You are on page 1of 22

‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على خاتم النبيين محمد ‪‬‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد‬
‫أن محمدً ا عبده ورسوله ‪.‬‬
‫إننا نحمد اهلل ‪ ‬على نعمة اإلسالم وعلى نعمة الصحة واألمان‪ ،‬وأسأل اهلل ‪‬‬
‫أن يرزق الجميع اإلخالص يف القول والعمل‪ ،‬كما أسأله ‪ ‬أن يجعل ذلك يف موازين‬
‫أعمالنا يوم القيامة‪.‬‬

‫هذه المحاضرة بعنوان‪( :‬آداب الصحبة)‪ ،‬وهي يف ليلة السبت التاسع عشر من‬
‫الشهر المحرم عام ثالث وأربعين بعد األربعمائة وألف‪ ،‬الموافق الثامن والعشرين‬
‫من شهر ثمانية عام واحد وعشرين بعد األلفين‪( ،‬آداب الصحبة) وال شك أن‬
‫المجتمع المسلم بحاجة ماسة إلى سلوك األدب‪ ،‬إلى تحقيق هذه اآلداب اإلسالمية‬
‫بين األفراد‪ ،‬إذا اتصف الناس بمراعاة هذه اآلداب بينهم حصل االطمئنان واألمن‬
‫بينهم‪ ،‬فحقوقهم مكفولة وسمعتهم محرتمة ومكانتهم محفوظة؛ فيطمئن الناس‬
‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫على أنفسهم‪ ،‬واألدب مهم جدً ا للفرد وللمجتمع‪ ،‬فال بد من أن يعامل كل‬
‫بما يليق به‪ ،‬فهناك آداب التعامل مع الوالدين وآداب مع األرحام وآداب مع الجار‬
‫المسلم وآداب مع والة األمور وآداب مع العلماء وآداب مع الضيف وآداب لألكل‬

‫‪5‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫والشرب والسفر والنوم وغيرها‪ ،‬كما أن هناك آدا ًبا للصحبة وآدابًا لمعاشرة اإلخوان‬
‫والصحبة‪ ،‬ومن حقوق الخلق أن ال يفرط المسلم يف القيام بحقوقهم‪ ،‬كذلك يقول‬
‫ابن القيم ‪« :‬األدب مع الخلق ومعاملتهم بما يليق بهم على اختالف مراتبهم‪ ،‬فلكل‬
‫[[[‬
‫مرتبة أدب والمراتب فيها آداب خاصة وآداب عامة» ‪ ،‬فمن اآلداب الخاصة آداب‬‫ٍ‬

‫الصحبة وآداب معاشرة الصحبة واإلخوان‪.‬‬

‫نتكلم يف هذه المحاضرة عن آداب الصحبة ألهمية اختيار الرفيق والجليس‬


‫«الر ُج ُل على‬
‫صح عن النبي ‪ ‬أنه قال‪َّ :‬‬
‫وألثر الرفيق والجليس على صاحبه‪َّ ،‬‬
‫أحدُ كم َمن يخالِ ُل» ‪ ،‬فاإلنسان على عادة صاحبه على طريقته‬ ‫ِِ‬ ‫ِد ِ‬
‫[[[‬
‫ين خليله؛ فلين ُظ ْر َ‬
‫وسيرته‪ ،‬فليتأمل ويتدبر من يخالل‪ ،‬فمن رضي دينه وخلقه َخا َل َلـ ُه‪ ،‬و َمن َل تجنبه‪ ،‬فإن‬
‫أيضا روى أبو سعيد الخدري ‪ ‬أن النبي ‪‬‬
‫سراق كما قال العلماء‪ ،‬هكذا ً‬
‫الطبع َّ‬
‫ك ّإل ت َِق ٌّي» ‪ ،‬وهذا حديث رواه أحمد‬ ‫ُصاحب ّإل م ِ‬
‫قال‪« :‬ال ت ِ‬
‫[[[‬
‫طعام َ‬
‫َ‬ ‫ؤمنًا‪ ،‬وال َيأك ُْل‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫والرتمذي وأبو داوود‪ ،‬وقال األلباين‪ :‬حديث حسن‪ ،‬كما يف صحيح سنن أبي داوود‬
‫ُصاحب ّإل م ِ‬
‫ؤمنًا»‪ ،‬فالنهي يف المصاحبة يشمل النهي عن مصاحبة‬ ‫(‪« ،)4832‬ال ت ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫أهل الكبائر والفجور؛ ألهنم ارتكبوا ما حرم اهلل ‪ ،‬وألن مصاحبتهم تضر بالدين‬
‫وبالخلق‪ ،‬فإذا كان النهي عن مصاحبة أهل الكبائر والفجور؛ فالنهي عن مصاحبة‬
‫المشركين والمنافقين من باب أولى‪ ،‬يقول الخطابي ‪ ‬يف شرحه لهذا الحديث ‪-‬كما‬
‫ذكر ذلك صاحب عون المعبود يف شرح سنن أبي داوود يف المجلد السابع‪ -‬قال‬

‫[[[ مدارج السالكين (‪.)368/2‬‬


‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)٤٨٣٣‬والرتمذي(‪،) ٢٣٧٨‬وأحمد (‪.) ٨٣٩٨‬‬
‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)٤٨٣٢‬والرتمذي (‪ ،)٢٣٩٥‬وأحمد (‪.)١١٣٥٥‬‬

‫‪6‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫الخطابي‪« :‬معلوم أن النبي ‪ ‬إنما َّ‬


‫حذر من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته‬

‫ومؤاكلته فإن المطاعمة توقع األلفة والمودة يف القلوب ‪-‬يشير إلى الحديث الذي‬

‫ك ّإل ت َِق ٌّي»‪ -‬قال‪ :‬إنما جاء هذا يف‬


‫طعام َ‬
‫َ‬
‫ُصاحب ّإل م ِ‬
‫ؤمنًا‪ ،‬وال َيأك ُْل‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ذكرناه‪« :‬ال ت ِ‬

‫طعام الدعوة دون طعام الحاجة والمعلوم أن النبي ‪ ‬حذر من صحبة من ليس بتقي‬
‫[[[‬
‫وزجر عن مخالطته ومؤاكلته» ‪.‬‬

‫مضر ُته متحققة‬


‫إ ًذا هذه مقدمة ال بد منها‪ ،‬والمعلوم أن رفيق السوء وجليس السوء َّ‬
‫التحرز‪ ،‬فال تصاحب إال مؤمنًا‪ ،‬والنبي ‪ ‬بين ذلك‬
‫ُّ‬ ‫ال محالة مهما كانت وسائل‬

‫الصالِحِ‬
‫يس ّ‬‫الج ِل ِ‬
‫«م َث ُل َ‬
‫كما يف حديث أبي موسى األشعري ‪ ‬قال‪ :‬قال النبي ‪َ :‬‬
‫ك ونافِخِ الكِيرِ» فم ّثل النبي ‪ ‬الجليس الصالح كحامل‬
‫المس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[[[‬
‫والس ْوء‪ ،‬كَحام ِل ْ‬
‫َّ‬
‫أن ُي ْح ِذ َي َ‬ ‫المس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[[[‬
‫ك»‬ ‫ك‪ّ :‬إما ْ‬ ‫المسك والجليس السوء كنافخ الكير‪ ،‬قال‪َ « :‬فحام ُل ْ‬
‫[[[‬
‫«وإما‬
‫تاع منه» تشرتي منه المسك‪ّ ،‬‬
‫أن َت ْب َ‬
‫«وإما ْ‬
‫يعطيك إما أن يعطيك من المسك ّ‬
‫أن ت ِ‬
‫َجدَ ِر ً‬ ‫أن ُي ْحرِ َق ثِيا َب َ‬
‫يحا َط ِّي َبةً‪ ،‬ونافِ ُخ الكِيرِ‪ّ :‬إما ْ‬ ‫أن ت ِ‬
‫َجدَ منه ِر ً‬
‫[[[‬
‫يحا َخبِي َثةً»‬ ‫وإما ْ‬
‫ك‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫هذا حديث يف الصحيحين يف البخاري (‪ ،)5534‬إ ًذا ال بد من العناية باختيار الرفيق‬

‫صالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫والجليس‪ ،‬ال ُبدَّ أن يكون الصاحب‬

‫[[[ عون المعبود شرح سنن أبي داود‪ ،‬ومعه حاشية ابن القيم (‪ )123/13‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪-‬‬
‫بيروت‪ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٥٥٣٤‬ومسلم (‪.)٢٦٢٨‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٥٥٣٤‬ومسلم (‪.)٢٦٢٨‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٥٥٣٤‬ومسلم (‪.)٢٦٢٨‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٥٥٣٤‬ومسلم (‪.)٢٦٢٨‬‬

‫‪7‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫األدب األول من آداب الصحبة‪ :‬المحبة يف اهلل‪ ،‬المحبة يف اهلل أعظم مقامات‬ ‫۞‬
‫األخوة‪ ،‬أن تكون هذه األُ َّ‬
‫خوة وهذه الصحبة يف اهلل وهلل‪ ،‬ال لمصلحة دنيوية ال‬ ‫َّ‬
‫لتحصيل منفعة عاجلة أو آجلة‪ ،‬ال من أجل كسب مادي‪ ،‬أن تكون هذه الصحبة تؤدي‬
‫وأخوته يف اهلل فقد بلغ الغاية‪ ،‬وليحذر‬
‫ّ‬ ‫إلى المحبة يف اهلل ‪ ،‬ومن كانت محبته يف اهلل‬
‫أن يشوهبا شيء من حظوظ الدنيا فيفسدها‪ ،‬ومن كانت محبته يف اهلل فليبشر بموعود‬
‫اهلل ونجاته من هول الموقف يوم القيامة‪ ،‬فليبشر بدخوله يف ظل عرش الجبار» ‪،‬‬
‫ِ‬
‫القيامة‪:‬‬ ‫«إن اهللَ ‪ُ ‬‬
‫يقول يو َم‬ ‫فقد روى أبو هريرة ‪ ‬أنه قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪َّ ‬‬
‫بجاللي؟ اليو َم ُأظِ ُّلهم يف ظِ ِّلي يو َم ال ظِ َّل ّإل ظِ ِّلي» ‪ ،‬هذا حديث‬
‫[[[‬
‫المتحا ُّبون َ‬
‫أين ُ‬
‫أيضا‬
‫أيضا‪ ،‬ويف صحيح مسلم (‪ ،)2566‬وهكذا ً‬
‫رواه أحمد ومسلم ومالك يف الموطأ ً‬
‫عن معاذ بن جبل ‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪« :‬قال اهللُ ‪ ‬وجبت محبتي‬
‫[[[‬
‫للمتحا ِّبين يفَّ والمتجالسين يفَّ والمتزاورين يفَّ والمتباذلين يفَّ» ‪ ،‬هذا الحديث رواه‬
‫أيضا يف الموطأ‪.‬‬
‫أحمد يف المسند ومالك ً‬

‫أخا له يف َق ْر َي ٍة ُأ ْخرى‪،‬‬
‫زار ً‬
‫«أن َر ُج ًل َ‬
‫أيضا عن أبي هريرة ‪ ‬عن النبي ‪َّ ‬‬
‫كذلك ً‬
‫قال‪ُ :‬أ ِريدُ ً‬
‫أخا لي‬ ‫فأر َصدَ اهَّللُ له‪ ،‬على َمدْ َر َجتِ ِه‪َ ،‬م َلكًا َف َل ّما أتى عليه‪َ ،‬‬
‫قال‪ْ :‬أي َن ُترِيدُ ؟ َ‬ ‫ْ‬
‫لك عليه ِمن نِ ْع َم ٍة ت َُر ُّبها؟ ‪-‬أي تحفظها وتراعيها وتربيها كما‬ ‫هل َ‬ ‫هذه ال َق ْر َي ِة‪َ ،‬‬
‫قال‪ْ :‬‬ ‫يف ِ‬

‫قال ‪-‬أي الملك‪ :-‬فإنِّي َر ُ‬


‫سول‬ ‫أح َب ْب ُت ُه يف اهلل ِ ‪َ ،‬‬
‫غير أنِّي ْ‬
‫قال‪ :‬ال‪َ ،‬‬ ‫يربي الرجل ولده‪َ -‬‬

‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٢٥٦٦‬وأحمد (‪ )٨٨٣٢‬واللفظ له‪.‬‬


‫[[[ أخرجه أحمد (‪ ،)٢٢٠٣٠‬ومالك يف «الموطأ» (‪ )٩٥٣/٢‬واللفظ له‪ ،‬والطرباين (‪.)١٥٠( )٨٠/٢٠‬‬

‫‪8‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫أح َب ْب َت ُه فِ ِيه» الحديث رواه أحمد ورواه مسلم ً‬ ‫اهلل ِ إ َل ْي َ‬


‫[[[‬
‫أيضا‬ ‫أح َّب َ‬
‫ك كما ْ‬ ‫بأن اهَّللَ قدْ َ‬
‫ك‪َّ ،‬‬
‫يف الصحيح‪ ،‬يف صحيح مسلم (‪)2567‬؛ إ ًذا من آداب الصحبة ً‬
‫أول أن تؤدي هذه‬
‫الصحبة إلى المحبة يف اهلل ‪ ‬تقوى هذه المحبة‪ ،‬فأعظم مقامات األخوة والصحبة‬
‫أن تكون يف اهلل ‪ ‬هذا أدب مهم‪.‬‬

‫األدب الثاين من آداب الصحبة‪ :‬البشاشة واللين والتودد لألصحاب‪ ،‬وأقل‬ ‫۞‬
‫ما يتلقى به األخ المسلم صاحبه أن يتلقاه بوجه طلق‪ ،‬أن يهش ويبش يف وجهه كلما‬
‫القاه أو رآه هذا من المعروف‪ ،‬واألدب الذي ينبغي أن يكون بين المسلم وأخيه بين‬
‫ِ‬
‫عروف شيئًا‪،‬‬ ‫الم‬ ‫ِ ِ‬
‫الصاحب وصاحبه‪ ،‬قال أبو ذر ‪ :‬قال لي النبي ‪« ‬ال ت َْحق َر َّن م َن َ‬
‫أخاك َبو ْج ٍه َط ْل ٍق» ‪ ،‬حديث رواه مسلم والرتمذي‪ ،‬وهو يف صحيح‬
‫[[[‬
‫َ‬ ‫أن َت ْلقى‬
‫ولو ْ‬
‫ِ‬
‫المعروف‬ ‫ٍ‬
‫معروف صدق ٌة وإن من‬ ‫مسلم (‪ ،)2626‬وجاء يف رواية جابر قوله ‪ُّ ‬‬
‫«كل‬
‫[[[‬ ‫ٍ‬
‫بوجه َط ْل ٍق» ‪ ،‬هذا الحديث رواه ً‬
‫أيضا أحمد ورواه الرتمذي‪ ،‬اللين‬ ‫أن َت ْلقى أخاك‬
‫والرفق والتودد وما يقوي روابط الصحبة بين المسلمين‪ ،‬يعمق الصلة بينهم فاهلل‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫«إن اهَّللَ َرف ٌيق ُيح ُّ‬
‫رفيق يحب الرفق‪ ،‬يحب الرفق يف األمر كله كما جاء يف الصحيحين‪َّ :‬‬
‫ْف‪ ،‬وما ال ُي ْعطِي على ما ِسوا ُه» ‪ ،‬وهذا‬ ‫الر ْف َق‪ ،‬ويعطِي على الر ْف ِق ما ال يعطِي على العن ِ‬
‫[[[‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُْ‬ ‫ِّ‬
‫الحديث رواه مسلم يف صحيحه (‪ ،)2593‬ما دام ذلك كذلك فاإلخوان واألصحاب‬
‫أحرى وأولى أن يرفق بعضهم ببعض‪ ،‬أن يلين بعضهم لبعض‪ .‬اللين والرفق والتودد‬

‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٢٥٦٧‬وأحمد (‪ )٩٩٥٨‬واللفظ له‪.‬‬


‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٢٦٢٦‬والرتمذي (‪.)١٨٣٣‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ )٦٠٢١‬مختصر ًا‪ ،‬والرتمذي (‪ ،)١٩٧٠‬وأحمد (‪ )١٤٨٧٧‬واللفظ لهما‪.‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٦٩٢٧‬ومسلم (‪.)٢٥٩٣‬‬

‫‪9‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫قريب ِمن‬
‫ٍ‬ ‫كل ه ِّي ٍن ل ِّي ٍن َس ٍ‬
‫هل‬ ‫«ح ِّر َم على الن ِ‬
‫ّار ُّ‬ ‫من آداب الصحبة‪ ،‬قال رسول اهلل ‪ُ ‬‬
‫[[[‬
‫الن ِ‬
‫ّاس» ‪ ،‬رواه أحمد والرتمذي حديث حسن بشواهده‪.‬‬

‫من األمور التي تعين على استدامة المحبة بين األصحاب وتعين على إزالة‬
‫الشحناء من القلوب التهادي بين اإلخوان الهدية‪ ،‬فقد روى مالك يف موطأه أن رسول‬
‫[[[‬
‫وتذهب الشحنا ُء» ‪ ،‬إ ًذا من‬
‫ُ‬ ‫يذهب ُّ‬
‫الغل وتهادوا تحابوا‬ ‫ُ‬ ‫اهلل ‪ ‬قال‪« :‬تصافحوا‬
‫آداب الصحبة البشاشة واللين والرفق والتودد بين األصحاب‪.‬‬

‫أيضا من آداب الصحبة بذل النصيحة‪ :‬النصحية مطلب شرعي رغب فيه‬
‫ً‬ ‫۞‬
‫الشارع‪ ،‬النصيحة من األمور التي كان النبي ‪ ‬يبايع عليها أصحابه‪ ،‬كما قال جرير‬
‫وإيتاء الز ِ‬
‫َّكاة‪ ،‬والن ُّْصحِ‬ ‫ِ‬ ‫سول اهَّلل ِ ‪ ‬على إقا ِم الص ِ‬
‫الة‪،‬‬ ‫ت َر َ‬
‫باي ْع ُ‬
‫َّ‬ ‫بن عبد اهلل ‪َ « :‬‬
‫لِك ُِّل ُم ْس ِلمٍ» ‪ ،‬والحديث متفق عليه‪ ،‬والنبي ‪ ‬يف هذا الحديث قرن بين الصالة‬
‫[[[‬

‫والزكاة وبين النصح لكل مسلم؛ ليدلنا على عظم شأن النصيحة‪ ،‬وعلى علو منزلة‬
‫النصيحة بين األصحاب‪ ،‬فمن آداب الصحبة بذل النصيحة‪ ،‬والنصيحة من الدين‪،‬‬
‫رسول اهللِ؟ قال‪ :‬هلل ِ ولكتابِه ولرسولِه‬
‫َ‬ ‫لمن يا‬
‫«الدين النصيحةُ‪ .‬قالوا‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫وقال النبي ‪‬‬
‫وعامتِهم» ‪ ،‬حديث رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داوود قال‬ ‫ِ‬
‫[[[‬
‫وألئمة المسلمين َّ‬
‫ابن الجوزي‪« :‬اعلم أن النصيحة هلل ‪ ‬المناضلة عن دينه والمدافعة عن اإلشراك‬
‫به وإن كان غن ًيا عن ذلك لكن نفعه عائد على العبد كذلك النصح لكتابه الذب عنه‬

‫[[[ أخرجه الرتمذي (‪ ،)٢٤٨٨‬وأحمد (‪ )٣٩٣٨‬واللفظ له‪.‬‬


‫[[[ أخرجه مالك يف «الموطأ» (‪.)٩٠٨/٢‬‬
‫[[[ صحيح البخاري (‪.)57‬‬
‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٥٥‬أخرجه النسائي (‪ ،)٤٢٠٠‬والرتمذي (‪ ،)١٩٢٦‬وأحمد (‪.) ٧٩٥٤‬‬

‫‪10‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫والمحافظة على تالوته والنصيحة لرسوله إقامة سنته والدعاء إلى دعوته والنصيحة‬
‫ألئمة المسلمين طاعتهم والجهاد معهم والمحافظة على بيعتهم وإهداء النصائح‬
‫إليهم دون المدائح التي تغر ‪-‬هكذا قال‪ ،‬ثم قال‪ -:‬والنصيحة لعامة المسلمين إرادة‬
‫[[[‬
‫الخير لهم ويدخل يف ذلك تعليمهم وتعريفهم الالزم وهدايتهم إلى الحق» انتهى‬
‫كالم ابن الجوزي يف كتابه كشف المشكل من حديث الصحيحين‪ :‬المجلد الرابع‪/‬‬
‫(‪.)219‬‬

‫إ ًذا نصيحة األصحاب يف إرادة الخير لهم‪ ،‬إ ًذا من آداب الصحبة بذل النصيحة‪،‬‬
‫ما هي النصيحة؟ إرادة الخير لهم‪ ،‬بيان الحق لهم‪ ،‬داللتهم على الحق عدم غشهم‬
‫ومجاملتهم يف دين اهلل‪ ،‬يدخل فيه أمرهم بالمعروف هنيهم عن المنكر؛ هذا كله من‬
‫النصيحة أما مسايرهتم يف طريقتهم ومجاملتهم يف دين اهلل باسم األخوة والصحبة‬
‫حتى ال ينفضوا وال ينفروا هذا ليس من النصح الذي أمر به ديننا‪ ،‬نعم الحكمة مطلوبة‬
‫عند عرض النصيحة على األصحاب‪ ،‬لكن الحق ال بد أن يبين ويعلم خاصة بين‬
‫األصحاب‪.‬‬

‫أيضا من آداب الصحبة‪ :‬التعاون فيما بين األصحاب‪ ،‬التعاون إذا كان النبي‬
‫ً‬ ‫۞‬
‫‪ ‬يعاون أصحابه يشاركهم ‪ ‬يقدم العون لهم‪ ،‬فقد شارك ‪ ‬أصحابه يف بناء‬
‫والنبي ﷺ‬ ‫ُون‬
‫َجز َ‬ ‫وه ْم َي ْرت ِ‬
‫الصخْ َر ُ‬‫ون َّ‬ ‫«وج َع ُلوا َينْ ُق ُل َ‬
‫مسجده يف المدينة‪ ،‬يقول أنس‪َ :‬‬
‫ُّ‬
‫[[[‬
‫هاج َر ْه» ‪ ،‬حديث‬ ‫والم ِ‬ ‫ْصار ُ‬ ‫اآلخ َر ْه فا ْغ ِف ْر لِ ْلَن ِ‬
‫يقول‪ :‬ال َّلهم ال َخير ّإل َخير ِ‬
‫ُْ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َّ‬ ‫معه ْم‪ ،‬وهو ُ‬
‫ُ‬
‫متفق عليه‪ ،‬وهكذا عاوهنم ‪ ‬يف غزوة الخندق‪ ،‬قال جابر‪« :‬إنّا َيو َم الخَ نْدَ ِق ن َْح ِف ُر‪،‬‬

‫[[[ كشف المشكل من حديث الصحيحين (‪ )219 /4‬ط‪ .‬دار الوطن‪.‬‬


‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٤٢٨‬ومسلم (‪.)٥٢٤‬‬

‫‪11‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫ت يف الخَ نْدَ ِق‪َ ،‬ف َ‬ ‫ت كُدْ ي ٌة َش ِديدَ ةٌ‪َ ،‬فجاؤُ وا النَّبي ‪َ ‬فقالوا‪ِ :‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫هذه كُدْ َي ٌة َع َر َض ْ‬ ‫َّ‬ ‫َف َع َر َض ْ َ‬
‫بح َجرٍ‪ ،‬و َلبِ ْثنا َثال َث َة ّأيا ٍم ال ن َُذ ُ‬ ‫أنا ِ‬
‫ناز ٌل‪ُ .‬ث َّم قا َم و َب ْطنُ ُه َم ْع ُص ٌ‬
‫فأخ َذ الن ُّ‬
‫َّبي‬ ‫وق َذوا ًقا‪َ ،‬‬ ‫وب َ‬
‫[[[‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أه َي َم‪ ، »-‬هذه الكدية الشديدة فالنبي‬ ‫‪-‬أو ْ‬ ‫ﷺ الم ْع َو َل َف َض َر َب‪َ ،‬فعا َد كَثي ًبا ْ‬
‫أه َي َل ْ‬
‫[األحزاب‪ ،]21 :‬هذا الحديث‬ ‫ﱡﭐﳀﳁﳂﳃﳄﳅ ﱠ‬ ‫‪ ‬عاون أصحابه و‬
‫رواه البخاري وأحمد‪ ،‬وهو يف صحيح البخاري (‪ ،)4101‬وهكذا النبي ‪ ‬حث‬
‫«الم ْؤ ِم ُن لِ ْل ُم ْؤ ِم ِن كا ْل ُبن ِ‬
‫ْيان‬ ‫على التعاون بين المسلمين وبين األصحاب فقال ‪ُ ‬‬
‫ك ب ْي َن َأصابِ ِع ِه» ‪ ،‬والحديث متفق عليه‪ .‬فاألصحاب يحتاج‬
‫[[[‬
‫َي ُشدُّ َب ْع ُض ُه َب ْع ًضا َو َش َّب َ‬
‫بعضا يتعاونون فيما بينهم يف سد خلة فقيرهم‪ ،‬أو الشفاعة الحسنة يف قضاء‬ ‫بعضهم ً‬
‫ون الع ِ‬
‫بد ما كان ال َعبدُ‬ ‫حاجة محتاجهم‪ ،‬أو غير ذلك من شتى صور التعاون‪« ،‬واهللُ يف َع ِ َ‬
‫[[[‬
‫يف َع ِ‬
‫ون َأخيه» ‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬تواضع اإلخوان واألصحاب‪ ،‬تواضع األصحاب‬


‫من آداب الصحبة ً‬ ‫۞‬
‫فيما بينهم‪ ،‬عدم التكرب عدم الفخر على األصحاب تواضع لين الجانب لألصحاب؛‬
‫هذا أدب مهم فإذا تواضع األصحاب لبعضهم دامت العشرة بينهم قويت روابط‬
‫األخوة بينهم‪ ،‬لماذا؟ ألن التكرب واالختيال والفخر على األصحاب سبب يف نفور‬
‫بعضهم من بعض وعالمة على تفكك روابط الصحبة واألخوة بينهم‪ ،‬فالتواضع‬
‫«إن اهَّللَ َأ ْو َحى إ َل َّي َأ ْن‬
‫منهي عنه مذموم فقد قال النبي ‪َّ ‬‬
‫مطلوب ومأمور به والفخر ٌ‬

‫[[[ صحيح البخاري (‪.)٤١٠١‬‬


‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٢٤٤٦‬ومسلم (‪.)٢٥٨٥‬‬
‫ً‬
‫مطوال‪،‬‬ ‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٢٦٩٩‬وأبو داود (‪ ،)٤٩٤٦‬والرتمذي (‪ ،)١٩٣٠‬وابن ماجه (‪)٢٢٥‬‬
‫والنسائي يف «السنن الكربى» (‪ )٧٢٨٤‬باختالف يسير‪ ،‬وأحمد (‪ )٧٩٤٢‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫اض ُعوا حتَّى ال َي ْفخَ َر َأ َحدٌ ع َلى َأ َح ٍد‪َ ،‬و َل َي ْب ِغي َأ َحدٌ ع َلى َأ َح ٍد» ‪ .‬هذا حديث رواه‬
‫[[[‬
‫ت ََو َ‬
‫مسلم وأبو داوود وابن ماجه‪ ،‬وهو يف صحيح مسلم‪.)2865( :‬‬

‫الفخر والكرب طريق إلى الظلم والعدوان والبغي‪ ،‬فمن آداب الصحبة التواضع‬
‫عدم التكرب عدم الفخر‪ ،‬ال شك أن الناس يتفاضلون يف الحسب والنسب والمال‪،‬‬
‫هذه سنة اهلل ‪ ‬يف خلقه هذه حكمة اهلل ‪ ‬بالغة وهلل ‪ ‬يف خلقه شؤون‪ ،‬ليس‬
‫هذا التفاضل مسو ًغا ألحد لرتفعه على غيره أوفخره عليه‪ ،‬بل متى كان الشريف أو‬
‫سمحا مع إخوانه مع أصحابه ازداد بذلك رفع ًة‬ ‫ً‬ ‫الحسيب أو الغني متواض ًعا هلل‪ ،‬لينًا‬
‫تواضع أحدٌ هلل ِ إال رفعه اهللُ» ‪،‬‬
‫[[[‬
‫َ‬ ‫وقبول عند خلقه‪ ،‬والنبي ‪ ‬يقول‪« :‬وما‬ ‫ً‬ ‫عند اهلل‬
‫أيضا‪ ،‬ويف صحيح مسلم‬
‫والحديث رواه أحمد ومسلم والرتمذي ومالك يف الموطأ ً‬
‫تواضع أحدٌ هلل ِ إال رفعه اهللُ»؛ إ ًذا من آداب الصحبة تواضع األصحاب‬
‫َ‬ ‫(‪« )2588‬وما‬
‫لبعضهم عدم التكرب عدم الفخر‪.‬‬

‫أيضا من آداب الصحبة‪ :‬حسن الخلق بين األصحاب‪ ،‬حسن الخلق بسط‬
‫ً‬ ‫۞‬
‫الوجه احتمال األذى‪ ،‬كظم الغيظ؛ هذه معاين وخصال حميدة ال بد منها ال بد منها‬
‫ِ‬
‫أحاسنُكم‬ ‫«خياركم‬ ‫بين األصحاب‪ ،‬وخير الناس أحسنهم خل ًقا يقول النبي ‪‬‬
‫ُ‬
‫[[[‬
‫أخال ًقا» ‪ ،‬والحديث رواه البخاري وأحمد والرتمذي‪ ،‬وكان النبي ‪ ‬من دعائه‪:‬‬
‫ف‬‫ف َعنِّي َس ِّيئَها ال َي ْصرِ ُ‬
‫واصرِ ْ‬ ‫الق ال َي ْه ِدي ألَ ْح َسنِها ّإل َأن َ‬
‫ْت‪ْ ،‬‬ ‫«واه ِدنِي ألَ ْح َس ِن ْ‬
‫األخ ِ‬ ‫ْ‬

‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)4895‬وابن ماجه (‪ ،)3451‬ومسلم (‪ )2865‬واللفظ له‪.‬‬


‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٢٥٨٨‬والرتمذي (‪ ،)٢٠٢٩‬وأحمد يف المسند (‪.)٩٠٠٨‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٦٠٣٥‬ومسلم (‪ ،)٢٣٢١‬والرتمذي (‪ ،)١٩٧٥‬وأحمد (‪.)٦٥٠٤‬‬

‫‪13‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫[[[‬
‫ْت» ‪ ،‬هذا حديث رواه أحمد ومسلم والرتمذي والنسائي وأبو داوود‬‫َعنِّي َس ِّيئَها ّإل َأن َ‬
‫ويف صحيح مسلم (‪ ،)771‬فحسن الخلق مطلوب بين األصحاب‪ ،‬ومن كان حسن‬
‫الخلق أحبه الناس؛ رغبوا يف مجلسه ومجالسته‪ ،‬استأنسوا بحديثه قبلوا منه العلم‪،‬‬
‫أما صاحب الخلق السيء فحديثه ممل ينفر الناس عنه‪ ،‬مبغوض ثقيل على القلب‪.‬‬
‫إ ًذا معاشرة األصحاب لها نصيب من هذه األخالق‪ ،‬بحسن األخالق بين األصحاب‬
‫تدوم العشرة تأتلف القلوب فحري باألصحاب أن يبسطوا وجوههم إلخواهنم أن‬
‫ينتقوا أطايب الكالم‪ ،‬أن يغضوا عن زالهتم أن يلتمسوا لهم المعاذير هذه آداب ال بد‬
‫أن نتأدب هبا‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬سالمة الصدر‪ ،‬سالمة الصدر هذه منقبة خلة عظيمة‬


‫من آداب الصحبة ً‬ ‫۞‬
‫قليل من الناس الذين يتحلون هبذه الصفة؛ ألن سالمة الصدر مسألة عسيرة على‬
‫النفس‪ ،‬فيها تنازل عن حقوقها لغيرها؛ ألن أكثر الناس يقع منهم التعدي والظلم‬
‫إذا قابل المرء صاحبه وقابل ظلم الناس وجهلهم قابلهم بسالمة صدره ولم يقابل‬
‫إساءهتم باإلساءة؛ لم يحقد عليهم نال مرتب ًة عالية من األخالق الرفيعة‪ ،‬والنبي ‪‬‬
‫[[[‬ ‫حث على سالمة الصدر‪ ،‬فقال ‪« ‬المؤمن ِغر كريم‪ ،‬والفاجر ِخ ِ‬
‫يم» ‪ ،‬هذا‬‫ب َلئ ٌ‬
‫ُ ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ٌّ‬
‫حديث رواه الرتمذي وأبو داوود‪ ،‬وحسنه األلباين يف صحيح سنن أبي داود (‪،)4790‬‬
‫كريم»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫«المؤمن ِغ ٌّر‬
‫ُ‬
‫قال المباركفوري ‪ ‬يف شرحه للرتمذي ‪-‬هذا الحديث عند الرتمذي (‪،)1764‬‬

‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٧٧١‬وأبو داود (‪ ،)٧٦٠‬والرتمذي (‪ ،)٣٤٢١‬والنسائي (‪ ،)٨٩٧‬وأحمد (‪.)٧٢٩‬‬


‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)٤٧٩٠‬والرتمذي (‪ )١٩٦٤‬واللفظ لهما‪ ،‬وأحمد (‪ ،)٩١٠٧‬وحسنه األلباين يف‬
‫صحيح سنن أبي داود (‪.)4790‬‬

‫‪14‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫قال عن هذا الخلق‪« :‬أنه عسير على النفس أن تتجرد من حظوظها أن تتنزل عن حقوقها‬
‫لغيرها قال هذا مع ما يقع من كثير من الناس من التعدي والظلم فإذا قابل المرء ظلم‬
‫الناس وجهلهم وتعديهم بسالمة صدر ولم يقابل إساءتهم بإساءة ولم يحقد عليهم‬
‫«المؤمن ِغ ٌّر‬
‫ُ‬ ‫أيضا يف شرحه‪:‬‬
‫نال مرتبة عالية من األخالق الرفيعة»‪ ،‬وقال المناوي ‪ً ‬‬
‫كريم»‪ ،‬يعني يغره‪ ،‬قال‪ :‬أي يغره كل أحد ويغيره كل شيء ال يعرف الشر‪ ،‬وليس بذي‬
‫ٌ‬
‫مكر فهو ينخدع لسالمة صدره وحسن ظنه‪ ،‬وقوله‪« :‬والفاجر ِخ ِ‬
‫ب َلئ ٌ‬
‫يم» قال‪ :‬أي‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬
‫[[[‬
‫بخيل لجوج سيء الخلق» ‪ .‬انتهى كالمه كما ذكره صاحب تحفة األحوذي بشرح‬
‫جامع الرتمذي نقل هذا الكالم هناك‪.‬‬

‫أيضا من آداب الصحبة‪ :‬إحسان الظن يف األصحاب‪ ،‬عدم التجسس عليهم‪،‬‬


‫ً‬ ‫۞‬
‫من حسن الصحبة بين اإلخوان إحسان الظن هبم حمل كالمهم وما يصدر منهم من‬
‫األفعال على أحسن المحامل؛ ألن اإلسالم هنانا عن ظن السوء ألنه أكذب الحديث‪،‬‬
‫فإن ال َّظن أك َْذب الح ِ‬
‫ديث‪ ،‬وال ت ََح َّس ُسوا‪ ،‬وال‬ ‫«إياك ُْم وال َّظ َّن‪َّ ،‬‬
‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫كما جاء عن النبي ‪ّ ‬‬
‫[[[‬
‫ت ََج َّس ُسوا» ‪ ،‬هذا حديث يف الصحيحين ويف غيرهما‪ ،‬المراد بالنهي النهي عن ظن‬
‫السوء‪ ،‬من إحسان الظن يف األصحاب حمل كالمهم على أحسن المحامل‪.‬‬

‫أيضا من آداب الصحبة‪ :‬العفو عن الزالت‪ ،‬كظم الغيظ؛ ألن مخالطة الناس ال‬
‫ً‬ ‫۞‬
‫تسلم معاشرة الناس ال بد أن يعرتيها شيء من التقصير والتفريط والتعدي من بعضهم‬
‫على بعض بقول أو فعل؛ فجاء الرتغيب يف كظم الغيظ والعفو عن الناس والعفو عمن‬

‫[[[ تحفة األحوذي (‪ )84/6‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية ‪ -‬بيروت‪ ،‬بتصرف‪.‬‬


‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٦٠٦٦‬ومسلم (‪ )٢٥٦٣‬باختالف يسير‪ ،‬وأبو داود (‪ ،)٤٩١٧‬والرتمذي (‪)١٩٨٨‬‬
‫مختصر ًا‪ ،‬وأحمد (‪.)١٠٠٧٨‬‬

‫‪15‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫ظلمك قال اهلل ‪ : ‬ﭐ ‬


‫ﱡﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇﲈﱠ‬

‫[الشورى‪ ،]37 :‬يغفرون يعفون عمن ظلمهم‪ ،‬اهلل ‪ ‬أثنى على الكاظمين الغيظ قال ‪:‬‬
‫ﱡﭐﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜﱠ [آل عمران‪:‬‬
‫‪ ،]134‬الكاظمين الغيظ حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم‪ ،‬هؤالء ال يعملون‬
‫بمقتضى الطباع البشرية بل يكظمون ما يف قلوهبم من الغيظ‪ ،‬يصربون على مقابلة‬
‫المسيء إليهم‪ ،‬وقوله‪ :‬ﱡﱕ ﱖ ﱗﱠ يدخل يف العفو عن الناس العفو عن‬
‫كل من أساء إليك بقول أو فعل‪ ،‬العفو أبلغ من الكظم؛ ألن العفو ترك المؤاخذة مع‬
‫السماحة عن المسيء‪ ،‬وهذا إنما يكون ممن تحلى باألخالق الجميلة من األصحاب‪،‬‬
‫فمن آداب الصحبة العفو عن الزالت وكظم الغيظ واهلل ‪ ‬يقول ‪:‬ﱡﭐﲡ ﲢ ﲣ‬

‫أن‬
‫يستطيع ْ‬
‫ُ‬ ‫«من ك َظ َم غي ًظا‪ ،‬وهو‬ ‫ﲤ ﲥ ﲦ ﱠ [الشورى‪ ،]40 :‬والنبي ‪ ‬يقول‪َ :‬‬
‫[[[‬
‫الح ِ‬
‫ور شا َء» ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُين ِْف َذه؛ دعاه اهللُ يو َم‬
‫أي ُ‬‫الخالئق‪ ،‬حتّى ُيخَ ِّي َره يف ِّ‬ ‫رؤوس‬ ‫القيامة على‬
‫والحديث رواه أحمد وأبو داوود والرتمذي وابن ماجه وحسنه األلباين ‪ ‬يف صحيح‬
‫سنن أبي داوود (‪.)4777‬‬

‫العفو عن الزالت والهنات والمظلمات ليس ضع ًفا وال نقصانًا‪ ،‬بل هو رفعة‬
‫تواضع أحدٌ هلل ِ إال‬
‫َ‬ ‫وعزا وقال النبي ‪« ‬وما زاد اهللُ عبدً ا ٍ‬
‫بعفو إال عزًا‪ ،‬وما‬ ‫لصاحبها ً‬
‫ظلمة ُظلِ َمها إلّ زا َد ُه اللَُّ بِا عزًّا» ‪،‬‬
‫رجل عن م ٍ‬
‫[[[‬ ‫[[[‬
‫َ‬ ‫رفعه اهللُ» ‪ ،‬ويف لفظ أحمد «وال عفا ٌ‬

‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)٤٧٧٧‬والرتمذي (‪ )٢٤٩٣‬واللفظ له‪ ،‬وابن ماجه (‪ ،)٤١٨٦‬وأحمد (‪،)١٥٦٣٧‬‬
‫وحسنه األلباين يف صحيح سنن أبي داوود (‪.)4777‬‬
‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)٢٥٨٨‬والرتمذي (‪ ،)٢٠٢٩‬وأحمد يف المسند (‪.)٩٠٠٨‬‬
‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)2588‬والرتمذي (‪ ،)2029‬وأحمد (‪ )7206‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫الحديث رواه أحمد ومسلم والرتمذي ومالك يف الموطأ‪ ،‬وهو يف صحيح مسلم‬
‫(‪ ،)2588‬فاألصحاب المتآخون يف اهلل جدير هبم أن يتجاوزوا عن زالت بعضهم‪ ،‬أن‬
‫يعفو محسنهم عن مسيئهم‪.‬‬

‫أيضا من آداب الصحبة‪ :‬عدم التحاسد‪ ،‬عدم التباغض‪ ،‬عدم التهاجر بين‬ ‫ً‬ ‫۞‬
‫اسدُ وا‪ ،‬وال تَدا َب ُروا‪ ،‬وكُونُوا ِعبا َد‬
‫األصحاب‪ ،‬قال النبي ‪« :‬ال تَبا َغ ُضوا‪ ،‬وال َت َ‬
‫إخوانًا‪ ،‬وال َيِ ُّل ُل ِ ْسلِ ٍم ْ‬
‫أن َ ْي ُج َر أخا ُه َف ْو َق َثال َث ِة أ ّيامٍ» ‪ ،‬والحسد نوعان كما هو‬
‫[[[‬
‫اللَِّ ْ‬
‫معلوم‪ :‬تباغض ضد التحاب‪ ،‬التدابر هو الهجران‪ ،‬ال يتمنى أحدكم زوال نعمة أخيه‬
‫التي ساقه اهلل إليه فإن ذلك من الظلم والعدوان‪ ،‬هذا معنى‪ :‬ال تحاسدوا ال تباغضوا‬
‫ال تدابروا‪ ،‬من آداب الصحبة عدم التحاسد عدم التباغض عدم التهاجر إال هلل ‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬عدم التنابز باأللقاب‪ ،‬هذا من آفات اللسان التي‬


‫من آداب الصحبة ً‬ ‫۞‬
‫تجلب اإلثم توغر الصدور تسبب الفرقة بين األصحاب التنابز باأللقاب‪ ،‬واهلل ‪‬‬
‫هنى عن ذلك قال‪:‬ﱡﭐﳑ ﳒ ﳓﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙﱠ [الحجرات‪:‬‬

‫‪ ،]11‬والمسلم الحق من سلم المسلمون من لسانه ويده ومن آداب الصحبة عدم‬
‫التنابز باأللقاب‪ ،‬والتنابز باأللقاب من آفات اللسان‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬اإلصالح بين اإلخوان‪ ،‬قد توجد بعض الخصومات‬


‫من آداب الصحبة ً‬ ‫۞‬
‫النزاعات بين األصحاب ينتج عنه بعض الشحناء‪ ،‬الموفق من الناس من األصحاب‬
‫مصلحا بين المتخاصمين‪ ،‬والشرع المطهر‬
‫ً‬ ‫مصلحا بين المتهاجرين‬
‫ً‬ ‫من جعله اهلل ‪‬‬
‫حريص على اجتماع الكلمة‪ ،‬توحيد الصفوف‪ ،‬سالمة القلوب‪ ،‬ينهى عن االختالف‬
‫والتباعد والمفارقة‪.‬‬

‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٦٠٦٥‬ومسلم (‪.)٢٥٥٩‬‬

‫‪17‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫أيضا من اآلداب عدم‬


‫أيضا‪ :‬عدم المن بعد العطية‪ ،‬هذه ً‬
‫من آداب الصحبة ً‬ ‫۞‬
‫ا ْل َم ِّن‪ ،‬ويكون بين األصحاب هتادي واألعطيات هذا يهدي لهذا وهذا يعطي لهذا هذا‬
‫من تمام المعاشرة بينهم‪ ،‬لكن بعض النفوس ضعيفة تسلك سبيل ا ْل َم ِّن عند العطاء؛‬
‫إما ً‬
‫بخل أو عج ًبا‪ ،‬البخيل تعظم يف نفسه العطية وإن كانت حقيرة‪ ،‬والمعجب يحمل‬
‫العجب على النظر لنفسه بعين العظمة وأنه منعم بماله على المعطي‪ ،‬فالمن محرم‬
‫يف الشرع‪ ،‬والمنان مذموم وعلى خطر عظيم‪ ،‬قال ابن مفلح ‪ ‬يف كتابه اآلداب‬
‫[[[‬
‫الشرعية‪« :‬ويحرم المن بما أعطى بل وكبيرة على نص أحمد» ‪ ،‬ال شك أن اآليات‬
‫واألحاديث قاضية بتحريم ا ْل َم ِّن واهلل ‪ ‬يقول‪:‬ﱡﭐﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ‬
‫ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﱠ [البقرة‪ ،]262 :‬ال يتبعون ما أنفقوا منًا وال‬
‫أذى فنهى اهلل ‪ ‬عن المن وحرم المن بعد العطية والنبي ‪ ‬يقول‪َ « :‬ثال َث ٌة ال ُي َك ِّل ُم ُه ُم‬ ‫ً‬
‫سول اهللِ ‪‬‬ ‫قال‪َ :‬ف َق َر َأها َر ُ‬
‫يم َ‬ ‫ِ‬ ‫يام ِة‪ ،‬وال َينْ ُظ ُر ِ‬
‫إليهم وال ُي َزك ِ‬
‫ِّيه ْم َُ‬ ‫ِ‬
‫ذاب أل ٌ‬
‫ول ْم َع ٌ‬ ‫اللَُّ َيو َم الق َ‬
‫قال‪ :‬ا ُمل ْسبِ ُل‪ ،‬وا َْلن ُ‬
‫ّان‪،‬‬ ‫سول اهللِ؟ َ‬
‫سوا‪َ ،‬من ُه ْم يا َر َ‬ ‫قال أبو َذر‪ :‬خابوا َ ِ‬
‫وخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫الث ِمرار‪َ ،‬‬ ‫َث َ‬
‫ب» ‪ ،‬المنان من هؤالء الثالثة‪ ،‬فالمن من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫[[[‬ ‫ِ‬
‫الكاذ ِ‬ ‫ف‬‫باحللِ ِ‬
‫وا ُْلنَ ِّف ُق ِس ْل َع َت ُه َ‬

‫أيضا من آداب الصحبة‪ :‬حفظ السر‪ ،‬حفظ السر وعدم إفشائه من آداب‬
‫ً‬ ‫۞‬
‫الصحبة ألن هذه األسرار أمانات بين األصحاب يجب حفظها وكتماهنا‪ ،‬الذي يفشي‬
‫السر خائن لألمانة‪ ،‬الذي يفشي السر فيه خصلة من خصال المنافقين‪ ،‬قال النبي ‪‬‬
‫ف‪ ،‬وإذا اؤْ ُت ِ َن َ‬ ‫«آ َي ُة ا ُملنافِ ِق َث ٌ‬
‫[[[‬
‫خان» ‪ ،‬والحديث‬ ‫ث ك ََذ َب‪ ،‬وإذا و َعدَ ْ‬
‫أخ َل َ‬ ‫الث‪ :‬إذا َحدَّ َ‬

‫[[[ اآلداب الشرعية البن مفلح (‪ )318/1‬ط‪ .‬عالم الكتب‪.‬‬


‫[[[ أخرجه مسلم (‪ ،)١٠٦‬وأبو داود (‪ ،)٤٠٨٧‬والرتمذي (‪ ،)١٢١١‬والنسائي (‪ ،)٥٣٣٣‬وابن ماجه‬
‫(‪ ،)٢٢٠٨‬وأحمد (‪ )٢١٣٥٦‬باختالف يسير‪.‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٣٣‬ومسلم (‪.)٥٩‬‬

‫‪18‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫متفق عليه فاألسرار أمانة وهذا خان األمانة‪ ،‬إ ًذا من آداب الصحبة حفظ السر عدم‬
‫الر ُج ُل َحدي ًثا‪،‬‬
‫ث َّ‬‫إفشاءه‪ ،‬وعن جابر بن عبد اهلل ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪« :‬إذا حدَّ َ‬
‫[[[‬ ‫[[[‬
‫ث ا ُمل َحدِّ َ‬
‫ث َي َت َل َّف ُ‬
‫ت فهي أمان ٌة» ‪،‬‬ ‫ت فهي أمان ٌة» ‪ ،‬وعند أحمد‪« :‬إذا َرأى ا ُمل َحدَّ ُ‬
‫فال َت َف َ‬

‫أمانة‪ :‬يعني يتكلم معه ويلتفت هناك أحد يسمعنا هذا سر‪ ،‬إ ًذا سأعطيك ً‬
‫سرا‪ ،‬إذا‬
‫سرا هذه أمانة احفظ هذا السر ال‬ ‫ً‬
‫شمال وهو يكلمك إذا سيعطيك ً‬ ‫التفت يمينًا أو‬
‫الر ُج ُل َحدي ًثا‪ ،‬فال َت َف َ‬
‫ت فهي أمان ٌة»‪ ،‬وهذا حديث رواه‬ ‫ث َّ‬‫تخرب به أحدً ا‪ ،‬قال‪« :‬إذا حدَّ َ‬
‫أيضا أبو داوود والرتمذي‪ ،‬وحسنه األلباين ‪ .‬إ ًذا سر هذا السر يجب‬
‫أحمد ورواه ً‬
‫كتمانه‪ ،‬عدم التحدث به للناس جمي ًعا هذا من حرص الشرع من عنايته بحفظ الناس‬
‫ألسرارهم‪ ،‬إ ًذا من آداب الصحبة حفظ السر عدم إفشائه‪.‬‬

‫أيضا ‪-‬نختم هبذا األدب‪ -‬من آداب الصحبة وهو البعد عن صفة ذي الوجهين‪،‬‬
‫ً‬ ‫۞‬
‫ذو الوجهين إنسان يأيت إلى هؤالء بوجه‪ ،‬ويأيت إلى اآلخرين بوجه آخر‪ ،‬وذو الوجهين‬
‫ي‪ ،‬الذي َي ْأيت‬
‫الو ْج َه ْ ِ‬ ‫الق ِ ِ‬‫ّاس يوم ِ‬ ‫بينه النبي ‪ ‬بقوله‪ِ ِ َ :‬‬
‫يامة عنْدَ اللَِّ ذا َ‬
‫َ‬ ‫ش الن ِ َ َ‬
‫«تدُ من َ ِّ‬
‫الء َبو ْج ٍه» ‪ ،‬والحديث متفق عليه‪ .‬قال القرطبي ‪« :‬إنما كان‬ ‫الء بوج ٍه‪ ،‬وه ُؤ ِ‬
‫ه ُؤ ِ‬
‫[[[‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ذو الوجهين شر الناس ألن حاله حال المنافق‪ ،‬إذ هو متملق بالباطل والكذب‪ ،‬مدخل‬
‫للفساد بين الناس»‪ ،‬وقال النووي ‪« :‬هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها‪ ،‬فيظهر‬
‫وتحين واطالع‬
‫ٌ‬ ‫لها أنه منها ومخالف لضدها‪ ،‬وصنيعه نفاق محض كذب وخداع‬
‫على أسرار الطائفتين‪ ،‬وهي مداهنة محرمة‪ ،‬قال‪ :‬فأما من يقصد بذلك اإلصالح بين‬

‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)٤٨٦٨‬والرتمذي (‪ ،)١٩٥٩‬وأحمد (‪ )١٥٠٦٢‬واللفظ له‪.‬‬


‫[[[ أخرجه أبو داود (‪ ،)٤٨٦٨‬والرتمذي (‪ ،)١٩٥٩‬وأحمد (‪ )١٥٢٤٢‬واللفظ له‪.‬‬
‫[[[ أخرجه البخاري (‪ ،)٦٠٥٨‬ومسلم (‪.)٢٥٢٦‬‬

‫‪19‬‬
‫آداب الصحبة | الشيخ إبراهيم المزروعي‬

‫الطائفتين فهو محمود‪ ،‬وقال غيره‪ :‬الفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة‬
‫عملها ويقبحه عند األخرى‪ ،‬ويذم كل طائفة عند األخرى‪ ،‬والمحمود أن يأتي لكل‬
‫طائفة بكالم فيه صالح لألخرى‪ ،‬ويعتذر لكل واحدة عن األخرى‪ ،‬وينقل إليه ما أمكنه‬
‫[[[‬
‫من الجميل ويستر القبيح» ‪ ،‬هذا كالم مهم نقلته لكم بنصه من كالم الحافظ ابن‬
‫حجر ‪ ‬يف شرحه لصحيح البخاري فتح الباري يف المجلد العاشر صفحة (‪،)490‬‬
‫إ ًذا من آداب الصحبة البعد عن صفة ذي الوجهين‪.‬‬

‫هذه آداب جمعناها لكم من كتب أهل العلم بأدلتها فنسأل اهلل ‪ ‬أن يعيننا‬
‫وأيضا‬
‫أيضا اختيار الرفيق والجليس الصالح ً‬
‫وإياكم على التأدب هبذه اآلداب وعلى ً‬
‫أن يعيننا وإياكم على البشاشة واللين والرفق والتودد وبذل النصيحة والتعاون بيننا‬
‫وبين المسلمين كما نسأله ‪ ‬أن يعيننا وإياكم على التواضع وعلى عدم التكرب وعلى‬
‫أيضا التخلق باألخالق الحسنة وعلى سالمة الصدر وأن يعيننا وإياكم على اإلحسان‬
‫ً‬
‫على إحسان الظن بإخواننا المسلمين وعدم التجسس عليهم وأن يعيننا وإياكم على‬
‫وأيضا االبتعاد عن التحاسد والتباغض والهجر وتنابز‬
‫العفو عن الزالت وكظم الغيظ ً‬
‫باأللقاب‪.‬‬

‫نسأل اهلل ‪ ‬أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وعلى حسن عبادته اللهم إنا‬
‫علما ناف ًعا وقل ًبا خاش ًعا ودعا ًء مستجا ًبا ربنا آتنا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة‬
‫نسألك ً‬
‫حسنة وقنا عذاب النار وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين وصلى اهلل على محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫[[[ فتح الباري البن حجر (‪.)490/10‬‬

‫‪20‬‬
‫شبكة بينونة للعلوم الشرعية‬

‫‪‬‬
‫المحبة في اهلل‪8..............................................................................................................................‬‬

‫البشاشة واللين والتودد لألصحاب‪9..........................................................................................‬‬

‫بذل النصيحة‪10.................................................................................................................................‬‬

‫التعاون فيما بين األصحاب‪11.......................................................................................................‬‬

‫تواضع اإلخوان واألصحاب‪12.........................................................................................................‬‬

‫حسن الخلق بين األصحاب ‪13........................................................................................................‬‬

‫سالمة الصدر ‪14.................................................................................................................................‬‬

‫إحسان الظن في األصحاب‪ ،‬عدم التجسس عليهم‪15....................................................... ...‬‬

‫العفو عن الزالت‪ ،‬كظم الغيظ ‪15...................................................................................................‬‬

‫عدم التحاسد‪ ،‬عدم التباغض‪ ،‬عدم التهاجر بين األصحاب‪17..........................................‬‬

‫عدم التنابز باأللقاب‪17....................................................................................................................‬‬

‫اإلصالح بين اإلخوان‪17....................................................................................................................‬‬

‫عدم المن بعد العطية‪18................................................................................................................‬‬

‫حفظ السر‪18........................................................................................................................................‬‬

‫البعد عن صفة ذي الوجهين‪19.....................................................................................................‬‬

‫‪21‬‬

You might also like