‫حديث عيسى بن هشام‬

‫التيار التعليمي الخالص في القرن العشرين‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫حاول المصريون إحياء التراث األدبي كرد فعل على ما يقوم به المستعمر االنجليزي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فيما يتعلق بالش‪00‬عر‪ :‬تم إحي‪00‬اء ال‪00‬تراث الش‪00‬عري الق‪00‬ديم من خالل ش‪00‬عراء اإلحي‪00‬اء كالب‪00‬ارودي‪ 0‬وش‪00‬وقي‬ ‫‪‬‬
‫وحافظ‪0.‬‬
‫أما في النثر‪ :‬فقد كان متنوعا (قصص حيوان‪ ،‬قصص مطول ومتخيل مثل أل‪00‬ف ليل‪00‬ة وليل‪00‬ة‪ ،‬وفلس‪00‬في‪0‬‬ ‫‪‬‬
‫مثل حي بن يقظان‪ ،‬وقصص واقعي‪ 0‬مثل الفرج بعد الشدة‪ ،‬والمكافأة وحسن العق‪00‬بى‪ ،‬والس‪00‬ير‪ 0‬الش‪00‬عبية‬
‫مثل سيرة عنترة والظاهر‪ 0‬بيبرس‪ ،‬والمقامة) فاختار‪ 0‬األديب في العصر الح‪00‬ديث المقام‪00‬ة ألن‪00‬ه وج‪00‬دها‬
‫أنسب األشكال القصصية التي يمكنه أن يعبر من خاللها عما يريد‪.‬‬

‫ولم يَ ُع د الكاتب (الروائي) في بداية القرن العشرين إلى الرواية الغربية لسببين‪:‬‬

‫‪ .1‬ال ُكتاب عادت إلى تراثهم‪ 0‬األدبي‪ .‬ومن ثم كان طبيعيا أن يكون هو مصدرهم‪ 0‬وملهمهم‪.‬‬

‫‪ .2‬الرواية لم تكن تحظى باحترام كبير آنذاك‪.‬‬

‫ما يؤكد العودة للتراث واالتصال به‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫عنوان كتاب المويلحي واإلهداء‪:‬‬

‫‪ .1‬العنوان‪:‬‬

‫‪ -‬تشبه كلمة حديث كلمة مقامة في أن شخصا ما يحكي إلى األخرين‪.‬‬

‫‪ -‬الراوي‪ 0‬في حديث عيس‪00‬ى بن هش‪00‬ام ه‪00‬و نفس‪00‬ه ال‪00‬راوي في المقام‪00‬ة القديم‪00‬ة ( مقام‪00‬ات ب‪00‬ديع الزم‪00‬ان‬
‫الهمذاني)‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلهداء‪:‬‬

‫‪ -‬أهدى المويلحي العمل إلى أبيه (ص‪00‬احب مقام‪00‬ات موس‪0‬ى‪ 0‬بن عص‪00‬ام) وإلى جم‪00‬ال ال‪00‬دين األفغ‪00‬اني وإلى‬
‫اإلمام محمد عبده والشنقيطي‪ 0‬والبارودي‪ 0،‬وهؤالء جميع زعم‪00‬اء اإلص‪00‬الح ال‪00‬ديني واالجتم‪00‬اعي واللغ‪00‬وي‪0‬‬
‫واألدبي‪.‬‬
‫من أبرز عناص<<ر االتف<<اق واالختالف بين ح<<ديث عيس<<ى بن هش<<ام وآث<<ار رفاع<<ة الطهط<<اوي‬ ‫‪‬‬
‫وعلي مبارك‪.‬‬
‫‪-‬االتفاق في اإلطار العام‪ .‬أن هذه األعمال ُكتبت على شكل رحلة‪،‬‬
‫‪-‬االختالف في الهدف‪ :‬بينما كانت الرحل‪00‬ة في أعم‪00‬ال علي مب‪00‬ارك ورفاع‪00‬ة الطهط‪00‬اوي‪ 0‬ه‪00‬دفها التعليم‬
‫والتثقيف (جلب المعرفة من الخارج لزيادة الوعي وتثقيف المجتم‪0‬ع) ك‪00‬انت رحل‪00‬ة الم‪0‬ويلحي‪ 0‬بغ‪0‬رض‬
‫إصالح المجتمع‪.‬‬
‫من أوجه االتفاق واالختالف بين حديث عيسى بن هشام والمقامة‬ ‫‪‬‬
‫ارتباط حديث عيسى بن هشام بالمجتمع والواقع ارتباطًا‪ 0‬وثيقًا كما كان في المقامة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الهدف من حديث عيسى بن هشام هدف إصالح مجتمعي في األس‪0‬اس ثم لغ‪0‬وي‪ ،‬أم‪0‬ا المقام‪00‬ة باله‪0‬دف‬ ‫‪-‬‬
‫لغوي باألساس ثم يأتي الحقا الهدف اإلصالحي‪.‬‬
‫هدف المويلحي من كتابه‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يعترف المويلحي بالهدف‪ 0‬من كتابه الذي وضعه على صورة التخيل (‪ ...‬حاولنا أن نشرح أخالق أهل‬ ‫‪-‬‬
‫العصر وأطوارها‪ 0‬وأن نصف ما علي‪00‬ه الن‪00‬اس في مختل‪00‬ف طبق‪00‬اتهم من النق‪00‬ائض ال‪00‬تي يتعين اجتنابه‪0‬ا‪0‬‬
‫والفضائل التى يجب التزامها) ولكنه يفعل ذلك من خالل تخيل حدوث حلم‪ ،‬ثم توالت األحداث‪.‬‬

‫ولكن يحقق الكاتب هدفه اإلصالحي جعل الباشا ال‪00‬تركي ال‪00‬ذي تخيل‪00‬ه ع‪00‬اد إلى الحي‪00‬اة ومع‪00‬ه‬
‫عيسى ابن هشام يقع‪00‬ان في موق‪00‬ف ح‪00‬رج نتيج‪00‬ة ع‪00‬دم إدراك الباش‪00‬ا للتغ‪00‬يرات الك‪00‬برى ال‪00‬تي‬
‫حدثت في المجتمع الجديد‪ ،‬وللخروج من هذه الموقف يندفعان لع‪00‬دة مواق‪00‬ف أخ‪00‬رى توقعهم‪00‬ا‬
‫في كثير من المشاكل‪ ،‬وخالل هذه المشاكل يصادفان قطاعات المجتمع المختلف‪00‬ة‪ .‬وك‪00‬ان أول‬
‫قطاع اصطدم به هو قطاع "البوليس‪ 0‬والقانون"‪ ،‬فق‪00‬د ح‪00‬اول أح‪00‬د الحم‪00‬ارين اس‪00‬تغالل الباش‪00‬ا‬
‫ورفيقه‪ ،‬واصطدم به الباشا في كبرياء وأنفة‪ ،‬وأوقع هذا الصدام الباشا في مشاكل متعددة مع‬
‫البوليس والقضاء‪ .‬ولعله اختار هذا القطاع أوال ألن‪0‬ه ك‪00‬ان أكثره‪0‬ا تأثره‪0‬ا ب‪0‬الغرب كم‪0‬ا ك‪00‬ان‬
‫أكثرها مشاكل‪ ،‬وربما اختاره متأثرا بالمقامة النيسابورية لبديع الزمان الهمذاني ال‪00‬تي تن‪00‬اول‬
‫فيها فساد القضاء في عصره‪( .‬ملخص الحكاية نهاية ص‪ ،76‬و‪77‬‬
‫من مظاهر التطور في حديث عيسى بن هشام‬ ‫‪‬‬
‫االرتباط بالواقع‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كان ارتباط حديث عيسى بن هشام بالواقع ؛ لرغبة المويلحي الش<<ديدة في إص<<الح المجتم<<ع‪،‬‬
‫ولعل هذا االرتباط أدى إلى اختفاء عنصر التخيل بعد صفحاته األولى على الرغم من أن كتابه‬
‫عبارة عن حلم في األصل‪.‬‬
‫محاولة إيجاد رابطة داخلية بين فصول كتابه وإن بدت أحيانا باهتة ولكنها ظاهرة جدي<<دة‬ ‫‪-2‬‬
‫في الرواي<<ة التعليمي<<ة‪ .‬ويمكن إدراك ذل<<ك من خالل معرف<<ة س<<ير أح<<داث الحكاي<<ة‪ .‬ال<<تي‬
‫تتناول باإلضافة لقطاع البوليس والقانون قطاعات أخرى من المجتمع وللم<<ويلحي ع<<ذره‬
‫فهو لم يكتب رواية فنية ولكن قصد إصالح المجتمع‪.‬‬
‫اختيار الشخصيات التي تحمل أفكاره اإلصالحية‪ .‬فقد اختار الباشا ال<<تركي لمث<<ل المف<<اهيم‬ ‫‪-3‬‬
‫الشرقية‪ ،‬وعيسى بن هشام الوسيط بينه وبين المجتمع الجديد‪ ،‬المتأثر بالغرب في بعض‬
‫مظاهره‪ .‬والشخصيات األخرى في حديث عيسى بن هش<<ام توض<<ح ه<<ذا اله<<دف‪ .‬وعيس<<ى‬
‫بن هشام هو المؤلف نفسه‬
‫األسلوب ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اعتمد على األسلوب القصصي التصويري الذي يعتمد على الصور الحية والحوار‪.‬‬
‫أ‪ -‬الص<<ور الحي<<ة ‪ ،‬مث<<ل تص<<ويره لعس<<كري الب<<وليس ال<<ذي يجم<<ع الفواك<<ه من األس<<واق أو‬
‫المحامي الشرعي الذي يدعي التقوى والورع ولكنه يخفي وراءه<<ا ري<<اءه وأطماع<<ه‪ ،‬فه<<و‬
‫يطيل في صالته أمام الباشا وعيسى بن هشام ريا ًء‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحوار‪ .‬ويأتي في لغة سهلة قريبة من أهل العصر‪.‬‬
‫ج‪ -‬في السرد يستخدم أسلوبا يق<ترب من المقام<ة‪ ،‬ويظه<ر ه<ذا في العناي<ة بالس<<جع‪ ،‬اختي<ار‬
‫اللفظ‪ ،‬قصر الجمل وموسيقاها‪ ،‬وهو يبتعد عن األلفاظ الغريب<<ة ألن هدف<<ه اإلص<<الح‪ ،‬وليس‬
‫االهتمام باللغ<<ة كم<<ا ك<<ان في المقام<<ة‪ .‬وك<<ان كث<<يرا م<<ا يق<<ترب الم<<ويلحي من أس<<لوب أه<<ل‬
‫العصر‪.‬‬