Professional Documents
Culture Documents
االلكتروني:
www.maroclaw.com
املدير املسؤول :ذ .ياسني الصبار
ALMOUMARIS@GMAIL.COM
اهلاتف :
06.51.06.05.32
ISSN : 2605-7670
2
تقديم:
بعد وصول البشرية إلى مرحلة التمدن والحضارة التي تعقدت فيها العالقات اإلنسانية
وتشابكت ،كما تضاربت فيها املصالح لدرجة بات من الضروري إقامة الدولة ومؤسساتها التي
أمس مفروضا عليها تحقيق املوازنة بين سلطتها الشرعية في وضع سياسة التجريم والعقاب،
وبين املصالح الخاصة لألفراد سواء كانوا متابعين بمخالفتهم للتشريع الجنائي أو ضحايا
لألفعال الجرمية املرتكبة من طرف الجانحين ،وطبيعي أن يشكل مفهوم املصلحة جدال
فكريا واسعا الرتباطه دوما بالبعد الثقافي واالجتماعي واالقتصادي والديني والسياس ي لكل
دولة على حدة ،لكن يمكن القول بأن كل ما كان فيه نفع ،سواء كان بالجلب والتحصيل
كاستحصال الفوائد واللذائذ ،أو بالدفع واالتقاء كاستبعاد املضار واآلالم فهو جدير بأن
يسمى مصلحة ،وقد عرفها علماء الشريعة اإلسالمية بأنها " :املنفعة التي قصدها الشارع
الحكيم لعباده ،من حفظ دينهم ،ونفوسهم ،وعقولهم ،ونسلهم ،وأموالهم ،طبق ترتيب معين
فيما بينها" ،1ومن املعلوم أن التشريع الوضعي يسعى بدوره إلى حماية هذه املصالح من خالل
سن القواعد القانونية ،وترسيخ دعائم النظام القضائي الذي يلعب دورا رئيسيا في ترسيخ
قيم العدالة وحقوق اإلنسان ،بحيث يبقى االنتقال من الدولة الشرعية إلى دولة الحق
والقانون التي يخضع فيها الحاكمون كما املحكومين إلى سلطة القانون رهينا بمدى فعالية
2
هذا النظام القضائي واستقالله ،وحياده.
و يشكل الحق في املحاكمة العادلة أحد األعمدة األساسية ،لدولة الحق والقانون،
ولحماية اإلنسان من التعسف والشطط والتمييز و االعتداء .لذلك حظي هذا الحق بمكانة
خاصة كرستها الصكوك الدولية في مجال حقوق اإلنسان.من اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان مرورا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية و السياسية وصوال إلى اتفاقية
مناهضة التعذيب و غيرها من اإلعالنات و القواعد واملبادئ الدولية ذات الصلة بحقوق
اإلنسان.
1الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي :ضوابط المصلحة في الشريعة اإلسالمية ،شر دار الفكر ،الطبعة ،10س
،2016ص 37
2اللجنة الدولية للحقوقين ،المبادئ الدولية المتعلقة بإستقالل ومسؤولية القضاة والمحامين وممثلي النيابة العامة ،دليل
الممارسين رقم ،1ص .17
3
ولهذا قام املغرب بإحداث مجموعة من املؤسسات التي تعتبر من ركائز دولة الحق
والقانون ،وكذلك إصدار قوانين جديدة أو تعديل قوانين أخرى تالءم هدا التوجه .و كان من
بينها قانون 22.01املتعلق باملسطرة الجنائية وذلك بمقتض ى الظهير الشريف رقم 1.02.255
الصادر في 30أكتوبر ،2002والذي جاء في ديباجته أن هاجس توفير ظروف املحاكمة
العادلة وفقا للنمط املتعارف عليه عامليا واحترام حقوق األفراد وصون حرياتهم من جهة،
والحفاظ على املصلحة العامة والنظام العام من جهة أخرى ،عناصر أساسية شكلت نقطة
مركزية أثناء إعادة النظر في قانون املسطرة الجنائية الصادر سنة ،1959والظهير الشريف
املتعلق باإلجراءات االنتقالية الجنائية الصادر سنة 1974لجعلهما يواكبان ترسيخ بناء دولة
الحق والقانون مع تالفي كل السلبيات التي أفرزتها تجربة األربعين سنة األخيرة من املمارسة
باستحضار تعاليم الدين اإلسالمي الحنيف وقيم املجتمع املغربي مع الحفاظ على األسس
املستقرة في التراث القضائي ودعم املكتسبات التي حققها التشريع الوطني في مجال حقوق
اإلنسان بمقتض ى التعديالت التي أدخلت على قانون املسطرة الجنائية خالل التسعينات
سواء فيما يتعلق بمدة الحراسة النظرية أو توفير حق الدفاع للمتهمين أو إشعار عائالت
املعتقلين بوضعهم تحت الحراسة النظرية ،أو حقهم في أن يعرضوا على طبيب ملعاينتهم
بطلب منهم أو إذا عاين القاض ي ما يبرر ذلك ودعم هذه املكتسبات على نحو يتماش ى مع
املفهوم الكوني لحقوق اإلنسان في الوقت الراهن.
ويعتبر قانون املسطرة الجنائية أخطر القوانين املسطرية في مختلف املنظومات
القانونية الوطنية ،الرتباطها املباشر بنوعية العالقة التي تحكم الدولة باملجتمع ،والحق
العام بالحقوق الفردية ،فضال عن كون القانون الذي يعكس باألصالة اختيار سياسة
الدولة في امليدان الجنائي.
وقد أفرد قانون املسطرة الجنائية املغربي موادا تخول لألفراد حماية حقوقهم،
والتعويض عن األضرار التي لحقتهم جراء الفعل الجرمي الذي أتاه املخالفين للقانون في
حقهم ،فالوصول إلى الحق ال يكون هكذا إعتباطا وال عبثا وإال سادة الفوض ى واختل األمن
وحل الجور والظلم مكان العدل واملساواة.
ومن هذا املنطلق سنحاول معالجة املسطرة الواجب إتباعها لكل من لحقه ضرر جراء
فعل جرمي ،من خالل التطرق إلى الدعوى املدنية التابعة من خالل املعطيات التالية:
4
إشكالية البحث :وتثير املعالجة القانونية إلجراءات الدعوى املدنية التابعة في قانون
املسطرة الجنائية املغربي والعمل القضائي واالجتهاد الفقهي ،مع إجراء دراسة مقارنة مع
القوانين اإلجرائية لدول أخرى وممارستها القضائية ،دون إهمال التشريع اإلسالمي الحنيف
كلما ظهرت لنا فائدة في التطرق إليه.
أهمية البحث :تتجلى هذه األهمية في كون موضوع البحث يندرج ضمن السياسة
الجنائية ودورها في تكريس حقوق اإلنسان والتي يعد الضحية وحمايتها من أبرز تصوراتها،
واملغرب وفي ظل تنامي الجريمة وتطورها يسعى جاهدا إلى النهوض بهذه السياسة والرقي بها
تحقيقا لألمن املجتمعي العام.
هدف البحث :يهدف البحث إلى تدعيم الدراسات التي تناولت موضوع الدعوى املدنية
التابعة ،ويحاول خلق استثناء من خالل جعل هذا املوضوع بارزا ومستقال ،عكس العديد
من الدارسات األخرى التي تتطرق إليه ضمن شروح املسطرة الجنائية ،وجعله عنوانا ضمن
مواضيع أخرى في البحث الواحد ،كما يهدف إلى لفت اإلنتباه إلى كل اإلشكاليات املطروح
والثغرات القانونية التي قد تصادف املمارسين واملتقاضين في هذا املجال ،مع التركيز على
الجانب العملي التطبيقي إلى جانب الشرح النظري.
منهجية البحث :سوف نحاول تناول هذا املوضوع من خالل اعتماد منهج تحليلي
مقارن ،معتمدين فيه على النصوص القانونية واإلجتهادات القضائية ،واآلراء الفقهية وذلك
باعتمادنا على التقسيم التالي:
مدخل تمهيدي :نتطرق فيه إلى اإلطار العام للدعوى املدنية التابعة؛
-الفصل األول :نتناول فيه اإلدعاء املدني أمام قضاء التحقيق؛
-الفصل الثاني :نحلل فيه إجراءات الدعوى املدنية التابعة أمام قضاء الحكم
سواء املرجع الزجري أو املرجع املدي.
-خاتمة :نقدم فيها تلخيصا موجزا للدراسة مع تبسيط وجهة نظرنا الخاصة في
املوضوع.
5
مدخل متهيدي:
6
املبحث األول :تعريف الدعوى املدنية التابعة
إذا كان األصل هو أن القضاء املدني هو املختص بالنظر في املطالب املتعلقة بجبر األضرار
الخاصة الالحقة باملتضررين .فإن املشرع املغربي سمح استثناء لهؤالء بإقامة املطالبة عن
تعويض األضرار الناجمة مباشرة عن الجريمة أمام القضاء الجنائي الذي ينظر في الدعوى
الزجرية الناجمة عن الجريمة ،وذلك خروجا عن األصل السابق ،ولذلك يطلق عليها في الفقه
بالدعوى املدنية التابعة ،وهي تقام تبعا لدعوى عمومية قائمة .وهكذا يمكن للمتضرر أو
ورثته من الجريمة أن يقيم دعوى مدنية تابعة ضد املدعى عليه ،والهدف من ذلك هو
الحصول على تعويض لجبر الضرر.
فالجريمة الجنائية أيضا إذا نظر إليها من الوجهة املدنية هي (فعل ضار) يستوجب
التعويض املدني ملن لحقه ضررا من األفراد سواء كان هذا الضرر يتعلق بحياتهم أو مالهم أو
شرفهم أو مشاعرهم أو غير ذلك ،والتعويض عن الضرر إما مادي أو معنوي ملن لحق به،
وقد سمح أيضا املشرع الليبي في املادة 224من قانون اإلجراءات بإقامة الدعوى املدنية
الناشئة عن الجريمة أمام القضاء الزجري موازاة مع الدعوى الجنائية.
وانطالقا مما سبق فيمكننا أن نعرف الدعوى املدنية التابعة بكونها تلك الدعوى التي
تقام ممن لحقه ضرر من الجريمة ،واملصاحبة للدعوى العمومية القائمة قصد املطالبة
بالتعويض عن الضرر الذي لحقه.
وقد عرفها قانون تحقيق الجنايات الفرنس ي بأنها الدعوى املتعلقة بإصالح الضرر
الناجم عن جناية أو جنحة أو مخالفة وتكون لكل أولئك الذين لحق بهم شخصيا ضرر
مباشر ناجم عن الجريمة.
ويتضح من التعريف األول للدعوى املدنية التابعة أنها قائمة على ركنين أساسين يتمثل
األول في كون الفعل يعد جريمة ،والثاني كون الجريمة ضارة.
كما يتضح من تعريف قانون تحقيق الجنايات الفرنس ي أنه البد من كون الفعل الضار
ممثال لجريمة سواء جناية أو جنحة أو مخالفة فال يكفى أن يكون الضرر ناش ئ عن خطأ –
بمعناه الواسع – بل يشترط كون هذا الخطأ مجرم فى شكل جناية أو جنحة أو مخالفة،
فالثابت أنه ليس كل خطأ جريمة لكن كل جريمة تعد خطأ فهناك الخطأ البسيط الذي ال
7
يرق ليمثل جريمة كما أن هناك الخطأ الذي ال يمثل جريمة في حاالت متعددة كحاالت توافر
سبب من أسباب اإلباحة .3
يطبق القاض ي الجنائي قواعد املسطرة الجنائية على الدعوى املدنية التابعة وليس
إجراءات املسطرة املدنية ،غير أنه يمكن الرجوع إلى هاته األخيرة متى وجد نص خاص أو خلو
املسطرة الجنائية من نص ينظم الدعوى املدنية ،وهكذا فشكليات الطعن وآجاله في
الدعوى املدنية التابعة تبقى خاضعة لقواعد املسطرة الجنائية ونفس األمر بالنسبة للترافع
واإلستماع للشهود وإجراءات التبليغ...الخ.
)3رؤوف عبيد ،مشكالت االجراءات الجنائية طبعة 3لسنة 1980الجزء 2صـ ـ399
8
عدم سلوك طريق الطعن في الدعوى املدنية التابعة لوحدها يجعلها نهائية عكس
الدعوى العمومية التي تبقى قائمة متى طعن فيها بأي طريق من طرق الطعن املحددة قانونا،
والعكس صحيح.
)4قرار عدد 832بتاريخ 1962/03/02منشور بمجموعة إجتهادات المجلس األعلى لسنوات 1965_1957ص 3
9
نظر الدعوى ،فإن محكمة الجنح يجوز لها مع ذلك الحكم في الدعوى املدنية بالرغم من
5
سقوط الدعوى العمومية ،أي أنها تبقى مختصة بنظرالدعوى املدنية ".
)5نقض 1929/04/11منشور بمؤلف التعليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا ألحدث قرارات المجلس األعلى
المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور العمروسي و األستاذ محمود ربيع خاطر ،ج ،1س ،2004
ص 125
)6شرح قانون المسطرة الجنائي ة ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية،سلسة المعلومة للجميع ،العدد 6
ص 60
10
األحول الشخصية السوري وبهذا الوصف فهو متضرر أدبيا مما أصاب ابنته ويحق له
7
إقامة الدعوى بطلب التعويض"..
أما في التشريع اإلسالمي فإننا نجد أن اإلسالم عني كعقيدة وعمل بكفالة الحقوق
واملصالح األساسية لإلنسان حتى يتحقق له االستخالف في األرض والوفاء بالتكليفات امللقاة
على عاتقه،حيث حصرها الفقهاء فيما عرف بالضرورات الخمس وهي حفظ العقل والنفس
والدين والعرض واملال ،فإذا ما وقع اعتداء على أي من هذه الضرورات "املصالح املحمية"
كانت الجماعة اإلسالمية ككل هي الضحية ويكون للدولة كممثلة لهذه الجماعة كما للفرد
8
العادي عضو الجماعة الحق في إقامة الدعوى الجنائية.
وبالرجوع إلى التشريع املغربي وبعض التشريعات العربية املقارنة نجدها قد نصت على
من لهم الحق في املطالبة بالتعويض في الدعوى املدنية التابعة ،فقد جاء في املادة 07من
قانون املسطرة الجنائية املغربي ما يلي " :يرجع الحق في إقامة الدعوى املدنية للتعويض عن
الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة ،لكل من تعرض شخصيا لضرر جسماني أو
مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة.
يمكن للجمعيات املعلن أنها ذات منفعة عامة أن تنتصب طرفا مدنيا ،إذا كانت قد
تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات على األقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي ،وذلك في
حالة إقامة الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو الطرف املدني بشأن جريمة تمس
مجال اهتمامها املنصوص عليه في قانونها األساس ي.
يمكن للدولة وللجماعات املحلية أن تتقدم بصفتها طرفا مدنيا ،ملطالبة مرتكب
الجريمة بأن يرد لها املبالغ التي طلب منها دفعها ملوظفين أو لذوي حقوقهم طبقا للقانون
الجاري به العمل".
)7حماية ضحايا الجريمة في مرحلة التحقيق اإلبتدائي ،دراسة مقارنة للباحثين د .علي محمد سالم و محمد عبد المحسن
سعدون،جامعة بابل /كلية القانون ،ص 10
)8محمد مؤنس محب الدين ،تعويض ضحايا الجريمة في الشريعة والقانون،ط 1سنة ، 2012ص 49
11
بينما تنص املادة 251مكرر من قانون اإلجراءات الجنائية املصري على أنه ":ال يجوز
اإلدعاء بالحقوق املدنية وفقا ألحكام هذا القانون إال عن الضرر الشخص ي املباشر عن
الجريمة واملحقق الوقوع حاال أو مستقبال".
وجاء في املادة 07من مجلة اإلجراءات الجزائية التونس ي " :الدعوى املدنية من حق كل
من لحقه شخصيا ضرر نشأ مباشرة عن الجريمة".
لنجد املادة 02من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري تنص على أنه " يتعلق الحق في
الدعوى املدنية للمطالبة بتعويض الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة بكل من
أصابهم شخصيا ضرر مباشر تسبب عن الجريمة"
وباستقرائنا لبعض االجتهادات القضائية نجدها تتناول بشكل صارم مضمون هذه
النصوص القانونية ،فمن اجتهادات محكمة النقض املغربية نجدها تؤكد على أن":الدعوى
ُ
املدنية ال تسمع أمام املحاكمة الجزائية إال من الطرف الذي تضرر شخصيا ومباشرة من
الجرم الذي نشأ عنه الضرر" .9لتقر محكمة النقض املصرية أن "للمدعي بالحقوق املدنية
في دعواه التابعة للدعوى الجنائية سواء أكانت مرفوعة مباشرة أم بطريق التدخل في
الدعوى العمومية املرفوعة من النيابة ،طلب تعويض الضرر الناش ئ عن الجريمة ،
وهذا التعويض يجوز أن يشمل رد الش يء املسروق أو املختلس عينا أو دفع ثمنه" .10
أما محاكم املوضوع فإستئنافية آسفي تذهب في أحد اجتهاداتها على أنه " يشترط في
املطالب املدنية أمام املحاكم الزجرية أن تقدم من املتضرر شخصيا وبصفة مباشرة عن
11
الفعل اإلجرامي"
وعموما يشترط في الطرف املدعي التوفر على األهلية وحصول الضرر ،وهو ما سنتناوله
في الفقرتين التاليتين:
)9قرار عدد 237بتاريخ ،1975/12/13منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى ،المادة الجنائية ج 1ص
314وما يليها
)10نقض 1946/04/49في الطعن رقم 676لسنة 16ق ،منشور بمؤلف التعليق على قانون المسطرة الجنائية
طبقا ألحدث قرارات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور العمروسي
واألستاذ محمود ربيع خاطر ،ج ،1س ،2004ص130
)11قرار عدد 8647بتاريخ 1987/10/07ملف جنحي سير رقم 861/09منشور بمجلة المحامون عدد 5ص
117وما يليها
12
الفقرة األولى :األهلية
تعرف األهلية لغة بالجدارة والكفاءة ألمر من األمور ،وفي محكم التنزيل جاء قوله تعالى
:هو أهل التقوى وأهل المغفرة ؛ وهو ما فسره املفسرون بكون هللا عز وجل أهل
ألن يتقى فال يعص ى وأهل للمغفرة ملن إتقاه.
وفي االصطالح تعرف األهلية بكونها صالحية الشخص الكتساب الحقوق وتحمل
االلتزامات وكذا مباشرة التصرفات القانونية املتعلقة بهذه أو تلك .12
ومتى كانت األهلية كاملة فإن التصرف الذي يقوم به الشخص يعتبر جائزا ،وإذا كانت
ناقصة كان التصرف قابال لإلبطال،وإذا كانت معدومة كان التصرف باطال.
ويشدد أستاذنا املختار بن أحمد عطار على أن القواعد املنظمة لألهلية تهدف حماية
فاقدي األهلية وناقصيها ،ويتعين مراعاتها ألنها نصوص آمرة تتعلق بالنظام العام ومن تم ال
13
يجوز االتفاق على ما يخالفها
الفقرة الثانية :الضرر
اشترط املشرع املغربي عنصر الضرر لرفع الدعوى املدنية التابعة أمام املحاكم
الزجرية ،وذلك استثناء عن القواعد العامة لالختصاص.
غير أن عنصر الضرر مقيد بشرطين أساسين أوالهما أن يكون شخصيا ماسا لجسم
الضحية أو ماله ،أو فردا من أسرته ،وثانيهما أن يكون مباشرا بمعنى أن يكون املدعي قد
تضرر مباشرة من الجريمة موضوع املتابعة.
وفي هذا الصدد استند القضاء الفرنس ي في رفضه للتعويض عن الضرر األدبي على كون هذا
األخير حق شخص ي للمجني عليه وال يتعداه وال ينتقل إلى الغير ومنهم ورثة املجني عليه.14
وقد أيد القضاء املصري نفس االتجاه حينما قرر أن الحق في التعويض عن الضرر
األدبي ال ينتقل إلى الورثة مستندا في ذلك على الفصل 222من القانون املدني املصري ،حيث
نصت محكمة النقض املصرية على أنه "ملا كان التعويض عن الضرر األدبي الذي يصيب
املجني عليه نتيجة االعتداء الذي يقع عليه ال ينتقل منه إلى الغير طبقا للمادة 222من
)12عبد الحق صافي،القانون المدني،ج 1المصدر اإلرادي لإللتزامات :العقد ،الكتاب األول تكوين العقد ،ط ،1
س ،2005ص 134و .135
)13الوسيط في القانون المدني :مصادر اإللتزام،ط ،1س ،2002ص .148
)14محمد محمود سعيد ،حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية ،دار الفكر العربي .ص 111
13
القانون املدني إال إذا تحدد بمقتض ى اتفاق أو طالبه الدائن أمام القضاء ما لم يقل
الحكم بتحقق ش يء منه في هذه الدعوى،وملا كان الحكم املطعون فيه قد قض ى بانتقال
حق املوروث في التعويض عن الضرر األدبي إلى ورثته على وجه يخالف املادة 222سالفة
الذكر ،فإنه يكون قد أخطأ ويتعين نقضه".15
وعلى ذات النهج سار جانب من الفقه املغربي ،منهم األستاذ أحمد الخمليش ي مع
اشتراطه ملطالبة املتضرر بالتعويض عن الضرر األدبي املطالبة به أوال في حياته قبل أن
ينتقل إلى ورثته.16 .
وقد اعتبرت بعض محاكم املوضوع أن مشاركة الطرف املدني للمتهم في الفعل يعد سببا
النعدام الضرر املستوجب للتعويض ،حيث قضت محكمة االستئناف بورزازات بالتالي" :
وحيث اتضح للمحكمة أن املطالبة بالحق املدني غير محقة في أي تعويض ألن الفعل الذي
أدين من أجله املتهم هو جنحة التحريض على الدعارة ،وال يمكن تصور ضحية له إذ
املحرض و املحرض يتجاوزان مع بعضهما و يقعان معا تحت طائلة الجزاء الجنائي وال يمكن
ألحدهما الرجوع على اآلخر بالتعويض األمر الذي قررت معه املحكمة القول بعدم قبول
17
مطالبها املدنية" .
)19أبو ليل محمود ،معاقبة المتهم في الشريعة اإلسالمية ،بحث مقدم في مجلة دراسات ،الجامعة األردنية ،العدد 5
،ص .189
15
الدعوى الجنائية ،كما ال ترفع الدعوى الجنائية ضد ورثة الجاني إذا مات وليه أو الوص ي
عليه أو القيم أو أحد أفراد أسرته .20
)20محمد صبحي نجم ،الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية،ط ،1س ،2006ص 94
)21قرار عدد 415بتاريخ 1998/04/15ملف رقم 98/125منشور بمجلة القصر عدد 23ص 204وما يليها.
16
املبحث الرابع :موضوع الدعوى املدنية التابعة
إذا كان موضوع الدعوى العمومية هو املطالبة بإنفاذ الجزاء على املخالف للقانون
الجنائي،في صورتيه العقوبة أو التدبير الوقائي أو هما معا ،فإن موضوع الدعوى املدنية
.22
التابعة يكون في حق املتضرر طلب رفع وجبر األضرار الالحقة به من جراء الجريمة
جاء في املادة األولى من مجلة اإلجراءات الجزائية التونسية الصادرة بتاريخ
1968/08/06على أنه " ترتب على كل جريمة دعوى عمومية تهدف إلى تطبيق العقوبات
ويترتب عليها أيضا في صورة وقوع ضرر دعوى مدنية لجبر ذلك الضرر".
وسنتناول موضوع الدعوى املدنية التابعة من خالل التطرق إلى التعويض والرد
واملصاريف القضائية ،مخصصين لكل منها مطلبا مستقال:
المطلب األول :التعويض
عرف الدكتور عبد الواحد العلمي التعويض 23بكونه املقابل الذي يطالب به املتضرر
إلصالح ما لحقه شخصيا من الجريمة مباشرة من أضرار ،واملقابل قد يكون ماديا ( وهو
الغالب) عينيا أو ببدل كأداء مبلغ من النقود أو القين بعمل معين ،كما قد يحصل أن يكون
املقابل معنويا كطلب نشر املتضرر نشر الحكم الصادر ضد املتهم في الصحافة إلزالة ما قد
يكون علق بسمعته من شبهات مضرة بسبب الجريمة.
وينص الفصل 108من مجموعة القانون الجنائي املغربي على أن " التعويضات املدنية
املحكوم بها يجب أن تحقق للمتضرر تعويضا كامال عن الضرر الشخص ي الحال املحقق
الذي أصابه مباشرة من الجريمة" ،ويبقى للمحكمة السلطة التقديرية الكاملة في تقدير
التعويض املناسب للمطالب بالحق املدنية،لكنها يجب أن تأخذ بمجموعة من املعايير
كمسؤولية املتضرر نفسه ،والوضعية املادية للمتهم.
فبخصوص مسؤولية املتضرر نفسه ،يرى الدكتور محمد العربي شنة 24على أن
الجاني ال يقترف جريمته بطريقة عشوائية أو عفوية إال إذا كان مجنونا ،أما دون ذلك فهو
)22عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية،ج ، 1س ،2010ص .233
)23المرجع السابق ،ص 233و .234
)24أستاذ القانون الجنائي المشارك ،كلية الحقوق بجامعة البحرين ،موضوع له بعنوان :دور المجني عليه في
تحديد المسؤولية الجنائية للجاني ،منشور بمجلة القانون ،المجلد الثامن ،ص .212
17
يتأثر في اختياره لضحيته بصفات موضوعية فيها أو شخصية،بل أحيانا فإن املجني عليه
يتخذ سلوكا يكون هو السبب في زرع الفكرة اإلجرامية في ذهن الجاني أو يكون من شأن هذا
السلوك أن ينمي الفكرة اإلجرامية إذا كانت موجودة لدى الجاني ويدفع بها لتظهر إلى الخارج.
وهناك من التشريعات أيضا من جعلت من البنية الجسمية الضعيفة أو الحالة
الصحية للمجني عليه من الظروف املشددة في العقاب ،وبالتالي املستتبعة إلى تقدير
التعويض املناسب للفعل اإلجرام ،وهو ما نص عليه املشرع البحريني في املادة 75من قانون
العقوبات.
وجدير بالذكر إلى أن املشرع املغربي في الظهير الصادر بتاريخ 1984/10/02املتعلق
بتعويض املصابين في حوادث السير ،جاء بقواعد ومعايير حسابية وضعت حدا لخصوصية
املتضرر في تقويم الضرر ،ونزع من املحكمة سلطتها التقديرية في تحديد التعويض ،وأصبح
التعويض يحتسب على أساس سن ومورد املصاب.
المطلب الثاني :الرد
عرف بعض الفقه 25الرد بكونه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل إرتكاب الجريمة
وصورته املألوفة كإعادة املال الذي تحصل عليه الجاني عن طريق الجريمة إلى مالكه أو
حائزه .
وقد عرفته املادة 1/43من قانون العقوبات األردني بما يلي " :الرد عبارة عن إعادة
الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة ،وتحكم املحكمة بالرد من تلقاء نفسها كلما كان الرد في
اإلمكان".
كما عرفه الفصل 106من القانون الجنائي املغربي بأنه إعادة األشياء أو املبالغ أو
األمتعة املنقولة املوضوعة تحت يد العدالة إلى أصحاب الحق فيها ،وتضيف املسطرة
الجنائية 26إلى أن هذه األشياء يمكن ردها في مرحلة البحث والتحقيق ما لم تكن الزمة لسير
الدعوى أو خطيرة أو قابلة للمصادرة.
18
المطلب الثالث :المصاريف القضائية
نص الفصل 105من مجموعة القانون الجنائي املغربي على أن " كل حكم بعقوبة أو
تدبير وقائي ،يجب أن يبث في الصوائر ومصاريف الدعوى طبق القواعد املنصوص عليها في
الفصلين 349و 350من قانون املسطرة الجنائية ،ويجب أن يبث عالوة على ذلك ،إذا
إقتض ى الحال في طلبات الرد والتعويضات املدنية".
ويرى د .عبد الواحد العلمي في هذا الصدد أن مصطلح املصاريف القضائية يجب ربطه
بمعنى خاص جدا،ليقتصر على النفقات التي يتكبدها املطالب بالحق املدني بغرض الوصول
إلى إقتضاء التعويض الجابر للضرر الذي لحقه شخصيا والتي إضطره إليها املتهم بالجريمة
التي تعتبر سببا للجوئه للمطالبة مدنيا أمام القضاء ،فتشمل والحالة تلك الرسوم القضائية
املؤداة إن كانت واجبة ،وأتعاب املحامي الذي يقوم له باملسطرة وغيرها من املصاريف التي
البد يكون بذلها حتى يتيسر له إقتضاء التعويض.27
وإذا كان املحكوم عليهم متعددين ،فاملادة 45من قانون العقوبات األردني خول تقسيم
املصاريف عنهم بالتساوي إال إذا رأت املحكمة خالف ذلك ،وهو التوجه الذي تستعمله
املحاكم املغربية أيضا حين تنصيصها في آخر أحكامها وقراراتها بتحميل املتهمين الصائر
تضامنا مع اإلجبار ،ولو أن مفهوم التضامن يخول إعفاء الباقين متى أداه واحد من املتهمين
فقط ،غير أنه ومن الناحية العملية ،وتفاديا ملجموعة من اإلشكاالت كتساؤل املحكوم عليه
عن سبب تحميله الصائر لوحده دون غيره ممن حكم عليهم بمعيته في ذات الدعوى ،فإن
وحدات التبليغ والتحصيل تنهج أسلوب التقسيم بالتساوي على املحكومين عليهم بتحمل
الصوائر في الدعوى الواحدة.
19
المطلب األول :تنازل المطالب بالحق المدني
تنص املادة 13من ق.م.ج املغربي على أنه "يمكن للطرف املتضرر أن يتخلى عن دعواه
أو يصالح بشأنها أو يتنازل عنها."..
كما تنص املادة 260من قانون اإلجراءات الجنائية املصري على أن "للمدعي بالحقوق
املدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى"...
فانطالقا من هاتين املادتين يمكننا إستنتاج أن من حق املطالب بالحق املدني إنهاء
الدعوى املدنية التابعة بالتنازل أو الصلح سواء أمام هيئة التحقيق أو أمام املحكمة
الزجرية.
وقد إعتبر الدكتور محمد صبحي نجم الدعوى املدنية التابعة ملك خاص للمدعي املدني
الذي له بذلك حق التنازل عنها ـ أي عن كامل حقوقه ـ في أية حالة كانت عليها حتى صدور
حكم نهائي فيها .28
وقد إعتبرت محكمة النقض املغربية أن " املحكمة قد خرقت النص ـ املادة 13ق.م.ج ـ
عندما لم تعتبر التصالح بين الفريقين لعلة أن التعويض املدني في هذه النازلة ينبثق عن
املسؤولية التقصيرية في حين أن الحق املنصوص عليه في الفصل 13املذكور عام
.29
ومطلق"
وهو ذات اإلتجاه الذي سارت عليه محكمة النقض املصرية التي إعتبرت أن املحكمة
خالفت مقتضيات املادة 260من قانون اإلجراءات الجنائية املصرية حينما أيدت الحكم
اإلبتدائي في شقيه العمومي واملدني بالرغم بأن املدعي بالحق املدني عن نفسه وبصفته قرر
التنازل عن دعواه وفق ما ضمن بمحضر الجلسة ..30
ومن املعلوم أن تنازل املطالب بالحق املدني عن دعواه ال يؤثر في سير الدعوى العمومية
التي تبقى قائمة في مواجهة املتهم ،ما لم تكن املتابعة متوقفة على شكاية املشتكي ( املادة 4
ق.م.ج) ،وهو ما قرره املشرع املغربي في 13من قانون املسطرة الجنائية ،وكذا املشرع
الجزائري في الفقرة الثانية من املادة الثانية من قانون اإلجراءات الجزائية التي نص على أنه "
20
ال يترتب على التنازل عن الدعوى املدنية إيقاف أو إرجاء مباشرة الدعوى العمومية مع
مراعاة الحاالت املشار إليها في الفقرة 3من املادة ."6
وفي ختام هذا املطلب نشير إلى أن تنازل املطالب بالحق املدني عن دعواه يستتبع أمرين
هامين هما:
-1تنازله عن الدعوى ال يمنعه من إقامتها فيما بعد أمام املحكمة املدنية
باعتبارها املرجع األصلي ،وذلك وفق ما نصت عليه املادة 356من ق.م.ج املغربي التي
جاء فيها " :ال يحول تنازل الطرف املدني عن طلبه دون إقامته الدعوى املدنية بعد
ذلك أمام املحكمة املختصة"
-2يمنع عليه الرجوع إلى إثارته لدعواه التي تنازل عنها نهائيا في نفس القضية
بموضوعها وسببها وطرفيها.
المطلب الثاني :تقادم الدعوى المدنية التابعة
تتقادم الدعوى املدنية التابعة طبقا للقواعد املقررة في القانون املدني ألمد التقادم
ولوقفه والنقطاعه ،وهو املبدأ الذي نجده مطبقا في التشريع املغربي وفي بعض التشريعات
األخرى املقارنة التي إطلعنا عليها.
فاملشرع املغربي نص في املادة 14من ق.م.ج على أنه "تتقادم الدعوى املدنية طبقا
للقواعد املعمول بها في القانون املدني .إذا تقادمت الدعوى العمومية فال يمكن إقامة
الدعوى املدنية إال أمام املحكمة املدنية"،وهو ما كرسه املشرع املصري في املادة ،259وأيضا
املشرع التونس ي الذي جعل الدعوى العمومية خاضعة ألحكام القانون املدني في كل إجراءاتها
باستثناء سقوطها في املادة 8من مجلة اإلجراءات الجنائية.
وتجدر اإلشارة إلى أن الفصل 106من قانون واإللتزامات والعقود املغربي قد نص على
أن دعوى التعويض من جراء جنحة أو شبه جنحة تتقادم بمض ي خمس سنوات تبتدئ من
الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق املتضرر الضرر أو الشخص املسؤول عنه،وتتقادم في
جميع األحوال بمض ي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر.
ومن إجتهادات قضاء املوضوع نجد إبتدائية الفداء درب السلطان قد قضت على أنه
"إذا كانت مقتضيات الفصل 12من قانون املسطرة الجنائية تنص على أنه إذا كانت
املحكمة الزجرية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى املدنية معا فإن وقوع حوادث
21
مسقطة للدعوى العمومية يترك الدعوى املدنية قائمة ،وتبقى خاضعة إلى إختصاص
املحكمة الزجرية ،فإن هذا النص العام وإن كان يشمل التقادم كإجراء مسقط للدعوى
العمومية طبقا للفصل الثالث من نفس القانون ،إال أن مقتضيات الفقرة الثانية من
الفصل 14من نفس القانون التي جاء فيها " :إذا تقادمت الدعوى العمومية فال يمكن
إقامة الدعوى املدنية إال أمام املحكمة املدنية" تعتبر مقتضيات قانونية خاصة تتعلق
بأثر تقادم الدعوى العمومية على مصير الدعوى املدنية التابعة ،وهي املقتضيات األولى
بالتطبيق ،وبالتالي يترتب على ذلك الحكم بعدم قبول املطالب املدنية شكال". 31
المطلب الثالث :صدور حكم نهائي في الدعوى المدنية التابعة
تنتهي الدعوى املدنية التابعة بصدور حكم بات فيها ،ال يمكن من خالله للطرف املدني
أن يسلك معه أي طريق من طرق الطعن ،وبالتالي يمنع عليه رفع دعواه مجددا أمام محكمة
أخرى سواء الزجرية أو املدنية شرط أن يشمل حكم املحكمة السابقة جوهر الدعوى املنهي
لصلب النزاع.
ويرى الفقه املغربي 32أنه – ونظرا للشرط التقليدي الذي يستوجب وحدة األطراف
والسبب واملوضوع – فإنه يمكن رفع دعوى مدنية ثانية متى اختلف سبب الدعويين ،أو
كانت ضد أطراف آخرين لم تشملهم املتابعة ،مع مالحظة أن هناك اختالف بين امليدانين
الزجري واملدني ،حيث أن قوة الش يء املقض ي به في الدعوى املدنية ليس من النظام العام،
وبالتالي ينبغي إثارتها ممن له املصلحة في ذلك ،وال يمكن للمحكمة أن تقوم بذلك من تلقاء
نفسها ،وهذا ما سيؤدي إلى أنه متى سبق البث في الدعوى املدنية أمام املرجع املدني ،ورفعت
من جديد أمام املرجع الزجري ولم يتم إثارة سبق الحكم من طرف املتهم أو املسؤول املدني
فإن املحكمة الزجرية تبث فيها من جديد.
)31حكم صادر بتاريخ بتاريخ 2003/07/01ملف جنحي رقم ،518منشور ب"دراسات قضائية" لألستاذ محمد بفقير،
ج ،3ص 303وما يليها.
)32محمد عياط ،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ،ج ،1ط،1س ،1991ص .226
22
الفصل األول:
23
متهيد:
إن الغاية من وضع املشرع للمسطرة الجنائية هو إحقاق العدل من خالل املزاوجة بين
الحفاظ على الحق الخاص للمتهمين والضحايا من جهة،والحق العام وصيانة هيبة الدولة
ومكانتها من جهة ثانية ،وإحقاق العدل ال يمكن توفيره إال بالوصول إلى الحقيقة ،هذه األخيرة
ال يمكن تصورها من دون تحقيق الذي الزمها منذ القدم ،وكان غالبا هو السبيل إلى إظهارها
والكشف عنها ،فالحقيقة كما يقولون ال تخرج على الناس من بئرها عارية ،بل هي على الدوام
ثمرة مجهود مضن وبحث شاق ومتابعة فكرية وانتقاء ذهني ،فالناس ليسوا أخيارا على
الدوام بل هناك من يخافها ويحاول طمسها ،لذلك فهي بحاجة إلى من يكشف سرها حتى
تستقر وتبدو ظاهرة ،وحتى ال ينطفئ وميضها ال بد للحقيقة من تحقيق يحقق لها ذلك .33
والتحقيق مرحلة من مرحلة القضية الجنائية تسبق عملية املحاكمة ،والهدف من
اللجوء إليه في الحدود التي يسمح بها القانون والتي تتسع أو تضيق بحسب اإلتجاهات
القانونية ،هو تمحيص األدلة من قبل جهات التحقيق املتوفرة في التهمة ،وتقديرها من أجل
إتخاذ القرار في ضوء ذلك إما باملتابعة واألمر بإحالة القضية على املحكمة إن هي قدرت بأن
هذه األدلة كافية ،وإما بعدم املتابعة إن وجدت جهة التحقيق بأن هذه األدلة غير كافية،
وهي املرحلة التي توصف من طرف البعض بأنها "الوسطى" وتتموقع بين البحث التمهيدي
واملحاكمة النهائية ،وهي مرحلة قضائية ألن القائم بها له صالحية التقدير لألدلة ومدى
كفايتها في إسناد التهمة من عدمه . 34
واملتتبع ملجريات التحقيق عند عرب الجاهلية يجد أنهم اعتمدوا على عدة وسائل
منطقية في كشف حقيقة الحادث اإلجرامي وفي املقدمة تأتي شهادة الشهود والفراسة
واليمين ،وينصب التحقيق عندهم على اإلنسان فقط ؛ وتوفير الضمانات للمتهم كاشتراط
العدالة في البينة الشخصية أي شهادة الشهود.
والفراسة :عبارة عن اإلستدلل باألحوال الظاهرة على الخلق الباطنة ويقال في أيام
العرب تفرست في وجه الرجل فعرفت من أين هو ومن أين قدم ،وهكذا اعتبر من ضمن
العلوم الشائعة آنذاك واملساعدة في التعرف على الجناة.
)33عمارة فوزي ،قاضي التحقيق ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية ،جامعة اإلخوة منتوري –قسنطينة-
كلية الحقوق ،العام الجامعي ،2010-2009ص .1
)34عبد الواحد العلمي ،شروح في قانون المسطرة الجنائية الجديد ،ج ،2ط ،3س ،2012ص .9
24
وقد عرف علم الفراسة تعريفا بسيطا يعتبره إلهاما ،فالفراسة هي :فكرة تقفز فجأة
للوعي ,ممن شهد لهم بالذكاء واملعرفة الطويلة ,وقد اشتهرت أسر عربية ببراعتها في الفراسة
وتقص ي األثر .ويستعان بالفراسة من حيث هي قدرة عقلية على اإلستدلل السريع وهي وسيلة
مشروعة للكشف عن الجريمة عند بعض الفقهاء وخاصة الحنابلة .35
وفي القانون املغربي تناول املشرع مؤسسة قاض ي التحقيق في قانون املسطرة الجنائية
ضمن قسمين هما القسم الثالث من الكتاب األول الذي خصص له املواد من 83إلى ،230
ثم القسم الرابع من ذات الكتاب الذي خصص له املواد من 231إلى 250واملتعلقة بالغرفة
الجنحية لدى محكمة االستئناف.
وبالرجوع إلى املادة 52من قانون املسطرة املغربي نجده ينص على أنه" يعين القضاة
املكلفون بالتحقيق في املحاكم اإلبتدائية من بين قضاة الحكم فيها ملدة ثالث سنوات قابلة
للتجديد بقرار لوزير العدل،بناء على إقتراح من رئيس املحكمة االبتدائية .يعين القضاة
املكلفون بالتحقيق في محاكم االستئناف من بين مستشاريها ملدة ثالث سنوات قابلة للتجديد
بقرار لوزير العدل ،بناء على اقتراح من الرئيس األول ملحكمة االستئناف.يمكن خالل هذه
املدة إعفاؤهم من مهامهم بنفس الكيفية.يباشر هؤالء القضاة مهامهم وفق ما هو منصوص
عليه في القسم الثالث بعده.ال يمكن لقضاة التحقيق ،تحت طائلة البطالن،أن يشاركوا في
إصدار حكم في القضايا الزجرية التي سبق أن أحيلت عليهم بصفتهم قضاة مكلفين
بالتحقيق".
أما املشرع الجزائري فقد أسند مهة التحقيق لقضاة يعينون خصيصا لهذا الغرض ،إذ
يعين بمرسوم رئاس ي بناء على إقتراح من وزير العدل وبعد مداولة املجلس األعلى للقضاء،
وفق ما نصت عليه املادة الثالثة من النظام األساس ي للقضاء ،لكن وعكس املشرع املغربي،
.36
فمدة انتداب قضاة التحقيق بالجزائر غير محددة
ويتصل قاض ي التحقيق بالقضية في تشريعنا الوطني بطريقتين أساسيتين هما:
ـ أوال :ملتمس النيابة العامة بإجراء تحقيق
)35علي سلطاني ،محاضرات في علم النفس الجنائي،جامعة تبسة ،كلية الحقوق الجزائر ،ص.11
)36عمارة فوزي ،المرجع السابق ،ص .10
25
وامللتمس عبارة عن صك مكتوب تصدره النيابة ،بمقتضاه تلتمس من قاض ي التحقيق
الوارد إسمه فيه بإجراء تحقيق في وقائع تكون خاضعة للتحقيق اإلعدادي إن بصورة إلزامية
أو إختيارية.
ـ ثانيا :المطالبة بالحق المدني أمام قاضي التحقيق
وهذه الطريقة الثانية هي التي تهمنا في بحثنا هذا ،والتي سنحاول جاهدين تناولها بنوع
من التحليل من خالل منهجية نتطرق فيها إلى إتصال قاض ي التحقيق بالقضية بناء على
الشكاية التي تقدم بها املطالب بالحق املدني،مع شرح كيفية تحريك هذه الشكاية للدعوى
العمومية (املبحث األول) ،ثم نعرج إلى الحديث عن شروط وإجراءات اإلدعاء بالحق املدني
أمام قاض ي التحقيق (املبحث الثاني) ،ثم بإجراءات الطعن ضد أوامر قاض ي التحقيق من
طرف املطالب بالحق املدني (املبحث الثالث) ،لنختم بحق الطرف املدني بالطعن ضد قرارات
الغرفة الجنحية.
ويرى الدكتور اإلدريس ي العلمي املشيش ي أن الشكاية املقدمة إلى قاض ي التحقيق هي
الشكاية مع التنصيب طرفا مدنيا والتي تتطلب شكليات محددة ،أما الشكاية العادية فال
26
تحتاج إلى مثل هاته الشكليات ،ويكفي توجيهها بطريقة عادية إلى النيابة العامة لتتخذ بشأنها
ما تراه مناسبا . 37
وتختلف الشكاية عن الوشاية كون األخيرة تصدر عن الشخص الذي لم يكن متضررا
أو ضحية.
الفقرة الثانية :شكليات الشكاية
ال تخضع الشكاية العادية إلى شكل خاص ،فقد تكون كتابية أو شفوية ،وال يلتزم
املشتكي باإلدالء ببيانات خاصة أو إحترام شكليات معينة .38
وهذا عكس الشكاية املقدمة إلى قاض ي التحقيق مع التنصيب طرفا مدنيا والتي تتطلب
مجموعة من الشكليات والبيانات ،وهي موضوع بحثنا هذا التي سنتطرق إليها بالتفصيل فيما
بعد.
الفقرة الثالثة :مضمون الشكاية
يكفي أن تتضمن الشكاية العادية إشعار الجهة املختصة من طرف املجني عليه بأنه
كان ضحية لجريمة ما ،ارتكبت في وقت ومكان معينين ،لتتولى النيابة العامة أو الضابطة
القضائية البحث فيها ،وإجراء املعاينات الضرورية ،واإلستماع إليه ،وإلى كل من له عالقة
بالفعل املرتكب وذلك بشكل مفصل.
وفي هذا الصدد ميز األستاذ الحسين بوعيس ي بين الشكاية وبين الوشاية من خالل أن
الوشاية يكفي أن تقدم بشكل مقتضب ،ومن حق الواش ي أن يطلب عدم الكشف عن هويته
ألسباب خاصة ،وفي هذه الحالة يجب إحترام إرادته ما لم يكن ذكر هويته ضروريا ،أو هناك
مصلحة كبيرة جدا للمجتمع تفوق مصلحته في أن يبقى تحت الظل .39
المطلب الثاني :حق المتضرر في تحريك الدعوى العمومية
تعتبر النيابة العامة هي صاحبة االختصاص األصــيل في تحريك الدعوى العمومية
ومراقبة سيرها الى حين صدور حكم فيها و تنفـيذ مقتضياته باعتبارها صاحبة السيادة على
)37المسطرة الجنائية ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ،ط ،1991ص .216
)38الحسين بوعيسي ،تحريك الدعوى العمومية من طرف المتضرر عن طريق اإلستدعاء المباشر،ط ،1ص 129
)39المرجع السابق ،ص 129و.130
27
الدعوى العمومية فهي الجهة التـ ـ ــي أوكل إليها املشرع في إطار التفويض املعطى لها من قبل
املجتمع حق م ــتابعة الجناة و إحالتهم على قضاء الحكم و املطالبة بتوقيع العقاب عليهم و
ممارسـ ــة الطعن في األحكام الصادرة ضدهم و تنفيذها في حقهم ،إال أن املشرع املغربي نص
في الفقرة الثانية من الفصل 348من ق م ج على أنه يمكن للط ـ ـ ـ ــرف املتضرر أن يقيم
الدعوى العمومية طبقا للشروط املحددة في هذا القان ـ ـ ــون فهذه اإلمكانية القانونية املتاحة
للمتضرر من الجريمة تجعل االدعاء املخ ــول إليه ممارسته يوصف بكونه مباشرا والعلة من
وراء هذا الوصف هو أن هـ ــذا االدعاء ال تسبقه أية إجراءات أولية تمهد لطور املحاكمة فهو
ال يعرف مرحلــة البحـث التمهيدي وإنما يدخل في حوزة قضاء الحكم بصفة مباشرة .40
ويعرف إثارة املطالب بالحق املدني الدعوى العموميـ ــة أمام القضاء ب" االدعـاء
املباشر " أو " االستدعاء املباشر ،فقد ورد في الفقرة الثانية من املادة 350من ق م ج ما يلي
<< :إذا قام الطرف املدني دعواه عن طريق إيداع مذكرة تعين أن تتضمن هذه املذكرة
البيانات الكفيلة للتعريف به ،وأن تبين الجريمة املترتب عنها الضرر ومبلغ التعويض
املطلوب و األسباب املبررة للطلب و ان يحتوي على تعيين موطن مختار في املكان الذي يوجد
فيه مقر املحكمة ما لم يكن الطالب مقيما بدائرة نفوذها >> أما الشكاية املباشرة :هي
الدعوى العمومية املثارة من قبل املطالب بالحق املدني أمام قاض ي التحقيق ،فقد ورد في
مقتضيات املادة 92من ق م ج << يمكن لكل شخص ادعى أن ـ ــه تضرر من جناية أو جنحة أن
ينصب نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمـ ــام قاض ي التحقيق املختص ،ما لم ينص
القانون على خالف ذلك >>
و بالتالي فإن كلمة الشكاية التي وردت بنص الفصل املذكور لم ترد عبثا مـ ــن قبل املشرع
الجنائي املغربي ،و إنما وظفت بكيفية تتالءم و طبيعة عمل قاض ي التحقيق ،هذا األخير
الذي ال يصدر أحكاما في موضوع النوازل املعروضـ ــة عليه ،و إنما يصدر أوامر تقض ي إما
باملتابعة أو إحالة امللف على قضاء الحكم أو بعدم املتابعة .
ال يمكن للمتضرر تقديم الشكاية أمام قاض ي التحقيق في جميع الجرائم ،فاملشرع
املغربي استثنى املخالفات بصريح املادة ،92كما ال يمكنه ذلك في الجنح التي ال يوجد نص
خاص يسمح بالتحقيق فيها ،كما منعت املادة 3/93على النيابة العامة أن تحيل على قاض ي
التحقيق ملتمسات بعدم إجراء تحقيق إال إذا كانت الوقائع املعروضة ال تستوجب قانونا
إجراء املتابعة لوجود أسباب تمس الدعوى العمومية،أو إذا كانت الوقائع ال تقبل تكييف
جرمي حتى ولو افترض وجودها،أو لم تكن الجريمة من النوع القابل للتحقيق.
)41رياضي عبد الغاني ،جهاز قاضي التحقيق :اختصاصاته واإلجراءات المسطرية المطبقة أمامه ،ج ، 1ط ،2007
ص 51
29
وقد أيدت الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف بورزازات أمر السيد قاض ي التحقيق
القاض ي بعدم إجراء البحث ،على اعتبار أن الجنحة موضوع الشكاية لم ينص املشرع على
إمكانية التحقيق فيها ،حيث جاء في حيثيات قرارها عدد 35الصادر بتاريخ 2015/05/07ما
يلي ":وحيث تبين للمحكمة من خالل دراستها لوقائع القضية وظروفها ومالبساتها أن
الفعل املطلوب فيه إجراء تحقيق من طرف املشتكي يتعلق بجنحة اإلدالء بشهادة زور في
قضية جنحية وهي الجنحة غيرالقابلة للتحقيق( ".غير منشور)
وقد أكد األستاذ الحسن البوعيس ي على أنه يتعين على قاض ي التحقيق أن ينظر قبل
بدئ التحقيق هل هو مختص أم ال.42
ويجب على قاض ي التحقيق في حالة عدم اختصاصه باملطالبة املدنية أن يصدر بعد
تلقي ملتمسات النيابة العامة أمرا بإحالة الطرف املدني ليقيم دعواه أمام الهيئة القضائية
املختصة ،وعدم تركه ليرفع شكواه إلى جهات قد تكون بدورها غير مختصة فيضيع بذلك
وقته وجهد القضاء عبثا.43 .
الفقرة الثانية :إيداع مصاريف الدعوى
عمال بمقتضات املادة 95من ق.م.ج املغربي فيجب على الطرف املدني أن يودع بكتابة
الضبط املبلغ الذي يفترض أنه ضروري ملصاريف الدعوى ،ويحدد له قاض ي التحقيق أجال
لإليداع وذلك تحت طائلة عدم قبول شكايته ،ويحدد هذا املبلغ بأمر من قاض ي التحقيق
الذي عليه أن يراعي اإلمكانيات املالية للمشتكي ،وذلك ما لم يكن األخير محصال على
املساعدة القضائية.
وقد ترك املشرع الجزائري في املادة 75من قانون اإلجراءات ملسألة تقدير هذه
املصاريف للسلطة التقديرية لقاض ي التحقيق حسب طبيعة القضية وظروفها واإلجراءات
التي تستلزمها ،وهو األمر الذي ال يحتاج إلى تسبيب أو شكلية معينة.
وقد أعطت املحكمة العليا الجزائرية الجواب عن اإلشكالية املترتبة عن إغفال قاض ي
التحقيق لتحديد هذه املصاريف ولم يطلب املدعي املدني إيداعها مسبقا ،ووقع التحقيق
بموافقة النيابة العامة إنتهى بصدور حكم باإلدانة في حق املتهم غير أنه طعن فيه
باالستئناف حيث أكدت على أنه ال يجوز تقرير البطالن في هذه الحالة ،ألن النيابة العامة
)42المرجع السابق ،ص .98
)43الدكتور عبد الواحد العلمي ،المرجع السابق ،ج ،2ص .36
30
بانضمامها إلى املدعي املدني وموافقتها على تحريك الدعوى الجزائية تكون قد أقامت الدعوى
العمومية بذاتها وأصبحت غير تابعة لإلدعاء املدني.44 .
كما أن محكمة النقض املغربية ذهبت إلى أن بمفهوم املخالفة للمادة 95فاملدعي املدني
إذا لم يكن هو مثير الدعوى العمومية فإن شكايته تقبل دون أن يلتزم بإيداع املبلغ املالي.45
الفقرة الثالثة :إبراز الضرر
إن تحريك الدعوى العمومية عن طريق اإلدعاء املدني أمام قاض ي التحقيق ال يكفي
فيه مجرد إدعاء املتضرر املجرد ،بل يجب أن يوضح الظروف واملالبسات التي تسمح لقاض ي
التحقيق بأن يستشف من اإلدعاء إمكانية حصول الضرر لبدئ التحقيق ،وهو ما أكدته
محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في 09فبراير 1961الذي جاء فيه ":لئن كان
الفصل 85من قانون املسطرة الجنائية يخول حق تحريك الدعوى العمومية عن طريق
التنصيب كطرف مدني أمام قاض ي التحقيق ودون تدخل النيابة العامة لكل شخص
يدعي أنه تضرر من جناية أو جنحة فإنه ال يستنتج من هذا التعبير أنه يكفي ألن يدعي
املتضرر من الجريمة التي يلجأ بشأنها إلى القضاء".46
الفقرة الرابعة :تعيين موطن مختار
أوجبت املادة 96من ق.م.ج على املشتكي أن يختار محال للمخابرة إن كان ال يقيم في
دائرة نفوذ املحكمة التي يجري فيها التحقيق وإال فقد إمكانية اإلحتجاج عن عدم تبليغه
الوثائق الواجب تبليغها إليه بمقتض ى القانون .
وهو ما نصت عليه أيضا املادة 79من قانون اإلجراءات الجنائية املصرية التي جاء فيها:
" يجب على كل من املجني عليه واملدعي بالحقوق املدنية واملسؤول عنها ،أن يعين له محال في
البلدة الكائن فيها مركز املحكمة التي يجري فيها التحقيق إذا لم يكن مقيما فيها .وإذا لم
يفعل ذلك ،يكون إعالنه في قلم الكتاب بكل ما يلزم إعالنه به صحيحا".
)44عمارة فوزي،قاضي التحقيق ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية من جامعة اإلخوة منتوري-
قسنطينة ،كلية الحقوق ،العام الجامعي ،2010-2009ص .74
)45قرار رقم 639بتاريخ 1961/11/13منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 59و 60و 61ص .542
)46أورده ذ الحسن البوعيسي ،المرجع السابق ،ص . 97
31
ونجد نفس الش يء بالنسبة للمشرع التونس ي الذي نص في الفصل 40من قانون
اإلجراءات الجزائية على أنه " :على القائم بالحق الشخص ي أن يختار لنفسه مقرا بمركز
املحكمة املتعهدة بالقضية وإن لم يفعل فال حق له في االحتجاج بعدم تبليغه األوراق التي
يوجب القانون إبالغه إياها".
بمجرد ما يقدم املطالب بالحق املدني شكايته أمام قاض ي التحقيق ،يباشر األخير
مجموعة من اإلجراءات في سبيل البث فيها وذلك بمجرد ما يتم تقييدها بكتابة الضبط،
وهذه ا إجراءات تتحدد في الفقرات اآلتية:
بعد تقديم الشكاية مباشرة من طرف املطالب بالحق املدني ،أو باملطالبة بإجراء تحقيق
من طرف النيابة العامة تقيد الدعوى بسجل خاص بكتابة الضبط (بمكتب التحقيق) وفق
ترقيم تسلسلي يبتدأ كل سنة ميالدية من الرقم 01إلى آخر رقم مسجل خالل نفس السنة،
ويعد هذا السجل نموذجيا بوزارة العدل تحت رقم 901بالنسبة لألحداث ،و 904بالنسبة
للرشداء ،ويتضمن مجموعة من البيانات التي يجب تضمينها بكل دقة من طرف كاتب
الضبط املكلف بشعبة التحقيق ،هذه البيانات التي نوضحها كما يلي:
إسم
مضمن
الضحية رقم
الوضع وقم تاريخ التهمة اإلسم
أو الملف تاريخ الرقم
تحت االعتقال االستنطاق المطالبة الشخصي
المطالب بالنيابة التسجيل الترتيبي
المراقبة وتاريخه اإلبتدائي بالتحقيق والعائلي
بالحق العامة
القضائية
المدني
01
32
الصفحة 02من السجل:
مدة
تاريخ تاريخ
تاريخ تاريخ
مالحظات نتيجة االستئناف تاريخها مضمنها االستنطاق التمديد
االستئناف التبليغ
التفصيلي أو
االلغاء
إذا كانت الشكاية املشفوعة باملطالب املدنية مقدمة في مواجهة قاض ي ،أو موظف
عمومي ،أو عون تابع للسلطة أو القوة العمومية وظهر أن الدولة يمكن أن تتحمل املسؤولية
املدنية من جراء أعمال تابعيها ،وجب على قاض ي التحقيق أن يشعر الوكيل القضائي
للمملكة وفق ما نصت عليه املادة 95في فقرتها الثانية من ق.م.ج
ويوضح األستاذ رياض عبد الغاني 47أن الشخص الذي ينصب نفسه طرفا مدنيا
يستفيد من مجموعة االمتيازات القانونية ومن ضمنها تخويله الحق في تنصيب دفاع
ملؤازرته ،وحق األخير في وضع ملف التحقيق رهن إشارته قبل كل عملية استنطاق وإحالة
جميع األوامر والقرارات املتخذة من طرف قاض ي التحقيق عليه بقصد ممارسة حق الطعن
باالستئناف في مواجهتها ،وهي ضمانات بالغة األهمية وال ينمكن اإلشهاد عليها سيما وأن عدم
احترامها من قبل قاض ي التحقيق يؤدي حتما إلى بطالن اإلجراءات املتخذة طبقا للقانون.
وبخصوص ما إذا كان إشعار الوكيل القضائي للمملكة يعتبر إجراء جوهريا ينتج إغفال
البطالن من عدمه أجابت محكمة النقض بقرار حديث لها على هذا التساؤل بقولها " :وحيث
إن تبليغ إقامة الدعوى العمومية إلى الوكيل القضائي للمملكة طبقا للمادة 3من قانون
املسطرة الجنائية هو إجراء إداري ال يعتبر عدم انجازه من طرف النيابة العامة مبطال للقرار
أو الحكم مما تبقى معه الوسيلة على غير ذي أساس".48
ا
)47لمرجع السابق ،ص 86و 87
في إطار البحث الذي يقوم به قاض ي التحقيق يقوم باالستماع إلى الشهود سواء أولئك
الذين التمس املطالب بالحق املدني أو املتهم أو دفاعهما استدعاءهم ،أو أي شخص حضر
بمحض إرادته إذا ما تبين لقاض ي التحقيق الفائدة من االستماع إليه ،أو أي شاهد يرى
قاض ي التحقيق نفسه ضرورة حضوره ،إذ يعمد على استدعاء الشهود بالطرق اإلدارية ،أو
برسالة مضمونة ،أو بواسطة القوة العمومية التي يملك حق تسخيرها وفق املادة 54من
قانون املسطرة الجنائية ،أو بواسطة املفوضين القضائيين.
وإذا تخلف الشخص املستدعى وجه له قاض ي التحقيق استدعاء ثانيا ،قبل أن يجبره
على الحضور بناء على ملتمس النيابة العامة حين تخلفه رغم التوصل ،كما يمكن أن يصدر
في حقه أمرا غير قابل ألي طعن بأداء غرامة تتراوح بين 1200و 12000درهم ،والتي يمكن
إعفاؤه منها كليا أو جزئيا إذا حضر وقدم مبررا مقبوال عن سبب تخلفه عن الحضور.
وقبل االستماع إلى الشهود يتم التأكد أوال من هويتهم ومن جود موانع الشهادة من
عدمها وكذا تذكيره بعواقب شهادة الزور ،ثم أداء اليمين القانونية قبل اإلدالء بالتصريحات
التي يدونها كاتب الضبط في محضر يوقع عليه إلى جانب قاض ي التحقيق والشاهد.
الفقرة السادسة :إجراء المواجهة
يقصد باملواجهة إجراء مقابلة بين شخصين أو أكثر من الشهود أو املتهمين ،لبيان ما
اختلف فيه الشهود قصد تقييم شهادتهم وتمكين قاض ي التحقيق من تكوين قناعته لألخذ
بما يراه موافقا لألدلة التي بين يديه ،وبالتالي عرض هذه األقوال على املتهم ليقرها أو يطعن
فيها.50
فلقاض ي التحقيق واستنادا للمادة 135من قانون املسطرة الجنائية إجراء مواجهة بين
املتهم واملطالب بالحق املدني لتوضيح حقيقة تضارب أقوالهما – متى كان هناك تضارب بينها-
وذلك بعد أن استمع لكل طرف على انفراد ،وذلك لتكوين قناعته في اتخاذ األمر املناسب،
وهو ما كرسه أيضا املشرع املصري ضمن املادة 124من قانون اإلجراءات الجنائية (النموذج
.)2
)50شرح قانون المسطرة الجنائية ج ، 1منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد ،6ص .262
35
الفقرة السابعة :إجراء الخبرة
قد يتطلب البحث الذي فتحه قاض ي التحقيق بناء على شكاية املتضرر إجراء خبرة
للوقوف على املسائل التقنية التي يصعب عليه الوقوف عليها ،كاملسائل املتعلقة بالحالة
الصحية للطرف املدني ،أو التحقق من الخطوط والبصمات والتوقيعات في شأن الوثائق
املطعون في صحتها أو غيرها من املسائل الفنية التي تتطلب تدخل أهل اإلختصاص .واألمر
بإجراء خبرة قد يتخذه قاض ي التحقيق إما تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو
األطراف ،وفي حالة رفضه لهذا امللتمس وجب عليه أن يعلل قراره الذي يقبل الطعن
باإلستئناف أمام الغرفة الجنحية ،أما األمر القاض ي بإجراء الخبرة فال يقبل الطعن
باالستئناف وفق ما نصت عليه املادتين 1/222و 196من قانون املسطرة الجنائية.
ويتم إختيار خبير من بين الخبراء املسجلين بجدول الخبراء القضائيين ،وفي حالة عدم
تواجده ،يتم تعيين خبير آخر خارج الجدول شرط أدائه اليمين القانونية أمام قاض ي
التحقيق قبل القيام باملهام املوكولة إليه.
الفقرة الثامنة :تدوين إجراءات التحقيق
بالرجوع إلى املواد املنظمة ملؤسسة التحقيق سنجدها تحث على تدوين كل اإلجراءات
التي قام بها قاض ي التحقيق بمناسبة البحث الذي قام به ،وال يغفل عن أحد أن مهمة
التدوين هته ،أو مهمة التوثيق لإلجراءات ال يقوم بها إال كاتب الضبط ،فاألخير يعتبر الشاهد
األمين وامللزم بكتمان السر املنهي ،والذي ال يباشر مهامه الوظيفية إال بعد أدائه لليمين
القانونية.
فمحاضر االستماع واملواجهة وغيرها يحررها كاتب الضبط وفق ما عاينه وشاهده
وسمعه بما يمليه عليه الشرف والضمير ،وفي هذا اإلطار أرى ضرورة إعادة الصياغة لبعض
املواد املتعلقة بالتحقيق االعدادي كتلك التي تنص على أن قاض ي التحقيق يحرر محضرا بما
أنجزه من أعمال ( املادة )3/99ألن الواقع يشهد أن محرر هذه املحاضر هو كاتب الضبط
وليس قاض ي التحقيق ،إضافة إلى ما نصت عليه املادة 119من ق.م.ج على أنه " يستمع
قاض ي التحقيق بمساعدة كاتبه "!!..وكأن كاتب الضبط تابع للقاض ي والحال أنه ينتمي إلى
جهاز مستقل تماما عن السلطة القضائية التي ينتمي إليها قاض ي التحقيق ،مع التأكيد على
36
أن مثل هذه النصوص إنما تكرس نظرة دونية لم تعد لها قائمة في هذا العهد الذي باتت فيه
اإلدارة القضائية تزخر به من طاقات ومؤهالت علمية وعملية موازية كليا للعاملين ضمن
منظومة العدالة ككل.
وتنص املادة 233من ق.م.ج املغربي على أن الغرفة الجنحية تجتمع بدعوة من رئيسها
أو بطلب من الوكيل العام للملك كلما اقتضت الضرورة ذلك.
37
فاملالحظ إذن أن املشرع ظل متمسكا بمبدأ ثالثية التشكيلة في الغرفة الجنحية ،كما
أسند مهة رئاستها للرئيس األول ملحكمة االستئناف خالفا ملا كان عليه األمر في قانون
املسطرة الجنائية لسنة 1959الذي لم يحدد صفة رئيس غرفة اإلتهام والذي يعين كباقي
األعضاء من طرف الجمعية العامة للمحكمة .52
الفقرة الثانية :إختصاصات الغرفة الجنحية
طبقا للمادة 231من ق.م.ج فالغرفة الجنحية تختص في :
أوال:في طلبات اإلفراج املؤقت املقدمة إليها مباشرة طبقا للفقرتين الرابعة
والخامسة من املادة ،179وفي تدابير الوضع تحت املراقبة القضائية املتخذة طبقا
للمادة 161؛
ثانيا :في طلبات بطالن إجراءات التحقيق املنصوص عليها في املواد 210إلى
213؛
ثالثا :في اإلستئنافات املرفوعة ضد أوامر قاض ي التحقيق طبقا للمادة 222
وما يليها؛
رابعا :في كل إخالل منسوب لضابط من ضباط الشرطة القضائية خالل
مزاولته ملهامه طبقا ملا هو منصوص عليه في املواد من 29إلى 35من ق.م.ج.
كما تختص أيضا الغرفة الجنحية في البث في امللتمسات الرامية إلى سحب قضية من
قاض للتحقيق وإحالتها على قاض آخر للتحقيق ضمانا لحسن سير العدالة(م ،)91وفي
إصدار مقرر بإيقاف التحقيق أثناء النظر في استئناف أمر قضائي (م ،)226وكذا للبث في
طلبات رد اإلعتبار (م .)700
وفي هذا الصدد أكدت محكمة النقض (املجلس األعلى سابقا) على أن " اختصاصات
الغرفة الجنحية لدى محكمة االستئناف محددة قانونا وال يدخل ضمنها البث في
النزاعات العارضة املتعلقة بالتنفيذ الزجري ،الذي يبقى االختصاص بشأنه للمحكمة
53
التي أصدرت القرارتنفيذه ،والذي قد تتواله إحدى غرف محكمة االستئناف".
)52اشرح قانون قانون المسطرة الجنائية ،ج ،2منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ط 5ص 155
)53قرار عدد 217صادر بتاريخ 2011/03/03ملف عدد 11/569منشور بنشرة قرارات المجلس األعلى الغرفة
الجنائية ج 8ص 81وما يليها.
38
الفقرة الثالثة :مسطرة إحالة القضية على الغرفة الجنحية
نصت املادة 234من ق.م.ج على أن القضايا تحال على الغرفة الجنحية بواسطة النيابة
العامة بعد تهييئها داخل أجل خمسة أيام من تاريخ توصلها بامللف من طرف قاض ي التحقيق.
وفور توصل كتابة الضبط بملف الطعن تفتح له ملفا بالغرفة وتضمنه بالسجالت
املعدة لهذه الغاية ثم تحيله على الرئيس األول لتعيين املستشار املكلف الذي يقوم بدراسة
القضية وإعداد تقرير في املوضوع.
ويمكن لألطراف ودفاعهم اإلطالع على امللف وملتمسات النيابة العامة ،وإيداع
مذكراتهم بكتابة الضبط ليتسنى لباقي األطراف اإلطالع عليها ،كما أكدت املادة 236من
ق.م.ج على أن الغرفة الجنحية تعقد جلساتها بصفة سرية ،وتصدر قراراتها في جلسة علنية،
ويمكنها أن تأمر بحضور األطراف شخصيا وبإحضار أدوات اإلقناع حتى يتمكن األطراف من
الدفاع عن مصالحهم ،وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض في أحد قراراتها على أنه "ال
وجود في قانون املسطرة الجنائية ألي نص يخول للمتهم حق التعرض على قرارات الغرفة
54
الجنحية التي هي غير ملزمة باستدعاء املتهمين أثناء جلساتها السرية".
المطلب الثاني :إستئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المطالب بالحق المدني
يعتبر املطالب بالحق املدني طرفا في الخصومة التي يحقق فيها قاض ي التحقيق ،لذلك
خول له املشرع حق الطعن ضد القرارات الصادرة من طرق قاض ي التحقيق متى اعتبرها
مضرة بمصالحه ،غير أن املشرع املغربي لم يسمح للطرف املدني باستعمال حق الطعن
باإلستئناف إال ضمن حاالت محددة ،مع إتباع شكليات أساسية حتى يقبل طعنه ،وهذا ما
سنتناوله ضمن هذا املطلب من خالل التطرق إلى أوامر قاض ي التحقيق التي يجوز للطرف
املدني استئنافها ،ثم األوامر التي ال يجوز له إسئنافها ،لنتطرق بعدها إلى القواعد
والشكليات الواجب إتباعها لسلوك هذا الطعن وإحالة امللف على الغرفة الجنحية،
مخصصين لكل نقطة فقرة مستقلة.
)54قرار عدد 4/1290بتاربخ 2002/06/19منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 97ص 198ومايليها.
39
الفقرة األولى :أوامر قاضي التحقيق التي يجوز للمطالب بالحق المدني
استئنافها
حددت املادة 224من ق.م.ج املغربي األوامر الصادر عن قاض ي التحقيق التي يجوز
للمطالب بالحق املدني إستئنافها في مايلي:
-1األوامر القاضية بعدم إجراء تحقيق بعد تقديم الشكاية املرفوقة باإلدعاء
املدني؛
-2األوامر القاضية بعدم املتابعة؛
-3األوامر التي يبث فيها قاض ي التحقيق في شأن اختصاصه وذلك إما تلقائيا،
وإما بناء على دفع أحد األطراف بعدم إختصاص؛
-4األوامر الصادرة عن قاض ي التحقيق الضارة بمصالح الطرف املدني.
وبخصوص الحالة الرابعة املشار إليها أعاله ،يرى األستاذ عبد الواحد العلمي أن هذه
الحالة وإن كانت لها رمزية العموم – خالفا للحاالت األخرى الثالثة – بحيث يمكن للمطالب
بالحق املدني اللجوء إليها دوما بدعوى املحافظة على مصالحه من اإلضرار بها ،كما في حاالت
األوامر الرافضة إلجراء خبرة التي طالب بها(م 194ق م ج)،أو إلجراء خبرة تكميلية أو مضادة
يتشبث بها ( 208ق م ج) ،فإن هذه العمومية من شأنها أن تفسح املجال واسعا للمطالب
بالحق املدني إلطالة أمد اإلجراءات بكيفية تعسفية ،تحججا في كل مرة بكون مقرر قاض ي
التحقيق قد أضر بمصالحه املدنية ،ولذلك تحسب املشرع لهذه الفرضية فمنع عليه في كل
األحوال أن يستأنف أوامر أخرى ال يكون الغرض منها سوى عرقلة السير العادي للتحقيق.55
الفقرة الثانية :أوامر قاضي التحقيق التي ال يجوز للمطالب بالحق المدني
إستئنافها
حسب الفقرة الثالثة من املادة 224من قانون املسطرة الجنائية املغربي - ،والتي تقابلها
املادة 162من قانون اإلجراءات الجنائية املصري – فإنه يمنع على املطالب بالحق املدني بأي
حال من األحوال ،أن يستأنف أمرا قضائيا متعلقا باعتقال املتهم ،أو مقتض ى من مقتضيات
أمر قضائي يتعلق بهذا اإلعتقال أو باملراقبة القضائية ،مهما تحجج املطالب بالحق املدني
من كون ذلك يمس مصالحه املدنية.
40
وهذا ما كرسه أيضا املشرع الجزائري في املادة 173من قانون اإلجرات الجزائية ،
مستندا في ذلك على أن اإلجراءات املتعلقة بحبس املتهم تتعلق بالدعوى العمومية التي ال
دخل للمدعي املدني فيها.
الفقرة الثالثة :شكليات الطعن باإلستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق وإحالة
الملف
بعد توصل املطالب بالحق املدني أو محاميه باألوامر الصدرة عن قاض ي التحقيق وفق
ما نصت عليه املادة 220من قانون املسطرة الجنائية ،فيمكنه أن يقدم إستئنافه بتصريح
إلى كتابة ضبط املحكمة التي يوجد بها مقر قاض ي التحقيق خالل الثالثة أيام املوالية لتبليغ
األمر القضائي في موطنه الحقيق أو املختار.
ويحرر التصريح باإلستئناف من طرف كاتب الضبط في السجل املخصص لذلك ،والذي
يحمل نموذج رقم 410يحمل إسم املحكمة ونوع القضية ورقمها وتاريخ املقرر ،وتاريخ
التصريح ،وإسم وصفة املصرح ،ثم التوقيع عليه من طرف كاتب الضبط واملصرح ،أو بوضع
األخير لبصمته متى كان ال يحسن التوقيع.
وحسب املادة 225من ق.م.ج املغربي – تقابله املادة 167من قانون اإلجراءات الجنائية
املصري – فإنه يتعين على قاض ي التحقيق إذا قدم اإلستئناف إلى كتابة ضبط املحكمة التي
يوجد بها مقره ،أن يوجه ملف التحقيق أو النسخة املأخوذة منه طبقا للفقرة الثانية من
املادة 85من ق.م.ج إلى النيابة العامة ملحكمته سواء كانت املحكمة اإلبتدائية أو محكمة
اإلستئناف.
وإذا وجه ملف التحقيق أو النسخة املأخوذة منه إلى النيابة العامة ملحكمة قاض ي
التحقيق اإلب تدائية ،فإنه يتعين على وكيل امللك لديها أن يحيل امللف أو النسخة املأخوذة
منه إلى الوكيل العام للملك داخل أجل 48ساعة.
ويتعين على الوكيل العام للملك بعد التوصل بامللف أو بالنسخة املأخوذة منه ،أن
يوجهه مرفوقا بملتمساته على الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف داخل خمس أيام على
األكثر من التوصل.56
41
املبحث الثالث :حق املطالب باحلق املدني يف الطعن ضد قرارات الغرفة
اجلنحية
إذا كانت مسطرة الطعن باإلستئناف هي األصل في وسائل الطعن ضد قرارات قاض ي
التحقيق،فإن املشرع خول صالحية أخرى تعتبر من املستجدات في مواجهة القرار القاض ي
باإلحالة على غرفة الجنايات وهو املتمثل في الطعن بالنقض.57
وبالرجوع إلى املادة 525من ق.م.ج املغربي نجد أنه لم يمنح للمطالب بالحق املدني حق
الطعن ضد القرارت الصادرة عن الغرفة الجنحية القاضية بعدم املتابعة إال في حالتين هما:
-1إذا نص هذا القرار على عدم قبول تدخله في الدعوى؛
-2إذا تعددت التهم ،وأغفل هذا القرار البث في أحدها.
وهذا ما أكدته محكمة النقض املغربية في أحد قراراتها الذي جاء فيه " :ال يمكن
للمطالب بالحق املدني أن يطلب نقض القرار بعدم املتابعة إال إذا نص هذا القرار على
عدم قبول تدخله في الدعوى ،أو أغفل البث في تهمة ما".58
وفي اجتهاد آخر حديث قضت محكمة النقض بما يلي " :حيث تنص املادة 525من
قانون املسطرة الجنائية على ما يلي ( :ال يمكن للطرف املدني أن يطلب نقض القرار بعدم
املتابعة إال إذا نص هذا القرارعلى عدم قبول تدخله في الدعوى أو إذا أغفل البث في تهمة
ما) ،وحيث إن القرار املطعون فيه لم ينص على عدم قبول تدخل الطاعن (املطالب
بالحق املدني) في الدعوى ولم يغفل البث في تهمة ما ،مما يترتب عليه التصريح بعدم
قبول طلبه" .59ويرى بعض الفقه 60أن املشرع املغربي ودرء للتعسف في استعمال هذا الحق ،
جعله مقتصرا على عدم قبول تدخل الطرف املدني في الدعوى كأن اعتبره غير متضرر أصال،
أو أن تضرره غير مباشرة من الجريمة ،أو أن الوقائع املبنية عليها الدعوى العمومية ليست
جريمة أصال ،ومن ثم فال معنى لقبول تدخله ،أو إذا هو قرار عدم املتابعة أغفل البث في
)57ذ .رياضي عبد الغاني ،محكمة اإلستئناف :إختصاصاتها واإلجراءات المسطرية المطبقة أمامها والقرارات الصادرة منها،
وطرق الطعن فيها ،دراسة مقارنة علمية ونقدية ،ط 1ص .115
)58قرار عدد 181بتاريخ 1968/12/12منشور بمحموعة قرارات المجلس األعلى لسنوات 1986-1966ص 596
راجع في هذا الصدد أيضا مؤلف ذ.محمد بفقير :قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي،ط 3ص 405
)59قرار عدد 1/1560بتاريخ 2016/12/28 :ملف جنحي رقم.2016/17334 :
)60ذ .عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية،ج 3ص .189
42
تهمة ما من التهم التي يكون املطالب بالحق املدني بنى تدخله على التضرر منها إلى جانب غيرها
من التهم التي لم يتم اإلقتناع بها ،فكان بذلك سببا بعدم املتابعة.
وفي ختام هذا الفصل نطرح إشكال تحريك الدعوى العمومية ضد املطالب بالحق
املدني في ذات القضية التي رفعها إلى قاض ي التحقيق للبحث فيها ،وهل له ان يستأنف قرار
اإلتهام املوجه إليه؟
أجاب األستاذ إدريس طارق السباعي عن هذه اإلشكالية بقوله " :61إلن كان املطالب
بالحق املدني يتمتع بعدة امتيازات أمام قاض ي التحقيق خاصة اإلستماع إليه دون يمين
قانونية ،وبحضور محاميه ما لم يتنازل عن عن ذلك ،وجعل امللف رهن إشارته لإلطالع
عليه ،...فإن هذه اإلمتيازات ال يمكن أن يتحصن بها في مواجهة اتهامه إذا ما تبين من خالل
البحث أنه شارك أو ساهم في الجريمة التي يدعي أنه تضرر منها والتي يجري التحقيق في
شأنها ،وبالتالي فإن إتهامه ال يزيل عنه صفة املطالب بالحق املدني التي تبقى قائمة إلى أن
تقول العدالة كلمتها في املوضوع.
وال يمكن القول بأن إتهامه هذا يمس مصالحه فيستأنف األمر القاض ي باتهامه" ،...
وقد أورد األستاذ السباعي في ذات السياق إجتهادا للغرفة الجنحية بفاس املتمثل في القرار
عدد 80/85 :قضية عدد 80/278الذي جاء فيه " 62وحيث إنه وعلى فرض أنه يوجد
هناك إجراء يقض ي بتوجيه اإلتهام إلى فالن فإن هذا اإلجراء غير قابل لإلستئناف سواء
بصفته متهما أو مطالبا بالحق املدني ".وفي هذا الصدد نعتقد أن محكمة املوضوع متى ثبت
لها أن املطالب بالحق املدني قد ساهم أو شارك في الجريمة التي يدعي التضرر منها ،فإنها
ستحكم برفض مطالبه إلنتفاء عنصر الضرر املباشر أصال ،ألن مسؤولية هذا الضرر مع
فرض حدوثه تقع على عاتق الطرف املدني نفسه ،هذا مع ما سيترتب عليه من حق النيابة
العامة بصفتها ممثلة للحق العام من تحريك الدعوى العمومية في حقه.
44
مقدمة:
لقد أقر املشرع املغربي للمطالب بالحق املدني الحق في إقامة الدعوى املدنية للمطالبة
بالتعويض عن األضرار التي طالته مباشرة من الجريمة إلى جانب الدعوى العمومية املقامة
أمام القضاء الزجري ،لكن هذا الحق االستثنائي ال يحرمه حق اللجوء إلى القضاء املدني
للمطالبة بالتعويض عن نفس الفعل ،باعتبار أن القضاء املدني هو الجهة األصلية املختصة
بالنظر في املطالب املدنية ،وهو ما يستشف من خالل تحليل املواد 9و 10و 11من قانون
املسطرة الجنائية ،فقد جاء في املادة التاسعة أنه " يمكن إقامة الدعوى املدنية والدعوى
العمومية في آن واحد أمام املحكمة الزجرية املحال إليها الدعوى العمومية ،تختص هذه
املحكمة سواء كان املسؤول عن الضرر شخصا ذاتيا أو معنويا خاضعا للقانون املدني ،كما
تختص بالنظر في القضايا املنسوبة ألشخاص القانون العام في حالة ما إذا كانت دعوى
املسؤولية ناتجة عن ضرر تسببت فيه وسيلة من وسائل النقل".
فانطالقا من املادة 9املذكورة فيمكن إقامة الدعوى املدنية للتعويض عن الضرر الناتج
عن الجريمة أمام املحكمة الزجرية املحال إليها الدعوى العمومية لنظرهما معا في آن
واحد،فإذا كانت الدعوى العمومية محمولة على سبب غير الجريمة املحالة إلى املحكمة
الزجرية ،فإنه يتعين على هذه املحكمة أن تقض ي بعدم إختصاصها للنظر فيها ،ويتعين
كذلك على املحكمة الزجرية أن تقض ي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى املدنية إذا كانت
الواقعة املرفوعة بها الدعوى العمومية ال تشكل جريمة.63
وفي هذا الصدد نص املشرع املصري بدوره في املادة 220من قانون اإلجراءات الجنائية
على أنه " يجوز رفع الدعوى املدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناش يء عن الجريمة
أمام املحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية" ،لتؤكد محكمة النقض املصرية في ذات
السياق " أن عدم اختصاص املحكمة الجنائية بنظر الدعوى املدنية عن تعويض ضرر ليس
ناشئا عن الجريمة هو مما يتعلق بواليتها القضائية ،فهو إذن من صميم النظام العام،
ويجب على املحكمة أن تحكم به ولو من تلقاء نفسها ،ويجوز الدفع به في أية حالة تكون
64
عليها الدعوى ولو أمام محكمة النقض".
أما املادة 10من ق.م.ج املغربي -التي تقابلها املادة 265من قانون اإلجراءات الجنائية
املصري -فقد نصت على أن إمكانية إقامة الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية
)63المستشار أنور العمروسي وذ /ربيع خاطر ،المرجع السابق ص 142
)64نقض 1944/4/3في الطعن رقم 412لسنة 14ق
45
لدى املحكمة املدنية املختصة ،غير أنه يجب أن توقف املحكمة املدنية البث في هذه الدعوى
إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها ،بمعنى أن األصل أن
تقام الدعوى املدنية ولو كانت ناتجة عن جريمة لدى املحكمة املدنية املختصة ،وأن تقام
الدعوى العمومية أمام املحكمة الزجرية ،واستثناء من األصل يمكن أن تقام الدعوى املدنية
الناتجة عن الجريمة أمام املحكمة الزجرية املحال عليها الدعوى العمومية ،فإذا أقيمت
الدعوى املدنية لدى املحكمة املدنية وأقيمت الدعوى العمومية أمام املحكمة الزجرية فإنه
يجب على املحكمة املدنية أن توقف البت في الدعوى املدنية إلى أن يصدر حكم نهائي في
الدعوى العمومية بالنسبة لجميع املتهمين.وقد جاء في قرار ملحكمة النقض املغربية ما يلي":
إذا رفعت الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية كان على املحكمة املدنية أن ترجئ
النظر في الدعوى املدنية في انتظار البت النهائي في الدعوى العمومية – طبقا للمادة - 10
،يعني البت النهائي الوارد في الفصل املذكور أن يفصل القضاء الجنائي في الدعوى العمومية
بصورة مبرمة حتى ال يقع تعارض بين الحكم الجنائي والحكم املدني الذي يعتمد عليه،
يتعرض للنقض قرار املحكمة التي رفضت ايقاف النظر في الدعوى املدنية إلى حين البت في
الطعن بالنقض في القرار الجنائي الذي بنت عليه قضاءها".65
وباستقرائنا للمادة 11من قانون املسطرة الجنائية التي تنص على أنه " :ال يجوز للطرف
املتضرر الذي أقام دعواه لدى املحكمة املدنية املختصة ،أن يقيمها لدى املحكمة الزجرية،
غير أنه يجوز له ذلك إذا أحالت النيابة العامة الدعوى العمومية إلى املحكمة الزجرية قبل
أن تصدر املحكمة املدنية حكمها في املوضوع" ،نستخلص أن أنه ال يمكن للمتضرر من
جريمة معينة ،والذي أقام دعواه أمام املحكمة املدنية املختصة باجراءات صحيحة لم يشبها
بطالن يجول دون نظر هذه املحكمة لها ،أن يقيم الدعويين العمومية واملدنية معا أمام
املحكمة الزجرية ،غير أنه يمكنه التخلي عن دعواه املدنية متى أحالت النيابة العامة الدعوى
العمومية الى املحكمة الزجرية ،وذلك قبل أن تصدر املحكمة املدنية حكمها في املوضوع،
ليقيم بذلك دعواه املدنية إلى جانب الدعوى العمومية املقامة من طرف النيابة العامة .وقد
قضت محكمة النقض املصرية على أن " املستفاد من مفهوم املخالفة من نص املادة 264
من قانون اإلجراءات الجنائية أن املضرور من الجريمة ال يملك بعد رفع دعواه أمام القضاء
املدني للمطالبة بالتعويض أن يلجأ إلى الطريق الجنائي ،إال إذا كانت الدعوى الجنائية قد
)65قرار رقم 2605 :بتاريخ ،1985/10/30 :منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 39ص .98
46
رفعت من النيابة العامة ،فإذا لم تكن رفعت منها امتنع على املدعي بالحقوق املدنية رفعها
بالطريق املباشر .ويشترط لسقوط حق املدعي بالحقوق املدنية في تحريك الدعوى الجنائية
66
في هذه الحالة إتحاد الدعويين في السبب والخصوم واملوضوع".
وقبل الدخول في صلب هذا الفصل ،ارتأينا التطرق أوال إلى العلة أو الغاية من إقرار حق
املطالب بالحق املدني الخيار بين الطريقين املدني والجنائي ،ثم الحديث عن مدى أحقيته في
التراجع عن خياره في النقطتين التاليتين:
أوال :علة الخيار بين الطريقين المدني والجنائي
لم يبسط املشرع الغاية من إقرار الخيار بين الطريقين املدني والجنائي املكفوالن للطرف
املدني بصيغة مباشرة،لكن يمكن استنباط ذلك من خالل الفهم العميق للنص ،والعمل
القضائي ،وقد ترك هذه املهمة للفقه الذي أدلى بدلوه في هذه النقطة ،ومنهم الدكتور املغربي
محمد عياط الذي يرى 67أن املشرع املغربي قد عمل على إقرار هذا الحق وتنظيمه وتقييده
مراعاة لوحدة مصدر الضرر بين العام والخاص في هذا الصدد وهو الجريمة ،كما قصد به
إدخال بعض املرونة على قاعدة مالئمة املتابعة التي تتحكم فيها النيابة العامة ،فضال عن
تالفي تضارب األحكام فيما لو ترك أمر الفصل لجهتين قضائيتين مختلفتين ،عالوة على
إستفادة املتضرر من سرعة وفعالية الطريق الزجري.
ومن جانبه يرى األستاذ األردني محمد صبحي نجم 68أن إقرار حق الخيار املطالب بالحق
املدني يجعله إن هو إختار الطريق الجنائي اإلستفادة من أدلة اإلثبات التي تقدمها النيابة
العامة ،ويغنيه ذلك عن إنفاق الجهد واملال في تحضير وتقديم دفوعه وأدلته الخاصة به،
عالوة على اإلستفادة التي يستمدها من السلطات الواسعة التي يتمتع بها القضاء الجنائي
مما يكفل له حسما سريعا للدعوى املدنية ويتفادى احتمال أن يصدر الحكم في الدعوى
الجنائية أوال فيتقيد به القاض ي املدني الذي ينظر الدعوى املدنية فيما بعد ،وقد يطول ذلك
في غير مصلحته لعدم إتاحة الفرصة له لعرض وجهة نظره على القاض ي الجنائي .ومن
اإلعتبارات التي سردها أيضا ذ محمد صبحي نجم ما يتصل باملصلحة العامة للمجتمع ،فقد
47
تكون مصلحته في املالحقة واإلتهام فإقامة هذه الدعوى هو أسلوب اإلدعاء املباشر الذي
يكفل تحريك الدعوى الجنائية إذا تقاعست النيابة العامة ،ويستفيد املجتمع من انضمام
املدعي املدني إلى النيابة العامة وامداده لها بما لديه من أدلة ودفوع اتهام تدعم سلطة اإلتهام
أمام القضاء بحيث تعرض الدعوى عرضا كامال أمام املحكمة فيكون القاض ي الجنائي قد
تعرف على العناصر والوقائع املشتركة بين الدعويين الجنائية واملدنية فتصبح لديه الخبرة
والقدرة عن أي قاض آخر للفصل في الدعوى املدنية املرتبطة مع الدعوى الجنائية فيتحقق
بذلك مصلحة املجتمع في فعالية العقاب وفي تفادي أي احتمال لتناقض األحكام.
وإلى جانب ما بسطه األستاذان الفاضالن أعاله حول مزايا رفع الدعوى املدنية أمام
القضاء الزجري ،فنعتقد أن من أهم الغايات التي أقرها املشرع من خالل إتاحة ممارسة
الدعوى املدنية التابعة أمام جهتين قضائيتين هو حماية حقوق املتضرر من الضياع متى
فاتته فرصة اإلنضمام إلى الدعوى الجنائية القائمة أمام القضاء الزجري ،ألنه من املالحظ
عمليا أن العديد من املتضررين وهم يقدمون شكاياتهم إلى الجهة املختصة وتحريك الدعوى
العمومية بعدها بإحالة امللف على املحكمة ،يعتقدون أن حضورهم واإلستماع إليهم –
بصفتهم مشتكين أو مصرحين بعد أدائهم لليمين القانونية -كفيل لوحده بحصولهم على
التعويضات املرممة لألضرار التي طالتهم ،إلى أن يفاجأوا بالبث في الدعوى العمومية وحدها،
ويتعذر عليهم بالتالي تدارك األمر في املرحلة التالية لعدم تنصبهم بصفة قانونية منذ البداية
ولعدم توفرهم على محام كان سيقيم الدعوى على أساس قانونيي منذ إنطالقتها األولى ،وقد
يعتقد البعض منهم أن باب الحصول على التعويض قد أغلق في وجههم بصفة نهائية ،لكن
إتاحة الفرصة لرفع دعواهم أمام القضاء املدني باعتباره الجهة األصليه يجعل من حقوقهم
في صيانة تامة من الضياع بعد ثبوث الفعل الجرمي للقضاء الزجري طبعا.
ويبقى في نظرنا رفع الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري أفضل الخيارين
وأنجعهما ،فمن املميزات أيضا إمكانية الطعن من طرف املطالب بالحق املدني لوحده ضد
القرار الزجري القاض ي بالبراءة وبعدم اإلختصاص في املطالب املدنية ،ألن املادة 410من
قانون املسطرة الجنائية أعطت الصالحية للغرفة الزجرية االستئنافية لتتحول إلى غرفة
مدنية لها أن تبث في املطالب املدنية متى ثبت لديها وجود الضرر ،بالرغم من اكتساب
الدعوى العمومية صبغة النهائية بعدم استئناف النيابة العام لها ،وفي هذا الصدد قضت
محكمة النقض بما يلي " :ملا كان املطالب بالحق املدني هو وحده الذي استأنف الحكم
48
اإلبتدائي فإن نظر محكمة اإلستئناف يقتصر على ما ورد في صك هذا اإلستئناف وال يتعداه
إلى الدعوى العمومية التي أصبحت نهائية لعدم الطعن فيها من املتهم أو النيابة العامة".69
ثانيا :مدى أحقية المطالب بالحق المدني في التراجع عن خياره
باستقراء مواد املسطرة الجنائية سنجد أن من حق املطالب بالحق املدني العدول عن
خياره الذي إختاره في إقامة دعواه للمطالبة بالتعويضات املدنية ،غير أن من الفقه 70من
اعتبر هذا الحق ليس مطلقا ولم يترك ملحض إرادة املتضرر يختار كيف يشاء وأنى شاء
للطريق الذي يراه محققا ملصلحته ،فإذا كان من حق املطالب بالحق املدني ترك دعواه أمام
القضاء الزجري قصد اللجوء إلى القضاء املدني باعتباره الجهة األصلية للنظر في هذا النوع
من الدعاوى وذلك دون أي قيد ،فإن تركه لهذه الدعوى أمام القضاء املدني لإلنضمام إلى
الدعوى العمومية املقامة أمام القضاء الزجري لإلستفادة من املميزات اإلستثنائية املخولة
بمقتض ى املسطرة الجنائية خاضع وفق املادة 11من ق.م.ج لشرطين أساسين هما:
.1أن تكون النيابة العامة هي من حركت الدعوى العمومية وليس املطالب بالحق
املدني؛
.2أن تكون املحكمة املدنية التي رفعت إليها دعوى املطالبة املدنية لم تصدر حكما
نهائيا في املوضوع.
وفي هذا اإلطار أكدت محكمة اإلستئناف بطنجة على أنه " :ال يحق للمطالب بالحق
املدني أن يقدم طلباته من جديد أمام املحكمة الزجرية بعد سبق حصوله على حقوقه أمام
املحكمة املدنية".71
وباإلطالع على قانون اإلجراءات الليبي نجده بدوره يؤكد في املادة 235على أنه ال يرد
السقوط إال على حق االلتجاء إلى القضاء الجنائي ،أما حق االلتجاء الى القضاء املدني ال
يسقط بوصفه حقا أصيال .وإن لجأ أوال إلى القضاء الجنائي .ليحدد في املادة 237شروط
سقوط حق خيار اللجوء إلى القضاء الجنائي كما يلي:
.1أن يكون املضرور قد رفع دعوى التعويض فعال أمام املحكمة املدنية :وهي تعد كذلك
بإعالن صحيفة التكليف بالحضور إعالنا صحيحا الى املدعى عليه ،أما قبل ذلك فال يعد
)69قرار عدد 88بتاريخ 1982/02/04منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى –المادة الجنائية ج ،1ص 218وما يليها.
)70ذ عبد الواحد العلمي ،المرجع السابق ،ص 262و 263
)71قرار عدد 16/903425بتاريخ 1990/07/17ملف رقم 16/902597منشور بمجلة الندوة عدد ،12ص 86وما يليها.
49
إعالنا ،لكن إذا حكمت املحكمة املدنية بعدم االختصاص يزيل الدعوى ويعود للمضرور
حق الخيار.
أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت قبل التجاء املضرور الى املحكمة املدنية :فالذي .2
يثبت حق الخيار بين الطريقين رفع الدعوى الجنائية الى القضاء الجنائي ،وعكسه
انتفاء ثبوت الخيار .أما سبق رفع الدعوى املدنية إلى القضاء املدني فهذا يجعل بوسع
املدعي املدني تركها أمام القضاء املدني وااللتجاء إلى القضاء الجنائي للمطالبة بحقه في
التعويض عن ضرر الجريمة .
وحدة الدعويين خصوما وسببا وموضوعا :أي أنه يتعين أن تكون الدعوى التي يراد .3
رفعها الى املحكمة الجنائية هي ذات الدعوى التي رفعت الى املحكمة املدنية ،فإذا اختلف
سبب أو موضوع أو خصوم الدعويان ظل الطريق الجنائي مفتوحا أمام املضرور.
أن يكون املضرور عاملا بقيام حقه في اللجوء إلى القضاء الجنائي :وذلك وقت رفع دعوى .4
التعويض الى املحكمة املدنية ،وال يشتمل القانون على نص يستوجب العلم ،ولكنه
يشترط لزومه ،وتعليل لزومه أن سقوط الخيار مبني على قرينة التنازل ،وهي تنتفي
عقال إذا جهل املضرور ثبوت حقه في الخيار .شريطة أن يقيم الدليل على ما وقع فيه من
خطأ إذا تمسك املدعي عليه بسقوط حقه .
أن يدفع املدعي عليه بعدم قبول الدعوى املدنية لسقوط الحق في رفعها أمام القضاء .5
الجنائي :وهو دفع ال يتعلق بالنظام العام ،بل بمصلحة الخصوم النقطاع الصلة بينه
وبين اختصاص املحكمة الجنائية ،ووقت الدفع هو قبل الدخول في موضوع الدعوى
وإال سقط الحق في التمسك به ،ويتوجب فصل املحكمة في موضوع الدعوى املدنية
التابعة .
بعد هذه املقدمة التي تناولنا فيها خيار الطرف املتضرر من الجريمة من رفع دعواه أمام
القضاء املدني باعتباره الجهة األصل ،أو أمام القضاء الزجري كاستثناء مقرر قانونا وما يقيد
هذا الخيار من شروط ،سنحاول تناول هذا الفصل من خالل مبحثين أساسين نخصص
األول للدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري ،والثاني بإقامة الدعوى املدنية التابعة
أمام القضاء املدني:
50
املبحث األول :الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري
تعتبر مرحلة املحاكمة في الدعوى الجنائية فترة تداول تلك الدعوى بالجلسات أمام
املحكمة الجنائية من بداية انعقاد الخصومة فيها وحتى تاريخ صدور قرار املحكمة بإقفال
باب املرافعة في الدعوى ،ووجوب انعقاد الخصومة في مرحلة املحاكمة الجنائية هو شرط
الزم لقبول اإلدعاء املدني في تلك الدعوى وإذا لم تنعقد الخصومة لعيب يبطل اإلجراء،
كعدم تقديم الشكوى أو اإلذن أو الطلب الذي استلزم القانون تقديمه أو إذا أحيلت
الدعوى إلى محكمة غير مختصة ،ففي كل هذه الحاالت تكون الدعوى املدنية غير مقبولة
أمام املحكمة الجنائية.72
ويقصد باإلدعاء املدني في مرحلة املحاكمة تدخل املضرور من الجريمة في الدعوى
الجنائية أثناء تداولها أمام املحكمة الجنائية وذلك للمطالبة بالتعويض الجابر للضرر
الشخص ي املباشر واملحقق الوقوع حاال أو استقباال والذي لحق به من جراء الفعل املكون
للجرم ،والذي تختص املحكمة الجنائية بالفصل فيه ،سواء كانت الدعوى الجنائية قد
أحيلت إليها من النيابة العامة أو سلطة التحقيق أو كانت قد حركت من جانب املدعي
املدني.73
سنقسم هذا املبحث إلى أربع مطالب أساسية نتطرق في األول إلى شروط إختصاص
القضاء الزجري بالدعوى املدنية التابعة ،ثم إلى آثار قبول الدعوى املدنية التابعة أمام
القضاء الزجري في املطلب الثاني،ثم إجراءات هذه الدعوى أمام القضاء الزجري في املطلب
الثالث ،قبل أن نعرج إلى الحديث عن الحكم في الدعوى املدنية التابعة في املطلب الرابع،
على أن نختم بطرق الطعن فيها في املطلب الخامس:
المطلب األول :شروط إختصاص القضاء الزجري بالدعوى المدنية التابعة
تختص املحكمة الجنائية أساسا بالنظر في الدعوى العمومية ،واختصاصها بالنظر في
الدعوى املدنية إختصاص تبعي بسبب الجريمة التي أقيمت الدعوى العمومية بناء عليها،
وحتى تختص املحكمة الزجرية بالنظر في الدعوى املدنية التابعة ال بد من توفر مجموعة من
الشروط األساسية والتي نحددها في الفقرات التالية:
)72فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي ،اإلدعاء المدني أمام القضاء الجنائي،ط 1س ،2009ص 133
)73فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي ،المرجع السابق ص .135
51
الفقرة األولى :وقوع جريمة من المتهم
يشترط الختصاص املحاكم الجنائية بالدعوى املدنية أن يكون سببها الضرر الناش ئ
مباشرة عن فعل إجرام مطروح أمام املحكمة الجنائية ،فإذا كان الفعل الذي سبب الضرر
ال يشكل في القانون جريمة 74فإنه يعد فعال غير مشروع من الناحية املدنية وحدها وال يكون
للمحاكم الجنائية اختصاص بنظر دعوى التعويض عنه وإنما يكون اإلختصاص للمحاكم
املدنية وحدها .وعلى هذا األساس ال يكون للقضاء الجنائي اختصاص إال إذا كان الضرر قد
نشأ مباشرة عن جريمة وقعت من املتهم ومستكملة لركنيها املادي واملعنوي ولو كان املتهم غير
مسؤول جنائيا أو توفر له مانع من موانع العقاب.75
وقد نص املشرع املغربي في هذا اإلطار في املادة 389من قانون املسطرة الجنائية على أنه:
" إذا تبين أن املتهم لم يرتكب الفعل أو أن الفعل ال يكون مخالفة للقانون الجنائي ،فإن
املحكمة تصدر حكما بالبراءة ،وتصرح بعدم اختصاصها للبث في الدعوى املدنية ،وتبث عند
اإلقتضاء في رد ما يمكن رده....إذا كان املتهم يستفيد من من عذر يعفي من العقوبة فإن
املحكمة تقرر إعفاءه ،لكنها تبقى مختصة للبث في الدعوى املدنية" .وبخصوصه قضت
محكمة النقض على أن " األساس القانون للحكم بالتعويض على املطالب بالحق املدني هو
الفصل 381من ق.م.ج الذي ينص على أنه إذا كان الفعل غير منسوب إلى املتهم أو لم تكن
له صفة مخالفة للقانون الجنائي فإن املحكمة تصدر حكما بالبراءة وتبث بموجب نفس
الحكم – إن اقتض ى الحال -في مطالبة التعويض عن الضرر التي يقدمها املتهم ضد املطالب
بالحق املدني".76
الفقرة الثانية :وجود ضرر الحق بالمطالب بالحق المدني
ال يكفي وقوع جريمة تنظر فيها املحكمة الزجرية بحكم اإلختصاص للقول بإمكانية رفع
الدعوى املدنية إليها ،لكن وجب أن ينتج عن هذه الجريمة ضرر لحق املطالب بالحق املدني
بصفة مباشرة ،وال يمكن والحالة هته الركون إلى الضرر واالضطراب االجتماعي الذي تسببت
)74وهو المبدأ المعبر عنه بشرعية الجرائم وعقوباتها ،أو يعبر عنه بمبدأ ال جريمة وال عقوبة إال بنص ،وهو المبدأ المستمد من
الشرية اإلسالمية في اآلية الكريمة " :وما كنا معظبين حتى نبعث رسوال" اآلية 51من سورة اإلسراء ،وقد نص الفصل 3من
القانون الجنائي المغربي على أنه ":ال يسوغ مؤاخذة أحد على فعل ال يعد جريمة بصريح القانون وال معاقبته بعقوبات لم يقرر ها
القانون" ،وهو المبدأ الذي كرسه المشرع المغربي كقاعدة دستورية في الفصل .23
)75أحمد المهدي وأشرف شافعى :إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على تحريك الدعوى المباشرة ،ط ،2010ص 112
)76قرار عدد 3451بتاريخ 1986/4/24ملف جنحي رقم ،84/16324منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة
الجنائية ،ج ،2ص 158وما يليها.
52
فيه الجريمة باعتبار املتضرر فرد من هذه املنظومة االجتماعية املتضررة ،وهو ما أكدته
محكمة النقض املصرية في أحد اجتهاداتها التي خلصت فيها إلى أن " القلق واالضطراب الذي
يتولد عن الجريمة لدى أحد املواطنين ال يجوز اإلدعاء به مدنيا أمام املحكمة الجنائية".77
والضرر كما عرفه الدكتور خالد مصطفى فهمي 78هو :كل أذى يصيب الشخص في
نفسه أو ماله أو في مصلحة مشروعة له بدون وجه حق،لذا كان لزاما أن يكون الضرر
الحاصل للمطالب بالحق املدني جراء الفعل الجرمي ضررا مباشرا ومؤكدا سواء كان ماديا أو
معنويا ،وفي هذا الصدد يذهب بعض الفقه 79إلى القول بأن الضرر الذي ينجم عن الجريمة
ويصلح أساسا للمطالبة بالتعويض عنه أمام املحاكم الجنائية يمكن أن يكون ضررا ماديا
أي يصيب بأذاه املضرور في ذمته املالية ،ويمكن أن يكون أدبيا محضا ينصب أذاه على شرف
املضرور أو سمعته أو اعتباره أو ينحصر في مجرد إيالم شعوره وعواطفه.أما الضرر
اإلحتمالي وهو الضرر الذي لم يقع ولكنه قد يقع في املستقبل فال هو مؤكد الوقوع وال هو
مقطوع بعدم وقوعه وإنما هو بين األمرين محتمل ،فهو ضرر ال يصلح أساسا لدعوى
التعويض وإلنما ينبغي دائما انتظار وقوعه حقيقة وفعال.
وقد يعمد املطالب بالحق املدني في التوسع في مفهوم الضرر الذي لحقه ليشمل مطالب
أخرى ،وطبعا يبقى ذلك من صالحية املحكمة التي لها أن تقدر ما إن كان يدخل ضمن مفهوم
املادة 7من ق.م.ج ،ومن العمل القضائي الذي وقفنا عليه ما طالبت به شركة تأمين
باسترداد مبالغ مالية كانت قد أدتها للمتضررين نيابة عن املتهم في قضية تتعلق بحادثة سير،
حيث اعتبرت أن فتح املتابعة بخصوص جناية القتل العمد جعل من دفعها للتعويضات
سابق ألوانه ،فانضمت إلى الدعوى الجنائية في إطار الدعوى املدنية التابعة طالبة استرجاع
هذه املبالغ ،وقضت محكمة املوضوع برفض الطلب بعلة أنها غير متضررة بصفة مباشرة
من الجريمة ،وقد أيدت محكمة النقض هذا التوجه بقولها " :حيث إنه ملا كان املقرر قانونا
أن الحق في إقامة الدعوى املدنية استثناء أمام املحكمة الزجرية لكل من تعرض شخصيا
لضرر جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة ،وكان الظاهر من أوراق
امللف أن الطاعنة ترمي من وراء طلبها إلى استرداد ما دفعته من تعويض للمتضررين نيابة
عن املتهم ،وليس من أجل املطالبة بتعويض عن ضرر أصابها مباشرة من الجريمة فإن
53
املحكمة مصدرة القرار املطعون فيه إن كانت ما ساقته من تعليل ال يستقيم واملبدأ املذكور
فإن ما انتهت إليه من نتيجة يبقى مطابقا للقانون مما يجعل الوسيلة على ما هي عليه غير
مبنية على أساس قانوني سليم ،ألجله قضت برفض الطلب".80
الفقرة الثالثة :أن تكون الدعوى العمومية قائمة ومقبولة أمام المحكمة الزجرية
المرفوعة إليها
وهذا أمر بديهي لكون الدعوى املدنية التابعة تابعة للدعوى العمومية التي تعتبر األصل،
وعدم قبول األصل يستتبع عدم قبول الفرع ،وذلك كأن ترفع الدعوى أمام محكمة زجرية
غير مختصة نوعيا بالجريمة املنظور فيها ،وبالتالي وجب أن تكون الدعوى العمومية مقبولة
أوال أمام املحكمة الزجرية حتى يمكن قبول تدخل املضرور كمطالب بالحق املدني.
في هذا اإلطار قضت محكمة اإلستئناف بورزازات في قرار لها رقم 45بتاريخ:
2015/04/07ملف جنائي رقم " : 2015/63 :حيث إنه باستثناء املتهم املدان ،فإنه ال توجد
أية دعوى عمومية جارية أمام هذه املحكمة ضد باقي املدخلين ،واملعلوم قانونا أن مناط
اختصاص املحكمة الزجرية للبث في الدعوى املدنية التابعة مرتبط بقيام دعوى عمومية
ضد املتسبب في الضرر أمامها ،مما يتعين معه التصريح بعدم اإلختصاص للبث في هذه
املطالب املدنية"( .غير منشور)
المطلب الثاني :آثار قبول الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري
إن مناط الدعوى املدنية هو الضرر ،فكل شخص ادعى أنه تضرر من جريمة يمكنه أن
يتقدم بصفته طرفا مدنيا أمام هيئة الحكم وفق مقتضيات املادة 348من قانون املسطرة
الجنائية ،والضرر الذي يترتب عن الجريمة يكون إما ضررا جسمانيا أو ماديا أو معنويا
حسب ما جاء في املادة 7من نفس القانون ،81ومتى توفرت هذه الشروط وكنا أمام جهة
زجرية مختصة للنظر في الدعوى املدنية التابعة فإن ذلك ينتج مجموعة من اآلثار التي
سنتطرق إليها في الفقرات التالية:
54
الفقرة األولى :المطالب بالحق المدني طرف في الدعوى
يصبح املطالب بالحق املدني طرفا في الخصومة الجنائية ،ونظرا لهذه الصفة
ولخصوصيات الدعوى املدنية التابعة للدعوى العمومية ،تصبح له حقوق تكاد تكون موازية
لحقوق املتهم ،بحيث يتعين إعالمه باإلجراءات املتخذة ،وقد أشارت املادة 96من قانون
املسطرة الجنائية إلى أن الطرف املدني الذي لم يختر موطنا بدائرة نفوذ املحكمة التي يجري
فيها التحقيق ،ال يمكنه الدفع بعدم تبليغه اإلجراءات التي كان يجب تبليغها إليه بمقتض ى
القانون.82
إن الشخص الذي يرفع قضيته مباشرة إلى قاض ي التحقيق أو إلى املحكمة ملزم بأن
يودع بصندوق كتابة الضبط املبلغ املفترض أنه ضروري لتسديد جميع اإلجراءات وإال كانت
دعواه غير مقبولة وذلك ما لم يكن متمتعا باملساعدة القضائية.
)82شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية ،الجزء ،2منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ط ،5ص .100
)83رسالة دورية صادرة عن وزير العدل تحت رقم 988 :بتاريخ 27أبريل 1987حول تطبيق القانون رقم 23.86المتعلق بتنظيم
المصاريف القضائية في الميدان الجنائي.
55
ويمكن املطالبة بإيداع مبلغ تكميلي كلما تبين أثناء إجراءات التحقيق أو أمام هيئة
الحكم أن املبلغ األول لم يعد كافيا ملواجهة املصاريف ،ويحدد مبلغ اإليداع الذي يشمل
القسط الجزافي املنصوص عليه في الفصل – 50من القانون املتعلق بتنظيم املصاريف في
امليدان الجنائي -من طرف السيد قاض ي التحقيق بمجرد ما ترفع إليه الشكاية أو من طرف
املحكمة خالل أول جلسة تدرج فيها القضية في حالة اإلستدعاء املباشر.
كما يتعين عليه أن يودي زيادة على مبلغ اإليداع،مبلغ الرسم القضائي الذي كان عليه أن
يدفعه لو رفع الدعوى إلى املحكمة املدنية وإال اعتبر طلبه غير مقبول.
ثانيا :تدخل المطالب بالحق المدني في الدعوى
)86قرار عدد 5/1047بتاريخ 2005/06/08ملف جنحي رقم 2004/16396-16402 :منشور بمجلة الملف عدد 8سنة 2006ص .314
)87قرار عدد 179بتاريخ 2015/09/28ملف غرفة المشورة رقم .2015/126
57
الفقرة الثالثة :حقوق الدفاع الخاصة بالمطالب بالحق المدني
يمكن للمطالب بالحق املدني تنصيب محام للدفاع عنه ،يحضر معه منذ أول استماع
لتصريحاته كما أكدت على ذلك املادة 137من قانون املسطرة الجنائية ،ويستمر هذا الحق
أمام هيئة الحكم التي يمكن خالل رفع القضية إليها أن يستعين بمحام للمطالبة بحقوقه،
وذلك من خالل مرافعة األخير الشفوية وتدوينها بمحضر الجلسة من طرف كاتب الضبط
وما تضمنته من طلبات وملتمسات ،أو من خالل مذكرة دفاعية مكتوبة ،مع تبرير أداء
القسط الجزافي في كلتا الحالتين من خالل الوصل املثبت لذلك.
وبناء عليه فللمطالب بالحق املدني كامل الصالحية في اإلدالء بكل ما يراه مفيدا للعدالة
لتعزيز مركزه سواء عن طرق الشهادة أو الخبرة أو غير ذلك من وسائل اإلثبات ،كما يحق له
مناقشة الحجج وتصريحات الخصوم في نطاق الحدود القانونية ،كما للمحكمة أن تستمع
إليه كشاهد ولها كامل السلطة التقديرية في تقدير تلك التصريحات.88
الفقرة الرابعة :إمكانية رفع الدعوى المدنية في سائر مراحل المسطرة إلى غاية
اختتام المناقشات
فطبقا ملا نصت عليه املادة 354من قانون املسطرة الجنائية ،فإنه يجوز لكل من يدعي
أنه تضرر من جريمة أن يتقدم بطلب التعويض في سائر مراحل املسطرة إلى غاية اختتام
املناقشات ،وهي نفس القاعدة التي أقرها املشرع املصري في املادة 251في فقرتها الثانية التي
جاء فيها " :ملن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام املحكمة
املنظور أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار باقفال
باب املرافعة طبقا للمادة ،275وال يقبل منه ذلك أمام محكمة اإلستئناف" ،ألجله قضت
محكمة النقض املصرية " إن طبيعة الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته ال تسمح
بالقول بجواز تدخل املدعي بالحق املدني في الدعوى الجنائية ألول مرة بعد إحالتها من
محكمة النقض إلى محكمة املوضوع إلعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم".89
وجدير بالذكر أن املادة 345من قانون املسطرة الجنائية في فقرتها الثانية أكدت على أن
الشخص الذي أستمع إليه بالجلسة بصفته شاهدا بعد أدائه اليمين القانونية ال يمكنه بعد
)88شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل ،ج ،2المرجع السابق ص ..101/100
)89التعليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا ألحدث قرا رات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور
العمروسي و األستاذ محمود ربيع خاطر ،ج ،2س ،2004ص .591
58
ذلك أن يتقدم بصفته طرفا مدنيا ،وهو ما أكدته استئنافية ورزازات حينما قضت بالتالي" :
وحيث إنه سبق أن تم اإلستماع للمطالب بالحق املدني كشاهد أثناء التحقيق
االعدادي.وحيث إنه بمقتض ى الفقرة الثانية من الفصل 354من قانون املسطرة الجنائية
فإنه ال يمكن للشخص الذي استمع إليه كشاهد بعد أدائه لليمين القانونية أن يتقدم
كمطالب بالحق املدني.وحيث تبعا لذلك يتعين التصريح بعدم قبول هذه املطالب املدنية".90
الفقرة الخامسة :تعيين الوكيل الخصوصي
يكون للمحكمة ،بناء على ملتمس النيابة العامة أن تعين وكيال خصوصيا للشخص
الذي يدعي أنه تضرر من جريمة ،إذا كان غير مؤهل لتقديم طلب التعويض بنفسه بسبب
مرض عقلي أو بسبب قصوره ولم يكن له ممثل قانوني ،91وهذا املبدأ قررته املادة 353من
قانون املسطرة الجنائية ،كما أكده أيضا املشرع املصري في املادة 252من قانون اإلجراءات،
وال شك أن املشرع وفي إطار اإلهتمام بالفئات منعدمة األهلية أو ناقصتها شرع هذا املبدأ
حفاظا على حقوقها وصيانة ملكتسباتها تحقيقا للمساواة التي تعد قاعدة دستورية سامية.
ومن خالل املادة 353اآلنفة الذكر في فقرتها الثانية التي نصت على أنه " يمكن لرئيس
الهيئة املحال عليها أفعال إرتكبها في حق قاصر ممثله القانوني ،أن يعين له وكيال خصوصيا
ليقوم بتقديم املطالب املدنية لفائدته ،".يالحظ أن املشرع أحدث إمكانية جد هامة قد حلت
إشكال تقديم املطالب املدنية لفائدة قاصر بشأن أفعال مجرمة أتاها ممثله القانوني نفسه،
وما ننوه به في هذا الصدد هو إسناد مهمة تعيين الوكيل الخصوص ي لرئيس الهيئة وذلك
انسجاما مع املبادئ اإلستثنائية التي يتمتع بها قانون املسطرة الجنائية الذي يعد عدم هدر
الزمن القضائي من أبرز سماته ،ألن هذه اإلمكانية ستوفر الكثير من الجهد والوقت،
وستقلص العديد من املساطر من أجل تعيين هذا الوكيل الخصوص ي للقاصر.
وكمثال نسرد واقعة حادثة سير تسبب فيها السائق بجروح إلبنه القاصر ،فرفع املطالب
املدنية أمام القضاء الزجري لن يطرح إشكاال بتطبيق املادة ،2/353لكن اإلشكال –ربما-
سيطرح متى تقرر رفع الدعوى املدنية أمام القضاء العادي ،فمن سيتقدم بهذه املطالب؟
فهل يسوغ لألب أن يرفع الدعوى باسمه ضد نفسه لصالح القاصر؟ وهل قانون املسطرة
59
املدنية نصت على إمكانية مماثلة ملا قررته املسطرة الجنائية؟ وما هي الجهة املخول لها تعيين
الوكيل الخصوص ي في هذه الحالة؟ هل رئيس الهيئة وهو ال يتوفر على سند قانوني لذلك؟
هل رئيس املحكمة في إطار أوامره الوالئية ونفس الش يء سيطرح والشك مسألة السند
القانوني؟ أم هل يمكن لقاض ي األسرة تعيينه والحال أن النيابة الشرعية محددة بدقة وعلى
أساس ترتيب محدد ال يمكن من خاللها سحب النيابة من األب إال في حالة عدم وجوده
أوفقده ألهليته وفق ما نصت عليه املادة 231من مدونة األسرة؟
لعل هذه األسئلة املطروحة في حاجة إلى إجابة شافية من خالل العمل القضائي أوال في
انتظار تعديل يطال املسطرة املدنية حتى يتم تضمين مبدأ مماثل ملا قررته املادة 353في
فقرتها الثانية.
أما فيما يتعلق بالقانون املقارن ،فإنه باإلطالع على قانون اإلجراءات اليمني سنجده نص
على ذات اإلمكانية ،لكن بشكل أكثر توسعا مقارنة مع املشرع املغربي ،كون األخير أسند مهمة
تعيين الوكيل الخصوص ي لرئيس الهيئة ،بينما املشرع اليمني في املادة 47من قانون
اإلجراءات قد أسندها إلى النيابة العامة وإلى املحكمة املرفوعة أمامها القضية.
الفقرة السادسة :الفصل في الدعويين العمومية والمدنية
كما سبق اإلشارة ،فيتعين على املحكمة وهي تنظر في الدعويين معا ،أن تبث في الدعوى
العمومية بثوبت الفعل وإقرار املسؤولية الجنائية أو اإلعفاء منها ثم تبث في املسؤولية
املدنية ،فإذا حكمت بالبراءة وجب عليها انسجاما مع ذلك ان تحكم بعدم اإلختصاص في
املطالب املدنية ،أما إذا أغفلت البث في شقها املدني لسبب من األسباب ،فإنها تكون قد
رفعت يدها عن النازلة وال يحق لها لها الفصل في الدعوى املدنية ،وهذا ما اكدته محكمة
النقض (املجلس األعلى سابقا) بموجب القرار عدد 1408س 20بتاريخ 1977/10/06 :إذ
جاء فيه " :تختص املحكمة الزجرية بالنظر في جميع أجزاء الدعوى املدنية املرفوعة إليها إلى
جانب الدعوى العمومية في كل هذه األجزاء قبوال أو رفضا ما عدا في حالة الحكم بالبراءة
فيصرح بعدم اإلختصاص بالنظر في الدعوى املدنية ،تكون املحكمة قد خرقت هذه القاعدة
من قانون املسطرة الجنائية حينما قضت لفائدة الطاعن باملبلغ املعترف به مع التعويض ولم
تبث في باقي طلباته قبوال أو رفضا مكتفية بحفظ الحق في اإلثبات بالحجة عليها".92
)92شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل ،ج ،2المرجع السابق ص 101و102
60
وأكيد أن تنازل الطرف املدني عن طلبه ال يترتب عنه سقوط الحق في املطالبة
بالتعويض وفقا لقواعد االختصاص العادية أمام املرجع املدني (م 356ق.م.ج).
الفقرة السابعة :للمطالب بالحق المدني سلوك طرق الطعن
إن انضمام املطالب بالحق املدني للخصومة الجنائية يجعل منه طرفا في الدعوى ،وهو
ما يخول له حق الطعن في األحكام والقرارات الصادرة عن املحكمة متى اعتبرها ال تخدم
مصالحه املدنية وفق ما نصت عليه املادتين 394و 396من ق.م.ج ،وهو ما سنبسط في
القادم من هذا البحث بحول هللا.
المطلب الثالث :إجراءات الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري
بمجرد أن ترفع القضية إلى املحكمة الزجرية ،والتي قد يكون املتضرر هو الذي حركها،
أو أنه إنضم إليها بعد تحريكها من طرف النيابة العامة ،تبدأ إجراءات املحاكمة التي تحتل
فيها الدعوى املدنية حيزا هاما ،إذ ال يمكنها أن تستقيم كما نظمتها مواد املسطرة الجنائية إال
باحترام املساطر املخولة للطرف املدني في سبيل الحصول عن التعويض املرمم لألضرار التي
طالته جراء فعل مجرم بمقتض ى القانون الجنائي ،وأكيد أن إنعقاد الجلسة يسبقه إستدعاء
الطرف املدني – في الحالة التي ينص فيها القانون على ذلك -ثم بعدها بدأ املناقشة وما
يتخللها من استنطاق وسماع للشهود ومرافعات ،وطبعا الدور الهام الذي تقوم به كتابة
الضبط من خالل كاتب الجلسة ضمن هذه السلسة املتماسكة من إجراءات املحاكمة ،وهي
األمور التي سنحاول التطرق إليها في الفقرات التالية:
الفقرة األولى :إستدعاء الطرف المدني
في هذه الفقرة ال بد لنا من التمييز بين مسألتين هامتين هما:
أوال :المتضرر الذي سبق له أن تنصب طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق
نص املشرع املغربي في املادة 349من قانون املسطرة الجنائية على أنه " يجب أن
يستدعى أمام هيئة الحكم الطرف املدني الذي سبق أن تقدم بطلبه إلى هئية التحقيق" ،ومن
خالل هذه املادة يتضح أن إستدعاء الطرف املدني مشروط بسبق تنصيبه طرفا مدنيا أمام
قاض ي التحقيق ،وهو في هذه الحالة يختلف عن وضعه وهو منضم إلى الدعوى العمومية
التي حركتها النيابة العامة .وقد حددت املادة 308من نفس القانون طرق تسليم اإلستدعاء
61
بالحضور حيث أشارت إلى أنها يتم طبق الشروط املنصوص عليها في الفصول 38 ،37و 39
من قانون املسطرة الجنائية.
وعيله إرتأيت مناقشة هذه النقطة من خالل تناول طرق التبليغ ،ثم البيانات الواجب
توفرها في اإلستدعاء ،وبعدها التطرق إلى بالدفع ببطالن اإلستدعاء ،لنختم بتخلف الطرف
املدني بعد اإلستدعاء وذلك على الشكل التالي:
-1طرق تبليغ الطرف المدني
طبقا ملا نصت عليه املادة 308من قانون املسطرة الجنائية ،فإن تبليغ االستدعاء
للطرف املدني قصد الحضور للجلسة يتم بأحد الطرق التالية:
أ -التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط.93
وهي أول طريقة أشار إليها املشرع في الفصل 37من قانون املسطرة املدنية ،إذ يقوم
املوظف املكلف بالتبليغ بإبالغ الحكم إلى الشخص املراد التبليغ له في املكان الذي يوجد
بدائرة نفوذ املحكمة ،وإذا تعلق األمر بتبليغ للمحامي فان هذا األخير أو كاتبه هو من يتولى
تسلم طي التبليغ مباشرة من مكتب التبليغ بعد إن يوقع على شهادة التسليم والتي يسلمها
العون املكلف بالتبليغ إلى املصلحة املختصة إللحاقها بامللف أو يتوصل بالطي عن طريق
وضعه في خزانة خاصة لكل محام في املحكمة وهذه الطريقة تسهل التبليغ وتوفر الوقت.
وعلى كتابة الضبط واألعوان القضائيين الذي خول لهم الظهير الشريف املتعلق
باألعوان القضائيين في فصله الثاني صالحية القيام بعملية التبليغ وفق القانون مع مراعاة
تواريخ الجلسات حتى تنجز األعمال واإلجراءات في وقتها وأن أي تبليغ لم ينجز في وقته املحدد
سيؤخر الفصل في الدعوى وتعاد إجراءاتها بسبب عدم التبليغ وما يترتب عن ذلك من تراكم
القضايا على رفوف املحاكم.
)93الزال المشرع المغربي يستعمل مصطل األعوان ،مع العلم أن النظام األساسي لهيئة كتابة الضبط الصادر بمقتضى المرسوم رقم:
473.11.2الصادر في 15شوال 14 ( 1432سبتمبر )2011قد حذف هذا اإلطار ،وأصبح كتابة الضبط تتكون من ثالث أطر
هي :كتاب الضبط ،المحررين القضائيين ،والمنتدبين القضائيين .وعليه كان األجد بالمشرع أن يواكب تعديل هذا النظام،
وهو ما عمد إليه مشرع مشروع المسطرة الجنائية الذي أصبح يستعمل مصطلح " الموظف المكلف بالتبليغ" وهو
مصطلح عام يشمل كل األطر العاملة باإلدارة القضائية.
62
ب -التبليغ عن طريق البريد المضمون:
حسب الفقرتين الثانية والثالثة من املادة 39من ق م م فإنه إذا تعذر على املوظف
املكلف بالتبيلغ والسلطة اإلدارية تسليم االستدعاء لعدم العثور على الطرف املعني أو أي
شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك بشهادة التسليم التي ترجع إلى كتابة ضبط
املحكمة املصدرة لالستدعاء.وحينئذ توجه كتابة الضبط االستدعاء بالبريد املضمون مع
األشعار بالتوصل.
لم يحدد املشرع املغربي عناصر السلطة اإلدارية التي خول لها القيام بالتبليغ في الفصل
37من ق م م إال أن العمل جرى على إسناد هذه املهمة إلى الشرطة والدرك امللكي ،والعاملين
بوزارة الداخلية من شيوخ ومقدمين.
التبليغ على الطريقة الديبلوماسية يكون في حالة ما إذا كان املبلغ إليه يسكن خارج
املغرب ،ويوجه إليه االستدعاء بواسطة السلم اإلداري على الطريقة الديبلوماسية عدا إذا
كانت مقتضيات االتفاقيات الدولية تقض ي بغير ذلك حسب الفصل 57من ق م م.
لقد أناط املشرع العون القضائي بمسؤولية القيام بمهامه و منها مهام التبليغ كلما طلب
منه ذلك وإال أجبر عليه بمقتض ى أمر يصدره رئيس املحكمة التي ترتبط بها حسب الفصل
الرابع عشر ومهنته حرة حسب الفصل األول من الظهير املنظم لهذه الفئة من مساعدي
القضاء وغير تابع للوظيفة العمومية وال للمحاكم باستثناء الرقابة من طرف وكيل امللك
واإلدارة الجنائية وتتنافى مهنته مع كل نشاط تجاري أو مهنة محامي أو موثق عصري أو رجل
أعمال أو مستشار قانوني أو جنائي .وقد حدد املشرع للعون القضائي عدة مهام يقوم بها
حسب الفصل الثاني من الظهير املنظم لهذه املهنة نذكر منها القيام بجميع التبليغات الالزمة
لتجهيز املسطرة وبجميع اإلجراءات املتعلقة بتبليغ األوامر واألحكام والقرارات عندما ال ينص
القانون على وسيلة أخرى للتبليغ ،وكذلك العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية مع الرجوع
63
إلى القضاء عند وجود صعوبة .وبمجرد االنتهاء من القيام بعملية التبليغ إلى املبلغ له عليه إن
يسلم شهادة التسليم إلى كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية التي يعمل بدائرة نفوذها مع
محضر التبليغ على أن توقع له املحكمة في سجل خاص.
-3بطالن االستدعاء
نصت املادة 309من قانون املسطرة الجنائية على أنه يتعرض لإلبطال اإلستدعاء
والحكم إذا لم يفصل بين تاريخ تبليغ االستدعاء واليوم املحدد للحضور بالجلسة أجل
ثمانية أيام على األقل.
أما الفقرة الثانية من نفس املادة فقد نصت على أنه إذا كان املتهم أو أحد األطراف
اآلخرين يقيمون خارج اململكة فال يمكن أن يقل األجل املذكور عن:
شهرين إن كانوا يسكنون بباقي دول املغرب العربي أو بدولة من دول أوربا؛
ثالثة أشهر إن كانوا يسكنون في دولة غير الدول املنصوص عليها في الفقرة
السابقة.
فهل يقصد املشرع بعبارة " األطراف اآلخرين" كل أطراف الدعوى -باستثناء املتهم-
كالشهود واملسؤول املدني؟ وهل يمكن اعتبار الطرف املدني مشموال بهذا الوصف باعتباره
طرف في الخصمومة الجنائية؟ وبالتالي هل من حقه الدفع ببطالن االستدعاء متى لم تحترم
)94منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية س 1997ص 101وما يليها.
64
املحكمة هذين األجلين إن كان يقيم خارج الوطن؟ ،هل يمكنه التمسك بكونه مشمول
بالوصف املذكور في املادة 2/309إذا ما استند على املبررات التالية:
عموم لفظ "األطراف اآلخرين" وعدم استثنائه صراحة املطالب بالحق املدني؟
الفقرة الثانية من املادة 350من قانون املسطرة الجنائية تنص على أن تعيين املوطن
املختار للمطالب بالحق املدني الذي ال يقيم بدائرة نفوذ املحكمة التي تنظر دعواه
جاءت بصيغة اإللزام للطرف املدني الذي يتقدم بطلباته أمام هيئة الحكم كونه لم
يتدخل أمام هيئة التحقيق ،لتحدد جزاء عدم تعيين هذا املوطن بعدم إمكانية
احتجاجه بعدم تبليغه اإلجراءات التي كان يتعين تبليغها له وفق نصوص القانون،
وبالتالي سنجد أن الطرف املدني الذي سبق له التدخل أمام قاض ي التحقيق غير
مشمول بهذه املقتضيات؛
املادة 349من ق.م.ج نصت على سبيل الوجوب على استدعاء الطرف املدني الذي سبق
أن تقدم بطلبه إلى هيئة التحقيق دون أن تشير إلى ضرورة تعيين املوطن املختار على
غرار املادتين ( 96أمام قاض ي التحقيق) و ( 350أمام هيئة الحكم للطرف املدني
املتدخل أمامها) ،ولم تشر إلى أن هذا اإلستدعاء يجب أن يخضع للمقتضيات املتعلقة
بالطرف املدني غير املقيم داخل محكمة قاض ي التحقيق ،أي أن تستدعيه بالعنوان
الذي أدلى به أو تطبيق جزاء عدم إبالغه باإلجراءات؛
تنصيص املادة 308من ق.م.ج على تسليم اإلستدعاء للطرف املدني وفق مقتضيات
الفصول 38 ،37و 39من قانون املسطرة املدنية والتي نجد من بينها التبليغ بالطريقة
الديبلوماسية؛
إذا كانت للمحكمة ملزمة باحترام األجلين (شهرين وثالثة أشهر) متى تعلق األمر بشاهد
أو شهود تعتبر شهادتهم حاسمة ،فال يوجد معيار للتمييز بين منح هذه املدة للشاهد
وحرمان املطالب بالحق املدني منها مع العلم أن شهادته أيضا قد تكون حاسمة.
في اعقادنا أن املشرع حينما نص على وجوب استدعاء الطرف املدني الذي سبق له
التدخل أمام قاض ي التحقيق إنما يعني إعتماد مقتضيات املادة 96من خالل اعتماد
العنوان الذي أدلى به أمام هذه الجهة القضائية ،أو األخذ بالجزاء املطبق حالة عدم تعيينه
للموطن املختار بعدم استدعائه أصال،ليجعلنا قادرين على القول أن الطرف املدني املقيم
بالخارج ال يشمله الوصف املنصوص في املادة 309السابقة مادام أن اإلجراءات املسطرة
65
للتنصب طرفا مدنيا جاءت بشكل دقيق ال يمكن اإلخالل بها والركون إلى مقتضيات غيرها
ضمن نفس القانون ،وعليه نقترح أن تكون صياغة املادة 349من قانون املسطرة الجنائية
تتضمن اإلشارة إلى احترام مقتضيات املادة 96أعاله رفعا ألي لبس.
وجدير بالذكر أن املادة 310من ق.م.ج قدر بطت الدفع ببطالن اإلستدعاء بوجوب
تقديمه قبل أي دفع أو دفاع تحت طائلة سقوط الطلب ،وهو ما قررته محكمة النقض
حينما قضت بأن "اإلخالل بفترة الخمسة عشر يوما في اإلستدعاء أمام غرفة الجنايات يجب
اإلحتجاج به قبل إثارة أي وجه للدفاع وإال فقد الحق في اإلحتجاج" ،95وفي قرار آخر لها
أكدت على أنه " يجب تقديم الدفع ببطالن اإلستدعاء أمام محكمة املوضوع قبل البث في
جوهر القضية وإال سقط االستدالل به لفوات إبانه ولهذا يكون اإلستدالل به ألول مرة أمام
املجلس األعلى غير مقبول".96
وختاما ،نرى أن تنص الفقرة الثانية من املادة 310من ق.م.ج على منح املطالب بالحق
املدني حق إثارة البطالن عند حضوره أو حضور محاميه ،وطلب تصحيح ما شاب اإلستدعاء
من أخطاء أو استيفاء أي نقص فيه،مع منحه أجال إلعداد دفاعه قبل بدأ املناقشة ،وذلك
على غرار الحق املمنوح للمتهم ،تحقيقا للمساواة ،وتكريسا ملبدأ املوازنة بين حق الطرفين
الذي تستند إليه املحكمة الزجرية.
-4تخلف املطالب بالحق املدني بعد اإلستدعاء
جاء في الفقرة األخيرة من املادة 314من قانون املسطرة الجنائية أن املقتضيات
املتعلقة باملتهم املنصوص عليها في هذه املادة تنطبق أيضا على الطرف املدني ،وبالتالي فيمكن
القول أنه إذا لم يحضر األخير بعد استدعائه قانونيا في اليوم والساعة املحددين في
اإلستدعاء ،حوكم غيايبا ما عدا في األحوال التالية:
-إذا طالب الطرف املدني شخصيا أو بواسطة محاميه ،أن تجرى املناقشات في غيبته،
وارتأت املحكمة عدم ضرورة حضوره شخصيا ،فإنها تستغني عن حضوره ويكون
حكمها بمثابة حضوري؛
-ال يمكن أن يقبل من الطرف املدني اعتباره غائبا إذا كان حاضرا بالجلسة؛
-إذا تسلم الطرف املدني اإلستدعاء شخصيا بصفة قانونية وتغيب عن الحضور من
غير أن يبرر تخلفه بعذر مشروع ،يمكن للمحكمة أن تحكم بحكم بمثابة حضوري؛
)95شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية ،ج 2بمراجعه السابقة ص .78
)96قرار عدد 60بتاريخ 68/10/31منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية ج 1ص 12وما يليها.
66
-يكون الحكم بمثابة حضوري في حقه إذا أعلم بتأجيل القضية قصد النطق بالحكم
لجلسة محددة التاريخ.
ومما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد قرارها عدد 397بتاريخ 69/06/20
الذي جاء من حيثياته ":حيث إنه من الثابت من الحكم املطعون فيه أن الطاعن كان حاضرا
صحبة محاميه بجلسة 1966/01/13التي أجريت فيها املناقشة وأخرت للمداولة إلصدار
الحكم فيها بجلسة 1966/11/23بعدما أخبر الطرفان بذلك فكان إذن الحكم حضوريا
97
بالنسبة إليه بالرغم مما وصف به خطأ من أنه بمثابة حضوري"
ثانيا :الطرف المدني المنضم إلى الدعوى العمومية التي حركتها النيابة
العامة
عمال بمقتضيات املادة 350من قانون املسطرة الجنائية فإنه إذا كانت النيابة العامة
هي التي حركت الدعوى العمومية ،فعلى املتضرر اإلختيار بين تقديم مذكرة بمطالبه املدنية
إما لدى كتابة الضبط أو بين يدي الرئيس أو يكتفي ببسطها شفويا أمام املحكمة والتي يقوم
كاتب الضبط (كاتب الجلسة) بتدوينها في محضر الجلسة ،ويكون هذا الحق مخوال له في
سائر أطوار املحاكمة إلى غاية إختتام املناقشات ،وطبعا تقدم هذه املطالب أمام محكمة
الدرجة األولى ،على اعتبار أن ال يمكن تقديم هذه املطالب ألول مرة أمام محاكم الدرجة
الثانية،وكما سبقت اإلشارة فالطرف املتضرر ملزم بأداء القسط الجزافي املنصوص عليه في
املادة 50من ظهير 1986/12/21وإال رفض تدخله في الدعوى ما لم يكن متمتعا باملساعدة
القضائية .وقد أكدت محكمة النقض في قرارها رقم 2142بتاريخ 1983/03/10أنه " يلزم
املطالب بالحق املدني إيداع املبلغ الجزافي املحدد قانونا وإال اعتبر طلبه غير مقبول".98
الفقرة الثانية :إنعقاد الجلسة
إن من بين األهداف اإلجرائية املرسومة في قانون املسطرة الجنائية ضمان املحاكمة
العادلة كما هي متعارف عليها في العهود واملواثيق الدولية ،وال سيما العهد الدولي الخاص
بالحقوق املدنية والسياسية .ولعل مبدأ الشرعية خالل مراحل املحاكمة هو الذي يضمن
حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا ،ومن ضمنها الحق في محاكمة عادلة تتوفر فيها
67
كافة الضمانات القانونية من تخويل أطراف الدعوى مناقشة وسائل الدفع املعروضة حتى
يتمكن القاض ي من تكوين قناعته الوجدانية من خالل وسائل إثبات عرضت ونوقشت
أمامه.99
والجلسة تنعقد بعد أن تتشكل الهيئة قانونا وفق ما نصت عليه املادة 296من قانون
املسطرة الجنائية ،والتي يحضر أمامها األطراف ودفاعهم وكذا الشهود والخبراء عند
اإلقتضاء ،بحث يتولى رئيس الجلسة ضبط نظامها وتسيير البحث واملناقشات بها وله مع
مراعاة حقوق الدفاع ورفض كل ما يرمي إلى إطالتها بدون جدوى وله أن يوقفها ( م ،)298
كما تبث الهيئة في طلبات التأجيل إلعداد الدفاع أو إستدعاء املصرحين أو امللتمسات
األخرى ،والجلسة تنعقد علنية كقاعدة عامة ،بينما تنعقد سرية في األحوال التي ينص فيها
القانون على ذلك (م ،)300وعموما متى تبين للمحكمة أن القضية جاهزة تبدأ مناقشتها
والتي يمنح فيها الطرف املدني حيزا هاما متى كان حاضر ومدعما بدفاعه وهو موضوع هذه
الدراسة الذي سنتناوله في الفقرات املوالية.
الفقرة الثالثة :التجريح كحق من حقوق الطرف المدني
يعتبر حياد القاض ي من الضمانات األساسية للمحاكمة العادلة ،وإذا ما حدثت ظروف
من شأنها التأثير على هذا الحياد فمن حق األطرف املطالبة باستبعاد القاض ي املعني من البث
في النازلة ،وقد أعطت املادة 276من قانون املسطرة الجنائية هذا الحق أيضا للمطالب
بالحق املدني سواء في مواجهة قاض ي التحقيق أو قاض ي الحكم ،فإذا كان التجريح موجها إلى
قاض ي التحقيق ،فيجب تقديمه قبل أي استجواب أو استماع يتعلق بالجوهر ،ما لم تكن
أسباب التجريح قد طرأت الحقا بعد االستجواب أو االستماع إلى املعني باألمر في املوضوع،
كما أنه يتم إيقاف املناقشات واالستجواب متى إدعى الطرف املدني وجود سبب من أسباب
التجريح ضد واحد أو أكثر من هيئة الحكم.
وعلى املطالب بالحق املدني في هذه الحالة أن يقدم طلب التجريح كتابة ،مثيرا فيه
تحت طائلة البطالن الوسيلة املثارة للتجريح وأن يرفقه بجميع الحجج املفيدة موقعا عليه
من طرفه شخصيا من من طرف وكيله ،ويوجه الطلب إلى الرئيس األول الذي يطلب في جميع
األحوال إيضاحات من القاض ي أو القضاة املقدم طلب التجريح في حقهم ،كما له أن يطلب
)99شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية،ج 2بمراجعه السابقة ص .39
68
أية إيضاحات من الطرف املدني مقدم طلب التجريح إذا رأى ضرورة لذلك ،وبعدها يبث بعد
أخذ رأي الوكيل العام للملك ،ويكون األمر الصادر بالقبول غير معلل وغير قابل ألي طعن،
ويترتب عنه التخلي عن الدعوى فورا من القاض ي أو القضاة الذين تم تجريحهم ،أما إذا
صدر األمر بالرفض فيجب أن يكون معلال ويمكن الطعن فيه أمام محكمة النقض ،على أنه
ال يحول هذا الطعن دون استمرار املناقشات وصدور الحكم في الدعوى.
وقد حدد املادة 273حاالت التجريح ضد قضاة الحكم كما يلي:
-إذا كانت له أو لزوجه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في الحكم في
الدعوى؛
-إذا كانت له أو لزوجه قرابة أو مصاهرة مع أحد األطراف بما فيها درجة أبناء
األعمام واألخوال؛
-إذا كان بين أحد األطراف والقاض ي أو زوجه أو أصولهما أو فروعهما دعوى ال
تزال جارية أو انتهت منذ أقل من سنتين؛
-إذا كان القاض ي دائنا أو مدينا ألحد األطراف؛
-إذا كان قد سبق له أن قدم استشارة أو رافع أم مثل أمام القضاء في قضية أو
نظر فيها بصفته حكما أو أدلى فيها بشهادة أو بث فيها في طورها اإلبتدائي؛
-إذا كان قد تصرف بصفته ممثال قانونيا ألحد األطراف؛
-إذا كانت هناك عالقة تبعية بين القاض ي أو زوجه أحد األطراف وزوجه؛
-إذا كانت بين القاض ي وأحد األطراف صداقة أو عداوة معروفة؛
-إذا كان القاض ي هو املشتكي.
وجدير بالذكر أن املادة 274من ق.م.ج قد نصت على عدم إمكانية تجريح قضاة
النيابة العامة ،بينما أكدت املادة 285من نفس القانون على أنه يمكن أن يحكم على خاسر
طلب التجريح بغرامة تتراوح بين 1200و 2500درهم ،بصرف النظر عن العقوبة التي قد
يتعرض لها عند اإلقتضاء من أجل إهانة القضاء إذا كان من طبيعة الوقائع املزعومة املس
بشرف وسمعة القاض ي.
وفي ذات السياق خولت املادة 318من ق.م.ج للطرف املدني أيضا حق تجريح
الترجمان وقت تعيينه مع بيان أسباب ذلك ،وتبث املحكمة في طلبه بمقرر غير قابل ألي
طعن.
69
الفقرة الرابعة :اإلستماع إلى المتهم
بعد إعالن الرئيس افتتاح الجلسة ،يبدأ في االستماع إلى املتهم سواء كان فاعال أصليا أو
مشاركا أو مساهما ،وذلك من خالل توجيه التهمة املنسوبة إليه والفصول املتابع بها ثم
عرض وقائع القضية عليه ومكالبته بتقديم أجوبته وردوده حولها ،كما يمكن لباقي أعضاء
الهيئة وللنيابة العامة واألطراف والدفاع أن يلقوا أسئلتهم عليه بعد استنطاقه بواسطة
رئيس الجلسة أو بإذن منه ،ويبث األخير في كل نزاع عارض عند هذه األسئلة.
ويعتبر األستاذ الحسن البوعيس ي 100املتهم الشاهد الثاني في القضية بعد الضحية،
فهو يكون حاضرا أثناء ارتكاب الجريمة ،ولهذا فتصريحه له أهمية كبيرة ،الش يء الذي يحتم
على املحكمة االستماع إليه بكل دقة وحذر ،فهو يميل إلى الكذب وتحريف الوقائع أكثر من
الشهود والضحية.
الفقرة الخامسة :اإلستماع إلى الطرف المدني
تبدأ املناقشات بالتأكد من هوية املتهم واستنطاقه بعد توجيه التهمة املنسوبة إليه،
ومن الفقه من يفضل البدأ باإلستماع إلى الطرف املتضرر وهو اإلتجاه الذي نؤيده ملا يفره
من مزايا حددها األستاذ الحسن البوعيس ي بقوله " :نحبذ أن تبدأ املناقشة إلى املتضرر أو
املشتكي ،حيث يبسط للمحكمة كل الوقائع واألفعال التي تعرض لها ،الش يء الذي يسهل
مأمورية املحكمة التي غالبا ما ال تطلع على ملف القضية إال بالجلسة وتكون غير قادرة على
مناقشة القضية مناقشة تسمح لها بإجراء تحقيق دقيق فيها ...وتعتبر الضحية أهم
األشخاص املستمع إليهم ،فهي الشاهد األول عن األحداث وأول من يواجه الفاعل ويقاومه،
الش يء الذي يجعلها في الظروف العادية ،تعطي وصفا كامال عن املجرم وتبين محالمحه
وثيابه وقوته الجسمانية ولغته والعالمات الخاصة التي يحملها ،واملحيط الذي ينتمي إليه،
والوسائل التي استعملها في اإلعتداء ،وزمان ومكان اإلعتداء بكل تدقيق ،وتوضح إن إقتض ى
األمر عدد الفاعلين واملشاركين وتنقل إلى الباحث ما دار من حديث بينهم وبين الفاعل الش يء
101
الذي يمكن من فهم القضية وطرح األسئلة املالئمة على املتهم والشهود".
)102قرار عدد 23/1344بتاريخ 1980/12/11ملف جنائي رقم ،77275منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 23ص 35وما يليها.
71
كمطالبين بالحق املدني يصيرون أطرافا في الدعوى مما ال تدعوا معه الحاجة إلى
إخراجهم إلى للقاعة املعدة لذلك" .وبالتالي فالهدف الذي توخاه املشرع من إخراج
103
الشهود من القاعة ال يتوفر في حق املطالب بالحق املدني ،ألن حضوره استنطاق املتهم
قد يوجه شهادته إلى ما يضمن مصالحه ال ما يبرز الحقيقة؛
.2مادام أن املطالب بالحق املدني قد تدخل في الخصومة الجنائية إال ويرمي إلى الحصول
على التعويضات عن األضرار التي يقول بأنها طالته بسبب الفعل الجرمي املنسوب
للمتهم ،وبالتالي فإن شهادته ستنصب على ما يخدم مصالحه أكثر مما سيساعد على
إبراز الحقيقة ،مما سيفقد تصريحاته الحياد املطلوب في شهادة الشهود العاديين،
ووضعية املطالب بالحق املدني –والحالة هذه -لن تختلف عن وضعية املستثنون من
أداء اليمين القانونية للمؤثرات العدة التي قد تؤثر في شهادتهم ،حيث اعتبرت املادة
2/332تصريحاتهم مجرد معلومات.
.3من القواعد الفقهية املعمول بها في التشريع اإلسالمي أن الشاهد إذا كان سيجر
بشهادته إلى نفسه نفعا أو يدفع بها ضرا فال تقبل شهادته ؛
104
.4هناك من الفقه من يعتبر اإلستماع إلى املطالب بالحق املدني كشاهد بعد أدائه لليمين 105
القانونية إتجاه غير سليم،ذلك أن الشاهد يجب أن يكون أجنبيا عن النزاع ،أما القول
بغير ذلك فيعتبر من الترقيعات املضرة بالعدالة؛
.5اعتماد شهادة املطالب بالحق املدني لوحده سيجعل منه خصما وحكما في اآلن ذاته.
لذا نقترح تعديل املادة 332بأن يضاف املطالب بالحق املدني في الحاالت املستثناة من
أداء اليمين القانونية ،واعتبار تصريحاته مجرد معلومات.
الفقرة السادسة :اإلستماع إلى الشهود
تعرف الشهادة بأنها إخبار أو رواية يرويها شخص عما أدركه مباشرة بحواسه عن واقعة
معينة ،وتأخذ شكل تصريح يدلي به صاحبه،و يدون بمحضر،و يعتمد عليه في اإلثبات بعد
أداء اليمين،و توفر الشروط القانونية.
)103قرار عدد 3272بتاريخ 1985/04/11ملف جنائي عدد ،8669منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 45ص 80وما يليها.
)104عدنان خالد التركماني :اإلجرءات الجنائية اإلسالمية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية،أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية ،س
،1999ص 183
)105ذ الحسن البوعيسي ،المرجع السابق ص .343
72
وتتجلى أهمية الشهادة من خالل ذكرها في كتاب هللا تعالى في أكثر من آية كقوله عز من
قائل :يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامني بالقسط شهداء هلل ولو على
أنفسكم أو الوالدين أو األقببني ن يكن نناا أو ققارا قاهلل أو ى بهاا.
اآلية 134من سورة النساء.
و من حيث أنواع الشهادة فهي قد تكون إما مباشرة و هي التي يتم فيها اتصال الشاهد
مباشرة بالواقعة محل اإلثبات بحيث يشهد بما عاينه و أدركه مباشرة ،و إما شهادة غير
مباشرة تتم عن طريق التواتر ،كأن يروي الشاهد بأن غيره قد رأى الواقعة محل اإلثبات،و
تسمى بذلك شهادة التواتر و النقل أو السماع.
ويتم استدعاء الشهود إما من قبل املحكمة تلقائيا أو بناء على طلب من النيابة
العام ـ ـ ـ ـ ـ ــة أو املته ـ ـ ــم أو املطالب بالحق املدني أو املسؤول عن الحقوق املدنية،و بالتالي
فاملالحظ أن األطراف املعينة أساسـ ـ ـ ــا (املادة 325من ق.م,ج) بتعزيز مواقفها إما في الدفاع و
إما في االتهام في مرحلة املحاكمة..
ينص في اإلستدعاء على أن القانون يعاقب على عدم الحضور كما يعاقب على
شهادة الزور" .فبالنسبة ملسألة الجزاء املترتب عن عدم أداء الشهادة أمام املحكمة,أو
الحضور و رفض إما أداء اليمين املتطلبة أو اإلدالء بالتصريحات ،فإن املادة 339من قانون
املسطرة املدنية تحيل بشأنها املعني إلى ما تعاقب به املادة 128من قانون املسطرة
الجنائية,التي تنص على أنه" إذا لم يحضر الشاهد ثم وجه إليه إستدعاء ثان إما برسالة
مضمونة أو...جاز لقاض ي التحقيق بناء على ملتمسات النيابة العامة,أن يجبره على الحضور
بواسطة القوة العمومية و أن يصدر في حقه أمرا بأداء غرامة مالية تتراوح بين
1200و 12000درهم ".فاملشرع اعتبر هذا الفعل بمثابة جنحة ضبطية خالفا للقانون امللغى
الذي إعتبرها في كلتا الفرضيات السابقة الذكر مخالفة ،على أنه يمكن أن يتعرض املستدعى
للشهادة و املعذور بعذر حضورها أن يتعرض على قرار القاض ي بتغريمه في أجل أقصاه 5
أيام من تبليغه إليه شخصيا أو في موطنه,و هو تعرض تنظر فيه نفس املحكمة التي أصدرت
الحكم بالغرامة (املادة 4/339ق.م.ج)
أما بخصوص أداء الشهادة ،فبعد أن يتحقق رئيس الجلسة من هوية املتهم و يخبره
بالتهمة املوجهة إليه يقع النداء على الشهود و بعد ذلك يدعوهم لإلنسحاب إلى القاعة املعدة
لهم و ال يغادرونها إال لإلدالء بشهاداتهم ،و يتخذ الرئيس لذلك كل تدبير مالئم ملنع الشهود
من التحدث فيما بينهم أو بينهم و بين املتهم ،وبعد ذلك يستنطق الرئيس مباشرة املتهم ثم
73
يقع النداء على الشهود فرادى لكي يستمع إليهم بعد أن يستفسر الرئيس كل شاهد عن
اسمه العائلي و الشخص ي وسنه و حالته و مهنته ومحل إقامته وإن اقتض ى الحال عن
قبيلته وعن فخدته األصلية ،وهل له قرابة أو مصاهرة باملتهم أو املطالب بالحق املدني وعن
درجة هذه العالقة وهل كانت تربط بينهما عالقة تتميز بالعداوة أو الخصومة ،كما يسأله عن
ما إذا كان محروما من أهلية أداء الشهادة وقبل اإلدالء بالشهادة يتعين أداء اليمين املقررة
وفق الصيغة السابقة الذكر و إال كانت باطلة ،اللهم إذا كان املشرع أعفى من أداء اليمين في
الحاالت السابقة التنصيص طبقا للمادتين(/3/123و )332من ق.م.ج ويجب أن تؤدى
الشهادة بصورة شفاهية مما يمتنع معه على الشاهد االستعانة بمذكرات إال بكيفية
إستثنائية و بإذن الرئيس ،وبعد اإلنتهاء من األداء يقوم الرئيس باستفسار املتهم فيما إذا
كانت لديه ردود بشأن ما وقع لإلفضاء به ثم يسأل النيابة العامة واملطالب بالحق املدني مما
إذا كان لديه أسئلة يلقيانها ،وفق ما قضت به املادة 336من ق.م.ج .و بمقتض ى املادة 338
من ق.م.ج فإن كاتب الضبط ملزم باإلشارة في محضر تلقي الشهادة إلى هوية الشاهد و إلى
اليمين التي تم أداؤها ،وملخص بأهم ما جاء في شهادته ،وإغفال القيام بهذه الشكليات يؤدي
إلى بطالن قرار الحكم املبني على تلك الشهادة طبقا للفقرة 1من املادة 338من ق.م.ج.
وتبقى اإلشارة إلى أن الشهادة املدلى بها أمام القضاء الزجري تخضع من حيث قيمتها اإلثباتية
للسلطة التقديرية ملحكمة املوضوع التي لها أن تأخذ بها في حدود ما اقتنعت بها أو تستبعدها
كليا أو جزئيا إن هي ارتابت في صدقها و داللتها على الحقيقة.
ومن املؤكد أنه من حق الطرف املدني طلب املحكمة إستدعاء كل الشهود الذين ستعزز
شهادتهم مركزه القانوني ،ذلك أن للشهادة قيمتها اإلثباتية أمام املحكمة الزجرية ،في هذا
اإلطار ذهبت محكمة اإلستئناف بورزازات في إحدى إجتهاداتها الحديثة بالقول " :وحيث إنه
بموجب املادة 286من ق.م.ج يمكن ملحكمة املوضوع تكوين قناعاتها من جميع وسائل
اإلثباث،ولم تقيدها بوسيلة إثباث معينة إال في حاالت إستثنائية منصوص عليها على سبيل
الحصر،ولها تبعا لذلك أن تأخذ بالقرائن املقبولة ،املنسجمة،السائغة،القوية،املؤدية
للنتيجة ،وأن تأخذ بشهادة الشهود متى صيغت شهادتهم بصورة واضحة ومنسجمة مع
الواقع دون أن يتخللها أي تناقض أو لبس أو التباس،ومتى أطمأنت املحكمة لصدقها
ومطابقتها للحقيقة والواقع " ( قرارجنائي استئنافي عدد 121بتاريخ )2013/06/17
74
ومن إجتهادات محكمة النقض (املجلس األعلى سابقا) في هذا الصدد قولها " :وحيث
إن وسائل اإلثباث مستقلة بعضها عن لعض ،وأن الشهادة وسيلة إثباث قائمة بذاتها
مهما كانت صفة من أدلى بها في الدعوى وال تحتاج إلى غيرها من وسائل اإلثباث
لتدعيمها".106
يستمع إلى الخبراء بالجلسة ويعرضون نتائج العمليات التقنية التي قاموا بها ،ويمكنها
أثناء االستماع إليهم أن يطلعوا على تقريرهم وعلى ملحقاته ،ويمكن للرئيس إما تلقائيا أو
بطلب من النيابة العامة أو من األطراف أو محاميهم ،أن يطرح على الخبراء كل األسئلة التي
تدخل في نطاق املهمة املعهود بها إليهم ،أو يأذن لهم بطرحها مباشرة ،ويحضر الخبراء
املناقشات بعد االستماع إليهم ما لم يعفهم الرئيس من ذلك ،وما لم تعترض النيابة العامة أو
األطراف.
وإذا كان الخبراء غير محلفين ،فقد أوردت املادة 345من ق.م.ج صيغة القسم الذي
يؤدونه أمام املحكمة وهو " :أقسم باهلل العظيم على أن أقدم مساعدتي للعدالة وفق ما
يقتضيه الشرف والضمير".
إذا عارض شخص استمع إليه أثناء جلسة الحكم بصفته شاهدا أو على سبيل
االستئناس فيما ورد بمستنتجات أحد الخبراء أو تقديم بيانات تقنية جديدة ،فإن الرئيس
يطلب من الخبير ومن النيابة العامة واألطراف عند االقتضاء أن يقدموا مالحظاتهم ،وتصرح
املحكمة بقرار معلل إما بصرف النظر عن املنازعة ومواصلة املناقشات ،وإما بتأجيل
القضية إلى تاريخ الحق ،وفي هذه الحالة يمكن للمحكمة أن تقرر كل تدبير تراه مفيدا
بالنسبة إلجراء الخبرة ( املادة 346من ق.م.ج).
ومن الحاالت التي تناقش في هذا الصدد التقارير الطبية املنجزة من طرف الخبراء
واملتعلقة بالحالة الصحية للمطالب بالحق املدني سيما إذا كان هناك عدم الوضوح في نسب
العجز املحددة ودرجتها ،مما يجعل املحكمة تستدعي الخبير لتلقي توضيحاته في املوضوع
ومناقشتها أمامها.
75
الفقرة الثامنة :مرافعة المطالب بالحق المدني
نصت املادة 306من قانون املسطرة الجنائية على أنه " تجري املناقشات بعد إنتهاء
البحث ،ما لم يتقرر خالف ذلك بمقتض ى قانون خاص ،أو بأمر من الرئيس حسب الترتيب
التالي:
وعليه إرتأيت تناول هذه الفقرة من خالل نقاط ثالث نخصص األولى منها ملذكرة
املطالب املدنية ،لنعرض في الثانية نموذجا ملرافعة الطرف املدني ،لنختم في الثالثة
بمالحظاتنا حول هذه املرافعات ،وذلك كما يلي"
أوال :مذكرة المطالب المدنية
تعتبر مذكرة املطالب املدنية أكثر الوسائل املعتمد عليها حين التنصب طرفا في الدعوى
الجنائية ،والتي قد يتقدم بها الطرف املتضرر بصفة شخصية أو بواسطة محاميه،وقد
نصت املادة 350من قانون املسطرة الجنائية على البيانات الواجب توفرها في هذه املذكرة
والتي يمكن تحديدها في التالي:
)107شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية ،ج 2بمراجعه السابقة ص .74
76
-1البيانات الكفيلة للتعريف بالطرف المدني :واملتمثلة في كل البيانات الضرورية
لتحديد هوية املطالب بالحق املدني بالدقة املطلوبة كاالسم العائلي والشخص ي،
واسم األبوين والعنوان ،ورقم البطاقة الوطنية أو ما يقوم مقامها ،وأكيد أن هذه
املذكرة ال بد وأن تشير أيضا إلى إسم املتهم املتسبب في الجريمة املحدثة للضرر؛
-2تبيان الجريمة المترتب عنها الضرر :من خالل توضيح األفعال اإلجرامية التي
أتاها املتهم واملسببة للضرر؛
-3تحديد األسباب المبررة للطلب :ويمكن اعتبارها هنا بمثابة الحيثيات التي يستند
عليها املتضرر لتبرير طلبه كتحديد الحجج واألدلة التي تثبت قيام املتهم باملنسوب
إليه ،وكذا تلك املثبتة لحجم للضرر الذي تعرض له؛
-4تحديد مبلغ التعويض المطلوب :يتعين على املتضرر أن يحدد مبلغ التعويض عن
الضرر الذي لحق به،ويحدد ذلك بالعملة املغربية ،غير أنه يمكنه أن يطالب باملبلغ
بعملة أخرى مع التأكيد على أداء مقابلها بالدرهم وذلك تفاديا ملا قد يحدث له من
مشاكل تتعلق بقانون الصرف وإجراءاته من جهة ،ومن جهة أخرى فالدرهم هو
العملة القانونية املتداولة في املغرب ،كما ال يمكن للمتضرر أن يحدد مبلغ
التعويض بالريال ( 5سنتيمات) رغم أن هذه التسمية لها استعمال شائع في
الوسط املغربي .
108
-5تعيين الموطن المختار :وذلك في الحالة التي يكون فيها مقيما خارج دائرة نفوذ
املحكمة التي تنظر في الدعوى ،وإال حرم من حق اإلحتجاج بعدم تبليغه باإلجراءات
التي كان يتعين تبليغها له وفق نصوص القانون.
وجدير بالذكر أن هذه املطالب معفاة من الرسوم القضائية ،وال يؤدى عنها إال القسط
الجزافي املنصوص عليه في املادة 50من القانون رقم 23.86املتعلق بتنظيم املصاريف
القضائية في امليدان الجنائي ،كما سبق وأن بسطناه سلفا.
وباستقراء املادة 349من ق.م.ج سنجد أن تقديم املذكرة وردة بصيغة اإللزام على من
سبق بتقديم مطالبه أمام هيئة التحقيق ،أي أنه – وبصيغة املخالفة -فاملتضرر الذي سبق
له أن تنصب طرفا مدنيا أمام قاض ي التحقيق ال يسوغ له أن يقدم مطالبه شفاهة أمام
77
هيئة الحكم ،وإنما أن يقدم لزوما مذكرة املطالب املدنية قبل الجلسة بكتابة الضبط أو
أثنائها بين يدي الرئيس مع احترام الشروط التالية:
أ -إرفاق املذكرة بصورة لوصل أداء القسط الجزافي؛
ب -تحديد املطالب األساسية؛
ت -تحديد مبلغ التعويض املطلوب.
ثانيا :نموذج لمرافعة عن المطالب بالحق المدني
عكس القيد الذي فرضته املادة 349من ق.م.ج على الطرف املدني الذي سبق له أن
قدم مطالبه أمام قاض ي التحقيق ،جاءت املادة 350من نفس القانون لعطي الخيار
للمتضرر الذي يتقدم بصفته طرفا مدنيا أمام هيئة الحكم بأن يقدم مطالبه على شكل
مذكرة وفق الشكل النصوص عليه في املادة 349سالفة الذكر ،أو بتصريح شفهي يسجله
كاتب الضبط بالجلسة ،وينذر ألداء القسط الجزافي ،لكن من الناحية العملية فالشائع هو
املرافعات التي يقوم بها رجال ونساء الدفاع نيابة عن الطرف املدني ،سواء تعزز ذلك بمذكرة
مكتوبة أم ال.
وتتوحد في الغالب مرافعات دفاع الطرف املدني إذ أنها تنطلق باإلشارة إلى فصول
املتابعة وتبسيط وقائع النازلة ،قبل أن تبرز عناصر الفعل الجرمي والضرر الناتج عنه والذي
طال املطالب بالحق املدني ،قبل أن يتم ا إعالن عن امللتمسات سواء في الشق املتعلق
بالدعوى العمومية أو املدنية ،وكنموذج نضع مرافعة لألستاذ محمادي ملعكشاوي التالية:
109
سيدي الرئيس:
أحضر مع السيد ....بصفته مطالبا بالحق املدني في مواجهة املتهم املتابع بخيانة األمانة
طبقا للفصل 547من القانون الجنائي ،وأستعرض في عجالة وقائع هذه القضية التي ترجع
وقائعها األولى إلى صيف سنة 2005عندما كان موكلي يعتزم الرجوع إلى أملانيا حيث يعيش
مهاجرا منذ ثالثين سنة ،يزور فيها مدينة أصيلة في شهر غشت من كل سنة ،توجه إلى دكان
جاره املتهم ...ليتوجها إلى البلدية لإلشهاد على صحة إمضائيهما الذين ذيال به توكيال صادرا
عن املطالب بالحق املدني للمتهم ،يتولى بموجبه اإلحتفاظ بسيارة املرسيدس 500التي
تسلمها منه مع وثائقها ومفاتحها حسب اعترافه ،على أن يبيعها ملن يرغب في شرائها من
)109املرافعات في القضايا الجنائية عما وعمال ،ط ،1س ،2011املرافعة رقم 29 :ص 193و.194
78
الناس على أن ال يقل الثمن عن 300.000درهم ،وإخباره هاتفيا للمجيء من أجل تسليمه
ثمن املبيع ،مع تعويضه عن جميع املصاريف التي ينفقها ،وبعد شهر من ذلك باع السيارة
بثمن قدره 350.000درهم .وبعد تاريخ البيع بشهرين اتصل بالشرطة ليبلغ عن سرقة
السيارة ،وليبلغ صديقه صاحب السيارة باتصال هاتفي أن السيارة سرقت ليعود هذا األخير،
ولتنتهي الحكاية بالعثور على السيارة ومشتريها الذي يتواجه بحججه مع البائع الذي خان
األمانة.
سيدي الرئيس :إن عناصر خيانة األمانة تتكون من:
_1فعل مادي :يتكون من تسلم املنقول على وجه األمانة ثم إختالسه أو تبديده،
واملتهم تسلم املنقول وهي السيارة على وجه األمانة باعترافه املضمن في صك التوكيل ،ونقلها
إلى مستودع له بداره ،ثم باعها حسب نسخة العقد التي أدلى بها املشتري للضابطة القضائية
بالثمن املنصوص عليه في العقد ،وقد صرح أنه خسر منه 150.000درهم على مائدة القمار
بالكازينو ...وهو ما يؤكد واقعة التبديد.
_2محل الجريمة :وهو منقول مملوك للغير ،وهو سيارة مرسيدس 500مملوكة
للمطالب بالحق املدني.
_3ضرر يلحق صاحب المنقول المختلس أو المبدد :ستجلى الضرر في فقدانه
السيارة ألنه لم يتوصل بدرهم واحد من ثمنا ،واملتهم يؤكد أنه خسر مبلغ 150.000درهم
وهو ما يناهز النصف تقريبا في املقامرة وال يعرف مصير الباقي.
_4قصد جنائي :واملطلوب في جريمة خيانة األمانة القصد العام كغيرها من الجرائم،
وهو مفترض.
وحيث إلن عناصر الجريمة ثابتة بأدلة يقينية فمن املناسب مؤاخذته على ما ارتكب
من أفعال.
ألجله ،ألتمس من جنابكم:
*الحكم بإدانة املتهم طبقا للقانون ،وتبعا لذلك:
* الحكم في الدعوى املدنية بأداء املتهم للعارض مبلغا قدره 350.000درهم شامال
قيمة الوديعة والتعويض.
79
ثالثا :مالحظات حول مرافعات الطرف المدني
إن ما نالحظه أثناء املمارسة العملية في مرافعات الدفاع خالل الخصومة الجنائية التي
يوجد بها طرف مدني هو ذلك النقاش الذي يدور هو مناقشة دفاع املطالب بالحق املدني
للدعوى العمومية وملتمساته الرامية من خاللها إلى تطبيق أقص ى العقوبات على املتهم قبل
أن يسرد التعويضات املطالب بها ،ليثور التساؤل في هذه املناسبة حول أحقية دفاع املطالب
بالحق املدني بالخوض في الدعوى العمومية؟
بخصوص هذه اإلشكالية هناك اتجاهان متباينان هما:
اإلتجاه األول القائل بأحقية دفاع املطالب بالحق املدني بالخوض في الدعوى العمومية:
وسندهم في ذلك أنه وإلبراز الضرر الذي لحق بالطرف املدني ،البد من إثبات األفعال
الجرمية املنسوبة للمتهم ،واملطالب بالحق املدني في هذه الحالة طرف مساعد للنيابة
العامة املمثلة للمجتمع في سبيل استجالئها للحقيقة ،كما أن الحكم بالعقوبات املناسبة
ضد الفاعل يدخل ضمن التعويض املعنوي الذي سيستفيد منه الضحية ال محالة.
اإلتجاه الثاني القائل بعدم جواز خوض دفاع الطرف املدني في الدعوى العمومية :وذلك
على أساس أن الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة لوحدها ،واملسطرة
الجنائية حين مخاطبتها للطرف املدني تقتصر باإلشارة إلى ما يتعلق بحقوقه املدنية ال
غير ،ولوضوح املادة الثانية من قانون املسطرة الجنائية التي نصت على أنه " يترتب عن
كل جريمة الحق في إقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات ،والحق في إقامة دعوى
مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه الجريمة" ،وعليه ،ومادام أن
تطبيق العقوبات يدخل ضمن الدعوى العمومية ،فال يحق للمطالب بالحق املدني
املطالبة بتطبيق عقوبة محددة على املتهم ،بل وال يحق له بناء على ذلك الخوض في
الدعوى العمومية.
ومن وجهة نظرنا املتواضعة ،فلكال االتجاهين ركائز ودعامات يقوم عليها ،لكن ال
يمكن التسليم بهما كلية ،وإنما يمكن التوفيق بينهما من خالل:
أ -حق دفاع الطرف املدني مناقشة األفعال الجرمية املنسوبة للمتهم ألن من شأن إثباتها
القول بأحقية املتضرر الحصول على التعويض املناسب لألضرار التي طالته جرائها؛
80
ب -إمساك دفاع الطرف املدني عن التماس تطبيق عقوبات محددة ألن ذلك من صالحيات
النيابة العامة املمارسة للدعوى العمومية ،وليس للمطالب بالحق املدني.
الفقرة التاسعة :مرافعة النيابة العامة
تقدم النيابة العامة في مرافعتها تبسيطا للوقائع وكذا فصول املتابعة ،وكذا مستنتجاتها
التي توصلت إليها بعد دراستها للقضية ووثائقها سيما محاضر البحث التمهيدي ومحاضر
االستنطاق أمامها وكذا وثائق التحقيق حالة وجودها ،وما توصلت إليها أثناء مناقشة
القضية أمام املحاكمة ،قبل أن تعرض ملتمساتها في املوضوع.
واملالحظ أنه من الناحية العملية ،ونظرا لكثرة امللفات املعروضة على املحكمة ،يعمد
بعض من ممثلي الحق العام إلى نطق جملة فريدة ووحيدة – وهو جالس " -نلتمس اإلدانة
وفق فصول املتابعة" أو ما شابهها ،هذا إن لم تكن كلمة وحيدة هي "اإلدانة" ،هذا دون أن
ننكر وجود مرافعات باملفهوم املتعارف عليه سيما في بعض القضايا الهامة أو املستأثرة
بمتابعة الرأي العام أو غيرها.
الفقرة العاشرة :مرافعة المتهم
تتم مرافعة املتهم بدفاع هذا األخير عن نفسه أو بواسطة محام يعينه لهذا الغرض أو
تعينه له املحكمة حسب األحوال ( املواد 423 ،385من ق.م.ج) ،غير أن املرافعة بمفهومها
الدقيق ال تتم إال بوجود محامي املتهم ،كون دفاع املتهم عن نفسه يتداخل ومرحلة
استنطاقه ومواجهته باملنسوب إليه وباألدلة املوجهة ضده ،أما مرافعة الدفاع فتتجلى
أهميتها أنها تبدأ قبل مناقشة املحكمة ملوضوع القضية ،أي في مرحلة إثارة الدفوع الشكلية
املتعلقة بكل من الدعويين املدنية والعمومية ،ثم بعدها تأتي مناقشة املوضوع الذي من
خالله يقدم الدفاع كل الوسائل الكفيلة لتبرئة ساحة املتهم أو لتكييف األفعال إلى وصف
أخف مع توضيح الظروف االجتماعية والشخصية املستوجبة لتمتيع املتهم بظروف
التخفيف ألجل الخفض من العقوبة أو جعلها – جزئيا أو كليا – موقوفة التنفيذ ،وما يترتب
عن ذلك من آثار بالنسبة للدعوى املدنية التابعة.
81
الفقرة الحادية عشر :دور كاتب الضبط بالجلسة
ال يخفى ألحد ما لكاتب الجلسة من دور هام في تدوينه لكل ما يروج بالجلسة ،ومنها
مطالب ومرافعات الطرف املدني ،فقد نصت املادتين 305و 442من قانون املسطرة
الجنائية على أن كاتب الضبط يحرر محضرا في كل قضية يضم فيه كل ما شاهده وسمعه
أثناء الجلسة ،وبذلك يكون لهذا املحضر قوة ثبوتية هامة ال يمكن الطعن فيه إال بالزور،
وتعتبره محكمة النقض متى كان صحيحا مكمال للحكم فيما عس ى أن يكون قد أغفله .
110
وحفاظا على مصالحه ،يحق للمطالب بالحق املدني أن يطلب من الرئيس أمر كاتب
بتالوة املحضر أو جزء منه للتأكد من تضمين ملتمساته وطلباته أو لتضمين ما تم إغفاله
وفق ما أكدته املادتين 305و 442من قانون املسطرة الجنائية.
ولتسليط الضوء على هذه النقطة سنتناول بعض املسائل املتعلقة بكاتب الجلسة
واملحضر املحرر من طرفه (النموذج )4في النقاط التالية :
111
439بتاريخ 1980/04/03 :منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى في املادة الجنائية ،ج ،1ص 524وما يليها. )110قرار عدد
)111للتوسع أكثر يراجع :دليل اإلجراءات العملية باإلدارة القضائية ،الجزء ،1عمر الموريف ويوسف أيت بها ،نشر دار نور ،الطبعة ،1
س ،2017ص 19وما يليها.
82
-أداء اليمين القانونية؛
-ارتداء البذلة النظامية؛
-اعتماد النموذج الرسمي للمحضر؛
-الحياد و األمانة؛
-اإلملام باملرجعية القانونية.
رابعا :ما ينبغي مراعاته شكال و موضوعا في تحريرمحاضر الجلسات
-ينبغي ان نراعي في كتابة املحضر بعض القواعد التي ال يمكن االستغناء عنها كالدقة
والحيطة من التشطيب أو املحو أو اإلضافة أو الكتابة بين السطور أو في الطرة
أو التغيير أو التكرار وال أي ش يء آخر من شأنه أن يثير الريبة حتى تكون
للمحضر قيمته اإلثباتية والقانونية ألن ما سجل به ال يمكن الطعن فيه إال
بالزور ;
-إذا كان املحضر غير مستوف للبيانات القانونية الالزمة فإنه ال يؤخذ به وكاتب
الضبط مسؤول عن كل مخالفة قد يرتكبها;
-تحرير محضر الجلسة يتطلب ان تكون لكاتب الضبط ثقافة قانونية وأن يكون
متصفا بالنزاهة واالستقامة والجدية حتى يتأتى له تحرير محضر سليم من
األخطاء الشكلية و املوضوعية و يجب أن تكون الصياغة بألفاظ مبسطة بعيدة
عن التعقيد;
من ناحية الشكل:
استعمال اللغة العربية الفصحى؛ -
استعمال املصطلحات القانونية؛ -
تنمية الثقافة القانونية؛ -
السرعة و الدقة؛ -
الكتابة بخط واضح و مقروء؛ -
تفادي التشطيب أو املحو أو الكشط؛ -
تفادي الحشو و االطناب و اإلطالة. -
من ناحية الموضوع
.1رقم القضية؛
83
.2طبيعة النزاع؛
.3تاريخ الجلسة ؛
.4الهيئة الحاكمة ؛
.5تسجيل افتتاح الجلسة وتسجيل املناداة على األطراف؛
.6تسجيل علنية الجلسة أو سريتها طبقا للفصل 50من قانون املسطرة
أو بغرفة املشورة طبقا للفصل 345من ق م م ؛
.7ذكر اسم األطراف طبقا للفصول ( 50و 345و 375من ق م م ) ؛
.8تسجيل توصيل األطراف باالستدعاء طبقا للفصلين 37/36من ق م
م.
.9اسم املحكمة؛
. .10تسجيل حضور األطراف بالجلسة ؛
.11تسجيل دفاع الطرفين منها :الدفوع الشكلية قبل كل دفع او دفاع؛
.12تسجيل تأخير النظر في القضية إذا ما قررت املحكمة ذلك؛
.13تسجيل تالوة التقرير من طرف الرئيس ؛
.14تسجيل موقف املحكمة من هذه الدفوع ؛
.15تسجيل استجواب رئيس الهيئة الحاكمة بالنسبة لكل واحد من
الحاضرين ؛
.16تسجيل الكاتب جواب كل واحد من األطراف على األسئلة التي ,وجهتها
اليه املحكمة؛
.17يسجل جميع األوجه والحجج التي يستند إليها األطراف في الدعوى أو
محاميهم من إقرار أو دليل كتابي رسمي أو عرفي ؛
.18يسجل تبادل املذكرات التي تقدم في الجلسة من املحامين الى
املحكمة ( الفصل 32من م م )؛
.19تسجيل سائر امللتمسات التي يقدمها األطراف أو املحامون سواء
بالنسبة للقرارات التمهيدية أو بالنسبة لصدور الحكم ؛
.20تسجيل اإلجراءات التي قد تتخذها املحكمة بالنسبة لإلجراءات
التمهيدية
84
.21يسجل الكاتب إقفال باب املناقشات عندما تنتهي املحكمة من
إجراءات التحقيق التي تراها مفيدة وضرورية في جلستها األخيرة
الختامية ؛
.22تسجيل رفع الجلسة؛
.23التوقيع على محضر الجلسة من طرف القاض ي والكاتب ؛
.24تسجيل منطوق الحكم في املحضر و إقفاله مع التوقيع عليه بعد كل
جلسة؛
المطلب الرابع :الحكم في الدعوى المدنية التابعة
ملا كان تخويل املحاكم الجنائية سلطة الفصل في الدعوى املدنية هو اختصاص
استثنائي من بين أسبابه اإلستفادة من التحقيقات التي أجريت في الدعوى الجنائية ،فإن
النتيجة الطبيعية لهذه الحكمة هي وجوب الفصل فيهما بحكم واحد مبينا فيه ما قض ى به
بالنسبة إلى كل من الدعويين على حدة ،وذلك سواء قضت بالبراءة أو اإلدانة أو بالسقوط
112
أو باإلعفاء ،ومتى تبين لها سبب موجب للحكم بالتعويض فإنها تقض ي به وفق سلطتها
التقديرية.
وعليه إرتأيت التطرق إلى موضوع الحكم في الدعوى املدنية التابعة من خالل تناول
حاالت الحكم باإلدانة والسقوط واإلعفاء والبراءة ،ثم اإلشارة إلى سلطة املحكمة في تقدير
التعويض ،وكذا إلى الطرف املتحمل للمصاريف قبل الختم بإشكال إغفال املحكمة البث في
املطالب املدنية وذلك من خالل النقاط التالية:
الفقرة األولى :حالة الحكم باإلدانة
باستقراء املادة 5/366والفقرة األولى من املادة 436من قانون املسطرة الجنائية ،يتضح
أنه على املحكمة الزجرية وهي تبث في الحكم أو القرار الصادر عنها بإدانة املتهم أن تبث في
املطالب املدنية من حيث الشكل أوال للوقوف على مدى صحته إن كان قدم ممن له الصفة
واألهلية واملصلحة ،ومتى ثبت لديها صحة الجانب الشكلي ،تنظر في موضوع الدعوى بتقدير
التعويض املناسب للضرر الذي طال الضحية من جراء الفعل الجرمي.
)112حسن صادق املرصفاوي ،الدعوى املدنية أمام املحاكم الجنائية نشر منشأة املعارف باالسكندرية س ،1989ص.454
85
ومن عمل محاكم املوضوع في هذا الصدد " :وحيث يحق ملن تضرر من الجريمة طلب
التعويض لجبر ضرره.
وحيث أمام ما ثبت في حق املتهم من اغتصاب للقاصر دون رضاها نتج عنه افتضاض وحمل
كما فصل في حيثيات الدعوى العمومية أعاله يجعل طلب التعويض املقدم من طرف وليها
الشرعي وجيه و مبرر ملا حصل نتيجة ذلك من أضرار مادية و معنوية لها.
و حيث قررت املحكمة إعماال لسلطتها التقديرية تحديد مبلغ التعويض لجبر الضرر في
القدر املسطر بمنطوق الحكم" .
113
)113محكمة االستئناف بورزازات قرار صادر بتاريخ 2016/04/28 :بملف جنائي رقم 2016/10غير منشور.
)114منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى لسنوات ،1995-1981ص 298وما يليها.
86
كما أكدت الفقرة الثانية من املادة 436من ق.م.ج على أن نفس املقتضيات تسرى على
الدعوى املدنية في حالة صدور حكم باإلعفاء تطبيقا للفصلين 76و 145من القانون
الجنائي . 115
ويرى بعض الفقه أن الحكمة من هذه القاعدة أنه ليس من العدالة أن يتأثر املدعي 116
بالحق املدني بظروف طرأت على الدعوى الجنائية ال يد له فيها ،فمن حقه أن تستمر
املحكمة الجنائية في نظر دعواه ،كذلك إعماال لفكرة اإلستفادة من اإلجراءات التي تكون قد
اتخذته املحكمة الجنائية.
الفقرة الثالثة :حالة الحكم بالبراءة
إذا ناقشت املحكمة القضية وتبين لها أن الفعل الجرمي ال ينسب للمتهم ،أو أن الفعل
املنسوب إليه ال يعاقب عليه القانون الجنائي أو لم يعد يعاقب عليه ،أو إذا لم تقتنع باألدلة
املعروضة أمامها وظل الشك يخامرها ،فإنها تقض ي بالبراءة ،وتستتبع لذلك الحكم بعدم
االختصاص في املطالب املدنية ،وهو ما ستشف من قراءة الفقرة األولى من املادة 398
والفقرة األخيرة من املادة 436من قانون املسطرة الجنائية.
جاء في أحد قرارات محكمة اإلستئناف بورزازات " :وحيث أمام نفي املتهم في جميع مراحل
البحث و أمام ما اجري من تحقيق أمام املحكمة لم يسفر على كون املتهم هو الذي قام
باالعتداء على املشتكي و في غياب االقتناع الصميم للمحكمة فقد قررت إعمال األصل و
القول بالبراءة.
و حيث إن ذلك يقتض ي القول بعدم االختصاص للبث في املطالب املدنية" .
117
ويمكن للمتهم الذي صدر في شأنه حكم بالبراءة أن يرفع ضد الطرف املدني دعوى
حسب اإلجراءات العادية يطلب فيها التعويض عن الضرر ( املادة 437من ق.م.ج).
أن الشخص المتابع أمامها بجناية )115نص الفصل 76من القانون الجنائي على ما يلي " :إذا تبين ملحكمة املوضوع ،بعد إجراء خبرة طبية،
أو جنحة كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الفعل بسبب اختالل عقلي ،فإنه يجب عليها:
.1أن تثبت أن المتهم كان ،وقت الفعل ،في حالة خلل عقلي يمنعه تماما من اإلدارك أو اإلرادة؛
.2أن تصرح بانعدام مسؤوليته مطلقا وتحكم باعفائه؛
.3أن تأمر في حالة استمرار الخلل العقلي ،بإيداعه في مؤسسة لعالج األمراض العقلية؛
ويبقى األمر باإلعتقال ساريا على المتهم إلى أن يودع فعال في تلك المؤسسة".
ونص الفصل 145على أنه " :يترتب على األعذار المعفية منح المؤاخذ اإلعفاء المانع من العقاب ،غير أن القاضي يبقى له الحق في أن يحكم
على المعفى بتدابير الوقاية الشخصية العينية ما عدا االقصاء".
)116ذ حسن صادق املرصفاوي ،املرجع السابق ص .466
)117قرار صادر بتاريخ 2016/05/12بامللف الجنائي االستئنافي رقم 2016/20غير منشور.
87
املبدأ العام هو أن املحكمة هي التي تملك حق البث في وجود الضرر أو انتفائه كما تقدر
طبيعته وأهميته .هل هو ضرر خاص يحق للمدعي املدني أن يتقاض ى بشأنه أم هو ضرر عام
تتكفل النيابة العامة وحدها بالتصدي للمتسبب فيه ،وهل هو ضرر ضئيل أم ضرر جسيم
وعلى ضوء تقدر التعويض املناسب وفق ما تملك من سلطة تقديرية تزاوج فيه بين قيمة
الضرر وظروف املتهم ،وفي هذا املجال يمكن للمحكمة االستعانة بآراء الخبراء كما قد
يستأنس أحيانا بمنشورات أو مطبوعات إدارية تعينه على أن يحدد بشكل تقريبي نسبة
الضرر التي يمكن اعتمادها حسب الحاالت ،بل إن اعتماد جداول أوجدها املشرع مسبقا
لتقدير نسبة العجز الدائم أو املؤقت الذي أصيب به املتضرر وما يناسبه من تعويض أصبح
إجباريا في حوادث السير البري منذ صدور ظهير . 1984/10/02
ويرى األستاذ الدكتور محمد عياط أنه ومهما يكن األمر فالقاض ي (املحكمة) يتحرى
دائما أن تكون متوافرة في الضرر املدعى به ثالث شروط مستخلصة من صياغة املادة
السابعة من قانون املسطرة الجنائية ومؤكدة من طرف اإلجتهاد القضائي ،وهذه الشروط هي
118
أن يكون الضرر محققا ،شخصيا ومباشرا.
الفقرة الخامسة :تحميل المصاريف
يتحمل مصاريف الخصومة الجنائية الطرف الخاسر للدعوى ،فبالرجوع إلى مقتضيات
املادة 441من ق.م.ج التي أحالت بدورها على املادتين 367و 368من نفس القانون سنجد
أنها تحملها للمتهم في حالة الحكم باإلدانة أو اإلعفاء إن كليا أو جزئيا حسب األحوال،
وبخصوص املطالب بالحق املدني فيمكن التمييز بين أمرين هما :
-1تحميله مصاريف الدعوى في الحالتين التاليتين:
أ -أن يكون خاسرا للدعوى التي حركها ال التي حركتها النيابة العامة(املادة 4/367من
ق.م.ج)؛
ب -في الحالة التي لم يفصل فيها مقرر اإلدانة إال في جرائم وقع تغيير وصفها إما أثناء
التحقيق أو عند صدور الحكم أو القرار أو األمر وكذا إذا قض ى بإخراج بعض
األفراد املطلوب متابعتهم من الدعوى (املادة 368ق.م.ج).
88
-2يعفى املطالب بالحق املدني الخاسر للدعوى من املصاريف – كليا أو جزئيا -متى
كانت النيابة العامة هي املثيرة للمتابعة وكان هو حسن النية ،وذلك بقرار خاص
ومعلل تصدره املحكمة.
الفقرة السادسة :إغفال المحكمة البث في المطالب المدنية
قد يحدث أن تغفل املحكمة البث في املطالب املدنية ،وتقض ي في الخصومة الجنائية في
الدعوى العمومية وحدها ،وبخصوص هذا اإلشكال ثار جدل فقهي كبير حول الحلول التي
يمكن للمتضرر الذي أغفلت طلباته اللجوء إليها حماية لحقوقه من الضياع ،فاألستاذ
الدكتور عبد الواحد العلمي يعتبر أن الجواب املنطقي الجاهز هو أن للمدعي بالحق املدني
119
سلوك طريقي التعرض واالستئناف حسب األحوال ضد الحكم الذي أضر به عندما لم
يفصل في مطالبه املدنية ،أما إذا كان سلوك الطريقين السابقين غير متاحين له ،فقد أشار ذ
محمد عياط إلى إمكانية اللجوء إلى طريق الطعن بإعادة النظر طبقا للفصل 402من 120
قانون املسطرة املدنية في فقرتها األولى الناصة على إغفال البث في أحد الطلبات ،واعتبر هذا
الرأي منسجم مع بعض أحكام املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) كالقرار عدد 489
الصادر بتاريخ 1978/02/16في امللف الجنحي رقم 54-645الذي قض ى بأنه يكون صحيحا
ومقبوال االعتماد على مقتضيات في املسطرة املدنية اإلعادة النظر في قرار صادر عن املجلس
األعلى في مادة جنحية.
وفي نظري املتواضع ،فالدعوى املدنية التابعة املرفوعة أمام املرجع الزجري تبقى
خاضعة لإلجراءات املنصوص عليها في املسطرة الجنائية ،وال يمكن والحالة هته الركون إلى
مقتضيات املسطرة املدنية إال في الحالة التي ينعدم فيها أي نص يمكن اإلعتماد عليه في
املسطرة الجنائية ،على اعتبار املسطرة املدنية هي األصل ،وهذا اإلتجاه قضت به محكمة
اإلستئناف بورزازات في قرار لها رقم 157بتاريخ 2014/10/02في امللف املدني عدد
2014/06الذي سلك فيه الطرف طريق إعادة النظر املنصوص عليه في املسطرة املدنية 121
ضد قرار جنحي في الشق املتعلق بالدعوى املدنية التابعة ،ويبقى الحل متى تعذر اللجوء إلى
الطريقين العاديين في الطعن (التعرض واالستئناف) هو الطعن بالنقض كون إغفال البث في
89
الدعوى املدنية تتوفر فيه الشروط املتعلق بهذا الطريق غير العادي كما هي منصوص عليها
في قانون املسطرة الجنائية وذلك كما يلي:
أ -يحق للطرف املدني أن يقدم الطعن بالنقض ملصلحته الخاصة بصفته طرفا في
الدعوى ( املادة )520؛
ب -باعتبار الطرف املدني طرفا في الدعوى ،فإن إغفال البث في طلباته يشكل له
ضررا يخول له حق اللجوء إلى هذا النوع من الطعن ( املادة )523؛
ت -يشمل طعن الطرف املدني بالنقض حقوقه املدنية ال غير ( املادة ،)533وبالتالي
يحق له االحتجاج بعدم البث فيها من طرف محكمة املوضوع؛
ث -نعتبر عدم البث في املطالب املدنية خرق للنصوص املسطرية وأساسا منها
املادتين 366و 436؛
ج -إذا ما أثيرت هذه املطالب ولم تجب عنها املحكمة فنعتبرها داخلة ضمن خرق
حقوق الدفاع املخولة للطرف املدني.
وفي الحالة التي يعتبر فها حتى هذا الطريق غير العادي غير متاح ،فال نر مانعا من تطبيق
املادة 599من قانون املسطرة الجنائية بقيام الطرف املتضرر من تقديم طلب لغرفة
املشورة الستدراك اإلغفال الذي طال مطالبه املدنية ،ما دام أن الغرفة تعتبر في عدد من
قراراتها إغفال بعض األمور في األحكام داخال ضمن األخطاء املادية التي يمكن تداركها في هذا
اإلطار.
وقد قضت محكمة النقض في قرار حديث لها بنقض قرار املحكمة التي أغفلت البث في
الدعوى املدنية التابعة حيث ورد من حيثياتها ما يلي " :وحيث إن الثابت من وثائق امللف ومن
محضر الجلسة صحيح الشكل أن محامي العارض أدلى للمحكمة املطعون في قرارها بوصل
أداء الصائر الجزافي في اسم املمثل القانوني لها والتمس على ضوء ذلك الحكم له بمطالبه
املدنية ،وال يستفاد من القرار املطعون فيه أن املحكمة أجابت عن امللتمس املذكور ال سلبا
122
وال إيجابا ،فمست بذلك حقوق دفاعه ،مما يعرض القرار للنقض واإلبطال"
هذا مع التذكير بأن املرجع املدني يبقى مفتوحا أمام املطالب بالحق املدني في هذه الحالة
أيضا.
122
نشرة قرارات محكمة النقض – الغرفة الجنائية ،العدد 20سنة ،2015ص 72
90
المطلب الخامس :حق الطرف المدني بالطعن في الدعوى المدنية التابعة
إن الغاية من وراء إقرار املشرع ملختلف طرق الطعن في املسطرة الجنائية هي تجاوز
العيوب التي تكون قد طالت الحكم أو املقرر حين صدوره من املحكمة التي قد تس يء التقدير
وهي تتناول الوقائع،أو حين تطبيق القانون.
فطبيعي أن يشعر كل خصم في الدعوى التي تنتهي بحكم مشوب بالخطأ بالظلم املرير
نتيجة اإلعتداء ـ غير املقصود طبعا ـ على حق من حقوقه التي هضمت من قبل جهاز يفترض
فيه أنه حامي الحقوق ال هاضمها .123
وقد خول املشرع للمطالب بالحق املدني حق الطعن في األحكام والقرارات التي يعتبرها
ضارة بحقوقه املدنية ،وسنتناول في هذا املطلب إلى طرق الطعن التي يمكنها للطرف املدني
سلوكها أمام قضاء املوضوع الزجري من خالل التطرق إلى التعرض واإلستئناف والنقض
قبل أن نختم بعمل شعبة الطعون الزجرية باإلدارة القضائية،وذلك من خالل الفقرات
التالية:
الفقرة األولى :الطعن بالتعرض
نظم املشرع املغربي التعرض ضمن املواد 394 ، 393و 395من قانون املسطرة
الجنائية ،وهو طريق من طرق الطعن العادية الذي يرمي إلى إعادة عرض القضية إلى
املحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار املعتبر غيابيا من الناحية القانونية.
وقد عرفته محكمة التمييز األردنية من خالل قولها " :يترتب عن املعارضة في الحكم
الغيابي إعادة طرح القضية من جديد على املحكمة التي أصدرت الحكم والتي لم تستنفذ
واليتها بعد عن نظر القضية" .124وبذلك يعد التعرض طريقا عاديا غير ناقل ،ألن الجهة التي
صدر عنها الحكم أو القرار الغيابي هي املؤهلة للبث فيه بعد سلوكه ،وهو قاصر على الجنح
واملخالفات فقط ،أما الجنايات فتعرف مسطرة خاصة هي املسطرة الغيابية.125
123
ذ عبد الواحد العلمي،شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية،الجزء الثالث ،ط،1ص 72
124
تمييز جزاء 71/48مجلة نقابة المحامين لسنة 1971و المصدر 3ص ،1330أنظر محمد صبحي نجم المرجع السابق ص .512
125
وهي التي نظمها المشرع في المواد من 443إلى 454من قانون المسطرة الجنائية.
91
ويرى األستاذ محمد صبحي نجم أن الحكمة من االعتراض (التعرض) تتمثل في مبدأ
جواز أن يدان شخص دون أن يسمع القضاء دفاعه ،ولذلك فالحكم يكون ضعيفا ويحتمل
أن يكون غير صحيح ،ألنه لم يعتمد سوى على أدلة املشتكي دون إعطاء الفرصة لسماع
أقوال املشتكى عليه.126
وهي ذات الحكمة التي نلتمسها بشأن املطالب بالحق املدني الذي فصل في الدعوى التي
يعد فيها طرفا في غيابه ،فربما كانت له وسائل وحجج قد تجعل الحكم يصب لصالحه لو كان
حاضرا وأدلى بوسائل دفاعه.
واملالحظ أن املشرع املغربي في املادة 393من ق.م.ج خص الحديث عن التعرض
وشكلياته املحكوم عليه والذي قد يبدو عند الوهلة األولى أنه يقصد به املتهم واملسؤول
املدني ،ليتضح في الفقرة الثانية منها أن املقصود هو املتهم ما دام يتحدث عن املحكوم عليه
بعقوبة! ،ليطرح التساؤل هل الشكليات التي خصها باملتهم الراغب بالطعن بالتعرض تسري
أيضا على املسؤول املدني واملطالب بالحق املدني ما دام أن املادة 394من ق.م.ج قد خولت
لهما حق الطعن بالتعرض أيضا؟.
معلوم أن كل األطراف تخضع لذات الشروط الشكلية التي يجب عليهم سلوكها عند
الطعن بالتعرض ،لذا أعتقد أنه كان من األجدر على املشرع املغربي أن يشير في املادة 393
سالف الذكر إلى كل من املسؤول املدني واملطالب بالحق املدني حتى تنسجم مقتضيات
النص مع املمارسة العملية ،وحتى ال تبدو هذه املادة مشابهة للمادة 184من قانون
اإلجراءات الجنائية األردني الذي قصر حق الطعن بالتعرض على املحكوم عليه فقط دون
املدعي بالحقوق املدنية.
وبالرجوع إلى املادة 394من ق.م.ج سنجد أن حق الطرف املدني بالطعن بالتعرض
مقتصر على حقوقه املدنية ،وال يمكن بأي حال من األحول ان يتعداه إلى الدعوى العمومية
التي تبقى من اختصاص النيابة العامة لوحدها .وهذا ما أكدته محكمة النقض حينما قضت
على أنه " :ال يصح تعرض املطالب بالحق املدني إال فيما يتعلق بحقوقه املدنية ،فال يجوز
للمحكمة وهي تنظر في هذا التعرض أن تعيد النظر فيما قض ى به الحكم الغيابي بالنسبة
للدعوى العمومية ".127
126
المرجع السابق ص .512
127
قرار عدد 96بتاريخ 1981/02/02ملف جنحي رقم 39134 :منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 29ص .193
92
وسنتناول في هذه الفقرة كل من شكليات التعرض ،وآجاله ثم آثاره كما يلي:
يقدم التعرض على شكل تصريح يقدمه املطالب بالحق املدني أو دفاعه سواء كتابة أو
شفاهة إلى كاتب الضبط الذي يحرر التصريح بالتعرض وفق النموذج الوزاري رقم 410
الذي يحمل إسم املحكمة ونوع القضية ورقمها وتاريخ املقرر ،وتاريخ التصريح ،وإسم وصفة
املصرح ،ثم التوقيع عليه من طرف كاتب الضبط واملصرح ،أو بوضع األخير لبصمته متى كان
ال يحسن التوقيع ،حيث يحتفظ باألصل ويرفق نظيره بوثائق امللف التي تحل على النيابة
العامة قصد منح امللف رقما جديدا وإدراجه بالجلسة التي سبق للمصرح وأن بلغ بها.
وإذا حدث نزاع بين الراغب في التصريح وكاتب الضبط الرافض لتلقي التصريح إذا تعلق
األمر بنوع الحكم فإن املادة 3/393من ق.م.ج قد أحالت على مقتضيات املادة 401من
نفس القانون ،وبالتالي فللمطالب بالحق املدني أن يلتمس في ظرف أربع وعشرين ساعة من
رئيس املحكمة بواسطة مذكرة ،أن يأمر كاتب الضبط بتسجيل التصريح بالتعرض ويتعين
على كاتب الضبط أن يمتثل لهذا األمر ،ويعتبر تاريخ تقديم هذا الطلب في حالة املوافقة عليه
تاريخا للتصريح بالتعرض.
ومن الناحية العملية ،فغالبا ما ال تتدخل كتابات الضبط في هذه االصطدامات وال
تناقش نوع الطعن الذي يرغب الطاعن بسلوكه أو أجله وإما تكتفي بتلقي الطعن وتحيل
امللف على املحكمة التي يبقى لها الكلمة الفصل في موضوع الدعوى ،وهو ما يثقل كاهل
املحاكم بدعاوى ال طائل منها سيما تلك التي تفتح بعد الطعن خارج األجل ،أو من غير ذي
صفة ،وبالتالي كان حريا باملشرع أن يمنح هذه الصالحية ملوظفي اإلدارة القضائية ،سيما وأن
لهم من املؤهالت العلمية ما يخولهم القيام بهذه املهام التي قد تحقق النجاعة القضائية من
موقعها مع إلزامهم بتعليل قرارات الرفض التي يمكن لطالب الطعن أن يرفعها إلى رئيس
املحكمة ليبث في هذا ،ألننا في عهد ما بعد دستور 2011قد تجازنا مرحلة التعليمات
الشفوية وملزمون بتعليل القرارات وممارسة املهام وفق مبادئ احترام القانون والحياد
والشفافية والنزاهة واملصلحة العامة كما أكد على ذلك الفصل 155من الدستور املغربي.
93
ثانيا :أجل التعرض
يحدد أجل التعرض في عشرة ( )10أيام من تاريخ التبليغ ،.128وهو أجل كامل ال يحتسب
فيه اليوم األول و األخير ،وإذا صادف اليوم األخير يوم عطلة أمتد األجل إلى يوم العمل املوالي
عمال بمقتضيات املادة 750من ق.م.ج.
وحتى يبتدئ األجل في السريان ،وجب أن يتم التبليغ وفق الشكل الذي يحدده القانون
في املادتين 391و 308من قانون املسطرة الجنائية واللتين توجبان معا تبليغ منطوق الحكم
أو القرار إلى الطرف املتغيب طبقا للكيفيات املنصوص عليها في الفصول 37و 38و 39من
قانون املسطرة املدنية والتنصيص في وثيقة التبليغ على أن أجل التعرض هو عشرة أيام.129
وإذا كان للمتهم حق الطعن بالتعرض إلى غاية تقادم العقوبة إذا لم يثبت توصله
بالحكم أو القرار ،فإن هذه امليزة ال تنصرف إلى املطالب بالحق املدني وهذا ما قررته محكمة
النقض في قرارها رقم 27الصادر بتاريخ 2002 /01/09الذي جاء فيه أن " :تمديد أجل
التعرض إلى غاية تقادم الدعوى ال يمكن التوسع في تفسيره وجعل مقتضياته تشمل
املسؤول املدني واملطالب بالحق املدني وإنما يتعلق باملتهم وحده دون غيره إذ أن ذكر تقادم
العقوبة -.. -يفيد أن األمر يتعلق بالدعوى العمومية دون الدعوى املدنية".130
حسب املادة 394من ق.م.ج فإن الطعن ينتج عنه مجموعة من اآلثار والتي يمكن
تحديدها فيما يلي:
128
وهو نفس األجل الذي قرره المشرع األردني في المادة 184من قانو اإلجراءات الجنائية..
129
ذ عبد الواحد العلمي شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية ،الجزء ،3ط ،1س ،2011ص ..80
130
منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 62ص .318
131
نصت المادة 187من قانون اإلجراءات األردني على أنه " إذا قبل االعتراض شكال اعتبر الحكم الغيابي كأن لم يكن."...
94
وال يحق للمطالب بالحق املدني أن يطعن بالتعرض إال إذا كان الحكم أو القرار غيابي
في حقه وكان ماسا بحقوقه املدنية ،فإذا نوقشت الدعوى العمومية ولم يتقدم بشأنها بأية
مطالب مدنية ،فال يصح له التقدم بأي تعرض ،وقد قضت محكمة النقض بأنه ال يصح
تعرض املطالب بالحق املدني إال فيما يتعلق بحقوقه املدنية فال يجوز للمحكمة وهي تنظر في
التعرض ،أن تعيد النظر فيما قض ى به الحكم الغيابي بالنسبة للدعوى العمومية.
-2إلغاء التعرض
يلغى التعرض في الحالة التي يتخلف فيها املطالب بالحق املدني بعد تسليمه لإلستدعاء
الجديد عقب تعرضه ،ما لم يكن له عذر مشروع ومقبول ففي هذه الحالة أمكن تأخير
القضية الى حين حضوره ،وإذا ما تم رفض عذره فيمكن له التمسك به أمام املحكمة األعلى
درجة.
وتثار هنا مسألة إذا كان محامي املطالب بالحق املدني هو من طعن بالتعرض وحضر
شخصيا دون املطالب بالحق املدني هل للمحكمة أن تقض ي بإلغاء التعرض لعدم حضور
الطرف املدني بصفة شخصية؟
أعتقد أن األمر هنا يختلف عن التصريح الذي يقوم به املحامي نيابة عن املتهم ،إذ في
هذه الحالة تعمد املحكمة إلى استدعاء املهتم حال تخلفه عن الجلسة بالرغم من حضور
محاميه ،وهو ما نعتبره مشكال لنوع من إطالة أمد الدعوى بدون جدوى ،132فما الفائدة من
وراء طعن املحامي بالتعرض دون علم موكله بموعد الجلسة املقررة ،أو علمه وعدم حضوره
بحجة أنه لم يتوصل باالستدعاء هذا إن لم تكن له غاية أخرى من وراء هذا الطعن بواسطة
املحامي ،وألن املحامي يؤازر املتهم وال ينوب عنه ،فإن األمر غير ذلك بالنسبة للطرف املدني
الذي يعد نائبا عنه ،أي أنه يكفي حضوره – أي املحامي – في الجلسة األولى املوالية لتاريخ
التصريح بالتعرض لقبوله شكال ،أو إلغائه حالة تخلفه وذلك دون حضور الطرف املدني
بصفة شخصية.
132
وقد فطن المشرع المغربي لهذه اإلشكالية ونص في المادة 393من مشروع المسطرة الجنائية على أن تبليغ المحامي يعتبر بمثابة تبليغ
المتهم ويترتب عليه اعتبار الحكم بمثابة حضوري.
95
-3تعدد أوصاف الحكم أو القرار
إذا كان الحكم أو املقرر يضم أكثر من وصف كان يكون غيابيا في حق بعض األطراف و
يكون حضوريا في حق البعض اآلخر،فإن الطعن بالتعرض ال يكون متاحا إال بالنسبة ملن كان
الحكم /القرار غيابيا في حقه فقط دون سواه الذين كان حضوريا في حقهم.
-4حالة التعرض على التعرض:
أعلنت الفقرة الخيرة من املادة 394من ق.م.ج أنه ال يقبل التعرض على الحكم الصادر
بناء على تعرض سابق ،وهذا الجزاء كالجزاء الذي تم تقريره عند إلغاء التعرض من طرف من
لم يحضر ألول جلسة أعلم بعد التعرض.
وهذه كلها إجراءات استحدثت حتى ال يثقل كاهل املحكمة بملفات أثبت الواقع أن
أصحابها ال يعيرون اهتماما لقضاياهم ،فيبقى أن يتحملوا وزر هذا التهور ،بل قد نصت
أيضا مقتضيات املادة 395من ق,م,ج على إمكانية املحكمة التي تنظر التعرض ،أن تحكم
على الفريق املتعرض بتحميله مصاريف تبليغ الحكم الغيابي والتعرض.133
الفقرة الثانية :الطعن باإلستئناف
يعرف االستئناف بأنه تظلم من أخطاء املحكمة املصدرة للحكم الى محكمة أعلى درجة
منها ،األخيرة تنظر في القضية من جديد من الناحية املوضوعية والناحية القانونية ،وهو
تطبيق ملبدأ التقاض ي على درجتين الذي يقوم عليه نظام النظام اإلجرائي الجنائي الحديث.
ويعتبره الفقه املغربي 134بكونه قدح في الحكم االبتدائي الذي يرى فيه رافع الطعن به
مساسا بمصالحه أثناء املرحلة االبتدائية ،بسبب وقوع القاض ي االبتدائي في الخطأ نتيجة،
إما عدم تمحيصه وتقديره للوقائع كما يتعين ،أو لسوء فهمه لها ،أو ملا ينبغي أن ينطبق عليها
من نصوص القانون.
وقد خولت املسطرة الجنائية للمطالب بالحق املدني حق الطعن في األحكام والقرارات
التي يعتبرها ماسة بحقوقه املدنية وفي ذلك في املواد 397و 457و 494من ق.م.ج ،135مع
التأكيد أن الصفة واملصلحة تظالن شرطين أساسين لتقديم هذا النوع من الطعون.
133
شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل ،ج 2بمراجعه السابقة ص .,281
134
د عبد الواحد العلمي المرجع السابق ص .95
135
وهو ما قرره المشرع األردني بدوره في المادة 2/260من قانون االجراءات الجنائية.
96
وسنطرق في هذه الفقرة إلى آجال اإلستئناف ،وإجراءاته وآثاره ثم التنازل عنه في
النقاط التالية:
-1األجل األصلي:
ومدته عشرة أيام 136تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم إذا صدر بعد مناقشات حضورية
في الجلسة بحضور الطرف املدني أو من يمثله إو إذا وقع إشعار أحدهما بيوم النطق به.
ويسري هذا األجل من يوم التبليغ للطرف املدني شخصيا أو في موطنه في الحاالت
التالية:
-إذا لم يكن حاضرا أو ممثال بالجلسة التي صدر فيها الحكم بعد مناقشات
حضورية ولم يسبق إشعاره شخصيا هو أو من يمثله بيوم النطق به؛
-إذا كان الحكم بمثابة حضوري حسب مقتضيات املادة 314من ق.م.ج في
فقراتها 2و 4و7؛
-إذا صدر الحكم غيابيا حسب املادة 1/314؛
ومن إجتهادات محكمة النقض املغربية في هذا الصدد ما قضت به في قرارها الصادر
بتاريخ 1993/07/15في امللف الجنحي رقم 92/15663إذ اعتبرت أن عدم تبليغ الطاعنة
بالتاريخ الذي حدد للنطق بالحكم ،هو ما يجعل الحكم بمثابة حضوري ويسري استئنافه
من اليوم املوالي للتبليغ. 137
-2األجل اإلضافي:
مدته خمسة ( )5أيام تمنح لألطراف التي لم تستأنف داخل األجل األصلي ،إذا ما
استأنف أحد األطراف األخرى داخل األجل القانوني ،أما إذا لم يتم اإلستئناف داخل األجل
األصلي فاالستئناف داخل األجل اإلضافي ال يقبل.
وقد أكدت محكمة النقض في أحد اجتهاداتها على أنه " ملا كان موضوع النزاع يتعلق
بأداء التعويض على وجه التضامن وهو غير قابل للتجزئة فإن استئناف أحد املحكوم عليهم
136
ومدته في التشريع األردني 15يوما حسب مقتضيات المادة 261من قانون اإلجراءات الجنائية.
137
منشور بمجلة اإلشعاع عدد 10ص .132
97
خارج األجل يستفيد من الذي وقع داخل األجل القانوني وبالتالي فإن املحكمة ملا قضت بعدم
قبول االستئناف تكون قد عرضت قرارها للنقض".138
ثانيا :إجراءات االستئناف
يقدم التصريح باإلستئناف من طرف الطرف مدني أو بواسطة دفاعه أمام املحكمة
اإلبتدائية مصدرة الحكم بكتابة الضبط لديها ،أو أمام كتابة ضبط محكمة اإلستئناف التي
ستنظر في الدعوى.
ويحرر اإلستئناف وفق نموذج يضم عدة بيانات كتاريخ التصريح،و تاريخ الحكم و
رقمه،و اسم كاتب الضبط الذي تلقاه،و اسم املصرح و التوقيع( ...النموذج .)5
وإذا رفض كاتب الضبط تلقي التصريح باالستئناف فللمطالب بالحق املدني أن يلتمس
في ظرف أربع وعشرين ساعة من رئيس املحكمة بواسطة مذكرة ،أن يأمر كاتب الضبط
بتسجيل التصريح ويتعين على كاتب الضبط أن يمتثل لهذا األمر ،ويعتبر تاريخ تقديم هذا
الطلب في حالة املوافقة عليه تاريخا للتصريح باالستئناف ( املادة 410من ق.م.ج).
ويعتبر أداء القسط الجزافي املنصوص عليه في املادة 50من القانون املتعلق باملصاريف
في امليدان الجنائي إجراء جوهريا يستتبع عدم احترامه الحكم بعدم قبول اإلستئناف شكال،
وهو ما قررته محكمة اإلستئناف بورزازات في قرار لها عدد 267 :بتاريخ 2017/10/03 :في
امللف الجنحي رقم 2017/2602/257 :حينما قضت بأنه " :وحيث أن الطرف املدني تخلف
عن الحضور وأداء القسط الجزافي رغم سابق إعالمه وإمهاله مما يكون معه اإلستئناف غير
مقبول شكال( ".غير منشور)
ثالثا :آثار اإلستئناف
يترتب على اإلستئناف أثرين أساسين هما إيقاف التنفيذ ،و طرح النزاع من جديد أمام
محكمة الدرجة الثانية وهو ما سنتناوله في التالي:
138
قرار عدد 3674بتاريخ 1992/05/19منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية لسنة 1997ص .147
98
-1اآلثار الواقف
القاعدة أن األحكام الزجرية ال يمكن تنفيذها إال إذا كانت نهائية حيث أن آجال
اإلستئناف وسريان إجراءات الدعوى يوقف الحكم املطعون فيه إال في الحاالت اإلستثنائية
كالحكم القاض ي بتعويض مسبق أو بالنفاذ املعجل في جزء من التعويضات.
ويأتي هذا ألثر متوافقا مع ما قضت به املادة 598من ق.م.ج التي نصت على أنه يمكن
أن يجري التنفيذ بطلب من الطرف املدني طبقا لقواعد املسطرة املدنية بمجرد ما يصبح
املقرر الصادر بمنح التعويضات املدنية نهائيا لعدم قبوله ألي طريق من طرق الطعن
العادية .وطبعا يعد الطعن باالستئناف طريق عادي من طرق الطعن.
-2اآلثار الناق ل
إذ أن القضية تنقل إلى محكمة أعلى درجة للبث فيها من جديد بعد نشرها للمناقشة
مرة أخرى.
غير أنه وجب اإلشارة إلى أن املادة 401من ق.م.ج قد أكدت على أن استئناف الطرف
املدني يجعل املرجع االستئنافي يقصر نظره على مصالح املستأنف املدنية ويتيح للمحكمة
تقدير حقيقة الوقائع املتسببة في الضرر املدعى به ،وال يكون لهذا االستئناف – إذا ما قدم
لوحده – أي تأثير على الدعوى العمومية حتى ولو كان هو ما أثار املتابعة ،وهذا ما قررته
محكمة اإلستئناف بمراكش 139في قرار لها عدد 4600الصادر بتاريخ 1983/11/17 :في امللف
الجنحي رقم 1982/2231 :الذي أكدت فيه على أن " استئناف املطالب بالحق املدني بصفته
مثير للدعوى العمومية دون النيابة العامة ،يجعل نظر محكمة االستئناف منحصرا للبث
في املطالب املدنية فقط ،وإن كان املطالب الحق املدني هو املثير للدعوى العمومية،140 ".
وهو ما قررته محكمة النقض حين قضت على أنه ملا كان املطالب بالحق املدني هو وحده
الذي استأنف الحكم االبتدائي فإن نظر محكمة االستئناف يقتصر على ما ورد في صك هذا
االستئناف وال يتعداه إلى الدعوى العمومية التي أصبحت هائية لعدم الطعن فيها من املتهم
أو النيابة العامة.141
139
وهو نفس االتجاه الذي قررته محكمة االستئناف بالدار البيضاء ،راجع بخصوصه األستاذ محمد بفقير :قانون المسطرة الجنائية والعمل
القضائي ،منشورات دراسات قضائية ،سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين ،العدد الثاني :قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي ،س
، 2006ص 308و . 309
140
منشور بمجلة المحامي عدد 6ص .40
141
قرار عدد 88بتاريخ 1982/02/04منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية الجزء األول ص .218
99
ومن األخطاء التي نالحظها خالل املمارسة العملية هو تصريح بعض السادة املحامين
عن املطالب بالحق املدني بالطعن في الحكم في " جميع مقتضياته" ،والحال أن الصواب هو
اإلشارة إلى الطعن في الشق املدني وحده ،واملحاكم حين بثها في شكليات هذا الطعن ال تعير
البعض منها إهتماما بهذه الجزئيات ،ليقتصر نظرها على تاريخ التصريح وصفة الطاعن
للقول بقبوله شكال ،وفي نظري املتواضع ،فاملحكمة وهي تنظر في تصريح الطرف املدني
املؤكد على الطعن في الحكم في جميع مقتضياته أن تصرح في الشكل بعدم قبوله فيما يخص
الدعوى العمومية ،وقبوله فيما يخص الدعوى املدية التابعة -متى توفر شروط ذلك طبعا.-
لقد خولت املادة 403من ق.م.ج للطرف املدني حق التنازل عن استئنافه ،شرط أن
يكون هذا التنازل صريحا ال يتضمن أي غموض أو لبس قابل للتأويل ،أو أن يكون واقفا على
شرط ،ويبقى هذا التنازل عديم األثر ويمكن التراجع عنه ما دامت املحكمة لم تعط إشهادا
به ،وهو ما أكدته محكمة النقض حينما قضت على أنه يمكن للمستأنف باستثناء النيابة
العامة أن يتنازل عن استئنافه شريطة أن يكون تنازال صريحا.142
ونؤيد اإلتجاه 143القائل بضرورة الفصل في الدعوى دون استدعاء األطراف األخرى متى
تنازل املستأنف الذي طعن لوحده عن استئنافه واإلشهاد على ذلك فورا دون إطالة املسطرة
دون جدوى.
الفقرة الثالثة :الطعن بالنقض
الطعن بالنقض هو طريق غير عادي للطعن في األحكام (املقررات القضائية) ،ألنه ال
ينشر الدعوى أمام محكمة النقض بوقائعها املادية والقانونية ليتولى النظر فيها من جديد (
كما هو الشأن للطعن باالستئناف) النحصار مهمته في مراقبة التطبيق السليم لقواعد
القانون املوضوعية منها والشكلية من قبل قاض ي املوضوع على الوقائع املعروضة عليه،
والعمل على توحيد اإلجتهاد القضائي بين مختلف محاكم املوضوع التي قد يختلف نظرها في
142
قرار عدد 3898بتاريخ 1987/04/30منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 139ص .143
143
ذ الحسن البوعيسي ،المرجع السابق ،ص 434و ..435
100
املسألة الواحدة ،وذلك من خالل تفسيره ملا استشكل عليها من قواعد جنائية سواء تعلقت
بالقواعد الجوهرية أو بقواعد املسطرة وإلزامها بإتباعه في ذلك وعدم مخالفته.144
وطبقا للمادتين 520و 523من ق.م.ج فيحق للطرف املدني الطعن بالنقض ضد
األحكام والقرارات النهائية الضارة بمصالحه املدنية ،إال ما ستثنى القانون صراحة من هذه
القاعدة ومنها:
األمر بعدم املتابعة الصادر عن قاض ي التحقيق ،إال إذا نص على عدم قبول
تدخله الدعوى أو أغفل البث في تهمة ما ( املادة 525من ق.م.ج)؛
املقررات اإلعدادية أو التمهيدية أو الصادرة بشأن نزاع عارض أو دفع ،والتي ال
تقبل الطعن بالنقض إال آن واحد مع الطعن بالنقض في املقرر النهائي الصادر
في الجوهر ( املادة 522من ق.م.ج).
وسنتناول في هذه الفقرة الطعن بالنقض من خالل التطرق إلى آجاله ،وشكلياته،
وأجال تجهيز امللف ورفعه إلى محكمة النقض ،وأسبابه ثم آثاره كما يلي:
أوال :آجال الطعن بالنقض
حسب املادة 527منق.م.ج فأجل الطعن بالنقض هو عشرة ( )10أيام يبتدأ من :
ـ تاريخ التبليغ للشخص نفسه أو موطنه إذا كان بمثابة حضوري،
ـ يوم النطق به لألطراف الحاضرة بالجلسة،
ـ اليوم الذي يصير فيه التعرض غير مقبول بالنسبة للقرارات الغيابية ،ويعد الطعن بالنقض
بمثابة تنازل عن التعرض.
وقد إعتبرت املادة 750أجل النقض أجال كامال ال يحسب فيه اليوم األول و األخير ،وإذا
صادف اليوم األخير يوم عطلة امتد ليوم العمل املوالي.
144
ذ عبد الواحد العلمي ،لمرجع السابق ص 164و .165
101
ثانيا :شكليات الطعن بالنقض
يرفع الطعن بالنقض بتصريح لدى كتابة ضبط املحكمة مصدرة القرار،وذلك من
طرف الطرف املدني شخصيا أو بواسطة محاميه ،ويسجل في سجل خاص يوقع عليه كاتب
الضبط و املصرح ،وفق اإلجراءات املنصوص عليها سابقا.
وبذلك ال يعتبر طعنا قانونيا التصريح بالنقض الذي جاء في رسالة أو مذكرة ،أو
التصريح لدى كتابة الضبط غير التي توجد باملحكمة التي صدر عنها املقرر املطعون فيه ،إو
إثبات التصريح دون التوقيع عليه من طرف كاتب الضبط والطاعن ،كما ال يقبل الطعن
بواسطة برقية ،وهذا ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات في هذا الشأن ،منها القرار
عدد 3574الصادر بتاريخ 1989/04/27في امللف الجنحي عدد 88/17779 :الذي جاء فيه" :
أن الطعن بالنقض يتم بواسطة تصريح يدلي به أمام كتابة الضبط طالب النقض شخصيا
أو بواسطة محاميه ...ويعد هذا التصريح إجراء جوهريا ال يغني عنه أي إجراء آخر بما فيه
مذكرة الطعن بالنقض".145
لقد حدد املادة 528من ق.م.ج أجل ثالثون ( )30يوما لتسلم نسخة القرار املطعون
فيه تبتدئ من يوم تلقي الطعن ،يجب وضع املذكرة من طرف محام مقبول للترافع أمام
محكمة النقض داخل أجل ستين ( )60يوما املوالية للتصريح بالنقض ،ويحال امللف الى
محكمة النقض بمجرد وضعها،وفي جميع األحوال فاألجل األقص ى إلحالة امللف هو تسعون
( )90يوما.
وإذا لم تسلم نسخة املقرر للمصرح بالنقض داخل األجل املشار إليه أعاله ،فإنه يتعين
عليه اإلطالع على امللف بكتابة ضبط محكمة النقض وتقديم مذكرة وسائل الطعن بواسطة
دفاعه خالل ستين يوما من تاريخ تسجيل امللف بها تحت طائلة الحكم بسقوط الطلب.
ويجب أن تكون املذكرة موقعة ومرفقة بنسخ مساوية لعدد األطراف الذين يهمهم البث طلب
النقض ،ويشهد كاتب الضبط بعدد هذه النسخ ويضع طابع املحكمة وتوقيعه على األصل،
وعلى النسخة التي تسلم لطالب النقض.
145
شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل ،الجزء الثاني بمراجعه السابقة ،ص .301
102
رابعا :أسباب الطعن بالنقض
تناول املشرع املغربي أسباب الطعن بالنقض في املادة 534من ق.م.ج التي نصت على
أن الطعن بالنقض يجب أن يرتكز في األوامر أو القرارات أو األحكام القابلة للطعن به على
األسباب التالية:
أ -خرق اإلجراءات الجوهرية للمسطرة،
ب -الشطط في استعمال السلطة،
ت -عدم اإلختصاص،
ث -الخرق الجوهري للقانون،
ج -إنعدام األساس القانوني أو إنعدام التعليل.
ويجب عدم الخلط بين األسباب والوسائل ،فاألسباب هي ما سلف بيانه أعاله على وجه
الحصر ،أما الوسائل فهي ما يثار في املذكرات املرفوعة ملحكمة النقض بهذا الصدد ،والتي
توضح الخروقات التي شابت األحكام أو األوامر أو القرارات املطعون فيها بالنقض ،والتي ال
تخرج عما حدده القانون من أسباب.146
وكما سبقت اإلشارة إليه ،فإن طعن الطرف املدني ينحصر في الشق املدني وحده وال
يمكن ألي سبب كان أن يطال الدعوى العمومية ،وهو ما تواتر عليه االجتهاد القضائي
ملحكمة النقض التي أكدت في أحد قراراتها على أن " املطالب بالحق املدني ال صفة له في
مناقشة الدعوى العمومية التي أصبحت نهائية ،وأن طعنه يقتصر على الدعوى املدنية
التابعة".147
وفي قرار حديث لها تحت عدد 11/1313 :الصادر بتاريخ 2016/10/27 :في امللف
الجنحي رقم 2015/11/6/7777 :جاء فيه " :وحيث إن املادة 533من ق.م.ج تنص على أنه
ينحصر أثر الطعن بالنقض املرفوع من طرف الطرف املدني فيما يرجع لنظر محكمة
النقض في املقتضيات املتعلقة بالدعوى املدنية ،وأن الوسيلة تناقش الدعوى العمومية التي
يرجع أمر مناقشتها إلى إما إلى النيابة العامة وإما املتهم دون املطالب بالحق املدني ،وبالتالي
يبقى ما أثير في الوسيلة غير مقبول" (غير منشور).
146
شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل ،الجزء الثاني بمراجعه السابقة ،ص .306
147
قرار عدد 06/1بتاريخ 2005/01/05 :ملف جنحي رقم ،02/20490منشور بكتاب دالئل عملية عدد :5شكليات التقاضي والترافع من
خالل قضاء المجلس األعلى لسنوات ، 2005-2000إعداد وتنسيق امحمد لفروجي ،ص .246
103
خامسا :آثار الطعن بالنقض
القاعدة أن أجل الطعن بالنقض و الطعن بالنقض يوقفان التنفيذ لكن املشرع أورد على
ذلك مجموعة من اإلستثناءات املحددة فيما يلي:
أ -املادة 392ق م ج :يمكن للمحكمة بناء على ملتمس النيابة العامة إذا كانت العقوبة
املحكوم بها تعادل أو تفوق سنة،في ان تصدر مقررا معلال تأمر فيه بإيداع املتهم
بالسجن أو بإلقاء القبض عليه حيث ينفذ ذلك رغم أي طعن عادي كان أو غير
عادي،
ب -املادة 431من ق م ج :يمكن لغرفة الجنايات في حالة الحكم بعقوبة سالبة للحرية أن
تأمر بإلقاء القبض على املحكوم عليه في حالة سراح و ينفذ هذا األمر رغم أي طعن،
ت -تنفذ التعويضات املدنية رغم الطعن بالنقض.
وعليه يمكن للطرف املدني تنفيذ التعويضات املدنية املحكوم بها لصالحه بالرغم من
الطعن بالنقض في املقرر الذي قض ى له بها.
104
كتابة نوع التصريح على رأس ورقة التصريح (تعرض،استئناف،نقض) ،ثم
الرقم الترتيبي للتصريح،ونوعه،و التاريخ الذي تلقاه فيه ،و رقم القضية ونوعها،و تاريخ
الحكم ثم رقمه،
مراعاة املكان املخصص للتصريح الخاص باألشخاص العاديين (املوجود
فوق)،و املخصص للنيابة العامة (املوجود أسفل) حسب املصرح،
كتابة تاريخ تلقي الطعن،وإسم كاتب الضبط املتلقي،و املحكمة (مقر
العمل)،و إسم املصرح و صفته في امللف،مع اإلشارة إلى حالة املتهم إذا املصرح دفاعه هل
هو في حالة سراح أم اعتقال،
تدوين تصريح املصرح ( و يصرح أنه يطعن بالتعرض/باإلستئناف/بالنقض في
القرار املشار إلى مراجعه يمنته ....
الحرص على توقيع التصريح من طرفك و من طرف املصرح.
يعتبر تصريح املتهم املعتقل الوارد من املؤسسة السجنية صحيحا،ويعامل
بنفس الحرص و املراقبة املتعلقين بالتصريح الذي تتلقاه بالسجل الخاص بالطعون.
أوال :ضوابط الج ـ ـ ــرد
يعتبر الجرد عملية إلعداد امللف قصد إحالته للمرحلة املوالية ،سواء إلى الغرفة
اإلستئنافية بالنسبة للملفات الجنائية املطعون فيها باإلستئناف ،أو قصد إعدادها لإلحالة
إلى محكمة النقض بالنسبة للملفات املطعون فيها بالنقض.
و يستحسن إعداد الئحة خاصة بكل امللفات املطعون فيها حسب نوع الطعن ألن ذلك
يساعد على املراقبة إلى جانب السجالت،و يسهل عمليات اإلحصاء ،ويحصر هذه امللفات
قصد بدأ الجرد فيها متى عادت من التحرير (تحرير القرارات).
غير أنه إذا تعلق األمر بالطعن بالتعرض فالجرد يتم في أقرب وقت (يفضل أن يتم الجرد
فور تلقي الطعن بالتعرض) ،ألنه من الواجب تسليم املصرح بهذا الطعن اإلستدعاء
بالجلسة املوالية ،وجدير بالذكر هنا أنه قبل تلقي الطعن بالتعرض يجب على الراغب في
التصريح به اإلدالء بما يفيد توصله بالقرار الغيابي الراغب في الطعن فيه بالتعرض.
وقبل اإلشارة إلى عملية الجرد نعطي نموذجين لالئحة امللفات املطعون فيها.
نموذج رقم 1
105
الئحة الملفات المطعون فيها باإلستئناف
مالحظات رقم الصك تاريخ تاريخ الحكم رقم امللف
الطعن
و يجب تضمين كل ملف طعن فيه باإلستئناف أو النقض في الجدول بمجرد تلقيه
تحقيقا لتحيين املطلوب و تجنب اإلغفال و النسيان.
ثانيا :عملية الجرد
الجرد هو إحصاء الوثائق املتعلقة بامللف،و تسجيلها بالئحة خاصة تسمى "الئحة الجرد"
(نموذج ،)6و يجب مراعاة املقتضيات التالية:
-1ترتيب الوثائق حسب املرحلة التي أنجزت فيها،أو أدلي فيها بها،و حسب التاريخ الذي
تحمله ،إذ يعتمد عموما على الترتيب التالي:
أ -محاضر الضابطة القضائية و الوثائق املدلى بها معها،
ب -املحاضر املنجزة من طرف النيابة العامة و الوثائق التي أدلي بها فيها،
ت -املحاضر املنجزة من طرف غرفة التحقيق و الوثائق التي أدلي بها (إن وجدت)،
ث -الوثائق التي أدلي بها أثناء رواج امللف،أو أثناء املحاكمة
ج -محاضر الجلسة،
106
ح -نسخة مصادق عليها من القرار املطعون فيه،
خ -نظائر التصاريح الخاصة بالطعن سواء تلك املنزوعة من السجل ،أو الواردة من
املؤسسة السجنية،
د -مذكرة الدفاع الخاصة بالنقض ،أو املذكرة اإلستئنافية في حالة وجودها بالنسبة
للملفات التي ستحال على الغرفة الجنائية اإلستئنافية.
-2مراقبة الوثائق و املذكرات إذا ما كانت معها مرفقات أخرى حيث يجب اإلشارة إلى
هذه املرفقات و تسجيلها هي األخرى في الالئحة ( مثال مذكرة متعلقة ب....أدلى بها
السيد/أو األستاذ ....مرفقة بنسخة من.....و صورة طبق األصل ل.....و صورة شمسية
ل،)......
-3إحصاء عدد الوثائق املسجلة و حصر عددها اإلجمالي،مع الختم بالتوقيع الشخص ي
و التاريخ و طابع الشعبة.
و تعتمد نفس الطريقة إذا تعلق األمربالطعن بالتعرض و اإلستئناف
مع الحرص على إحالة امللفات في اآلجال املعقولة و القانونية.
ثالثا :مسك السجالت
يعتمد في تدبير الطعون على سجلين آخرين إلى جانب سجل تلقي التصاريح ،وهما
سجل املراقبة (نموذج ) 314/200يخصص لكل طعن على حدة سيما اإلستئناف والنقض،و
الذي يستند على عدة بيانات يجب تضمينه فيه مستقاة من امللف املطعون فيه كالرقم ،و
النوع،و تاريخ التسجيل،و تاريخ الحكم،و تاريخ الطعن ،و تاريخ اإلحالة ورقم اإلرسال...
و يجب أيضا اإلعتماد على السجالت العامة 149الخاصة بكل نوع من امللفات،والتي
تستوجب تضمين الطعن وتاريخ اإلحالة مع رقم اإلرسال إلى النيابة العامة أو محكمة
النقض،و نتيجة الطعن بعد رجوع امللف من محكمة النقض ( النقض مع اإلحالة،رفض
الطلب)....
و تتجلى أهمية السجلين باإلضافة إلى اإلحصاء،في املراجعة و التدقيق قبل منح أي
شهادة متعلقة بالطعن من عدمه.
149
حال تواجدها على اعتبار أن المحاكم اليوم سائرة في طرق االستغناء عنها
107
♦سجل المراقبة:
الحكم المطعون
نتيجة رقم الملف
رقم تاريخ أسماء األطراف فيه باإلستئناف /
الطعن بالمحكمة رقم توجيه رقم الرقم
القرا اإلستئناف/ النقض نوعها
المستانف المضمون الملف القضية الترتيبي
ر النقض المدعى
مضمنه تاريخه لديها المدعي رقمه تاريخه
عليه
ويعتبر الحكم الصادر في الدعوى املدنية التابعة من طرف املحكمة املدنية نسبي األثر
وغير مطلق ،وال حجية له أمام املحاكم الزجرية إن هي الدعوى العمومية نظرت بعد صدور
حكم مدني إعماال لخيار الثابت للمتضرر إال إذا قرر القانون خالف ذلك.150
وإذا كانت قاعدة " الجنائي يوقف املدني " منصوص عليها صراحة في قانون املسطرة
الجنائية من خالل الفصل 10من ق.م.ج ،والتي أكدتها محكمة النقض في أعمالها املتواترة
كالقرار عدد 2605الصادر بتاريخ 1985/10/30 :الذي قضت فيه على أنه إذا رفعت
الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية كان على املحكمة املدنية أن ترجئ النظر في
الدعوى املدنية في انتظار البث النهائي في الدعوى العمومية ،وبالتالي فقد قضت بنقض
150
د عبد الواحد العلمي ،المرج السابق ص 266
109
وإبطال مقرر املحكمة القاض ي برفض إيقاف النظر في الدعوى املدنية إلى حين البث في
الطعن بالنقض في القرار الجنائي الذي بنت عليه قضائها – .151إذا كان كذالك -فالقاعدة
األخرى املقابلة القائلة بكون " الجنائي يقيد املدني" لم يرد بشأنه نص صريح ،وإنما كرسه
العمل القضائي املغربي – على غرار العديد من التشريعات املقارنة -في العديد من إجتهاداته
حتى أصبح يضاهي القاعدة القانونية الصريحة.
وبالرجوع إلى مختلف القوانين املغربية نجد أن املشرع املغربي ،كنظيره في فرنسا ،لم
يقرر في أمر أساس مبدأ تقييد القاض ي املدني بالحكم الجنائي ،على الرغم من أن القضاء في
البلدين اعترف باملبدأ وأخذ به.152
وبناء عليه ،ونظرا ألن العديد قد تناول هذا املوضوع باستفاضة وتعمق ،إرتأيت
التطرق إليه من خالل تحديد تأثير رفع الدعوى الجنائية على الدعوى املدنية املرفوعة أمام
املرجع املدني ( املطلب األول) ،قبل التطرق إلى حجية املقرر املدني أمام املرجع الجنائي (
املطلب الثاني) ،وحجية املقرر الجنائي أمام املرجع املدني ( املطلب الثالث):
المطلب األول :تأثير رفع الدعوى الجنائية على الدعوى المدنية المرفوعة أمام
المرجع المدني
إذا قام املطالب بالحق املدني برفع دعواه املدنية أمام املرجع املدني للمطالبة
بالتعويض عن األضرار الشخصية املباشرة التي لحقته جراء الفعل الجرمي في الوقت الذي
تكون فيه الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة قد رفعت إلى املحكمة الزجرية سواء قبل رفع
الدعوى املدنية أو في أثناء سيرها أو تكون الدعوى الجنائية قد تحركت عن طريق النيابة
العامة ،ففي هذه الحالة فاملحكمة املدنية ملزمة بإيقاف البث في هذه الدعوى إلى أن تفصل
املحكمة الزجرية في الدعوى العمومية بمقرر نهائي ،إعماال بقاعدة " الجنائي يوقف املدني"
التي أكدها املشرع املغربي في املادة 10من ق.م.ج ،كما قال بها املشرع املصري بدوره في املادة
265من قانون اإلجراءات الجنائية التي جاء فيها " :إذا رفعت الدعوى املدنية أمام املحاكم
املدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية املقامة قبل رفعها أو
أثناء السير فيها .على أنه إذا أقف الفصل في الدعوى الجنائية لجنون املتهم يفصل في
الدعوى يفصل في الدعوى املدنية.
151
منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية ،ج،2ص .319
152
د .عبد الواحد العلمي ،حجية األحكام الجنائية أمام القضاء المدني ،ط ،1س ،1998ص .48
110
ويشترط لتحقيق إيقاف البث في الدعوى املدنية أمام املرجع املدني حين نظر املحكمة
الزجرية في الدعوى العمومية أن تكون الدعويين معا قد رفعتا إلى الجهة القضائية املختصة،
وحدة السبب واألشخاص ،وهو ما سنبحثه في الفقرات التالية:
الفقرة األولى :رفع الدعويين أمام الجهة القضائية المختصة
بحيث تكون الدعوى املدنية والدعوى الجنائية مرفوعة إلى القضاء املختص للنظر فيها
طبقا للقانون ،ويستوي أن هذا أن تكون الدعوى املدنية هي التي رفعت أوال أو أن تكون
الدعوى الجنائية هي القامة أوال ،كما يستوي أن تكون إحدى الدعويين املدنية أو الجنائية
أمام محكمة الدرجة األولى والدعوى األخرى لدى الدرجة الثانية ألن التزام املحكمة املدني
بالحكم الجنائي ينبغي أن مؤسسا على حكم نهائي ،فال معنى لبنيان القضاء املدني على حكم
غير نهائي ثم يتغير األساس عند الطعن في الحكم ويبقى الحكم الصادر في الدعوى املدنية
كما هو.153
وحول ما إذا كان هذا الحكم يطبق عند تحريك الدعوى العمومية بفتح التحقيق لدى
مؤسسة قاض ي التحقيق ،يجيب األستاذ حسن صادق املرصفاوي .154بقوله " :اإلجابة على
هذا السؤال رهينة بمعرفة الحكمة التي من أجلها توقف الدعوى املدنية وهي اإللتزام بالحكم
النهائي الصادر عن املحكمة الجنائية ،فهل تتوافر هذه الحكمة بالنسبة إلى القرارات التي
تصدر عن سلطة التحقيق؟ إن في هذه املسألة فرضان األول احتمال أن يصدر في الدعوى
قرار بأن أال وجه إلقامتها ،وهذا القرار ال حجية له إال بالنسبة للخصوم ومن ثم فهو ال يقيد
املحكمة املدنية إذا نظرا الدعوى املدنية ،والفرض اآلخر أن يصدر في الدعوى قرار بإحالتها
على املحكمة الجنائية املختصة ،وفي هذا الفرض إما أن تكون الدعوى املدنية قد فصل فيها
نهائيا قبل اإلحالة ،وهذه الصورة ال محل لبحثها ،وإما أن تكون الدعوى املدنية لم يفصل
فيها بعد وفي هذه الحالة ( )...يوقف الفصل فيها حتى صدور حكم نهائي من املحكمة
الجنائية ،ومن ثم ال يؤدى نحريك الدعوى الجنائية أمام سلطة قاض ي التحقيق إلى وقف
الدعوى املدنية املطروحة على املحكمة املدنية.
153
د حسن صادق المرصفاوي ،المرجع السابق ص .418
154
المرجع السابق ،ص 419و .420
111
الفقرة الثانية :إتحاد السبب
لكي تتحقق قاعدة إيقاف الجنائي للمدني يجب أن سبب الدعويين متحد بينهما ،بأن
تكون الدعوى الجنائية عن واقعة معينة تشكل جريمة ،وأن تكون الدعوى املدنية مقامة
على األضرار الناشئة عن نفس الواقعة ،فإن اختلفا فال محل لوقف الدعوى.
الفقرة الثالثة :إتحاد األشخاص
يجب أن يكون الشخص املعني بالدعويين املدنية والجنائية واحد ،أي أن الشخص
املدعى عليه في الدعوى املدنية هو نفسه املتهم في الدعوى العمومية ،فإن اختلفا فال موجب
للوقف ،ألن الحكم الجنائي ال تكون له حجية أمام املحكمة املدنية بالنسبة لم يكن مختصما
أمام املحكمة الجنائية.
وبخصوص ما إذا كانت الدعوى املدنية مرفوعة على املسؤول املدني أمام املرجع
املدني ،والجنائية على املتهم هل يجب إعمال اإليقاف من عدمه ،يرى إتجاه من الفقه.155
بوجوب اإليقاف ما دام الفعل واحد ،وإال لوجد احتمال التعارض بين األحكام ،ومن ثم فال
لزوم التحاد األشخاص في هذه الصورة.
المطلب الثاني :حجية المقرر المدني أمام المرجع الجنائي
إذا رفع املطالب بالحق املدني دعواه أمام املحكمة املدنية ولم تكن الدعوى العمومية
قد رفعت بعد إلى املرجع الزجري ،فعلى املحكمة املدنية أن تستمر في نظر الدعوى إلى أن
تصدر حكمها في املوضوع ،فإذا صدر هذا املقرر ،ورفعت الدعوى العمومية أمام املحكمة
الزجرية فال تكون لهذا املقرر املدني أية حجة أمام املحكمة الزجرية ،فاألخيرة لها سلطة
تقييم الحجج املعروضة أمامها واملناقشة شفاهيا وحضوريا في خضرتها (املادتين 286و 287
من قانون املسطرة الجنائية) ،وهو املبدأ الذي قرره املشرع املصري صراحة في املادة 457من
قانون اإلجراءات الجنائية التي نصت على أنه ال تكون لألحكام الصادرة من املحاكم املدنية
قوة الش يء املحكوم به أمام املحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها.
155
د حسن صادق المرصفاوي ،المرجع السابق ص ..422
112
فاملبدأ إذن أن للمحكمة الجنائية عند نظرها للدعوى الجنائية كامل الحرية في الفصل
في وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ،ولها أن تقض ي بعكس ما قض ى به القاض ي املدني نهائيا،
باعتبارها صاحبة االختصاص األصيل في القضاء في مدى صحة وقوع الجريمة ونسبتها إلى
فاعليها دون أن تتقيد بما يتقيد به القاض ي املدني في اإلثبات ،فالقاض ي الجنائي ال يتقيد بما
تصدره املحاكم املدنية من أحكام ليس فقط فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها
وإنما كذلك فيما يتعلق باملسائل الفرعية ،مادام الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على
الفصل فيها فيكون له أن يقض ي على خالف ما قضت به املحكمة املدنية ألن األصل أن
املحكمة الجنائية مختصة بالفصل في جميع املسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى
الجنائية املرفوعة أمامها.156
ومن جهته ،يرى جانب من الفقه املصري 157أنه يمكن القول بأن األحكام الصادرة عن
املحاكم املدنية تحوز قوة الش يء املحكوم فيه أمام املحاكم الجنائية فيما يتعلق بجميع
املسائل غير املتعلقة " بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها" ،كاملسائل العارضة التي يتعين
بحثها للفصل في الدعوى الجنائية ،ومثاله أن يتم اإلدالء بمحكم مدني نهائي قض ى بملكية
املال املسروق موضوع الدعوى العمومية املعروضة أمام املحكمة الزجرية ،إذ أن هذه الحكم
املدني يحوز حجيته أمام املحكمة الزجرية التي ال يسوغ لها الحكم بأن املال ال يعود إلى ملكية
صاحبه كما قضت بذلك املحكمة املدنية.
المطلب الثالث :حجية المقرر الجنائي أمام المرجع المدني
من املعلوم – إذن -أن الجريمة التي تعتبر سبب الدعوى العمومية ،هي نفسها أساس
الدعوى املدنية التابعة باعتبارها مصدر الضرر املبرر للمطالبة بالتعويض املدني ،وإذا كان
من حق املتضرر اللجوء إلى املحاكم املدنية باعتبارها الجهة األصلية للبث في هذا النوع من
القضايا ،فإن إشكاال يطرح في الحالة يسبق أن يصدر فيها مقرر في الدعوى العمومية قبل
رفع الدعوى املدنية أمام املرجع املدني ،ليثار التساؤل حول حجية هذا املقرر أمام املحاكم
املدنية؟ ،وهو ما سأحاول ا إجابة عليه من خالل تحديد مفهوم الحجية ( الفقرة األولى) ،ثم
156
أحمد المهدي و أشرف شافعي :إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على تحريك الدعوى المباشرة ،ط ،2س 2010دار العدالة ،ص
. 289
157
الدكتور إدوار غالي الدهبي ،حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني ،ط ،3مكتبة غريب ،ص 242
.
113
شروطها ( الفقرة الثانية) قبل الختم بالتطرق إلى موقف املشرعين املغربي واملصري من
حجية املقرر الجنائي أمام املحاكم املدنية (الفقرة الثالثة):
الفقرة األولى :تعريف الحجية
تهدف حجية الحكم القضائي إلى منع تجدد الخصومة وتضارب األحكام ،وحتى يتحقق
هذا الهدف وجب أن يمتنع ما من شأنه عرض نفس النزاع املحكوم فيه على القضاء مرة
أخرى ،وال يتأتى ذلك إال إذا منح الخصم ( املدعى عليه في الدعوى املدنية واملتهم في الدعوى
الجنائية) إمكانية رفض إعادة طرح هذا النزاع بدعوى جديدة بان يطلبوا من القاض ي عدم
قبول هذه الدعوى على اعتبار أنه قد سبق للقضاء الفصل فيها ،وهو ما يسمى بالدفع
بسبقية الفصل (البث) ،وحتى يتحقق من أنه ذات النزاع املعروض مسبقا ،فإن الدعوى
املحكوم فيها والدعوى الجديدة يجب أن تكونا متطابقتين من حيث عناصرهما حتى يتمكن
للمدعى عليه طلب رفض الدعوى الجديدة ألنها نفسها هي الدعوى املحكوم فيها ،ولهذا فإذا
لجأ خصوم الدعوى املدنية املحكوم فيها بذات الطلبات املثارة سلفا ولنفس السبب فإن ذلك
يعتبر مدعاة لتجديد الخصومة وكذلك لتضارب األحكام ،وحينئذ يكون الدفع بسبقية
الفصل وجيها ،ويكون على املحكمة أن تمنع نظر الدعوى.158
وحتى تتحقق النتيجة املشار إليها أعاله ،البد أن يكتس ي املقرر القضائي حجية األمر
املقض ي فيه ،هذه الحجية التي عرفها األستاذ عبد الواحد العلمي 159بكونه يعني أن األمر
الذي تم الفصل فيه أمام القضاء يكون واجب اإلحترام ،وال يمكن مراجعته بغير طرق
الطعن املقررة لألحكام ،من قبل أية جهة قضائية ،كما يكون واجب اإلحترام أيضا من طرف
الخصوم الذين ال يجوز لهم حمل أي نزاع مجددا أمام القضاء يستهدف وضع نفس ما سبق
وأن فصل فيه ،ولنفس األسباب محل مجادلة بغير طرق الطعن التي اعتمدها املشرع للطعن
في األحكام ،أصاب القضاء في فصله هذا أم أخطأ.
وقد ميز األستاذ حسن صادق املرصفاوي 160بين الحجية كما عرفها األستاذ العلمي
أعاله وقوة الش يء املقض ي فيه باعتبار أن قوة الش يء املحكوم فيه يعني تلك الصفة التي
تطلق على الحكم الذي أصبح نهائيا باستنفاذ طرق الطعن العادية (التعرض واإلستئناف)
158
أطروحة لنيل شهادة الماستر فرع قانون العقوبات والعلوم الجنائية للطالب عليوش زكرياء حول موضوع " :الحكم الجنائي وحجيته أمام
القضاء المدني" بجامعة قسنطينة الجزائريةـ س ، ،2014ص . 46
159
المرجع السابق ،ص 8
160
المرجع السابق ص . .486
114
ولو كان قابال للطعن فيه بطريق النقض أو كان هناك وجه لطلب إعادة الدعوى ،بل حتى
ولو بوشر أي من الطريقين األخيرين ،وتبقى له هذه القوة إلى أن يلغى بالطعن املشار إليه.
وتعتبر الحجية في امليدان الجنائي من النظام العام ،أي أنه متى ثبت للمحكمة سبقية
محاكمة الشخص من أجل واقعة معينة وصدر حكم نهائي في الدعوى فإنه يمتنع عليها إعادة
محاكمته من جديد ولو بتكييف مغاير لنفس األفعال وذلك تطبيقا للمادة 369من ق.م.ج
والتي أكدتها محكمة النقض في العديد من إجتهاداتها املتواترة ،ومنها القرار عدد 540الصادر
بتاريخ 1970/04/16 :الذي اعتبرت فيه "أن كل شخص أبرئت ساحته أو حكم بإعفائه ال
يمكن متابعته بعد ذلك من أجل نفس الوقائع ولو أتصفت بصفة قانونية أخرى ،ولهذا
تعرض للنقض الحكم بإدانة املتهم من أجل مخالفة في قانون السير والتسبب في جروح بغير
عمد في حين أنه قد وقعت براءته بمقتض ى حكم سابق" ، 161وهذا ال يتوفر في بالنسبة
للمقررات املدنية 162التي لها قوة نسبية بمعنى أن أثر هذه األحكام قاصر على الخصوم في
الدعوى دون غيرهم ،فال موجب ألن يسري أثر الحكم املدني بالنسبة إلى فرد لم يكن ممثال في
الدعوى التي صدر فيها ،وملا كان الحق الذي يصدر الحكم به يعتبر حقا خاصا فإنه يكون
للخصوم أن يتنازلوا عنه وأن يتصرفوا فيه بكل التصرفات الجائزة قانونا ،وعلى هذا األساس
ال تعتبر حجية األحكام املدنية من النظام العام.
الفقرة الثانية :شروط حجية المقرر الجنائي
تثبت الحجية للمقررات الصادرة عن هيئة الحكم ،على أن تكون نهائية ومتعلقة بواقعة
جنائية حتى يتم األخذ بها أمام املرجع املدني ،وعليه سنتناول هذه الشروط من خالل النقاط
التالية:
161
منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية 86-66ص . 478
162
المرجع السابق ص . .486
115
آخر مغاير مللتمساتها السابقة ،كما أنه لها أن تحفظ الشكاية متى رأت توفر أسبابها ،دون أن
يمنع ذلك املتضرر من تحريك املتابعة عن طريق الشكاية املباشرة.
وما قيل عن النيابة العامة،يمكن إسقاطه على قضاء التحقيق الذي تنحصر سلطته في
البحث والتحقق مما إذا كانت هناك قرائن وأدلة كافية لإلتهام وإحالة املتهم على املحاكمة
من عدمه ،وضماناته أقل من تلك املقررة أمام محاكم املوضوع ،وبالتالي فاإلحالة من عدمها
متوقفة على األدلة املتوفرة التي تم فحصها من طرف قاض ي التحقيق ،هذه األدلة التي ال
يمكن الركون إليها من خالل الركون إلى أمر قاض ي التحقيق للقول بأن الفعل منسوب للمتهم
وبالتالي وقوع الضرر املوجب للتعويض من عدمه ،وعليه تبقى األوامر الصادرة عن قاض ي
التحقيق غير مكتسبة للحجية الكافية لتقييد القاض ي املدني وهو ينظر في الدعوى املدنية.
ثانيا :أن يكون المقرر صادرا عن محكمة زجرية أو متعلقا بقضية زجرية
يعتبر صدور املقرر من جهة زجرية مسألة جوهرية حتى يمكننا الحديث عن مسألة
تقييد الجنائي للمدني ،إذ أن هذه املسألة تنتفي متى كان املقرر صادرا من جهة مدنية ،ويعتبر
بعض الفقه أن الجهة الزجرية يمكن أن تكون جهة عادية أو مختصة ( أو استثنائية بالنسبة
للمشرع املصري) ،على أن تكون هذه املحاكم وطنية إذ ال حجية لألحكام الصادرة عن
املحاكم ا أجنبية.163
ويمكن أن يعتد بهذه الحجية متى صدرت عن جهة غير زجرية لكنها تعتبر مسألة زجرية
بطبيعتها كجرائم الجلسات التي خول فيها املشرع املغربي للمحكمة املدنية تطبيق مقتضيات
املسطرة الجنائية لتحريك املتابعة في حق املخالف طبقا ملا نص عليه الفصلين 43و 44من
164
قانون املسطرة املدنية
116
ثالثا :أن يكون المقرر نهائيا
تكون الحجية لألحكام والقرارات النهائية الصادر في موضوع الدعوى ،وبالتالي فال األوامر
التمهيدية وال املقررات الغيابية تكتس ي صبغة الحجية ألنها غير نهائية ،والنهائية تكتسبها
األحكام والقرارات القضائية متى كانت غير قابلة ألي طريق من طرق الطعن ،أو أن آجل
الطعن ضدها قد فات دون أن يسلكها من له الحق فيها .ومن هذا املنطلق فقد عرف أستاذنا
عبد الكريم الطالب األحكام النهائية أو الباتة بكونها تلك التي ال تقبل أي طريق من طرق
الطعن سواء كان عاديا أو غير عادي.165
والعلة من هذا الشرط كما يرى األستاذ املرصفاوي أنه ما دام هناك احتمال ألن يتغير
الحكم عند الطعن فيه فقد يصل الحال إلى تعارض بين الحكمين الجنائي بعد أن صار
نهائيا ،واملدني الذي اعتمد على حكم جنائي لم يكن قد أصبح نهائيا بعد.166
الفقرة الثالثة :موقف المشرعين المغربي والمصري
باستقراء القانون املتعلق باإلجراءات في كل من البلدين املغرب ومصر سنجد نوعا من
اإلختالف بين املشرعين ،وهو ما سنبينه من خالل النقطتين التاليتين:
167
أوال :بالنسبة للمشرع المغربي
كما أسلفنا ذكره ،فاملشرع املغربي قد نص على قاعدة " الجنائي يعقل املدني" بنص
صريح في قانون املسطرة الجنائية ،غير أنه بالنسبة ملبدأ حجية األمر املقض ي فيه جنائيا أمام
القضاء املدني فقد التزم الصمت ولم يقرره في نص صريح ،وهي نفسها الطريقة التي اتبعها
املشرع الفرنس ي ،168غير أن العمل القضائي املغربي يأخذ بهذه القاعدة بالرغم من عدم وجود
السند القانوني ،لكنه يتحاش ى دوما اإلشارة إلى األساس الذي اعتمده في األخذ باملبدأ.169
ومن العمل القضائي املغربي ما جاء في قرار رقم 908في 7جوان ألسنة 1938بأن"
القرار الجنائي الذي أصبح باتا له حجية األمر املقض ي فيه في مواجهة الشخص املبرأ من حرم
165
الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية :ط 7س ،2015نشر مكتبة المعرفة مراكش ص . .225
166
المرجع السابق ص . .499
167
للتوسع أكثر يراجع الدكتور عبد الواحد العلمي :حجية األحكام الجنائية أمام القضاء المدني .
168
ذ عبد الواحد العلمي ،المرجع السابق ص . .37
169
ذ عبد الواحد العلمي ،شروح في قانون الجديد المتعلق ب المسطرة الجنائية ،ج 1بمراجعه السابقة ،ص 274
117
التل غير العمدي ،وتكون مسؤولية هذا الشخص املبرأ غير ممكن مناقشتها من جديد أمام
املحكمة املدنية".170
171
ثانيا :بالنسبة للمشرع المصري
أقر املشرع املصري مبدأ حجية الحكم الجنائي أمام القضاء املدني في املادة 456من
قانون اإلجراءات التي تنص على أنه يكون للحكم الجنائي الصادر من املحكمة الجنائية في
موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو باإلدانة قوة الش يء املحكوم به أمام املحاكم املدنية في
الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني
ونسبتها إلى فاعلها.
فإذا صدر حكم بات في موضوع الدعوى الجنائية من املحكمة الجنائية ثم رفعت
الدعوى املدنية إلى املحكمة املدنية فالقاعدة هي حجية الحكم الجنائي فيما قض ى به وكان
قضاؤه ضروريا للحكم في الدعوى الجنائية ،وعلى املحكمة املدنية أن تسلم به وترتب عليه
نتائجه الطبيعية بالحكم بالتعويض أو برفضه مادمت " الواقعة اإلجرامية" أي الجريمة التي
كانت أساسا للدعويين املدنية والجنائية واحدة ،وحجية الحكم الجنائي أمام القضاء املدني
ال تشمل سائر املسائل التي وردت بالحكم الجنائي وإنما فقط ما فصل فيه الحكم في
منطوقه أو في أسبابه الجوهرية املكملة للمنطوق من مسائل ضرورية والزمة للفصل في
الدعوى الجنائية ،وهو ما قرره املشرع في املادة املذكورة.172
ومن إجتهادات محكمة النقض املصرية في هذا الصدد ما ذهبت إليه على أنه " ملا كانت
الدعوى املدنية غير مطروحة على هذه املحكمة بعد أن قضت محكمة أول درجة بإحالتها إلى
املحكمة املختصة ،و اقتصر استئناف املتهم و طعنه بالنقض على الدعوى الجنائية وحدها
دون الدعوى املدنية ،إال أنه ملا كان من املقرر أن حق املحكمة الجنائية فى اإلحالة على
املحكمة املدنية بمقتض ى املادة 309من قانون اإلجراءات الجنائية يجب أن يساير حجية
األحكام الجنائية أمام املحكمة املدنية بمعنى أنه ال يجوز إصدار قرار بإحالة الدعوى املدنية
إلى املحكمة املختصة إذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى املدنية مساسا يقيد حرية
القاض ي املدني ،وكانت املحكمة قد أقامت قضاءها املاثل بالبراءة على إنتفاء الخطأ فى جانب
170منشور بمجموعة قرارات محكمة اإلستئناف بالرباط لسنوات .1938 -1937ص 520و 521
171
للتوسع أكثر راجع الدكتور إدوار غالي الدهبي :حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني.
172
ذان /احمد المهدي و أشرف شافعي ،المرجع السابق ص 290و . .291
118
املتهم ،وهو بهذه املثابة قضاء يؤثر بال أدنى شبهة فى رأى املحكمة املدنية املحالة عليها
الدعوى مما يكون معه مصيرها حتما إلى القضاء برفضها إعماال لنصوص القانون و نزوال
على قواعد قوة الش يء املقض ي فيه جنائيا أمام املحكمة املدنية ،ومن ثم يتعين القضاء
برفض الدعوى املدنية و إلزام رافعيها مصاريفها عن الدرجتين.173" .
وفي إجتهاد آخر قضت بأن " املقرر فى قضاء هذه املحكمة ان مؤدى نص املادتين 456
من قانون اإلجراءات الجنائية 102 ،من قانون اإلثبات ان الحكم الصادر فى املواد الجنائية
ال تكون له حجية ملزمة فى الدعوى املدنية أمام املحاكم املدنية إال إذا كان قد فصل فصال
الزما فى وقوع الفعل املكون لألساس املشترك بين الدعويين الجنائية واملدنية وفى الوصف
القانوني لهذا الفعل ونسبته الى فاعله فإذا فصلت املحكمة الجنائية بحكم بات فى هذه
املسائل امتنع على املحاكم املدنية مخالفة الحكم الجنائية فيما سبق له الفصل فيه
وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر باإلدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه املؤدية
اليه بالنسبة ملا كان موضوع املحاكمة دون ان تلحق الحجية األسباب التي لم تكن ضرورية
للحكم بهذه البراءة أو باإلدانة".174
173
الطعن رقم 23450لسنة 59ق جلسة 2/6/1996س 47ص .703
174
الطعن رقم 2589لسنة 55ق جلسة 30/4/1995س 46ج 1ص .745
119
خاتمة:
صفوة القول ،فالدعوى املدنية التابعة تحتل مكانة هامة ضمن الدعوى الجنائية ،إذ
بالرغم من التنصيص على رفعها استثناء أمام املحاكم الزجرية ،إال أن الواقع العملي يبرز لنا
أن رفعها كدعوى تابعة للدعوى العمومية هو األصل والقاعدة ،لذا فإجراءات التقاض ي
بخصوصها تعرف عدة خصائص وتميزات في إطار املسطرة الجنائية عنها في نظيرتها املدنية،
ولعل عدم إملام شريحة واسعة من املتقاضين بشروطها وإجراءاتها تجعلهم يفوتون على
أنفسهم فرصة االستفادة من القواعد املقرر في امليدان الجنائي ،وبالتالي ال يبقى أمامهم إال
املرجع املدني الذي تعرف إجراءاته نوعا من البطء والكثير من الشكليات ،هذت إن لم تضع
حقوقهم حينما يصطدمون بعدم قبول تدخلهم في الدعوى العمومية للمطالبة بالتعويض
عن الضرار الذي أحدثه الفعل الجرمي ،ليغضوا بعدها الطرف عن هذا الحق ظانين أنها قد
ضاعت بصفة نهائية ،والحال أن لهم حق اللجوء إلى القضاء املدني باعتباره األصل.
من هنا يبقى موضوع الدعوى املدنية التابعة من املواضيع التي تتطلب املزيد من
اإليضاح والتبسيط ،حتى يتحقق الغرض املتوخى منها وهو حماية الحقوق وجبر الضرر.
120
ملحق :1
عمل قضائي
121
قرار محكمة النقض عدد4/291 :
بتاريخ2017/02/08 :
ملف جنحي رقم2016/4/6/18823 :
القاعدة
عدم إيداع المطالبة بالحق المدني مذكرة تتضمن وسائل النقض ممضاة من طرف
محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض طبقا للمادة 528من قانون المسطرة الجنائية
رغم مرور أكثر من ستين يوما على تسجيل الملف بكتابة الضبط بمحكمة النقض
يستتبع الحكم بسقوط الطلب -نعم
بناء على الطلب املرفوع من طرف املطالبة بالحق املدني شركة معادن ،بمقتض ى
تصريح أفضت به بواسطة األستاذ ...بتاريخ ،2016/5/4 :لدى كتابة الضبط بمحكمة
اإلستئناف بورزازات ،والرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنح اإلستئنافية بمحكمة
االستئناف بورزازات بتاريخ 2016/4/26في القضية عدد 16/32والقاض ي بتأييد األمر
املستأنف فيما قض ى به من عدم إجراء تحقيق.
إن محكمة النقض.
بعد أن تال املستشار السيد عبد الرزاق الكندوز تقريره في القضية.
وبعد اإلنصات إلى املحامي العام السيد مفراض محمد في مستنتجاته.
وبعد املداولة طبقا للقانون.
نظرا للمادة 544من قانون املسطرة الجنائية.
وبناء على املادة 528من نفس القانون كما عدلت بالقانون رقم 23-05املطبق بظهير
23نوفمبر .2005
حيث إن الفقرة الثانية من املادة األخيرة توجب على طالب النقض أن يودع بكتابة
الضبط للمحكمة التي أصدرت القرار املطعون فيه داخل الستين يوما املوالية لتصريحه
بالطلب بمذكرة تتضمن وسائل النقض بإمضاء محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض،
122
وأن الفقرة الثالثة من نفس املادة لم تجعل تقديم املذكرة إجراءا اختياريا إال في الجنايات
وبالنسبة للمحكوم عليه طالب النقض دون سواه.
وحيث إن طالبة النقض في هذه القضية املحكوم فيها من أجل جنحة مطالبة بالحق
املدني.
وأنها لم تودع املذكرة املنصوص عليها أعاله رغم مرور أكثر من 60يوما على تاريخ
تسجيل امللف بكتابة الضبط بمحكمة النقض بتاريخ .1016/12
لهذه األسباب
قضت بسقوط الطلب املقدم من طرف املطالبة بالحق املدني شركة معادن وحكمت
على رافعه باملصاريف وحددت اإلكراه البدني في أدنى أمده القانوني.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض الكائن بشارع النخيل حي الرياض الرباط وكانت الهيئة الحاكمة
متركبة من السيد :مصطفى أزمو رئيسا والسادة املستشارين :عبد الرزاق الكندوز مقررا،
الجياللي ابن الديجور ،رشيد ملشرق ،بوشعيب توتاوي ،بحضور املحامي العام السيد محمد
مفراض الذي كان يمثل النيابة العامة ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة رشيدة الخلفي.
كاتبة الضبط املستشار املقرر الرئيس
123
قرار محكمة النقض عدد435 :
بتاريخ2017/03/15 :
ملف جنائي رقم2016/4/6/1428 :
القاعدة
عدم تفصيل المطالب بالحق المدني لمطالبه المدنية أمام محكمة الموضوع
التي التمس أمامها الحكم بتعويض إجمالي ال يقل عن 160ألف درهم ال
يخول له التمسك بتفصيلها أمام محكمة النقض :رفض الطلب -نعم
بناء على الطلب املرفوع من طرف املطالب بالحق املدني علي ،...بمقتض ى تصريح
أفضت به بواسطة دفاعه بتاريخ ،2016/10/20 :لدى كتابة الضبط بمحكمة اإلستئناف
بورزازات ،الرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنايات لديها بتاريخ 2016/10/10في
القضية ذات العدد 16/66والقاض ي مبدئيا بتأييد الحكم االبتدائي بعدم االختصاص في
املطالب املدنية املقدمة في مواجهة املتهمة ،...والحكم لفائدة الطاعن بتعويض مدني قدره
40.000درهم
إن محكمة النقض.
بعد أن تال املستشار السيد الجياللي ابن الديجور تقريره في القضية.
وبعد اإلنصات إلى املحامي العام السيد مفراض محمد في مستنتجاته.
وبعد املداولة طبقا للقانون.
نظرا للمذكرة املدلى بها من لدن الطاعن بإمضاء األستاذين ....املحاميان بهيئة ورزازات
واملقبوالن للترافع أمام محكمة النقض.
في شأن وسيلة النقض الوحيدة املتخذة من نقصان التعليل املوازي النعدامه،
ذلك أن العارض تقدم بطلبين األول عن املسروق الذي هو 125ألف درهم والثاني
يتعلق بالتعويض عن الجرم الذي هو دخول املنزل وذلك في مذكرة إستئنافية فصل فيها
املطالب سواء من حيث املسروق أم من حيث التعويض ،إال أن املحكمة مصدرة القرار
124
املطعون فيه خفضت املبلغ املحكوم به إلى 40.000درهم كتعويض إجمالي دون بيان القدر
املحكوم به كأصل للمحال املسروق وقدر التعويض املحكوم به وهو ما يجعل القرار املطعون
فيه منعدم التعليل ومعرضا للنقض واإلبطال.
لكن حيث بالرجوع إلى تنصيصات الحكم املطعون فيه ال يتبين منها أن الطاعن فصل
مطالبه كما ورد بالوسيلة ،وإنما التمس الحكم له بتعويض إجمالي ال يقل عن 160ألف
درهم مما يكون معه ما أثير خالف الواقع والوسيلة غير مقبولة.
لهذه األسباب
قضت برفض الطلب املقدم من طرف (املطالبة بالحق املدني) وبأن املبلغ املودع أصبح
ملكا للخزينة العامة.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض الكائن بشارع النخيل حي الرياض الرباط وكانت الهيئة الحاكمة
متركبة من السيد :مصطفى أزمو رئيسا والسادة املستشارين :الجياللي ابن الديجور مقررا،
عبد الرزاق الكنذوز ،رشيد ملشرق ،واحمد املتني ،بحضور املحامي العام السيد محمد
مفراض الذي كان يمثل النيابة العامة ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حفيظة الغراس.
كاتبة الضبط املستشار املقرر الرئيس
125
قرار محكمة النقض عدد8/1562 :
بتاريخ2014/11/27 :
ملف جنحي رقم2014/8/6/11335 :
القاعدة
ينحصر أثر الطعن بالنقض المرفوع من الطرف المدني طبقا للفقرة الثانية من المادة
533من ق.م.ج فيما يرجع لنظر محكمة النقض في المقتضيات المتعلقة بالدعوى
المدنية.
مناقشة الطرف المدني لعناصر إثبات الجريمة المتابع بها المتهم (المطلوب في
النقض) والتي تندرج ضمن الدعوى العمومية التي تستقل النيابة العامة بممارستها،
يجعل من الوسيلة غير مقبولة ،ويعرض طلبه للرفض.
بناء على الطلب املرفوع من املطالب بالحق املدني أحمد ،..بمقتض ى تصريح أفض ى به
بواسطة األستاذ ...بتاريخ ،2014/04/29 :لدى كتابة الضبط بمحكمة اإلستئناف بورزازات،
والرامي إلى نقض القرار عدد 72الصادر عن غرفة الجنح اإلستئنافية بها بتاريخ 2014/4/22
في القضية ذات الرقم 2013/2602/346والقاض ي بإلغاء الحكم االبتدائي فيما قض ى به
من أداء املتهم ( )...لفائدته تعويضا مدنيا قدره خمسة آالف ( )5000درهم تبعا إلدانته من
أجل جنحة الضرب والجرح بالسالح مع يبق اإلصرار والترصد والحكم من جديد بعدم
االختصاص للبث في املطالب املدنية تبعا للحكم ببراءة املتهم املذكور مما نسب إليه وبتحميل
الخزينة العامة الصائر.
إن محكمة النقض.
بعد أن تال املستشار حجاج بنو غازي التقرير املكلف به في القضية.
وبعد االستماع إلى السيد محمد الفالحي املحامي العام في مستنتجاته.
وبعد املداولة طبقا للقانون.
في الشكل:
126
نظرا للمذكرة املدلى بها من لدن الطاعن بإمضاء األستاذ ...املحامي بهيئة مراكش
املقبول للترافع أمام محكمة النقض املتضمنة ألسباب الطعن بالنقض.
وحيث جاء الطلب عالوة على ذلك موافقا ملا يقتضيه القانون فهو مقبول.
في املوضوع:
في شأن وسيلة النقض الوحيدة املتخذة من نقصان التعليل ذلك أن حيثيات القرار
املطعون فيه ال ترقى إلى درجة البحث والتقص ي ولم يعلل براءة املتهم فالشهود املستمع إليهم
من طرف قاض ي التحقيق أكدوا معاينتهم له وهو يتوعد العارض باالنتقام منه كما أن املتم
نفسه يعترف بوجود عداوة مستحكمة بينه وبين العارض أدت به إلى أن يتوعده باالنتقام،
إضافة إلى أن الشهود الذين حضروا الواقعة شهدوا بعد أدائهم اليمين القانونية بأنه أوقف
السيارة التي تقل العارض ودخل في خصام معه في حين حاول املتهم إنكار هذه الواقعة فجاء
القرار ناقص التعليل مما يستوجب نقضه.
لكن حيث إنه بمقتض ى الفقرة الثانية من املادة 533من قانون املسطرة الجنائية فإنه
ينحصر أثر الطعن بالنقض املرفوع من الطرف املدني أو املسؤول املدني عن الحقوق املدنية
فيما يرجع لنظر محكمة النقض في املقتضيات املتعلقة بالدعوى املدنية.
وحيث إن الطاعن إنما يناقش في الوسيلة عناصر إثبات جريمة الضرب والجرح املتابع
بها املطلوب في النقض والتي تندرج ضمن الدعوى العمومية التي تستقل النيابة العامة
بممارستها مما تكون معه الوسيلة على النحو املذكور غير مقبولة.
من أجلــــــــــه
قضت برفض الطلب.
وبإرجاع مبلغ الضمانة للطاعن بعد استيفاء الصائر وفقا للقانون.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض الكائن بشارع النخيل حي الرياض الرباط وكانت الهيئة الحاكمة
متركبة من السادة :عبد اللع زيادي رئيس الغرفة واملستشارين :حجلج بنو غازي مقررا،
بوشعيب مرشود ،و الطيبي تاكوتي ،وعبد الواحد الراوي ،وبحضور املحامي العام السيد
محمد الفالحي الذي كان يمثل النيابة العامة ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حنان ؤقزاز.
كاتبة الضبط املستشار املقرر الرئيس
127
قرار جنائي ابتدائي رقم127 :
صادر عن محكمة اإلستئناف بورزازات بتاريخ2016/10/06 :
في امللف الجنائي رقم2016/26 :
القاعدة:
المطالبة بالحق المدني غير محقة في أي تعويض الن الفعل الذي أدين من أجله
المتهم هو جنحة التحريض على الدعارة ،وال يمكن تصور ضحية له إذ
المحرض و المحرض يتجاوزان مع بعضهما و يقعان معا تحت طائلة الجزاء
الجنائي و ال يمكن ألحدهما الرجوع على اآلخر بالتعويض األمر الذي قررت
معه المحكمة القول بعدم قبول مطالبها المدنية
بتاريخ 2016 -10-06أصدرت محكمة االستئناف بورزازات بجلستها العلنية املنعقدة للبث
في قضايا الجنايات االبتدائية وهي متركبة من السادة :
ذ.عبد هللا رئيسا ،ذ.عمر مستشارا مكلفا ،ذ.هشام مستشارا بحضور السيد م
كاتب الضبط إسماعيل ممثل النيابة العامة ،وبمساعدة السيد سعيد ايمارين
القرار األتي نصه :
بين :السيد الوكيل العام للملك لدى هذه املحكمة.
و املطالبة بالحق املدني :سميرة ....النائب عنها ذ ... ....املحامي بهيئة مراكش.
من جهة
وبين املسمى:إبراهيم ...بن احمد بن عمر،مغربي مزداد بتاريخ .. 1992و يسكن بها ،. .. ..
جماعة .قيادة ...زاكورة ،صباغ ،من والدته امينة ،.. ..عازب.… … ،
من جهة أخرى
املتهم بارتكابه داخل الدائرة القضائية لنفوذ هذه املحكمة ومنذ زمن لم يمض عليه أمد
التقادم الجنائي جناية االغتصاب الناتج عنه افتضاض متبوع بحمل،األفعال املنصوص
عليها و على عقوبتها في الفصلين 486و 488من القانون الجنائي.
128
يؤازره في الدفاع ذ.برحو املحامي بهيئة مراكش.
موجزالوقائــع
بناء على قرار قاضية التحقيق باإلحالة الصادر بتاريخ 2016-07-21من اجل األفعال أعاله
و املبني على مطالبة السيد الوكيل العام للملك املؤرخ في 2016-06-28الرامية الى إجراء
تحقيق مع املذكور أعاله من اجل جناية االغتصاب الناتج عنه افتضاض ،األفعال املنصوص
عليها و على عقوبتها في الفصلين 486و 488من القانون الجنائي و املستمدة عناصرها من
محضر الشرطة القضائية املنجز من طرف املركز القضائي للدرك امللكي بزاكورة رقم ...
بتاريخ .2016-06-23
و بناء على البحث الذي اجري في النازلة تمهيديا و إعداديا كما يلي :
أوال خالل مرحلة البحث التمهيدي
يستفاد من محضر الشرطة القضائية املشار الى مراجعه أعاله أن األستاذ ... ...املحامي بهيئة
الدار البيضاء تقدم بشكاية نيابة عن املسماة .. . .... ..الى السيد الوكيل العام للملك
بورزازات ضد املسمى ... ..بن ...من اجل االغتصاب الناتج عنه افتضاض و املتبوع بحمل و
والدة.
لدى االستماع الى املشتكية صرحت انه خالل سنة 2015التقت باملشتكى به و بعد تبادلت
معه أطراف الحديث طلب منها ان تربط معه عالقة غرامية و تبادال أرقامهما الهاتفية و في
اليوم املوالي اتصل بها و طلب منها ان تلتقي به بجانب الواد املجاور للدوار و بالفعل التقت به
في املكان املحدد حيث غازلها بعبارات جميلة و طلب منها ان تمارس معه الجنس فرفضت
طلبه لكنه ألح عليها و أمام رفضها امسكها و أسقطها أرضا و قام بخلع سروالها و كذا تبانها
و مارس عليها الجنس بداية بشكل سطحي و بعد هنينهة أعاد الكرة من جديد و قام بإدخال
قضيبه كامال بفرجها مفتضا بكارتها و مارس عليها الجنس الى ان اشبع رغبته و قذف سائله
املنوي خارج مهبلها و طلب منها عدم إخبار أي احد و وعدها بالزواج و بعد مرور خمسة
عشر يوما تلقت اتصاال هاتفيا منه طالبا إياها بان تلتقي به بنفس املكان بالواد حيث
توجهت عنده حوالي الساعة السادسة مساء و وجدته هناك رفقة احد أصدقائه املسمى
يونس و بعد ان بادلتهما التحية تركها .. ...بصحبة صديقه رغم إلحاحها بعدم تركها ،آنذاك
قام املسمى ...باغتصابها بالعنف بعد ان أسقطها أرضا و خلع مالبسها و مارس عليها الجنس
الى ان اشبع رغبته و قذف سائله املنوي بداخل فرجها و بعده قام بنقلها على متن دراجته
129
النارية الى احد املساكن املهجورة بالدوار و بعد ان أعطاها كأسا من املاء ملا شربته أحست
بالدوار و مارس عليها الجنس مرة ثانية و حوالي الساعة العاشرة ليال قام بنقلها الى القرب من
منزلها و انصرف الى حال سبيله مضيفة ان املسمى يونس ضعيف البنية طويل القامة ابيض
اللون و شعره اسود و يقطن .. ..حسب ما صرح لها به .. ..و أنها ملا أكدت لهذا األخير بأنها
حامل أكد لها ان حملها من املسمى يونس و ليس منه.
لدى االستماع تمهيديا الى املتهم صرح ان ما جاء في تصريحات املشتكية ال أساس له من
الصحة و انه لم يقم باغتصابها أو ممارسة الجنس معها مفيدا انه هذه مدة سنتين تقريبا
التقى بها بالدوار و سلم لها رقم ندائه و مساء نفس اليوم اتصلت به و تبادال أطراف الحديث
و اعترفت له بإعجابها به كما طلبت منه ان تستمر عالقتهما فوافق على ذلك و بعد مرور
يومين سافر الى مدينة الدار البيضاء و بالفعل قدمت عنده و التقى بها بحي سيدي معروف و
توجها الى احد املقاهي بحي موالي رشيد و بعد تناولهما للقهوة انصرف الى حال سبيله و
انصرفت هي الى احد أفراد عائلتها بحي الهراويين و من تم قطع عالقته بها دون ان يمارس
عليها الجنس او يغتصبها كما ادعت.
و لدى تقديمه أمام النيابة العامة عن املنسوب إليه أجاب باإلنكار.
ثانيا :خالل مرحلة التحقيق االعدادي
عند استنطاق املتهم ابتدائيا أنكر املنسوب اليه و لدى استنطاقه تفصيليا صرح انه على
معرفة باملشتكية و انه التقاها هذه مدة ثالث سنوات بالسوق بالدوار و تبادال رقمي هاتفيهما
و بعد مرور بضعة أيام سافر الى الدار البيضاء للعمل فالتقاها بالدار البيضاء التي حضرت
إليها دون ان يعرف سبب ذلك حيث التقيا بأحد املقاهي و بعد ذلك غادر كل واحد منهما الى
حال سبيله و أنكر ان يكون قد مارس عليها الجنس أو قام باغتصابها كما ادعت كما أنكر ان
يكون قد قام بافتضاض بكارتها و انه لم يسبق له ان وعدها بالزواج و ال معرفة بأي شخص
اسمه يونس كما أنكر ما ادعته املشتكية من كونه سبق ان تركها برفقة املسمى يونس و
الذي قام باغتصابه بدوره و ان ذلك مجرد كذب و أنكر ان يكون قد قام بزيارة أخ املشتكية
و ان آخ املشتكية التقاه بالسوق و اخبره انه يرغب في تزويج أخته و اخبره انه هو من قام
باغتصابها و هو ما نفاه و رفض ما اقترحه عليه.
لدى االستماع الى املشتكية كشاهدة بعد أدائها اليمين القانونية صرحت أنها كانت قد
تعرفت على املتهم و ربطت معه عالقة غرامية و تبادال الحديث عبر الهاتف و طلب منها اللقاء
130
به بجانب الواد املجاور للدوار و طلب منها أوال ان تمارس معه الجنس و ملا رفضت أسقطها
أرضا و قام بخلع سروالها و قام بممارسة الجنس عليها بالقوة الى ان افتض بكارتها و أكدت
ان ذلك تم رغما عنها و بعد ذلك وعدها بالزواج و استمرت باللقاء به و بعد ذلك تلقت
اتصاال منه للقاء به بنفس املكان و ملا توجهت عنده تفاجأت بتواجد شخص معه صرح لها
ان اسمه يونس حيث توجها معا الى منزل مهجور و لم تشعر بنفسها على ان فقدت الوعي و
ملا استفاقت اكتشفت أن املسمى ...قام باغتصابها و لم تخبر أي شخص بما وقع و غادرت
الى الدار البيضاء حيث اشتغلت كخادمة الى ان وضعت مولودة أنثى بتاريخ 2015-11-07و
أضافت ان املتهم كان قد اتصل بها هاتفيا و اكد لها انه على معرفة بالشخص الثاني الذي
اغتصبها و اسمه ....و ان الحمل من هذا األخير و حول ما إذا كانت على معرفة به و يمتنع
عن اإلفصاح عن ذلك.
بناء على إجراء مواجهة بين املتهم و املشتكية تشبث املتهم بإنكاره في حين تشبثت املشتكية
بتصريحها.
و بناء على القرار باالطالع بانتهاء البحث و إحالة امللف على السيد الوكيل العام للملك بتاريخ
.2016-07-14
و بناء على ملتمس النيابة العامة النهائي في 2016-07-18و الرامي الى متابعة املتهم أعاله من
اجل جناية االغتصاب الناتج عنه افتضاض و املتبوع بحمل طبقا للفصلين 486و 488من
ق ج و إحالته رفقة ملف القضية على غرفة الجنايات ملحاكمته طبقا للقانون.
املحكمة
بعد صدور قرار قاض ي التحقيق أحيل امللف على هذه املحكمة و ادرجت القضية بجلسة -06
2016-10حضرها املتهم في حالة سراح و حضرت املشتكية و دفاعها ،و أمرت بمغادرة القاعة
وبعد التأكد من هوية املتهم أكد انه عاجز عن تنصيب محام ملؤازرته فانتدبت املحكمة
ذ.برحو ملؤازرته في إطار املساعدة القضائية و بعد تالوة األمر باإلحالة عليه أجاب أول األمر
باإلنكار موضحا انه ال يعرف املشتكية و ال عالقة له بها و تراجع و صرح انه فعال التقى بها في
الدار البيضاء و جالسها باملقهى و انه هو من سلمها رقم هاتفه فاتصلت به ملا ذهب الى الدار
البيضاء و انه لم يذهب الى منزلها لحل املشكلة و لم يصرح ألخ املشتكية بذلك.
و أكدت املشتكية أقوالها بعد أدائها اليمين القانونية و أنها ربطت عالقة غرامية مع املتهم و
خرجت معه ثالث مرات الى الوادي فاغتصبها بالقوة في املرة األخيرة و انه هو من سلمها رقم
131
هاتفه و قد اتصل بها فالتقت به بالدار البيضاء و جلسا مرة باملقهى و مرة مارس عليها الجنس
بإصبعه في احد األزقة و أنها ال تعرف يونس باعدي و في احد األيام اتصل بها املتهم و طلب منها
املجيء الى الواد و ملا حضرت وجدت شخصا آخر غير املتهم فأخذها بالقوة على متن دراجة الى
منزل مهجور و لم تع ما حصل لها بعد ان أعطاها شيئا الستنشاقه و ان املتهم هو من اخبرها
باسم ذلك الشخص و ان حملها من ذلك الشخص.
و نودي على املسمى عمر ...شقيق املشتكية فأكد ان املتهم أخبرهم بأنه على عالقة غرامية مع
املشتكية و يريد الزواج بها و قد حضر مرة الى منزلهم رفقة يونس باعدي و اخبرهم بأنه لم
يمارس عليها الجنس و يريد الزواج منها ،هذه الوقائع نفاها املتهم و أكد ان املصرح هو من
حضر اليه بمقر عمله و اخبره بالحمل فطلب منه تركه في حال سبيله.
و أعطيت الكلمة لألستاذ ....فرافع في القضية عن املطالبة بالحق املدني و أكد ثبوت الوقائع
ملتمسا اإلدانة و تعويض ال يقل عن 200ألف درهم و احتياطيا األمر بخبرة جينية.
و أعطيت الكلمة للسيد الوكيل العام للملك فرافع في القضية و أكد ان تناقض املشتكية
ش يء طبيعي لكونها الطرف الضعيف في القضية و عارض ملتمس إجراء الخبرة إلقرار
املشتكية بان الحمل من شخص آخر و التمس اإلدانة مع عقوبة مناسبة.
و تناول الكلمة ذ.برحو فأكد أن املشتكية ال يحق لها التنصيب كطرف مدني ألنها أدت اليمين
كشاهدة طبقا للفصل 354و أكد ان البراءة هي األصل و الحظ تناقضات املشتكية و ان
عناصر الفعل غير قائمة ملتمسا البراءة لفائدة القانون و احتياطيا لفائدة الشك و بعد ان
كان املتهم آخر من تكلم تقرر حجز القضية للمداولة و النطق بالقرار بآخر الجلسة.
وبعد املداولة طبقا للقانون
في الدعوى العمومية :
حيث توبع املتهم من طرف قاض ي التحقيق من اجل ما سطر أعاله.
و حيث نفى املتهم واقعة االغتصاب الناتج عنه افتضاض متبوع بحمل في جميع مراحل
البحث والتحقيق لكن أكد انه سلم رقم هاتفه للمشتكية و ان التقى بها بمدينة الدار
البيضاء.
و حيث اتضح للمحكمة من خالل مناقشة القضية ان الفعل القائم في حق املتهم هو جنحة
التحريض على الدعارة طبقا للفصل 502من القانون الجنائي و ذلك من خالل القرائن
املحيطة بالقضية و املتجلية أساسا فيما صرح به املتهم أمام املحكمة الذي حاول اول االمر
132
ان ينفي معرفته باملشتكية لكنه تراجع عند مواجهته بأقواله السابق وأكد انه التقى بها
بأحد املقاهي بمدينة الدار البيضاء و انه هو من سلمها رقم هاتفه من دون ان يدلل على
السبب املشروع الذي جعله يسلمها رقم هاتفه و ال سبب للقائه بها.
و حيث إن ما بدر منه أوال من تسليم رقم هاتفه لها ثم اللقاء بها بمكان عمومي عبارة عن
مقهى و الحال انه ال عالقة شرعية تجمعهما يعد قرينة على ان ذلك تحريض على الدعارة
تعززه أقوال املشتكية نفسها التي تأكد تعدد اللقاءات بينهما سواء بالواد او بمدينة الدار
البيضاء.
و حيث إن املحكمة و إعماال ملقتضيات الفصل 432من ق م ج ملزمة بإعطاء التكييف
القانوني السليم للوقائع من خالل املناقشات التي تجري أمامها وتبعا لذلك و ملا فصل أعاله
قررت القول بان الفعل الثابت في حق املتهم هو جنحة التحريض على الدعارة طبقا للفصل
502من ق ج و قررت مؤاخذته من اجله.
و حيث لظروف املتهم العائلية و االجتماعية فقد قررت املحكم إعمال مقتضيات الفصل
150من القانون الجنائي في حقه و ذلك باالقتصار على العقوبة الحبسية في حقه فقط.
في الدعوى املدنية التابعة :
و حيث اتضح للمحكمة ان املطالبة بالحق املدني غير محقة في أي تعويض الن الفعل الذي
أدين من اجله املتهم هو جنحة التحريض على الدعارة ال يمكن تصور ضحية له إذ املحرض و
املحرض يتجاوزان مع بعضهما و يقعان معا تحت طائلة الجزاء الجنائي و ال يمكن ألحدهما
الرجوع على اآلخر بالتعويض األمر الذي قررت معه املحكمة القول بعدم قبول مطالبها
املدنية.
لهذه األسباب
تصرح املحكمة علنيا ابتدائيا و حضوريا :
-1في الدعوى العمومية :بمؤاخذة املتهم من اجل جنحة التحريض على الدعارة
طبقا للفصل 502من القانون الجنائي بعد إعادة التكييف و الحكم عليه بستة
()6أشهرحبسا نافذا مع تحميله الصائر و اإلجبارفي األدنى.
-2في الدعوى املدنية التابعة :بعدم قبولها شكال و تحميل رافعها الصائر و اشعر
املتهم بأجل االستئناف.
133
بهذا صدر القرار في اليوم و الشهر و السنة أعاله بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة
االستئناف بورزازات دون ان تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات وهي مؤلفة من السادة
املذكورين أعاله.
اإلمضاء :
الرئيس كاتب الضبط
134
ملحق :2
مناذج
135
النموذج 1
المملكة المغربية
وزارة العدل
محكمة اإلستئناف ب....
المحكمة اإلبتدائية ب ....
136
نموذج 2
المملكة المغربية
وزارة العدل
محكمة اإلستئناف ب....
المحكمة اإلبتدائية ب ....
مكتب التحقيق
محضر مقابلة
بتاريخ...................................................... :
......................................................................................................................... ........
.................................................................................................................................
............................................................................................................................. ....
137
نموذج 3
رقم امللف األصلي2016/7: رقم امللف2017/00: اململكة املغربية
الصادر عن:محكمة االستئناف القضية:الجنايات وزارة العدل
بورزازات المستأنفة عنف ضد محكمة اإلستئناف بورزازات
األطفال سراح
استـدعـاء
للحضور أمام غرفة ........
تنفيذا لقرار حمكمة اإلستئناف بـورزازات نستدعي للمثول أمام هذه احملكمة ابجللسة اليت ستعقدها:
يوم 2016/09/19على الساعة 09:00بقاعة اجللسات 1للنظر يف اجلنح:
)1املتـهـم:
الدفاع اإلسم الكامل
1حافظ حافظ
املتهم ابرتكابه يف الدائرة القضائية هلده حملكمة ومنذ أمد مل متضي عليه مدة التقادم اجلنائي األفعال اآلتية :
الفصول القانونية الفعل/التهمة
جناية هتك عرض اطفال تقل سنهم عن 18
485و 487من القانون الجنائي. 1سنة مع استعمال العنف من شخص له سلطة
عليهم.
138
نموذج 4
نموذج 5
139
قائمة المراجع:
أوال :الكتب
محمد سعيد رمضان البوطي ،ضوابط المصلحة في الشريعة االسالمية ،دار الفكر،
ط 2016 ،10؛
اللجنة الدولية لحقوق اإلنسان :المبادئ الدولية المتعلقة باستقالل ومسؤولية القضاة
والمحامين وممثلي النيابة العامة ،دليل الممارسين رقم 1؛
رؤوف عبيد ،مشكالت االجراءات الجنائية طبعة 3لسنة 1980الجزء 2؛
أنور العمروسي و محمود ربيع خاطر التعليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا
ألحدث قرارات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية ،ج ،1
س 2004؛
شرح قانون المسطرة الجنائية ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية
والقضائية،سلسة المعلومة للجميع ،العدد 6؛
علي محمد سالم و محمد عبد المحسن سعدون ،حماية ضحايا الجريمة في مرحلة
التحقيق اإلبتدائي ،دراسة مقارنة ،جامعة بابل /كلية القانون؛
محمد مؤنس محب الدين ،تعويض ضحايا الجريمة في الشريعة والقانون،ط 1سنة
2012؛
عبد الحق صافي،القانون المدني،ج 1المصدر اإلرادي لإللتزامات :العقد ،الكتاب
األول تكوين العقد ،ط ،1س 2005؛
المختار بن أحمد عطار ،الوسيط في القانون المدني :مصادر اإللتزام،ط ،1س
2002؛
محمد محمود سعيد ،حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية ،دار الفكر
العربي.
أحمد الخمليشي ،شرح قانون المسطرة الجنائية ،ج1؛
140
وزارة العدل المغربية ،شرح قانون المسطرة الجنائية،ج ،1منشورات جمعية نشر
المعلومة القانونية والقضائية ،العدد ،6أبريل .2007
محمد صبحي نجم ،الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية،ط ،1س،2006
عبد الواحد العلمي ،شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية،ج ، 1س ،2010
محمد بفقير "،دراسات قضائية" ،ج،3
محمد عياط ،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية ،ج ،1ط،1س ،1991
عبد الواحد العلمي ،شروح في قانون المسطرة الجنائية الجديد ،ج ،2ط ،3س
،2012
علي سلطاني ،محاضرات في علم النفس الجنائي،جامعة تبسة ،كلية الحقوق
الجزائر،
الحسين بوعيسي ،تحريك الدعوى العمومية من طرف المتضرر عن طريق
اإلستدعاء المباشر،ط ،1
عبد الكريم ذكار،االدعاء المباشر و الشكاية المباشرة في التشريع المغربي؛
رياضي عبد الغاني ،جهاز قاضي التحقيق :اختصاصاته واإلجراءات المسطرية
المطبقة أمامه ،ج ، 1ط ،2007
محمد بفقير ،قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي،ط 3؛
فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي ،اإلدعاء المدني أمام القضاء
الجنائي،ط 1س ،2009
أحمد المهدي وأشرف شافعى :إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على
تحريك الدعوى المباشرة ،ط ،2010
عدنا ن خالد التركماني :اإلجرءات الجنائية اإلسالمية وتطبيقاتها في المملكة العربية
السعودية،أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية ،س ،1999
محمادي لمعكشاوي ،المرافعات في القضايا الجنائية عما وعمال ،ط ،1س 2011؛
141
عمر الموريف ويوسف أيت بها ،دليل اإلجراءات العملية باإلدارة القضائية ،الجزء
،1نشر دار نور ،الطبعة ،1س ،2017
حسن صادق المرصفاوي ،الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية نشر منشأة
المعارف باالسكندرية س ،1989
امحمد لفروجي ،دالئل عملية عدد :5شكليات التقاضي والترافع من خالل قضاء
المجلس األعلى لسنوات ، 2005-2000
أحم د المهدي و أشرف شافعي :إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على
تحريك الدعوى المباشرة ،ط ،2س 2010دار العدالة؛
الدكتور إدوار غالي الذهبي ،حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني ،ط ،3مكتبة
غريب؛
ثالثا :المجالت
مجموعة قرارات محكمة االستئناف بالرباط لسنوات 1938-1937؛
مجموعة اجتهادات المجلس األعلى لسنوات 1965-1957؛
مجلة المحامون العدد 5؛
مجلة دراسات الجامعة األردنية ،العدد 5؛
مجلة القصر العدد 25؛
مجلة القانون المجلد الثامن؛
مجلة القضاء والقانون عدد 59و 60و 61؛
مجلة الندوة عدد 12؛
142
مجلة المحامي العدد 12؛
مجلة الملف العدد 8؛
مجموعة قرارات المجلس األعلى لسنوات 1995-1981؛
نشرة قرارات المجلس محكمة النقض-الغرفة الجنائية العدد 20س .2015
143
الفهرس
مدخل متهيدي6 ....................... ................................ ................................ :
الدعوى املدنية التابعة 6 ............... ................................ ................................
املبحث األول :تعريف الدعوى املدنية التابعة 7 ................................ ................................
المطلب األول :مظاهر إرتباط الدعوى المدنية التابعة بالدعوى العمومية 8.............................
المطلب الثاني :مظاهر إستقالل الدعوى المدنية التابعة عن الدعوى العمومية 8........................
املبحث الثالث :طرفا الدعوى املدنية التابعة 10 ............................ ................................
144
املبحث األول :تقديم الشكاية أمام قاضي التحقيق 26 ....................... ................................
المطلب األول :شروط اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق 29 ..........................................
الفقرة األولى :تقديم الشكاية أمام قاضي التحقيق المختص 29 ........................................
الفقرة الثانية :إيداع مصاريف الدعوى 30 .............................. ................................
الفقرة الثالثة :إبراز الضرر 31 ......................................... ................................
الفقرة الرابعة :تعيين موطن مختار 31 ................................. ................................
المطلب الثاني :إجراءات اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق 32 ........................................
الفقرة األولى :تقييد الدعوى بكتابة الضبط 32 .......................... ................................
الفقرة الثانية :إشعار الوكيل القضائي للمملكة 33 ....................... ................................
الفقرة الثالثة :االستماع إلى المتهم 34 ................................... ................................
الفقرة الرابعة :اإلستماع إلى لمطالب بالحق المدني 34 ................ ................................
الفقرة الخامسة :االستماع إلى الشهود 35 ............................... ................................
الفقرة السادسة :إجراء المواجهة 35 .................................... ................................
الفقرة السابعة :إجراء الخبرة 36 ........................................ ................................
الفقرة الثامنة :تدوين إجراءات التحقيق 36 ............................. ................................
املبحث الثالث :الطعن ضد أوامر قاضي التحقيق من طرف املطالب باحلق املدني 37 ......................
145
الفقرة األولى :أوامر قاضي التحقيق التي يجوز للمطالب بالحق المدني استئنافها 40 .................
الفقرة الثانية :أوامر قاضي التحقيق التي ال يجوز للمطالب بالحق المدني إستئنافها 40 ..............
الفقرة الثالثة :شكليات الطعن باإلستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق وإحالة الملف 41 ................
املبحث الثالث :حق املطالب باحلق املدني يف الطعن ضد قرارات الغرفة اجلنحية 42 ........................
المطلب األول :شروط إختصاص القضاء الزجري بالدعوى المدنية التابعة 51 .........................
الفقرة األولى :وقوع جريمة من المتهم 52 .............................. ................................
الفقرة الثانية :وجود ضرر الحق بالمطالب بالحق المدني 52 ..........................................
الفقرة الثالثة :أن تكون الدعوى العمومية قائمة ومقبولة أمام المحكمة الزجرية المرفوعة إليها 54 ...
المطلب الثاني :آثار قبول الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري 54 .............................
الفقرة األولى :المطالب بالحق المدني طرف في الدعوى 55 ..........................................
الفقرة الثانية :عدم خضوع المطالب المدنية ألداء الرسوم القضائية 55 ................................
الفقرة الثالثة :حقوق الدفاع الخاصة بالمطالب بالحق المدني 58 .......................................
الفقرة الرابعة :إمكانية رفع الدعوى المدنية في سائر مراحل المسطرة إلى غاية اختتام المناقشات
58 ....................................... ................................ ................................
الفقرة الخامسة :تعيين الوكيل الخصوصي 59 .......................... ................................
الفقرة السادسة :الفصل في الدعويين العمومية والمدنية 60 ............................................
الفقرة السابعة :للمطالب بالحق المدني سلوك طرق الطعن 61 .........................................
المطلب الثالث :إجراءات الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري 61 .............................
الفقرة األولى :إستدعاء الطرف المدني 61 ............................. ................................
الفقرة الثانية :إنعقاد الجلسة 67 .......................................... ................................
الفقرة الثالثة :التجريح كحق من حقوق الطرف المدني 68 .............................................
الفقرة الرابعة :اإلستماع إلى المتهم 70 ................................. ................................
الفقرة الخامسة :اإلستماع إلى الطرف المدني 70 ....................... ................................
الفقرة السادسة :اإلستماع إلى الشهود 72 ............................... ................................
146
الفقرة السابعة :االستماع إلى الخبراء 75 ............................... ................................
الفقرة الثامنة :مرافعة المطالب بالحق المدني 76 ....................... ................................
الفقرة التاسعة :مرافعة النيابة العامة 81 ................................ ................................
الفقرة العاشرة :مرافعة المتهم 81 ....................................... ................................
الفقرة الحادية عشر :دور كاتب الضبط بالجلسة 82 .................... ................................
المطلب الرابع :الحكم في الدعوى المدنية التابعة 85 ..................... ................................
الفقرة األولى :حالة الحكم باإلدانة 85 .................................. ................................
الفقرة الثانية :حالة الحكم بسقوط الدعوى العمومية أو باإلعفاء 86 .................................
الفقرة الثالثة :حالة الحكم بالبراءة 87 ................................. ................................
الفقرة الرابعة :تقدير التعويض 87 ..................................... ................................
الفقرة الخامسة :تحميل المصاريف 88 ................................ ................................
الفقرة السادسة :إغفال المحكمة البث في المطالب المدنية 89 ........................................
المطلب الخامس :حق الطرف المدني بالطعن في الدعوى المدنية التابعة 91 ...........................
الفقرة األولى :الطعن بالتعرض 91 ..................................... ................................
المطلب األول :تأثير رفع الدعوى الجنائية على الدعوى المدنية المرفوعة أمام المرجع المدني 110 .
الفقرة األولى :رفع الدعويين أمام الجهة القضائية المختصة 111 .....................................
الفقرة الثانية :إتحاد السبب 112 ......................................... ................................
الفقرة الثالثة :إتحاد األشخاص 112 ..................................... ................................
147
المطلب الثاني :حجية المقرر المدني أمام المرجع الجنائي 112 .........................................
المطلب الثالث :حجية المقرر الجنائي أمام المرجع المدني 113 .........................................
الفقرة األولى :تعريف الحجية 114 ..................................... ................................
الفقرة الثانية :شروط حجية المقرر الجنائي 115 ....................... ................................
ثانيا :أن يكون المقرر صادرا عن محكمة زجرية أو متعلقا بقضية زجرية 116 ...............
148