Professional Documents
Culture Documents
الحصـة الخامسـة
1
اآلثار المترتبة عن اكتساب الشخصية المعنوية
سبق أن أشرنا في الحصص الماضية إلى أن الشخص المعنوي أو االعتباري هو مجموعة من األشخاص أو
مجموعة من األموال ،أو هما معا أشخاص وأموال ،تنشأ لتحقيق غرض أو هدف معين ،فيضفي عليها المشرع الشخصية
القا نونية لتتمكن من اكتساب الحقوق وااللتزام بالواجبات .وقد تناولنا بالدرس كيفية إحداث األشخاص المعنوية من
الناحية القانونية ،فميزنا بين اإلحداث العام -أي بناء على نصوص قانونية عامة تطبق على كل مجموعة تتوفر فيها
الشروط العامة والمجردة التي يضعها المشرع -1وبين اإلحداث الخاص الذي يعني إحداث بعض األشخاص المعنوية
بنص قانوني خاص بها دون غيرها.2
وتترتب عن اكتساب الشخصية المعنوية مجموعة األثار أو النتائج القانونية التي تسير كلها في اتجاه تمكين
الشخص المعنوي الجديد من التوفر بالخصوص على هوية خاصة به (اإلسم والمقر والجنسية مثال) وعلى األهلية
القانونية التي تمكنه من اكتساب الحقوق وااللتزام بالواجبات ومن ربط العالقات المصلحية مع األشخاص اآلخرين،
سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو أشخاصا معنويين.3
ويمكن التمييز بين ثالثة أنواع من اآلثار أو النتائج التي تترتب عن اكتساب الشخصية المعنوية :آثار مشتركة
بين جميع األشخاص سواء كان الشخص طبيعيا أو شخصا معنويا خاصا أو شخصا معنوي عاما؛ وآثار تتعلق حصريا
بالشخصين المعنويين العام والخاص؛ وآثار أخيرة تتعلق فقط بالشخص المعنوي العام الذي تحدثه الدولة.
بالفعل هناك بعض اآلثار القانونية التي ترتبط أساسا بالشخصية القانونية ،وهي ضرورية للشخص سواء كان
طبيعيا أو معنويا من أجل صحة تصرفاته من الوجهة القانونية .ويعرف فقهاء القانون الشخص ،كما سبقت اإلشارة إلى
ذلك ،باعتباره كل كائن قادر على اكتساب الحقوق وااللتزام بالواجبات .والقدرة هنا معناها اعتراف المشرع بكون
الشخص بات مؤهال من الناحية القانونية لممارسة الحقوق والواجبات (بلوغ سن الرشد بالنسبة لإلنسان واإلحداث أو
اإلنشاء ،بناء على نص قانوني ،بالنسبة للشخص المعنوي).
1مثل الشركة أو المقاولة التي تحدث كشخص معنوي وفقا لمقتضيات القانون المدني وقانون الشركات .ويعرفها قانون االلتزامات والعقود في مادته 982كاآلتي:
"الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا ،لتكون مشتركة بينهم ،بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها".
راجع بهذا الخصوص:
M’hamed MOTIK, « Le droit marocain des sociétés commerciales », Imprimerie El Maarif Al Jadida, Rabat, 2005, p. 19.
2مثل الجهة التي تحدث بناء على مقتضيات القانون رقم 113.12المتعلق بالجهات .وبنص الفصل األول من هدا القانون على مايلي:
3مثال عالقة زبون بشركة ما ،أو عالقة مقاولة بمؤسسة بنكية ،أو عالقة طالب بالجامعة ،أو عالقة جماعة ترابية بالدولة أو بمقاولة متخصصة...
2
-1اكتساب األهليـة القانونيـة
إن الشخصية القانونية ليست حكرا على اإلنسان لوحده ،بل يمنحها المشرع لكل مجموعة من األشخاص أو
األموال تهدف إلى إنشاء كيان مستقل بذاته وقادر على تحقيق غاية معينة متفق عليها ويسمح بها القانون (عمل مشروع).4
وتعني الشخصية القانونية االعتراف بأهلية الشخص ليتمكن من القيام بالتصرفات القانونية في إطار الحقوق
والواجبات التي يسمح بها القانون لكل شخص على حدة .5فاألهلية القانونية تكتسب حينما تتوفر الشروط المطلوبة لذلك؛
وهي التي تمكن الشخص من ممارسة أنشطته المختلفة وربط العالقات مع األشخاص اآلخرين واكتساب الحقوق وكذلك
االلتزام بالواجبات تجاه الغير ،مما يعني توفر الشخص على اإلرادة الصحيحة .وتنطلق نظرية اإلرادة من اعتبار
التصرف القانوني سلطة إرادية يعبر عنها الشخص الطبيعي في شكل إرادة ذاتية ،بينما يعبر عنها الشخص المعنوي
في شكل إرادة جماعية أو مشتركة صادرة عن من يمثله ،أي األجهزة الممثلة له ،في عالقته مع الغير وأمام القانون.6
وهنا البد من التمييز بين هذه اإلرادة المشتركة الصادرة عن الشخص المعنوي ،والتي تؤدي إلى توفره على ذمة مالية
مستقلة عن ذمة األفراد الذين يحدثونه ،وبين الملكية المشتركة التي تتمثل فقط في امتالك كل فرد لحصته بالنسبة للملك
المشترك.7
فاألهلية القانونية تتجسد في تلك اإلرادة للقيام باألعمال المادية والقانونية التي يمارسها الشخص ذاته أو من
يمثله .وتعتبر اإلرادة صحيحة ومشروعة ما لم يدخل عليها أي عيب من عيوب الرضا أو عيوب االختصاص.
من بين النتائج التي تترتب عن الشخصية القانونية التوفر على ذمة مالية خاصة بكل شخص سواء كان طبيعيا
او معنويا .ويمكن الي شخص ممارسة انشطته وتصرفاته في إطار ذمتة المالية ،كما أنه يتحمل تبعة االعمال التي يقوم
بها بما فيها االضرار التي يلحقها بالغير ويتوجب عليه تعويضها من ماله الخاص .فالشخص المعنوي له ذمة مستقلة
خاصة به .وفي حال ثبوت مسؤوليته ،فإنه يساءل في حدود هذه الذمة ،وليس من ذمة األفراد المكونين له.8
ويمكن القول أن ظهور بعض األشخاص المعنوية عبر التاريخ ،كالجمعيات والمؤسسات الخيرية ثم الشركات
فيما بعد ،جاء عن طريق رصد أو وقف مجموعة من األموال لتحقيق غرض اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي .غير أن
مايميز هاته العمليات هو انفصال أموال الشخص المعنوي عن أموال األشخاص الذين اتفقوا على إحداثه ،فيتصرف هذا
األخير في حدود ذمته المالية الخاصة به ويساءل في إطارها كذاك.
4عبد المنعم فرج الصدة" ،أصول القانون" ،دار النهضة العربية ،بيروت ،1979 ،ص.468 .
5التستوي األشخاص الطبيعية والمعنوية في ممارسة التصرفات واألنشطة .بل لكل نوع من األشخاص خصوصياته ومجال تخصصه ،وبالتالي فال يمكن مثال
لمقاولة أو شركة أن تمارس أنشطة في المجال السياسي ،كما اليمكن في المقابل لحزب سياسي أن يمارس أعماال تجارية.....
6عبد القادر باينة" ،مدخل لدراسة القانون اإلداري والعلوم اإلدارية" ،الطبعة الثالثة ،دار النشر المغربية ،2005 ،ص.240 .
7انظر :
ème
Mohammed Jalal Essaid, « Introduction à l’étude du droit », 3 ed., 2ème tirage, Collection connaissances, Imprimerie
Najah El Jadida, Casablanca, 2005, p. 437.
8عبد الرحمن البكريوي" ،الوجيز في القانون اإلداري" ،الطبعة األولى مزيدة ،شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،1995 ،ص.58 .
3
-3المسؤولية المدنية والجنائية
مقابل حرية التصرف وممارسة األنشطة التي يضمنها القانون لكل شخص ،هناك المسؤولية عن األفعال
واألعمال التي يقرها المشرع للحفاظ على الحقوق وضمان استقرار المعامالت داخل المجتمع .ولذلك فإنه يترتب على
تمتع األشخاص باألهلية القانونية وبذمة مالية مستقلة تحملهم ،تجاه الدولة وتجاه الخواص ،لألضرار واألخطاء الناتجة
عن تصرفاتهم القانونية وغير القانونية كإلحاق ضرر مادي أو معنوي بالغير ،أو اإلخالل ببنود عقد أو اتفاق ،او ممارسة
أعمال يعاقب عليها القانون مثل الغش أو التزوير أو المتاجرة في مواد محرمة أو االعتداء على ملك الغير .ثم أن هذه
المسؤولية الشخصية قد تكون مسؤولية مدنية وقد تكون مسؤولية جنائية .وتختلف العقوبات حسب أنواع األشخاص،
حيث يمكن مثال فرض عقوبات على الشخص المعنوي الخاص في شكل غرامات أو توقيف أو حل ،بينما يمكن أن
تكون في شكل تعويضات أو إصالح الخطأ بالنسبة للشخص المعنوي العام باعتباره مرفقا عموميا يستفيد من امتيازات
القانون العام.
وفي مقابل المسؤولية المدنية والجنائية لألشخاص ،يتمتع هؤالء بالحق في التقاضي أمام المحاكم للدفاع عن
حقوقهم ومصالحهم تجاه الغير ،فيمكنهم رفع دعاوى ضد الغير مثلما يمكن للغير فعل نفس الشيء في مواجهتهم .وترفع
الدعاوى أمام القضاء من طرف أو ضد ممثل الشخص المعنوي (رئيس الحكومة ،رئيس الجامعة ،المدير العام للمؤسسة
العمومية ،مدير الشركة ،رئيس الجمعية ،األمين العام للحزب .)...وال يميز القضاء بين األشخاص الطبيعيين
واألشخاص المعنويين إال فيما يتعلق بالقوانين التي تطبق على كل نوع من األشخاص .ذلك أن الخواص ،سواء كانوا
أشخاصا طبيعيين أو معنويين ،تطبق عليهم قواعد القانون الخاص ،بينما تطبق قواعد القانون العام على األشخاص
المعنوية العامة.
الفقرة الثانية – اآلثار المشتركة بين الشخص المعنوي الخاص والشخص المعنوي العام
لقد نشأت الشخصية المعنوية أو االعتبارية في بداية األمر في مجال القانون الخاص .وكان الهدف منها االعتراف
باألهلية القانونية للمجموعات والكيانات التي تحدث من طرف الخواص لتحقيق غاية معينة ،وذلك بغية تطوير وتأطير
المعامالت القانونية واالجتماعية واالقتصادية التي تقيمها هذه األخيرة مع الخواص أو مع اإلدارة والهيئات العمومية.
وتبعا للتطور القانوني ،وتطور العالقات مع الدولة ،سار معظم الفقهاء ورجال القانون العام في اتجاه استعمال مفهوم
الشخصية المعنوية أو االعتبارية على الدولة وعلى الجماعات والهيئات اإلدارية التي تحدثها وتمنحها االستقالل المالي
واإلداري ،9فاعتبروها أشخاصا معنوية عامة ،وخصصوا لها قواعد قانونية تتميز عن قواعد القانون المدني هي قواعد
القانون اإلداري.10
9تنص مثال المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجماعات على مايلي" :تشكل الجماعة أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة ،وهي جماعة
ترابية خاضعة للقانون العام ،تتمتع بالشخصية االعتبارية واالستقالل اإلداري والمالي".
انظر الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 23يوليوز ،2015ص.6660 .
10عبد الحق عقلة" ،القانون اإلداري – الجزء األول :المبادئ األساسية لدراسة القانون والعلم اإل داريين" ،دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،2002 ،ص.
.142
4
ونظرا لكون الشخصية المعنوية أو االعتبارية تتميز عن الشخصية الطبيعية أي عن اإلنسان ،فإن هناك بعض
اآلثار المشتركة التي يكتسبها الشخص المعنوي سواء كان خاضعا للقانون الخاص (شخص معنوي خاص) أو للقانون
العام (شخص معنوي عام) ،وسندرجها على التوالي.
فهناك فصل بين األموال المرصدة إلحداث أو تسيير الشخص المعنوي وبين أموال األشخاص أو األفراد الذين
يحدثون هذا الشخص المعنوي .وغالبا ما يطلق على هذا الرصيد المالي مصطلح "الذمة المالية" أو مصطلح
"الميزانية"؛ ويكون في شكل ميزانية سنوية تسهر األجهزة المقررة للشخص المعنوي على وضعها وتتبع كيفية صرفها
من خالل بابين متعارف عليهما في مجال القانون المالي ،هما باب المداخيل وباب النفقات .11ويمارس هذا األخير
أنشطته ومعامالته المالية في إطار ذمته المالية الخاصة به ،كما يساءل أيضا في إطارها (أداء الواجبات والديون
والتعويضات والغرامات.)...
فإذا حدث مثال عجز مالي للشخص المعنوي ،أو إعالن بإفالسه ،أو وجب عليه تحمل تبعة بعض المخالفات
للقانون أو أداء تعويضات للمتضررين ،فإن ذلك ينطبق على ذمته المالية وليس ذمة ممثله (الرئيس أو المدير) أو ذمة
األعضاء المساهمين أو المشرفين عليه.
إن الموطن أو المقر يعطي للشخص المعنوي وجودا مستقال عن األشخاص المحدثين له او المشرفين على
تسييره .ويسمح المقر ،ويطلق عليه عادة "المقر االجتماعي" بالنسبة للشركات والمقاوالت واألبناك ،بتحديد عنوان
الشخصي المعنوي أي المكان الذي تتواجد فيه اإلدارة المركزية .غير أنه في حال توفره على عدة مقرات ،كاألبناك
مثال ،فإنه البد من تحديد مقر رئيسي حتى يكون له عنوان خاص ،وإسم واحد ،ومخاطب واحد ،وحتى يتم تحديد دائرة
التقاضي (المحكمة المختصة ترابيا) ومحل المراجعة والمخابرة وكذلك نوع القوانين الوطنية التي تسري عليه.
فالشركات األجنبية مثال ملزمة بفتح مقر لها ببلد االستقبال ،واليمكنها التمسك بجنسيتها فتطالب بتطبيق قانون غير قانون
البلد المضيف أو الترافع أمام محاكم غير محاكم هذا البلد.
11مثال تنص المادة 15من القانون رقم 20.13المتعلق بمجلس المنافسة ،وهو حسب المادة األولى من نفس القانون هيئة مستقلة يتمتع بالشخصية االعتبارية
واالستقالل المالي ،على مايلي :
" تشمل ميزانية المجلس:
في الموارد:
-مخصص مالي من ميزانية الدولة؛
-مداخيل المنقوالت والعقارات التي يملكها؛
-الهبات والوصايا التي ليس من شأنها التأثير على استقاللية المجلس؛
-المداخيل المختلفة.
في النفقات:
-نفقات التسيير؛
-نفقات التجهيز.
انظر الجريدة الرسمية عدد 6276بتاريخ 27يوليوز ،2014ص.6095 .
5
ويعتبر المقر أو الموطن من الشروط األساسية إلحداث الشخص المعنوي ألنه يحدد مكان تواجده .ويحدده
القانون عادة في المكان الرئيسي التي تتواجد فيه األجهزة المركزية المسيرة (مقر الوكالة ،مقر الجامعة ،مقر الشركة).
من المعلوم أن األشخاص المعنوية تنتفي عنها صفة اإلنسان وتحتاج إلى من يسيرها ويعبر عن إرادتها ،ويمثلها
أمام الغير وأمام القضاء (األجهزة المسيرة) .فالممثل القانوني هو ذلك الشخص الطبيعي الذي يعينه األعضاء أو
األشخاص المساهمون أو القانون للتصرف باسم الشخص المعنوي (رئيس أو مدير أو أمين عام) .وهو الذي يتصرف
باسم الشخص المعنوي فيما يتعلق باكتساب الحقوق وااللتزام بالواجبات ،حيث تتجسد إرادة هذا األخير على أرض
الواقع في األعمال والمعامالت التي يقوم بها ممثله .ويعتبر الممثل هو المخاطب المسؤول أمام الغير وأمام اإلدارة أو
القضاء .وغالبا مايعتبر بمثابة السلطة التنفيذية فيسهر على تنفيذ القرارات التي يتخذها مجلس اإلدارة أو المجلس ،وعلى
صرف الميزانية واتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالتسيير والتدبير والتفاوض وإبرام العقود ،وكذا مخاطبة اإلدارات
والزبائن أو المنتفعين ،ويتولى بشكل عام تمثيل الشخص المعنوي أمام الغير وأمام الهيئات اإلدارية والقضائية.
فبالنسبة للدولة باعتبارها الشخص المعنوي العام الرئيسي يعتبر رئيس الحكومة هو من ينوب عنها في مجال
المسؤولية اإلدارية عن أعمال الهيئات اإلدارية المركزية .لذلك فإذا كان األمر يتعلق برفع دعوى قضائية ضد الدولة
فيجب رفها ضد رئيس الحكومة (الوزير األول سابقا) .12غير أن هناك بعض النصوص القانونية التي تخول لبعض
الوزارات أو األجهزة اإلدارية تمثيل الدولة في ميادين معينة كأموال وأمالك الدولة والملك الغابوي والنزاعات
الضريبية .13أما بالنسبة للجماعات الترابية فيمثلها ،كما تنص على ذلك القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية،14
رؤساء مجالسها المنتخبة .15ويمثل المؤسسات العمومية كأشخاص معنوية عامة مديروها مثل المدير العام للمكتب
الوطني للسكك الحديدية ومديري الوكاالت الحضرية المختصة في مجال التعمير.
12انظر قرار الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى في قضية الدولة المغربية ضد كالنديني ( ) Calendiniبتاريخ 19دجنبر ،1959مجموعة أحكام الغرفة اإلدارية
للسنوات القضائية ،1960-1957ص.195 .
13تنص 515من قانون المسطرة المدنية على مايلي" :ترفع الدعوى ضد :
-1الدولة ،في شخص الوزير األول (رئيس الحكومة حاليا) وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند االقتضاء،
-2الخزينة ،في شخص الخازن العام؛
-3الجماعات المحلية ،في شخص .......
-4المؤسسات العمومية ،في شخص ممثلها القانوني؛
-5مديرية الضرائب ،في شخص مدير الضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها"
14انظر :
-الظهير الشريف 1.15.83صادر في 7يوليوز 2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14المتعلق بالجهات ،الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 23يوليوز
،2015ص.6585 .
-الظهير الشريف 1.15.84صادر في 7يوليوز 2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14المتعلق بالعماالت واألقاليم ،الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 23
يوليوز ،2015ص.6625 .
-الظهير الشريف 1.15.85صادر في 7يوليوز 2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجهات ،الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 23يوليوز
،2015ص.6660 .
15انظر مثال المواد 94ومايليها من القانون التنظيمي رقم 113.14المتعلق بالجماعات فيما يتعلق بصالحيات رئيس الجماعة.
6
وتجدر اإلشارة إلى أن الحكومة والوزارات وبعض المرافق العمومية كالمدارس واإلعداديات والمحاكم
والسفارات تعتبر مجرد أجهزة إدارية تابعة للدولة ،حيث التتمتع بالشخصية المعنوية وليست لها أهلية قانونية مستقلة
كما هو األمر بالنسبة للدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية.16
من خالل تعريفنا للشخص المعنوي ،أشرنا إلى إحداث هدا الشخص القانوني سواء كان اإلحداث عاما أو خاصا
يتم بهدف تحقيق غاية معينة متفق عليها بين األعضاء المنشئين .ومعنى ذلك أن الشخص المعنوي المحدث يتخصص
في مجال معين ،وتنحصر أعماله وتصرفاته التي يعبر عنها ممثله القانوني في ذلك المجال الذي أحدث من أجله
(التجارة ،السياسة ،العمل نقابي أو الجمعوي ،التنمية الجهوية أو اإلقليمية ،قطاع النقل السككي .)...وهذا عكس الشخص
الطبيعي (اإلنسان) الذي اليفرض عليه التخصص في ميدان محدد مسبقا ،ويمكنه أن يقوم بتصرفات متعددة دون أية
قيود ،ماعدا مايحرمه عليه القانون.
إن مسالة التخصص قد ترتبط بالنشاط الذي يمارسه الشخص المعنوي ،وبناء على ذلك نعرف ماهي نوعية
القواعد القانونية التي تطبق عليه (القانون اإلداري ،القانون المدني ،القانون التجاري ،قانون األحزاب السياسية ،قانون
الشغل ،)...وقد ترتبط بالمجال الترابي فنعرف الدائرة الترابية التي يمارس الشخص المعنوي نشاطه داخل حدودها
(وطني ،جهوي ،إقليمي ،محلي).
إن األشخاص المعنوية العامة هي تلك الهيئات أو المرافق اإلدارية التي تحدثها الدولة إلى جانبها من أجل تحقيق
بعض الخدمات أو األعمال اإلدارية التي تنقلها إليها وفق سلطتها التقديرية ،والتي تحتاج إلى قدر من السرعة والجودة
في التنفيذ أو تشابه مايقوم به الخواص من أنشطة (كاألنشطة ذات الصبغة التجارية أو الصناعية أو المهنية) ،مما يجعلها
تمنحها الشخصية االعتبارية واالستقالل اإلداري والمالي للقيام بمهامها على أحسن وجه .ويتمثل هذا النوع من
األشخاص المعنوية أساسا في الجماعات الترابية (الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات) والمؤسسات العمومية
(المؤسسات والوكاالت والمكاتب والمراكز والصناديق وغيرها).
ولعل صفتها العمومية ،حيث تحدث األشخاص المعنوية العامة من طرف الدولة لتحقيق المصلحة العامة ،تجعلها
تنفرد ببعض الخصائص واآلثار دون غيرها من األشخاص القانونية األخرى .وعلى رأسها االستقالل المالي واإلداري
عن الدولة ،واستفادتها من امتيازات القانون العام باعتبارها مرفقا عموميا يخدم المنفعة العامة ،ثم خضوعها لوصاية
الدولة.
7
-1تمتع الشخص المعنوي باالستقالل المالي واإلداري
يستفيد الشخص المعنوي العام بنوع من االستقالل عن الدولة في إطار اكتسابه للشخصية القانونية .ويتجسد هذا
االستقالل في توفره على أمالك عامة وخاصة به وعلى ميزانية مالية (ذمة مالية) مستقلة عن ميزانية الدولة وعلى
موظفين أو مستخدمين اليحسبون على الوظيفة العمومية (موظفي الدولة) التي ينظمها أساسا قانون الوظيفة العمومية
الصادر بتاريخ 24فبراير ، 17 1958بل هناك أنظمة أساسية خاصة بهم يخضعون لها باإلضافة لخضوعهم إلى نظام
الوظيفة العمومية في مبادئه العامة.
فالشخص المعنوي العام يتوفر على ميزانية مالية سنوية خاصة به مثله مثل الدولة .وتسهر أجهزته المقررة
على وضع هاته الميزانية على رأس كل سنة ،وتبويبها في شكل موارد أو مداخيل مالية يتم تحصيلها إما كمساهمة من
الدولة أو كنتاج لألنشطة المدرة لألرباح أو الرسوم أو كهبات ومساعدات من هيئات أخرى ،وكذلك في شكل نفقات في
مجال التسيير والتعويضات أو في مجال التجهيزات التي يحتاج إليها الشخص المعنوي .غير أن هذه الميزانية تحتاج
دائما إلى مصادقة وزارة المالية كإجراء رقابي من طرف الدولة على األموال العامة التي تتصرف فيها هاته األشخاص.
أما بخصوص االستقالل اإلداري ،فيتمتع الشخص المعنوي بنوع من االستقاللية فيما يتعلق باتخاذ القرارات
اإلدارية وبوضعية المستخدمين العاملين .ورغم أن األصل في تنظيم وضعية الموظفين والعاملين في القطاع العام -مع
الدولة ومع األشخاص المعنوية العامة األخرى -هو قانون الوظيفة العمومية ،فإن خصوصية الجماعات الترابية
والمؤسسات العمومية دفعت الدولة إلى وضع أنظمة خاصة بموظفيها وعمالها بغية وضعهم في وضعية تتماشى مع
طبيعة العمل الذي يقومون به .غير أن هاته األنظمة الخاصة التخرج عن اإلطار العام لقانون الوظيفة العمومية خاصة
فيما يتعلق بالمبادئ الكبرى ،لكنها تركز على بعض الخصوصيات المرتبطة بكيفية التوظيف ونوعية عقد العمل وتنظيم
العمل واألجر والترقية والتحفيزات وغيرها.
ومن بين األنظمة الخاصة بموظفي ومستخدمي األشخاص المعنوية العامة هناك النظام األساسي لموظفي
الجماعات المحلية الصادر في 27شتنبر ،181977والنظام األساسي للمقاوالت العمومية الصادر في 19يوليوز 1962
والنظام األساسي لألساتذة التعليم العالي الصادر في 19أبريل .1997
وتتمثل هذه االمتيازات في مختلف األعمال واإلجراءات التي يتخذها الشخص المعنوي العام باسم الدولة،
فتكتسي طابع السلطة العامة ،أي طابع إلزامية قرارتها اإلدارية وإعطاء األسبقية ألعمالها وأنشطتها وإمكانية لجوئها
إلى استعمال القوة العمومية عند الحاجة من أجل احترام القانون وتحقيق المنفعة العامة.
17الظهير الشريف رقم 1.58.008المتعلق بالنظام األساسي العام للوظيفة العمومية ،الجريدة الرسمية عدد 2372بتاريخ 11أبريل ،1958ص.914 .
18هناك حاليا مشروع قانون بمثابة القانون األساسي للموارد البشرية بالجماعات الترابية وهيئاتها ،الزال لم يصوت عليه البرلمان ،وضعته وزارة الداخلية
باعتبارها الجهة الوصية على الجماعات الترابية في إطار تفعيل المقتضيات الجديدة التي جاءت بها القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية بخصوص تدبير
مواردها البشرية.
8
ويستفيد الشخص المعنوي العام في هذا اإلطار من كل وسائل القانون العام فيلجأ إلى نزع الملكية أو احتاللها
المؤقت من أجل تحقيق المنفعة العامة ،ويمارس الشرطة اإلدارية أو الضبط اإلداري من أجل حسن سير المرفق
العمومي؛ كما يتخذ قرارات إلزامية اليمكن لألفراد عدم االمتثال لها ،19ويبرم عقودا إدارية تتضمن شروطا وبنودا غير
مألوفة في القانون الخاص ،مثل وضع شروط العقد وتعديلها عند الحاجة بشكل انفرادي وفرض جزاءات وغرامات
على المتعاقد في حال إخالله ببنود العقد.
إذا كان الشخص المعنوي العام يتمتع باستقالل إداري ومالي في إطار اكتسابه للشخصية االعتبارية ،فإن ذلك
اليعني بتاتا االستقالل المطلق عن الدولة وخلق القطيعة معها .فهناك نوع من الوصاية التي يقرها المشرع للدولة على
كافة الهيئات واألجهزة اإلدارية التي تكتسب الشخصية المعنوية .وتختلف هنا الوصاية عن تلك المعمول بها في مجال
القانون الخاص والتي يتم اللجوء إليها في حال نقصان األهلية القانونية لدى الشخص الطبيعي.
فالوصاية معناها في القانون العام اإلشراف والمراقبة على أعمال الشخص المعنوي العام الذي نقلت له الدولة
اختصاصاتها في مجال معين ،فتستمر هذه األخيرة في تأطير عمله لكي اليزيغ عن الهدف أو الغاية التي أحدث من
أجلها (احترام االختصاصات المخولة له) وأن يحقق ذلك بشكل مرضي وفي احترام تام لمقتضيات القانون (الشرعية
والمشروعية) .ولذلك فإن ممارسة وصاية الدولة على األشخاص االعتبارية العامة تتم على مستويين:
-وصاية المشروعية وتعني وجوب احترام الشخص المعنوي للقانون من حيث اتقيد باحترام االختصاصات
الموكولة له ومشروعيته قراراته وأعماله اإلدارية؛
-وصاية المالءمة ومعناها الحرص على تكون أنشطة الشخص المعنوي العام مالئمة للمصلحة العامة وتسير
في اتجاه تحسين فعالية ومردودية المرفق العام.
وقد سبق للمشرع أن عرف الوصاية في القانون السابق رقم 78.00المتعلق بالميثاق الجماعي في مادته 68
كالتالي " :الوصاية تهدف إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي للقوانين واألنظمة الجاري بها
العمل وكذا ضمان حماية الصالح العام وتأمين ودعم ومساعدة اإلدارة" .20وقد بادر المشرع إلى استبدال مصطلح
الوصاية على الجماعات بمصطلح "المراقبة اإلدارية" في القانون التنظيمي الجديد رقم 113.14المتعلق بالجماعات،
19مقابل ذلك يضمن القانون اإلداري لألشخاص سواء كانوا طبيعيين أو معنويين خواص الطعن أمام القضاء اإلداري في هاته القرارات اإلدارية التي تصدرها
األشخاص المعنوية العامة بعدم المشروعية أو التعسف في استعمال السلطة.
20ظهير شريف رقم 1.02.297صادر بتاريخ 3أكتوبر 2002بتنفيذ القانون رقم 78.00المتعلق بالميثاق الجماعي ،الجريدة الرسمية عدد 5058بتاريخ 21
نونبر ،2002ص.3468 .
9
فنصت المادة 115منه على ممارسة عامل العمالة أو اإلقليم مهام المراقبة اإلدارية على شرعية قرارات رئيس المجلس
ومقررات مجلس الجماعة ،ونصت المادة 118على أن بعض مقررات المجلس الجماعي لتكون قابلة للتنفيذ إال بعد
التأشير عليها من قبل وزير الداخلية أو عامل العمالة أو اإلقليم حسب الحالة؛ ويتعلق األمر مثال بإحداث شركات التنمية
المحلية والتدبير المفوض للمرافق الجماعية وبرنامج عمل الجماعة والميزانية السنوية التي يضعها المجلس.
10