Professional Documents
Culture Documents
العمل النقابي في الجزائر بين المشروعية والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب الاجتماعية للعمال
العمل النقابي في الجزائر بين المشروعية والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب الاجتماعية للعمال
مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في علم االجتماع تخصص عمل وتنظيم
موسومة بــ:
يتمثل موضوع هذا البحث في محاولة لتحديد العمل النقابي في الجزائر بين المشروعية
والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال ،دراسة على ضوء قانون رقم 06-22
مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة ، 2022تنبثق أهمية هذا الموضوع من
األهمية التي تتميز بها هذه الفئة من المجتمع أال وهي العمال ودورها ووظيفتها وموقعها ،حيث
تتميز بمؤهالت تقنية ،وقدرتهم على أداء مهام حساسة في مؤسسات الدولة ،ونظرا للتطور
الخدمات وتطور احتياجات المجتمع وكذا النمو الديموغرافي الهائل التي تتميز به الدولة الجزائرية
وزيادة الصرامة في التعامل مع ممتلكات الدولة ولكون هذه الفئة جزء ال يستهان به من اجل أداء
جيد في ظروف حسنة كان لزاما عليهم التكتل واالستناد على تنظيمات تسهر على تحقيق متطلباتهم
وحقوقهم المشروعة وفقا لما يقتضيه القانون.
فكانت النقابة العمالية احد هذه التنظيمات التي تهدف إلى تحسين ظروف العمل والدفاع عن
الحقوق المشروعة للعمال بالقطاع وصيانة العامل من األخطار داخل محيط العمل وخارجه فهي
تتولى رعاية المصالح والدفاع عن شروط عملهم بل وتسعى إلى تحسين أحوال معيشتهم ،فهذه
التنظيمات لها ثقلها االجتماعي وكذا لها شرعيتها القانونية إذ تعد مصدر قوة للعمال في اإلطار الذي
يجمعهم ويبرز حجمهم الطبيعي خاصة في هذه المرحلة التي تتميز بظروف اجتماعية واقتصادية
وسياسية حساسة جدا ،وبصدور القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق
25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410
الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ،فكان التساؤل الرئيسي لنا هو:
إلى أي مدى سيضمن هذا القانون الجديد للنقابة العمالية تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال؟
وقد انبثق عن هذا السؤال الرئيسي ثالثة أسئلة فرعية ،عبر كل واحد منها عن فرضية من فرضيات
البحث ،أما اعتمادنا على منهج الدراسة فقد اخترنا منهج المقارنة ،لمعرفة ما الجديد الذي لم يحققه
القانون القديم وجاء بد القانون الجديد.
أ
قسمنا بحثنا هذا إلى أربعة فصول:
الفصل األول :تطرقنا فيه الجانب النظري والمفاهيمي للدراسة " حددنا من خالله بناء إشكالية
الموضوع وركزنا فيها على مراحل التطور التاريخي للنقابة سواء على الصعيد العالمي او الصعيد
المحلي مع اإلشارة غلى مراحل تطورها في بعض الدول العربية ثم في الجزائر وصوال إلى مرحلة
التعددية النقابية ،ثم توضيح أسباب اختيارنا لهذا الموضوع باإلضافة إلى أهداف وأهمية الدراسة ثم
أتبعنا ذلك بتحديد مجموعة من المفاهيم أو المصطلحات ذات الصلة بالموضوع الذي نحن بصدد
دراسته.
الفصل الثاني " :السوسيولوجية النقابية" تناولنا فيه مرحلة منع ظهور النقابات ثم أسباب ظهورها
وراحل تطورها وتطرقنا إل ى أبرز النظريات المفسرة للحركة النقابية وركزنا على آراء بعض
المفكرين مثل "كارل ماركس ،آالن توران ،مشلز وميشال كروزيه ،...ورؤيتهم إلى النقابة سواء
من الناحية االقتصادية ،السياسية أو االجتماعية.
الفصل الثالث " :تصنيف النقابات العمالية" وبينا فيه أن العمل النقابي هو ممارسة يومية مستمرة
تحصل في إطار التنظيم وفق برامج محددة سلفا لحل المشاكل وتلبية الطالب المختلفة ،فهو إما
نضال سياسي أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي ،ومن هنا برز اختالف الوظائف النقابية بين
النقابات نفسها ،كذلك يقابل هذه الوظائف ثالث أشكال من النقابات :حرفية ،صناعية وعامة وتصنف
على حسب السياسة النقابية :إصالحية ،ثورية والنقابة المشاركة في السلطة ،ثم انتقلنا إلى المهام
النقابية حيث تفرعت عنها عدة وظائف :اقتصادية ،نفسية ،ثقافية ثم الوظيفة االجتماعية ،وبعد ذلك
حددنا بعض أهداف النقابات بحسب النظام السياسي السائد من رأسمالي إلى اشتراكي وبعدها تطرقنا
إلى أهداف بعض النقابات في الجزائر.
وفي األخير ذكرنا أساليب النضال التي تعتمدها النقابة لتحقيق مطالبها من مفاوضات جماعية أو
إضراب.
الفصل الرابع" :مجاالت البحث واإلجراءات المنهجية" بعد معالجة موضوع العمل النقابي في
الجزائر بين المشروعية والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال.
ب
ومن خالل دراسة المقارنة على ضوء قانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443
الموافق 25أبريل سنة 2022الجديد وما يميزه على القانون رقم 14-90المؤرخ في 09ذي
القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990القديم المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.
القانون الجديد منح امتيازات كبيرة من شأنها أن تضبط العمل النقابي في الجزائر وتنزع
اللبس عن كثير من األعمال النقابية عير الواضحة.
وان القانون الجديد بتعديالته أكثر توضيح من سابقه
القانون الجديد لم يأتي للدفاع عن الطبقة العمالية بل ليضبط العمل النقابي في الجزائر.
يشتمل القانون الجديد للممارسة النقابية على جميع قضايا التي كانت تسبب مشاكل للنقابة
تعمل النقابة العمالية على تحسين الحلة االجتماعية للعمال.
توجد وسائل ناجحة وفرها القانون الجديد للنقابة لتحقيق المكاسب االجتماعية للعمال
ج
فهرس المحتويات
د
58 دور النقابة
59 الدور االجتماعي للنقابة
59 أساليب عمل النقابات العمالية
61 ملخص الفصل
الفصل الرابع :دراسة في القانون رقم 06-22المؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق لـ 25
أبريل 2022الجديد المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.
66 تمهيد
67 الباب األول :الهدف واألحكام العامة
68 الباب الثاني :تأسيس التنظيمات النقابية وتنظيمها وتسييرها
71 الباب الثالث :أحكام خاصة بالتنظيمات النقابية للعمال األجراء
72 الباب الخامس :األحكام الجزائية
74 ملخص الفصل
الفصل الخامس:خالصة الدراسة
77 االستنتاج العام
78 خاتمة البحث
82 المراجع والمالحق
ه
المقدمة
ط
المقدمة
المقدمة:
لقد استطاعت الحركات النقابية العمالية في الكثير من بلدان العالم أن تنظم صفوف العمال وان
تقود نضالها وتجعل من شروط العمل أكثر إنسانية ،حيث وضعت حدا لكل أشكال االستغالل ورفع
الظلم وما زالت إلى حد أالن تقوم بوظيفتها كون المجتمع في ديناميكية متواصلة ،ففي وسط المدن
الصناعية التي أنشئت ،كانت هناك طبقة كبيرة من العمال تعمل في هذه المشاريع وتعتمد في
معيشتها على األجور التي تتقاضاها لقاء عملها ،هذه األجور التي لم تكن كافية لسد رمق حياة
المنتسبين لها خصوصا وان مشكلة البطالة والفقر كانت متفشية بينهم ،مما أحدث فجوة كبيرة بين
الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية ،وأمام تدهور ظروف العمل وعدم توفر أبسط الشروط الصحية
التي كان يعيشها العامل ،كحرمانهم من اكتساب الثقافة والتربية والرعاية الصحية واالجتماعية مع
تجريدهم من الحقوق السياسية والقانونية ،التي كان يتمتع بها البورجوازيون والرأسماليون.
لهذه الظروف السيئة كان البد للعمال من تكوين منظمات مهنية تدافع عن حقوقهم وتزيل المظالم
الطبقية والمادية واالجتماعية والنفسية التي كانوا يعانون منها ،وخالل فترة الال استقرار التي مرت
بها تلك المرحلة حيث تعرض العمال إلى صدامات مع أرباب العمل ،ومع تناقض إيديولوجيات
العمال مع ايديولوجية أرباب العمل التي كانت غالبا ما تنتهي بمتابعات قضائية أو الطرد من
العمل.
لكن هذه الظروف لم تدم طويال حتى شاعت معالم التحضر في أغلب الدول والمجتمعات
وازدادت أهمية الطبقة العاملة في أداء أمام اإلنتاج ،وتعاظم دورها التنظيمي الذي تؤديه و تنامت
فاعليتها على األصعدة القومية والدولية مما شجع العمال على تأسيس نقابتهم في كل مكان لتكون
المعبر الحقيقي عن طموحاتهم وآمالهم وهي األداة الموضوعية التي من خاللها يستطيعون بلوغ
أهدافهم وتحقيق مطالبهم المهنية واالجتماعية.
ومن هنا جاءت دراستنا لموضوع العمل النقابي في الجزائر بين المشروعية والنزاهة وأثره
في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال ،ودراسة على ضوء قانون رقم 06-22مؤرخ في 24
رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة ، 2022المعدل والمتمم للقانون رقم 14-90المؤرخ
ي
المقدمة
في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990القديم المتعلق بكيفيات ممارسة الحق
النقابي.
الفصل األول المعنون ب :الجانب النظري و المفاهيمي للدراسة حددنا فيه اإلشكالية
وأسباب اختيار الموضوع مع تحديد أهمية وأهداف الدراسة وأخيرا حددنا بعض المفاهيم المتعلقة
بالموضوع.
الفصل الثاني المعنون بـ :السوسيولوجية النقابية يتضمن تطور الحركة النقابية في العالم
مع ابراز النظريات المفسرة لنشأة النقابة.
الفصل الثالث المعنون بـ :تصنيف النقابات العمالية ،ويتضمن تصنيف النقابات العمالية
ودورها ووظائفها وأهدافها وأخيرا أساليب عملها.
الفصل الرابع المعنون بـ :دراسة في القانون رقم 06-22المؤرخ في 24رمضان عام
1443الموافق لـ 25أبريل 2022الجديد المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي .ناقشنا فيه
مختلف التتمات والتعديالت التي طرأت على مختلف مواد القانون 14-90والتي أصدرت
بالمرسوم الجديد في القانون رقم 06-22المؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق لـ 25أبريل
2022الجديد المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي
ك
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
0
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
تمهيد:
اإلنسان بطبعه يواجه ال يستطيع مواجهة مشاكل ومتطلبات الحياة الصعبة التي تحيط به لوحده،
حيث أن مولد كل منا بشير إلى بداية انضمامه لسلسلة من التنظيمات اإلرادية والالإرادية في
جماعات إنسانية مختلفة حيث تتطلب كل جماعة من هذه الجماعات شكال ونمطا معينا من التوافق
والتالؤم مع الجماعة لضمان الحد األدنى من التفاعل مع ظروفها وأحداثها المختلفة والمشاركة في
أنشطتها وتبني اتجاهاتها األساسية.
ومن هنا ظهرت النقابة كتنظيم رسمي يتكون من مجموعة من األفراد يتشكلون ضمن جماعة
معينة بصورة تمتاز بالتناسق والوعي في سبيل تحقيق هدف جماعي مشترك.
من هنا كانت انطالقة بحثنا حول الموضوع " العمل النقابي في الجزائر بين المشروعية
والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال ".
إشكالية طرحنا فيها تساؤال رئيسيا أتبعناه بمجموعة من التساؤالت الفرعية ووضعنا لها
مجموعة من الفرضيات.
بعدها تطرقنا إلى أسباب اختيارنا للموضوع وكذا مدى أهميته كموضوع للدراسة باإلضافة إلى
تحديد بعض المفاهيم المفتاحية التي سوف نتعرض لها.
1
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
-1اإلشكالية:
ظهرت جليا مالمح جديدة للمجتمع األوروبي عقب الثورة الصناعية ،وخاصة المجتمع
البريطاني ،فاحتل الذين يملكون المصانع والبنوك الصدارة وأصبحوا يشكلون أرسطوقراطية جديدة
تدعى بالبورجوا زية ،في حين احتل العمال اليدويين وأصحاب الحرف مرتبة أدنى في السلم
االجتماعي وشكلوا ما يعرف بالطبقة الشغيلة أو " البروليتاريا" ،فيخضع الجهد الذي يقدمه العامل
لقانون العرض والطلب لكل سلعة تقدم في السوق ،وبما أن هدف البورجوازية هو تحقيق الربح فقد
استغلت العما ل استغالال جعلتهم يعملون ويعيشون في ظروف قاسية تفتقد إلى أدنى ظروف النظافة
والوقاية والتأمين على الحوادث والمرض وكذا حق االقتراع حيث كان ممنوعا ،إلى جانب تشغيل
النساء واألطفال واالنخفاض في نسبة األجور حيث لم تكن هناك سياسة واضحة لألجور ،باإلضافة
إلى ذلك فق د شهدت أوروبا في القرن التاسع عشر نموا ديموغرافيا صحبته هجرة للسكان من
األرياف إلى المدن مما زاد في تفاقم البطالة.
وبحسب ما تنبأ به "كارل ماركس" فإن هذه الطبقة العمالية لن تدوم طويال على هذا الحال،
فسرعان ما تشكل وعي نضالي ،وتفطن العمال للظروف القاسية التي يعيشونها ،والتي ال تزيدهم
إال فقرا ،بالمقابل زيادة البورجوازية عنى ،فقامت حركات عمالية في مختلف أنحاء العالم
خصوصا في البلدان الصناعية والتي اختلفت في أسباب قيامها لكن يبقى الهدف واحد وهو رفع
الظلم على هذه الطبقة والمطالبة بظروف عمل أحسن.
ضمن هذه األوضاع تشكلت النقابات العمالية أي ببلورة فكرة تقسيم عناصر اإلنتاج بين رأسمال
وقوة عمل ،وشعارها األساسي في البداية كان الدفاع عن مصالح العمال وضمان حقوقهم وشيئا
فشيئا امتلكت النقابة الصبغة الشرعية وأصبحت حقا من حقوق العمال.
استمرت هذه المرحلة المبكرة في تطور العمال وطبقتهم في أوروبا والواليات المتحدة األمريكية
عندما كان العمال رجاال ونساء وأطفاال يعملون لمدة تقارب ثمانية عشر ساعة في اليوم وستة أيام
في األسبوع ،إذ تميزت هذه الفترة باالستغالل الفاحش لهم من طرف أرباب العمل ،فكانوا يعملون
بأقصى جهد لهم مقابل أجر زهيد.
2
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
ومع انتشار الصناعات وبلوغ الثورة الصناعية أوجها ظهرت بوادر تشكل النقابات في بريطانيا
سنة 1720عند عمال الخياطة وقد استغرقت عملية استقرار وشيوع قانونية التنظيم حوالي مائة
عام ،بداية من تشكل جمعيات تنادي بزيادة األجور وتخفيض ساعات العمل ،وبعدها انتشار
ا إلضرابات بين عمال النسيج وقد استمر هذا الوضع حتى سنة ،1826لتصبح التكتالت فيما بعد
مرخصة وتمارس حق التفاوض الجماعي ،أما في فرنسا فقد ظهر العمل النقابي على شكل
تعاونيات منذ عام 1791وهدفها محاولة إنشاء صناديق للمعاشات والتعويضات.
أما ظهور النقابات في دول العالم الثالث فقد ولد من رحم النضال الوطني ضد االستعمار
وبالتالي فقد اتخذ النضال العمالي وجهان لنفس العملة ،سياسي ونقابي معا ،حيث كان أول
اعتراف قانوني بحق التنظيم النقابي في العراق – حسب ما ورد في قانون العمال -لكنه لم يجد
تأييدا مما أدى إلى انكماش وانحالل الكثير من النقابات ولكن تبلورها وازدياد نشاطها لم يكن إال
بعد الثورة.
أما في مصر فقد ظهرت الصناعة فيها منذ عهد محمد علي باشا ،حيث ظهرت صناعات
كالغزل والنسيج ومصانع السكر ، ...،وبدأ ظهور النشاط النقابي بها في ظل االحتالل اإلنجليزي
وتأسيس أول نقابة في عام ، 1899ولم تعترف تشريعات العمل رسميا بنقابات العمال حتى سنة
.1942
أما في تونس فارتبط نشوء الحركة النقابية بتطور الرأسمالية فيها ،من خالل فترة االستعمار
وكان أول تأسيس للنقابة عام ،1919حيث ظهر أول تنظيم نقابي عمالي مستقل للعمال التونسيون،
ويشي تاريخ الحركة ا لنقابية في تونس بأن الحركة الشيوعية هي الحركة السياسية الوحيدة التي
عملت على تطوير الحركة النقابية وساندتها وقدمت لها كل الدعم.
وارتبط ظهور الحركة النقابية في المغرب األقصى باإلضرابات أي محاولة صناعة هوية نقابية
مغربية وبالتالي تحول الكفاح النقابي إلى نضال سياسي تنعدم فيه الممارسة الديمقراطية مما أدى
إلى غيابها وتشتتها.
3
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
بينما ارتبط ظهور النقابات في الجزائر بظاهرة التصنيع في حين يرى البعض اآلخر أنه كان
سنة ، 1878حيث شهد تجمع نقابي لعمال المعادن والطباعة الحجرية ،وتوالت بعدها تأسيس
تنظيمات نقابية مست العديد من الصناعات والمهن في نفس الوقت الذي تم فيه تأسيس منظمة
العمل الدولية سنة ، 1919والتي جاءت لتكريس مجموعة من المبادئ واألسس التي تحكم عمال
النقابة ،بعدها ظهر نضوج العمل النقابي الجزائري الذي تزامن مع تاريخ تأسيس اإلتحاد العام
للعمال الجزائريين في ، 1956/02/14وهي االنطالقة الحقيقية للحركة النقابية والتي كان لها دور
فعال حيث كان هذا التنظيم هو الحركة العمالية الوحيدة في الجزائر ،واعتبرت من بين التنظيمات
الجماهيرية التي تسعى إلى تجنيد اليد العاملة في سبيل العملية التنموية.
واستمر الحال على ما هو عليه إلى غاية 1989حين فتحت الجزائر أبوابها للتعددية السياسية
وحرية التعبير ،فحدث انفجار بظهر تنظيمات عمالية عديدة كانت أبرزها نقابات التربية والتعليم
والنقابة المستقلة والنقابة المستقلة للوظيف العمومي ( )SNAPAPولعل ما يميز هذه النقابات هو
ابتعادها على النشاط السياسي وتركيزها على المطالب المهنية.
إن العمل النقابي يستند إلى مبدأ هام وهو االنتقال من الجهد الفردي إلى الجهد الجماعي ،لضمان
الحفاظ على الحقوق في مواجهة طرف آخر بتمتع بالقوة والقدرة على التحكم في شروط العمل
المختلفة بما فيها األجر إذ ال يملك العمال سوى قوة عملهم وجهدهم اليدوي والعقلي.
وبعد تحرر النشاط لنقابي من األحادية إلى التعددية تماشيا نحو االنتقال إلى اقتصاد السوق،
أفصحت اإلحصائيات إلى وجود أكثر من ستين ( )60منظمة نقابية على مستوى مختلف
القطاعات ،ففي الوظيف العمومي ظهرت فيه العديد من النقابات نذكر منها على سبيل المثال:
4
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
ونهدف كذلك من خالل هذا البحث الكتشاف العالقة الموجودة بن الحركة النقابية العمالية
ودورها في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال.
• ما االمتيازات التي منحها القانون الجديد من أجل ضبط العمل النقابي وما الفرق بينه
وبين القانون القديم؟.
• إلى أي مدى غطى القانون القديم جميع قضايا العمال
• هل تعمل النقابة على تحسين ظروف العمل الحالة االجتماعية للعمال ؟
• هل هناك وسائل ناجحة وقرها القانون تعتمدها النقابة لتحقيق المكاسب االجتماعية
للعمال؟
ووضعنا لهذا التساؤل مجموعة من الفرضيات الفرعية:
✓ أعطى القانون الجديد نفسا جديدا وصالحيات جديدة تنعش الممارسة النقابية
5
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
✓ يشتمل القانون الجديد للممارسة النقابية على جميع قضايا التي كانت تسبب مشاكل للنقابة
✓ تعمل النقابة العمالية على تحسين الحلة االجتماعية للعمال.
✓ توجد وسائل ناجحة وفرها القانون الجديد للنقابة لتحقيق المكاسب االجتماعية للعمال.
ولذلك فاختيار لهذا الموضوع العمل النقابي بين المشروعية والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب
االجتماعية للعمال يرجع الى جملة من األسباب نذكر منها ما يلي:
أسباب ذاتية:
-الحتكاكنا الكبير من ممثلي النقابة وكوننا من عمال اإلدارة ونطمح الى تحسين الظروف
العمالية كسائر العمال.
أسباب موضوعية:
6
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
القوانين وال تشريعات ،فهي اليوم تقود المجتمعات إلى التغيير والتحول إلى األفضل وتحافظ على
بقاء القوانين الخاصة بالعمل.
باإلضافة إلى أن تحقيق أهداف ومطالب العمال وتطوير ظروف عملهم يعتمد بشكل رئيسي
على القيادات التي تعمل على تحقيقها وتملك القدرة على تفعيلها.
زيادة على الت حوالت الكبرى في المجال االقتصادي والسياسي الذي صاحبه تحوال مماثال له في
المجال االجتماعي انعكس عنه زيادة في االحتجاجات واإلضرابات والمطالب المادية والمهنية
للعمال مما أدى إلى عدم االستقرار في المؤسسات اإلدارية بصفة خاصة.
من هنا صار من الضروري دراسة موضوع النقابة مع إبراز دورها في تحقيق المطالب
الشرعية للعمال فهي تعتبر المحامي أو المدافع عن مصالحهم وذلك بتغليب مصلحة الطرف
الضعيف أال وهي الطبقة العمالية.
-4أهداف الدراسة:
هناك أهداف علمية نسعى لتحقيقها من خالل الكشف عن حقائق ترتبط بانشغاالت المجتمع
وكذلك أهداف عملية تساهم في وضع تصور حول واقع الظاهرة المدروسة.
-أن موضوع الدراسة يدمج بين مجالين هما :العمل النقابي في الجزائر بين المشروعية
والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال معرفة رأي العمال في دور النقابة
التي ينتمون إليها.
-إبراز دور النشاط النقابي في الجزائر من خالل دراسة أهم مراحله.
-دراسة مدى مساهمة القنونين :القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443
الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون رقم 14-90المؤرخ في 09ذي
القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.
7
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
-5تحديد المفاهيم:
إن المفاهيم أكثر ما تكون تجريدية نظرا لكونها وحدات أساسية لتكوين النظريات ،وحتى يكون
للمفهوم داللة ومعنى البد من تو ضيح العالقة بين المفهوم وبين السياق الواقعي الذي أيم عليه في
موضوع الدراسة أو البحث.
أما فيما يخص النقابة العمالية فقد حدد لها عدت تعاريف:
سيدني وينز ":النقابة منظمة دائمة من العمال األجراء تهدف إلى تحسين ظروف العمل وحماية
العمال من األخطار التي تداهمهم خارج العمل وداخله".1
كما عرفها عبد الحميد رشوان " :بأن النقابة تختلف عن بيئتها وطبيعتها ووظيفتها حسب النظام
االجتماعي والسياسي واالقتصادي للمجتمع ...فهي هيئة أو جماعة أو منظمة دائمة من العمال".
إن النقابة العمالية تتكون بطريقة حرة ومستقلة عن إرادة النقابات األخرى ودون تدخل من
جانب الدولة وقد جاء في تعريفها كذلك أنها " جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدد معين من
العمال تجمعهم وحدة مهنية أو ارتباط المهن وتقوم لغرض غير الحصول على ربح مادي ،وتنشأ
بإيداع وثائق تأسيسها لدى مكتب العمل".2
- 1إحسان محمد حسن :علم االجتماع الصناعي ،دار وائل للنشر ،األردن ،2005 ،ص .137
- 2مصطفى أحمد أبو عمرو :عالقات العمل الجماعية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،د ط ،2005 ،ص .45
8
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
كما يعرفها الكيالني عبد الوهاب أنها عبارة عن " جمعيات تتشكل إلغراض المساومة الجماعية
بشأن شروط االستخدام وتنمية مصالح أعضائها االقتصادية واالجتماعية عن طريق الضغط على
الحكومات والهيئات التشريعية واالتجاه إلى العمل السياسي في بعض األحيان ".1
وعرفت أيضا على أنها " :تجمع لمجموعة من الناس من أجل لحماية وتحقيق هدف مشترك
خصيصا في ميدان محدد " .2
"أنها تنظيم جماعي دائم للعمال وهي تختلف عن التكتل فهي تنظيم اختياري يتكون من أفراد
يتخذون صفة الدوام وتهدف إلى رعاية مصالحهم والعمل على رفع مستواهم المادي والفكري
والمهني ،كما أنها تعمل على تحسين ظروف وشروط أعمالهم.3
والنقابة باختصار هي مجموعة عناصر تمثل فئة رمزية من المجتمع ( موظفين ،معلمين،
محامين )..،تلتقي لتحقيق أهداف ومصالح مشتركة تخدم هذه الفئة ،ولكل نقابة نظام داخلي يحكمها
ويحدد أهدافها وحقوق وواجبات أعضائها.
ومن تم تعتبر النقابات تنظيمات لها ثقلها االجتماعي ،وشرعيتها القانونية ،وهي مصدر قوة
العمال واإلطار الذي يجمعهم ويبرز حجمهم الطبيعي ودورهم الطالئعي في حركة صنع التاريخ
ودفع التقدم ،وهي األداة الفعالة التي من خاللها استند إليها العمال في حماية حقوقهم والحفاظ على
مصالحهم وتجديد شروط العمل وتحسينها وتطوير عالقات العمل ،بما يحقق العدالة االجتماعية .4
oالنقابة العمالية تنظيم ،أي لها بناء هيكلي ووظائف تقوم بها ،باإلضافة إلى تمتعها
بمصادر مالية لمواصلة نشاطها ووسائل عمل كباقي المنشآت في المجتمع.
oأنها اختيارية بمعنى االنضمام إليها ليس إلزامي وأنها وفق مبدأ الحرية الفردية.
- 1عبد الوهاب الكيالني :الموسوعة السياسية ،المؤسسة العربية للنشر ،بيروت ،ط ،1996 ،1ص .544
. Fridrich ebert,Manuel de formation,alger,2006,p 09 - 2
- 3محمد خالد :الحركة النقابية بين الماضي والحاضر ،1975ص .80
- 4محمد خالد :المرجع نفسه ،ص 120
9
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
oتسعى لتحقيق أهداف محققة ،أساسها الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للعمال.
oلها سياسة نقابية خاصة تعتمدها في تحقيق مطالبها.
oهي مجموعة من األنشطة المنظمة التي يقوم بها العمال لتحسين أوضاعهم االقتصادية
واالجتماعية ،وحماية مصالحهم المادية والمعنوية.
ب .عالقات العمل:
تعددت زوايا الطرح والتفسير حول مفهوم عالقات العمل كما تباينت وجهات النظر حول مدلول
المصطلح ،فراح البعض يطلق مصطلح عالقات العمل واهتم آخرون بمفهوم العالقات الصناعية
واتجه فريق آخر من الباحثين في مجال علم االجتماع التنظيم والعمل على وجه التحديد على
استخدام مصطلح العالقات اإلنسانية فضال عن وجود ما عبر عنها بعالقات اإلنتاج.
غير أنه ورغم اختالف هذه التسميات فإنها تحاول جميعا تفسير عالقة ما ترتبط بطبيعة نشاط
يمارس
إال أنها تشترك في كونها تعبر عن ارتباط طرفين أساسيين في عالقة ثنائية يمثل أصحاب العمل
طرفها األول ويمثل المأجورين طرفها الثاني ،سواء كان قطاعا خاصا أو عاما وفي هذا الشأن فإن
عالقة العمل كغيرها من العالقات األخرى تنشأ بناء على عالقات إنسانية اجتماعية.
ومن خالل هذا يتحدد أن عالقات العمل مصدرها الرئيسي هو وجود العالقات اإلنسانية ويتم
إبرازها بين طر فين ،غير أن صاحب العمل له سلطة يفرضها التدخل في ترتيب أساسيات البنود
التي تدخل حيز التنفيذ في إطار عالقة العمل الموقعة.
هذا ما ذهب غليه "ميشال كروزيه" بالتفصيل حين يؤكد أن " :السلطة تتضمن دائما إمكانية
بعض األفراد أو المجموعات التحكم في أفراد ومجموعات أخرى".1
كذلك يطلق هذا المصطلح على العالقة التي تربط العامل الفرد بالمنشاة ،كما تطلق أيضا على
العالقة التي تربط مجموعة العمال بالمنشآت التي يعملون بها سواء كان يضمهم تنظيم نقابي أو ال
يوجد لهم تنظيم ،كما يطلق هذا الوصف أيضا على العالقة التي تربط العمل وأصحاب األعمال أو
Jean Rivero, jane savatier, droit de travail, presse unversitaire de France, callection thenis, 1993, P 193. - 1
10
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
تنظيماتهم بأجهزة الدولة التي تتعامل معهم وكذلك العالقة التي تربط هذه المنظمات بعضها
البعض ،ويمنكن حصرها في ثالثة أطراف وهم :العمل ومنظماتهم النقابية ،أصحاب األعمال
وتنظيماتهم ،الحكومة وأجهزتها.1
وعليه فإن عالقات العمل تنشأ وتنمو بسبب االستخدام وهي تشمل بذلك :
-عالقات العمل بين العمال بعضهم البعض وبينهم وبين رؤسائهم ومشرفيهم.
-تشمل العالقات بين اإلدارة والمؤسسة وبين نقابة العمال وبين أصحاب العمل والهيئات
الحكومية.2
فالمجتمع الجزائري هو نسق اجتماعي متكامل نشط متفاعل تحكمه مجموعة من القوانين ويتأثر
بما تخلفه الظروف الداخلية والخارجية من تهديدات اقتصادية واجتماعية تمس حياة األفراد سواء
العاملين أو العاطلين عن العمل أو الذين أنهو مشوار حياتهم المهني ،وتؤثر على تحقيق المكاسب
التنموية للطبقات العمالية وغير العمالية على حد سواء.
11
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
االتجاه الضيق :يرمي إلى ضرورة تحديد المطالب المهنية التي يرمي اإلضراب إلى تحقيقها
كزيادة األجور وتحسين ظروف العمل.
االتجاه الموسع :يحظى هذا االتجاه بكل ما يتعلق بمصالح العمل أيا كانت طبيعة هذا المصالح (
قانونية ،مهنية ،اجتماعية ،اقتصادية.)...
ويذهب أنصار هذا الرأي على أن االعتراف الدستوري بحق اإلضراب جاء عاما.1
المضمون المطلبي قد يكون ماديا مثل طلب رفع األجور ،منح التقاعد ،تحسين ظروف وقت
العمل ،التأمين االجتماعي أو السياس ي كسحب قانون أو نقد سياسة اجتماعية معادية للعمال أو
الظفر بحقوق نقابية جديدة أو تشكيل سلطة عمالية مضادة داخل المؤسسة.2
وهي المساومة بين صاحب العمل أو من يمثله بين العمال أو من يمثلهم بقصد الوصول إلى حل
نزاع قائم بينهما يتعلق بشروط العمل ،...وهو كذلك وسيلة ودية ومباشرة لتنظيم شروط العمل
وظروفه وعالقاته بقصد التوصل إلى اتفاقية عمل جماعية أو تعديلها أو االنضمام إليها ،تمارس
12
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
من خالل المناقشات والحوارات واالتصاالت التي تجري بين العمال من جهة وأصحاب األعمال
من جهة أخرى وعلى مستوى متعدد وفقا لإلطار القانوني المنظم لهذه المفاوضات ، 1والتي
تتفاوض من أجل:
تتميز المفاوضة الجماعية كوسيلة لتنظيم عالقات العمل بعدة خصائص تتمثل في:
المفاوضة الجماعية المباشرة والطوعية :فهي تتميز بخاصية الجماعية تتم بين ممثلي
العمال بصفة جماعية وتكون لهذه الجماعة مصالح مشتركة ،إذ البد من وجود مصلحة
مشتركة للجماعة تتفاوض من اجلها.
سلمية التفاوض :تعتبر المفاوضات وسيلة سلمية في تتخذ شكل الحوار والنقاش وتبادل
وجهات النظر وهي كلها أفكار سلمية لحل النزاعات العمالية.
أطراف المفاوضة الجماعية:
تكون المفاوضة الجماعية على مستوى المنشأة أو فرع النشاط أو المهنة ...وتكون بين ممثلي
العمال وصاحب العمل.2
13
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
-المفاوضات بشأن األجور :تعتبر األجور أهم موضوع يطرح في المفاوضات الجماعية في
العصر الحديث.1
-المفاوضات بشأن ساعات العمل.
-المفاوضات بشأن العطل.
-المفاوضات بشأن السالمة والصحة المهنية.
و .المكاسب االجتماعية:
نظرا لكون الفرد (العامل) أحد عناصر اإلنتاج األساسية بل من أهمها من حيث الدور الذي
يؤديه والموقع الذي يحتله في العملية اإلنتاجية في المجتمع ومن هذا المنطلق البد من االهتمام به
وتطويره بما يكفل تحقيق المستوى المناسب الحتياجاته المختلفة ورف كفاءته اإلنتاجية بالصورة
التي تمكنه من أن يكون عنصرا فاعال في المجتمع.
ولتحقيق ذلك استحدثت التنظيمات العمالية مجموعة من اآلليات واألساليب من اجل بلوغ هذا
الهدف بما فيها رفع الروح المعنوية وتوفير األجواء المناسبة من األلفة بين العمال وصاحب العمل
مع محاولة تحقي احتياجاته ورغباته.2
ز .اإلضراب:
قبل ظهور النقابة لم يكن أمام العمال خيار سوى االستسالم وقبول إرادة صاحب المصنع ولكن
النقابة أبدعت أسلوب آخر يكبح جماح أصحاب األعمال ويحد من تحكمهم في العمال وهو
اإلضراب والذي يعني قيام العمال والموظفين أو أصحاب العمل بالتوقف المؤقت عن العمل بشكل
جماعي كوسيلة ضغط تهدف إلى تحقيق أهدافهم وتختلف األسباب والظروف التي تؤدي غلى
اللجوء غلى اإلضراب ولكن اإلضرابات عادة ال يتم اللجوء لها إال بعد فشل أو تعثر التفاوض
الجماعي.3
يجد لفظ اإلضراب أصله التاريخي في مكان يقع بالعاصمة الفرنسية يسمى place de grève
وهو مكان يقع بجانب دار البلدية وقد كان العمال المتعطلين يجتمعون به بحثا عن فرصة عمل
- 1محمد عبد هللا نصار :المفاوضات الجماعية ودور منظمات العمل العربية ،القاهرة ،د ط ،1996 ،ص .77
- 2رضا صاحب أبو حمد آل علي :اإلدارة لمحات معاصرة ،مؤسسة الورق للنشر ،ط ،2011 ،1ص .288
- 3العابد الكنتي عقباوي :دليل العمل النقابي ،جوان ،2011ص .58
14
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
ومن هنا ولد مصطلح اإلضراب وبدأ تداوله بين الناس حتى أصبح يستعمل للداللة على الوسيلة
التي يلجأ إليها العمال للضغط على صاحب العمل حتى يستجيب لمطالبهم.1
وهو نمط سلوكي يعبر عن حالة االستياء واالحتجاج والرفض الجماعي للعمال بتوقفهم عن
العمل ،وهو ضغط تمارسه الطبقة العاملة لتحقيق أهدافها ومطالبها قصد الضغط على أرباب العمل
لتحسين شروط وظروف العمل.2
أما الدكتور فتحي محمد موسى فإنه قال :إن العمال يلجؤون أحيانا إلى اإلضراب الذي هو
صورة من العدوان ...إن اإلضراب أحد أنواع العدوان التي يقرها المجتمع في كثير من البلدان.3
وإذا كانت النقابة العمالية في المجتمعات الرأسمالية قد استطاعت أن تجبر الرأسماليين على
الجلوس مع عمالهم على طاولة المفاوضات فإن الفضل األعظم يعود غلى قدرة النقابة على
ممارسة حق اإلضراب في حالة تعنت أرباب العمل ،الذين يحصدون أضعاف ما يخسرون لو
قبلوا شروط النقابة.
فوجود اإلضراب عامل أساسي في نجاح المفاوضة الجماعية فهو – اإلضراب -يأخذ أشكال
مختلفة :يكون تهديدي ( يوم واحد) ،مفاجئ أو دوري أو بطيء ،ويتم تنفيذه بعد إتباع اإلجراءات
4
القانونية.
15
اإلطار النظري والمف اهيمي للدراسة الفصل األول
خالصة الفصل:
من خالل هذا الفصل التمهيدي حددنا إشكالية البحث التي تفرعت عنها مجموعة من التساؤالت
الفرعية وقدمنا لها مجموعة من الفرضيات ،ثم ذكرنا أسباب اختيارنا للموضوع مع ذكر أهمية
وأهداف كالدراسة وبعد ذلك تم التطرق إلى مجموعة من المفاهيم المفتاحية التي تخص الدراسة
التي نحن بصدد إجرائها.
16
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
18
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
تمهيد:
إن تاريخ الحركة العمالية يرى أن النقابات هي من أهم المنظمات في المجتمع وهذا لما
لها من مهام تسعى من خاللها إلى الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للعمال ،هذه المهام
اختلفت حسب الواقع الذي تعيشه الطبقة العمالية ،فهي تمثل قوة ضاغطة على أرباب العمل
والحكومات من أجل تحقيق مطالبها .
19
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
إن الحركة النقابية للعمال مرت في تطورها بعدة مراحل أدت في النهاية إلى ظهور
النقابة على مسرح الحياة االجتماعية كقوة فاعلة في المجتمع ،لها أهدافها ووسائلها
وطموحاتها تسعة إلى تجسيدها في ارض الواقع ،ويمكن تقسيم مراحل تطور الحركة
العمالية إلى ثالثة مراحل أساسية:
)1فترة المنع:
دامت هذه الفترة عدة قرون ،وهذا نتيجة للشك والريبة الموجه ضد هذه
التنظيمات إضافة غلى رفضها في حد ذاتها ،لكونها تعمل ضد مصالح أرباب
العمل ،فهذه التنظيمات أصبحت تهدد أصحاب العمل ومصالح الطبقة
الرأسمالية ،هذه األخيرة التي لها تأثير كبير على الحكومات حيث اعتبر نشاط
العمل المتعلق بظروف العمل وعالقته نشاط غير قانوني ،بل وصل األمر إلى
تجريمه ،1وغالبا ما كانت تنتهي الصدامات بين الطبقات العمالية وأرباب العمل
بمنع العمل النقابي وإغالق مكاتب نقابات العمل وطردهم من العمل وإحالتهم
غلى المحاكم.2
)2فترة التطور إلى االعتراف:
إن شيوع معالم التحضر والتصنيع في أغلب المجتمعات األوروبية وزيادة
أهمية الطبقة العاملة في أداء مهام اإلنتاج واالستهالك وسعة هذه الطبقة بالنسبة
للطبقات ألخرى وتعاظم الحركة العمالية وتنامي فاعلية الدور التنظيمي الذي
يديه هذا األخير قد فرض واقعا على أرباب العمل والحكومة والمشرعين
القانونيين ،وهنا استطاع العمال تأسيس نقاباتهم المهنية.3
فكانت أولى محاوالت الرفع من الخطر القانوني على التكتالت العمالية سنة
1826في انجلترا أما في فرنسا فقد سمحت الحكومة سنة 1848بحرية تكوين
هذه التنظيمات
)3فترة االعتراف:
تم االعتراف القانوني بالحق في إنشاء النقابات في 21مارس ،1884إذ منح
هذا الحق أوال للجمعيات المهنية عكس الجمعيات المدنية التي لم تحظ بهذا الحق
إال في سنة 1902وبعد أن تم منحها هذا الحق أعقبته عدة حقوق وامتيازات
تتمثل أساسا في الشخصية المعنوية للنقابات التي تخول لها :األهلية ،الذمة
المالية ،حق التقاضي ...،الخ ،وابتداء من ذلك التاريخ بدأت النقابات تشق
طريقها في مجال الكفاح العمالي والبحث عن الوسائل األفضل لتحقيق المطالب
العمالية.1
ونتيجة لذلك ظهرت بوادر تشكل النقابات في بريطانيا سنة 1720عند عمال الخياطة
الذين رفعوا مظلمتهم إلى البرلمان بقصد زيادة األجور وتخفيض يوم العمل ساعة واحدة...
- 1جمال البنا :الحركة النقابية وتطورها ،مطابع الجامعة العالية ،القاهرة ،د ط ،1989 ،ص .55
- 2إحسان محمد الحسن :مرجع سابق ،ص .135
21
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
ومن اجل تحقيق هذا الهدف دون كل واحد منهم اسمه على سجالت وضعت لهذه الغاية
في المتاجر أو في مراكز االجتماعات التي كانوا يترددون عليها ،وجمعوا مبالغ مالية
تساعدهم على الدفاع عن أنفسهم في حالة تعرضهم للمالحقة .1
وفي خضم هذه الظروف االجتماعية واالقتصادية التي دفع ضريبتها العمال أكثر من
غيرهم ظهرت النقابات كتنظيم مهني يدافع عن العمال ويرد عنهم استغالل أرباب العمل
ولعل هذا فحوى قول عالم االجتماع الفرنسي :ميشال كروزيه ( : )2013 ، 1922أن
النقابات ظهرت كرد فعل لمجموعة من التحوالت التي يمليها التصنيع ، 2وهكذا كانت
البدايات األولى للحركة النقابية والطبقة العاملة في بريطانيا ثم امتدت لكثير من البلدان
األخرى حتى تلك البلدان المستعمرة.
أما في فرنسا فقد ظهرت بشكل رسمي سنة 1884 :حيث ارتبطت نشأة الحركة النقابية
بالنبض السياسي للثورة إلى أن جاء عام 1890الذي يعتبر البداية الفعلية لنشأة النقابة
العمالية في فرنسا ، 3حيث لم يكن مسموح لطبقة "البروليتاريا" باالحتجاج لذا أنشأت
تنظيمات نسوية لضمان الدفاع عن ترقية مصالحهم المادية بمعارضة أرباب العمل الذين
4
كانو يقلصون من األجور لتطوير اآلالت مما دفع بالعمال إلى اإلضرابات.
ونظرا لكون طبيعة التركيبة االجتماعية مختلفة مع عدم التجانس بين المجتمعات حيث
أن الحركة العمالية في تونس والمغرب ليس لها نفس الدور بل كان للبرجوازيات الصغرى
بخالف الحركة العمالية الجزائرية كانت ذات طابع عمالي شعبي ،ففي:
مصر :ظهرت الصناعة منذ عهد محمد علي ،فأنشئت مصانع القلعة لألسلحة ومصانع
السلع المدنية ( النسيج ،السكر )...،وبدأ ظهور النشاط النقابي في ظل االحتالل االنجليزي
وتم تأسيس أول نقابة عام 1899حينها مارس العمال المصريون اإلضراب منذ عام
1
.1891
وفي عام 1921تمكنت بعض ا لعناصر االشتراكية من تأسيس اتحاد نقابات العمال في
مصر الذي تم من خالله تشكيل النقابات بشكل كبير ،ولم يتم االعتراف بها رسميا غال في
2
سنة .1942
العراق :كان أول اعتراف بالنقابة سنة ... 1936فالنقابات في تلك الفترة لم تجد تأييدا
يذكر من جانب الحكومة لكن الحرك ة النقابية تبلورت وازداد نشاطها وفاعليتها بعد الثورة
أي بعد عام ، 1868من أجل تحسين أوضاع العمال وتحقيق الكثير من المنجزات
3
االجتماعية والمادية والسياسية لهم.
.- 1محمد حسين منصور :قانون العمل ،دار الجامعة الجديدة ،االزراطية مصر ،2007 ،ص 07
- 2رؤوف عباس :الحركة العمالية في مصر ،دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ،القاهرة ،1968 ،ص 48
- 3إحسان محمد الحسن :مرجع سابق ،ص .164 ،163
23
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
محمد على الحامي ،1وهو مؤسس أول تنظيم نقابي مستقل في تونس ،ويشير تاريخ
الحركة النقابية في تونس بأن الحركة الشيوعية هي الحركة السياسية الوحيدة التي
عملت على تطور الحركة النقابية وساندتها وقدمت لها ما تستطيع من رجال وأموال
وصحافة مما مكن الشيوعيين من احتالل أهم المراكز الحساسة في التنظيم النقابي.2
ب .في المغرب األقصى :يبقى الطابع المميز للنقابات في المغرب األقصى هو الضعف
والتسييس نظرا الرتباطها بأحزاب سياسية ضعيفة تنشط في مناخ سياسي تنعدم في
الممارسة الديمقراطية مما أدى إلى ضعف وتشتت الطبقة العاملة ،ومن هذه
التنظيمات االتحاد المغربي للشغل الذي تأسس سنة ،1956ويرتبط بحزب االتحاد
الوطني للقوى الشعبية باإلضافة غلى إتحاد الشغيلة المغاربية الذي تأسس سنة:
1960ويرتبط بحزب االستقالل أما الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تأسست سنة
،1978وترتبط بحزب االتحاد االشتراكي للقوى الشعبية.3
ج .في الجزائر:
• أثناء االحتالل الفرنسي:
لم تظهر التنظيمات النقابية في الجزائر غال سنة ، 1878حيث شكل عمال
المعادن والطباعة الحجرية غرفتين نقابيتين في مدينة الجزائر ،وبعد ذلك بدأ
العمل النقابي في االتساع وقد أشارت إحصائيات نشرة مصالح العمل التي كانت
تصدرها الحكومة العامة إلى أنه توجد سنة 101 ، 1909نقابة 49 ،في مدينة
الجزائر و 30في وهران و 22في قسنطينة ،ثم قفز هذا الرقم سنة 1911لى
4
241نقابة .
ومقرنة بفرنسا فإن التشريع في الجزائر كان مختلفا ،الشيء الذي أثر على
الحرية الفردية مما أدى بالعمال الفرنسيين بالجزائر باالنضمام غلى رابطة عمال
فرنسا ،وحتى يدعموا أكثر وجودهم في ميدان العمل ،وفي ممارسة النقابة ومن
- 1احم الرافعي :من تاريخ الحركة النقابية ،مرجع سابق ،ص .290
- 2النقابة في الؤسسة الصناعية الجزائرية ،مرجع سابق ،ص.59
- 3عبد هللا الحنا :الحركة النقابية والعمالية في المغر ب ،المرشد ،مجلة الثقافة العمالية والتكوين ،المعهد الوطني لدراسات والبحوث النقابية دارني
محمد ،الجزائر عدد ،1978 ،6ص .45
- 4بولكعيبات إدريس :مجلة العلوم االسانية ،العدد ،12جامعة بسكرة ،2007 ،ص.149
24
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
هذا فقد تمكنوا من المحافظة على حقوقهم في إطار التنظيمات النقابية الموجودة
أما بالنسبة للجزائريين فقد اعتبروا عناصر هامشية ال يصلحون ألن ينضموا إلى
النقابة الفرنسية ،كما ال يسمح لهم بتكوين نقابات خاصة بهم وبالتالي فهم
محرومون من الكثير من حقوقهم المدنية .1وهذا يعود لسببين:
األول :وجود قوانين تعسفية تمنعهم من تشكيل تنظيمات كيفما كانت توعيتها
وأهدافها من مقدمة هذه القوانين قانون األهالي.
الثاني :ضعف عدد العمال الجزائريون الذين يشتغلون في اثنين من المهن في
حين كان األوروبيون يشتغلون في 221منها.
كما ساعدت الحرب العالمية األولى وتجنيد الجزائريين إجباريا للمساهمة في
تحرير فرنسا على هجرة العديد من الجزائريين وارتفاع عدد المهاجرين من
5000عامل غلى 9200عامل عام .1923
وبعد انتهاء الحرب العالمية األولى كلن الفرنسيون ينظمون حمالت واسعة
لتهجير الشباب الجزائري إلى فرنسا للعمل ،وهذا قصد إعادة بناء االقتصاد
الفرنسي.
ونتيجة لمعايشتهم لواقع االضطهاد والظلم وكذلك احتكاكهم بآراء وأفكار كارل
ماركس التي كان يحملها الفرنسيون فإن شعورهم القومي والمهني بدأ يظهر
بقوة.
وفي عام 1926نشأ في باريس حزب نجم شمال إفريقيا والذي جمع بين العمال
المهاجرين ونشط كمنظمة عالمية داخل التراب الفرنسي ،مما أدى إلى تسرب
تأثيره إلى داخل التراب الجزائري نتيجة لعودة المهاجرين الجزائريين غلى
- 1نعيمة نصيب :النقابات العمالية وتحديد سوق العمل في ا لجزائر ،رسالة ماجستير علم االجتماع جامعة عين شمس مصر ،1998 ،ص .95
25
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
وطنهم ،وقيامهم بنشاطات ثقافية فيها مما سمح لهم بالضغط على السلطات
1
الفرنسية من اجل الحصول على الحق في ممارسة العمل النقابي.
-بدأ الوعي السياسي لدى الجزائريين يتطور بشكل ملحوظ ،السيما بعد
مظاهرات العمال الجزائريين في أول ماي ،1945وما أفرزته مجزرة 08
ماي ،1945في سطيف وقالمة ،وخراطة.
-االبتعاد الواضح للنقابة الفرنسية عن القضية الجزائرية.
-وقد كانت الوعود لتي قدمتها فرنسا بدراسة القضية الجزائرية بشرط أن
يلتحقوا بالمقاومة الفرنسية ضد النازية وقد باءت بالفشل بعد انتهاء الحرب العالمية
الثانية.
وعلى اعتبار أن ممار سة النقابة للنشاط السياسي غير ممكنة داخل الكونفدراليات العمالية
الفرنسية فإن النقابيين الجزائريين باشروا نشاطات داخل األحزاب السياسية الجزائرية من
اجل التحضير لتشكيل تنظيم مستقبلي ،وهكذا ظهر االتحاد العام للعمال لجزائريين في /14
فيفري 1956أي بعد مرور أكثر من سنة على انطالق حرب التحرير ،...كما ظهر
تنظيمان نقابيان هما إتحاد نقابات العمال الجزائريين واإلتحاد العام للنقابات الجزائرية.2
ولقد رأى العمال في "عيسات إيدير" ( مؤسس اإلتحاد العام للعمال الجزائريين) إرادة
التغيير في آمالهم وتطلعاتهم في الحرية واالستقالل ،وكان يهدف اإلتحاد غلى تمثيل العمال
وتوحيد صفوفهم والعمل من أجل االستقالل الوطني وذلك يتضح من خالل نشاطاته
ومواقفه مثل :إلضراب 05جويلية ،3 1956هكذا وبفضل اإلتحاد العام تمكنت الجزائر
من التشهير بجرائم االستعمار وكسب الرأي العام الدولي لصالح القضية الجزائرية ،وما
يميز اإلتحاد بأنه يمتاز بخاصيتين هما:
- 1طالب عبد الرحيم :نشأة الحرك النقابية وتطورها في الجزائر ،عن كتاب محاضرات الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائر ،ص .234
- 2بولكعيبات إدريس :مرجع سابق ،ص152 ،151
- 3بولكعيبات إدريس :مرجع سابق ،ص .121
26
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
• بعد االستقالل:
أما في مرحلة االستقالل المبكرة ضلت الحركة النقابية العمالية الجزائرية مدعومة بتعبئة
الجمهور ،فكانت تعمل على محور أثار الفقر والنهوض بالتنمية ،فخالل هذه الفترة فر
العديد من المستوطنين تاركين المزارع دون غدارة ،وكانت المصانع شاغرة فوجد العمال
الجزائريون مجبرين على تشكيل لجان اإلدارة ،وبعدها أصدرت الحكومة استجابة للتسيير
الذاتي الذي بدأ به العمال والفالحون النقاد البالد بثالث مراسيم في شهر مارس 1963
كانت تهدف إلى تنظيم وتقنين مبدأ اإلدارة العمالية والمالحظ إن الحركة النقابية في هذه
الحقبة كانت معدوم لعدم إشراك الحكومة لها1.وبعد اشتداد األزمة خالل الثمانينات ودخول
المجتمع الجزائري عهد التعددية السياسية والنقابية والذي ترتب عنه عدم االستقرار
السياسي الذي كان واضحا في تعاقب الحكومات وظهور برامج اقتصادية واجتماعية ترمي
إلى إصالح االقتصاد الوطني المنهك ،لم تغير النقابة من استراتيجياتها من خالل وضع
ت صور نقابي يساير ويواكب التحوالت الحاصلة ...في هذه الحقبة تعرضت المؤسسات إلى
إعادة هيكلة وتسريح العمال وتوقف االستثمار وانتشرت البطالة مما أدى إلى انخفاض
القدرة الشرائية للعمال وترك انطباعات سيئة في نفوسهم من فقدان للثقة والتفكير في إنشاء
2
نقابات أخرى ،فجاء قانون 1990الذي يسمح بالتعددية النقابية.
شهدت المؤسسة العمومية االقتصادية كخلية أساسية في االقتصاد الوطني تعاقب أنظمة
التسيير ،تأثرت بها باعتبارها نسقا مفتوحا يؤثر ويتأثر في بيئته ،فدور النقابة العمالية في
كل مرحلة من هذه المراحل والتي نوضحها في ما يلي:
Rabah nourdine: lagestion socialiste des entreprises en algerie opu, algre, 1985 p p 22, 25 - 1
- 2النقابة في المؤسسة الصناعية الجزائرية ،مرجع سابق ،ص .61
27
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
إن هذا المفهوم الضيق كشف عن وجود تحفظ لدى قيادة البالد في مطلع االستقالل الذي
2
يعطي للطبقة العاملة دورا كبيرا في إدارة االقتصاد ،ويحول دون االتجاه نحو تقويته.
إن مفهوم التسيير الذاتي يقر :بحرية العمال ومشاركتهم الواسعة في التسيير ،اإلشراف،
تنظيم عالقات العمل ،توزيع األرباح ،إذ ارتبطت النقابة العمالية ممثلة في االتحاد العام
للعمال الجزائريين بالجزائر ،ونتيجة لهذه التناقضات التي عايشها الجزائريون في ذلك
الوقت خاصة وجود يد عاملة غير مؤهلة مما أدى غلى عدم التحكم في التكنولوجيا
باإلضافة إلى نزوح عمالة ذات أصول اجتماعية فالحية إلى المدينة ،فنتج عنه التخلي عن
العمل الزراعي مما اثر على النشاط النقابي ككل ،حيث أدت به غلى االندماج في المشروع
الوطني االجتماعي.3
Jeanne favret/ le syndicat le travaillleure et le pouvoir en algerie, annuaire de l'afrique, 1997 CNAS, paris, P - 1
46
- 2إدريس بولكعيبات :مرجع سابق ،ص .153
- 3مجلة الاتحاد العام للعمال الجزائريين ،عدد خاص ،1968 ،ص 15
28
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
على ورق ،حيث عملت السلطة على تأكيد مبدأ (نقابة الدولة) خاصة بعد تطبيق هذا النمط
من التسيير لتجعل منها – النقابة -أداة لتنفيذ برامجها وسياساتها ،وإضفاء الشرعية على
قراراتها لدى العمال فكان للسلطة ذلك ألن الحزب الحاكم هو الذي أنشأ النقابة وسمح لها
بتمثيل العمال وبهذا تخلت النقابة عن وظيفتها الحقيقية في تمثيل العمال والدفاع عن
مصالحهم وأصبحت ال تمثل سوى وسيطا بين العمال والهيئات الوطنية.
إن هذا النمط من التسيير يعتبر محاولة لتنظيم المؤسسة وفق قانون جديد يراعي مشاركة
العمال في التسيير غلى جانب دورهم كمنتخبين ،2وبتطبيقه هذا النمط نشأت في المؤسسات
العمومية مجالس منتخبة تمارس احتجاجاتها في المسائل التي تهم تسيير المؤسسة ،وسياسة
التشغيل وقضايا العمال المختلفة بواسطة لجان تسمى لجان دائمة.
والمالحظ أنه منذ الشروع في تطبيقه لسنة ،1972بالشركة الوطنية للبناءات المعدنية
) ) SN.Métalأثيرت حوله العديد من الصراعات بين اإلدارة والنقابة نتيجة تداخل
الصالحيات كما ظهر العديد من التناقضات ،فمن جهة يتمتع مجلس العمال بصالحيات
قانونية واسعة ،تؤهله للمشاركة والتدخل في كل شؤون المؤسسة.
زيادة على التناقض الذي يبدو في دور النقابة ،فكيف يمكن أن تكون النقابة جزء من
الغدارة وفي نفس الوقت تمثل العمال وتدافع عن مصالحهم .وهذه إحدى المفارقات فالتغيير
الذي حدث في القمة سنة 1965في الجزائر ،كان ضد توزيع السلطة على طبقة عاملة
ضعيفة البنية ال تتمتع بتكوين صلب يؤصلها لتحمل مسؤولية التسيير في مواقع العمل...
وعلى هذا األساس فغن التسيير االشتراكي للمؤسسة قد ظهر كنمط جديد في عالقات
العم ل فهو يقوم على الديمقراطية في اتخاذ القرار والالمركزية .كما يبدوا أن محاولة
1
إشراك العمال في التسيير االقتصادي هو نوع من الثقة في قدرات الطبقة العاملة.
إن تطبيق النظام االشتراكي قد خلق نوع من االلتباس لدى العمال بين المشاركة في
التسيير والمهام النقابية ،ه ذا بدوره أدى إلى التداخل في األدوار ،بمعنى أن هناك إدراك
ضعيف لمفهوم التسيير االشتراكي .2ويندرج عن هذا الموقف ترك المهام النقابية الملموسة
لفائدة مهام التسيير وإهمال المهام النقابية ،وبدلك حادت النقابة عن وظيفتها التي تتمثل في
الدفاع عن مصالح العمال وتمثيلهم وأدمجت في اإلدارة باسم " مشاركة العمال في
التسيير".3
إذ اعتمدت الدولة الجزائرية على سياسة االستثمار في القطاع العمومي فاعتبر النمو
االقتصادي قاعدة مادية مكثفة فقد سعت الدولة غلى إرساء الهياكل القاعدية والبناء التحتي
لالقتصاد ،ولن على الرغم من ذلك فغن االقتصاد والتنمية عرفا نقائص كثيرة أدت غلى
ظهور عدم التوازن بينت األهداف المسطرة وواقع االقتصاد الوطني ،ومن أجل تدارك
الوضع شرعت الدول في بداية الثمانينات في اتخاذ مجموعة من اإلجراءات بهدف إعادة
التوازن والقضاء على اإلختالالت الموجودة في مختلف القطاعات تمثلت في اإلصالحات
التي كانت على مرحلتين:
إن األزمة المتعددة األبعاد والتي تفجرت منذ أحداث أكتوبر 1988أكدت أن التذمر
الشعبي لم يستثني النقابة الرسمية نفسها ،ولذلك بدأت هذه األحداث بإضراب وحشي لم
تقدره النقابة السمية التي شعرت بأنها مستهدفة ،مثلها مثل السلطة ،ولم يكن غريبا أن تمتد
هذه اإلصالحات إلى إعادة صياغة دور المركزية النقابية لينحصر في الجانب المطلبي،
وجعل السياسة من اختصاص األحزاب ،1وعلى الرغم من اإلنجازات التي حققتها الجزائر
على مستوى بناء الهياكل االقتصادية إال أن عملية التنمية عرفت كبيرة ولم تتمن هذه
المنشآت من تجاوز حاالت كبيرة مما أدى غلى عدم التوازن بين األهداف المسطرة وواقع
االقتصاد الوطني.
وقد استطاعت هذه الطبقة إن تنمي نفسها بواسطة استغالل جهود الطبقة العاملة ،وتحت
هذه الظروف وجدت الطبقة العاملة نفسها أمام وضع تتفاقم فيه التناقضات والمشكالت.
النظرية األخالقية.
النظرية السيكولوجية.
نظرية المضامين االقتصادية.
النظرية الثورية.
النظرية االجتماعية.
النظرية السياسية.
-1النظرية األخالقية:
يرجع أصل هذه النظرية إلى القرن التاسع عشر ميالدي ،في أوروبا ،أين بدأ ظهور
األفكار المثالية لالشتراكية ،التي تهدف إلى إعادة تشكيل المجتمع وفقا ألطر معرفية جديدة
حيث اهتمت هذه النظرية بالمبادئ األخالقية والدينية ،كالعدل ،والمساواة ،ويرى أصحابها
إن أصل نشأة النقابات يعود غلى األفكار االشتراكية المثالية والمسيحية التي عمل على
1
نشرها كل من ( :سان سيمون ،فوربييه ،برودون ) وغيرهم .
وقد دعت هذه النظرية بإعادة توزيع الثروة وفقا للعدالة االجتماعية والمساواة اإلنسانية،
ولذلك فإن النقابات العمالية سوف تقوم بدورها البارز في تحقيق هذه األهداف وألنها أهم
وسيلة للقضاء على الال عدالة التي نتجت عن تراكم الثروة لدى بعض األفراد وهم مالكي
وسائل اإلنتاج ،واتسعت الفجوة بين الرأسماليين الذين يزيدون غنى باستغاللهم للعمال،
والطبقة العاملة تزداد فقرا لذلك كان من الضروري تشكيل نقابات عمالية بغية إعادة توزيع
الثرة بصفة عادلة ،بين جميع أفراد المجتمع وعليه فإن العدل كأساس لتكوين النقابات
العمالية يمثل حصنا في مواجهة استغالل أرباب العمل.
إذا هذه النظرية اعتبرت النقابة العمالية وسيلة ضرورية لمواجهة الظلم االجتماعي الواقع
على العمال والناتج عن الال عدل في توزيع الثروة والمنافسة الشديدة بين العمال وأرباب
العمل.
غير أنها تعرضت إلى انتقادات شديدة لعدم انطالقها من الواقع في حد ذاته وإنما اعتمدت
على تصورات وأفكار نظرية مثالية عما يجب أن يكون عليه وليس على ما هو كائن ،فهذه
النظرية كانت ضد النقابات الثورية وعملت على مواجهتها من خالل أفكارها وتصوراتها،
فلقد فشل هؤالء المفكرون في تحقيق ما هدفوا إليه ألنهم لم يتبنوا تغيير المجتمع الرأسمالي،
- 1عبد هللا محمد عبد الرحمن :علم االجتماع التنظيم ،دار المعرفة الجامعية ،االسكندرية ، 1994 ،ص ص .206 ،193
32
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
الذي لم يتم وفق المبادئ اإلصالحية والمشاعر اإلنسانية الرحيمة ،كما أنهم يفتقدون إلى
المعرفة بقوانين التطور االجتماعي ورغم ذلك فقد كان لهم دور فعال في الحركة العمالية.1
-2النظرية السيكولوجية:
يعتبر كل من Frank Tamnenbaoumو Selig Perlmanأبرز من يمثل هذه
النظرية وهي تنطلق من الجانب النفسي واالجتماعي للعامل وتعتبر المطلب المالية
واالقتصادية المتعلقة باألجور وظروف العمل هامشية مقارنة بتلك المرتبطة بنفسية العامل
وتقوم على مسلمتين:
األولى :تعتبر أن النقابة العمالية تشكلت كرد فعل نفسي متعلقة بندرة مناصب العمل
انطالقا من فكرة ترى وجود بعدين :األول داخلي متعلق بالعامل ،حيث شعوره بعدم
استطاعته الحصول فرص اقتصادية خارج نطاق العمل ،باإلضافة إلى الميل بعدم بالمغامرة
بتغيير منصب عمله ،أما البعد الثاني :عدم وجود فرص عمل نتيجة النخفاض الطلب على
قوة العمل في سوق العمالة ما دام العرض أكبر من الطلب فإن العامل يخشى من البطالة
ويسعى فقط إلى الحفاظ على منصب عمله.
تعتبر النقابة العمالية جماعة تحقق حاجات اجتماعية ونفسية للعامل ،حيث الثانية:
تشعره باألمان والثقة .2فهذه النظرية تهدف إلى:
غير أن هذا الوضع لم يستمر طويال نتيجة للوعي عند العمال وإيمانهم بضرورة التكتل
من أجل ضمان شروط أفضل للعمل وتحقيق مصالحهم االقتصادية ،وقد تم التركيز على
مطالب معينة منها األجور ،مدة العمل ،الظروف الفيزيائية للعمل ،الضمان االجتماعي
وعيرها...
تعتبر هذه النظرية أن العامل إنسان تحركه مصالحه االقتصادية المباشرة ومن ناحية
أخرى يهتم بوضعه االجتماعي إذ يجد نفسه عاجز أمام رب العمل الذي يتمتع بالسلطة
ومركز اقتصادي مهم باإلضافة إلى أن العامل يجد نفسه في منافسة شديدة مع زمالئه
ومجبر على قبول أي شرط يفرضه صاحب العمل.
فحسب هذه النظرية أن العامل إنسان يسعى إلى إشباع حاجياته االقتصادية وتحسين
وضعه االجتماعي ولتحقيق هذه المطالب يجب استعمال الوسائل التالية:
-4النظرية الثورية:
لقد نشأ االنتماء النقابي بصورة تقليدية للطبقة العاملة بعد أن تفاقمت التناقضات الطبقية
وتصاعدت حدتها بين العمال والرأسماليين ،وبعد أن ظهرت النقابات كأداة للدفاع عن
الطبقة العاملة وأهدافها المهنية واالقتصادية واالجتماعية وقد كانت الفعاليات التي يتجسد
بواسطتها االنتماء النقابي تدور حول المسائل التالية:
أ .النضال من أجل إلغاء مبدأ األجور الرأسمالي ألن تحديد األجور يمثل أبشع صور
االستغالل وأكثرها اضطهادا لعمال.
ب .النضال من أجل معارضة السلطة السياسية البورجوازية.
ج .اعتبار اإلضرابات واالعتصامات العمالية من أهم الوسائل النضالية التي يمكن
بواسطتها إسقاط السلطة البورجوازية.
1
د .اعتبار النقابات العمالية بديال للحزب الثوري.
ويمكن تقسيم هذه النظرية إلى قسمين:
الثاني تشاؤمي :يعتقد بمحدودية دور النقابة وعدم قدرتها على تحقيق مطالب ومصالح
العمال بصفة جدية وفعالة.
النقابات العمالية لن تبقى على سعيها في تحقيق مكاسب العمال والدفاع عن
مصالحهم ،وإنما ستصبح منشآت بيروقراطية تتحكم فيها األقلية المنتخبة
القيادية ،وتعمل هذه األخيرة على تحقيق مصالحها وفوائدها ،والمحافظة
على مكاسبها الذاتية كالمنصب القيادي والمكانة االجتماعية ..الخ ،ومن هذا
صاغ قانونه المعروف بـ" :القانون الحديدي " لألوليجاركية والذي يتضمن
1
األفكار التالية:
أ .اتساع تنظيمات العمال وبالتالي عدم تمكنهم من المشاركة في مناقشة
القرارات واتخاذها.
ب .انقسام النقابات إلى أقلية حاكمة وأغلبية محكومة.
ج .الميل نحو التنظيم البيروقراطي ومركزية القرار.
د .االختالف الوظيفي يؤدي إلى االختالف االجتماعي وحتى
األيديولوجي.
ه .التخصص والمعرفة التامة بجميع الجوانب التي تمكن الرئيس من
إدارة التنظيم النقابي وهو األمر الذي ال يتوفر لجميع العمال مما
يؤدي إلى إعادة انتخاب نفس األعضاء في نفس المنصب.
ويعتبر ميتشلز أن عدم وجود الديمقراطية الداخلية سوف يكون لها تأثير على آمال
العمال ،ومدى سعيهم لتحقيقها ،باإلضافة إلى أن األقلية الحاكمة مع مرور الوقت سوف
تتخلى عن دورها في الدفاع عن حقوق العمال لتصبح أداة لتكريس الرأسمالية ألنها سوف
تعمل على تحقيق مصالحها الخاصة والحفاظ على مناصبها.
-5النظرية االجتماعية:
في هذا السياق قسم ميشال كروزيه النظرية االجتماعية المهتمة بالنشاط النقابي والمفسرة
2
لها إلى:
- 1عبد هللا محمد عبد الرحمن ،مرجع سابق،ص ص .190 ، 185
- 2جورج فريدمان :رسالة في سوسيولوجيا العمل ،ترجمة حسن حيدر ،ط ،1منشورات.
37
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
أ .وجهة النظر الوراثية :وهي تنطلق من أصل ونشأة النقابة وموقعها في المجتمع
وظروف تشكلها حيث ترى هذه النظرية أنه يوجد أفراد استثنائيين استطاعوا ومع
العمال حولهم مستغلين الظروف المزرية التي يعيشونها ،والتي تحولت فيما بعد
إلى الطبقة العامة.
كما أنه ل يمكن الجزم بوجود أفراد متميزين بل البد من التأكيد على حدوث تغيرات
وتطور للعالقات االجتماعية ترتب عنه ظهور الطبقية في المجتمع ،والتحالفات التي
تظهر في مراحل معينة بين الطبقات المسيطرة ،كأصحاب رؤوس األموال والسلطة،
كما ال يجب تجاهل التوجه السياسي الهام السائد في المجتمع.
ب .وجهة النظر الوظيفية :اهتمت هذه النظرية بالناحية الوظيفية للنقابات من خالل
دراسة المهام المنوطة بها ،أي االهتمام بالوظائف التي تقوم بها النقابة والمرتبطة
أساسا مع الواقع االجتماعي الذي تعيشه ويرى أصحاب هذه النظرية أن دور
النقابة مرتبط بالفعل المباشر وردود األفعال المترتبة عنه داخل المؤسسة
اإلنتاجية عالوة على نشاطها المالزم لمناقشة ظروف العمل واألجور وكذا كيفية
الحصول على استقاللية التنظيمات النقابية على أرباب العمل أو المسيرين،
وتركز بصفة خاصة على دراسة المفوضات الجماعية ،غير أن الواقع يثبت أن
دور النقابات ال يمكن حصره في النقاط السالفة الذكر بل يتعداه إلى مهام أخرى
وقد يختلف عنه نهائيا السيما بالنسبة للمجتمعات التي عانت االستعمار حيث ال
يقتصر دور النقابة على المستوى االجتماعي فحسب بل يتعداه إلى الجاني
السياسي ،إذ سجل التاريخ التحام النقابات بالحركات السياسية من أجل القضاء
على االستعمار ،كما تختلف وظيفة النقابة باختالف التوجه السياسي وطبيعة
النظام االقتصادي واالجتماعي ،إذ يختلف دور النقابات في المجتمعات الصناعية
الرأسمالية عن المجتمعات االشتراكية وعن المجتمعات السائرة في طريق النمو
والتي ال تزال في طور التشكل الصناعي ،باإلضافة إلى طغيان الطرح السياسي
على النقابات وعى رغبة السلطة في لتحالف مع أرباب العمل لتحطيم النقابات.
38
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
ج .وجهة النظر البنيوية :تعتمد في دراستها للنقابات علة البنية الداخلية لها ،أي
دراسة الناحية التنظيمية للنقابة كبناء اجتماعي متميز ،له خصائص محددة تساعد
على العمل بصفة مستمرة ومستقرة وهي بهذا تركز على البيروقراطية للنقابات.
لكن بالرغم من تعدد البنى والهياكل يبقى أن قوة النقابة أو ضعفها ال يرتبط أساسا
بنوع التنظيم ،بقدر ما يرتبط بالعالقة القائمة داخل المؤسسة ،على المستوى
األفقي والعالقات العمودية بين القاعدة العمالية والمركزية النقابية .1وعليه فإن
هذه النظرية أهملت الظروف الموضوعية التي من شأنها السماح للنقابة بتجاوز
مشاكلها.
-مشكلة البيروقراطية:
لقد شكل نمو البيروقراطية وال يزال يشكل داخل الحركة العمالة الموضوع الهام لمناقشة
فكان أنصار "ماكس فيبر" يرون فيها األجور األساسية وحللوا بشكل ناجح الوضع المعنوي
للنقابيين الدائمين وميلهم الطبيعي لالندماج بالطبقات الوسطى.
هناك ثالث مبادئ تنظيمية ممكنة :جغرافي – مهني – صناعي ،إذ يمكن للنقابيين أن
يتجمعو في خاليا إقليمية ،كما هو الحال بالنسبة لعمال المجلة الواحدة ،أو في خاليا مهنية (
مهنة معينة)أو في خاليا صناعية ،كما هو حال جميع العمال في الصناعة الواحدة .وبالطبع
هناك تشابك لهذه المبادئ دائما ،فالتنظيم الصناعي هو تجمع لعمال الصناعة مثال.
-تمركز السلطة:
يشكل تمركز السلطة مظهرا عاما في مجتمعنا ،يؤطر الحركة العمالية بشكل غير مباشر
ويجعل البعد الوطني سوق العمل والنفوذ الدولي لالحتكارات الكبرى ،ويعتبر تمركز
السلطة بين يد المسؤولين النقابيين.
- 1عبد المنعم الغزالي الجبييلي :الحركة العمالية والنقابية في العالم ،مكتبة النهضة بغداد ،د ط د س ،ص 51
39
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
حيث يرى أنها تهتم بالجانب الوظيفي للنقابيين ( أي االندماج االجتماعي) والجاني
اإليديولوجي (الحركة العمالية) ،فهو يرى أن النقابة ظاهرة اجتماعية حيث أن هناك دائما
جوانب جديدة إو غير معروفة ففي البلدان االشتراكية مثال :فاإليديولوجية هي سياسة تعطي
الطبقة العاملة دورا مفضال في المجتمع ،وهي كذلك مكون لنسق اقتصادي.
ويضيف أن الفرق الموجود بين النقابة المستقلة في الدول الرأسمالية والدول االشتراكية
أن هذه األخير لها صلة وثيقة مع السلطة السياسية ،ونشاطها األساسي يكمن في السياسة
االقتصادية بينما في الدول الرأسمالية تكون مستقلة عن أرباب العمل ،كما أنها تتحصل منذ
تأسيسها على قانون رسمي ،وهذا لكي تؤدي المهام التي تسنها لها الدولة .وتساهم في
تحقيق الخطط اإلنتاجية.
أما "آالن توران " له نظرية حول النقابة حيث يرى أن تدخالت المنظمات النقابية
أصبحت معدلة في مجالين هما:
المجال األول :تحاول الحصول على رفع األجور ،وتحسين ظروف العمل ،وعالقته
بتطوير اإلنتاج أو األرباح ،ودور هذه النقابات ال يقتصر على الموقف الدفاعي فقط ولكن
تأخذ مسؤولياتها حيث تتدخل في إعداد السياسات االقتصادية والتخطيط.1
المجال الثاني :النقابات تغير وتنظم المطالب التي تهم أكثر فأكثر مكان العمل في
المجتمع وليس فقط في التنظيم ،ولهذا يعتبر دوران النقابة كعامل للنسق التقريري التنظيمي
كأن يمثل مصلحة أو قسم من المؤسسة ،ويرى كذلك أن الحركة النقابية ليست داخلية وال
خارجية بل إنها عامل أساسي في ميدان المؤسسات االقتصادية.
ومن هنا يستنتج آالن توران ان هناك نقابة موجودة بين النقابة اإلدماجية والنقابة
المعارضة وهو ما يسميه بـ :النقابة المراقبة.
إن األهمية التي تكتسيها النقابة اليوم حي آالن توران تتمثل في:
باإلضافة إلى عدم منحه فرصة التعبير عن ذاته من خالل السماح له باالبتكار نظرا
للرقابة والروتين اللذان يعيشهما مما يفقده ذوق طعم العمل الذي ينجزه ،وهو الواقع الذي
يعيشه العامل تحت ظل النظام البورجوازي.
ويستدرك في موضوع آخر أن حالة الغربة ال تقتصر على التنظيمات الرأسمالية وإنما
1
هي حالة تتميز بها جميع التنظيمات على اختالف أهدافها.
إن كارل ماركس يرى أنها السبب الموضوعي لوجود النقابات ،فهذا الوجود ال يجب أن
يقتصر على المطالب االقتصادية المتمثلة في تحسين األجور وظروف العمل ،بل أن
تتخطاها إلى مطالب سياسية واجتماعية ،كما يرى االتجاه الماركسي " أن التنظيمات النقابية
ليست أهدافا بحد ذاتها وإنما هي مؤسسات سياسية لزيادة التماسك بين العمال" .ويرى
ماركس أن ت حسين أوضاع العمال المادية واالجتماعية ال تأتي إال من خالل تنظيم العمال
2
في منظمات نقابية تشارك في تحديد ظروف العمال وشروطه على كافة المستويات.
-3النظرية األيديولوجية:
ترى هذه النظرية أن المحرك األساسي للنقابات هي األيديولوجيات المتبناة والتي تعمل
وفقا لها وتسعى إلى تحقيق أفكارها ومبادئها بناء عليها ،فالحركات العمالية في البلدان
الغربية والنامية انطلقت من اإليديولوجية الثورية ،بينما في الو م أ تندمج بعمق في الحياة
االجتم اعية وأصبحت راسخة في حياة المشروعات باإلضافة إلى قدرتها على تسوية
الصراعات الكبيرة ،كما أنها تملك أساليب الضغط على أرباب العمل والسلطة معا ،الشيء
الذي يؤكد استقالليتها عكس الكثير من النقابات التي تعرفها بعض المجتمعات .
بينما في أوروبا نجدها تحمل سمات مشتركة حيث ال يزال الجاني التقني واالقتصادي
منفصل بوضوح على الجانب السياسي أو االجتماعي .
إما في بلدان العالم الثالث فإنها تسعى لتمثيل الطبقة العاملة غير أنها لم تصل بعد إلى
المستوى الذي وصلت عليه النقابات في المجتمعات الغربية ،وهذا يعود إلى طبيعة تكوينها
ودهني اتها التي ال تزال مرتبطة بنماذج تنظيمية يغلب عليها الطابع التقليدي لهذه
المجتمعات.3
- 1صالح بن نوار ،فعالية التنظيم في المؤسسة االقتصادية ،مخبر علم االجتماع االتصال للبحث والترجمة ،قسنطينة ،2006 ،ص ص .172 ،170
- 2أسباب نزاعات العمل في المؤسسة الصناعي الجزائرية ،مدكرة ماجيستير في تنمية وتسيير الموارد البشرية ،جامعة منتوري قسنطينة ،الجزائر،
،2006ص .45
- 3عبد المنعم الغزالي الجبيلي ،مرجع سابق ،ص .52
42
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
لقد لقيت النظرية اإليديولوجية منذ زمن طويل مبالغة في تقديرها إذ اعتبرت أن العقيدة
هي المحرك لكل فعل وأن معرفة فلسفة الحركة العمالية كانت تكفي لكي يمكن التنبؤ
باتجاهها.
إن أهمية االيدولوجيا لدى الحركة العمالية تكمن أساسا في توجيه االتهام لألسس التي
يقوم عليها التنظيم االجتماعي وال شك إن النقابات ليست حركات فكرية وإذا ما أعيدت إلى
سابقها وحاولت فهم الدور الذي لعبته فإن دراسة األيديولوجية تساعد بالتأكيد على فهم
فعاليتها.1
ومم ا سبق يمكننا القول بأنه ال يمكن دراسة النقابات العمالية بمعزل عن األيديولوجية
الفاعلة في المجتمع وأيضا العالقات السائدة بين السلطة والمجتمع ككل وما ينجر عنها.
-4النظرية السياسية:
تعتبر هذه النظرية أن النقابة العمالية هي أداة الحكم في المجتمع وإن هذا األخير
محصلة للعمل والنشاط النقابي بالتركيز على جانبيه القانوني والسياسي حيث أن هذا االتجاه
يعتقد بسيطرة النقابة على المجتمع ككل.
وتتمثل هذه السيطرة في رفض الواقع القائم ،واعتماد وسائل تغييرية من أجل تحقيق هذه
األهداف كاإلضراب والعنف.
فهي تسعى إلى تجسيد مجتمع عما لي احتكاري هدفه تغيير بناء المجتمع غير أن هذه
النظرية تعتبر ثورية فوضوية ال يمكن تجسيدها لعدة اعتبارات:
- 1مسعودي أحمد :مالتعددية النقابية في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه في علم االجتماع ،2014 ،ص ص .37 ،34
- 2إحسان محمد الحسن :مرجع سابق ،ص .142
43
إشكالية الفعل النق ابي الفصل الثاني
ملخض الفصل:
تم االعتماد في هذا الفصل على األسلوب السردي التاريخي ،حيث ذكرنا أن النقابات
العمالية ظهرت للعيان بعد تفاقم ظروف الطبقة العاملة وتعقد مشكالتها تحت شعار "
التحضر والتصنيع" األمر الذي بلور الوعي العمالي الذي بدوره قاد إلى ظهور التنظيمات
النقابية للعمال ،هذه التنظيمات التي لم تهدف إلى إزالة المظالم الطبقية والمبادئ االجتماعية
التي تعرضت لها لفترات طويلة من الزمن فحسب ،بل هدفت أيضا إلى تحسين ظروف
العمال وضمان الحقوق االقتصادية واالجتماعية ،ناهيك هن دورها المتميز في رفع مكانة
الطبقة العاملة وتحقيق المزيد من المكاسب والحاجات لها.
وقد فسرت هذه النشأة للحركات النقابية بعدة نظريات وهذا راجع الختالف أنماط التنظيم
النقابي ،وكذلك ظهور كل نمط منها في مرحلة زمنية معينة باإلضافة إلى اختالف أوضاع
العمال من بلد آلخر.
44
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
47
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
تمهيد:
سنتطرق في هذا الفصل إلى أهم التصنيفات النقابية الكالسيكية والمتمثلة في النقابة الحرفية
الصناعية ،والعامة ،وتصنيف آخر على أساس السياسة النقابية ونميز فيها ثالث أنواع :إصالحية،
ثورية ،مشاركة في السلطة.
فيما انحصرت المهمة النقابية في عدة وظائف قمنا بذكر أهمها وركزنا على الوظيفة االجتماعية،
ثم انتقلنا إلى تحديد أهم أهداف النقابة االجتماعية منها والعامة ،مع ذكر بعض أهداف النقابات
الجزائرية كما سنتطرق إلى أبرز األساليب التي تعتمدها النقابات لتحقيق بعض المطالب العمالية.
48
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
وتتكون من أبناء الحرفة الواحدة بغض النظر عن الحرفة التي يزاولونها أ -نقابات حرفية:
وهذا ما يخلق لديهم نوع من المعرفة بنوعية المشاكل التي تواجههم ،...إذ يعد التنظيم الحرفي أقدم
تنظيم نقابي.1.
ب -نقابات صناعية :وهي نقابات مفتوحة أمام جميع عمال قطاع صناعي معين ،ولذلك كان
من حق هؤالء العمال تكوين نقابة خاصة بهم تحل اسم تلك الصناعة ،ويرجع ظهور هذا النمط من
النقابات إلى اتساع حجم الوحدات اإلنتاجية وظهور المصانع الكبيرة ،ورغبة العمال الغير فنيين
االنضمام غلى صفوف النقابة لتشكيل قوة تواجه أصحاب العمل.2
ت -النقابة العامة :وهي النقابة العمالية الكبيرة التي تضم كافة العمال مهما تكن حرفهم ومهما
تكن المنشآت التي يعملون فيها وينتمي إلى هذا النمط من النقابات هؤالء العمال الذين ال يمارسون
حرفة محددة وال تنتمون إلى مؤسسة أو دائرة محددة ،وتتمثل هذه النقابة بنقابة الخدمات العامة،3
وتصنف على أساس السياسة النقابية ونقصد بها الخطة أو اإلستراتيجية التي تنتجها النقابة من
أجل تحقيق مطالب العمال المادية منها والمعنوية ونميز ثالث أنواع:
ث -النقابة اإلصالحية:
هدفها تحسين ظروف العمال والتخفيف من ساعات العمل ورفع األجور ووضع نظام للضمان
االجتماعي دون رفضها ل لنظام االقتصادي والسياسي القائم ،فهي تحاول التعامل والتكيف معه،
وهناك من يطلق على هذا النوع من النقابة بالنقابة المراقبة وهي تعتمد على المشاركة العمالية في
- 1أحمد زكي بدوي :عالقات العمل في الدول العربية ،دار النهضة العربية ،بيروت ،1985 ،ص .298
- 2باركر وآخرون :علم اإلجتماع الصناعي ،ترجمة مجموعة من األساتدة دار المعارف ،االسكندرية (د،س)،ص .187
- 3إحسان محمد الحسن :مرجع سابق ،ص .138
49
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
اإلدارة ،وفي اتخاذ القرارات وفي وضع األهداف ،1ومن بين أهم الدول التي عرفت هذا النوع من
النقابة هي إنجليترا ،حيث نجد أنها تشكلت فيها في الفترة ما بسين .1890 – 1848
فالصراع بين الطبقتين يجعل العمل النقابي ذو طابع ثوري ال يكتفي بتحسين ظروف العمل وإنما
يتعداها حتى ال تكون السيطرة ألرباب العمل ،إذ أن غايتها تغيير البناء االجتماعي ككل ،وهناك من
يصطلح على هذا النوع من النقابة بالنقابة المعارضة ،فهي تسعى للسيطرة على وسائل اإلنتاج حتى
تكون فيها السيطرة للعمال .كما أنها منفصلة على األحزاب السياسية ،لكونها تعتبرها جهة تسعى
للسيطرة عليها خدمة للنظام القائم ومصالحها الخاصة ،ومن أهم الدول التي عرفت هذا النمط هي
فرنسا.2
50
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
ويشير "سيدني ويب" إلى أن وظائف نقابات العمال تنعكس في تحسين ظروف العمل ألعضائها
والمحافظة على مستويات هم المعيشية واالجتماعية والتدهور واالنحطاط ،...تحسين ظروف العمل
وزيادة أجور العمال وتقليص ساعات العمل ،يعني زيادة األجور الحقيقية للعمال بحيث تنطبق
الزيادة مع ارتفاع األسعار ،فإذا ما تعادلت كفة مستويات األجور مع كفة مستويات األسعار فإن
العمال يستطيعون الحفاظ على مستواهم المعيشي ،بينما إذا ارتفعت األجور بنسب تقل عن نسب
ارتفاع األسعار فإن المستوى المعيشي للطبقة العاملة سينخفض وهذا ما تريده نقابات العمال ،ذلك
51
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
أنها تكافح من أجل تحسين المستوى المعيشي ألعضائها عن طريق رفع أجور العمال بنسب تزيد
عن ارتفاع األسعار.1
كما أدى التخصص والتقسيم الدقيق لل عمل إلى أجزائها البسيطة وتكليف العامل بمرحة صغيرة
ومتكررة ،قتلت فيه القدرة على اإلبداع واالبتكار واستغالل كل طاقاته ومهاراته فولدت عنده
الشعور بالتهميش والروتين الممل.
وكذلك اإلحساس بعدم الرضا عن نفسه وعن العمل الذي يؤديه وعليه فإن انضمامه إلى النقابة
يشعر ه بوجوده وكيانه بحيث يمكنه من خاللها التعبير عن طموحاته وتطلعاته والعمل على تحقيقها،
كما تزيد الشعور باإليمان والثقة بالنفس والتقدير.3
- 1إحسان محمد الحسن :علم االجتماع الصناعي ،مرجع سابق ،ص ص .152 ، 150
- 2عبد الباسط محمد حسن :مرجع سابق ،ص .218
- 3مصطفى الفياللي :مجتمع العمل ،ط ،1مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،2016 ،ص .257
- 4مصطفى الفياللي :المرجع نفسه ،ص .257
52
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
الخبرات والتجارب ،إن عدم اإللمام بالمستوى الثقافي والفكري للعمال سيعمل على بقاء طبقة العمل
محرومة من العديد من الحقوق والمزايا ،...فالنقابة تعمل على تنمية مهارات العمال وتأهيلهم
للتعامل مع وسائل اإلنتاج الحديثة وذلك عن طريق التدريب المهني للعمال الذي يعد ضروريا
لتحقيق أفضل نتائج ممكنة من المخترعات الحديثة مما يسمح للعامل من رفع مستواه بما يضمن له
االحتفاظ بعمله واالرتقاء فيه.
فالعامل هو رب أسرة ويؤثر في المجتمع ومن هنا كان لزاما على النقابات العمالية تزويد العمال
بأكبر قدر من المعرفة مما يمكنهم من تفهم الظروف االقتصادية واالجتماعية التي يعملون في ظلها،
وال شك أن رفع المستوى الثقافي للعمال سيؤدي لمساعدتهم على اتخاذ القرارات السليمة في مجال
العمل والحياة العامة لهم.1
إن معظم النقابات سواء في الدول الرأسمالية واالشتراكية تقوم بتكوين العمال ثقافيا وذلك عن
طريق وسائل مختلفة كتنظيم دروس لمحو األمية للعمال لتحسين مستواهم التعليمي بفتح مراكز
للمطالعة وإصدار المجالت الثقافية ،...ففي الدول الرأسمالية تكون الوظيفة الثقافية هي نتيجة
لمطالب الطبقات الشغيلة التي حرمت لوقت طويل من المعرفة ولذلك أصبحت النقابات في هذه
الدول تملك أقساما تثقيفية للعمال المنخرطين فيها ،وذلك من أجل تنمية معرفتهم بشكل منتظم
وتأهيلهم للقراءة والكتابة كما تطلعهم على حقوقهم وواجباتهم النقابية.
أما في الدول االش تراكية فالوظيفة النقابية هي وظيفة أساسية تفرضها طبيعة النظام االشتراكية
من أجل ترقية العمال من الناحية الفكرية حتى يتمكن من القيام بدوره داخل مكان العمل كمنتج
ومسير على أكمل وجه وبالتالي يكون مردوده نافعا له بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة فيمكن
القول أن النق ابات في الدول االشتراكية تعمل على تحسين كفاءة العمال برفع مستواهم المهني
والتعليمي.2
ولكي تحقق النقابات هذا الهدف وتقوم بهذه الوظيفة فإنه يمكنها االستعانة بعدة وسائل وأهمها
تنظيم الندوات والمحاضرات الثقافية وتطوير الصحافة العالمية ،كما يمكنها أيضا إنشاء مراكز
- 1مصطفى أحمد ابو عمرو :مرجع سابق ،ص ص .71 ، 70
- 2محمد العدل :االتجاه االيديولوجي في النظم االجتماعية ،دار الفكر العربي ،د ط ، 1974 ،ص .35
53
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
ثقافية واجتماعية تكون مقر لنشاطها الثقافي ...كما تكون أيضا هذه المراكز مقر للنشاط االجتماعي
كإقامة الحفالت والدورات الرياضية والمسابقات.1
يرى "ميلر فروم" أن النقابة تشبع الدافع االجتماعي لدى العامل وتحقق رغبته في االنتماء ،كما
أن االشتراك في التنظيم النقابي وسيلة لغاية أخرى هي إعطاء العامل مكانة اجتماعية مرتفعة حيث
يستطيع االتصال باإلدارة العليا ،ويساهم في بحث الموضوعات المتعلقة بالمؤسسة وتقديم
المقترحات التي تساهم في حل مشاكل العمل واإلنتاج.3
لقد كان نظام الطوائف الحرفية قديما يسيطر على الحياة االقتصادية بحيث كانت الطائفة تحل
محل العائلة حيث ال تآلف واالنسجام والتضامن بين أعضائها أين كان العامل يشعر باألمان
واالطمئنان ألنها تعطيه الصفة االجتماعية المستقرة .وبعد زوال هذا النظام ظهر نظام المصنع مما
أضعف تلك الروابط وضعف معها روح اإلحساس باالنتماء ،وأصبح كل ما يربط العمال بالمصنع
هو األجر ،باإلضافة إلى الستغالل الفاحش من أرباب العمل والصراعات المستمرة معهم ،حال دون
تكوين حالة اجتماعية هادئة.4
وعليه فإن النقابة كما عبر عنها "تانباوم " تعيد للعامل مجتمعه وتعطيه إحساسا بالزمالة وتقدم له
دورا اجتماعيا يفهمه وتجعل لحياته معنا ،حيث يشارك مع اآلخرين في نسق متكامل من القيم.5
باإلضافة إلى أن التنظيم النقابي وسيلة لغاية أخرى ،وهي إعطاء العامل مكانة اجتماعية مرتفعة،
حيث يستطيع االتصال باإلدارة العليا من غير طريق االتصال الروتيني.
54
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
-03أهداف النقابة:
يصنف علماء االجتماع النقابة العمالية ضمن الجماعات الضاغطة ،التي تمثل القوى الشرعية في
ممارسة وظائف في منظمة تتمتع بوظائف متمايزة ،ومتكاملة ،تهدف إلى حالة من المساواة،
والعدالة االجتماعية واالستقرار داخل المجتمعات.
وللنقابة العمالية أهمية قصوى في إحداث حراك اجتماعي داخلي والقوى الداخلية التي تؤثرها في
مختلف الحياة السياسية االقتصادية واالجتماعي باإلضافة إلى سعيها في تحقيق مجموعة من
األهداف تقسم كما يلي:
ولو رجعنا إلى أسباب هذا الصراع لوجدنا أن هناك سببين رئيسيين هما:
-سعي أصحاب رؤوس األموال إلى تحقيق أكبر قدر من الربح بتكلفة أقل.
-يهدف العمال إلى تحقيق أكبر أجر مقابل أقل جهد باإلضافة إلى شعور العمال بأن رؤوس
األموال ال تخدم المجتمع وال تعمل على إشباع حاجاته بل تخدم الطبقة الرأسمالية.
ب -أهداف النقابات في الدول االشتراكية:
إن الهدف األسمى الذي تسعى النقابات إلى تحقيقه هو تدعيم النظام االشتراكي يتم ذلك عن طريق
القيام بمهام محددة ترسمها وتقررها الحكومة مثل :تعبئة العمال لدعم الحزب الحاكم مثال وحثهم
على تنفيذ مخططات وبرامج الدولة السياسية واالقتصادية وبذلك يتحول هدف النقابات من مسؤولية
الدفاع عن العمال وحمايتهم إلى مجرد وسيلة وأداة يشتغل بها السياسيون لتنفيذ أغراضهم.2
- 1عبد الباقي صالح الدين :الجوانب العلمية والتطبيقية في إدارة الموارد البشرية بالمنظمات ،د ط ،دار الجامعة الجديدة ،مصر .44 ،2001
- 2محمد حسن منصور :قانون العمل ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ،د ط ، 2007 ،ص 135
55
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
56
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
-ترقية حقوق اإلنسان االجتماعية واالقتصادية والثقافية والبيئية كما هو مقرر في المعاهدات
واالتفاقيات الدولية.
-تشجيع وتفعيل العمل النقابي النسوي داخل هيئات اإلتحاد.
-إثراء وتنظيم المنظومة التربوية.
-الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للعمال وتحسين ظروف عملهم ومعيشتهم ،وكذلك
التصدي لمحاولة التعسف واالستغالل.
-تنسيق النشاط النقابي من أجل الدفاع عن مصالح العمال باستعمال الوسائل القانونية.
-حماية مناصب العمل والدفاع عليها باإلضافة إلى العمل على تحسين القدرة الشرائية للعمال
والسهر على التوزيع العادل للدخل الوطني.
-الحفاظ على المكاسب االجتماعية للعمال والسعي من أجل توفير المزيد منها.
-تعزيز الوعي النقابي وترقية الثقافة العمالية.
-تطوير وتوجيه وتحسين ومراقبة الخدمات االجتماعية لفائدة العمال المتقاعدين.
-تكريس عالقات األخوة وتثمين الروابط ومختلف أشكال التعاون مع المنظمات الدولية
المماثلة بغية تبادل الخبرات.
-ترقية حق ا لتفاوض واالتفاقيات االجتماعية والحق في الممارسة النقابية ،الحق في العمل من
أجل المحافظة على المنظومة الوطنية للحماية االجتماعية.
من خالل ما سبق نستنتج أن أهداف النقابة العملية تختلف من مجتمع إلى آخر وذلك باختالف
األنظمة والمنظمات الفكرية في كل المجتمعات ،أما فيما يخص أهداف النقابات في الجزائر فإنها
تشترك في األهداف التالية:
-04دور النقابة:
يعتبر تحقيق المكاسب االجتماعية من أهم األدوار التي تلعبها التنظيمات العمالية لما لها من دور
فعال في زيادة اإلنتاج ومساعدة األفراد ( العمال) لمواجهة المشاكل والتغلب عليها واالستفادة من
طاقاتهم .فالتنظيمات العمالية تهدف إلى تنمية العنصر البشري وتسعى إلى تحقيق أهدافه عن طريق
إشا عة العالقات العمالية السليمة وإشباع الحاجات اإلنسانية وتهيئة الفرد ( العامل) لمواجهة
مسؤولياته المهنية واالجتماعية حتى ينال حياة أفضل ويؤدي عمله بإيجابية وحماس وحثهم على
االبتكار واإلبداع.2
إن تحقيق المكاسب االجتماعية للعامل ليس بالضرورة ماديا فقط بل يمكن تحديدها كذلك في
مجموعة المجهودات الفنية التي تقوم بها هذه التنظيمات العمالية والتي من بينها:
58
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
إن وظيفة النقابة هي الدفاع عن العمال والطعن في قرارات رب العمل (تعمل أساسا على حل
المشاكل الفردية في إطار تعاون صراعي مع السلسلة الهرمية وإن كان يتم في إطار قانوني ) .إن
لوجود النقابة داخل المؤسسة ادوار جد مهمة.3
-تحليل ميزان القوة حتى تتفادى النقابة الصدام المباشر الذي يؤدي إلى اإلضراب بمناضليها.4
وانطالقا من هدا فأننا سنحاول استعراض مجموعة من أساليب العمل النقابي :
59
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
➢ من حيث المستوى:
يمكن أن تكون المفاوضات على مستوى المنش آت أو المنشأة الواحدة أو تكون على المستوى
الوطني.
➢ من حيث المحتوى:
أي ما يتم تناوله على مستوى طاولة التفاوض من مواضيع مثال :التفاوض على الحد األدنى
لألجور.
إن االتفاقية الجماعية هي النتيجة التي تم التوصل إليها من خالل المفاوضات الجماعية ،فهي
اتفاق مدون يعبر عن التزام الطرفين المتفاوضين وتضم جميع الشروط المتعلقة بالعمل.
60
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
ويتضح أن الهدف من المفاوضة الجماعية هي فرض بعض القيود من صاحب العمل على العمال
وعدم السماح باتخاذ قرار من طرف واحد فهي تسمح بالوصول إلى حل مالئم يرضي الطرفين ومن
خالله يمكن تحقيق العدالة النسبية وليست المطلقة.1
ب -اإلضراب:
إن اإلضراب أو التلميح به هو جزء أساسي من عملية المساومة وطبعا يتم تنفيذه بعد إتباع
اإلجراءات المنصوص عليها في القانون ،مثال في الجزائر قد نظم المشرع الجزائري اإلضراب في
المواد 48 – 24عن القانون 02 ، 90المؤرخ في 1990/02/06المتعلق بتسوية نزاعات العمل
الجماعية وممارسة حق اإلضراب.
وقد يكون اإلضراب المالذ األخير للنقابة العمالية بغية تحقيق مطالبها ،فيلجأ إليه كوسيلة تهديد
وضغط من أجل التوصل إلى نتائج ملموسة ،فإذا بدأ اإلضراب فإن كل طرف يعتمد على قوة تحمله
سواء كان رب العمل أو النقابة.
- 1عبد الغفار حنفي :إدارة الموارد البشرية ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ، 2007 ،ص .330
61
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
62
تصنيف النق ابات العمالية الفصل الثالث
ملخص الفصل:
خلصنا في هذا الفصل إلى أن تطور الحركة النقابية كان بفضل النضال المرير من أرباب العمل،
وكان من نتائج هذا التطور بروز اختالفات في الوظائف بين النقابان نفسها ،مما أدى إلى خلق أنماط
مختلفة من التنظيمات النقابية لكل منها أسلوبه الخاص في العمل وفي طرح المشاكل وحلها ،وكذلك
يقابل هذه الوظائف ثالث أشكال من النقابات ،الشكل األول النقابة الحرفية ويكون فيها العامل منتجا
فعليا ،وأما الشكل الثاني فهي النقابة الصناعية وظهرت على مستوى المصنع ،والشكل األخير هو
النقابة العامة وهي التي تضم عماال يشتغلون في وظائف متعددة وغير متجانسة.
وقد حددنا بعض األهداف العامة للنقابة في الدول الرأسمالية واالشتراكية وخصصنا جزء لبعض
ا لنقابات التي تنشط في الجزائر ،ثم تطرقنا إلى دور النقابة خاصة خاصة فيما يتعلق بدورها
األساسي المتمثل في الدفاع عم العمال وزيادة اإلنتاج باإلضافة إلى تنمية العنصر البشري مع سعيها
إلشاعة العالقات السليمة بين العمال وإشباع حاجاتهم االجتماعية.
أما نهاية الفصل ف قد ذكرنا فيها بعض األساليب التي تعتمدها النقابة من أجل جلب الحقوق وتحقيق
بعض المكاسب االجتماعية للعمال.
63
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
65
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
تمهيد:
على إثر المرسوم الرئاسي الذي وقعه رئيس الجمهورية والذي يتضمن قانون كيفية ممارسة
الحق النقابي ،يهدف هذا القانون إلى تعديل وتتميم بعض أحكام القانون رقم 14-90المؤرخ في 9
ذي القعدة عام 1410الموافق 2جوان سنة .1990والمتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي ،المعدل
والمتم.
وتضمن العدد األخير من الجريدة الرسمية رقم 30صدور القانون رقم 06-22مؤرخ في 24
رمضان عام 1443الموافق لـ 25أفريل سنة .2022ي ّعدل ويتمم القانون رقم 14 -90المؤرخ في
9ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 2جوان سنة .1990والمتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.
لذلك كان لزاما علينا التنويه إلى هذا اإلجراء الذي من شأنه أن يحدث تحوال في عملية الممارسة
2
النقابية سواء في تفاصيلها الجزئية أو الكبيرة.
- 1ج .ر :القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون رقم 14-90المؤرخ في 09ذي
القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ،العدد .17
66
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
وقد مس التعديل واإلضافة مواد عديدة على غرار المواد 60 ،59 ،56 ، 13 ، 9 ،6 ، 4
و . 61وسوف نتعرض في هذا المبحث إلى مختلف التعديالت وكذا اإلضافات التي مست مختلف
1
مواد القانون ، 14-90ومحاولة تحليلها ومناقشتها حسب األبواب.
-1المادة :04وقد تم تعديل هذه المادة وأصبحت كالتالي :مكن المنظمات النقابية للعمال
األجراء وللمستخدمين ،المؤسسة قانونا .أن تنشئ فدراليات أو اتحادات أو كنفدراليات .مهما
كانت المهنة أو الفرع أو قطاع النشاط الذي تنتمي إليه،
للفدراليات واالتحادات والكنفدراليات نفس الحقوق ،وعليها نفس الواجبات التي تطبق على
المنظمات النقابية ،وتخضع في ممارسة نشاطها ألحكام هذا القانون.
وقد فصلت هده المادة الكيفية التي تنشأ بها االتحادات والفيديراليات والكنفدراليات وكيفية تسيير
نشاطها ،وهدا ما كان غير مفصول في القانون القديم حيث كانت هذه األخيرة خاضعة للقوانين
التي تخضع لها المنظمات النقابية.
فهذه اإلضافات والتفصيالت من شأنها أن تقيد عملها وتجعلها أكثر انضباطا وأكثر تأطيرا
بالنسبة للدولة وأكثر حرية ووضوحا بالنسبة للتنظيمات النقابية.
-2المادة 04مكرر :وقد أضيفة هذه المادة من طرف التشريع الجزائري لتحديد كيفية تشكيل
الفيدراليات ونصت هذه المادة على ما يلي " :تتشكل الفدرالية من ثالث منظمات نقابية ،على
األقل ،للعمال األجراء أو للمستخدمين .المؤسسة قانونا وفقا ألحكام هذا القانون"
67
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
وبعد ما كان تشكيل الفيدرالية يتميز بشيء من العشوائية في القانون القديم القانون رقم 14 -90
،جاءت المادة 04مكرر من قانون رقم ، 06-22لتحدد وتضع شروطا مقيدة لتشكيل هذه
الفيدراليات وبالتالي تسهل عليها عمليات المتابعة وكذا إجراءات عملها داخل المؤسسة.
-3المادة 04مكرر :1وقد أضاف التشريع الجزائري هده المادة كذلك لتحديد كيفية تشكيل
االتحادات والكنفيدراليات ونصت هذه المادة على ما يلي " :تشكل االتحاد أو الكنفدرالية من
فدراليتين على األقل ،أو من خمس منظمات نقابية على األقل للعمال األجراء أو
المستخدمين .مؤسسة قانونا وفقا ألحكام هذا القانون"
وبعد ما كان تشكيل االتحادات النقابية وكذا الكنفيدراليات النقابية هو كذلك يتميز بشيء من
العشوائية في القانون القديم القانون رقم ، 14 -90جاءت المادة 04مكرر من قانون رقم 06-22
،لتحدد وتضع شروطا مقيدة لتشكيل هده األخيرة وبالتالي يسهل متابعتها وكذا إجراءات عملها
داخل المؤسسة.
-01المادة :06نصت هذه المادة على " :يمكن األشخاص المذكورين في المادة األولى أعاله.
أن يكونوا أعضاء مؤسسين لمنظمة نقابية إذا توفرت فيهم الشروط اآلتية
أن يتمتعوا بحقوقهم المدنية والوطنية.
أن يكونوا راشدين.
أن ال يكونوا قد صدر منهم سلوك مضاد للثورة التحريرية.
أن يمارسوا نشاطا له عالقة بموضوع المنظمة النقابية.
68
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
فلقد تم تعديل هذه المادة في قانون رقم ،06-22في جزئية واحدة فقط تتعلق الجنسية الجزائرية،
حيث كان في القانون القديم رقم 14 -90أن تكون جنسية األفراد المؤسسين جنسية جزائرية .
وجاء هذا التعديل من أجل أن يلغي شرط الجنسية الجزائرية على األفراد المؤسسين للمنظمة
النقابية مع اإلبقاء على الشروط األخرى كما هي.
-02المادة :09نصت هذه المادة على " :يرفق تصريح التأسيس المذكور أعاله ،بملف يشتمل
على ما يأتي:
-القائمة االسمية لألعضاء المؤسسين ولهيئات القيادة و/أو اإلدارة وتوقيعهم .وحالتهم
المدنية ومهنتهم وعناوين مساكنهم.
موقعا عليهما من عضوين مؤسسين ،على األقل .أحدهما
-نسختان من القانون األساسي ّ
المسؤول األول للنقابة .والباقي بدون تغيير.
وقد أضافت هذه المادة من القانون رقم ،06-22للقانون القديم تعديال في جزئية النسخة من
الق انون األساسي انه البد أن تكون ممضية من عضوين على األقل أحدهم هو ممثل النقابة العمالية
بينما في القانون القديم لم يشترط ذلك ،وهنا نجد أن التأسيس النقابي البد أن يشترط فيه معرفة من
ممثل النقابة العمالية لقبول الملف.
-03المادة 09مكرر :وتنص المادة على ما يلي " :يرفق التصريح بتأسيس فدرالية أو إتحاد
أو كنفدرالية للمنظمات النقابية للعمال األجراء .وللمستخدمين بملف يشتمل على ما يأتي
1
-نسخ من وصوالت التسجيل للنقابات التي تتشكل منها.
-القائمة االسمية ألعضاء الهيئات القيادية و/أو اإلدارية وتوقيعهم .وحالتهم المدنية
ومهنتهم وعناوين مساكنهم.
-نسخ من محاضر الجمعيات العامة للمنظمات النقابية األعضاء التي تصرح بإرادتها .في
تأسيس فدرالية أو اتحاد أو كنفدرالية.
69
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
-04المادة 13مكرر :وقد نصت هذه المادة في القانون الجديد رقم 06-22على ما يلي:
" يجب أن يكون المسؤول المكلف بقيادة و/أو إدارة المنظمة النقابية من جنسية جزائرية.
ومتمتعا بحقوقه المدنية والوطنية.
دون اإلخالل باألحكام المنصوص عليها في الفقرة األولى أعاله ،يمكن العمال األجراء أو
المستخدمين األجانب .المنخرطين في منظمة نقابية أن يكونوا أعضاء في هيئات قيادتها و/أو
إدارتها ،طبقا للقوانين األساسية واألنظمة التي تحكمها ،إذا كانوا:
مقيمين في الجزائر بصفة قانونية منذ ثالث سنوات ،على األقل. -
70
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
حائزين على سندات عمل صالحة .بالنسبة للعمال األجراء أو مستندات تبرر نشاطهم -
وهنا نرى أن هذا اإلجراء من شأنه أن يسد األبواب على كل الهيئات الخارجية التي تسعى إلى
زعزعت التنظيمات العمالية وكذلك السيطرة على المؤسسات الجزائرية من خالل استعمال
التنظيمات العمالية كأذاه ،لكن من جهة أخرى قد يسبب هذا اإلجراء إجحافا في حق العاملين الدين
يمضون عقودا مؤقتة في مؤسسات أجنبية من التدخل في شؤون الدفاع عن حقوق العمال
بالمؤسسات التابعة لهم.
-01المادة :56وقد تم تعديلها لتنص هذه المادة في القانون الجديد رقم 06-22على ما يلي" :
ويعد كل تسريح أو عزل لمندوب نقابي يتم خرقا ألحكام هذا القانون ،باطال وعديم األثر
ويعاد إدماج المعني في منصب عمله ( ...والباقي بدون تغيير).
في حالة رفض مؤكد من قبل المستخدم لالمتثال في أجل ثمانية أيام .ابتداء من تاريخ تبليغ
الطلب الذي يعده مفتش العمل إلعادة إدماج المندوب النقابي .وعالوة على األعمال التي
يتخذها طبقا ألحكام المادة 7من القانون رقم 30-90المؤرخ في 10رجب عام
1410الموافق 6فيفري سنة .1990والمذكور أعاله ،يحرر مفتش العمل المختص إقليميا
71
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
وقد جاء التعديل في هذه المادة تفصيلي ،حيث أن المادة 56في القانون القديم رقم ،30-90ال
تفصل في األسباب وأعطت األولوية المطلقة للمندوب النقابي باألحقية التامة للرجوع إلى منظمته
أو إلى منصبه ،بينما القانون الجديد أي القانون رقم ،06-22نجد أنه قد أعادة النظر في هذه المادة
وأضاف إليها لمسات المشرع بحيث أنه في حالة رفض مؤكد من قبل المستخدم لالمتثال في أجل
ثمانية أيام .ابتداء من تاريخ تبليغ الطلب الذي يعده مفتش العمل إلعادة إدماج المندوب النقابي.
وأشار كذلك المشرع الجزائري حتى إلى كيفية عودة المندوب إلى منصبه وهذا ما جاءت به المادة
56مكرر من القانون الجديد.
-02المادة 56مكرر :وقد نصت المادة على ما يلي" :إذا كان في تسريح أو عزل المندوب
النقابي خرق ألحكام هذا القانون ،وبعد استنفاد إجراءات الوقاية .وتسوية النزاعات الفردية
المنصوص عليها في تشريع العمل المعمول به .يخطر المندوب النقابي أو منظمته النقابية
الجهة القضائية المختصة التي تبت في أجل ال يتجاوز ثالثين يوما .بحكم مشمول بالنفاذ
المعجل ،بصرف النظر عن أي طعن .بإلغاء قرار التسريح أو العزل مع إلزام المستخدم
بإعادة إدماج المندوب النقابي في منصب عمله .دون اإلخالل بالتعويض عن األضرار التي
2
يمكن أن يطالب بها المندوب النقابي أو منظمته النقابية إصالحا للضرر الذي لحق به".
فالمادة 56مكرر من القانون رقم ، 06-22قد أضيفت إلى القانون لتضيف ضوابط لكيفية إعادة
المندوب النقابي لوظيفته بعد الفصل ،بعد ما كان يرجع بطريقة آليات لذلك.
72
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
-01المادة :59وتنص المادة على ما يلي " :يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 50000دج إلى
100000دج ،على أية عرقلة لحرية ممارسة الحق النقابي .كما هو منصوص عليه في
أحكام هذا القانون ،ال سيما الباب الرابع منه.
وفي حالة العود ،يعاقب بغرامة مالية تتراوح بين 100000دج إلى 200000دج .و بالحبس
من ثالثين ( )30يوما إلى ستة ( )06أشهر أو إحدى هاتين العقوبتين فقط“.
فالمادة 59من القانون رقم 06-22فقد عدمت مقارنة بالمادة 59في القانون القديم رقم 30-90
،فقد مس التعديل الغرامة المالية التي كانت تقدر ما بين 10000دج و 50000دج ،بحيث
أصبحت أكثر بكثير في القانون الجديد،
-02المادة :60وتنص المادة على ما يلي " :يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة
مالية تتراوح بين 20000دج إلى 100000دج ،أو بإحدى هاتين العقوبتين ،كل من يسير
أو يعقد اجتماعا ألعضاء منظمة نقابية موضوع حل أو يدير هذا االجتماع أو يشترك فيه
أو يسهله“.1
وقد تم تغيير األحكام المترتبة على كل من يسير عقد اجتماع ألي تنظيم نقابي قد فصل في حله
من طرف الهيئات المخول لها ذلك ،بما في ذلك أحكام الحبس أو الغرامة المالية ،إذ أن الحبس
ارتفع من مدة أدناها شهرين إلى مدة أدناها ستة أشهر مع اإلبقاء على المادة القصوى كما هي
والمحددة بعامين حبس ،وفيما يخص الغرامة المالية فقد ارتفعت بنسبة كبيرة حيث كانت في
القانون القديم ،30-90المادة 60تتراوح ما بين 5000دج إلى 50000دج ،فقد ارتفعت
أضعاف هذه النسبة في القانون ،06-22لتصبح تتراوح بين 20000دج إلى 100000دج .
-03المادة :61فقد نصت المادة على ما يلي" :يعاقب بالحبس مـن ثالثة أشهر إلى سنة
وبغرامة مالية تتراوح بين 20000دج إلى 50000دج .أو بإحدى هاتين العقوبتين ،كل
73
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
من يعترض تنفيذ قرار الحل المتخذ طبقا ألحكام المواد من 31إلى 33أعاله .دون
اإلخالل باألحكام األخرى المنصوص عليها في التشريع المعمول به“.1
فقد تم تعديل المادة في القانون الجديد 06-22حيث تم تغيير األحكام المترتبة على كل من
يعترض تنفيذ قرار الحل المتخذ طبقا ألحكام المنصوص عليها ،بما في ذلك أحكام الحبس أو
الغرامة المالية ،إذ أن الحبس ارتفع من مدة أدناها شهرين وأقصاها ستة أشهر في القانون القديم
، 30-90إلى مدة أدناها ثالثة أشهر وأقصاها سنة بعد التعديل في القانون الجديد ،06-22وفيما
يخص الغرامة المالية فقد ارتفعت بنسبة كبيرة فيما يخص الحد األدنى حيث كانت في القانون القديم
،30-90المادة 60تتراوح ما بين 5000دج إلى 20000دج ،فقد ارتفعت أضعاف هذه النسبة
في القانون الجديد ، 06-22لتصبح تتراوح بين 20000دج إلى 50000دج .
خالصة الفصل:
لقد تناولنا في هذا المبحث األول من الفصل الثاني مناقشة القانون رقم 06-22مؤرخ في 24
رمضان عام 1443الموافق لـ 25أفريل سنة .2022يعّدل ويتمم القانون رقم 14 -90المؤرخ في
9ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 2جوان سنة .1990والمتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.
حيث تطرقنا فيه لمختلف المواد التي مسها التعديل أو المواد المضافة والمتممة عبر مختلف أبواب
القانون.
فبدأنا بالباب األول الذي يخص الهدف واألحكام العامة حيث تم فيه تعديل المادة 04التي
وضحت كيفية إنشاء االتحادات والفيدراليات والكنفدراليات وضوابطها باإلضافة إلى حقوقها
وواجباتها ،تم تعرضنا إلى المادة المتممة 04مكرر التي بينت كيفية تشكيل الفيدراليات ،وتبعتها
المادة 04مكرر 1التي وضحت وأشارت إلى كيفية إنشاء االتحادات والكنفدراليات.
74
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
أما الباب الثاني الذي يخص تأسيس التنظيمات النقابية وتنظيمها وتسييرها ،فقد تطرقنا فيه في
فصله األول الخاص بالتأسيس ،إلى المادة 06التي تم فيها التعديل ،حيث تم فيها نزع الجنسية من
شروط من يؤسس منظمة نقابية بالجزائر ،وكذلك المادة 09من نفس الفصل التي تم التعديل فيها
بإضافة شرط التوقيع على النسخة المقدمة للقانون األساسي من أجل التأسيس لممثل النقابة وعضو
أخر ،ثم المادة 09مكرر من نفس الفصل ،التي نصت على كيفية التصريح بالفيدرالية
والكونفدرالية واالتحاد والضوابط التي تضبط كل تنظيم ،أما في الفصل الثاني من الباب الثاني
والمتعلق بالحقوق والواجبات ،فتطرقنا فيه للمادة 13مكرر المتممة للمادة التي قبلها والتي
اشترطت الجنسية الجزائرية في كل من يقود التنظيم النقابي أو لممثل التنظيم النقابي ،واشترط
كذلك إقامته بالجزائر لمدة ال تقل عن 3سنوات.
وفي الباب الثالث الذي يخص األحكام الخاصة بالتنظيمات النقابية للعمال الجراء ،فقد تطرقنا فيه
للمادتين 56و 56مكر ر في الفصل الثالث الذي يخص الحماية ،بحيث تم التعديل هذه المادة56
وإضافة المادة 56مكرر ،حيث أن المادتين وضحتا الكيفية التي يرجع بها للمندوب النقابي إلى
منصبه ومنظمته.
أما الباب الخامس الذي يخص األحكام الجزائية فقد تم فيه تعديل المواد ، 61 ، 60 ، 59المواد
التي تم التفصيل فيها في أحكام الحبس والغرامات المالية التي تخص األحكام القضائية بحيث لمسنا
فيها بعض الزيادات الملحوظة
75
دراسة مقارنة لـ القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي الفصل الرابع
76
خالصة الدراسة الفصل خامس
76
خالصة الدراسة الفصل خامس
االستنتاج العام:
من خالل هذه الدراسة التي قمنا بها والتي جاءت لمحاولة فهم ولتحديد العمل النقابي في الجزائر
بين المشروعية والنزاهة وأثره في تحقيق المكاسب االجتماعية للعمال ،ودراسة على ضوء
قانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة ، 2022المعدل
والمتمم للقانون رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990
القديم المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.
وكذا تحليلنا لمختلف المواد الموجودة بالقانون 06-22والتي من خاللها حاولنا معرفة العالقة
بين إصدار هذا القانون الجدي د بتعديالته من جهة وفهم العمل النقابي والمهان التي يؤديها لتحقيق
المكاسب العمالية من جهة أخرى
وعليه فان الدراسة التي قمنا بها من خالل فصولها األربعة بما في ذلك مناقشة المواد محل
التعديل خرجنا من كل ذلك باستنتاج عام تلخص فيما يلي:
القانون الجديد منح امتياز ات كبيرة من شأنها أن تضبط العمل النقابي في الجزائر وتنزع
اللبس عن كثير من األعمال النقابية عير الواضحة.
وان القانون الجديد بتعديالته أكثر توضيح من سابقه
القانون الجديد لم يأتي للدفاع عن الطبقة العمالية بل ليضبط العمل النقابي في الجزائر.
يشتمل القانون الجد يد للممارسة النقابية على جميع قضايا التي كانت تسبب مشاكل للنقابة
تعمل النقابة العمالية على تحسين الحالة االجتماعية للعمال.
توجد وسائل ناجحة وفرها القانون الجديد للنقابة لتحقيق المكاسب االجتماعية للعمال
77
خالصة الدراسة الفصل خامس
الخاتمة:
لعبت النقابات العمالية في الجزائر أدوارا مهمة في الجزائر وال تزال وحققت عدة مكاسب،
اجتماعية واقتصادية وسياسي مهمة ،فكان نضالها طويال زاوج بين األحادية الحزبية والنقابية وبين
التعددية التي ساهمت في النهوض بالعمل النقابي بشكل ملحوظ ،إال أدوارها االقتصادية والمهنية
والتعليمية والصحية واالجتماعية أصبحت صعبة التحقيق في ظل المتغيرات الداخلية والخارجية
التي نعيشها اآلن ،خاصة وبصدور القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443
الموافق 25أبريل سنة ، 2022المعدل والمتمم للقانون رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة
عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990القديم المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ،الذي بدوره
شدد الخناق على كثير من الجوانب العملية للنقابات العمالية من خالل صدور بعض القوانين التي
تشدد الحزم في العمل النقابي حيث أصبح الخطأ يكلف غاليا وهذا ما يجعل العمل النقابي صعب
في ما يخض الدفاع فن حقوق العمال.
فكانت قضايا التنمية االقتصادية والمهنية ضئيلة ومنحصرة في جوانب كرفع األجور وبعض المنح
دون فتح أسواق نضالية تنموية تحاكي تطلعات السوق واالقتصاد المعرفي.
ومن جانب نضالها االجتماعي والتعليمي والصحي نجدها مازالت تراوح مكانها وكل نشاطها
يصب في زاوية ضيقة تنتهي بانتهاء حدود العمل المؤسساتي ،فهي تدافع عن حق العامل الذي
يدوم دوامه 08ساعات دون مزاوجة لما ينتظره خارجا بعد نهاية دوام العمل ،وهذا ما أصبغ
نضالها بالنضال التقليدي.
فالعمل النضالي في الجزائر ينتظره مشوار نضالي طويل وينتظره كذلك تجديد لنخبه وأعضائه بما
يتوافق ومتغيرات البيئة الوطنية.
لكنه رغم كل ذلك إال أنه وبسببه قد تم تحسين الكثير من القطاعات والكثير من المكتسبات المادية
والمعنوية للعامل والمؤسسة ،ويبقى التحدي هل سيجابه مناضلي الحركة النقابية هذه التحديات في
78
خالصة الدراسة الفصل خامس
القوانين وما يساير مطامح النقابة أم ستتولى الدولة التضيق على هته المنظمات النقابية إلرغامها
في الدخول تحت وصايتها والعمل بما تقتضيه دون المساس بأمن واستقرار الدولة
79
81
-1إحسان محمد حسن :علم االجتماع الصناعي ،دار وائل للنشر ،األردن.2005 ،
-2مصطفى أحمد أبو عمرو :عالقات العمل الجماعية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،د ط.2005 ،
-3عبد الوهاب الكيالني :الموسوعة السياسية ،المؤسسة العربية للنشر ،بيروت ،ط ( .1996 ،1قاموس)
Fridrich ebert,Manuel de formation,alger,2006 -4
-5محمد خالد :الحركة النقابية بين الماضي والحاضر .1975
Jean Rivero, jane savatier, droit de travail, presse unversitaire de France, callection thenis, -6
.1993
-7أحمد زكي بدوي ،معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ،مكتبة لبنان ( .1982 ،قاموس)
-8ايمان النمس :دور النقابات العمالية في صنع سياسات الحماية االجتماعية في الجزائر ،دار ناشري للنشر.2014 ،
( .Frideric delacourt, dictionnaire des termes du travail; de vecchi, paris, 2001 -9قاموس)
-10رمضان عبد هللا صابر :النقابات العمالية وممارسة حق اإلضراب ،دار النهضة العربية.2004 ،
-11محمد عبد هللا نصار :المفاوضات الجماعية ودور منظمات العمل العربية ،القاهرة ،د ط.1996 ،
-12رضا صاحب أبو حمد آل علي :اإلدارة لمحات معاصرة ،مؤسسة الورق للنشر ،ط.2011 ،1
-13العابد الكنتي عقباوي :دليل العمل النقابي ،جوان .2011
-14محمد فارس :أبحاث تاريخ الحركة النقابيةالجزائرية ،ترجمة بيرم عبد المجيد ،من تاريخ الحركة النقابية الجزائرية،
دراسات وبحوث ،مجلة الثورة والعمل ،االتحاد العام للعمال الجزائريين ،الجزائر .1998 ،
-15فتحي محمد موسى :العالقات اإلنسانية في المؤسسات الصناعية ،دار زهران للنشر والتوزيع ،ط.1
-16عبد الباسط عبد المحسن :اإلضراب في قانون العمل ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة القاهرة1992 ،
-17جمال البنا :الحركة النقابية وتطورها ،مطابع الجامعة العالية ،القاهرة ،د ط.1989 ،
-18جورج فريدمان :رسالة في سوسيولوجيا العمل ،ترجمة حسن حبدر ،ط ،1منشورات عويدات ،بيروت .1985
-19النقابة في المؤسسة الصناعية الجزائرية دراسة سوسيولوجية للنقابة مكرة تكميلية لنيل شهادة الماجستير ،قسنطينة .2012
-20استراتيجية الممارسة النقابية ،الخطوط الجوية الجزائرية ،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير.2005 ،
-21أحمد الرفاعي :تاريخ الحرة النقابية ،دراسة الطبقة العمالية في البلدان لعربية ،نوفمبر – 1969الشركة الوطنية للنشر
واالشهار ،الجزائر.1982 ،
-22محمد حسين منصور :قانون العمل ،دار الجامعة الجديدة ،االزراطية مصر.2007 ،
-23رؤوف عباس :الحركة العمالية في مصر ،دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ،القاهرة.1968 ،
-24عبد هللا الحنا :الحركة النقابية والعمالية في المغرب ،المرشد ،مجلة الثقافة العمالية والتكوين ،المعهد الوطني لدراسات
والبحوث النقابية دارني محمد ،الجزائر عدد .1978 ،6
-25بولكعيبات إدريس :مجلة العلوم االسانية ،العدد ،12جامعة بسكرة.2007 ،
-26نعيمة نصيب :النقابات العمالية وتحديد سوق العمل في الجزائر ،رسالة ماجستير علم االجتماع جامعة عين شمس مصر،
.1998
-27طالب عبد الرحيم :نشأة الحرك النقابية وتطورها في الجزائر ،عن كتاب محاضرات الشركة الوطنية للنشر والتوزيع،
الجزائر.
82
Rabah nourdine: lagestion socialiste des entreprises en algerie opu, algre, 1985 -28
Jeanne favret/ le syndicat le travaillleure et le pouvoir en algerie, annuaire de l'afrique, 1997 -29
.CNAS, paris
-30مجلة الاتحاد العام للعمال الجزائريين ،عدد خاص.1968 ،
-31مرسوم رئاسي 71،74المؤرخ في 16نوفمبر 1971متعلق بالتسيير االشتراكي.
-32جورج فريدمان :رسالة في سوسيولوجيا العمل ،ترجمة حسن حيدر ،ط ،1منشورات.
-33عبد اللطيف بن اشنهو :التجربة الجزائرية في التنمية والتخطيط ،الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية.1982 ،
-34مجلة الثورة والعمل ،العدد ، 352أفريل.1982
-35أحمد بن يعقوب تسيير المؤسسة الصناعية العمومية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر .1987،
-36عبد هللا محمد عبد الرحمن :علم االجتماع التنظيم ،دار المعرفة الجامعية ،االسكندرية .1994 ،
-37عبد المنعم الغزالي الجبييلي :الحركة العمالية والنقابية في العالم ،مكتبة النهضة بغداد ،د ط د س .
.Alain Touraine,pour lasociologie,paris édition seuil,1974 -38
Alain Touraine,pour lasociologie -39
-40صالح بن نوار ،فعالية التنظيم في المؤسسة االقتصادية ،مخبر علم االجتماع االتصال للبحث والترجمة ،قسنطينة.2006 ،
-41أسباب نزاعات العمل في المؤسسة الصناعي الجزائرية ،مدكرة ماجيستير في تنمية وتسيير الموارد البشرية ،جامعة
منتوري قسنطينة ،الجزائر.2006 ،
-42مسعودي أحمد :مالتعددية النقابية في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الدكتوراه في علم االجتماع .2014 ،
-43أحمد زكي بدوي :عالقات العمل في الدول العربية ،دار النهضة العربية ،بيروت.1985 ،
-44باركر وآخرون :علم اإلجتماع الصناعي ،ترجمة مجموعة من األساتدة دار المعارف ،االسكندرية (د،س).
-45أ.ملياني و د.إ شرفة ،إشكاليات الفعل النقابي في الجزائر إتجاه المجتمع ) رؤية تحليلية(،مجلة التميز الفكري للعلوم
االجتماعية واإلنسانية ،العدد) 03جانفي( . 2020
-46ج .ر :القانون رقم 06-22مؤرخ في 24رمضان عام 1443الموافق 25أبريل سنة 2022وهو يعدل و يتمم القانون
رقم 14-90المؤرخ في 09ذي القعدة عام 1410الموافق لـ 02يونيو 1990المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي،
العدد .17
83
84
85
86
87