ إليو‪،‬‬
‫ككضوحو كاستقراره‪ ».‬ككذا الفقرتُت األكذل كالثانية من ادلادة ‪ 55‬بقولو‪ « :‬يتمتع كل مواطن باحلق يف الوصوؿ إذل‬
‫ادلعلومات كالوثائق (‪ )...‬ال ؽلكن أف سبس شلارسة ىذا احلق (‪ )...‬دبقتضيات األمن القانوين‪.».‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬


‫باللغة العربية‬
‫أوالً‪ :‬المصادر‬
‫أ‪ -‬المعاجم والقواميس‬
‫‪ -‬أضبد سلتار عبد احلميد عمر دبساعدة فريق عمل‪ ،‬معجم اللغة العربية ادلعاصرة‪ ،‬عادل الكتب‪ ،‬الطبعة األكذل‪1429 ،‬ىػ‬
‫‪2008 -‬ـ‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المراجع‬
‫‪ .I‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -1‬الدستور اجلزائرم ادلعدؿ‪ ،‬الصادر دبوجب ادلرسوـ الرئاسي ‪ 442/20‬ادلؤرخ يف ‪ 15‬صبادل األكذل عاـ ‪1442‬ق‪،‬‬
‫ادلوافق ؿ ‪ 30‬ديسمرب سنة ‪2020‬ـ‪ ،‬ادلتعلق بإصدار التعديل الدستورم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 82‬بتاريخ ‪ 30‬ديسمرب‬
‫‪2020‬ـ‪.‬‬
‫‪ -2‬القانوف العضوم رقم ‪ 01/98‬ادلؤرخ يف ‪ 4‬صفر ‪1419‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 30‬مام ‪1998‬ـ‪ ،‬ادلتعلق باختصاصات‬
‫رللس الدكلة كتنظيمو كعملو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 37‬بتاريخ ‪ 1‬يونيو ‪1998‬ـ‪ .‬ادلعدؿ كادلتمم دبقتضى القانوف العضوم‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫رقم ‪ 13/11‬ادلؤرخ يف ‪ 24‬شعباف ‪1432‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 2‬أكت ‪2011‬ـ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 43‬بتاريخ ‪ 3‬أكت‬
‫‪2011‬ـ‪.‬‬
‫‪ -3‬القانوف العضوم رقم ‪ 12/11‬ادلؤرخ يف ‪ 24‬شعباف ‪1432‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 26‬يوليو ‪2011‬ـ‪ ،‬ادلتعلق بتنظيم‬
‫احملكمة العليا كعملها كاختصاصاهتا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 42‬بتاريخ ‪ 31‬يوليو ‪2011‬ـ‪.‬‬
‫‪ -4‬القانوف رقم ‪ 22/89‬ادلؤرخ يف ‪ 14‬صبادل األكذل ‪1410‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 12‬ديسمرب ‪1989‬ـ‪ ،‬ادلتعلق بصالحيات‬
‫احملكمة العليا كتنظيمها كسَتىا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 53‬بتاريخ ‪ 13‬ديسمرب ‪1989‬ـ‪.‬‬
‫‪ -5‬األمر رقم ‪ 156/66‬ادلؤرخ يف ‪ 18‬صفر ‪1386‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 8‬جواف ‪1966‬ـ‪ ،‬ادلتضمن قانوف العقوبات ادلعدؿ‬
‫كادلتم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد بتاريخ‪.‬‬
‫‪ -6‬األمر رقم ‪ 58/75‬ادلؤرخ يف ‪ 20‬رمضاف ‪1395‬ىػ ادلوافق ؿ ‪ 26‬سبتمرب ‪1975‬ـ‪ ،‬ادلتضمن القانوف ادلدين‪،‬‬
‫ادلعدؿ كادلتمم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 78‬بتاريخ ‪ 30‬سبتمرب ‪1975‬ـ‪.‬‬
‫‪ -7‬ادلرسوـ التنفيذم رقم ‪ 141/90‬ادلؤرخ يف ‪ 24‬شواؿ ‪1410‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 19‬مام ‪1990‬ـ‪ ،‬ادلتضمن تنظيم رللة‬
‫احملكمة العليا كسَتىا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 21‬بتاريخ ‪ 23‬مام ‪1990‬ـ‪.‬‬
‫‪ -8‬ادلرسوـ التنفيذم رقم ‪ 268/12‬ادلؤرخ يف ‪ 3‬شعباف ‪1433‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 23‬يونيو ‪2012‬ـ‪ ،‬ػلدد شركط‬
‫ككيفيات نشر القرارات كالتعليقات كاألحباث القانونية كالقضائية للمحكمة العليا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 39‬بتاريخ ‪ 1‬يوليو‬
‫‪2012‬ـ‪.‬‬
‫‪ .II‬الكتب‪:‬‬
‫‪ -1‬أضبد سالمة‪ ،‬ادلدخل لدراسة القانوف‪ ،‬دار النهضة العربية‪1974 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -2‬حبيب إبراىيم اخلليلي‪ ،‬ادلدخل للعلوـ القانونية "النظرية العامة للقانوف"‪ ،‬ديواف ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫‪1993‬ـ‪.‬‬
‫‪ -3‬حسن كَتة‪ ،‬ادلدخل إذل القانوف‪ ،‬منشأة ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة السادسة‪1993 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -4‬حسُت مربكؾ‪ ،‬ربرير النصوص القانونية‪ ،‬دار ىومة للنشر كالتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ -5‬رفعت عبد السي د‪ ،‬مبدأ األمن القانوين‪ ،‬دراسة ربليلية يف ضوء القانوف اإلدارم كالدستورم‪ ،‬شركة ناس للطباعة‪،‬‬
‫‪2011‬ـ‪.‬‬
‫‪ -6‬سليماف مرقس‪ ،‬الوايف يف شرح القانوف ادلدين "ادلدخل للعلوـ القانونية كشرح الباب التمهيدم للقانوف ادلدين"‪ ،‬الطبعة‬
‫السادسة‪ ،‬بدكف دار نشر‪1987 ،‬ـ‪.‬‬
‫‪ -7‬صربينة بوزيد ‪ ،‬األمن القانوين ألحكاـ قانوف ادلنافسة‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة كالنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪2018‬ـ‪.‬‬
‫‪ -8‬عجة اجليالرل‪ ،‬مدخل للعلوـ القانونية‪ ،‬نظرية القانوف‪ ،‬دار بريت للنشر‪.2009 ،‬‬
‫‪ -9‬زلمد حسُت منصور‪ ،‬ادلدخل إذل القانوف‪ ،‬منشورات احلليب‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل‪.2010 ،‬‬

‫‪4222‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
‫‪ -10‬زلمود نعماف‪ ،‬موجز ادلدخل للقانوف "النظرية العامة للقانوف كالنظرية العامة للحق"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫‪1975‬ـ‪.‬‬
‫‪ -11‬مصطفى أضبد بلخَتية‪ ،‬رسالة القاضي‪ ،‬مؤسسات عبد الكرًن بن عبد اهلل للنشر كالتوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫بدكف تاريخ‪.‬‬
‫‪ .III‬المقاالت‬
‫‪ -1‬أشرؼ توفيق مشس الدين‪ ،‬أصوؿ صياغة االحكاـ (اجلزء االكؿ)‪ ،‬اجمللة القضائية‪ ،‬كزارة العدؿ‪ ،‬احملكمة العليا‪،‬‬
‫ادلكتب الفٍت‪ ،‬سلطنة عماف‪.2010 ،‬‬
‫‪ -2‬بوبشَت زلند أمقراف‪ ،‬تغيَت االجتهاد القضائي بُت النص كالتطبيق‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوـ القانونية كالسياسية‪ ،‬اجمللد‬
‫‪ 41‬العدد ‪ ،02‬جواف ‪.2004‬‬
‫‪ -3‬سحر عبد الستار إماـ‪ ،‬آليات تدعيم دكر زلكمة النقض الفرنسية يف ربقيق العدالة‪ ،‬االختصاص بإبداء الرأم ‪-‬‬
‫الطعن لتجاكز السلطة‪ ،‬اجمللة ادلصرية للدراسات القانونية كاالقتصادية‪ ،‬العدد األكؿ‪ ،‬مارس ‪.2014‬‬
‫‪ -4‬ليث كماؿ نصراكين‪ ،‬متطلبات الصياغة التشريعية اجليدة كأثرىا على اإلصالح القانوين‪ ،‬رللة كلية القانوف الكويتية‬
‫العادلية‪ ،‬ملحق خاص بادلؤسبر السنوم الرابع (القانوف أداة لإلصالح كالتطوير)‪ ،‬العدد ‪ ،2‬اجلزء األكؿ‪ ،‬مايو ‪2017‬ـ‪.‬‬
‫‪ -5‬نواؿ صارم‪ ،‬دكر اعتبار األمن القانوين يف التفرقة بُت األثر الرجعي للقانوف كرجعية االجتهاد القضائي‪ ،‬رللة العلوـ‬
‫القانونية كاإلدارية‪ ،‬جامعة سيدم بلعباس‪ ،‬عدد ‪.11‬‬
‫‪ .IV‬الرسائل جامعية‬
‫‪ ‬أمساء عوامرية‪ ،‬دكر االجتهاد القضائي كمصدر للقانوف اإلدارم يف اجلزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ادلاجستَت يف إطار‬
‫مدرسة الدكتوراه‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ،1‬السنة اجلامعية ‪.2015-2014‬‬
‫‪ .V‬المداخالت‬
‫‪ -1‬حسيٍت عزيزة‪ ،‬صياغة التشريع‪ :‬فن كإبداع‪ ،‬ادللتقى الوطٍت حوؿ قابلية الوصوؿ إذل القانوف‪ ،‬كلية احلقوؽ كالعلوـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة قاصدم مرباح‪ ،‬كرقلة‪ ،‬يومي ‪ 16‬ك‪ 17‬فرباير ‪2014‬ـ‪.‬‬
‫‪ -2‬علي فيالرل‪ ،‬لغة القانوف‪ :‬علم نسيب ككاقع‪ ،‬ادللتقى الوطٍت حوؿ قابلية الوصوؿ إذل القانوف‪ ،‬كلية احلقوؽ كالعلوـ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة قاصدم مرباح‪ ،‬كرقلة‪ ،‬يومي ‪ 16‬ك‪ 17‬فرباير ‪2014‬ـ‪.‬‬
‫‪ .VI‬المحاضرات‬
‫‪ -‬أضبد زلمد الرفاعي‪ ،‬ادلدخل للعلوـ القانونية "نظرية القانوف"‪ ،‬زلاضرات‪ ،‬كلية احلقوؽ جامعة بنها‪.2008/2007 ،‬‬
‫باللغة الفرنسية‬
‫‪I- Législations‬‬
‫‪1- La Convention européenne des droits de l’homme a été ouverte à la signature à‬‬
‫‪Rome le 4 novembre 1950 et entrée en vigueur en 1953.‬‬

‫‪4224‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
2- L'Ordonnance n° 2004-164 du 20 février 2004 relative aux modalités et effets de la
publication des lois et de certains actes administratifs.
3- L'ordonnance n° 2016-131 du 10 février 2016 portant réforme du droit des
contrats, du régime général et de la preuve des obligations.
4- Le Décret n° 84-940 du 24 octobre 1984 relatif au service public des bases et
banques de données juridiques.
5- Le Décret no 96-481 du 31 mai 1996 relatif au service public des bases de données
juridiques.
6- Le Décret n° 2002-1064 du 7 août 2002 relatif au service public de la diffusion du
droit par l'internet.
II- Ouvrages, traités, manuels, dictionnaires, rapports et Jurisprudence
1- AUBERT. J. L, Introduction au droit, et thèmes fondamentaux, Armand colin, 7e,
n° 15.
2- AUBERT. J. L, La responsabilité civile des notaires, Defrénois, 4ème éd., 2002, n°
93.
3- BATIFFOL. H, La philosophie du droit, PUF, coll. Que sais-je ?, 10ème éd., 1997.
4- BOY. L, RACINE. J. B, SIIRIAINEN. F. (dir.), Sécurité juridique et droit
économique, Droit, Economie internationale, Larcier, 2007.
5- CARBONNIER. J, Droit civil Introduction, PUF, Quadrige manuels, 2004.
6- Conseil d’État Français, Rapport public 2002, Sécurité juridique et complexité du
droit (EDCE n° 57), 2006..
7- Conseil d’Etat, SSR., 17 décembre 1997, Ordre des avocats à la Cour de Paris,
requête numéro 181611, rec.
8- DEMOGUE. R, Les notions fondamentales du droit privé. Essai critique, éd. A.
Rousseau, Paris, 1911.
9- FAURE. G et KOUBI. G, (dir.), Le titre préliminaire du code civil, coll. Etudes
juridiques, Economica, t. 16, 2003.
10- G. CORNU (dir.), Vocabulaire juridique, Association H. Capitant, PUF, 8ème éd.
2008.
11- G. CORNU, les Définitions dans la loi, Dalloz, 1981.
12- GENY. F, Méthode d'interprétation et sources en droit privé positif, Tome
second, Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence, Paris, 1919.
13- GHESTIN. J, G. GOUBEAUX, Traité de droit civil. Introduction générale,
LGDJ, 3ème éd., 1990.
14- JESTAZ. P, L’urgence et les principes classiques du droit civil, Bibliothèque de
droit privé, LGDJ, 1968.
15- Le petit Larousse illustré, 2006.
16- MALAURIE. P, Droit Civil, introduction générale, Cujas, 2eme édition, 1994, N°
630
17- MALINVAUD. P, Introduction a l’étude du droit, litec, 10ème éd, 2004.
18- MOLFESSIS. N, (dir.), Les revirements de jurisprudence. Rapport remis à
Monsieur le Président G. Canivet, Paris, Litec, Lexis Nexis, 2005.

4222
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
19- MONTESQUIEU, De l’esprit des lois, Tome quatrième, Seconde partie (suite),
liv. XI, Ch. VI, « De la Constitution d’Angleterre », GARNIER Frères, libraires
éditeurs, Paris, 1876.
20- PIAZZON. T, la Sécurité Juridique, édition Défrénois, France, 2010.
21- Rapport Public du Conseil d’Etat de 1991, De la sécurité juridique, EDCE, n° 43,
La documentation française, 1992.
22- RIPERT. G, Le Déclin Du Droit, LGDJ, Paris, 1949.
23- RIPERT. G, Les forces créatrices du droit, LGDJ, 2ème éd., Paris, 1955.
24- TERRE. F, Introduction au Droit , 6éme édition, Dalloz, Paris, 2003.
25- TERRE. F, Le rôle actuel de la maxime Nul n’est censé ignorer la loi », Travaux
et recherches de l’Institut de droit comparé, t. XXX, 1966.
26- WEBER. J. F, La cour de cassation, La documentation française, 2006.
27- ZENATI. F, La jurisprudence, Paris, Dalloz, 1991.
III- Articles, études, discours, et entretiens
1- AUBERT. J. L, Pour des rébellions constructives sur la jurisprudence aujourd'hui,
RTD Civ. 1992.
2- BADINTER. R, l’exception d’inconstitutionnalité, garantie nécessaire du citoyen,
entretien in JCP, 1992, N° 01.
3- BATIFFOL. H, Note sur les revirements de jurisprudence, APD 1967, n° 12.
4- CANIVET. G, Allocution prononcée lors de l'Audience solennelle de début
d'année judiciaire, 6 janvier 2005, in Rapport annuel de la Cour de Cassation 2004,
La documentation française, 2005.
5- CANTIER. E, Accessibilité et Communicabilité du Droit", jurisdoctoria, n°1,
2008.
6- CARBONNIER. J, La part du droit dans l’angoisse contemporaine, in Flexible
droit. Pour une sociologie du droit sans rigueur, LGDJ, 9ème éd., 1998.
7- DE CLAUSADE. J, Sécurité juridique et complexité du droit : considérations
générales du Conseil d’Etat, D. 2006.
8- DOMINGO. M, Le juge dans l’épaisse forêt du droit, RD&J, n° 32, printemps-été
2009.
9- FLAUSS-DIEM. J, Le Practice Statement de 1966 et la règle du précédent à la
House of Lords, Justices,1997.
10- GEMAR. J. C, le Discours du législateur et le langage du droit, rédaction, style et
texte juridiques, Revue Générale du Droit, n° 25, 1994.
11- GHESTIN. J, L’interprétation d’un arrêt de la Cour de cassation, D. 2004.
12- HEBRAUD. P, Observations sur la notion du temps dans le droit civil, in Etudes
offertes à P. Kayser, t. 2, PUAM, 1979.
13- HUGLO. J.-G, La Cour de cassation et le principe de sécurité juridique, Cahiers
du Conseil constitutionnel n° 11 (Dossier : Le principe de sécurité juridique) -
décembre 2001, http://www.conseilconstitutionnel.fr/.
14- LAGARDE. X, Jurisprudence et insécurité juridique, D. 2006.
15- LEMIEUX. C, Jurisprudence et sécurité juridique : une perspective civiliste,
R.D.U.S. n° 29, 1998-99.

4222
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬
16- LESUEUR DE GIVRY. E, Conseiller à la Cour de cassation Directeur du service
de documentation et d’études, La diffusion de la jurisprudence, mission de service
public, in Rapport annuel de la Cour de cassation 2003, La documentation française.
17- MALAURIE. P, Les Enjeux de la codification, AJDA, 1997.
18- MONEGER. J, La maîtrise de l’inévitable revirement de jurisprudence : libres
propos et images marines, RTD Civ. 2005.
19- MOULY. C, Comment limiter la rétroactivité des arrêts de principe et de
revirement?, Les petites affiches, 1994, n° 53.
20- PACTEAU. B, La sécurité juridique, un principe qui nous manque ?, AJDA
1995.
21- PERDRIAU. A, Les arrêts de la Cour de cassation au regard de l’informatique,
JCP G. 1990, I, 3436.
22- PORTALIS. J.E.M, Discours préliminaire du premier projet du code civil,
Bibliothèque de la Cour de Cassation, p. XIX.
23- RADE. C, De la rétroactivité des revirements de jurisprudence, D. 2005.
24- RIVERO. J, Sur la rétroactivité de la règle jurisprudentielle, AJDA 1968.

)1(
J.-G. HUGLO, La Cour de cassation et le principe de sécurité juridique, Cahiers du Conseil
constitutionnel n° 11 (Dossier : Le principe de sécurité juridique) - décembre 2001,
http://www.conseilconstitutionnel.fr/.
)2(
B. PACTEAU, La sécurité juridique, un principe qui nous manque ?, AJDA 1995, p. 154.
)3(
J. L. AUBERT, Introduction au droit, et thèmes fondamentaux, Armand colin, 7e, n° 15, p. 12.
)4(
« Les lois ne peuvent obliger sans être connues » J.E.M. PORTALIS, Discours préliminaire du
premier projet du code civil, Bibliothèque de la Cour de Cassation, p. XIX.
.2448‫ ص‬،3‫ ج‬،‫ـ‬2008 - ‫ىػ‬1429 ،‫ الطبعة األكذل‬،‫ عادل الكتب‬،‫ معجم اللغة العربية ادلعاصرة‬،‫) أضبد سلتار عبد احلميد عمر دبساعدة فريق عمل‬5(
)6(
M. DOMINGO, Le juge dans l’épaisse forêt du droit, RD&J, n° 32, printemps-été 2009, p. 1.
)7(
«…l’écrit est le véhicule indispensable de la diffusion du savoir juridique.» F. TERRE,
Introduction au Droit , 6éme édition, Dalloz, Paris, 2003, p. 347.
‫ بتاريخ‬78 ‫ج عدد‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ ج‬،‫ ادلعدؿ كادلتمم‬،‫ ادلتضمن القانوف ادلدين‬،‫ ـ‬1975 ‫ سبتمرب‬26 ‫ىػ ادلوافق ؿ‬1395 ‫ رمضاف‬20 ‫ ادلؤرخ يف‬58/75 ‫) األمر رقم‬8(
.‫ـ‬1975 ‫ سبتمرب‬30
)9(
J. DE CLAUSADE, Sécurité juridique et complexité du droit : considérations générales du
Conseil d’Etat, D. 2006, p. 737.
)10(
Rapport Public du Conseil d’Etat de 1991, De la sécurité juridique, EDCE, n° 43, La
documentation française, 1992, p. 20.
442/20 ‫ الصادر دبوجب ادلرسوـ الرئاسي رقم‬،‫ « ال يعذر أحد جبهل القانوف » الدستور اجلزائرم ادلعدؿ‬:‫ من الدستور اجلزائرم على أنو‬78 ‫) تنص ادلادة‬11(
.‫ـ‬2020 ‫ ديسمرب‬30 ‫ بتاريخ‬82 ‫ج عدد‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ ج‬،‫ـ‬2020 ‫ ديسمرب سنة‬30 ‫ ادلوافق ؿ‬،‫ق‬1442 ‫ صبادل األكذل عاـ‬15 ‫ادلؤرخ يف‬
،‫ـ‬1987 ،‫ بدكف دار نشر‬،‫ الطبعة السادسة‬،"‫ الوايف يف شرح القانوف ادلدين "ادلدخل للعلوـ القانونية كشرح الباب التمهيدم للقانوف ادلدين‬،‫) سليماف مرقس‬12(
.199‫ ص‬،1‫ج‬
.97‫ ص‬،‫ـ‬1974 ،‫ دار النهضة العربية‬،‫ ادلدخل لدراسة القانوف‬،‫) أضبد سالمة‬13(
.316‫ ص‬،‫ـ‬1993 ،‫ الطبعة السادسة‬،‫ اإلسكندرية‬،‫ منشأة ادلعارؼ‬،‫ ادلدخل إذل القانوف‬،‫) حسن كَتة‬14(
.97‫ ص‬،‫ ادلرجع السابق‬،‫) أضبد سالمة‬15(
.142‫ ص‬،2008/2007 ،‫ كلية احلقوؽ جامعة بنها‬،‫ زلاضرات‬،‫ ادلدخل للعلوـ القانونية "نظرية القانوف‬،‫) أضبد زلمد الرفاعي‬16(
.144‫ ص‬،‫ ادلرجع نفسو‬،‫) أضبد زلمد الرفاعي‬17(

4222
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬

)18(
A. PERDRIAU, Les arrêts de la Cour de cassation au regard de l’informatique, JCP G. 1990, I,
3436.
)19(
E. CANTIER, Accessibilité et Communicabilité du Droit", jurisdoctoria, n°1, 2008, p.70; F.
TERRE, Le rôle actuel de la maxime Nul n’est censé ignorer la loi », Travaux et recherches de
l’Institut de droit comparé, t. XXX, 1966, p. 113.
.340‫ ص‬،2008 ،‫ اجلزائر‬،‫ دار ىومة للنشر كالتوزيع‬،‫ ربرير النصوص القانونية‬،‫) حسُت مربكؾ‬20(
)21(
www.joradp.dz.
.395‫ ص‬،1‫ ج‬،2009 ،‫ دار بريت للنشر‬،‫ نظرية القانوف‬،‫ مدخل للعلوـ القانونية‬،‫) عجة اجليالرل‬22(
.394‫ ص‬،‫) ادلرجع نفسو‬23(
)24(
Ordonnance n° 2004-164 du 20 février 2004 relative aux modalités et effets de la publication
des lois et de certains actes administratifs.
)25(
Décret n° 84-940 du 24 octobre 1984 relatif au service public des bases et banques de données
juridiques; abrogé par le Décret no 96-481 du 31 mai 1996 relatif au service public des bases de
données juridiques; ce dernier est abrogé a son tour par le Décret n° 2002-1064 du 7 août 2002
relatif au service public de la diffusion du droit par l'internet.
،‫ كرقلة‬،‫ جامعة قاصدم مرباح‬،‫ كلية احلقوؽ كالعلوـ السياسية‬،‫ ادللتقى الوطٍت حوؿ قابلية الوصوؿ إذل القانوف‬،‫ علم نسيب ككاقع‬:‫ لغة القانوف‬،‫) علي فيالرل‬26(
.8‫ ص‬،‫ـ‬2014 ‫ فرباير‬17‫ ك‬16 ‫يومي‬
)27(
J. C. GEMAR, le Discours du législateur et le langage du droit, rédaction, style et texte
juridiques, Revue Générale du Droit, n° 25, 1994, pp. 244-242.
.189‫ ص‬،2010 ،‫ الطبعة األكذل‬،‫ لبناف‬،‫ بَتكت‬،‫ منشورات احلليب‬،‫ ادلدخل إذل القانوف‬،‫) زلمد حسُت منصور‬28(
)29(
‫ ملحق خاص بادلؤسبر السنوم‬،‫ رللة كلية القانوف الكويتية العادلية‬،‫ متطلبات الصياغة التشريعية اجليدة كأثرىا على اإلصالح ا لقانوين‬،‫ليث كماؿ نصراكين‬
.383‫ ص‬،‫ـ‬2017 ‫ مايو‬،‫ اجلزء األكؿ‬،2 ‫ العدد‬،)‫أداة لإلصالح كالتطوير‬..‫الرابع (القانوف‬
،‫ كرقلة‬،‫ جامعة قاصدم مرباح‬،‫ كلية احلقوؽ كالعلوـ السياسية‬،‫ ادللتقى الوطٍت حوؿ قابلية الوصوؿ إذل القانوف‬،‫ فن كإبداع‬:‫ صياغة التشريع‬،‫) حسيٍت عزيزة‬30(
.94‫ ص‬،‫ـ‬2014 ‫ فرباير‬17‫ ك‬16 ‫يومي‬
)31(
J. C. GEMAR, Op, cit, p. 338.
)32(
G. CORNU, les Définitions dans la loi, Dalloz, 1981, p. 141.
)33(
G. KOUBI, Lire et comprendre : quelle intelligibilité de la loi ?, Le titre préliminaire du code
civil, dir. G. FAURE et G. KOUBI, coll. Etudes juridiques, Economica, t. 16, 2003, p. 227.
)34(
MONTESQUIEU, De l’esprit des lois, Tome quatrième, Seconde partie (suite), liv. XI, Ch. VI,
« De la Constitution d’Angleterre », GARNIER Frères, libraires éditeurs, Paris, 1876, p. 18.
)35(
F. GENY, Méthode d'interprétation et sources en droit privé positif, Tome second, Librairie
Générale de Droit et de Jurisprudence, Paris, 1919, p. 76-78.
.218‫ ص‬،‫ ادلرجع السابق‬،‫) أضبد زلمد الرفاعي‬36(
)37(
A. C. RENOUARD, Traité des droits d’auteurs dans la littérature, les sciences et les beaux-arts,
1839, cité par E. LESUEUR DE GIVRY, Conseiller à la Cour de cassation Directeur du service de
documentation et d’études, La diffusion de la jurisprudence, mission de service public, in Rapport
annuel de la Cour de cassation 2003, La documentation française, p. 236.
)38(
La Convention européenne des droits de l’homme a été ouverte à la signature à Rome le 4
novembre 1950 et entrée en vigueur en 1953.
)39(
E. LESUEUR DE GIVRY, Op,cit, p. 422.
)40(
A. HERVIEU, Observation sur l’insécurité de la règle jurisprudentielle, RRJ 1989-2, p. 297, J.-
F. WEBER, La cour de cassation, La documentation française, 2006, p. 95 et s.
)41(
Conseil d’Etat, SSR., 17 décembre 1997, Ordre des avocats à la Cour de Paris, requête numéro
181611, rec. p. 491.
)42(
F. ZENATI, La jurisprudence, Paris, Dalloz, 1991, p. 179.

4222
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬

‫(‪ )43‬القانوف رقم ‪ 22/89‬ادلؤرخ يف ‪ 14‬صبادل األكذل ‪1410‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 12‬ديسمرب ‪1989‬ـ‪ ،‬ادلتعلق بصالحيات احملكمة العليا كتنظيمها كسَتىا‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 53‬بتاريخ ‪ 13‬ديسمرب ‪1989‬ـ‪ .‬حيث نصص يف مادتو ‪ 10‬على أنو‪ « :‬تعمل احملكمة العليا على نشر قراراهتا كصبيع التعليقات كالبحوث‬
‫القانونية كالعلمية‪ ،‬لتدعيم كتوحيد االجتهاد القضائي‪.».‬‬
‫(‪ )44‬ادلرسوـ التنفيذم رقم ‪ 141/90‬ادلؤرخ يف ‪ 24‬شواؿ ‪1410‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 19‬مام ‪ 1990‬ـ‪ ،‬ادلتضمن تنظيم رللة احملكمة العليا كسَتىا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‬
‫عدد ‪ 21‬بتاريخ ‪ 23‬مام ‪1990‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )45‬القانوف العضوم رقم ‪ 12/11‬ادلؤرخ يف ‪ 24‬شعباف ‪1432‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 26‬يوليو ‪ 2011‬ـ‪ ،‬ادلتعلق بتنظيم احملكمة العليا كعملها كاختصاصاهتا‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 42‬بتاريخ ‪ 31‬يوليو ‪2011‬ـ‪.‬‬
‫(‪)46‬‬
‫ادلرسوـ التنفيذم رقم ‪ 268/12‬ادلؤرخ يف ‪ 3‬شعباف ‪1433‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 23‬يونيو ‪ 2012‬ـ‪ ،‬ػلدد شركط ككيفيات نشر القرارات كالتعليقات كاألحباث‬
‫القانونية كالقضائية للمحكمة العليا‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 39‬بتاريخ ‪ 1‬يوليو ‪2012‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )47‬القانوف العضوم رقم ‪ 01/98‬ادلؤرخ يف ‪ 4‬صفر ‪1419‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 30‬مام ‪ 1998‬ـ‪ ،‬ادلتعلق باختصاصات رللس الدكلة كتنظيمو كعملو‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج‬
‫عدد ‪ 37‬بتاريخ ‪ 1‬يونيو ‪1998‬ـ‪ .‬ادلعدؿ كادلتمم دبقتضى القانوف العضوم رقم ‪ 13/11‬ادلؤرخ يف ‪ 24‬شعباف ‪1432‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 2‬أكت ‪2011‬ـ‪،‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 43‬بتاريخ ‪ 3‬أكت ‪2011‬ـ‪.‬‬
‫(‪)48‬‬
‫‪https://www.conseildetat.dz/‬‬
‫(‪)49‬‬
‫‪https://droit.mjustice.dz/‬‬
‫(‪ )50‬بوبشَت زلند أمقراف‪ ،‬تغيَت االجتهاد القضائي بُت النص كالتطبيق‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوـ القانونية كالسياسية‪ ،‬اجمللد ‪ 41‬العدد ‪ ،02‬جواف ‪،2004‬‬
‫ص‪.168‬‬
‫(‪ )51‬أمساء عوامرية‪ ،‬دكر االجتهاد القضائي كمصدر للق انوف اإلدارم يف اجلزائر‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ادلاجستَت يف إطار مدرسة الدكتوراه‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ،1‬السنة‬
‫اجلامعية ‪ ،2015-2014‬ص‪.20‬‬
‫(‪)52‬‬
‫‪J. GHESTIN, L’interprétation d’un arrêt de la Cour de cassation, D. 2004, p. 2240.‬‬
‫(‪ )53‬أشرؼ توفيق مشس الدين‪ ،‬أصوؿ صياغة االحك اـ (اجلزء االكؿ)‪ ،‬اجمللة القضائية‪ ،‬كزارة العدؿ‪ ،‬احملكمة العليا‪ ،‬ادلكتب الفٍت‪ ،‬سلطنة عماف‪،2010 ،‬‬
‫ص‪.69‬‬
‫(‪ )54‬مصطفى أضبد بلخَتية‪ ،‬رسالة القاضي‪ ،‬مؤسسات عبد الكرًن بن عبد اهلل للنشر كالتوزيع‪ ،‬تونس‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدكف تاريخ‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫(‪)55‬‬
‫‪P. JESTAZ, L’urgence et les principes classiques du droit civil, Bibliothèque de droit privé,‬‬
‫‪LGDJ, 1968, p. 9.‬‬
‫(‪)56‬‬
‫‪A. HERVIEU, Op, cit, p. 311.‬‬
‫(‪)57‬‬
‫‪A. HERVIEU, ibid, p. 312.‬‬
‫(‪)58‬‬
‫‪Le petit Larousse illustré, 2006, V° Stable.‬‬
‫(‪)59‬‬
‫‪H. BATIFFOL, Note sur les revirements de jurisprudence, APD 1967, n° 12, p. 338.‬‬
‫(‪)60‬‬
‫‪P. HEBRAUD, Observations sur la notion du temps dans le droit civil, in Etudes offertes à P.‬‬
‫‪Kayser, t. 2, PUAM, 1979, p. 01.‬‬
‫(‪)61‬‬
‫‪P. MALAURIE, Les Enjeux de la codification, AJDA, 1997, p. 642.‬‬
‫(‪)62‬‬
‫‪T. PIAZZON, la Sécurité Juridique, édition Défrénois, France, 2010, p. 31.‬‬
‫(‪)63‬‬
‫‪T. PIAZZON, Op. Cit, p. 30.‬‬
‫(‪)64‬‬
‫‪R. BADINTER, l’exception d’inconstitutionnalité, garantie nécessaire du citoyen, entretien in‬‬
‫‪JCP, 1992, N° 01, p. 3584.‬‬
‫(‪)65‬‬
‫‪G. RIPERT, Les forces créatrices du droit, LGDJ, 2ème éd., Paris, 1955, p. 2.‬‬
‫(‪)66‬‬
‫‪G. RIPERT, Le Déclin Du Droit, LGDJ, Paris, 1949, p. 154.‬‬
‫(‪)67‬‬
‫‪R. DEMOGUE, Les notions fondamentales du droit privé. Essai critique, éd. A. Rousseau, Paris,‬‬
‫‪1911, p. 110.‬‬
‫(‪)68‬‬
‫‪P. MALAURIE, Droit Civil, introduction générale, Cujas, 2eme édition, 1994, N° 630, p 203.‬‬
‫(‪)69‬‬
‫‪P. MALAURIE, Droit Civil, introduction générale, ibid.‬‬
‫(‪)70‬‬
‫‪J.E.M. PORTALIS, Op. Cit, p. XXII.‬‬
‫(‪)71‬‬
‫‪T. PIAZZON, Op. Cit, p 32.‬‬

‫‪4224‬‬
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬

)72(
P. MALINVAUD, Introduction a l’étude du droit, litec, 10ème éd, 2004, N° 153, p. 97.
)73(
J. CARBONNIER, La part du droit dans l’angoisse contemporaine, in Flexible droit. Pour une
sociologie du droit sans rigueur, LGDJ, 9ème éd., 1998, p. 187 et s.
)74(
T. PIAZZON, Op. Cit, p. 34.
)75(
G. CORNU (dir.), Vocabulaire juridique, Association H. Capitant, PUF, 8ème éd. 2008, p. 362.
)76(
T. PIAZZON, Op. Cit, p. 34.
)77(
L'ordonnance n° 2016-131 du 10 février 2016 portant réforme du droit des contrats, du régime
général et de la preuve des obligations.
)78(
P. MALAURIE, Les Enjeux de la codification, Op. Cit, p. 605.
)79(
J. MONEGER, La maîtrise de l’inévitable revirement de jurisprudence : libres propos et images
marines, RTD Civ. 2005, p. 324.
)80(
« Les Lords reconnaissent (…) qu’une adhésion trop rigoureuse à la règle du précédent peut
conduire à de l’injustice dans un cas déterminé et aussi entraver exagérément l’évolution du droit.
Ils se proposent par conséquent de modifier leur pratique actuelle et tout en tenant les décisions
antérieures de cette chambre pour des précédents obligatoires de s’écarter d’une décision ancienne
quand ils penseront devoir le faire. La présente déclaration n’entend pas porter atteinte à
l’application de la règle du précédent ailleurs que dans cette chambre.» J. FLAUSS-DIEM, Le
Practice Statement de 1966 et la règle du précédent à la House of Lords, Justices,1997, p. 356.
)81(
G. CANIVET, Allocution prononcée lors de l'Audience solennelle de début d'année judiciaire, 6
janvier 2005, in Rapport annuel de la Cour de Cassation 2004, La documentation française, 2005, p.
30.
)82(
J. DE CLAUSADE, Op, Cit, p. 737.
.2481‫ ص‬،3‫ ج‬،‫ ادلرجع السابق‬،‫) أضبد سلتار عبد احلميد عمر دبساعدة فريق عمل‬83(
‫ مبدأ‬،‫ رفعت عبد السيد‬.60‫ ص‬،‫ـ‬2018 ،‫ مصر‬،‫ اإلسكندرية‬،‫ دار الوفاء لدنيا الطباعة كالنشر‬،‫ األمن القانوين ألحكاـ قانوف ادلنافسة‬،‫) صربينة بوزيد‬84(
.201‫ ص‬،‫ـ‬2011 ،‫ شركة ناس للطباعة‬،‫ دراسة ربليلية يف ضوء القانوف اإلدارم كالدستورم‬،‫األمن القانوين‬
)85(
P. HEBRAUD, Op, cit, p. 28.
.60‫ ص‬،‫ ادلرجع السابق‬،‫) صربينة بوزيد‬86(
.201‫ ص‬،‫ ادلرجع السابق‬،‫) رفعت عبد السيد‬87(
)88(
Conseil d’État Français, Rapport public 2002, Sécurité juridique et complexité du droit (EDCE
n° 57), 2006, p. 283.
)89(
« La sécurité juridique concerne uniquement la prévisibilité des effets de droit qui découleront
du comportement adopté volontairement par l’auteur des faits » T. PIAZZON, Op. Cit, p. 48.
)90(
H. BATIFFOL, La philosophie du droit, PUF, coll. Que sais-je ?, 10ème éd., 1997, p. 103.
)91(
G. RIPERT, Les forces créatrices du droit, Op, cit, p. 27.
)92(
J.E.M. PORTALIS, Op, cit, p. VIII.
)93(
E. DREYER, La sécurité juridique et le droit pénal économique, in Sécurité juridique et droit
économique, dir. L. BOY, J.-B. RACINE, F. SIIRIAINEN, Droit, Economie internationale, Larcier,
2007, p. 390 et s.
‫ اجمللة ادلصرية‬،‫ الطعن لتجاكز السلطة‬-‫ االختصاص بإبداء الرأم‬،‫ آليات تدعيم دكر زلكمة النقض الفرنسية يف ربقيق العدالة‬،‫) سحر عبد الستار إماـ‬94(
.59‫ ك‬58‫ ص‬،2014 ‫ مارس‬،‫ العدد األكؿ‬،‫للدراسات القانونية كاالقتصادية‬
.18‫ ص‬،‫ ادلرجع السابق‬،‫) أمساء عوامرية‬95(
‫ كيسهراف على‬،‫ « تضمن احملكمة العليا كرللس الدكلة توحيد االجتهاد القضائي يف صبيع أضلاء البالد‬:‫ من الدستور اجلزائرم على أنو‬3/179 ‫) تنص ادلادة‬96(
‫ « يضمن توحيد االجتهاد القضائي اإلدارم يف البالد كيسهر على‬:‫ على أف رللس الدكلة‬01/98 ‫ من القانوف العضوم‬2/2 ‫» كتنص ادلادة‬.‫احًتاـ القانوف‬
،‫ ادلتعلق باختصاصات رللس الدكلة كتنظيمو كعملو‬،‫ـ‬1998 ‫ مام‬30 ‫ىػ ادلوافق ؿ‬1419 ‫ صفر‬4 ‫ ادلؤرخ يف‬01/98 ‫» القانوف العضوم‬.‫احًتاـ القانوف‬
.‫ـ‬1998 ‫ جواف‬01 ‫ بتاريخ‬37 ‫ج عدد‬.‫ج‬.‫ر‬.‫ج‬

4222
‫االجتهاد القضائي ومقتضيات األمن القانوني‬ ‫هيشور أحمد‬

‫(‪ )97‬نواؿ صارم‪ ،‬دكر اعتبار األمن القانوين يف التفرقة بُت األثر الرجعي للقانوف كرجعية االجتهاد القضائي‪ ،‬رللة العلوـ القانونية كاإلدارية‪ ،‬جامعة سيدم بلعباس‪،‬‬
‫عدد ‪ ،11‬ص‪.112‬‬
‫(‪)98‬‬
‫‪J. GHESTIN, G. GOUBEAUX, Traité de droit civil. Introduction générale, LGDJ, 3ème éd.,‬‬
‫‪1990, p. 414.‬‬
‫(‪)99‬‬
‫‪J. L. AUBERT, La responsabilité civile des notaires, Defrénois, 4ème éd., 2002, n° 93.‬‬
‫(‪)100‬‬
‫‪J. L. AUBERT, Pour des rébellions constructives sur la jurisprudence aujourd'hui, RTD Civ.‬‬
‫‪1992, p. 338 et s.‬‬
‫(‪)101‬‬
‫‪J. CARBONNIER, Droit civil Introduction, PUF, Quadrige manuels, 2004, p. 286.‬‬
‫(‪)102‬‬
‫‪C. MOULY, Comment limiter la rétroactivité des arrêts de principe et de revirement ?, Les‬‬
‫‪petites affiches, 1994, n° 53, p. 9.‬‬
‫(‪)103‬‬
‫‪J. RIVERO, Sur la rétroactivité de la règle jurisprudentielle, AJDA 1968, p. 15.‬‬
‫(‪ )104‬تنص ادلادة الثانية من القانوف ادلدين اجلزائرم على أنو‪ « :‬ال يسرم القانوف إال على ما يقع يف ادلستقبل كال يكوف لو أثر رجعي‪.».‬‬
‫(‪)105‬‬
‫اجملرـ‪ .».‬كىي القاعدة اليت تلقفها ادلشرع دبقتضى‬
‫تنص ادلادة ‪ 43‬من الدستور اجلزائرم على أنو‪ « :‬ال إدانة إالٌ دبقتضى قانوف صادر قبل ارتكاب الفعل ٌ‬
‫ادلادة الثانية من قانوف العقوبات بقولو‪ « :‬ال يسرم قانوف العقوبات على ادلاضي إال ما كاف منو أقل شدة‪ .».‬األمر رقم ‪ 156/66‬ادلؤرخ يف ‪ 18‬صفر‬
‫‪1386‬ىػ‪ ،‬ادلوافق ؿ ‪ 8‬جواف ‪1966‬ـ‪ ،‬ادلتضمن قانوف العقوبات ادلعدؿ كادلتم‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج عدد ‪ 49‬بتاريخ ‪ 11‬جواف ‪1966‬ـ‪.‬‬
‫(‪ )106‬زلمود نعماف‪ ،‬موجز ادلدخل للقانوف "النظرية العامة للقانوف كالنظرية العامة للحق‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بَتكت‪1975 ،‬ـ‪ ،‬ص‪ .154‬حبيب إبراىيم‬
‫اخلليلي‪ ،‬ادلدخل للعلوـ القانونية "النظرية العامة للقانوف"‪ ،‬ديواف ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1993 ،‬ـ‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫(‪)107‬‬
‫‪« la rétroactivité d’une règle de droit est certainement la pire menace pour la sécurité et la‬‬
‫‪prévisibilité du droit » C. LEMIEUX, Jurisprudence et sécurité juridique : une perspective civiliste,‬‬
‫‪R.D.U.S. n° 29, 1998-99, p. 237.‬‬
‫(‪)108‬‬
‫‪A. HERVIEU, Op. Cit, p. 266 et s.‬‬
‫(‪)109‬‬
‫‪C. RADE, De la rétroactivité des revirements de jurisprudence, D. 2005, p. 989 et s.‬‬
‫(‪ )110‬زلمود نعماف‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪ .20‬حبيبب إبراىيم اخلليلي‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫(‪)111‬‬
‫‪N. MOLFESSIS (dir.), Les revirements de jurisprudence. Rapport remis à Monsieur le‬‬
‫‪Président G. Canivet, Paris, Litec, Lexis Nexis, 2005, p. 17.‬‬
‫(‪ )112‬فمن يتعمد اإلضرار بالغَت ‪ -‬على سبيل ادلثاؿ ‪ -‬يكوف التزامو بالتعويض التزامان غَت إراد وم‪ ،‬ألف إرادتو كإف استهدفت حصوؿ الضرر ابتداءن فإهنا دل تتجو‬
‫حتمان إذل إنشاء االلتزاـ بالتعويض عنو انتهاءن‪ ،‬كبذلك ال يكوف دبقدكره توقع ما عليو كال دبقدكر الضحية أف يتوقع مالو سواء أكاف ىناؾ تعديل يف االجتهاد‬
‫القضائي أـ دل يكن‪ ،‬كبالتارل ال يغَت ذلك شيئان بشأف إمكانية التنبؤ بالقاعدة السارية‪.‬‬
‫(‪)113‬‬
‫‪X. LAGARDE, Jurisprudence et insécurité juridique, D. 2006, p. 678 et s.‬‬
‫(‪)114‬‬
‫‪J.-G. HUGLO, Op. Cit.‬‬

‫‪4222‬‬

You might also like