You are on page 1of 19

‫المـقــدمــة‪:‬‬

‫‪      ‬إن محاول ة األورب يين لإلس تالء على ع دة بل دان إس المية بع د إلح اق هزيم ة قاس ية‬

‫بتركيا في نهاية الحرب العاملية األولى‪ ،‬واحتفال األوربيين في الجزائر سنة ‪1930‬م بمرور‬

‫ق رن على احتالل البالد وف رض الهيمن ة الفرنس ية على الجزائ ريين ومع املتهم للجزائ ر‬

‫معامل ة جاف ة وقاس ية من ط رف األورب يين املتواج دين ب الجزائر‪،‬فتعت بر ه ذي الف ترة من‬

‫القرن العشرين فترة تبلورت فيها التيارات السياسية والحركات الوطنية الجزائرية ومن‬

‫هنا نجد الحركة االصالحية التي قادتها جمعية العلماء املسلمين الجزائريين وهي بدورها‬

‫ظهرت كنتية حتمية السباب داخلية وخارجية التي مرت بيها البالد حيث قام املستعمر‬

‫بطمس للهوي ة الجزائري ة والس عي الى إذاب ة الجزائ ريي في كي ان املجتم ع الفرنس ي ‪ ،‬وفي‬

‫خص م ه ذة االح داث ظه رت جمعي ة العلم اء املس لميين حامل ة ملش روع نهض ة فكري ة‬

‫وحضارية مساهمة في الحفاظ على الهوية الوطنية بمقويماتها وبث الوعي ومحاربة الجهل‬

‫‪.‬‬

‫وعلى هتيه االحداث تبادرالى ذهني اإلشكالية التي مفادها ‪:‬‬

‫ما مدى مساهمة جمعية العلماء املسلمين الجزائريين في الحركة الوطنية ؟‬

‫وكيف كان عملها ؟‬

‫‪1‬‬
‫املبحث االول‪ :‬نشأة جمعية علماء املسلمين‬

‫املطلب االول‪ :‬الدعوة إلى تأسيس جمعية علماء املسلمين‬


‫عن د ع ودة العلم اء إلى الجزائ ر أث ر الح رب ‪ ،‬ب دأ العلم اء ـ ال ذين ك انوا مفعمين باملط امح و األفك ار‬
‫املعادي ة للفرنس يين ‪ ،‬وال ذين وج دوا زمالءهم في ال وطن في حالة س بات ‪ ،‬يائس ين مع زولين و ال ذين‬
‫اكتس بوا تج ارب غني ة وط وروا وعي ا سياس يا ـ جه ودهم اإلص الحية في خل ق الص حافة‪ ،‬واملدارس‪،‬‬
‫والن وادي الثقافي ة ‪ .‬وهك ذا ع ادت إلى الظه ور بينهم فك رة إنش اء منظم ة تعكس تفك يرهم و توج ه‬
‫‪1‬‬
‫جهودهم‪. ‬‬
‫‪     ‬وبناءا على رواية اإلبراهيمي ‪ ،‬فإن ابن باديس قد زاره في سطيف ‪ ،‬سنة ‪ ،1924‬وأخبره بخطته في‬
‫خل ق جمعي ة للعلم اء في قس نطينة ‪ ،‬تحت اس م "جمعي ة اإلخ اء العلمي"‪ .‬وأض اف ابن ب اديس إلى‬
‫مضيفه‪ ،‬أن الجمعية ستوحد جهود العلماء الجزائريين و طالبهم‪ ،‬وإنها ستساعد على ربطهم جميعا‬
‫ببرنامج مشترك ‪ .‬وقد شجع اإلبراهيمي الفكرة‪ .‬ثم عمل الرجالن على وضع خطة تتضمن الدستور ‪،‬‬
‫ومك ان االجتم اع ‪ ،‬واملديرين‪ ،‬باإلض افة إلى خط وات أخ رى‪ ،‬إلع داد االجتم اع التأسيس ي‪ ،‬وع اد ابن‬
‫ب اديس إلى قس نطينة واستش ار زمالءه ومس اعديه‪ ،‬وعلى رأي اإلب راهيمي لرحب وا ب الفكرة وتبن وا‬
‫‪2‬‬
‫الدستور املؤقت‪ .‬ولكن ظروفا جديدة طرأت فأخرت املشروع ست سنوات‪. ‬‬
‫‪      ‬ولكن العبارة السحرية " لجمعية اإلخاء" انتشرت في كل مكان في الجزائر‪ .‬فقد استعملها الكتاب‬
‫في الصحافة‪ .‬والخطباء في االجتماعات العامة ‪ ،‬باإلضافة إلى استعمالها في املحادثات الخاصة‪ .‬وبناءا‬
‫على رأي اإلب راهيمي‪ ،‬ف إن العب ارة‪ ،‬ق د ج ذبت أنظ ار املثقفين في البالد كله ا‪ .‬وم ع ذل ك ف إن زعم اء‬
‫املشروع قد شعروا أن خلق مثل هذه املنظمة قد يؤدي إلى انقسام الطبقة املتعلمة ‪ ،‬إذا لم يسبق‬
‫‪3‬‬
‫ذلك إعداد محكم‪. ‬‬
‫‪      ‬‬

‫‪ 1‬محمد البشير االبراهيمي‪ ،‬سجل مؤتمر جمعية العلمء المسلمين الجزائريين المنعقد بمركزها العام بنادي الترقي دار الكتب الجزائر ‪ 1982‬ص‬
‫‪54‬‬
‫‪ 2‬سميرة براهيمي‪ ،‬عالقة جمعية علماء المسلمين الجزائريين بأحزاب الحركة الوطنية مذكرة ماستر جامعة المسيلة ‪ 2017/2018‬ص‪15‬‬
‫‪ 3‬محمد البشير االبراهيمي مرجع سابق ص ‪58‬‬

‫‪2‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الظروف والعوامل التي ساعدت على نشأت وظهور جمعية علماء‪.‬‬

‫مر معنا‪ ،‬فقد ُبذلت جهود كبيرة لتجميع وحشد القوى‪ ‬والطاقات تحت راية واحدة‪ ،‬ملواجهة‬
‫‪     ‬كما ّ‬
‫التحديات واألخطار املحدقة باألمة‪ ،‬مع ذلك فقد‪ ‬تضافرت ظروف عديدة وعوامل كثيرة‪ ،‬ساهمت‬
‫جميعها في إظهار (جمعية العلماء املسلمين‪ ‬الجزائريين) إلى الوجود‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ الظروف التي نشأت فيها الجمعية‪: ‬‬
‫‪        ‬ومن هذه الظروف نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫‪     ‬أوال–‪ ‬مرور قرن كامل على احتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬فقد نظم الفرنسيون احتفاالت ضخمة في‬
‫الذكري املئوية لالحتالل‪ ،‬استفزازا لألمة‪ ،‬وإظهارا للروح الصليبية الحاقدة التي يضمرونها لإلسالم‬
‫واملس لمين‪ ،‬حيث أن الفرنس يون ق الوا‪" :‬إن احتفالنـ ــا اليـ ــوم ليس احتفـ ــاال بمـ ــرور مائـ ــة سـ ــنة على‬
‫احتاللنا الجزائر‪ .‬ولكنه احتفال بتشييع جنازة اإلسالم فيها"‪.‬‬
‫‪     ‬ثانيا–‪ ‬التحضير للمؤتمر اإلسالمي الذي عقد في القدس برئاسة الحاج أمين الحسيني‪ ،‬في ديسمبر‬
‫‪1931‬م‪ ،‬الذي كان هدفه توحيد الصف اإلسالمي بعد سقوط الخالفة اإلسالمية‪ .‬في تلك الظروف‬
‫‪4‬‬
‫املفعمة بالتحديات‪ ،‬ظهرت جمعية علماء للوجود‪.‬‬
‫‪2‬ـ‪ ‬العوامل التي ساعدت على نشأة الجمعية‪:‬‬
‫‪        ‬ومن هذه العوامل نذكر ما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ -‬كان هناك تأثير الشيخ عبده (حركة الجامعة اإلسالمية) ‪ ،‬والسيما فكرته عن االجتهاد ‪  .‬‬
‫ثانيا‪ -‬تأثير مجلة "املنار" وكتب املصلحين الدينيين ‪ ،‬مثل ابن تيمية ‪ ،‬وابن القيم ‪ ،‬والشوكاني (هؤالء‬
‫كلهم محل إعجاب الوهابيين أيضا) ‪.‬‬
‫ثالثا‪ " -  ‬الثورة التعليمية " التي أحدثها ابن باديس بعد عودته من تونس و املشرق ‪.‬‬
‫رابعا‪ -‬الوقع النفسي للحرب على الجماهير الجزائرية ‪ ،‬الذي أدي إلى تدهور االعتقادات الخرافية ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تدهور املبادئ "املقدسة" في أعين هذه الجماهير ‪.‬‬
‫خامسا‪ -‬عودة بعض "أبناء الجزائر املخلصين املؤمنين " من الحجاز " منبت اإلسالم ومركز النهضة‬
‫اإلصالحية‪ ،‬وبعد أن تعلموا فكرة اإلصالح الناضجة‪ 5. ‬‬

‫‪ 4‬مازون صالح مطبقاني جمعية علماء المسلمين الجزائرين ودورها في الحركة الوطنية ‪ 1939-1931‬تقديم ابو القاسم سعد هللا دار بني مزغنه‬
‫الجزائر‪ 2015،‬ص‪50‬‬
‫‪ 5‬سميرة االبرهيمي مرجع سابق ص ‪20‬‬

‫‪3‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تأسيس جمعية علماء املسلمين( أعضائها ‪ /‬مبادئها )‬

‫‪     ‬على الس اعة الثامن ة من ص باح ي وم الثالث اء الس ابع عش ر من ذي الحج ة الح رام ع ام ‪1349‬هـ‬
‫ّ‬
‫املواف ق للخ امس من م اي ‪1931‬م‪ ،‬اجتمــع‪ ‬بنـ ـ ــادي الـ ـ ــترقي‪ ‬بعاص مة الجزائ ر‪ 72 ‬من علم اء القط ر‬
‫ّ‬
‫الجزائ ري وطلب ة العلم في ه إجاب ة ل دعوة خاص ة من لجن ة تأسيس ية متألف ة من جماع ة من فض الء‬
‫العاصمة عميدها‪ ‬الســيد عمــر إســماعيل‪ ‬أحسن هللا جزاء الجميع‪ ،‬وغرض هذه الدعوة هو تحقيق‬
‫ّ‬
‫فكرة طاملا فكر فيها علماء القطر فرادي وهي تأسيس‪" ‬جمعيــة العلم ــاء املسلمي ــن"‪ ،‬فأقدم علماء من‬
‫كل جهات البالد رغم التهديد والوعيد يِؤ سسون في اليوم مشهود هذه الجمعية التي تمكنت من بعث‬
‫‪6‬‬
‫العروبة و اإلسالم في قطر االستعمار‪ ،‬التفرنس واملسخ‪.‬‬
‫‪   ‬كان اجتماعهم بصفة جمعية عمومية لوضع القانون األساسي للجمعية‪ّ ،‬‬
‫وعينوا للرئاسة املؤقتة‬
‫الش يخ‪ ‬أب ــا يعال ال ــزواوي‪ ،‬وللكتاب ة األس تاذ‪ ‬محم ــد األمين العم ــودي‪ ،‬فق د س لكت الجمعي ة طريق ة‬
‫االق تراح ف ألقي عليه ا اق تراح باختي ار جماع ة معين ة ووق ع اإلجم اع على اختياره ا‪ ،‬وه ذه أس ماؤهم‪:‬‬
‫األس اتذة‪ :‬عبـ ـ ــد الحميـ ـ ــد بن بـ ـ ــاديس‪ ،‬محمـ ـ ــد البشـ ـ ــير اإلبـ ـ ــراهيمي‪ ،‬الطيب العقـ ـ ــبي‪ ،‬محمـ ـ ــد األمين‬
‫العمــودي‪ ،‬مبــارك امليلي‪ ،‬إبــراهيم بيــوض‪ ،‬املولــود الحــافظي‪ ،‬مــوالي بن الشــريف‪ ،‬الطيب املهــاجي‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫السعيد اليجري‪ ،‬حسن الطرابلسي‪ ،‬عبد القادر القاسمي‪ ،‬محمد الفوضيل اليراتني‪.‬‬
‫‪_    ‬وعلى الس اعة الثامن ة من مس اء ذل ك الي وم أيض ا‪ ،‬اجتمعت الهيئ ة اإلداري ة خاص ة م ا ع دا‬
‫األس تاذين ابن ب اديس و الطرابلس ي الغ ائبين‪ ،‬ف انتخبت األس تاذ عب د الحمي د بن ب اديس(رئيسـ ــا)‪،‬‬
‫واألستاذ محمد البشير اإلبراهيمي(نائبــا للــرئيس)‪ ،‬واألستاذ‪ ‬األمين‪ ‬العمودي(أمين العــام)‪ ،‬والطيب‬
‫العق بي(األمين الع ــام املس ــاعد)‪ ،‬واألس تاذ مب ارك‪ ‬امليلي(أمين املال)‪ ،‬واألس تاذ إب راهيم بي وض(ن ــائب‬
‫أمين املال)(‪ .)1‬وبقي ة األس اتذة املذكورين للعض وية و االستش ارة‪ ،‬وانفض ت الجلس ة على الس اعة‬
‫التاس عة ونص ف مس اءا‪ ،‬وعلى الس اعة الرابع ة من مس اء ي وم األربع اء الث امن عش ر من ذي الحج ة‬
‫الح رام ع ام ‪1349‬هـ املواف ق للس ادس من م اي س نة‪1931  ‬م‪ ،‬عق دت الهيئ ة اإلداري ة أول جلس ة‬
‫بنادي‪ ‬الــترقي‪ ‬برئاسة األستاذ‪ ‬محمــد البشــير‪ ‬اإلبــراهيمي‪ ،‬حضرها جميع األعضاء ما عدا األستاذين‬
‫ابن ب اديس و الطرابلس ي‪ ،‬وأع ادت النظ ر في الق انون األساس ي فأقرت ه باإلجم اع وق ررت ترجمت ه‬
‫باللغ ة الفرنس ية‪ ،‬وتقديم ه للحكومة طالب ا منه ا التص ديق عليه ا‪ .‬وعلى الس اعة الثامن ة والنص ف من‬
‫بلعفية أمين‪ :‬التنشأة السياسية عند جمعية ‪ 1956-1931 ...‬رسالة ماجستر علم االعالم واالتصال جامعة الجزائر ص ‪30‬‬ ‫‪6‬‬

‫أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬جمعية العلماء المسلمين ودورها في الحركة الوطنية عالم االفكار وزارة الثقتفة الجزائر ‪ 2011‬ص ‪42‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪4‬‬
‫ص باح ي وم الخميس املوالي عق دت الهيئ ة اإلداري ة جلس ة برئاس ة األس تاذ عب د الحمي د بن ب اديس‬
‫وعرضت عليه األعمال السابقة فوافق عليها‪ ،‬وانفضت الجلسة على الساعة التاسعة صباحا‪.‬‬
‫‪   ‬كم ا اعتق د العلم اء وعلم وا مب ادئهم ن ذكر منه ا‪/1 :‬اإلس الم ه و دين هللا ودين اإلنس انية قاطب ة‬
‫‪/2‬القرآن هو كتاب هللا ‪/3‬السنة الحقيقية هي تفسير القرآن ‪/4‬البدعة هي كل شكل من العبادة التي‬
‫ليس له ا أص ل في الس نة ‪/5‬محم د ه و أفض ل الخل ق ‪/6‬التوحي د ه و أس اس ال دين ‪/7‬الخالص ه و‬
‫‪8‬‬
‫بالعمل الصالح وحده ‪/8‬املرابطية بدعة وهي تعني استغالل اإلنسان وقتل العقل‪...‬الخ‪.‬‬

‫محمد البشير االبراهيمي‪ ،‬سجل مؤتمر جمعية العلمء المسلمين الجزائريين المنعقد بمركزها العام بنادي الترقي دار الكتب الجزائر ‪ 1982‬ص‬ ‫‪8‬‬

‫‪59‬‬

‫‪5‬‬
‫املبحث الثاني‪  :‬أهداف الجمعية والوسائل املستعملة في تحقيقها والصعوبات التي وجهتها‬
‫املطلب االول‪ :‬أهداف جمعية العلماء املسلمين الجزائري‬
‫‪      ‬الخطاب النفيس الذي ألقاه البشر اإلبراهيمي‪ ،‬نائب الرئيس‪ ،‬مساء الثالثـاء ‪ 4‬ربيع األول ‪ ،‬اليوم‬
‫الثاني لالجتمــاع العام لجمعية العلمـاء املسلمين الجزائرييـن فقد ّبين أن الجمعيـة قـد ّ‬
‫أسس ت‪ ‬لهدفيـن‬
‫شريفيـن‪ ،‬لهما في قلب كـل عربي مسلم بهذا الوطن مكانة ال تساويها مكانة‪ ،‬وهما‪ ‬إحياء مجـد الــدين‬
‫اإلسـ ــالمي‪ ‬و‪ ‬إحي ــاء مج ــد اللغ ــة العربية‪ .‬فأم ا إحي اء مج د ال دين اإلس المي فبإقامت ه كم ا أم ر هللا أن‬
‫ُيقام بتصحيح أركانه األربعة‪:‬العقيدة والعبادة واملعاملة والخلق‪ .‬وأما إحيـاء اللسـان العــربي فألنه‬
‫لســان ه ذا ال دين واملترجم عن أس راره ومكونات ه ألن ه لس ان القـرآن ال ذي ش رع مس تودع الهداي ة‬
‫اإللهية العامة للبشر كلهم‪ ،‬ألنه لسان محمـد بن عبـد هللا صلي هللا عليه وسلم صفوة هللا من خلقـه‪،‬‬
‫واملث ل األعلى له ذا الن وع اإلنس اني ال ذي ه و أش رف مخلوقـات هللا‪ ،‬وألن ه لس ان ت اريخ ه ذا ال دين‬
‫ُ ّ‬
‫وم َجلي مـواقع العبر منه وكما قال اإلمام عبد الحميد ابن باديس مخاطبا هذا الشعب‪":‬أيهــا الشــعب‬
‫املسـ ــلم الجزائـ ــري الكـ ــريم‪ ،‬تاهلل لن تكـ ــون مسـ ــلما إال إذا حـ ــافظت على اإلسـ ــالم ولن تحافـ ــظ على‬
‫اإلسالم إال إذا فقهته‪ ،‬ولن تتفقه إال إذا كان فيك من يفقهك فيه‪."...‬ـ‪ 9‬‬
‫‪     ‬كم ا ذك ر أيض ا ال دكتور عب د الك ريم بوصفص اف في تلخيص أه دافها في ه دفين رئيس ين هم ا‪:‬‬
‫فاألول‪ :‬وهو آني ويتمثل في تنقية اإلسالم مما علق به من شوائب واملحافظة على الثوابت وإحيائها‪.‬‬
‫ّ‬
‫كاللغة العربية والتاريخ القومي و اإلسالمي‪ ،‬باإلضافة إلى بناء املدارس و املساجد ومحاربة اآلفات‬
‫االجتماعية‪ .‬عن طريق نشر الوعي وذلك بواسطة الدروس و الصحافة‪ ،‬وبصفة عامة الوقوف ضد‬
‫محاولة مسح الشخصية الوطنية الجزائرية والثانية‪ :‬وهو البعيد املدى ويتمثل في استرجاع استقالل‬
‫الجزائر‪ ،‬وتكوين دولة عربية إسالمية‪ .‬واستنادا ملا أورده السيد فرحات عباس‪ ،‬فإن جمعية العلماء‬
‫ك انت ذات مهم ة ش املة حيث يق ول‪" : ‬حملت هـ ـ ــذه الجمعيـ ـ ــة املباركـ ـ ــة على عاتقهـ ـ ــا عبء نهضـ ـ ــة‬
‫اإلســالم‪ ‬ومحاربــة أصــحاب الزوايــا و الطــرق املتواطــنين مــع االســتعمار وتكــوين إطــارات اجتماعيــة‬
‫‪10‬‬
‫مثقفين ثقافة عربية‪." ‬‬

‫‪ _   ‬وأن الجمعي ة ك انت في معظم مطالبه ا ته دف إلى تل ك األه داف الس امية وهي التأكي د على رفض‬
‫الفرنسية والتمسك باالستقالل وارتباطه بالحضارة اإلسالمية والعروبة ‪ ،‬فباملضايقات والقرارات‬
‫محمد البشير االبراهيمي‪ ،‬سجل مؤتمر جمعية العلم مرجع سابق ص ‪65‬‬ ‫‪9‬‬

‫تركي رابح عمامرة‪ ،‬الشيخ ابن باديس رائد االصالح والتربية‪ ،‬ط‪ 2‬الشركة الوطنيةللنشر والتوزيع الجزائر ‪ 1981‬ص‪92‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪6‬‬
‫ال تي اتخ ذتها الس لطة الفرنس ية ض د الجمعي ة لم ت زد الجمعي ة إال إص رارا على موقفه ا‪ ،‬واتخ ذت‬
‫الجمعية شعارا لها يبين في نفس الوقت أهدافــها وهو‪ "  :‬الجزائ ــر وطنن ــا واإلس ــالم ديننـ ــا و العربيـ ــة‬
‫لغتن ــا "‪ ‬وقام ابن باديس وغيره بصياغة شعارات تؤكد هذا املعني مثل قول ابن باديس‪: ‬‬
‫شعب الجزائر مسلــم‪             ‬وإلى العروبة ينتسـب‬
‫من قال حـاد عن أصله‪            ‬أو قال مات فقد كـذب‬
‫أورام إدمـاجا ل ــه‪             ‬رام املحال من الطلـب‬
‫‪    ‬كما كانت الجمعية تتصدي لالستعمار وأساليبه الجائرة باألساليب التي يتطلبها الوضع وتفرضها‬
‫الظ روف وك افحت من أج ل تص حيح مف اهيم الديني ة والتاريخي ة والسياس ية ال تي ك انت ت دور في‬
‫محيطهم وبث األفك ار الوطني ة الثوري ة الرابط ة لحي اة ال ذل واملهان ة واملناهض ة للتش تت‪ ،‬والتف رق‬
‫والعبودية واالستكانة ‪ ،‬والسعي لتهيئة العقول والنفوس لخوض املعارك املنتظرة‪،‬وتحرير البالد من‬
‫االس تعمار وتحميه ا من التخل ف‪.‬وفي ق ول ابن ب اديس أيض ا‪ " :‬إنـ ــني أحـ ــارب االسـ ــتعمار ألنـ ــني أعلم‬
‫وأهذب ومتى انتشر التعليم والتهذيب في أرض أجدبت على االستعمــار وشعر بســوء املصيــر"‪.‬‬
‫‪     ‬كما كانت الجمعية ترى أن من واجبها السياسي أن تتصدي لالندماج في جميع مظاهره‪ ،‬وتحارب‬
‫العنص رية ال تي يغ ذيها االستعمــار ويس تعملها سالحــا لقط ع أوص ال الش عب الجزائ ري الواح د‪،‬كم ا‬
‫كانت تعمــل على تحرير املساجد واألوقاف ورجال الدين والقضــاء اإلسالمي والحج والصيــام‪ ،‬وهي‬
‫‪11‬‬
‫لذلك مستعــدة للجهــاد بكل ما في وسعها من إمكاني ـ ــات‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬الوسائل املستعملة في تحقيق أهدافها‬


‫‪   ‬لق د خاض ت جمعي ة العلم اء كفاح ا مري را على جبه ات متع ددة من أج ل تحقي ق أه دافها‪ ،‬وق د‬
‫اعتمدت في نشاطاتها املتعدد األوجه على عدة وسائل منها على وجه الخصوص‪:‬‬
‫تركي رابح عمامرة‪ ،‬الشيخ ابن باديس رائد االصالح والتربية‪ ،‬ط‪ 2‬الشركة الوطنيةللنشر والتوزيع الجزائر ‪ 1981‬ص‪100‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪7‬‬
‫‪/1‬الص ــحافة‪ :‬حيث أنش أت العدي د منه ا وهي‪":‬املنتق د‪ ،‬الش هاب‪ ،‬الش ريعة املحمدي ة‪ ،‬الس نة النبوي ة‪،‬‬
‫الصراط املستقيم وآخرها البصائر(‪.)...‬وكذلك‬
‫‪/2‬املدارس‪ :‬وق د بل غ ع ددها أك ثر من مئ ة وخمس ين‪ )150( ‬مدرس ة‪ ،‬ون ذكر منه ا على س بيل‬
‫املث ال‪:‬مدرس ة الح ديث بتلمس ان‪ ،‬مدرس ة التربي ة والتعليم بقس نطينة‪ ،‬مدرس ة الش بيبة اإلس المية‬
‫بالجزائر‪ ،‬ومدرسة تهذيب البنين بمدينة تبسة‪ ،‬وهذا إيمانا منها بدور املدرسة على حد تعبير الشيخ‬
‫اإلبراهيمي‪" ‬املدرســة جنــة الــدنيا وكــل شــعب ال تبــني لــه املدارس تبــني لــه الســجون"(‪ .)1‬كما قدمت‬
‫املحاض رات في أس لوب الخطابي ات املؤثرة في العق ول‪ ،‬والح افزة في للنف وس‪ ،‬املنبه ة للمش اعر‪ ،‬على‬
‫طريقة الترغيب والترهيب‪ ،‬فنجحت الجمعية بذلك نجاحا باهرا وأثمرت جهودها إثمارا باهرا يانعا(‬
‫‪.)2‬‬
‫‪/3‬املس ــاجد‪ :‬باإلض افة إلى الص حافة و املدارس ق امت الجمعي ة ببن اء املس اجد ك ونت فيه ا الكث ير من‬
‫التالميذ والتلميذات ونذكر من هذه املساجد على وجه الخصوص‪ :‬مسجد الجامع األخضر‪ ،‬مسجد‬
‫سيدي ملوش‪ ،‬مسجد سيدي عبد املؤمن‪ ،‬واملسجد الكبير‪.‬أما‬
‫‪/4‬النوادي‪ :‬قامت الجمعية بتكوين نوادي ذات طابع إسالمي‪ ،‬كان الهدف منها ضم وجمع تلك الفئات‬
‫التي لم تعرف طريقها إلى مدارس الجمعية ومساجدها حيث كانت هذه النوادي تؤدي دورها في نشر‬
‫الوعي والثقافة‪ ،‬لتسهيل عملية االتصال بين الشباب وكان أشهرها "نادي الترقي" بالعاصمة الذي كان‬
‫مث اال للتوجي ه ورس الة لإلص الح‪ .‬وكم ا يق ول أح د املؤرخين‪ " :‬وتحت س تار التعليم ال ديني وتأس يس‬
‫النوادي الثقافية‪ .‬كانت جمعية العلماء تخوض في األمور السياسية في كل ما يتصل بمستقل الوطن‬
‫‪12‬‬
‫ومقومات الشخصية الجزائرية وذلك بمحاربة السياسة االستعمارية الفرنسية‪."...‬‬

‫املطلب الثالث ‪ :‬الصعوبات واملعيقات التي واجهتها الجمعية من الطرف الجزائري‬

‫عبد الكريم بوصفصاف‪ ،‬جمعية علماء المسلمين ودورها في الحركة الوطنية ‪ ،‬عالم المعرفة ‪ ،‬الجزائر‪ 2009 ،‬ص ‪135،138،149‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪8‬‬
‫‪    ‬الص عوبات ال تي واجهه ا العلم اء ه و اص طدامهم ب املرابطين واص طدموا أيض ا بخ ريجي املدارس‬
‫الفرنسية وبالنواب‪ .‬فاألولون كانوا ينظرون إلى العلماء على أنهم رجال دين أكثر منهم رجال ثقافة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وطالبا‬ ‫واملعروف أن معظم العلماء كانوا من فقراء الريف واملدن‪ ،‬وأن بعضهم قد بدأ حياته تلميذا‬
‫في زاوي ة من زواي ا البالد وانتهي ب ه املط اف إلى الزيتون ة أو الق رويين أو األزه ر‪ ،‬فهك ذا ك انت ثقاف ة‬
‫العلماء في الحقيقة ثقافة تقليدية دينية في أساسها‪ .‬ولم تكن فكرة اإلصالح‪ ،‬في نظر الخصوم‪ ،‬سوى‬
‫قش رة رقيق ة التس تطيع أن تخفي م ا وراءه ا من رك ام التقالي د وض يق األف ق والتعص ب ال ديني‪ .‬أم ا‬
‫املتطرفون من خريجي املدارس الفرنسية(النخبة) فقد كانوا ينظرون إلى ثقافتهم على أنها هي ثقافة‬
‫العص ر‪ ،‬وإن الحي اة تقض ي األخ ذ بأس باب الحض ارة الحديث ة وتقلي د الفرنس يين ول و بواس طة‬
‫تصادما أقل ً‬
‫وقع ا من التصادم الذي حدث‬ ‫ً‬ ‫االندماج والتجنس‪ .‬ولذلك وقع التصادم أحيانا وإن كان‬
‫‪13‬‬
‫بين املرابطين واملصلحين‪.‬‬
‫ً‬
‫متقلب ا فهم مرة يتحالفون معهم‪ ،‬ويعتبروهم ممثلي األمة‬ ‫ً‬
‫موقف ا‬ ‫‪   ‬أما النواب فقد وقف منهم العلماء‬
‫ويستنجدون بهم إذا ما ضيقت السلطات الفرنسية الخناق عليهم‪ ،‬ومرة كانوا يهاجمونهم وينظرون‬
‫إليهم بس خرية لرك ونهم إلى الت أثير الفرنس ي‪ ،‬وينتق دونهم نق ًدا ً‬
‫الذع ا ب دعوى أنهم يج رون في البداي ة‬
‫ً‬
‫وراء أص وات الن اخبين ‪،‬باإلض افة إلى بعض الن واب ك انوا مح افظين أص ال ج اء بهم الفرنس يون‬
‫ً‬
‫لكراس ي النياب ة اعتراف ا بخ دماتهم‪ ،‬أو كس ًبا ألنص ارهم أو نح و ذل ك ‪.‬وه ؤالء ك انوا بطبعهم ض د‬
‫العلماء املصلحين‪ ،‬وقد وقف أحد هؤالء سنة‪ 1932  ‬في مجلس الوفود املالية وقدم الئحة تطالب‬
‫اإلدارة الفرنس ية في الجزائ ر بمن ع العلم اء من القي ام بالوعظ واإلرشاد في املساجد وقص ر األماكن‬
‫الديني ة على رج ال ال دين ال ذين عينتهم الس لطة فق ط‪ .‬وه ذه الالئح ة هي ال تي ك انت تمهي دا ملنش ور‬
‫‪14‬‬
‫ميشال البغيض سنة ‪. 1933‬‬
‫وأهم قضية عارضها العلماء بشدة هي‪ ‬املرابطية‪ .‬كانوا يعتبرون الجمعيات الطرقية معارضة للدين‬
‫والتقدم‪ .‬وبناء على رأي أحد العلماء‪ ،‬فإن املرابطية جاءت نتيجة تدهور اإلسالم وانتشار الغموض‪.‬‬
‫وكان زعماء الجمعيات الطرقية قد اتهموا بجهل القرآن‪ ،‬واستغالل الشعب وخدمة االستعمار‪ .‬فقد‬
‫كتب اإلب راهيمي ذات م رة ق ائال ‪ ":‬إن‪ ‬املرابطي ــة هي االس ــتعمار في معن ــاه الح ــديث املكش ــوف‪ ،‬وهي‬
‫االســتعباد في صــورته‪ ‬الفظيعــة"‪ . ‬لذلك أعلن العلم اء الحرب على املرابطية تحت راية‪" :‬ال غمــوض‬
‫في‪ ‬اإلســالم"‪ ‬ألنها‪" ‬هي ســبب الفســاد واألمــراض‪ ،‬واالنحــراف الــديني‪ ،‬والجهــل‪،‬واإلهمــال في‪ ‬الحيــاة‪،‬‬

‫سميرة براهيمي ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪24‬‬ ‫‪13‬‬

‫عبد الكريم ابو صفصاف مرجع سابق ص‪180‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪9‬‬
‫واإللحـ ــاد بين الشـ ــباب"(‪ .)3‬وله ذا الس بب عارض وا املوس يقي الص وفية‪ ،‬وال رقص في االحتف االت‬
‫‪15‬‬
‫الدينية‪ ،‬وزيارة القبور‪ ،‬والزنا‪ ،‬وهدايا النقود إلى رؤساء الجمعيات الطرقية‪.‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬الصعوبات واملعيقات التي واجهتها الجمعية من الطرف الفرنسي‬

‫أبوالقاسم سعد هللا ‪ ،‬مرجع سابق ص‪53‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪10‬‬
‫‪    ‬الحقيقة التي ال سبيل إلى نكرانها هي أن مجهودات الجمعية كانت منصبة في معظمها على الجانب‬
‫ال تربوي والتعليمي واإلص الحي لخل ق قاع دة ص لبة وأجي ال مرتبط ة بتاريخه ا وأص التها‪ ،‬وق د ك انت‬
‫الس لطات االس تعمارية هي الوحي دة ال تي تعلم الخط ر ال ذي يش كله نش اط الجمعي ة رغم مظ اهره‬
‫البسيطة‪.‬‬
‫‪   ‬ولم يكن عجيب ا أن تفطن الس لطة االس تعمارية لأله داف الحقيقي ة للجمعي ة فتق وم باعتق ال‬
‫أعض ائها أو إغالق مدارس ها أو أن ديتها أو حص ونها الثقافي ة‪ .‬ودش نت س لطات االحتالل ك ل ذل ك‬
‫بمنش ور ميش ال ال ذي أل زم إدارة املخ ابرات الفرنس ية بمراقب ة علم اء الجمعي ة _ص در املنش ور في‬
‫‪16‬ف براير‪ 1933‬أي بع د قي ام الجمعي ة بع امين_ فعلى س بيل املث ال أغلقت س لطات االحتالل دار‬
‫الحديث بتلمسان‪ ،‬وكذلك مدارس الجمعية في قسنطينة ووهران كما أن املساجد التابعة للجمعية‬
‫قد انتهكت مثل مسجد قنزات‪ ،‬وكما منعت علماء الجمعية من الخطابة في املساجد‪      .‬‬
‫رارا يقض ي بقم ع الدعاي ة املض ادة‬ ‫‪   ‬فق د أص در وزي ر الداخلي ة الفرنس ي في ش هر م ارس‪ 1935‬ق ً‬
‫للس يادة الفرنس ية في الجزائ ر وخاص ة عن طري ق الص حافة والخطاب ة ال تي تق وم به ا عناص ر‬
‫الجمعي ة‪.‬وفي ‪8‬م ارس‪ 1938‬ص در ق ً‬
‫رارا من اإلدارة الفرنس ية بع دم ج واز افتت اح املدارس العربي ة‬
‫التابعة للجمعية وقد وصف عباس فرحات هذا القرار‪ " :‬بأنه ضربة قاتلة للدين اإلسالمي "‪ ،‬وفي‬
‫نفس سنة أصدر الوالي العام في الجزائر منشورا إلى رؤساء األقاليم يقضي بإلقاء القبض وسجن كل‬
‫طالب ينتسب إلى جمعية العلماء أو قيامه بالدعاية ألفكارها‪.‬‬
‫_ ولعل أخطر القرارات في محاربة نشاط الجمعية كان قرار عرقلة التعليم العربي الحر الصادر في‬
‫‪8‬مارس‪ ، 1938‬وكذلك اعتقال الشيخ اإلبراهيمي لرفضه تأييد فرنسا ضد األملان في الحرب العاملية‬
‫الثاني ة وك ذلك ف رض اإلقام ة الجبري ة على الش يخ ابن ب اديس نفس ه ل ذات الس بب‪ ،‬كم ا س جن من‬
‫زعم اء الجمعي ة لنفس الس بب األمين العم ودى وفرح ات ال دراجى‪ ،‬كم ا عطلت جري دة الش ريعة‬
‫والس نة املحمدي ة وكم ا تم إيق اف جري دتي البص ائر و الش هاب س نة ‪ 1939‬وهم ا جري دتان تابعت ان‬
‫‪16‬‬
‫للجمعية‪. .‬‬
‫‪   ‬ومن خصوم العلماء البارزين أيضا رجال التبشير املسيحيين‪.‬والعلماء كانوا يعرفون دور الكنيسة‬
‫في الجزائ ر حيث ك انت رفيق ة جيش االحتالل من ذ اللحظ ة األولي وك انت تب ارك تحوي ل املس اجد إلى‬
‫كنائس‪ ،‬وكان رجالها يقدمون الخدمات الجليلة إلى اإلدارة االستعمارية بما لديهم من كفاءة لغوية‬
‫وعلمية وفنية‪ ،‬وكان العلماء يذكرون ماقامت به الكنيسة من تنصير ألطفال املسلمين أثناء مجاعة‬

‫تركي رابح عمامرة مرجع سابق ص ‪343،350‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪11‬‬
‫س نوات ‪ 1869-1867‬ودور الكاردين ال الفيج ري ورجال ه (اآلب اء ال بيض) في املس بكرام ة املس لمين‬
‫والتش كيك في دينهم وقيم ه ومحاول ة تمس يح الجزائ ريين بفتح املراك ز في الق رى النائي ة في الجب ال‬
‫والصحاري‪ ،‬وهم ال ينسون دور املستشرقين الفرنسيين في الجزائر حيث كانوا ً‬
‫دائم ا ضد العربية و‬
‫اإلسالم ومع التسلط االستعماري والغزو الحضاري‪      17.‬‬

‫أبو القاسم سعد هللا مرجع سابق ص ‪60‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪12‬‬
‫املبحث الثالث‪:‬عالقة جمعیة العلماء املسلمین بالحركات الوطنية‬

‫املطلب االول‪ :‬جمعية علماء املسلمين واالتجاه االستقاللي‬

‫أوال‪ :‬جمعیة العلماء ونجم شمال إفریقیا‬

‫ك ان لجمعي ة العلم اء من ذ نش أتها م ع ك ل املنظم ات الجزائري ة‪ ،‬عالق ات أخوي ة أحيان ا‬


‫وعدائي ة أحي ا أخ رة حس ب ماتقتض يه الظ روف السياس ة والقض ايا الوطني ة وأول تل ك‬
‫املنظم ات أو االح زاب نجم أفريقي ا الش مالية ال ذي تأس س بب اريس في ش هر م ارس ‪1926‬‬
‫من العمال والطلبة وقدماء املحاربين وكان أعضائه في أول عهده من الجزائريين واملغاربة‬
‫والتونس يين ولكن م ع م رور ال زمن فق د النجم أعض ائه املغارب ة والتونس يين وأض حى‬
‫‪18‬‬
‫منظمة جزائرية خالصة ‪.‬‬

‫أما عالقة زعماء النجم بجمعية العلماء فقد بدأت حين زار وفد من املؤتمر باريس وكان‬
‫من أعضائه ثالثة من زعماء الجمعية في شهر يوليو ‪ 1936‬حيث حاول زعماء النجم إقناع‬
‫العلم اء بتخلي عن مش روع في وليت ال داعي الى إدم اج النخب ة وحس ب رأي ه أح د اعض اء‬
‫النجم فقد اقتنع العلماء بذلك‬

‫كم ا تش ير وثيق ة فرنس ية إلى ح دوث تق ارب بين العلم اء وانجم حيث إن ح ل نجم ش مال‬
‫افريقيا في ‪ 26‬يناير ‪ 1937‬جعل هذا الحزب يجتمع تحت مظلة العلماء‪ ،‬وتضيف الوثيقة‬
‫ان قداة العلماء هم أنفسم كانوا من االهالي الذين ترأسوا سابقا نجم شمال أفريقيا ‪.‬‬

‫لعل ذاللك يدل على أنا العلماء سعوا الى التقارب وأحيانا االنضمام الى جميع الحزابلنشر‬
‫أفكارهم ومبادئهم دون الدخول في صراع ظاهر مع السلطات الفرنسية التي كانت تراقب‬
‫حرك اتهم بك ل دق ة ‪ ،‬وربم ا فس ر ه ذا أص رار ح زب الش عب على تأيي د مط الب الجمعي ة‬
‫وأهمها حربية التعليم العربي واملحافظة على الشخصية الجزائرية‪ ،‬ولكن دون التوسع في‬
‫‪19‬‬
‫املطالب الدينية كفصل الدين عن الدولة وغير ذالك‪.‬‬

‫‪ 18‬سميرة براهيمي‪ ،‬عالقات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين باالحزاب الحركة الوطنية‪ ،‬مذكرة ماستر جامعة المسيلة‬
‫سنة‪ 2017/2018‬ص‪64‬‬
‫‪ 19‬ابو القاسم سعد هللا‪ ،‬جمعية العلماء المسلمين ودورها في الحركة الوطنية ‪،‬عالم االفكار وزارة الثقافة الجزائر سنة‬
‫‪ 2011‬ص ‪149‬‬
‫‪13‬‬
‫ويالح ظ أن ه لم يكن هن اك خالف ج وهري في املب ادء بين الجمعي ة وح زب الش عب‪،‬‬
‫فكالهم ا ك ان يتطل ع الى االس تقالل ولكن االختالف الحقيقي ك ان في الوس ائل فالجمعي ة‬
‫وجدت شعبا منحرف العقيدة‪ ،‬ضائعا مفككا تتنازعه االهواء واالختالفات ويسيطر عليه‬
‫الجهل فعملت كل ما يمكن عمله للمحافظة على وحدة الشعب وجمع كلمته بعد إصالح‬
‫عقيدته وانتشاله من الجهل‪ ،‬بينما سعى النجم وفي ما بعد حزب الشعب لتحقيق أهدافه‬
‫عن طريق (التجمعات بقصد تربية أعضائه إجتماعيا وسياسيا)‬

‫في حقيق ة االم ر ه ذا الت ألف لم ي دم ط ويال فعن د مش اركة الجمعي ة في املؤتمر االس الم‬
‫وتوجهه ا نح و املس ار السياس ي تغيت نظ رة النجم ودفعت ه ملعرض تها ولكن دون الخ روج‬
‫عليا‪ ،‬وعراضو مطالب املؤتمر خاصة تلك التي دعت الى ربط الجزائر بفرنسا والتمثيل‬
‫الجزائري بالبرملان الفرنسي‪.‬‬
‫وق د تأس ف النجم بوق وف شخص يات علمي ة كب يرة مث ل ابن ب ديس واالب راهيمي تس اند‬
‫مش روع يعت بر خط ر عى الوطني ة‪ ،‬ثم أعت بر الجمع ة العوب ة بين ي دي الش يوعين‬
‫واالندماجيين‪ ،‬حيث كان يرا ان الجمعية انحازت عن طريق االسالم بعد تأيدها للحركة‬
‫االندماجية‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫وفي املقابل اعتبر العلماء أعضاء النجم الحركة الجاهلة املتمردة عن العلم والعلماء‬

‫ثانيا‪ :‬جمعية علماء املسلمين وحزب الشعب الجزائري‬

‫ربطت جمعي ة علم اء املس لمين الجزائ رين ع دة عالق ات بح زب الش عب الجزائ ري س دها‬
‫التنسيق والتشاور تارة والتناقض الداخلي والخارجي تارة أخرى‬

‫كانت البداية في االجتماع الثاني للمؤتمر االسالمي ‪ 1937‬وقد مثل حزب الشعب عضوان‬
‫من طرف تلمسان بعد اقصائه في أخر ‪ 1936‬وهما بومدين معروف ومصطفى بورزق ‪،‬‬
‫وقد حاوال مصالي الحاج حضور املؤتمر لكنه منعى من الدخول ‪.‬‬

‫وفي هذه االثن اء زادت الصراعات وتعرض ت الجمعي ة لض غوطات كب يرة أدت الى اس تدعى‬
‫ابن ب اديس ملص الي الح اج وطلب من ه الس عي لت أدات االم ور ال تي ح دثت في العاص مة بعد‬

‫أبو القاسم سعد هللا مرجع سابق ص ‪151‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪14‬‬
‫غلق نوادي عديدة منها نادي بلكور و الترقي مع محاصرة وتقييد نشاط العقبي واملعارضة‬
‫‪21‬‬
‫التي يتلقاها من سبيبة حزب الشعب التي بلغت حد التعرض له في الطريق العام ‪.‬‬

‫ولكن ه ذا التن افر لم ي دم ط ويال وفي نفس الس نه س بتمبر ‪ 1937‬تق ابال وف د من ح زب‬
‫الشعب يضم كحال رزقي ومحمد فناش مع ابن بديس بأنه يتوق الى االستقالل وأن تجربة‬
‫الجبهة الشعبية كانت أحسن درس لهم وأتفقا الطرفان على وقف االنتقادات والتقارب‬
‫فيمابينهما‬

‫ثالثا‪ :‬جمعية العلماء وحركة إنتصار الحريات الدمقراطية‬

‫بع د تأس يس حرك ة إنتص ار الحري ات تغ ير االم ر وذل ك أن االب راهيمي طلب من فرح ات‬
‫عب اس س حب مرش حيه في االنتخاب ات ح تى يتس نى للحرك ة الف وز وم ع ذال ك فق د اتهم ا‬
‫مص الي الح اج االب راهيمي بأنحي ازه لخدم ة فرح ات عب اس وه و م ازاد اتس اع اله وة حيث‬
‫‪22‬‬
‫أظهر الخالف من جديد عدة قضايا أهما التعليم والوحدة والزعامة ‪.‬‬

‫لتت والى النزع ات بين التي ارين الى غاي ة ‪ 1951‬اين اجتمعت جمي ع التي ارات تحت مظل ة‬
‫الجبهة املشتركة لدفاع عن الحرية وإحترامها حيث دخل الحزب االستقاللي في مفوضات‬
‫مع حركة انتصار الحريات لتحقيق جبهة واحدة كان ذالك بعد انتخابات ‪ 17‬جوان ‪1951‬‬
‫وق د اش ترك في ه ذه الجبه ة العلم اء والش يوعيين ولكنه ا لم تعم ر ط ويال إلختالف اتج اه‬
‫االيديولوجيات االحزاب املشاركة فيها حيث أن الشيوعيين ثوريون نظريا فقط حيث انا‬
‫‪23‬‬
‫مذهبهم العقائدي يختلف عن التيارات االصالحي اما البيانيون والعلماء فهم ثوريون‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬عالقة جمعية العلماء املسلمين ب االتجاه االدماجي‬

‫أوال‪ :‬الجمعية و فيدرالية املنتخبين املسلمين‬

‫تاس س ه ذا التنظيم في ‪ 11‬س بتمبر ‪ 1928‬وك انت مب ادءه تتلخص في التع اون م ع فرنس ا‬
‫وتأيي د االن دماج م ع فرنس ا مقاب ل الحص ول على حق وق املواطن ة باالض افة الى بعض‬
‫االصالحات االجتماعية والصحية واالقتصادية ‪.‬‬

‫‪ 21‬قداش محفوظ حزب الشعب الجزائري ‪ 1937/1939‬الديوان الوطني للمطبوعات الجامعة الجزائر ص ‪10‬‬
‫‪ 22‬سميرة براهيمي مرجع سابق ص‪71‬‬
‫‪ 23‬نور الدين بن اثينيو إشكالية الدولة في تاريخ الحركة الوطنية ط‪ 1‬مركز الغربي الالبحاث بيروت ‪ 2015‬ص ‪228‬‬
‫‪15‬‬
‫وق د ب دات عالق ة الجمعي ة ب التنظيم من ذ بداي ة االص الح ال ديني ال تي دعت الى رفض‬
‫التجنس مع املطالبة بجميع الحقوق التي يتمتع بها الفرنسيون ‪ ،‬تفطنت الجمعية ألهمية‬
‫النخب ة ألنه ا ك انت مثقف ة بالثقاف ة الفرنس ية فك ان بأمكانه ا إص ال مط الب الش عب الى‬
‫السلطات الفرنسية لذلك حاول العلماء التأثر فيها واالستفادة منها‪.‬‬

‫واس تمر التنظيم في مؤي دة مط الب الجمعي ة ال تي تتلخص في فص ل ال دين عن الدول ة و‬


‫حرية التعليم وحرية الوعظ واالرشاد في املساجد ‪ ،‬وقد كانت اإلدارة تنظر ملوقف ابن‬
‫جل ول رئيس التنظيم بعين الرض ا العتقاده ا بع د ص دقه وإخالص ه للعلماءك ان فق ط‬
‫لالستفادة من قوتهم في الحمالت االنتخابية ‪.‬‬

‫وس واء أراد ابن خل ول اس تغالل الجمعي ة ام ال ف إن الجمعي ة ق د أث روا في ه وجعل وه‬
‫‪24‬‬
‫يشارك في املؤتمر االسالميويقبل رئاسته ولكن سرعان ماتخلى عنها بعد مقتل كحول ‪.‬‬

‫لم يرفض العلماء مطلقا العمل مع املنتخبين سواء في قسنطينه او وهران الصال صوت‬
‫الشعب الجزائري الى فرنسا وكانوا من اجل ذلك يتحملون كل انواع االذى‬

‫ثانيا‪ :‬جمعية العلماء و االتحاد الدمقراطي‬

‫بدات العالقة بين العلماء واالتحاد الدمقراطي في السجن بعد حوادث الثمن ماي ‪1945‬‬
‫وكان معظم املناضلين في السجن وقد كان فرحات عباس مع االبراهيمي في نفس الزنزانه‬
‫يقول فرحات عباس زرنا جنرال في الزنزانه وسألهم هل تحتاجون شيئأ فاجابه نحتاج‬
‫الحرية أكدله حينها االبراهيمي بقوله التتخلى ابدا عن مطالبك عندما تكون مدافعا عما‬
‫هو حق بعدها ايد االبراهيمي فرحات عباس في االنتخابات التي كللت بالنجاح‪.‬‬

‫وعن دما ح اول االب راهيمي التوفي ق بين االتح اد ال دمقراطي للبي ان الجزائ ري وحرك ة‬
‫انتص ار الحري ات الدمقراطي ة طلب من فرح ات عب اس بس حب ترش حه للحف اظ على‬
‫الوح دة الجزائري ة اس تجاب ل ه فرح ات وانس حب فاص بحت الجمع ة اق رب الى االتح اد‬
‫ال دمقراطي للبي ان الجزائ ري من خالل دعوته ا الى املحافظ ة على الكي ان الجزائ ري دون‬
‫‪25‬‬
‫التطرق الى قضية االستقالل‬

‫سميرة براهيمي مرجع سابق ص‪75‬‬ ‫‪24‬‬

‫قداش محفوظ حزب الشعب الجزائري ‪ 1937/1939‬الديوان الوطني للمطبوعات الجامعة الجزائر ص ‪10‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪16‬‬
‫أيد العلماء النداء الذي وجهه فرحات عباس لشباب املسلم والفرنسي في ‪ 1‬ماي ‪1946‬‬
‫الذي عبر فيه عن افكاره الدمقراطية الرامية الى عدم استعمال الدين الغراض سياسية‬
‫وان الجزائ ر بحاج ة الى وطن يين حقيقين كم ا وافقت جمعي ة علم اء ال راي م ع فرح ات‬
‫عباس في مؤتمر االول لحزبه داعيا فيه كل االطياف الحركة الوطنية لتكوين تجمع واحد‬
‫من اجل سد الطريق امام االحتالل والتمسك باملبادء الدمقراطية‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬عالقة الجمعية بالتيار الشيوعي‬

‫على الرغم من تباعد املبادء بينهم فقد كانت بينهما فترات تقارب حيث أن الجمعية تستمد‬
‫منهجه ا من ال دين االس المي وك ل ق داتها مت أثرين ب الفكر االس المي أم ا ح زب الش يوعي‬
‫فينتهج النزعة املاركسية التي تنادي باالممية واالنصهار داخل الفكر الشيوعي وهو يتنفى‬
‫مع الجمعية ‪ ،‬فكانت العالقة في بدايتها متنافرة حيث كان الحزب الشيوعي يعتير الجمعية‬
‫منظم ة بورجوازي ة تح ارب الش يوعية في حين ان الجمعي ة ت را في ه خروج ه عن تع اليم‬
‫‪26‬‬
‫الدين االسالمي ‪.‬‬

‫وفي عام ‪ 1934‬غير الحزب الشيوعي سياستهم بعد لقائهم بستالين واقترحو انشاء تجمع‬
‫الق وات االس المية الى ج انب االح زاب الش يوعية املناهض ة للفاش ية في ع ام‪ 1935‬ومن‬
‫هذا تتغير مجرى األمور ويتقربالحزب الشيوعي من الجمعية ولعل ذالك راجع ايضا الى‬
‫وضع البالد الواقع تحت نظام االستعماري مما حتم تظافر الجهود وقيل انت ابن باديس‬
‫رد على من الموه بخص وص عالقت ه مع الح زب الش يوعي ق ائال كل ع دو لالس تعمار فه و‬
‫صديق عبد الحميد وكل صديق لالستعمار فهو عدو لعبد الحميد ‪.‬‬

‫وأم ا بنس بة ملرحلة الث ورة فلم يكن هنال ك عالق ات ت ذكر اال في سنه ‪ 1956‬وال تي اعت بره‬
‫تحريض من فرنسا نظرا لتفطن فرنسا بحضور الجمعية ودورها لهذا شنة حملة ضدها‬
‫وحرض ت الكتل ة الش يوعية في م ؤتمر الص مام عن دما نف روا الص فة الديني ة للدول ة‬
‫الجزائرية ‪.‬‬

‫‪ 26‬أبو القاسم سعد هللا مرجع سابق ص ‪154‬‬


‫‪17‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬عالقة جمعية العلماء املسلمين بجبهة التحرير الوطنية‬

‫دخل التيارين مرحلة جديدة من الثورة حيث منذ اندالع الثورة لم تعارضها الجمعية بل‬
‫ب العكس س خرت له ا أقالمه ا في تأي د الث ور من خالل جري دة البص ائر ومقاالته ا ال تي من‬
‫‪27‬‬
‫أهما " حوادث الليلة لليالء ‪ ،‬يوميات االزمة الجزائرية ‪ ،‬الجزائر في كف عفريت"‬

‫لكن في املقابل لم تعلن انضمامها الرسمي الى غاية ‪ 1956‬مما أثار حفيظة بعض الثوريين‬
‫امثال بن بلة وعلى كافي وغيرهم بقولهم هي أيضا لم تصفق لثورة ‪.‬‬

‫وق د لعب العلم اء دورا سياس ي مهم في دعمهم لث ورة خاص ة م ايتعلق باالتص االت ونق ل‬
‫الوثائق بين املناطق باعتبار ان االتصال كان اكبر مشكل تعاني منه الثورة فقد وجد عبان‬
‫رمضان ضالته في الجمعية ذالك عن طريق معلمها الذي بامكانه التحرك بسهولة توزيع‬
‫االتصاالت بين افراد الجيش وجبهة التحرير‪.‬‬

‫كم ا ك ان للجمعي ة ع دة لق اءات تحت ظ ل جبه ة التحري ر منه ا اجتم اع ‪ 7‬فيف ري ‪1955‬‬
‫حضره االبراهيمي والهدف منه كان توحيد الهيئات الجزائرية وتشكيل لجنه علمة تمثل‬
‫جبهة التحرير الوطني‪.‬‬

‫وفي الدهشة الفرنسية حاولت التقليل من أهمية الهجومات الثورية باستعمال طريقة‬
‫املوفاوض ات ولكن ك ل اللق اءات لم تخم د الث ورة ب ل زادت ش عبيتها وح تى تحاف ظ الث ور‬
‫على االندفاع الشعيي عقد عبان رمضان اجتماع ضم كل من جمعة العلماء بكل اعضاءها‬
‫و اغضاء اللجنة املركزية الحزب الشعب وفرحات عباس لعقد مؤتمر وطني بالتنسيق مع‬
‫جبهة التحرير وتقرير انعقاد مؤتمر الصومام من أجل التنظيم‪.‬‬

‫وفي االخير كللت هذه الجهود وبقاء املناضلين في الثورة عى إرغام االستعمار الفرنسي على‬
‫الرض وخ للمفاوض ات والوق وف ام ام االم ر الواق ع وذل ك بتوقي ع انتفاقي ة وق ف اطالق‬
‫‪28‬‬
‫النار ‪.‬‬

‫‪ 27‬بشير سعيدوني جمعية علماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية ‪ ،1956/1962‬حولياتجامعة الجزائر‪،‬ج‪1‬‬
‫‪ 31‬ص ‪267‬‬ ‫العدد‬
‫‪ 28‬أسعد الهاللي‪ ،‬الشيخ محمد خير الدين وجهوده االصالحية في الجزائر ‪ 1993-1902‬مذكرة الماجستر جامعة‬
‫قسنطينه‬
‫ص‪145‬‬
‫‪18‬‬
‫الخاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـةـ‬

‫‪     ‬وخالصـ ــة القـ ــول أن جمعيـ ــة العلمـ ــاء املسـ ــلمين الجزائـ ــريين كـ ــانت عبـ ــارة عن تيـ ــار‬

‫إص ـ ــالحي اجتم ـ ــاعي ترب ـ ــوي ‪ ،‬رك ـ ــزت جهوده ـ ــا على ال ـ ــدفاع عن الشخص ـ ــية الجزائ ـ ــر و‬

‫عروبته ــا و إس ــالمها و املحافظ ــة على قيمته ــا الروحي ــة و التاريخي ــة ‪ ،‬و ك ــان ذل ــك بمثاب ــة‬

‫األرضية التي تشكلتـ عليهـا مالمح النضــال السياسي و العســكري ‪ ،‬الـذي مارسـه الجيــل‬

‫الـ ـ ــذي فجـ ـ ــر الثـ ـ ــورة التحريريـ ـ ــة الكـ ـ ــبرى الـ ـ ــتي حـ ـ ــررت الـ ـ ــوطن و الشـ ـ ــعب من سـ ـ ــجن‬

‫االستعمار الفرنسي البغيض‪.  ‬‬

‫‪         ‬باإلض ــافة إلى م ــا ق ــامت ب ــه الجمعي ــة ه ــو جع ــل القض ــية الجزائري ــة مح ــط أنظ ــار‬

‫العـ ــالم عامـ ــة و املسـ ــلمين في مختلـ ـفـ البالد خاصـ ــة‪ ،‬فبفضـ ــل مجهـ ــود رجـ ــال الجمعيـ ــة‬

‫تلقت الجمعي ـ ـ ــة ال ـ ـ ــدعم من الحرك ـ ـ ــات الوطني ـ ـ ــة و اإلس ـ ـ ــالمية في الع ـ ـ ــالم اإلس ـ ـ ــالمي ‪،‬‬

‫وأصـ ــبحت الدعايـ ــة لهـ ــا في صـ ــحف العـ ــالم اإلسـ ــالمي كبـ ــيرة و متواصـ ــلةـ ‪.‬وكـ ــذلك على‬

‫الجانب اآلخر فإن الجمعية ساهمت في زيـادة اهتمـام الشـعب الجزائـري بقضـايا العـالم‬

‫اإلس ــالمي عمومــا مث ــل االهتمــام بقضــية الش ــعب الليــبي ضــد االحتالل اإليط ــالي وبثــورة‬

‫سـ ــوريا ضـ ــد الفرنسـ ــيين و بكفـ ــاح الشـ ــعب الفلسـ ــطيني ضـ ــد اإلسـ ــتعمار الصـ ــهيوني و‬

‫غيرها…‬

‫‪19‬‬

You might also like