You are on page 1of 3

‫محاضرة‪ :‬محددات األسلوبية‪.

‬‬

‫‪ -2‬أسلوب االنزياح‬

‫يكاد رنمع النّقاد على أن االنزياح إدنا ىو "اخلروج عن ادلألوف أو ما يقتضيو‬


‫الظاىر‪ ،‬أو ىو خروج عن ادلعيار قصد إليو ادلتكلم أو جاء عفو اخلاطر‪ ،‬لكنّو خيدم النّص‬
‫‪1‬‬
‫الزمن واألحباث‬
‫ّ‬ ‫طول‬ ‫مع‬ ‫تعزز‬ ‫قد‬ ‫ادلفهوم‬ ‫ىذا‬ ‫إن‬ ‫‪،‬‬ ‫بصورة أو بأخرى وبدرجات متفاوتة"‬
‫اللّسانية والبنيوية واألسلوبية‪ ،‬وذلذا " تكاد جل التّيارات اليت تعتمد اخلطاب أساسا تعريفيا‬
‫تنصب يف مقياس تنظريي ىو مبثابة الفاصل ادلشرتك ادلوحد بينها‪ ،‬ويتمثل يف‬
‫ُّ‬ ‫لألسلوب‬
‫مفهوم االنزياح"‪.2‬‬
‫‪3‬‬
‫يؤدي‬
‫وذلذا فاخلروج عن القاعدة أو ما يطلق عليو تودوروف "اللحن ادلربر " قد ّ‬
‫بالنّاقد األسلويب إىل مشكالت عويصة‪ ،‬وذلك لصعوبة حتديد ادلعيار ادلثايل قبل حتديد آلية‬
‫اخلروج عليو‪ ،‬وقد يكون سهال إذا ما كانت اللّغة ادلستخدمة معاصرة للنّاقد‪ ،‬فهو يعرف‬
‫ادلعيارين‪ ،‬بينما يصعب ذلك يف البحث عن االحنراف لدى ادلبدع ن القدامى‪ ،‬فيتطلّب من‬
‫النّاقد معرفةً وقياسا للمعيار الثابت‪ /‬ادلثايل وادلعيار االنزياحي‪ ،‬إذ ما كان احنرافا بالنّسبة‬
‫إلينا‪ ،‬كان تقليدا‪ /‬متوارثا عرب األجيال عندىم‪ ،‬وىنا يسقط اكتشاف اخلاصية اجلمالية يف‬
‫التّحليل ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫إ ّن تلك ادلسألة البالغة التّعقيد ينتج عنها خطئان متباينان يف عملية التّحديد وذنا ‪:‬‬

‫‪ 1‬يوسف أبو العدوس ‪ ،‬األسلوبية ب ن الرؤية والتطبيق ‪ ،‬ص‪.175‬‬


‫‪ 2‬عبد السالم ادلسدي ‪ ،‬األسلوب واألسلوبية ‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ 3‬يوسف أبو العدوس ‪،‬األسلوبية ب ن الرؤية والتطبيق ‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫‪ 4‬صالح فضل ‪ ،‬علم األسلوب مبادئو وإجراءاتو ‪ ،‬ص‪.207‬‬
‫أوال‪ -‬خطأ اإلضافة‪ :‬حيث خنلع ونضيف على النّص القدمي انطباعا حديثا‪ ،‬وحناول أن‬
‫نستخرج تأثريات أسلوبية مل تكن يف ذلك الزمن احلقيقي‪ ،‬ويعترب ىذا األمر حتديًا بالنسبة‬
‫لبحثنا‪ ،‬ألننا نتعامل مع نص قدمي لو خصوصياتو األسلوبية‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬خطأ النّقصان ‪ :‬وىو مبين على عدم التّوصل أو التّعرف على القيم األسلوبية اليت‬
‫كانت سائدة يف ذلك الوقت طبقا لتوقعات القارئ القدمي‪ ،‬مما يستوعب ترسانة من‬
‫السياقية القبلية قبل الولوج إىل تلك النّصوص‪.‬‬
‫الدراسات ّ‬
‫‪ 1-2-4-1‬محاذير االنزياح‬

‫البحث يف احلركات االنزياحية داخل النّص األديب عمل قد يوقع الباحث يف أخطاء‬
‫تطبيقية‪ ،‬وذلذا جند كثريا من النّقاد قد دققوا يف تلك احملاذير وضبطوىا‪ ،‬يف ح ن أوجزىا‬
‫‪5‬‬
‫البّاحث يوسف أبو العدوس يف النّق ــاط الت ــالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬ال ميكن حتديد نقطة ينطلق منها االنزياح أو يتوقف عندىا‪.‬‬


‫‪ .2‬األخطاء النّطقية أو الكتابية ال ميكن أن تكون احنرافا ذات بعد مجايل‪.‬‬
‫‪ .3‬إن الرتكيز على االنزياح قد يهمل بقية النّص‪ ،‬فيبتعد النّاقد عن النظرة الشمولية‬
‫للخطاب‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا اعتربنا األسلوب انزياحا فهذا يعين أ ّن النّصوص اليت تقل فيها االنزياحات ليست‬
‫أساليب وىذا باطل من أساسو‪.‬‬
‫‪ .5‬ليس كل انزياح يصنع األسلوب وكل مفاجأة تنتج أسلوبا‪.‬‬
‫تظل باقية‬
‫‪ .6‬ال ينبغي االعتماد على االنزياح باعتباره أداةً تأسيسية لنظرية األسلوب‪ ،‬بل ّ‬
‫يف إطارىا األدايت كآلية أسلوبية‪ ،‬يقول باروكو "من اآلن فصاعدا إن بقية األسلوب ليست‬
‫سوى نتيجة انزياح ما‪ ،‬ادعاء باطل "‪.6‬‬

‫‪ 5‬يوسف أبو العدوس‪ ،‬األسلوبية ب ن الرؤية والتطبيق‪ ،‬ص ‪.170‬‬


‫ويف األخري ميكن أن نعترب االنزياح مبثابة اختيار من الدرجة األوىل‪ ،‬فكل انزياح ىو‬
‫اختيار أسلويب‪ ،‬ولكن قد ال يكون كل اختيار حركة انزياحية مقصدية ‪-‬فبينهما إذن‪ -‬عموم‬
‫وخصوص‪.‬‬

‫‪ 6‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.170‬‬

You might also like