You are on page 1of 19

‫املجلد ‪ / 09‬الع ــدد‪،)2019( 02:‬‬

‫مجلة العلوم االجتماعية واالنسانية‬


‫ص ‪278-260‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬
‫‪Social change among the pioneers of sociology‬‬

‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬


‫*‬

‫جامعة ابن خلدون‪ -‬تيارت‪AMAR.BOUSSAKRA@univ-tiaret.dz ،‬‬


‫تاريخ النشر ‪2020/02/17‬‬ ‫تاريخ القبول‪2019/10/22 :‬‬ ‫تاريخ االستالم‪2018/07/19 :‬‬
‫اللخص‪:‬‬
‫ال تخلو ا دراسة في علم االجتماع من تناول موضوع التغير االجتماعي؛ إما كمدخل للتحليل من‬
‫خالل توظيف نظريات التغير‪ ،‬أو الوصول في نهاية هذه الدراسات إلى أن التغير االجتماعي هو السبب‬
‫األول واألخير في ظهور بعض الظواهر أو الشكالت االجتماعية‪ .‬إذ يعد مفهوم التغير االجتماعي من بين‬
‫السمات التي الزمت البشرية حتى الوقت الحاضر‪ ،‬فالتغير يشير إلى التغيرات والتحوالت التي تطرأ على‬
‫بناء أي مجتمع في ظل وجود قوى دافعة تسهم بشكل أو بأخر في حدوث التغير خالل فترة زمنية معينة‪.‬‬
‫وبناءا على ذلك ولكي يتسنى لنا توظيف هذه النظريات أو لتسهيل االستنتاجات البد من الوقوف‬
‫على جذور هذا الوضوع الذي أصبح هو أساس ظهور مدارس ونظريات مختلفة في التغير االجتماعي التي‬
‫تحاول تقديم تفسير للتغير االجتماعي‪ ،‬من خالل تغير أسبابه‪ ،‬بناء على طرح مجموعة من الفروض‬
‫والتصورات الفلسفية التي تفسر ظاهرة التغير االجتماعي‪ ،‬فهي ال تقوم على البحث العلمي واإلمبريقي‪،‬‬
‫وإنما تنظر إلى التغير االجتماعي نظرة عامة وواحدة في املجتمعات ككل‪ ،‬وال تعطي أهمية الختالف الكان‬
‫أو الزمان‪ ،‬وتقدم أحكاما عامة وشاملة‪ ،‬أي أنها تتحدث عن اإلنسانية وتغيرها ككل‪.‬‬
‫فقد تناولت هذه الورقة البحثية أهم ما جاء عن رواد علم االجتماع من أفكار وتصورات‬
‫كمحاوالت منهم لفهم موضوع التغير االجتماعي الذي شغل العديد من العلماء والفكرين والفالسفة‬
‫والؤرخين واألنثروبولوجين هذه األفكار التي كانت الجذور األولى لنظريات االجتماعية العمول بها إلى يومنا‬
‫هذا؛ والتي من أهمها النظريات الخطية‪ ،‬النظريات الدائرية‪ ،‬النظريات االنتشارية‪...‬‬
‫الكلمات الفتاحية‪ :‬التغير االجتماعي‪ ،‬النظرية الخطية‪ ،‬االنتشارية‪ ،‬الدائرية‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪A study in sociology is not free to address the subject of social change; either as an‬‬
‫‪input to the analysis through the use of theories of change, or to reach at the end of these‬‬

‫* الؤلف الرسل‪ :‬عمر بوسكرة ‪ ،‬اإليميل‪AMAR.BOUSSAKRA@univ-tiaret.dz :‬‬


‫‪260‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

studies that social change is the first and last reason for the emergence of some social
phenomena or problems. The concept of social change is one of the traits that have afflicted
mankind to the present time. Change refers to the changes and changes that take place in the
construction of any society in the presence of driving forces that contribute in one way or
another to the change during a certain period of time.
Therefore, in order to use these theories or to facilitate conclusions, we must identify
the roots of this issue, which has become the basis for the emergence of different schools and
theories of social change that try to provide an explanation for social change, by changing its
causes, based on a set of philosophical hypotheses and perceptions. This explains the
phenomenon of social change.It is not based on scientific and empirical research, but looks at
social change in general and one in societies as a whole, and does not give importance to the
difference of space or time, and provide general and comprehensive provisions, that is, it
speaks of humanity and change it as a whole.
This paper dealt with the most important ideas and perceptions of sociologists as
attempts to understand the subject of social change, which was occupied by many scientists,
thinkers, philosophers, historians and anthropologists, these ideas which were the first roots
of social theories in force to this day; Circular theories, diffuse theories ...
Keywords: Social change. linear. Diffusion. Circular

Résumé :
Une étude en sociologie n’est pas libre d’aborder le sujet du changement social, que
ce soit en tant que contribution à l’analyse à travers l’utilisation de théories du changement,
ou bien pour conclure à la fin de ces études que le changement social est la première et
dernière raison de l’apparition de certains phénomènes ou problèmes sociaux. Le concept de
changement social est l’un des traits qui ont affecté l’humanité jusqu’à présent.
Par conséquent, pour utiliser ces théories ou faciliter les conclusions, nous devons
identifier les racines de cette question, qui est devenue la base de l’émergence de différentes
écoles et théories du changement social qui tentent de fournir une explication au changement
social, en modifiant ses causes, sur la base d’un ensemble d’hypothèses et de perceptions
philosophiques. Cela explique le phénomène du changement social. Il ne repose pas sur des
261
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫‪recherches scientifiques et empiriques, mais sur le changement social en général et sur‬‬


‫‪l'ensemble des sociétés, et ne donne pas d'importance à la différence d'espace ou de temps et‬‬
‫‪ne fournit pas de dispositions générales et complètes, c'est-à-dire qu'il parle de l'humanité et‬‬
‫‪le change dans son ensemble.‬‬
‫‪Cet article traite des idées et des perceptions les plus importantes des sociologues en‬‬
‫‪tant que tentatives de compréhension du sujet du changement social, occupé par de‬‬
‫‪nombreux scientifiques, penseurs, philosophes, historiens et anthropologues, idées qui ont‬‬
‫‪été les premières racines des théories sociales en vigueur à ce jour; Théories circulaires,‬‬
‫‪théories diffuses ...‬‬
‫‪Mots clés : Changement social. linéaire. Diffusion. Circulaire.‬‬
‫• مقدمة‪:‬‬
‫إن االهتمام بالتغيرات التي طرأت على املجتمعات موضوع قديم قدم التفكير االجتماعي‪ ،‬فقد‬
‫تناول فالسفة الغرب والشرق في الجزء االجتماعي من تفكيرهم التطورات والتحوالت االجتماعية‪ ،‬كما‬
‫استمر االهتمام بالكثير من القضايا التي تخص التغير االجتماعي في عصر التنوير ‪ ،‬ليتكون رصيد تراكمي‬
‫للمهتمين بموضوع التغير االجتماعي في الفترة العاصرة‪ ،‬األمر الذي جعل علماء االجتماع يواجهون صعوبة‬
‫في وضع مفهوم واضح ودقيق للتغير االجتماعي ولهذا السبب سوف نحاول الرجوع إلى أقدم ما قبل عن‬
‫موضوع التغير االجتماعي‪ ،‬وذلك لجمع أكبر التفاصيل حول هذا األخير لنتمكن من اقتراح أفكار متكاملة‬
‫تخدم الدراسة الحالية‪.‬‬
‫فأول ظهور لصطلح التغير االجتماعي كان في الربع األخير من القرن الثامن عشر في كتاب ثروة‬
‫األمم "آلدم سميث" ولكنه لم يكن يقصد به معنى التعبير االجتماعي التداول حاليا‪ ،‬إذا يرجع الفضل في‬
‫انتشار هذا الصطلح للعالم األمريكي "أوجبرن" الذي أصدر كتاب بنفس العنوان "التغير االجتماعي" سنة‬
‫‪(1922‬منير‪ ،2017،‬ص‪ )412‬والذي استطاع من خالله تلخيص مضمون عملية التغير االجتماعي محاوال‬
‫إزالة اللبس الذي دار حول هذا الصطلح‪ ،‬إذ يؤكد "أوجبرن" أن عملية التغير االجتماعي عملية يمكن أن‬
‫تتجه إلى التقدم أو التأخر‪ ،‬كما تشمل كل جوانب الحياة االجتماعية والسياسية واالقتصادية والثقافية"‪.‬‬
‫ويعد ما جاء به "أوجبرن" عن موضوع التغير االجتماعي الذي يرى أن التغير االجتماعي هو كل‬
‫تبدل في الحياة االجتماعي دون أي تقييم (نيقوال تماشيف‪ ،‬ترجمة محمد عودة‪ ،1983،‬ص‪ )305‬لدرجة‬
‫أو حدة التغير في أي جانب من جوانب الحياة‪ ،‬ومن أهم الواضيع التي طرحها أو"جبرون" في تفسير التغير‬
‫االجتماعي والثقافي موضوع التخلف الثقافي‪ ،‬ونلحظ ما قاله عنه أن اإلنسان يتراكم لديه تراث ثقافي‬
‫مادي (التكنولوجيا) والتغير الذي يحدث على هذا الصعيد يسبق التغير الذي يحدث في الثقافة الالمادية‬

‫‪262‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫وبالتالي فعدم التأقلم بين الثقافة الادية والالمادية يعني سوء التكيف وبالتالي التخلف الثقافي‪(.‬نيقوال‬
‫تماشيف‪ ،‬ترجمة محمد عودة‪ ،1983،‬ص‪)306‬‬
‫ظهرت بعد ذلك العديد من الوضوعات واملحاوالت حول نفس الوضوع فهناك من اتفق معه‬
‫وهناك من عارضه ويرجع هذا االتفاق والعارضة إلى تعقد موضوع التغير االجتماعي في حد ذاته وتداخله‬
‫مع مواضيع أخرى كموضوع التطور‪ ،‬النمو والتقدم‪.‬‬
‫فنجد "أنطوني سميث" في كتابه عن التغير االجتماعي يرى أن دراسة ظاهرة التغير سواء كانت‬
‫اجتماعية أو تاريخية تعتبر ظاهرة واسعة وكبيرة وهذا ما أحدث هذا الغموض والتداخل لتعريف التغير‬
‫االجتماعي‪ ،‬وتحديد أبعاده فيذهب كل من "جيرت" و "ميلز" إلى أن التغير االجتماعي هو التحول الذي‬
‫يطرأ على األدوار االجتماعية التي يقوم بها األفراد وكل ما يطرأ على النظم االجتماعية وقواعد الضبط‬
‫االجتماعي في فترة زمنية معينة‪ ،‬كما يتفق "جنزبرج" مع هذا الطرح حيث يرى بأن التغير االجتماعي هو‬
‫كل تغير يطرأ على البناء االجتماعي في الكل والجزء وفي شكل النظام االجتماعي‪ ،‬ولذلك فإن األفراد‬
‫يمارسون أدورا اجتماعية مختلفة عن تلك التي كانوا يمارسونها خالل حقبة من الزمن(أحمد زايد‪،2001،‬‬
‫ص‪-‬ص‪ )19-18‬فالتغير االجتماعي من خالل هذه الرؤية يركز على الكانة والدور االجتماعي لألفراد وما‬
‫يترتب عليه من تغير في سلوكياتهم‪ ،‬ويعتبر هذا هو الجزء الظاهر في عملية التغير االجتماعي‪ ،‬وما يترتب‬
‫عليه بعد ذلك من تغيرات في نمط العيشة وطبيعة البناء األسري والضبط االجتماعي وطبيعة العالقات‬
‫بين األفراد‪.‬‬
‫ولكن التعريف الذي جاء به "عبد الباسط محمد حسن" كان أوسع وأشمل فهو يرى بأن التغير‬
‫االجتماعي هو كل تحول يقع في مجتمع من املجتمعات في فترة زمنية محددة ويصيب تركيبة أو بنيانه‬
‫الطبقي أو نظمه االجتماعية أو القيم أو العايير أو أنماط السلوك أو نوع العالقات السائدة‪ ،‬وقد يكون‬
‫التغير ماديا يستهدف تغير الجوانب الادية والتكنولوجية واالقتصادية‪ ،‬وقد يكون التغير معنويا يستهدف‬
‫تغير اتجاهات الناس وقيمهم وعاداتهم وسلوكهم‪( .‬عبد الباسط حسن ‪ ،1994،‬ص ‪ )49‬وللفهم األدق‬
‫سوف نحاول تفصيل هذه األفكار حسب تسلسلها التاريخي؛ من خالل عرض أهم ما جاء عن رواد علم‬
‫االجتماع في موضوع التغير االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -1‬التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‪:‬‬
‫لم تكن أفكار رواد علم االجتماع األوائل واضحة حول موضوع التغير االجتماعي فلكل منهم‬
‫تصوره الخاص‪ ،‬فهناك من تصور أن هللا يعيد األمور إلى حالتها األولى بنهاية مرحلة سبقت لتأتي مرحلة‬
‫جديدة‪.‬‬
‫وهناك من كان يرى بأن املجتمعات تشبه الكائنات الحية في تتابع مراحل الحياة من اليالد‬
‫فالنمو ثم الرشد‪ ،‬وأخيرا الشيخوخة والوت واملجتمع ينحدر من األفضل إلى األسوأ‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫وهناك من ربط التغير االجتماعي بالتطور الفكري لإلنسان وغيرها من األفكار التي اعتبرت‬
‫الجذور األولى لفكر التغير‪.‬‬
‫‪ -1-1‬التغير االجتماعي عند "أفالطون"‪:‬‬
‫ظهرت أفكار التغير االجتماعي عند "أفالطون" من خالل اعتقاده أن تعاقب الســنين مهيأ لتكرار‬
‫نفسه على مدى فترة محددة‪ ،‬ورأى أن الحركة تخضع لها الكواكب واملجتمع‪ ،‬وإذا حدث تدهور تدريجي‬
‫يعيــد اإللــه األمور إلى حــالتهــا األولى‪ ،‬وتبــدأ مرحلــة جــديــدة وهكــذا يحــدث تنــاوب للظالم والنور‪ ،‬واالزدهــار‬
‫والت ــدهور وق ــد ج ــاءت فكرة الت ــدهور نتيج ــة إليم ــان ــه بوجود نظ ــام ث ــاب ــت مطلق ال يتغير عن ــدم ــا يس ـ ـ ـ ــتقر‬
‫فيصبح أي انحراف عنه اتجاها إلى األسوأ‪.‬‬
‫إال أن "أفالطون" لم يؤمن بفكرة التقدم‪ ،‬ألن جمهوريته الفاصلة كانت عبارة عن بناء عقلي‬
‫راكد وساكن‪ ،‬فالطوائف ساكنة‪ ،‬والهن وكل ش يء محدد مرة واحدة إلى نهاية الكون حتى العلوم والفنون‪،‬‬
‫تم إنجازها مرة واحدة ويعاد تكرارها‪ ،‬فال ش يء جديد على اإلطالق‪( .‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‬
‫‪ ،2001،‬ص‪-‬ص ‪)81-80‬‬
‫ولكنه ماثل بين الظواهر االجتماعية والبيولوجية‪ ،‬حيث تصور أن طبقات املجتمع إنما تقابل‬
‫مناطق معينة في الجسم البشري من حيث الوظائف واألدوار والعالقات التبادلة‪ ،‬فطبقة الفالحين‬
‫والصناع في املجتمع‪ ،‬تقابل منطقة الرغبة في الجسم (منطقة أسفل البطن) وطبقة البدن تقابل منطقة‬
‫القلب‪ ،‬وطبقة الفالسفة والحكام تقابل الرأس‪( .‬محمد أحمد الزعبي ‪ ،1994،‬ص ‪)48‬‬
‫‪ -2-1‬التغير االجتماعي عند "ابن خلدون"‪:‬‬
‫تعامل ابن خلدون مع موضوع التغير االجتماعي من خالل تطور "الدولة" منذ نشؤها لغاية‬
‫زوالها‪ ،‬معبرا بذلك عن الراحل واألجيال التي تعيشها عبر الزمن‪ ،‬إذ قال‪« :‬اعلم أن نشأة الدولة وبدايتها‬
‫إذ أخذت الدولة الستقرة في الهرم واالنتفاض تكون على نوعين إما بأن يستبد والة األعمال في الدولة‬
‫بالقاصية عندما يتقلص ظلما عنهم فيكون لكل واحد منهم دولة يستمدها لقومه وما يستقر في نصابه‬
‫يرثه عنه أبناؤه أو حواليه ويستفحل لهم اللك بالتدرج وربما يزدحمون على ذلك اللك ويتقارعون عليه‬
‫ويتنازعون في االستئثار به ويغلب منهم من يكون له فضل قوة على صاحبه وينتزع ما في يده‪ ،‬كما وقع في‬
‫دولة بني العباس حين أخذت دولتهم في الهرم وتقلص ظلما على القاصية واستبد بنو ساسان بما وراء‬
‫النهر وبنو حمدان بالوصل والشام وبنو طولون بمصر‪ ،‬وكما وقع بالدولة األموية باألندلس‪...‬واألمثلة كثيرة‬
‫في التاريخ العربي اإلسالمي»‪(.‬معن خليل العمر ‪ ،2004،‬ص ‪)34‬‬
‫ويقول ابن خلدون أن الحضارات أو الدول تمر بثالثة أجيال متعاقبة وهي‪:‬‬
‫‪ -‬مرحلة البداوة‪ :‬وتتسم هذه الرحلة بشجاعة األفراد والتماسك والعصبية واإلنتاج البسيط‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التحضر‪ :‬وفيها تأسيس الدولة ويجمع الال‪ ،‬وينغمس الناس في الترف وبناء القصور وإعداد‬
‫الجند وتتميز هذه الرحلة باإلنتاج الحرفي البسيط‪.‬‬
‫‪264‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫‪ -‬مرحلة التدهور‪ :‬وتتميز هذه الرحلة بفساد الحكم وزيادة بطش الحكام‪ ،‬وال تكون العصبة قادرة على‬
‫تحصيل حاجاتها وال على الدفاع عن الدولة‪ ،‬فيطمع األعداء في االستيالء على ثروة دولة منهارة ويشتد‬
‫عضب املحكومين من الحاكم لزيادة فرض الجباية ويزداد االستهالك‪ ،‬ويقل اإلنتاج النشغال الناس‬
‫بالشاكل والصراعات‪ ،‬وتتفاقم األوضاع فيحدث التدهور وتتهاوى الدولة تحت قبضات الخارجين‬
‫واألعداء‪.‬‬
‫ويرى ابن خلدون أن هذا التدهور ليس مطلقا‪ ،‬وال يعني نهاية الحضارة البشرية برمتها‪ ،‬وإنما‬
‫يرى في ذلك تداول للملك من دولة إلى أخرى‪ ،‬وانتقال القوة من عصبة إلى أخرى أكثر قوة وتماسكا‬
‫ويستدل على ذلك بقوله‪« :‬وتلك األيام نداولها بين الناس»‪(.‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان ‪،2001،‬‬
‫ص‪-‬ص ‪)81-80‬‬
‫إذا أردنا تحليل تصور "ابن خلدون" في موضوع التغير نجد أنه استخدم "الدولة" كمؤشر للتغير‬
‫االجتماعي وليس القيم‪ ،‬العايير أو األسرة أو القبيلة‪ ،‬فقد تكلم عن الدولة من حيث نشأتها لغاية زوالها‬
‫بسبب استبداد الحكام وتسلطهم وزيادة الصراعات الداخلية والخارجية على الحكم والسلطان‪.‬‬
‫فقد حدد "ابن خلدون" (‪ 120‬سنة) لعمر كل دولة منذ نشوئها لحين زوالها على ثالث مراحل‬
‫التي سبق ذكرها بحيث تدوم كل مرحلة ‪ 40‬سنة‪ ،‬حيث تتميز نهاية الرحلة الثالثة أن الناس يصبحون‬
‫عالة على الدولة وال يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بل االعتماد على األجانب‪ ،‬وهي كلها مؤشرات زوال‬
‫الدولة هذا الؤشر يؤكد على حركة التغير االجتماعي الدائم والتضمن تحوالت بنائية وانكسارات نسقية‬
‫ونمطية وتحتوي اندثار قيم ومعايير كان يعتز بها الناس كالعصبية والسيالة واالشتراك في املجد‪ ،‬وتبلور‬
‫معايير جديدة فتغيب فيها قيم الرجولة والشجاعة وتنتشر معايير الفردية فيبيت املجتمع معتمدا على‬
‫اآلخر في الدفاع عن نفسه وفي معظم مناشط الحياة اليومية اإلنتاجية أين تصبح الدولة عرضة للفناء‪.‬‬
‫(معن خليل العمر ‪ ،2004،‬ص ‪)35‬‬
‫‪ -3-1‬التغير االجتماعي عند أوغيست كونت‪:‬‬
‫ظهرت أولى أفكار التغير عند كونت من خالل تقسيمه لوضوع علم االجتماع األستاتيكا‬
‫االجتماعية والديناميكيا االجتماعية‪ ،‬إذ تختص االستاتيكا االجتماعية بدراسة املجتمعات في حالة‬
‫استقرارها‪ ،‬أي دراسة املجتمع خالل فترة زمنية معنية وشروط وجود املجتمع‪ ،‬واألنساق الكبرى‪.‬أما‬
‫الديناميكا االجتماعية فهي تهتم بدراسة قوانين التغير والتطور وحركة املجتمع الستمرة والسير اآللي‬
‫للمجتمعات اإلنسانية‪ .‬وكان تصور "كونت" للتغير االجتماعي على أنه محصلة أو نتيجة النمو الفكري‬
‫لإلنسان وتطور العقل اإلنساني‪ ،‬وقد اقترح "كونت" قانون يشير فيه إلى الراحل التي مرت بها املجتمعات‬
‫والعقل اإلنساني في تطورها وأطلق عليه اسم "قانون الحاالت الثالثة"‪(،‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‬
‫‪ ،2001،‬ص‪-‬ص ‪ )52-51‬وهذه الراحل هي‪:‬‬

‫‪265‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫‪ -‬الرحلة الالهوتية‪ :‬وهي الرحلة التي تسيطر فيها الغيبيات والثقافة الخارقة للطبيعة في نظريات وآراء‬
‫الهوتية‪ ،‬وتكون العرفة مطلقة ويسودها النظام اللكي‪.‬‬
‫‪ -‬الرحلة اليتافيزيقية‪ :‬وهي الرحلة الثانية التي يتجه فيها التفكير إلى األفكار الفلسفية املجردة وهي مرحلة‬
‫يسودها الحكم الشعبي‪.‬‬
‫‪ -‬الرحلة الوضعية‪ :‬ويمثلها العالم الحديث إذ تحل الرحلة العلمية والصناعية محل التأمل الديني‬
‫والفلسفي‪ ،‬ويخضع كل من الخيال والجدل للمالحظة‪.‬‬
‫ومع نى هذا الكالم إقرار بوجود مراحل وتأكيد وجود فترات يحدث فيها االنتقال من وضع إلى‬
‫وضع‪ ،‬وهذا االنتقال ال يتم إال بقطيعة من الوضع السابق وتجاوزه بقفزة أو بثورة‪ ،‬ولذلك تختلف كل‬
‫مرحلة عن سابقتها‪ ،‬وتتسم كل منها بخصائص معينة‪ ،‬ثم أن التقدم ال يتم إال عبر انشقاقات وهدم‬
‫الاض ي والخروج عليه فكل مرحلة تنفي ما قبلها وتصحح أخطاء الرحلة السابق‪ ،‬والجديد ال يظهر إال‬
‫بعد أن يستنفذ القديم كل مقومات وجوده‪ ،‬والرحلة األخيرة هي مرحلة نمائية وحتمية‪( .‬الدقس محمد‬
‫‪ ،1996،‬ص‪)78‬‬
‫ولقد قسم" كونت" بناء على تصوراته لحركة املجتمع علم االجتماع إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬علم االجتماع الساكن وهو التعلق بالشروط الثابتة الالزمة لوجود املجتمع (الستياتيكا االجتماعية)‪.‬‬
‫‪ -‬علم االجتماع التحرك وهو التعلق بقوانين نمو املجتمع‪ ،‬أي بتطور املجتمع‪ ،‬وإذا كانت الفكرة األساسية‬
‫في القسم األول عن فكرة النظام فإنها في القسم الثاني تمثل فكرة التقدم والقانون األساس ي في الديناميكا‬
‫الكونية‪ ،‬والذي يفصح عن أداته التطورية هو ما ذهب إليه عندما قال‪« :‬أن املجتمع يشبه الكائن الحي‬
‫في حاضنة واحدة وهي أن فهم الكل يمكن التوصل إليه بطريقة أفضل من األجزاء» وهو قانون التقدم‬
‫العقلي أو قانون الحاالت الثالثة التي سبق شرحها‪( .‬محمد أحمد الزعبي ‪ ،2004،‬ص ‪)50‬‬
‫وبالرغم من مراحل التطور التي مر بها علم االجتماع منذ نشأته حتى اآلن فمازال موضوع التغير‬
‫االجتماعي؛ من حيث التعريف واألسباب مصدرا لعدم االتفاق بين علماء االجتماع نتيجة الختالف أرائهم‬
‫وتعدد انتماءاتهم‪ .‬األمر الذي انعكس بصورة واضحة حتى على مستوى تحديد ما هو القصود بالتغير‬
‫االجتماعي‪ ،‬فمنهم من وسع من نطاق الفهوم ومنهم من اختزله بطريقة افقدته مضمونه ومعناه الحقيقي‬
‫غير أنه وعلى الرغم من ذلك ال نستطيع بأي حال من األحوال أن نقلل من شأنهم أو نتجاهل دورهم فهم‬
‫الذين كان لهم السبق في هذا املجال ولفتوا األنظار إلى أهميته ودوره في املجتمع‪.‬‬

‫‪ -4-1‬التغير االجتماعي عند "إميل دوركايم"‪:‬‬


‫اتفق "دوركايم" مع "سبنسر" حول طرحه لوضوع تطور وتغير املجتمع إال أنه أضاف إلى ذلك‬
‫أن املجتمعات البدائية ال تتميز باألنانية وأن الرجل البدائي يتميز بالغيرية وتوافر شعور وضمير جمعى‬

‫‪266‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫قوى وعنيف يغلب على الضمائر الفردية‪ ،‬وهو عكس ما يميز املجتمع الحديث الغير متجانس والذي يرفع‬
‫من شأن الفردية‪( .‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2001،‬ص‪)55‬‬
‫ولقد استقى "دوركايم" أفكاره حول موضوع التغير من تحليل سلوك الفرد االجتماعي عندما‬
‫وجده منظما حياته الاضية والحاضرة ألن سلوك الفرد عبارة عن سلسلة تبدالت وتحوالت عمرية‬
‫وثقافية واجتماعية تمتد جذورها إلى الاض ي البعيد والقريب معا‪ ،‬تم تعديلها وتحويلها إلى سلوك مقبول‬
‫من قبل املجتمع في الوقت العاصر‪ ،‬إذ قال حول هذا الشأن «لكل واحد منها في داخله جذور ترجع إلى‬
‫األمن ترعرعت بأحداث اجتماعية ماضية وحاضرة فنحن ال نمثل الاض ي بشكل كامل وال الحاضر بصورة‬
‫تامة ألن ما هو حاضر يكون له قواعد في الاض ي تطورت فأصبحت جزءا من ذواتنا وكل ما يمثل الحاضر‬
‫لم ينشأ بشكل مستقل عن الاض ي‪.‬‬
‫فالظاهر من هذا الرأي أن سلوك األفراد ناتج عن تغير األحداث والؤثرات التي يعايشها الفرد‬
‫فإذا درسنا السلوك فنحن بهذا ندرس الوجه الحاضر منه‪ ،‬ولكننا ال ندرك بذلك كيف كان هذا الفرد‬
‫قبل تعرضه للمؤثرات واألحداث التبدلة والتغيرة في الاض ي‪ ،‬أي أن التغير يمكن قياسه من خالل مقارنة‬
‫السلوك اإلنساني بين الاض ي والحاضر‪( .‬معن خليل العمر ‪ ،2004،‬ص ‪)23‬‬
‫وهذا ما يمكن قوله عن التغير االجتماعي فإذا أردنا أن نثبت أن هناك تغير يجب أن نقارن أوضاع‬
‫الحياة االجتماعية خالل فترتين زمنيتين مختلفتين وهذا ما أراد دوركايم إحضاره أن عامل الزمن مهم‬
‫إلثبات التغير االجتماعي‪.‬‬
‫قدم إيميل دوركايم نظرية في التغير االجتماعي تشبه إلى حد كبير نظرية هربرت سبنسر‪ ،‬دون‬
‫التزام بالماثلة العضوية أو تشبيه التغير في املجتمع بالتغيرات في عالم الادة أو عالم الكائنات الحية‬
‫وانطلق في رؤيته للتغير من منظور وظيفي يتأسس على فكرتي التباين والتضامن‪ ،‬ويتضح ذلك من‬
‫العالقة التي أقامها بين مفهوم تقسيم العمل ومفهوم التضامن االجتماعي‪ ،‬فتقسيم العمل تصاحبه‬
‫ضرورة مختلفة من التباين االجتماعي تتمثل في زيادة السكان وزيادة الكثافة األخالقية‪ ،‬بل إن هذه‬
‫التباينات االجتماعية هي التي تجعل العمل ضرورة‪ ،‬وهو في جوهره تعبير عن هذا التباين ودالة على‬
‫حدوثه فاملجتمعات تميل في تغيرها إلى أن تتباين في مكوناتها‪ ،‬بل إن حدوث أشكال من التباين يؤدي إلى‬
‫زيادة الكثافة األخالقية (تنوع القيم واالتجاهات واليول والعتقدات) وهذه بدورها تؤدي إلى تقسيم‬
‫العمل وهكذا‪ ،‬غير أن املجتمعات ال تتحول دون ضوابط‪ ،‬فتحولها منضبط بقواعد ومعايير قانونية‪،‬‬
‫وهنا يأتي مفهوم التضامن‪ ،‬فإذا كانت املجتمعات البسيطة (وهي مجتمعات غير متباينة) فهي مجتمعات‬
‫تحقق تضامنها وتكاملها من خالل القانون القهري (فرض أسلوب واحد في الحياة والتفكير والسلوك) فإن‬
‫املجتمعات الحديثة (وهي مجتمعات متباينة) تحقق تكاملها وتضمانها من خالل القانون الدني أو‬

‫‪267‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫التعويض ي (الذي يتيح إمكانية تعدد أساليب السلوك وتباينها) لذا أطلق دوركايم على النوع األول‬
‫املجتمعات مجتمعات التضامن اآللي وعلى النوع الثاني مجتمعات التضامن العضوي‪.‬‬
‫‪ -5-1‬التغير االجتماعي عند "هربرت سبنسر"‪:‬‬
‫كانت أفكار "سبنسر" أكثر واقعية عند تعرضه لوضوع التغير االجتماعي‪ ،‬فقد آمن بالتجريب‬
‫وأدرك تنوع العوامل الؤدية إلى التغير االجتماعي‪ ،‬وأن التغير صار حتمي ال يمكن ألي مجتمع أن يتحاشاه‬
‫أو يبتعد عن مجراه‪ ،‬واعتبر أن املجتمع ينتقل من التكامل إلى تزايد التباين الوظيفي داخل املجتمعات‬
‫وذهب إلى القول بأن التغير االجتماعي هو السؤول الحقيقي عن زيادة حجم وكثافة املجتمعات‪ ،‬وهو من‬
‫الظاهر التي تميز املجتمعات بعضها عن بعض خاصة من حيث وظائفها‪( .‬حس ي أحمد زايد‪ ،‬اعتماد عالم‬
‫‪ ،2006،‬ص‪)68‬‬
‫فلقد تغير املجتمع من الشكل البدائي البسيط إلى العقد أو من حالة التجانس التي تميز‬
‫املجتمعات التقليدية املحافظة إلى حالة التي وصفها سبنسر باألنانية والخضوع للقهر والقوة والالتجانس‪،‬‬
‫حيث الرحلة الصناعية التي تتميز بالتخصص وتقسيم العمل والديمقراطية‪ ،‬والعالقات الثانوية‪ ،‬أي أن‬
‫املجتمع انتقل من حالة التكامل إلى حالة التمايز‪ ،‬كما أدرك "سبنسر" من خالل تصوره لوضوع التغير‬
‫االجتماعي إلى الصعوبات التي يمكنها أن تعترض هذه الحقيقة االجتماعية في كل مجتمع على حدى‪.‬‬
‫ومن االنتقادات التي وجهت لـ"سبنسر" حول موضوع التغير أن املجتمعات التي تكون عرضة‬
‫للتغير ال تتشابه بالضرورة خاصة فيما يتعلق بالجانب الديني القيمي واألخالقي والسياس ي‪( .‬حسين عبد‬
‫الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪)55‬‬
‫فعملية التطور حسب سبنسر تسير على خطين مترابطين‪:‬‬
‫‪ -‬الخط األول ‪ :‬ويتمثل في الحركة من املجتمعات البسيطة إلى الستويات املختلفة من املجتمعات الركبة‬
‫فاملجتمع الركب ينبثق عن املجتمع البسيط‪ ،‬ومركب الركب عن الركب ومركب مركب الركب عن مركب‬
‫الركب‪ ،‬وبينما يتكون املجتمع البسيط من "األسر" يتكون املجتمع الركب من "أسر" تتحد في شكل‬
‫"عشائر" ويتكون مركب الركب من "عشائر" تتحد في قبائل‪ ،‬ويتكون أخيرا مركب مركب الركب من‬
‫قبائل تتحد في مجتمعات كمجتمعاتنا التي تأخذ شكل "أمم" و "دول"‪.‬‬
‫‪ -‬أما الخط الثاني‪ :‬فيتمثل في التحول من املجتمع العسكري إلى املجتمع الصناعي‪ ،‬ويتميز هذا التحول‬
‫بأنه بنفس الوقت تحول من التعاون اإلجباري (املجتمع العسكري) إلى التعاون االختياري (املجتمع‬
‫الصناعي)‪.‬‬
‫وانطالقا من تأثر سبنسر بمفهوم الصراع من أجل البقاء و "البقاء لألصلح" "الدارونيوني" قد‬
‫رأى أن الطبيعة خالل عملية التطور إنما تميل إلى التخلص من الطالح واستحضان "اإلصالح"‪(.‬محمد‬
‫أحمد الزعبي ‪ ،1991،‬ص ‪)58‬‬
‫‪ -6-1‬التغير االجتماعي عند "هوبهاوس"‪:‬‬
‫‪268‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫تأثر "هوبهاوس" بكل من أفكار "كونت" و"سبنسر" فقد أخذ عن "كونت" أن تطور العقل‬
‫اإلنساني هو العامل الحاسم في التطور االجتماعي‪ ،‬وأخذ عن سبنسر فكرة التطور االجتماعي أو النمو‬
‫االجتماعي وزيادة الحجم والتعقد والتباين الداخلي ألجزاء املجتمع‪.‬‬
‫واستند "هوبهاوس" لطرح رأيه عن النمو الفكري بنظرية سيكولوجية إذ يرى أن التطور العقلي‬
‫يؤدي إلى تطور اجتماعي يشكل كل العتقدات األخالقية والدينية‪ ،‬ثم ينعكس بالتالي في سائر النظم‬
‫االجتماعية وهو بذلك يعتبر هذا التطور تقدميا‪ ،‬طالا أن تطور العقل ينطوي على تطور األفكار األخالقية‬
‫تجاه الثل العليا ألخالق رشيدة من شأنه أن يؤدي إلى تغير النظم االجتماعية الرئيسية‪.‬‬
‫وقد حدد "هوبهاوس" خمس مراحل تاريخية في التاريخ الفكري للبشرية هي‪:‬‬
‫‪ -‬البدايات األولى للتفكير السليم في مجتمعات ما قبل القراءة والكتابة‪.‬‬
‫‪ -‬العلم البدائي في الشرق القديم كما في بابل ومصر القديمة والصين القديمة‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التأمل في الشرق ابتداء من القرن الثامن وحتى القرن األول قبل اليالد في الصين والهند‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة التفكير النقدي والنهجي في اليونان‪.‬‬
‫‪ -‬نمو التفكير العلمي الحديث ابتداء من القرن السادس عشر تقريبا‪( .‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‬
‫‪ ،2008،‬ص‪)56‬‬
‫كما سعى "هوب هاوس " ليوضح العالقة بين كل من مفهوم التطور‪ ،‬والنمو والتقدم عندما‬
‫حلل طبيعة العنى الدال على هذه الفاهيم وفي استخداماته حيث يقصد بمفهوم التطور باعتباره نوعا‬
‫من النمو ويقصد بمفهوم التقدم االجتماعي على أنه نمو الحياة االجتماعية والخصائص العامة التي‬
‫يتصف بها الجنس البشري؛ كما أضاف هوب هاوس أن مهمة علم االجتماع وعلماؤه يجب أن تكرس من‬
‫أجل تحديد الفاهيم التي تربط بين النمو والتطور والتقدم والتغير‪ ،‬و ذلك عن طريق تطوير نظرياته‬
‫وإسهامه في زيادة أنماط العرفة اإلنسانية‪ ،‬وكشفه لعمليات التقدم الصناعي التي تحدث في املجتمع‬
‫الحديث عالوة على ذلك أن حدوث نوع من التداخل في الفاهيم السابقة يجعلنا جميعا نهتم باستخدام‬
‫مفهوم التغير االجتماعي وذلك لإلشارة إلى جميع مظاهر التقدم والتطور والنمو؛ التي تحدث من‬
‫املجتمعات اإلنسانية حتى يمكن دراسة هذه املجتمعات بصورة واقعية وأكثر شموال وتحديدا للمفاهيم‬
‫والتصورات واألفكار العامة السسيولوجية التي يستخدمها التخصصين في علم االجتماع‪.‬‬

‫‪ -7-1‬التغير االجتماعي عن "كارل ماركس"‪:‬‬


‫استقى ماركس مذهبه من "هيجل" و"فيورباج"‪ ،‬فقد بنى هيجل فلسفته من منطلق أن العقل‬
‫البشري له قدرة على التقدم‪ ،‬والعقل البشري عنده هو العقل الكلي وليس الشخص ي‪ ،‬والعقل الكلي هو‬

‫‪269‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫عقل يسمو على العقول الفردية ويتطور بفعل تطور وحركة الفكرة الطلقة للحركة‪ ،‬أو حركة الحقيقة‬
‫الصافية‪.‬‬
‫وهذه الحركة وهذا التطور عند "هيجل" ال يعدو كونه حركة الفكرة وتطورها وليس حركة‬
‫الواقع أو تطوره فكل ما يحدث وال يزال يحدث هو الش يء الذي يحدث في العقل‪.‬‬
‫أما "فيورباح" فيرى أن الادة أصل الوجود‪ ،‬وأن العالم بطبيعته مادي‪ ،‬وأنه من المكن معرفة‬
‫العالم الادي‪ ،‬وإذا كان اإلنسان يعرف بعض األشياء عن عاله اليوم فإنه يجهل أشياء أخرى‪ ،‬إال أنه‬
‫سوف يعرف مستقبل األشياء التي يجهلها اليوم‪.‬‬
‫ولكن "ماركس" قد جمع بين التصورين فهو على عكس "هيجل" رفض الذهب الثالي عنده‬
‫واستخرج الجدل باعتباره حركة تاريخية مادية تعكس تفاعال عينيا واقعيا‪ ،‬فإذا كان الجدل "الهيجلي"‬
‫هو حوار العقل الخالص مع نفسه‪ ،‬فإن الجدل الادي هو حوار العقل مع الواقع‪ ،‬فإن الجدل الادي‬
‫العلمي هو حوار العقل مع الواقع واألشياء الادية‪.‬‬
‫وفي هذا يقول "هربرت ماركيوز"‪ :‬إنه إذا كان الجدل الهيجلي يقدم الشكل النطقي املجرد‬
‫للتطور فيما قبل التاريخ‪ ،‬فإن "ماركس" يقدم الحل من حركته الحقيقية العينية‪ ،‬وقد أخذ "ماركس"‬
‫عن "هيجل" الشكل الصوري للجدل باعتباره بناء وعملية جوهرية‪ ،‬ولكنه اختلف معه في الضمون‬
‫الجدلي فالجدل عند "ماركس" عملية تقع في قلب التاريخ ويعبر عن طبيعة العالقة والتفاعل بين عديد‬
‫من العناصر الواقعية‪( .‬حنان محمد عبد املجيد ‪ ،2001،‬ص‪-‬ص ‪)97-96‬‬
‫ويرى ماركس أن هناك قوانين تحكم حركة الادة والطبيعة واملجتمع والفكر‪ ،‬ومن ثم تحكم‬
‫حركة العالم بأكمله‪ ،‬ويطلق على هذه القوانين القوانين األساسية للجدل ويسميها البعض قوانين التغير‬
‫أو القوانين الطبيعية‪ ،‬ويعني ذلك معرفة الظاهرة في تناقضها ووحدتها وفي تماثلها‪ ،‬وفي معرفة االتجاهات‬
‫التناقضة‪ ،‬وفي عمليات الطبيعة بما فيها املجتمع والوعي ومع ذلك فإن الجدل الادي ال يقتصر دوره‬
‫على فهم قوانين التطور والتقدم فحسب‪ ،‬بل يعد أيضا نظرية للمعرفة وتتلخص هذه القوانين في أربعة‬
‫قواعد أساسية‪:‬‬
‫‪ -‬ترابط عناصر الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬صراع التناقضات‪.‬‬
‫‪ -‬التراكم الكلي يؤدي إلى تراكم كيفي‪.‬‬
‫‪ -‬الجديد ينفي القديم‪.‬‬
‫ولقد قدم "ماركس" تفسيرا لهذه القوانين‪ ،‬إذ يرى أن جميع عناصر الحياة تتأثر ببعضها في ظل‬
‫أي نظام اجتماعي قائم في أي مجتمع‪ ،‬ولكن هذا النظام االجتماعي يحمل في طياته عوامل فنائه والثال‬
‫على ذلك تاريخي‪ ،‬فالطبقة البورجوازية وجدت في قلب النظام اإلقطاعي‪ ،‬وضد الطبقة اإلقطاعية‪،‬‬

‫‪270‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫كذلك الطبقة البروليتارية وجدت في قلب املجتمع الرأسمالي وضد الطبقة الرأسمالية‪ ،‬فتراكم الشكالت‬
‫االجتماعية في املجتمع اإلقطاعي نتج عنه قضاء على الطبقة البورجوازية وعلى النظام اإلقطاعي وجاءت‬
‫بالنظام الرأسمالي‪ ،‬ولا تراكمت الشكالت في املجتمع الرأسمالي قامت الطبقة البروليتارية بالقضاء على‬
‫النظام الرأسمالي‪ ،‬وجاءت بالنظام االشتراكي‪ ،‬أي أن التراكم الكمي (تراكم الشكالت) أدى إلى التغير‬
‫الكيفي أي إقامة نظام جديد بدال من النظام القديم والنظام الجديد قض ى على النظام الذي كان سائدا‬
‫في املجتمع‪ ،‬أي أن الجديد نفى القديم‪ ،‬وهي تجسد للقاعدة الرابعة من قواعد "قوانين التغير"‪(.‬حسين‬
‫عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪)84‬‬
‫وقد تميز الدخل الجدلي عند "ماركس" بعدة مالمح هي‪:‬‬
‫• الطابع السلبي للواقع كنقطة بدأ للمنطق والتفاعل الجدلي عنده هو القوة الدافعة له وهذه السلبية‬
‫هي التي أدت بالعالم االجتماعي إلى ظهور تناقضات املجتمع الطبقي‪.‬‬
‫• تميزت أفكار ماركس بالطابع التاريخي للجدل‪ ،‬فقد تخلى عن الفلسفة لصالح االرتباط بمدخل له‬
‫طابع اجتماعي وتاريخي معا‪ ،‬والطابع التاريخي للجدل يرتبط بشكل تاريخي محدد هو املجتمع الطبقي‪،‬‬
‫وانتقاء املجتمع الطبقي يعني انتقاء الجدل وتوقفه عن كونه إطارا عاما يتحكم في تفاعالت الوجود‪.‬‬
‫• اليزة الثالثة للجدل عند "ماركس" أنه محكوم عليه بالشروط الواقعية للمجتمع من حيث استمرارية‬
‫تفاعله‪ ،‬أو نهاية فاعليته بانهيار املجتمع الرأسمالي‪ ،‬فقد أكد ماركس أن القوانين الجدلية هي قوانين‬
‫ضرورية وأن الصور املختلفة للمجتمع الطبقي تزول بالضرورة من جراء متناقضاتها الداخلية‪.‬‬
‫• ال يهتم النهج الجدلي عند "ماركس" بوصف األشياء كما هي وإنما يهتم بتحليلها وتفسيرها من حركتها‬
‫الدائمة وتداخلها ويرى النهج الجدلي أن الواقع االجتماعي السياس ي يتميز بموضوعية مستقلة تكشف‬
‫عن اتجاهات وتحوالت مترابطة عن إرادة اإلنسان‪.‬‬
‫والنهج الجدلي التاريخي عند "ماركس" يتتبع تطور الظاهرة محددا الظروف التي تقف وراءها‬
‫القوى الفاعلة فيها‪ ،‬فهو يدرس الظاهرة في حالتها التاريخية وزمنها التاريخي ويربطها بالبنية االجتماعية‬
‫السابقة التي أنتجتها‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فليس الهم هو الحالة التي تبدو عليها األشياء في اللحظة‪ ،‬وإنما الهم هو ما ينجم‬
‫عن تغيراتها التي ترجع لتنازع القوى‪ ،‬وهذا النهج التاريخي يزودنا بمنظور تطوري‪ ،‬فاألحداث ليست‬
‫منعزلة أو مستقلة بعضها عن بعض ولكنها مترابطة في سياق زمني محدد‪ ،‬فالنهج الجدلي التاريخي ينظر‬
‫إلى األشياء في ترابطها وعلى أساس أن كل ش يء يؤثر في اآلخر‪( .‬محمد علي محمد وآخرون ‪،‬بون ذكر‬
‫السنة‪ ،‬ص‪-‬ص‪)42-41‬‬
‫وقد اقترح "ماركس" خمس مراحل تعكس تطوير عالقات اإلنتاج في املجتمع البشري‪:‬‬
‫‪ -‬مرحلة اإلنتاج البدائي‪.‬‬
‫‪271‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫‪ -‬مرحلة العبودية‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة اإلقطاع‪.‬‬
‫‪ -‬الرحلة الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ -‬الرحلة االشتراكية‪.‬‬
‫ووفقا للمنهج الادي التاريخي الاركس ي‪ ،‬أن معرفة كل عمليات العالم في حركيتها الذاتية‪ ،‬وفي‬
‫تطورها التلقائي هو معرفتها من حيث وحدة النهجين النمو والزوال‪،‬وهكذا فإن تطور الكون وتطور‬
‫اإلنسانية ال يمكن القيام بهم إال عن طريق الجدل ورغبة ذاتية للتفاعالت العامة بين الضرورة والزوال‬
‫وبين التقدم واالنحطاط‪ ،‬وهذا من نتائج التغير االجتماعي سواء اإليجابية التقدم أو السلبية وهي‬
‫االنحطاط‪.‬‬
‫واألساس الذي بنى ماركس عليه تصوره لتفسير الحركة االجتماعية هي الحتمية االقتصادية‪،‬‬
‫ألن الدوافع الرئيسية للتغير تكمن في األبنية االقتصادية التي تتأثر بعاملين مهمين هما‪:‬‬
‫التطور التكنولوجي أي القوى اإلنتـاجيـة من نـاحيـة والعالقـات السـ ـ ـ ـ ــائـدة بين الطبقـات من نـاحيـة أخرى‬
‫فتحول املجتمع ــات وانتق ــاله ــا من نظ ــام إلى آخر يب ــدأ دائم ــا بتغير في األس ـ ـ ـ ـ ــاس االقتص ـ ـ ـ ـ ــادي والص ـ ـ ـ ـراع‬
‫االقتص ـ ـ ــادي الذي يدور بين طبقات املجتمع‪ ،‬وعليه تس ـ ـ ــير القوانين الرأس ـ ـ ــمالية بض ـ ـ ــرورة محتومة نحو‬
‫نتــائج ال مفر منهــا هي انهيــار املجتمع الرأس ـ ـ ـ ـمــالي بقــدوم الثورة البروليتــاريــة‪ ،‬وهي طبقــة عــاملــة ومنظمــة‬
‫وواعية بذاتها على نطاق عالي‪( .‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪)86‬‬
‫‪ -8-1‬التغير االجتماعي عند "ماكس فيبر"‪:‬‬
‫تكلم "ماكس فيبر" عن التغير االجتماعي في تصوره للحركة االجتماعية على أن النمو االجتماعي‬
‫يسير وفق شكل دائري‪ ،‬أما النمو الثقافي فهو يسير في خط مستقيم فالنمو االجتماعي دائما ما يصل إلى‬
‫نقطة في أثناء تطوره حيث يفقد ما جاء به النظام الجديد ما جذب إليه األفراد الذين إلتفوا حوله‬
‫ودعمو وجوده ليتراجع هو األخر ويصبح قديم‪ ،‬ومن ثم يتولى قائد عملية بناء جديدة‪ ،‬ويستقر النظام‬
‫الجديد حين تتحول تطورية القائد إلى روتين‪ ،‬وبمرور الزمن يفقد النظام الجديد شرعيته‪ ،‬ثم تتاح‬
‫الفرصة لقائد أخر مجدد وهكذا‪ ،‬أما النمو الثقافي فهو يسير في خط مستقيم بمعنى أن الحركة التطورية‬
‫تكون دائما في اتجاه أكثر عقالنية وتوافق محلي‪.‬‬
‫لخص "ماكس فيبر" رأيه في تفسير الحركة االجتماعية بين اتجاهين‪ ،‬األول يرى بأن النمو‬
‫االجتماعي يسير وفق شكل دائري‪ ،‬أما النمو الثقافي فهو يسير في خط مستقيم فالنمو االجتماعي دائما ما‬
‫يصل إلى نقطة في أثناء تطوره حيث يفقد البناء القديم صالبته وقوته‪ ،‬ومن ثم يتولى قائد جديد طرح‬
‫أفكار جديدة كأساس لبناء نظام إجتماعي يتماش ى والظروف الجديدة؛ حيث يستقر هذا النظام الجديد‬
‫لفترة معينة حتى تتحول تطورية القائد األخير إلى روتين فاقد القدرة على التجديد ومواكبة التطور‬

‫‪272‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫االجتماعي ليظهر بذلك من يدعوا إلى نظام وفكر جديد يظهر في شكل نظام اجتماعي مستحدث ال يمكنه‬
‫في كل حال من األحوال أن يخلوا من رواسب األنظمة االجتماعية السابقة في املجتمع‪.‬‬
‫بعد االطالع على أهم األفكار التي جاء بها الفالسفة ورواد علم االجتماع عن موضوع التغير‬
‫االجتماعي نالحظ أنهم أقروا جميعا بهذه الحقيقة االجتماعية التي ال يمكن تجاهلها‪ ،‬فالتغير يحدث في‬
‫كل مكان بمعدالت مختلفة من مكان إلى آخر تتحكم فيه مجموعة من الشروط والعوامل التي يمكن أن‬
‫نرجعها إلى الظروف االجتماعية التي تسود في بيئة اجتماعية خالل فترة معينة‪.‬‬
‫إال أن الطرح الذي جاء به جل هؤالء الفالسفة وعلماء االجتماع حول التغير االجتماعي‪ ،‬اختلف‬
‫في جزئيات أخرى وهناك من رأى بأن التغير االجتماعي هو حتمية اجتماعية واآلخر يرى بأن التغير هو نمو‬
‫أو تطور أو تقدم يظهر في نمط وأسلوب حياة األفراد في مجتمعهم الذي تحكمه عادات وتقاليد وأعراف‬
‫تختلف باختالف املجتمعات وقد كانت هذه األفكار هي الجذور األولى لظهور أنساق ومدارس فكرية تسعى‬
‫لتقديم تفسيرات دقيقة وصادقة عن التغير االجتماعي الذي يمكنه أن يغير طبيعة املجتمعات وتاريخها‬
‫والتنبؤ بمستقبلها وأطلق على هذه االتجاهات واألنساق الفكرية اسم نظريات التغير فيما بعد وأهم هذه‬
‫االتجاهات ما يلي‪:‬‬
‫‪ -2‬االتجاهات النظرية األولى للتغير االجتماعي ‪:‬‬
‫كانت أفكار أفالطون وابن خلدون وأوجست كونت ودوركايم وسبنسر وتونبي وكارل ماركس‬
‫وماكس فيبر هي البدايات األولى لفكر التغير وقد اختلف هؤالء العلماء فيما بينهم في تصورهم لوضوع‬
‫التغير من حيث أسبابه ونتائجه إال أنهم اشتركوا في بناء أهم بنية لفهم حركة املجتمع فهناك من قال إن‬
‫حركة املجتمع تأخذ شكل نمو أو تطور أو تقدم أو أنها تأخذ شكل دائريا وخطيا الهم أن املجتمع يتغير‬
‫وقد تجسدت هذه األفكار فيما بعد في شكل نظريات عرفت بنظريات التغير فمنها‪:‬‬
‫‪ -‬النظرية الدائرية وروادها أفالطون‪ ،‬ابن خلدون‪.‬‬
‫‪ -‬النظرية التطورية وروادها دوركايم‪ ،‬سبنسر‪.‬‬
‫‪ -‬النظرية الخطية وروادها ماكس فيبر‪.‬‬
‫وسوف نتناول محتوى هذه النظريات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1-2‬االتجاه الدائري ‪:‬‬


‫تختلف هذه النظريات عن تلك التي تفسر السيرة التاريخية للشعوب أو تصنف تطورها من‬
‫منطلق أن العالم عبارة عن طاقة تتكرر بشكل دوري وتنتهي بالنقطة التي بدأت منها أي العودة من حيث‬
‫بدأت ونرى أيضا أن التغير التاريخي واالجتماعي ال يتحرك بمفرده أو بخط مستقيم بل على شكل دائرة‬
‫مغلقة‪ ،‬وأن الحياة االجتماعية تتكرر يوميا وأن هناك تشابها بين الحياة االجتماعية وما يلي‪:‬‬

‫‪273‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫هناك دوائر فلكية متعاقبة ومتواترة مثل الليل والنهار‪ ،‬والعمل والنوم وفصول السنة األربعة‬ ‫‪-‬‬
‫التي تنظم الزراعة والعمل‪.‬‬
‫هناك دوائر بيولوجية‪ :‬حياتية تتشابه مع دورة الحياة االجتماعية مثل الوالدة‪ ،‬الطفولة‬ ‫‪-‬‬
‫والشباب النضج‪ ،‬الشيخوخة والوفاة والحياة االجتماعية تمر بهذه الراحل أيضا‪.‬‬
‫هناك دوائر اجتماعية واقتصادية وسياسية‪ ،‬التي يتزامن وجودها مع وجود حكومات تولد‬ ‫‪-‬‬
‫وتعيش ثم تزول‪ ،‬وأن فترات الرخاء تأتي بعد األزمات االجتماعية والحروب‪.‬‬
‫هناك مستويات للحياة االجتماعية منها ما هي قريبة الدى ومنها ما هو بعيد الدى‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفي هذا السياق قال الؤرخ األلاني "شبنجلر" أن املجتمعات تتغير كما يتغير اإلنسان من حيث كونه‬
‫يولد وينمو بسرعة ليصل إلى النضج الكامل والذي يسميه بالعصر الذهبي ثم يشيخ ويموت وقد طبق‬
‫"شبنجلر" هذا النموذج على الدينة الغربية‪.‬‬
‫[الوت بالنسبة لدورة الحياة ليس هو نقطة البداية التي تمثل لحظة اليالد] ومن أشهر رواد هذا االتجاه‬
‫نجد كل من "ابن خلدون"‪" ،‬أرنولد توينبي" "بتيريم سوركبن" فيكو"‪(.‬معن خليل العمر ‪ ،2004،‬ص ‪)227‬‬
‫‪ -2-2‬االتجاه التطوري‪:‬‬
‫ترجع أصول الفكر التطوري إلى علم البيولوجيا وإلى األفكار التطورية التي جاء بها "داروين" في‬
‫كتابه أصل األنواع حيث جسدت نظريات التطور التي ظهرت خالل القرن الثامن عشر والتاسع عشر‬
‫تصورات عامة للمجتمع والثقافة واقترحت نموذج يوضح سلسلة من الراحل التطورية التي تنتقل عبرها‬
‫الشعوب من مرحلة إلى أخرى‪ ،‬فقد اعتقد بعض الفكرين التطوريين أن الرحلة األولى من مراحل‬
‫البشرية كانت مرحلة راقية لم تلبث أن انتكست ولحقها التدهور والفساد وكانت هذه األفكار امتدادا‬
‫للفكر الصيني في القرن السادس قبل اليالد والفكر الهندي القديم الذي كان ينظر إلى التغير على أنه نوع‬
‫من التدهور واالنحطاط والتأخر من حالة الكمال على اعتبار أن اإلنسان كان يعيش حين خلق في حالة‬
‫من السيادة الكاملة ثم لم يلبث أن بدأ يطغى على تلك الحياة السعيدة الراقية‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فإن التغير قد أخذ مسارا مستقيما لكل املجتمعات البشرية نظرا لتشابه الجنس‬
‫البشري من حيث البنية الفكرية النفسية‪ ،‬فاملجتمعات تطورت على مراحل متتالية من الشكل البسيط‬
‫إلى األشكال األكثر تعقيدا في خط مستقيم من التطور عبر الراحل التعاقبة وكانت هذه الراحل متشابهة‬
‫في كل العالم‪ ،‬وتؤكد هذه النظريات أن كل مرحلة تكون أفضل من سابقتها‪.‬‬
‫وقد سيطرت فكرة وتطور الحضارة على هذا االتجاه بين الدول القديمة إلى الدول التقدمة‬
‫حيث مر اإلنسان من حيث تقدم النبى االقتصادي عبر الراحل الحضارية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الرحلة الوحشية‪.‬‬
‫‪ -‬الرحلة البربرية‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫‪ -‬الحضارة‪ :‬وتتمثل في اختراع الكتابة الضوئية‪ ،‬وبداية الثقافة األوروبية‪.‬‬


‫تطورت نظم الزواج في هذه الراحل‪:‬‬
‫‪ -‬الشيوعية الجنسية‪.‬‬
‫‪ -‬الزواج الجماعي‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد األزواج‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد الزوجات‪.‬‬
‫‪ -‬وحدانية الزوج والزوجة‪ ،‬وهو دليل على تطور نمط الحياة االجتماعية وانتقالها من مرحلة‬
‫الوحشية والبربرية إلى مرحلة التحضر االجتماعي‪ ،‬وبالقابل تطور نظام األسرة عبر هذه الراحل‪.‬‬
‫‪ -‬مرحلة الشيوعية الجنسية (ممارسة الجنس بدون تحديد)‪.‬‬
‫‪ -‬وجود نوع من األسرة يقوم على رابطة الدم والزواج الجماعي‪.‬‬
‫‪ -‬العشائر األمومية‪.‬‬
‫‪ -‬العشائر األبوية‪.‬‬
‫‪ -‬األسرة الوحدانية الكونة من زوج واحد وزوجة واحدة‪ ،‬كما تطورت العتقدات الدينية على‬
‫مراحل ثالث‪:‬‬
‫أ‪ -‬مرحلة العبادات الحيوانية‪.‬‬
‫ب‪ -‬مرحلة تعدد اآللهة‪.‬‬
‫مرحلة وجدانية اآللهة‪( .‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪-‬ص‪)50-49‬‬
‫إذا نستنتج من خالل ترتيب هذه الراحل ترتيبا تاريخيا مراحل تطور الفكر اإلنساني الذي تأثر‬
‫وأثر في ظهور أنماط اجتماعية جديدة تعكس مدى التغير الذي مس جل مستويات الحياة االقتصادية‬
‫والثقافية والعقائدية‪...‬الخ‪.‬‬
‫وأهم رواد هذه االتجاه الفكري نجد كل من "أوجست كونت" "كارل ماركس"‪" ،‬هربرت سبنسو"‬
‫"فرديناند تونيز"‪" ،‬إميل دوركايم"‪" ،‬ماكس فيبر"‪" ،‬تالكوت بارسونر"‪( .‬معن خليل العمر ‪ ،2004،‬ص‬
‫‪)223‬‬
‫‪ -3-2‬االتجاه االنتشاري ‪:‬‬
‫اتخذ الفكر االنتشاري الجغرافيا كنطاق عمل واسع وأسلوب مالئم‪ ،‬وعلى هذا األساس اقترحت‬
‫االنتشارية خرائط توزع عليها الثقافات وسماتها وانتشارها من مكان إلى آخر بقدرة واقعية وإمبريقية‬
‫ملموسة‪( .‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪)59‬‬
‫ويقوم هذا االتجاه الفكري على مسلمة أساسية مفادها أن الدول الصناعية الرأسمالية‬
‫التقدمة تمثل بالنسبة للدول النامية أمل أو صورة الستقبل التي ينبغي أن تحتدى وذلك عن طريق نقل‬
‫‪275‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫العناصر الثقافية (الادية والروحية) من التقدمة إلى التخلفة ونشرها فيها‪(،‬محمد أحمد الزعبي ‪،1991،‬‬
‫ص ‪ )198‬على افتراض أن االتصال بين الشعوب املختلفة قد نتج عنه احتكاك ثقافي وعملية استعارة‬
‫وانتشار ونقل بعض أو كل السمات الثقافية بمالمحها العنوية والادية‪ ،‬أي العادات والعرف والتقاليد‬
‫وغيرها من الظاهر الثقافية التي تشمل طرائق السلوك وتصرفات الناس وأفعالهم في حياتهم اليومية‬
‫كما تشمل الوسائل الادية التي يعتمد عليها الناس في حياتهم اليومية وتختلف من مجتمع إلى آخر‪.‬‬
‫إال أن هذا االنتقال الثقافي ال يكون علمي بل يكون دائما مختبرا إلى سمات التي ليس بينها أي‬
‫رابطة أو تساند بنائي أو تفاعل وظيفي الذي قد ينتج عنه هوة ثقافية بين هذه املجتمعات أي أخذ ما‬
‫هو ظاهر من الثقافة التي ال تتماش ى والواقع االجتماعي للمجتمع الستقبل أو التغير لهذه الثقافة‪.‬‬
‫وقد بدأت فكرة انتشار السمات الثقافية أو التحديدات أو النظم واألفكار من مجتمع إلى آخر‬
‫نتيجة للغزو األوروبي للمجتمعات القديمة‪ ،‬فقد كان االنتشار عن طريق االتصال الثقافي وهو مؤثر خارجي‬
‫يؤدي إلى تغيرات عديدة في هذه املجتمعات البدائية ونتيجة احتكاك الحضارات القديمة‪ ،‬وقد يكون‬
‫التأخير واضح وبالدرجة األولى في املجتمعات القريبة فيزيقيا من حيث املجال الجغرافي لتنتقل فيها بعد‬
‫إلى املجتمعات األبعد ألن احتكاكها بالنبع األصلي يكون أضعف بالقارنة مع املجتمعات األقرب إلى منبع‬
‫التأثير‪.‬‬
‫ومن أشهر رواد هذا االتجاه نجد كل من "راتزل"‪" ،‬شورتز"‪" ،‬ليوفروبينوس"‪" ،‬آليوت سميث"‬
‫"وليام بيرى"‪(.‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪-‬ص‪)67-59‬‬
‫‪ -4-2‬االتجاه الحتمي(الثقافي واالجتماعي)‪:‬‬
‫ظهر لفظ "الحتمية" في الفلسفة األلانية في النصف األول من القرن التاسع عشر‪ ،‬والقصود‬
‫بها جملة الشروط النسقية التي تعين حدوث ظاهرة من الظواهر‪ ،‬فالحتمية وفق هذا الطرح مرتبطة‬
‫بمفهوم "السببية" بل أن السببية جزءا من الحتمية‪ ،‬فتسخين الاء إلى درجة معنية سوف يحوله الاء‬
‫"حتما" إلى بخار‪ ،‬وذلك في كل مرة نسخن فيها هذا الاء‪ ،‬أي أن الترابط بين النتيجة (عملية التبخر)‬
‫والسبب "درجة الحرارة العينة" تأخذ شكل "حتمية"‪ ،‬ثابتة لها صفة القانون‪ ،‬أما "القانونية" فهي تعبر‬
‫عن انتظام الظواهر وتواليها التكرر (تعاقب الفصول توالى الليل والنهار‪( .‬محمد أحمد الزعبي ‪،1991،‬‬
‫ص ‪)97‬‬
‫‪ -1-4-2‬االتجاه الثقافي ‪:‬‬
‫ومن أنصار هذا االتجاه من يعتقد أن الثقافة هي املحرك األول للتغير االجتماعي‪ ،‬ألن املجتمع‬
‫هو نتاج أخرجته أجزاء الثقافة املختلفة مثل العادات التقاليد‪ ،‬العرف‪ ،‬النظم االجتماعية‪ ،‬وكذلك‬
‫العناصر الثقافية الادية‪ ،‬أن الثقافة تتغير عن طريق تجمع العناصر أو الكونات‪ ،‬وقد تفقد بعض‬
‫العناصر القديمة أثناء عملية التغير‪ ،‬كما يمكن أن تستمر العناصر القديمة وتعيش مع العناصر الجديدة‬

‫‪276‬‬
‫التغير االجتماعي عند رواد علم االجتماع‬

‫للثقافة بصورة تختلف أو تتغير فيها أنماط السيادة تعتمده العناصر والتساند فيما بينها بين ما هو قديم‬
‫أو جديد‪.‬‬
‫ومثال على ذلك أن استخدمت أسرة عاملة في الزراعة جرار أو غسالة كهربائية أو الوقد‬
‫البترولي‪ ،‬فإنها بذلك تكون قد استعارت سمات ثقافية جديدة ولكنها توضع جنبا إلى جنب مع العناصر‬
‫األخرى التي كانت موجودة من قبل‪.‬‬
‫وقد تأتي الثقافة من داخل املجتمع كما في عمليتي االقتراع واالكتشاف‪( .‬حسين عبد الحميد‬
‫أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪)125‬‬
‫‪ -2-4-2‬االتجاه االجتماعي ‪:‬‬
‫ويرى أصحاب هذا االتجاه أن التغير االجتماعي يحدث نتيجة التعديل والذي يقع في العائلة‬
‫والجماعات اإلنسانية‪ ،‬حيث تؤدي التغيرات التي تتم في الجماعات اإلنسانية إلى تغيرات في السلوك‬
‫التوقع للجماعة والنماذج االجتماعية السائدة في هذه البنية فما تفرضه من قواعد ومقاييس جديدة‪،‬‬
‫وهناك أربع أنواع للتغيرات في الحياة االجتماعية للجماعات تؤدي إلى تغير اجتماعي هي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬التغير في الكثافة السكانية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬التغيرات التي تحدث في الهرم السكاني من حيث الجنس والعمر‪( .‬دالل ملحس استينية‬
‫‪ ،2004،‬ص‪)133‬‬
‫ثالثا‪ -‬التغيرات التي تحدث في عدة أنواع وحدات الجماعة‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬ظهور نماذج جديدة من الجماعات واختفاء نماذج قديمة‪.‬‬
‫حيث ينتج عن هذه التغيرات التي تحدث على مستوى طبيعة الجماعات من حيث بنائها‬
‫واحتياجاتها إلى تغيرات اجتماعية توافقية عن طريق تغير السلوك الجماعي الذي كان يهدف إلى تلبية‬
‫الحاجات‪ ،‬ذلك أن حاجات األسرة الحضرية الصغيرة أو النعزلة تختلف أساسا عن حاجات األسرة‬
‫الكبيرة الكتفية بذاتها‪ ،‬كذلك يمكن لألسرة الريفية أن تقوم بعدة وظائف تعجز عنها األسرة الحضرية‬
‫يضاف إلى ذلك تغيرات التوقعات االجتماعية بتغير عدد ونموذج وحجم وتعقد البناء االجتماعي‪( .‬حسين‬
‫عبد الحميد أحمد رشوان ‪ ،2008،‬ص‪)133‬‬
‫• الخاتمة‪:‬‬
‫كانت هذه أهم التصورات واالتجاهات التي تهدف إلى تقديم تفسير لحركة املجتمع وتغيراته‪ ،‬إال‬
‫أنها كانت تتميز بنوع من السطحية في إعطاء تفسيرات دقيقة للتغير االجتماعي‪ ،‬مما أدى إلى توجيه عدة‬
‫انتقادات إليها نتج عنها ظهور نظريات جديدة لتفسير التغير االجتماعي‪ .‬وأبرزها ما جاء عن الدرسة‬
‫النقدية بتقديم بدائل لتفسير الحراك االجتماعي من خالل مداخل نظرية كبرى‪.‬‬
‫الراجع‪:‬‬
‫‪ -01‬أحمد زايد‪ .)2011( .‬التغير االجتماعي‪ .‬الطبعة‪ 02‬القاهرة‪ .‬مصر‪ .‬مكتبة األنجلو مصرية‪.‬‬
‫‪277‬‬
‫د‪ .‬عمر بوسكرة‬

‫‪ -02‬أحمد زايد‪ ،‬اعتماد عالم‪ .)2006( .‬التغير االجتماعي‪ .‬الطبعة‪ .02‬القاهرة‪ .‬مصر‪ .‬مكتبة األنجلو الصرية‪.‬‬
‫‪ -03‬الـدقس محمـد‪ .)1996( .‬التغير االجتمـاعي بين النظريـة والتطبيق‪ .‬الطبعـة ‪ .02‬عمـان‪ .‬األردن‪ .‬دار مجـدالوي للنش ـ ـ ـ ــر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -04‬دالل ملحس استينية‪ .)2004(.‬التغير االجتماعي والثقافي‪ .‬الطبعة ‪ .01‬عمان‪ .‬األردن‪ .‬دار وائل للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -05‬حسين عبد الحميد أحمد رشوان‪ .)2008( .‬التغير االجتماعي واملجتمع‪ .‬بدون ذكر البلد‪ .‬الكتب الجامعي الحديث‪.‬‬
‫‪ -06‬حنان محمد عبد املجيد‪ .)2011( .‬التغير االجتماعي في الفكر االسـ ـ ـ ــالمي الحديث دراسـ ـ ـ ــة تحليلية نقدية‪ .‬الطبعة‪.01‬‬
‫هرندن‪ .‬فرجينيا‪ .‬الواليات التحدة األمريكية‪ .‬العهد العالي للفكر اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -07‬محمد أحمد الزعبي‪ .)1991( .‬التغير االجتماعي بين علم االجتماع البورجوازي وعلم االقتصـاد الاركسـ ي‪ .‬الطبعة ‪.01‬‬
‫بيروت‪ .‬لبنان‪ .‬الؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -08‬محمد علي محمد وآخرون‪( .‬بدون س ــنة)‪ .‬دراســات في التغير االجتماعي (ســلســلة علم االجتماع العاصــر)‪ .‬الطبعة‪.12‬‬
‫اإلسكندرية‪ .‬مصر‪ .‬دار الكتب الجامعية‪.‬‬
‫‪ -09‬معن خليل العمر‪ .)2004( .‬التغير االجتماعي‪ .‬الطبعة‪ .01‬عمان األردن‪ .‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -10‬عبد الباسط محمد حسن‪ .)1982( .‬علم االجتماع‪-‬الدخل‪ .‬القاهرة‪ .‬مصر‪ .‬مكتب غريب‪.‬‬
‫‪ -11‬نيقوال تماش ــيف‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد عودة وآخرون‪ .)1983( .‬نظرية علم االجتماع طبيعتها وتطورها‪ .‬الطبعة‪ .08‬القاهرة‪.‬‬
‫مصر‪ .‬مؤسسة العارف للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -12‬منير قنــدوز‪ .)2017( .‬التغيرات االجتمـاعيـة واالقتصـ ـ ـ ـ ــاديـة وانعكـاس ـ ـ ـ ــاتهـا على قيم العمـل‪ .‬مجلــة العلوم االجتمــاعيــة‬
‫واإلنسانية‪ .‬العدد‪.13‬الصفحة‪.‬‬

‫‪278‬‬

You might also like