Professional Documents
Culture Documents
ØÚõƒÿ Ƒúþ®ƒ® ƒÚغƒ® ÚÑ Ƒºý ÒÙ ƒÚýºÕ ƒÚÛ ¡¡ ÚØ¡ºƒ®ý
ØÚõƒÿ Ƒúþ®ƒ® ƒÚغƒ® ÚÑ Ƒºý ÒÙ ƒÚýºÕ ƒÚÛ ¡¡ ÚØ¡ºƒ®ý
للقرار اإلداري هدفان أولهما تحقيق المصلحة العامة و ثانيهما تحقيق الهدف الذي خصصه المشرع
إلصدار هذا القرار 0
فإذا حاد مصدر القرار عن هما غدا قراره باطال لكونه مشوبا باالنحراف في استعمال السلطة ذلك
العيب الهام من عيوب قرار اإلداري الموجب إللغائه والمتمثل في استخدام رجل اإلدارة لسلطاته بغية
تحقيق غاية غير مشروعة لتعارضها مع المصلحة العامة أو مع الهدف الذي حدده القانون إلصدار
القرار 0
و نظرا لما يتسم به االنحراف عن الهدف المخصص من أهمية و غموض سبه اتسامه بالدقة ,ففيه
يكون القرار باطال حتى لو ابتغى مصدره تحقيق مصلحة عامة 0
و تنظرا ألن كتب الفقه على كثرتها لم تعني بهذا الموضوع برغم أهميته البالغة في الحفاظ على حقوق
األفراد و حرياتهم تجاه تعسف اإلرادة 0
لذا فقد آثارنا إلقاء الضوء – على هذا الموضوع من خالل مبحثين في أولهما نضع تحديدا لمفهوم
قاعدة تخصيص األهداف و في ثانيهما نحصر أوجه االنحراف عن قاعدة تخصيص األهداف و في
ثانيهما نحصر أوجه االنحراف عن قاعدة تخصيص األهداف المتمثلة في الخطأ في تحدي األهداف
المنوط برجل اإلدارة تحقيقها و الخطأ في استعماله لوسائل تحقيق هذه األهداف 0
المبحث األول
إذا كانت القاعدة أن القرارات اإلدارية جميعها و بغير استثناء يجب أن تستهدف تحقيق المصلحة العامة
فإن هناك أيضا قاعدة أخرى تضاف إلى هذه القاعدة و تكملها و تقضي بوجوب استهداف القرارات
اإلدارية تحقيق األهداف الذاتية المتخصصة التي عينها المشرع في المجاالت المحددة لها 0
و يكون القرار اإلداري مشوبا باالنحراف في السلطة في هذه الحالة ,كلما كان الباعث على اتخاذه هو
تحقيق هدف غير الذي أراده المشرع حين منح اإلدارة السلطة في اتخاذ هذا القرار بالذات و و ال يهم
بعد ذلك أن يثبت إن اإلدارة كانت تهدف من القرار الذي اتخذته تحقيق مصلحة عامة ,ما دامت هذه
المصلحة غير المصلحة التي حددها المشرع 0
فالفرق بين االنحراف عن المصلحة العامة و االنحراف عن قاعدة تخصيص األهداف أنه في حالة
انحراف عن مبدأ تخصص األهداف يكون العضو اإلداري حسن النية ال يبغي إال تحقيق الصالح العام ,
و لكنه يستخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما ال يجوز تتحقق بتلك الوسائل أو مما ال
يختص بتحقيقها 0
و معنى ذلك أن لكل قرار إداري هدفين ,أحدهما خاص و هو الذي حدده القانون أو يستفاد من طبيعة
االختصاص و هذا الهدف تختلف و درجة تحديده من حالة إلى حالة أخرى كما أن له دائما هدفا عاما و
هو المصلحة العامة 0
و التخصيص قد يستفاد من صراحة النص حيث حدد المشرع هدفا خاصا لقرارات وزير التموين هو
توفير المواد التموينية للمواطنين و تحقيق العدالة في توزيعها فإذا استهدفت هذه القرارات تحقيق أكبر
عائد اقتصادي للدولة فإنها تكون مشوبة باالنحراف بالسلطة و كذلك القرار الصادر بوقف العامل
المحال للتحقيق عن العمل ,يجب أن يكون الهدف منه هو تحقيق صالح التحقيق فإذا كان الهدف منه
إسناد عمله إلى أخر كفء فإن هذا القرار يكون مشوبا باالنحراف في استعمال السلطة 0
و قد يستخلص الهدف المخصص من روح التشريع أو طبيعة االختصاص فقد حدد المشرع مثال
لسلطات الضبط اإلداري هدفا محددا ,و هو المحتفظة على النظام العام فإذا استعملت اإلدارة سلطاتها
في هذا الخصوص لغير هذا الهدف كان قرارها مشوبا بعيب االنحراف بالسلطة حتى و لو كان الهدف
ال بجانب الصالح العام 0
و في حالة عدم تحديد المشرع للهدف لخاص الذي يتعين أن يحققه القرار يكون تحديد هذا الهدف
متروكا لتفسير القاضي و استخالصه لمراد المشرع و قصده ,حيث يستعمل سلطته التقديرية في تحدي
األهداف الخاصة للقرار بكل الوسائل المكنة كالرجوع إلى األعمال التحضيرية و المذكرات التفسيرية و
تتبع المناقشات التي دارت حول القانون 0
و مفاد ذلك أنه ال يكون للقاضي أي دور أو اجتهاد في تحديدي الهدف الخاص إذا ما كشف عنه
المشرع صراحة و إنما يتعين عليه أن يعمل على تحقيقه و على العكس من ذلك يكون له دور بارز في
استخالصه على نحو ما رأينا إذا لم يكشف عنه المشرع 0
و علة تطبيق قاعدة تخصيص األهداف أن الجهاز اإلداري بمختلف فروعه و تعدد أطرافه و تكاثر
مسئولياته ال يمكن أن يتيح ألي فرد من أعضاء هذه النظام الضخم أن يأخذ على عاتقه تحقيق طائفة
خاصة من المصالح العامة دون الطوائف األخرى حيث إن التنظيم الهيكلي لإلدارة الذي يترتب عليه أن
السلطة الممنوحة للموظف يقابلها مجال معين من المصلحة العامة يتعين عليه تحقيقه و عدم خلطه مع
مجاالت المصلحة العامة األخرى 0
فالقانون هنا عين له الهدف وحدده و الذي من أجل بلوغه منحه السلطة فإن هو استخدم هذه السلطة
للوصول إلى هدف أخر و لو كان يحقق مصلحة عامة فإن قراره يكون مشوبا باالنحراف بالسلطة 0
و يرى جانب من الفقه أن ضرورة االنحراف بالسلطة المتمثلة في مخالفة قاعدة تخصيص الهداف أقل
خطورة من صورته المتمثلة في مخالفة قاعدة تخصيص األهداف أقل خطورة من صورته المتمثلة في
مجانية المصلحة العامة ألن رجب اإلدارة في الحالة األولى لم يتجاوز نطاق الصالح العام ليعمل على
تحقيق صالح شخصي و إنما اقتصر على مخالفة الهدف الذي حدده له المشرع و جعل قراراته
مرصودة على تحقيقه كما إنه في حالة االنحراف عن قاعدة تخصيص األهداف يكون العنصر اإلداري
حسن النية ال يبغي إال تحقيق الصالح العام و إن استخدم ما بين يديه من وسائل لتحقيق أغراض مما ال
يجوز أن تتحقق بتلك الوسائل أو مما ال يختص تحقيقها 0
إال أن هناك جانب أخر من الفقه ذهب بحق إلى أن ذلك ال ينفي خطورة االنحراف عن قاعدة تخصيص
األهداف و ذلك بالنظر إلى اآلثار المترتبة عليها من اعتداء على حقوق األفراد ال يعنيهم أن كون
الهدف المبتغي من تصرف اإلدارة قصدت به تحقيق مصلحة عامة أم ال إنما يعنيهم ما موقع عليه من
اعتداء سبه خروج اإلدارة عن قاعدة تخصيص األهداف 0
و قد وجدت هذه القاعدة تطبيقا لها في قضاء مجلس الدولة الفرنسي حيث دأب على إلغاء قرارات
اإلدارة التي يثبت لديه خروجها عن تحقيق الهدف المخصص 0
حيث قضى بإلغاء قرار المحافظ و الصادر بتقرير المنفعة العامة لقطعة أرض مملوكة للسيد
BARONو ذلك لالنحراف بالسلطة حيث تبين للمجلس من الظروف المحيطة بالدعوى أن ما أعلنته
البلدية من ضرورة المحافظة على الطابع الهادئ للمنطقة السكنية المجاورة لألرض المذكورة ليس من
األهداف التي ألجلها يتقرر نزع الملكية للمنفعة العامة 0
كما قضى بإلغاء قرار المحافظ الصادر بتقرير المنفعة العامة لألرض المملوكة للسيد
SCHEWARTZإلنشاء مالهي و حمام سباحة ,ذلك أن القرار ال هدف إلى المحافظة على صحة
العامة و إنما يهدف إلى تطوير أنشطة الترفيه الخاصة بالبلدية 0
و قد كان إلغاء مجلس الدولة لقرار المحافظ في القضيتين سبه خروج المحافظ على الهدف المخصص
لتقرير المنفعة العامة و هو المحافظة على النظام العام بمدلوالته الثالثة و كان إلغاء مجلس الدولة
للقرارين بالرغم من ابتغائهم تحقيق مصلحة عامة 0
و قد كان لمجلس الدولة المصري ذات الموقف الذي يؤكد ضرورة احترام قرارات اإلدارة للهدف الذي
حدده المشرع إلصدارها و إال قضى بإلغائها لخروجها على قاعدة تخصيص األهداف 0
فقد كان لمحكمة القضاء اإلداري منذ البداية موقف واضح في هذا الشأن حيث ذهبت إلى أنه "ال
يجوز اتخاذ أي من التدابير أو اإلجراءات التي يجيزها الشارع ,لتحقيق هدف أخر مغاير للهدف
األساسي الذي قصد إليه الشارع و لو كان هذا الهدف محققا للصالح العام بمعناه لشامل ,و ذلك تطبيقا
لقاعدة أصولية هي المصطلح على تسميتها قاعدة تخصيص األهداف و جزاء مخالفة تلك القاعدة بطالن
تلك القرارات لكونها مشوبة باالنحراف بالسلطة و الذي يتمثل في عدم احترام اإلدارة لركن الغاية من
التشريع 0
و إذا كان قضاء محكمة القضاء اإلداري قد اتسم منذ البداية بإدخال مخالفة قاعدة تخصيص األهداف
ضمن حاالت االنحراف بالسلطة فإن قضاء المحكمة اإلدارية العليا قد مر في هذا الشأن بمرحلتين ففي
البداية لم تسلم المحكمة اإلدارية العليا بما ذهبت إليه محكمة القضاء اإلداري ,و قدمت أحكام تضييق
فيها من نطاق االنحراف بالسلطة بحيث تقتصره على حالة استهداف مصلحة خاصة فقط دون حالة
مخالفة قاعدة تخصيص األهداف حيث كانت تشترط لقيام االنحراف بالسلطة توافر سوء النية لدى
مصدر القرار اإلداري و لذلك قضت بأنه " إذا لم يكن لدى اإلدارة هذا القصد ,بدافع من هوى أو تعد
" أو انتقام فال قيام لعيب إساءة استعمال السلطة 0
غير أن الفقه انتقد هذا التطبيق لعيب االنحراف بالسلطة حيث لم يلق استجابة لديه استنادا لعيب
االنحراف بالسلطة يقوم مع حسن النية إذا خالفت اإلدارة قاعدة تخصيص األهداف 0
و قد عدلت المحكمة اإلدارة العليا في أحكامها الالحقة لحكم السابق عن مذهبها في التضييق من نطاق
عيب االنحراف بالسلطة آخذة بوضوح بقاعدة تخصيص األهداف حيث قضت بأنه " ‘ذا ما عين
المشرع غاية محددة ,فإنه ال يجوز لمصدر القرار أن يستهدف غيرها و لو كانت هذه الغاية تحقيق
مصلحة عامة "
و قضت أيضا بعدم شرعية قرار ضبط بإغالق سوق خاصة يوم االثنين من كل أسبوع ليحقق رواج
سوق مجلس قروي الوسطي الذي أصابه الركود 0
و أخيرا قضت بانعدام قرار ضبط تضمنه ترخيص سوق عمومي يستهدف مصلحة مالية بتخويل
المرخص له تحصيل مقابل إشغال الطريق العام للمجلس المحلي 0
و الواقع أن ما انتهت إليه المحكمة اإلدارية العليا من عدم اشتراط سوء نية مصدر القرار للقضاء
باالنحراف بالسلطة هو قضاء محمود فإلى جانب ما يترتب عليه من إدخال مخالفة قاعدة تخصيص
األهداف ضمن حاالت االنحراف بالسلطة فإن فيه تشديدا لقبضة القضاء على رجل اإلدارة الذي ينحرف
بسلطته حيث أنه في ظل القضاء السابق و الذي يشترط سوء النية يوسع رجل اإلدارة اإلفالت من إلغاء
قراراه لمجرد إثباته أنه كان حسن النية حين أصدر و يترتب على ذلك الهروب من اإللغاء مما يؤدي
إلى اإلضرار بمصلحة من اعتدى القرار المشوب باالنحراف على حقوقه و حرياته و الذي كل ما
يصبو إليه هو إلغاء هذا القرار الخاطئ و التعويض عن األضرار التي مني بها من جرائه ,و ال يعنيه
في سيئ ما إذا كان رجل اإلدارة سيئا أو حسن النية 0
و مما ساعد على انتشار االنحراف بالسلطة المتمثل في االنحراف عن قاعدة تخصيص األهداف قيام
نظام ال مركزي تتمتع فيه السلطات اإلقليمية و المركزية بجانب كبير من االستقالل في استعمال سلطتها
فعيب االنحراف يستلزم قيام سلطة تقديرية و من الطبيعي أال يخطئ العضو اإلداري خطأ من هذا القبيل
إال إذا تنوعت السلطات التي تحت يديه و كان له بعض الحرية في استعمالها 0
و لالنحراف عن قاعدة تخصيص األهداف وجهان يضمان صورا عديدة سوف تكون موضوع المبحث
التالي :
المبحث الثاني :
المطلب األول
في هذه الصورة يستعمل رجل اإلدارة سلطته التقديرية في تحقيق أهداف
عامة غير منوط به في تحقيقها حيث إن القانون لم يجعلها من بين
األهداف التي يتعين على رجل اإلدارة أن يحققها باستعمال ما بين يديه
من سلطات 0
الفرع الثاني :استعمال السلطة اإلدارية لفض نزاع ذي صبغة مدنية 0
الفرع الثالث :منع خدمات اإلدارية عن أحد األفراد إلجباره على إتيان
تصرف معين 0
الفرع األول
يعد االستيالء من الممكنات الخطيرة التي تملكها اإلدارية و التي يمكن أن
تهدد ملكية األفراد و حقوقهم المالية و بالتالي فإنه من المحتم أن ينفذ
تنفيذا دقيقا في حدود القانون و دواعيه و البواعث المشروعة لدى اإلدارة
إلعمال هذا االمتياز على خطورته يمكن أن تجد تبريرها في أن اإلدارة
مكلفة بإقامة و رعاية الصالح العام ,و قد يكون االستيالء وسيلة لحصول
اإلدارة على بعض احتياجاتها التي أعوزتها الوسائل العادية في الحصول
عليها و قد كون وسيلة لمواجهة ظروف طارئة قد تهدد األمن الداخلي أو
الخارجي لمواجهة كارثة عامة و نحو ذلك 0
و قد عرف بعض الفقهاء االستيالء بأنه عملية تقوم بها السلطة اإلدارية
من جانب واحد و بإرادتها المنفردة في مواجهة شخص طبيعي أو معنوي
يلزم هذا األخير بموجبها بأن يقدم لها أو للغير خدمة معينة أو عقارا معينا
الستخدامه أو منقوال الستخدامه أو تملكه و ذلك من أجل إشباع احتياجات
طارئة و مؤقتة تتعلق بالمصلحة العامة في ظل الشروط المقررة قانونا 0
و إذا كان المشرع يمنح اإلدارة سلطة االستيالء على المواد الغذائية و
األولية و المساكن و غيرها فإن هي حادت عن تلك األغراض مبتغية
تحقيق غيرها فإنها تكون قد انحرفت بتلك السلطة عن غاياتها مما يستتبع
إلغاء قرار اإلدارة النحرافها بسلطتها في إصداره و مبرر إلغاء
يلزم لمشروعية قرار االستيالء وسيلة استثنائية ,تتضمن قيدا على حق
الملكية عبثا عليها ال يبره إلى الصالح العام الذي يحدده المشرع صراحة
في القانون و من ثم ال يجوز لوزير التموين اللجوء إليها إال إذا استنفذت
جميع الوسائل العادية المتاحة و لم يجد بعدها إلى هذه الوسيلة االستثنائية
لتحقيق الهدف الذي تغياه المشرع من ضمان تزويد البالد بالمواد التموينية
و تحقيق العدالة في توزيعها فيكون في هذه الحالة ضرورة ملحة اقتضاها
الصالح العام ,شريطة أن تدر هذه الضرورة بقدرها و أال تجاوز حدودها
"
و قد أصدرت المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن حكما هاما حين
قضت عدم دستورية المادة األولى من القانون رقم 52لسنة 1955
بتخويل وزير التعليم سلطة االستيالء على العقارات الالزمة للوزارة و
معاهد التعليم و من بين ما استندت إليه المحكمة في حكمها أن البين من
النصوص التي تضمنها القانون المطعون فيه أن االستيالء وفقا لألحكام
التي تضمنته مادته األولة ليس موقوتا بل متراخيا إلى غير حد و موكول
انتهاؤه إلى السلطة التقديرية لوزير التعليم و تخرج بذلك األموال من
السلطة الفعلية ألصحابها 000مما يعتبر غصبا لها يحيل أصلها عدما
بل إن اغتيالها على هذا النحو يمثل أسوأ صور العدوان عليها التخاذه
الشرعية ثوبا و إطارا و انحرافه عنها قصدا و معنى فال تكون الملكية
التي كفل الدستور صونها إال سرابا و وهما 0
مشكالت تمتد إلى نعظم نواحي الحياة ال سيما ما تعلق منها بالغذاء و
المسكن إال أن هذه السلطة باعتبارها سلطة استثنائية كانت محددة دائما
بالغرض الذي من أجله منحت و قد عني المشرع الفرنسي بتحديد تلك
األغراض فإذا ما غفلت عنها اإلدارة سهوا أو عمدا ألغي مجلس الدولة
قراراها لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء القرار اإلداري الصادر
باالستيالء على كمية جبن مملوكة للطاعن ألنه قام بتصدير كمية جبن
غير مشروعة و قد قرر مجلس الدولة في هذا الحكم " و حيث إن قرار
مدير التموين باالستيالء على كمية جبن مملوكة للطاعن إنما من أجل
توقيع جزاء عليه لقيامه بتصدير كمية جبن بطريقة غير مشروعة و
بالتالي فإن اإلدارة تكون قد استعملت حقها في االستيالء من أجل غرض
أخر يختلف عن الغرض الذي تقرر هذا الحق من أجله و بناء عليه فإن
قرار االستيالء يكون مشوبا باالنحراف بالسلطة "
الفرع الثاني :
لكل سلطة من سلطات الدولة الثالثة اختصاص ثابت يتعين عليها التزام
حدوده ليكون عملها مشروع 0
و إذا كان المشرع قد خص السلطة القضائية بالفصل فيما ينشأ بين األفراد
من نزاع و حسمه بحكم قضائي تنفيذه ملزم للكافة ,فإن محاولة اسلطة
اإلدارية اإلطالع بهذا الدور يجعل ما يصدر عنها من قرارات في هذا
الشأن خارجة عن نطاق المشروعية مشوبة باالنحراف بالسلطة و ذلك
بالرغم من نبل الغاية و استهدافها تحقيق صالح عام متمثل في تحقيق
السالم االجتماعي 0
من أجل ذلك كان ما تصدره اإلدارة من قرارات مستعملة فها سلطتها
قاصدة فض نزاع ذي صبغة مدنية يكون مصيرها دوما اإللغاء القضائي
0
و قد سار مجلس الدولة المصري على ذات الدرب حيث أعلنت محكمة
القضاء اإلداري عن موقفها في هذا الشأن بوضوح في حكم لها ذهبت إلى
أنه " قد بان للمحكمة أن المصلحة العامة اقتضت إنشاء خط تنظيم في
الشارع الواقع عليه منزل المدعي و حيث إن هذا التنظيم قد تخلفت عنه
القطعة موضوع النزاع فأصبحت من األمالك الخاصة التي يصح
التصرف فيها و يكون للمالك المجاور لها حق الشفعة العادي ,المقرر في
القانون المدني للجار المالصق و من حيث إن البلدية قد صدر عنها فعال
للمدعي وعدا بالبيع بعد أنه هذا الوعد زاحمته عائلة أخرى و انتهى المر
بصدور القرار المطعون فيه بإلغاء زوائد التنظيم المذكورة و إعادتها
للشارع مما يحدث فيه فجوة و انبعاجا ال يتفق مع التنظيم و من حيث إن
هذا التصرف قد يؤدي إلى فض المنازعة و التزاحم بين جارين بشأن
شراء أرض أو االنتفاع بها إال أنه ال يدخل ضمن وظيفة البلدية فض
المنازعات الخاصة أو صيانة المن بل أن وظيفتها هي التنظيم الهندسي
للمدينة " و انتهت المحكمة في حكمها باإللغاء القرار الذي قصدت به
اإلدارة فض نزاع ذي صبغة خاصة 0
الفرع الثالث
لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بإلغاء قرار اإلدارة حيث استخدمت
سلطة الضبط اإلداري إلجبار المتعاقد معها على الوفاء بالتزاماته التعاقدية
0
المطلب الثاني
و على ضوء ما تقدم يمكن تعريف االنحراف باإلجراء بأنه مخالفة رجل
اإلدارة و هو بصدد تحقيق هدف يتعلق المصلحة العامة و يدخل في
اختصاصاته تحقيقه لإلجراء الذي حدده المشرع لتحقيق هذا الهدف و
يترتب على مخالفة رجل اإلدارة للوسيلة القانونية التي حددها المشرع و
لتحقيق هذا الهدف يترتب على مخالفة رجل اإلدارة للوسيلة القانونية التي
حددها المشرع لتحقيق أحد أهداف المصلحة العامة ,و تحقق االنحراف
باإلجراء دون اعتبار للباعث الذي دفع برجل اإلدارة لالنحراف عن
اإلجراءات المقرة قانونا فال عبرة للباعث الستقالل المخالفة عن الدافع
إليها 0
كما تبرز أهميته في انطوائه على إخالل مزدوج بالقانون بمعناه الواسع
حيث يتضمن إخالال بالنص الذي أنشأ اإلجراء الذي استعملته اإلدارة و
من ناحية إخالال بالنص الواجب اإلتباع مما يؤدي إلى تعديل في شروط و
مجال تطبيق القانون على خالف إرادة المشرع كما أنه غالبا ما يكون
مصحوبا باإلسناد إلى أسباب غير حقيقية أو إغفال بعض الشكليات و من
هنا ظهرت خطورة االنحراف باإلجراء التي برت أهميته في الواقع
العملي 0
ثار خالف في الفقه الفرنسي و المصري حول كما إذا كان االنحراف
باإلجراء يمثل عيبا قائما بذاته من عيوب المشروعية أم أنه يدخل في
نطاق عيب االنحراف بالسلطة حيث انقسم الفقه في هذا الشأن إلى
اتجاهين سوف نتناول كل اتجاه و أسانيده على النحو التالي :
و قد وجد هذا االتجاه صدى لدى البعض الفقه المصري و الذي ذهب إلى
تمتع االنحراف باإلجراء بذاتية مستقلة عن عيب االنحراف بالسلطة
استنادا إلى أن االنحراف في حالة مخالفة اإلجراءات ال يقوم على سلطة
إنما يقوم على إجراء وفقا للمفهوم الواسع لإلجراء و الذي يعني الوسيلة
القانونية كما أن الهدف اذي يسعى رجل اإلدارة إلى تحقيقه في حالة
االنحراف باإلجراء يتعلق دائما بالمصلحة العامة في حين أنه ال يكون
كذلك على الدوام في حاله على إجراء وفقا للمفهوم الواسع لإلجراء و
الذي يعني الوسيلة القانونية كما أن الهدف الذي يسعى رجل اإلدارة إلى
تحقيقه في حالة االنحراف باإلجراء يتعلق دائما بالمصلحة العامة في حين
أنه ال يكون كذلك على الدوام في حاله على إجراء وفقا للمفهوم الواسع
لإلجراء و الذي يعني الوسيلة القانونية كما أن الهدف الذي يسعى رجل
اإلدارة إلى تحقيقه في حالة االنحراف باإلجراء تعلق دائما بالمصلحة
العامة في حين أنه ال يكون كذلك على الدوام في حالة االنحراف بالسلطة
فهو قد يكون منيت الصلة بالمصلحة العامة و قد يكون متعلقا بها كما في
حالة مخالفة قاعدة تخصيص األهداف حيث يستخدم رجل اإلدارة سلطته
من أجل تحقيق غرض يتعلق بالصالح العام ,و لكن يدخل في اختصاصه
تحقيقه و في هذا يختلف االنحراف بالسلطة عن االنحراف باإلجراء و
الذي يكون فيه رجل اإلدارة دائما مختصا بتحقيق الهدف الذي يسعى إليه
و ذلك على خالف الوضع في االنحراف بالسلطة و الذي يستهدف فيه
رجل اإلدارة إعمال تحقيق غرض منبت الصلة بالمصلحة العامة و بالتالي
ال يدخل في اختصاص أو اختصاص أي جهة إدارية و إما أن يستهدف
تحقيق غرض يتعلق بالصالح العام و لكنه ال يدخل في اختصاصه تحقيق
هذا الغرض ,و للتدليل على اختالف االنحراف بالسلطة عن االنحراف
باإلجراء ذهب أنصار هذا الرأي إلى أن األول يقوم على فكرة وجود
إجراءين و هذا ألمر ليس ضروريا في الثاني 0
و قد حظي ذلك االتجاه بتأييد واسع من الفقه المصري و الذي دهب إلى
أنه إذا استعملت اإلدارة إجراءات غير تلك التي هي مقررة قانونا فهي
بذلك تستعمل اإلجراءات في غير موضعها و لغير الهدف المخصص و
ذلك هي تخالف قاعدة تخصيص األهداف و من ثم فإن االنحراف
باإلجراء ليس عيب جديد يختلف عن عيب االنحراف بالسلطة فإذا خالف
رجل اإلدارة الهدف المخصص فإنه يرتكب انحرافا بالسلطة في صورة
مخالفة قاعدة تخصيص األهداف حيث إن رجل اإلدارة و إن كان منوطا
به تحديد الهدف إال أنه لم يستعمل في ذلك ما حدده له القانون من وسائل
و كان دليل هذا الفقه على أن االنحراف باإلجراء صورة لعيب االنحراف
بالسلطة أن التحق من االنحراف باإلجراء يكشف بوضوح عن االنحراف
عن استعمال السلطة دون الحاجة إلى البحث عن مقاصد متخذ القرار
معنى أن االنحراف باإلجراء يتضمن الدليل الموضوعي على االنحراف
بالسلطة 0
بعد استعراض االتجاه الذي يرى في االنحراف باإلجراء عيبا مستقال من
عيوب القرار اإلداري و االتجاه الذي يراه أحد صور االنحراف بالسلطة
و و بعد إيضاح أسانيد كل اتجاه فإننا نعتقد أن االنحراف باإلجراء ال
يمكن أن يكون عيب مستقل من عيوب مشروعية القرارات اإلدارية حيث
ال يعدو أن كون أحد صور عيب االنحراف بالسلطة إلى سلطة و استناد
االنحراف باإلجراء إلى إجراءات حيث أنهم لم يضعوا معيارا يفصل ما
بين السلطة و اإلجراء كما أن ما ذهبوا إليه من أن الهدف الذي يسعى إليه
رجل اإلدارة في حالة انحرافه باإلجراءات يتعلق دائما بالمصلحة العامة
أمر ال يمكن التعميم به فأحيانا قد يقصد باالنحراف باإلجراء ما هو
مخالف للمصلحة العامة ,كما لو قصد به حرمان شخص من ضمانة
كفلها له القانون كما هو الشأن في حالة توق\يع يع جزاء مقنع على
موظف دال من اتخاذ اإلجراءات التأديبية تجاهه و التي تمكن من خاللها
من الدفاع عن نفسه و الطعن على قرار الجزاء بالسبل المشروعة 0
إذا أضفنا إلى ذلك أن هذا الرأي لم يلق مساندة تشريعية حيث لم يذكر
المشرع االنحراف باإلجراء كوجه مستقل إللغاء القرار اإلداري
و لم يلق تطبيقا قضائيا حيث استقرت أحكام القضاء على إلغاء قرارات
اإلدارة لكونها مشوبة بعيب االنحراف بالسلطة بالرغم من االنحراف
باإلجراء فيها في غاية الوضوح فإننا نستخلص من أن اتجاه اعتبار
االنحراف باإلجراء عيبا مستقال ال سند له من القانون أو التطبيق في
الواقع العملي 0
قد تنشد إحدى السلطات اإلدارة المحلية الحصول على موارد لتغطية أوجه
إنفاقها المتزايدة دون اللجوء إلى الموازنة العامة للدولة ,اللجوء إلى
الموازنة الهامة للدولة فتقوم بابتداع مصادر جديدة لإليرادات أو تزيد من
حصيلة المصادر القائمة فعال ,و ال شك أن ابتغاء هذه السلطات زيادة
دخلها هدفه تحسين الخدمة التي تؤديها للمواطنين و هي غاية مشروعة
لتمشيها مع الصالح العام دون شك إال أنها في سبيل ذلك قد تنحرف
بالسلطة المخولة لها و ذلك بإتباع أساليب لم يمنحها القانون حق استعمالها
و ذلك لعلمها أن تلك الوسائل تمكنها من الوصول إلى مآربها في سهولة
و يسر
تنازع موقف مجلس الدولة الفرنسي و المصري و هما بصدد تقرير مدى
مشروعية انحراف اإلدارة بسلطتها بقصد تحقيق أهداف مالية ,اتجاهين
قررا في أحدهما عدم مشروعية تلك القرارات لخروجها على قاعدة
تخصيص الهداف 0و اقرأ في األخر مشروعيتها و ذلك تحت تأثير
ضغط ظروف معينة 0
وفقا لهذا االتجاه استقرت أحكام مجلسي الدولة الفرنسي و المصري على
إلغاء قرارات اإلدارة التي ابتغت من وراء إصدارها تحقيق أهداف مالية
و تأسيسا على خروج تلك القرارات على الهدف المخصص ,و الذي
ألجله منحت اإلدارة سلطة التقرير ,و قد دأب القضاء على إلغاء مثل
تلك القرارات ,أياي كانت الوسيلة التي اتبعتها اإلدارة لوصول إلى تحقيق
مصلحتها المالية سواء كان ذلك عن طريق انحراف اإلدارة بسلطة الضبط
اإلداري أو استعمالها المنحرف إلجرائي نزع الملكية للمنفعة العامة و
االستيالء المؤقت على العقارات ,أو انحرافها بسلطة إصدار خط التنظيم
0
استقر القضاء اإلداري الفرنسي على استخدام سلطة الضبط لتحقيق أحد
أغراض المصلحة العامة يعد انحرافا بالسلطة حيث تمارس اإلدارة
سلطات الضبط اإلداري من أجل تحقيق هدف خاص و محدد ,هو
المحافظة على النظام العم ,بعناصره المحددة " األمن و الصحة السكانية
" فإذا ما استخدمت هذه السلطات لتحقيق أغراض أخرى كانت قراراتها
غير مشروعة لالنحراف بالسلطة
و بعد استخدام اإلدارة لسلطة الضبط اإلداري لتحقيق أهدافها المالية من
أخطر صور هذا النوع من االنحراف بالسلطة ,حيث يصعب على
األفراد اكتشافه فاإلدارة تحت ستار أغراض الضبط اإلداري الثالثة ,تلجأ
إلى تحقيق مصلحتها المالية
لذلك ذهب مجلس الدولة الفرنسي في أحكامه السابقة على عام 1930
إلى إلغاء مثل تلك القرارات و كان قضاؤه حاسما في قضية عيدان
الحكومة الفرنسية احتكرت صناعة الثقاب ,و لضمان عدم المنافسة من
المصانع األخرى قامت بإغالق المصانع التي لم تحصل على ترخيص
سليم بمباشرة أعمالها و بالرغم من أن إغالق تلك المصانع يدخل في
نطاق النظام العام الذي تختص بتحقيقه سلطة اضبط اإلداري إال أن
مجلس الدولة الفرنسي ألغى قرار الغلق حيث ثبت لديه أن غايته ليس
تحقيق النظام العام ,و إنما لمساعدة اإلدارة ماليا و هي وسيلة غير
مقررة قانونا و من ثم يكون قرارها مشوبا باالنحراف في اسلطة 0
و لقد تكرر هذا اإللغاء في أحكام أخرى عديدة لذات السبب ,و من أمثلة
ذلك إلغاء قرار يقضي بمنح احتكار البلدية boulogneبتسيير عربات
الشاطئ و قصره عليها ,و كان ذلك بقصد جلب منفعة مالية لها "
و سبب اإللغاء في تلك الحالة أن قلم المرور ليس معنيا سوى بتحصيل
المبالغ المستحقة له فقط و التي هي شرط استصدار الترخيص ,فإن هو
استعمل تلك السلطة بهدف تحصيل مبالغ مستحقة لجهات أخرى فإنه يكون
قد استعمل تلك السلطة بهدف تحصيل مبالغ مستحقة لجهات أخرى ,فإنه
يكون قد استعمل سلطته في غير ما أعدت له و يكون قراره في هذا
الشأن مشوبا باالنحراف
و أيدت المحكمة اإلدارية العليا هذا التجاه حيث ألغت قرار اضبط صادر
باألوراق سوق خاصة يوم االثنين من كل أسبوع ليتحقق رواجا لسوق
عمومي 0
و إذا كان لإلدارة سلطة تقديرية في هذا الشأن إال أنها خاضعة لرقابة
القضاء للتأكد من استمرارية المنفعة العامة المراد تحقيقها بتلك الوسائل و
كذلك التأكد من مدى لزوم العقارات المزمع نزع ملكيتها لتحقيق النفع
العام ,الذي ألجله لجأت اإلدارة إلى ذلك اإلجراء االستثنائي 0
فإذا كان ما رمت إليه اإلدارة من وزراء إصدار قرار نزع الملكية هو
تحقيق نفع مالي لها فإنها تكون قد انحرفت عن قاعدة تخصيص
األهداف ,و يكون قرارها الصادر بنزع الملكية مشوبا باالنحراف
بالسلطة ,حيث إن تحقيق نفع مادي لإلدارة و إن كان يدخل في نطاق
تحقيق المصلحة العامة إال أنه ليس هو الهدف الذي من أجله منح المشرع
اإلدارة سلطة نزع الملكية 0
و تطبيقا لذلك ألغى مجلس الفرنسي قرارا أصدره محافظ كان المقود به
تمكين البلدية الضرورية بها ,من اكتساب ملكية بعض العقارات بطريق
نزع الملكية بهدف إنشاء بعض المرافق البلدية الضرورية بها ,حيث
ألغى المجلس القرار استنادا إلى أنه مشوب باالنحراف بالسلطة حيث كان
مرماه تحقيق مصلحة مالية للبلدية ال يختص المحافظ بتحقيقها
كما ألغى قرار لوزير الحربية الذي لجأ فيه إلى نزع ملكية قطعة أرض
للتهرب من نفقات إعادتها إلى حالتها قبل التأجير لوزارة الحربية ,و
الذي نجم عنه إحداث عطب شديد باألرض بسبب سوء استعمال و كان
المجلس و كلن سند المجلس في اإللغاء أن اإلدارة استعملت سلطة نزع
الملكية في غير ما تقررت ألجلها تلك السلطة
و في هذا الحكم يتأكد أن تحقيق النفع المالي لإلدارة يتخذ صورة إيجابية
و ذلك بإضافة مبالغ جديدة لميزانية الهيئات اإلدارية على النحو الوارد
بالحكم األول ,و قد يتخذ هذا النفع صورة سلبية و ذلك بعدم إخراج
مبالغ من تلك الميزانية و يؤكدها الحكم الثاني ,و إذا قصدت اإلدارة
تحقيق أي من الصورتين في قرارها بنزع الملكية كان هذا القرار مشوبا
باالنحراف في السلطة 0
و تحقيقا لمبدأ عدم جواز استعمال سلطة نزع الملكية لتحقيق نفع اإلدارة
المادي ,ألغت المحكمة اإلدارية العليا قرار رئيس مجلس الوزراء و الذي
استصدرته إحدى الجامعات بنزع الملكية لبعض األفراد الستكمال منشآتها
الجامعية ,حيث ثبت أن الجمعية تصرفت في أرض مملوكة لها في
تاريخ صدور قرار نزع الملكية ,حيث ذهبت إلى أن في ذلك إساءة
الستعمال اسلطة ,و تجاوز الغاية التي حددها الدستور و القانون ,و لما
في ذلك المساس بالملكية الخاصة مع تنكب للغاية التي قامت عليها فكرة
التضحية بالمصالح الشخصية لحساب الصالح العام 0
و هذا الحكم ألرسى مبدأ جديدا و هو أنه ال يشترط إللغاء قرار نزع
الملكية للمنفعة العامة أن يكون هذا القرار قصد به تحقيق نفع مادي مباشر
لإلدارة ,بل يكفي لذلك أنت يكون هذا النفع غير مباشر و هو ما حدث
مشار إليه إله في الطعن السابق ,حيث إن اإلدارة استفادت ماديا بحصيلة
بيع األراضي التي تصرفت فيها ,و التي كان بوسعها إنشاء ما تشاء
عليه من منشآت ,و من ثم فال تجوز لها استصدار قرار بنزع ملكية
عقارات مملوكة لألفراد لتحقيق ذات الغرض حيث إن قرار تنوع الملكية
للمنفعة العامة يكتسب مشروعيته ,إذا ثبت أنه لم يكن هناك وسيلة لتحقيق
المنفعة العامة إال باللجوء إلى تلك الوسيلة االستثنائية 0أما و قد ثبت أنه
كان بوسع اإلدارة ذلك ,إال أنها فضلت عليه تحقيق نفعها المادي و الذي
يعود عليها من حصيلة البيع ,فإن قرار نزع الملكية يكون مشوبا
باالنحراف بالسلطة لكونه ستارا للتغطية على االستفادة المادية التي حازت
عليها اإلدارة 0
كما ألغى قرار اتخذته إحدى المدن باالستيالء المؤقت على قطعة أرض
إلنشاء ملعب محلي عليها و استند مجلس الدولة في إلغاء هذا القرار إلى
أن المنشآت التي تريديها المدينة من االستيالء المؤقت لها صفة الدوام و
بالتالي فإنه كان يتعين اللجوء إلى إجراء نزع الملكية في حالة عدم توافر
االتفاق الودي 0
و قد تصدى مجلس الدولة إللغاء قرارات اإلدارة التي قصدت بها استعمال
سلطة االستيالء المؤقت كبديل لنزع الملكية للمنفعة العامة و ذلك بهدف
تحقيق نفع مادي لها ,و قد ذهبت محكمة القضاء اإلداري في حكم شارح
لها إلى أنه " حيث أن المشرع حرص على وصف االستيالء بأنه
مؤقت ,تميزا له عن نزع الملكية ,و من حيث أن الحكومات أصدرت
القرار المطعون فيه باالستيالء مؤقتا على أرض المدعيات تمهيدا لنزع
الملكية على ما جاء في دفاعها فاتجاهها واضح بأن وضع يدها منذ البداية
بصفة دائمة و سبيل ذلك إنما كون باستصدار مرسوم خاص بنزع الملكية
,أما االتجاه إلى نظام االستيالء المؤقت فهو اتجاه غير سليم ,و يجافي
ما استهدفه الشارع من هذا النظام و من ثم يكون قرار اإلدارة في هذا
الشأن مشوبا باالنحراف بالسلطة 0
و قد فرق هذا الحكم ما بين االستيالء المؤقت و االستيالء الدائم حيث ال
يجوز اللجوء إلى األول هربا من االلتجاء إلى الثاني و في حالة إقدام
اإلدارة على ذلك يكون قراراها مشوبا باالنحراف في استعمال السلطة 0
فقد قضى بأنه " حيث إن جهة اإلدارة تهدف إلى افتتاح طريق جديد فإن
ذلك يترتب عليه عدم إمكانية تطبيق ارتفاق خط التنظيم و ن اكتساب
ملكية األرض الضرورية لهذا الغرض ,يتم بواسطة نزع الملكية 0
كما ذهب إلى أنه قد ترتب على خطة التنظيم أن الحدود الجديدة لطريق
ما سوف يضم داخلها عقارا كامال أو للجزء األكبر منه فإنه في هذه
الحالة ال يكون هناك مجال لتطبيق خطة التنظيم و هذا العقار ال يمكن
إلحاقه بالطريق العام إال بوسيلة نزع الملكية 0
و إلغاء القضاء لتلك ا القرارات يجد مبرره ,في أنه إذا كانت سلطة
اإلدارة في إصدار خط التنظيم ينبع من مسئوليتها عن تحسين الطرق ,
مما ينعكس بصورة إيجابية على جمهور المتعاملين مع هذه الطرق ,كما
أنم مالك العقارات التي طرأت عليها التحسينات يستفيدون من ذلك حيث
ترتفع القيمة االقتصادية لعقاراتهم إال أن ذلك ال يبرر انحراف اإلدارة في
إصدار خطة التنظيم ,هادفة منذ لم تحقيق مصلحتها المالية لمل في ذلك
من اعتداء على حق الملكية المقرر دستوريا 0
كان المبدأ العام الذي سار عليه القضاء الفرنسي و المصري 0-على
نحو ما سبق يؤكد رفض خروج اإلدارة على قاعدة تخصيص األهداف
بغية تحقيق أهدافها المالية حيث عد ذلك انحجرافا بالسلطة يستوجب إلغاء
قرار اإلدارة و التعويض عنه إن كان لذلك مقتضى 0
إال أن هذا المبدأ ما لبث أن طرأ عليه تطور هام يمثل في إقرار مجلسي
الدولة الفرنسي و المصري لمشروعية القرارات المخالفة للهدف
المخصص في سبيل تحقيق أهداف اإلدارة المالية تأسيسا على أن تلك
القرارات لم تعد تشكل انحرافا بالسلطة 0
و هذا التحول المنصب أساسا على قاعدة تخصيص األهداف يعني توسيع
نطاق فكرة المصلحة العامة بحيث يدخل في هذا النطاق المصلحة المالية
إلدارة المحلية و التي اعتبرت أهدافها المالية من أهداف المصلحة العامة
0
و يرج ع هذا التحول في قضاء مجلس الدولة الفرنسي إلى ظهور مبادئ
سياسية و اجتماعية بعد سنوات الحرب العالمية األولى و ما صاحبها من
انكماش في المذهب الفردي و نهوض بالمذهب الجماعي مما أدى إلى
اتساع فكرة الصالح العام على حساب المصلحة الفردية و كان ذلك داعيا
إلى نظر المبدأ الصالح العام بمنظور جديد يعمل على التضحية بالصالح
الفردي في سبيل صالح المجموع فقي بعض الحاالت و كان في تطور
النظم االقتصادية و تدخل الدولة في مظاهر النشاط االقتصادي و ما ألقته
على المرافق العامة من أعباء و تكاليف متزايدة مما يجعلها في حاجة إلى
زيادة مواردها المالية و كانت العوامل االقتصادية التي ظهرت في شكل
أزمات مالية منذ عام , 1930سببا يدعو إلى التفكير في الحصول على
موارد مالية لسد ما عجزت السلطة العامة عن مواجهته من أزمات متعددة
فرضها التطور السياسي و االجتماعي كل ذلك أدى إلى التطور الذي لحق
مبدأ انحراف السلطة للمصلحة المالية لإلدارة 0
و على ذلك إذا أنشأن الجهات المحلية مشروعات تجاريا أو صناعيا فإن
مجلس الدولة ال يلغي قرارها بإنشاء هذا المشروع و ذلك ليمكن الهيئة
المحلية من الحصول على مورد مالي جديد ,حتى ولو كان هذا المشروع
ال يشبع حاجات األفراد
و قد طبق مجلس الدول ذلك في قضية تتلخص وقائعها في أن إحدى
السلطات المحلية قد افتتحت محال لبيع اللحوم نظرا إلغالق المحالت التي
كانت قائمة بالمنطقة بسبب األزمة االقتصادية فلما انتهت حدة األزمة
فتحت تلك المحال من جديد و طالب أصحابها بغلق المحال البلدية إال أن
مجلسي الدولة الفرنسي رفض هذا الطلب مقررا هذا المحل يحافظ على
توازن األسعار 0
كما قضى المجلس بأن افتتاح إحدى البلديات مسرحا ال يتعارض مع حرية
التجارة طالما أن المسارح الخاصة ال تسبع حاجة البلدية 0
و في قضية تلخص وقائعها في إقامة إحدى البلديات مغسال استغلته
للحصول على أرباح مالية فرفع أحد األشخاص دعوى يطالب فيها منع
البلدية من استغالل هذا المغسل ألنه عمل تجاري ال يجوز لها مباشرته
فرفض مجلس الدولة ذلك مقرا إن إنشاء هذا المغسل يعود بالفائدة على
الصحة العامة 0
و إذا كان مجلس الدولة الفرنسي في أحكام أخرى أكثر وضوحا في إسباغ
حمايته لقرارات اإلدارة التي تسعى بها إلى تحقيق أهداف مالية حيث أعلن
أمن " مسعى اإلدارة لتحقيق أغراض مالية هدف المشروع ألن موازنة
الميزانية المحلية من أغراض المصلحة العامة "
و تطبيقا لهذا التحول فقد أقر مجلس الدولة الفرنسي ,ما هدفت إليه إحدى
الهيئات المحلية من تحقيق صلحتها المالية عن طريق تخفيض أعباء
صيانة الطرق العامة بأن أصدرت قرارات بقصر المرور في أحد الطرق
على عربات النقل العامة التي ال تزيد على ثقل معين و ذلك لحماية هذا
الطريق من التلف و قد ذهب مجلس الدولة إلى أن هذا القرار مشروع
بالرغم من أن هدفه الواضح و هو ضغط نفقات البلدية على هذا الطريق
هو بال شك هدف مالي 0
أقر القضاء الفرنسي و المصري – على نحو ما رأينا انحراف اإلدارة في
استعمال سلطتها لتحقيق أ هداف مالية إال أن لذلك مجاال معينا فهو يقتصر
أصال على عمل السلطات المحلية ,و حتى في ميدان خدمات المجالس
المحلية ,فإنه يلزم أال يكون هدفها من االنحراف بسلطتها ماليا بحتا ,إذ
يضيف القضاء أسبابا أخرى تتصل بصالح المرفق و صالح المنتفعين به
0
حيث إن االنحراف بالسلطة التي تؤدي إلى إلغاء القرار اإلداري لمجانية
قاعدة تخصيص األهداف و ذلك إذا ثبت للقاضي أن هدف القرار مالي
بحت بحيث ال يخالطه هدف آخر من أهداف المصلحة العامة أما إذا كان
القرار يحقق مصلحة عامة أخرى إلى جوار المصلحة المالية فإن مجلس
الدولة الفرنسي ال يلغي القرار و قد تأكد ذلك في قضية تتلخص وقائعها
في إصدار مدير إقليم قرار إعالن نزع الملكية لمنفعة عامة لقطعة أرض
مملوكة ملكية خاصة و ذلك بهدف إقامة مشروع ترفيهي في الهواء الطلق
لقضاء أوقات الفراغ مع السماح إلحدى الشركات الخاصة باستغالل أجزاء
من األرض المعينة و فتح منجم عليها ثم أصدر المدير بعد ذلك قرارا
بالسماح بإحدى الشركات باستغالل المنجم طعن ذوي الشأن على هذا
القرار تأسيسا على أن اإلدارة هدفت بقرارها تحقيق مصلحة مالية من
عائد استغالل الشركة للمنجم ,إال أن مجلس الدولة الفرنسي أيد قرار
المدير مقرا أن قيام المدينة بتأجير استغالل المنجم كان هدفه تحقيق
الصالح العام بأقل تكلفة و انتهى إلى مشروعية قرار المدير الذي يعلن
المنفعة العامة ,و الذي يعلن القابلية للتنازل عن العقارات الالزمة إلنجاز
هذا المشروع حيث إنه غير مشوب بإساءة استعمال السلطة 0
تعقيب :
و بالرغم من ذلك فإنه إذا كان ال محالة من إقرار هذا المبدأ تحت إلحاح
احتياجات اإلدارة المحلية المادية – و التي تفرضها الظروف الراهنة –
و حتى ال ينفصل القضاء عن الواقع فإننا نرى أن يسير مجلس الدولة
المصري على نهج نظيره الفرنسي الذي يشترط إلقرار مشروعية مثل
تلك القرارات ,أال يكون هدفها مالي بحت بل يجب أن يقترن به هدف
تحقيق لمصلحة عامة كما نرى أهمية أن يشترط مجلس الدولة المصري
ضرورة أن يكون هدف تحقيق مصلحة اإلدارة المحلية المالية ثانويا إلى
جانب هدف تحقيق المصلحة العامة المقترن به ,إضافة إلى ذلك يجب أن
يقتصر تطبيق هذا المبدأ في أضيق نطاق ممكن باعتباره استثناء على
القاعدة العامة التي توجب احترام الهدف المخصص حتى يكون القرار
منزها عن عيب االنحراف في استعمال السلطة 0
ثانيا :االنحراف بسلطة تأديب الموظفين :
و يظهر االنحراف بالسلطة التأديب بجالء فيما يطلق عليه " العقوبة
المقنعة " كنقل عامل أو ندبه بدال من توقيع جزاء تأديبي عليه و هذه
عقوبة مستترة خلف ستار تنظيم العمل في اإلدارات و المصالح و المرافق
العامة 0
كما ذهبت المحكمة اإلدارة العليا ؟إلى أن الندب تترخص فيه جهة اإلدارة
بما لها من سلطة تقديرية و ال تعقيب على قرارها طالما خال من إساءة
استعمال السلطة 000و من صور إساءة استعمال السلطة تعديل قرار
الندب إلى نقل ثم إعادته و صدور تلك القرارات في وقت قصير بعد أن
أوضحت اإلدارة عن صدها في أن الغرض من ذلك هو توقيع جزاء
تأديبي "
في هذا الحكم اعتبرت المحكمة أ ن إصدار اإلدارة لقرارات نقل و ندب
متتابعة في فترة وجيزة دليل على االنحراف بالسلطة و من ثم ألغت قرار
ندب أحد أعضاء اإلدارات القانونية دون موافقته الكتابية بعد ما كشفت
اإلدارة عن أن قصدها من الندب و النقل توقيع جزاء تأديبي و وجه
االنحراف هنا أن اإلدارة خالفت الهدف المخصص للنقل و هو حسن سير
و انتظام المرافق العامة حيث استبدلت به الهدف المخصص للتأديب و
المتمثل في المنع و الردع 0
و تأسيسا على ما تقدم ذهبت المحكمة إلى أن قرار النقل ال يحمل في
طياته جزاء مقنعا و لذلك فهو قارا مشروع و ال يجوز النعي عليه
باالنحراف بالسلطة 0
قد تفرض مقتضيات الصالح العام على جهة اإلدارة نقل أحد موظفيها من
مكان لم يعد بحاجة إلى خدماته إلى مكان آخر في أمس الحاجة إلى
تخصصه و هذا هو النقل المكاني و يختلف عن النقل النوعي الذي يكون
من وظيفة ألخرى في نفس المستوى الوظيفي و في نفس جهة العمل حيث
تفرض متطلبات العمل اإلداري اللجوء إليه 0
و المشرع حينما منح اإلدارة سلطة تقديرية إلجراء النقل النوعي من
وحدة إلى أخرى أو من داخل الجهاز الحكومي و الهيئات العامة إلى
القطاع العام أو العكس فإنه يشترط أال يضار الموظف من جراء ذلك بأال
يفوت على الموظف المنقول دوره في الترقية " و أال يكون النقل وظيفة
دوره في الترقية و أال يكون النقل إلى وظيفة أقل درجة من الوظيفة التي
يشغلها 0
فيجب أال تحرك ممارسة اإلدارة لهذه السلطة سوى حوافز الصالح العام و
حسن تنظيم المرفق المبرر لتوزيع عمال المرافق على نحو من األنحاء 0
كما يجب أن يكون قرار النقل مقصودا لذاته ,أما إذا اتخذت اإلدارة ما
منحت من سلطة تقديرية في النقل لتحقيق أغراض أخرى ,فإن القضاء
قد جرى على إلغاء تلك القرارات فال يجوز أن يتخذ من نقل الموظف
وسيلة تأديبية على خالف ما قرره القانون من إجراءات كما يجب أال
يكون هدف اإلدارة مع النقل االنتقام من موظف أو إفادته على حساب
المصلحة العامة 0
و تطبيقا لذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار نقل قصد به
االنتقام من موظف حيث ثبت أن النقل رغما عن موافقة الموظف و إلى
جهة مجال الترقي فيها مقفول و ذلك بهدف حرمانه من مزاياه و ترقية
غيره في الدرجة الوظيفية التي كان يشغلها من قبل0
و قد ذهبت محكمة القضاء اإلداري إلى أن عدم بيان الجهة اإلدارية لوجه
الصالح العام الذي تغياه من قرار نقل الموظف بشكل و كن الخطأ في
قرار النقل 0
و وفقا لهاذ الحكم فقد اشترطت محكمة القضاء اإلداري لمشروعية قرار
النقل أن تفصح اإلدارة عن وجه صالح العام الذي حدى بها إلى
إصداره ,و بذلك خالف هذا الحكم قرينة الصحة المفترض توافرها في
جميع قرارات اإلدارة إلى أن يثبت العكس 0
و أخيرا حددت المحكمة اإلدارية العليا شروط نقل موظفي اإلدارة حيث
يجب أن يكون هدفه هو تحقيق الصالح العام و أال يفوت على الموظف
فرصة الترقي و أال يكون متضمنا جزاءا مقنعا 0
و إذا كان ما سبق هو موقف مجلس الدولة الفرنسي لك يختلف عنه حيث
أرسى مبدأ عدم جواز نقل موظفي اإلدارة لغير هدف المصلحة العامة ,و
تطبيقا لذلك ألغى قرار نقل موظف بسب استناده إلى دوافع شخصية ال
إلى المصلحة العامة ,و انتهى على أن هذا القرار مشوبا باالنحراف في
استخدام السلطة 0
رابعا :االنحراف بسلطة وضع
منح المشرع لإلدارة سلطة وضع تقارير قياس كفاية لموظفيها حتى درجة
وظيفة لتقييم أدائهم و لضمان القيام بالواجبات الوظيفية على النحو األمثل
و الهدف من تخويل اإلدارة هذه السلطة هو تحقيق المصلحة العامة
المتمثلة في حسن سير المرفق عموما و ذلك بحث العاملين على القيام
بوظائفهم على الوجه األكمل مع إثابة العامل الممتاز و عقاب العامل
المقصر 0
لذلك ذهبت المحكمة اإلدارية العليا و هي بصدد إلغاء الضوء على كيفية
وضع تقرير قياس كفاية إلى أن الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل
عنصر من العناصر الواردة بالتقرير السنوي هو أمر يترخص به الرئيس
المباشر و المدير المحلي و رئيس المصلحة و لجنة شئون العاملين كل في
حدود اختصاصه و ال رقابة للقضاء عليهم في ذلك 0
و ذهبت في حكم آخر إلى أنه إذا كان التقدير ي بني على أساب تبرره ,
فإن تقرير درجة الكفاية للموظف ضعيف هو أمر يخرج عن رقابة
القضاء لتعلقه بصميم اختصاص اإلدارة طالما أن هذا التقدير قد خال من
االنحراف أو إساءة استعمال السلطة 0
و يالحظ على قضاء المحكمة اإلدارية العليا أنها ال تعطي لنفسها الحق
في رقابة مالئمة قرار تقدير كفاية و إنما تكتفي بالرقابة علة مشروعيته ,
و ق اعترض بعض الفقه على موقف المحكمة اإلدارية العليا حيث ذهب
بحق إلى أنه كان يتعين على مجلس الدولة المصري بسط رقابته على
قرار تقدير الكفاية ,كما فعل منذ عام 1961حين فرض رقابته على
مالءمة القرار التأديبي حينما اشترط لمشروعيته أال يشوب تقديره غلو بأن
يكون هناك مالئمة ظاهرة بين الجريمة التأديبية و الجزاء التأديبي حيث
يرى هذا االتجاه أنه كان من المأمول فيه منذ ذلك التاريخ أن يبسط
المجلس رقابته على مالءمة تقدير الكفاية فيشترط لمشروعيته أال يكون
هناك عدمن مالئمة ظاهرة بين هذا التقدير و بين أداء الموظف لعمله ذلك
أن هناك سمات مشتركة بين القرار التأديبي و بين قرار تقدير الكفاية تحبذ
التسوية بينها في مدى الرقابة القضائية عليها فإذا كانت األخطاء التأديبية
ليست محل حصر تشريعي فإن األداء الوظيفي المتنوع للموظفين ليس
محل حصر تشريعي أيضا و إذا كانت الجزاءات التأديبية تندرج بنص
القانون فإن األمر كذلك بالنسبة لمراتب تقدير الكفاية و إذا لم يكن هناك
نصوصا قانونية تحدد عقوبة تأديبية لكل فعل بالذات ,فإنه ليس هناك
نصوصا قانونية تحدد مرتبة الكفاية معنينة لكل أداء وظيفي
و لقد امتدت رقابة مجلس الدولة الفرنسي إلى تقارير الكفاية التي تحررها
اإلدارة لموظفيها فيقضي بإلغائها أما إذا استشعر تضمنها نوعا من
االنحراف بالسلطة التي منحها لها المشرع لكي تمارسها في تحقيق هدف
المصلحة العامة دون أية أهداف شخصية أو دوافع انتقامية 0
أن ذلك من اإلطالقات اإلدارية التي ال يجوز للقضاء اإلداري التدخل فيها
حيث إن السلطات الرئاسية لموظف العام هي أقدر الجهات على تقييمه و
على إعطاؤه الدرجات المعبرة دقة عن مستواه الوظيفي و كفاءته المهنية
دون معقب عليها طالما أنها لم تخالف القانون 0
غير أن هناك تحوال هاما ظهر في قضاء مجلس الدولة الفرنسي حيث لم
يكتف بجعل رقابته على تقارير قياس الكفاية رقابة مشروعية فحسب بل
أضفى على تلك التقارير رقابة مالئمة و ذلك حين ذهب إلى أنه " و من
حيث إن السيد lecaمنح عن سنة 1970درجة رقمية مقدارها
17.25درجة متبوعا بتقدير عام عن كفايته الوظيفية و حيث أنه ال
يتبين من ملف الدعوى أن تقدير كفاية السيد lecaمشوب بغلط بين في
التقدي ر أو إساءة استعمال السلطة 0000لذا فإنه يكون غير محق في
ادعائه بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حيث رفض دعواه 0
تعقيب :
إذا كان مجلس الدولة الفرنسي و المصري قد اتفقا على إخضاع تقرير
قياس الكفاية لرقابتهما ,إال أنهما اختلفا حول نطاق تلك الرقابة فعلى حين
اقتصرت رقابة مجلس الدولة الفرنسي تخطت ذلك النطاق و أخضعته
لرقابة المالئمة و نرى أن مسايرة مجلس الدولة المصري له في
الخصوص من شأنه التضييق على اإلدارة في االنحراف بسلطتها في
وضع تقارير قياس الكفاية حين تعلم بأن القضاء سوف يفحص عناصره
بما في ذلك أسس منح درجاته و التي كثيرا ما تنحرف اإلدارة بسلطتها
عند رصدها و ليس في ذلك افتئات على سلطة اإلدارة في وضع تلك
التقارير حيث ال يجوز لها التمسك بسلطة قد يكون في ممارستها إياها
اعتداء على حقوق موظفيها مما يؤدي إلصابتهم بإحباط يكون له سيئ
األثر على أداء العمل اإلداري بصفة عامة و ال يجوز لإلدارة أن ترهب
الرقابة القضائية ألن هدف هذه الرقابة األسمى هو تمكين اسلطة اإلدارية
من ممارسة سلطاتها على النحو األمثل و ذلك من خالل احترامها لمبدأ
المشروعية و الذي استمدت سلطتها من خالله 0
خامسا :
و تطبيقا لذلك ألغى مجلس الدولة الفرنسي قرار اإلدارة بفصل موظف
اإللغاء الوظيفة في حين أنها كانت تهدف إلى توقيع جزاء تأديبي حيث
ذهب إلى أن " القرار المطعون فيه ال يمثل قرار فصل إللغاء الوظيفة و
لكنه يمثل قرار عزل و حيث إن الجهة اإلدارية استبعدت الطاعن من
وظيفته على نحو غير مشروع فإنها تكون قد ارتكبت خطأ من طبيعة
تبرر قيام مسئوليتها 0
كما ألغى مجلس الدولة الفرنسي قرار جهة إدارية بفصل أحد موظفيها بعد
أن تبين له ؟أن جهة اإلدارة بعد أن تركت هذه الوظيفة شاغرة لمدة عام ,
قامت بإحالل موظف جيد محله و هذا ما استشف مجلس الدولة الفرنسي
من خالله أن القرار الصادر بفصل الموظف إللغاء الوظيفة و إنما يمثل
عزل دون إتباع الوسيلة المقررة قانونا 0
و ترتيبا على ذلك ذهبت محكمة القضاء اإلداري إلى أنه "ال يجوز فصل
الموظف إللغاء الوظيفة إال إذا كان اإللغاء حقيقيا و ضروريا تقتضيه
المصلحة العامة 000فإذا ثبت من وقائع الدعوى إن إلغاء الوظيفة لم
يكن حقيقة اقتضتها المصلحة العامة 00كان منطويا على االنحراف
مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة 0
و أكدت المحكمة اإلدارية العليا ذات المبدأ حين ذهبت إلى أن فصل
الموظف نتيجة إلغاء الوظيفة مشروطا بأن يكون ثمة إلغاء حقيقي للوظيفة
التي كان يشغلها الموظف 0
و الواقع أن منح اإلدارة سلطة فصل موظفيها إللغاء الوظيفة أمر بالغ
الخطورة حيث يمكن لها استغالله الرتكاب كافة صور االنحراف بالسلطة
من مجانية المصلحة العامة و مخالفة قاعدة تخصيص األهداف و نظرا
لصعوبة إثبات االنحراف بالسلطة بصفة عامة فإن اإلدارة قد تتمادى في
انحرافها باستعمال سلطة فصل الموظفين لتحقيق مآرب منبتة الصلة
بصالح المرفق 0