Professional Documents
Culture Documents
Lamari 2
Lamari 2
حتى يقوم عقد البيع صحيحا ومنتجا لكافة آثاره البد أن يستوفي العناصر
الجوهرية له وهي:
الفرع األول :التراضي على البيع
الفرع الثاني :الشيء المبيع
الفرع الثالث :الثمن
الفرع األول :التراضي على البيع
يحتاج البيع لغيره من العقود الرضائية إلى توافق اإلرادتين على العناصر
الجوهرية المكونة له أما العناصر الثانوية فيمكن أن تكون موضوع اتفاق
الحق إذا لم يكن لها تأثير على طبيعة العقد ويمكن استخالص هذه القواعد
من الفصل 19من ق.ل.ع .وكذلك الفصل 488ق.ل.ع.
ومن خالل الربط بين مضمون النصين فإنه يمكن القول أن عقد البيع حتى
يكون صحيحا البد من تراضي طرفيه على البيع والشراء وتحديد الثمن
الذي يشكل الركن األساسي في هذا العقد والمميز له عن باقي العقود ،وهذا
التراضي لن يكون كامال إال إذا كان الطرفان يتمتعان بأهلية البيع والشراء
وتكون إرادتهما خالية في عيوب التراضي وهي التي نص عليها المشرع
في الفصل 39من ق.ل.ع.
الفرع األول :التراضي على البيع
وتجدر اإلشارة إلى أن عقد البيع قد ال يأتي في صورته النهائية إال بعد
مروره بمراحل تمهيدية يستعصي معها أحيانا تحديد نوع التراضي لما في
ذلك من دقة ،ال سيما في بعض البيوعات التي تربط بشرط التجربة أو
المذاق أو إعطاء عربون معين فما هو موقف الفقه والتشريع والقضاء من
ذلك.
إال أن الذي نود التركيز عليه في دراستنا لموضوع التراضي هو أنه لم يعد
يقف عند المقتضيات التقليدية الذي نظمتها النظرية العامة لاللتزامات بل
أصبح يخضع لمقتضيات حديثة قادرة على استيعاب األنماط المنظورة
للتعاقد وهي تقنيات نابعة من بيئة إلكترونية فرضت نفسها بإلحاح على
الساحة التعاقدية.
المبحث األول :صحة التراضي في عقد اليبع
-أهلية المتابعيين
األصل أن كل من بلغ سن الرشد القانوني إال ويكون له كامل التصرف في
ماله بالبيع أو بالشراء ،شريطة أن يكون هذه األهلية ال يعترضها ال
يعترضها ال جنون وال عته وال سفه ،وإال الستوجب األمر تنصيب من
يتولون أمورهم المالية كالمقدمين واألوصياء واألولياء الذين يتكلفون بأمر
من المحكمة وال يحق لهم التصرف إال بالقدر الذي يحافظ على هذا المال.
وال يقتصر المنع على هؤالء فقط بل يمتد ليشمل أيضا المريض مرض
الموت واألشخاص المحكوم عليكم بعقوبة جنائية.
إال أننا لن نركز على عنصر األهلية كركن لصحة التراضي إال بما يفيد
موضوعنا ذلك أنه يمكن الرجوع إلى هذه األحكام في النصوص العامة
لاللتزامات وكذلك في نظرية العقد لذلك ،سنركز على جانب األهلية التي
تخص البيع فقط وهي أهلية المريض مرض الموت.
لندخل بعد ذلك إلى الحديث عن بعض الحاالت التي يمنع فيها الشخص من
ممارسة حقه في البيع والشراء ألسباب معينة ،قد تكون عوائق شخصية أو
وظيفية.
المطلب األول :العوائق الشخصية
يدخل في باب العوائق الشخصية التي تؤدي إلى المنع من التصرف مرض
الموت ثم الحكم بعقوبة جنائية.
أوال :بيع المريض مرض الموت
أ-حكم بيع المريض مرض الموت
في قانون االلتزامات والعقود المغربي هناك الكثير من الحاالت التي تكرس
المنع من التصرف من ذلك مثال بيع المريض مرض الموت بقصد المحاباة
وأنواع من البيوع األخرى ،ونظرا ألهمية هذه الحالة فإننا سنتطرق إليها
بنوع من التفصيل ،حيث تعتبر عائقا من العوائق الشخصية التي قد تحول
دون إبرام التصرفات القانونية ،فيقرر المنع من التصرف لعدم اكتمال
األهلية الالزمة لصحة التعاقد.
أوال :بيع المريض مرض الموت
والمشرع المغربي قد اقتصر في الفصول الذي ذكر فيها حكم المريض
مرض الموت على بيان الحكم المترتب عن هذا البيع حيث نص الفصل
479من ق.ل.ع "البيع المعقود من المريض مرض الموت تطبق عليه
أحكام الفصل 344وإذا جرى ألحد ورثته بقصد محاباته" ،كما إذا باع له
شيء بثمن يقل كثيرا من قيمته الحقيقية أو إذا اشترى منه بثمن يتجاوز
قيمته ،أما البيع المعقود من المريض مرض الموت لغير وارث فتطبق عليه
أحكام الفصل 345من ق.ل.ع ،الذي ينص على أن "اإلبراء الحاصل من
المريض في مرض الموت لغير وارث يصح في حدود ثلث ما بقي في
تركته بعد سداد ديونه ومصروفات جنازته" والواقع أن الفصل 344
و 345من ق.ل.ع يتعلقان بإبراء .الوارث وغير الوارث فكالهما ال يصح
إال إذا أجازه الورثة.
أوال :بيع المريض مرض الموت
إال أن المشرع المغربي لم يعرف هذا المرض الشيء الذي يدفعنا إلى االستعانة
بالمجهودات الفقهية والقضائية التي بذلت لتوضيح هذا المرض المانع من
التصرف كليا أو جزئيا –كما سبقت اإلشارة إليه -غير أننا سنضيف تعريفا آخر
أكثر دقة وهو للشيخ عمر عبد هللا ،فإنه يرى بأن" :مرض الموت هو المرض
الذي يكون معه المريض عاجزا عن القيام بمصالحه وقضاء حاجاته خارج
المنزل إذا كان رجال وداخل المنزل عن كانت امرأة ،ويغلب فيه الهالك
ويتصل به الموت ولو بسبب ىخر غير المرض سواء ألزمه الفراش أم لم
يلزمه" .بالرغم من أن التفرقة الواردة في هذا التعريف بين الذكور واإلناث
أصبحت متجاوزة بفعل التطور الذي طرأ على العمل الوظيفي للمرأة
إال أن تعريف مرض الموت يدفعنا إلى التساؤل عن مصير التصرفات التي
يجريها المريض في هذه الحالة المرضية؟ فإذا كان ممنوعا من التصرف في
ماله مراعاة لحقوق الغير فما هي حدود هذا المنع.
أوال :بيع المريض مرض الموت
ومن خالل تحليلنا لمضمون الفصل 479من ق ل ع أعاله يتبين لنا أنه يتضمن
حالتين لمنع المريض من التصرف أولهما يتعلق بالبيع الحاصل بين المريض
بقصد محاباة بعض الورقة وثانيهما تخص بالبيع الذي يعقده المريض مع الغير
حيث ال يجوز إال في حدود ثلث ما تبقى من التركة بعد سداد الديون وأداء
مصروفات الجنازة.
-1حكم البيع الذي يعقده المريض مرض الموت لمصلحة الوارث
إن التصرفات التي يجريها المريض أثناء مرض الموت غالبا ما تكون محفوفة
بالمخاطر والشكوك التي تحوم حولها خصوصا إذا وردت على سبيل التبرع أو
كان المستفيد منها واحد من الورثة ،إذ قد يكون القصد من إبرامها هو محاباة
بعض الورقة على حساب حرمان البيع اآلخر .يقول األستاذ أحمد السنهوري" :إن
األصل في هذا التقييد هو أن التركة يتعلق بها حق الورثة ال من موت الموروث
فحسب بل أيضا من بدء مرضه األخير وهو مرض الموت ،وذلك أن الموروث إذا
أوال :بيع المريض مرض الموت
تصرف في مرض موته فهو إنما يوصي ويكون لتصرفه األخير وهو مرض الموت،
وذلك أن الموروث إذا تصرف في مرض موته فهو إنما يوصي ويكون لتصرفه حكم
الوصية ،فتكون تصرفات المريض مرض الموت الموقوفة على إجازة الورثة اللذين
تعلق حقهم بالتركة”.
وتفاديا لكل هذه الشبهات فإن المشرع قد قيد من حرية المريض في التعاقد وذلك
عندما جعل البيع الذي يعقده المريض لصالح أحد الورثة موقوفا على إجازة باقي
الورثة اآلخرين.
ومن هنا نستنتج أن بيع المريض كغيره من البيوع التي يبرمها األصحاء األصل فيها
الجواز سواء كانت معاوضة أو تبرعا .وغير أن هناك بعض الحاالت التي يكون فيها
القصد من إبرام هذه التصرفات هو محاباة هذا المريض مرض الموت لواحد من
الورثة أو الغير ،وحماية لحقوق الورثة المرتبطة بأموال المريض فإن المشرع قد
حرية هذا األخير في التصرف حفظا لما له متى تحققت الشروط الثالثة التالية:
أوال :بيع المريض مرض الموت
-العامل األول :تمسك المجلس األعلى بقاعدة األتمية لتبرير صحة تصرفات المريض
مرض الموت.
المقصود بهذه القاعدة في الفقه المالكي أن الرسوم والعقود التي ورد فيها
اإلشهاد على البيع أو غيره من العقود األخرى بأتمية البائع والتي تعني أن هذا
األخير كان في كامل أحواله الصحية التي تسمح له بإبرام العقد وهناك الكثير من
القرارات التي تبرر تمسك المجلس األعلى بهذه القاعدة من ذلك مثال القرار الصادر
عنه بتاريخ ،25/12/1982الذي ورد فيه بأن" :الرسم العدلي الذي يشهد فيه
العدالن بأتمية المشهود عليه حجة رسمية على أنه لم يكن وقت اإلشهاد مريضا
مرض الموت وال يكفي لبطالن العقد محاباة للوارث بل البد أن يكون ذلك مقرونا
بمرض الموت" .وهذا ما أكده أيضا المجلس األعلى في قرار صادر عنه بتاريخ
،20/07/1994الذي جاء فيه بأن" :مجرد التنصيص في العقد على أتمية المريض
البائع يجعل البيع منعقدا وأن األصل في العقود الصحة وعدم إثبات التوليج المدعي
به يبقى العقد بيعا”.
وهكذا يتبين لنا أن المجلس األعلى ال يزال يتمسك بقاعدة اإلشهاد باألتمية
كأساس لالعتداد بعقود المريض حتى ولو انتهت حياة هذا األخير بالموت
فعال وهذا التمسك بقاعدة األتمية على إطالقها ،يعتبر بمثابة قيد يحد من
نطاق تطبيق الفصل 479من ق.ل.ع ،خصوصا وأنه يعتمد كليا على شهادة
العدلين بأتمية البائع وقت اإلشهاد بالبيع ،ونظرا ألن مهمة تشخيص الحالة
الصحية للمريض المتعاقد تتجاوز إمكانيات العدل بكثير ،ألنها من مهام
الطبيب المختص وليس العدل الذي تنحصر مهمته في تلقي الشهادات
وتوثيق العقود والمحررات ،...لذلك يتعين االحتراز عند اعتماد قاعدة
اإلشهاد باألتمية التي قد ال تتوافق مطلقا مع الوضعية الصحية الحقيقية
للمريض.
أوال :بيع المريض مرض الموت
-العامل الثاني :الحفاظ على استقرار المعامالت يكون باعتماد قاعدة األتمية.
جاء في القرار الصادر عن المجلس بتاريخ " ،28/03/1995على أن
اإلشهاد على المتصدق باألتمية كاف في صحة عقد الصدقة وأن األصل في
األشخاص المالءة إلى أن يثبت العكس".
فالثابت أن األصل في اإلنسان المالءة إلى أن يثبت العكس وذلك حفاظا على
استقرار المعامالت بين الناس ومن خالل هذا القرار نستنتج أنه ما دام
المدعى عليهما لم يقوما بإثبات خالل هذا األصل فإن موقفهما حيال المدعى
فيه موقف غير مشروع مما يجعل القرار معلال بما فيه الكفاية وأن ادعاء
الطاعنين غير جدير باالعتبار األمر الذي يستلزم رفض الطلب.
أوال :بيع المريض مرض الموت
استنتاج:
من خالل القرارين المشار إليهما سابقا فإننا نخلص إلى تسجيل المالحظات اآلتية:
-المالحظة األولى :إن المجلس األعلى ما زال يتمسك بالجانب الشكلي للعقد على إطالقه ،فلكما
كان حامال لتأشيرة األتمية إال وكان موثوقا به ودليال على صحة ما يتضمنه من نقل
للحقوق وااللتزامات.
-المالحظة الثانية :إن تأشيرة العدول باألتمية لن تحل مطلقا محل شهادة الخبرة الطبية التي قد
تؤكد أو تنفي مرض الموت ،باالستناد إلى الوضعية الصحية للمريض المتصرف قبل وبعد
إبرام التصرف.
-المالحظة الثالثة :إن البحث عن مدى توفر أو عدم توفر عنصر المحاباة في البيع الحاصل من
المريض مرض الموت للوارث تعد أيضا من أمور الواقع بحيث يتعين الرجوع فيها لذوي
الخبرة الذين لديهم إمكانية تقييم الثمن الذي حصل به الشراء ،وفيما إذا كان الوارث
المشتري قد دفع الثمن العادل أم ال ويكون من حق الوارث المستفيد الدفاع عن نفسه بإثبات
أنه دفع الثمن العادل الذي يستوجبه المعاملة التي أجراها مع المريض مرض الموت.
ثانيا :الحكم بعقوبة جنائية
نميز في هذا السياق بين المحكوم عليه بعقوبة اإلعداد وهذا يكون ممنوعا
من كل التصرفات القانونية بما فيها البيع ألنه يعتبر في حكم الميت
أصال.
وبين الشخص المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية لفترة محددة من
الزمن ،وهذا األخير يمنع من ممارسة حقه في البيع كتصرف قانوني أو
مباشرة حقوقه المالية طيلة مدة تنفيذ العقوبة األصلية وله في جميع
األحوال أن يختار وكيال ينوب عنه في مباشرة تلك الحقوق تبحث
إشراف الوصي القضائي المعين .ويجدر الذكر أن هذا الوكيل يختاره
المحكوم عليه وتقره المحكمة وإال فإن تعيينه يتم عن طريق المحكمة،
وفي كال الحالتين يكون تابعا لهذه األخيرة في جميع ما يتعلق بقوامته.