Professional Documents
Culture Documents
Ñ® Ûí Ƒúóý® Á ƒÚñÛ®Þ
Ñ® Ûí Ƒúóý® Á ƒÚñÛ®Þ
([ )]1الدكتور أحمد فتحي سرور :الجرائم الضريبية والنقدي11ة – الق11اهرة ،1960 ،ص
. 107
([ )]2الدكتور عوض محمد ،جرائم المخ1درات والته1ريب الجم1ركي والنق1دي ،الطبع11ة
األولى ،االسكندرية ،1966 ،ص . 146
([ )]3د .فوزية عبد الستار :المساهمة األصلية في الجريم11ة ،رس11الة دكت11وراة مقدم11ة
لجامعة القاهرة سنة ،1967ص . 94
([ )]4ال11دكتور محم11ود نجيب حس11ني :ش1رح ق11انون العقوب11ات اللبن11اني /القس11م الع11ام،
بيروت ،سنة ،1975ص 385
([ )]5الدكتور جالل ثروت :نظرية الجريمة متعدية القص11د الجن11ائي /رس11الة دكت11وراة/
جامعة االسكندرية ،سنة ،1959ص . 224
([ ) ]6الدكتور محمد نجيب السيد :جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء،
االسكندرية ،1992 ،ص . 173
([ )]7المستشار فاروق سيف النصر :محاضرات في جرائم القتل الخطأ وفي قضايا
التهريب الجمركي ،القاهرة ،1985 ،ص .84
([ )]8الدكتور أحمد فتحي سرور :الجرائم الضريبية والنقدية ،القاهرة ،1960 ،ص
،300رقم . 101
القسم الثالث
نظرية االختصاص المكاني وجريمة التهريب
"خروج جريمة التهريب عن قواعد االختصاص"
الباب األول
مقدمة عامة
نظرية االختصاص
يقصد باالختصاص تحديد القانون للسلطة المختصة في نظر الدعاوى ،أي والي11ة
الفصل في المنازعات القضائية حسب النوع الذي عين11ه وح11دده الق11انون ،ويقص11د به11ا
السلطة القضائية سواء كانت جهة مدنية أم استثنائية 1أم جنائية وتعني 1األخيرة السلطة
التي يقررها القانون للقضاء (قضاء التحقيق ،ويشمل قاضي التحقيق كما يشمل النيابة
العامة عندما تباشر وظيفة التحقيق باعتباره11ا تم11ارس عمالً قض11ائيا ً كم11ا تع11ني أيض1ا ً
قضاء الحكم) ([.)]1
من هذا يفهم أن المقص11ود باالختص11اص الص11الحية ألداء وظيف11ة قض11ائية معين11ة
يعترف القانون باألعمال ال11تي تمارس11ها ويفهم أيض1ا ً أن االختص11اص ال يش11مل مرحل11ة
المحاكمة بالنسبة للمسائل الجنائية بل يمت11د إلى اختص11اص س11لطات التحقي11ق واالته11ام
وحتى سلطات االستدالل([.)]2
ومن أج11ل الوص11ول لتحدي11د االختص11اص ف11إن المش11رع وض11ع تص11نيفا ً لل11دعاوى
وتنويعاً 1للمحاكم ،وتخويل كل محكمة النظ1ر في مجموع1ة معين1ة من ال1دعاوى وج1زاء
الخروج على قواعد االختصاص بطالن هذا العمل.
المبحث األول1
المبادئ العامة لنظرية االختصاص
االختصاص بصفة عامة قد يكون دوليا ً وقد يكون إقليمياً([:)]3
فاالختصاص الدولي يعني سلطة محاكم كل دولة في أن تنظر دعاوى معين11ة دون
المحاكم األجنبية – 1في نظر مش11رعها – بالفص11ل بالمنازع11ات ال11تي تث11ور على إقليمه11ا
بين األشخاص المقيمين فيه11ا ك11انوا مواط11نين أو أج11انب أو تل11ك ال11تي تتعل11ق ب11األموال
الموجودة على أرضها أو الجرائم التي ترتكب فيها([.)]4
وعند تعيين المحكمة المختصة بنظر هذه الدعاوى داخ11ل قط11ر الدول11ة ذات11ه فإن11ه
يتحتم أوالً تعيين أو تحديد هل هذه الدعاوى من اختصاص المحاكم األردني1ة فإن1ه يجب
عن11دها البحث ح11ول أي محكم11ة من المح11اكم األردني11ة له11ا االختص11اص في نظ11ر ه11ذه
ال11دعاوى ،أي أن االختص11اص ال11دولي يس11بق االختص11اص ال11داخلي( ،)3وق11د تن11اولت
االختصاص الدولي للمحاكم الم11ادة ( )27من ق11انون أص11ول المحاكم11ات المدني11ة رقم (
)14لسنة 2001أردني والتي جاء فيها:
-تمارس المحاكم النظامي11ة في المملك11ة األردني11ة الهاش11مية ح11ق القض11اء على جمي11ع
األشخاص في المواد المدنية ،باستثناء المواد ال11تي ق11د يف11وض فيه11ا ح11ق القض11اء إلى
محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب أحكام أي قانون آخر.
والقواعد التي تحدد االختصاص الدولي للمحاكم في دولة م11ا هي القواع11د الص11ادرة
عن مشرعها فاالختصاص الدولي للمحاكم األردني11ة يح11ددها المش11رع األردني ،بم11ا أن
األصل في نطاق تطبيق قانون العقوبات من حيث المكان مرتبط مع االختصاص الدولي
للمحاكم لذات الدولة ،فإن ذلك يعني أن كل جريمة ترتكب داخل الدول11ة وينطب11ق عليه11ا
قانونها ،تختص بها محاكم الدولة بغض النظر عن جنس11ية مرتكبيه11ا أو المج11ني علي11ه
فيها.
والقواعد التي تحدد السلطان المكاني للنص الجن11ائي أربع11ة :إقليمي11ة النص ،شخص11ية
النص ،عينية النص ،وعالمية النص([.)]5
ونعني 1بإقليمية النص :أن يطبق على كل شخص يرتكب جريم11ة في اإلقليم الخاض11ع
لسيادة الدولة أيا ً كانت جنسية مرتكبيها ،كم11ا نع11ني بشخص11ية النص :أن يطب11ق النص
على كل جريمة يرتكبها شخص يحمل جنسية الدولة أيّا ً كان اإلقليم الذي ارتكبه11ا في11ه،
أما المقصود بعينية النص :أن يطب11ق النص على ك11ل جريم11ة تمس الحق11وق األساس11ية
للدولة أيّا ً كانت جنسية مرتكبها ومكان ارتكابها ،ونع11ني 1بعالمي11ة النص أن يطب11ق على
ك11ل جريم11ة يقبض على مرتكبه11ا في إقليم الدول11ة أيّ 1ا ً ك11انت جنس11يته ومك11ان جريمت11ه
ويختل11ف نط11اق تط11بيق ه11ذه المب11ادئ من حيث المج11ال المك11اني وأوس11عها ب11دون ش11ك
عالمية النص.
ويالحظ أن المبدأ الراجح في التشريعات الحديثة هو مبدأ إقليمية النص الجنائي.
ويرجع ذلك لمبدأ السيادة التي للدولة على إقليمه11ا حيث أن الق11انون الجن11ائي الوس11يلة
لتأمين الحقوق الجديرة بالحماية الجنائية وهو مظهر السيادة على اإلقليم وهو األق11رب
لتحقيق العدالة حيث تتوافر أدلة اإلثبات 1في مكان الجريمة ويسهل تحقيقها حيث يك11ون
القاضي اإلقليمي أقدر على تحديد مسؤولية مرتكبها والقاضي يطبق ق11انون بل11ده ،كم11ا
أن ذلك يحقق عملية الردع المتوخاة من العقاب بصورة أفضل.
وفي ح11ال ثب11وت االختص11اص ال11دولي لمحكم11ة دول11ة معين11ة (األردن ،أو مص11ر أو
سوريا مثالً) فإن قانون العقوبات الخاص به11ذه الدول11ة المعين11ة يص11بح واجب التط11بيق
ولو كان المتهم بها أجنبيا ً ولو كان مكان وقوع الجريمة في الخارج.
أما عن االختص11اص الجن11ائي ال11داخلي ،فيقص11د ب11ه توزي11ع ال11دعاوى الجنائي11ة ال11تي
تختص بها المحاكم في الدولة دوليا ً على المحاكم المتنوع1ة 1فيه11ا وفق1ا ً للض11وابط ال11تي
حددها المشرع ،وقد تناولت المادة ( )140من قانون أصول المحاكم11ات الجزائي11ة ه11ذا
التوزيع بالنسبة للجنح والجناية ،وجرائم الجنح المالزمة للجناية فيما عدا م11ا ك11ان من
اختصاص محاكم الصلح والتي 1خصص لها النظر ببعض الجنح والمخالف11ات حس11ب م11ا
ح11دد المش11رع وك11ذلك الجناي11ات الك11برى ال11تي ح11ددتها الم11ادة ( )4من ق11انون محكم11ة
الجنايات الكبرى رقم ( )19لسنة .1986
وق11د تن11اولت ه11ذا التوزي11ع في المس11ائل المدني11ة الم11ادة ( )30وم11ا بع11دها بالنس11بة
الختص11اص محكم11ة البداي11ة ،من ق11انون أص11ول المحاكم11ات المدني11ة رقم ( )14لس11نة
2001والم11ادة الثالث11ة من ق11انون مح11اكم الص11لح رقم ( )13لس11نة 2001بص11يغته
المعدلة.
واالختصاص بصورة عامة ال يكون جنائيا ً فقط بل يكون اختصاص غ11ير ع11ادي ألن
القضاء ليس نوعا ً واحداً فهناك القضاء اإلداري ،والقضاء العادي (مدني وجنائي).
وقد ينشئ المشرع أنواعاً 1أخ11رى إذا رأى في ذل11ك مالئم11ة تخص11يص مح11اكم معين11ة
لينظر دعاوى من نوع معين (مث11ل المحكم11ة الجمركي11ة) ،المهم أن ض11ابط التمي11يز بين
أنواع 1القضاء هو االختصاص([.)]6
المبحث الثاني1
الطبيعة القانونية لالختصاص([)]7
عرفنا أن مصدر االختص11اص ه11و قواع11د الق11انون ،فطبيع11ة االختص11اص قانوني11ة
وبهذا فهي ذات طابع ملزم سواء ألطراف الدعاوى أو للقاضي نفسه.
يتضح من هذا أن المدعي يلتزم برفع الدعوى أمام المحكمة التي خولها الق11انون
بنظر الدعوى وال يجوز له أن يلزم المدعى علي11ه برفعه11ا أم11ام محكم11ة أخ11رى ،كم11ا ال
يحق للمدعى عليه أن يدفع بعدم االختصاص لكون هذه المحكمة غير مالئمة ل1ه([،)]8
عالوة على ذلك ف11إن قواع11د االختص11اص ملزم11ة للقاض11ي نفس11ه ف11إن دخلت قانون1ا ً في
اختصاصه ،فإنه يعت11بر مرتكب1ا ً لجريم11ة إذا رفض النظ11ر فيه11ا ،وان ك11انت خارج11ة عن
اختصاصه فإنه يتعين 1عليه أن يخرج الدعوى من حوزت11ه وإال ك11ان قض11اؤه ب11اطالً ،إال
إذا قبل الخصوم ذلك صراحة أو ضمنا ً هذا م1ا أكدت11ه الم11ادة ( )27/2من ق1انون أص1ول
المحاكمات المدنية األردني السابق ذكره.
المطلب األول
قواعد االختصاص والنظام العام
من استعراضنا ألحكام القانون وأحكام محكم11ة التمي11يز األردني11ة وأحك11ام محكم11ة
النقض المص11رية نج11د أن االختص11اص متعل11ق بالنظ11ام الع11ام فيم11ا ع11دا االختص11اص
المحلي([.)]9
وهذا ما أفادته المادة ( )108من قانون المرافعات المصرية ،حيث اعتبرت الدفع
لعدم االختص11اص المحلي غ11ير متعل11ق بالنظ11ام الع11ام ،وك11ذلك الح11ال بالنس11بة للمس11ائل
الجنائية حيث حدد لالختصاص المكاني أكثر من ضابط وجعل المشرع لها التساوي وال
تفاضل في أي منها (تمييز أردني جزاء 90/54ص 870سنة 1954المبادئ ج 1ص
،46أنظ111ر نقض مص111ري ،18/4/1976س ،27ص 436مج ف111ني .نقض مص111ري
1525لسنة 50جلسة 17/11/1980س 31مج فني ص .)1012
وقض11ت محكم11ة التمي11يز األردني11ة /ب11أن المحكم11ة ال تمل11ك البحث في دف11ع ع11دم
االختصاص المكاني ما لم يتمسك به المدعي قبل الدخول في موضوع الدعوى([.)]10
وجاء أيضا ً بأنه ال يجوز سماع الدفع بعدم الصالحية المكانية إذا لم يتمس11ك به11ذا
الدفع قبل اإلجابة على الئحة الدعوى([.)]11
وقضت أيضا ً أن الدفع بعدم االختصاص المحلي هو دفع ابتدائي يجب إب11داؤه قب11ل
ال11دخول في موض11وع ال11دعوى إذ ال تفي11د مناقش11ة المم11يز ض11دها للموض11وع بالتن11اوب
والتنازل عن هذا الدفع بعدم االختصاص الذي أبدى قبل مواجهة الموضوع([.)]12
يفهم من هذه األحكام وغيرها أن الدفع بعدم االختصاص المكاني ليس من النظ11ام
العام ،فال يحق للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ،كما ال يحق للخصم أن يدفع بهذا
الدفع إذا ما بدأ في النظر في الدعوى األصلية ،ويلزم الدفع به قبل اإلجاب11ة على الئح11ة
االدعاء أو الشكوى سواء من قبل المدعى عليه أو محاميه.
وإن بدأت المحكمة في نظر الدعوى أو الشكوى ف11إن الطعن يص11بح بغ11ير ج11دوى
وال تملك المحكمة أصالً البحث فيه وال يجوز س11ماع مث11ل ه11ذا ال11دفع ول11ذا فإن11ه ي11ترتب
على المحكمة رد الطلب فوراً ومن تلقاء نفس11ها والحكم11ة من ذل11ك أن11ه طالم11ا ارتض11ى
الطرف11ان من11ذ البداي11ة في نظ11ر ال11دعوى ل11دى ه11ذه المحكم11ة فال داعي لتعطي11ل س11ير
العدالة([.)]13
وفي جمي11ع األح11وال إذا م11ا ثبت للقاض11ي اختصاص11ه بال11دعوى يتعين علي11ه أن
يقضي فيها ،فإن امتنع ارتكب جريمة([.)]14وإذا ثبت له أنه غ11ير مختص وجب علي11ه
أن يقرر ذلك ،ويخرج الدعوى من حوزته فإذا أقضى فيها كان قضاؤه باطالً([.)]15
والعلة في ذلك أن النظر في موضوع الطلب المقدم للمحكمة بعدم االختص11اص المك11اني
بع11د ال11دخول في موض11وع ال11دعوى ي11ترتب علي11ه س11قوط الح11ق من11ه ألن ال11دخول في
موضوع الدعوى معناه التنازل عن الحق في الدفع بعدم االختصاص .وقد أكدت الم11ادة
( )110من قانون أصول المحاكمات المدنية األردني ذلك وقد جاء فيها:
-الدفع ببطالن غير المتصل بالنظام العام وس1ائر ال11دفوع المتعلق11ة ب11اإلجراءات غ11ير
المتصلة بالنظام الع11ام ،وال11دفع بع11دم االختص11اص المك11اني (أو بوج11ود ش11رط التحكيم)
يجب إبداؤها معا ً قبل إبداء أي دفع اجرائي آخر أو طلب أو دفاع في الدعوى وإال سقط
الحق فيها ،كما يسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يبدها في الئحة الطعن.
ويجب إب11داء جمي11ع الوج11وه ال11تي ب11ني عليه11ا ال11دفع المتعل11ق ب11اإلجراءات غ11ير
المتصل بالنظام العام معا ً وإال سقط الحق لما لم يبد منها.
وما دام العم11ل ب11اطالً ابت11داء ف11إن س11ير القض11اء في11ه مخ11الف لقواع11د اإلج11راءات
فتكون المحكمة مهدرة لوقتها ،وجاهلة لنطاق سلطتها القضائية ،وم11ا دام أن المحكم11ة
ال تملك بداءة الحق في السير بالطلب لعدم االختصاص المكاني ،فإن من ال يمل11ك ش11يئا ً
ال يستطيع إعطاءه([.)]16
ويالحظ أن قواعد االختص11اص المتعلق11ة بالنظ11ام الع11ام في المس11ائل الجنائي11ة هي
ذاتها في المسائل المدنية حيث اعتبر االختصاص النوعي أو القيمي وال11وظيفي متعل11ق
بالنظام العام ،وكذلك االختصاص الدولي يعت1بر غ1ير متعل1ق بالنظ1ام الع1ام إال في حال1ة
اس11تثنائية إذا م11ا تعل11ق بحال11ة اختص11اص مك11اني إل11زامي([ ،)]17الم11ادة ( )109من
القانون األردني (أصول محاكمات المدنية) في فقرتها 2من1ه تتض1من ب1أن ال1دفع بع1دم
االختصاص المكاني ال يعتبر من النظام العام في حين نصت المادة 111منه بأن ال11دفع
بعدم االختصاص النتق11اء والي11ة المحكم11ة أو بس11بب ن11وع ال11دعوى أو قيمته11ا فإن11ه من
النظام العام.
ويترتب على تعلق بعض أنواع االختصاص بالنظام العام نتائج هامة وهي أن11ه ال
يجوز لألفراد االتفاق 1على مخالفة قواعد االختصاص ال صراحة وال ضمناً ،ويجب على
المحكم11ة أن تبحث ه11ذا األم11ر من تلق11اء نفس11ها وتقض11ي بع11دم االختص11اص إن لم تكن
الدعوى من اختصاصها حتى ال يستوجب حكمها بالبطالن ،كما يحق للنيابة العام11ة في
المسائل الجنائية أن تدفع بعدم االختصاص حتى لو كانت الدعوى مطروح11ة من قبله11ا،
كما يحق لكل طرف من األطراف الدفع بعدم االختصاص ،ويعتبر ال11دفع من قب11ل المتهم
حق ألنه وسيلة دف1اع إن ك1ان مطابق1ا ً للق1انون ال لكون1ه مالئم1ا ً ل1ه ويمكن ال1دفع بع1دم
االختصاص النتفاء والية المحكمة أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها ولو ألول مرة أمام
محكمة التمييز (النقض).
من هذا يفهم أن للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تصدر حكما ً بع11دم االختص11اص
أو بن11اء على طلب الخص11وم كم11ا ي11ترتب على مخالف11ة قواع11د االختص11اص الن11وعي1
والشخص11ي البطالن المطل11ق ،وي11ترتب على الحكم بع11دم االختص11اص أيض11ا ً ك11ف ي11د
المحكمة المعروض عليها([ )]18النظر في الدعوى األص11لية ،ك11ذلك ال يح11ق للمحكم11ة
ال11تي طعن أمامه11ا بق11رار ع11دم االختص11اص أن تنظ11ر في ال11دعوى األص11لية لكن يتحتم
عليه11ا أن تح11دد جه11ة االختص11اص ح11تى ال يح11رم المتهم من حق11ه في المحاكم11ة أم11ام
الدرجة األولى كما أن المحكمة ال11تي أحيلت عليه11ا ال11دعوى إذا رأت أن المحكم11ة ال11تي
رفض11ت النظ11ر في ال11دعوى األص11لية هي فعالً المحكم11ة المختص11ة فإن11ه يجب إع11ادة
الدعوى لها لنظرها ،وال يحق لها النظر فيها.
من هذا يفهم بأن للدفع بع11دم االختص11اص ط11ابع أولي([ ،)]19بمع11ني وج11وب أن
تنظر المحكمة في الطلب بعدم االختصاص قبل النظر في موضوع ال11دعوى ،وإن ك11انت
هذه القاعدة ال يؤخذ بها إطالقاً ،حيث يترتب أحيانا ً أن تضطر المحكم11ة لنظ11ر ال11دعوى
أوالً ثم ينظر في الطلب ،مثالها ل11و أن ال11دعوى ك11انت ق11د أحيلت للمحكم11ة على أس11اس
أنها جنحة سرقة ثم دفع بعدم االختص11اص لك11ون الواقع11ة جناي11ة س11رقة ب11اإلكراه ،ف11إن
على المحكمة أن تثبت أوالً بأن هنالك سرقة باإلكراه أم ال([ )]20فإذا ثبت ذل11ك ض11مت
الطلب للدعوى ،وفصلت فيهما معا ً بحكم واحد ،وتلتزم المحكمة بالرد على ال11دفع بع11دم
االختصاص رداً صريحا ً لكونه من الدفوع الجوهرية وإال كان حكمها قاصراً([.)]21
وللدفع بعدم االختصاص في المسائل المدنية /طابع أولي أيضا ً بمعنى وجوب أن تنظ11ر
المحكمة في الطلب بعدم االختصاص قب11ل النظ11ر في الموض11وع ولكن ال يؤخ11ذ ب11ه على
إطالقه وقد حددت ذلك المادة ( )190/2من أصول المحاكمات المدنية والتي جاء فيها:
"على المحكمة أن تفص1ل في الطلب المق1دم إليه1ا بم1وجب أحك1ام الفق1رة ( )1من ه1ذه
المادة ويكون حكمها الصادر في هذا الطلب قابالً لالستئناف"
المطلب الثاني
الفرق بين الوالية القضائية واالختصاص
إذا كان االختصاص يعني مباشرة والية القضاء في نظر الدعوى في الحدود التي
رسمها القانون ،فإن االختصاص على هذا األس1اس يختل1ف عن والي1ة القض1اء فوالي1ة
القض11اء يقص11د به11ا س11لطة القاض11ي في الحكم في التعب11ير عن إرادة المش11رع بالنس11بة
للواقعة المطروحة أمامه ،وهذه الوالية تتطلب في القاضي األهلي11ة القض11ائية المتعلق11ة
بأسباب الص11الحية وص11حة التش11كيل كم11ا تف11ترض أيض1ا ً األهلي11ة اإلجرائي11ة ب11أن تك11ون
مباشرة سلطة القاضي في الحكم قد تمت في الحدود التي رسمها القانون.
والقاعدة العامة بالنسبة لوالية القضاء الجن11ائي بأنه11ا ال تثبت إال إذا ت11وافرت ل11ه
وإن كان هنالك استثناء على هذه القاعدة أباحها القانون من حيث تثبيت 1والية القض11اء
الجنائي لقضاه ال تثبت لهم هذه الوالية كم11ا ه11و الح11ال في النظ11ر في ج11رائم الجلس11ات
وكما هو الحال بالنسبة للقاضي المدني أو الشرعي.
وكذلك فإن والية القضاء المدني تثبت استثناء للقاضي الجنائي في ح11دود معين11ة
قررها له المشرع وذلك عندما ينظر باالدعاء المدني تبعا ً للدعوى الجنائية.
ويترتب على الفرق بين االختصاص ووالية القض11اء نت11ائج هام11ة تتعل11ق بالقيم11ة
القانوني11ة للحكم الص11ادر بالمخالف11ة لقواع11دها ،وعلى ال11رغم من أن ك11ل من قواع11د
االختصاص والوالية تتعلق بالنظام العام إال أن الجزء اإلجرائي لمخالفتها للنظ11ام الع11ام
يختلف أحدها عن اآلخر([.)]22
فمخالف11ة القواع11د الخاص11ة باالختص11اص (الن11وعي والشخص11ي) ي11ترتب علي11ه
البطالن المطل11ق في حين ي11ترتب االنع11دام للحكم في ح11ال مخالف11ة القواع11د الخاص11ة
بالوالي11ة القض11ائية في الحكم الص11ادر من قاض11ي لم يتم تعيين11ه وفق1ا ً للقواع11د الخاص11ة
بالتعيين 1يكون منعدماًُ ،والحكم الصادر من قاضي محكمة جنح في جناية يكون منعدماً،
ويختلف الحال إذا ما فصلت محكمة الجنايات في الدعوى ظنا ً منه11ا في أن القض11ية من
اختصاصها وإذا بها من اختص11اص محكم11ة أمن الدول11ة ف11إن الحكم يك11ون ب11اطالً ،ول11و
كانت دائرة محكم11ة الجناي11ات هي بنفس تش11كيلها تنعق11د كمحكم11ة أمن علي1ا ً في أوق11ات
أخرى([.)]23
المطلب الثالث
الجهة المختصة بتحديد االختصاص
األصل أن المدعي بال11دعوى المدني11ة ه11و ال11ذي يح11دد المحكم11ة ال11تي يعتق11د أنه11ا
صاحبة الصالحية في نظر الدعوى ،وفي الدعاوى الجنائية تقوم النيابة العام11ة بتحدي1د
جهة االختصاص على ضوء تقديرها فيما إذا كانت الواقعة المعروضة جناي11ة أم جنح11ة
فتحيلها على المحكمة المختصة ،فالمادة ( )140من قانون أصول المحاكمات الجزائي11ة
األردني نصت على ما يلي:
"تنظر محكمة البداية بالدرجة األولى بحسب اختصاصها في الجنح ال11تي يحيله11ا
إليها المدعي العام أو من يقوم مقامه مما ه11و خ11ارج عن وظيف11ة مح11اكم الص11لح ،كم11ا
تنظر بصفتها الجنائية في جميع الجرائم التي هي من نوع الجناية وفي ج11رائم الجنح11ة
المتالزمة مع الجناية المحالة عليها بموجب قرار االتهام".
وقد أكدت هذا النص أحكام محكمة النقض المصرية حيث قضت (أن المعول عليه
في تحديد االختصاص الن11وعي بالوص11ف الق11انوني للواقع1ة كم1ا رفعت به1ا ال1دعوى إذ
يمتنع عقالً أن يكون المرج11ع في ذل11ك ابت11دا ًء ه11و ن11وع العقوب11ة ال11تي يوقعه11ا القاض11ي
انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى سواء كانت الجريم11ة قلق11ة أو ثابت11ة الن11وع ،وأي 1ا ً
كان السبب في النزول بالعقوبة عن المحدد قانونياً)([.)]24
ومع ذل11ك إذا رأت محكم11ة الجناي11ات أن الواقع11ة كم11ا هي مبين11ة في أم11ر اإلحال11ة وقب11ل
تحقيقها بالجلس11ة تع11د جنح11ة فله11ا أن تحكم بع11دم االختص11اص وتحويله11ا إلى المحكم11ة
الجزائي11ة ،أم11ا إذا لم ت11رى ذل11ك إال بع11د التحقي11ق ،تحكم فيه11ا (الم11ادة 382من ق11انون
اإلجراءات الجنائية المصرية).
وتطبيقا ً ل1ذلك ف1إن محكم11ة الجنح تقض11ي بع11دم اختصاص11ها إذ ت11بين له11ا الواقع11ة
جناي11ة أو أنه11ا جنح11ة ال تختص به11ا (م 305من ق11انون اإلج11راءات الجنائي11ة المعدل11ة
بالقانون 107ولسنة 1962المصري .ومع ذلك تحديد المدعي للقضاء المختص غ11ير
ملزم إذ ال يفيد أكثر من طلب من ط11رف واح11د ،ول11ذا ف11إن للقض11اء الس11لطة في تق11ديره
وقبوله أو رفضه ،فإذا اتخذ قضاء الدرجة األولى قراراً في شأن اختصاصه فإن لقضاء
الدرجة األولى – عندما يطعن أمامه بذلك القرار – أن يأخذ به أو ال يأخذ – أي قد يتخذ
بذلك مذهبا ً مختلفاً([.)]25
([ )]1أنظر الدكتور محم11ود نجيب حس11ني /ش11رح ق11انون اإلج11راءات الجنائي11ة ،طيع11ة
،1982ص ،374وحاشية رقم . 1
([ )]2الدكتورة أمينة النمر /أصول المحاكمات المدنية ،طبعة ،1985ص ،29وأيضا ً
ال1دكتور أحم1د فتحي س1رور /الوس1يط في ق1انون اإلج1راءات الجنائي1ة ،المجل1د األول،
الجزءان األول والثاني ،طبعة ،1981ص . 967
([ )]3أنظ11ر ال11دكتور محم11ود نجيب حس11ني /المرج11ع الس11ابق ،ص ،375وال11دكتورة
أمينة النمر /المرجع السابق ،ص . 29
([ )3 - ]4أنظر الدكتور محمود نجيب حسني /المرجع السابق ،ص ،375والدكتورة
أمينه النمر /المرجع السابق ،ص .29
([ )]5أنظر الدكتور نجيب حسني /ش11رح ق11انون العقوب11ات ،القس11م الع11ام /فق11رة 104
وما بعدها ص 126وما بعدها ،وقد تناوله11ا ق11انون العقوب11ات األردني من الم11ادة – 7
. 13
وانظر أيضا ً د .محمود مصطفى /شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،ص 130وم11ا
بعدها.
([ )]6مثل اختصاص محكمة األحداث ،ومحكمة أمن الدولة.
([ )]7انظ11ر نقض مص11ري 24 /ابري11ل 1933 /مجموع11ة القواع11د القانوني11ة ج 3رقم
،113ص / 173م11واد ق11انون أص11ول المحاكم11ات المدني11ة رقم ( )14لس11نة 2001
تناولت قواعد االختصاص من المادة . 55 1– 27وقانون أصول المحاكم11ات الجزائي11ة
تناولته في المادة الخامسة.
([ )]8هن11ا وفي ح11ال ك11ون االختص11اص ال يتعل11ق بالنظ11ام الع11ام ،ف11إن مخالف11ة قواع11د
االختصاص التي ال تتصل بالنظام العام تفترض رضاء طرفي الدعوى معا ً (كاختصاص
المحلي).
([ )]9جاء في حكم محكمة النقض المصرية / 21 /ابريل 1969 /مجموعة أحكام س
/ 20رقم ،112ص :539إن االختصاص المحلي ليس من النظ11ام الع11ام ل11ذا ال يج11وز
الطعن فيه أمام محكمة النقض /وفي قرارات س11ابقة /نقض 28ديس11مبر س11نة 1917
المجموع11ة الرس11مية س ،9رقم ،42ص ،97نقض /18ابري11ل 1986/القض11اء نقض
س ،3ص . 282
([ )]10تم1111يز حق1111وق رقم /60/67ص 512س1111نة ،1967وتم1111يز حق1111وق /رقم
237/68/798سنة . 1980
([ )]11تميز حقوق /259/69ص 88س11نة ،1970وتم11يز حق11وق /27/71ص 388
سنة . 1971
([ )]12تميز حقوق 216/64/891سنة . 1964
([ )]13تميز األحكام السابقة حاشية (.)2/3/4
([George vidal et Joseph Monol : Cours de Droit- ( )]14
Criminel et de science penitentiaire . 11 . 1949 . No199
)p.1151
وهي ذات الجريمة المنصوص عليها في المادتين 121/122من قانون العقوبات.
([ )]15أنظر جارو جRene Garraud Traite theorique et pratique L 2
d’instruction criminelle et procedure penaleفقرة 527ص . 318
([ )]16تميز حقوق رقم /60/68ص 512سنة .1967
تميز حقوق رقم /237/68ص 798سنة .1968
([ )]17أنظ11ر د .أمين11ة النم11ر /المرج11ع الس11ابق ص ،30والق11انون اللبن11اني 1يجع11ل
االختصاص المكاني في المسائل المدنية ذا نوعين ،أحدهما متعل11ق بالنظ11ام الع11ام ول11ه
طابع إلزامي وهو الحال11ة االس11تثنائية ،وآخ1ر غ11ير متعل11ق بالنظ11ام الع11ام أي ل11ه ط11ابع
نسبي وهو الغالب ،ويجوز التنازل عنه وعدم جواز التمسك به بعد ذلك.
أنظر د .أمينة النمر /المرجع السابق /ص .57
([ )]18أنظر نقض /24ابريل /مجموعة القواعد القانونية ج ،3رقم ،110ص .173
أنظ11ر نقض /29ديس11مبر /مجموع11ة أحك11ام محكم11ة النقض ،س ،20رقم ،311ص
.1504
تمييز حقوق أردني /94/73ص 784سنة .1973
([ )]19ويالح11ظ أن لل11دفع بع11دم االختص11اص ط11ابع أولي ح11تى في مرحل11ة التحقي11ق
بالنسبة للمسائل الجنائية فقد نصت المادة 67من قانون أص11ول المحاكم11ات الجزائي11ة،
فجاء في فقرتها األولى ما يلي:
"إذا أدلى المشتكى عليه أثناء التحقيق ب11دفع يتعل11ق بع11دم االختص11اص أو بع11دم س11ماع
الدعوى أو بسقوطها أو بأن الفعل ال يستوجب عقاب1ا ً وجب على الم11دعي الع11ام بع11د أن
يستمع إلى المدعي الشخصي أن يفصل في الدفع خالل أسبوع من تاريخ اإلدالء به.
([ )]20أنظر جارو /جزء / 2فقرة ،531ص ،326المرجع السابق.
([ )]21نقض مصري 14 /يونيه 1سنة ،1950مجموعة أحكام محكم11ة النقض ،س،1
رقم ،250ص .786
([ )]22أنظر د .مأمون س11المة (الوس11يط في اإلج11راءات الجنائي11ة معلق1ا ً علي11ه بأحك11ام
النقض ص ،528وق11د نص11ت الم11ادة ( )109من ق11انون المرافع11ات المص11ري على أن
الدفع بعدم االختصاص للمحكمة النتفاء واليتها 1أو بسبب نوع الدعوى أو قيمته11ا تحكم
به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى).
([ )]23أنظ11ر د .أحم11د فتحي س11رور /المرج11ع الس11ابق ،ص ،968نقض /23نوفم11بر
،1975مجموعة األحكام س / 26رقم 126ص . 736
([ )]24انظر نقض مصري /21 /ابري11ل /س11نة 1969مجموع11ة أحك11ام النقض س،20
رقم ،112ص .539تمييز أردني.
أنظر د .محمود نجيب حسني /المرجع السابق في اإلجراءات ،ص 378وما بعدها.
([ )]25أنظر الدكتور محمود محم11ود مص11طفى /اإلج11راءات الجنائي11ة ،ص ،347رقم
.262
الباب الثاني
أوجه االختصاص([)]1
االختصاص الجنائي أنواع ثالثة ،االختصاص المحلي واالختصاص الشخصي
واالختصاص النوعي واالختصاص الوظيفي.
ويقص11د باالختص11اص المحلي االختص11اص من حيث المك11ان ،وه11و ت11وافر ص11لة
يحددها القانون بين الجريم1ة أو المتهم وبين النط1اق اإلقليمي ال1ذي يمت1د في1ه س1لطان
المحكمة (أي المعيار المكاني لوقوع الجريمة) .أما االختص11اص الشخص11ي فيقص11د ب11ه
االختصاص من حيث المتهم ،بمعنى أن يكون المتهم من الخاض11عين لس11لطان المحكم11ة
(وهو المعيار الشخصي) .في حين يقصد باالختص11اص الن11وعي ،االختص11اص من حيث
الواقعة ،أي أن تكون الجريمة – من حيث تكيفها – داخلة في اختصاص المحكمة وهو
المعيار النوعي 1أو الموضوعي.
وغ11ني عن البي11ان ب11أن المحكم11ة ال تعت11بر مختص11ة بنظ11ر ال11دعوى إال إذا ثبت
اختصاصها من هذه الوجهات الثالث.
أم11ا االختص11اص ال11وظيفي فإن11ه يتعل11ق بالنش11اط القض11ائي بالنس11بة لمراح11ل ال11دعوى
الجنائية (التحقيق ،اإلحالة ،المحاكمة ،وتنفيذ األحكام).
أما قانون اإلجراءات المدني فإنه يح11دد االختص11اص بأربع11ة أن11واع ،االختص11اص
الدولي ،واالختصاص الوظيفي ،واالختص11اص الن11وعي ،واالختص11اص المك11اني ولكن11ه
يغفل االختصاص القيمي باعتباره من االختصاص النوعي أحيانا ً وأحيان1ا ً نج11د التحدي11د
لالختصاص المدني األردني يتناول 1الخمسة أن1واع 1الس1ابقة ،وق1د تن1اول ق1انون أص1ول
المحاكمات المدنية لالختصاص المدني في المواد من .55-27
الفصل األول
االختصاص المحلي([)]2
في المسائل الجنائية
مقدمة
تق11وم فك11رة االختص11اص المحلي (اإلقليمي) على أس11اس تقس11يم إقليم الدول11ة إلى
مناطق توزع بين المح11اكم ال11تي تنتمي ل11ذات الن11وع والدرج11ة ،أي يتح11دد االختص11اص
المكاني بإط11ار جغ11رافي معين ،وعلّ11ة ه11ذا التقس11يم والتوزي11ع على مح11اكم متع11ددة ه11و
نتيجة حتمية التس11اع رقع11ة اإلقليم وص11عوبة اختص11اص محكم11ة واح11دة في نظ11ر كاف11ة
الدعاوى اإلقليمية.
والمتفق عليه فقها ً وقانونا ً أن التوزيع يتم وفق ض1وابط ثالث هي /مك1ان وق1وع
الجريمة ،مكان إقامة المتهم ،ومكان ضبط المتهم.
وهذا يستلزم منا:
أوالً : تحديد النطاق اإلقليمي الذي يعمل فيه القاضي.
انيا ً : تحديد الصلة بين هذا النطاق والجريمة أو المتهم والتي تبرر للقاض11ي االختص11اص
وهذه الصلة ضابط لالختصاص المحلي([.)]3
ال بد من التنويه ب11أن تحدي1د مك11ان وق1وع الجريم11ة ق1د أث11ار بعض المس11ائل ال11تي
تمكن الفقه والقضاء إلى حل الكثير منها ،كالمسائل التي تتعلق بالجرائم ال11تي تمت11د في
الزمان والمكان كالجرائم المستمرة وجرائم االعتي11اد ،والمس11ائل المتعلق11ة بج11رائم تق11ع
في الخارج ويمتد القانون الوطني ليطبق عليه11ا وال يك11ون للمتهم مح11ل إقام11ة في ه11ذا
اإلقليم (الدولة).
ومن الرجوع لقواعد القانون األردني (أصول محاكم11ات جزائي11ة) نج11د أن الم11ادة
الخامسة قد تناولت هذه الضوابط في الفقرة األولى منها ،وامت11د االختص11اص للمس11ائل
األخرى في فقراتها التالية حيث جاء فيها:
.1تقام دعوى الحق العام على المشتكى عليه أم1ام المرج1ع القض1ائي الت1ابع ل1ه مك1ان
وقوع الجريمة أو موطن المشتكى عليه([ )]4أو مكان إلقاء القبض عليه.
.2في حالة الشروع تعتبر الجريمة أنها وقعت في كل مكان وق11ع في11ه عم11ل من أعم11ال
البدء بالتنفيذ ،وفي الجرائم المستمرة يعت1بر مكان1ا ً للجريم11ة ك11ل مح1ل تق1وم في1ه حال1ة
االستمرار ،وفي جرائم االعتياد والجرائم المتتابعة يعتبر مكانا ً للجريم11ة ك11ل مح11ل يق11ع
فيه أحد األعمال الداخلة فيها.
.3إذا وقعت في الخارج جريمة من الجرائم التي يسري عليه11ا أحك11ام الق11انون األردني
ولم يكن لمرتكبها محل إقامة معروف في المملك11ة األردني11ة الهاش11مية ولم يل11ق القبض
عليه فيها فتقام دعوى الحق العام عليه أمام المراجع القضائية في العاصمة.
أما قانون اإلجراءات الجنائية المصري فقد تناولت الض11ابط المح11دد لالختص11اص
المكاني في المادة ( )217حيث جاء فيها([:)]5
(يتعين االختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو ال11ذي يقيم في11ه المتهم أو
الذي يقبض فيه عليه).
في حين تن11اولت الم11ادة ( )218أهم تطبيق11ات ه11ذا الض11ابط (وق11د تناولت11ه الم11ادة
الخامس11ة من ق11انون أص11ول المحاكم11ات الجزائي11ة األردني في فقرته11ا الثاني11ة) حيث
تناولت معظم المسائل الشائكة بالنس11بة لك11ون بعض الج11رائم ال تتحق11ق أركانه11ا في آن
واحد أو في مكان واحد حيث جاء فيها:
في حالة الشروع تعتبر الجريمة أنها وقعت في كل محل وقع فيه عمل من أعم11ال
البدء في التنفيذ ،وفي الجرائم المستمرة يعتبر مكانا ً للجريمة كل محل تق11وم في11ه حال11ة
االستمرار ،وفي جرائم االعتياد والجرائم المتتابعة يعتبر مكانا ً للجريم11ة ك11ل مح11ل يق11ع
فيه أحد األعمال الداخلة فيها([.)]6
ويالح11ظ من النص 218 1 ،217أن ال خالف فيهم11ا عن النص ال11وارد في ق11انون
أصول المحاكمات الجزائية األردني في مادته الخامسة فقرة أولى وثانية.
النص11وص الس11ابقة تحتم علين11ا وعلى األخص الم11ادة ،218والفق11رة الثاني11ة من
المادة الخامسة أن نحدد المقصود بالخالف بين الجريمة التي تقع كاف11ة أركانه11ا في آن
واحد ومكان واحد (وهي الجريمة اآلنية أي الوقيتة ،والجريمة ال11تي ال تكتم11ل أركانه11ا
في زمن واحد أو مكان واحد (وهي الجرائم المستمرة) وذلك من أج11ل تحدي11د المحكم11ة
أو المح11اكم المختص11ة بنظ11ر ال11دعاوى ولكي نح11دد مفه11وم الض11ابط األول لالختص11اص
المكاني وهو مكان وقوع الجريمة كم11ا يجب أن نح11دد أم11اكن وق11وع الجريم11ة بالنس11بة
لجريمة االعتياد ،والتكرار ،والشروع ،وسنتناول 1هذه الضوابط 1في المباحث التالية:
المطلب األول
الضابط األول /مكان وقوع الجريمة
تكون للدولة والية القضاء بصفة أصلية إذا وقعت الجريمة في إقليمها لكن تحديد
مكان وقوع الجريمة ليس سهالً دائما ً فهنالك خالف بحسب ن11وع الجريم11ة ه11ل هي من
الجرائم الوقتية 1أم من الجرائم المستمرة أم المتتابعة أم من جرائم العادة.
ولمكان ارتكاب الجريمة أهمية كبيرة حيث ه11و االختص11اص الط11بيعي 1فيه11ا ،ألن11ه
في مكان ارتكابها اخت11ل األمن ،واض11طربت المراك11ز القانوني11ة المس11تقرة وتم االعت11داء
على حقوق يحميه11ا الق11انون([ )]7ول11و أن المش11رع ق11در أن11ه من المالئم في السياس11ة
التشريعية أن يحدد محكمة واحدة تنظر الجريم11ة الخت11ار المحكم11ة ال11تي ارتكبت فيه11ا،
ذلك ألن مكان ارتكاب الجريمة يحقق العدالة بص11ورة أفض11ل ،ويس11هل عملي11ة التحقي11ق
وضبط أدوات الجريمة والقبض على المتهم ،وتحقيق الردع واألثر الفع11ال للعقوب11ة في
نفوس األفراد([ ، )]8وهو المكان الذي يمكن جمع أدلة اإلثبات فيه.
ال يعتبر في تطبيق 1هذا الضابط صعوبة إذا ما تحققت جميع عناصر الركن المادي
في دائرة اختصاص محكمة واحدة إذ ينعقد االختصاص لهذه المحكمة([.)]9
أما إذا تحققت عناصر الجريمة بين دوائر اختصاص محاكم متعددة كما لو ارتكب
الفعل في دائرة اختصاص محكمة وتحققت الجريمة في دائرة اختصاص محكمة أخ11رى
فإن المحكمتين تختصان معا ً بالجريم11ة ،وإذا تحققت بعض الحلق11ات الس11ببية في دائ11رة
ثالثة كانت هذه المحكمة مختصة أيضاً([.)]10
في الفقه (الرأي الراجح) نجد أن الس11لوك (الفع11ل) والنتيج11ة يتس11اويان من حيث
خطورة كل منهما على نظام وأمن الدولة ،فوقوع أيهما فيها يجعل لها والية أصلية في
نظر الدعوى ومعاقبة الفاعل ،وهذا ما تبنته 1كثير من قوانين 1العقوبات([.)]11
لهذا ينعقد االختصاص إما لمحكمة مكان وقوع الفعل أو مك11ان تحق11ق النتيج11ة أو
مكان وقوع أي أثر من آثارها ،وض11ابط المفاض11لة بينهم11ا ه11و للمحكم11ة ذات األس11بقية
الزمنية في رف1ع ال1دعوى أمامه11ا([ ،)]12أي ينعق1د االختص1اص للمحكم1ة ال11تي ترف1ع
إليها الدعوى أوالً ،وهذا ما أكدته أحكام محكمة التمييز األردنية([.)]13
وكذلك الوضع في حال وقوع الفع11ل (أي الس11لوك اإلج11رامي) في مك11ان والنتيج11ة
الجرمية في مكان آخر([ )]14فإن المحكمة المختصة هي المحكمة التي وقع في نط11اق
إقليمها الفعل والمحكمة التي وقعت النتيجة في نطاق إقليمها ،واألفضلية للمحكمة التي
سبق ورفع الدعوى أمامها زمنياً.
مثال على ذلك جريمة إصدار شيك بدون رصيد حيث اتفق الفقه بأنه11ا ليس11ت من
الج11رائم الوقتي 1ة 1ب11ل جريم11ة مركب11ة ( )Complexكم11ا أك11دت أحك11ام محكم11ة النقض
الفرنس11ية ه11ذا ال11رأي ورأت ب11أن جريم11ة إص11دار ش11يك ب11دون رص11يد جريم11ة مركب11ة
فاعتبرت عدم وجود الرص11يد ركن1ا ً أساس11يا ً في الجريم11ة وينعق11د االختص11اص لمحكم11ة
إصدار الشيك ولمحكمة مكان تحقق ركن عدم وجود الرصيد([.)]15
كذلك اعتبرت من الجرائم المركبة جريمة السب والق11ذف غ11ير العل11ني ال11ذي يق11ع
بواسطة إرسال الخطابات أو بطريق التلف11ون ،حيث اعت11برت محكم11ة النقض الفرنس11ية
هاتين الجريمتين من الجرائم المركبة([.)]16
وإذا ك11انت الجريم11ة من الج11رائم الس11لبية البس11يطة (أي قوامه11ا امتن11اع مج11رد)
فتعتبر الجريمة مرتكبة في المك1ان ال1ذي ك1ان يجب أن ينف1ذ في1ه االل1تزام ال1ذي فرض1ه
القانون أي القيام بالفعل اإليجابي الذي يتطلبه القانون لصيانة مص11لحة يحميه11ا ،إذ في
هذا المكان تم إهدار المصلحة وبالتالي ف11إن المحكم11ة المختص11ة بنظره11ا هي المحكم11ة
التي يتبعها 1هذا المكان.
أما إذا كانت من الجرائم الس11لبية ذات النتيج11ة أي قوامه11ا امتن11اع أعقبت11ه نتيج11ة
جرمية ،فإن المحكمة المختصة عالوة على محكمة مكان االمتناع ،أيضا ً محكمة تحق11ق
النتيجة الجرمية([.)]17
هذا بالنسبة للجرائم المس11تمر والجريم11ة المركب11ة ،أم11ا بالنس11بة لج11رائم االعتي11اد
وجريمة التكرار (المتتابعة) فيعتبر مكانا ً للجريمة كل محل يقع فيه أحد األفعال الداخل11ة
فيها.
وقد قض11ت محكم11ة النقض المص11رية بأن11ه إذا وقعت أفع11ال الس11رقة المس11ندة إلى
المتهم في دائرة أكثر من محكمة ف11إن االختص11اص في ه11ذه الحال11ة يك11ون معق11وداً لك11ل
محكمة وقع فيها جزءاً من أعمال السرقة المعاقب عليها([.)]18
ويجدر بنا التمييز بين مكان ارتكاب الجريمة ال11ذي يتح11دد بمك11ان وق11وع عناص11ر
ال11ركن الم11ادي للجريم11ة ومك11ان األعم11ال التحض11يرية له11ا أو األم11اكن المتعلق11ة بمك11ان
حدوث األفعال الالحقة (آثار الجريمة) كمكان إخفاء جثة القتيل فإنهما ال يحددان مك11ان
ارتكاب الجريمة([.)]19
نخلص إلى القول بأن11ه إذا ك11انت الجريم11ة مس11تمرة فإنه11ا تع11د مرتكب11ة في جمي11ع
األم11اكن ال11تي امت11دت فيه11ا الجريم11ة([ ،)]20فمن ح1از ش11يئا ً مس1روقا ً أو متحص1الً من
جناية أو جنحة وتنقل به في أماكن متعددة اختصت بجريمته جمي11ع المح11اكم ال11تي تق11ع
في دوائر اختصاص11ها ه11ذه المح11اكم .وق11د تن11اولت الم11ادة الخامس11ة في فقرته11ا الثاني1ة1
أص11ول المحاكم11ات الجزائي11ة من الق11انون األردني أعم11ال الب11دء في التنفي11ذ والج11رائم
المستمرة ،وجرائم االعتياد والمتتابعة 1مقرة ما سبق ذكره أعاله.
لكن ال يؤخذ بهذا على إطالقه فالجريمة المستمرة استمراراً ثابتا ً (كجريمة إقام11ة
بناء مخالف للترخيص أو بدون رخص11ة) فإنه11ا تأخ11ذ حكم الجريم11ة الوقتي11ة ،وبالت11الي
ينحر االختصاص بها في المحكمة التي ارتكب في دائرتها الفعل ،والغرض من ذل11ك أن
جميع آثار الجريمة تحققت في الدائرة المكانية لهذه المحكمة.
اختلف الشراح حول جريمة االعتياد فذهب بعضهم إلى الق11ول ب11أن ه1ذه الجريم11ة
تقوم بعدد من األفعال كل منها ال يعتبر بذاته جريمة ولكنها مطلوبة في القانون إلثب11ات
حالة العدد الذي هو موضوع التجريم ،وبه11ذا تعت11بر الجريم11ة بنظ11رهم مرتكب11ة في ك11ل
مكان اقترف فيه أحد األفعال ،ومن ثم تختص بها جميع المحاكم ال11تي ارتكب في دوائ11ر
اختصاصها هذه األفعال.
ورأى البعض اآلخ11ر من الش11راح أن المحكم11ة المختص11ة بجريم11ة االعتي11اد هي
المحكمة التي اقترف في دائرتها الفعل األخير([.)]21
في حين ذهب آخرون بجعل االختصاص للمحكمة ال11تي يقيم المتهم في دائرته11ا([
،)]22ونحن نرى أن االختصاص في ح11ال ج11رائم االعتي11اد ينعق11د للمحكم11ة ال11تي وق11ع
بدائرتها الفعل األخير أو مكان إقامة المتهم واألولوية للمحكمة التي رفعت لها الشكوى
باألسبقية الزمنية ،كما نرى أن األمر يختلف من حيث اعتبار كل فع11ل من األفع11ال بح11د
ذاته جريمة يعاقب عليها الق11انون في الج11رائم المتتابع11ة عن ج11رائم االعتي11اد ،حيث أن
المتهم في األول يرتكب عدة أفعال يعاقب القانون عليها بحيث لو اكتفى بارتكاب واحدة
منها لنال عقابه عليها ،ولهذا فإن لك11ل فع11ل في ذات11ه الص11فة اإلجرامي11ة الذاتي11ة وبه11ذا
تختص بنظر هذه الجريمة (المتتابعة) محكمة كل مكان اقترف فيه أحد هذه األفعال.
أما إذا اتخذت الجريمة صورة الشروع ،فالفرض أن الجريمة لم تتحق11ق ،ومن ثم
يتعين 1أن يقتصر البحث على (فعل البدء في التنفيذ) حيث هو الذي يحدد مك11ان ارتك11اب
الشروع بالجريمة ،وإذا امتدت أفعال التنفيذ إلى دوائر اختصاص مح11اكم متع1ددة ك11انت
هذه المحاكم مختصة بنظر الدعوى.
وقد أكدت المادة الخامسة في الفقرة الثانية من قانون أصول المحاكمات الجزائية
بأنه وفي حال11ة الش11روع تعت11بر الجريم11ة أنه11ا وقعت في ك11ل مك11ان وق11ع في11ه عم11ل من
أعمال البدء في التنفيذ.
ويالحظ هنا أنه ال عبره في مكان تحقق النتيجة حيث ال يح11ق للدول11ة ال11تي ك11انت
معنية بوقوع النتيجة فيها توقيع العقاب ،وترى تشريعات بعض الدول بأن هذا الضابط
(أي االكتفاء بمكان وقوع السلوك اإلجرامي كمكان اختصاص لتوقيع العقاب) ال يحق11ق
الحماية التامة ،ومع ذلك نصت كث11ير من التش11ريعات على أن ينش11أ االختص11اص أيض 1ا ً
بصفة أصلية للدولة التي ك11ان يقص11د الج11اني إيق11اع النتيج11ة على إقليمه11ا ،ه11ذا مس11لك
التشريع السويس11ري (الم11ادة )7/2والق11انون الس11ويدي (الم11ادة )4والق11انون اللبن11اني
والس11وري (الم11ادة 15من ك11ل منهم11ا) والق11انون التش11يكي الم11ادة ( )17والمش11رع
المصري (المادة )6/2والقانون العراقي ( المادة ،)6على أن هذا ال11رأي ال يس11تند إلى
أساس علمي ،طالما أن النتيجة لم تحدث وبالت11الي لم يق11ع أي ض11رر للدول11ة ال11تي ك11ان
ي11راد إيق11اع النتيج11ة فيه11ا ،عالوة على ذل11ك ف11إن مج11ال التحق11ق من الفع11ل وظروف11ه
واكتشاف أدلة اإلثبات والتحقيق 1ال تكون مت1وفرة إذا م1ا رفعت ال1دعوى ل1دى المحكم1ة
التي كانت ستقع النتيجة في دائرتها.
وهذا ما تناولته الفقرة الثانية من المادة الخامس11ة من ق11انون أص11ول المحاكم11ات
الجزائية األردنية ،حيث اعتدت فقط في مكان البدء في التنفيذ ،الذي حددت11ه الم11ادة 68
من قانون العقوبات بقولها" :أنه البدء في تنفيذ فعل من األفعال الظ11اهرة المؤدي11ة إلى
ارتكاب تلك الجناية أو الجنحة ولكنها لم تحدث لحيلولة أسباب ال دخل إلرادته فيها"([
.)]23
وقد سلك المشرع األردني هذا السلوك فاكتفى بمكان (البدء في التنفيذ) أي مكان
السلوك اإلجرامي بخالف ما جاء في المشرع المصري.
الجرائم المرتكبة في الخارج
تن11اولت ه11ذا الموض11وع الفق11رة الثالث11ة من الم11ادة الخامس11ة من ق11انون أص11ول1
المحاكم111ات الجزائي111ة األردني حيث ج111اء فيه111ا" :إذا وقعت في الخ111ارج جريم111ة من
الج11رائم ال11تي تس11ري عليه11ا أحك11ام الق11انون األردني ،ولم يكن لمرتكبه11ا مح11ل إقام11ة
معروف في المملكة األردنية الهاشمية ،ولم يلقى القبض عليه فيها فتقام دعوى الح11ق
العام عليه أمام المراجع القضائية في العاصمة".
أما المادة 219من قانون اإلجراءات الجنائية المصري جاء فيها:
(إذا وقعت في الخ11ارج جريم11ة من الج11رائم ال11تي تس11ري عليه11ا أحك11ام الق11انون
المصري ولم يكن لمرتكبه1ا مح1ل إقام11ة في مص11ر ولم يض1بط فيه11ا ترف1ع ال1دعوى في
الجنايات أمام محكمة جنايات القاهرة وفي الجنح أمام محكمة عابدين الجزئية).
يفهم من نص الم11ادة 5/3ق11انون أص11ول 1المحاكم11ات الجنائي11ة األردني (والم11ادة
)219مصري أن تطبيقه يتم على الجرائم التي ترتكب خارج إقليم الدول11ة ،وبالت11الي ال
يمكن تحدي1د المحكم1ة ال1تي يمكن أن تنظ1ر ه1ذه ال1دعوى باالس1تناد إلى مك1ان ارتك1اب
الجريمة ،كما يفهم أن المتهم ليس له مكان إقام11ة في إقليم ه11ذه الدول11ة([ )]24كم11ا لم
يقبض عليه فيها أو كان مكان إقامته مجهوالً ،أي بمعنى أن11ه لم يت11وفر لتعين المحكم11ة
المختص11ة بنظ11ر ال11دعوى المتعلق11ة بالجريم11ة أي من الض11وابط 1الس11ابقة (مك11ان وق11وع
الجريمة ،مكان اإلقامة ،أو مكان القبض عليه).
ويج11ري العم11ل في القض11اء األردني واس11تناداً إلى الم11ادة العاش11رة من ق11انون
العقوبات بأن المتهمين 1الحائزين على الجنسية األردنية مسؤولون جزائيا ً أم11ام مح11اكم
المملكة األردنية سواء ارتكبوا الجريمة داخل أراضيها 1أو في الخارج([.)]25
النص السابق إذن ال يطب11ق في ح1ال ت11وافر مح11ل إقامت11ه للمتهم (بالنس11بة للم1ادة
219في مصر وبالنسبة للمادة 5/3في األردن) ،في اإلقليم أو القبض عليه فيه11ا ،لكن
يطبق على من ليس له مكان إقامة في دولته ولم يقبض عليه فيه11ا ،والمالح11ظ أن ه11ذا
مجرد استثناء بحت ،ويستوي أن يك11ون خض11وع ه1ذه الجريم11ة (المرتكب11ة في الخ11ارج
للقانون المصري مثالً استناداً لمبدأ عالمية النص ،أو استناداً لمبدأ شخصية النص ،أو
اس11تناداً لمب11دأ عيني 1ة 1النص) ([ )]26ألن النص بذات11ه ذو ط11ابع احتي11اطي وه11و يض11ع
قاعدة تحكمية حيث ال تجدي القواعد العامة في تقرير حل.
والجدير بالمالحظة أن النص (األردني والمصري) ال يطبق إذا ما وقعت الجريمة
على متن سفينة أو طائرة في حالة تخضع فيها للق11انون األردني والمص11ري ،إذا ك11انت
الس1فينة ق1د رس1ت أو الط1ائرة ق1د هبطت بع1د الجريم1ة في مين1اء أو مط1ار مص1ري أو
أردني ،ألنه في مثل هذه الحالة يكون مك11ان ح11ط الط11ائرة أو رس11و الس11فينة ه11و مك11ان
ارتك11اب الجريم11ة طبق1ا ً للقواع11د العام11ة ،ولكن يطب11ق ه11ذا النص إذا م11ا حطت الط11ائرة
ورست السفينة في ميناء غير المطار أو الميناء المصري أي في ميناء أجنبي([.)]27
أما حالة االشتراك في ارتكاب الجريمة فإن األمر يتوقف على نظرة المشرع لفعل
االشتراك حيث أن غالبية التش11ريعات تعت11بر االش11تراك أم11ر تبعي للفع11ل األص11لي ،ول11ذا
فسلطة العقاب تكون من حق الدولة التي يقع فيها الفعل األصلي([.)]28
القانون األلماني (العقوبات لعام )1975أخذ بمب11دأ اس1تقالل الش1ريك حيث نص1ت
الم11ادة التاس11عة على المعاقب11ة على فع11ل االش11تراك ال11ذي يق11ع في ألماني11ا ول11و وقعت
الجريمة في الخارج حتى لو كان الفعل األص1لي ال1ذي وق1ع في الخ1ارج ال يع1اقب علي1ه
القانون األلماني([.)]29
ويأخذ بهذا المبدأ القانون السوداني حيث يعت11بر فع11ل االش11تراك (من تح11ريض أو
اتفاق أو مساعدة جريمة مستقلة) ([ )]30ولو لم يترتب على االشتراك أث11ر وإن ك11انت
عقوبته1ا أخ1ف من عقوب1ة الجريم1ة إذا تمت أو ش1رع فيه1ا في جريم1ة وقعت كله1ا أو
بعضها في الخارج حيث تناولت الم11ادة األولى والثاني11ة من ق11انون العقوب11ات المص11ري
هذا الموض11وع بأحك11ام خاص11ة تطب11ق عليه11ا مب11دأ اإلقليمي11ة في ح11التين مختلف11تين عن
بعضهما البعض في األحكام.
فج11اءت الحال11ة األولى وال11تي نص11ت عليه11ا الم11ادة األولى من ق11انون العقوب11ات
المصري بقولها :تسري أحك11ام ه11ذا الق11انون على ك11ل من ي11رتكب في القط11ر المص11ري
جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه.
والحالة الثاني 1تنص عليها المادة الثانية من ذات القانون بقوله11ا :تس11ري أحك11ام
هذا القانون أيضا ً على األشخاص اآلتي ذكرهم:
(ك11ل من ارتكب في خ11ارج القط11ر فعالً يجعل11ه ف11اعالً أو ش11ريكا ً في جريم11ة وقعت
كلها أو بعضها في القطر المصري) ([.)]31
ويش11ترط لقي11ام الحال11ة األولى النص األول والث11اني ش11رطان /األول أن يس11اهم
الجاني في الجريمة بفعله وه11و داخ11ل القط11ر المص11ري ،فال تس11ري الم11ادة األولى على
الشريك الذي حرض وهو خارج القطر على جريمة وقعت داخله وإنما هنا تسري عليه
أحكام المادة 2/1منه .والشرط الثاني ،أن تقع الجريمة كله11ا داخ11ل اإلقليم المص11ري([
،)]32سواء تحققت الجريمة كاملة أو وقفت عند حد الشروع.
أما إذا وقعت بعض عناص11ر الجريم11ة في مص11ر والبعض اآلخ11ر في الخ11ارج ف11إن
المادة الثانية فقرة أولى تكون واجبة التطبيق1.
في ح11ال ت11وافر الش11رطين يك11ون الق11انون المص11ري واجب التط11بيق 1على ك11ل من
ساهم في الجريمة فاعالً أو شريكا ً مصريا ً أو أجنبياً([ )]33وه11ذا يحتم على النياب11ة أن
ترف11ع ال11دعوى ول11و تحققت أن الج11اني ح11وكم في الخ11ارج وب11ريء أو أدين واس11توفى
عقوبته بناء على مبدأ الشخص11ية اإليجابي11ة مثالً ،بمع11نى أن النياب1ة 1تتح1رر من القي11ود
التي ت11رد في الم11ادة 4من ق11انون العقوب11ات المص11ري ،حيث أن ه11ذه القي11ود واردة في
الحاالت الثالث الواردة في المادة الثانية والثالثة.
أما عن الحالة الثانية فإن المادة الثانية فقرة أولى تطبق على كل من يساهم وهو
في الخارج في جريمة تقع كلها أو بعضها في مص11ر س11واء ك11ان مص11ريا ً أو أجنبي1ا ً وال
يشترط أن يكون معاقبا ً على كل هذا الفعل في مصر أو في الخارج استقالالً.
وقد يكون هذا الفعل من أفعال االشتراك وقد يكون أصلياً ،لذا تس11ري ه11ذه الم11ادة
على المحرض والفاعل الذي يرتكب فعله في الخارج من حيث القواعد العام11ة فك11ل من
االثنين فاعالً أصلياً.
علّة التفرقة بين الحالتين هي أن العمل الذي وقع في الخارج قد يكون جريمة في
البلد الذي وقع فيه ،مما يستلزم احترام سيادة الدولة ومراعاة العدالة ال11تي تقتض11ي أال
يعاقب الشخص عن واقعة الفعل مرتين ،أما إذا وقع جزء من ه11ذه األفع11ال (المس11اهمة
داخ111ل اإلقليم المص111ري) وج111زء في خ111ارج اإلقليم المص111ري (ك111الجرائم المس111تمرة،
المتكررة االعتياد) فإن القانون المصري يكون واجب التطبيق ،حيث يتبع مبدأ التطبيق
لألصل وهذا هو مبدأ القانون المصري ،كتحريض شخص آلخر وه11و في الخ11ارج على
ارتكاب فعل داخل اإلقليم ،أو إرسال شخص وهو في الخارج آلخر مواد مخدرة لالتجار
فيها بمصر فكال الجريمتين 1وقعتا في مصر.
المطلب الثاني
الضابط الثاني /محل إقامة المتهم
من الرجوع لنصوص القانون المصري المادة 217إجراءات جنائية نج11د أن من
الضوابط التي تحدد المحكمة المختصة محلي1ا ً ه11و مك11ان إقام11ة المتهم ()Residence
دون محكمة الموطن ( )Domicileبخالف نص المادة الخامسة فقرة أولى من أص11ول
المحاكمات الجزائية األردنية التي نص1ت على م1وطن المتهم دون مك11ان إقامت1ه ،وثم1ة
خالف في المدلول القانوني بين التعبيرين في حين يعني الموطن المكان الذي انصرفت
نية المتهم إلى اإلقامة فيه على نحو منتظم مستقر ،قد ال يكون مقيما ً فيه فعالً([.)]34
وموقف المش11رع األردني مح11ل نق11د لجعل11ه المحكم11ة المختص11ة محكم11ة الم11وطن
المختار دون محل إقامة المتهم ألن محل اإلقامة هو المحل ال11ذي يمكن أن تس11تقي في11ه
المعلومات المتعلقة بشخص المتهم وعالقاته العائلي11ة واالجتماعي11ة بوج11ه ع11ام ،وكم11ا
يمكن التعرف على سوابقه اإلجرامية([ ،)]35وتحديد محل إقامة المتهم ه11و فص11ل في
مسألة موضوعية.
وغالبا ً يتحد مكان اإلقامة وموطن المشتكى عليه ،ولكن إذا اختلفا فإن الع11برة في
القانون المصري بمحل اإلقامة دون الموطن ،وبالعكس محل الم11وطن دون اإلقام11ة في
القانون األردني.
وإذا رفعت ال111دعوى العمومي111ة عن جريم111ة وقعت في مك111ان ي111دخل في دائ111رة
اختصاص محكمة ما إلى محكمة أخرى يدخل اختصاصها المحلي الذي يقيم فيه المتهم
المرفوعة عليه الدعوى ،فال يؤثر في اختصاص هذه المحكمة أن يك1ون المتهم ش1ريكا ً
في الجريمة لفاعل أصلي ال تصح قانونا ً محاكمته أمامه11ا وم11ا دامت ال11دعوى لم ترف11ع
إال عليه([ )]36وإذا تعددت محال إقامة المتهم كانت جمي11ع المح11اكم ال11تي تتبعه 1ا 1ه11ذه
المحال مختصة بالجريمة([.)]37
وإذا غير المتهم مكان إقامته في الفترة م11ا بين ارتك11اب الجريم11ة وبين الب11دء في
اتخ11اذ اإلج11راءات الجنائي11ة ه11ذه ،تك11ون المحكم11ة المختص11ة هي محكم11ة مح11ل إقامت11ه
األخير ويعني 1ذلك أنه إذا كان مكان ارتكاب الجريمة ثابتا ً ف1إن مح1ل إقام1ة المتهم قاب1ل
للتغي11ير ،ولكن11ه ليس من األهمي11ة أن يغ11ير المتهم مح11ل إقامت11ه بع11د اتخ11اذ اإلج11راءات
ضده([.)]38
المطلب الثالث
الضابط الثالث /مكان القبض على المتهم
راعى المشرع جعل االختص11اص المك11اني وف11ق ه11ذا الض11ابط لمك11ان القبض على
المتهم في حالة عدم وجود محل إقامة (مجهول اإلقامة) أو كان مك11ان وق11وع الجريم11ة
غير معين ،وتراعي أيضا ً سلطات التحقيق في الجرائم البسيطة التي تك11ون اإلج11راءات
التي ستتخذ بشأنها ذات مصاريف كبيرة يستغني عنها فيفضل محاكمت1ه بمك1ان القبض
عليه ب1دالً من نقل1ه من مك11ان القبض علي1ه لمك1ان محكم11ة وق1وع الجريم11ة أو محكم11ة
مكان اإلقامة أو يستوي األمر أن يك11ون القبض على المتهم ل11ذات الجريم11ة أو لجريم11ة
أخرى (م )52/من قانون اإلجراء الجنائية الفرنسية) وتحديد مك1ان القبض على المتهم
هو فصل في مسألة موضوعية يترك أمر تقديرها لقاضي الموضوع.
االختصاص المكاني لسلطة التحقيق([:)]39
يح11دد االختص11اص المك11اني لس11لطة التحقي11ق (الم11دعي الع11ام ،والنياب11ة العام11ة،
ومأمور الضبط القضائي) بنفس الضوابط الثالث ال1تي يح1دد به1ا االختص1اص المك1اني
لقاضي الحكم وهي مكان وقوع الجريمة ،ومح1ل إقام1ة المتهم ،وه1ذا م1ا أكدت1ه الم1ادة
18من قانون أصول المحاكمات الجزائية وقد جاء فيها:
" في األحوال المبينة في المواد ( )13 1- 7من قانون العقوبات يق1وم بالوظ1ائف
المذكورة في المادة السابقة (أي المادة الس11ابعة عش11ر من ق11انون أص11ول المحاكم11ات)
المدعي العام التابع له موطن المشتكى علي11ه أو مك11ان إلق11اء القبض علي11ه ،أو موطن11ه
األخ11ير ،إال أن هنال11ك ف11رق بين االختص11اص المحلي لس11لطة التحقي11ق واالختص11اص
المحلي لس111لطة الحكم حيث أن االختص11اص في الحال11ة األولى يمكن أن يمت11د لنط111اق
أوس11ع من دائ11رة االختص11اص أي خ11ارج نط11اق س11لطة التحقي11ق إذا م11ا تطلبت ذل11ك
مقتضيات التحقيق وظروفه فيقوم المدعي الع11ام بانت11داب أح11د أف11راد الض11ابطة العدلي11ة
للتحقيق في هذه الجريمة وقد يقوم بالتحقيق بنفسه إن اقتضت الضرورة.
فقد يتم تفتيش منزل المتهم الواقع في خارج دائ11رة االختص11اص لم11أمور الض11بط
القضائي الذي شاهد المتهم متلبسا ً في جريمة وقعت في دائرة اختصاصه([.)]40
والقاع11دة المس11تقرة في القض11اء المص11ري أن11ه م11ا دام المحق11ق مختص1ا ً بتحقي11ق
الواقعة فال يهم بعد ذلك المكان الذي اختاره التخاذ بعض اإلجراءات المتعلقة بالتحقيق
والذي يترك لتقديره حفاظا ً على صالح التحقيق وسرعة اإلجراء([.)]41
ويستند في هذا إلى المادة /7/2الفقرة الثالثة من قانون اإلجراءات المص11ري في
حال قيام قاضي التحقيق أو انتداب النيابة العامة أو أحد أف1راد الض1ابطة العدلي1ة للقي1ام
بالتحقيق خارج دائرة االختص11اص (الم11ادة 199خ11اص ب11التحقيق الج11اري من النياب11ة
العامة).
ال يعتبر هذا استثناء على القواعد العامة في تحديد االختصاص المكاني وإنما هو
مراعاة لمقتضيات التحري والتحقيق عن الجريمة وظروفها وتحقيق العدالة.
نخلص مم111ا س111بق أن الض111وابط الثالث المح111ددة في الم111ادة 217من ق111انون
اإلجراءات المصري ،والمادة الخامسة فقرة أولى من قانون أصول المحاكمات األردني
التي تنص على مكان انعقاد االختصاص المكاني للمحكمة التي تنظر الواقعة في (مكان
وق11وع الجريم11ة ،أو مك11ان إقام11ة المتهم أو مك11ان القبض علي11ه) وكله11ا متس11اوية وال
تفضيل بينهما 1وللمشتكي الخيار إذا ما سلك إحداهما فإن المحكمة تص11بح ملزم11ة بنظ11ر
الواقعة([.)]42
كما نخلص للقول بأن قواعد االختصاص المحلي ال تتعلق 1بالنظام العام فال ي11ترتب على
مخالفتها البطالن كالذي يترتب على مخالفة االختصاص النوعي 1والشخص11ي وإن ك11ان
هنال11ك ج11انب من الفق11ه ي11رى ع11دم التمي11يز بين قواع11د االختص11اص إال أنن11ا ن11رى م11ع
القائلين بأن قواعد االختصاص المكاني غير متعلقة بالنظام العام لألسباب التالية:
-ه11ذه القواع11د وض11عت لتنظيم العم11ل القض11ائي ليس إال ،فهي لم توض11ع العتب11ارات
موضوعية 1تتعلق مثالً بالقدرة على الفصل في الموضوع والكفاءة الالزمة ل11ذلك وإنم11ا
الهدف هو تيسير العمل القضائي وعدم عرقلة سير العدالة.
-المشرع في تحديده لضوابط االختص11اص المحلي إنم11ا قص11د تيس11ير التقاض11ي أيض1ا ً
على الخص11وم في ال11دعوى تمام 1ا ً كم11ا ه11و الش11أن في االختص11اص المك11اني لل11دعاوى
المدنية([.)]43
-ل11و ك11ان األم11ر يتعل11ق بالنظ11ام الع11ام كم11ا ه11و الش11أن في االختص11اص الن11وعي أو
الشخصي لما وضع المشرع ضوابط عدة لالختص11اص المك11اني ولقص11رها على ض11ابط
واحد هو المتعلق بتحقيق العدالة([.)]44
-وح11تى االتج11اه القائ11ل :بع11دم التفرق11ة بين قواع11د االختص11اص وض11عوا قي11وداً على
االختصاص المكاني لجعله من النظام العام وال مكان لل11دفع ب11ه ألول م11رة أم11ام محكم11ة
النقض ويجب أن يك11ون ال11دفع مس11تنداً إلى وق11ائع أثبته11ا الحكم وأن ال يقض11ي تحقيق 1ا ً
موضوعياً1.
-إن اعتب11ار االختص11اص المك11اني من النظ11ام الع11ام عالوة على أن في11ه عرقل11ة لس11ير
القض11اء وع11دم التيس11ير على الخص11وم ف11إن من نت11ائج رد ال11دعوى لع11دم االختص11اص
المكاني فيه تكلفة باهظة ألطراف الخصومة وعدم استقرار للمراكز القانونية.
ويترتب على اعتبار االختصاص المكاني ليس من النظام العام النتائج التالية:
.1ال يجوز التمسك به ألول مرة أمام محكمة النقض (التمييز).
.2ال يجوز أن تحكم بع المحكمة من تلقاء نفسها.
.3إذا بدأ الخصوم (الم11دعي في تق11ديم الئح11ة االدع11اء أو الش11كوى والم11دعى علي11ه في
اإلجابة عليها فإنه يتحدد اختصاص المحكمة المكاني ويعتبر بأن الطرفين قد أرادا تل11ك
المحكمة صراحة أو ضمنا ً وأنهما قد تنازال عن أي اختصاص مكاني آخر([.)]45
ويترتب على هذه النتيجة ما يلي:
بالنسبة لقاضي الموضوع إذا ب11دأ الخص11وم في نظ11ر ال11دعوى يص11بح ملزم1ا ً ب11رد
الدفع بعدم االختصاص المكاني وال يملك حتى مجرد البحث فيه وال يجوز له سماع أي11ة
بينة تتعلق بالدفع وإال كان بحثه بالدفع مشوبا ً بالبطالن.
هذا أيض1ا ً مس11لك القض11اء األردني حيث ج11اء ب11أن االختص11اص المك11اني ليس من
النظام العام ،حيث قضت محكمة التمييز األردنية بأن المحكمة ال تملك الح11ق في ال11دفع
بعدم االختصاص المكاني ما لم يمسك به المدعي قبل ال11دخول في موض11وع ال11دعوى([
.)]46
وجاء أيضا ً بأنه ال يجوز الدفع بعدم الص1الحية المكاني1ة إذا لم يتمس1ك به1ذا ال1دفع قب1ل
اإلجابة على الئحة الدعوى([.)]47
وال يختلف الحال بالنسبة للقض11اء الم11دني حيث اعت11برت االختص11اص المك11اني ال
يتعلق بالنظام العام بمعنى ال يجوز للمحكمة أثارته من تلقاء نفسها ،وللخصوم التمسك
به قبل الدخول في األساس للموضوع وإال اعتبر أن هنالك اتفاق صريح أو ض11مني في
التنازل عنه.
وال يجوز للنيابة العامة أن تتمسك بعدم االختصاص الذي ال يتعل11ق بالنظ11ام الع11ام
إال إذا كانت طرفا ً أصليا ً في الدعوى.
وإذا م11ا ثبت االختص11اص للقاض11ي بال11دعوى تعين أن يقض11ي فيه11ا ،ف11إن امتن11ع
ارتكب جريمته ،وإذا ثبت أنه غير مختص بها تعين عليه أن يقرر ذلك ويخرج الدعوى
من حوزته فإن قضى فيها كان قضاؤه باطالً([.)]48
الفصل الثاني
العنصر المكاني للسلوك في جرائم التهريب الجمركي
يلعب العنصر المكاني في جريمة التهريب الجمركي دوراً بارزاً .إذ يمثل التط11بيق1
الجغرافي للقانون الجمركي أحد الخصائص المميزة له([ )]49وللعنصر المكاني أهمية
كبرى في جرائم التهريب الجمركي ،وذلك أنه يحدد نطاق عمل إدارة الجمارك وإمكانية
ضبط الجرائم ،كما يؤثر تأثيراً خاصا ً في بعض صور الته11ريب الجم11ركي .وفي وس11ائل
اإلثبات وإجراءات المالحقة .فالجريم11ة الجمركي11ة تختل11ف عن غيره11ا من الج11رائم ألن
األص11ل في ه11ذه الج11رائم خالف 1ا ً لج11رائم الق11انون الع11ام أنه11ا تق11ع على ح11دود الدول11ة
الجمركية ،وهو ما يعبر عن11ه بالخ11ط الجم11ركي وال تق11ع داخ11ل الدول11ة إال اس11تثناء ف11إذا
اجتازت البضائع (نطاق الرقابة الجمركية) فإنها والحالة ه11ذه ال تص11لح أن تك11ون محالً
لجريم11ة الته11ريب ،باس11تثناء بعض ص11ور الته11ريب ال11تي تعرفه11ا الق11وانين 1الجمركي11ة
ويمكن أن تقع على امتداد إقليم الدولة وق11د م11يز ق11انون الجم11ارك المص11ري بين اإلقليم
الجمركي والخط الجمركي والدائرة الجمركية ونطاق الرقابة الجمركي.
-1اإلقليم الجمركي CUSTOM TERRITORY
ويقصد باإلقليم الجمركي بشكل عام هو :األراضي 1والمياه اإلقليمية الخاضعة لسيادة
الدولة .فاإلقليم الجمركي هو إقليم الدولة داخل حدودها السياسية وفقا ً لتحدي11دها دولي 1ا ً
ويشمل ذلك اإلقليم البر والبحر والجو على حد سواء([ )]50ومن ثم ف11إن إقليم الدول11ة
الجمركي يتطابق مع اإلقليم السياسي .وتتولى المعاه11دات الدولي11ة والق11وانين 1الداخلي11ة
بيان الحدود السياسية للدولة .وهي تشمل األراضي اليابسة والمياه اإلقليمية والفض11اء
الج11وي ال11ذي يعل11و كالً من األرض والم11اء .أي أن اإلقليم الجم11ركي يش11مل – ك11اإلقليم
السياسي – اإلقليم البحري والبري والجوي.
وق11د ع11رف J. PRESCOTTالح11دود السياس11ية بقول11ه "إن الح11دود تع11ني ح11د
اإلقليم الذي تشغله الدولة ،وتبسط عليه سلطتها بصفة قانونية"([.)]51
-2الخط الجمركي CUSTOM FRONTIER
عرف األستاذ LAWERENCEW TOWLEالخط الجمركي بأنه الخط الذي
تخض11ع في11ه البض11ائع واألم11وال في ح11ال دخوله11ا إلى إقليم الدول11ة ،أو إخراجه11ا من11ه،
لمجموع11ة من النظم واإلج11راءات الجمركي11ة ،ال11تي تض11عها الدول11ة به11دف تنظيم ت11دفق
السلع واألموال من والى أسواقها الوطنية ،وعلى طول هذا الخط يوجد عدد من مكاتب
ونقط المراقبة ،بقصد مراقبة ،وتنظيم عمليات االستيراد والتصدير([ )]52ويمتد الخ11ط
الجمركي على جانب الحدود البرية والبحرية ،فيشكل خطا ً جغرافيا ً يمثل ح11دود الدول11ة.
وقد عرفت المادة الثانية من قانون الجم1ارك المص1ري الخ1ط الجم1ركي بأن1ه "الح1دود
السياس11ية الفاص11لة بين الجمهوري11ة وال11دول المتاخم11ة وش11واطئ البح11ار المحيط11ة
بالجمهورية ،كما اعتبرت ضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تم11ر به11ا القن11اة
خطا ً جمركيا ً ،وقد استقر اجتهاد محكمة النقض المصري على أن سواحل البحر المالح
والحدود الفاصلة بين القطر المصري والبالد المجاورة له تعد خطا ً جمركياً([.)]53
-3الدائرة الجمركية CUSTOMS SURVEILANCE ZONE
وهي تلك المنطقة التي يوجد به11ا مكتب للجم11ارك س11واء على الح11دود البري11ة أو في
الم11وانئ البحري11ة أو الجوي11ة ،واألرض المحيط11ة به11ا حيث يتم ش11حن وتفري11غ ونق11ل
وتخزين البضائع الواردة والصادرة إلتمام اإلجراءات الجمركي11ة عليه11ا([ )]54وتك11ون
غالبا ً محاطة بأسوار لها أبواب تحت حراسة عمال وحرس شرطة دائرة الجمارك.
وق11د ع11رفت الم11ادة الرابع11ة من ق11انون الجم11ارك المص11ري ال11دائرة الجمركي11ة بأنه11ا
"النطاق ال11ذي يح1دده وزي11ر الخزان11ة في ك11ل مين11اء بح11ري أو ج11وي يوج11د في11ه مكتب
للجمارك ،يرخص فيه بإتم11ام اإلج11راءات الجمركي11ة أو بعض11ها ،وك11ذلك أي مك11ان آخ11ر
يحدده الوزير إلتمام هذه اإلجراءات فيه".
-4الرقابة الجمركية CUSTOM CONTROL
وهي شريط من األرض متاخم للحدود مع الخارج يحضر في11ه ت11داول وحي11ازة ونق11ل
البض11ائع الممنوع11ة والخاض11عة للض11ريبة دون ت11بريرات مقبول11ة .وق11د ع ّ 1رف البعض
الرقابة الجمركية بأنها "عبارة عن إشراف رجال الجمارك على اجتياز البض11ائع للخ11ط
الجمركي ،دخوالً وخروجا ً طبق1ا ً للنظم واإلج1راءات الجمركي1ة الواجب1ة االتب1اع ،وال1تي
تنص عليها قوانين الجمارك ،والقوانين المكملة لها ،والمعمول 1بها في شأن االس11تيراد
والتصدير"([.)]55
وينقسم نطاق الرقابة الجمركية ،الذي يمارس فيه موظفو الجم11ارك اختصاص11هم
إلى نط11اقين:أوالً :نط11اق الرقاب11ة الجمركي11ة البح11ري .ثاني 1اً :نط11اق الرقاب11ة الجمركي11ة
البري .وسوف نتناول كل نقطة بالشرح تفصيالً على النحو التالي:
أوالً : نطاق الرقابة الجمركية البحري
صدرت اتفاقية جنيف عام ،1958وقد أكدت عدة مبادئ أساسية بالنسبة للمرور
في مياه البحر اإلقليمي والمناطق المالصقة للبحر اإلقليمي نجملها بما يلي:
نطاق الرقابة الجمركي البحري :ه11و امت11داد للبح11ر اإلقليمي إلى من11اطق عرفته11ا
المادة 24من اتفاقي11ة ج11نيف بأنه11ا منطق11ة من البح11ار العالي11ة تالص11ق البح11ر اإلقليمي
للدولة الشاطئية ،وال تخضع لس11يادتها ألنه11ا ال تعت11بر ج11زءاً من إقليمه11ا السياس11ي ،إذ
المالحة فيها حرة وال يج11وز للدول11ة الش11اطئية منعه11ا أو إعاقته11ا ،ولكن تباش11ر عليه11ا
س11لطات مح11ددة مص11درها المحافظ11ة على أمنه11ا ومن11ع اإلخالل بقوانينه11ا الجمركي11ة
والمالي11ة والص11حية .وعلى ال11رغم من أن11ه ال يج11وز أن تمت11د بحس11ب اتفاقي11ة ج11نيف
المنعقدة في سنة 1958إلى أبعد من 12ميالً بحريا ً ابت11داءاً من الخ11ط األساس11ي ال11ذي
يبدأ منه الخط اإلقليمي للدولة الشاطئية إال أنه وطبق1ا ً للفق11رة األولى من الم11ادة الثالث11ة
من قانون الجمارك المصري ،يمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجم11ركي
إلى مسافة ثمانية عشر ميالً بحريا ً في البحار المحيطة به .وهذه المسافة ال تدخل كله11ا
ضمن حدود الدولة المصرية السياسية .ألن المياه اإلقليمية 1لجمهورية مصر العربية ال
تمت11د إلى أك11ثر من اثن11تى عش11ر ميالً بحري 1ا ً طبق11ا ًُ للق11رار الجمه11وري رقم 180لس11نة
.1958وب11ذلك تك11ون الس11تة أمي11ال الباقي11ة منطق11ة مج11اورة للمي11اه اإلقليمي11ة للدول11ة
المص11رية تمت11د إليه11ا أحك11ام الرقاب11ة الجمركي11ة .فهي ال تعت11بر منطق11ة حماي11ة للمي11اه
اإلقليمية من عمليات الته11ريب فحس11ب ،وإنم11ا ت11دخل ض11من نط11اق الرقاب11ة الجمركي11ة،
بمعنى أن حق الدولة في المنطقة المالص11قة ال ينحص11ر في ط11رد الس11فن ال11تي تم11ارس
عمليات التهريب فيها ،وإنما يتجاوز إلى حد توقيع العقاب على المهربين.
وترى غالبية الفقه والقض11اء المص11ري أن ه11ذا التع11ارض بين الم11ادة الثالث11ة من
قانون الجمارك المصري بتحديدها البح11ر اإلقليمي والمنطق11ة المالص11قة بثماني11ة عش11ر
ميالً بحريا ً وبين المادة األولى من اتفاقية ج11نيف ال1تي تح1دد البح1ر اإلقليمي والمنطق11ة
المالص11قة ب11اثني عش11ر ميالً بحري 1ا ً ال يح11ول دون وج11وب أن يطب11ق ق11انون الجم11ارك
المصري بتاريخ الحق([ )]56ويخ1الف بعض الفقه1اء رأي الغالبي1ة ق1ائلين بأن1ه إذا تم
التصديق 1على المعاهدة بموجب قانون فإنها تكون واجبة التطبيق ،ولو تعارض11ت فيم11ا
بعد مع قانون الحق طالما لم يتم إلغاؤه بالطريق القانوني 1السليم([.)]57
أما بالنسبة لالجتهاد القضائي المصري فقد استقر على ما ذهب إليه رأي الغالبية
حيث جاء بق11رار محكم11ة النقض المص11رية م11ا يلي "إن أحك11ام التش11ريع ال11داخلي أولى
باالعتبار بغض النظر عما يفرض11ه الق11انون ال11دولي من قواع11د أو مب11ادئ يخ11اطب به11ا
الدول األعضاء في الجماعة الدولية"([.)]58
ويتض11ح مم1ا تق1دم أن اتفاقي11ة ج11نيف ال1تي ص11دقت عليه11ا الجمهوري11ة المص11رية
تتعارض مع مواد قانون الجمارك ،وحيث أن االتفاقية عرضت على السلطة التش11ريعية
وتمت الموافقة عليها ،فأصبحت قانونا ً داخليا ً يلتزم القاضي الوطني بتطبيق أحكامه إال
أن المفاضلة بينهما تتم على أساس أن النص الالحق ينسخ السابق ،وقد ص11در ق11انون
الجمارك سنة 1963وهو تاريخ تال لتوقيع االتفاقية والتصديق عليه11ا ،وبالت11الي ف11إن
قانون الجمارك هو الواجب التطبيق .وإذا ك11انت المس11ألة ،ال تث11ير ص11عوبة من الناحي11ة
القانوني11ة ،إال أنه11ا تث11ير مش11اكل سياس11ية على الص11عيد ال11دولي ،ولكن ه11ذه النتيج11ة ال
يصلح أن تكون سببا ً يحول بين القاضي وبين تطبيق 1القانون الداخلي الالحق.
ثانيا ً : نطاق الرقابة الجمركية البري
أما النطاق الجمركي البري فيحدد بقرار يصدر من وزير الخزان11ة (المالي11ة) وفق1ا ً
لمقتضيات الرقابة وقد ص11در بت11اريخ 31/8/1963ق11رار وزي11ر الخزان11ة المص11ري رقم
57لسنة 1963بتحديد نطاق الرقابة الجمركي البري ،ويجوز أن تتخ11ذ داخ11ل النط11اق
تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه([.)]59
أما بالنسبة لقانون الجمارك األردني فقد عنى المشرع الجم11ركي األردني بوض11ع
التعاريف والحدود ما بين الخ1ط الجم11ركي والح11رم الجم1ركي والنط11اق الجم1ركي ،كم11ا
وضع طرقا ً معينة لدخول البضائع إلى المملكة أو خروجها منها بحيث ال يجوز التجاوز
عليه11ا .وق11د عّ 11رف ق11انون الجم11ارك األردني رقم 20لس11نة 1998وتعديالت11ه الخ11ط
الجم11ركي :بأن11ه الخ11ط المط11ابق للح11دود السياس11ية الفاص11لة بين المملك11ة وبين ال11دول
المتاخم11ة له11ا ولش11واطئ البح11ار المحيط11ة بالمملك11ة .أي أن الح11د الفاص11ل في جريم11ة
التهريب هو اجتياز البضاعة الخط الجمركي أو الح1دود السياس1ية في إدخ11ال البض11اعة
أو إخراجها.
وقد ع َّرف الحرم الجمركي بأنه :القطاع الذي يحدده الوزير في كل مين11اء بح11ري
أو جوي أو في أي مكان آخر يوجد فيه مركز للدائرة يرخص فيه بإتمام كل اإلج11راءات
الجمركية أو بعضها .ويمكن القول بأن الحرم الجمركي هو المستودع أو قطع11ة األرض
الذي يف ّرغ فيه البضاعة وتكون غالبا ً مس ّورة وتحت حراس11ة كم11ا أس11لفنا س11واء ك11انت
المنطقة ميناءاً بحريا ً أو جوياً ،وان خروج البضاعة من الح11رم الجم11ركي إلى المنطق11ة
الجمركي11ة دون معامل11ة جمركي11ة يعت11بر ص11ورة من ص11ور الته11ريب الحكمي .وع َّ 1رف
النطاق الجمركي بأنه الجزء من األراضي أو البحار الخاضع لرقابة وإجراءات جمركية
محددة في هذا القانون وهو على نوعين:
-النطاق الجمركي البحري :ويشمل منطق11ة البح11ر الواقع11ة م11ا بين الش11واطئ ونهاي11ة
حدود المياه اإلقليمية 1.ولم يحدد نطاق الرقابة البحري وذلك كون األردن ال يملك بحاراً
ألنه مطل على خليج العقبة ال11ذي ال يزي11د اتس11اعه عن تس11عة أمي11ال ويق11ع وس11ط أرب11ع
دول.
-النط11اق الجم11ركي ال11بري :ويش11مل األراض11ي الواقع11ة م11ا بين الش11واطئ أو الح11دود
البرية من جهة وخط داخلي من جهة ثاني11ة على أن يح1دد بق11رار من ال11وزير ينش11ر في
الجريدة الرسمية .إال أن11ه لم يص11در ال11وزير المختص م11ا يح11دد ه11ذا النط11اق في األردن
على الرغم مما لهذا التحديد من أهمية كبرى في فرض الرقابة الجمركية.
قانون الجمارك السوري :في المادة األولى من الباب األول ،وعنوانه 1تعاريف ومب11ادئ
عام11ة تح11دث في الفق11رة الثالث11ة من الم11ادة األولى عن ال11دائرة الجمركي11ة تحت عن11وان
الح11رم الجم11ركي ،وفي الفق11رة الثامن11ة عن الخ11ط الجم11ركي ،وفي الفق11رة التاس11عة عن
النطاق الجمركي .وهو نطاق الرقابة البري والبحري وقد نصت على أن:
-1النطاق الجمركي البحري :يشمل األراضي 1الواقع11ة م11ا بين الش11واطئ ونهاي11ة ح11دود
المياه اإلقليمية.
-2النطاق الجمركي البري يشمل األراضي الواقعة م11ا بين الش11واطئ أو الح11دود البري11ة
من جه11ة وخ11ط داخلي من جه11ة ثاني11ة تح11دد بق11رار من ال11وزير المختص وينش11ر في
الجري11دة الرس11مية ،وحيث أن س11وريا منض11مة إلى اتفاقي11ة ج11نيف س11نة 1958فق11د تم
تحديد المياه اإلقليمية باثني عش11ر ميالً وه11و عكس الق11انون الجم11ركي المص11ري ال11ذي
حدد نطاق الرقابة الجمركية بثماني11ة عش11ر ميالً بحري1ا ً وك11ذلك نهج الق11انون الجم11ركي
العراقي الذي حدد نطاق الرقابة البحري ب11اثني عش11ر ميالً في الم11ادة األولى من الب11اب
األول.
أما ق11انون الجم11ارك اللبن11اني فلم يح11دد اإلقليم الجم11ركي ،أو الخ11ط الجم11ركي ،أو
نطاق الرقابة الجمركي البحري ،أو الدائرة الجمركية ،ولم يتعرض لهذا الموض11وع 1في
أي مادة من مواده وهي 382مادة ،وهذا عكس القانون الجم11ركي األردني والمص11ري
والسوري والعراقي وكل ما ذكره القانون اللبناني مما يمت بصلة له11ذا الموض11وع ،م11ا
جاء في المادة السادسة من أنه تطبق في جميع المرافئ .والمكاتب الجمركية في لبنان
القرارات ،واألنظمة والتعريفات ذاتها.
وعلى ضوء ما تقدم فإن القاعدة العامة أن حدود الس11لطة الجمركي11ة هي الح11دود
السياسية نفسها .غير أن ذاتية الجريمة الجمركية فرض11ت الخ11روج على مب11دأ إقليمي11ة
قانون العقوبات ،بمعنى امتداد الحدود الجمركية إلى ما بعد الحدود السياسية للدولة.
وعلى الرغم من وضوح المسألة من الناحية القانونية ،ف11إن االعتب11ارات العملي11ة
تدفع القضاء أحيانا ً إلى التوسع في حماية الدولة من خطر التهريب توسيعا ً يخرج في11ه
على كل ما تقضي به القواعد العامة .ولمحكمة النقض الفرنسية اتجاه ص11ريح في ه11ذا
المجال .فقد قررت أن تقدم أحد المسافرين إلى مكتب جمرك بلد مج11اور للخ11روج من11ه،
مخبئا ً في حقيبت11ه بض11اعة ممنوع11ة قص11د تهريبه11ا إلى فرنس11ا .وض11بط من قب11ل رج11ال
الجم11رك في البل11د المج11اور ،يش11كل ش11روعاً ،معاقب 1ا ً علي11ه ،في االس11تيراد تهريب 1ا ً إلى
فرنسا([ .)]60وق11د نص11ت الم11ادة 182/3من ق11انون الجم11ارك األردني الناف11ذ على م11ا
يلي :يجوز إجراء التحري عن التهريب والمخالفات الجمركي11ة وحج11ز البض11ائع خ11ارج
النطاقين الجمركيين البري والبحري عند متابعة البضائع المهربة ومطاردته11ا مط11اردة
متواصلة بعد أن شوهدت ضمن النطاق في وضع يستدل منه على قصد تهريبها.
الفصل الثالث
االختصاص المكاني والتحري عن التهريب
اختصاص رجال الضابطة العدلية "موظفي الجمارك" مقصور على الجهات التي
ي111ؤدون فيه111ا وظ111ائفهم ،إذ ال تت111وفر لهم ص111فة الض111بطية القض111ائية إال في دوائ111ر
اختصاصهم 1المحلي الذي يتعين إما بمك11ان وق11وع الجريم11ة أو بالمك11ان ال11ذي يقيم في11ه
المتهم أو يض11بط في11ه .ف11إذا ج11اوز موظ11ف الجم11ارك ه11ذه الح11دود وخ11رج عن دائ11رة
اختصاصه زالت عنه صفته وكانت إجراءاته معيبة باطلة .غ11ير أن ه11ذا البطالن نس11بي
فيجب التمسك به أم11ام محكم11ة الموض11وع .ويس11ري ش1رط االختص11اص أيض1ا ً بالنس11بة
للمجال النوعي ،فإذا كان موظ11ف الجم11رك ذا اختص11اص ن11وعي مح11دد ،تعين علي11ه أن
يلزم حدود اختصاصه ،فال يجوز له أن يتخذ اجراء في شأن جريمة ال يختص به11ا .أم11ا
إذا كان رجل الضابطة العدلية ذا اختصاص نوعي عام فإنه يتعين 1عليه أن يلتزم ح11دود
اختصاصه اإلقليمي.
أم11ا إذا ك11ان موظ11ف الجم11ارك مختص 1ا ً وفق 1ا ً لمعي11ار من المع11ايير الس11ابقة ك11ان
اإلجراء الذي وقع منه صحيحا ً حتى ولو تم في دائرة أخرى بعيدة عن دائرة اختصاصه
المكاني .إذا يكفي أن يكون مختصا ً بمباشرة اإلجراءات المتعلقة بالجريم11ة ال11تي وقعت
في دائرة اختصاصه أو كان المتهم يقيم بها أو تم ضبطه بها فيمتد اختصاص1ه في ه1ذه
الحالة إلى جميع من اشتركوا في الواقع11ة موض11وع القض11ية الم11ذكورة أو اتص11لوا 1به11ا
أينما كانوا ،ويكون له الحق عند الضرورة في مباش11رة ك11ل م11ا يخول11ه ل11ه الق11انون من
إجراءات سواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين 1بها.
ولذلك فقد قضت محكم11ة النقض المص11ري بامت11داد االختص11اص ح11تى في الحال11ة
التي لم تكن فيها اإلجراءات قد بدأت بعد في دائرة االختصاص المكاني لم1أمور الض11بط
القضائي متى دعت الضرورة إلى ذلك([.)]61
وعلى من يدفع ببطالن األجراء الذي باشره رجال الجم11ارك النع11دام اختصاص11هم1
المكاني أن يقدم الدليل على ذلك للمحكمة ،ألن األص11ل في اإلج11راءات الص11حة ،ب11ل وال
تلتزم المحكمة بتحري صفة الضابط الذي أجرى التفتيش لمجرد ق11ول المتهم ذل11ك دون
تقديم دليل عليه([.)]62
وقد نصت المادة /179أ من قانون الجمارك األردني على ما يلي:
يحق لموظفي الدائرة المفوضين 1لغايات تطبيق هذا القانون ومكافحة التهريب أن
يقوم11وا بالكش1ف على البض1ائع ووس11ائط النق1ل وتف1تيش األش11خاص وفق1ا ً ألحك1ام ه1ذا
القانون والقوانين 1النافذة األخرى وعلى سائقي وسائط النقل أن يخضعوا لألوامر ال11تي
تعطي لهم من قبل م1وظفي ال11دائرة ورج1ال ض1ابطتها ال1ذين يح1ق لهم اس1تعمال جمي1ع
الوسائل الالزمة لتوقيف وسائط النقل عندما ال يستجيب سائقوها ألوامرهم.
وق1د نص1ت الفق1رة ج من الم1ادة 179من ق1انون الجم1ارك األردني على أن1ه :يح1ق
لموظفي الدائرة المفوضين ورجال األمن العام في حالة وجود دالئل كافية بوجود م11واد
مهربة تفتيش أي بيت أو مخزن أو أي محل آخر ،أما بيوت الس1كن فال يج1وز تفتيش1ها
إال بحضور المختار أو شاهدين وبموافقة المدعي الع11ام .كم11ا نص11ت الم11ادة /182أ من
قانون الجمارك األردني على ما يلي :يج1وز اج1راء التح1ري عن الته1ريب والمخالف1ات
الجمركية وحجز البضائع كما يلي -1 :في النطاقين الجمرك11يين ال11بري والبح11ري .
-2في الح11رم الجم11ركي وفي الم11رافئ والمط11ارات وبص11ورة عام11ة في جمي11ع األم11اكن
الخاضعة للرقابة الجمركية بما في ذلك المستودعات العامة والخاصة.
-3خارج النطاقين الجمركيين البري والبحري عند متابعة البضائع المهربة ومطاردته11ا
مط11اردة متواص11لة بع11د أن ش11وهدت ض11من النط11اق في وض11ع يس11تدل من11ه على قص11د
تهريبها ويجوز لموظفي دائرة الجمارك المفوضين واستناداً إلى أحكام الم11ادة /182ب
من قانون الجمارك األردني إلقاء القبض بال مذكرة على أي ش11خص في ح11االت الج11رم
المشهود.
وقد عرفت المادة ( )28من قانون األص11ول 1الج11رم المش11هود بأن11ه "الج11رم ال11ذي
يشاهد حال ارتكابه أو عند االنتهاء من ارتكابه"
وأوردت حاالت الجرم المشهود وما ألحق بها على سبيل الحصر وهي:
-1الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه.
-2الجرم الذي يشاهد عند االنتهاء 1من ارتكابه.
-3الجرم الذي يقبض على فاعله بناء على صراخ الناس اثر وقوعه.
-4الج1رم ال1ذي يقبض على فاعل1ه ومع11ه أش11ياء أو أس11لحة أو أوراق يس1تدل أن1ه فاع1ل
للجريمة خالل أربعة وعشرين ساعة من وقوع الجرم.
-5الجرم الذي يقبض على فاعله وب11ه آث11ار أو عالم11ات تفي11د بأن11ه فاع11ل للجريم11ة خالل
أربعة وعشرين ساعة من وقوع الفعل.
-6الجرم الذي يرتكب في داخ11ل بيت ،إذا طلب ص11احب ال11بيت إلى الم11دعي الع11ام إج11راء
التحقيق بشأنها (مادة 42أصول المحاكمات الجزائية).
ومن الطبيعي أن نع ّرف الجرم غير المشهود بأنه الجرم الذي ال تنطبق 1عليه أح11د
الحاالت الستة أعاله.
ويتم تحق11ق ج11رائم الته11ريب والمخالف11ات الجمركي11ة بمحض11ر ض11بط ينظم وف11ق
األص11ول المح11ددة في ق11انون الجم11ارك وينظم محض11ر الض11بط موظف11ان على األق11ل من
الجمارك أو ضابطتها أو من األجهزة الرسمية األخرى وذل11ك في اق11رب وقت ممكن من
اكتشاف المخالفة أو جريمة التهريب ،ويجوز عند الضرورة تنظيم محض11ر الض11بط من
قبل موظف واحد.
وقد نصت المادة 186من قانون الجمارك األردني النافذ على وجوب ذكر ما يلي
في محضر الضبط:
.1مكان وتاريخ وساعة تنظيمه باألحرف واألرقام.
.2أسماء منظميه وتواقيعهم ورتبهم وأعمالهم.
.3أس111ماء المخ111الفين أو المس111ؤولين عن الته111ريب وص111فاتهم ومهنهم 1وعن111اوينهم
التفصيلية 1ومواطنهم المختارة كلما أمكن ذلك.
.4البض11ائع المحج11وزة وأنواعه11ا وكمياته11ا وقيمه11ا والرس11وم والض11رائب المعرض11ة
للضياع كلما أمكن ذلك.
.5البضائع الناجية من الحجز في حدود ما أمكن معرفته أو االستدالل عليه.
.6تفصيل الوقائع وأقوال المخ11الفين أو المس11ؤولين عن الته11ريب وأق11وال الش11هود في
حال وجودهم.
.7المواد القانونية التي تنطبق على المخالفة أو جريمة التهريب كلما أمكن ذلك.
.8النص في محضر الضبط على أن11ه تلي على المخ11الفين أو المس11ؤولين عن الته11ريب
الحاضرين الذين أيدوه بتوقيعهم أو رفضوا ذلك.
.9جميع الوقائع األخرى المفيدة ،وحضور المخالفين أو المسؤولين عن الته11ريب عن11د
جرد البضائع أو امتناعهم عن ذلك.
ويعت11بر محض11ر الض11بط المنظم وفق1ا ً ألحك11ام الق11انون ثابت1ا ً فيم11ا يتعل11ق بالوق11ائع
المادية التي عاينها منظموه بأنفسهم ما لم يثبت العكس.
([ )]1أنظر د .محمود نجيب حسني /المرجع السابق في اإلجراءات ،ص .382
أنظ11ر د .أمين11ة النم11ر /المرج11ع الس11ابق ،ص ،30د .أحم11د فتحي س11المة /المرج11ع
السابق ،س ق .968
([ )]2أنظر د .مأمون محم11د س11المة /ق11انون اإلج11راءات الجنائي11ة معلق1ا ً علي11ه بالفق11ه
وأحكام النقض ،الطبع11ة األولى ،1980 /ص ،531د .محم11ود نجيب حس11ني /المرج11ع
السابق في اإلجراءات ،ص .387
([ )]3أنظر جارو /الجزء الثاني ،فقرة ،556ص .376
([ )]4ويالح11ظ أن نص11وص الق11انون األردني (م11ادة 5/1تعت11بر من الض11وابط لتحدي11د
المحكمة المختصة مكانيا ً بنظر الدعوى موطن المشتكى عليه بخالف القانون المصري
حيث يعت11د بمك11ان إقام11ة المتهم /وهنال11ك ف11رق بين مك11ان اإلقام11ة والم11وطن في نظ11ر
الق11انون حيث يعت11بر الم11وطن ( ،)Domicileويقص11د ب11ه الم11وطن الق11انوني وال11ذي ال
يشترط أن يقيم المتهم فيه فعالً ولكن يتم المخاطبة القانوني11ة في11ه ،أم11ا مح11ل اإلقام11ة (
)Rasidenceفيعت11بر المك11ان ال11ذي يقيم في11ه فعالً ومن11ه تس11تقي كاف11ة المعلوم11ات
االجتماعية وغيرها ،ومنها يعرف سلوكه ،لكن يستوي األم11ر فيهم11ا إذا ك11ان الش11خص
تاجراً (سواء تاجر فرد أو شريك في شركة عادية) حيث يعتبر مك11ان اإلقام11ة ك11ل مح11ل
فيه فرع لتجارته.
([ )]5أنظر د .مأمون سالمة /المرجع السابق ،ص .511
وانظر د .أحمد فتحي سرور /الوسيط في اإلجراءات ،ص .973
([ )]6وقد س11اهمت في ح11ل ه11ذه المس11ائل ثالث نظري11ات ،تعت11د األولى بمك11ان الس11لوك
اإلجرامي بينم1ا تعت11د الثاني11ة بمك1ان حص1ول النتيج1ة وتس11اوي الثالث1ة بمك11ان الس11لوك
ومكان النتيجة (وقد أخذ قانون اإلجراءات الفرنس1ي في الم1ادة 693بالس1لوك األخ1ير.
والصعوبة 1تثور في حال تعدد المتهمين في الدعوى إذا ما ك11ان مك11ان إق11امتهم مختلف11ة
أو قبض عليهم في أماكن مختلفة ،ولوح11دة ال11دعوى الجنائي11ة ف11إن االختص11اص ينعق11د
لسائر المتهمين صحيحا ً في المكان الذي يقيم فيه أحدهم أو يقبض عليه فيه.
انظ11ر نقض فرنس11يCrim: 10 juin 1948, Bukk No 153, (
Crim: 18 janu 1955
Bull No.
)45
وانظر أيضا ً
)(Chambon: Le Juge d’instructions. Paris 1912 P. 35 – 38
([ )]7أنظر الدكتور محمود نجيب حسني /المرجع السابق في اإلجراءات ،ص .389
د .محمود مصطفى /المرجع السابق في العقوبات القسم العام ،ص .123
ميرل وفيتو /الجزء الثانيRoger Merle Etandre vitu : Traite de triot ،
Criminal. T. llفقرة ،1339ص .564
([ )]8أنظر د .مأمون سالمة /المرجع السابق ،ص .546
([ )]9أنظر ميرل وفيتو /المرجع السابق ،فقرة ،1340ص .547
([ )]10تطبق في ذلك قواعد مماثلة للقواعد التي تعين مكان ارتكاب الجريمة من أج11ل
تحديد القانون الذي يطبق عليه ،أنظر د .محم11ود حس11ني /ص ،130ق11انون العقوب11ات
القسم العام.
([ )]11القانون السويدي (المادة الرابعة) ،القانون الفرنسي ،الم11ادة / 693إج11راءات
الق11انون ال11نرويجي (الم11ادة الثالث11ة) ،الق11انون السويس11ري (الم11ادة الس11ابعة) الق11انون
اليوغسالفي المادة ( ،)15القانون المص1ري (الم1ادة السادس1ة) من المش1رع ،أنظ1ر د.
محمود مصطفى /عقوبات القسم العام ،ص ،124حاشية .1
([ )]12د .محمود مصطفى /المرجع السابق (إجراءات) ،ص .348
([ )]13قرار تمييز جزاء ،90/54ص 754سنة ،1954ج / 1المبادئ ،ص .46
([ )]14أنظر أحمد فتحي سرور في قانون اإلجراءات ،طبعة ،1981ص .674
([ )]15ويرجع اعتبار جريمة إصدار شيك بدون رصيد من الجرائم المركبة العتباره11ا
من جرائم االحتيال والتي 1بدورها تعتبر جرائم مركبة ،وهذا ه11و الس1بب في ع1دم إف1راد
نصوص خاصة بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وإحالة ذلك لق11انون العقوب11ات القس11م
الخاص باالحتيال ،وهذا على الغالب مسلك غالبية التشريعات.
([ )]16أنظر د .أحمد فتحي سرور /المرجع السابق ،ص ،974حاشية رقم .1
([ )]17أنظر د .أحمد فتحي سرور /المرجع السابق ،الوسيط ،ص .391
([ )]18نقض مصري /20يونيه /سنة 1966م ،األحكام ،س ،17رقم ،156ص .827
([ )]19نقض /24ابري11ل /س11نة ،1956مجموع11ة أحك11ام محكم11ة النقض ،س ،17رقم
،182ص .654
([ )]20انظر /المرجع السابق ،د .أحمد فتحي سرور ،ص .391
([ )]21أنظر /المرجع السابق ،د .أحمد فتحي سرور ،ص ،391حاشية رقم .2
فيدل وماجنول /ج ،2ص ،1123هامش ( ،)1ج ،2ص .1123
([ )]22جارو ج ،2رقم ،561ص .382
([ )]23انظر تمييز جزاء أردني رقم /52/52ص 246سنة .1953
([ )]24المبادئ القانونية 1لمحكمة التمييز ،ج 2سنة ،1982ص .945
([ )]25تمييز جزاء /119/54ص 877سنة 1995المبادئ /ج / 1ص .46
([ )]26المادة الثانية والثالثة من قانون العقوبات المصرية.
([ )]27المادة الثامنة من قانون العقوبات األردني جاء فيها:
" ال يسري القانون األردني .1على الجرائم المقترف11ة في اإلقليم الج11وي األردني على
متن مركبة هوائية أجنبية إذا لم تتجاوز الجريمة شفير المركب11ة على أن الج11رائم ال11تي
تتجاوز شفير المركبة الهوائية 1تخضع للقانون األردني إذا كان الفاعل أو المجني علي11ه
أردني11ا ً أو إذا حطت المركب11ة الهوائي11ة في المملك11ة األردني11ة الهاش11مية بع11د اق11تراف
الجريم11ة .2 .على الج11رائم المقترف11ة في البح11ر اإلقليمي األردني أو في الم11دى الج11وي
الذي يغطيه على متن س11فينة أو مركب11ة هوائي11ة أجنبي11ة إذا لم تتج11اوز الجريم11ة ش11فير
السفينة أو المركبة الهوائية.
([ )]28هذا هو مسلك التشريع المصري حيث يأخذ بسلطة الدولة بتوقي11ع العق11اب على
الشريك إذا ما وقع الفعل األصلي فيها أي أن الشريك تبعي لألصل.
([ )4 + ]29د .محم11ود مص11طفى /المرج11ع الس11ابق ،حاش11ية ،3ص ،124ق11انون
العقوبات القسم العام ،حاشية رقم ،3وقد تناولت هذه المادة 82وما بع11دها من ق11انون
العقوبات السوداني.
([ )]31أخ11ذ النص11ان عن الفق11رة األولى والثاني11ة من الم11ادة السادس11ة /عن الق11انون
اإليطالي حاشية 1ص 126من قانون العقوبات القسم العام /د .محمود مصطفى.
([ )]32هذا ولو نفذت الجريمة كلها في الخارج كما ه11و الش1أن في الج1رائم المس11تمرة
فمن يحوز مادة مخدرة في الخارج ثم يدخل بها مصر تسري عليه المادة األولى.
([ )]33ولو لم يكن مقيماً ،أي لو كان عابر سبيل ،بل ولو كان الجاني أجنبيا ً مقيما ً في
الخ111ارج ولم يس111بق ل111ه الحض111ور إلى مص111ر وتأخ111ذ ب111ه محكم111ة النقض المص111رية
/22فبراير ،1974/م .10ن /س ،25ص 196في حال11ة تح11ريض الفتي11ات المص11ريات
على مغادرة مصر لالشتغال بالدعارة.
([ )]34انظر المادة 40من قانون المدني المص11ري /وانظ11ر د .عب11د المنعم الب11دراوي
الم11دخل للعل11وم القانوني11ة طبع11ة 1962رقم 385ص / 593وانظ11ر د .محم11ود نجيب
حسني ،اإلجراءات ص / 392وانظر شرح القانون المدني ج 1لس11نة 1978رقم 536
ص 216لكل من بالنيول 1،وربيبر وبوالنجيه.
([ ) ]35حيث هو المكان الوحيد الذي يحدد االختصاص إذا كان المكان الذي ارتكب فيه
الجريمة والمكان ال11ذي قبض على المتهم في11ه مجه11ولين أو كان11ا غ11ير مح11ددين ،انظ11ر
ميرل وفيتو /الجزء الثاني /فقرة 1339ص .546
([ )]36نقض مص11ري /20م11ارس س11نة 1939مجموع11ة القواع11د القانوني11ة ج 4رقم
362ص .496
([ )]37جارو ج ، 2فقرة 563ص .385
([ )]38أنظر د .محمود نجيب حس11ني /المرج11ع الس11ابق اإلج11راءات ص 393حاش11ية
رقم .1
([ )]39أنظ11ر في ه11ذا الص11دد المراج11ع التالي11ة :د .أحم11د فتحي س11رور /الوس11يط في
اإلجراءات ص 976وما بعدها .د .مأمون سالمة /الوسيط /ص 532وما بعدها.
([ )]40وقضت محكم11ة النقض المص11رية ب11أن لم11أمور الض11بط القض11ائي 1أن ينف11ذ أم11ر
النيابة العامة بتفتيش الشخص أينما وجد ،ما دام المكان الذي جرى فيه التفتيش واقعا ً
في دائرة اختصاص من أصدر األمر ومن نفذه (نقض 19ابريل سنة )1979مجموعة
األحكام سنة 30رقم 103ص .490
([ )]41كما وقضت بأنه إذا كان إذن التفتيش قد صدر لم11أمور الض11بط لتف11تيش المتهم
ولما كمن له هرب المتهم فتتبع1ه خ1ارج دائ1رة اختصاص1ه ففتش1ه هن1اك ف1إن التف1تيش
يك11ون ص11حيحاً ،ألن الع11برة هي بب11دء التحقي11ق في االختص11اص المحلي الس11ليم أم11ام
اإلجراءات الالحقة فإن11ه يج11وز مباش11رتها خ11ارج ه11ذا االختص11اص طالم11ا أن متطلب11ات
التحقيق اقتضت ذلك /نقض /6ابريل /سنة / 1964م 10س 15رقم 47ص .237
([ )]42هذه األماكن الثالث قسائم ال تفاضل بينهما /نقض مصري /9مايو/سنة 1966
مجموعة األحكام س ،17رقم 103ص /10 1،578مارس س11نة 1974س 25رقم 55
ص .242
([ )]43أنظر في هذا الصدد الدكتور محمود مصطفى /الوسيط في اإلجراءات .323 /
وانظر د .مأمون سالمة /ص .536
وقد تناولت المادة 108من قانون المرافعات المصري بعدم تعل11ق االختص11اص المحلي
للنظام العام /كما جاء في أحكام محكمة النقض المصرية "إن مسألة عدم االختص11اص
بالنسبة لمحل وقوع الجريمة ليس11ت من مس11ائل ع11دم االختص11اص المطل11ق ال11تي تمس
بالنظام العام وتزري بنظام المحاكم بل من قبي11ل ع11دم االختص11اص النس11بي ال11ذي يمكن
الخصوم التنازل عنه /نقض مصري /18/ابري11ل س11نة 1986القض11اء س 3ص ،283
نقض مصري /28ديسمبر سنة 1907المجموعة الرسمية س 9رقم 42ص.97
يستند أصحاب هذا الرأي لنص المادة 332من قانون اإلجراءات المصري فقد اعتبرت
من ضمن أحوال البطالن المتعلق بالنظام العام عدم والية المحكمة في الدعوى ،وع11دم
اختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروض11ة عليه11ا (االختص11اص الن11وعي) ،ولكنه11ا
أخ11رجت من النص ع11دم االختص11اص المحلي ،أض11ف إلى ذل11ك أن الم11ذكرة التفس11يرية
أوردت من بين أحوال البطالن (النسبي) المتعلق 1بمص11لحة الخص11وم ع11دم االختص11اص
المحلي /أنظر د .أحمد فتحي سرور /الوسيط /ص ،969حاشية / 3د .رؤوف عبي11د
قانون اإلجراءات /طبعة ،1982ص .479
([ )]44انظر د .مأمون سالمة /الوسيط في اإلجراءات /ص .936
([ )]45أنظر د .مأمون س11المة /الوس11يط في اإلج11راءات ص 537حيث ج11اء التمس11ك
بعدم االختصاص المكاني قبل إبداء أي11ة طلب11ات موض11وعية ،ويج11وز للخص11وم التن11ازل
عنه أيضا ً نقض إيط11الي /13/ين11اير ،1955العدال11ة الجنائي11ة /1955ج181 1،3/246
حاشية رقم 1د .مأمون سالمة المرجع السابق .536 /
([ /60/67 )]46ص 512سنة 798 / 68 / 237 ،1976سنة .1980
([ / 66 / 259 )]47ص 88سنة 27/71/388 ،1970سنة .1971
([ )]48انظر د .محمود نجيب حسني /إجراءات المراجع السابق 378 /والحواشي 3
.5،4،
([ )]49د .عوض محمد :جرائم المخدرات والتهريب الجمركي والنقدي /االس11كندرية،
– 1966ص .32
([50]) SIR ALFERD ZIMMERN, “INTERNATIONAL LAW
AND SOCIAL CONCIOUSNESS CROTIUS SOCIETY
TRANSACTIONS”. LONDON, 1935, VOL. XXPP. 25. 44.
([51]) J. R. V. PRESCOTT “GEGRAPHY OF FRONTIERS
AND BOUNDARIES”. LONDON – 1967 – PP. 33-35.
([LAWRENCEW TOWLE “INTERNATIONAL TRADE )]52
.AND COMMERCAIL, POLICY” OP. CIT. P. 242
([ )]53نقض جنائي ،6/12/1961 :مجموعة المبادئ القانونية ال11تي قررته11ا محكم11ة
النقض في عشر سنوات ،1966 1 :1956 ،لألستاذ /أحمد سمير أبو ش11ادي ،ج ،2ص
،782رقم .1748
([ )]54األس11تاذ /عب11د ال11رحمن فري11د ،النظم واالص11الحات الجمركي11ة ،االس11كندرية،
،1953ص .245
([ )]55األستاذ /عب11د ال11رحمن فهمي :الته11ريب الجم11ركي – الق11اهرة – – 1975ص
.244
الدكتور :رزق هللا أنطاكي :التش11ريع الجم11ركي ،مطبع11ة الجامع11ة الس11ورية /دمش11ق
،1951ص .174
([ )]56د .ع111وض محم111د – ج111رائم المخ111درات والته111ريب الجم111ركي والنق111دي /
االسكندرية 1966 ،ص ،165د .احمد فتحي سرور "محاضرات في ق11انون العقوب11ات
الض111ريبي" ،الق111اهرة س111نة 1919ص ،89األس111تاذ مص111طفى رض111وان :الته111ريب
الجمركي والنقدي فقها ً وقضاءاً ،القاهرة – 1971 ،ص.22
([ )]57د .محمود محمود مصطفى" :القسم العام" القاهرة سنة – 1974ص.13
([ )]58نقض جنائي 13مايو سنة " 1958مجموعة أحكام النقض" س ،9رقم ،135
ص 505و 6مارس سنة ،1972س ،22رقم ،70ص .301
([ )]59د .كمال حمدي :جريمة التهريب الجمركي /االسكندرية ،1997 /ص. 14
([ )]60د .شوقي رامز شعبان /النظرية العامة للجريمة الجمركي11ة /ب11يروت /الطبع11ة
األولى /سنة 1976صفحة .165
([ )]61انظر نقض مصري /25نوفمبر س11نة 1973مجموع11ة أحك11ام محكم11ة النقض،
س ،24رقم ،219ص .1053
([ )]62انظر نقض مصري /11مايو سنة 1959مجموعة أحك11ام محكم11ة النقض ،س
،10رقم ،13ص .517
/31 اكتوبر سنة ،1960س 11رقم 141ص .742
القسم الرابع
صور الرقابة الجمركية وأسبابها
من المعروف أن المهمة األساسية لدائرة الجمارك هي استيفاء الرسوم
الجمركية والرسوم والضرائب األخرى المفروضة على البضائع المستوردة أو
المصدرة ،والحيلولة دون إدخال البضائع أو إخراجها ،بصورة مخالفة ألحكام القانون
كما أنها ،بسبب انتشار موظفيها على كافة حدود الدولة ،تلعب دوراً رياديا ً في مؤازرة
المصالح األخرى للدولة.
ولذلك كان من الطبيعي 1أن تفرض الرقابة الجمركية لتحقيق هذه األغراض
والرقابة ظاهرة قديمة ترتبط نشأتها بنشأة المجتمعات المنظمة فقد عرفتها الدول
جميعا ً ولجأت إليها في مختلف العصور" .فقد فرض المصريون القدماء رقابة جمركية
لمنع تسرب النبيذ والمنسوجات إلى مصر .كما عرفت روما ،منذ القدم ،نظام الرقابة
الجمركية ،وكان من أهدافها مكافحة تسلل العبيد عبر الحدود دون أداء الرسوم
الجمركية"([.)]1
وللرقابة الجمركية في العصر الحديث ثالثة صور هي:
الصورة األولى :المنع المطلق أي منع استيراد البضاعة ،أو منع تصديرها منعا ً
مطلقاً.
رة الثانية :صورة التقييد .أي تعليق دخول البضائع للبالد ،أو إخراجها منها بعد استيفاء
إجراءات معينة ،تنظمها قوانين االستيراد والتصدير.
رة الثالثة :إخضاع البضائع لضريبة جمركية تجبى عند دخولها البالد ،أو لدى خروجها
منها.
والرقابة الجمركية لها أسباب عديدة يمكن تناولها في مطلبين:
ا المطلب األول
األسباب االقتصادية لفرض الرقابة الجمركية
أصبحت الرسوم الجمركية ،في عصرنا الحاضر أكثر األدوات فاعلية في حماية
االقتصاد الوطني واإلسهام في تقويم ميزان المدفوعات([ )]2واألسباب االقتصادية
لفرض الرقابة الجمركية كثيرة نذكر منها أهمها وهي ،حماية المنتجات الوطنية،
وجذاب رؤوس األموال األجنبية ،وتخفيض أسعار البضائع والمواد الخام .وعالج
الخلل في الميزان التجاري ،وميزان المدفوعات ،وحل المشكالت االقتصادية .وسوف
نتناولها 1بإيجاز وعلى النحو التالي:
أوالً /حماية السوق المحلي
فالرقابة على الواردات تمكنها من حماية السوق الوطنية والصناعات الوطنية،
من منافسة السلع األجنبية المستوردة ،وهي للصناعة الوطنية أداة تشجيع وحماية،
فالمواد األولية ،واآلالت المعدة لالستعمال الصناعي معفاة أساسا ً من الرسوم
الجمركية أو خاضعة لرسوم مخفضة .أما المصنوعات األجنبية 1المماثلة للمنتجات
الوطنية ،فمثـقلة ،غالبا ً بالفرق بين كلفة اإلنتاج 1األجنبي وكلفة اإلنتاج 1المحلي ،مما
يتيح للصناعات الوطنية الوقوف بوجه المنافسة األجنبية .كما أنها تميز بين الدول
وبعضها في االستيراد والتصدير من حيث نوع البضاعة المستوردة ،تشجيعا ً للمنتجات
المحلية ،ويتم ذلك عن طريق رفض االستيراد أو الترخيص باالستيراد وفقا ً إلجراءات
معينة .وكذلك قد تفرض الدولة رسوم جمركية مرتفعة على البضائع التي تقصد الدولة
إبعادها عن أسواقها المحلية([.)]3
ثانيا ً /زيادة االستثمارات األجنبية
الرقابة الجمركية تستخدم في جذب رؤوس األموال 1األجنبية لالستثمار داخل
البالد ،فحينما يتعلق األمر بإقامة مشروعات استثمارية داخل البالد يتم إعفاء المعدات
واآلالت والميكنة من الجمارك ،أو قد تتخذ الرقابة الجمركية قراراً بمنع استيراد السلع
التي تنتجها المشروعات االستثمارية.
ثالثا ً /المحافظة على ثروة البالد
يعتبر رأس المال من أهم العوامل 1المؤثرة في التنمية ،فقد لعب رأس المال دوراً
هاما ً في رفع إنتاجية الدول المتقدمة([ .)]4ولعله من أهم أسباب فرض الرقابة
الجمركية هو المحافظة على ثروة البالد الموجودة بها ،ومنع تهريبها إلى الخارج،
للمحافظة على استثمارها داخل البالد.
وإن ما تسعى الدول إلى مكافحة تهريبه وذلك بالرقابة الجمركية الحازمة ،هو
الطوابع البريدية ،واألعمال الفنية ذات القيمة الكبيرة والذهب والمشغوالت الذهبية،
واألحجار الكريمة مثل الماس ،والياقوت ،والزمرد ،والزبرجد ،والفيروز ،والآللئ
والتحف األثرية ،وذلك ألن جميع هذه األشياء يسهل بيعها في جميع دول العالم ،لذلك
نجد أن خروج هذه األشياء يعد من أهم وسائل تهريب رؤوس األموال 1ومن الصعب
ضبطها لخفة وزنها وسهولة إخفائها عن رجال الجمارك([.)]5
رابعا ً /انخفاض أسعار المنتجات المحلية
يقول األستاذ Claude Tigierأستاذ االقتصاد بجامعة منشيستر أن سعر
الصرف داخل الدول وكذلك تخفيض الضرائب الجمركية على المواد األولية ،يؤدي إلى
انخفاض أسعار البيع الداخلة فيها المواد األولية المستوردة([ .)]6إذاً الرقابة
الجمركية تحقق تخفيض أسعار البضائع ،وذلك حينما ال تفرض رسوم جمركية على
المواد الخام الواردة من الخارج وذلك يؤدي إلى تخفيض أسعار السلع التي تدخل فيها
هذه المواد الخام.
خامسا ً /زيادة الصادرات وانخفاض الواردات
قام األستاذ J. E. Meadeأستاذ التجارة بجامعة لندن بتقسيم ميزان
المدفوعات لدى الدول إلى ثالثة أنواع وهي الميزان الفائض ،والقاصر ،والمتوازن
فيقول إن ميزان المدفوعات لدولة ما به فائض عندما تكون حصيلة صادراتها إلى
باقي دول العالم تزيد عن جملة وارداتها ،وبالعكس يكون ميزان مدفوعاتها قاصراً إذا
أصبحت حصيلة صادراتها أقل من وارداتها ،ويقال أن ميزان مدفوعاتها متوازن إذا
تساوت حصيلة صادراتها مع حصيلة وارداتها للعمليات التجارية مع الدول األخرى([
.)]7
وعليه فإن جميع الدول تحاول زيادة صادراتها عن وارداتها حتى تعالج ميزان
المدفوعات ،وذلك من خالل تسهيالت جمركية ،وإلغاء الرسوم على الصادرات،
وزيادة الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى على الواردات وذلك للتقليل من
الواردات وبالتالي التأثير على ميزان المدفوعات.
سادسا ً /فرض رسوم جمركية عالية على الكماليات وانخفاضها على الميكنة
اإلنتاجية
يقول W. ARTHER LEWISأستاذ االقتصاد بجامعة مانشيستر أن سلوك
الحكومة يلعب دوراً هاما ً في تشجيع أو تثبيط األنشطة االقتصادية ،وكذلك كلما زادت
التسهيالت زاد النشاط التجاري([.)]8
“The behavior of governments plays as important a role in
”stimulating or discouraging economic activity
إن الرقابة الجمركية تحل المشاكل االقتصادية للدولة وذلك بالحد من استيراد
السلع الكمالية ،وفرض رسوم جمركية منخفضة على سلع اإلنتاج واآلالت والميكنة1
الالزمة لمشروعات التنمية االقتصادية.
سابعا ً /المحافظة على توازن الميزان التجاري
تلجأ الدول إلى الرقابـة الجمركيـة لتقليـل العجـز فـي الميـزان التجـاري "
"Balance of trade deficitوبالتالي تقليـل العجـز فـي ميـزان
المدفـوعـات "Balance of payments" وذلك ألن الميزان
التجاري جزء من ميزان المدفوعات([ )]9والميزان التجاري هو :الفرق بين
الصادرات والواردات فقط ،وهناك فرق بين الميزان التجاري وميزان المدفوعات وقد
عرف البعض ميزان المدفوعات بأنه عبارة عن حركة تعامل الدولة مع الخارج([)]10
أما أسلوب الرقابة الجمركية الذي يتبع لزيادة الصادرات عن الواردات ،هو بتشجيع
سياسة التصدير للخارج بإلغاء الرسوم الجمركية على الصادرات مثالً أو إعطاء
إعانات تصدير " " Export Subsidiesللمصدريــن حتى يكــون للصادرات
القدرة على المنافسة في األسواق 1الخارجية ،فاليابان مثالً تعطي للمصدرين %10
عند قيامهم بالتصدير للخارج ،وإسرائيل تعطي %10إعانة تصدير للمصدرين إذا
كان التصدير إلى أي بلد من بالد العالم ،وتزيد هذه النسبة إلى %20إذا كان التصدير
ألحد الدول العربية وذلك بهدف غزو أسواق الدول العربية([ )]11وإذا تم اتباع
السياسات التصديرية مع إلغاء الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى على
الصادرات ،سوف تتمكن الدولة من فتح أسواق 1عالمية World Marketللمنتجات
الوطنية وبالتالي يحدث توازن في الميزان التجاري.
ثامنا ً /زيادة الصفقات المتكافئة مع دول العالم الخارجي:
إن أسلوب الصفقات المتكافئة بالنسبة لدول العالم النامـي هو أحـد األساليـب
الناجحة لتنشيط تجارتها الخارجية([ )]12حيث تستخدم الرقابة الجمركية في زيادة
الصفقات المتكافئة مع دول العالم الخارجي ،وذلك من خالل التسهيالت الجمركية
وعدم فرض رسوم جمركية على السلع المصدرة وبالتالي السلع المستوردة ضمن
صفقة متكافئة ،وذلك من خالل تصدير سلع وطنية واالستيراد بقيمتها سلعا ً وآالت
أجنبية .وبذلك يخف الضغط على الميزان التجاري.
المطلب الثاني
أسباب متنوعة 1لفرض الرقابة الجمركية
-1األسباب السياسية والعسكرية
قد تستهدف الدولة بالرقابة الجمركية أغراضا ً سياسية أو عسكرية ،كأن تحظر
استيراد البضائع من بالد معينة ،بقصد الضغط على هذه البالد ،كما فعل الحلفاء في
الحربين العالميتين األولى والثانية 1،وخير مثال على ذلك يتمثل 1في ضغط الدول العربية
على إسرائيل ،بمنع االستيراد منها أو التصدير إليها بل أن بعض الدول العربية ،يضع
الشركات األجنبية التي تتعامل مع إسرائيل في القائمة السوداء بمنع االستيراد منها
وحظر دخول منتجاتها.
-2أسباب دولية لفرض الرقابة الجمركية
استناداً إلى أحكام القانون الدولي فقد تفرض الرقابة الجمركية ألسباب دولية معينة
فال يتم التصدير إليها أو االستيراد منها بنا ًء على اتفاقية دولية صادرة عن األمم
المتحدة ،كما وحدث بالنسبة لقرارات األمم المتحدة الخاصة باالستيراد والتصدير مع
جنوب إفريقيا ،وكذلك قرار األمم المتحدة بالنسبة إلى الجمهورية الليبية أثر رفضها
تسليم المتهمين في حادث إسقاط الطائرة األمريكية وكما وجدت في إلغاء للتجارة
الدولية مع الجمهورية العراقية.
-3األسباب النقدية لفرض الرقابة الجمركية
عندما يخشى على العملة الوطنية من التدهور بالنسبة للنقد األجنبي ،تعمد الدولة،
وفي مثل هذه الحالة ،إلى منع استيراد بعض أصناف البضائع ،وخاصة الكماليات
منها ،وتفرض الرقابة الجمركية لكي تعيد إلى الميزان التجاري توازنه .كما أنها
تفرض هذه الرقابة من قبيل الحفاظ على مواردها المحدودة ،فتقيم العراقيل بوجه
تصدير سلع معينة حتى تظل في متناول الشعب وكذلك من السياسات النقدية التي
تشغلها الرقابة الجمركية ،عدم خروج أو دخول النقد الوطني إلى البالد إال في حدود
معينة.
-4األسباب الصحية لفرض الرقابة الجمركية
قد تكون الغاية من الرقابة الجمركية صحية كما هو الشأن في حظر استيراد المواد
المخدرة والسموم والسلع الفاسدة واألفيون 1والكوكايين ،والحشيش ومشتقاته
والهيروين 1أو حضر استيراد بعض المنتجات من بالد معينة بها أوبئة أو أمراض
معدية ،أو حضر االستيراد لمنتجات غذائية أو حيواني من بعض البلدان حماية للصحة
العامة .ويرى المفتش العام للبوليس بشمال ويلز أنه توجد عصابات دولية لتجارة
المواد المخدرة والهيروين ،وتقوم بعض الدول بزراعتها لزيادة مواردها المالية،
ولذلك البد من تعاون جميع أجهزة البحث الجنائي في العالم بتبادل المعلومات للقضاء
على هذه العصابات([.)]13
-5األسباب االجتماعية لفرض الرقابة الجمركية
إن االعتبارات االجتماعية قد تكون السبب في الرقابة الجمركية فقد تفرض الدولة
الرقابة الجمركية لتحقيق أهداف اجتماعية ،كما هو الحال عندما تفرض الدولة
ضرائب باهظة على استيراد الخمور أو أوراق اللعب تنفيراً أو تقييداً للناس من اإلقبال
عليها ،ومنع استيراد السلع االستفزازية في بعض الدول الفقيرة حتى ال يحدث حد
طبقي.
-6األسباب األخالقية بفرض الرقابة الجمركية
قد تكون الغاية من الرقابة الجمركية خلقية أو تربوية كما هو الحال في منع
استيراد المطبوعات والصور المخلة باآلداب العامة .ومثل منع استيراد األفالم التي
تخدش الحياء العام واألخالقيات المتعارف عليها ،أو حضر استيراد األدوات
والمصنوعات 1المتعلقة بالجنس وذلك للحفاظ على الثوابت األخالقية التي تربى عليها
المجتمع ويعتبرها أحد أركانه األساسية.
-7األسباب األمنية لفرض الرقابة الجمركية
العتبارات تتعلق بأمن البالد مثل خطر استيراد المفرقعات ،واألسلحة النارية
واألدوات المتفجرة تفرض الرقابة الجمركية وذلك كنوع من وسائل منع الجريمة حيث
أن الوقاية من الجريمة خير من ضبطها بعد ارتكابها.
يتضح مما تقدم أن الرقابة الجمركية ال تحقق غرضا ً في ذاته بل إنها في لحظة واحدة
قد تحقق أكثر من غرض ،وتحقق عدة غايات .تحقق مصالح عليا للدولة أما اإلخالل
بالقواعد والنظم الجمركية ،هو كما أسلفنا عامل من العوامل الهدامة لالقتصاد
الوطني ،لما ينتج عنه من ضياع لحقوق الخزانة العامة وهدر المال العام وقضاء على
الصناعات الوطنية ويسبب انتهاكاً 1للنظام العام ويفسد األخالق لكل ذلك ومن أجل ردع
جريمة التهريب الجمركي وحماية المصالح الوطنية العليا نجد أن المش ّرع خرج عن
القواعد العامة لالختصاص المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
([ )]1األستاذ فارس الخوري "موجز في علم المالية" ،دمشق ،1937 ،ص .35
([ )]2األس11تاذ يوس11ف الغري11اني "الض11رائب الجمركي11ة واإلنتاجي11ة علم11ا ً وعمالً"،
القاهرة ،1965 ،ص .19
([3]) W. FISHER (THE PURCHASING POWER OF
MONEY) OXFORD UNIVERSITY – LONDON 1979. P. 19.
)]([4 ADAMANTIONS PEPLASIS (ECONOMIC
)DEVELOPMENT ANALYSIS AND CASE STUDIES
HAPPER BROTHERS – NEW YORK. 1981, P. 90.
([5]) E NEUIN “CAPITAL FUNDS IN UNDERDEVELOPED
COUNTRIES” LONDON MACMILLAN. 1969, P. 70.
([6]) CLAUDE TIGIER (BASIC AND BOOK OF FOREIGN
EXCHANGE) LONDON. 1983, P. 38.
)([7]) J. E.MEADE (THE BALANCE OF PAYMENTS
OXFORD UNIVERSITY PRESS. LONDON 1981, P. 3.
([8]) W. ARTHUR LEWIS (THE THEORY OF ECONOMIC
GROWTH), LONDON 1961.
([9]) J. E. MEADE (THE BALANCE OF PAYMENTS) OP.
CIT. P. 53.
([ )]10د .م11دحت حس11نين :النظم االقتص11ادية ،الجامع11ة األمريكي11ة ،الق11اهرة ،س11نة
،1987ص .151
([11]) H. F. EVITT (EXCHANGE AND TRADE CONTROL
IN THEORY AND PRACTICE) FOURTH EDITION
LONDON 1982 – P.3.
)([12]) D. C. PWER (INFLATION AND GROWTH
MACMILLAN LONDON, 1968, P. 85.
([13]) E. B. BAKER (POLICE PROMOTION HANDBOOKS
CRIMINAL LAW) LONDON 1980, P, 230.
القسم الخامس
الدعوى الجنائية في جريمة التهريب الجمركي
التع ّرف على اإلجراءات الجنائية في جريمة التهريب الجمركي يقتضي دراسة
الدعوى الجنائية في هذه الجريمة إذ لها سمات خاصة إذ تخضع الدعوى الجنائية في
جريمة التهريب الجمركي لكافة األحكام المقررة للدعوى الجنائية في قانون أصول
المحاكمات الجزائية ،فيما عدا أن قانون الجمارك يوجب تقديم طلب لتحريك الدعوى
الجنائية ،كما يقرر التصالح والذي يرتب وجوبا ً في حالة تحققه انقضاء الدعوى
الجنائية ووقف جميع اآلثار المترتبة على الدعوى.
المبحث األول1
وجوب تقديم طلب لتحريك الدعوى الجنائية
نصت المادة 211من قانون الجمارك رقم 20لسنة 1998وتعديالته على ما
يلي" :ال يجوز تحريك الدعوى في جرائم التهريب إال بنا ًء على طلب خطي من المدير
أو من يقوم مقامه عند غيابه" والحكمة التي دعت المشرع إلى إيراد قيد يحد من حق
النيابة العامة الجمركية في تحريك الدعوى الجنائية تقديره أن هذه الجرائم ذات طبيعة
خاصة التصالها بمصالح الدولة الجوهرية حيث تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك
ورفع الدعوى من عدمه تكون فيها دائرة الجمارك ممثلة بمديرها العام أقدر على
إجراء تلك الموازنة ومن ثم ترك لها تقدير ذلك معلقا ً أمر تحريك الدعوى ورفعها على
طلب كتابي يصدر عن مدير عام الجمارك.
وقد استقر االجتهاد القضائي الجمركي في العديد من القرارات على أنه ال يجوز
تحريك الدعوى العامة في جرائم التهريب الجمركي إال بنا ًء على طلب خطي من مدير
عام الجمارك ،ويعتبر هذا األمر من مسائل النظام العام ومن األمور األولية التي ينبغي1
التحقق منها لصحة المالحقة والسير بإجراءات الدعوى وإن عدم إبراز مثل هذا
الطلب ينطوي على قصور في اإلجراءات.
-1تعريف الطلب والحكمة منه
الطلب هو إجراء يصدر من اإلدارة الجمركية معبراً عن إرادتها في تحريك الدعوى
الجنائية ضد المتهم عن جريمة التهريب الجمركي وقد وصفته محكمة النقض
المصرية بأنه عمل إداري " "Acte Administratifال يعتمد على إرادة فرد بقدر
ما يعتمد على مبادئ موضوعة في الدولة.
والهدف من هذا القيد هو تحقيق المصلحة العامة فجريمة التهريب الجمركي تحمي
مصلحة جمركية مالية كانت أو اقتصادية ونحو ذلك ومن ثم فقد كان من الطبيعي ترك
مالءمة اتخاذ اإلجراءات الجنائية أو عدم اتخاذها إلى تقدير دائرة الجمارك بوصفها
الجهة الوحيدة التي تستطيع تنفيذ السياسة الجمركية التي تنتهجها الدولة ،وبالتالي
حماية المصالح الجمركية التي تستهدف تلك السياسة.
-2صالحية الطلب لرفع الدعوى في جريمة التهريب الجمركي
تشترط في الطلب شروط معينة لكي يحدث أثره في إطالق حرية النيابة في تحريك
الدعوى الجنائية وهي ستة شروط على النحو التالي:
.1 أن يكون الطلب مكتوبا ً ويشترط القانون في الطلب أن
يكون مكتوبا ً والحكمة من ذلك أن يكون موقعا ً من صاحب السلطة في إصداره.
ويرى الدكتور أحمد فتحي سرور أنه ال يكفي مجرد إرسال خطاب يفيد أن الطلب
قد أرسل ممن يملكه ما لم يكن المحرر المثبت لهذا موجوداً بالفعل وموقعا ً عليه ممن
أصده ،وعلى ذلك ال تكفي اإلشارة التليفونية ما لم تعتمد على أصل مكتوب يحمل
توقيع المختص بإصدار الطلب([.)]1
يتضح مما تقدم عدم جواز الطلب الشفوي بل يتعين أن يكون مكتوباً ،فال يصح
أن يكون شفوياً.
بينما يرى البعض خالفا ً لرأي غالبية الفقهاء أنه يجوز في الطلب أن يكون
شفويا ً ويكفي حينئذ أن يكتب في صدر المحضر أنه قد فتح بنا ًء على طلب الجهة التي
يشترط المشرع تقديمها للطلب ألن هذا القيد إنما وضع لحكمة خاصة هي جعل تقدير
أهمية الجريمة لتلك الجهة ومتى ثبت من أي طريق كان أنها طلبت السير في
اإلجراءات الجنائية فإنه ال معنى أن تتعطل الدعوى بحجة أن الطلب لم يكن كتابياً([
.)]2
إال أن الباحث يتفق مع غالبية الفقهاء حيث نصت المادة 211من قانون
الجمارك األردني النافذ صراحة على أنه ال يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية
إجراءات في جريمة التهريب إال بطلب خطي وال اجتهاد في مورد النص.
.2 الطلب يجب أن يكون مؤرخا ً وأن يتضمن 1بيانا ً كافيا ً عن الواقعة التي
تقوم بها الجريمة.
والدفع بخلو الطلب من تاريخ صدوره هو من الدفوع التي يختلط فيها القانون
بالواقع مما يستلزم تحقيقا ً موضوعياً ،ومن ثم ال تجوز إثارته ألول مرة أمام محكمة
النقض([.)]3
.3 يجب أن يكون الطلب قد بوشر بمعرفة الشخص الذي حدده القانون لهذا
الغرض ،وأي مباشرة للطلب من غير هذا الشخص أو من ينيبه عندما يسمح القانون
بذلك ال يترتب عليها أي أثر قانوني .فعندما يصدر ممن يملكه قانونا ً حق للنيابة العامة
اتخاذ إجراءاته ،ويجب أن يتضمن الطلب توقيع الموظف المختص وذلك ألن التوقيع
إجراء جوهري الزم إلثبات صدور الطلب عنه وإلضفاء الصفة الرسمية على الطلب
كون الورقة غير الموقعة من الموظف المختص تفقد صفتها كورقة رسمية وتقع
باطلة .ويجب أن يذكر بالطلب تاريخ تحريره لبيان أي إجراءات من إجراءات التحقيق
التي قد تكون اتخذت في وقت الحق على تقديم الطلب.
وكما أشرنا يشترط لصحة الطلب أن يقدم من الشخص الذي منحه القانون هذا
الحق ،وهو في قانون الجمارك األردني "مدير عام دائرة الجمارك أو من ينيبه" طبقا ً
ألحكام المادة 211وهو كذلك مدير عام الجمارك أو من ينيبه طبقا ً ألحكام المادة 124
من قانون الجمارك المصري ،وطبقا ً للمادة 124مكرراً هو وزير المالية أو من ينيبه1.
ويقول الدكتور محمد فؤاد مهنا أن عبارة "أو من ينيبه" التي وردت في قانون
الجمارك ال تعدو أن تكون مجرد تفويض في االختصاص مؤداه أن يعهد صاحب
االختصاص إلى غيره ببعض االختصاصات يمارسها عنه([.)]4
وقد استقر االجتهاد القضائي بأنه يجوز لمدير عام الجمارك تفويض غيره في
تقديم الطلب ويتعين 1على الحكم أن يبين قيام هذا التفويض حيث أن الحكمة من ذلك
تكمن في تمكين المحكمة المختصة من التأكد من صفة مقدم الطلب والتفويض الصادر
إليه ولذلك يتعين على الحكم أن يبين 1تلك الصفة ألنه من البيانات الجوهرية التي يجب
أن يتضمنها الحكم التصاله بسالمة تحريك الدعوى الجنائية ،ومن ثم يترتب على
إغفالة بطالن الحكم حيث أن ثبوت صدور هذا الطلب في األوراق ال يغني عن النص
عليه في الحكم([.)]5
ويرى الدكتور أحمد فتحي سرور أن تقديم الطلب ممن أناط بهم القانون مهمة
تقديمه يقوم مقامه تقديم الطلب ممن سمح القانون بإنابته في تقديمه .ويكفي بذلك
اإلنابة العامة وال تشترط اإلنابة بمناسبة كل جريمة .وإذا صدر الطلب من شخص غير
مختص باصدراه وقع باطالً([.)]6
ويقول الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي أنه ال يجوز لمن فوض في تقديم الطلب
أن يفوض غيره بل يجب أن يباشر هذا الحق بنفسه ألن تفويض االختصاصات
المفوضة غير جائز([.)]7
.4 يجب أن يكون الطلب معبراً بوضوح عن إرادة الجهة في تحريك ورفع
الدعوى الجنائية وإال فقد قيمته القانونية فمثالً إذا انصبت االرادة على التحقيق فقط
دون رفع الدعوى ،فإن هذا التحديد يفقد الطلب قيمته القانونية وعليه فإن الطلب يجب
أن يكون :أ -صريحا ً في رفع الدعوى الجنائية عن جريمة التهريب الجمركي .ب -باتا ً
فال يصح تعليقه على شرط وإال يكون باطالً حتى لو تحقق الشرط فيما بعد.
.5 يجب أن يكون الطلب متضمنا ً االتهام بوقائع معينة ،وال يلزم أن تكون
الوقائع موصوفة بالوصف القانوني الصحيح ،فالعبرة بالوصف للنيابة العامة تحت
رقابة المحكمة الجمركية ،ومن ثم يكفي أن تكون الوقائع الواردة بالطلب حاملة بين
طياتها عناصر جريمة جمركية يستلزم فيها المشرع طلبا ً لتحريك الدعوى فيها.
.6 يلزم أن يكون المتهم محدداً تحديداً نافيا ً للجهالة في طلب تحريك
الدعوى ،وقد حدث خالف بين الفقهاء في هذا الشرط :فمثالً يرى البعض أنه ال يلزم
تحديد اسم المتهم أو شخصيته في الطلب([ )]8ويرى البعض اآلخر أنه إن لم يعين
المتهم في الدعوى واكتفى بمجرد الواقعة كان ذلك مجرد بالغ وليس طلباً([.)]9
-3الطلب في حالة تعدد المتهمين
وهنا يثور التساؤل التالي :في حالة تعدد المتهمين 1في جريمة التهريب الجمركي.
فهل تقديم الطلب ضد واحد منهم يجعل النيابة 1العامة الجمركية في حل من مباشرة
الدعوى في مواجهة اآلخرين؟ ولإلجابة على هذا السؤال ثار خالف بين الفقهاء حول
هذا الموضوع فالبعض يرى ضرورة تقديم طلب مستقل بالنسبة لكل واحد من
المتهمين([ )]10والبعض اآلخر يرى عكس ذلك بأن تقديم طلب ضد أحد المتهمين
يجيز للنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية ضد الباقين ،وحجتهم في ذلك أن حكمة
التشريع في التسوية بين المتهمين في جريمة التهريب أنه ال اعتبار لشخص المتهم
وإنما العبرة بطبيعة المصلحة محل االعتداء.
-4التنازل عن الطلب
التنازل عن الطلب "عبارة عن إسقاط الحق بإرادة صاحبه وحدها دون توقف على
إرادة المتهم".
وقد أجازت المادة 214من قانون الجمارك األردني النافذ إسقاط الدعوى عند
إجراء المصالحة عليها وهذا يعني 1أن لمقدم الطلب أن يتنازل عنه في أي وقت إلى أن
يصدر في الدعوى حكما ً بدائيا ً وليس حكما ً نهائيا ً كما هو الحال بقانون الجمارك
المصري هو الحكم البات الذي استنفذ كافة طرق الطعن العادية بما في ذلك الطعن
بالنقض "التمييز".
إن واقع الحال يشير إلى أن التصالح قبل صدور حكم بدائي وحده الذي يمكن النظر
إليه أنه تنازل (بعوض) عن الطلب .أما بعد الحكم البدائي فال يتصور اعتباره كذلك وقد
انقضت الدعوى العمومية بالفصل فيها أمام محكمة الجمارك البدائية ،ولم يعد هنالك
محل للتنازل عن الطلب الذي استنفذ غرضه بصدور الحكم البدائي1.
وعلى كل األحوال فإنه كما يخضع تقديم الطلب لتقدير مصلحة دائرة الجمارك وفقا ً
لما تقتضيه المصلحة العامة فإن التنازل عن الطلب هو اآلخر متروك لتقديرها وفقا ً
لظروف كل دعوى .ويتعين 1في التنازل عن الطلب كما هو الحال في تقديمه أن يكون
مكتوبا ً ومع ذلك فإن الباحث يرى جواز التنازل عن الطلب شفاهة – صراحة أو ضمنا ً
ألن القانون لم يشترط الكتابة للتنازل عن الطلب.
-5أثر عدم تقديم الطلب.
إذا قامت النيابة العامة الجمركية برفع الدعوى الجنائية قبل صدور الطلب بذلك من
قبل مدير عام الجمارك أو من ينيبه فيكون إجراء النيابة باطالً بطالنا ً مطلقا ً كونه كما
أسلفنا متعلق بالنظام العام والتصاله بشرط أصيل يجب اتخاذه وال يصححه طلب الحق
وعلى محكمة الموضوع أن تقضي به من تلقاء نفسها ،ويكون حكم المحكمة في هذه
الحالة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير األوضاع المقررة في القانون حيث يمتنع
عليها التعرض لموضوعها1.
وذات الحكم يترتب إذا صدر الطلب ممن لم يسبغ القانون عليه صفة في تقديمه ،أي
انتفت صفة مصدر الطلب ،إذ ال يرتب القانون على مثل هذا الطلب أي أثر.
ميعاد تقديم الطلب
يبقى حق مدير عام الجمارك أو من ينيبه في تقديم الطلب قائما ً حتى تسقط
الدعوى الجنائية بمضي المدة حيث نصت المادة /247أ على ما يلي "تسقط دعوى
الحق العام في الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في هذا القانون بمضي ثالث
سنوات من تاريخ وقوع الفعل إذا لم تجر مالحقة بشأنها.
المبحث الثاني1
التصالح في جريمة التهريب الجمركي
األصل في الدعوى العمومية أنها تنقضي وفقا ً للقواعد العامة المقررة في قانون
أصول المحاكمات المدنية ،وذلك بأحد األسباب العامة التي نص عليها وهي الوفاة
ومضي المدة (التقادم) والعفو عن الجريمة وليس من بينها لتصالح ،وذلك لتعلقها
بالنظام العام .ولكن على العكس من ذلك فقد أجاز القانون الجمركي انقضاء الدعوى
العمومية في جريمة التهريب الجمركي بالتصالح إذ تنص المادة 212من قانون
الجمارك األردني رقم 20لسنة 1998على ما يلي "للوزير أو من يفوضه عقد
التسوية الصلحية في جرائم التهريب أو ما في حكمه سواء قبل إقامة الدعوى أو خالل
النظر فيها وقبل صدور الحكم البدائي وذلك مع جميع المسؤولين عن التهريب أو
بعضهم عن كامل الجرم وضمن الشروط الواردة في عقد المصالحة" وتنص المادة
214من قانون الجمارك على أن الدعوى الجنائية تسقط عند إجراء المصالحة عليها.
ويعد التصالح بمثابة نزول من الهيئة 1االجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية
مقابل الجعل الذي قام عليه الصلح.
والتصالح في كل األحوال ليس حقا ً للمتهم بل هو أمر جوازي متروك تقديره
لمدير عام الجمارك.
وقد ع ّرف البعض التصالح بأنه "إجراء يؤديه المتهم في الدعوى الجنائية بدفع
مبلغ معين إلى خزانة الدولة كي يتمكن من عدم رفع الدعوى ضده"([.)]11
إال أن الصلح مع المتهم مقابل التنازل عن سلطة العقاب نظام يدعو إلى الشك في
سالمته ،ذلك أن مظهره يومي أن المتهم يستطيع أن يدفع مقابالً لوقوفه موقف
االتهام .فهذا النظام ال يحقق المساواة بين الناس ،إذ يستطيع األثرياء دفع ثمن
حريتهم وال يكون للفقراء من وسيلة من تجنب ألم العقوبة .وهو ال يكفل احترام الناس
للقوانين االقتصادية ،فإن الردع الخاص يقتضي أن يقف المتهم علنا ً في موقف االتهام
وأن يصدر ضده حكم في صحيفة السوابق ،والردع العام ال يتحقق إذا انقضت الدعوى
باتفاق يتم بعيداً عن بصر الجمهور وسمعته وللجمهور كل العذر إذن إذا تكون لديه
عقيدة بأن الجرائم االقتصادية التي تنتهي على هذا الوجه ليست من الجرائم الخطيرة
التي يجدر تجنبها.
أوالً : شروط التصالح الجمركي
إن عقد المصالحة هو :عقد يحسم به الفريقان النزاع القائم بينهما أو يمنعان
حصوله بالتساهل المتبادل وقد نصت المادة 647من القانون المدني األردني لسنة
1976على أن الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي.
ولكي يقوم التصالح الجمركي صحيحا ً منتجا ً إلثارة بين اإلدارة الجمركية
والمتهم ،فإنه ينبغي 1أن يتوفر فيه شرطان :أحدهما :اتفاق طرفي التصالح "الجمارك
والمتهم" .وثانيهما :سداد مبلغ التصالح الذي حدده القانون.
-1اتفاق طرفي التصالح
يشترط لقيام التصالح قيام رضاء متبادل بين المتهم واإلدارة الجمركية ،إذ يتعين أن
يتفق الطرفان وقد استقر االجتهاد القضائي 1المصري أنه ال يكفي أن تكون الطاعنة
أبدت الرغبة في التصالح مع مصلحة الجمارك أثناء التحقيق وطوال فترة المحاكمة
فال بد من تمامه وقد استقر االجتهاد القضائي 1األردني على أنه ال يعتبر طلب
المصالحة الذي لم يستوفي البيانات األساسية ولم يتم اعتماده من قبل دائرة الجمارك
ملزما ً للمستأنف وجاء في قرار آخر أنه يستبعد طلب المصالحة إذا لم يوقعه المستأنف
عليه مختاراً وما لم يتم قبول المصالحة من دائرة الجمارك.
وهو بذلك ليس حقا ً ألي منهما فال تملك اإلدارة أن تفرضه على المتهم بقرار منها،
كما أنها غير ملتزمة بقبوله إذا طلبه المتهم ولها قبوله أو رفضه وفقا ً لما تقتضيه1
مصلحة كل منهما.
ويرى بعض الفقهاء أنه يجب أن يكون الشخص الذي يباشر الصلح نيابة عن
اإلدارة الجمركية موظفا ً يشغل وظيفة عامة بطريقة مشروعة ويباشر في ذلك سلطة
فعلية خولها له القانون أو فوض في مباشرتها من سلطة ذات اختصاص ،ويترتب
على ذلك أن العمل الذي يقوم به شخص لم يعين في الوظيفة أو تجاوز سلطته ال
يترتب عليه أي آثار ملزمة لإلدارة([.)]12
ونظراً ألهمية الصلح وما يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ
العقوبة فإن المشرع يسند االختصاص في مباشرته لشخص معين بمقتضى القوانين
واللوائح التي منحته هذا الحق وقد منح قانون الجمارك األردني هذا الحق لوزير
المالية أو من يفوضه .وفي جميع األحوال فإنه يتعين اتفاق كل من المتهم واإلدارة
الجمركية على إجراء التصالح وقد استقر االجتهاد القضائي المصري على أن مجرد
عرض الصلح دون أن يصادف ذلك قبوالً من مدير عام الجمارك ال يرتب األثر الذي
قدره القانون.
-2أداء مقابل التصالح
يتعين 1إلتمام التصالح الجمركي أن يقوم المتهم بأداء المبلغ الذي تم التصالح عليه
بينه وبين اإلدارة الجمركية .فقد حددت المادة 213من قانون الجمارك األردني النافذ
مبلغ التعويض حيث نصت على أنه للوزير أو من يفوضه عند عقد التسوية الصلحية
االستعاضة عن الجزاءات والغرامات الجمركية المنصوص عليها في المادة 206من
هذا القانون بما يلي:
.1غرامة جمركية ال تقل عن %50من الحد األدنى للتعويض المدني.
.2مصادرة البضائع الممنوعة المعينة والبضائع الممنوع استيرادها أو تصديرها.
.3يجوز أن يتضمن عقد التسوية الصلحية إعادة البضاعة المحجوزة واستيفاء
الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى المتوجبة عن البضائع المسموح
استيرادها أو تصديرها أو البضائع المحصور استيرادها شريطة موافقة جهة الحصر.
.4يجوز أن يتضمن عقد التسوية الصلحية إعادة وسائط النقل والمواد التي استخدمت
في التهريب لقاء غرامة ال تقل عن %20من قيمة البضاعة المهربة وال تزيد على
%50من قيمة واسطة النقل.
ثانيا ً : نتائج عقد التسوية
-1انقضاء الدعوى العمومية إذا كان لم يحكم فيها بعد وتقوم دائرة الجمارك ممثلة
بمديرها العام أو من يفوضه بإخطار النيابة العامة الجمركية إليقاف السير في الدعوى
الجنائية.
-2رد المضبوطات إلى صاحبها بعد دفع الرسوم والتعويض المستحقين عنها ولكن
يجب أن نالحظ أن رد المضبوطات أمر جوازي وليس وجوبيا ً فيشترط أال تكون من
السلع الممنوعة ،فليس كل السلع مما يجوز رده ،كما يجوز رد وسائط النقل وأدوات
التهريب.
-3رغم انتهاء القضية بالصلح فإن الواقعة تقيد سابقة جمركية ضد المتهم.
ثالثا ً : مزايا نظام التصالح وعيوبه1
من مزايا نظام التصالح تقليل المنازعات الضريبية وتفادي التقاضي ومشاكله
والحصول على حقوق الخزانة العامة بالطرق الودية ولكن يعاب على هذا النظام أنه
يشجع على عدم احترام القوانين الضريبية ويؤدي إلى مخالفتها طالما أن هناك مجال
للصلح .كما أنه يتعارض مع مبدأ المساواة أمام القانون ألن المهرب الغني يستطيع
دفع ثمن الصلح أي التعويض بينما يعجز على ذلك المهرب الفقير الذي قد تدفعه
الحاجة إلى التهريب ال الجشع أو الطمع.
رابعا ً : ميعاد التصالح الجمركي
األصل أن االتفاق على التصالح جائز في أي وقت ،فال يلزم لذلك وقت معين
سواء قبل رفع الدعوى أو أثناء نظرها أو حتى بعد صدور الحكم فيها([ )]13إال أن
التشريعات الجمركية اختلفت في الميعاد الذي يجوز الصلح فيه فبعض التشريعات
الجمركية تشترط أن يكون الصلح قبل الحكم النهائي في الدعوى الجنائية مثل تشريع
الجمارك السوري في المادة 204التي تنص على "أنه يجوز الصلح قبل الدعوى أو
خالل النظر فيها أو بعد صدور الحكم البدائي وقبل اكتساب الحكم الدرجة القطعية".
وبعض التشريعات الجمركية تجيز التصالح في أي وقت قبل وبعد الحكم في
الدعوى الجنائية فال يتقيد الطرفين بمواعيد معينة للصلح إذ تجيز هذه التشريعات
الصلح بعد ارتكاب الجريمة وحتى بعد الحكم النهائي في الدعوى الجنائية.
وبعض التشريعات الجمركية تنص على جواز الصلح قبل إحالة الدعوى الجنائية
إلى المحكمة أو قبل بدء المحاكمة ولكن المشرع األردني في المادة 212من قانون
الجمارك األردني رقم 20لسنة 1998وتعديالته أجاز الصلح قبل صدور الحكم البدائي
وعند وجود أسباب مبررة.
خامسا ً :العود والصلح الجمركي
يرى بعض الفقهاء بجواز الصلح في الجرائم االقتصادية مع حرمان مرتكب هذه
الجرائم من االنتفاع بنظام الصلح إذا كان قد أدين بجرائم اقتصادية سابقة([.)]14
بينما يرى البعض اآلخر منهم جواز التصالح في حالة العود وذلك لزيادة الموارد
المالية للدولة([ )]15والقانون الجمركي األردني لم يمنع التصالح في حالة العود.
ويرى بعض الفقهاء أن زيادة الموارد المالية للدولة تكون أكبر في حالة عدم
ارتكاب الجرائم التي تضر بالمصالح االقتصادية للدولة ،وال ينبغي أن تكون زيادة
الموارد المالية للدولة نتيجة ارتكاب جرائم تهريب إذ أن هذه الجرائم تؤثر على النظام
االقتصادي للدولة.
ويتفق 1الباحث مع جمهور الفقهاء الذين يرون أنه طالما أن المتهم مصر على
اإلضرار بمصالح الدولة االقتصادية بالعود الرتكاب الجريمة يجب أن ال يستفيد من
نظام الصلح ويجب أن ترفع ضده الدعوى الجنائية حتى تكون رادعا ً له ولتحقيق ذلك
يجب تعديل المادة 212من قانون الجمارك بحيث تنص على عدم جواز التصالح في
حالة العود.
المبحث الثالث
النيابة العامة المختصة
أ -مقدمة عامة
لقد عبر المؤتمر الدولي التاسع لقانون العقوبات المنعقد في الهاي عام 1964
عن دور النيابة العامة فقرر بأن "الوظيفة التي تقوم بها النيابة العامة تنطوي على
مسؤولية اجتماعية كبيرة ،وهي حماية النظام االجتماعي والقانوني الذي أخل به
بارتكاب الواقعة اإلجرامية ويجب عليها أن تباشر واجبها في موضوعية وحيادية مع
مراعاة حماية حقوق اإلنسان".
كما يجب عليها أثناء ممارسة وظائفها أن تستهدف إعادة تهذيب المجرم وعبر
البعض عن وظيفة النيابة العامة بأنها أداة للسياسة القانونية 1في أفضل معانيها وأبلغ
صور التعبير عنها ،وذلك بوصفها جهاز يهدف إلى تحقيق غاية معينة هي خدمة
السياسة القانونية في كل مناسبة معينة بل عن طريق مباشرة الدعوى الجنائية وفقا ً
لخطة معينة تهدف إلى تحقيق الصالح العام .فإذا كان دور المحكمة ينتهي بمجرد
تطبيق القانون ،فإن دور النيابة العامة ال يقتصر على ذلك وإنما عليها مهمة أكثر بعداً
وهي مكافحة الجريمة واستقرار النظام.
وكنتيجة لذلك ،فقد ذهب هذا الرأي إلى أن النيابة العامة جهاز استراتيجي لـه
سياسة قضائية عليا وليس مجرد إدارة تكنيكية ذات مصالح سياسية ثانوية أو غير
ثانوية في هذا المعنى يقول األستاذ جرافن "إن النيابة العامة هي حارس المصالح
العامة والضامن للتطبيق الصحيح للقوانين 1،ويجب عليها أن تبحث ال عن تحقيق
اإلدانة ،وإنما عن الوصول إلى الحقيقة وحسن إدارة العدالة([ )]16وإن النيابة العامة
ال تعرف كسب الدعوى الجنائية أو خسارتها وإنما تعرف واجبها ،فهي ليست أداة
لالتهام .على أنه يالحظ أن قيام النيابة العامة بوظيفتها كطرف في الدعوى الجنائية
يتم من خالل دورها كخصم إجرائي في هذه الدعوى ،ويترتب على إصباغ هذه الصفة
عليها ضرورة العمل على تحقيق قدر من الموازنة بين سلطات النيابة العامة في
االتهام من جهة وبين حقوق المتهم من جهة أخرى([ )]17ومع ذلك فقد ذهب اتجاه
في الفقه الفرنسي إلى اعتبار النيابة العامة خصما ً موضوعيا ً عند تحريك الدعوى
الجنائية قوالً بأن أعضاء النيابة 1العامة يباشرون عملهم بوصفهم 1موظفين يخضعون
لرغبات الحكومة وليس بنـا ًء علـى اعتبارات القانون دفاعا ً عن المجتمع وهو اتجاه
منتقد.
ب -النيابة العامة الجمركية
-1تشكيل النيابة الجمركية في ظل قانون الجمارك رقم ( )16لسنة 1983
ورد النص عليها بالمادة ( )256حيث نجد بأنها تشكل من مدعي عام أو أكثر
يعينه الوزير من موظفي الدائرة الحقوقيين ولم يشترط أي شرط آخر سوى أن يكون
حامالً لشهادة الحقوق وأن يكون موظف بدائرة الجمارك.
-2تشكيل النيابة الجمركية في ظل قانون الجمارك األردني رقم ( )20لسنة 1998
و رد النص عليها بالمادة ( )227حيث اشترط قانون الجمارك رقم ( )20لسنة
1998ثالثة شروط لتعيين المدعي العام وهي:
.1أن يكون من موظفي دائرة الجمارك.
.2أن يكون حقوقياً.
.3أن يكون له خدمة في دائرة الجمارك لمدة خمسة سنوات.
ويرى الباحث ضرورة االستغناء عن هذه النصوص واستبدالها بالشرطين التاليين:
-1أن يكون مجاز في مهنة المحاماة -2 .أن تنطبق عليه جميع الشروط المنصوص
عليها في المادة العاشرة من قانون استقالل القضاء األردني النافذ.
وظائف المدعي العام الجمركي
ورد النص على وظائف المدعي العام في المادة ( )256من قانون الجمارك
األردني رقم ( )16لسنة 1983والمادة ( )217من قانون رقم ( )20لسنة 1998
وهذه الوظائف على النحو التالي:
)1التحقيق
حيث يتولى المدعون العامون – أعضاء النيابة 1العامة الجمركية – التحقيق في
جرائم التهريب والمخالفات الجمركية بكافة صورها وأشكالها (والتي تحال إليهم بنا ًء
على تنسيب من عطوفة مدير عام الجمارك للتحقيق بالموضوع) وإعداد التنسيبات
الالزمة بنهاية التحقيق لتقوم الجهات اإلدارة بدائرة الجمارك بتنفيذها كل مديرية
حسب اختصاصها.
)2المرافعة أمام المحاكم واستئناف وتمييز األحكام والقرارات الصادرة عن محكمتي
بداية الجمارك واستئناف الجمارك.
أ -حيث يتولى المدعون العامون حضور جلسات محكمة الجمارك البدائية في
الدعاوى الحقوقية والجزائية وتقديم البيانات ومناقشة الشهود وإعداد المرافعات
الخطية وتنظيم لوائح االتهام وقرارات الظن بحق المتهمين 1بجرائم التهريب وإعداد
اللوائح الجوابية على لوائح الدعاوى الحقوقية المرفوعة ضد الخزينة باإلضافة إلى
جلب البينات واستكمال النواقص في ببينات أية قضية تحول إلى النيابة العامة
الجمركية.
ب -كذلك يتولى المدعون العامون إعداد اللوائح االستئنافية لألحكام والقرارات
الحقوقية والجزائية الصادرة عن محكمة الجمـارك البدائيـة في غير مصلحة الخزينة
وإعداد اللوائح الجوابية 1على لوائح االستئناف لألحكام والقرارات الصادرة لصالح
الخزينة وحضور جلسات محكمة استئناف الجمارك في كافة القضايا التي تنظرها
مرافعة.
ج -كذلك يتولى المدعون العامون إعداد اللوائح التمييزية لألحكام والقرارات
الحقوقية والجزائية الصادرة عن محكمة استئناف الجمارك في غير مصلحة الخزينة
وإعداد اللوائح الجوابية 1على لوائح التمييز لألحكام والقرارات الصـادرة لصالح
الخزينة.
)3ويطبق مدعي عام الجمارك في كافة اإلجراءات التي يقوم بها األصول الجزائية
والحقوقية المنصوص عليها في قانون الجمارك ،كما يطبق األصول الجزائية الحقوقية
المنصوص عليها في قانون المحاكمات الجزائية والمدنية فيما لم يرد عليه نص خاص
في قانون الجمارك المادة ( )229من القانون رقم ( )27لسنة 2000قانون معدل
لقانون الجمارك رقم ( )20لسنة 1998حيث أن هذا النص لم يكن موجوداً في قانون
الجمارك رقم ( )16لسنة 1983في قانون الجمارك رقم ( )20لسنة .1998
)4التحقيق في المخالفات التي يرتكبها موظفو الجمارك أثناء قيامهم بأعمالهم:
وفي كثير من األحيان يسند إلى مدعي عام الجمارك مهمة التحقيق في
المخالفات التي يرتكبها موظفو الجمارك أثناء قيامهم بأعمالهم.
)5اعتباراً من تاريخ 1/5/2000وحيث أصبحت دائرة الضريبة العامة على المبيعات
دائرة مستقلة عن دائرة الجمارك وذلك بموجب القانون رقم ( )18لسنة 2000حيث
تم تفويض كافة المدعين العامين المترافعين بمحكمة الجمارك لمتابعة حضور جلسات
المحاكمة وكتابة القضايا الحقوقية والجزائية لقضايا الضريبة العامة على المبيعات.
هذا فقد نصت المادة /227ب من قانون الجمارك على ما يلي:
"بالرغم مما ورد في أي قانون آخر ،تعتبر خدمة كل من أشغل عضو محكمة
جمركية أو مدعي عام لدى النيابة العامة الجمركية لمدة سنتين متتاليتين قبل أو بعد
نفاذ أحكام هذا القانون خدمة قضائية كاملة لغايات قانون نقابة المحامين النظاميين
وقانون استقالل القضاء".
المبحث الرابع
المحكمة المختصة بنظر الجرائم الجمركية
تشكل لهذه الغاية محكمة خاصة تسمى "محكمة الجمارك البدائية" وقد نصت
المادة 223من قانون الجمارك النافذ على ما يلي :بالرغم مما ورد في أي قانون آخر
تتولى محكمة الجمارك البدائية االختصاصات التالية([:)]18
أ -النظر في جميع جرائم التهريب وما يدخل في حكمه وفقا ً ألحكام هذا القانون.
ب -النظر في جميع الجرائم والمخالفات التي ترتكب خالفا ً ألحكام هذا القانون
وقوانين 1وأنظمة المكوس واإلنتاج 1المحلي واالستيراد والتصدير وقانون تشجيع
االستثمار وقانون الضريبة العامة على المبيعات واألنظمة والتعليمات الصادرة
بموجبها.
ج -النظر في الخالفات الناجمة عن تطبيق االتفاقيات التجارية الدولية التي ترتبط
بها المملكة وفي أي خالف يقع مهما كان نوعه يتعلق بتطبيق 1القوانين واألنظمة
المذكورة في الفقرة (ب) من هذه المادة.
د -النظر في االعتراضات على قرارات التحصيل عمالً بأحكام المادة ( )208من
هذا القانون.
هـ -النظر في الطعون المقدمة على قرارات التغريم وفقا ً ألحكام المادة ( )210من هذا
القانون.
و -التوقيف والتخلية في هذه الجرائم والمخالفات حسب القواعد المنصوص عليها في
قانون أصول المحاكمات الجزائية وفي الحاالت التي لم تكن القضية قد وردت إلى
المحكمة بعد ،يجوز لرئيس المحكمة أن يطلب ألي شخص اتهم بموجب هذا القانون
أن يقدم كفيالً يضمن حضوره للمحكمة وأال يقرر توقيفه حتى تنتهي 1القضية أو يقدم
تلك الكفالة.
وحيث أن المقصود باالختصاص هو تحديد القانون للسلطة المختصة في نظر الدعاوى
أي والية الفصل في المنازعات القضائية الناجمة عن مخالفة قانون الجمارك
والمكوس ...ومن أجل الوصول لتحديد االختصاص فإن المشرع حدد أن محكمة
الجمارك هي صاحبة الوالية في الفصل في المنازعات القضائية التي تقع على قانون
الجمارك والقوانين 1واألنظمة األخرى المنصوص عليها في المادة 223من قانون
الجمارك األردني النافذ.
([ )]1د .أحمد فتحي سرور /الجرائم الضريبية /دار النهضة العربية /القاهرة س11نة
– 1990ص .248
([ )]2د .حسن صادق الرصفاوي – أصول اإلجراءات الجنائية – االسكندرية /منشأة
المعارف /س ،1977ص .85
([ )]3أنظر :نقض جنائي 6/1/1975مجموعة أحكام النقض المصرية – س ،26رقم
،5ص .20
([ )]4د .محمد فؤاد مهنا – سياسة االص1الح 1االداري وتطبيقات1ه – االس11كندرية س1نة
،1978ص .260
([ )]5نقض جنائي – 22/6/1964مجموعة أحك11ام النقض المص11رية -س ،15ص
.503
نقض جنائي – 18/1/1968مجموعة أحكام النقض المصرية – س ،19ص .37
نقض جن111ائي – 26/4/1981مجموع111ة أحك111ام النقض المص111رية – س ،32ص
.404
([ )]6د .أحمد فتحي س11رور – الوس11يط في ق11انون اإلج11راءات الجنائي11ة – الق11اهرة –
سنة ،1980ص .665
([ )]7د .مصطفى أبو زيد فهمي – القضاء االداري ومجلس الدولة – الطبعة الرابع11ة
– االسكندرية سنة ،1979ص .466
([ )]8د .محمد زكي أبو عامر – قانون العقوبات – القسم الع11ام – االس11كندرية ،س11نة
،1986ص . 483
([ )]9د .أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون العقوبات ،القسم العام ،دار النهض 1ة1
العربية ،القاهرة ،سنة ،1981ص . 101
([ )]10د .م11أمون س11المة /اإلج11راءات الجنائي11ة في التش11ريع المص11ري /دار الفك11ر
العربي /القاهرة /سنة ،1976ص . 107
([ )]11د .أحم11د رفعت خف11اجي – نظ11ام الص11لح في ق11انون اإلج11راءات الجنائي11ة /
المحاماة – العدد السادس /س891 ،32
([ )]12د .توفي11ق ش11حادة /مب11ادئ الق11انون اإلداري /طبع11ة أولى /س11نة ،1964
القاهرة ،ص . 445
([ )]13د .محمد نجيب السيد ،جريمة التهريب الجم11ركي في ض11وء الفق11ه والقض11اء،
مطبعة االشعاع /االسكندرية ،سنة ،1992ص .528
([ )]14د .محمود محمود مصطفى /الجرائم االقتصادية في القانون المق11ارن ،الج11زء
الثاني 1مطبعة جامعة القاهر ،سنة ،1979ص .124
([ )]15د .أحم1د فتحي س1رور /الج11رائم الض11ريبية 1والنقدي11ة /الق11اهرة ،1990 ،ص
.264
([ )]16د .أحمد فتحي سرور /الوسيط في قانون اإلجراءات الجنائية ،الج11زء األول،
ص .136
([ )]17أنظر محم11ود نجيب حس11ني /النياب11ة العام11ة ودوره11ا في ال11دعوى الجنائي11ة،
مجلة إدارة قضايا الحكومة ،س ،13ص . 80
([ )]18ق11انون الجم11ارك األردني رقم ( )20لس11نة 1998وتعديالت11ه /عم11ان /ص
. 123-122
القسم السادس
المسؤولية والجزاء في جريمة التهريب
المبحث األول1
المسؤولية الجنائية عن جريمة التهريب
لكي تقوم الجريمة ال يكفي أن يكون هنالك فعل معاقب عليه بنص قانوني ،بل
يجب أن يكون هذا الفعل قد صدر عن شخص مسؤول .والمسؤولية عموما ً هي التزام
بتحمل الجزاءات التي يقررها القانون لمن يخالف أحكامه .ويعرف الدكتور محمود
محمود مصطفى المسؤولية الجنائية بأنها التزام المجرم بتحمل العقوبة أو التدبير
االحترازي الذي ينزله به القانون .وهذا االلتزام يقابله حق الدولة وسلطتها في
العقاب([ )]1ويعني 1ذلك أن المسؤولية ال تنشأ إال إذا توافرت أركان الجريمة جميعاً.
ومن القواعد األساسية في القانون الجنائي انه ال يسأل شخص جنائيا ً عن فعل إال إذا
ثبت أن ارادته كانت آثمة وأن الفعل قد اقترن بقصد أو خطأ منسوب إليه.
ولكن األمر يختلف في التشريع الجمركي ،إذ ليس على سلطة االتهام أن تدلل
على وجود االرادة اآلثمة لدى الفاعل ،فإثبات الفعل ،غالباً .هو إثبات للجريمة .أن
نظام المسؤولية في الجرائم الجمركية مرتكزاً على نظرية الفاعل الظاهر للجريمة
وذلك بإيقاع المسؤولية الجنائية ،بواسطة مجموعة من القرائن القانونية ،على بعض
األشخاص الذين يعينهم صراحة ،ولو لم يصدر عنهم أي فعل إيجابي ينطوي على
مخالفة القانون.
وقد نصت المادة 205من قانون الجمارك األردني النافذ على ما يلي "يشترط
في المسؤولية الجزائية في جرم التهريب توفر القصد ،وتراعى في تحديد هذه
المسؤولية النصوص الجزائية المعمول بها ،ولذلك يعتبر مسؤوالً جزائيا ً
أ -الفاعلون األصليون ب -الشركاء في الجرم
ج -المتدخلون والمحرضون د -حائزوا المواد المهربة
هـ -أصحاب وسائط النقل التي استخدمت في التهريب وسائقوها ومعاونيهم1.
و -أصحاب أو مستأجرو المحالت أو األماكن التي أودعت فيها المواد المهربة أو
المنتفعون 1بها.
وتنص المادة 215من قانون الجمارك األردني النافذ على ما يلي:
أ -تتكون المخالفات كما تترتب المسؤولية في جرائم التهريب بتوافر أركانها،
إال أنه يعفى من المسؤولية من أثبت أنه كان ضحية قوة قاهرة وكذلك من أثبت أنه لم
يقدم على ارتكاب أي فعل من األفعال التي كونت المخالفة أو جريمة التهريب أو
تسببت في وقوعها أو أدت إلى ارتكابها.
ب -تشمل المسؤولية المدنية إضافة إلى مرتكبي المخالفات وجرائم التهريب
كفاعلين أصليين :المتدخلين والشركاء والممولين 1والكفالء والوسطاء والموكلين
والمتبرعين 1والناقلين والحائزين والمنتفعين 1ومرسلي البضائع كال في حدود
مسؤوليته في وقوع الفعل .وقد استقر االجتهاد القضائي األردني على أن المشرع أقر
مسؤوليتين 1معا ً في جرائم التهريب ،مسؤولية جزائية يترتب عليها عقوبة جزائية،
ومسؤولية مدنية يترتب عليها غرامة جمركية ومصادرات وهي الزامات مدنية بمثابة
تعويض لدائرة الجمارك عن فعل التهريب وما هو في حكمه ،وال يشترط في هاتين
المسؤوليتين 1التالزم ،بمعنى أنه إذا انتفت المسؤولية الجزائية لعدم ثبوت القصد
الجرمي ال يمنع من قيام المسؤولية المدنية إذا ثبت الركن المادي لوقوع الفعل الذي ال
يجوز التنصل 1منه بحسن النية أو الجهل.
المبحث الثاني1
جزاء الجريمة الجمركية
الجزاء الجنائي تدبير قهري ينص عليه القانون ويوقعه القاضي من أجل
الجريمة ،ويتناسب معها ،وينطوي على ألم يحيق بالجرم ،ويتمثل في حرمان المحكوم
عليه من حق من حقوقه ،كحقه في الحياة أو الحرية أو في مباشرة نشاط سياسي،
وما إلى ذلك([ )]2ووظيفته وفقا ً لهذا المفهوم األصيل هي تحقيق العدالة اإلنسانية
وهي كذلك نفعية سياسية للردع العام والخاص([.)]3
ويقول الدكتور محمود نجيب حسني أنه ولتناسب الجزاء مع الجريمة وجهان:
تناسبها مع مساحة مادياتها وتناسبها مع مقدار الخطيئة واإلثم فيها([.)]4
العقوبة في جريمة التهريب الجمركي هي األلم الذي يصيب المحكوم عليه
لمخالفته أحكام القانون وذلك لزجرة وردع غيره فجوهر العقوبة إذن يتمثل في اإليالم1
ويتحقق بالمساس بحق من حقوق المحكوم عليه ،سواء بشخصه أو حريته أو ماله أو
حقوقه السياسية أو شرفه واعتباره وذلك تحقيقا ً العتبارات اجتماعية معينة.
والعقوبة المالية (اإليالم المالي) تعد من أهم العقوبات في جريمة التهريب
الجمركي ألن غالبية حاالت التهريب ترتكب بسبب الرغبة في تحقيق مكاسب مالية
غير مشروعة.
وتتمثل 1عقوبات جريمة التهريب الجمركي في الحبس والغرامة والمصادرة حيث
نصت المادة 206من قانون الجمارك األردني النافذ على ما يل "يعاقب على التهريب
وما في حكمه وعلى الشروع في أي منهما بما يلي:
أ -بغرامة ال تقل عن ( )50دينار وال تزيد على ( )1000دينار ،وعند التكرار
الحبس من شهر إلى ثالث سنوات باإلضافة إلى الغرامة المذكورة أو بإحدى هاتين
العقوبتين1.
ب -غرامة جمركية بمثابة تعويض مدني للدائرة على النحر التالي:
-1من ثالثة أمثال القيمة إلى ستة أمثال القيمة عن البضائع الممنوعة المعينة.
-2من مثلي القيمة إلى ثالث أمثال القيمة إضافة للرسوم عن البضائع
الممنوعة أو المحصورة.
-3من مثلي الرسوم إلى أربعة أمثال الرسوم عن البضائع الخاضعة للرسوم إذا
لم تكن ممنوعة أو محصورة على أن ال تقل عن نصف قيمتها.
-4من 100 – 25دينار عن البضائع غير الخاضعة إلى أية رسوم أو ضرائب
وال تكون ممنوعة أو محصورة.
ج -مصادرة البضائع موضوع التهريب أو الحكم بما يعادل قيمتها مشتملة على
الرسوم عند عدم حجزها أو نجاتها من الحجز.
د -الحكم بمصادرة وسائط النقل واألدوات والمواد التي استعملت في التهريب أو
بغرامة ال تزيد على %50من قيمة البضائع المهربة بحيث ال تزيد على قيمة واسطة
النقل وذلك فيما عدا السفن والطائرات والقطارات ما لم تكن قد أعدت أو استؤجرت
لهذا الغرض أو الحكم بما بعادل قيمتها عند عدم نجاحها من الحجز.
ونصت المادة 207من قانون الجمارك األردني رقن 20لسنة 1998وتعديالته أنه
للمديـر أن يقرر مصادرة البضائـع المحجوزة في حالـة فرار المهربين أو عدم
االستدالل عليهم.
وهكذا يتبين 1أن جزاء االخالل بالقيود الجمركية ليس موحداً فتارة جزاء جنائياً،
كالحبس والغرامة والمصادرة ،وطور يكون جزاء مدنيا ً كالتعويض ،وقد تكون جزاء
إدارياً ،كالغرامة والمصادرة اللتين تفرضهما اإلدارة دون الحاجة إلى استصدار حكم
بذلك من القضاء.
المطلب األول
الحبس
الحبس عقوبة جنائية خالصة تقضي بوضع المحكوم عليه في أحد السجون
المركزية أو العمومية المدة المحكوم بها عليه.
فقد أطلق المشرع المصري عقوبة الحبس في المادة 122من قانون الجمارك
حيث نصت على أنه "مع عدم اإلخالل بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب
على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة ال تقل عن عشرين جنيها ً وال
تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين" ولم يحدد النص السالف الذكر مدة
عقوبة الحبس أو يقيدها بحد أدنى أو أقصى ،ومن ثم فإن عقوبة الحبس ،ووفقا ً لنص
المادة 18من قانون العقوبات المصري ،ال يجوز أن تنقص مدتها عن أربع وعشرين
ساعة أو أن تزيد عن ثالث سنوات .فلم يقيدها بحد أدنى وال أقصى ،فأفصح بذلك عن
رغبته في ترك حديها للقواعد العامة ،أنها لمدة ال تقل عن أربع وعشرين ساعة ،وال
تزيد على ثالث سنوات .وتخضع عقوبة الحبس في الجريمة الجمركية لسائر القواعد
التي تسري على الحبس عموما ً من حيث وقف التنفيذ وتطبيق الظروف المخفضة.
ونالحظ أن قانون الجمارك األردني النافذ في المادة 206استخدم عقوبتي الحبس
والغرامة كعقوبات لجريمة التهريب وبهذا فقد نهج نهج القانون الجمركي المصري
والبد من لفت النظر إلى أن قانون الجمارك األردني نص على عقوبة الحبس فقط في
حالة التكرار وفي الواقع العملي فإن المحكمة الجمركية ال تأخذ بهذه العقوبة ألنها
تعتبر أن العقوبة المالية المطالب بها من قبل الجمارك ،بالغة الشدة وكافية لردع
المتهم غير أن قانون الجمارك العراقي نص في المادة 194على ما يلي" :مع عدم
اإلخالل بأية عقوبة أشد يقضى بها في قوانين أخرى يعاقب هذا القانون على التهريب،
وما في حكمه ،وعلى الشروع بالعقوبات اآلتية :الحبس لمدة ال تقل عن شهر واحد
وال تزيد عن خمس سنوات ،وبغرامة ال تزيد عن ثالثة آالف دينار أو بإحدى هاتين
العقوبتين" 1وهذا القانون مثل القانون المصري واألردني حيث أخذ بعقوبتي 1الغرامة
والحبس كعقوبة في جريمة التهريب الجمركي إال أن الحد األعلى للعقوبة كان أشد من
قانون الجمارك المصري واألردني.
وكذلك نهج المشرع في قانون الجمارك القطري حيث نص في المادة 200/1
منه على أن "عقوبة التهريب أو الشروع فيه هي الحبس مدة ال تقل عن شهر وال
تزيد على ثالث سنوات وغرامة ال تقل عن مائتي لاير وال تزيد على عشرة آالف لاير
أو إحدى هاتين العقوبتين ،وهذا القانون مثل القانون المصري واألردني والعراقي
حيث استخدم عقوبتي الحبس والغرامة كعقوبة في جريمة التهريب الجمركي.
وعلى العكس من ذلك فقد اكتفى المشرع في قانون الجمارك اللبناني 1بالغرامة
حيث نصت المادة 360منه على العقاب بمصادرة البضائع وغرامة ال تقل عن 50
ليرة لبنانية في حالة حجز البضائع ووسائط النقل واألشياء التي استخدمت إلخفاء
الغش وكذلك نهج قانون الجمارك السوري في المادة 264حيث نصت فقط على
غرامة جمركية عن مخالفات التهريب وهكذا فإن المشرع في قانون الجمارك السوري
يستخدم الغرامة باعتبارها عقوبة جنائية يمكن تنفيذها عن طريق اإلكراه البدني
بالحبس في حالة عدم تحصيل الغرامة .أما قانون الجمارك اللبناني 1يستخدم عقوبة
الغرامة باعتبارها تعويضا ً مدنيا ً وتصدر من لجان الجمارك ويعتبر هذا التشريع
جريمة التهريب الجمركي فعالً مدنيا ً والغرامة الموقعة عليها في حقيقتها تعويضا ً
مدنياً.
المطلب الثاني
الغرامة التعويضية
إن الغرامة هي :إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من النقود يقدّرة الحكم القضائي
إلى الخزانة العامة .ومفاد الحكم بالغرامة هو نشوء التزام من جانب المدين وهو
المحكوم عليه والدائن وهو الدولة وسبب الغرامة هو الحكم القضائي الذي أثبت
مسئولية المحكوم عليه عن جريمته ،وقرر التزامه بعقوبتها.
وقد سمى المشرع الجمركي هذا الجزاء بـ "التعويض" ويطلق عليه البعض
"الغرامة اإلضافية" 1ويسميها الدكتور كمال حمدي بالغرامة التعويضية" 1وهي
التسمية األقرب للواقع"([.)]5
ولم يحدد أي من قانون الجمارك األردني والمصري أو الفرنسي الطبيعة
القانونية 1للغرامة الجمركية ،على اعتبار أن ذلك من عمل الفقه والقضاء .ومن ثم فقد
ثار خالف شديد يصل إلى حد المواجهة بين تيارات متعارضة منذ زمن طويل ،ويمكن
جمعها في ثالث اتجاهات:
)1االتجاه األول "الغرامة الجمركية عقوبة:
ومبنى هذا الرأي أن هذه الغرامة المالية ،والتي 1يطلق عليها المشرع لفظ
"التعويض" ،هي عقوبة جنائية خالصة ،وأنها عقوبة تكميلية تضاف إلى العقوبة
األصلية سواء أكانت الحبس أو الغرامة ،كما أنها غرامة نسبية تتناسب في مقدارها
مع ما حققه الجاني أو أراد تحقيقه من كسب غير مشروع ،ومن ثم تخضع لكافة اآلثار
التي يرتبها القانون على عقوبة الغرامة الجزائية.
والتبرير الذي يقدمه أنصار هذا الرأي أن الغرامة الضريبة جزاء تفرضه الدولة
على مخالفة أمر نهى عنه الشارع ،ومخالفة أوامر الشارع ونواهيه ال تتضمن فكرة
وجود ضرر مادي قابل للتعويض وأنه في التهريب الجمركي يقرر المشرع كذلك
التعويض كجزاء للجريمة التامة وللشروع فيها وحيث ينتفي 1الضرر المالي في بعض
الصور لدليل قاطع على أنه ليس تعويضا ً بحال من األحوال ،وأن التعويض المدني
يحدد بمقدار الضرر الذي أصاب المجني عليه أو الشخص المضرور ،أما في الغرامة
الضريبية أو المالية فالقاضي يحكم بها كما هو منصوص عليها في القانون دون
التفات إلى حقيقة الضرر الذي أصاب الخزانة العامة.
النتائج المترتبة على الطابع العقابي
يرتب أنصار هذا االتجاه على الغرامة الجمركية كافة اآلثار المترتبة على العقوبة
الجنائية وهي:
-1 أنه ال يحكم بها إال من محكمة جنائية.
-2 ال يحكم بها إال في دعوى جنائية.
-3 أنه ليس لدائرة الجمارك أن تدعي مدنيا ً للمطالبة بها ،وإنما للنيابة
العامة وحدها حق المطالبة بتوقيعها.
-4 الحكم الصادر بتوقيعها 1يعد حكما ً جنائيا ً يحوز حجية مطلقة أمام
القضاء المدني.
-5 ال يحكم بها على المجنون.
-6 أنها تقيد في صحيفة السوابق1.
-7 إن الحكم بها إلزامي تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها بمجرد وقوع
الجريمة دون حاجة إلى وقوع أو حدوث أي ضرر للخزانة العامة.
-8 ال يحكم بها على األشخاص المسئولين مدنياً.
-9 أن قيمتها تتحدد سلفا ً بواسطة القانون.
-10 تتقادم بذات مدد تقادم الجنح.
-11 ال يمكن الحكم بها على الشخص المعنوي إال استثناء.
)2االتجاه الثاني" 1الغرامة التعويضية 1هي تعويض مدني"
ومبنى هذا االتجاه أن المبلغ الذي يحكم به في التهريب الجمركي باإلضافة إلى
الغرامة المحددة في النص يعد تعويضا ً مدنيا ً ال غرامة نسبية ،فالزيادة التي يحكم بها
فوق الغرامة الجنائية تمثل تعويضا ً قدّر المشرع أنه مستحق لمصلحة الجمارك لقاء
التهرب من دفع الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب األخرى .أي أن الغرامة تعتبر
تعويض مدني للخزينة عما أصابها من ضرر نتيجة عدم سداد الرسوم الجمركية.
النتائج المترتبة على الطابع المدني
ويرتب أنصار هذا االتجاه على الطبيعة المدنية النتائج التالية:
-1 يجوز لدائرة الجمارك اإلدعاء مدنيا ً للمطالبة بها.
-2 ال يحكم بها إال في ضوء طلبات اإلدارة.
-3 يصدر الحكم بها بالتضامن بين المتهمين في سدادها.
-4 يحكم بها على القاصر الذي تصرف دون تمييز ولو كان قد حكم ببراءته
لذلك.
-5 يجوز اقتضاؤها من األشخاص المسئولين مدنياً ،كما تطبق عليها قواعد
المسؤولية المدنية.
-6 أن قوانين 1العفو العام ال تشمل الغرامة الجمركية.
-7 ال يجوز تخفيف تلك الغرامة بسبب الظروف المخففة ،وال تشديدها بسبب
العود.
-8 ال يحكم إال بغرامة واحدة مهما تعدد المحكوم عليهم.
-9 ال يجوز الحكم بوقف تنفيذها ألن ذلك يمثل إخالالً بفكرة التعويض التي
تشتمل عليها وقد انتقد الدكتور عوض محمد هذا القضاء استناداً إلى أنه ليس له سند
تشريعي ،فال يوجد ما يحول دون الحكم بإيقاف الغرامة الجمركية.
-10ال تسري عليها قاعدة عدم الجمع.
-11إن تلك الغرامة ال تطبق عليها قاعدة رجعية القانون األصلح للمتهم.
-12يجوز التصالح عليها مع دائرة الجمارك.
-13أن مدة الحبس االحتياطي ال تخصم من تلك الغرامة لما ينطوي عليه ذلك من
اإلخالل بعنصر التعويض الذي تتضمنه.
وقد انتقد بعض الفقهاء هذا الرأي مستندين إلى أن التعويض بحسب طبيعته
ووظيفته ال يصلح أن يتجاوز مقدار الضرر ،وأن التعويضات 1ال يجوز الحكم بها إال
بناء على طلب صاحب الشأن بعد إثبات ما لحقه من ضرر ،وليس األمر كذلك في هذه
الحالة ،وأن هذه الغرامة يجوز تحصيلها بطريقة اإلكراه البدني ،ويؤخذ على هذا
االتجاه أنه يفترض وقوع ضرر مالي يستوجب التعويض وهو ما ال يتوفر في كافة
حاالت التهريب فالقانون الجمركي يعاقب على التهريب غير الضريبي 1الذي ال يرتب
أي ضرر مالي يتعين تعويضه 1.كما يعاقب على الشروع في التهريب بالرغم من عدم
توافر أي ضرر على اإلطالق األمر الذي يؤكد أن تلك الغرامة ليست تعويضا ً مدنياً([
.)]6
)3االتجاه الثالث "الغرامة الجمركية ذات طبيعة مختلطة"
الرأي الغالب في الفقه والقضاء الجمركي أن الغرامة الجمركية ذات طبيعة مختلطة
إذ تجمع بين صفتي العقوبة والتعويض في آن واحد ،فهي عقوبة للخزانة عما لحق
بها من أضرار من جراء هذه الجريمة.
على أن أصحاب هذا الرأي اختلفوا فيما بينهم 1حول تغليب هذه الصفة أو تلك،
فمنهم من يغلب معنى التعويض على معنى العقوبة ،ومنهم من يغلب معنى العقوبة
على معنى التعويض.
والنقد الذي يوجه إلى هذا الرأي أنه يجب االختيار بين العقوبة أو التعويض إذ
لكل منها صفة تستبعد صفة األخرى ،وتفسير ذلك أن أساس كل منهما وغايته
مختلف ،فأساس العقوبة الجريمة أما أساس التعويض فإنه يتمثل 1في الخطأ والضرر.
وغاية العقوبة زجر الجاني وردع غيره ،أما التعويض فغايته إصالح 1الضرر
وبالتالي يقدر بقدره .لذا فإن صفة العقوبة تستبعد صفة التعويض ،والعكس صحيح،
ولذا يجب االختيار بين إحدى هاتين الصفتين ،إما العقوبة أو التعويض.
ويقول الدكتور حسن صادق المرصفاوي([ )]7بأنه ليست هناك حاجة إلى خلق
نوع جديد من الجزاء غير محدد المعالم ألن المشرع لديه العديد من الجزاءات الجنائية
والمدنية واإلدارية التي يستطيع أن يختار من بينها الجزاء المناسب مما يغني عن
اللجوء إلى مثل هذا الجزاء الجديد ومع ذلك فقد استقر االجتهاد القضائي على تقرير
أن المشرع لم يقصد الخروج بتلك الغرامة عن كونها جزاء ما زال يغلب عليه معنى
العقوبة وإن خالطه التعويض([.)]8
المطلب الثالث
المصادرة
المصادرة هي نزع ملكية المال جبراً عن صاحبه بغير مقابل ،وإضافته إلى ملك
الدولة ،وعرفتها محكمة النقض المصرية بأنها "إجراء الغرض منه تمليك الدولة
أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل([.)]9
وهي حسب التعريف السائد بين فقهاء القانون الجنائي "نقل ملكية مال إلى
العدالة" والمصادرة وفق نص المواد /206/3ج/د من قانون الجمارك األردني النافذ
ترد على البضائع محل التهريب ،كما ترد على وسائل النقل وأدوات ومواد التهريب.
وهي تشبه الغرامة في أن كل منها عقوبة مالية ،إال أنها تظل مختلفة عنها من
عدة جهات:
-1 أن المصادرة عقوبة عينية ،إذ تنفذ عينا ً وذلك بنقل ملكية األشياء المصادرة
إلى الدولة بعكس الغرامة التي يتم سدادها نقداً.
-2 المصادرة عقوبة تكميلية دائما ً بينما قد تكون الغرامة عقوبة أصلية أو
تكميلية.
-3 الغرامة عقوبة في جميع األحوال ،أما المصادرة فقد تكون عقوبة حين تكون
اختيارية ،أو تدبيراً وقائيا ً حيث تكون وجوبية ،كما أنها قد تعد تعويضا ً إذا آلت إلى
المجني عليه كتعويض عما سببته الجريمة من ضرر له.
-4 المصادرة غير قابلة للتقدير ألنها تنصب على شيء معين ،بعكس الغرامة
التي يمكن تقديرها تبعا ً لجسامة الجريمة وخطورة المحكوم عليه ومركزه المالي.
أ -مصادرة البضائع محل التهريب
وتختلف أحكام تلك المصادرة حسب ما إذا كانت البضائع قد ضبطت من عدمه.
.1حالة ضبط البضائع
المصادرة في هذه الحالة عقوبة تكميلية وجوبية ،بمعنى أنه في حالة ضبط البضائع
موضوع الجريمة فإنه يتعين على القاضي الحكم بمصادرتها.
.2حالة عدم ضبط البضائع :ويتعذر في هذه الحالة الحكم بالمصادرة النعدام المحل
الذي ترد عليه ،ويحكم في هذه الحالة ،وبغية عدم إفالت الجاني من عقوبة المصادرة
بفعله ،بمثل قيمة البضاعة مشتملة على الرسوم ويطلق على مثل هذا الجزاء (غرامة
المصادرة) ويطلق عليها أحيانا ً "مقابل المصادرة.
ج -الطابع العيني 1للمصادرة الجمركية الوجوبية
المصادرة الجمركية الوجوبية ذات طابع عيني ال شخصي فهي غير موجهة
لشخص المتهم ،وإنما تنصب على الشيء ،المصادر ذاته والنتائج المترتبة على هذا
الطابع هي:
-1أنها تنصب على البضائع في أي يد تكون ولو كان المالك خارج الدعوى.
-2يحكم بها على المتهم ولو لم يكن مالكا ً للشيء المضبوط.
-3يحكم بها ولو كان الفاعل أو المالك مجهوالً وغير معروف.
-4يقضي بها ضد المالك ولو كان حسن النية
-5يحكم بها ضد الحائز ولو كان من الغير.
فإذا كانت البضاعة المهربة ممنوعة "وهي تعد كذلك إذا كانت حيازتها في ذاتها
جريمة" فإنه يترتب على ذلك فضالً عما تقدم أنه إذا أعفى الفاعلين من الخضوع
للقضاء اإلقليمي (الجنائي) كالدبلوماسيين والقناصل أو من المسئولية ،أو قام لديهم
مانع من العقاب أو سبب من أسباب اإلباحة وجب الحكم بالمصادرة .كما أنها ال تخضع
حينئذ لمبدأ شخصية العقوبة ،إذ يحكم بها على الورثة في حالة وفاة المخالف كما
يحكم بها ولو قضى ببراءة المتهم.
ب -مصادرة وسائط النقل واألدوات المستعملة في التهريب
وتشمل المصادرة وسائل النقل واألدوات التي استعملت في التهريب ،بغض
النظر عن كون هذه الوسائل واألدوات قد أعدت أصالً للتهريب أو لم تكن معدة لذلك
ولكنها استخدمت فيه ،وسواء كانت مملوكة للجاني أو للغير شرط أن يكون هذا الغير
سيء النية ،وال يشترط استعمالها في التهريب استعماالً مباشراً .على أنه ال يجوز
مصادرة السفن والطائرات ما لم تكن أعدت أو أجرت فعالً لهذا الغرض.
وعلى ذلك فقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى االعتداد بحسن نية المتهم ،إذ
قضت بأن رفض القاضي توقيع عقوبة المصادرة في تهمة التهريب استناداً إلى حسن
نية المتهم ألسباب سائغة فإنه ال يكون قد خالف القانون ،فلمحكمة الموضوع أن تقرر
في حدود سلطتها التقديرية قيام األسباب المبررة لرفض توقيع العقوبة الجوازية.
وقد جاء في قرار محكمة استئناف الجمارك األردني رقم 62/89ما يلي "يشترط
لترتيب المسؤولية على ناقل البضائع المهربة أن يثبت ركن العلم قبل النقل أو أثناء
تحميل المادة المهربة ،وال يتوجب على السائق أن يتحقق من محتويات الصندوقين
اللذين نقلهما خاصة وأنهما يعودان لرجل أمن ال يتطرق إليه الشك في مثل هذا
التصرف ،وأن علم السائق قد تم أثناء الطريق ما بين األزرق ومدينة الزرقاء من
خالل قيام رجل األمن بفتح الصندوق أثناء السير وإخفاء الدخان المهرب تحت مقاعد
السيارة ،وبذلك يعتبر السائق ضحية لظروف قاهرة تنتفي معها مسؤوليته ،وعلى
المحكمة أن تقرر عدم مسؤوليته 1وليس براءته .وجاء في القرار المشار إليه أن الحكم
بمصادرة واسطة النقل يتوجب عند الحكم بإدانة الناقل ،وحيث انتفت مسؤولية سائق
السيارة فإن ذلك يستتبع عدم مصادرة السيارة.
ومصادرة وسائل النقل وأدوات ومواد التهريب عقوبة تكميلية اختيارية ،بمعنى
أن للقاضي سلطة التقدير بشأنها ،على أنه إذا حكم القاضي بالمصادرة فإنه ال يجوز له
وقف تنفيذ تلك العقوبة.
وقد يتعذر قانونا ً الحكم بمصادرة وسائل النقل المعدة للتهريب كما إذا كانت
مملوكة للدولة وذلك مثالً في حالة ما استعملت إحدى عربات سكة الحديد في نقل
البضائع المهربة إذ ال يتصور ورود المصادرة على أموال مملوكة للدولة.
([ )]1د .محمود محمود مصطفى /الجرائم االقتصادية في القانون المقارن ،الق11اهرة
،1963ص .92
([ )]2د .رمسيس بنهام /النظرية العامة للق11انون الجن11ائي ،االس11كندرية ،1971رقم
،170ص .1081
([ )]3د .محمود نجيب حسني /شرح قانون العقوبات اللبناني ،القسم الع11ام ،ب11يروت
،1975ورقم ،664ص .679
([ )]4د .شوقي رامز ش11عبان /النظري11ة العام11ة للجريم11ة الجمركي11ة ،الطبع11ة األولى،
بيروت سنة ،1976ص 349
([ )]5الدكتور كمال حمدي /جريم11ة الته11ريب الجم11ركي /االس11كندرية ،1997 /ص
. 47
([ )]6د .عوض محمد :ج11رائم المخ11درات والته11ريب الجم11ركي النق11دي ،االس11كندرية
،1965ص ،205رقم . 65
([ )]7د .حس11ن ص11ادق المرص11فاوي /التج11ريم في تش11ريعات الض11رائب ،منش11أة
المعارف ،االسكندرية ،سنة 1977
([ )]8نقض جنائي مص1ري ،11/3/1952مجموع1ة أحك1ام النقض المص11رية ،س،3
ص ،543رقم . 204
([ )]9نقض جن11ائي ،17/5/1966 :مجموع11ة أحك11ام النقض ،س ،17ص ،639رقم
.115
الخاتمه
هذا هو البحث الذي قدمناه عن جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه
والقضاء ولقناعتنا بأن الخاتمة ما هي اال الثمرة المرجوة من وراء البحث،ومن ثم
فانها يجب أن تتضمن ابرز ما تم التوصل 1اليه من نتائج حتى ال تاتي الخاتمة مجرد
ترديد مقتضب لما سبق وشرحناه لذا فاننا سنوجز أهم مميزات جريمة التهريب
الجمركي في نقاط خمسة هي-:
والً :لم يفرق قانون الجمارك بين الجريمة التامة والشروع فيها حيث أنه يعاقب على
الشروع في جريمة التهريب بنفس العقوبة المقدرة للجريمة التامة.
انياً :حق النيابة العامة الجمركية بتحريك الدعوى العامة مقيد بتكليف خطي بذلك من
مدير عام الجمارك وهذا االجراء من النظام العام.
الثاً :تشمل المسؤولية المدنية في جرائم التهريب الجمركي الفاعل األصلي،والشريك،
والمتدخل،والمحرض،وحائز المواد المهربة وصاحب وسيلة النقل التي تم استخدامها
في التهريب وسائقها ومعاونه وأصحاب أو مستأجري المحالت أو األماكن التي
اودعت فيها المواد المهربة أو المنتفعين 1بها.
رابعاً :يحكم على مرتكبي الجريمة بغرامة جزائية ثم غرامة باهضة تسمى تعويضا ً مدنيا ً
وكذلك يتم مصادرة البضاعة موضوع التهريب أو بما يعادل قيمتها مع الرسوم في
حالة عدم ضبطها وكذلك مصادرة وسائط النقل التي تم استعمالها في التهريب أو
الحكم بقيمة %50من قيمة البضائع المهربة بحيث ال تزيد على قيمة واسطة النقل.
خامساً :يمكن إجراء مصالحة بجرائم التهريب بعقد يسمى "عقد التسوية" ويتم بين دائرة
الجمارك وبين مرتكبي 1التهريب وعند ذلك يسقط حق المالحقة القضائية ،إذا تمت
المصالحة قبل رفع الدعوى ،أما إذا كانت قد رفعت فتقسط الدعوى بالمصالحة.
وهذه األحكام والمميزات ال وجود لها في الجرائم األخرى إذ ال تملك النيابة
العامة المصالحة عنها أو التنازل عن الدعوى العامة.
المراجع
أوال :باللغة العربية
.1 األستاذ أحمد زكي الجمال – التهريب الجمركي وجرائم التبغ -القاهرة 1973
.2 الدكتور أحمد فتحي سرور -الجرائم الضريبية والنقدية -القاهرة1960
.3 الدكتور أحمد فتحي سرور -محاضرات في قانون العقوبات الضريبي –
القاهرة 1969
.4 الدكتور أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص –
القاهرة 1972
.5 الدكتور أحمد فتحي سرور -الجرائم الضريبية -القاهرة 1990
.6 الدكتور أمال عثمان – شرح قانون العقوبات االقتصادي -القاهرة 1981
.7 الدكتور أمال عثمان -شرح قانون العقوبات -القسم الخاص -القاهرة 1975
.8 األستاذ أنور العمروسي -شرح قوانين الجمارك واالستيراد والتصدير
والنقد -القاهرة 1972
.9 الدكتور أمينة النمر -أصول المحاكمات المدنية -دار النهضة 1العربية -طبعة
1985
.10الدكتور جالل ثروت -الظاهرة اإلجرامية -القاهرة ،سنة 1975
.11الدكتور جورج قذيفة -القضايا الجمركية الجزائية-بيروت 1973،
.12الدكتور حسن صادق المرصفاوي – التجـريم فـي تـشريعـات الضـرائب-
اإلسكندرية ،سنة 1963
.13الدكتور حسن صادق المرصفاوي -أصول اإلجراءات الجنائية-اإلسكندرية،سنة
1977
.14د .حسن جواخدار "شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية األردني" عمان/
1993
.15الدكتور رزق هللا األنطاكي – التشريع الجمركي – دمشق.1951 ،
.16د .رمسيس بهنام – النظرية العامة للقانون الجنائي ،اإلسكندرية.1971 ،
.17د .رفعت لبيب متياس "الضرائب الجمركية بين النظرية والتطبيق"
اإلسكندرية ،سنة .1975
.18د .عبد الرؤوف عبيد /مبادئ االجراءات الجنائية /طبعة .1982
.19د .سوزي عدلي ناشر "ظاهرة التهريب الضريبي الدولي" االسكندرية ،سنة
.1999
.20د .شوقي رامز شعبان "النظرية العامة للجريمة الجمركية" الطبعة األولى/
بيروت ،سنة .1976
.21د .عوض محمد "جرائم المخدرات والتهريب الجمركي والنقدي" االسكندرية،
.1966
.22د .عبد الحميدالشواربي "الجرائم المالية والتجارية" االسكندرية سنة .1986
.23األستاذ غازي جرار "شرح قانون العقوبات األردني" عمان .1978
.24د .فوزية عبد الستار "شرح قانون االجراءات الجنائية" القاهرة ،سنة .1977
.25د .فوزية عبد الستار "المساهمة األصلية في الجمركة" القاهرة .1976
.26د .كمال حمدي /جريمة التهريب الجمركي /االسكندرية.1997 ،
.27د.كامل السعيد "النظرية العامة لجرائم التهريب" ،القاهرة.1979 ،
.28د .مجدي محب حافظ "جريمة التهريب الجمركي" القاهرة ،سنة .1992
.29د .محمود نجيب حسني "شرح قانون العقوبات اللبناني" 1القسم العام ،بيروت،
سنة .1975
.30د .محمود نجيب حسني "النظرية العامة في القصد الجنائي" القاهرة ،سنة
1986
.31د .محمد نجيب السيد "جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه والقضاء"
االسكندرية ،سنة .1992
.32د .مأمون محمد سالمة /قانون االجراءات الجنائية معلقا ً عليه بالفقه وأحكام النقد /
الطبعة األولى ،سنة / 1980دار الفكر العربي.
.33د .محمود زكي شمس "أضواء حديثة على تشريعات التبغ والتمباك وجرائم
التهريب" دمشق.1992 ،
.34د .نائل عبد الرحمن "الجرائم االقتصادية" عمان سنة .1990
.35د .نبيل لوقابباوي "الجرائم الجمركية دراسة مقارنة" دار النهضة العربية،
القاهرة.1994 ،
.36األستاذ يوسف الغرياني ،الضرائب الجمركية وأثرها في االقتصاد /االسكندرية
سنة .1988
.37األستاذ يوسف الغرياني "الجمارك علم وفن وتخصص" االسكندرية سنة
.1989