You are on page 1of 83

‫جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء‬

‫دكتور‪ /‬صخر عبد هللا الجنيدي‬


‫دكتوراه في القانون الجنائي‬
‫عمل محاميا ً أستاذاً‬
‫يشغل وظيفة مدعي عام دائرة الجمارك‬
‫تمهيد‬
‫نظراً الزدياد النشاط المالي والتجاري في البالد‪ ,‬في السنوات األخيرة الناجم عن االنفتاح‬
‫االقتصادي وما ترتب على ذلك من تشعب القوانين واألنظمة التي تنظم عملية مكافحة‬
‫التهريب بكافة أنواعه وتعقدها وما يهيئه ذلك لمن ال يراعي حرمة القانون من فرص‬
‫للعبث باألمن واالقتصاد الوطني وما تقتضيه مكافحة هذا الوباء من تهيئة كوادر مسلحة‬
‫بالفكر القانوني لتقف وترابط على خط الدفاع األول ودفاعا ً عن تراب الوطن‪ ,‬وأمنه‬
‫واقتصاده‪ ,‬فقد اجتهدنا أن نرسي أسس نظرية التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء‬
‫وخروجها عن قواعد االختصاص الجنائي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من األهمية البالغة (لنظرية التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء)‬
‫وغيرها من الجرائم المستمرة‪ ،‬فإن نصيبها من البحث العلمي والمؤلفات الفقهية محدود‬
‫جداً‪ ،‬وقد حرصنا في مؤلفنا هذا أن نمزج بين المعلومات القانونية والمنطق‪ ,‬وبين الخبرة‬
‫العملية التي استمديناها عبر سنوات في أعمال المحاماة والجمارك األردنية‪ ،‬فكان هذا‬
‫المؤلف‪ ,‬جامعا ً بين الجانبين النظري والعملي باالضافة إلى ما تمثله هذه الدراسة العملية‬
‫المقارنة من قيمة علمية في حد ذاتها باعتبارها تتيح السبيل إلى تقييم التشريع الوطني‬
‫وتكشف النقص فيه وتنبه المشرع إلى سدها‪.‬‬
‫وإني إذ أقدم هذا المؤلف العلمي المتواضع إلى جميع كوادر دائرة الجمارك واألجهزة‬
‫الوطنية‪ ,‬األخرى التي تسهر وترابط على طول الحدود األردنية دفاعا ً عن مقدرات هذا‬
‫الوطن وإلى القراء من فقهاء وقضاة وكلي أمل أن يكون باكورة ألعمال قانونية وفقهية‬
‫متخصصة في جريمة التهريب والفقه الجنائي‪.‬‬
‫القسم األول‬
‫مفهوم وأنواع‪ ,‬جريمة التهريب الجمركي‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫مفهوم جرائم التهريب الجمركي‬
‫جريا ً على سنة العديد من التشريعات األجنبية فإن قانون العقوبات األردني لم يعرف‬
‫الجريمة‪ ،‬ولكنه نصّ في المادة‪ )55( ,‬على أن الجرائم تنقسم إلى ‪ -1‬جنايات‪ -2 ،‬جنح‪،‬‬
‫‪ -3‬مخالفات‪ ،‬كذلك لم يرد بقانون الجمارك األردني رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1998‬تعريفا ً‬
‫للجريمة الجمركية والتي يع ّرفها األستاذ مصطفي رضوان على أنها "كل إخالل‬
‫بالقانون أو النظم الجمركية"‪ ،‬على أننا نؤثر تحديدها بأنها‪" :‬كل عمل إيجابي أو سلبي‬
‫يتضمن خرقا ً للتشريعات واللوائح‪ ,‬الجمركية ويلحق ضرراً في مصالح الدولة‪ ،‬ويقدر‬
‫الشارع من أجلها عقوبة"‪ ،‬ولكن المشرع الجمركي األردني سلك مسلكا ً مغايراً بتعريفه‬
‫للتهريب الجمركي‪ ،‬وأنه بذلك قد خرج على السياسة الجنائية العامة‪ ،‬حيث نصّت المادة‪,‬‬
‫(‪ )203‬من قانون الجمارك األردني على أن التهريب هو‪" :‬إدخال البضائع إلى البالد‪ ,‬أو‬
‫إخراجها منها بصورة مخالفة للتشريعات المعمول بها دون أداء الرسوم الجمركية‬
‫والرسوم والضرائب األخرى كليّا ً أو جزئيا ً أو خالفا ً إلحكام المنع والتقييد الواردة‪ ,‬في‬
‫هذا القانون أو في القوانين واألنظمة األخرى" ‪...‬‬
‫ونالحظ هنا أن التشريع الجمركي األردني يرتب المسؤولية على إدخال البضائع إلى‬
‫المملكة أو إخراجها منها خالفا ً ألحكام التشريع الجمركي األردني أو أي تشريع آخر بما‬
‫في ذلك‪ ,‬البضائع الممنوعة‪ ،‬حيث ينقسم التهريب الجمركي من حيث المصلحة‪ ,‬المعتدى‬
‫عليها إلى تهريب ضريبي وغير ضريبي ‪..‬‬
‫‪ )1‬التهريب الضريبي‪ :‬ويتحقق بإدخال البضائع أو إخراجها بطريق غير مشرع دون‬
‫أداء الضريبة الجمركية المستحقة‪ ،‬وهو يقع إضراراً بمصلحة ضريبية للدولة‪ ،‬ويتحقق‬
‫هذا اإلضرار بحرمانها من تلك الضريبة ‪..‬‬
‫‪ )2‬التهريب غير الضريبي‪ :‬تقع الجريمة في هذه الصورة من حيث صور التهريب‬
‫إضراراً بمصلحة أساسية للدولة غير مصلحتها الضريبية‪ ،‬فهي ترد على منع بعض‬
‫السلع‪ ,‬التي ال يجوز استيرادها أو تصديرها بقصد خرق الحظر المفروض بشأنها مخالفا ً‬
‫للقوانين والتعليمات المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة‪.‬‬
‫ويطلق‪ ,‬الدكتور أحمد فتحي سرور على التهريب غير الضريبي اصطالح (التهريب‬
‫االقتصادي) تمييزاً له عن التهريب الضريبي‪ .‬وذلك على أساس الهدف الذي يتوخاه‬
‫المش ّرع من العقاب عليه؛ وهو حماية المصلحة االقتصادية للدولة كما أنه كثيراً ما‬
‫ينطوي التهريب االقتصادي على تهريب ضريبي‪ ،‬ألن المال موضوع التهريب‬
‫االقتصادي غالبا ً ما يكون وعاءاً للضريبة الجمركية ‪..‬‬
‫ونحن وإن كنا ال ننكر وجاهة هذا الرأي إال أنه من العسير قبوله على إطالقه‪ ،‬ذلك ألن‬
‫التهريب االقتصادي ال يمثل سوى أحد صور التهريب غير الضريبي‪ ،‬كما أنه مما يُؤخذ‬
‫عليه أنه ع ّمم الصفة االقتصادية للتهريب غير الضريبي حيث يراد به حماية مصالح‬
‫أخرى غير اقتصادية‪ ،‬لذا فإننا نتفق مع رأي الدكتور عوض محمد الذي انتقد هذه‬
‫التسمية‪ ،‬ورأى فيها قصوراً عن اإلحاطة بحقيقة هذا النوع من أنواع التهريب‪ ،‬ألنه ال‬
‫تال ُزم بين التهريب غير الضريبي والمصالح‪ ,‬االقتصادية للدولة‪ ,،‬فالقيود التي تفرضها‬
‫الدولة لمنع االستيراد أو التصدير ال تهدف إلى رعاية مصالحها االقتصادية فحسب‪،‬‬
‫وإنما قد تريد بها حماية مصالح أخرى‪ ،‬فقد تكون االعتبارات السياسية أو العسكرية‬
‫السبب في الرقابة الجمركية كما هو الحال عندما تحظر الدولة‪ ,‬استيراد البضائع من بالد‬
‫معينه‪ ،‬بقصد الضغط‪ ,‬على هذه البالد‪ ،‬وقد تكون الغاية اجتماعية عندما تفرض الدولة‪,‬‬
‫ضرائب جمركية باهظة على استيراد الخمور أو ورق اللعب‪ ،‬تنفيراً للناس من اإلقبال‬
‫عليها‪.‬‬
‫وقد تكون الغاية خلقية أو تربوية عندما تمنع الدولة‪ ,‬استيراد المطبوعات والصور المخلّة‬
‫باآلداب‪ .‬وقد تكون الغاية صحية‪ ،‬كما هو الحال في حظر استيراد المواد المخدرة‬
‫والسموم‪ ,‬والسلع الفاسدة‪ ,.‬وقد تفرض الرقابة العتبارات تتعلق بأمن الدولة‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬
‫حظر استيراد المفرقعات واألسلحة النارية‪.‬‬
‫وقد تبغي الدولة من فرض هذه الرقابة حماية الثقة العامة وصيانة سمعتها في الخارج‪،‬‬
‫كما هو متحقق بالنسبة لحظر استيراد وتصدير العمالت المزورة ‪..‬‬
‫إن الرقابة الجمركية ال تحقق غرضا ً في ذاته بل أنها تخدم في ذات الوقت أكثر من‬
‫غرض وتحقق ع ّدة غايات‪ ،‬وهذا‪ ,‬هو الواقع المألوف نظراً لتشابك مصالح الدولة‬
‫وارتباط كل منها باآلخر‪ ،‬وقد تتغير أهداف الدولة‪ ,‬واألسباب التي تدعو إلى الرقابة‬
‫الجمركية في الدولة‪ ,‬الواحدة من وقت آلخر‪.‬‬
‫ونظراً لتغيير الظروف الداخلية‪ ,‬والظروف الخارجية‪ ،‬وعالقاتها مع الدول‪ ,‬األخرى؛‬
‫فعدو األمس يكون صديق الغد‪ ،‬فالعالقات الدولية‪ ,‬ليس لها ثوابت‪ ،‬والظروف‪ ,‬الدولية‪ ,‬قد‬
‫تفرض معطيات تتغير بظهور معطيات أخرى على السطح‪ ،‬لذلك فإن باستخدام الرقابة‬
‫الجمركية قد تتعدد أسبابه‪ ،‬وبالتالي صور الرقابة الجمركية من وقت آلخر‪ ،‬فلكل دولة‪,‬‬
‫ظروفها‪ ،‬فهذه دولة ترغب في حماية صناعتها الناشئة‪ ،‬وتلك دولة‪ ,‬ترغب في غزو‬
‫أسواق العالم فمن الطبيعي أن يكون لكل دولة على حده حسب أهدافها؛ أساليب الرقابة‬
‫الجمركية التي تختلف عن أساليب الرقابة الجمركية في الدولة األخرى‪..‬‬
‫يتضح مما تقدم أن اإلخالل بالقواعد‪ ,‬الجمركية‪ ،‬هو عامل من العوامل‪ ,‬اله ّدامة لالقتصاد‬
‫القومي‪ ،‬لما ينتج عنه من ضياع لحقوق الخزانة العامة‪ ،‬وقضاء على الصناعات‬
‫الوطنية‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى خسارة فادحة في الدخل‪ ,‬القومي‪ ،‬وفي العمالة‪ ،‬ويسبب‬
‫انتهاكا ً للنظام العام‪ ،‬فتعم الفوضى وتفسد األخالق وتنتشر البطالة‪ ،‬ويهاجر المواطنون‪,‬‬
‫الشرفاء سعيا ً وراء لقمة العيش‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ,‬فإننا نؤيد رأي البروفيسور الروسي (جالينسكي) الذي يؤكد أن الخطر‬
‫االجتماعي للجريمة الجمركية يتمثل في هدم نظام المدفوعات الجمركي خالفا ً لمصالح‬
‫الدولة االقتصادية والدليل‪ ,‬على ذلك أن مجموع الرسوم والضرائب الجمركية التي‬
‫تع ّرضت للضياع في عام ‪ 1991‬بلغت (‪ )343.2‬مليون دينار أردني‪ ،‬أما في عام‬
‫‪ 1995‬فقد بلغت (‪ )642.1‬مليون دينار أردني؛ وبهذا نرى وبشكل واضح االزدياد‬
‫المستمر للجرائم الجمركية‪ ،‬ونتيجة لذلك‪ ,‬تزداد حجم الموارد المالية التي تعرّضت‬
‫للضياع‪ ،‬لكل هذا نرى أن الحرص على مصلحة الوطن يُبرر‪ ،‬إلى حد بعيد‪ ،‬ما ذهب‬
‫إليه الشارع من خروج على القواعد العامة في قانون العقوبات من أجل ردع الجرائم‬
‫الجمركية ‪..‬‬
‫وهنا يثور الخلط‪ ,‬أحيانا ً بين التهريب الجمركي وبعض صور التهريب األخرى‪،‬‬
‫كتهريب الذهب والنقد والمصوغات‪ ،‬وتهريب المخدرات‪ ،‬وتهريب األسلحة والذخائر‪.‬‬
‫مبعث الخلط‪ ,‬بينهم أن محل التهريب هو البضائع‪ ،‬وقد استخدمت المادة (‪ )203‬من‬
‫قانون الجمارك األردني لفظ البضائع وهي عبارة مطلقة – والمطلق‪ ,‬يجري إطالقه –‬
‫وهي تشمل كل مادة طبيعية أو منتج حيواني أو زراعي أو صناعي‪ ،‬بما في ذلك الطاقة‬
‫الكهربائية‪.‬‬
‫إن لفظ البضائع من العموم والشمول حيث ينصرف إلى كل شيء مادي يمكن تداوله‬
‫وحيازته وتملكه من جانب األفراد سواء كان ذا صفة تجارية أو غير تجارية‪ ،‬أي‬
‫لالستعمال الشخصي‪.‬‬
‫ويتفرّع عن ذلك أن كالً من الذهب والنقد‪ ,‬والمصوغات والمخدرات واألسلحة والذخائر‬
‫والتبغ‪ :‬هي أشياء مادية قابلة للتملك والحوالة والنقل والحيازة‪ ،‬ومن ثم تُع ّد من قبيل‬
‫البضائع‪ ،‬األمر الذي قد يوحي بأن صور التهريب المشار إليها تخضع ألحكام قانون‬
‫الجمارك ‪..‬‬
‫إن قانون الجمارك يُع ّد – في مجال التهريب – بمثابة القانون العام‪ ،‬إذ يشمل كافة صور‬
‫التهريب‪ ،‬ومن ثم نكون أمام قانونين؛ أحدهما عام‪ ،‬واآلخر خاص‪.‬‬
‫وعمالً بالقاعدة العامة من قواعد التفسير‪ ،‬والتي تقضي بأن الخاص يخصص العام‪ ،‬فإن‬
‫حاالت التهريب المشار إليها تفلت من نطاق أحكام قانون الجمارك وتطبّق بشأنها‬
‫األحكام الخاصة التي قررها المش ّرع في القوانين الخاصة التي تحكمها‪.‬‬
‫ويبقى اصطالح التهريب الجمركي مقصوداً‪ ,‬به عند إطالقه تهريب البضائع من‬
‫الضرائب الجمركية أو بالمخالفة لنظم المنع‪ ،‬والذي يخضع ألحكام قانون الجمارك‪،‬‬
‫وذلك‪ ,‬إذا لم يكن تهريب البضائع الممنوعة ُمعاقب عليه بمقتضى قانون آخر‪.‬‬
‫وقد استقر االجتهاد على أنه مع قيام قانون خاص‪ ،‬فإنه ال يرجع إلى أحكام القانون العام‬
‫إال بما لم ينظمه القانون الخاص‪.‬‬
‫وأن أساس المفاضلة بينهما إنما تكون عند وحدة الفعل المنصوص عليه في كل منهما‪،‬‬
‫وحدة‪ ,‬تشمل كل عناصر هذا الفعل وأركانه ‪..‬‬
‫المبحث الثاني‪1‬‬
‫أنواع‪ 1‬التهريب الجمركي‬
‫ينقسم التهريب الجمركي إلى عدة أنواع‪ 1‬بحسب وجهة النظر التي يبنى عليها‬
‫التقسيم‪ ،‬غير أن أهم ما يالحظ على تلك التقسيمات أنها متشابكة ومتداخلة بحيث‬
‫يتعذر الفصل بينها في الكثير من األحوال‪ ،‬كما أنها تتفاوت في أهميتها وفائدتها‪،‬‬
‫وأهمها ما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪   :‬من حيث الركن المادي للجريمة‪ :‬ينقسم التهريب الجمركي إلى حقيقي وحكمي‪.‬‬
‫‪ -1‬التهريب الحقيقي‪ :‬هو الصورة الغالبة في التهريب‪ ،‬سواء وقع االعتداء على مصلحة‬
‫الدولة الضريبية أو غير الضريبية‪ ،‬ويتحقق هذا النوع من التهريب بإدخال بضاعة‬
‫تستحق عليها ضريبة جمركية إلى البالد‪ ،‬أو بإخراجها منها بطريقة غير مشروعة‬
‫دون أداء هذه الضريبة‪ ،‬أو باستيراد أو تصدير بضاعة يحظر القانون استيرادها أو‬
‫تصديرها‪.‬‬
‫وتكتمل‪ 1‬عناصر الركن المادي في هذه الجريمة بأن يقوم الجاني باألفعال اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :    ‬إدخال البضائع إلى إقليم الدولة أو إخراجها منه‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :    ‬أن يتم ذلك بطريقة غير مشروعة‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :    ‬عدم أدار الضرائب الجمركية والضرائب األخرى‪.‬‬
‫وعادة ما يقترن إدخال البضائع أو المواد األخرى أو إخراجها بطرق احتيالية وإن‬
‫كان ذلك ليس شرطا ً الزما ً لوقوع التهريب ولكن االطالع على قضايا التهريب ليكشف‬
‫عن أمثلة كثيرة للطرق االحتيالية التي يتفنن المهربون في االلتجاء إليها – نذكر منها‬
‫على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪    .1‬أن يفرغ المهرب عصاه ويضع فيها الشيء المراد تهريبه‪.‬‬
‫‪    .2‬أن يخفي المهرب الماس في غليونه‪.‬‬
‫‪    .3‬إخفاء األشياء المراد تهريبها في أماكن مستورة من جسم اإلنسان‪.‬‬
‫‪  .4‬إخفاء األشياء المراد تهريبها في أماكن سرية في حقائب المسافرين كأن يضعها في‬
‫قاع الحقيبة ثم يغطيها بطبقة من الجلد وفوقها قطعة من القماش‪.‬‬
‫‪    .5‬إخفاء األشياء المراد تهريبها في جزء من باب العربة ثم خياطته‪.‬‬
‫‪  .6‬تهريب الذهب بأن توضع محل النمرة النحاسية المعلقة خلف السيارة قطعة من‬
‫الذهب تصب بشكل خاص لتتخذ شكل هذه النمرة تماما ً ثم تطلى بالطالء الخاص بها‪.‬‬
‫‪    .7‬إخفاء المجوهرات في تجويفات داخل ألواح خشب أرضية السفينة‪.‬‬
‫‪   -2‬التهريب الحكمي‪:‬‬
‫وهو نوع من التهريب ال يدخل ضمن اإلطار العام لجريمة التهريب‪ ،‬إذ تتخلف عنه‬
‫بعض العناصر الجوهرية التي يتكون‪ 1‬منها التهريب بمعناه المألوف إال أن المشرع‬
‫الجمركي ألحقه بالتهريب الحقيقي وأجرى عليه حكمه‪ ،‬ألنه يؤدي إلى ذات النتيجة‬
‫التي يؤدي إليها التهريب الحقيقي وان اختلف معه في الشكل‪)]1[( .‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن كالًّ من النوعين يمكن أن يشكل تهريبا ً ضريبيا ً أو غير‬
‫ضريبي‪ ،‬فنكون بصدد جريمة تهريب حقيقي ضريبي‪ ،‬أو غير ضريبي‪ ،‬وجريمة‬
‫تهريب حكمي ضريبي أو غير ضريبي حسب الحال‪ .‬هذا وقد نصت المادة (‪ )204‬من‬
‫قانون الجمارك األردني النافذ حصراً على الحاالت التي تدخل في حكم التهريب‪.‬‬
‫‪‌  ‬أ‪        -‬عدم التوجه بالبضائع عند اإلدخال إلى أول مركز جمركي‪.‬‬
‫وتقوم هذه الجريمة بمجرد قيام ركنها المادي‪ ،‬والمتمثل في السلوك اإلجرامي‬
‫للمهرب الناجم عن مخالفته للقاعدة التشريعية‪ ،‬وتعتبر النتيجة متحققة لمجرد ضبط‬
‫البضائع "محل التهريب" أثناء سلوكها طريقا ً ال يؤدي إلى أول مركز جمركي أو‬
‫لمجرد حيازتها أو تخزينها بين منطقة الحدود والمركز الجمركي‪ .‬أما إذا تم ضبط‬
‫البضائع المهربة بعد تجاوزها المركز الجمركي دون أداء الرسوم الجمركية والضرائب‬
‫األخرى المترتبة عليها فإننا نكون في هذه الحالة أمام جريمة تهريب حقيقي مكتملة‬
‫األركان‪.‬‬
‫‌ب‪      -‬عدم اتباع الطرق المحددة في إدخال البضائع وإخراجها‪.‬‬
‫فإذا تم ضبط البضاعة "محل التهريب" على الحدود‪ .‬دون التقيد بالطرق المودية‬
‫إلى المركز الجمركي‪ ،‬فإن هذا الفعل يعتبر شروعا ً في التهريب أما إذا تم ضبطها بعد‬
‫تجاوزها منطقة المركز الجمركي دون دفع الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب‬
‫األخرى فإن هذا الفعل يعتبر جريمة تامة‪.‬‬
‫‌ج‪   -‬تفريغ البضائع من السفن أو تحميلها عليها بصورة مغايرة لألنظمة على الشواطئ‬
‫التي ال توجد فيها مراكز جمركية أو تحميلها أو تفريغها في النطاق الجمركي البحري‪.‬‬
‫حيث نصت المادة (‪/45‬أ) على ما يلي‪" :‬ال يجوز تفريغ حمولة السفن وجميع‬
‫وسائط النقل المائية األخرى إال في حرم المرافئ التي يوجد فيها مراكز جمركية‪ ،‬وال‬
‫يجوز تفريغ أي بضاعة أو نقلها من سفينة إلى أخرى إال بموافقة خطية من المركز‬
‫الجمركي المختص وبحضور موظفيه"‪.‬‬
‫‌د‪   -‬تفريغ البضائع من الطائرات أو تحميلها عليها بصورة غير مشروعة خارج‬
‫المطارات الرسمية أو إلقاء البضائع أثناء النقل الجوي مع مراعاة أحكام المادة‪(    ‬‬
‫‪ )53‬والتي تنص على ما يلي‪:‬‬
‫" يحظر تفريغ البضائع أو إلقاؤها من الطائرات أثناء الطيران‪ ،‬إال أنه يجوز لقائد‬
‫الطائرة أن يأمر بإلقاء البضائع إذا كان ذلك الزما ً لسالمة الطائرة على أن يعلم الدائرة‬
‫بذلك فور هبوطه"‪ .‬وقد نصت المادة (‪/215‬أ) من قانون الجمارك األردني النافذ على‬
‫ما يلي‪" :‬تتكون‪ 1‬المخالفات كما تترتب المسؤولية المدنية في جرائم التهريب بتوافر‬
‫أركانها‪ ،‬إال أنه يعفى من المسؤولية من أثبت أنه كان ضحية قوة قاهرة وكذلك من‬
‫أثبت أنه لم يقدم على ارتكاب أي فعل من األفعال التي كونت المخالفة أو جريمة‬
‫التهريب أو تسببت في وقوعها أو أدت إلى ارتكابها‪.‬‬
‫هـ‪ -‬عدم التصريح في مكتب اإلدخال أو اإلخراج عن البضائع الواردة أو الصادرة دون بيان‬
‫حمولة ويدخل في ذلك ما يصحبه المسافرون مع مراعاة أحكام المادة (‪ )197‬من‬
‫قانون الجمارك النافذ والتي‪ 1‬تنص على ما يلي‪" :‬تفرض غرامة جمركية ال تزيد على‬
‫مثل الرسوم على ما يلي‪:‬‬
‫أ‌‪   -‬البضائع المستوردة أو المصدرة تهريبا ً وال تزيد قيمتها على ‪ 100‬دينار ولم تكن من‬
‫البضائع الممنوعة المعينة‪.‬‬
‫ب‌‪  -‬األمتعة والمواد المعدة لالستعمال الشخصي واألدوات والهدايا الخاصة بالمسافرين‬
‫التي ال تتجاوز قيمتها (‪ )500‬دينار وال يصرح عنها في المركز الجمركي عند اإلدخال‬
‫أو اإلخراج ولم تكن معفاة من الرسوم‪.‬‬
‫ويجوز في الحالتين إعادة البضائع المحجوزة إلى أصحابها كال أو جزءاً شرط‬
‫أن تراعى في ذلك القيود التي تقضي بها النصوص النافذة‪.‬‬
‫ويتمثل‪ 1‬الركن المادي لهذه الجريمة في السلوك السلبي وهو االمتناع عن واجب‬
‫التصريح عن البضاعة‪ ،‬الذي فرضه القانون على الكافة‪ ،‬لاللتزام به‪ ،‬ويكفي لقيام هذه‬
‫الجريمة‪ ،‬القيام بهذا السلوك الذي يتحد كذلك مع النتيجة‪.‬‬
‫و‪ -‬تجاوز البضائع في اإلدخال أو اإلخراج المراكز الجمركية دون التصريح عنها‪.‬‬
‫إن إدراج المشرع لهذه الحالة تحت عنوان جرائم التهريب الحكمي هو شيء ال‬
‫يتفق وواقع الحال حيث أننا أمام جريمة تهريب حقيقي مكتملة األركان من حيث‬
‫السلوك‪ ،‬ومحل الجريمة‪ ،‬والسببية والنتيجة‪ .‬حيث يتم إدخال البضاعة أو إخراجها من‬
‫البالد دون أداء الرسوم الجمركية‪ ،‬كما أنه يتم ضبطها بعد تجاوز المركز الجمركي‪،‬‬
‫وبصورة مخالفة للتشريعات الجمركية‪.‬‬
‫ز‪ -‬اكتشاف بضائع غير مصرح عنها في المركز الجمركي موضوعة في مخابئ بقصد‬
‫إخفائها أو في فجوات أو فراغات ال تكون مخصصة عادة الحتواء مثل هذه البضائع‪.‬‬
‫تنص المادة (‪ )24‬من قانون الجمارك النافذ على أنه "يقدم عن كل بضاعة تدخل‬
‫المملكة أو تخرج منها بيان حمولة‪ ،‬ويتوجب تقديم البضاعة دون إبطاء إلى السلطات‬
‫الجمركية في أقرب مركز جمركي وفقا ً لما تحدده الدائرة"‪ .‬وتنص المادة (‪/49‬أ على‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫"على ناقلي البضائع ومرافقيها أن يقدموا لدى وصولهم إلى المركز الجمركي‬
‫قائمة الشحن أو الوثيقة التي تقوم مقام بيان الحمولة موقعة من قبل سائق واسطة‬
‫النقل ومعتمد شركة النقل إن وجد‪ ،‬منظمة وفق الشروط المحددة في المادة (‪ )43‬من‬
‫هذا القانون‪ ،‬ومضافا ً إليها قيمة البضاعة وللمدير أن يقرر عند االقتضاء بعض‬
‫االستثناءات من هذه القاعدة"‪.‬‬
‫أما الشروط التي نصت عليها المادة (‪ )43‬من قانون الجمارك األردني النافذ‬
‫فهي كما يلي‪:‬‬
‫‌أ‪     -‬يجب أن تسجل في بيان الحمولة كل بضاعة ترد بطريق البحر ولو كانت مرسلة إلى‬
‫المناطق الحرة‪.‬‬
‫‌ب‪            -‬يجب أن ينظم بكامل الحمولة بيان واحد يوقعه ربان السفينة أو وكيلها في‬
‫ميناء التحميل‪ ،‬متضمنا ً المعلومات التالية‪:‬‬
‫‪   -1‬اسم السفينة وجنسيتها وحمولتها المسجلة‪.‬‬
‫‪   -2‬أنواع البضائع ووزنها اإلجمالي ووزن البضائع المنفرطة إن وجدت وإذا كانت‬
‫البضائع ممنوعة فيجب أن تذكر بتسميتها الحقيقية‪.‬‬
‫‪   -3‬عدد الطرود والقطع ووصف غالفاتها وعالماتها وأرقامها‪.‬‬
‫‪   -4‬اسم الشاحن واسم المرسل إليه‪.‬‬
‫‪   -5‬المرافئ التي شحنت إليها البضائع‪.‬‬
‫‌ج‪ -‬على ربان السفينة عند دخولها النطاق الجمركي أن يبرز لدى أول طلب من موظفي‬
‫الدائرة بيان الحمولة األصلي للتأشير عليه وأن يسلمهم نسخة منه‪.‬‬
‫‌د‪   -‬وعلى ربان السفينة أن يقدم للمركز الجمركي عند دخول السفينة المرفأ‪:‬‬
‫‪    .1‬بيان الحمولة وعند االقتضاء ترجمته األولية‪.‬‬
‫‪    .2‬بيان الحمولة الخاص بمؤن السفينة وأمتعة البحارة والسلع العائدة لهم‪.‬‬
‫‪    .3‬قائمة بأسماء الركاب‪.‬‬
‫‪    .4‬قائمة البضائع التي ستفرغ في هذا المرفأ‪.‬‬
‫‪    .5‬جميع الوثائق‪ 1‬وبوالص الشحن التي يمكن أن تطلبها الدائرة في سبيل تطبيق‬
‫األنظمة الجمركية‪.‬‬
‫هـ‪        -‬تقديم البيانات والمستندات خالل ست وثالثين‪ 1‬ساعة من دخول السفينة المرفأ‬
‫وال تحتسب ضمن هذه المهلة العطل الرسمية‪.‬‬
‫‌و‪  -‬يحدد المدير شكل بيان الحمولة وعدد النسخ الواجب تقديمها‪ .‬إال أن قانون الجمارك‬
‫األردني لم يعتبر عدم تقديم هذه البيانات من جرائم التهريب‪ ،‬إال أنه اعتبرها من‬
‫المخالفات المنصوص عليها في المادة (‪/200‬ج) والتي جاء فيها‪( :‬فيما عدا الحاالت‬
‫التي تعتبر في حكم التهريب تفرض غرامة من‪ 100 – 25    ‬دينار عن المخالفات‬
‫التالية‪" :‬عدم تقديم بيان الحمولة أو ما يقوم مقامه والمستندات األخرى المشار إليها‬
‫في المادة ‪ 43‬من هذا القانون لدى اإلدخال أو اإلخراج‪ .‬وكذلك التأخير في تقديم بيان‬
‫الحمولة أو ما يقوم مقامه عن المدة المنصوص عليها في المادة ذاتها" )‪.‬‬
‫ورغم أن المشرع قد أفرد بنداً خاصاً‪ ،‬في جرائم التهريب الحكمي‪ ،‬لحالة إخفاء‬
‫البضائع في مخابئ‪ ،‬إال أن بعض النقاد يرى بالنتيجة‪  ‬أنها ال تخرج عن جريمة عدم‬
‫التصريح عنها‪ .‬ألن إخفاء البضائع بحد ذاته‪ ،‬ال يشكل جريمة تهريب‪ ،‬بل إن عدم‬
‫التصريح عنها‪ ،‬هو الذي يشكل الجريمة‪ ،‬حيث أن التصريح عن هذه البضاعة حتى لو‬
‫كانت موضوعة في مخابئ‪ ،‬ينفي الجريمة نفيا ً قاطعا ً وأن الركن المادي لهذه الجريمة‬
‫هو السلوك السلبي الذي يتمثل باالمتناع عن واجب التصريح عن البضاعة‪ ،‬الذي‬
‫فرضه القانون على الكافة‪ ،‬لاللتزام به‪ ،‬ويكفي لقيام الجريمة‪ ،‬القيام بهذا السلوك الذي‬
‫يتحد أيضا ً مع النتيجة([‪.)]2‬‬
‫ح‪ -‬الزيادة أو النقص أو التبديل في عدد الطرود وفي محتوياتها المقبولة في وضع‬
‫معلق الرسوم المنصوص عليها في الباب السادس من هذا القانون والمكتشفة بعد‬
‫مغادرة البضاعة مركز اإلدخال ويشمل هذا الحكم البضائع التي عبرت البالد تهريبا ً أو‬
‫دون معاملة ويتحمل الناقل مسؤولية ذلك‪ .‬حيث نصت المادة (‪ )88‬من قانون الجمارك‬
‫على أنه‪ :‬يجوز إدخال البضائع ونقلها من مكان إلى آخر في المملكة أو عبرها مع‬
‫تعليق تأدية الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم عنها ويشترط في هذه‬
‫األوضاع‪ 1‬تقديم ضمانات لتأمين الرسوم والضرائب نقداً أو بكفالة مصرفية أو تعهدات‬
‫مكفولة وفق التعليمات التي يصدرها المدير أما المادة (‪ )89‬فتنص على أنه ال يجوز‬
‫استعمال المواد واألصناف المقبولة تحت أي وضع من األوضاع المعلقة للرسوم أو‬
‫تخصيصها أو التصرف بها في غير األغراض والغايات التي استوردت من أجلها‬
‫وصرح عنها في البيانات المقدمة‪.‬‬
‫ط‪ -‬عدم تقديم اإلثباتات التي تحددها الدائرة إلبراء بيانات األوضاع المعلقة للرسوم‬
‫المنصوص عليها في الباب السادس من هذا القانون‪ .‬حيث تنص المادة (‪ )90‬من‬
‫قانون الجمارك على ما يلي‪ :‬تبرأ الكفاالت المصرفية والتعهدات المكفولة وترد‬
‫الرسوم والضرائب المؤمنة استناداً إلى شهادات اإلبراء وفق الشروط التي يحددها‬
‫المدير‪ .‬وبشكل عام فإن اإلبراء يتم عادة‪ ،‬إما بوضع البضاعة في االستهالك المحلي‬
‫مع دفع الرسوم الجمركية المترتبة عليها‪ .‬وإما بإخراجها من المملكة وتقديم ما يثبت‬
‫خروج البضاعة وإما بإخراجها من خالل دخولها كجزء من السلع المصنعة‬
‫والمصدرة‪.‬‬
‫ي‪ -‬إخراج البضائع من المناطق الحرة أو المخازن الجمركية أو المستودعات إلى‬
‫المنطقة الجمركية دون معاملة جمركية‪.‬‬
‫والركن المادي لهذه الجريمة هو ممارسة السلوك المادي الذي نهى عنه القانون‬
‫الجمركي والذي يتحد مع النتيجة‪ ،‬ويؤدي بالتالي إلى تكامل أركان جرم التهريب وهو‬
‫إدخال البضاعة إلى البالد دون أداء الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى‪،‬‬
‫أو خالفا ً ألحكام المنع أو التقييد وذلك تبعا ً لنوع البضاعة‪.‬‬
‫ك‪ -‬تقديم البيانات الكاذبة التي قصد منها استيراد أو تصدير بضائع ممنوعة معينة أو‬
‫ممنوعة أو محصورة أو التي قصد منها استيراد بضائع بطريق التالعب بالقيمة‬
‫لتجاوز مقادير المخصصات النقدية المحددة في النصوص النافذة‪.‬‬
‫وال يمكن لتوافر أركان هذه الجريمة‪ ،‬القيام بالسلوك المادي وهو تقديم البيانات‬
‫الكاذبة‪ ،‬بل ال بد من توافر الدافع أو الباعث وهو التهرب من أحكام المنع أو الحصر أو‬
‫التحديد‪ ،‬بمعنى أن هذه الجريمة تتطلب قصداً خاصا ً وهو الوصول إلى استيراد بضائع‬
‫ممنوعة‪ ،‬أو محصورة‪ ،‬أو محددة‪ ،‬من خالل هذه البيانات الكاذبة‪.‬‬
‫ل‪ -‬تقديم مستندات أو قوائم كاذبة أو مزورة أو مصطنعة أو وضع عالمات كاذبة بقصد‬
‫التخلص من تأدية الرسوم الجمركية أو الرسوم والضرائب األخرى كليا ً أو جزئيا ً أو‬
‫بقصد تجاوز أحكام المنع أو الحصر‪ ،‬مع مراعاة ما ورد في المادة (‪/198‬أ‪ )2/‬من هذا‬
‫القانون الجمركي والتي جاء فيها‪ :‬فيما عدا الحاالت التي تعتبر في حكم التهريب‬
‫والمشمولة بالمادة (‪ )204‬من هذا القانون تفرض غرامة ال تزيد على نصف الرسوم‬
‫والضرائب المتوجبة على البيان المخالف الذي يتحقق فيه أن القيمة الحقيقية ال تزيد‬
‫على ‪%10‬من القيمة المعترف بها أو ‪ %10‬من الوزن أو العدد أو القياس على أال‬
‫تكون من البضائع الممنوعة‪.‬‬
‫فإذا كان محل الجريمة بضاعة ممنوعة أو محصورة فإننا نكون أمام جريمة تامة‬
‫لمجرد عبور البضاعة الخط الجمركي‪ ،‬أما إذا كان محل الجريمة بضاعة خاضعة‬
‫للرسوم‪ ،‬وكان القيام بالسلوك المادي لغاية التخلص من هذه الرسوم‪ ،‬وتم ضبط‬
‫البضاعة والمستندات قبل دخولها إلى البالد‪ ،‬فإننا نكون أمام شروع في التهريب‪ ،‬أما‬
‫إذا اكتشفت هذه المستندات‪ ،‬بعد دخول البضاعة إلى البالد نكون أمام جريمة تهريب‬
‫تامة‪.‬‬
‫م‪ -‬نقل أو حيازة البضائع الممنوعة المعينة أو الممنوعة أو المحصورة دون تقديم‬
‫إثباتات تؤيد استيرادها بصورة نظامية‪.‬‬
‫ن‪ -‬نقل أو حيازة البضائع الخاضعة لضابطة النطاق الجمركي ضمن هذا النطاق دون‬
‫مستند نظامي‪.‬‬
‫س‪ -‬عدم إعادة استيراد البضائع الممنوع تصديرها والمصدرة مؤقتا ً ألي غاية كانت‪.‬‬
‫ويتمثل‪ 1‬الركن المادي لهذه الجريمة بسلوك سلبي هو عدم إعادة استيراد البضاعة‬
‫خالل المدة الممنوحة لصاحبها إلعادة استيرادها‪ ،‬كما يشترط في محل الجريمة أن‬
‫تكون من البضائع الممنوع تصديرها‪ .‬وعلى ضوء ما تقدم فإن عدم إعادة استيراد‬
‫البضاعة الممنوع تصديرها‪ ،‬يحقق النتيجة التي نص عليها قانون الجمارك األردني‬
‫النافذ في المادة (‪" )203‬إخراج البضاعة خالفا ً ألحكام المنع" وعليه فإننا نكون أمام‬
‫جريمة تهريب تامة‪.‬‬
‫ع‪ -‬تفريغ البضائع من القطارات أو تحميلها عليها بصورة مغايرة لألنظمة في األماكن‬
‫التي ال توجد فيها مراكز جمركية أو تحميلها أو تفريغها في النطاق الجمركي‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :    ‬من حيث المصلحة المعتدى عليها فإن التهريب الجمركي‬
‫ينقسم إلى تهريب ضريبي وغير ضريبي‪.‬‬
‫‪     -‬التهريب الضريبي‪ :‬ويتحقق بإدخال البضائع أو إخراجها بطريقة غير مشروعة‬
‫دون أداء الضريبة الجمركية المستحقة‪ ،‬وهو إضرار بمصلحة ضريبة الدولة‪ ،‬ويتحقق‬
‫هذا اإلضرار بحرمانها من تلك الضريبة‪.‬‬
‫‪     -‬التهريب غير الضريبي‪ :‬يتكون الركن المادي في هذه الجريمة من نشاط يتمثل في‬
‫إدخال المهرب بضاعة أو إخراجها من البالد خرقا ً للحظر المفروض عليها‪ ،‬ويستوي‬
‫أن يكون الجاني قد أدخل البضاعة أو أخرجها بطريقة مشروعة أو غير مشروعة‪.‬‬
‫ولذلك فإن الجريمة تقع حتى لو أقر الحائز للبضاعة المحظور دخولها بحيازتها‬
‫كما أنها تقع من باب أولى لو أخطأ الموظف المختص فلم يتبين أنها محظور‬
‫استيرادها وعليه فال يجوز لمن يستورد بضاعة محظور استيرادها أن‪  ‬يحتج بأنه‬
‫سلك الطريق الطبيعي الستيرادها‪ .‬فالنشاط المادي يكتمل بتوافر فعل دخول البضاعة‬
‫أو إخراجها في وجود حظر الستيرادها أو تصديرها‪ ،‬وال عبرة بما إذا كانت البضاعة‬
‫ذات نفع عام أو ليس لها ضرر على الصحة أو األخالق فاالعتبارات التي أدت إلى‬
‫الحظر متروك تقديرها لسلطات الدولة وفقا ً للظروف التي تمر بها‪.‬‬
‫والفرق بين صورتي التهريب الجمركي من حيث المصلحة المعتدى عليها أنه‬
‫بينما يهدف قانون الجمارك من العقاب على التهريب الضريبي إلى حماية مصلحة‬
‫الدولة الضريبية من اإلضرار بها أو تعريضها للخطر‪ ،‬فإنه يهدف من وراء العقاب‬
‫على التهريب غير الضريبي إلى حماية مصلحة أخرى أساسية غير مصلحتها‬
‫الضريبية‪ ،‬والتي قد تكون اقتصادية أو حربية أو صحية أو أخالقية‪.‬‬
‫ويطلق البعض([‪ )]3‬على التهريب غير الضريبي اصطالح التهريب االقتصادي‬
‫تمييزاً له عن التهريب غير الضريبي‪ ،‬وذلك على أساس الهدف الذي يتوخاه المشرع‬
‫من العقاب عليه هو حماية المصلحة االقتصادية للدولة كما أنه كثيراً ما ينطوي‬
‫التهريب االقتصادي على تهريب ضريبي ألن المال موضوع التهريب االقتصادي غالبا ً‬
‫ما يكون وعاءاً للضريبة الجمركية‪.‬‬
‫إال أن بعض الفقهاء انتقدوا هذه التسمية وقالوا أن فيها قصوراً عن اإلحاطة‬
‫بحقيقة هذا التهريب‪ ،‬ألنه ال تالزم بين التهريب غير الضريبي والمصالح االقتصادية‬
‫للدولة‪ ،‬فالقيود التي تفرضها الدولة لمنع االستيراد أو التصدير ال تهدف إلى رعاية‬
‫مصالحها االقتصادية فحسب وإنما قد يريد بها حماية مصالح أخرى سياسية أو‬
‫اجتماعية أو أخالقية أو صحية([‪.)]4‬‬
‫ونحن بدورنا نؤيد االتجاه الذي يؤيد هذا النقد‪ ،‬باعتبار أن "التهريب‬
‫االقتصادي" هو صورة من صور التهريب غير الضريبي‪ 1‬ال كلها‪ .‬ألن األسباب التي‬
‫تفرض الرقابة الجمركية من أجلها غير محصورة في األغراض المالية واالقتصادية‬
‫بل تتعداها إلى أغراض أخرى متنوعة منها‪ :‬االجتماعية والسياسية واألخالقية‬
‫والصحية‪ .‬أو العتبارات تتعلق‪ 1‬بأمن الدولة أو بمركزها بين غيرها من الدول‪.‬‬
‫ويرى بعض الفقهاء أنه من األفضل عدم تعدد التهريب الجمركي بتعدد المصالح‬
‫المعتدى عليها‪ ،‬وال تجزئته إلى تهريب ضريبي وتهريب غير ضريبي‪ ،‬ألن التهريب‬
‫غير الضريبي ينطوي‪ ،‬في غالب األحوال‪ ،‬على تهريب ضريبي إذ أن محل التهريب‬
‫غير الضريبي كثيراً ما يكون وعاء للضريبة الجمركية‪ ،‬لذلك ليس هناك فيصل حازم‬
‫بين االثنين‪ 1‬فالتهريب الجمركي واحد وإن تنوعت أسبابه([‪.)]5‬‬
‫ثالثا ً‪ :    ‬من حيث القدر الذي يتم التهرب منه من الضريبة وتخسره الخزانة العامة‬
‫ينقسم التهريب الجمركي إلى تهريب كلي وتهريب جزئي‪.‬‬
‫‪     -‬التهريب الكلي‪ :‬وهو يتحقق إذا استطاع المهرب أن يتخلص من كل الضرائب‬
‫الجمركية المستحقة‪ ،‬ويترتب على ذلك فقدان الخزانة العامة لكامل الضريبة الجمركية‪.‬‬
‫‪     -‬التهريب الجزئي‪ :‬وهو يتحقق عندما يستطيع المهرب أن يتخلص من جزء من‬
‫الرسوم والضرائب الجمركية والضرائب األخرى المستحقة‪ ،‬وبالتالي فقدان الخزانة‬
‫العامة بعضا ً من تلك الضرائب والرسوم‪.‬‬
‫وغني عن البيان أن هذا التقسيم ال يقوم إال بالنسبة للتهريب الضريبي‪ 1‬وحده‬
‫دون التهريب غير الضريبي الذي ال يتصور فيه أن يكون كليا ً أو جزئياً‪ .‬كما أنه يمكن‬
‫أن يثور بصدد التهريب الحقيقي أو الحكمي على حد سواء إذ يصح أن يكون أيهما‬
‫تهريبا ً كليا ً أو جزئياً‪ .‬وهنا البد من اإلشارة إلى أن غالبية التشريعات الجمركية تلجأ‬
‫إلى المساواة في التجريم والعقاب بين التهريب الكلي والجزئي‪ ،‬ومن بينها قانون‬
‫الجمارك األردني وقانون الجمارك المصري‪.‬‬
‫رابعا ً‪:   ‬من حيث جماعة التهريب‬
‫ينقسم التهريب الجمركي إلى تهريب جماعي وفردي‪.‬‬
‫‪     -‬التهريب الجماعي‪ :‬وهو التهريب الذي ينصب على كميات كبيرة من البضائع‪،‬‬
‫وأنواع‪ 1‬محددة منها غالبا ً ما تكون محل اعتبار‪ ،‬وهو يقع عمالً بواسطة عصابات‬
‫منظمة‪.‬‬
‫‪     -‬التهريب الفردي‪ :‬وهو الفعل الذي يقع بفعل شخص أو أشخاص منفردين سواء‬
‫كانوا من البحارة أو العاملين بالسفن والطائرات أو المسافرين وغيرهم‪ ،‬وهو ينصب‬
‫عادة على كافة البضائع دون تمييز ويقع على كافة الحدود وبواسطة كافة الوسائل‬
‫الممكنة وهو أقل خطورة من التهريب الجماعي‪.‬‬
‫وتبدو أهمية التمييز بين هذين النوعين قائمة في أنه قد تقوم قرينة على قصد‬
‫االتجار في حالة التهريب الجماعي‪ ،‬فالثابت أن هذا القصد يتكون من مجموعة من‬
‫العناصر مثل كمية البضائع ونوعها وقيمتها‪.‬‬

‫([‪ )]1‬ال‪111‬دكتور ع‪111‬وض محم‪111‬د‪ ،‬ج‪111‬رائم المخ‪111‬درات والته‪111‬ريب الجم‪111‬ركي والنق‪111‬دي‪،‬‬


‫االسكندرية‪ ،1965 ،‬ص ‪ ،139‬رقم ‪.16‬‬
‫([‪ )]2‬المحامي فايز الفاعوري‪ :‬جريمة التهريب الجمركي ‪ /‬عمان‪ ،‬ص ‪. 97‬‬
‫([‪ )]3‬الدكتور أحمد فتحي سرور‪ :‬الج‪11‬رائم الض‪11‬ريبية والنقدي‪11‬ة‪ ،‬الق‪11‬اهرة‪ ،1960 ،‬ص‬
‫‪ ،280‬رقم ‪.95‬‬
‫([‪ )]4‬ال‪111‬دكتور ع‪111‬وض محم‪111‬د‪ ،‬ج‪111‬رائم المخ‪111‬درات والته‪111‬ريب الجم‪111‬ركي والنق‪111‬دي‪،‬‬
‫االسكندرية‪ ،1965 ،‬ص ‪ ،139‬رقم ‪.16‬‬
‫([‪ )]5‬ال‪11‬دكتور ش‪11‬وقي رام‪11‬ز ش‪11‬عبان‪ :‬النظري‪11‬ة العام‪11‬ة للجريم‪11‬ة الجمركي‪11‬ة‪ ،‬ب‪11‬يروت‪،‬‬
‫‪ ،1976‬ص ‪. 42‬‬
‫القسم الثاني‬
‫أركان جريمة التهريب الجمركي‬
‫تتكون الجريمة بشكل عام من ثالث عناصر‪ ،‬مادي‪ ،‬ومعنوي‪ ،‬وقانوني‪ .‬فالعنصر‬
‫المادي‪ :‬هو الفعل الذي يشكل كيان الجريمة والنتيجة المترتبة على هذا الفعل وعالقة‬
‫السببية التي تربط الفعل بالنتيجة والعنصر المعنوي‪ :‬هو إرادة الفاعل عند القيام‬
‫بالفعل سواء اتخذت صورة القصد أو الخطأ أما العنصر القانوني فهو وجود نص في‬
‫القانون يعاقب على ذلك الفعل‪.‬‬
‫وجريمة التهريب الجمركي من الجرائم العمدية التي يتطلب فيها توافر الركن‬
‫المادي والركن المعنوي‪ ،‬إال أننا سوف نالحظ أن بعض صور التهريب الجمركي ال‬
‫يشترط فيها توافر الركن المعنوي أي القصد الجنائي‪ ،‬فمتى توافر الركن المادي وهو‬
‫الفعل المادي تحققت جريمة التهريب الجمركي بغض النظر عما إذا كان قصد المهرب‬
‫هو التهرب من الضريبة أم ال‪ .‬لذا فإننا سوف نتطرق إليها بالبحث في ركنيها المادي‬
‫والمعنوي على النحو التالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪1‬‬
‫الركن المادي في جريمة التهريب الجمركي‬
‫ال تتكون الجريمة بدون فعل يتخذ مظهراً خارجيا ً يدل عليها فال يستطيع القانون‬
‫الجزائي أن ينفذ إلى ضمائر الناس وما يعتلج في صدورهم‪ ،‬لذا البد من قيام الجاني‬
‫بنشاط مادي يترجم فيه النوايا وخلجات النفس لتتم الجريمة‪ .‬والركن المادي‪ :‬هو‬
‫الركن األساسي والجوهري في الجريمة وهو الركن الذي يظهر الجريمة إلى حيز‬
‫الوجود‪ ،‬فلواله لما كان هناك جريمة‪( .‬ويتمثل‪ 1‬الركن المادي في جريمة التهريب‬
‫الجمركي في مخالفة االلتزام الجمركي‪ .‬ويفترض لقيام الجريمة الجمركية وجود عالقة‬
‫قانونية‪ ،‬من ضريبة أو غيرها‪ ،‬بين الفاعل األصلي والدولة‪ ،‬كشخص معنوي يكون‬
‫فيها الفاعل الطرف السلبي لهذه العالقة‪ ،‬وبمقتضاها يقع على عاتقه التزام جمركي‬
‫بالقيام بعمل أو باالمتناع عن عمل وبمخالفة هذا االلتزام تقع الجريمة الجمركية‪.‬‬
‫فااللتزام بأداء الضريبة الجمركية‪ ،‬أو غيرها من االلتزامات الجمركية وإن كان‬
‫مصدره القانون إال أنه ال ينشأ إال بحصول الواقعة المنشئة أو االلتزام) ([‪.)]1‬‬
‫وعلى أساس ما تقدم يرى فقهاء القانون الجمركي أن الركن المادي للجريمة‬
‫الجمركية يتألف من عدة عناصر‪ .‬فهو يقتضي‪ 1‬نشاطا ً ماديا ً معنيا ً يباشره الجاني‬
‫بأسلوب خاص‪ ،‬ومحالً متميزاً ينصب عليه هذا النشاط‪ ،‬ومكانا ً محدداً يتم فيه‪ ،‬ونتيجة‬
‫تترتب عليه‪ ،‬مصلحة سببية تربط بين هذا النشاط وتلك النتيجة([‪.)]2‬‬
‫وللركن المادي في جريمة التهريب الجمركي أهمية كبيرة‪ ،‬فال يعرف القانون‬
‫أصالً جرائم ركن مادي‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك فإن قيام الجريمة على ركنها المادي يجعل‬
‫إقامة الدليل عليها ميسوراً‪ ،‬غذ أن إثبات الماديات سهل‪ ،‬ثم أنه يقي األفراد احتمال أن‬
‫تؤاخذهم السلطات العامة دون أن يصدر عنهم سلوك مادي محدد فتعصف بأمنهم‬
‫وحرياتهم‪ .‬ولما كانت المادة (‪ )203‬من قانون الجمارك األردني النافذ نصت على أن‬
‫التهريب يقع بإدخال أو إخراج بضاعة دون دفع الرسوم الجمركية والرسوم‬
‫والضرائب األخرى كليا ً أو جزئيا ً أو بالمخالفة ألحكام المنع والتقييد الواردة في قانون‬
‫الجمارك أو في القوانين واألنظمة األخرى‪.‬‬
‫لذا فإن التهريب الجمركي قد يكون ضريبي ويرد على ضريبة جمركية مفروضة‬
‫على البضاعة المسموح باستيرادها وقد يكون غير ضريبي ويرد على البضائع التي ال‬
‫يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر الذي فرضه الشارع في هذا‬
‫الشأن‪.‬‬
‫كما أن التهريب قد يقع فعالً بإدخال البضاعة أو إخراجها من إقليم المملكة‪ ،‬وقد‬
‫يقع حكما ً بأن يكون سلوك الجاني من شأنه أن يجعل إدخال البضاعة أو إخراجها‬
‫وشيك الحدوث‪ .‬لذلك فإننا تناولنا عند الحديث عن أنواع التهريب الجمركي ثالثة‬
‫موضوعات‪ ،‬هي‪ :‬جريمة التهريب الضريبي‪ ،‬جريمة التهريب غير الضريبي وجريمة‬
‫التهريب الحكمي‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المبحث الثاني‪1‬‬
‫الركن المعنوي في جريمة التهريب الجمركي‬
‫االتجاه السائد في التشريعات الجنائية الحديثة أن ماديات الجريمة ال تنشئ‬
‫مسؤولية وال تستوجب عقابا ً ما لم تتوافر إلى جانبها كل العناصر المعنوية‪ 1‬التي‬
‫يتطلبها كيان الجريمة ذاته‪ ،‬والركن المعنوي إرادة إجرامية ناتجة عن اتجاهها اآلثم‬
‫إلى مخالفة القانون‪ ،‬أي تحقيق ماديات غير مشروعة([‪.)]3‬‬
‫والتجاه اإلرادة الجمركية صورتان رئيسيتان‪ :‬العقد الجرمي وبه تكون الجريمة‬
‫عمدية‪ ،‬والخطأ وبه تكون الجريمة غير عمدية‪ .‬وهذا النموذج المعنوي ركن من‬
‫أركان الجريمة إذا تخلف ال تقوم الجريمة والركن المعنوي ضروري لقيام الجريمة إال‬
‫إذا نص المشرع صراحة على خالف ذلك‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بأنه ال جريمة بدون نية‪.‬‬
‫ويجمع الفقه على تعريف القصد الجنائي بأنه "إرادة اإلضرار بمصلحة قانونية‬
‫محمية بقانون يفترض علم الكافة به" وقد جرت العادة على وصف هذا الركن‬
‫المعنوي في القانون بالقصد العام‪ ،‬بالمقابلة للقصد الخاص‪ ،‬وهو قصد أكثر تميزاً وال‬
‫يتطلبه القانون إال للعقاب على بعض جرائم معينة والقصد الجنائي يتكون‪ 1‬من‬
‫عنصرين هما العلم واإلرادة ويختلف الفقه حول الدور الذي يلعبه كل من العنصرين‬
‫في تكوين القصد‪.‬‬
‫فقد ذهبت نظرية العلم إلى القول بأن القصد هو إرادة الفعل تعطي الفعل داللته‬
‫اإلجرامية‪ ،‬وهي بذلك تستبعد إرادة النتيجة من عداد عناصر القصد‪.‬‬
‫أما نظرية اإلرادة فتضيف إلى إرادة الفعل والعلم بالنتيجة إرادة هذه النتيجة وكل‬
‫واقعة ذات أهمية في إسباغ الصفة اإلجرامية على الفعل([‪ )]4‬ونحن بدورنا نؤيد الذي‬
‫يقول أنه على الرغم من تطلب هذين العنصرين فإن أهمية اإلرادة تزيد على أهمية‬
‫العلم إذ ليس العلم متطلبا ً لذاته‪ ،‬ولكن باعتباره مرحلة في تكوين اإلرادة‪ ،‬وشرطا ً‬
‫أساسيا ً لتصورها‪ ،‬والقانون ال يحرم النشاط النفسي إال إذا كان يتجه اتجاها ً ثابتا ً إلى‬
‫غاية غير مشرعة([‪.)]5‬‬
‫ويعرف القصد الخاص بأنه نية انصرفت إلى غاية معينة‪ ،‬أو دفعها إلى الفعل‬
‫باعث خاص([‪.)]6‬‬
‫وقد ثار خالف كبير في الفقه الجمركي حول مدى استلزام توافر القصد الجنائي‬
‫الخاص في جريمة التهريب‪ ،‬فاتجه البعض إلى أن جريمة التهريب جريمة عمدية تقوم‬
‫على القصد العام دون حاجة إلى توافر القصد الخاص([‪.)]7‬‬
‫بينما ذهب البعض اآلخر إلى أنه جريمة التهريب ذات قصد خاص‪ ،‬فال يكفي أن‬
‫يعلم المهرب بأنه يرتكب فقل التهريب‪ ،‬وإنما يتعين أن يكون الدافع لذلك رغبته في‬
‫التخلص من الرسوم الجمركية([‪.)]8‬‬
‫ونحن نرى أنه يجب أن يتوافر في جريمة التهريب الضريبي الحقيقي عنصري‬
‫العلم واإلرادة‪ .‬فينبغي‪ 1‬أن يحيط الجاني علما ً بكل واقعة ذات أهمية قانونية‪ 1‬في تكوين‬
‫الجريمة‪ ،‬وأهم واقعة تقوم بها الجريمة هي الفعل الذي يأتيه الجاني ويتمثل‪ 1‬في‬
‫سلوكه اإلجرامي‪ ،‬وتترتب على الفعل النتيجة التي يتمثل‪ 1‬فيها االعتداء على الحق‬
‫الذي يحميه القانون‪.‬‬
‫ويربط بين الفعل والنتيجة مجموعة من الوقائع تقوم عليها عالقة السببية‪ .‬كما‬
‫يتعين‪ 1‬أن يتوافر لدى الجاني إرادة ارتكاب الجريمة وذلك بأن يقع النشاط المادي من‬
‫شخص مميز ولديه حرية االختيار‪.‬‬
‫وعى ضوء ذلك فإن تبين انتفاء العلم لدى الجاني بأن كان ال يعلم بوجود‬
‫البضاعة الممنوعة بداخل حقيبته فأدخلها أو أخرجها منها‪ ،‬فإن عنصر العلم ينتفي‬
‫وبذلك ال تكتمل أركان الجريمة كما يتحقق العلم إذا تبين أن المهرب الحائز لبضاعة لم‬
‫يسدد عنها الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى قد تجاوز بفعله الخط‬
‫الجمركي عنصر الزم للعلم بالجهة التي أناط بها القانون تحصيل الرسوم الجمركية‪.‬‬
‫أما العلم بقانون الجمارك ونصوص التهريب الجمركي فهو علم مفترض ال سبيل‬
‫إلى نفيه بحسب األصل‪ 1‬كما يعتبر علما ً مفترضا ً في هذه الحال كل ما يتعلق بقوانين‬
‫االستيراد والتصدير والقواعد الخاصة بحظر استيراد سلع معينة أو تصديرها‪.‬‬
‫أما بالنسبة لجرائم التهريب الضريبي‪ 1‬فإن القصد الجنائي العام بعنصريه العلم واإلرادة‬
‫هو المطلوب توافره‪ ،‬فيجب أن يحيط الجاني علما ً بعناصر الواقعة اإلجرامية المؤثمة‬
‫وأن يتجه نشاطه اإلجرامي صوب ارتكاب الجريمة على النحو الموصوف بالنموذج‬
‫اإلجرامي للواقعة كما ورد نص التجريم هذا فيما يتعلق‪ 1‬بجريمة التهريب الحكمي غير‬
‫الضريبي أما بالنسبة للتهريب الحكمي الضريبي والذي يلزم لقيامه توافر القصد‬
‫الخاص متمثالً في قصد التخلص من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما تقدم فإننا نجد أنه البد للمشرع الجمركي أن يتدخل تدخالً حاسما ً‬
‫في مسألة القصد الجنائي في جرائم التهريب الحقيقي والحكمي وغير الضريبي‪ .‬حيث‬
‫اختلف الفقهاء فيما بينهم في تحديد القصد الجنائي الذي يتطلبه المشرع فالبعض ذهب‬
‫إلى أن المطلوب هو القصد الجنائي العام بعنصريه العلم واإلرادة‪.‬‬
‫بينما ذهب جانب آخر من الفقه إلى أن القصد المطلوب هو القصد الجنائي‬
‫الخاص‪ ،‬فال يكفي أن يعلم المهرب بأنه يرتكب فعل التهريب بل البد أن يكون للمهرب‬
‫صد خاص بأن يكون الدافع إلى سلوك المهرب هو رغبته في التخلص من الرسوم‬
‫الجمركية والرسوم والضرائب األخرى‪.‬‬

‫([‪ )]1‬الدكتور أحمد فتحي سرور‪ :‬الجرائم الضريبية والنقدي‪11‬ة – الق‪11‬اهرة‪ ،1960 ،‬ص‬
‫‪. 107‬‬
‫([‪ )]2‬الدكتور عوض محمد‪ ،‬جرائم المخ‪1‬درات والته‪1‬ريب الجم‪1‬ركي والنق‪1‬دي‪ ،‬الطبع‪11‬ة‬
‫األولى‪ ،‬االسكندرية‪ ،1966   ،‬ص ‪. 146‬‬
‫([‪ )]3‬د‪ .‬فوزية عبد الستار‪ :‬المساهمة األصلية في الجريم‪11‬ة‪ ،‬رس‪11‬الة دكت‪11‬وراة مقدم‪11‬ة‬
‫لجامعة القاهرة سنة ‪ ،1967‬ص ‪. 94‬‬
‫([‪ )]4‬ال‪11‬دكتور محم‪11‬ود نجيب حس‪11‬ني‪ :‬ش‪1‬رح ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات اللبن‪11‬اني‪ /‬القس‪11‬م الع‪11‬ام‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬سنة ‪ ،1975‬ص ‪385‬‬
‫([‪ )]5‬الدكتور جالل ثروت‪ :‬نظرية الجريمة متعدية القص‪11‬د الجن‪11‬ائي‪ /‬رس‪11‬الة دكت‪11‬وراة‪/‬‬
‫جامعة االسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1959‬ص ‪. 224‬‬
‫([‪ ) ]6‬الدكتور محمد نجيب السيد‪ :‬جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء‪،‬‬
‫االسكندرية‪   ،1992 ،‬ص ‪. 173‬‬
‫([‪ )]7‬المستشار فاروق سيف النصر‪ :‬محاضرات في جرائم القتل الخطأ وفي قضايا‬
‫التهريب الجمركي‪ ،‬القاهرة‪ ،1985 ،‬ص ‪.84‬‬
‫([‪ )]8‬الدكتور أحمد فتحي سرور‪ :‬الجرائم الضريبية والنقدية‪ ،‬القاهرة‪ ،1960 ،‬ص‬
‫‪ ،300‬رقم ‪. 101‬‬
‫القسم الثالث‬
‫نظرية االختصاص المكاني وجريمة التهريب‬
‫"خروج جريمة التهريب عن قواعد االختصاص"‬
‫الباب األول‬
‫مقدمة عامة‬
‫نظرية االختصاص‬
‫يقصد باالختصاص تحديد القانون للسلطة المختصة في نظر الدعاوى‪ ،‬أي والي‪11‬ة‬
‫الفصل في المنازعات القضائية حسب النوع الذي عين‪11‬ه وح‪11‬دده الق‪11‬انون‪ ،‬ويقص‪11‬د به‪11‬ا‬
‫السلطة القضائية سواء كانت جهة مدنية أم استثنائية‪ 1‬أم جنائية وتعني‪ 1‬األخيرة السلطة‬
‫التي يقررها القانون للقضاء (قضاء التحقيق‪ ،‬ويشمل قاضي التحقيق كما يشمل النيابة‬
‫العامة عندما تباشر وظيفة التحقيق باعتباره‪11‬ا تم‪11‬ارس عمالً قض‪11‬ائيا ً كم‪11‬ا تع‪11‬ني أيض‪1‬ا ً‬
‫قضاء الحكم) ([‪.)]1‬‬
‫من هذا يفهم أن المقص‪11‬ود باالختص‪11‬اص الص‪11‬الحية ألداء وظيف‪11‬ة قض‪11‬ائية معين‪11‬ة‬
‫يعترف القانون باألعمال ال‪11‬تي تمارس‪11‬ها ويفهم أيض‪1‬ا ً أن االختص‪11‬اص ال يش‪11‬مل مرحل‪11‬ة‬
‫المحاكمة بالنسبة للمسائل الجنائية بل يمت‪11‬د إلى اختص‪11‬اص س‪11‬لطات التحقي‪11‬ق واالته‪11‬ام‬
‫وحتى سلطات االستدالل([‪.)]2‬‬
‫ومن أج‪11‬ل الوص‪11‬ول لتحدي‪11‬د االختص‪11‬اص ف‪11‬إن المش‪11‬رع وض‪11‬ع تص‪11‬نيفا ً لل‪11‬دعاوى‬
‫وتنويعاً‪ 1‬للمحاكم‪ ،‬وتخويل كل محكمة النظ‪1‬ر في مجموع‪1‬ة معين‪1‬ة من ال‪1‬دعاوى وج‪1‬زاء‬
‫الخروج على قواعد االختصاص بطالن هذا العمل‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫المبحث األول‪1‬‬
‫المبادئ العامة لنظرية االختصاص‬
‫االختصاص بصفة عامة قد يكون دوليا ً وقد يكون إقليمياً([‪:)]3‬‬
‫فاالختصاص الدولي يعني سلطة محاكم كل دولة في أن تنظر دعاوى معين‪11‬ة دون‬
‫المحاكم األجنبية‪ – 1‬في نظر مش‪11‬رعها – بالفص‪11‬ل بالمنازع‪11‬ات ال‪11‬تي تث‪11‬ور على إقليمه‪11‬ا‬
‫بين األشخاص المقيمين فيه‪11‬ا ك‪11‬انوا مواط‪11‬نين أو أج‪11‬انب أو تل‪11‬ك ال‪11‬تي تتعل‪11‬ق ب‪11‬األموال‬
‫الموجودة على أرضها أو الجرائم التي ترتكب فيها([‪.)]4‬‬
‫وعند تعيين المحكمة المختصة بنظر هذه الدعاوى داخ‪11‬ل قط‪11‬ر الدول‪11‬ة ذات‪11‬ه فإن‪11‬ه‬
‫يتحتم أوالً تعيين أو تحديد هل هذه الدعاوى من اختصاص المحاكم األردني‪1‬ة فإن‪1‬ه يجب‬
‫عن‪11‬دها البحث ح‪11‬ول أي محكم‪11‬ة من المح‪11‬اكم األردني‪11‬ة له‪11‬ا االختص‪11‬اص في نظ‪11‬ر ه‪11‬ذه‬
‫ال‪11‬دعاوى‪ ،‬أي أن االختص‪11‬اص ال‪11‬دولي يس‪11‬بق االختص‪11‬اص ال‪11‬داخلي(‪ ،)3‬وق‪11‬د تن‪11‬اولت‬
‫االختصاص الدولي للمحاكم الم‪11‬ادة (‪ )27‬من ق‪11‬انون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات المدني‪11‬ة رقم (‬
‫‪ )14‬لسنة ‪ 2001‬أردني والتي جاء فيها‪:‬‬
‫‪     -‬تمارس المحاكم النظامي‪11‬ة في المملك‪11‬ة األردني‪11‬ة الهاش‪11‬مية ح‪11‬ق القض‪11‬اء على جمي‪11‬ع‬
‫األشخاص في المواد المدنية‪ ،‬باستثناء المواد ال‪11‬تي ق‪11‬د يف‪11‬وض فيه‪11‬ا ح‪11‬ق القض‪11‬اء إلى‬
‫محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب أحكام أي قانون آخر‪.‬‬
‫والقواعد التي تحدد االختصاص الدولي للمحاكم في دولة م‪11‬ا هي القواع‪11‬د الص‪11‬ادرة‬
‫عن مشرعها فاالختصاص الدولي للمحاكم األردني‪11‬ة يح‪11‬ددها المش‪11‬رع األردني‪ ،‬بم‪11‬ا أن‬
‫األصل في نطاق تطبيق قانون العقوبات من حيث المكان مرتبط مع االختصاص الدولي‬
‫للمحاكم لذات الدولة‪ ،‬فإن ذلك يعني أن كل جريمة ترتكب داخل الدول‪11‬ة وينطب‪11‬ق عليه‪11‬ا‬
‫قانونها‪ ،‬تختص بها محاكم الدولة بغض النظر عن جنس‪11‬ية مرتكبيه‪11‬ا أو المج‪11‬ني علي‪11‬ه‬
‫فيها‪.‬‬
‫والقواعد التي تحدد السلطان المكاني للنص الجن‪11‬ائي أربع‪11‬ة‪ :‬إقليمي‪11‬ة النص‪ ،‬شخص‪11‬ية‬
‫النص‪ ،‬عينية النص‪ ،‬وعالمية النص([‪.)]5‬‬
‫ونعني‪ 1‬بإقليمية النص‪ :‬أن يطبق على كل شخص يرتكب جريم‪11‬ة في اإلقليم الخاض‪11‬ع‬
‫لسيادة الدولة أيا ً كانت جنسية مرتكبيها‪ ،‬كم‪11‬ا نع‪11‬ني بشخص‪11‬ية النص‪ :‬أن يطب‪11‬ق النص‬
‫على كل جريمة يرتكبها شخص يحمل جنسية الدولة أيّا ً كان اإلقليم الذي ارتكبه‪11‬ا في‪11‬ه‪،‬‬
‫أما المقصود بعينية النص‪ :‬أن يطب‪11‬ق النص على ك‪11‬ل جريم‪11‬ة تمس الحق‪11‬وق األساس‪11‬ية‬
‫للدولة أيّا ً كانت جنسية مرتكبها ومكان ارتكابها‪ ،‬ونع‪11‬ني‪ 1‬بعالمي‪11‬ة النص أن يطب‪11‬ق على‬
‫ك‪11‬ل جريم‪11‬ة يقبض على مرتكبه‪11‬ا في إقليم الدول‪11‬ة أيّ ‪1‬ا ً ك‪11‬انت جنس‪11‬يته ومك‪11‬ان جريمت‪11‬ه‬
‫ويختل‪11‬ف نط‪11‬اق تط‪11‬بيق ه‪11‬ذه المب‪11‬ادئ من حيث المج‪11‬ال المك‪11‬اني وأوس‪11‬عها ب‪11‬دون ش‪11‬ك‬
‫عالمية النص‪.‬‬
‫ويالحظ أن المبدأ الراجح في التشريعات الحديثة هو مبدأ إقليمية النص الجنائي‪.‬‬
‫ويرجع ذلك لمبدأ السيادة التي للدولة على إقليمه‪11‬ا حيث أن الق‪11‬انون الجن‪11‬ائي الوس‪11‬يلة‬
‫لتأمين الحقوق الجديرة بالحماية الجنائية وهو مظهر السيادة على اإلقليم وهو األق‪11‬رب‬
‫لتحقيق العدالة حيث تتوافر أدلة اإلثبات‪ 1‬في مكان الجريمة ويسهل تحقيقها حيث يك‪11‬ون‬
‫القاضي اإلقليمي أقدر على تحديد مسؤولية مرتكبها والقاضي يطبق ق‪11‬انون بل‪11‬ده‪ ،‬كم‪11‬ا‬
‫أن ذلك يحقق عملية الردع المتوخاة من العقاب بصورة أفضل‪.‬‬
‫وفي ح‪11‬ال ثب‪11‬وت االختص‪11‬اص ال‪11‬دولي لمحكم‪11‬ة دول‪11‬ة معين‪11‬ة (األردن‪ ،‬أو مص‪11‬ر أو‬
‫سوريا مثالً) فإن قانون العقوبات الخاص به‪11‬ذه الدول‪11‬ة المعين‪11‬ة يص‪11‬بح واجب التط‪11‬بيق‬
‫ولو كان المتهم بها أجنبيا ً ولو كان مكان وقوع الجريمة في الخارج‪.‬‬
‫أما عن االختص‪11‬اص الجن‪11‬ائي ال‪11‬داخلي‪ ،‬فيقص‪11‬د ب‪11‬ه توزي‪11‬ع ال‪11‬دعاوى الجنائي‪11‬ة ال‪11‬تي‬
‫تختص بها المحاكم في الدولة دوليا ً على المحاكم المتنوع‪1‬ة‪ 1‬فيه‪11‬ا وفق‪1‬ا ً للض‪11‬وابط ال‪11‬تي‬
‫حددها المشرع‪ ،‬وقد تناولت المادة (‪ )140‬من قانون أصول المحاكم‪11‬ات الجزائي‪11‬ة ه‪11‬ذا‬
‫التوزيع بالنسبة للجنح والجناية‪ ،‬وجرائم الجنح المالزمة للجناية فيما عدا م‪11‬ا ك‪11‬ان من‬
‫اختصاص محاكم الصلح والتي‪ 1‬خصص لها النظر ببعض الجنح والمخالف‪11‬ات حس‪11‬ب م‪11‬ا‬
‫ح‪11‬دد المش‪11‬رع وك‪11‬ذلك الجناي‪11‬ات الك‪11‬برى ال‪11‬تي ح‪11‬ددتها الم‪11‬ادة (‪ )4‬من ق‪11‬انون محكم‪11‬ة‬
‫الجنايات الكبرى رقم (‪ )19‬لسنة ‪.1986‬‬
‫وق‪11‬د تن‪11‬اولت ه‪11‬ذا التوزي‪11‬ع في المس‪11‬ائل المدني‪11‬ة الم‪11‬ادة (‪ )30‬وم‪11‬ا بع‪11‬دها بالنس‪11‬بة‬
‫الختص‪11‬اص محكم‪11‬ة البداي‪11‬ة‪ ،‬من ق‪11‬انون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات المدني‪11‬ة رقم (‪ )14‬لس‪11‬نة‬
‫‪ 2001‬والم‪11‬ادة الثالث‪11‬ة من ق‪11‬انون مح‪11‬اكم الص‪11‬لح رقم (‪ )13‬لس‪11‬نة ‪ 2001‬بص‪11‬يغته‬
‫المعدلة‪.‬‬
‫واالختصاص بصورة عامة ال يكون جنائيا ً فقط بل يكون اختصاص غ‪11‬ير ع‪11‬ادي ألن‬
‫القضاء ليس نوعا ً واحداً فهناك القضاء اإلداري‪ ،‬والقضاء العادي (مدني وجنائي)‪.‬‬
‫وقد ينشئ المشرع أنواعاً‪ 1‬أخ‪11‬رى إذا رأى في ذل‪11‬ك مالئم‪11‬ة تخص‪11‬يص مح‪11‬اكم معين‪11‬ة‬
‫لينظر دعاوى من نوع معين (مث‪11‬ل المحكم‪11‬ة الجمركي‪11‬ة)‪ ،‬المهم أن ض‪11‬ابط التمي‪11‬يز بين‬
‫أنواع‪ 1‬القضاء هو االختصاص([‪.)]6‬‬
‫‪ ‬‬
‫المبحث الثاني‪1‬‬
‫الطبيعة القانونية لالختصاص([‪)]7‬‬
‫عرفنا أن مصدر االختص‪11‬اص ه‪11‬و قواع‪11‬د الق‪11‬انون‪ ،‬فطبيع‪11‬ة االختص‪11‬اص قانوني‪11‬ة‬
‫وبهذا فهي ذات طابع ملزم سواء ألطراف الدعاوى أو للقاضي نفسه‪.‬‬
‫يتضح من هذا أن المدعي يلتزم برفع الدعوى أمام المحكمة التي خولها الق‪11‬انون‬
‫بنظر الدعوى وال يجوز له أن يلزم المدعى علي‪11‬ه برفعه‪11‬ا أم‪11‬ام محكم‪11‬ة أخ‪11‬رى‪ ،‬كم‪11‬ا ال‬
‫يحق للمدعى عليه أن يدفع بعدم االختصاص لكون هذه المحكمة غير مالئمة ل‪1‬ه([‪،)]8‬‬
‫عالوة على ذلك ف‪11‬إن قواع‪11‬د االختص‪11‬اص ملزم‪11‬ة للقاض‪11‬ي نفس‪11‬ه ف‪11‬إن دخلت قانون‪1‬ا ً في‬
‫اختصاصه‪ ،‬فإنه يعت‪11‬بر مرتكب‪1‬ا ً لجريم‪11‬ة إذا رفض النظ‪11‬ر فيه‪11‬ا‪ ،‬وان ك‪11‬انت خارج‪11‬ة عن‬
‫اختصاصه فإنه يتعين‪ 1‬عليه أن يخرج الدعوى من حوزت‪11‬ه وإال ك‪11‬ان قض‪11‬اؤه ب‪11‬اطالً‪ ،‬إال‬
‫إذا قبل الخصوم ذلك صراحة أو ضمنا ً هذا م‪1‬ا أكدت‪11‬ه الم‪11‬ادة (‪ )27/2‬من ق‪1‬انون أص‪1‬ول‬
‫المحاكمات المدنية األردني السابق ذكره‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المطلب األول‬
‫قواعد االختصاص والنظام العام‬
‫من استعراضنا ألحكام القانون وأحكام محكم‪11‬ة التمي‪11‬يز األردني‪11‬ة وأحك‪11‬ام محكم‪11‬ة‬
‫النقض المص‪11‬رية نج‪11‬د أن االختص‪11‬اص متعل‪11‬ق بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام فيم‪11‬ا ع‪11‬دا االختص‪11‬اص‬
‫المحلي([‪.)]9‬‬
‫وهذا ما أفادته المادة (‪ )108‬من قانون المرافعات المصرية‪ ،‬حيث اعتبرت الدفع‬
‫لعدم االختص‪11‬اص المحلي غ‪11‬ير متعل‪11‬ق بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام‪ ،‬وك‪11‬ذلك الح‪11‬ال بالنس‪11‬بة للمس‪11‬ائل‬
‫الجنائية حيث حدد لالختصاص المكاني أكثر من ضابط وجعل المشرع لها التساوي وال‬
‫تفاضل في أي منها (تمييز أردني جزاء ‪ 90/54‬ص ‪ 870‬سنة ‪ 1954‬المبادئ ج‪ 1‬ص‬
‫‪ ،46‬أنظ‪111‬ر نقض مص‪111‬ري ‪ ،18/4/1976‬س ‪ ،27‬ص ‪ 436‬مج ف‪111‬ني‪ .‬نقض مص‪111‬ري‬
‫‪ 1525‬لسنة ‪ 50‬جلسة ‪ 17/11/1980‬س ‪ 31‬مج فني ص ‪.)1012‬‬
‫وقض‪11‬ت محكم‪11‬ة التمي‪11‬يز األردني‪11‬ة ‪ /‬ب‪11‬أن المحكم‪11‬ة ال تمل‪11‬ك البحث في دف‪11‬ع ع‪11‬دم‬
‫االختصاص المكاني ما لم يتمسك به المدعي قبل الدخول في موضوع الدعوى([‪.)]10‬‬
‫وجاء أيضا ً بأنه ال يجوز سماع الدفع بعدم الصالحية المكانية إذا لم يتمس‪11‬ك به‪11‬ذا‬
‫الدفع قبل اإلجابة على الئحة الدعوى([‪.)]11‬‬
‫وقضت أيضا ً أن الدفع بعدم االختصاص المحلي هو دفع ابتدائي يجب إب‪11‬داؤه قب‪11‬ل‬
‫ال‪11‬دخول في موض‪11‬وع ال‪11‬دعوى إذ ال تفي‪11‬د مناقش‪11‬ة المم‪11‬يز ض‪11‬دها للموض‪11‬وع بالتن‪11‬اوب‬
‫والتنازل عن هذا الدفع بعدم االختصاص الذي أبدى قبل مواجهة الموضوع([‪.)]12‬‬
‫يفهم من هذه األحكام وغيرها أن الدفع بعدم االختصاص المكاني ليس من النظ‪11‬ام‬
‫العام‪ ،‬فال يحق للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها‪ ،‬كما ال يحق للخصم أن يدفع بهذا‬
‫الدفع إذا ما بدأ في النظر في الدعوى األصلية‪ ،‬ويلزم الدفع به قبل اإلجاب‪11‬ة على الئح‪11‬ة‬
‫االدعاء أو الشكوى سواء من قبل المدعى عليه أو محاميه‪.‬‬
‫وإن بدأت المحكمة في نظر الدعوى أو الشكوى ف‪11‬إن الطعن يص‪11‬بح بغ‪11‬ير ج‪11‬دوى‬
‫وال تملك المحكمة أصالً البحث فيه وال يجوز س‪11‬ماع مث‪11‬ل ه‪11‬ذا ال‪11‬دفع ول‪11‬ذا فإن‪11‬ه ي‪11‬ترتب‬
‫على المحكمة رد الطلب فوراً ومن تلقاء نفس‪11‬ها والحكم‪11‬ة من ذل‪11‬ك أن‪11‬ه طالم‪11‬ا ارتض‪11‬ى‬
‫الطرف‪11‬ان من‪11‬ذ البداي‪11‬ة في نظ‪11‬ر ال‪11‬دعوى ل‪11‬دى ه‪11‬ذه المحكم‪11‬ة فال داعي لتعطي‪11‬ل س‪11‬ير‬
‫العدالة([‪.)]13‬‬
‫وفي جمي‪11‬ع األح‪11‬وال إذا م‪11‬ا ثبت للقاض‪11‬ي اختصاص‪11‬ه بال‪11‬دعوى يتعين علي‪11‬ه أن‬
‫يقضي فيها‪ ،‬فإن امتنع ارتكب جريمة([‪.)]14‬وإذا ثبت له أنه غ‪11‬ير مختص وجب علي‪11‬ه‬
‫أن يقرر ذلك‪ ،‬ويخرج الدعوى من حوزته فإذا أقضى فيها كان قضاؤه باطالً([‪.)]15‬‬
‫والعلة في ذلك أن النظر في موضوع الطلب المقدم للمحكمة بعدم االختص‪11‬اص المك‪11‬اني‬
‫بع‪11‬د ال‪11‬دخول في موض‪11‬وع ال‪11‬دعوى ي‪11‬ترتب علي‪11‬ه س‪11‬قوط الح‪11‬ق من‪11‬ه ألن ال‪11‬دخول في‬
‫موضوع الدعوى معناه التنازل عن الحق في الدفع بعدم االختصاص‪ .‬وقد أكدت الم‪11‬ادة‬
‫(‪ )110‬من قانون أصول المحاكمات المدنية األردني ذلك وقد جاء فيها‪:‬‬
‫‪       -‬الدفع ببطالن غير المتصل بالنظام العام وس‪1‬ائر ال‪11‬دفوع المتعلق‪11‬ة ب‪11‬اإلجراءات غ‪11‬ير‬
‫المتصلة بالنظام الع‪11‬ام‪ ،‬وال‪11‬دفع بع‪11‬دم االختص‪11‬اص المك‪11‬اني (أو بوج‪11‬ود ش‪11‬رط التحكيم)‬
‫يجب إبداؤها معا ً قبل إبداء أي دفع اجرائي آخر أو طلب أو دفاع في الدعوى وإال سقط‬
‫الحق فيها‪ ،‬كما يسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يبدها في الئحة الطعن‪.‬‬
‫ويجب إب‪11‬داء جمي‪11‬ع الوج‪11‬وه ال‪11‬تي ب‪11‬ني عليه‪11‬ا ال‪11‬دفع المتعل‪11‬ق ب‪11‬اإلجراءات غ‪11‬ير‬
‫المتصل بالنظام العام معا ً وإال سقط الحق لما لم يبد منها‪.‬‬
‫وما دام العم‪11‬ل ب‪11‬اطالً ابت‪11‬داء ف‪11‬إن س‪11‬ير القض‪11‬اء في‪11‬ه مخ‪11‬الف لقواع‪11‬د اإلج‪11‬راءات‬
‫فتكون المحكمة مهدرة لوقتها‪ ،‬وجاهلة لنطاق سلطتها القضائية‪ ،‬وم‪11‬ا دام أن المحكم‪11‬ة‬
‫ال تملك بداءة الحق في السير بالطلب لعدم االختصاص المكاني‪ ،‬فإن من ال يمل‪11‬ك ش‪11‬يئا ً‬
‫ال يستطيع إعطاءه([‪.)]16‬‬
‫ويالحظ أن قواعد االختص‪11‬اص المتعلق‪11‬ة بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام في المس‪11‬ائل الجنائي‪11‬ة هي‬
‫ذاتها في المسائل المدنية حيث اعتبر االختصاص النوعي أو القيمي وال‪11‬وظيفي متعل‪11‬ق‬
‫بالنظام العام‪ ،‬وكذلك االختصاص الدولي يعت‪1‬بر غ‪1‬ير متعل‪1‬ق بالنظ‪1‬ام الع‪1‬ام إال في حال‪1‬ة‬
‫اس‪11‬تثنائية إذا م‪11‬ا تعل‪11‬ق بحال‪11‬ة اختص‪11‬اص مك‪11‬اني إل‪11‬زامي([‪ ،)]17‬الم‪11‬ادة (‪ )109‬من‬
‫القانون األردني (أصول محاكمات المدنية) في فقرتها ‪ 2‬من‪1‬ه تتض‪1‬من ب‪1‬أن ال‪1‬دفع بع‪1‬دم‬
‫االختصاص المكاني ال يعتبر من النظام العام في حين نصت المادة ‪ 111‬منه بأن ال‪11‬دفع‬
‫بعدم االختصاص النتق‪11‬اء والي‪11‬ة المحكم‪11‬ة أو بس‪11‬بب ن‪11‬وع ال‪11‬دعوى أو قيمته‪11‬ا فإن‪11‬ه من‬
‫النظام العام‪.‬‬
‫ويترتب على تعلق بعض أنواع االختصاص بالنظام العام نتائج هامة وهي أن‪11‬ه ال‬
‫يجوز لألفراد االتفاق‪ 1‬على مخالفة قواعد االختصاص ال صراحة وال ضمناً‪ ،‬ويجب على‬
‫المحكم‪11‬ة أن تبحث ه‪11‬ذا األم‪11‬ر من تلق‪11‬اء نفس‪11‬ها وتقض‪11‬ي بع‪11‬دم االختص‪11‬اص إن لم تكن‬
‫الدعوى من اختصاصها حتى ال يستوجب حكمها بالبطالن‪ ،‬كما يحق للنيابة العام‪11‬ة في‬
‫المسائل الجنائية أن تدفع بعدم االختصاص حتى لو كانت الدعوى مطروح‪11‬ة من قبله‪11‬ا‪،‬‬
‫كما يحق لكل طرف من األطراف الدفع بعدم االختصاص‪ ،‬ويعتبر ال‪11‬دفع من قب‪11‬ل المتهم‬
‫حق ألنه وسيلة دف‪1‬اع إن ك‪1‬ان مطابق‪1‬ا ً للق‪1‬انون ال لكون‪1‬ه مالئم‪1‬ا ً ل‪1‬ه ويمكن ال‪1‬دفع بع‪1‬دم‬
‫االختصاص النتفاء والية المحكمة أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها ولو ألول مرة أمام‬
‫محكمة التمييز (النقض)‪.‬‬
‫من هذا يفهم أن للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تصدر حكما ً بع‪11‬دم االختص‪11‬اص‬
‫أو بن‪11‬اء على طلب الخص‪11‬وم كم‪11‬ا ي‪11‬ترتب على مخالف‪11‬ة قواع‪11‬د االختص‪11‬اص الن‪11‬وعي‪1‬‬
‫والشخص‪11‬ي البطالن المطل‪11‬ق‪ ،‬وي‪11‬ترتب على الحكم بع‪11‬دم االختص‪11‬اص أيض‪11‬ا ً ك‪11‬ف ي‪11‬د‬
‫المحكمة المعروض عليها([‪ )]18‬النظر في الدعوى األص‪11‬لية‪ ،‬ك‪11‬ذلك ال يح‪11‬ق للمحكم‪11‬ة‬
‫ال‪11‬تي طعن أمامه‪11‬ا بق‪11‬رار ع‪11‬دم االختص‪11‬اص أن تنظ‪11‬ر في ال‪11‬دعوى األص‪11‬لية لكن يتحتم‬
‫عليه‪11‬ا أن تح‪11‬دد جه‪11‬ة االختص‪11‬اص ح‪11‬تى ال يح‪11‬رم المتهم من حق‪11‬ه في المحاكم‪11‬ة أم‪11‬ام‬
‫الدرجة األولى كما أن المحكمة ال‪11‬تي أحيلت عليه‪11‬ا ال‪11‬دعوى إذا رأت أن المحكم‪11‬ة ال‪11‬تي‬
‫رفض‪11‬ت النظ‪11‬ر في ال‪11‬دعوى األص‪11‬لية هي فعالً المحكم‪11‬ة المختص‪11‬ة فإن‪11‬ه يجب إع‪11‬ادة‬
‫الدعوى لها لنظرها‪ ،‬وال يحق لها النظر فيها‪.‬‬
‫من هذا يفهم بأن للدفع بع‪11‬دم االختص‪11‬اص ط‪11‬ابع أولي([‪ ،)]19‬بمع‪11‬ني وج‪11‬وب أن‬
‫تنظر المحكمة في الطلب بعدم االختصاص قبل النظر في موضوع ال‪11‬دعوى‪ ،‬وإن ك‪11‬انت‬
‫هذه القاعدة ال يؤخذ بها إطالقاً‪ ،‬حيث يترتب أحيانا ً أن تضطر المحكم‪11‬ة لنظ‪11‬ر ال‪11‬دعوى‬
‫أوالً ثم ينظر في الطلب‪ ،‬مثالها ل‪11‬و أن ال‪11‬دعوى ك‪11‬انت ق‪11‬د أحيلت للمحكم‪11‬ة على أس‪11‬اس‬
‫أنها جنحة سرقة ثم دفع بعدم االختص‪11‬اص لك‪11‬ون الواقع‪11‬ة جناي‪11‬ة س‪11‬رقة ب‪11‬اإلكراه‪ ،‬ف‪11‬إن‬
‫على المحكمة أن تثبت أوالً بأن هنالك سرقة باإلكراه أم ال([‪ )]20‬فإذا ثبت ذل‪11‬ك ض‪11‬مت‬
‫الطلب للدعوى‪ ،‬وفصلت فيهما معا ً بحكم واحد‪ ،‬وتلتزم المحكمة بالرد على ال‪11‬دفع بع‪11‬دم‬
‫االختصاص رداً صريحا ً لكونه من الدفوع الجوهرية وإال كان حكمها قاصراً([‪.)]21‬‬
‫وللدفع بعدم االختصاص في المسائل المدنية ‪ /‬طابع أولي أيضا ً بمعنى وجوب أن تنظ‪11‬ر‬
‫المحكمة في الطلب بعدم االختصاص قب‪11‬ل النظ‪11‬ر في الموض‪11‬وع ولكن ال يؤخ‪11‬ذ ب‪11‬ه على‬
‫إطالقه وقد حددت ذلك المادة (‪ )190/2‬من أصول المحاكمات المدنية والتي جاء فيها‪:‬‬
‫"على المحكمة أن تفص‪1‬ل في الطلب المق‪1‬دم إليه‪1‬ا بم‪1‬وجب أحك‪1‬ام الفق‪1‬رة (‪ )1‬من ه‪1‬ذه‬
‫المادة ويكون حكمها الصادر في هذا الطلب قابالً لالستئناف"‬
‫‪ ‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الفرق بين الوالية القضائية واالختصاص‬
‫إذا كان االختصاص يعني مباشرة والية القضاء في نظر الدعوى في الحدود التي‬
‫رسمها القانون‪ ،‬فإن االختصاص على هذا األس‪1‬اس يختل‪1‬ف عن والي‪1‬ة القض‪1‬اء فوالي‪1‬ة‬
‫القض‪11‬اء يقص‪11‬د به‪11‬ا س‪11‬لطة القاض‪11‬ي في الحكم في التعب‪11‬ير عن إرادة المش‪11‬رع بالنس‪11‬بة‬
‫للواقعة المطروحة أمامه‪ ،‬وهذه الوالية تتطلب في القاضي األهلي‪11‬ة القض‪11‬ائية المتعلق‪11‬ة‬
‫بأسباب الص‪11‬الحية وص‪11‬حة التش‪11‬كيل كم‪11‬ا تف‪11‬ترض أيض‪1‬ا ً األهلي‪11‬ة اإلجرائي‪11‬ة ب‪11‬أن تك‪11‬ون‬
‫مباشرة سلطة القاضي في الحكم قد تمت في الحدود التي رسمها القانون‪.‬‬
‫والقاعدة العامة بالنسبة لوالية القضاء الجن‪11‬ائي بأنه‪11‬ا ال تثبت إال إذا ت‪11‬وافرت ل‪11‬ه‬
‫وإن كان هنالك استثناء على هذه القاعدة أباحها القانون من حيث تثبيت‪ 1‬والية القض‪11‬اء‬
‫الجنائي لقضاه ال تثبت لهم هذه الوالية كم‪11‬ا ه‪11‬و الح‪11‬ال في النظ‪11‬ر في ج‪11‬رائم الجلس‪11‬ات‬
‫وكما هو الحال بالنسبة للقاضي المدني أو الشرعي‪.‬‬
‫وكذلك فإن والية القضاء المدني تثبت استثناء للقاضي الجنائي في ح‪11‬دود معين‪11‬ة‬
‫قررها له المشرع وذلك عندما ينظر باالدعاء المدني تبعا ً للدعوى الجنائية‪.‬‬
‫ويترتب على الفرق بين االختصاص ووالية القض‪11‬اء نت‪11‬ائج هام‪11‬ة تتعل‪11‬ق بالقيم‪11‬ة‬
‫القانوني‪11‬ة للحكم الص‪11‬ادر بالمخالف‪11‬ة لقواع‪11‬دها‪ ،‬وعلى ال‪11‬رغم من أن ك‪11‬ل من قواع‪11‬د‬
‫االختصاص والوالية تتعلق بالنظام العام إال أن الجزء اإلجرائي لمخالفتها للنظ‪11‬ام الع‪11‬ام‬
‫يختلف أحدها عن اآلخر([‪.)]22‬‬
‫فمخالف‪11‬ة القواع‪11‬د الخاص‪11‬ة باالختص‪11‬اص (الن‪11‬وعي والشخص‪11‬ي) ي‪11‬ترتب علي‪11‬ه‬
‫البطالن المطل‪11‬ق في حين ي‪11‬ترتب االنع‪11‬دام للحكم في ح‪11‬ال مخالف‪11‬ة القواع‪11‬د الخاص‪11‬ة‬
‫بالوالي‪11‬ة القض‪11‬ائية في الحكم الص‪11‬ادر من قاض‪11‬ي لم يتم تعيين‪11‬ه وفق‪1‬ا ً للقواع‪11‬د الخاص‪11‬ة‬
‫بالتعيين‪ 1‬يكون منعدماًُ‪ ،‬والحكم الصادر من قاضي محكمة جنح في جناية يكون منعدماً‪،‬‬
‫ويختلف الحال إذا ما فصلت محكمة الجنايات في الدعوى ظنا ً منه‪11‬ا في أن القض‪11‬ية من‬
‫اختصاصها وإذا بها من اختص‪11‬اص محكم‪11‬ة أمن الدول‪11‬ة ف‪11‬إن الحكم يك‪11‬ون ب‪11‬اطالً‪ ،‬ول‪11‬و‬
‫كانت دائرة محكم‪11‬ة الجناي‪11‬ات هي بنفس تش‪11‬كيلها تنعق‪11‬د كمحكم‪11‬ة أمن علي‪1‬ا ً في أوق‪11‬ات‬
‫أخرى([‪.)]23‬‬
‫‪ ‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫الجهة المختصة بتحديد االختصاص‬
‫األصل أن المدعي بال‪11‬دعوى المدني‪11‬ة ه‪11‬و ال‪11‬ذي يح‪11‬دد المحكم‪11‬ة ال‪11‬تي يعتق‪11‬د أنه‪11‬ا‬
‫صاحبة الصالحية في نظر الدعوى‪ ،‬وفي الدعاوى الجنائية تقوم النيابة العام‪11‬ة بتحدي‪1‬د‬
‫جهة االختصاص على ضوء تقديرها فيما إذا كانت الواقعة المعروضة جناي‪11‬ة أم جنح‪11‬ة‬
‫فتحيلها على المحكمة المختصة‪ ،‬فالمادة (‪ )140‬من قانون أصول المحاكمات الجزائي‪11‬ة‬
‫األردني نصت على ما يلي‪:‬‬
‫"تنظر محكمة البداية بالدرجة األولى بحسب اختصاصها في الجنح ال‪11‬تي يحيله‪11‬ا‬
‫إليها المدعي العام أو من يقوم مقامه مما ه‪11‬و خ‪11‬ارج عن وظيف‪11‬ة مح‪11‬اكم الص‪11‬لح‪ ،‬كم‪11‬ا‬
‫تنظر بصفتها الجنائية في جميع الجرائم التي هي من نوع الجناية وفي ج‪11‬رائم الجنح‪11‬ة‬
‫المتالزمة مع الجناية المحالة عليها بموجب قرار االتهام"‪.‬‬
‫وقد أكدت هذا النص أحكام محكمة النقض المصرية حيث قضت (أن المعول عليه‬
‫في تحديد االختصاص الن‪11‬وعي بالوص‪11‬ف الق‪11‬انوني للواقع‪1‬ة كم‪1‬ا رفعت به‪1‬ا ال‪1‬دعوى إذ‬
‫يمتنع عقالً أن يكون المرج‪11‬ع في ذل‪11‬ك ابت‪11‬دا ًء ه‪11‬و ن‪11‬وع العقوب‪11‬ة ال‪11‬تي يوقعه‪11‬ا القاض‪11‬ي‬
‫انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى سواء كانت الجريم‪11‬ة قلق‪11‬ة أو ثابت‪11‬ة الن‪11‬وع‪ ،‬وأي ‪1‬ا ً‬
‫كان السبب في النزول بالعقوبة عن المحدد قانونياً)([‪.)]24‬‬
‫ومع ذل‪11‬ك إذا رأت محكم‪11‬ة الجناي‪11‬ات أن الواقع‪11‬ة كم‪11‬ا هي مبين‪11‬ة في أم‪11‬ر اإلحال‪11‬ة وقب‪11‬ل‬
‫تحقيقها بالجلس‪11‬ة تع‪11‬د جنح‪11‬ة فله‪11‬ا أن تحكم بع‪11‬دم االختص‪11‬اص وتحويله‪11‬ا إلى المحكم‪11‬ة‬
‫الجزائي‪11‬ة‪ ،‬أم‪11‬ا إذا لم ت‪11‬رى ذل‪11‬ك إال بع‪11‬د التحقي‪11‬ق‪ ،‬تحكم فيه‪11‬ا (الم‪11‬ادة ‪ 382‬من ق‪11‬انون‬
‫اإلجراءات الجنائية المصرية)‪.‬‬
‫وتطبيقا ً ل‪1‬ذلك ف‪1‬إن محكم‪11‬ة الجنح تقض‪11‬ي بع‪11‬دم اختصاص‪11‬ها إذ ت‪11‬بين له‪11‬ا الواقع‪11‬ة‬
‫جناي‪11‬ة أو أنه‪11‬ا جنح‪11‬ة ال تختص به‪11‬ا (م ‪ 305‬من ق‪11‬انون اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة المعدل‪11‬ة‬
‫بالقانون ‪ 107‬ولسنة ‪ 1962‬المصري‪ .‬ومع ذلك تحديد المدعي للقضاء المختص غ‪11‬ير‬
‫ملزم إذ ال يفيد أكثر من طلب من ط‪11‬رف واح‪11‬د‪ ،‬ول‪11‬ذا ف‪11‬إن للقض‪11‬اء الس‪11‬لطة في تق‪11‬ديره‬
‫وقبوله أو رفضه‪ ،‬فإذا اتخذ قضاء الدرجة األولى قراراً في شأن اختصاصه فإن لقضاء‬
‫الدرجة األولى – عندما يطعن أمامه بذلك القرار – أن يأخذ به أو ال يأخذ – أي قد يتخذ‬
‫بذلك مذهبا ً مختلفاً([‪.)]25‬‬

‫‪ ‬‬

‫([‪ )]1‬أنظر الدكتور محم‪11‬ود نجيب حس‪11‬ني ‪ /‬ش‪11‬رح ق‪11‬انون اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة‪ ،‬طيع‪11‬ة‬
‫‪ ،1982‬ص ‪ ،374‬وحاشية رقم ‪. 1‬‬
‫([‪ )]2‬الدكتورة أمينة النمر ‪ /‬أصول المحاكمات المدنية‪ ،‬طبعة ‪ ،1985‬ص ‪ ،29‬وأيضا ً‬
‫ال‪1‬دكتور أحم‪1‬د فتحي س‪1‬رور ‪ /‬الوس‪1‬يط في ق‪1‬انون اإلج‪1‬راءات الجنائي‪1‬ة‪ ،‬المجل‪1‬د األول‪،‬‬
‫الجزءان األول والثاني‪ ،‬طبعة ‪ ،1981‬ص ‪. 967‬‬
‫([‪ )]3‬أنظ‪11‬ر ال‪11‬دكتور محم‪11‬ود نجيب حس‪11‬ني ‪ /‬المرج‪11‬ع الس‪11‬ابق‪ ،‬ص ‪ ،375‬وال‪11‬دكتورة‬
‫أمينة النمر ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 29‬‬
‫([‪ )3 - ]4‬أنظر الدكتور محمود نجيب حسني ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،375‬والدكتورة‬
‫أمينه النمر ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫([‪ )]5‬أنظر الدكتور نجيب حسني ‪ /‬ش‪11‬رح ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات‪ ،‬القس‪11‬م الع‪11‬ام ‪ /‬فق‪11‬رة ‪104‬‬
‫وما بعدها ص ‪ 126‬وما بعدها‪ ،‬وقد تناوله‪11‬ا ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات األردني من الم‪11‬ادة ‪– 7‬‬
‫‪. 13‬‬
‫‪   ‬وانظر أيضا ً د‪ .‬محمود مصطفى ‪ /‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬ص ‪ 130‬وم‪11‬ا‬
‫بعدها‪.‬‬
‫([‪ )]6‬مثل اختصاص محكمة األحداث‪ ،‬ومحكمة أمن الدولة‪.‬‬
‫([‪ )]7‬انظ‪11‬ر نقض مص‪11‬ري ‪ 24 /‬ابري‪11‬ل ‪ 1933 /‬مجموع‪11‬ة القواع‪11‬د القانوني‪11‬ة ج‪ 3‬رقم‬
‫‪ ،113‬ص ‪ / 173‬م‪11‬واد ق‪11‬انون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات المدني‪11‬ة رقم (‪ )14‬لس‪11‬نة ‪2001‬‬
‫تناولت قواعد االختصاص من المادة ‪ . 55 1– 27‬وقانون أصول المحاكم‪11‬ات الجزائي‪11‬ة‬
‫تناولته في المادة الخامسة‪.‬‬
‫([‪ )]8‬هن‪11‬ا وفي ح‪11‬ال ك‪11‬ون االختص‪11‬اص ال يتعل‪11‬ق بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام‪ ،‬ف‪11‬إن مخالف‪11‬ة قواع‪11‬د‬
‫االختصاص التي ال تتصل بالنظام العام تفترض رضاء طرفي الدعوى معا ً (كاختصاص‬
‫المحلي)‪.‬‬
‫([‪ )]9‬جاء في حكم محكمة النقض المصرية ‪ / 21 /‬ابريل ‪ 1969 /‬مجموعة أحكام س‬
‫‪ / 20‬رقم ‪ ،112‬ص ‪ :539‬إن االختصاص المحلي ليس من النظ‪11‬ام الع‪11‬ام ل‪11‬ذا ال يج‪11‬وز‬
‫الطعن فيه أمام محكمة النقض ‪ /‬وفي قرارات س‪11‬ابقة ‪ /‬نقض ‪ 28‬ديس‪11‬مبر س‪11‬نة ‪1917‬‬
‫المجموع‪11‬ة الرس‪11‬مية س ‪ ،9‬رقم ‪ ،42‬ص ‪ ،97‬نقض ‪/18‬ابري‪11‬ل‪ 1986/‬القض‪11‬اء نقض‬
‫س ‪ ،3‬ص ‪. 282‬‬
‫([‪ )]10‬تم‪1111‬يز حق‪1111‬وق رقم ‪/60/67‬ص ‪ 512‬س‪1111‬نة ‪ ،1967‬وتم‪1111‬يز حق‪1111‬وق ‪ /‬رقم‬
‫‪ 237/68/798‬سنة ‪. 1980‬‬
‫([‪ )]11‬تميز حقوق ‪ /259/69‬ص ‪ 88‬س‪11‬نة ‪ ،1970‬وتم‪11‬يز حق‪11‬وق ‪ /27/71‬ص ‪388‬‬
‫سنة ‪. 1971‬‬
‫([‪ )]12‬تميز حقوق ‪ 216/64/891‬سنة ‪. 1964‬‬
‫([‪ )]13‬تميز األحكام السابقة حاشية (‪.)2/3/4‬‬
‫([‪George vidal et Joseph Monol : Cours de Droit- ( )]14‬‬
‫‪Criminel et de science penitentiaire . 11 . 1949 . No199‬‬
‫‪                                                             )p.1151‬‬
‫وهي ذات الجريمة المنصوص عليها في المادتين ‪ 121/122‬من قانون العقوبات‪.‬‬
‫([‪ )]15‬أنظر جارو ج‪Rene Garraud Traite theorique et pratique L 2‬‬
‫‪   d’instruction criminelle et procedure penale‬فقرة ‪ 527‬ص ‪. 318‬‬
‫([‪ )]16‬تميز حقوق رقم ‪ /60/68‬ص ‪ 512‬سنة ‪.1967‬‬
‫‪   ‬تميز حقوق رقم ‪ /237/68‬ص ‪ 798‬سنة ‪.1968‬‬
‫([‪ )]17‬أنظ‪11‬ر د‪ .‬أمين‪11‬ة النم‪11‬ر ‪ /‬المرج‪11‬ع الس‪11‬ابق ص‪ ،30‬والق‪11‬انون اللبن‪11‬اني‪ 1‬يجع‪11‬ل‬
‫االختصاص المكاني في المسائل‪  ‬المدنية ذا نوعين‪ ،‬أحدهما متعل‪11‬ق بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام ول‪11‬ه‬
‫طابع إلزامي وهو الحال‪11‬ة االس‪11‬تثنائية‪ ،‬وآخ‪1‬ر غ‪11‬ير متعل‪11‬ق‪  ‬بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام أي ل‪11‬ه ط‪11‬ابع‬
‫نسبي وهو الغالب‪ ،‬ويجوز التنازل عنه وعدم جواز التمسك به بعد ذلك‪.‬‬
‫أنظر د‪ .‬أمينة النمر ‪ /‬المرجع السابق ‪ /‬ص ‪.57‬‬
‫([‪ )]18‬أنظر نقض ‪/24‬ابريل‪ /‬مجموعة القواعد القانونية ج‪ ،3‬رقم ‪ ،110‬ص ‪.173‬‬
‫أنظ‪11‬ر نقض ‪/29‬ديس‪11‬مبر‪ /‬مجموع‪11‬ة أحك‪11‬ام محكم‪11‬ة النقض‪ ،‬س ‪ ،20‬رقم ‪ ،311‬ص‬
‫‪.1504‬‬
‫تمييز حقوق أردني ‪ /94/73‬ص ‪ 784‬سنة ‪.1973‬‬
‫([‪ )]19‬ويالح‪11‬ظ أن لل‪11‬دفع بع‪11‬دم االختص‪11‬اص ط‪11‬ابع أولي ح‪11‬تى في مرحل‪11‬ة التحقي‪11‬ق‬
‫بالنسبة للمسائل الجنائية فقد نصت المادة ‪ 67‬من قانون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات الجزائي‪11‬ة‪،‬‬
‫فجاء في فقرتها األولى ما يلي‪:‬‬
‫"إذا أدلى المشتكى عليه أثناء التحقيق ب‪11‬دفع يتعل‪11‬ق بع‪11‬دم االختص‪11‬اص أو بع‪11‬دم س‪11‬ماع‬
‫الدعوى أو بسقوطها أو بأن الفعل ال يستوجب عقاب‪1‬ا ً وجب على الم‪11‬دعي الع‪11‬ام بع‪11‬د أن‬
‫يستمع إلى المدعي الشخصي أن يفصل في الدفع خالل أسبوع من تاريخ اإلدالء به‪.‬‬
‫([‪ )]20‬أنظر جارو ‪ /‬جزء ‪ / 2‬فقرة ‪ ،531‬ص ‪ ،326‬المرجع السابق‪.‬‬
‫([‪ )]21‬نقض مصري ‪ 14 /‬يونيه‪ 1‬سنة ‪ ،1950‬مجموعة أحكام محكم‪11‬ة النقض‪ ،‬س‪،1‬‬
‫رقم ‪ ،250‬ص ‪.786‬‬
‫([‪ )]22‬أنظر د‪ .‬مأمون س‪11‬المة (الوس‪11‬يط في اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة معلق‪1‬ا ً علي‪11‬ه بأحك‪11‬ام‬
‫النقض ص ‪ ،528‬وق‪11‬د نص‪11‬ت الم‪11‬ادة (‪ )109‬من ق‪11‬انون المرافع‪11‬ات المص‪11‬ري على أن‬
‫الدفع بعدم االختصاص للمحكمة النتفاء واليتها‪ 1‬أو بسبب نوع الدعوى أو قيمته‪11‬ا تحكم‬
‫به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى)‪.‬‬
‫([‪ )]23‬أنظ‪11‬ر د‪ .‬أحم‪11‬د فتحي س‪11‬رور ‪ /‬المرج‪11‬ع الس‪11‬ابق‪ ،‬ص ‪ ،968‬نقض ‪/23‬نوفم‪11‬بر‬
‫‪ ،1975‬مجموعة األحكام س ‪ / 26‬رقم ‪ 126‬ص ‪. 736‬‬
‫([‪ )]24‬انظر نقض مصري ‪/21 /‬ابري‪11‬ل‪ /‬س‪11‬نة ‪ 1969‬مجموع‪11‬ة أحك‪11‬ام النقض س‪،20‬‬
‫رقم ‪ ،112‬ص ‪ .539‬تمييز أردني‪.‬‬
‫أنظر د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬المرجع السابق في اإلجراءات‪ ،‬ص ‪ 378‬وما بعدها‪.‬‬
‫([‪ )]25‬أنظر الدكتور محمود محم‪11‬ود مص‪11‬طفى ‪ /‬اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة‪ ،‬ص ‪ ،347‬رقم‬
‫‪.262‬‬
‫الباب الثاني‬
‫أوجه االختصاص([‪)]1‬‬
‫االختصاص الجنائي أنواع ثالثة‪ ،‬االختصاص المحلي واالختصاص الشخصي‬
‫واالختصاص النوعي واالختصاص الوظيفي‪.‬‬
‫ويقص‪11‬د باالختص‪11‬اص المحلي االختص‪11‬اص من حيث المك‪11‬ان‪ ،‬وه‪11‬و ت‪11‬وافر ص‪11‬لة‬
‫يحددها القانون بين الجريم‪1‬ة أو المتهم وبين النط‪1‬اق اإلقليمي ال‪1‬ذي يمت‪1‬د في‪1‬ه س‪1‬لطان‬
‫المحكمة (أي المعيار المكاني لوقوع الجريمة)‪ .‬أما االختص‪11‬اص الشخص‪11‬ي فيقص‪11‬د ب‪11‬ه‬
‫االختصاص من حيث المتهم‪ ،‬بمعنى أن يكون المتهم من الخاض‪11‬عين لس‪11‬لطان المحكم‪11‬ة‬
‫(وهو المعيار الشخصي)‪ .‬في حين يقصد باالختص‪11‬اص الن‪11‬وعي‪ ،‬االختص‪11‬اص من حيث‬
‫الواقعة‪ ،‬أي أن تكون الجريمة – من حيث تكيفها – داخلة في اختصاص المحكمة وهو‬
‫المعيار النوعي‪ 1‬أو الموضوعي‪.‬‬
‫وغ‪11‬ني عن البي‪11‬ان ب‪11‬أن المحكم‪11‬ة ال تعت‪11‬بر مختص‪11‬ة بنظ‪11‬ر ال‪11‬دعوى إال إذا ثبت‬
‫اختصاصها من هذه الوجهات الثالث‪.‬‬
‫أم‪11‬ا االختص‪11‬اص ال‪11‬وظيفي فإن‪11‬ه يتعل‪11‬ق بالنش‪11‬اط القض‪11‬ائي بالنس‪11‬بة لمراح‪11‬ل ال‪11‬دعوى‬
‫الجنائية (التحقيق‪ ،‬اإلحالة‪ ،‬المحاكمة‪ ،‬وتنفيذ األحكام)‪.‬‬
‫أما قانون اإلجراءات المدني فإنه يح‪11‬دد االختص‪11‬اص بأربع‪11‬ة أن‪11‬واع‪ ،‬االختص‪11‬اص‬
‫الدولي‪ ،‬واالختصاص الوظيفي‪ ،‬واالختص‪11‬اص الن‪11‬وعي‪ ،‬واالختص‪11‬اص المك‪11‬اني ولكن‪11‬ه‬
‫يغفل االختصاص القيمي باعتباره من االختصاص النوعي أحيانا ً وأحيان‪1‬ا ً نج‪11‬د التحدي‪11‬د‬
‫لالختصاص المدني األردني يتناول‪ 1‬الخمسة أن‪1‬واع‪ 1‬الس‪1‬ابقة‪ ،‬وق‪1‬د تن‪1‬اول ق‪1‬انون أص‪1‬ول‬
‫المحاكمات المدنية لالختصاص المدني في المواد من ‪.55-27‬‬
‫‪ ‬‬
‫الفصل األول‬
‫االختصاص المحلي([‪)]2‬‬
‫في المسائل الجنائية‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫مقدمة‬
‫تق‪11‬وم فك‪11‬رة االختص‪11‬اص المحلي (اإلقليمي) على أس‪11‬اس تقس‪11‬يم إقليم الدول‪11‬ة إلى‬
‫مناطق توزع بين المح‪11‬اكم ال‪11‬تي تنتمي ل‪11‬ذات الن‪11‬وع والدرج‪11‬ة‪ ،‬أي يتح‪11‬دد االختص‪11‬اص‬
‫المكاني بإط‪11‬ار جغ‪11‬رافي معين‪ ،‬وعلّ‪11‬ة ه‪11‬ذا التقس‪11‬يم والتوزي‪11‬ع على مح‪11‬اكم متع‪11‬ددة ه‪11‬و‬
‫نتيجة حتمية التس‪11‬اع رقع‪11‬ة اإلقليم وص‪11‬عوبة اختص‪11‬اص محكم‪11‬ة واح‪11‬دة في نظ‪11‬ر كاف‪11‬ة‬
‫الدعاوى اإلقليمية‪.‬‬
‫والمتفق عليه فقها ً وقانونا ً أن التوزيع يتم وفق ض‪1‬وابط ثالث هي ‪ /‬مك‪1‬ان وق‪1‬وع‬
‫الجريمة‪ ،‬مكان إقامة المتهم‪ ،‬ومكان ضبط المتهم‪.‬‬
‫وهذا يستلزم منا‪:‬‬
‫أوالً‪ :    ‬تحديد النطاق اإلقليمي الذي يعمل فيه القاضي‪.‬‬
‫انيا ً‪ :    ‬تحديد الصلة بين هذا النطاق والجريمة أو المتهم والتي تبرر للقاض‪11‬ي االختص‪11‬اص‬
‫وهذه الصلة ضابط لالختصاص المحلي([‪.)]3‬‬
‫ال بد من التنويه ب‪11‬أن تحدي‪1‬د مك‪11‬ان وق‪1‬وع الجريم‪11‬ة ق‪1‬د أث‪11‬ار بعض المس‪11‬ائل ال‪11‬تي‬
‫تمكن الفقه والقضاء إلى حل الكثير منها‪ ،‬كالمسائل التي تتعلق بالجرائم ال‪11‬تي تمت‪11‬د في‬
‫الزمان والمكان كالجرائم المستمرة وجرائم االعتي‪11‬اد‪ ،‬والمس‪11‬ائل المتعلق‪11‬ة بج‪11‬رائم تق‪11‬ع‬
‫في الخارج ويمتد القانون الوطني ليطبق عليه‪11‬ا وال يك‪11‬ون للمتهم مح‪11‬ل إقام‪11‬ة في ه‪11‬ذا‬
‫اإلقليم (الدولة)‪.‬‬
‫ومن الرجوع لقواعد القانون األردني (أصول محاكم‪11‬ات جزائي‪11‬ة) نج‪11‬د أن الم‪11‬ادة‬
‫الخامسة قد تناولت هذه الضوابط في الفقرة األولى منها‪ ،‬وامت‪11‬د االختص‪11‬اص للمس‪11‬ائل‬
‫األخرى في فقراتها التالية حيث جاء فيها‪:‬‬
‫‪     .1‬تقام دعوى الحق العام على المشتكى عليه أم‪1‬ام المرج‪1‬ع القض‪1‬ائي الت‪1‬ابع ل‪1‬ه مك‪1‬ان‬
‫وقوع الجريمة أو موطن المشتكى عليه([‪ )]4‬أو مكان إلقاء القبض عليه‪.‬‬
‫‪     .2‬في حالة الشروع تعتبر الجريمة أنها وقعت في كل مكان وق‪11‬ع في‪11‬ه عم‪11‬ل من أعم‪11‬ال‬
‫البدء بالتنفيذ‪ ،‬وفي الجرائم المستمرة يعت‪1‬بر مكان‪1‬ا ً للجريم‪11‬ة ك‪11‬ل مح‪1‬ل تق‪1‬وم في‪1‬ه حال‪1‬ة‬
‫االستمرار‪ ،‬وفي جرائم االعتياد والجرائم المتتابعة يعتبر مكانا ً للجريم‪11‬ة ك‪11‬ل مح‪11‬ل يق‪11‬ع‬
‫فيه أحد األعمال الداخلة فيها‪.‬‬
‫‪     .3‬إذا وقعت في الخارج جريمة من الجرائم التي يسري عليه‪11‬ا أحك‪11‬ام الق‪11‬انون األردني‬
‫ولم يكن لمرتكبها محل إقامة معروف في المملك‪11‬ة األردني‪11‬ة الهاش‪11‬مية ولم يل‪11‬ق القبض‬
‫عليه فيها فتقام دعوى الحق العام عليه أمام المراجع القضائية في العاصمة‪.‬‬
‫أما قانون اإلجراءات الجنائية المصري فقد تناولت الض‪11‬ابط المح‪11‬دد لالختص‪11‬اص‬
‫المكاني في المادة (‪ )217‬حيث جاء فيها([‪:)]5‬‬
‫(يتعين االختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو ال‪11‬ذي يقيم في‪11‬ه المتهم أو‬
‫الذي يقبض فيه عليه)‪.‬‬
‫في حين تن‪11‬اولت الم‪11‬ادة (‪ )218‬أهم تطبيق‪11‬ات ه‪11‬ذا الض‪11‬ابط (وق‪11‬د تناولت‪11‬ه الم‪11‬ادة‬
‫الخامس‪11‬ة من ق‪11‬انون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات الجزائي‪11‬ة األردني في فقرته‪11‬ا الثاني‪11‬ة) حيث‬
‫تناولت معظم المسائل الشائكة بالنس‪11‬بة لك‪11‬ون بعض الج‪11‬رائم ال تتحق‪11‬ق أركانه‪11‬ا في آن‬
‫واحد أو في مكان واحد حيث جاء فيها‪:‬‬
‫في حالة الشروع تعتبر الجريمة أنها وقعت في كل محل وقع فيه عمل من أعم‪11‬ال‬
‫البدء في التنفيذ‪ ،‬وفي الجرائم المستمرة يعتبر مكانا ً للجريمة كل محل تق‪11‬وم في‪11‬ه حال‪11‬ة‬
‫االستمرار‪ ،‬وفي جرائم االعتياد والجرائم المتتابعة يعتبر مكانا ً للجريم‪11‬ة ك‪11‬ل مح‪11‬ل يق‪11‬ع‬
‫فيه أحد األعمال الداخلة فيها([‪.)]6‬‬
‫ويالح‪11‬ظ من النص ‪ 218 1 ،217‬أن ال خالف فيهم‪11‬ا عن النص ال‪11‬وارد في ق‪11‬انون‬
‫أصول المحاكمات الجزائية األردني في مادته الخامسة فقرة أولى وثانية‪.‬‬
‫النص‪11‬وص الس‪11‬ابقة تحتم علين‪11‬ا وعلى األخص الم‪11‬ادة ‪ ،218‬والفق‪11‬رة الثاني‪11‬ة من‬
‫المادة الخامسة أن نحدد المقصود بالخالف بين الجريمة التي تقع كاف‪11‬ة أركانه‪11‬ا في آن‬
‫واحد ومكان واحد (وهي الجريمة اآلنية أي الوقيتة‪ ،‬والجريمة ال‪11‬تي ال تكتم‪11‬ل أركانه‪11‬ا‬
‫في زمن واحد أو مكان واحد (وهي الجرائم المستمرة) وذلك من أج‪11‬ل تحدي‪11‬د المحكم‪11‬ة‬
‫أو المح‪11‬اكم المختص‪11‬ة بنظ‪11‬ر ال‪11‬دعاوى ولكي نح‪11‬دد مفه‪11‬وم الض‪11‬ابط األول لالختص‪11‬اص‬
‫المكاني وهو مكان وقوع الجريمة كم‪11‬ا يجب أن نح‪11‬دد أم‪11‬اكن وق‪11‬وع الجريم‪11‬ة بالنس‪11‬بة‬
‫لجريمة االعتياد‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والشروع‪ ،‬وسنتناول‪ 1‬هذه الضوابط‪ 1‬في المباحث التالية‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫المطلب األول‬
‫الضابط األول ‪ /‬مكان وقوع الجريمة‬
‫تكون للدولة والية القضاء بصفة أصلية إذا وقعت الجريمة في إقليمها لكن تحديد‬
‫مكان وقوع الجريمة ليس سهالً دائما ً فهنالك خالف بحسب ن‪11‬وع الجريم‪11‬ة ه‪11‬ل هي من‬
‫الجرائم الوقتية‪ 1‬أم من الجرائم المستمرة أم المتتابعة أم من جرائم العادة‪.‬‬
‫ولمكان ارتكاب الجريمة أهمية كبيرة حيث ه‪11‬و االختص‪11‬اص الط‪11‬بيعي‪ 1‬فيه‪11‬ا‪ ،‬ألن‪11‬ه‬
‫في مكان ارتكابها اخت‪11‬ل األمن‪ ،‬واض‪11‬طربت المراك‪11‬ز القانوني‪11‬ة المس‪11‬تقرة وتم االعت‪11‬داء‬
‫على حقوق يحميه‪11‬ا الق‪11‬انون([‪ )]7‬ول‪11‬و أن المش‪11‬رع ق‪11‬در أن‪11‬ه من المالئم في السياس‪11‬ة‬
‫التشريعية أن يحدد محكمة واحدة تنظر الجريم‪11‬ة الخت‪11‬ار المحكم‪11‬ة ال‪11‬تي ارتكبت فيه‪11‬ا‪،‬‬
‫ذلك ألن مكان ارتكاب الجريمة يحقق العدالة بص‪11‬ورة أفض‪11‬ل‪ ،‬ويس‪11‬هل عملي‪11‬ة التحقي‪11‬ق‬
‫وضبط أدوات الجريمة والقبض على المتهم‪ ،‬وتحقيق الردع واألثر الفع‪11‬ال للعقوب‪11‬ة في‬
‫نفوس األفراد([‪ ، )]8‬وهو المكان الذي يمكن جمع أدلة اإلثبات فيه‪.‬‬
‫ال يعتبر في تطبيق‪ 1‬هذا الضابط صعوبة إذا ما تحققت جميع عناصر الركن المادي‬
‫في دائرة اختصاص محكمة واحدة إذ ينعقد االختصاص لهذه المحكمة([‪.)]9‬‬
‫أما إذا تحققت عناصر الجريمة بين دوائر اختصاص محاكم متعددة كما لو ارتكب‬
‫الفعل في دائرة اختصاص محكمة وتحققت الجريمة في دائرة اختصاص محكمة أخ‪11‬رى‬
‫فإن المحكمتين تختصان معا ً بالجريم‪11‬ة‪ ،‬وإذا تحققت بعض الحلق‪11‬ات الس‪11‬ببية في دائ‪11‬رة‬
‫ثالثة كانت هذه المحكمة مختصة أيضاً([‪.)]10‬‬
‫في الفقه (الرأي الراجح) نجد أن الس‪11‬لوك (الفع‪11‬ل) والنتيج‪11‬ة يتس‪11‬اويان من حيث‬
‫خطورة كل منهما على نظام وأمن الدولة‪ ،‬فوقوع أيهما فيها يجعل لها والية أصلية في‬
‫نظر الدعوى ومعاقبة الفاعل‪ ،‬وهذا ما تبنته‪ 1‬كثير من قوانين‪ 1‬العقوبات([‪.)]11‬‬
‫لهذا ينعقد االختصاص إما لمحكمة مكان وقوع الفعل أو مك‪11‬ان تحق‪11‬ق النتيج‪11‬ة أو‬
‫مكان وقوع أي أثر من آثارها‪ ،‬وض‪11‬ابط المفاض‪11‬لة بينهم‪11‬ا ه‪11‬و للمحكم‪11‬ة ذات األس‪11‬بقية‬
‫الزمنية في رف‪1‬ع ال‪1‬دعوى أمامه‪11‬ا([‪ ،)]12‬أي ينعق‪1‬د االختص‪1‬اص للمحكم‪1‬ة ال‪11‬تي ترف‪1‬ع‬
‫إليها الدعوى أوالً‪ ،‬وهذا ما أكدته أحكام محكمة التمييز األردنية([‪.)]13‬‬
‫وكذلك الوضع في حال وقوع الفع‪11‬ل (أي الس‪11‬لوك اإلج‪11‬رامي) في مك‪11‬ان والنتيج‪11‬ة‬
‫الجرمية في مكان آخر([‪ )]14‬فإن المحكمة المختصة هي المحكمة التي وقع في نط‪11‬اق‬
‫إقليمها الفعل والمحكمة التي وقعت النتيجة في نطاق إقليمها‪ ،‬واألفضلية للمحكمة التي‬
‫سبق ورفع الدعوى أمامها زمنياً‪.‬‬
‫مثال على ذلك جريمة إصدار شيك بدون رصيد حيث اتفق الفقه بأنه‪11‬ا ليس‪11‬ت من‬
‫الج‪11‬رائم الوقتي ‪1‬ة‪ 1‬ب‪11‬ل جريم‪11‬ة مركب‪11‬ة (‪ )Complex‬كم‪11‬ا أك‪11‬دت أحك‪11‬ام محكم‪11‬ة النقض‬
‫الفرنس‪11‬ية ه‪11‬ذا ال‪11‬رأي ورأت ب‪11‬أن جريم‪11‬ة إص‪11‬دار ش‪11‬يك ب‪11‬دون رص‪11‬يد جريم‪11‬ة مركب‪11‬ة‬
‫فاعتبرت عدم وجود الرص‪11‬يد ركن‪1‬ا ً أساس‪11‬يا ً في الجريم‪11‬ة وينعق‪11‬د االختص‪11‬اص لمحكم‪11‬ة‬
‫إصدار الشيك ولمحكمة مكان تحقق ركن عدم وجود الرصيد([‪.)]15‬‬
‫كذلك اعتبرت من الجرائم المركبة جريمة السب والق‪11‬ذف غ‪11‬ير العل‪11‬ني ال‪11‬ذي يق‪11‬ع‬
‫بواسطة إرسال الخطابات أو بطريق التلف‪11‬ون‪ ،‬حيث اعت‪11‬برت محكم‪11‬ة النقض الفرنس‪11‬ية‬
‫هاتين الجريمتين من الجرائم المركبة([‪.)]16‬‬
‫وإذا ك‪11‬انت الجريم‪11‬ة من الج‪11‬رائم الس‪11‬لبية البس‪11‬يطة (أي قوامه‪11‬ا امتن‪11‬اع مج‪11‬رد)‬
‫فتعتبر الجريمة مرتكبة في المك‪1‬ان ال‪1‬ذي ك‪1‬ان يجب أن ينف‪1‬ذ في‪1‬ه االل‪1‬تزام ال‪1‬ذي فرض‪1‬ه‬
‫القانون أي القيام بالفعل اإليجابي الذي يتطلبه القانون لصيانة مص‪11‬لحة يحميه‪11‬ا‪ ،‬إذ في‬
‫هذا المكان تم إهدار المصلحة وبالتالي ف‪11‬إن المحكم‪11‬ة المختص‪11‬ة بنظره‪11‬ا هي المحكم‪11‬ة‬
‫التي يتبعها‪ 1‬هذا المكان‪.‬‬
‫أما إذا كانت من الجرائم الس‪11‬لبية ذات النتيج‪11‬ة أي قوامه‪11‬ا امتن‪11‬اع أعقبت‪11‬ه نتيج‪11‬ة‬
‫جرمية‪ ،‬فإن المحكمة المختصة عالوة على محكمة مكان االمتناع‪ ،‬أيضا ً محكمة تحق‪11‬ق‬
‫النتيجة الجرمية([‪.)]17‬‬
‫هذا بالنسبة للجرائم المس‪11‬تمر والجريم‪11‬ة المركب‪11‬ة‪ ،‬أم‪11‬ا بالنس‪11‬بة لج‪11‬رائم االعتي‪11‬اد‬
‫وجريمة التكرار (المتتابعة) فيعتبر مكانا ً للجريمة كل محل يقع فيه أحد األفعال الداخل‪11‬ة‬
‫فيها‪.‬‬
‫وقد قض‪11‬ت محكم‪11‬ة النقض المص‪11‬رية بأن‪11‬ه إذا وقعت أفع‪11‬ال الس‪11‬رقة المس‪11‬ندة إلى‬
‫المتهم في دائرة أكثر من محكمة ف‪11‬إن االختص‪11‬اص في ه‪11‬ذه الحال‪11‬ة يك‪11‬ون معق‪11‬وداً لك‪11‬ل‬
‫محكمة وقع فيها جزءاً من أعمال السرقة المعاقب عليها([‪.)]18‬‬
‫ويجدر بنا التمييز بين مكان ارتكاب الجريمة ال‪11‬ذي يتح‪11‬دد بمك‪11‬ان وق‪11‬وع عناص‪11‬ر‬
‫ال‪11‬ركن الم‪11‬ادي للجريم‪11‬ة ومك‪11‬ان األعم‪11‬ال التحض‪11‬يرية له‪11‬ا أو األم‪11‬اكن المتعلق‪11‬ة بمك‪11‬ان‬
‫حدوث األفعال الالحقة (آثار الجريمة) كمكان إخفاء جثة القتيل فإنهما ال يحددان مك‪11‬ان‬
‫ارتكاب الجريمة([‪.)]19‬‬
‫نخلص إلى القول بأن‪11‬ه إذا ك‪11‬انت الجريم‪11‬ة مس‪11‬تمرة فإنه‪11‬ا تع‪11‬د مرتكب‪11‬ة في جمي‪11‬ع‬
‫األم‪11‬اكن ال‪11‬تي امت‪11‬دت فيه‪11‬ا الجريم‪11‬ة([‪ ،)]20‬فمن ح‪1‬از ش‪11‬يئا ً مس‪1‬روقا ً أو متحص‪1‬الً من‬
‫جناية أو جنحة وتنقل به في أماكن متعددة اختصت بجريمته جمي‪11‬ع المح‪11‬اكم ال‪11‬تي تق‪11‬ع‬
‫في دوائر اختصاص‪11‬ها ه‪11‬ذه المح‪11‬اكم‪ .‬وق‪11‬د تن‪11‬اولت الم‪11‬ادة الخامس‪11‬ة في فقرته‪11‬ا الثاني‪1‬ة‪1‬‬
‫أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات الجزائي‪11‬ة من الق‪11‬انون األردني أعم‪11‬ال الب‪11‬دء في التنفي‪11‬ذ والج‪11‬رائم‬
‫المستمرة‪ ،‬وجرائم االعتياد والمتتابعة‪ 1‬مقرة ما سبق ذكره أعاله‪.‬‬
‫لكن ال يؤخذ بهذا على إطالقه فالجريمة المستمرة استمراراً ثابتا ً (كجريمة إقام‪11‬ة‬
‫بناء مخالف للترخيص أو بدون رخص‪11‬ة) فإنه‪11‬ا تأخ‪11‬ذ حكم الجريم‪11‬ة الوقتي‪11‬ة‪ ،‬وبالت‪11‬الي‬
‫ينحر االختصاص بها في المحكمة التي ارتكب في دائرتها الفعل‪ ،‬والغرض من ذل‪11‬ك أن‬
‫جميع آثار الجريمة تحققت في الدائرة المكانية لهذه المحكمة‪.‬‬
‫اختلف الشراح حول جريمة االعتياد فذهب بعضهم إلى الق‪11‬ول ب‪11‬أن ه‪1‬ذه الجريم‪11‬ة‬
‫تقوم بعدد من األفعال كل منها ال يعتبر بذاته جريمة ولكنها مطلوبة في القانون إلثب‪11‬ات‬
‫حالة العدد الذي هو موضوع التجريم‪ ،‬وبه‪11‬ذا تعت‪11‬بر الجريم‪11‬ة بنظ‪11‬رهم مرتكب‪11‬ة في ك‪11‬ل‬
‫مكان اقترف فيه أحد األفعال‪ ،‬ومن ثم تختص بها جميع المحاكم ال‪11‬تي ارتكب في دوائ‪11‬ر‬
‫اختصاصها هذه األفعال‪.‬‬
‫ورأى البعض اآلخ‪11‬ر من الش‪11‬راح أن المحكم‪11‬ة المختص‪11‬ة بجريم‪11‬ة االعتي‪11‬اد هي‬
‫المحكمة التي اقترف في دائرتها الفعل األخير([‪.)]21‬‬
‫في حين ذهب آخرون بجعل االختصاص للمحكمة ال‪11‬تي يقيم المتهم في دائرته‪11‬ا([‬
‫‪ ،)]22‬ونحن نرى أن االختصاص في ح‪11‬ال ج‪11‬رائم االعتي‪11‬اد ينعق‪11‬د للمحكم‪11‬ة ال‪11‬تي وق‪11‬ع‬
‫بدائرتها الفعل األخير أو مكان إقامة المتهم واألولوية للمحكمة التي رفعت لها الشكوى‬
‫باألسبقية الزمنية‪ ،‬كما نرى أن األمر يختلف من حيث اعتبار كل فع‪11‬ل من األفع‪11‬ال بح‪11‬د‬
‫ذاته جريمة يعاقب عليها الق‪11‬انون في الج‪11‬رائم المتتابع‪11‬ة عن ج‪11‬رائم االعتي‪11‬اد‪ ،‬حيث أن‬
‫المتهم في األول يرتكب عدة أفعال يعاقب القانون عليها بحيث لو اكتفى بارتكاب واحدة‬
‫منها لنال عقابه عليها‪ ،‬ولهذا فإن لك‪11‬ل فع‪11‬ل في ذات‪11‬ه الص‪11‬فة اإلجرامي‪11‬ة الذاتي‪11‬ة وبه‪11‬ذا‬
‫تختص بنظر هذه الجريمة (المتتابعة) محكمة كل مكان اقترف فيه أحد هذه األفعال‪.‬‬
‫أما إذا اتخذت الجريمة صورة الشروع‪ ،‬فالفرض أن الجريمة لم تتحق‪11‬ق‪ ،‬ومن ثم‬
‫يتعين‪ 1‬أن يقتصر البحث على (فعل البدء في التنفيذ) حيث هو الذي يحدد مك‪11‬ان ارتك‪11‬اب‬
‫الشروع بالجريمة‪ ،‬وإذا امتدت أفعال التنفيذ إلى دوائر اختصاص مح‪11‬اكم متع‪1‬ددة ك‪11‬انت‬
‫هذه المحاكم مختصة بنظر الدعوى‪.‬‬
‫وقد أكدت المادة الخامسة في الفقرة الثانية من قانون أصول المحاكمات الجزائية‬
‫بأنه وفي حال‪11‬ة الش‪11‬روع تعت‪11‬بر الجريم‪11‬ة أنه‪11‬ا وقعت في ك‪11‬ل مك‪11‬ان وق‪11‬ع في‪11‬ه عم‪11‬ل من‬
‫أعمال البدء في التنفيذ‪.‬‬
‫ويالحظ هنا أنه ال عبره في مكان تحقق النتيجة حيث ال يح‪11‬ق للدول‪11‬ة ال‪11‬تي ك‪11‬انت‬
‫معنية بوقوع النتيجة فيها توقيع العقاب‪ ،‬وترى تشريعات بعض الدول بأن هذا الضابط‬
‫(أي االكتفاء بمكان وقوع السلوك اإلجرامي كمكان اختصاص لتوقيع العقاب) ال يحق‪11‬ق‬
‫الحماية التامة‪ ،‬ومع ذلك نصت كث‪11‬ير من التش‪11‬ريعات على أن ينش‪11‬أ االختص‪11‬اص أيض ‪1‬ا ً‬
‫بصفة أصلية للدولة التي ك‪11‬ان يقص‪11‬د الج‪11‬اني إيق‪11‬اع النتيج‪11‬ة على إقليمه‪11‬ا‪ ،‬ه‪11‬ذا مس‪11‬لك‬
‫التشريع السويس‪11‬ري (الم‪11‬ادة ‪ )7/2‬والق‪11‬انون الس‪11‬ويدي (الم‪11‬ادة ‪ )4‬والق‪11‬انون اللبن‪11‬اني‬
‫والس‪11‬وري (الم‪11‬ادة ‪ 15‬من ك‪11‬ل منهم‪11‬ا) والق‪11‬انون التش‪11‬يكي الم‪11‬ادة (‪ )17‬والمش‪11‬رع‬
‫المصري (المادة ‪ )6/2‬والقانون العراقي ( المادة ‪ ،)6‬على أن هذا ال‪11‬رأي ال يس‪11‬تند إلى‬
‫أساس علمي‪ ،‬طالما أن النتيجة لم تحدث وبالت‪11‬الي لم يق‪11‬ع أي ض‪11‬رر للدول‪11‬ة ال‪11‬تي ك‪11‬ان‬
‫ي‪11‬راد إيق‪11‬اع النتيج‪11‬ة فيه‪11‬ا‪ ،‬عالوة على ذل‪11‬ك ف‪11‬إن مج‪11‬ال التحق‪11‬ق من الفع‪11‬ل وظروف‪11‬ه‬
‫واكتشاف أدلة اإلثبات والتحقيق‪ 1‬ال تكون مت‪1‬وفرة إذا م‪1‬ا رفعت ال‪1‬دعوى ل‪1‬دى المحكم‪1‬ة‬
‫التي كانت ستقع النتيجة في دائرتها‪.‬‬
‫وهذا ما تناولته الفقرة الثانية من المادة الخامس‪11‬ة من ق‪11‬انون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات‬
‫الجزائية األردنية‪ ،‬حيث اعتدت فقط في مكان البدء في التنفيذ‪ ،‬الذي حددت‪11‬ه الم‪11‬ادة ‪68‬‬
‫من قانون العقوبات بقولها‪" :‬أنه البدء في تنفيذ فعل من األفعال الظ‪11‬اهرة المؤدي‪11‬ة إلى‬
‫ارتكاب تلك الجناية أو الجنحة ولكنها لم تحدث لحيلولة أسباب ال دخل إلرادته فيها"([‬
‫‪.)]23‬‬
‫وقد سلك المشرع األردني هذا السلوك فاكتفى بمكان (البدء في التنفيذ) أي مكان‬
‫السلوك اإلجرامي بخالف ما جاء في المشرع المصري‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الجرائم المرتكبة في الخارج‬
‫تن‪11‬اولت ه‪11‬ذا الموض‪11‬وع الفق‪11‬رة الثالث‪11‬ة من الم‪11‬ادة الخامس‪11‬ة من ق‪11‬انون أص‪11‬ول‪1‬‬
‫المحاكم‪111‬ات الجزائي‪111‬ة األردني حيث ج‪111‬اء فيه‪111‬ا‪" :‬إذا وقعت في الخ‪111‬ارج جريم‪111‬ة من‬
‫الج‪11‬رائم ال‪11‬تي تس‪11‬ري عليه‪11‬ا أحك‪11‬ام الق‪11‬انون األردني‪ ،‬ولم يكن لمرتكبه‪11‬ا مح‪11‬ل إقام‪11‬ة‬
‫معروف في المملكة األردنية الهاشمية‪ ،‬ولم يلقى القبض عليه فيها فتقام دعوى الح‪11‬ق‬
‫العام عليه أمام المراجع القضائية في العاصمة"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 219‬من قانون اإلجراءات الجنائية المصري جاء فيها‪:‬‬
‫(إذا وقعت في الخ‪11‬ارج جريم‪11‬ة من الج‪11‬رائم ال‪11‬تي تس‪11‬ري عليه‪11‬ا أحك‪11‬ام الق‪11‬انون‬
‫المصري ولم يكن لمرتكبه‪1‬ا مح‪1‬ل إقام‪11‬ة في مص‪11‬ر ولم يض‪1‬بط فيه‪11‬ا ترف‪1‬ع ال‪1‬دعوى في‬
‫الجنايات أمام محكمة جنايات القاهرة وفي الجنح أمام محكمة عابدين الجزئية)‪.‬‬
‫يفهم من نص الم‪11‬ادة ‪ 5/3‬ق‪11‬انون أص‪11‬ول‪ 1‬المحاكم‪11‬ات الجنائي‪11‬ة األردني (والم‪11‬ادة‬
‫‪ )219‬مصري أن تطبيقه يتم على الجرائم التي ترتكب خارج إقليم الدول‪11‬ة‪ ،‬وبالت‪11‬الي ال‬
‫يمكن تحدي‪1‬د المحكم‪1‬ة ال‪1‬تي يمكن أن تنظ‪1‬ر ه‪1‬ذه ال‪1‬دعوى باالس‪1‬تناد إلى مك‪1‬ان ارتك‪1‬اب‬
‫الجريمة‪ ،‬كما يفهم أن المتهم ليس له مكان إقام‪11‬ة في إقليم ه‪11‬ذه الدول‪11‬ة([‪ )]24‬كم‪11‬ا لم‬
‫يقبض عليه فيها أو كان مكان إقامته مجهوالً‪ ،‬أي بمعنى أن‪11‬ه لم يت‪11‬وفر لتعين المحكم‪11‬ة‬
‫المختص‪11‬ة بنظ‪11‬ر ال‪11‬دعوى المتعلق‪11‬ة بالجريم‪11‬ة أي من الض‪11‬وابط‪ 1‬الس‪11‬ابقة (مك‪11‬ان وق‪11‬وع‬
‫الجريمة‪ ،‬مكان اإلقامة‪ ،‬أو مكان القبض عليه)‪.‬‬
‫ويج‪11‬ري العم‪11‬ل في القض‪11‬اء األردني واس‪11‬تناداً إلى الم‪11‬ادة العاش‪11‬رة من ق‪11‬انون‬
‫العقوبات بأن المتهمين‪ 1‬الحائزين على الجنسية األردنية مسؤولون جزائيا ً أم‪11‬ام مح‪11‬اكم‬
‫المملكة األردنية سواء ارتكبوا الجريمة داخل أراضيها‪ 1‬أو في الخارج([‪.)]25‬‬
‫النص السابق إذن ال يطب‪11‬ق في ح‪1‬ال ت‪11‬وافر مح‪11‬ل إقامت‪11‬ه للمتهم (بالنس‪11‬بة للم‪1‬ادة‬
‫‪ 219‬في مصر وبالنسبة للمادة ‪ 5/3‬في األردن)‪ ،‬في اإلقليم أو القبض عليه فيه‪11‬ا‪ ،‬لكن‬
‫يطبق على من ليس له مكان إقامة في دولته ولم يقبض عليه فيه‪11‬ا‪ ،‬والمالح‪11‬ظ أن ه‪11‬ذا‬
‫مجرد استثناء بحت‪ ،‬ويستوي أن يك‪11‬ون خض‪11‬وع ه‪1‬ذه الجريم‪11‬ة (المرتكب‪11‬ة في الخ‪11‬ارج‬
‫للقانون المصري مثالً استناداً لمبدأ عالمية النص‪ ،‬أو استناداً لمبدأ شخصية النص‪ ،‬أو‬
‫اس‪11‬تناداً لمب‪11‬دأ عيني ‪1‬ة‪ 1‬النص) ([‪ )]26‬ألن النص بذات‪11‬ه ذو ط‪11‬ابع احتي‪11‬اطي وه‪11‬و يض‪11‬ع‬
‫قاعدة تحكمية حيث ال تجدي القواعد العامة في تقرير حل‪.‬‬
‫والجدير بالمالحظة أن النص (األردني والمصري) ال يطبق إذا ما وقعت الجريمة‬
‫على متن سفينة أو طائرة في حالة تخضع فيها للق‪11‬انون األردني والمص‪11‬ري‪ ،‬إذا ك‪11‬انت‬
‫الس‪1‬فينة ق‪1‬د رس‪1‬ت أو الط‪1‬ائرة ق‪1‬د هبطت بع‪1‬د الجريم‪1‬ة في مين‪1‬اء أو مط‪1‬ار مص‪1‬ري أو‬
‫أردني‪ ،‬ألنه في مثل هذه الحالة يكون مك‪11‬ان ح‪11‬ط الط‪11‬ائرة أو رس‪11‬و الس‪11‬فينة ه‪11‬و مك‪11‬ان‬
‫ارتك‪11‬اب الجريم‪11‬ة طبق‪1‬ا ً للقواع‪11‬د العام‪11‬ة‪ ،‬ولكن يطب‪11‬ق ه‪11‬ذا النص إذا م‪11‬ا حطت الط‪11‬ائرة‬
‫ورست السفينة في ميناء غير المطار أو الميناء المصري أي في ميناء أجنبي([‪.)]27‬‬
‫أما حالة االشتراك في ارتكاب الجريمة فإن األمر يتوقف على نظرة المشرع لفعل‬
‫االشتراك حيث أن غالبية التش‪11‬ريعات تعت‪11‬بر االش‪11‬تراك أم‪11‬ر تبعي للفع‪11‬ل األص‪11‬لي‪ ،‬ول‪11‬ذا‬
‫فسلطة العقاب تكون من حق الدولة التي يقع فيها الفعل األصلي([‪.)]28‬‬
‫القانون األلماني (العقوبات لعام ‪ )1975‬أخذ بمب‪11‬دأ اس‪1‬تقالل الش‪1‬ريك حيث نص‪1‬ت‬
‫الم‪11‬ادة التاس‪11‬عة على المعاقب‪11‬ة على فع‪11‬ل االش‪11‬تراك ال‪11‬ذي يق‪11‬ع في ألماني‪11‬ا ول‪11‬و وقعت‬
‫الجريمة في الخارج حتى لو كان الفعل األص‪1‬لي ال‪1‬ذي وق‪1‬ع في الخ‪1‬ارج ال يع‪1‬اقب علي‪1‬ه‬
‫القانون األلماني([‪.)]29‬‬
‫ويأخذ بهذا المبدأ القانون السوداني حيث يعت‪11‬بر فع‪11‬ل االش‪11‬تراك (من تح‪11‬ريض أو‬
‫اتفاق أو مساعدة جريمة مستقلة) ([‪ )]30‬ولو لم يترتب على االشتراك أث‪11‬ر وإن ك‪11‬انت‬
‫عقوبته‪1‬ا أخ‪1‬ف من عقوب‪1‬ة الجريم‪1‬ة إذا تمت أو ش‪1‬رع فيه‪1‬ا في جريم‪1‬ة وقعت كله‪1‬ا أو‬
‫بعضها في الخارج حيث تناولت الم‪11‬ادة األولى والثاني‪11‬ة من ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات المص‪11‬ري‬
‫هذا الموض‪11‬وع بأحك‪11‬ام خاص‪11‬ة تطب‪11‬ق عليه‪11‬ا مب‪11‬دأ اإلقليمي‪11‬ة في ح‪11‬التين مختلف‪11‬تين عن‬
‫بعضهما البعض في األحكام‪.‬‬
‫فج‪11‬اءت الحال‪11‬ة األولى وال‪11‬تي نص‪11‬ت عليه‪11‬ا الم‪11‬ادة األولى من ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات‬
‫المصري بقولها‪ :‬تسري أحك‪11‬ام ه‪11‬ذا الق‪11‬انون على ك‪11‬ل من ي‪11‬رتكب في القط‪11‬ر المص‪11‬ري‬
‫جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه‪.‬‬
‫والحالة الثاني‪ 1‬تنص عليها المادة الثانية من ذات القانون بقوله‪11‬ا‪ :‬تس‪11‬ري أحك‪11‬ام‬
‫هذا القانون أيضا ً على األشخاص اآلتي ذكرهم‪:‬‬
‫(ك‪11‬ل من ارتكب في خ‪11‬ارج القط‪11‬ر فعالً يجعل‪11‬ه ف‪11‬اعالً أو ش‪11‬ريكا ً في جريم‪11‬ة وقعت‬
‫كلها أو بعضها في القطر المصري) ([‪.)]31‬‬
‫ويش‪11‬ترط لقي‪11‬ام الحال‪11‬ة األولى النص األول والث‪11‬اني ش‪11‬رطان ‪ /‬األول أن يس‪11‬اهم‬
‫الجاني في الجريمة بفعله وه‪11‬و داخ‪11‬ل القط‪11‬ر المص‪11‬ري‪ ،‬فال تس‪11‬ري الم‪11‬ادة األولى على‬
‫الشريك الذي حرض وهو خارج القطر على جريمة وقعت داخله وإنما هنا تسري عليه‬
‫أحكام المادة ‪ 2/1‬منه‪ .‬والشرط الثاني‪ ،‬أن تقع الجريمة كله‪11‬ا داخ‪11‬ل اإلقليم المص‪11‬ري([‬
‫‪ ،)]32‬سواء تحققت الجريمة كاملة أو وقفت عند حد الشروع‪.‬‬
‫أما إذا وقعت بعض عناص‪11‬ر الجريم‪11‬ة في مص‪11‬ر والبعض اآلخ‪11‬ر في الخ‪11‬ارج ف‪11‬إن‬
‫المادة الثانية فقرة أولى تكون واجبة التطبيق‪1.‬‬
‫في ح‪11‬ال ت‪11‬وافر الش‪11‬رطين يك‪11‬ون الق‪11‬انون المص‪11‬ري واجب التط‪11‬بيق‪ 1‬على ك‪11‬ل من‬
‫ساهم في الجريمة فاعالً أو شريكا ً مصريا ً أو أجنبياً([‪ )]33‬وه‪11‬ذا يحتم على النياب‪11‬ة أن‬
‫ترف‪11‬ع ال‪11‬دعوى ول‪11‬و تحققت أن الج‪11‬اني ح‪11‬وكم في الخ‪11‬ارج وب‪11‬ريء أو أدين واس‪11‬توفى‬
‫عقوبته بناء على مبدأ الشخص‪11‬ية اإليجابي‪11‬ة مثالً‪ ،‬بمع‪11‬نى أن النياب‪1‬ة‪ 1‬تتح‪1‬رر من القي‪11‬ود‬
‫التي ت‪11‬رد في الم‪11‬ادة ‪ 4‬من ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات المص‪11‬ري‪ ،‬حيث أن ه‪11‬ذه القي‪11‬ود واردة في‬
‫الحاالت الثالث الواردة في المادة الثانية والثالثة‪.‬‬
‫أما عن الحالة الثانية فإن المادة الثانية فقرة أولى تطبق على كل من يساهم وهو‬
‫في الخارج في جريمة تقع كلها أو بعضها في مص‪11‬ر س‪11‬واء ك‪11‬ان مص‪11‬ريا ً أو أجنبي‪1‬ا ً وال‬
‫يشترط أن يكون معاقبا ً على كل هذا الفعل في مصر أو في الخارج استقالالً‪.‬‬
‫وقد يكون هذا الفعل من أفعال االشتراك وقد يكون أصلياً‪ ،‬لذا تس‪11‬ري ه‪11‬ذه الم‪11‬ادة‬
‫على المحرض والفاعل الذي يرتكب فعله في الخارج من حيث القواعد العام‪11‬ة فك‪11‬ل من‬
‫االثنين فاعالً أصلياً‪.‬‬
‫علّة التفرقة بين الحالتين هي أن العمل الذي وقع في الخارج قد يكون جريمة في‬
‫البلد الذي وقع فيه‪ ،‬مما يستلزم احترام سيادة الدولة ومراعاة العدالة ال‪11‬تي تقتض‪11‬ي أال‬
‫يعاقب الشخص عن واقعة الفعل مرتين‪ ،‬أما إذا وقع جزء من ه‪11‬ذه األفع‪11‬ال (المس‪11‬اهمة‬
‫داخ‪111‬ل اإلقليم المص‪111‬ري) وج‪111‬زء في خ‪111‬ارج اإلقليم المص‪111‬ري (ك‪111‬الجرائم المس‪111‬تمرة‪،‬‬
‫المتكررة االعتياد) فإن القانون المصري يكون واجب التطبيق‪ ،‬حيث يتبع مبدأ التطبيق‬
‫لألصل وهذا هو مبدأ القانون المصري‪ ،‬كتحريض شخص آلخر وه‪11‬و في الخ‪11‬ارج على‬
‫ارتكاب فعل داخل اإلقليم‪ ،‬أو إرسال شخص وهو في الخارج آلخر مواد مخدرة لالتجار‬
‫فيها بمصر فكال الجريمتين‪ 1‬وقعتا في مصر‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫الضابط الثاني ‪ /‬محل إقامة المتهم‬
‫من الرجوع لنصوص القانون المصري المادة ‪ 217‬إجراءات جنائية نج‪11‬د أن من‬
‫الضوابط التي تحدد المحكمة المختصة محلي‪1‬ا ً ه‪11‬و مك‪11‬ان إقام‪11‬ة المتهم (‪)Residence‬‬
‫دون محكمة الموطن (‪ )Domicile‬بخالف نص المادة الخامسة فقرة أولى من أص‪11‬ول‬
‫المحاكمات الجزائية األردنية التي نص‪1‬ت على م‪1‬وطن المتهم دون مك‪11‬ان إقامت‪1‬ه‪ ،‬وثم‪1‬ة‬
‫خالف في المدلول القانوني بين التعبيرين في حين يعني الموطن المكان الذي انصرفت‬
‫نية المتهم إلى اإلقامة فيه على نحو منتظم مستقر‪ ،‬قد ال يكون مقيما ً فيه فعالً([‪.)]34‬‬
‫وموقف المش‪11‬رع األردني مح‪11‬ل نق‪11‬د لجعل‪11‬ه المحكم‪11‬ة المختص‪11‬ة محكم‪11‬ة الم‪11‬وطن‬
‫المختار دون محل إقامة المتهم ألن محل اإلقامة هو المحل ال‪11‬ذي يمكن أن تس‪11‬تقي في‪11‬ه‬
‫المعلومات المتعلقة بشخص المتهم وعالقاته العائلي‪11‬ة واالجتماعي‪11‬ة بوج‪11‬ه ع‪11‬ام‪ ،‬وكم‪11‬ا‬
‫يمكن التعرف على سوابقه اإلجرامية([‪ ،)]35‬وتحديد محل إقامة المتهم ه‪11‬و فص‪11‬ل في‬
‫مسألة موضوعية‪.‬‬
‫وغالبا ً يتحد مكان اإلقامة وموطن المشتكى عليه‪ ،‬ولكن إذا اختلفا فإن الع‪11‬برة في‬
‫القانون المصري بمحل اإلقامة دون الموطن‪ ،‬وبالعكس محل الم‪11‬وطن دون اإلقام‪11‬ة في‬
‫القانون األردني‪.‬‬
‫وإذا رفعت ال‪111‬دعوى العمومي‪111‬ة عن جريم‪111‬ة وقعت في مك‪111‬ان ي‪111‬دخل في دائ‪111‬رة‬
‫اختصاص محكمة ما إلى محكمة أخرى يدخل اختصاصها المحلي الذي يقيم فيه المتهم‬
‫المرفوعة عليه الدعوى‪ ،‬فال يؤثر في اختصاص هذه المحكمة أن يك‪1‬ون المتهم ش‪1‬ريكا ً‬
‫في الجريمة لفاعل أصلي ال تصح قانونا ً محاكمته أمامه‪11‬ا وم‪11‬ا دامت ال‪11‬دعوى لم ترف‪11‬ع‬
‫إال عليه([‪ )]36‬وإذا تعددت محال إقامة المتهم كانت جمي‪11‬ع المح‪11‬اكم ال‪11‬تي تتبعه ‪1‬ا‪ 1‬ه‪11‬ذه‬
‫المحال مختصة بالجريمة([‪.)]37‬‬
‫وإذا غير المتهم مكان إقامته في الفترة م‪11‬ا بين ارتك‪11‬اب الجريم‪11‬ة وبين الب‪11‬دء في‬
‫اتخ‪11‬اذ اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة ه‪11‬ذه‪ ،‬تك‪11‬ون المحكم‪11‬ة المختص‪11‬ة هي محكم‪11‬ة مح‪11‬ل إقامت‪11‬ه‬
‫األخير ويعني‪ 1‬ذلك أنه إذا كان مكان ارتكاب الجريمة ثابتا ً ف‪1‬إن مح‪1‬ل إقام‪1‬ة المتهم قاب‪1‬ل‬
‫للتغي‪11‬ير‪ ،‬ولكن‪11‬ه ليس من األهمي‪11‬ة أن يغ‪11‬ير المتهم مح‪11‬ل إقامت‪11‬ه بع‪11‬د اتخ‪11‬اذ اإلج‪11‬راءات‬
‫ضده([‪.)]38‬‬
‫‪ ‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫الضابط الثالث ‪ /‬مكان القبض على المتهم‬
‫راعى المشرع جعل االختص‪11‬اص المك‪11‬اني وف‪11‬ق ه‪11‬ذا الض‪11‬ابط لمك‪11‬ان القبض على‬
‫المتهم في حالة عدم وجود محل إقامة (مجهول اإلقامة) أو كان مك‪11‬ان وق‪11‬وع الجريم‪11‬ة‬
‫غير معين‪ ،‬وتراعي أيضا ً سلطات التحقيق في الجرائم البسيطة التي تك‪11‬ون اإلج‪11‬راءات‬
‫التي ستتخذ بشأنها ذات مصاريف كبيرة يستغني عنها فيفضل محاكمت‪1‬ه بمك‪1‬ان القبض‬
‫عليه ب‪1‬دالً من نقل‪1‬ه من مك‪11‬ان القبض علي‪1‬ه لمك‪1‬ان محكم‪11‬ة وق‪1‬وع الجريم‪11‬ة أو محكم‪11‬ة‬
‫مكان اإلقامة أو يستوي األمر أن يك‪11‬ون القبض على المتهم ل‪11‬ذات الجريم‪11‬ة أو لجريم‪11‬ة‬
‫أخرى (م‪ )52/‬من قانون اإلجراء الجنائية الفرنسية) وتحديد مك‪1‬ان القبض على المتهم‬
‫هو فصل في مسألة موضوعية يترك أمر تقديرها لقاضي الموضوع‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫االختصاص المكاني لسلطة التحقيق([‪:)]39‬‬
‫يح‪11‬دد االختص‪11‬اص المك‪11‬اني لس‪11‬لطة التحقي‪11‬ق (الم‪11‬دعي الع‪11‬ام‪ ،‬والنياب‪11‬ة العام‪11‬ة‪،‬‬
‫ومأمور الضبط القضائي) بنفس الضوابط الثالث ال‪1‬تي يح‪1‬دد به‪1‬ا االختص‪1‬اص المك‪1‬اني‬
‫لقاضي الحكم وهي مكان وقوع الجريمة‪ ،‬ومح‪1‬ل إقام‪1‬ة المتهم‪ ،‬وه‪1‬ذا م‪1‬ا أكدت‪1‬ه الم‪1‬ادة‬
‫‪ 18‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية وقد جاء فيها‪:‬‬
‫" في األحوال المبينة في المواد (‪ )13 1- 7‬من قانون العقوبات يق‪1‬وم بالوظ‪1‬ائف‬
‫المذكورة في المادة السابقة (أي المادة الس‪11‬ابعة عش‪11‬ر من ق‪11‬انون أص‪11‬ول المحاكم‪11‬ات)‬
‫المدعي العام التابع له موطن المشتكى علي‪11‬ه أو مك‪11‬ان إلق‪11‬اء القبض علي‪11‬ه‪ ،‬أو موطن‪11‬ه‬
‫األخ‪11‬ير‪ ،‬إال أن هنال‪11‬ك ف‪11‬رق بين االختص‪11‬اص المحلي لس‪11‬لطة التحقي‪11‬ق واالختص‪11‬اص‬
‫المحلي لس‪111‬لطة الحكم حيث أن االختص‪11‬اص في الحال‪11‬ة األولى يمكن أن يمت‪11‬د لنط‪111‬اق‬
‫أوس‪11‬ع من دائ‪11‬رة االختص‪11‬اص أي خ‪11‬ارج نط‪11‬اق س‪11‬لطة التحقي‪11‬ق إذا م‪11‬ا تطلبت ذل‪11‬ك‬
‫مقتضيات التحقيق وظروفه فيقوم المدعي الع‪11‬ام بانت‪11‬داب أح‪11‬د أف‪11‬راد الض‪11‬ابطة العدلي‪11‬ة‬
‫للتحقيق في هذه الجريمة وقد يقوم بالتحقيق بنفسه إن اقتضت الضرورة‪.‬‬
‫فقد يتم تفتيش منزل المتهم الواقع في خارج دائ‪11‬رة االختص‪11‬اص لم‪11‬أمور الض‪11‬بط‬
‫القضائي الذي شاهد المتهم متلبسا ً في جريمة وقعت في دائرة اختصاصه([‪.)]40‬‬
‫والقاع‪11‬دة المس‪11‬تقرة في القض‪11‬اء المص‪11‬ري أن‪11‬ه م‪11‬ا دام المحق‪11‬ق مختص‪1‬ا ً بتحقي‪11‬ق‬
‫الواقعة فال يهم بعد ذلك المكان الذي اختاره التخاذ بعض اإلجراءات المتعلقة بالتحقيق‬
‫والذي يترك لتقديره حفاظا ً على صالح التحقيق وسرعة اإلجراء([‪.)]41‬‬
‫ويستند في هذا إلى المادة ‪ /7/2‬الفقرة الثالثة من قانون اإلجراءات المص‪11‬ري في‬
‫حال قيام قاضي التحقيق أو انتداب النيابة العامة أو أحد أف‪1‬راد الض‪1‬ابطة العدلي‪1‬ة للقي‪1‬ام‬
‫بالتحقيق خارج دائرة االختص‪11‬اص (الم‪11‬ادة ‪ 199‬خ‪11‬اص ب‪11‬التحقيق الج‪11‬اري من النياب‪11‬ة‬
‫العامة)‪.‬‬
‫ال يعتبر هذا استثناء على القواعد العامة في تحديد االختصاص المكاني وإنما هو‬
‫مراعاة لمقتضيات التحري والتحقيق عن الجريمة وظروفها وتحقيق العدالة‪.‬‬
‫نخلص مم‪111‬ا س‪111‬بق أن الض‪111‬وابط الثالث المح‪111‬ددة في الم‪111‬ادة ‪ 217‬من ق‪111‬انون‬
‫اإلجراءات المصري‪ ،‬والمادة الخامسة فقرة أولى من قانون أصول المحاكمات األردني‬
‫التي تنص على مكان انعقاد االختصاص المكاني للمحكمة التي تنظر الواقعة في (مكان‬
‫وق‪11‬وع الجريم‪11‬ة‪ ،‬أو مك‪11‬ان إقام‪11‬ة المتهم أو مك‪11‬ان القبض علي‪11‬ه) وكله‪11‬ا متس‪11‬اوية وال‬
‫تفضيل بينهما‪ 1‬وللمشتكي الخيار إذا ما سلك إحداهما فإن المحكمة تص‪11‬بح ملزم‪11‬ة بنظ‪11‬ر‬
‫الواقعة([‪.)]42‬‬
‫كما نخلص للقول بأن قواعد االختصاص المحلي ال تتعلق‪ 1‬بالنظام العام فال ي‪11‬ترتب على‬
‫مخالفتها البطالن كالذي يترتب على مخالفة االختصاص النوعي‪ 1‬والشخص‪11‬ي وإن ك‪11‬ان‬
‫هنال‪11‬ك ج‪11‬انب من الفق‪11‬ه ي‪11‬رى ع‪11‬دم التمي‪11‬يز بين قواع‪11‬د االختص‪11‬اص إال أنن‪11‬ا ن‪11‬رى م‪11‬ع‬
‫القائلين بأن قواعد االختصاص المكاني غير متعلقة بالنظام العام لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪     -‬ه‪11‬ذه القواع‪11‬د وض‪11‬عت لتنظيم العم‪11‬ل القض‪11‬ائي ليس إال‪ ،‬فهي لم توض‪11‬ع العتب‪11‬ارات‬
‫موضوعية‪ 1‬تتعلق مثالً بالقدرة على الفصل في الموضوع والكفاءة الالزمة ل‪11‬ذلك وإنم‪11‬ا‬
‫الهدف هو تيسير العمل القضائي وعدم عرقلة سير العدالة‪.‬‬
‫‪     -‬المشرع في تحديده لضوابط االختص‪11‬اص المحلي إنم‪11‬ا قص‪11‬د تيس‪11‬ير التقاض‪11‬ي أيض‪1‬ا ً‬
‫على الخص‪11‬وم في ال‪11‬دعوى تمام ‪1‬ا ً كم‪11‬ا ه‪11‬و الش‪11‬أن في االختص‪11‬اص المك‪11‬اني لل‪11‬دعاوى‬
‫المدنية([‪.)]43‬‬
‫‪     -‬ل‪11‬و ك‪11‬ان األم‪11‬ر يتعل‪11‬ق بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام كم‪11‬ا ه‪11‬و الش‪11‬أن في االختص‪11‬اص الن‪11‬وعي أو‬
‫الشخصي لما وضع المشرع ضوابط عدة لالختص‪11‬اص المك‪11‬اني ولقص‪11‬رها على ض‪11‬ابط‬
‫واحد هو المتعلق بتحقيق العدالة([‪.)]44‬‬
‫‪     -‬وح‪11‬تى االتج‪11‬اه القائ‪11‬ل‪ :‬بع‪11‬دم التفرق‪11‬ة بين قواع‪11‬د االختص‪11‬اص وض‪11‬عوا قي‪11‬وداً على‬
‫االختصاص المكاني لجعله من النظام العام وال مكان لل‪11‬دفع ب‪11‬ه ألول م‪11‬رة أم‪11‬ام محكم‪11‬ة‬
‫النقض ويجب أن يك‪11‬ون ال‪11‬دفع مس‪11‬تنداً إلى وق‪11‬ائع أثبته‪11‬ا الحكم وأن ال يقض‪11‬ي تحقيق ‪1‬ا ً‬
‫موضوعياً‪1.‬‬
‫‪     -‬إن اعتب‪11‬ار االختص‪11‬اص المك‪11‬اني من النظ‪11‬ام الع‪11‬ام عالوة على أن في‪11‬ه عرقل‪11‬ة لس‪11‬ير‬
‫القض‪11‬اء وع‪11‬دم التيس‪11‬ير على الخص‪11‬وم ف‪11‬إن من نت‪11‬ائج رد ال‪11‬دعوى لع‪11‬دم االختص‪11‬اص‬
‫المكاني فيه تكلفة باهظة ألطراف الخصومة وعدم استقرار للمراكز القانونية‪.‬‬
‫ويترتب على اعتبار االختصاص المكاني ليس من النظام العام النتائج التالية‪:‬‬
‫‪    .1‬ال يجوز التمسك به ألول مرة أمام محكمة النقض (التمييز)‪.‬‬
‫‪    .2‬ال يجوز أن تحكم بع المحكمة من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫‪    .3‬إذا بدأ الخصوم (الم‪11‬دعي في تق‪11‬ديم الئح‪11‬ة االدع‪11‬اء أو الش‪11‬كوى والم‪11‬دعى علي‪11‬ه في‬
‫اإلجابة عليها فإنه يتحدد اختصاص المحكمة المكاني ويعتبر بأن الطرفين قد أرادا تل‪11‬ك‬
‫المحكمة صراحة أو ضمنا ً وأنهما قد تنازال عن أي اختصاص مكاني آخر([‪.)]45‬‬
‫ويترتب على هذه النتيجة ما يلي‪:‬‬
‫بالنسبة لقاضي الموضوع إذا ب‪11‬دأ الخص‪11‬وم في نظ‪11‬ر ال‪11‬دعوى يص‪11‬بح ملزم‪1‬ا ً ب‪11‬رد‬
‫الدفع بعدم االختصاص المكاني وال يملك حتى مجرد البحث فيه وال يجوز له سماع أي‪11‬ة‬
‫بينة تتعلق بالدفع وإال كان بحثه بالدفع مشوبا ً بالبطالن‪.‬‬
‫هذا أيض‪1‬ا ً مس‪11‬لك القض‪11‬اء األردني حيث ج‪11‬اء ب‪11‬أن االختص‪11‬اص المك‪11‬اني ليس من‬
‫النظام العام‪ ،‬حيث قضت محكمة التمييز األردنية بأن المحكمة ال تملك الح‪11‬ق في ال‪11‬دفع‬
‫بعدم االختصاص المكاني ما لم يمسك به المدعي قبل ال‪11‬دخول في موض‪11‬وع ال‪11‬دعوى([‬
‫‪.)]46‬‬
‫وجاء أيضا ً بأنه ال يجوز الدفع بعدم الص‪1‬الحية المكاني‪1‬ة إذا لم يتمس‪1‬ك به‪1‬ذا ال‪1‬دفع قب‪1‬ل‬
‫اإلجابة على الئحة الدعوى([‪.)]47‬‬
‫وال يختلف الحال بالنسبة للقض‪11‬اء الم‪11‬دني حيث اعت‪11‬برت االختص‪11‬اص المك‪11‬اني ال‬
‫يتعلق بالنظام العام بمعنى ال يجوز للمحكمة أثارته من تلقاء نفسها‪ ،‬وللخصوم التمسك‬
‫به قبل الدخول في األساس للموضوع وإال اعتبر أن هنالك اتفاق صريح أو ض‪11‬مني في‬
‫التنازل عنه‪.‬‬
‫وال يجوز للنيابة العامة أن تتمسك بعدم االختصاص الذي ال يتعل‪11‬ق بالنظ‪11‬ام الع‪11‬ام‬
‫إال إذا كانت طرفا ً أصليا ً في الدعوى‪.‬‬
‫وإذا م‪11‬ا ثبت االختص‪11‬اص للقاض‪11‬ي بال‪11‬دعوى تعين أن يقض‪11‬ي فيه‪11‬ا‪ ،‬ف‪11‬إن امتن‪11‬ع‬
‫ارتكب جريمته‪ ،‬وإذا ثبت أنه غير مختص بها تعين عليه أن يقرر ذلك ويخرج الدعوى‬
‫من حوزته فإن قضى فيها كان قضاؤه باطالً([‪.)]48‬‬
‫‪ ‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫العنصر المكاني للسلوك في جرائم التهريب الجمركي‬
‫يلعب العنصر المكاني في جريمة التهريب الجمركي دوراً بارزاً‪ .‬إذ يمثل التط‪11‬بيق‪1‬‬
‫الجغرافي للقانون الجمركي أحد الخصائص المميزة له([‪ )]49‬وللعنصر المكاني أهمية‬
‫كبرى في جرائم التهريب الجمركي‪ ،‬وذلك أنه يحدد نطاق عمل إدارة الجمارك وإمكانية‬
‫ضبط الجرائم‪ ،‬كما يؤثر تأثيراً خاصا ً في بعض صور الته‪11‬ريب الجم‪11‬ركي‪ .‬وفي وس‪11‬ائل‬
‫اإلثبات وإجراءات المالحقة‪ .‬فالجريم‪11‬ة الجمركي‪11‬ة تختل‪11‬ف عن غيره‪11‬ا من الج‪11‬رائم ألن‬
‫األص‪11‬ل في ه‪11‬ذه الج‪11‬رائم خالف ‪1‬ا ً لج‪11‬رائم الق‪11‬انون الع‪11‬ام أنه‪11‬ا تق‪11‬ع على ح‪11‬دود الدول‪11‬ة‬
‫الجمركية‪ ،‬وهو ما يعبر عن‪11‬ه بالخ‪11‬ط الجم‪11‬ركي وال تق‪11‬ع داخ‪11‬ل الدول‪11‬ة إال اس‪11‬تثناء ف‪11‬إذا‬
‫اجتازت البضائع (نطاق الرقابة الجمركية) فإنها والحالة ه‪11‬ذه ال تص‪11‬لح أن تك‪11‬ون محالً‬
‫لجريم‪11‬ة الته‪11‬ريب‪ ،‬باس‪11‬تثناء بعض ص‪11‬ور الته‪11‬ريب ال‪11‬تي تعرفه‪11‬ا الق‪11‬وانين‪ 1‬الجمركي‪11‬ة‬
‫ويمكن أن تقع على امتداد إقليم الدولة وق‪11‬د م‪11‬يز ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك المص‪11‬ري بين اإلقليم‬
‫الجمركي والخط الجمركي والدائرة الجمركية ونطاق الرقابة الجمركي‪.‬‬
‫‪   -1‬اإلقليم الجمركي ‪CUSTOM TERRITORY‬‬
‫ويقصد باإلقليم الجمركي بشكل عام هو‪ :‬األراضي‪ 1‬والمياه اإلقليمية الخاضعة لسيادة‬
‫الدولة‪ .‬فاإلقليم الجمركي هو إقليم الدولة داخل حدودها السياسية وفقا ً لتحدي‪11‬دها دولي ‪1‬ا ً‬
‫ويشمل ذلك اإلقليم البر والبحر والجو على حد سواء([‪ )]50‬ومن ثم ف‪11‬إن إقليم الدول‪11‬ة‬
‫الجمركي يتطابق مع اإلقليم السياسي‪ .‬وتتولى المعاه‪11‬دات الدولي‪11‬ة والق‪11‬وانين‪ 1‬الداخلي‪11‬ة‬
‫بيان الحدود السياسية للدولة‪ .‬وهي تشمل األراضي اليابسة والمياه اإلقليمية والفض‪11‬اء‬
‫الج‪11‬وي ال‪11‬ذي يعل‪11‬و كالً من األرض والم‪11‬اء‪ .‬أي أن اإلقليم الجم‪11‬ركي يش‪11‬مل – ك‪11‬اإلقليم‬
‫السياسي – اإلقليم البحري والبري والجوي‪.‬‬
‫وق‪11‬د ع‪11‬رف ‪ J. PRESCOTT‬الح‪11‬دود السياس‪11‬ية بقول‪11‬ه "إن الح‪11‬دود تع‪11‬ني ح‪11‬د‬
‫اإلقليم الذي تشغله الدولة‪ ،‬وتبسط عليه سلطتها بصفة قانونية"([‪.)]51‬‬
‫‪   -2‬الخط الجمركي ‪CUSTOM FRONTIER‬‬
‫عرف األستاذ ‪ LAWERENCEW TOWLE‬الخط الجمركي بأنه الخط الذي‬
‫تخض‪11‬ع في‪11‬ه البض‪11‬ائع واألم‪11‬وال في ح‪11‬ال دخوله‪11‬ا إلى إقليم الدول‪11‬ة‪ ،‬أو إخراجه‪11‬ا من‪11‬ه‪،‬‬
‫لمجموع‪11‬ة من النظم واإلج‪11‬راءات الجمركي‪11‬ة‪ ،‬ال‪11‬تي تض‪11‬عها الدول‪11‬ة به‪11‬دف تنظيم ت‪11‬دفق‬
‫السلع واألموال من والى أسواقها الوطنية‪ ،‬وعلى طول هذا الخط يوجد عدد من مكاتب‬
‫ونقط المراقبة‪ ،‬بقصد مراقبة‪ ،‬وتنظيم عمليات االستيراد والتصدير([‪ )]52‬ويمتد الخ‪11‬ط‬
‫الجمركي على جانب الحدود البرية والبحرية‪ ،‬فيشكل خطا ً جغرافيا ً يمثل ح‪11‬دود الدول‪11‬ة‪.‬‬
‫وقد عرفت المادة الثانية من قانون الجم‪1‬ارك المص‪1‬ري الخ‪1‬ط الجم‪1‬ركي بأن‪1‬ه "الح‪1‬دود‬
‫السياس‪11‬ية الفاص‪11‬لة بين الجمهوري‪11‬ة وال‪11‬دول المتاخم‪11‬ة وش‪11‬واطئ البح‪11‬ار المحيط‪11‬ة‬
‫بالجمهورية‪ ،‬كما اعتبرت ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تم‪11‬ر به‪11‬ا القن‪11‬اة‬
‫خطا ً جمركيا ً‪ ،‬وقد استقر اجتهاد محكمة النقض المصري على أن سواحل البحر المالح‬
‫والحدود الفاصلة بين القطر المصري والبالد المجاورة له تعد خطا ً جمركياً([‪.)]53‬‬
‫‪   -3‬الدائرة الجمركية ‪CUSTOMS SURVEILANCE ZONE‬‬
‫وهي تلك المنطقة التي يوجد به‪11‬ا مكتب للجم‪11‬ارك س‪11‬واء على الح‪11‬دود البري‪11‬ة أو في‬
‫الم‪11‬وانئ البحري‪11‬ة أو الجوي‪11‬ة‪ ،‬واألرض المحيط‪11‬ة به‪11‬ا حيث يتم ش‪11‬حن وتفري‪11‬غ ونق‪11‬ل‬
‫وتخزين البضائع الواردة والصادرة إلتمام اإلجراءات الجمركي‪11‬ة عليه‪11‬ا([‪ )]54‬وتك‪11‬ون‬
‫غالبا ً محاطة بأسوار لها أبواب تحت حراسة عمال وحرس شرطة دائرة الجمارك‪.‬‬
‫وق‪11‬د ع‪11‬رفت الم‪11‬ادة الرابع‪11‬ة من ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك المص‪11‬ري ال‪11‬دائرة الجمركي‪11‬ة بأنه‪11‬ا‬
‫"النطاق ال‪11‬ذي يح‪1‬دده وزي‪11‬ر الخزان‪11‬ة في ك‪11‬ل مين‪11‬اء بح‪11‬ري أو ج‪11‬وي يوج‪11‬د في‪11‬ه مكتب‬
‫للجمارك‪ ،‬يرخص فيه بإتم‪11‬ام اإلج‪11‬راءات الجمركي‪11‬ة أو بعض‪11‬ها‪ ،‬وك‪11‬ذلك أي مك‪11‬ان آخ‪11‬ر‬
‫يحدده الوزير إلتمام هذه اإلجراءات فيه"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   -4‬الرقابة الجمركية ‪CUSTOM CONTROL‬‬
‫وهي شريط من األرض متاخم للحدود مع الخارج يحضر في‪11‬ه ت‪11‬داول وحي‪11‬ازة ونق‪11‬ل‬
‫البض‪11‬ائع الممنوع‪11‬ة والخاض‪11‬عة للض‪11‬ريبة دون ت‪11‬بريرات مقبول‪11‬ة‪ .‬وق‪11‬د ع ‪ّ 1‬رف البعض‬
‫الرقابة الجمركية بأنها "عبارة عن إشراف رجال الجمارك على اجتياز البض‪11‬ائع للخ‪11‬ط‬
‫الجمركي‪ ،‬دخوالً وخروجا ً طبق‪1‬ا ً للنظم واإلج‪1‬راءات الجمركي‪1‬ة الواجب‪1‬ة االتب‪1‬اع‪ ،‬وال‪1‬تي‬
‫تنص عليها قوانين الجمارك‪ ،‬والقوانين المكملة لها‪ ،‬والمعمول‪ 1‬بها في شأن االس‪11‬تيراد‬
‫والتصدير"([‪.)]55‬‬
‫وينقسم نطاق الرقابة الجمركية‪ ،‬الذي يمارس فيه موظفو الجم‪11‬ارك اختصاص‪11‬هم‬
‫إلى نط‪11‬اقين‪:‬أوالً‪ :‬نط‪11‬اق الرقاب‪11‬ة الجمركي‪11‬ة البح‪11‬ري‪ .‬ثاني ‪1‬اً‪ :‬نط‪11‬اق الرقاب‪11‬ة الجمركي‪11‬ة‬
‫البري‪ .‬وسوف نتناول كل نقطة بالشرح تفصيالً على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :    ‬نطاق الرقابة الجمركية البحري‬
‫صدرت اتفاقية جنيف عام ‪ ،1958‬وقد أكدت عدة مبادئ أساسية بالنسبة للمرور‬
‫في مياه البحر اإلقليمي والمناطق المالصقة للبحر اإلقليمي نجملها بما يلي‪:‬‬
‫نطاق الرقابة الجمركي البحري‪ :‬ه‪11‬و امت‪11‬داد للبح‪11‬ر اإلقليمي إلى من‪11‬اطق عرفته‪11‬ا‬
‫المادة ‪ 24‬من اتفاقي‪11‬ة ج‪11‬نيف بأنه‪11‬ا منطق‪11‬ة من البح‪11‬ار العالي‪11‬ة تالص‪11‬ق البح‪11‬ر اإلقليمي‬
‫للدولة الشاطئية‪ ،‬وال تخضع لس‪11‬يادتها ألنه‪11‬ا ال تعت‪11‬بر ج‪11‬زءاً من إقليمه‪11‬ا السياس‪11‬ي‪ ،‬إذ‬
‫المالحة فيها حرة وال يج‪11‬وز للدول‪11‬ة الش‪11‬اطئية منعه‪11‬ا أو إعاقته‪11‬ا‪ ،‬ولكن تباش‪11‬ر عليه‪11‬ا‬
‫س‪11‬لطات مح‪11‬ددة مص‪11‬درها المحافظ‪11‬ة على أمنه‪11‬ا ومن‪11‬ع اإلخالل بقوانينه‪11‬ا الجمركي‪11‬ة‬
‫والمالي‪11‬ة والص‪11‬حية‪ .‬وعلى ال‪11‬رغم من أن‪11‬ه ال يج‪11‬وز أن تمت‪11‬د بحس‪11‬ب اتفاقي‪11‬ة ج‪11‬نيف‬
‫المنعقدة في سنة ‪ 1958‬إلى أبعد من ‪ 12‬ميالً بحريا ً ابت‪11‬داءاً من الخ‪11‬ط األساس‪11‬ي ال‪11‬ذي‬
‫يبدأ منه الخط اإلقليمي للدولة الشاطئية إال أنه وطبق‪1‬ا ً للفق‪11‬رة األولى من الم‪11‬ادة الثالث‪11‬ة‬
‫من قانون الجمارك المصري‪ ،‬يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجم‪11‬ركي‬
‫إلى مسافة ثمانية عشر ميالً بحريا ً في البحار المحيطة به‪ .‬وهذه المسافة ال تدخل كله‪11‬ا‬
‫ضمن حدود الدولة المصرية السياسية‪ .‬ألن المياه اإلقليمية‪ 1‬لجمهورية مصر العربية ال‬
‫تمت‪11‬د إلى أك‪11‬ثر من اثن‪11‬تى عش‪11‬ر ميالً بحري ‪1‬ا ً طبق‪11‬ا ًُ للق‪11‬رار الجمه‪11‬وري رقم ‪ 180‬لس‪11‬نة‬
‫‪ .1958‬وب‪11‬ذلك تك‪11‬ون الس‪11‬تة أمي‪11‬ال الباقي‪11‬ة منطق‪11‬ة مج‪11‬اورة للمي‪11‬اه اإلقليمي‪11‬ة للدول‪11‬ة‬
‫المص‪11‬رية تمت‪11‬د إليه‪11‬ا أحك‪11‬ام الرقاب‪11‬ة الجمركي‪11‬ة‪ .‬فهي ال تعت‪11‬بر منطق‪11‬ة حماي‪11‬ة للمي‪11‬اه‬
‫اإلقليمية من عمليات الته‪11‬ريب فحس‪11‬ب‪ ،‬وإنم‪11‬ا ت‪11‬دخل ض‪11‬من نط‪11‬اق الرقاب‪11‬ة الجمركي‪11‬ة‪،‬‬
‫بمعنى أن حق الدولة في المنطقة المالص‪11‬قة ال ينحص‪11‬ر في ط‪11‬رد الس‪11‬فن ال‪11‬تي تم‪11‬ارس‬
‫عمليات التهريب فيها‪ ،‬وإنما يتجاوز إلى حد توقيع العقاب على المهربين‪.‬‬
‫وترى غالبية الفقه والقض‪11‬اء المص‪11‬ري أن ه‪11‬ذا التع‪11‬ارض بين الم‪11‬ادة الثالث‪11‬ة من‬
‫قانون الجمارك المصري بتحديدها البح‪11‬ر اإلقليمي والمنطق‪11‬ة المالص‪11‬قة بثماني‪11‬ة عش‪11‬ر‬
‫ميالً بحريا ً وبين المادة األولى من اتفاقية ج‪11‬نيف ال‪1‬تي تح‪1‬دد البح‪1‬ر اإلقليمي والمنطق‪11‬ة‬
‫المالص‪11‬قة ب‪11‬اثني عش‪11‬ر ميالً بحري ‪1‬ا ً ال يح‪11‬ول دون وج‪11‬وب أن يطب‪11‬ق ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك‬
‫المصري بتاريخ الحق([‪ )]56‬ويخ‪1‬الف بعض الفقه‪1‬اء رأي الغالبي‪1‬ة ق‪1‬ائلين بأن‪1‬ه إذا تم‬
‫التصديق‪ 1‬على المعاهدة بموجب قانون فإنها تكون واجبة التطبيق‪ ،‬ولو تعارض‪11‬ت فيم‪11‬ا‬
‫بعد مع قانون الحق طالما لم يتم إلغاؤه بالطريق القانوني‪ 1‬السليم([‪.)]57‬‬
‫أما بالنسبة لالجتهاد القضائي المصري فقد استقر على ما ذهب إليه رأي الغالبية‬
‫حيث جاء بق‪11‬رار محكم‪11‬ة النقض المص‪11‬رية م‪11‬ا يلي "إن أحك‪11‬ام التش‪11‬ريع ال‪11‬داخلي أولى‬
‫باالعتبار بغض النظر عما يفرض‪11‬ه الق‪11‬انون ال‪11‬دولي من قواع‪11‬د أو مب‪11‬ادئ يخ‪11‬اطب به‪11‬ا‬
‫الدول األعضاء في الجماعة الدولية"([‪.)]58‬‬
‫ويتض‪11‬ح مم‪1‬ا تق‪1‬دم أن اتفاقي‪11‬ة ج‪11‬نيف ال‪1‬تي ص‪11‬دقت عليه‪11‬ا الجمهوري‪11‬ة المص‪11‬رية‬
‫تتعارض مع مواد قانون الجمارك‪ ،‬وحيث أن االتفاقية عرضت على السلطة التش‪11‬ريعية‬
‫وتمت الموافقة عليها‪ ،‬فأصبحت قانونا ً داخليا ً يلتزم القاضي الوطني بتطبيق أحكامه إال‬
‫أن المفاضلة بينهما تتم على أساس أن النص الالحق ينسخ السابق‪ ،‬وقد ص‪11‬در ق‪11‬انون‬
‫الجمارك سنة ‪ 1963‬وهو تاريخ تال لتوقيع االتفاقية والتصديق عليه‪11‬ا‪ ،‬وبالت‪11‬الي ف‪11‬إن‬
‫قانون الجمارك هو الواجب التطبيق‪ .‬وإذا ك‪11‬انت المس‪11‬ألة‪ ،‬ال تث‪11‬ير ص‪11‬عوبة من الناحي‪11‬ة‬
‫القانوني‪11‬ة‪ ،‬إال أنه‪11‬ا تث‪11‬ير مش‪11‬اكل سياس‪11‬ية على الص‪11‬عيد ال‪11‬دولي‪ ،‬ولكن ه‪11‬ذه النتيج‪11‬ة ال‬
‫يصلح أن تكون سببا ً يحول بين القاضي وبين تطبيق‪ 1‬القانون الداخلي الالحق‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :    ‬نطاق الرقابة الجمركية البري‬
‫أما النطاق الجمركي البري فيحدد بقرار يصدر من وزير الخزان‪11‬ة (المالي‪11‬ة) وفق‪1‬ا ً‬
‫لمقتضيات الرقابة وقد ص‪11‬در بت‪11‬اريخ ‪ 31/8/1963‬ق‪11‬رار وزي‪11‬ر الخزان‪11‬ة المص‪11‬ري رقم‬
‫‪ 57‬لسنة ‪ 1963‬بتحديد نطاق الرقابة الجمركي البري‪ ،‬ويجوز أن تتخ‪11‬ذ داخ‪11‬ل النط‪11‬اق‬
‫تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه([‪.)]59‬‬
‫أما بالنسبة لقانون الجمارك األردني فقد عنى المشرع الجم‪11‬ركي األردني بوض‪11‬ع‬
‫التعاريف والحدود ما بين الخ‪1‬ط الجم‪11‬ركي والح‪11‬رم الجم‪1‬ركي والنط‪11‬اق الجم‪1‬ركي‪ ،‬كم‪11‬ا‬
‫وضع طرقا ً معينة لدخول البضائع إلى المملكة أو خروجها منها بحيث ال يجوز التجاوز‬
‫عليه‪11‬ا‪ .‬وق‪11‬د ع‪ّ 11‬رف ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك األردني رقم ‪ 20‬لس‪11‬نة ‪ 1998‬وتعديالت‪11‬ه الخ‪11‬ط‬
‫الجم‪11‬ركي‪ :‬بأن‪11‬ه الخ‪11‬ط المط‪11‬ابق للح‪11‬دود السياس‪11‬ية الفاص‪11‬لة بين المملك‪11‬ة وبين ال‪11‬دول‬
‫المتاخم‪11‬ة له‪11‬ا ولش‪11‬واطئ البح‪11‬ار المحيط‪11‬ة بالمملك‪11‬ة‪ .‬أي أن الح‪11‬د الفاص‪11‬ل في جريم‪11‬ة‬
‫التهريب هو اجتياز البضاعة الخط الجمركي أو الح‪1‬دود السياس‪1‬ية في إدخ‪11‬ال البض‪11‬اعة‬
‫أو إخراجها‪.‬‬
‫وقد ع َّرف الحرم الجمركي بأنه‪ :‬القطاع الذي يحدده الوزير في كل مين‪11‬اء بح‪11‬ري‬
‫أو جوي أو في أي مكان آخر يوجد فيه مركز للدائرة يرخص فيه بإتمام كل اإلج‪11‬راءات‬
‫الجمركية أو بعضها‪ .‬ويمكن القول بأن الحرم الجمركي هو المستودع أو قطع‪11‬ة األرض‬
‫الذي يف ّرغ فيه البضاعة وتكون غالبا ً مس ّورة وتحت حراس‪11‬ة كم‪11‬ا أس‪11‬لفنا س‪11‬واء ك‪11‬انت‬
‫المنطقة ميناءاً بحريا ً أو جوياً‪ ،‬وان خروج البضاعة من الح‪11‬رم الجم‪11‬ركي إلى المنطق‪11‬ة‬
‫الجمركي‪11‬ة دون معامل‪11‬ة جمركي‪11‬ة يعت‪11‬بر ص‪11‬ورة من ص‪11‬ور الته‪11‬ريب الحكمي‪ .‬وع ‪َّ 1‬رف‬
‫النطاق الجمركي بأنه الجزء من األراضي أو البحار الخاضع لرقابة وإجراءات جمركية‬
‫محددة في هذا القانون وهو على نوعين‪:‬‬
‫‪     -‬النطاق الجمركي البحري‪ :‬ويشمل منطق‪11‬ة البح‪11‬ر الواقع‪11‬ة م‪11‬ا بين الش‪11‬واطئ ونهاي‪11‬ة‬
‫حدود المياه اإلقليمية‪ 1.‬ولم يحدد نطاق الرقابة البحري وذلك كون األردن ال يملك بحاراً‬
‫ألنه مطل على خليج العقبة ال‪11‬ذي ال يزي‪11‬د اتس‪11‬اعه عن تس‪11‬عة أمي‪11‬ال ويق‪11‬ع وس‪11‬ط أرب‪11‬ع‬
‫دول‪.‬‬
‫‪     -‬النط‪11‬اق الجم‪11‬ركي ال‪11‬بري‪ :‬ويش‪11‬مل األراض‪11‬ي الواقع‪11‬ة م‪11‬ا بين الش‪11‬واطئ أو الح‪11‬دود‬
‫البرية من جهة وخط داخلي من جهة ثاني‪11‬ة على أن يح‪1‬دد بق‪11‬رار من ال‪11‬وزير ينش‪11‬ر في‬
‫الجريدة الرسمية‪ .‬إال أن‪11‬ه لم يص‪11‬در ال‪11‬وزير المختص م‪11‬ا يح‪11‬دد ه‪11‬ذا النط‪11‬اق في األردن‬
‫على الرغم مما لهذا التحديد من أهمية كبرى في فرض الرقابة الجمركية‪.‬‬
‫قانون الجمارك السوري‪ :‬في المادة األولى من الباب األول‪ ،‬وعنوانه‪ 1‬تعاريف ومب‪11‬ادئ‬
‫عام‪11‬ة تح‪11‬دث في الفق‪11‬رة الثالث‪11‬ة من الم‪11‬ادة األولى عن ال‪11‬دائرة الجمركي‪11‬ة تحت عن‪11‬وان‬
‫الح‪11‬رم الجم‪11‬ركي‪ ،‬وفي الفق‪11‬رة الثامن‪11‬ة عن الخ‪11‬ط الجم‪11‬ركي‪ ،‬وفي الفق‪11‬رة التاس‪11‬عة عن‬
‫النطاق الجمركي‪ .‬وهو نطاق الرقابة البري والبحري وقد نصت على أن‪:‬‬
‫‪    -1‬النطاق الجمركي البحري‪ :‬يشمل األراضي‪ 1‬الواقع‪11‬ة م‪11‬ا بين الش‪11‬واطئ ونهاي‪11‬ة ح‪11‬دود‬
‫المياه اإلقليمية‪.‬‬
‫‪    -2‬النطاق الجمركي البري يشمل األراضي الواقعة م‪11‬ا بين الش‪11‬واطئ أو الح‪11‬دود البري‪11‬ة‬
‫من جه‪11‬ة وخ‪11‬ط داخلي من جه‪11‬ة ثاني‪11‬ة تح‪11‬دد بق‪11‬رار من ال‪11‬وزير المختص وينش‪11‬ر في‬
‫الجري‪11‬دة الرس‪11‬مية‪ ،‬وحيث أن س‪11‬وريا منض‪11‬مة إلى اتفاقي‪11‬ة ج‪11‬نيف س‪11‬نة ‪ 1958‬فق‪11‬د تم‬
‫تحديد المياه اإلقليمية باثني عش‪11‬ر ميالً وه‪11‬و عكس الق‪11‬انون الجم‪11‬ركي المص‪11‬ري ال‪11‬ذي‬
‫حدد نطاق الرقابة الجمركية بثماني‪11‬ة عش‪11‬ر ميالً بحري‪1‬ا ً وك‪11‬ذلك نهج الق‪11‬انون الجم‪11‬ركي‬
‫العراقي الذي حدد نطاق الرقابة البحري ب‪11‬اثني عش‪11‬ر ميالً في الم‪11‬ادة األولى من الب‪11‬اب‬
‫األول‪.‬‬
‫أما ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك اللبن‪11‬اني فلم يح‪11‬دد اإلقليم الجم‪11‬ركي‪ ،‬أو الخ‪11‬ط الجم‪11‬ركي‪ ،‬أو‬
‫نطاق الرقابة الجمركي البحري‪ ،‬أو الدائرة الجمركية‪ ،‬ولم يتعرض لهذا الموض‪11‬وع‪ 1‬في‬
‫أي مادة من مواده وهي ‪ 382‬مادة‪ ،‬وهذا عكس القانون الجم‪11‬ركي األردني والمص‪11‬ري‬
‫والسوري والعراقي وكل ما ذكره القانون اللبناني مما يمت بصلة له‪11‬ذا الموض‪11‬وع‪ ،‬م‪11‬ا‬
‫جاء في المادة السادسة من أنه تطبق في جميع المرافئ‪ .‬والمكاتب الجمركية في لبنان‬
‫القرارات‪ ،‬واألنظمة والتعريفات ذاتها‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما تقدم فإن القاعدة العامة أن حدود الس‪11‬لطة الجمركي‪11‬ة هي الح‪11‬دود‬
‫السياسية نفسها‪ .‬غير أن ذاتية الجريمة الجمركية فرض‪11‬ت الخ‪11‬روج على مب‪11‬دأ إقليمي‪11‬ة‬
‫قانون العقوبات‪ ،‬بمعنى امتداد الحدود الجمركية إلى ما بعد الحدود السياسية للدولة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من وضوح المسألة من الناحية القانونية‪ ،‬ف‪11‬إن االعتب‪11‬ارات العملي‪11‬ة‬
‫تدفع القضاء أحيانا ً إلى التوسع في حماية الدولة من خطر التهريب توسيعا ً يخرج في‪11‬ه‬
‫على كل ما تقضي به القواعد العامة‪ .‬ولمحكمة النقض الفرنسية اتجاه ص‪11‬ريح في ه‪11‬ذا‬
‫المجال‪ .‬فقد قررت أن تقدم أحد المسافرين إلى مكتب جمرك بلد مج‪11‬اور للخ‪11‬روج من‪11‬ه‪،‬‬
‫مخبئا ً في حقيبت‪11‬ه بض‪11‬اعة ممنوع‪11‬ة قص‪11‬د تهريبه‪11‬ا إلى فرنس‪11‬ا‪ .‬وض‪11‬بط من قب‪11‬ل رج‪11‬ال‬
‫الجم‪11‬رك في البل‪11‬د المج‪11‬اور‪ ،‬يش‪11‬كل ش‪11‬روعاً‪ ،‬معاقب ‪1‬ا ً علي‪11‬ه‪ ،‬في االس‪11‬تيراد تهريب ‪1‬ا ً إلى‬
‫فرنسا([‪ .)]60‬وق‪11‬د نص‪11‬ت الم‪11‬ادة ‪ 182/3‬من ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك األردني الناف‪11‬ذ على م‪11‬ا‬
‫يلي‪ :‬يجوز إجراء التحري عن التهريب والمخالفات الجمركي‪11‬ة وحج‪11‬ز البض‪11‬ائع خ‪11‬ارج‬
‫النطاقين الجمركيين البري والبحري عند متابعة البضائع المهربة ومطاردته‪11‬ا مط‪11‬اردة‬
‫متواصلة بعد أن شوهدت ضمن النطاق في وضع يستدل منه على قصد تهريبها‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثالث‬
‫االختصاص المكاني والتحري عن التهريب‬
‫اختصاص رجال الضابطة العدلية "موظفي الجمارك" مقصور على الجهات التي‬
‫ي‪111‬ؤدون فيه‪111‬ا وظ‪111‬ائفهم‪ ،‬إذ ال تت‪111‬وفر لهم ص‪111‬فة الض‪111‬بطية القض‪111‬ائية إال في دوائ‪111‬ر‬
‫اختصاصهم‪ 1‬المحلي الذي يتعين إما بمك‪11‬ان وق‪11‬وع الجريم‪11‬ة أو بالمك‪11‬ان ال‪11‬ذي يقيم في‪11‬ه‬
‫المتهم أو يض‪11‬بط في‪11‬ه‪ .‬ف‪11‬إذا ج‪11‬اوز موظ‪11‬ف الجم‪11‬ارك ه‪11‬ذه الح‪11‬دود وخ‪11‬رج عن دائ‪11‬رة‬
‫اختصاصه زالت عنه صفته وكانت إجراءاته معيبة باطلة‪ .‬غ‪11‬ير أن ه‪11‬ذا البطالن نس‪11‬بي‬
‫فيجب التمسك به أم‪11‬ام محكم‪11‬ة الموض‪11‬وع‪ .‬ويس‪11‬ري ش‪1‬رط االختص‪11‬اص أيض‪1‬ا ً بالنس‪11‬بة‬
‫للمجال النوعي‪ ،‬فإذا كان موظ‪11‬ف الجم‪11‬رك ذا اختص‪11‬اص ن‪11‬وعي مح‪11‬دد‪ ،‬تعين علي‪11‬ه أن‬
‫يلزم حدود اختصاصه‪ ،‬فال يجوز له أن يتخذ اجراء في شأن جريمة ال يختص به‪11‬ا‪ .‬أم‪11‬ا‬
‫إذا كان رجل الضابطة العدلية ذا اختصاص نوعي عام فإنه يتعين‪ 1‬عليه أن يلتزم ح‪11‬دود‬
‫اختصاصه اإلقليمي‪.‬‬
‫أم‪11‬ا إذا ك‪11‬ان موظ‪11‬ف الجم‪11‬ارك مختص ‪1‬ا ً وفق ‪1‬ا ً لمعي‪11‬ار من المع‪11‬ايير الس‪11‬ابقة ك‪11‬ان‬
‫اإلجراء الذي وقع منه صحيحا ً حتى ولو تم في دائرة أخرى بعيدة عن دائرة اختصاصه‬
‫المكاني‪ .‬إذا يكفي أن يكون مختصا ً بمباشرة اإلجراءات المتعلقة بالجريم‪11‬ة ال‪11‬تي وقعت‬
‫في دائرة اختصاصه أو كان المتهم يقيم بها أو تم ضبطه بها فيمتد اختصاص‪1‬ه في ه‪1‬ذه‬
‫الحالة إلى جميع من اشتركوا في الواقع‪11‬ة موض‪11‬وع القض‪11‬ية الم‪11‬ذكورة أو اتص‪11‬لوا‪ 1‬به‪11‬ا‬
‫أينما كانوا‪ ،‬ويكون له الحق عند الضرورة في مباش‪11‬رة ك‪11‬ل م‪11‬ا يخول‪11‬ه ل‪11‬ه الق‪11‬انون من‬
‫إجراءات سواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين‪ 1‬بها‪.‬‬
‫ولذلك فقد قضت محكم‪11‬ة النقض المص‪11‬ري بامت‪11‬داد االختص‪11‬اص ح‪11‬تى في الحال‪11‬ة‬
‫التي لم تكن فيها اإلجراءات قد بدأت بعد في دائرة االختصاص المكاني لم‪1‬أمور الض‪11‬بط‬
‫القضائي متى دعت الضرورة إلى ذلك([‪.)]61‬‬
‫وعلى من يدفع ببطالن األجراء الذي باشره رجال الجم‪11‬ارك النع‪11‬دام اختصاص‪11‬هم‪1‬‬
‫المكاني أن يقدم الدليل على ذلك للمحكمة‪ ،‬ألن األص‪11‬ل في اإلج‪11‬راءات الص‪11‬حة‪ ،‬ب‪11‬ل وال‬
‫تلتزم المحكمة بتحري صفة الضابط الذي أجرى التفتيش لمجرد ق‪11‬ول المتهم ذل‪11‬ك دون‬
‫تقديم دليل عليه([‪.)]62‬‬
‫وقد نصت المادة ‪/179‬أ من قانون الجمارك األردني على ما يلي‪:‬‬
‫يحق لموظفي الدائرة المفوضين‪ 1‬لغايات تطبيق هذا القانون ومكافحة التهريب أن‬
‫يقوم‪11‬وا بالكش‪1‬ف على البض‪1‬ائع ووس‪11‬ائط النق‪1‬ل وتف‪1‬تيش األش‪11‬خاص وفق‪1‬ا ً ألحك‪1‬ام ه‪1‬ذا‬
‫القانون والقوانين‪ 1‬النافذة األخرى وعلى سائقي وسائط النقل أن يخضعوا لألوامر ال‪11‬تي‬
‫تعطي لهم من قبل م‪1‬وظفي ال‪11‬دائرة ورج‪1‬ال ض‪1‬ابطتها ال‪1‬ذين يح‪1‬ق لهم اس‪1‬تعمال جمي‪1‬ع‬
‫الوسائل الالزمة لتوقيف وسائط النقل عندما ال يستجيب سائقوها ألوامرهم‪.‬‬
‫وق‪1‬د نص‪1‬ت الفق‪1‬رة ج من الم‪1‬ادة ‪ 179‬من ق‪1‬انون الجم‪1‬ارك األردني على أن‪1‬ه‪ :‬يح‪1‬ق‬
‫لموظفي الدائرة المفوضين ورجال األمن العام في حالة وجود دالئل كافية بوجود م‪11‬واد‬
‫مهربة تفتيش أي بيت أو مخزن أو أي محل آخر‪ ،‬أما بيوت الس‪1‬كن فال يج‪1‬وز تفتيش‪1‬ها‬
‫إال بحضور المختار أو شاهدين وبموافقة المدعي الع‪11‬ام‪ .‬كم‪11‬ا نص‪11‬ت الم‪11‬ادة ‪/182‬أ من‬
‫قانون الجمارك األردني على ما يلي‪ :‬يج‪1‬وز اج‪1‬راء التح‪1‬ري عن الته‪1‬ريب والمخالف‪1‬ات‬
‫الجمركية وحجز البضائع كما يلي‪ -1 :‬في النطاقين الجمرك‪11‬يين ال‪11‬بري والبح‪11‬ري‪      .‬‬
‫‪ -2‬في الح‪11‬رم الجم‪11‬ركي وفي الم‪11‬رافئ والمط‪11‬ارات وبص‪11‬ورة عام‪11‬ة في جمي‪11‬ع األم‪11‬اكن‬
‫الخاضعة للرقابة الجمركية بما في ذلك المستودعات العامة والخاصة‪.‬‬
‫‪    -3‬خارج النطاقين الجمركيين البري والبحري عند متابعة البضائع المهربة ومطاردته‪11‬ا‬
‫مط‪11‬اردة متواص‪11‬لة بع‪11‬د أن ش‪11‬وهدت ض‪11‬من النط‪11‬اق في وض‪11‬ع يس‪11‬تدل من‪11‬ه على قص‪11‬د‬
‫تهريبها ويجوز لموظفي دائرة الجمارك المفوضين واستناداً إلى أحكام الم‪11‬ادة ‪/182‬ب‬
‫من قانون الجمارك األردني إلقاء القبض بال مذكرة على أي ش‪11‬خص في ح‪11‬االت الج‪11‬رم‬
‫المشهود‪.‬‬
‫وقد عرفت المادة (‪ )28‬من قانون األص‪11‬ول‪ 1‬الج‪11‬رم المش‪11‬هود بأن‪11‬ه "الج‪11‬رم ال‪11‬ذي‬
‫يشاهد حال ارتكابه أو عند االنتهاء من ارتكابه"‬
‫وأوردت حاالت الجرم المشهود وما ألحق بها على سبيل الحصر وهي‪:‬‬
‫‪   -1‬الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه‪.‬‬
‫‪   -2‬الجرم الذي يشاهد عند االنتهاء‪ 1‬من ارتكابه‪.‬‬
‫‪   -3‬الجرم الذي يقبض على فاعله بناء على صراخ الناس اثر وقوعه‪.‬‬
‫‪   -4‬الج‪1‬رم ال‪1‬ذي يقبض على فاعل‪1‬ه ومع‪11‬ه أش‪11‬ياء أو أس‪11‬لحة أو أوراق يس‪1‬تدل أن‪1‬ه فاع‪1‬ل‬
‫للجريمة خالل أربعة وعشرين ساعة من وقوع الجرم‪.‬‬
‫‪   -5‬الجرم الذي يقبض على فاعله وب‪11‬ه آث‪11‬ار أو عالم‪11‬ات تفي‪11‬د بأن‪11‬ه فاع‪11‬ل للجريم‪11‬ة خالل‬
‫أربعة وعشرين ساعة من وقوع الفعل‪.‬‬
‫‪   -6‬الجرم الذي يرتكب في داخ‪11‬ل بيت‪ ،‬إذا طلب ص‪11‬احب ال‪11‬بيت إلى الم‪11‬دعي الع‪11‬ام إج‪11‬راء‬
‫التحقيق بشأنها (مادة ‪ 42‬أصول المحاكمات الجزائية)‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن نع ّرف الجرم غير المشهود بأنه الجرم الذي ال تنطبق‪ 1‬عليه أح‪11‬د‬
‫الحاالت الستة أعاله‪.‬‬
‫ويتم تحق‪11‬ق ج‪11‬رائم الته‪11‬ريب والمخالف‪11‬ات الجمركي‪11‬ة بمحض‪11‬ر ض‪11‬بط ينظم وف‪11‬ق‬
‫األص‪11‬ول المح‪11‬ددة في ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك وينظم محض‪11‬ر الض‪11‬بط موظف‪11‬ان على األق‪11‬ل من‬
‫الجمارك أو ضابطتها أو من األجهزة الرسمية األخرى وذل‪11‬ك في اق‪11‬رب وقت ممكن من‬
‫اكتشاف المخالفة أو جريمة التهريب‪ ،‬ويجوز عند الضرورة تنظيم محض‪11‬ر الض‪11‬بط من‬
‫قبل موظف واحد‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 186‬من قانون الجمارك األردني النافذ على وجوب ذكر ما يلي‬
‫في محضر الضبط‪:‬‬
‫‪    .1‬مكان وتاريخ وساعة تنظيمه باألحرف واألرقام‪.‬‬
‫‪    .2‬أسماء منظميه وتواقيعهم ورتبهم وأعمالهم‪.‬‬
‫‪    .3‬أس‪111‬ماء المخ‪111‬الفين أو المس‪111‬ؤولين عن الته‪111‬ريب وص‪111‬فاتهم ومهنهم‪ 1‬وعن‪111‬اوينهم‬
‫التفصيلية‪ 1‬ومواطنهم المختارة كلما أمكن ذلك‪.‬‬
‫‪    .4‬البض‪11‬ائع المحج‪11‬وزة وأنواعه‪11‬ا وكمياته‪11‬ا وقيمه‪11‬ا والرس‪11‬وم والض‪11‬رائب المعرض‪11‬ة‬
‫للضياع كلما أمكن ذلك‪.‬‬
‫‪    .5‬البضائع الناجية من الحجز في حدود ما أمكن معرفته أو االستدالل عليه‪.‬‬
‫‪    .6‬تفصيل الوقائع وأقوال المخ‪11‬الفين أو المس‪11‬ؤولين عن الته‪11‬ريب وأق‪11‬وال الش‪11‬هود في‬
‫حال وجودهم‪.‬‬
‫‪    .7‬المواد القانونية التي تنطبق على المخالفة أو جريمة التهريب كلما أمكن ذلك‪.‬‬
‫‪    .8‬النص في محضر الضبط على أن‪11‬ه تلي على المخ‪11‬الفين أو المس‪11‬ؤولين عن الته‪11‬ريب‬
‫الحاضرين الذين أيدوه بتوقيعهم أو رفضوا ذلك‪.‬‬
‫‪    .9‬جميع الوقائع األخرى المفيدة‪ ،‬وحضور المخالفين أو المسؤولين عن الته‪11‬ريب عن‪11‬د‬
‫جرد البضائع أو امتناعهم عن ذلك‪.‬‬
‫ويعت‪11‬بر محض‪11‬ر الض‪11‬بط المنظم وفق‪1‬ا ً ألحك‪11‬ام الق‪11‬انون ثابت‪1‬ا ً فيم‪11‬ا يتعل‪11‬ق بالوق‪11‬ائع‬
‫المادية التي عاينها منظموه بأنفسهم ما لم يثبت العكس‪.‬‬

‫([‪ )]1‬أنظر د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬المرجع السابق في اإلجراءات‪ ،‬ص ‪.382‬‬
‫أنظ‪11‬ر د‪ .‬أمين‪11‬ة النم‪11‬ر ‪ /‬المرج‪11‬ع الس‪11‬ابق‪ ،‬ص ‪ ،30‬د‪ .‬أحم‪11‬د فتحي س‪11‬المة ‪ /‬المرج‪11‬ع‬
‫السابق‪ ،‬س ق ‪.968‬‬
‫([‪ )]2‬أنظر د‪ .‬مأمون محم‪11‬د س‪11‬المة ‪ /‬ق‪11‬انون اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة معلق‪1‬ا ً علي‪11‬ه بالفق‪11‬ه‬
‫وأحكام النقض‪ ،‬الطبع‪11‬ة األولى‪ ،1980 /‬ص ‪ ،531‬د‪ .‬محم‪11‬ود نجيب حس‪11‬ني ‪ /‬المرج‪11‬ع‬
‫السابق في اإلجراءات‪ ،‬ص ‪.387‬‬
‫([‪ )]3‬أنظر جارو ‪ /‬الجزء الثاني‪ ،‬فقرة ‪ ،556‬ص ‪.376‬‬
‫([‪ )]4‬ويالح‪11‬ظ أن نص‪11‬وص الق‪11‬انون األردني (م‪11‬ادة ‪ 5/1‬تعت‪11‬بر من الض‪11‬وابط لتحدي‪11‬د‬
‫المحكمة المختصة مكانيا ً بنظر الدعوى موطن المشتكى عليه بخالف القانون المصري‬
‫حيث يعت‪11‬د بمك‪11‬ان إقام‪11‬ة المتهم ‪ /‬وهنال‪11‬ك ف‪11‬رق بين مك‪11‬ان اإلقام‪11‬ة والم‪11‬وطن في نظ‪11‬ر‬
‫الق‪11‬انون حيث يعت‪11‬بر الم‪11‬وطن (‪ ،)Domicile‬ويقص‪11‬د ب‪11‬ه الم‪11‬وطن الق‪11‬انوني وال‪11‬ذي ال‬
‫يشترط أن يقيم المتهم فيه فعالً ولكن يتم المخاطبة القانوني‪11‬ة في‪11‬ه‪ ،‬أم‪11‬ا مح‪11‬ل اإلقام‪11‬ة (‬
‫‪ )Rasidence‬فيعت‪11‬بر المك‪11‬ان ال‪11‬ذي يقيم في‪11‬ه فعالً ومن‪11‬ه تس‪11‬تقي كاف‪11‬ة المعلوم‪11‬ات‬
‫االجتماعية وغيرها‪ ،‬ومنها يعرف سلوكه‪ ،‬لكن يستوي األم‪11‬ر فيهم‪11‬ا إذا ك‪11‬ان الش‪11‬خص‬
‫تاجراً (سواء تاجر فرد أو شريك في شركة عادية) حيث يعتبر مك‪11‬ان اإلقام‪11‬ة ك‪11‬ل مح‪11‬ل‬
‫فيه فرع لتجارته‪.‬‬
‫([‪ )]5‬أنظر د‪ .‬مأمون سالمة ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.511‬‬
‫‪   ‬وانظر د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ /‬الوسيط في اإلجراءات‪ ،‬ص ‪.973‬‬
‫([‪ )]6‬وقد س‪11‬اهمت في ح‪11‬ل ه‪11‬ذه المس‪11‬ائل ثالث نظري‪11‬ات‪ ،‬تعت‪11‬د األولى بمك‪11‬ان الس‪11‬لوك‬
‫اإلجرامي بينم‪1‬ا تعت‪11‬د الثاني‪11‬ة بمك‪1‬ان حص‪1‬ول النتيج‪1‬ة وتس‪11‬اوي الثالث‪1‬ة بمك‪11‬ان الس‪11‬لوك‬
‫ومكان النتيجة (وقد أخذ قانون اإلجراءات الفرنس‪1‬ي في الم‪1‬ادة ‪ 693‬بالس‪1‬لوك األخ‪1‬ير‪.‬‬
‫والصعوبة‪ 1‬تثور في حال تعدد المتهمين في الدعوى إذا ما ك‪11‬ان مك‪11‬ان إق‪11‬امتهم مختلف‪11‬ة‬
‫أو قبض عليهم في أماكن مختلفة‪ ،‬ولوح‪11‬دة ال‪11‬دعوى الجنائي‪11‬ة ف‪11‬إن االختص‪11‬اص ينعق‪11‬د‬
‫لسائر المتهمين صحيحا ً في المكان الذي يقيم فيه أحدهم أو يقبض عليه فيه‪.‬‬
‫انظ‪11‬ر نقض فرنس‪11‬ي‪Crim: 10 juin 1948, Bukk No 153, (              ‬‬
‫‪Crim: 18 janu 1955‬‬
‫‪Bull‬‬ ‫‪No.‬‬ ‫‪                                                              ‬‬
‫‪                                )45‬‬
‫وانظر أيضا ً‬
‫)‪(Chambon: Le Juge d’instructions. Paris 1912 P. 35 – 38‬‬
‫‪ ‬‬
‫([‪ )]7‬أنظر الدكتور محمود نجيب حسني ‪ /‬المرجع السابق في اإلجراءات‪ ،‬ص ‪.389‬‬
‫د‪ .‬محمود مصطفى ‪ /‬المرجع السابق في العقوبات القسم العام‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫ميرل وفيتو ‪ /‬الجزء الثاني‪Roger Merle Etandre vitu : Traite de triot ،‬‬
‫‪ Criminal. T. ll‬فقرة ‪ ،1339‬ص ‪.564‬‬
‫([‪ )]8‬أنظر د‪ .‬مأمون سالمة ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.546‬‬
‫([‪ )]9‬أنظر ميرل وفيتو ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬فقرة ‪ ،1340‬ص ‪.547‬‬
‫([‪ )]10‬تطبق في ذلك قواعد مماثلة للقواعد التي تعين مكان ارتكاب الجريمة من أج‪11‬ل‬
‫تحديد القانون الذي يطبق عليه‪ ،‬أنظر د‪ .‬محم‪11‬ود حس‪11‬ني ‪ /‬ص ‪ ،130‬ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات‬
‫القسم العام‪.‬‬
‫([‪ )]11‬القانون السويدي (المادة الرابعة)‪ ،‬القانون الفرنسي‪ ،‬الم‪11‬ادة ‪ / 693‬إج‪11‬راءات‬
‫الق‪11‬انون ال‪11‬نرويجي (الم‪11‬ادة الثالث‪11‬ة)‪ ،‬الق‪11‬انون السويس‪11‬ري (الم‪11‬ادة الس‪11‬ابعة) الق‪11‬انون‬
‫اليوغسالفي المادة (‪ ،)15‬القانون المص‪1‬ري (الم‪1‬ادة السادس‪1‬ة) من المش‪1‬رع‪ ،‬أنظ‪1‬ر د‪.‬‬
‫محمود مصطفى ‪ /‬عقوبات القسم العام‪ ،‬ص ‪ ،124‬حاشية ‪.1‬‬
‫([‪ )]12‬د‪ .‬محمود مصطفى ‪ /‬المرجع السابق (إجراءات)‪ ،‬ص ‪.348‬‬
‫([‪ )]13‬قرار تمييز جزاء ‪ ،90/54‬ص ‪ 754‬سنة ‪ ،1954‬ج‪ / 1‬المبادئ‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫([‪ )]14‬أنظر أحمد فتحي سرور في قانون اإلجراءات‪ ،‬طبعة ‪ ،1981‬ص ‪.674‬‬
‫([‪ )]15‬ويرجع اعتبار جريمة إصدار شيك بدون رصيد من الجرائم المركبة العتباره‪11‬ا‬
‫من جرائم االحتيال والتي‪ 1‬بدورها تعتبر جرائم مركبة‪ ،‬وهذا ه‪11‬و الس‪1‬بب في ع‪1‬دم إف‪1‬راد‬
‫نصوص خاصة بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وإحالة ذلك لق‪11‬انون العقوب‪11‬ات القس‪11‬م‬
‫الخاص باالحتيال‪ ،‬وهذا على الغالب مسلك غالبية التشريعات‪.‬‬
‫([‪ )]16‬أنظر د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،974‬حاشية رقم ‪.1‬‬
‫([‪ )]17‬أنظر د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬الوسيط‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫([‪ )]18‬نقض مصري ‪/20‬يونيه‪ /‬سنة ‪1966‬م‪ ،‬األحكام‪ ،‬س‪ ،17‬رقم ‪ ،156‬ص ‪.827‬‬
‫([‪ )]19‬نقض ‪/24‬ابري‪11‬ل‪ /‬س‪11‬نة ‪ ،1956‬مجموع‪11‬ة أحك‪11‬ام محكم‪11‬ة النقض‪ ،‬س‪ ،17‬رقم‬
‫‪ ،182‬ص ‪.654‬‬
‫([‪ )]20‬انظر ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬ص ‪.391‬‬
‫([‪ )]21‬أنظر ‪ /‬المرجع السابق‪ ،‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬ص ‪ ،391‬حاشية رقم ‪.2‬‬
‫‪   ‬فيدل وماجنول ‪ /‬ج‪ ،2‬ص ‪ ،1123‬هامش (‪ ،)1‬ج‪ ،2‬ص ‪.1123‬‬
‫([‪ )]22‬جارو ج‪ ،2‬رقم ‪ ،561‬ص ‪.382‬‬
‫([‪ )]23‬انظر تمييز جزاء أردني رقم ‪ /52/52‬ص ‪ 246‬سنة ‪.1953‬‬
‫([‪ )]24‬المبادئ القانونية‪ 1‬لمحكمة التمييز‪ ،‬ج‪ 2‬سنة ‪ ،1982‬ص ‪.945‬‬
‫([‪ )]25‬تمييز جزاء ‪ /119/54‬ص ‪ 877‬سنة ‪ 1995‬المبادئ ‪ /‬ج‪ / 1‬ص ‪.46‬‬
‫([‪ )]26‬المادة الثانية والثالثة من قانون العقوبات المصرية‪.‬‬
‫([‪ )]27‬المادة الثامنة من قانون العقوبات األردني جاء فيها‪:‬‬
‫" ال يسري القانون األردني ‪ .1‬على الجرائم المقترف‪11‬ة في اإلقليم الج‪11‬وي األردني على‬
‫متن مركبة هوائية أجنبية إذا لم تتجاوز الجريمة شفير المركب‪11‬ة على أن الج‪11‬رائم ال‪11‬تي‬
‫تتجاوز شفير المركبة الهوائية‪ 1‬تخضع للقانون األردني إذا كان الفاعل أو المجني علي‪11‬ه‬
‫أردني‪11‬ا ً أو إذا حطت المركب‪11‬ة الهوائي‪11‬ة في المملك‪11‬ة األردني‪11‬ة الهاش‪11‬مية بع‪11‬د اق‪11‬تراف‬
‫الجريم‪11‬ة‪ .2 .‬على الج‪11‬رائم المقترف‪11‬ة في البح‪11‬ر اإلقليمي األردني أو في الم‪11‬دى الج‪11‬وي‬
‫الذي يغطيه على متن س‪11‬فينة أو مركب‪11‬ة هوائي‪11‬ة أجنبي‪11‬ة إذا لم تتج‪11‬اوز الجريم‪11‬ة ش‪11‬فير‬
‫السفينة أو المركبة الهوائية‪.‬‬
‫([‪ )]28‬هذا هو مسلك التشريع المصري حيث يأخذ بسلطة الدولة بتوقي‪11‬ع العق‪11‬اب على‬
‫الشريك إذا ما وقع الفعل األصلي فيها أي أن الشريك تبعي لألصل‪.‬‬
‫([‪ )4 + ]29‬د‪ .‬محم‪11‬ود مص‪11‬طفى ‪ /‬المرج‪11‬ع الس‪11‬ابق‪ ،‬حاش‪11‬ية ‪ ،3‬ص ‪ ،124‬ق‪11‬انون‬
‫العقوبات القسم العام‪ ،‬حاشية رقم ‪ ،3‬وقد تناولت هذه المادة ‪ 82‬وما بع‪11‬دها من ق‪11‬انون‬
‫العقوبات السوداني‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫([‪ )]31‬أخ‪11‬ذ النص‪11‬ان عن الفق‪11‬رة األولى والثاني‪11‬ة من الم‪11‬ادة السادس‪11‬ة ‪ /‬عن الق‪11‬انون‬
‫اإليطالي حاشية ‪ 1‬ص ‪ 126‬من قانون العقوبات القسم العام ‪ /‬د‪ .‬محمود مصطفى‪.‬‬
‫([‪ )]32‬هذا ولو نفذت الجريمة كلها في الخارج كما ه‪11‬و الش‪1‬أن في الج‪1‬رائم المس‪11‬تمرة‬
‫فمن يحوز مادة مخدرة في الخارج ثم يدخل بها مصر تسري عليه المادة األولى‪.‬‬
‫([‪ )]33‬ولو لم يكن مقيماً‪ ،‬أي لو كان عابر سبيل‪ ،‬بل ولو كان الجاني أجنبيا ً مقيما ً في‬
‫الخ‪111‬ارج ولم يس‪111‬بق ل‪111‬ه الحض‪111‬ور إلى مص‪111‬ر وتأخ‪111‬ذ ب‪111‬ه محكم‪111‬ة النقض المص‪111‬رية‬
‫‪/22‬فبراير‪ ،1974/‬م ‪ .10‬ن‪ /‬س‪ ،25‬ص ‪ 196‬في حال‪11‬ة تح‪11‬ريض الفتي‪11‬ات المص‪11‬ريات‬
‫على مغادرة مصر لالشتغال بالدعارة‪.‬‬
‫([‪ )]34‬انظر المادة ‪ 40‬من قانون المدني المص‪11‬ري ‪ /‬وانظ‪11‬ر د‪ .‬عب‪11‬د المنعم الب‪11‬دراوي‬
‫الم‪11‬دخل للعل‪11‬وم القانوني‪11‬ة طبع‪11‬ة ‪ 1962‬رقم ‪ 385‬ص ‪ / 593‬وانظ‪11‬ر د‪ .‬محم‪11‬ود نجيب‬
‫حسني‪ ،‬اإلجراءات ص ‪ / 392‬وانظر شرح القانون المدني ج‪ 1‬لس‪11‬نة ‪ 1978‬رقم ‪536‬‬
‫ص ‪ 216‬لكل من بالنيول‪ 1،‬وربيبر وبوالنجيه‪.‬‬
‫([‪ ) ]35‬حيث هو المكان الوحيد الذي يحدد االختصاص إذا كان المكان الذي ارتكب فيه‬
‫الجريمة والمكان ال‪11‬ذي قبض على المتهم في‪11‬ه مجه‪11‬ولين أو كان‪11‬ا غ‪11‬ير مح‪11‬ددين‪ ،‬انظ‪11‬ر‬
‫ميرل وفيتو ‪ /‬الجزء الثاني ‪ /‬فقرة ‪      1339‬ص ‪.546‬‬
‫([‪ )]36‬نقض مص‪11‬ري ‪/20‬م‪11‬ارس س‪11‬نة ‪ 1939‬مجموع‪11‬ة القواع‪11‬د القانوني‪11‬ة ج‪ 4‬رقم‬
‫‪ 362‬ص ‪.496‬‬
‫([‪ )]37‬جارو ج‪ ، 2‬فقرة ‪ 563‬ص ‪.385‬‬
‫([‪ )]38‬أنظر د‪ .‬محمود نجيب حس‪11‬ني ‪ /‬المرج‪11‬ع الس‪11‬ابق اإلج‪11‬راءات ص ‪ 393‬حاش‪11‬ية‬
‫رقم ‪.1‬‬
‫([‪ )]39‬أنظ‪11‬ر في ه‪11‬ذا الص‪11‬دد المراج‪11‬ع التالي‪11‬ة‪ :‬د‪ .‬أحم‪11‬د فتحي س‪11‬رور ‪ /‬الوس‪11‬يط في‬
‫اإلجراءات ص ‪ 976‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬مأمون سالمة ‪ /‬الوسيط ‪ /‬ص ‪ 532‬وما بعدها‪.‬‬
‫([‪ )]40‬وقضت محكم‪11‬ة النقض المص‪11‬رية ب‪11‬أن لم‪11‬أمور الض‪11‬بط القض‪11‬ائي‪ 1‬أن ينف‪11‬ذ أم‪11‬ر‬
‫النيابة العامة بتفتيش الشخص أينما وجد‪ ،‬ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعا ً‬
‫في دائرة اختصاص من أصدر األمر ومن نفذه (نقض ‪ 19‬ابريل سنة ‪ )1979‬مجموعة‬
‫األحكام سنة ‪ 30‬رقم ‪ 103‬ص ‪.490‬‬
‫([‪ )]41‬كما وقضت بأنه إذا كان إذن التفتيش قد صدر لم‪11‬أمور الض‪11‬بط لتف‪11‬تيش المتهم‬
‫ولما كمن له هرب المتهم فتتبع‪1‬ه خ‪1‬ارج دائ‪1‬رة اختصاص‪1‬ه ففتش‪1‬ه هن‪1‬اك ف‪1‬إن التف‪1‬تيش‬
‫يك‪11‬ون ص‪11‬حيحاً‪ ،‬ألن الع‪11‬برة هي بب‪11‬دء التحقي‪11‬ق في االختص‪11‬اص المحلي الس‪11‬ليم أم‪11‬ام‬
‫اإلجراءات الالحقة فإن‪11‬ه يج‪11‬وز مباش‪11‬رتها خ‪11‬ارج ه‪11‬ذا االختص‪11‬اص طالم‪11‬ا أن متطلب‪11‬ات‬
‫التحقيق اقتضت ذلك ‪ /‬نقض ‪ /6‬ابريل‪ /‬سنة ‪ / 1964‬م ‪ 10‬س‪ 15‬رقم ‪ 47‬ص ‪.237‬‬
‫([‪ )]42‬هذه األماكن الثالث قسائم ال تفاضل بينهما ‪ /‬نقض مصري ‪/9‬مايو‪/‬سنة ‪1966‬‬
‫مجموعة األحكام س ‪ ،17‬رقم ‪ 103‬ص ‪/10 1،578‬مارس س‪11‬نة ‪ 1974‬س‪ 25‬رقم ‪55‬‬
‫ص ‪.242‬‬
‫([‪ )]43‬أنظر في هذا الصدد الدكتور محمود مصطفى ‪ /‬الوسيط في اإلجراءات ‪.323 /‬‬
‫‪   ‬وانظر د‪ .‬مأمون سالمة ‪ /‬ص ‪.536‬‬
‫وقد تناولت المادة ‪ 108‬من قانون المرافعات المصري بعدم تعل‪11‬ق االختص‪11‬اص المحلي‬
‫للنظام العام ‪ /‬كما جاء في أحكام محكمة النقض المصرية "إن مسألة عدم االختص‪11‬اص‬
‫بالنسبة لمحل وقوع الجريمة ليس‪11‬ت من مس‪11‬ائل ع‪11‬دم االختص‪11‬اص المطل‪11‬ق ال‪11‬تي تمس‬
‫بالنظام العام وتزري بنظام المحاكم بل من قبي‪11‬ل ع‪11‬دم االختص‪11‬اص النس‪11‬بي ال‪11‬ذي يمكن‬
‫الخصوم التنازل عنه ‪ /‬نقض مصري ‪/18/‬ابري‪11‬ل س‪11‬نة ‪ 1986‬القض‪11‬اء س‪ 3‬ص ‪،283‬‬
‫نقض مصري ‪/28‬ديسمبر سنة ‪ 1907‬المجموعة الرسمية س‪ 9‬رقم ‪ 42‬ص‪.97‬‬
‫يستند أصحاب هذا الرأي لنص المادة ‪ 332‬من قانون اإلجراءات المصري فقد اعتبرت‬
‫من ضمن أحوال البطالن المتعلق بالنظام العام عدم والية المحكمة في الدعوى‪ ،‬وع‪11‬دم‬
‫اختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروض‪11‬ة عليه‪11‬ا (االختص‪11‬اص الن‪11‬وعي)‪ ،‬ولكنه‪11‬ا‬
‫أخ‪11‬رجت من النص ع‪11‬دم االختص‪11‬اص المحلي‪ ،‬أض‪11‬ف إلى ذل‪11‬ك أن الم‪11‬ذكرة التفس‪11‬يرية‬
‫أوردت من بين أحوال البطالن (النسبي) المتعلق‪ 1‬بمص‪11‬لحة الخص‪11‬وم ع‪11‬دم االختص‪11‬اص‬
‫المحلي ‪ /‬أنظر د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ /‬الوسيط ‪ /‬ص ‪ ،969‬حاشية ‪ / 3‬د‪ .‬رؤوف عبي‪11‬د‬
‫قانون اإلجراءات ‪ /‬طبعة ‪ ،1982‬ص ‪.479‬‬
‫([‪ )]44‬انظر د‪ .‬مأمون سالمة ‪ /‬الوسيط في اإلجراءات ‪ /‬ص ‪.936‬‬
‫([‪ )]45‬أنظر د‪ .‬مأمون س‪11‬المة ‪ /‬الوس‪11‬يط في اإلج‪11‬راءات ص ‪ 537‬حيث ج‪11‬اء التمس‪11‬ك‬
‫بعدم االختصاص المكاني قبل إبداء أي‪11‬ة طلب‪11‬ات موض‪11‬وعية‪ ،‬ويج‪11‬وز للخص‪11‬وم التن‪11‬ازل‬
‫عنه أيضا ً نقض إيط‪11‬الي ‪ /13/‬ين‪11‬اير ‪ ،1955‬العدال‪11‬ة الجنائي‪11‬ة ‪/1955‬ج‪181 1،3/246‬‬
‫حاشية رقم ‪ 1‬د‪ .‬مأمون سالمة المرجع السابق ‪.536 /‬‬
‫([‪ /60/67 )]46‬ص ‪ 512‬سنة ‪ 798 / 68 / 237 ،1976‬سنة ‪.1980‬‬
‫([‪ / 66 / 259 )]47‬ص ‪ 88‬سنة ‪ 27/71/388 ،1970‬سنة ‪.1971‬‬
‫([‪ )]48‬انظر د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬إجراءات المراجع السابق ‪ 378 /‬والحواشي ‪3‬‬
‫‪.5،4،‬‬
‫([‪ )]49‬د‪ .‬عوض محمد‪ :‬جرائم المخدرات والتهريب الجمركي والنقدي ‪ /‬االس‪11‬كندرية‪،‬‬
‫‪ – 1966‬ص ‪.32‬‬
‫‪([50]) SIR ALFERD ZIMMERN, “INTERNATIONAL LAW‬‬
‫‪AND SOCIAL CONCIOUSNESS CROTIUS SOCIETY‬‬
‫‪TRANSACTIONS”. LONDON, 1935, VOL. XXPP. 25. 44.‬‬
‫‪([51]) J. R. V. PRESCOTT “GEGRAPHY OF FRONTIERS‬‬
‫‪AND BOUNDARIES”. LONDON – 1967 – PP. 33-35.‬‬
‫([‪LAWRENCEW TOWLE “INTERNATIONAL TRADE )]52‬‬
‫‪.AND COMMERCAIL, POLICY” OP. CIT. P. 242‬‬
‫([‪ )]53‬نقض جنائي‪ ،6/12/1961 :‬مجموعة المبادئ القانونية ال‪11‬تي قررته‪11‬ا محكم‪11‬ة‬
‫النقض في عشر سنوات‪ ،1966 1 :1956 ،‬لألستاذ ‪ /‬أحمد سمير أبو ش‪11‬ادي‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬
‫‪ ،782‬رقم ‪.1748‬‬
‫([‪ )]54‬األس‪11‬تاذ ‪ /‬عب‪11‬د ال‪11‬رحمن فري‪11‬د‪ ،‬النظم واالص‪11‬الحات الجمركي‪11‬ة‪ ،‬االس‪11‬كندرية‪،‬‬
‫‪ ،1953‬ص ‪.245‬‬
‫([‪ )]55‬األستاذ ‪ /‬عب‪11‬د ال‪11‬رحمن فهمي‪ :‬الته‪11‬ريب الجم‪11‬ركي – الق‪11‬اهرة – ‪ – 1975‬ص‬
‫‪.244‬‬
‫‪   ‬الدكتور‪ :‬رزق هللا أنطاكي‪ :‬التش‪11‬ريع الجم‪11‬ركي‪ ،‬مطبع‪11‬ة الجامع‪11‬ة الس‪11‬ورية ‪ /‬دمش‪11‬ق‬
‫‪ ،1951‬ص ‪.174‬‬
‫([‪ )]56‬د‪ .‬ع‪111‬وض محم‪111‬د – ج‪111‬رائم المخ‪111‬درات والته‪111‬ريب الجم‪111‬ركي والنق‪111‬دي ‪/‬‬
‫االسكندرية‪ 1966 ،‬ص ‪ ،165‬د‪ .‬احمد فتحي سرور "محاضرات في ق‪11‬انون العقوب‪11‬ات‬
‫الض‪111‬ريبي"‪ ،‬الق‪111‬اهرة س‪111‬نة ‪ 1919‬ص ‪ ،89‬األس‪111‬تاذ مص‪111‬طفى رض‪111‬وان‪ :‬الته‪111‬ريب‬
‫الجمركي والنقدي فقها ً وقضاءاً‪ ،‬القاهرة‪ – 1971 ،‬ص‪.22‬‬
‫([‪ )]57‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى‪" :‬القسم العام" القاهرة سنة ‪ – 1974‬ص‪.13‬‬
‫([‪ )]58‬نقض جنائي ‪ 13‬مايو سنة ‪" 1958‬مجموعة أحكام النقض" س‪ ،9‬رقم ‪،135‬‬
‫ص ‪ 505‬و ‪ 6‬مارس سنة ‪ ،1972‬س ‪ ،22‬رقم ‪ ،70‬ص ‪.301‬‬
‫([‪ )]59‬د‪ .‬كمال حمدي‪ :‬جريمة التهريب الجمركي ‪ /‬االسكندرية ‪ ،1997 /‬ص‪. 14‬‬
‫([‪ )]60‬د‪ .‬شوقي رامز شعبان ‪ /‬النظرية العامة للجريمة الجمركي‪11‬ة ‪ /‬ب‪11‬يروت ‪ /‬الطبع‪11‬ة‬
‫األولى ‪ /‬سنة ‪ 1976‬صفحة ‪.165‬‬
‫([‪ )]61‬انظر نقض مصري ‪/25‬نوفمبر س‪11‬نة ‪ 1973‬مجموع‪11‬ة أحك‪11‬ام محكم‪11‬ة النقض‪،‬‬
‫س‪ ،24‬رقم ‪ ،219‬ص ‪.1053‬‬
‫([‪ )]62‬انظر نقض مصري ‪/11‬مايو سنة ‪ 1959‬مجموعة أحك‪11‬ام محكم‪11‬ة النقض‪ ،‬س‬
‫‪ ،10‬رقم ‪ ،13‬ص ‪.517‬‬
‫‪/31   ‬اكتوبر سنة ‪ ،1960‬س‪ 11‬رقم ‪ 141‬ص ‪.742‬‬
‫القسم الرابع‬
‫صور الرقابة الجمركية وأسبابها‬
‫من المعروف أن المهمة األساسية لدائرة الجمارك هي استيفاء الرسوم‬
‫الجمركية والرسوم والضرائب األخرى المفروضة على البضائع المستوردة أو‬
‫المصدرة‪ ،‬والحيلولة دون إدخال البضائع أو إخراجها‪ ،‬بصورة مخالفة ألحكام القانون‬
‫كما أنها‪ ،‬بسبب انتشار موظفيها على كافة حدود الدولة‪ ،‬تلعب دوراً رياديا ً في مؤازرة‬
‫المصالح األخرى للدولة‪.‬‬
‫ولذلك كان من الطبيعي‪ 1‬أن تفرض الرقابة الجمركية لتحقيق هذه األغراض‬
‫والرقابة ظاهرة قديمة ترتبط نشأتها بنشأة المجتمعات المنظمة فقد عرفتها الدول‬
‫جميعا ً ولجأت إليها في مختلف العصور‪" .‬فقد فرض المصريون القدماء رقابة جمركية‬
‫لمنع تسرب النبيذ والمنسوجات إلى مصر‪ .‬كما عرفت روما‪ ،‬منذ القدم‪ ،‬نظام الرقابة‬
‫الجمركية‪ ،‬وكان من أهدافها مكافحة تسلل العبيد عبر الحدود دون أداء الرسوم‬
‫الجمركية"([‪.)]1‬‬
‫وللرقابة الجمركية في العصر الحديث ثالثة صور هي‪:‬‬
‫الصورة األولى ‪ :‬المنع المطلق أي منع استيراد البضاعة‪ ،‬أو منع تصديرها منعا ً‬
‫مطلقاً‪.‬‬
‫رة الثانية ‪ :‬صورة التقييد‪ .‬أي تعليق دخول البضائع للبالد‪ ،‬أو إخراجها منها بعد استيفاء‬
‫إجراءات معينة‪ ،‬تنظمها قوانين االستيراد والتصدير‪.‬‬
‫رة الثالثة ‪ :‬إخضاع البضائع لضريبة جمركية تجبى عند دخولها البالد‪ ،‬أو لدى خروجها‬
‫منها‪.‬‬
‫والرقابة الجمركية لها أسباب عديدة يمكن تناولها في مطلبين‪:‬‬
‫ا‪ ‬المطلب األول‬
‫األسباب االقتصادية لفرض الرقابة الجمركية‬
‫أصبحت الرسوم الجمركية‪ ،‬في عصرنا الحاضر أكثر األدوات فاعلية في حماية‬
‫االقتصاد الوطني واإلسهام في تقويم ميزان المدفوعات([‪ )]2‬واألسباب االقتصادية‬
‫لفرض الرقابة الجمركية كثيرة نذكر منها أهمها وهي‪ ،‬حماية المنتجات الوطنية‪،‬‬
‫وجذاب رؤوس األموال األجنبية‪ ،‬وتخفيض أسعار البضائع والمواد الخام‪ .‬وعالج‬
‫الخلل في الميزان التجاري‪ ،‬وميزان المدفوعات‪ ،‬وحل المشكالت االقتصادية‪ .‬وسوف‬
‫نتناولها‪ 1‬بإيجاز وعلى النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬أوالً ‪ /‬حماية السوق المحلي‬
‫فالرقابة على الواردات تمكنها من حماية السوق الوطنية والصناعات الوطنية‪،‬‬
‫من منافسة السلع األجنبية المستوردة‪ ،‬وهي للصناعة الوطنية أداة تشجيع وحماية‪،‬‬
‫فالمواد األولية‪ ،‬واآلالت المعدة لالستعمال الصناعي معفاة أساسا ً من الرسوم‬
‫الجمركية أو خاضعة لرسوم مخفضة‪ .‬أما المصنوعات األجنبية‪ 1‬المماثلة للمنتجات‬
‫الوطنية‪ ،‬فمثـقلة‪ ،‬غالبا ً بالفرق بين كلفة اإلنتاج‪ 1‬األجنبي وكلفة اإلنتاج‪ 1‬المحلي‪ ،‬مما‬
‫يتيح للصناعات الوطنية الوقوف بوجه المنافسة األجنبية‪ .‬كما أنها تميز بين الدول‬
‫وبعضها في االستيراد والتصدير من حيث نوع البضاعة المستوردة‪ ،‬تشجيعا ً للمنتجات‬
‫المحلية‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق رفض االستيراد أو الترخيص باالستيراد وفقا ً إلجراءات‬
‫معينة‪ .‬وكذلك قد تفرض الدولة رسوم جمركية مرتفعة على البضائع التي تقصد الدولة‬
‫إبعادها عن أسواقها المحلية([‪.)]3‬‬
‫‪ ‬ثانيا ً ‪ /‬زيادة االستثمارات األجنبية‬
‫الرقابة الجمركية تستخدم في جذب رؤوس األموال‪ 1‬األجنبية لالستثمار داخل‬
‫البالد‪ ،‬فحينما يتعلق األمر بإقامة مشروعات استثمارية داخل البالد يتم إعفاء المعدات‬
‫واآلالت والميكنة من الجمارك‪ ،‬أو قد تتخذ الرقابة الجمركية قراراً بمنع استيراد السلع‬
‫التي تنتجها المشروعات االستثمارية‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا ً ‪ /‬المحافظة على ثروة البالد‬
‫يعتبر رأس المال من أهم العوامل‪ 1‬المؤثرة في التنمية‪ ،‬فقد لعب رأس المال دوراً‬
‫هاما ً في رفع إنتاجية الدول المتقدمة([‪ .)]4‬ولعله من أهم أسباب فرض الرقابة‬
‫الجمركية هو المحافظة على ثروة البالد الموجودة بها‪ ،‬ومنع تهريبها إلى الخارج‪،‬‬
‫للمحافظة على استثمارها داخل البالد‪.‬‬
‫وإن ما تسعى الدول إلى مكافحة تهريبه وذلك بالرقابة الجمركية الحازمة‪ ،‬هو‬
‫الطوابع البريدية‪ ،‬واألعمال الفنية ذات القيمة الكبيرة والذهب والمشغوالت الذهبية‪،‬‬
‫واألحجار الكريمة مثل الماس‪ ،‬والياقوت‪ ،‬والزمرد‪ ،‬والزبرجد‪ ،‬والفيروز‪ ،‬والآللئ‬
‫والتحف األثرية‪ ،‬وذلك ألن جميع هذه األشياء يسهل بيعها في جميع دول العالم‪ ،‬لذلك‬
‫نجد أن خروج هذه األشياء يعد من أهم وسائل تهريب رؤوس األموال‪ 1‬ومن الصعب‬
‫ضبطها لخفة وزنها وسهولة إخفائها عن رجال الجمارك([‪.)]5‬‬
‫‪ ‬رابعا ً ‪ /‬انخفاض أسعار المنتجات المحلية‬
‫يقول األستاذ ‪ Claude Tigier‬أستاذ االقتصاد بجامعة منشيستر أن سعر‬
‫الصرف داخل الدول وكذلك تخفيض الضرائب الجمركية على المواد األولية‪ ،‬يؤدي إلى‬
‫انخفاض أسعار البيع الداخلة فيها المواد األولية المستوردة([‪ .)]6‬إذاً الرقابة‬
‫الجمركية تحقق تخفيض أسعار البضائع‪ ،‬وذلك حينما ال تفرض رسوم جمركية على‬
‫المواد الخام الواردة من الخارج وذلك يؤدي إلى تخفيض أسعار السلع التي تدخل فيها‬
‫هذه المواد الخام‪.‬‬
‫‪ ‬خامسا ً ‪ /‬زيادة الصادرات وانخفاض الواردات‬
‫قام األستاذ ‪ J. E. Meade‬أستاذ التجارة بجامعة لندن بتقسيم ميزان‬
‫المدفوعات لدى الدول إلى ثالثة أنواع وهي الميزان الفائض‪ ،‬والقاصر‪ ،‬والمتوازن‬
‫فيقول إن ميزان المدفوعات لدولة ما به فائض عندما تكون حصيلة صادراتها إلى‬
‫باقي دول العالم تزيد عن جملة وارداتها‪ ،‬وبالعكس يكون ميزان مدفوعاتها قاصراً إذا‬
‫أصبحت حصيلة صادراتها أقل من وارداتها‪ ،‬ويقال أن ميزان مدفوعاتها متوازن إذا‬
‫تساوت حصيلة صادراتها مع حصيلة وارداتها للعمليات التجارية مع الدول األخرى([‬
‫‪.)]7‬‬
‫وعليه فإن جميع الدول تحاول زيادة صادراتها عن وارداتها حتى تعالج ميزان‬
‫المدفوعات‪ ،‬وذلك من خالل تسهيالت جمركية‪ ،‬وإلغاء الرسوم على الصادرات‪،‬‬
‫وزيادة الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى على الواردات وذلك للتقليل من‬
‫الواردات وبالتالي التأثير على ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫‪ ‬سادسا ً ‪ /‬فرض رسوم جمركية عالية على الكماليات وانخفاضها على الميكنة‬
‫اإلنتاجية‬
‫يقول ‪ W. ARTHER LEWIS‬أستاذ االقتصاد بجامعة مانشيستر أن سلوك‬
‫الحكومة يلعب دوراً هاما ً في تشجيع أو تثبيط األنشطة االقتصادية‪ ،‬وكذلك كلما زادت‬
‫التسهيالت زاد النشاط التجاري([‪.)]8‬‬
‫‪“The behavior of governments plays as important a role in‬‬
‫”‪stimulating or discouraging economic activity‬‬
‫إن الرقابة الجمركية تحل المشاكل االقتصادية للدولة وذلك بالحد من استيراد‬
‫السلع الكمالية‪ ،‬وفرض رسوم جمركية منخفضة على سلع اإلنتاج واآلالت والميكنة‪1‬‬
‫الالزمة لمشروعات التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬سابعا ً ‪ /‬المحافظة على توازن الميزان التجاري‬
‫تلجأ الدول إلى الرقابـة الجمركيـة لتقليـل العجـز فـي الميـزان التجـاري "‬
‫‪ "Balance of trade deficit‬وبالتالي تقليـل العجـز فـي ميـزان‬
‫المدفـوعـات‪ "Balance of payments"                          ‬وذلك ألن الميزان‬
‫التجاري جزء من ميزان المدفوعات([‪ )]9‬والميزان التجاري هو‪ :‬الفرق بين‬
‫الصادرات والواردات فقط‪ ،‬وهناك فرق بين الميزان التجاري وميزان المدفوعات وقد‬
‫عرف البعض ميزان المدفوعات بأنه عبارة عن حركة تعامل الدولة مع الخارج([‪)]10‬‬
‫أما أسلوب الرقابة الجمركية الذي يتبع لزيادة الصادرات عن الواردات‪ ،‬هو بتشجيع‬
‫سياسة التصدير للخارج بإلغاء الرسوم الجمركية على الصادرات مثالً أو إعطاء‬
‫إعانات تصدير "‪ "  Export Subsidies‬للمصدريــن حتى يكــون للصادرات‬
‫القدرة على المنافسة في األسواق‪ 1‬الخارجية‪ ،‬فاليابان مثالً تعطي للمصدرين ‪%10‬‬
‫عند قيامهم بالتصدير للخارج‪ ،‬وإسرائيل تعطي ‪ %10‬إعانة تصدير للمصدرين إذا‬
‫كان التصدير إلى أي بلد من بالد العالم‪ ،‬وتزيد هذه النسبة إلى ‪ %20‬إذا كان التصدير‬
‫ألحد الدول العربية وذلك بهدف غزو أسواق الدول العربية([‪ )]11‬وإذا تم اتباع‬
‫السياسات التصديرية مع إلغاء الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى على‬
‫الصادرات‪ ،‬سوف تتمكن الدولة من فتح أسواق‪ 1‬عالمية ‪ World Market‬للمنتجات‬
‫الوطنية وبالتالي يحدث توازن في الميزان التجاري‪.‬‬
‫‪ ‬ثامنا ً ‪ /‬زيادة الصفقات المتكافئة مع دول العالم الخارجي‪:‬‬
‫إن أسلوب الصفقات المتكافئة بالنسبة لدول العالم النامـي هو أحـد األساليـب‬
‫الناجحة لتنشيط تجارتها الخارجية([‪ )]12‬حيث تستخدم الرقابة الجمركية في زيادة‬
‫الصفقات المتكافئة مع دول العالم الخارجي‪ ،‬وذلك من خالل التسهيالت الجمركية‬
‫وعدم فرض رسوم جمركية على السلع المصدرة وبالتالي السلع المستوردة ضمن‬
‫صفقة متكافئة‪ ،‬وذلك من خالل تصدير سلع وطنية واالستيراد بقيمتها سلعا ً وآالت‬
‫أجنبية‪ .‬وبذلك يخف الضغط على الميزان التجاري‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‬
‫أسباب متنوعة‪ 1‬لفرض الرقابة الجمركية‬
‫‪   -1‬األسباب السياسية والعسكرية‬
‫قد تستهدف‪  ‬الدولة بالرقابة الجمركية أغراضا ً سياسية أو عسكرية‪ ،‬كأن تحظر‬
‫استيراد البضائع من بالد معينة‪ ،‬بقصد الضغط على هذه البالد‪ ،‬كما فعل الحلفاء في‬
‫الحربين العالميتين األولى والثانية‪ 1،‬وخير مثال على ذلك يتمثل‪ 1‬في ضغط الدول العربية‬
‫على إسرائيل‪ ،‬بمنع االستيراد منها أو التصدير إليها بل أن بعض الدول العربية‪ ،‬يضع‬
‫الشركات األجنبية التي تتعامل مع إسرائيل في القائمة السوداء بمنع االستيراد منها‬
‫وحظر دخول منتجاتها‪.‬‬
‫‪   -2‬أسباب دولية لفرض الرقابة الجمركية‬
‫استناداً إلى أحكام القانون الدولي فقد تفرض الرقابة الجمركية ألسباب دولية معينة‬
‫فال يتم التصدير إليها أو االستيراد منها بنا ًء على اتفاقية دولية صادرة عن األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬كما وحدث بالنسبة لقرارات األمم المتحدة الخاصة باالستيراد والتصدير مع‬
‫جنوب إفريقيا‪ ،‬وكذلك قرار األمم المتحدة بالنسبة إلى الجمهورية الليبية أثر رفضها‬
‫تسليم المتهمين في حادث إسقاط الطائرة األمريكية وكما وجدت في إلغاء للتجارة‬
‫الدولية مع الجمهورية العراقية‪.‬‬
‫‪   -3‬األسباب النقدية لفرض الرقابة الجمركية‬
‫عندما‪  ‬يخشى على العملة الوطنية من التدهور بالنسبة للنقد األجنبي‪ ،‬تعمد الدولة‪،‬‬
‫وفي مثل هذه الحالة‪ ،‬إلى منع استيراد بعض أصناف البضائع‪ ،‬وخاصة الكماليات‬
‫منها‪ ،‬وتفرض الرقابة الجمركية لكي تعيد إلى الميزان التجاري توازنه‪ .‬كما أنها‬
‫تفرض هذه الرقابة من قبيل الحفاظ على مواردها المحدودة‪ ،‬فتقيم العراقيل بوجه‬
‫تصدير سلع معينة حتى تظل في متناول الشعب وكذلك من السياسات النقدية التي‬
‫تشغلها الرقابة الجمركية‪ ،‬عدم خروج أو دخول النقد الوطني إلى البالد إال في حدود‬
‫معينة‪.‬‬
‫‪   -4‬األسباب الصحية لفرض الرقابة الجمركية‬
‫قد‪  ‬تكون الغاية من الرقابة الجمركية صحية كما هو الشأن في حظر استيراد المواد‬
‫المخدرة والسموم والسلع الفاسدة واألفيون‪ 1‬والكوكايين‪ ،‬والحشيش ومشتقاته‬
‫والهيروين‪ 1‬أو حضر استيراد بعض المنتجات من بالد معينة بها أوبئة أو أمراض‬
‫معدية‪ ،‬أو حضر االستيراد لمنتجات غذائية أو حيواني من بعض البلدان حماية للصحة‬
‫العامة‪ .‬ويرى المفتش العام للبوليس بشمال ويلز أنه توجد عصابات دولية لتجارة‬
‫المواد المخدرة والهيروين‪ ،‬وتقوم بعض الدول بزراعتها لزيادة مواردها المالية‪،‬‬
‫ولذلك البد من تعاون جميع أجهزة البحث الجنائي في العالم بتبادل المعلومات للقضاء‬
‫على هذه العصابات([‪.)]13‬‬
‫‪   -5‬األسباب االجتماعية لفرض الرقابة الجمركية‬
‫إن االعتبارات االجتماعية قد تكون السبب في الرقابة الجمركية فقد تفرض الدولة‬
‫الرقابة الجمركية لتحقيق أهداف اجتماعية‪ ،‬كما هو الحال عندما تفرض الدولة‬
‫ضرائب باهظة على استيراد الخمور أو أوراق اللعب تنفيراً أو تقييداً للناس من اإلقبال‬
‫عليها‪ ،‬ومنع استيراد السلع االستفزازية في بعض الدول الفقيرة حتى ال يحدث حد‬
‫طبقي‪.‬‬
‫‪   -6‬األسباب األخالقية بفرض الرقابة الجمركية‬
‫قد‪  ‬تكون الغاية من الرقابة الجمركية خلقية أو تربوية كما هو الحال في منع‬
‫استيراد المطبوعات والصور المخلة باآلداب العامة‪ .‬ومثل منع استيراد األفالم التي‬
‫تخدش الحياء العام واألخالقيات المتعارف عليها‪ ،‬أو حضر استيراد األدوات‬
‫والمصنوعات‪ 1‬المتعلقة بالجنس وذلك للحفاظ على الثوابت األخالقية التي تربى عليها‬
‫المجتمع ويعتبرها أحد أركانه األساسية‪.‬‬
‫‪   -7‬األسباب األمنية لفرض الرقابة الجمركية‬
‫العتبارات تتعلق بأمن البالد مثل خطر استيراد المفرقعات‪ ،‬واألسلحة النارية‬
‫واألدوات المتفجرة تفرض الرقابة الجمركية وذلك كنوع من وسائل منع الجريمة حيث‬
‫أن الوقاية من الجريمة خير من ضبطها بعد ارتكابها‪.‬‬
‫يتضح مما تقدم أن الرقابة الجمركية ال تحقق غرضا ً في ذاته بل إنها في لحظة واحدة‬
‫قد تحقق أكثر من غرض‪ ،‬وتحقق عدة غايات‪ .‬تحقق مصالح عليا للدولة أما اإلخالل‬
‫بالقواعد والنظم الجمركية‪ ،‬هو كما أسلفنا عامل من العوامل الهدامة لالقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬لما ينتج عنه من ضياع لحقوق الخزانة العامة وهدر المال العام وقضاء على‬
‫الصناعات الوطنية ويسبب انتهاكاً‪ 1‬للنظام العام ويفسد األخالق لكل ذلك ومن أجل ردع‬
‫جريمة التهريب الجمركي وحماية المصالح الوطنية العليا نجد أن المش ّرع خرج عن‬
‫القواعد العامة لالختصاص المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫([‪ )]1‬األستاذ فارس الخوري "موجز في علم المالية"‪ ،‬دمشق‪ ،1937 ،‬ص ‪.35‬‬
‫([‪ )]2‬األس‪11‬تاذ يوس‪11‬ف الغري‪11‬اني "الض‪11‬رائب الجمركي‪11‬ة واإلنتاجي‪11‬ة علم‪11‬ا ً وعمالً"‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1965 ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪([3]) W. FISHER (THE PURCHASING POWER OF‬‬
‫‪MONEY) OXFORD UNIVERSITY – LONDON 1979. P. 19.‬‬
‫)]‪([4‬‬ ‫‪ADAMANTIONS‬‬ ‫‪PEPLASIS‬‬ ‫‪(ECONOMIC‬‬
‫)‪DEVELOPMENT ANALYSIS AND CASE STUDIES‬‬
‫‪HAPPER BROTHERS – NEW YORK. 1981, P. 90.‬‬
‫‪([5]) E NEUIN “CAPITAL FUNDS IN UNDERDEVELOPED‬‬
‫‪COUNTRIES” LONDON MACMILLAN. 1969, P. 70.‬‬
‫‪([6]) CLAUDE TIGIER (BASIC AND BOOK OF FOREIGN‬‬
‫‪EXCHANGE) LONDON. 1983, P. 38.‬‬
‫)‪([7]) J. E.MEADE (THE BALANCE OF PAYMENTS‬‬
‫‪OXFORD UNIVERSITY PRESS. LONDON 1981, P. 3.‬‬
‫‪([8]) W. ARTHUR LEWIS (THE THEORY OF ECONOMIC‬‬
‫‪GROWTH), LONDON 1961.‬‬
‫‪([9]) J. E. MEADE (THE BALANCE OF PAYMENTS) OP.‬‬
‫‪CIT. P. 53.‬‬
‫([‪ )]10‬د‪ .‬م‪11‬دحت حس‪11‬نين‪ :‬النظم االقتص‪11‬ادية‪ ،‬الجامع‪11‬ة األمريكي‪11‬ة‪ ،‬الق‪11‬اهرة‪ ،‬س‪11‬نة‬
‫‪ ،1987‬ص ‪.151‬‬
‫‪([11]) H. F. EVITT (EXCHANGE AND TRADE CONTROL‬‬
‫‪IN THEORY AND PRACTICE) FOURTH EDITION‬‬
‫‪LONDON 1982 – P.3.‬‬
‫)‪([12]) D. C. PWER (INFLATION AND GROWTH‬‬
‫‪MACMILLAN LONDON, 1968, P. 85.‬‬
‫‪([13]) E. B. BAKER (POLICE PROMOTION HANDBOOKS‬‬
‫‪CRIMINAL LAW) LONDON 1980, P, 230.‬‬
‫القسم الخامس‬
‫الدعوى الجنائية في جريمة التهريب الجمركي‬
‫التع ّرف على اإلجراءات الجنائية في جريمة التهريب الجمركي يقتضي دراسة‬
‫الدعوى الجنائية في هذه الجريمة إذ لها سمات خاصة إذ تخضع الدعوى الجنائية في‬
‫جريمة التهريب الجمركي لكافة األحكام المقررة للدعوى الجنائية في قانون أصول‬
‫المحاكمات الجزائية‪ ،‬فيما عدا أن قانون الجمارك يوجب تقديم طلب لتحريك الدعوى‬
‫الجنائية‪ ،‬كما يقرر التصالح والذي يرتب وجوبا ً في حالة تحققه انقضاء الدعوى‬
‫الجنائية ووقف جميع اآلثار المترتبة على الدعوى‪.‬‬
‫المبحث األول‪1‬‬
‫وجوب تقديم طلب لتحريك الدعوى الجنائية‬
‫نصت المادة ‪ 211‬من قانون الجمارك رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1998‬وتعديالته على ما‬
‫يلي‪" :‬ال يجوز تحريك الدعوى في جرائم التهريب إال بنا ًء على طلب خطي من المدير‬
‫أو من يقوم مقامه عند غيابه" والحكمة التي دعت المشرع إلى إيراد قيد يحد من حق‬
‫النيابة العامة الجمركية في تحريك الدعوى الجنائية تقديره أن هذه الجرائم ذات طبيعة‬
‫خاصة التصالها بمصالح الدولة الجوهرية حيث تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك‬
‫ورفع الدعوى من عدمه تكون فيها دائرة الجمارك ممثلة بمديرها العام أقدر على‬
‫إجراء تلك الموازنة ومن ثم ترك لها تقدير ذلك معلقا ً أمر تحريك الدعوى ورفعها على‬
‫طلب كتابي يصدر عن مدير عام الجمارك‪.‬‬
‫وقد استقر االجتهاد القضائي الجمركي في العديد من القرارات على أنه ال يجوز‬
‫تحريك الدعوى العامة في جرائم التهريب الجمركي إال بنا ًء على طلب خطي من مدير‬
‫عام الجمارك‪ ،‬ويعتبر هذا األمر من مسائل النظام العام ومن األمور األولية التي ينبغي‪1‬‬
‫التحقق منها لصحة المالحقة والسير بإجراءات الدعوى وإن عدم إبراز مثل هذا‬
‫الطلب ينطوي على قصور في اإلجراءات‪.‬‬
‫‪   -1‬تعريف الطلب والحكمة منه‬
‫الطلب هو إجراء يصدر من اإلدارة الجمركية معبراً عن إرادتها في تحريك الدعوى‬
‫الجنائية ضد المتهم عن جريمة التهريب الجمركي وقد وصفته محكمة النقض‬
‫المصرية بأنه عمل إداري "‪ "Acte Administratif‬ال يعتمد على إرادة فرد بقدر‬
‫ما يعتمد على مبادئ موضوعة في الدولة‪.‬‬
‫والهدف من هذا القيد هو تحقيق المصلحة العامة فجريمة التهريب الجمركي تحمي‬
‫مصلحة جمركية مالية كانت أو اقتصادية ونحو ذلك ومن ثم فقد كان من الطبيعي ترك‬
‫مالءمة اتخاذ اإلجراءات الجنائية أو عدم اتخاذها إلى تقدير دائرة الجمارك بوصفها‬
‫الجهة الوحيدة التي تستطيع تنفيذ السياسة الجمركية التي تنتهجها الدولة‪ ،‬وبالتالي‬
‫حماية المصالح الجمركية التي تستهدف تلك السياسة‪.‬‬
‫‪   -2‬صالحية الطلب لرفع الدعوى في جريمة التهريب الجمركي‬
‫تشترط في الطلب شروط معينة لكي يحدث أثره في إطالق حرية النيابة في تحريك‬
‫الدعوى الجنائية وهي ستة شروط على النحو التالي‪:‬‬
‫‪                         .1          ‬أن يكون الطلب مكتوبا ً ويشترط القانون في الطلب أن‬
‫يكون مكتوبا ً والحكمة من ذلك أن يكون موقعا ً من صاحب السلطة في إصداره‪.‬‬
‫ويرى الدكتور‪  ‬أحمد فتحي سرور أنه ال يكفي مجرد إرسال خطاب يفيد أن الطلب‬
‫قد أرسل ممن يملكه ما لم يكن المحرر المثبت لهذا موجوداً بالفعل وموقعا ً عليه ممن‬
‫أصده‪ ،‬وعلى ذلك ال تكفي اإلشارة التليفونية ما لم تعتمد على أصل مكتوب يحمل‬
‫توقيع المختص بإصدار الطلب([‪.)]1‬‬
‫يتضح مما تقدم عدم جواز الطلب الشفوي بل يتعين أن يكون مكتوباً‪ ،‬فال يصح‬
‫أن يكون شفوياً‪.‬‬
‫بينما يرى البعض خالفا ً لرأي غالبية الفقهاء أنه يجوز في الطلب أن يكون‬
‫شفويا ً ويكفي حينئذ أن يكتب في صدر المحضر أنه قد فتح بنا ًء على طلب الجهة التي‬
‫يشترط المشرع تقديمها للطلب ألن هذا القيد إنما وضع لحكمة خاصة هي جعل تقدير‬
‫أهمية الجريمة لتلك الجهة ومتى ثبت من أي طريق كان أنها طلبت السير في‬
‫اإلجراءات الجنائية فإنه ال معنى أن تتعطل الدعوى بحجة أن الطلب لم يكن كتابياً([‬
‫‪.)]2‬‬
‫إال أن الباحث يتفق مع غالبية الفقهاء حيث نصت المادة ‪ 211‬من قانون‬
‫الجمارك األردني النافذ صراحة على أنه ال يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية‬
‫إجراءات في جريمة التهريب إال بطلب خطي وال اجتهاد في مورد النص‪.‬‬
‫‪        .2         ‬الطلب يجب أن يكون مؤرخا ً وأن يتضمن‪ 1‬بيانا ً كافيا ً عن الواقعة التي‬
‫تقوم بها الجريمة‪.‬‬
‫والدفع‪  ‬بخلو الطلب من تاريخ صدوره هو من الدفوع التي يختلط فيها القانون‬
‫بالواقع مما يستلزم تحقيقا ً موضوعياً‪ ،‬ومن ثم ال تجوز إثارته ألول مرة أمام محكمة‬
‫النقض([‪.)]3‬‬
‫‪        .3         ‬يجب أن يكون الطلب قد بوشر بمعرفة الشخص الذي حدده القانون لهذا‬
‫الغرض‪ ،‬وأي مباشرة للطلب من غير هذا الشخص أو من ينيبه عندما يسمح القانون‬
‫بذلك ال يترتب عليها أي أثر قانوني‪ .‬فعندما يصدر ممن يملكه قانونا ً حق للنيابة العامة‬
‫اتخاذ إجراءاته‪ ،‬ويجب أن يتضمن الطلب توقيع الموظف المختص وذلك ألن التوقيع‬
‫إجراء جوهري الزم إلثبات صدور الطلب عنه وإلضفاء الصفة الرسمية على الطلب‬
‫كون الورقة غير الموقعة من الموظف المختص تفقد صفتها كورقة رسمية وتقع‬
‫باطلة‪ .‬ويجب أن يذكر بالطلب تاريخ تحريره لبيان أي إجراءات من إجراءات التحقيق‬
‫التي قد تكون اتخذت في وقت الحق على تقديم الطلب‪.‬‬
‫‪ ‬وكما أشرنا يشترط لصحة الطلب أن يقدم من الشخص الذي منحه القانون هذا‬
‫الحق‪ ،‬وهو في قانون الجمارك األردني "مدير عام دائرة الجمارك أو من ينيبه" طبقا ً‬
‫ألحكام المادة ‪ 211‬وهو كذلك مدير عام الجمارك أو من ينيبه طبقا ً ألحكام المادة ‪124‬‬
‫من قانون الجمارك المصري‪ ،‬وطبقا ً للمادة ‪ 124‬مكرراً هو وزير المالية أو من ينيبه‪1.‬‬
‫ويقول الدكتور محمد فؤاد مهنا أن عبارة "أو من ينيبه" التي وردت في قانون‬
‫الجمارك ال تعدو أن تكون مجرد تفويض في االختصاص مؤداه أن يعهد صاحب‬
‫االختصاص إلى غيره ببعض االختصاصات يمارسها عنه([‪.)]4‬‬
‫وقد استقر االجتهاد القضائي بأنه يجوز لمدير عام الجمارك تفويض غيره في‬
‫تقديم الطلب ويتعين‪ 1‬على الحكم أن يبين قيام هذا التفويض حيث أن الحكمة من ذلك‬
‫تكمن في تمكين المحكمة المختصة من التأكد من صفة مقدم الطلب والتفويض الصادر‬
‫إليه ولذلك يتعين على الحكم أن يبين‪ 1‬تلك الصفة ألنه من البيانات الجوهرية التي يجب‬
‫أن يتضمنها الحكم التصاله بسالمة تحريك الدعوى الجنائية‪ ،‬ومن ثم يترتب على‬
‫إغفالة بطالن الحكم حيث أن ثبوت صدور هذا الطلب في األوراق ال يغني عن النص‬
‫عليه في الحكم([‪.)]5‬‬
‫ويرى الدكتور أحمد فتحي سرور أن تقديم الطلب ممن أناط بهم القانون مهمة‬
‫تقديمه يقوم مقامه تقديم الطلب ممن سمح القانون بإنابته في تقديمه‪ .‬ويكفي بذلك‬
‫اإلنابة العامة وال تشترط اإلنابة بمناسبة كل جريمة‪ .‬وإذا صدر الطلب من شخص غير‬
‫مختص باصدراه وقع باطالً([‪.)]6‬‬
‫ويقول الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي أنه ال يجوز لمن فوض في تقديم الطلب‬
‫أن يفوض غيره بل يجب أن يباشر هذا الحق بنفسه ألن تفويض االختصاصات‬
‫المفوضة غير جائز([‪.)]7‬‬
‫‪        .4         ‬يجب أن يكون الطلب معبراً بوضوح عن إرادة الجهة في تحريك ورفع‬
‫الدعوى الجنائية وإال فقد قيمته القانونية فمثالً إذا انصبت االرادة على التحقيق فقط‬
‫دون رفع الدعوى‪ ،‬فإن هذا التحديد يفقد الطلب قيمته القانونية وعليه فإن الطلب يجب‬
‫أن يكون‪ :‬أ‪ -‬صريحا ً في رفع الدعوى الجنائية عن جريمة التهريب الجمركي‪ .‬ب‪ -‬باتا ً‬
‫فال يصح تعليقه على شرط وإال يكون باطالً حتى لو تحقق الشرط فيما بعد‪.‬‬
‫‪        .5         ‬يجب أن يكون الطلب متضمنا ً االتهام بوقائع معينة‪ ،‬وال يلزم أن تكون‬
‫الوقائع موصوفة بالوصف القانوني الصحيح‪ ،‬فالعبرة بالوصف للنيابة العامة تحت‬
‫رقابة المحكمة الجمركية‪ ،‬ومن ثم يكفي أن تكون الوقائع الواردة بالطلب حاملة بين‬
‫طياتها عناصر جريمة جمركية يستلزم فيها المشرع طلبا ً لتحريك الدعوى فيها‪.‬‬
‫‪        .6         ‬يلزم أن يكون المتهم محدداً تحديداً نافيا ً للجهالة في طلب تحريك‬
‫الدعوى‪ ،‬وقد حدث خالف بين الفقهاء في هذا الشرط‪ :‬فمثالً يرى البعض أنه ال يلزم‬
‫تحديد اسم المتهم أو شخصيته في الطلب([‪ )]8‬ويرى البعض اآلخر أنه إن لم يعين‬
‫المتهم في الدعوى واكتفى بمجرد الواقعة كان ذلك مجرد بالغ وليس طلباً([‪.)]9‬‬
‫‪   -3‬الطلب في حالة تعدد المتهمين‬
‫وهنا يثور التساؤل التالي‪ :‬في حالة تعدد المتهمين‪ 1‬في جريمة التهريب الجمركي‪.‬‬
‫فهل تقديم الطلب ضد واحد منهم يجعل النيابة‪ 1‬العامة الجمركية في حل من مباشرة‬
‫الدعوى في مواجهة اآلخرين؟ ولإلجابة على هذا السؤال ثار خالف بين الفقهاء حول‬
‫هذا الموضوع فالبعض يرى ضرورة تقديم طلب مستقل بالنسبة لكل واحد من‬
‫المتهمين([‪ )]10‬والبعض اآلخر يرى عكس ذلك بأن تقديم طلب ضد أحد المتهمين‬
‫يجيز للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية ضد الباقين‪ ،‬وحجتهم في ذلك أن حكمة‬
‫التشريع في التسوية بين المتهمين في جريمة التهريب أنه ال اعتبار لشخص المتهم‬
‫وإنما العبرة بطبيعة المصلحة محل االعتداء‪.‬‬
‫‪   -4‬التنازل عن الطلب‬
‫التنازل عن الطلب "عبارة عن إسقاط الحق بإرادة صاحبه وحدها دون توقف على‬
‫إرادة المتهم"‪.‬‬
‫وقد أجازت المادة ‪ 214‬من قانون الجمارك األردني النافذ إسقاط الدعوى عند‬
‫إجراء المصالحة عليها وهذا يعني‪ 1‬أن لمقدم الطلب أن يتنازل عنه في أي وقت إلى أن‬
‫يصدر في الدعوى حكما ً بدائيا ً وليس حكما ً نهائيا ً كما هو الحال بقانون الجمارك‬
‫المصري هو الحكم البات الذي استنفذ كافة طرق الطعن العادية بما في ذلك الطعن‬
‫بالنقض "التمييز"‪.‬‬
‫إن واقع الحال يشير إلى أن التصالح قبل صدور حكم بدائي وحده الذي يمكن النظر‬
‫إليه أنه تنازل (بعوض) عن الطلب‪ .‬أما بعد الحكم البدائي فال يتصور اعتباره كذلك وقد‬
‫انقضت الدعوى العمومية بالفصل فيها أمام محكمة الجمارك البدائية‪ ،‬ولم يعد هنالك‬
‫محل للتنازل عن الطلب الذي استنفذ غرضه بصدور الحكم البدائي‪1.‬‬
‫وعلى كل األحوال فإنه كما يخضع تقديم الطلب لتقدير مصلحة دائرة الجمارك وفقا ً‬
‫لما تقتضيه المصلحة العامة فإن التنازل عن الطلب هو اآلخر متروك لتقديرها وفقا ً‬
‫لظروف كل دعوى‪ .‬ويتعين‪ 1‬في التنازل عن الطلب كما هو الحال في تقديمه أن يكون‬
‫مكتوبا ً ومع ذلك فإن الباحث يرى جواز التنازل عن الطلب شفاهة – صراحة أو ضمنا ً‬
‫ألن القانون لم يشترط الكتابة للتنازل عن الطلب‪.‬‬
‫‪   -5‬أثر عدم تقديم الطلب‪.‬‬
‫إذا قامت النيابة العامة الجمركية برفع الدعوى الجنائية قبل صدور الطلب بذلك من‬
‫قبل مدير عام الجمارك أو من ينيبه فيكون إجراء النيابة باطالً بطالنا ً مطلقا ً كونه كما‬
‫أسلفنا متعلق بالنظام العام والتصاله بشرط أصيل يجب اتخاذه وال يصححه طلب الحق‬
‫وعلى محكمة الموضوع أن تقضي به من تلقاء نفسها‪ ،‬ويكون حكم المحكمة في هذه‬
‫الحالة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير األوضاع المقررة في القانون حيث يمتنع‬
‫عليها التعرض لموضوعها‪1.‬‬
‫وذات الحكم يترتب إذا صدر الطلب ممن لم يسبغ القانون عليه صفة في تقديمه‪ ،‬أي‬
‫انتفت صفة مصدر الطلب‪ ،‬إذ ال يرتب القانون على مثل هذا الطلب أي أثر‪.‬‬
‫ميعاد تقديم الطلب‬
‫يبقى حق مدير عام الجمارك أو من ينيبه في تقديم الطلب قائما ً حتى تسقط‬
‫الدعوى الجنائية بمضي المدة حيث نصت المادة ‪/247‬أ على ما يلي "تسقط دعوى‬
‫الحق العام في الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في هذا القانون بمضي ثالث‬
‫سنوات من تاريخ وقوع الفعل إذا لم تجر مالحقة بشأنها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪1‬‬
‫التصالح في جريمة التهريب الجمركي‬
‫األصل في الدعوى العمومية أنها تنقضي وفقا ً للقواعد العامة المقررة في قانون‬
‫أصول المحاكمات المدنية‪ ،‬وذلك بأحد األسباب العامة التي نص عليها وهي الوفاة‬
‫ومضي المدة (التقادم) والعفو عن الجريمة وليس من بينها لتصالح‪ ،‬وذلك لتعلقها‬
‫بالنظام العام‪ .‬ولكن على العكس من ذلك فقد أجاز القانون الجمركي انقضاء الدعوى‬
‫العمومية في جريمة التهريب الجمركي بالتصالح إذ تنص المادة ‪ 212‬من قانون‬
‫الجمارك األردني رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1998‬على ما يلي "للوزير أو من يفوضه عقد‬
‫التسوية الصلحية في جرائم التهريب أو ما في حكمه سواء قبل إقامة الدعوى أو خالل‬
‫النظر فيها وقبل صدور الحكم البدائي وذلك مع جميع المسؤولين عن التهريب أو‬
‫بعضهم عن كامل الجرم وضمن الشروط الواردة في عقد المصالحة" وتنص المادة‬
‫‪ 214‬من قانون الجمارك على أن الدعوى الجنائية تسقط عند إجراء المصالحة عليها‪.‬‬
‫ويعد التصالح بمثابة نزول من الهيئة‪ 1‬االجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية‬
‫مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح‪.‬‬
‫والتصالح في كل األحوال ليس حقا ً للمتهم بل هو أمر جوازي متروك تقديره‬
‫لمدير عام الجمارك‪.‬‬
‫وقد ع ّرف البعض التصالح بأنه "إجراء يؤديه المتهم في الدعوى الجنائية بدفع‬
‫مبلغ معين إلى خزانة الدولة كي يتمكن من عدم رفع الدعوى ضده"([‪.)]11‬‬
‫إال أن الصلح مع المتهم مقابل التنازل عن سلطة العقاب نظام يدعو إلى الشك في‬
‫سالمته‪ ،‬ذلك أن مظهره يومي أن المتهم يستطيع أن يدفع مقابالً لوقوفه موقف‬
‫االتهام‪ .‬فهذا النظام ال يحقق المساواة بين الناس‪ ،‬إذ يستطيع األثرياء دفع ثمن‬
‫حريتهم وال يكون للفقراء من وسيلة من تجنب ألم العقوبة‪ .‬وهو ال يكفل احترام الناس‬
‫للقوانين االقتصادية‪ ،‬فإن الردع الخاص يقتضي أن يقف المتهم علنا ً في موقف االتهام‬
‫وأن يصدر ضده حكم في صحيفة السوابق‪ ،‬والردع العام ال يتحقق إذا انقضت الدعوى‬
‫باتفاق يتم بعيداً عن بصر الجمهور وسمعته وللجمهور كل العذر إذن إذا تكون لديه‬
‫عقيدة بأن الجرائم االقتصادية التي تنتهي على هذا الوجه ليست من الجرائم الخطيرة‬
‫التي يجدر تجنبها‪.‬‬
‫أوالً‪ :    ‬شروط التصالح الجمركي‬
‫إن عقد المصالحة هو ‪:‬عقد يحسم به الفريقان النزاع القائم بينهما أو يمنعان‬
‫حصوله بالتساهل المتبادل وقد نصت المادة ‪ 647‬من القانون المدني األردني لسنة‬
‫‪ 1976‬على أن الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي‪.‬‬
‫ولكي يقوم التصالح الجمركي صحيحا ً منتجا ً إلثارة بين اإلدارة الجمركية‬
‫والمتهم‪ ،‬فإنه ينبغي‪ 1‬أن يتوفر فيه شرطان‪ :‬أحدهما‪ :‬اتفاق طرفي التصالح "الجمارك‬
‫والمتهم"‪ .‬وثانيهما‪ :‬سداد مبلغ التصالح الذي حدده القانون‪.‬‬
‫‪   -1‬اتفاق طرفي التصالح‬
‫يشترط لقيام التصالح قيام رضاء متبادل بين المتهم واإلدارة الجمركية‪ ،‬إذ يتعين أن‬
‫يتفق الطرفان وقد استقر االجتهاد القضائي‪ 1‬المصري أنه ال يكفي أن تكون الطاعنة‬
‫أبدت الرغبة في التصالح مع مصلحة الجمارك أثناء التحقيق وطوال فترة المحاكمة‬
‫فال بد من تمامه وقد استقر االجتهاد القضائي‪ 1‬األردني على أنه ال يعتبر طلب‬
‫المصالحة الذي لم يستوفي البيانات األساسية ولم يتم اعتماده من قبل دائرة الجمارك‬
‫ملزما ً للمستأنف وجاء في قرار آخر أنه يستبعد طلب المصالحة إذا لم يوقعه المستأنف‬
‫عليه مختاراً وما لم يتم قبول المصالحة من دائرة الجمارك‪.‬‬
‫وهو بذلك ليس حقا ً ألي منهما فال تملك اإلدارة أن تفرضه على المتهم بقرار منها‪،‬‬
‫كما أنها غير ملتزمة بقبوله إذا طلبه المتهم ولها قبوله أو رفضه وفقا ً لما تقتضيه‪1‬‬
‫مصلحة كل منهما‪.‬‬
‫ويرى بعض الفقهاء أنه يجب أن يكون الشخص الذي يباشر الصلح نيابة عن‬
‫اإلدارة الجمركية موظفا ً يشغل وظيفة عامة بطريقة مشروعة ويباشر في ذلك سلطة‬
‫فعلية خولها له القانون أو فوض في مباشرتها من سلطة ذات اختصاص‪ ،‬ويترتب‬
‫على ذلك أن العمل الذي يقوم به شخص لم يعين في الوظيفة أو تجاوز سلطته ال‬
‫يترتب عليه أي آثار ملزمة لإلدارة([‪.)]12‬‬
‫ونظراً ألهمية الصلح وما يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ‬
‫العقوبة فإن المشرع يسند االختصاص في مباشرته لشخص معين بمقتضى القوانين‬
‫واللوائح التي منحته هذا الحق وقد منح قانون الجمارك األردني هذا الحق لوزير‬
‫المالية أو من يفوضه‪ .‬وفي جميع األحوال فإنه يتعين اتفاق كل من المتهم واإلدارة‬
‫الجمركية على إجراء التصالح وقد استقر االجتهاد القضائي المصري على أن مجرد‬
‫عرض الصلح دون أن يصادف ذلك قبوالً من مدير عام الجمارك ال يرتب األثر الذي‬
‫قدره القانون‪.‬‬
‫‪   -2‬أداء مقابل التصالح‬
‫يتعين‪ 1‬إلتمام التصالح الجمركي أن يقوم المتهم بأداء المبلغ الذي تم التصالح عليه‬
‫بينه وبين اإلدارة الجمركية‪ .‬فقد حددت المادة ‪ 213‬من قانون الجمارك األردني النافذ‬
‫مبلغ التعويض حيث نصت على أنه للوزير أو من يفوضه عند عقد التسوية الصلحية‬
‫االستعاضة عن الجزاءات والغرامات الجمركية المنصوص عليها في المادة ‪ 206‬من‬
‫هذا القانون بما يلي‪:‬‬
‫‪    .1‬غرامة جمركية ال تقل عن ‪ %50‬من الحد األدنى للتعويض المدني‪.‬‬
‫‪    .2‬مصادرة البضائع الممنوعة المعينة والبضائع الممنوع استيرادها أو تصديرها‪.‬‬
‫‪    .3‬يجوز أن يتضمن عقد التسوية الصلحية إعادة البضاعة المحجوزة واستيفاء‬
‫الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى المتوجبة عن البضائع المسموح‬
‫استيرادها أو تصديرها أو البضائع المحصور استيرادها شريطة موافقة جهة الحصر‪.‬‬
‫‪    .4‬يجوز أن يتضمن عقد التسوية الصلحية إعادة وسائط النقل والمواد التي استخدمت‬
‫في التهريب لقاء غرامة ال تقل عن ‪ %20‬من قيمة البضاعة المهربة وال تزيد على‬
‫‪ %50‬من قيمة واسطة النقل‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :    ‬نتائج عقد التسوية‬
‫‪   -1‬انقضاء الدعوى العمومية إذا كان لم يحكم فيها بعد وتقوم دائرة الجمارك ممثلة‬
‫بمديرها العام أو من يفوضه بإخطار النيابة العامة الجمركية إليقاف السير في الدعوى‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫‪   -2‬رد المضبوطات إلى صاحبها بعد دفع الرسوم والتعويض المستحقين عنها ولكن‬
‫يجب أن نالحظ أن رد المضبوطات أمر جوازي وليس وجوبيا ً فيشترط أال تكون من‬
‫السلع الممنوعة‪ ،‬فليس كل السلع مما يجوز رده‪ ،‬كما يجوز رد وسائط النقل وأدوات‬
‫التهريب‪.‬‬
‫‪   -3‬رغم انتهاء القضية بالصلح فإن الواقعة تقيد سابقة جمركية ضد المتهم‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :    ‬مزايا نظام التصالح وعيوبه‪1‬‬
‫من مزايا نظام التصالح تقليل المنازعات الضريبية وتفادي التقاضي ومشاكله‬
‫والحصول على حقوق الخزانة العامة بالطرق الودية ولكن يعاب على هذا النظام أنه‬
‫يشجع على عدم احترام القوانين الضريبية ويؤدي إلى مخالفتها طالما أن هناك مجال‬
‫للصلح‪ .‬كما أنه يتعارض مع مبدأ المساواة أمام القانون ألن المهرب الغني يستطيع‬
‫دفع ثمن الصلح أي التعويض بينما يعجز على ذلك المهرب الفقير الذي قد تدفعه‬
‫الحاجة إلى التهريب ال الجشع أو الطمع‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :   ‬ميعاد التصالح الجمركي‬
‫األصل أن االتفاق على التصالح جائز في أي وقت‪ ،‬فال يلزم لذلك وقت معين‬
‫سواء قبل رفع الدعوى أو أثناء نظرها أو حتى بعد صدور الحكم فيها([‪ )]13‬إال أن‬
‫التشريعات الجمركية اختلفت في الميعاد الذي يجوز الصلح فيه فبعض التشريعات‬
‫الجمركية تشترط أن يكون الصلح قبل الحكم النهائي في الدعوى الجنائية مثل تشريع‬
‫الجمارك السوري في المادة ‪ 204‬التي تنص على "أنه يجوز الصلح قبل الدعوى أو‬
‫خالل النظر فيها أو بعد صدور الحكم البدائي وقبل اكتساب الحكم الدرجة القطعية"‪.‬‬
‫وبعض التشريعات الجمركية تجيز التصالح في أي وقت قبل وبعد الحكم في‬
‫الدعوى الجنائية فال يتقيد الطرفين بمواعيد معينة للصلح إذ تجيز هذه التشريعات‬
‫الصلح بعد ارتكاب الجريمة وحتى بعد الحكم النهائي في الدعوى الجنائية‪.‬‬
‫وبعض التشريعات الجمركية تنص على جواز الصلح قبل إحالة الدعوى الجنائية‬
‫إلى المحكمة أو قبل بدء المحاكمة ولكن المشرع األردني في المادة ‪ 212‬من قانون‬
‫الجمارك األردني رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1998‬وتعديالته أجاز الصلح قبل صدور الحكم البدائي‬
‫وعند وجود أسباب مبررة‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬العود والصلح الجمركي‬
‫يرى بعض الفقهاء بجواز الصلح في الجرائم االقتصادية مع حرمان مرتكب هذه‬
‫الجرائم من االنتفاع بنظام الصلح إذا كان قد أدين بجرائم اقتصادية سابقة([‪.)]14‬‬
‫بينما يرى البعض اآلخر منهم جواز التصالح في حالة العود وذلك لزيادة الموارد‬
‫المالية للدولة([‪ )]15‬والقانون الجمركي األردني لم يمنع التصالح في حالة العود‪.‬‬
‫ويرى بعض الفقهاء أن زيادة الموارد المالية للدولة تكون أكبر في حالة عدم‬
‫ارتكاب الجرائم التي تضر بالمصالح االقتصادية للدولة‪ ،‬وال ينبغي أن تكون زيادة‬
‫الموارد المالية للدولة نتيجة ارتكاب جرائم تهريب إذ أن هذه الجرائم تؤثر على النظام‬
‫االقتصادي للدولة‪.‬‬
‫ويتفق‪ 1‬الباحث مع جمهور الفقهاء الذين يرون أنه طالما أن المتهم مصر على‬
‫اإلضرار بمصالح الدولة االقتصادية بالعود الرتكاب الجريمة يجب أن ال يستفيد من‬
‫نظام الصلح ويجب أن ترفع ضده الدعوى الجنائية حتى تكون رادعا ً له ولتحقيق ذلك‬
‫يجب تعديل المادة ‪ 212‬من قانون الجمارك بحيث تنص على عدم جواز التصالح في‬
‫حالة العود‪.‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫النيابة العامة المختصة‬
‫‪‌   ‬أ‪   -‬مقدمة عامة‬
‫لقد عبر المؤتمر الدولي التاسع لقانون العقوبات المنعقد في الهاي عام ‪1964‬‬
‫عن دور النيابة العامة فقرر بأن "الوظيفة التي تقوم بها النيابة العامة تنطوي على‬
‫مسؤولية اجتماعية كبيرة‪ ،‬وهي حماية النظام االجتماعي والقانوني الذي أخل به‬
‫بارتكاب الواقعة اإلجرامية ويجب عليها أن تباشر واجبها في موضوعية وحيادية مع‬
‫مراعاة حماية حقوق اإلنسان"‪.‬‬
‫كما يجب عليها أثناء ممارسة وظائفها أن تستهدف إعادة تهذيب المجرم وعبر‬
‫البعض عن وظيفة النيابة العامة بأنها أداة للسياسة القانونية‪ 1‬في أفضل معانيها وأبلغ‬
‫صور التعبير عنها‪ ،‬وذلك بوصفها جهاز يهدف إلى تحقيق غاية معينة هي خدمة‬
‫السياسة القانونية في كل مناسبة معينة بل عن طريق مباشرة الدعوى الجنائية وفقا ً‬
‫لخطة معينة تهدف إلى تحقيق الصالح العام‪ .‬فإذا كان دور المحكمة ينتهي بمجرد‬
‫تطبيق القانون‪ ،‬فإن دور النيابة العامة ال يقتصر على ذلك وإنما عليها مهمة أكثر بعداً‬
‫وهي مكافحة الجريمة واستقرار النظام‪.‬‬
‫وكنتيجة لذلك‪ ،‬فقد ذهب هذا الرأي إلى أن النيابة العامة جهاز استراتيجي لـه‬
‫سياسة قضائية عليا وليس مجرد إدارة تكنيكية ذات مصالح سياسية ثانوية أو غير‬
‫ثانوية في هذا المعنى يقول األستاذ جرافن "إن النيابة العامة هي حارس المصالح‬
‫العامة والضامن للتطبيق الصحيح للقوانين‪ 1،‬ويجب عليها أن تبحث ال عن تحقيق‬
‫اإلدانة‪ ،‬وإنما عن الوصول إلى الحقيقة وحسن إدارة العدالة([‪ )]16‬وإن النيابة العامة‬
‫ال تعرف كسب الدعوى الجنائية أو خسارتها وإنما تعرف واجبها‪ ،‬فهي ليست أداة‬
‫لالتهام‪ .‬على أنه يالحظ أن قيام النيابة العامة بوظيفتها كطرف في الدعوى الجنائية‬
‫يتم من خالل دورها كخصم إجرائي في هذه الدعوى‪ ،‬ويترتب على إصباغ هذه الصفة‬
‫عليها ضرورة العمل على تحقيق قدر من الموازنة بين سلطات النيابة العامة في‬
‫االتهام من جهة وبين حقوق المتهم من جهة أخرى([‪ )]17‬ومع ذلك فقد ذهب اتجاه‬
‫في الفقه الفرنسي إلى اعتبار النيابة العامة خصما ً موضوعيا ً عند تحريك الدعوى‬
‫الجنائية قوالً بأن أعضاء النيابة‪ 1‬العامة يباشرون عملهم بوصفهم‪ 1‬موظفين يخضعون‬
‫لرغبات الحكومة وليس بنـا ًء علـى اعتبارات القانون دفاعا ً عن المجتمع وهو اتجاه‬
‫منتقد‪.‬‬
‫‪‌  ‬ب‪ -‬النيابة العامة الجمركية‬
‫‪ -1‬تشكيل النيابة الجمركية في ظل قانون الجمارك رقم (‪ )16‬لسنة ‪1983‬‬
‫ورد النص عليها بالمادة (‪ )256‬حيث نجد بأنها تشكل من مدعي عام أو أكثر‬
‫يعينه الوزير من موظفي الدائرة الحقوقيين ولم يشترط أي شرط آخر سوى أن يكون‬
‫حامالً لشهادة الحقوق وأن يكون موظف بدائرة الجمارك‪.‬‬
‫‪  -2‬تشكيل النيابة الجمركية في ظل قانون الجمارك األردني رقم (‪ )20‬لسنة ‪1998‬‬
‫و رد النص عليها بالمادة (‪ )227‬حيث اشترط قانون الجمارك رقم (‪ )20‬لسنة‬
‫‪ 1998‬ثالثة شروط لتعيين المدعي العام وهي‪:‬‬
‫‪    .1‬أن يكون من موظفي دائرة الجمارك‪.‬‬
‫‪    .2‬أن يكون حقوقياً‪.‬‬
‫‪    .3‬أن يكون له خدمة في دائرة الجمارك لمدة خمسة سنوات‪.‬‬
‫ويرى الباحث ضرورة االستغناء عن هذه النصوص واستبدالها بالشرطين التاليين‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون مجاز في مهنة المحاماة‪ -2 .‬أن تنطبق عليه جميع الشروط المنصوص‬
‫عليها في المادة العاشرة من قانون استقالل القضاء األردني النافذ‪.‬‬
‫‪ ‬وظائف المدعي العام الجمركي‬
‫ورد النص على وظائف المدعي العام في المادة (‪ )256‬من قانون الجمارك‬
‫األردني رقم (‪ )16‬لسنة ‪ 1983‬والمادة (‪ )217‬من قانون رقم (‪ )20‬لسنة ‪1998‬‬
‫وهذه الوظائف على النحو التالي‪:‬‬
‫‪    )1‬التحقيق‬
‫حيث يتولى المدعون العامون – أعضاء النيابة‪ 1‬العامة الجمركية – التحقيق في‬
‫جرائم التهريب والمخالفات الجمركية بكافة صورها وأشكالها (والتي تحال إليهم بنا ًء‬
‫على تنسيب من عطوفة مدير عام الجمارك للتحقيق بالموضوع) وإعداد التنسيبات‬
‫الالزمة بنهاية التحقيق لتقوم الجهات اإلدارة بدائرة الجمارك بتنفيذها كل مديرية‬
‫حسب اختصاصها‪.‬‬
‫‪    )2‬المرافعة أمام المحاكم واستئناف وتمييز األحكام والقرارات الصادرة عن محكمتي‬
‫بداية الجمارك واستئناف الجمارك‪.‬‬
‫‪‌  ‬أ‪        -‬حيث يتولى المدعون العامون حضور جلسات محكمة الجمارك البدائية في‬
‫الدعاوى الحقوقية والجزائية وتقديم البيانات ومناقشة الشهود وإعداد المرافعات‬
‫الخطية وتنظيم لوائح االتهام وقرارات الظن بحق المتهمين‪ 1‬بجرائم التهريب وإعداد‬
‫اللوائح الجوابية على لوائح الدعاوى الحقوقية المرفوعة ضد الخزينة باإلضافة إلى‬
‫جلب البينات واستكمال النواقص في ببينات أية قضية تحول إلى النيابة العامة‬
‫الجمركية‪.‬‬
‫‌ب‪      -‬كذلك يتولى المدعون العامون إعداد اللوائح االستئنافية لألحكام والقرارات‬
‫الحقوقية والجزائية الصادرة عن محكمة الجمـارك البدائيـة في غير مصلحة الخزينة‬
‫وإعداد اللوائح الجوابية‪ 1‬على لوائح االستئناف لألحكام والقرارات الصادرة لصالح‬
‫الخزينة وحضور جلسات محكمة استئناف الجمارك في كافة القضايا التي تنظرها‬
‫مرافعة‪.‬‬
‫‌ج‪       -‬كذلك يتولى المدعون العامون إعداد اللوائح التمييزية لألحكام والقرارات‬
‫الحقوقية والجزائية الصادرة عن محكمة استئناف الجمارك في غير مصلحة الخزينة‬
‫وإعداد اللوائح الجوابية‪ 1‬على لوائح التمييز لألحكام والقرارات الصـادرة لصالح‬
‫الخزينة‪.‬‬
‫‪    )3‬ويطبق مدعي عام الجمارك في كافة اإلجراءات التي يقوم بها األصول الجزائية‬
‫والحقوقية المنصوص عليها في قانون الجمارك‪ ،‬كما يطبق األصول الجزائية الحقوقية‬
‫المنصوص عليها في قانون المحاكمات الجزائية والمدنية فيما لم يرد عليه نص خاص‬
‫في قانون الجمارك المادة (‪ )229‬من القانون رقم (‪ )27‬لسنة ‪ 2000‬قانون معدل‬
‫لقانون الجمارك رقم (‪ )20‬لسنة ‪ 1998‬حيث أن هذا النص لم يكن موجوداً في قانون‬
‫الجمارك رقم (‪ )16‬لسنة ‪ 1983‬في قانون الجمارك رقم (‪ )20‬لسنة ‪.1998‬‬
‫‪    )4‬التحقيق في المخالفات التي يرتكبها موظفو الجمارك أثناء قيامهم بأعمالهم‪:‬‬
‫وفي كثير من األحيان يسند إلى مدعي عام الجمارك مهمة التحقيق في‬
‫المخالفات التي يرتكبها موظفو الجمارك أثناء قيامهم بأعمالهم‪.‬‬
‫‪    )5‬اعتباراً من تاريخ ‪ 1/5/2000‬وحيث أصبحت دائرة الضريبة العامة على المبيعات‬
‫دائرة مستقلة عن دائرة الجمارك وذلك بموجب القانون رقم (‪ )18‬لسنة ‪ 2000‬حيث‬
‫تم تفويض كافة المدعين العامين المترافعين بمحكمة الجمارك لمتابعة حضور جلسات‬
‫المحاكمة وكتابة القضايا الحقوقية والجزائية لقضايا الضريبة العامة على المبيعات‪.‬‬
‫هذا فقد نصت المادة ‪/227‬ب من قانون الجمارك على ما يلي‪:‬‬
‫"بالرغم مما ورد في أي قانون آخر‪ ،‬تعتبر خدمة كل من أشغل عضو محكمة‬
‫جمركية أو مدعي عام لدى النيابة العامة الجمركية لمدة سنتين متتاليتين قبل أو بعد‬
‫نفاذ أحكام هذا القانون خدمة قضائية كاملة لغايات قانون نقابة المحامين النظاميين‬
‫وقانون استقالل القضاء"‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الرابع‬
‫المحكمة المختصة بنظر الجرائم الجمركية‬
‫تشكل لهذه الغاية محكمة خاصة تسمى "محكمة الجمارك البدائية" وقد نصت‬
‫المادة ‪ 223‬من قانون الجمارك النافذ على ما يلي‪ :‬بالرغم مما ورد في أي قانون آخر‬
‫تتولى محكمة الجمارك البدائية االختصاصات التالية([‪:)]18‬‬
‫‪‌    ‬أ‪        -‬النظر في جميع جرائم التهريب وما يدخل في حكمه وفقا ً ألحكام هذا القانون‪.‬‬
‫‪‌ ‬ب‪      -‬النظر في جميع الجرائم والمخالفات التي ترتكب خالفا ً ألحكام هذا القانون‬
‫وقوانين‪ 1‬وأنظمة المكوس واإلنتاج‪ 1‬المحلي واالستيراد والتصدير وقانون تشجيع‬
‫االستثمار وقانون الضريبة العامة على المبيعات واألنظمة والتعليمات الصادرة‬
‫بموجبها‪.‬‬
‫‪‌  ‬ج‪       -‬النظر في الخالفات الناجمة عن تطبيق االتفاقيات التجارية الدولية التي ترتبط‬
‫بها المملكة وفي أي خالف يقع مهما كان نوعه يتعلق بتطبيق‪ 1‬القوانين واألنظمة‬
‫المذكورة في الفقرة (ب) من هذه المادة‪.‬‬
‫‪‌   ‬د‪        -‬النظر في االعتراضات على قرارات التحصيل عمالً بأحكام المادة (‪ )208‬من‬
‫هذا القانون‪.‬‬
‫هـ‪     -‬النظر في الطعون المقدمة على قرارات التغريم وفقا ً ألحكام المادة (‪ )210‬من هذا‬
‫القانون‪.‬‬
‫‌و‪       -‬التوقيف والتخلية في هذه الجرائم والمخالفات حسب القواعد المنصوص عليها في‬
‫قانون أصول المحاكمات الجزائية وفي الحاالت التي لم تكن القضية قد وردت إلى‬
‫المحكمة بعد‪ ،‬يجوز لرئيس المحكمة أن يطلب ألي شخص اتهم بموجب هذا القانون‬
‫أن يقدم كفيالً يضمن حضوره للمحكمة وأال يقرر توقيفه حتى تنتهي‪ 1‬القضية أو يقدم‬
‫تلك الكفالة‪.‬‬
‫وحيث أن المقصود باالختصاص هو تحديد القانون للسلطة المختصة في نظر الدعاوى‬
‫أي والية الفصل في المنازعات القضائية الناجمة عن مخالفة قانون الجمارك‬
‫والمكوس ‪ ...‬ومن أجل الوصول لتحديد االختصاص فإن المشرع حدد أن محكمة‬
‫الجمارك هي صاحبة الوالية في الفصل في المنازعات القضائية التي تقع على قانون‬
‫الجمارك والقوانين‪ 1‬واألنظمة األخرى المنصوص عليها في المادة ‪ 223‬من قانون‬
‫الجمارك األردني النافذ‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫([‪  )]1‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ /‬الجرائم الضريبية ‪ /‬دار النهضة العربية ‪ /‬القاهرة س‪11‬نة‬
‫‪ – 1990‬ص ‪.248‬‬
‫([‪   )]2‬د‪ .‬حسن صادق الرصفاوي – أصول اإلجراءات الجنائية – االسكندرية ‪ /‬منشأة‬
‫المعارف ‪ /‬س‪ ،1977‬ص ‪.85‬‬
‫([‪  )]3‬أنظر‪ :‬نقض جنائي ‪ 6/1/1975‬مجموعة أحكام النقض المصرية – س‪ ،26‬رقم‬
‫‪ ،5‬ص ‪.20‬‬
‫([‪  )]4‬د‪ .‬محمد فؤاد مهنا – سياسة االص‪1‬الح‪ 1‬االداري وتطبيقات‪1‬ه – االس‪11‬كندرية س‪1‬نة‬
‫‪ ،1978‬ص ‪.260‬‬
‫([‪  )]5‬نقض جنائي ‪ – 22/6/1964‬مجموعة أحك‪11‬ام النقض المص‪11‬رية ‪ -‬س ‪ ،15‬ص‬
‫‪.503‬‬
‫‪    ‬نقض جنائي ‪ – 18/1/1968‬مجموعة أحكام النقض المصرية – س ‪ ،19‬ص ‪.37‬‬
‫‪    ‬نقض جن‪111‬ائي ‪ – 26/4/1981‬مجموع‪111‬ة أحك‪111‬ام النقض المص‪111‬رية – س ‪ ،32‬ص‬
‫‪.404‬‬
‫([‪  )]6‬د‪ .‬أحمد فتحي س‪11‬رور – الوس‪11‬يط في ق‪11‬انون اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة – الق‪11‬اهرة –‬
‫سنة ‪ ،1980‬ص ‪.665‬‬
‫([‪  )]7‬د‪ .‬مصطفى أبو زيد فهمي – القضاء االداري ومجلس الدولة – الطبعة الرابع‪11‬ة‬
‫– االسكندرية سنة ‪ ،1979‬ص ‪.466‬‬
‫([‪  )]8‬د‪ .‬محمد زكي أبو عامر – قانون العقوبات – القسم الع‪11‬ام – االس‪11‬كندرية‪ ،‬س‪11‬نة‬
‫‪ ،1986‬ص ‪. 483‬‬
‫([‪  )]9‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار النهض ‪1‬ة‪1‬‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1981‬ص ‪. 101‬‬
‫([‪  )]10‬د‪ .‬م‪11‬أمون س‪11‬المة ‪ /‬اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة في التش‪11‬ريع المص‪11‬ري ‪ /‬دار الفك‪11‬ر‬
‫العربي ‪ /‬القاهرة ‪ /‬سنة ‪ ،1976‬ص ‪. 107‬‬
‫([‪  )]11‬د‪ .‬أحم‪11‬د رفعت خف‪11‬اجي – نظ‪11‬ام الص‪11‬لح في ق‪11‬انون اإلج‪11‬راءات الجنائي‪11‬ة ‪/‬‬
‫المحاماة – العدد السادس ‪ /‬س‪891 ،32‬‬
‫([‪  )]12‬د‪ .‬توفي‪11‬ق ش‪11‬حادة ‪ /‬مب‪11‬ادئ الق‪11‬انون اإلداري ‪ /‬طبع‪11‬ة أولى ‪ /‬س‪11‬نة ‪،1964‬‬
‫القاهرة ‪ ،‬ص ‪. 445‬‬
‫([‪  )]13‬د‪ .‬محمد نجيب السيد‪ ،‬جريمة التهريب الجم‪11‬ركي في ض‪11‬وء الفق‪11‬ه والقض‪11‬اء‪،‬‬
‫مطبعة االشعاع ‪ /‬االسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1992‬ص ‪.528‬‬
‫([‪  )]14‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى‪ /‬الجرائم االقتصادية في القانون المق‪11‬ارن‪ ،‬الج‪11‬زء‬
‫الثاني‪ 1‬مطبعة جامعة القاهر‪ ،‬سنة ‪ ،1979‬ص ‪.124‬‬
‫([‪  )]15‬د‪ .‬أحم‪1‬د فتحي س‪1‬رور ‪ /‬الج‪11‬رائم الض‪11‬ريبية‪ 1‬والنقدي‪11‬ة ‪ /‬الق‪11‬اهرة‪ ،1990 ،‬ص‬
‫‪.264‬‬
‫([‪  )]16‬د‪ .‬أحمد فتحي سرور ‪ /‬الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الج‪11‬زء األول‪،‬‬
‫ص ‪.136‬‬
‫([‪  )]17‬أنظر محم‪11‬ود نجيب حس‪11‬ني ‪ /‬النياب‪11‬ة العام‪11‬ة ودوره‪11‬ا في ال‪11‬دعوى الجنائي‪11‬ة‪،‬‬
‫مجلة إدارة قضايا الحكومة‪    ،‬س‪ ،13‬ص ‪. 80‬‬
‫([‪  )]18‬ق‪11‬انون الجم‪11‬ارك األردني رقم (‪ )20‬لس‪11‬نة ‪ 1998‬وتعديالت‪11‬ه ‪ /‬عم‪11‬ان ‪ /‬ص‬
‫‪. 123-122‬‬
‫القسم السادس‬
‫المسؤولية والجزاء في جريمة التهريب‬
‫المبحث األول‪1‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن جريمة التهريب‬
‫لكي تقوم الجريمة ال يكفي أن يكون هنالك فعل معاقب عليه بنص قانوني‪ ،‬بل‬
‫يجب أن يكون هذا الفعل قد صدر عن شخص مسؤول‪ .‬والمسؤولية عموما ً هي التزام‬
‫بتحمل الجزاءات التي يقررها القانون لمن يخالف أحكامه‪ .‬ويعرف الدكتور محمود‬
‫محمود مصطفى المسؤولية الجنائية بأنها التزام المجرم بتحمل العقوبة أو التدبير‬
‫االحترازي الذي ينزله به القانون‪ .‬وهذا االلتزام يقابله حق الدولة وسلطتها في‬
‫العقاب([‪ )]1‬ويعني‪ 1‬ذلك أن المسؤولية ال تنشأ إال إذا توافرت أركان الجريمة جميعاً‪.‬‬
‫ومن القواعد األساسية في القانون الجنائي انه ال يسأل شخص جنائيا ً عن فعل إال إذا‬
‫ثبت أن ارادته كانت آثمة وأن الفعل قد اقترن بقصد أو خطأ منسوب إليه‪.‬‬
‫ولكن األمر يختلف في التشريع الجمركي‪ ،‬إذ ليس على سلطة االتهام أن تدلل‬
‫على وجود االرادة اآلثمة لدى الفاعل‪ ،‬فإثبات الفعل‪ ،‬غالباً‪ .‬هو إثبات للجريمة‪ .‬أن‬
‫نظام المسؤولية في الجرائم الجمركية مرتكزاً على نظرية الفاعل الظاهر للجريمة‬
‫وذلك بإيقاع المسؤولية الجنائية‪ ،‬بواسطة مجموعة من القرائن القانونية‪ ،‬على بعض‬
‫األشخاص الذين يعينهم صراحة‪ ،‬ولو لم يصدر عنهم أي فعل إيجابي ينطوي على‬
‫مخالفة القانون‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 205‬من قانون الجمارك األردني النافذ على ما يلي "يشترط‬
‫في المسؤولية الجزائية في جرم التهريب توفر القصد‪ ،‬وتراعى في تحديد هذه‬
‫المسؤولية النصوص الجزائية المعمول بها‪ ،‬ولذلك يعتبر مسؤوالً جزائيا ً‬
‫أ‪ -‬الفاعلون األصليون‪                         ‬ب‪ -‬الشركاء في الجرم‬
‫ج‪ -‬المتدخلون والمحرضون‪                  ‬د‪ -‬حائزوا المواد المهربة‬
‫هـ‪ -‬أصحاب وسائط النقل التي استخدمت في التهريب وسائقوها ومعاونيهم‪1.‬‬
‫و‪ -‬أصحاب أو مستأجرو المحالت أو األماكن التي أودعت فيها المواد المهربة أو‬
‫المنتفعون‪ 1‬بها‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 215‬من قانون الجمارك األردني النافذ على ما يلي‪:‬‬
‫‪‌    ‬أ‪        -‬تتكون المخالفات كما تترتب المسؤولية في جرائم التهريب بتوافر أركانها‪،‬‬
‫إال أنه يعفى من المسؤولية من أثبت أنه كان ضحية قوة قاهرة وكذلك من أثبت أنه لم‬
‫يقدم على ارتكاب أي فعل من األفعال التي كونت المخالفة أو جريمة التهريب أو‬
‫تسببت في وقوعها أو أدت إلى ارتكابها‪.‬‬
‫‪‌ ‬ب‪      -‬تشمل المسؤولية المدنية إضافة إلى مرتكبي المخالفات وجرائم التهريب‬
‫كفاعلين أصليين‪ :‬المتدخلين والشركاء والممولين‪ 1‬والكفالء والوسطاء والموكلين‬
‫والمتبرعين‪ 1‬والناقلين والحائزين والمنتفعين‪ 1‬ومرسلي البضائع كال في حدود‬
‫مسؤوليته في وقوع الفعل‪ .‬وقد استقر االجتهاد القضائي األردني على أن المشرع أقر‬
‫مسؤوليتين‪ 1‬معا ً في جرائم التهريب‪ ،‬مسؤولية جزائية يترتب عليها عقوبة جزائية‪،‬‬
‫ومسؤولية مدنية يترتب عليها غرامة جمركية ومصادرات وهي الزامات مدنية بمثابة‬
‫تعويض لدائرة الجمارك عن فعل التهريب وما هو في حكمه‪ ،‬وال يشترط في هاتين‬
‫المسؤوليتين‪ 1‬التالزم‪ ،‬بمعنى أنه إذا انتفت المسؤولية الجزائية لعدم ثبوت القصد‬
‫الجرمي ال يمنع من قيام المسؤولية المدنية إذا ثبت الركن المادي لوقوع الفعل الذي ال‬
‫يجوز التنصل‪ 1‬منه بحسن النية أو الجهل‪.‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪1‬‬
‫جزاء الجريمة الجمركية‬
‫الجزاء الجنائي تدبير قهري ينص عليه القانون ويوقعه القاضي من أجل‬
‫الجريمة‪ ،‬ويتناسب معها‪ ،‬وينطوي على ألم يحيق بالجرم‪ ،‬ويتمثل في حرمان المحكوم‬
‫عليه من حق من حقوقه‪ ،‬كحقه في الحياة أو الحرية أو في مباشرة نشاط سياسي‪،‬‬
‫وما إلى ذلك([‪ )]2‬ووظيفته وفقا ً لهذا المفهوم األصيل هي تحقيق العدالة اإلنسانية‬
‫وهي كذلك نفعية سياسية للردع العام والخاص([‪.)]3‬‬
‫ويقول الدكتور محمود نجيب حسني أنه ولتناسب الجزاء مع الجريمة وجهان‪:‬‬
‫تناسبها مع مساحة مادياتها وتناسبها مع مقدار الخطيئة واإلثم فيها([‪.)]4‬‬
‫العقوبة في جريمة التهريب الجمركي هي األلم الذي يصيب المحكوم عليه‬
‫لمخالفته أحكام القانون وذلك لزجرة وردع غيره فجوهر العقوبة إذن يتمثل في اإليالم‪1‬‬
‫ويتحقق بالمساس بحق من حقوق المحكوم عليه‪ ،‬سواء بشخصه أو حريته أو ماله أو‬
‫حقوقه السياسية أو شرفه واعتباره وذلك تحقيقا ً العتبارات اجتماعية معينة‪.‬‬
‫والعقوبة المالية (اإليالم المالي) تعد من أهم العقوبات في جريمة التهريب‬
‫الجمركي ألن غالبية حاالت التهريب ترتكب بسبب الرغبة في تحقيق مكاسب مالية‬
‫غير مشروعة‪.‬‬
‫وتتمثل‪ 1‬عقوبات جريمة التهريب الجمركي في الحبس والغرامة والمصادرة حيث‬
‫نصت المادة ‪ 206‬من قانون الجمارك األردني النافذ على ما يل "يعاقب على التهريب‬
‫وما في حكمه وعلى الشروع في أي منهما بما يلي‪:‬‬
‫‪‌    ‬أ‪        -‬بغرامة ال تقل عن (‪ )50‬دينار وال تزيد على (‪ )1000‬دينار‪ ،‬وعند التكرار‬
‫الحبس من شهر إلى ثالث سنوات باإلضافة إلى الغرامة المذكورة أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين‪1.‬‬
‫‪‌ ‬ب‪      -‬غرامة جمركية بمثابة تعويض مدني للدائرة على النحر التالي‪:‬‬
‫‪              -1‬من ثالثة أمثال القيمة إلى ستة أمثال القيمة عن البضائع الممنوعة المعينة‪.‬‬
‫‪              -2‬من مثلي القيمة إلى ثالث أمثال القيمة إضافة للرسوم عن البضائع‬
‫الممنوعة أو المحصورة‪.‬‬
‫‪              -3‬من مثلي الرسوم إلى أربعة أمثال الرسوم عن البضائع الخاضعة للرسوم إذا‬
‫لم تكن ممنوعة أو محصورة على أن ال تقل عن نصف قيمتها‪.‬‬
‫‪              -4‬من ‪ 100 – 25‬دينار عن البضائع غير الخاضعة إلى أية رسوم أو ضرائب‬
‫وال تكون ممنوعة أو محصورة‪.‬‬
‫‪‌  ‬ج‪       -‬مصادرة البضائع موضوع التهريب أو الحكم بما يعادل قيمتها مشتملة على‬
‫الرسوم عند عدم حجزها أو نجاتها من الحجز‪.‬‬
‫‪‌   ‬د‪        -‬الحكم بمصادرة وسائط النقل واألدوات والمواد التي استعملت في التهريب أو‬
‫بغرامة ال تزيد على ‪ %50‬من قيمة البضائع المهربة بحيث ال تزيد على قيمة واسطة‬
‫النقل وذلك فيما عدا السفن والطائرات والقطارات ما لم تكن قد أعدت أو استؤجرت‬
‫لهذا الغرض أو الحكم بما بعادل قيمتها عند عدم نجاحها من الحجز‪.‬‬
‫ونصت المادة ‪ 207‬من قانون الجمارك األردني رقن ‪ 20‬لسنة ‪ 1998‬وتعديالته أنه‬
‫للمديـر أن يقرر مصادرة البضائـع المحجوزة في حالـة فرار المهربين أو عدم‬
‫االستدالل عليهم‪.‬‬
‫وهكذا يتبين‪ 1‬أن جزاء االخالل بالقيود الجمركية ليس موحداً فتارة جزاء جنائياً‪،‬‬
‫كالحبس والغرامة والمصادرة‪ ،‬وطور يكون جزاء مدنيا ً كالتعويض‪ ،‬وقد تكون جزاء‬
‫إدارياً‪ ،‬كالغرامة والمصادرة اللتين تفرضهما اإلدارة دون الحاجة إلى استصدار حكم‬
‫بذلك من القضاء‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب األول‬
‫الحبس‬
‫الحبس عقوبة جنائية خالصة تقضي بوضع المحكوم عليه في أحد السجون‬
‫المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه‪.‬‬
‫فقد أطلق المشرع المصري عقوبة الحبس في المادة ‪ 122‬من قانون الجمارك‬
‫حيث نصت على أنه "مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب‬
‫على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة ال تقل عن عشرين جنيها ً وال‬
‫تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين" ولم يحدد النص السالف الذكر مدة‬
‫عقوبة الحبس أو يقيدها بحد أدنى أو أقصى‪ ،‬ومن ثم فإن عقوبة الحبس‪ ،‬ووفقا ً لنص‬
‫المادة ‪ 18‬من قانون العقوبات المصري‪ ،‬ال يجوز أن تنقص مدتها عن أربع وعشرين‬
‫ساعة أو أن تزيد عن ثالث سنوات‪ .‬فلم يقيدها بحد أدنى وال أقصى‪ ،‬فأفصح بذلك عن‬
‫رغبته في ترك حديها للقواعد العامة‪ ،‬أنها لمدة ال تقل عن أربع وعشرين ساعة‪ ،‬وال‬
‫تزيد على ثالث سنوات‪ .‬وتخضع عقوبة الحبس في الجريمة الجمركية لسائر القواعد‬
‫التي تسري على الحبس عموما ً من حيث وقف التنفيذ وتطبيق الظروف المخفضة‪.‬‬
‫ونالحظ أن قانون الجمارك األردني النافذ في المادة ‪ 206‬استخدم عقوبتي الحبس‬
‫والغرامة كعقوبات لجريمة التهريب وبهذا فقد نهج نهج القانون الجمركي المصري‬
‫والبد من لفت النظر إلى أن قانون الجمارك األردني نص على عقوبة الحبس فقط في‬
‫حالة التكرار وفي الواقع العملي فإن المحكمة الجمركية ال تأخذ بهذه العقوبة ألنها‬
‫تعتبر أن العقوبة المالية المطالب بها من قبل الجمارك‪ ،‬بالغة الشدة وكافية لردع‬
‫المتهم غير أن قانون الجمارك العراقي نص في المادة ‪ 194‬على ما يلي‪" :‬مع عدم‬
‫اإلخالل بأية عقوبة أشد يقضى بها في قوانين أخرى يعاقب هذا القانون على التهريب‪،‬‬
‫وما في حكمه‪ ،‬وعلى الشروع بالعقوبات اآلتية‪ :‬الحبس لمدة ال تقل عن شهر واحد‬
‫وال تزيد عن خمس سنوات‪ ،‬وبغرامة ال تزيد عن ثالثة آالف دينار أو بإحدى هاتين‬
‫العقوبتين"‪ 1‬وهذا القانون مثل القانون المصري واألردني حيث أخذ بعقوبتي‪ 1‬الغرامة‬
‫والحبس كعقوبة في جريمة التهريب الجمركي إال أن الحد األعلى للعقوبة كان أشد من‬
‫قانون الجمارك المصري واألردني‪.‬‬
‫وكذلك نهج المشرع في قانون الجمارك القطري حيث نص في المادة ‪200/1‬‬
‫منه على أن "عقوبة التهريب أو الشروع فيه هي الحبس مدة ال تقل عن شهر وال‬
‫تزيد على ثالث سنوات وغرامة ال تقل عن مائتي لاير وال تزيد على عشرة آالف لاير‬
‫أو إحدى هاتين العقوبتين‪ ،‬وهذا القانون مثل القانون المصري واألردني والعراقي‬
‫حيث استخدم عقوبتي الحبس والغرامة كعقوبة في جريمة التهريب الجمركي‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك فقد اكتفى المشرع في قانون الجمارك اللبناني‪ 1‬بالغرامة‬
‫حيث نصت المادة ‪ 360‬منه على العقاب بمصادرة البضائع وغرامة ال تقل عن ‪50‬‬
‫ليرة لبنانية في حالة حجز البضائع ووسائط النقل واألشياء التي استخدمت إلخفاء‬
‫الغش وكذلك نهج قانون الجمارك السوري في المادة ‪ 264‬حيث نصت فقط على‬
‫غرامة جمركية عن مخالفات التهريب وهكذا فإن المشرع في قانون الجمارك السوري‬
‫يستخدم الغرامة باعتبارها عقوبة جنائية يمكن تنفيذها عن طريق اإلكراه البدني‬
‫بالحبس في حالة عدم تحصيل الغرامة‪ .‬أما قانون الجمارك اللبناني‪ 1‬يستخدم عقوبة‬
‫الغرامة باعتبارها تعويضا ً مدنيا ً وتصدر من لجان الجمارك ويعتبر هذا التشريع‬
‫جريمة التهريب الجمركي فعالً مدنيا ً والغرامة الموقعة عليها في حقيقتها تعويضا ً‬
‫مدنياً‪.‬‬
‫‪ ‬المطلب الثاني‬
‫الغرامة التعويضية‬
‫إن الغرامة هي‪ :‬إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من النقود يقدّرة الحكم القضائي‬
‫إلى الخزانة العامة‪ .‬ومفاد الحكم بالغرامة هو نشوء التزام من جانب المدين وهو‬
‫المحكوم عليه والدائن وهو الدولة وسبب الغرامة هو الحكم القضائي الذي أثبت‬
‫مسئولية المحكوم عليه عن جريمته‪ ،‬وقرر التزامه بعقوبتها‪.‬‬
‫وقد سمى المشرع الجمركي هذا الجزاء بـ "التعويض" ويطلق عليه البعض‬
‫"الغرامة اإلضافية"‪ 1‬ويسميها الدكتور كمال حمدي بالغرامة التعويضية‪" 1‬وهي‬
‫التسمية األقرب للواقع"([‪.)]5‬‬
‫ولم يحدد أي من قانون الجمارك األردني والمصري أو الفرنسي الطبيعة‬
‫القانونية‪ 1‬للغرامة الجمركية‪ ،‬على اعتبار أن ذلك من عمل الفقه والقضاء‪ .‬ومن ثم فقد‬
‫ثار خالف شديد يصل إلى حد المواجهة بين تيارات متعارضة منذ زمن طويل‪ ،‬ويمكن‬
‫جمعها في ثالث اتجاهات‪:‬‬
‫‪   )1‬االتجاه األول "الغرامة الجمركية عقوبة‪:‬‬
‫ومبنى هذا الرأي أن هذه الغرامة المالية‪ ،‬والتي‪ 1‬يطلق عليها المشرع لفظ‬
‫"التعويض"‪ ،‬هي عقوبة جنائية خالصة‪ ،‬وأنها عقوبة تكميلية تضاف إلى العقوبة‬
‫األصلية سواء أكانت الحبس أو الغرامة‪ ،‬كما أنها غرامة نسبية تتناسب في مقدارها‬
‫مع ما حققه الجاني أو أراد تحقيقه من كسب غير مشروع‪ ،‬ومن ثم تخضع لكافة اآلثار‬
‫التي يرتبها القانون على عقوبة الغرامة الجزائية‪.‬‬
‫والتبرير الذي يقدمه أنصار هذا الرأي أن الغرامة الضريبة جزاء تفرضه الدولة‬
‫على مخالفة أمر نهى عنه الشارع‪ ،‬ومخالفة أوامر الشارع ونواهيه ال تتضمن فكرة‬
‫وجود ضرر مادي قابل للتعويض وأنه في التهريب الجمركي يقرر المشرع كذلك‬
‫التعويض كجزاء للجريمة التامة وللشروع فيها وحيث ينتفي‪ 1‬الضرر المالي في بعض‬
‫الصور لدليل قاطع على أنه ليس تعويضا ً بحال من األحوال‪ ،‬وأن التعويض المدني‬
‫يحدد بمقدار الضرر الذي أصاب المجني عليه أو الشخص المضرور‪ ،‬أما في الغرامة‬
‫الضريبية أو المالية فالقاضي يحكم بها كما هو منصوص عليها في القانون دون‬
‫التفات إلى حقيقة الضرر الذي أصاب الخزانة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬النتائج المترتبة على الطابع العقابي‬
‫يرتب أنصار هذا االتجاه على الغرامة الجمركية كافة اآلثار المترتبة على العقوبة‬
‫الجنائية وهي‪:‬‬
‫‪         -1           ‬أنه ال يحكم بها إال من محكمة جنائية‪.‬‬
‫‪         -2           ‬ال يحكم بها إال في دعوى جنائية‪.‬‬
‫‪         -3           ‬أنه ليس لدائرة الجمارك أن تدعي مدنيا ً للمطالبة بها‪ ،‬وإنما للنيابة‬
‫العامة وحدها حق المطالبة بتوقيعها‪.‬‬
‫‪         -4           ‬الحكم الصادر بتوقيعها‪ 1‬يعد حكما ً جنائيا ً يحوز حجية مطلقة أمام‬
‫القضاء المدني‪.‬‬
‫‪         -5           ‬ال يحكم بها على المجنون‪.‬‬
‫‪         -6           ‬أنها تقيد في صحيفة السوابق‪1.‬‬
‫‪         -7           ‬إن الحكم بها إلزامي تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها بمجرد وقوع‬
‫الجريمة دون حاجة إلى وقوع أو حدوث أي ضرر للخزانة العامة‪.‬‬
‫‪         -8           ‬ال يحكم بها على األشخاص المسئولين مدنياً‪.‬‬
‫‪         -9           ‬أن قيمتها تتحدد سلفا ً بواسطة القانون‪.‬‬
‫‪      -10        ‬تتقادم بذات مدد تقادم الجنح‪.‬‬
‫‪      -11        ‬ال يمكن الحكم بها على الشخص المعنوي إال استثناء‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪   )2‬االتجاه الثاني‪" 1‬الغرامة التعويضية‪ 1‬هي تعويض مدني"‬
‫ومبنى هذا االتجاه أن المبلغ الذي يحكم به في التهريب الجمركي باإلضافة إلى‬
‫الغرامة المحددة في النص يعد تعويضا ً مدنيا ً ال غرامة نسبية‪ ،‬فالزيادة التي يحكم بها‬
‫فوق الغرامة الجنائية تمثل تعويضا ً قدّر المشرع أنه مستحق لمصلحة الجمارك لقاء‬
‫التهرب من دفع الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى‪ .‬أي أن الغرامة تعتبر‬
‫تعويض مدني للخزينة عما أصابها من ضرر نتيجة عدم سداد الرسوم الجمركية‪.‬‬
‫النتائج المترتبة على الطابع المدني‬
‫ويرتب أنصار هذا االتجاه على الطبيعة المدنية النتائج التالية‪:‬‬
‫‪         -1  ‬يجوز لدائرة الجمارك اإلدعاء مدنيا ً للمطالبة بها‪.‬‬
‫‪         -2  ‬ال يحكم بها إال في ضوء طلبات اإلدارة‪.‬‬
‫‪         -3  ‬يصدر الحكم بها بالتضامن بين المتهمين في سدادها‪.‬‬
‫‪         -4  ‬يحكم بها على القاصر الذي تصرف دون تمييز ولو كان قد حكم ببراءته‬
‫لذلك‪.‬‬
‫‪         -5  ‬يجوز اقتضاؤها من األشخاص المسئولين مدنياً‪ ،‬كما تطبق عليها قواعد‬
‫المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫‪         -6  ‬أن قوانين‪ 1‬العفو العام ال تشمل الغرامة الجمركية‪.‬‬
‫‪         -7  ‬ال يجوز تخفيف تلك الغرامة بسبب الظروف المخففة‪ ،‬وال تشديدها بسبب‬
‫العود‪.‬‬
‫‪         -8  ‬ال يحكم إال بغرامة واحدة مهما تعدد المحكوم عليهم‪.‬‬
‫‪         -9  ‬ال يجوز الحكم بوقف تنفيذها ألن ذلك يمثل إخالالً بفكرة التعويض التي‬
‫تشتمل عليها وقد انتقد الدكتور عوض محمد هذا القضاء استناداً إلى أنه ليس له سند‬
‫تشريعي‪ ،‬فال يوجد ما يحول دون الحكم بإيقاف الغرامة الجمركية‪.‬‬
‫‪      -10‬ال تسري عليها قاعدة عدم الجمع‪.‬‬
‫‪      -11‬إن تلك الغرامة ال تطبق عليها قاعدة رجعية القانون األصلح للمتهم‪.‬‬
‫‪      -12‬يجوز التصالح عليها مع دائرة الجمارك‪.‬‬
‫‪      -13‬أن مدة الحبس االحتياطي ال تخصم من تلك الغرامة لما ينطوي عليه ذلك من‬
‫اإلخالل بعنصر التعويض الذي تتضمنه‪.‬‬
‫وقد انتقد بعض الفقهاء هذا الرأي مستندين إلى أن التعويض بحسب طبيعته‬
‫ووظيفته ال يصلح أن يتجاوز مقدار الضرر‪ ،‬وأن التعويضات‪ 1‬ال يجوز الحكم بها إال‬
‫بناء على طلب صاحب الشأن بعد إثبات ما لحقه من ضرر‪ ،‬وليس األمر كذلك في هذه‬
‫الحالة‪ ،‬وأن هذه الغرامة يجوز تحصيلها بطريقة اإلكراه البدني‪ ،‬ويؤخذ على هذا‬
‫االتجاه أنه يفترض وقوع ضرر مالي يستوجب التعويض وهو ما ال يتوفر في كافة‬
‫حاالت التهريب فالقانون الجمركي يعاقب على التهريب غير الضريبي‪ 1‬الذي ال يرتب‬
‫أي ضرر مالي يتعين تعويضه‪ 1.‬كما يعاقب على الشروع في التهريب بالرغم من عدم‬
‫توافر أي ضرر على اإلطالق األمر الذي يؤكد أن تلك الغرامة ليست تعويضا ً مدنياً([‬
‫‪.)]6‬‬
‫‪   )3‬االتجاه الثالث "الغرامة الجمركية ذات طبيعة مختلطة"‬
‫الرأي الغالب في الفقه والقضاء الجمركي أن الغرامة الجمركية ذات طبيعة مختلطة‬
‫إذ تجمع بين صفتي العقوبة والتعويض في آن واحد‪ ،‬فهي عقوبة للخزانة عما لحق‬
‫بها من أضرار من جراء هذه الجريمة‪.‬‬
‫على أن أصحاب هذا الرأي اختلفوا فيما بينهم‪ 1‬حول تغليب هذه الصفة أو تلك‪،‬‬
‫فمنهم من يغلب معنى التعويض على معنى العقوبة‪ ،‬ومنهم من يغلب معنى العقوبة‬
‫على معنى التعويض‪.‬‬
‫والنقد الذي يوجه إلى هذا الرأي أنه يجب االختيار بين العقوبة أو التعويض إذ‬
‫لكل منها صفة تستبعد صفة األخرى‪ ،‬وتفسير ذلك أن أساس كل منهما وغايته‬
‫مختلف‪ ،‬فأساس العقوبة الجريمة أما أساس التعويض فإنه يتمثل‪ 1‬في الخطأ والضرر‪.‬‬
‫وغاية العقوبة زجر الجاني وردع غيره‪ ،‬أما التعويض فغايته إصالح‪ 1‬الضرر‬
‫وبالتالي يقدر بقدره‪ .‬لذا فإن صفة العقوبة تستبعد صفة التعويض‪ ،‬والعكس صحيح‪،‬‬
‫ولذا يجب االختيار بين إحدى هاتين الصفتين‪ ،‬إما العقوبة أو التعويض‪.‬‬
‫ويقول الدكتور حسن صادق المرصفاوي([‪ )]7‬بأنه ليست هناك حاجة إلى خلق‬
‫نوع جديد من الجزاء غير محدد المعالم ألن المشرع لديه العديد من الجزاءات الجنائية‬
‫والمدنية واإلدارية التي يستطيع أن يختار من بينها الجزاء المناسب مما يغني عن‬
‫اللجوء إلى مثل هذا الجزاء الجديد ومع ذلك فقد استقر االجتهاد القضائي على تقرير‬
‫أن المشرع لم يقصد الخروج بتلك الغرامة عن كونها جزاء ما زال يغلب عليه معنى‬
‫العقوبة وإن خالطه التعويض([‪.)]8‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‬
‫المصادرة‬
‫المصادرة هي نزع ملكية المال جبراً عن صاحبه بغير مقابل‪ ،‬وإضافته إلى ملك‬
‫الدولة‪ ،‬وعرفتها محكمة النقض المصرية بأنها "إجراء الغرض منه تمليك الدولة‬
‫أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل([‪.)]9‬‬
‫وهي حسب التعريف السائد بين فقهاء القانون الجنائي "نقل ملكية مال إلى‬
‫العدالة" والمصادرة وفق نص المواد ‪/206/3‬ج‪/‬د من قانون الجمارك األردني النافذ‬
‫ترد على البضائع محل التهريب‪ ،‬كما ترد على وسائل النقل وأدوات ومواد التهريب‪.‬‬
‫وهي تشبه الغرامة في أن كل منها عقوبة مالية‪ ،‬إال أنها تظل مختلفة عنها من‬
‫عدة جهات‪:‬‬
‫‪       -1   ‬أن المصادرة عقوبة عينية‪ ،‬إذ تنفذ عينا ً وذلك بنقل ملكية األشياء المصادرة‬
‫إلى الدولة بعكس الغرامة التي يتم سدادها نقداً‪.‬‬
‫‪       -2   ‬المصادرة عقوبة تكميلية دائما ً بينما قد تكون الغرامة عقوبة أصلية أو‬
‫تكميلية‪.‬‬
‫‪       -3   ‬الغرامة عقوبة في جميع األحوال‪ ،‬أما المصادرة فقد تكون عقوبة حين تكون‬
‫اختيارية‪ ،‬أو تدبيراً وقائيا ً حيث تكون وجوبية‪ ،‬كما أنها قد تعد تعويضا ً إذا آلت إلى‬
‫المجني عليه كتعويض عما سببته الجريمة من ضرر له‪.‬‬
‫‪       -4   ‬المصادرة غير قابلة للتقدير ألنها تنصب على شيء معين‪ ،‬بعكس الغرامة‬
‫التي يمكن تقديرها تبعا ً لجسامة الجريمة وخطورة المحكوم عليه ومركزه المالي‪.‬‬
‫‪‌         ‬أ‪        -‬مصادرة البضائع محل التهريب‬
‫وتختلف أحكام تلك المصادرة حسب ما إذا كانت البضائع قد ضبطت من عدمه‪.‬‬
‫‪    .1‬حالة ضبط البضائع‬
‫المصادرة في هذه الحالة عقوبة تكميلية وجوبية‪ ،‬بمعنى أنه في حالة ضبط البضائع‬
‫موضوع الجريمة فإنه يتعين على القاضي الحكم بمصادرتها‪.‬‬
‫‪    .2‬حالة عدم ضبط البضائع‪ :‬ويتعذر في هذه الحالة الحكم بالمصادرة النعدام المحل‬
‫الذي ترد عليه‪ ،‬ويحكم في هذه الحالة‪ ،‬وبغية عدم إفالت الجاني من عقوبة المصادرة‬
‫بفعله‪ ،‬بمثل قيمة البضاعة مشتملة على الرسوم ويطلق على مثل هذا الجزاء (غرامة‬
‫المصادرة) ويطلق عليها أحيانا ً "مقابل المصادرة‪.‬‬
‫‪ ‬ج‪ -‬الطابع العيني‪ 1‬للمصادرة الجمركية الوجوبية‬
‫المصادرة الجمركية الوجوبية ذات طابع عيني ال شخصي فهي غير موجهة‬
‫لشخص المتهم‪ ،‬وإنما تنصب على الشيء‪ ،‬المصادر ذاته والنتائج المترتبة على هذا‬
‫الطابع هي‪:‬‬
‫‪   -1‬أنها تنصب على البضائع في أي يد تكون ولو كان المالك خارج الدعوى‪.‬‬
‫‪   -2‬يحكم بها على المتهم ولو لم يكن مالكا ً للشيء المضبوط‪.‬‬
‫‪   -3‬يحكم بها ولو كان الفاعل أو المالك مجهوالً وغير معروف‪.‬‬
‫‪   -4‬يقضي بها ضد المالك ولو كان حسن النية‬
‫‪   -5‬يحكم بها ضد الحائز ولو كان من الغير‪.‬‬
‫فإذا كانت البضاعة المهربة ممنوعة "وهي تعد كذلك إذا كانت حيازتها في ذاتها‬
‫جريمة" فإنه يترتب على ذلك فضالً عما تقدم أنه إذا أعفى الفاعلين من الخضوع‬
‫للقضاء اإلقليمي (الجنائي) كالدبلوماسيين والقناصل أو من المسئولية‪ ،‬أو قام لديهم‬
‫مانع من العقاب أو سبب من أسباب اإلباحة وجب الحكم بالمصادرة‪ .‬كما أنها ال تخضع‬
‫حينئذ لمبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬إذ يحكم بها على الورثة في حالة وفاة المخالف كما‬
‫يحكم بها ولو قضى ببراءة المتهم‪.‬‬
‫‪‌ ‬ب‪      -‬مصادرة وسائط النقل واألدوات المستعملة في التهريب‬
‫وتشمل المصادرة وسائل النقل واألدوات التي استعملت في التهريب‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن كون هذه الوسائل واألدوات قد أعدت أصالً للتهريب أو لم تكن معدة لذلك‬
‫ولكنها استخدمت فيه‪ ،‬وسواء كانت مملوكة للجاني أو للغير شرط أن يكون هذا الغير‬
‫سيء النية‪ ،‬وال يشترط استعمالها في التهريب استعماالً مباشراً‪ .‬على أنه ال يجوز‬
‫مصادرة السفن والطائرات ما لم تكن أعدت أو أجرت فعالً لهذا الغرض‪.‬‬
‫وعلى ذلك فقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى االعتداد بحسن نية المتهم‪ ،‬إذ‬
‫قضت بأن رفض القاضي توقيع عقوبة المصادرة في تهمة التهريب استناداً إلى حسن‬
‫نية المتهم ألسباب سائغة فإنه ال يكون قد خالف القانون‪ ،‬فلمحكمة الموضوع أن تقرر‬
‫في حدود سلطتها التقديرية قيام األسباب المبررة لرفض توقيع العقوبة الجوازية‪.‬‬
‫وقد جاء في قرار محكمة استئناف الجمارك األردني رقم ‪ 62/89‬ما يلي "يشترط‬
‫لترتيب المسؤولية على ناقل البضائع المهربة أن يثبت ركن العلم قبل النقل أو أثناء‬
‫تحميل المادة المهربة‪ ،‬وال يتوجب على السائق أن يتحقق من محتويات الصندوقين‬
‫اللذين نقلهما خاصة وأنهما يعودان لرجل أمن ال يتطرق إليه الشك في مثل هذا‬
‫التصرف‪ ،‬وأن علم السائق قد تم أثناء الطريق ما بين األزرق ومدينة الزرقاء من‬
‫خالل قيام رجل األمن بفتح الصندوق أثناء السير وإخفاء الدخان المهرب تحت مقاعد‬
‫السيارة‪ ،‬وبذلك يعتبر السائق ضحية لظروف قاهرة تنتفي معها مسؤوليته‪ ،‬وعلى‬
‫المحكمة أن تقرر عدم مسؤوليته‪ 1‬وليس براءته‪ .‬وجاء في القرار المشار إليه أن الحكم‬
‫بمصادرة واسطة النقل يتوجب عند الحكم بإدانة الناقل‪ ،‬وحيث انتفت مسؤولية سائق‬
‫السيارة فإن ذلك يستتبع عدم مصادرة السيارة‪.‬‬
‫ومصادرة وسائل النقل وأدوات ومواد التهريب عقوبة تكميلية اختيارية‪ ،‬بمعنى‬
‫أن للقاضي سلطة التقدير بشأنها‪ ،‬على أنه إذا حكم القاضي بالمصادرة فإنه ال يجوز له‬
‫وقف تنفيذ تلك العقوبة‪.‬‬
‫وقد يتعذر قانونا ً الحكم بمصادرة وسائل النقل المعدة للتهريب كما إذا كانت‬
‫مملوكة للدولة وذلك مثالً في حالة ما استعملت إحدى عربات سكة الحديد في نقل‬
‫البضائع المهربة إذ ال يتصور ورود المصادرة على أموال مملوكة للدولة‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫([‪  )]1‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى ‪ /‬الجرائم االقتصادية في القانون المقارن‪ ،‬الق‪11‬اهرة‬
‫‪ ،1963‬ص ‪.92‬‬
‫([‪  )]2‬د‪ .‬رمسيس بنهام ‪ /‬النظرية العامة للق‪11‬انون الجن‪11‬ائي‪ ،‬االس‪11‬كندرية ‪ ،1971‬رقم‬
‫‪ ،170‬ص ‪.1081‬‬
‫([‪  )]3‬د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ /‬شرح قانون العقوبات اللبناني‪ ،‬القسم الع‪11‬ام‪ ،‬ب‪11‬يروت‬
‫‪ ،1975‬ورقم ‪ ،664‬ص ‪.679‬‬
‫([‪  )]4‬د‪ .‬شوقي رامز ش‪11‬عبان ‪ /‬النظري‪11‬ة العام‪11‬ة للجريم‪11‬ة الجمركي‪11‬ة‪ ،‬الطبع‪11‬ة األولى‪،‬‬
‫بيروت سنة ‪       ،1976‬ص ‪349‬‬
‫([‪  )]5‬الدكتور كمال حمدي ‪ /‬جريم‪11‬ة الته‪11‬ريب الجم‪11‬ركي ‪ /‬االس‪11‬كندرية ‪ ،1997 /‬ص‬
‫‪. 47‬‬
‫([‪  )]6‬د‪ .‬عوض محمد‪ :‬ج‪11‬رائم المخ‪11‬درات والته‪11‬ريب الجم‪11‬ركي النق‪11‬دي‪ ،‬االس‪11‬كندرية‬
‫‪ ،1965‬ص ‪ ،205‬رقم ‪. 65‬‬
‫([‪  )]7‬د‪ .‬حس‪11‬ن ص‪11‬ادق المرص‪11‬فاوي ‪ /‬التج‪11‬ريم في تش‪11‬ريعات الض‪11‬رائب‪ ،‬منش‪11‬أة‬
‫المعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬سنة ‪1977‬‬
‫([‪  )]8‬نقض جنائي مص‪1‬ري ‪ ،11/3/1952‬مجموع‪1‬ة أحك‪1‬ام النقض المص‪11‬رية‪ ،‬س‪،3‬‬
‫ص ‪ ،543‬رقم ‪. 204‬‬
‫([‪  )]9‬نقض جن‪11‬ائي‪ ،17/5/1966 :‬مجموع‪11‬ة أحك‪11‬ام النقض‪ ،‬س‪ ،17‬ص ‪ ،639‬رقم‬
‫‪.115‬‬
‫الخاتمه‬
‫هذا هو البحث الذي قدمناه عن جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه‬
‫والقضاء ولقناعتنا بأن الخاتمة ما هي اال الثمرة المرجوة من وراء البحث‪،‬ومن ثم‬
‫فانها يجب أن تتضمن ابرز ما تم التوصل‪ 1‬اليه من نتائج حتى ال تاتي الخاتمة مجرد‬
‫ترديد مقتضب لما سبق وشرحناه لذا فاننا سنوجز أهم مميزات جريمة التهريب‬
‫الجمركي في نقاط خمسة هي‪-:‬‬
‫والً‪   :‬لم يفرق قانون الجمارك بين الجريمة التامة والشروع فيها حيث أنه يعاقب على‬
‫الشروع في جريمة التهريب بنفس العقوبة المقدرة للجريمة التامة‪.‬‬
‫انياً‪   :‬حق النيابة العامة الجمركية بتحريك الدعوى العامة مقيد بتكليف خطي بذلك من‬
‫مدير عام الجمارك وهذا االجراء من النظام العام‪.‬‬
‫الثاً‪   :‬تشمل المسؤولية المدنية في جرائم التهريب الجمركي الفاعل األصلي‪،‬والشريك‪،‬‬
‫والمتدخل‪،‬والمحرض‪،‬وحائز المواد المهربة وصاحب وسيلة النقل التي تم استخدامها‬
‫في التهريب وسائقها ومعاونه وأصحاب أو مستأجري المحالت أو األماكن التي‬
‫اودعت فيها المواد المهربة أو المنتفعين‪ 1‬بها‪.‬‬
‫رابعاً‪  :‬يحكم على مرتكبي الجريمة بغرامة جزائية ثم غرامة باهضة تسمى تعويضا ً مدنيا ً‬
‫وكذلك يتم مصادرة البضاعة موضوع التهريب أو بما يعادل قيمتها مع الرسوم في‬
‫حالة عدم ضبطها وكذلك مصادرة وسائط النقل التي تم استعمالها في التهريب أو‬
‫الحكم بقيمة ‪ %50‬من قيمة البضائع المهربة بحيث ال تزيد على قيمة واسطة النقل‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬يمكن إجراء مصالحة بجرائم التهريب بعقد يسمى "عقد التسوية" ويتم بين دائرة‬
‫الجمارك وبين مرتكبي‪ 1‬التهريب وعند ذلك يسقط حق المالحقة القضائية‪ ،‬إذا تمت‬
‫المصالحة قبل رفع الدعوى‪ ،‬أما إذا كانت قد رفعت فتقسط الدعوى بالمصالحة‪.‬‬
‫وهذه األحكام والمميزات ال وجود لها في الجرائم األخرى إذ ال تملك النيابة‬
‫العامة المصالحة عنها أو التنازل عن الدعوى العامة‪.‬‬
‫المراجع‬
‫أوال‪ :‬باللغة العربية‬
‫‪        .1    ‬األستاذ أحمد زكي الجمال – التهريب الجمركي وجرائم التبغ‪ -‬القاهرة ‪1973‬‬
‫‪        .2    ‬الدكتور أحمد فتحي سرور‪ -‬الجرائم الضريبية والنقدية‪ -‬القاهرة‪1960‬‬
‫‪        .3    ‬الدكتور أحمد فتحي سرور‪ -‬محاضرات في قانون العقوبات الضريبي –‬
‫القاهرة ‪1969‬‬
‫‪        .4    ‬الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص –‬
‫القاهرة ‪1972‬‬
‫‪        .5    ‬الدكتور أحمد فتحي سرور‪ -‬الجرائم الضريبية‪ -‬القاهرة ‪1990‬‬
‫‪        .6    ‬الدكتور أمال عثمان – شرح قانون العقوبات االقتصادي‪ -‬القاهرة ‪1981‬‬
‫‪        .7    ‬الدكتور أمال عثمان‪ -‬شرح قانون العقوبات‪ -‬القسم الخاص‪ -‬القاهرة ‪1975‬‬
‫‪        .8    ‬األستاذ أنور العمروسي‪ -‬شرح قوانين‪  ‬الجمارك واالستيراد والتصدير‬
‫والنقد‪ -‬القاهرة ‪1972‬‬
‫‪        .9    ‬الدكتور أمينة النمر‪ -‬أصول المحاكمات المدنية‪ -‬دار النهضة‪ 1‬العربية‪ -‬طبعة‬
‫‪1985‬‬
‫‪     .10‬الدكتور جالل ثروت‪ -‬الظاهرة اإلجرامية‪ -‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪1975‬‬
‫‪     .11‬الدكتور جورج قذيفة‪ -‬القضايا الجمركية الجزائية‪-‬بيروت ‪1973،‬‬
‫‪     .12‬الدكتور حسن صادق المرصفاوي – التجـريم فـي تـشريعـات الضـرائب‪-‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪1963‬‬
‫‪     .13‬الدكتور حسن صادق المرصفاوي‪ -‬أصول اإلجراءات الجنائية‪-‬اإلسكندرية‪،‬سنة‬
‫‪1977‬‬
‫‪     .14‬د‪ .‬حسن جواخدار "شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني" عمان‪/‬‬
‫‪1993‬‬
‫‪     .15‬الدكتور رزق هللا األنطاكي – التشريع الجمركي – دمشق‪.1951 ،‬‬
‫‪     .16‬د‪ .‬رمسيس بهنام – النظرية العامة للقانون الجنائي‪ ،‬اإلسكندرية‪.1971 ،‬‬
‫‪     .17‬د‪ .‬رفعت لبيب متياس "الضرائب الجمركية بين النظرية والتطبيق"‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1975‬‬
‫‪     .18‬د‪ .‬عبد الرؤوف عبيد ‪ /‬مبادئ االجراءات الجنائية ‪ /‬طبعة ‪.1982‬‬
‫‪     .19‬د‪ .‬سوزي عدلي ناشر "ظاهرة التهريب الضريبي الدولي" االسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪.1999‬‬
‫‪     .20‬د‪ .‬شوقي رامز شعبان "النظرية العامة للجريمة الجمركية" الطبعة األولى‪/‬‬
‫بيروت‪ ،‬سنة ‪.1976‬‬
‫‪     .21‬د‪ .‬عوض محمد "جرائم المخدرات والتهريب الجمركي والنقدي" االسكندرية‪،‬‬
‫‪.1966‬‬
‫‪     .22‬د‪ .‬عبد الحميدالشواربي "الجرائم المالية والتجارية" االسكندرية سنة ‪.1986‬‬
‫‪     .23‬األستاذ غازي جرار "شرح قانون العقوبات األردني" عمان ‪.1978‬‬
‫‪     .24‬د‪ .‬فوزية عبد الستار "شرح قانون االجراءات الجنائية" القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1977‬‬
‫‪     .25‬د‪ .‬فوزية عبد الستار "المساهمة األصلية في الجمركة" القاهرة ‪.1976‬‬
‫‪     .26‬د‪ .‬كمال حمدي ‪ /‬جريمة التهريب الجمركي ‪ /‬االسكندرية‪.1997 ،‬‬
‫‪     .27‬د‪.‬كامل السعيد "النظرية العامة لجرائم التهريب"‪ ،‬القاهرة‪.1979 ،‬‬
‫‪     .28‬د‪ .‬مجدي محب حافظ "جريمة التهريب الجمركي" القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1992‬‬
‫‪     .29‬د‪ .‬محمود نجيب حسني "شرح قانون العقوبات اللبناني"‪ 1‬القسم العام‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫سنة ‪.1975‬‬
‫‪     .30‬د‪ .‬محمود نجيب حسني "النظرية العامة في القصد الجنائي" القاهرة‪ ،‬سنة‬
‫‪1986‬‬
‫‪     .31‬د‪ .‬محمد نجيب السيد "جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء"‬
‫االسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1992‬‬
‫‪  .32‬د‪ .‬مأمون محمد سالمة ‪ /‬قانون االجراءات الجنائية معلقا ً عليه بالفقه وأحكام النقد ‪/‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ / 1980‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪     .33‬د‪ .‬محمود زكي شمس "أضواء حديثة على تشريعات التبغ والتمباك وجرائم‬
‫التهريب" دمشق‪.1992 ،‬‬
‫‪     .34‬د‪ .‬نائل عبد الرحمن "الجرائم االقتصادية" عمان سنة ‪.1990‬‬
‫‪     .35‬د‪ .‬نبيل لوقابباوي "الجرائم الجمركية دراسة مقارنة" دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.1994 ،‬‬
‫‪     .36‬األستاذ يوسف الغرياني‪ ،‬الضرائب الجمركية وأثرها في االقتصاد ‪ /‬االسكندرية‬
‫سنة ‪.1988‬‬
‫‪     .37‬األستاذ يوسف الغرياني "الجمارك علم وفن وتخصص" االسكندرية سنة‬
‫‪.1989‬‬

You might also like