Professional Documents
Culture Documents
مقياس البيئة
مقياس البيئة
إن قضية التلوث البيئي ليست وليدة اليوم ،ولكنها قديمة ترجع أسبابها بصفة أساسية
إلى إفراط دول العالم المتقدم خصوصًا في استهالك الموارد الطبيعية المختلفة ،سواء
أكانت هذه الموارد متجددة أم غير متجددة ،فالتوسع في إنتاج مصادر الطاقة
األحفورية واستغالل األراضي الزراعية وقطع األخشاب من الغابات ،وكلها مسببات
لزيادة تلوث الهواء والماء والتربة.
ولقد أصبحت مشكلة تلوث البيئة ذات طابع دولي ،فملوثات دولة ما ،ال تقف عند
حدودها السياسية ،بل تعبر وتتخطى آالف األميال لتؤثر في بيئة ورفاهية أبناء
شعوب أخرى.
وتمتد آثار هذا التلوث ألبعد من ذلك؛ فيصل تأثيره السلبي ليفتك باألجيال القادمة
والتي ستجد نفسها في مأزق حقيقي وال تعلم كيفية الخروج منه؛ لذلك كان واجبًا على
هذا الجيل االلتفات إلى هذه القضية ومحاولة فهم تشابكها وتعقدها الشديدين من أجل
حل القضية ،والمحافظة على البيئة وصونها من أجل األجيال الحالية والقادمة على
السواء.
وترجع أهمية دراسة العالقة بين البيئة والتنمية إلى ما أظهرته المؤشرات االقتصادية
المتعارف عليها ،من قصور في تحقيق التنمية المستدامة في دول العالم؛ نظرًا لخلو
مثل هذه المؤشرات من البيانات البيئية ،ومن بيانات تحديد أرصدة الموارد الطبيعية،
وال شك فإن عدم توافر مثل هذه البيانات يؤدي إلى تحقيق آثار سالبة على اقتصاد
هذه الدول ،ولذلك كان من الضروري أخذ كل من البيئة والبعد التنموي في الحسبان
لدى رسم سياسات التنمية االقتصادية بالدولة.
سعت الجزائر منذ مصادقتها على العديد من االتفاقيات الدولية على توفير الحماية
للبيئة لتحقيق الرفاهية لمواطنيها بکرامة وفق متطلبات التنمية المستدامة .على هذا
األساس جعلت قوانينها الوطنية تتماشى مع التزاماتها الدولية وتضمن قمع أي اعتداء
على المحيط الذي يعيش فيه أفراد المجتمع .
إن إستقراء النصوص القانونية المنظمة للبيئة يبين جليا ً إهتمام الدولة منذ بداية األلفية
على تطبيق إعالن األمم المتحدة شهر سبتمبر 0222للتنمية والذي من بين أهدافه
حماية البيئة في معظم الدول المصادقة عليه.
فکان لزاما على الحکومة الجزائرية أن تسن القانون رقم 02-20المؤرخ في 01
يوليو 0220المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة أين حدد المشرع
بموجبه المبادئ األساسية لتسيير البيئة والقواعد الکفيلة بضمان تحسين اإلطار
المعيشي لألفراد .بل أکثر من ذلک وفر المشرع الجزائري من خالل نصوص
قانونية متعددة الحماية الالزمة للبيئة باعتبارها المکان الذي يعيش فيه الفرد وکل ما
يحيط به من موارد طبيعية حيوية وال حيوية کالهواء والجو والماء واألرض وباطنها
والنبات والحيوان بما في ذلک التراث الوراثي وکل أشکال التفاعل ما بينها.
فهناک حماية إدارية والتي يتم بموجبها تحقيق الوقاية المطلوبة لتفادي األخطار
الکبرى المحتملة ،وحماية مدنية لتعويض األضرار الناتجة عن األخطار التي تصيب
األفراد والطبيعة على حد السواء ،وأخيرا حماية جزائية ضد کل إعتداء من شخص
طبيعي أو معنوي يخل بالتزامات حددها القانون أو يرتکب سلوکات مخالفة له .کما
عين الهيئات التي يقع عليها االلتزام بتجسيد هذه الحماية فعليا ً .
تباين الباحثون والقانونيون في وضع تعريف محدد ودقيق للبيئة على اختالف
تخصصاتهم وتشريعاتهم.
-التعريف االصطالحي للبيئة :تباين الباحثون فيما بينهم حول وضع تعريف محدد
ومفهوم يتفق عليه الجميع كمصطلح علمي وعملي لذلك يذهب البعض إلى القول بأن
اصطالح البيئة ال يوجد أحد ال يعرفه من ناحية ،ومن ناحية أخرى فإنه ليس من
السهولة إعطاء تعريف محدد له.
" - 1كلود دوفوسلو و بينرجيمس" " ،إدارة البيئة من أجل جودة الحياة" ترجمة عالء أحمد صالح ،مركز
الخبرات المهنية لإلدارة بميال القاهرة 0222 ،ص .20
2
وعلى هذا األساس تحتوي البيئة وفقا لهذه المفاهيم على عنصرين أساسيين هما:
العنصر الطبيعي :هو العنصر الذي يكون من صنع الخالق ،يتطلب المحافظة عليه
الستمرارية الحياة وقوامه الماء ،الهواء ،الفضاء ،التربة وما عليها من كائنات وغير
ذلك.
العنصر البشري :هو العنصر الذي من صنع اإلنسان في البيئة الطبيعية من مرافق
ومنشآت وإستغالل للموارد الطبيعية من أجل إشباع الحاجيات ،مع أنّه يجب أن
تتالءم مع اعتبارات حماية البيئة والتنمية المستدامة
-2التعريف القانوني للبيئة :وجود اتجاهين بصدد تعريف البيئة :فاالتجاه األول:
(االتجاه الضيق) في هذا المنحى نجد أن المشرع عند تحديده لمعنى البيئة يقصرها
على العناصر الطبيعي ة المكونة للوسط الطبيعي التي تخرج عن تدخل اإلنسان في
وجودها كالماء ،الهواء ،التربة .وهذا اإلتجاه تسلكه بعض التشريعات فقط ،كالتشريع
الفرنسي المتعلق بالمنشآت المصنفة من أجل حماية البيئة طبقا للقانون الصادر في
01يونيو ،0192فحسب هذا القانون البيئة تقتصر على الطبيعة فقط دون أن تمتد
إلى العناصر األخرى
أما اإلتجاه الثاني) :االتجاه الموسع) رؤية المشرع في هذا اإلتجاه للبيئة وتحديد
معناه يكون بشكل موسع فهو يعترف بالبيئة الطبيعية والبيئة المشيدة ،وهو اتجاه
غالبية التشريعات.
فالمشرع الجزائري :بالرجوع إلى المادة 4من القانون 02/20المتعلق بحماية البيئة
في إطار التنمية المستدامة عرف البيئة بأنه "تتكون من الموارد الطبيعية الالحيوية
والحيوية كالهواء ،الجو ،الماء ،األرض ،باطن األرض ،النبات ،والحيوان بما في
2منى قاسم " التلوث البيئي و التنمية االقتصادية" الدار المصرية اللبنانية ( الطبعة الثالثة) القاهرة ، 0119ص
.42
ذلك التراث الوراثي ،وأشكال التفاعل بين هذه المواد ،وكذا األماكن والمناظر
والمعالم الطبيعية".
فالقراءة السطحية للمادة تجعلنا نحكم على المشرع الجزائري بأنه انتهج المنهج
الضيق في تعريفه للبيئة ،وهو نفس المنهج الذي انتهجه المشرع الفرنسي في المادة
األولى من القانون 0192/29/02المتعلقة بحماية الطبيعة بقولها "البيئة مجموعة من
العناصر التي تتمثل في الطبيعة ،الفصائل الحيوانية النباتية ،الهواء ،األرض ،الثروة
المنجمية ،والمظاهر الطبيعية المختلفة".
فالمشرع الجزائري اكتفى بحصر العناصر الطبيعية المكونة للبيئة دون العناصر
التي يتدخل اإلنسان في تشييدها .لكن المتمعن في المصطلح الذي أورده المشرع في
نفس المادة "التراث الوراثي" يجعلنا نتساءل حول ما هو قصد المشرع من مصطلح
التراث الوراثي؟ فكلمة التراث الوراثي يعني بمفهومها البسيط ما خلفته األجيال
السابقة لألجيال الحاضرة ،لكن أي تراث مورث قصده المشرع ،هل هو التراث
الشعبي من عادات وتقاليد وأمثال؟ أم هو التراث الثقافي المادي "اآلثار المشيدة"؟.
لذلك كان على المشرع الجزائري أن يضبط هذا المصطلح بالتراث الثقافي ،والذي
يقصد به التراث المادي والالمادي للنشاط اإلنساني.
فالمشرع الجزائري بهذا المنحى يوسع من مفهوم ومدلول البيئة ،ويتجاوز بذلك
وجود التناقض بين هذه المادة وغيرها من النصوص القانونية األخرى التي تهدف
إلى حماية العناصر الطبيعية واالصطناعية على حد سواء ،وما جاءت به الفقرة ،8
1من المادة 24ويتجانس مع مفهوم المنشأة المصنفة ومقتضيات الحماية الواردة
في المادة 08من نفس القانون .ويساير المنهج الذي أخذ به المشرع المصري في
تحديده لمعنى البيئة ،إال ّ
أن المشرع المصري كان أكثر دقة ووضوح.
لذلك ما يمكن قوله أن تعريف البيئة في المجال القانوني يأخذ في اإلعتبار
العناصر التي تشملها هذه األخيرة ،والتي تكون كقيمة اجتماعية في ذهن رجل
الشارع ،وفي وجدان المشرع والتي عبر عنها بوجوب حمايتها قانونيا ،سواء تمثلت
هذه الحماية من خالل قوانين خاصة تحضر النيل من هذه العناصر وتقرير الجزاء
بشأنها ،أو من خالل نصوص القانون العام للمسؤولية التي توجب االمتناع عن إتيان
أي فعل من شأنه األضرار بقيمة يسعى النظام القانوني للحفاظ عليها ،وعلى ضوء
ذلك يمكن تعريف البيئة بأنها ذلك اإلطار الطبيعي الذي يستوعب اإلنسان والحيوان
والنبات والعوامل الطبيعية للمحافظة على هذه الكائنات وعناصر تقدمها والمحافظة
عليها من خالل توازن بينها نحو حياة أفضل وبقاء لها ،والتي تحرص النظم
3
القانونية على الحفاظ عليها.
وقد عرف برنامج األمم المتحدة البيئة ،بأنها "مجموعة الموارد الطبيعية واالجتماعية
المتاحة في وقت معين من أجل إشباع الحاجات اإلنسانية ".
أو " هي اإلطار الذي يحيا فيه اإلنسان مع غيره من الكائنات الحية بما يضمه من
مكونات فيزيائية وكيميائية وبيولوجية واجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية،
4
ويحصل منها على مقومات حياته "
5
- عناصر البيئة :تتكون البيئة من عنصرين:
-1العناصر الطبيعية:
الماء :هو من أهم العناصر البيئية فأهميته القصوى تتجلى في أنه مرادف للحياة،
فهو مكون من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين ،يوجد في األرض على ثالث حاالت
3صالح عصفور " الموارد الطبيعية و اقتصاديات نفاذها" سلسلة جسر التنمية المهتمة بقضايا التنمية ،تصدر
عن العهد العربي للتخطيط بالكويت ،الكويت العدد 0224 ، 02ص .2
4مصطفة بابكر " السياسات البيئية " سلسلة جسر التنمية المهتمة بقضايا التنمية تصدر عن المعهد العربي
للتخطيط بالكويت ،العدد 02جانفي 0224ص .02
5عديل على أبو طاحون ،إدارة وتنمية الموارد البشرية والطبيعية ،مصر ، 0220ص .09
سائ لة ،غازية ،صلبة ومن خصائصه أنه شفاف ال لون له وال طعم وال رائحة له
وهذا أمر مهم في تحديد ما إذا كان قد تعرض لفعل التلوث أم هي حاالت تغير أحد
هذه الخصائص.
الهواء :هو مجموع الغازات التي تشكل المجال الحيوي لألرض ويحيط باألرض
غلى ارتفاع 882كلم حيث توجد في الغالف الجوي 4طبقات مختلفة السمك،
ويتكون الهواء من %98غاز نيتروجين و %00أكسجين وبعض الغازات منها ثاني
أكسيد الكربون.
التربة :هي الطبقة السطحية التي تغطي القشرة األرضية تتكون مواد صخرية ومفتتة
كما أن باطن األرض هو محل حماية قانونية ألن له دور في الحفاظ على التنوع
البيولوجي والنظام االيكولوجي والحفاظ على الطاقات غير المتجددة.
الحيوان :والتي لها أهمية قصوى من الناحية االقتصادية هي عبارة عن أموال ،ومن
الناحية الغذائية هو عنصر مغذي ومن ناحية ايكولوجية يساهم في التنوع البيولوجي.
العمران والمنشآت :المبنى والبناء هو ما يشمل مكان به بناء مثل :المنزل ،المسجد،
فندق فإضافة هذا الماكن إلى البيئة يجب أن يكون وفق شروط مالئمة يراعى منها
النسق البيئي بحيث ال يساهم في التدهور البيئي.
اآلثار" :من األعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني والعناصر أو
التكوين ذات الصفة األثرية والنقوش والكهوف ومجموعة المعالم التي لها جميعا قيمة
عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم" عرفت اتفاقية باريس سنة
0192لحماية اآلثار في المادة 0
ثانيا :تعريف التنمية اإلنسانية المستدامة
لقد تطور مفهوم التنمية مع تطور البعد البشري في الفكر اإلقتصادي السائد حيث
خالل الخمسينيات اهتم بمسائل الرفاه اإلجتماعي لينتقل خالل الستينيات إلى اإلهتمام
بالتعليم والتدريب ثم خالل السبعينيات إلى التركيز على تخفيف حدة الفقر وتأمين
الحاجات األساسية للبشر غير أنه خالل الثمانينيات نجد إغفال الجانب البشري حيث
تم التركيز على سياسة التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي ،ومع بداية التسعينيات
بادر برنامج األمم المتحدة إلى إعادة الجــــانب البري فـــــــي التنمية وفي هذا
السياق خالل التسعينيات شهد مفهوم التنمية عدة تطورات فقد ظهر مفهوم التنمية
البشريــة ليتحول فيما بعد إلى التنمية المستدامة.
وضعت العديد من التعريفات للتنمية المستدامة وبطرق مختلفة ولكن يستند التعريف
الشائع المستخدم على نطاق واسع إلى تقرير '' مستقبلنا المشترك'' الذي نشر أثناء
عقد لجنة بروتنالند عام 0189والذي نص بشكل أساسي على '' أن التنمية
المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة األجيال
المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة .أما اللجنة العالمية للتنمية المستدامة فقد عرفتا
على أنها '' التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المجازفة بموارد أجيال
المستقبل.
فهذا المفهوم الجديد يهدف إلى تحسين نوعية حياة اإلنسان من منطلق العيش في
إطار القدرة االستيعابية للبيئة المحيطة أي من منطلق االهتمام بالبيئة الذي هو
األساس الصلب لتنمية بجميع جوانبها ويجسد العالقة بين النشاط االقتصادي
واستخدامه للموارد الطبيعية في العملية اإلنتاجية عن طريق الرشادة البيئية التي تقوم
6
على استدامة وسالمة الموارد الطبيعية.
التنمية – في مفهومها العام – فتهدف أساسًا إلى إشباع الحاجات وتحقيق الطموحات
للبشر ،ومن ثم فهناك مستويان يمكن على أساسهما اعتبار التنمية هدفًا ،أولهما هو
القضاء على الفقر ،وثانيهما هو تحقيق نوعية للحياة أعلى من مجرد العيش في
الظروف التي تستجيب لحقوق اإلنسان في حياة كريمة فحسب.
وتعتبر التنمية إحدى الوسائل لالرتقاء باإلنسان ،ولكن ما حدث هو العكس تما ًما،
حيث أصبحت التنمية هي إحدى الوسائاللتي ساهمت في استنفاذ موارد البيئة ،وإيقاع
الضرر بها ،بل وإحداث التلوث فيها.
فمثل هذه التنمية يمكننا وصفها بأنها تنمية تفيـداالقتصاد أكثـر من البيئة أو اإلنسان
فهي " تنمية اقتصادية " وليست " تنمية بيئية" تستفيد من موارد البيئة وتسخرها
لخدمة االقتصاد مما أدى إلى بروز مشكالت كثيرة.
لو أن الحياة تسير طبيعيًا بدون التدخل المكثف لإلنسان في استغالل موارده بهدف
زيادة إنتاجيتها وتسهيل سبل الحياة وزيادة مستويات الرفاهية ،لتناقصت المخاطر
التي ترتبط بهذه المشكالت ،وأصبحت البيئة قادرة على امتصاص آثار تدهورها
وتلوثها التي تصاحب الكثير من المشروعات االقتصادية ،لكن زيادة معدالت التنمية
وعدم قناعة السكان بالحد األدنى من السلع والخدمات بجانب الزيادة السكانية
المضطردة ،كل هذا يؤدي إلى زيادة معدالت تراكم النفايات ( الصلبة ،السائلة،
الغازية ) أكثر مما تستطيع البيئة أو المحيط الحيوي لألرض امتصاصه مباشرة.
6عصام الحناوي ،قضايا البيئة والتنمية ،سلسلة مكتبة مصر ، 0220منتدى العامل الثالث ،القاهرة مصر0222
،ص . 00 -00
واألمثلة على ذلك تأثير احتراق الوقود الحفري في الهواء بما ينفثه من عوادم ضارة
بالصحة ،وأيضًا سوء تخصيص الموارد واستخدامها بطريقة مباشرة يؤدي إلى
تدهور البيئة باستنزاف بعض الموارد ونضوب األخرى ،ويقلل من إنتاجية األرض،
وزيادة التصحر على حساب التربة الخصبة ،ويؤثر سلبيًا في الحياة البرية كما
يتسبب في تدهور الموارد العامة للسكان على سطح األرض.
أي أن العالقة بين البيئة والتنمية قوية وال تقتصر على اإلنتاج واالستهالك ،وإنما
تأخذ بعدًا آخر يتمثل في إعادة توزيع الدخل والذي غالبًا ما يكون من الفقراء إلى
األغنياء ألن األخيرين هم القائمون على إنشاء مشروعات التنمية التي تلوث البيئة،
وال يعني هذا أن الفقراء ال يلوثون البيئة ،فاألحياء الفقيرة هي دائ ًما مصدر تلوث بل
وبؤرة من بؤره.
ففي الدول النامية نجد أن السكان ( الفقراء ) ال يحسنون استخدام الموارد المتاحة
لهم مثل التربة التي ينهكونها باتباع سياسات زراعية بدورات زراعية غير مدروسة،
وكذا الغابات التي يقطعونها قطعًا جائرًا والمراعي التي يرعونها بطريقة جائرة
أيضًا.
كذلك فإن تحقيق بيئة خالية من التلوث يؤدي إلى تحقيق ما يسمى بالتنمية
المستدامة Sustainable Developmentفلقد أكد " مؤتمر استوكهولم " الذي
عقد في عام 0190على ضرورة الربط بين البيئة والتنمية ،كما أوصى " مؤتمر
ريودي جانيرو " والذي عقد عام 0110بضرورة االهتمام باألراضي كمورد
طبيعي يحقق التنمية في إطار األهداف الخاصة بالبيئة والحفاظ عليها.
في عام ،0189صدر التقرير الهام للجنة العالمية للبيئة والتنمية بعنوان "مستقبلنا
المشترك" حيث ركزت فصوله المتعددة على فكرة التنمية المستدامة ودور المجتمع
الدولي في تحقيق هذه التنمية ،حماية البيئة من ناحية ،وحفاظًا على مستقبل األجيال
القادمة من ناحية أخرى ،وفي إطار هذه األهداف عرف التقرير التنمية المستدامة
بأنها:
" التنمية التي تستجيب إلشباع حاجات الحاضر دون التضحية بإمكانية إشباع
الحاجات المتعلقة باألجيال القادمة في المستقبل ".
وفي الوقت الحالي فإن الحاجات الضرورية للسكان في الدول النامية لم تشبع بعد،
وفوق كل ذلك فإن هؤالء السكان يطمحون – وهذا حق لهم – في تحسين نوعية
حياتهم ،وفي عالم يسيطر فيه الفقر وانعدام العدالة ،فإن ذلك يعني إحداثًا ألزمات
إيكولوجية وغير إيكولوجية.
وهنا فإن التنمية المستدامة تعني إشباعًا للحاجات الضرورية للجميع ،وكذلك إشباعًا
7
لطموحاتهم في حياة ذات نوعية أفضل وأحسن.
التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق التوافق والتكامل بين البيئة والتنمية من خالل
ثالثة أنظمة أو ركاز أو أبعاد هي نظام حيوي للموارد ،نظام اقتصادي و نظام
8
اجتماعي:
7عله مراد .البيئة و التنمية المستدامة ...التصور و المضمون .جامعة زيان عاشور .الجلفة .د.ت .ص .0
8الرزقي كتاف و نهائلي حفيظة .البيئة و التنمية المستدامة بين الرفاهية االجتماعية و الحماية القانونية .جامعة
محمد لمين دباغين سطيف .جامعة عاشور زيان الجلفة .مجلة الباحث للعلوم الرياضية و االجتماعية .العدد .24
د.ت .ص .001
* المحافظة على المياه السطحية والجوفية وموارد المياه العذبة بما يضمن إمداد كاف
ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية.
*حماية المناخ من االحتباس الحراري بما يكفل عدم تغير أنماط سقوط األمطار
والغطاء النباتي وزيادة سطح البحر وزيادة األشعة فوق البنفسجية هذا بغرض زيادة
فرص األجيال المقبلة للمحافظة على استقرار المناخ والنظم الجغرافية والبيولوجية
والفيزيائية
البعد االقتصادي للتنمية المستدامة :يعني القدرة على تحقيق معادلة التوازن بين
اال ستهالل واإلنتاج لتحقيق التنمية المنشودة التي تهدف إلى تحسين المستمر من
نوعية الحياة ،القضاء على الفقر بين فئات المجتمع و المشاركة العادلة في تحقيق
المكاسب المتنوعة للجميع ،وتحسين إنتاجية الفقراء وتبني أنماط إنتاجية وإستهالكية
مستحدثة واإلنشباط في األساليب والسلوكيات الحياتية.
كتغير أسلوب اإلنتاج بتغير مدخالته (المصادر الطبيعية ) حيث تعتبر المدخالت احد
اإلصالحات األساسية المطلوبة إلدراج حامية النظام الطبيعي ضمن االقتصاد الكلي
مثل التحول من استخدام الوقود األحفوري ( النفط) إلى استخدام الطاقات المتجددة.
البعد اإلجتماعي للتنمية المستدامة :يشير هذا البعد على العالقة الموجودة بين
الطبيعة والبشر وغلى النهوض برفاهة الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات
الصحية والتعليمية األساسية والوفاء بالحد األدنى من معايير األمن واحترام حقوق
اإلنسان.
فالتنمية المستدامة تعتمد على مشاركة جميع األفراد المجتمع لذلك يمكن القول بأنها
تنمية الناس من اجل الناس وبواسطة الناس كما وسبق القول عند الحديث عن تعريف
التنمية البشرية .
التنمية المستدامة تعالج اإلنصاف داخل الجيل الواحد ومابين األجيال مما يمكن
األجيال الحاضرة والمقبلة من توظيف قدراتها الممكنة أفضل توظيف مع مراعاة
عدم تجاهل التوزيع الفعلي للفرص إذا يكون من الغريب االنشغال البالغ برفاه
األجيال المقبلة بينما نتجاهل محنة الفقراء الموجودين.
9
وقد اختلفت اآلراء حول العالقة بين البيئة والتنمية منها:
·الوقائيون :الذين يرون عدم التضحية بأي قدر من تلوث البيئة أو تدهورها من أجل
التنمية بل يجب المحافظة على البيئة كما هي ،وأن مسئولية أي جيل أن يسلمها
لألجيال القادمة دون تبديل أو تعديل يؤثر سلبًا عليها.
· وهناك المحافظون :يؤكدون على ضرورة المحافظة على البيئة ،وان كان البد من
استخدامها للتنمية فيجب أن يتم ذلك بطريقة انتقائية ،وخرج من هذا الفريق ما يعرف
بالخضر الذين يمزجون في رؤيتهم بين الوقائيين والمحافظين.
·االقتصاديون :الذين يرون أنه ال يمكن منع التلوث نهائيًا ،إذ إنه بعد مرحلة معينة
فإن تكاليف إزالة المزيد من التلوث ستفوق عائداته.
·االستغالليون :ويرون ضرورة مواصلة عمليات التنمية بال تحفظ ألن البيئة قادرة
على امتصاص التلوث ،وعلى تصحيح التدهور تلقائيًا ،وإن عجزت عن ذلك فإن
التقنية الحديثة تستطيع معالجتها كما أن "التقنية الحديثة" كفيلة باستخدام موارد جديدة
للسكان الجدد ،والذين كانوا دائ ًما أفضل حاالً من األجيال التي سبقتهم ،لذلك ال يرون
داعيًا لوقف عمليات التنمية ،أو حتى تقليصها من أجل المحافظة على البيئة
وحمايتها.
9اسالم جمال الدين شوقي .جدلية البيئة و التنمية .المجلة االلكترونية افاق البيئة و التنمية .العدد 12.مصر.
.0202
وبعد استعراض اآلراء المختلفة عن العالقة بين البيئة والتنمية ،فإننا نميل لوجهة
نظر المحافظين والوقائيين في الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث ألنه يقع على
عاتقنا مسئولية تسليمها لألجيال القادمة دون تبديل أو تعديل يؤثر سلبًا عليها.
من كل ما تقدم ،يمكن القول إن العالقة بين البيئة والتنمية عالقة وثيقة :فالبيئة هي
اإلطار الذي يعيش فيه اإلنسان ويحصل منه على مقومات حياته وإشباع حاجاته،
وهذا اإلشب اع للحاجات يتحقق من خالل استغالل موارد البيئة في إطار ما يسمى
بعملية التنمية ،وهذه العملية تحمل معنى أكثر اتساعًا وشموالً من معنى النمو
االقتصادي الذي يعتبر نتيجة لجهود التنمية.
ومع سعي اإلنسان الدائم نحو مزيد من إشباع حاجاته من خالل رفع معدالت النمو
االقتصادي في مختلف األنشطة االقتصادية واالجتماعية ،أحدث اإلنسان إخالالً
بالتوازن البيئي تمثلت مظاهره في التلوث البيئي والتصحر وتغير المناخ وفقد التنوع
اإلحيائي ...إلخ.
وقد أصبح ضروريًا لمواجهة ذلك ،وحفاظًا على استمرار إشباع حاجات الحاضر
دون التضحية بإمكانية وقدرة موارد البيئة على إشباع حاجات المستقبل ،أن تدخل
االعتبارات البيئية في قلب الجهود الموجهة للتنمية ،وأن يسفر ذلك عن مفهوم جديد
10
للتنمية والنمو االقتصادي ،هو المفهوم الذي تتضمنه " فكرة التنمية المستدامة ".
10عاال الخواجة ،اإلطار المؤسسي لسياسة البيئة ،مركز الدراسات والبحوث ،جامعة القاهرة ،العدد0220 ، 0
،ص .082 – 084
المحور الثاني :انواع قوانين البيئة
إن األهمية البالغة التي أصبح يحضى بها القانون البيئي في المجال الدولي والداخلي
حتمت عليه أخذ منحنيات جديدة في إطار اختصاصاته ،وعلى هذا األساس نتج والدة
فروع جديدة للقانون البيئي ،وكل فرع من هذه الفروع يهدف الى تحقيق االستدامة
البيئية والحد من العوامل والمؤثرات المضرة بالبيئة.
11
وسنتناول في هذا المجال مجموعة من فروع قانون البيئة:
ان االهتمام الدولي بالبيئة العالمية حتم على المجتمع الدولي الدفاع عن
الطبيعة من خالل المحاوالت الجادة بداية من القرن التاسع عشر ،إذ بدأ االهتمام
بتنظيم المجاري المائية و األنهار والبحيرات خاصة مع إبرام معاهدة باريس سنة
0804والتي احتوت على المبادئ القانونية التي تنظم استخدام مياه نهر الراين بين
الدول التي يمر بها.
ونتيجة لجهود المنظمات الدولية الفاعلة في مجال حماية البيئة بعقدها لمؤتمرات
دولية وإقليمية متعددة نشأ القانون الدولي للبيئة وهو فرع من فروع القانون الدولي
العام الذي يشمل على مجموعة من القواعد القانونية االتفاقية والعرفية التي تنظم
وتضبط سلوك أشخاص المجتمع الدولي ،بهدف حماية البيئة العالمية من ماء و هواء
ومناخ وحيوانات وطيور من المخاطر المحدقة بها نتيجة للتطورالعلمي والتكنلوجي.
11سالفة طارق عبد الكريم الشعالن ،الحماية المدنية الدولية للبيئة ،منشورات الحلبي بيروت لبنان ،الطبعة
األولى .0202 ،ص.02
عرفه الفقه بأنه تلك المعايير والقوانين المنصوص عليها من قبل النظام
القانوني الدولي والتي تتولى عملية التغيرات البيئية بشكل مباشر ،أو غير مباشر
التي يتسبب فيها النشاط البشري بشرط اقرار المجتمع الدولي بأنها ذات تأثير ضار
على البيئة.
يقوم هذا القانون على مجموعة من القواعد القانونية التي تجد مصادرها في
المعاهدات واالتفاقيات الدولية اضافة الى العرف الدولي ،والمبادئ العامة للقانون ،
وقرارات القضاء الدولي في مجال حماية البيئة ،وتحديد المسؤولية الدولية عن
تلوثها.
تمتاز قواعد القانون الدولي للبيئة مقارنة مع الفروع األخرى للقانون الدولي
بحداثتها ،وذلك بسبب إهتمام المجتمع الدولي بالقضايا البيئية مؤخرا نتيجة
لالنتهاكات المتكررة عليها بسبب التقدم الصناعي وظهور مشاكل بيئية خطيرة مثل
االحتباس الحراري وتغير المناخ ،ومشكلة تلوث المياه ونفوق الحيوانات واالسماك.
و قانون حماية البيئة هو القانون الذي يحدد بشكل واضح اإلطار القانوني العام الذي
يسعى إلى تنفيذ سياسات خاصة بحماية البيئة الوطنية في الدول ،بهدف الوقوف في
وجه التحديات الكبيرة التي تؤثر سلبا ً بشكل كبير على صحة الحياة البشرية ،وذلك
من خالل دراسة التدهور والتلوث الذي تتعرض له ،واألسباب التي تقف وراء ذلك،
وكذلك إيجاد السبل التي من شأنها أن تعزز االستغالل األمثل للموارد الطبيعية
والبشرية المتاحة ،والتي من شأنها أن تؤمن الحياة الطبيعية والصحية للبشر ،وأن
تحقق االستقرار البيئي .وينص هذا القانون بشكل رئيس على أن هناك حقا ً طبيعيا ً
لكل إنسان بأن يعيش في بيئة سليمة وصحية ومستقرة ،خالية من كافة المؤثرات
الضارة على صحته ،والتي تشكل خطراً حقيقيا ً على حياته.
ويعرف القانون الجنائي للبيئة بأنه القانون الذي يهتم بدراسة الظاهرة اإلجرامية
التي تشكل اعتداء غير مشروع على البيئة ،كما يهتم هذا القانون ببيان العقوبات
المقررة لألعمال الغير مشروعة التي تمس بالبيئة وبجماليتها.
أو هو مجموعة القواعد القانونية الموضوعية واإلجرائية المقررة لحماية البيئة سواء
على المستوى الدولي من خالل المعاهدات واالتفاقيات الدولية أو على المستوى
الداخلي من خالل القوانين و المراسيم والتنظيمات الداخلية وتهدف كل هذه القواعد
إلى التصدي لالنتهاكات على البيئة وذلك بسن مجموعة من العقوبات على مرتكبي
الجرائم البيئية.
القانون اإلداري بشكل عام هو ذلك القانون الذي يخاطب اإلدارة ،بمعنى أنه
يستمد قواعده من السلطات اإلدارية في الدولة ويحدد االختصاصات التي تمارسها
كل هيئة إدارية ويحدد األحكام تعاملها مع األفراد.
أما القانون اإلداري للبيئة فهو فرع من فروع القانون اإلداري يتشكل من مجموعة
القواعد القانونية واللوائح و القرارات الصادرة عن الجهات المعنية في الدولة،
والهدف الرئيسي من هذا القانون هو تنظيم الهيئات و المؤسسات اإلدارية البيئية ،
كما يحد هذا القانون صالحيات و أنشطة المؤسسات البيئية ومسؤوليتها إزاء حماية
البيئة .
كما يهدف هذا القانون إلى المحافظة على الثروات الطبيعية ،وحماية البيئة البشرية
،والتصدي لجميع أشكال التلوث .ويأخذ القانون اإلداري للبيئة مجموعة كبيرة من
المجاالت المختلطة من خالل قانون الصحة وقانون تسيير النفايات و قانون التهيئة
12
والتعمير ،وقانون الغابات و قوانين أخرى.
12محمد عبد الفتاح سماح ،التنظيم القانوني لحماية البيئة ،رسالة ماجستير ،المركز الجامعي الدكتور موالي
الطاهر .0229 ،ص .0
المحور الثالث :اإلطار القانوني للبيئة في
التشريع الجزائري
وکذا إحداث أي تلوث جوي 16بإدخال أي مواد بصفة مباشرة أو غير مباشرة يتم
بموجبها تشکيل الخطر يمس الصحة البشرية ،يؤثر على التغيرات المناخية أو
طبقات األوزون ،يهدد األمن العمومي ،يزعج السکان ،يفرز روائح کريهة ،يضر
باإلنتاج الزراعي بتشويه النباتات ،المساس بطابع المواقع وإتالف ممتلکات المادية.
13المادتين 9و 8من القانون رقم 02-20المؤرخ في 01يوليو 0220المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية
المستدامة
14المواد من 02الى 08من القانون رقم 20-02السالف الذکر
15المادة 42من قانون رقم 02-20السالف الذکر.
16المادة 44من قانون رقم 02-20السالف الذکر.
على هذا األساس أخضع القانون عمليات البناء لعمارات أو مؤسسات إلى احترام
مقتضيات حماية البيئة وتفادي إحداث ثلوت جوي ،ومن ثم على المتسبب في انبعاث
مواد تلوث الجو وتشکل تهديد لألشخاص والبيئة القيام باتخاذ التدابير الالزمة
إلزالتها أو تقليصها .کما يستوجب على الوحدات الصناعية الکف عن استعمال مواد
تضر بطبقة األزون.
وتجدر المالحظة أن التشريع الجزائري وفر الحماية للمياه العذبة 17بمنع صب أو
طرح المياه المستعملة أو رمي النفايات أي کانت طبيعتها إلعادة تزويد طبقات المياه
الجوفية.
وفي هذا الصدد منع أي صب بمياه البحر 18أو غمر أو ترميد لمواد من شانها
اإلضرار بالصحة العمومية واألنظمة البيئية البحرية أو تلک التي تعرقل األنشطة
البحرية من مالحة وصيد بحري فتقلل من القيمة الترفيهية والجمالية للبحار
والمناطق الساحلية .
غير أنه يجوز لوزير البيئة بعد إجراء تحقيق عمومي 19اقتراح تنظيمات وتراخيص
بالصب أو الغمر أو الترميد ضمن شروط تسمح بعدم إحداث ضرر وحدوث خطر
وال تطبق إال في حاالت القوة القاهرة الناجمة عن تقلبات جوية أو عندما تتعرض
للخطر حياة البشر أو السفن أو الطائرة .فکل عمليات شحن للمواد والنفايات تشترط
ترخيص من وزير البيئة وتسمى تراخيص غمر.
بينما في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاضعة للفضاء الجزائري 20لکل
سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أو خطيرة أو
محروقات من شأنها إن تشکل خطر کبير ال يمکن دفعه يشکل خطر للساحل أو
وفي نفس المطاف اهتم أيضا بحماية األرض وباطنها إذ تخضع عمليات استغالل
باطن األرض لمبدأ العقالنية ، 23فالبد حمايتها من التصحر واالنجراف .وضرورة
توافر شروط استخدام األسمدة والمواد الکيماوية في األشغال الفالحية ،مع ضمان
المحافظة على التنوع البيولوجي في األوساط الصحراوية والنظام االيکولوجي.
ولم يهمل المشرع الجزائري اإلطار المعيشي للمواطن الجزائري بحماية البيئة أثناء
القيام بأعمال العمران ،الحفاظ على الغابات الصغيرة ،الحدائق العمومية ،المساحات
الترفيهية وکل مساحة ذات منفعة عامة تساهم في تحسين مستوى معيشي لإلنسان.
کما أکد على حماية األشخاص والبيئة من أضرار المواد الکيماوية وأضرار
السمعية.
* ومن ثم يعاقب بغرامة مالية تقدر مابين عشرة آالف دج إلى مئة ألف دج.
کما يجدر القول أن المشرع أضاف سلوکات أخرى يالحق بموجبها المخالف في
نص المادة 80ذاتها وبالعقوبات نفسها تتمثل في:
* استغالل بدون ترخيص مؤسسة لتربية الحيوانات غير اليفة لبيعها اوضمان
عبورها.
* حيازة حيوانات اليفة او متوحشة اوداجنة بدون احترام قواعد مراعاة حقوق
الغيرومستلزمات الصحة واالمن والنظافة.
يتابع کل شخص أحدث ثلوت جوي 29حسب ماحددته المواد42و 42بغرامة مالية من
خمسة أالف دج إلى خمسة عشر ألف دج وفي هذا الصدد يمکن للقاضي 30أن يحدد
األجل النجاز األشغال وأعمال التهيئة التي تقلل من التلوث الجوي على نفقة
المحکوم عليه وکذا تحديد ميعاد امتثال لتنفيذها .أو يحکم القاضي بمنع استعمال
المنشآت المتسببة في التلوث إلى حين انجاز األعمال واألشغال أو تنفيذ االلتزامات.
کما أن المشرع 31ا ضاف إمکانية تطبيق المخالفات التي نص عليها قانون المرور
المتعلقة بالتلوث الناتج عن المرکبات.
أوکلت الحکومة مهمة توفير الحماية الوطنية للبيئة لوزارة البيئة والطاقة المتجددة
باالشتراک مع قطاعات وزارية أخرى مهتمة کوزارة الداخلية والجماعات المحلية
وتهيئة اإلقليم ،وزارة السياحة ،وزارة السکن والعمران والمدينة ،وزارة الصناعة
والمناجم ،وزارة العدل .لکن المجهودات التي بذلتها هذه الهيئات حتى وان کانت
هامة إال أنها استدعت ظهور مؤسسات عمومية إدارية:
وفي نفس السياق عملت الجزائر منذ نيلها االستقالل إلى يومنا هذا على المصادقة
على العديد من االتفاقيات الدولية واإلقليمية المتعلقة بالبيئة ،والتي جعلتها تتماشى
مع تشريعاتها الوطنية حتى تؤکد على تنفيذها اللتزاماتها داخليا وخارجيا .کما أنها
سعت بالتعاون مع دول أخرى ومازالت تسعى على توفير حماية دولية مشترکة
32
بالتشاور وتقديم الخبرات والتکنولوجيات الجديدة المستخدمة ميدانيا.
32حميدى فاطمــة .واقع حماية البيئة في القانون الجزائري .جامعة مستغانم -الجزائر.0208.ص .02-0
المحور الرابع :المفهوم القانوني للتلوث
وجب تحديد تعريف التلوث من مختلف الجوانب على النحو التالي :
ويراد به التلطيخ والخلط ،إذ يقال لوث ثيابه بالطين بمعنى لطخها ،ويقال لوث الماء
33
بمعنى كدره.
وتدل أيضا على الفساد والنجس وفعلها لوث يعني لوث الشيء تلويثا أي دنسه .
33محمد بن يعقوب .القامومس المحيط للفيروزابادي ،دار الحديث القاهرة .0200.ص 082
34عارف صالح مخلف ،االدارة البيئية :الحماية االدارية للبيئة ،دار الحسان .0229 .ص 48
35منصور مجاجي " ،المدلول العلمي والمفهوم القانوني للتلوث البيئي " ،مجلة المفكر ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة محمد خيضر ،بسكرة ،العدد ، 2ص 020
ثانيا :التعريف القانوني للتلوث:
يعد مصطلح التلوث من المصطلحات واأللفاظ الحديثة التي دخلت عالم القانون ،لذا
يصعب على المشرعين والفقه القانوني إيراد تعريف جامع مانع له ،بحيث يتم من
خالله معالجة دقيقة لماهية التلوث ،وذلك بسبب تعدد أسبابه وتشابك آثاره وتداخله
بحيث تغطي إلى حد كبير جميع مجاالت الحياة البشرية .
وعليه سوف يتم التعرض لتعريف التلوث من النواحي القانونية التالية :
-االتفاقيات الدولية :العديد منها حرصت على إدراج تعريف التلوث ضمنها
بحسب الموضوع الذي تعالجه ،ومن أهمها االتفاقية الدولية لحماية الغالف الجوي
عبر الحدود (المسافات الطويلة ) المنعقدة في جنيف يوم 0191/00/00والتي
عرفت التلوث في المادة 0/0منها بأنه " :كل ما ينبعث في الفضاء بواسطة اإلنسان
،بشكل مباشر أو غير مباشر ،من مواد أو طاقة ذات أثر ضار بصحة اإلنسان ،أو
تسبب أضرارا للموارد البيولوجية أو البيئية ،أو تؤدي إلى إتالف الممتلكات
المادية ،أو تسيء بأي صورة من الصور لالستخدام األمثل للبيئة ،وبحيث يصدق
36
على هذا االنبعاث عبارة تلوث الهواء ".
36أحمد محمد حشيش ،المفهوم القانوني للبيئة في ضوء مبدأ أسلمة القانون المعاصر ،دار الكتب القانونية .
.0228ص 002
" التلوث :كل تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة ،يتسبب فيه كل فعل يحدث أو قد
يحدث وضعية مضرة بالصحة وسالمة اإلنسان والنبات والحيوان والهواء والجو
والماء واألرض والممتلكات الجماعية والفردية ".
أوضح الدكتور ماجد راغب الحلو أنه يقصد بالتلوث اصطالحا وجود أي مادة أو
طاقة في البيئة الطبيعية بغير كيفيتها ،أو في غير مكانها أو زمانها ،بما من شأنه
37
اإلضرار بالكائنات الحية أو باإلنسان في أمنه أو صحته أو راحته .
في حين أفاد األستاذ علي عدنان الفيل بأن تلوث البيئة يشمل البر والبحر وطبقة
الهواء التي فوقها ،وهو عبارة عن التغييرات التي تحدث فيها كليا أو جزئيا نتيجة
ألنشطة اإلنسان .هذه األنشطة تحدث تغييرات مباشرة وغير مباشرة في المكونات
الطبيعية والكيميائية والبيولوجية للبيئة ،مما يتمخض عنه ارتجاج في التوازن
الطبيعي الموجود بين العناصر الثالثة ،األرض والماء والهواء .كما أن التلوث قد
يأخذ طابعا آخر له ت أثيره السلبي كذلك على الجهاز العصبي لإلنسان وسائر الكائنات
38
الحية ،مثل الزيادة في الضوضاء والضوء.
37ماجد راغب الحلو ،القانون االداري ،دار المطبوعات الجامعية .0202 .ص .40-42
38علي عدنان الفيل .شرح التلوث البيئي في قوانين حماية البيئة العربية .0200 ،ص 02
الخاتمة
أن استنزاف الموارد البيئية الطبيعية والتي تعتبر ضرورة ألي نشاط اقتصادي
ضارة:على التنمية واالقتصاد ،لهذا فإن أول بند في تحديد مفهومها
سيكون له آثاراالخاتمة
هو محاولة الموازنة في النظام االقتصادي والنظام البيئي بدون استنزاف الموارد
الطبيعية مع مراعاة األمن البيئي .ونتيجة لذلك يتطلب األمر تعزيز القدرات المادية
يوفر لصانعي القرار كيفية تحقيق تنمية بأقل قدر من التلوث والبشرية علىال نحو
خاتمة:
واألضرار البيئية وبالحد األدنى من استهالك الموارد الطبيعية وهذا من خالل دمج
االعتبارات البيئية في سياسات وخطط التنمية بحيث يكون التخطيط للتنمية والتخطيط
البيئي عملية واحدة.
حرصت الجزائر منذ مصادقتها على العديد من االتفاقيات الدولية على توفير الحماية
للبيئة لتحقيق الرفاهية لمواطنيها بکرامة وفق متطلبات التنمية المستدامة .على هذا
األساس جعلت قوانينها الوطنية تتماشى مع التزاماتها الدولية وتضمن قمع أي إعتداء
على المحيط الذي يعيش فيه أفراد المجتمع.
إن إستقراء النصوص القانونية المنظمة للبيئة يبين جليا ً إهتمام الدولة فمنذ بداية
األلفية والمنظمة البيئية تعمل على تطبيق إعالن األمم المتحدة شهر سبتمبر 0222
للتنمية والذي من بين أهدافه حماية البيئة في معظم الدول المصادقة عليه .فکان لزاما
على الحکومة الجزائرية أن تسن القانون رقم 02-20المؤرخ في 01يوليو0220
المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ،کما وفر المشرع الجزائري من
خالل العديد من القوانين من أجل حماية البيئة بمختلف صورها وأشکالها ،وأخيرا
حماية جزائية ضد کل إعتداء من شخص طبيعي أو معنوي يخل بالتزامات حددها
القانون أو يرتکب سلوکات مخالفة له .وعليه يتطلب موضوع البحث معالجة کل من
أصناف الحماية البيئية في القانون الجزائري .للعالقة بين األنشطة والهيئات المکلفة
بتوفير الحماية للبيئة في القانون الجزائري .
)0كلود دوفوسلو و بينرجيمس" " ،إدارة البيئة من أجل جودة الحياة" ترجمة
عالء أحمد صالح ،مركز الخبرات المهنية لإلدارة بميال القاهرة 0222 ،
)0منى قاسم " التلوث البيئي و التنمية االقتصادية" الدار المصرية اللبنانية (
الطبعة الثالثة) القاهرة 0119
)0صالح عصفور " الموارد الطبيعية و اقتصاديات نفاذها" سلسلة جسر التنمية
المهتمة بقضايا التنمية ،تصدر عن العهد العربي للتخطيط بالكويت ،الكويت
العدد 0224 ، 02
)4مصطفة بابكر " السياسات البيئية " سلسلة جسر التنمية المهتمة بقضايا
التنمية تصدر عن المعهد العربي للتخطيط بالكويت ،العدد 02جانفي 0224
)2عديل على أبو طاحون ،إدارة وتنمية الموارد البشرية والطبيعية ،مصر
0220
)2عصام الحناوي ،قضايا البيئة والتنمية ،سلسلة مكتبة مصر ، 0220منتدى
العامل الثالث ،القاهرة مصر0222
)9عله مراد .البيئة و التنمية المستدامة ...التصور و المضمون .جامعة زيان
عاشور .الجلفة .د.ت.
)8الرزقي كتاف و نهائلي حفيظة .البيئة و التنمية المستدامة بين الرفاهية
االجتماعية و الحماية القانونية .جامعة محمد لمين دباغين سطيف .جامعة
عاشور زيان الجلفة .مجلة الباحث للعلوم الرياضية و االجتماعية .العدد .24
د.ت.
)1اسالم جمال الدين شوقي .جدلية البيئة و التنمية .المجلة االلكترونية افاق البيئة
و التنمية .العدد 12.مصر.0202 .
عاال الخواجة ،اإلطار المؤسسي لسياسة البيئة ،مركز الدراسات )02
والبحوث ،جامعة القاهرة ،العدد0220 ، 0
سالفة طارق عبد الكريم الشعالن ،الحماية المدنية الدولية للبيئة ، )00
منشورات الحلبي بيروت لبنان ،الطبعة األولى .0202 ،
محمد عبد الفتاح سماح ،التنظيم القانوني لحماية البيئة ،رسالة )00
ماجستير ،المركز الجامعي الدكتور موالي الطاهر .0229 ،
المادتين 9و 8من القانون رقم 02-20المؤرخ في 01يوليو0220 )00
المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة
المواد من 02الى 08من القانون رقم 20-02السالف الذکر )04
المادة 42من قانون رقم 02-20السالف الذکر. )02
المادة 44من قانون رقم 02-20السالف الذکر. )02
المادة 48من القانون رقم 02-20السالف الذکر )09
المادة 20من القانون رقم 02-20السالف الذکر. )08
المادة 20من القانون رقم 02-20السالف الذکر. )01
المادة 22من القانون رقم 02-20السالف الذکر. )02
المادة 29من القانون رقم 02-20السالف الذکر. )00
المادة 28من القانون رقم 02-20السالف الذکر. )00
المادة 20من القانون رقم 02-20السالف الذکر. )00
األحکام الواردة بالباب السادس من قانون 02-20والمتعلقة باألحکام )04
الجزائية المواد من80الى002
الفصل األول من الباب السادس من قانون 02-20 )02
المادة 80من القانون 02-20 )02
المادة 80من القانون 02-20السالف الذکر )09
المادة 80من القانون 02-20السالف الذکر. )08
المادة 84من القانون 02-20السالف الذکر. )01
المادة 82من القانون 02-20السالف الذکر. )02
المادة 89من قانون 02-20السالف الذکر )00
حميدى فاطمــة .واقع حماية البيئة في القانون الجزائري .جامعة )00
مستغانم -الجزائر.0208.
محمد بن يعقوب .القامومس المحيط للفيروزابادي ،دار الحديث )00
القاهرة.0200.
عارف صالح مخلف ،االدارة البيئية :الحماية االدارية للبيئة ،دار )04
الحسان.0229 .
منصور مجاجي " ،المدلول العلمي والمفهوم القانوني للتلوث )02
البيئي " ،مجلة المفكر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد خيضر
،بسكرة ،العدد .2دت.
أحمد محمد حشيش ،المفهوم القانوني للبيئة في ضوء مبدأ أسلمة )02
القانون المعاصر ،دار الكتب القانونية .0228 .
ماجد راغب الحلو ،القانون االداري ،دار المطبوعات الجامعية. )09
.0202
علي عدنان الفيل .شرح التلوث البيئي في قوانين حماية البيئة العربية )08
.0200 ،