You are on page 1of 22

‫خ ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ــة ال ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ــث‬

‫مقدم ــة‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬ظاهرة السلطة السياسية‬


‫●املبحث األول‪ :‬ماهية السلطة السياسة‪.‬‬
‫●املبحث الثاني‪ :‬طبيعة وخصائص السلطة السياسية‪.‬‬
‫●املبحث الثالث‪ :‬أنواع السلطات السياسية‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬السلطةـ السياسية بين الشرعيةـ واملشروعية‪.‬‬


‫●املبحث األول‪ :‬أشكال السلطات السياسية‪.‬‬
‫●املبحث الثاني‪ :‬الشرعية واملشروعية‬
‫●املبحث الثالث‪:‬‬

‫الخاتمة‬

‫املراجع‬
‫مقدم ــة‪:‬‬

‫قصد االملام بأي موضوع والتعمق فيه‪ /،‬وجب على أي باحث التطرق للمفاهيم‬
‫والتعاريف الخاصة بالظاهرة التي هي موضوع البحث‪ ،‬ولقد اتضح لنا ونحن نحاول االطالع على‬
‫موضوع السلطة السياسية‪ ،‬أنه كان محل اهتمام الكثير من املفكرين والباحثين عبر العصور‪،‬‬
‫ُ‬
‫كما كان محل نقاش وتضارب في اآلراء‪ ،‬حيث كتبت في ذلك عدت كتب وصدرت الكثير من‬
‫األبحاث‪ ،‬وكيف ال وهو موضوع في غاية الجدية والخطورة بحيث يضطلع مباشرة بالحياة العامة‬
‫للناس‪ ،‬ومن ثم استقرارهم وأمنهم‪ ،‬وسعادتهم‪.‬‬

‫من هذا املنطلق ارتأينا البحث في هذا املوضوع وطرح إشكالية ظاهرة السلطة‬
‫السياسية؟‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫ظاهرة السلطة السياسية‬

‫● املبحث األول‪ :‬ماهية السلطة السياسة؟‬


‫● املبحث الثاني‪ :‬طبيعة وخصائص السلطة السياسية‪/‬‬
‫● املبحث الثالث‪ :‬أنواع السلطة‪.‬‬
‫املبحث األول‪:‬‬
‫ماهية السلطة السياسية؟‬

‫مفهوم السلطة السيـاسية‪:‬‬


‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫في اللغة‪ /‬العربية‪ /‬يقال ُسلطة‪ :‬اسم وجمعه سلطات‪ /‬أو ُسلط‬

‫السلطة بمعنى‪ :‬التسلط والسيطرة والتحكم والسيادة والحكم‪ ،‬و هي حكومة أو مسؤولون في‬
‫الدولة‪ ،‬وهي قوة سياسية يخضع لها املواطن(معجم املعاني الجامع)‪.‬‬

‫هناك أنواع كثيرة للسلط تتداول في املجتمع منها‪:‬‬

‫السلطة التنفيذية‪ ،‬السلطة التشريعية‪ ،‬السلطة القضائية‪ ،‬السلطة الرابعة‪( /‬الصحافة)‪،‬السلطة‬


‫ّ‬
‫الروحي ة (رجال الدين)‪،‬السلطات املختصة (املسئولون عن اختصاص معين)‪،‬سلطة القانون (قدرته على فرض‬
‫احترامه)‪ ،‬السلطات‪ /‬العليا بالبالد (األجهزة الحاكمة في البالد)‪.‬‬

‫كما أنها تعرف باإلنجليزية‪ :)Power( :‬القدرة االستطاعة القوة أو (‪ :)Authority‬واملصطلح‪ /‬اشتق‬
‫لفضها من الالتينية (‪ ،)Auctoritas‬أو بالفرنسي(‪ )autorité‬بمعنى السلطان (الحجة)‪ ،‬أي حجة التسلط والقدرة‬
‫كشرعية في استعمال القوة‪ ،‬فالسلطان‪ /‬هو الفرد الذي يضع فيه اآلخرون ثقتهم ويطيعون مشيئته‪ ،‬وعليه فهو‬
‫يتمتع بسلطة ومركز يخوله استخدام القوة بطريقة معينة‪.‬‬

‫إذا السلطة بمعنى (‪:)Power‬‬


‫هي القدرة على فرض اإلرادة والتأثير في اآلخرين‪ ،‬أو تنفيذ سياسة معينة و معنى هذا ان القوة في‬
‫جوهرها هي‪ :‬قوة الفرد أو الجماعة على ممارسة السلطة أو النفوذ تجاه اآلخرين و الضغط عليهم‪ ،‬ومراقبتهم‪،‬‬
‫و التحكم فيهم‪ ،‬وضبط سلوكهم‪ ،‬و التأثير في أفعالهم‪ /‬و توجيه جهودهم نحو آفاق معينة‪ ،‬بغية تحقيق غايات‬
‫و قيم محددة سواء كان ذلك عن رضا و اقتناع أو جبرا و قسرا‪)1(.‬‬

‫السلطة السياسية هي إحدى الركائز األساسية للدولة‪ ،‬واألهم من ذلك أنه حتـى نهاية العصور‬
‫الوسطى‪ ،‬وبسبب الترابط بين السلطة السياسية وشخصية الحاكم‪ ،‬كان هناك خلط بين السلطة والدولة‪،‬‬
‫كما فعل لويس الرابع عشر حيث قال في مقولته الشهيرة "الدولة هي أنا"‪ ،‬لذا كان مفهوم السلطة آنذاك‪ /‬يشكل‬
‫نظاما ينبع من السيطرة و الهيمنة‪ /‬بدافع‪ /‬من القوة و العنف‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬أدى نجاح الثورتين البريطانية والفرنسية إلى زوال هذا املفهوم‪ ،‬لذلك أصبحت السلطة‬
‫السياسية مؤسسة أو هيئة حاكمة تتخذ القرارات نيابة عن جميع األفراد الذين تتكون منهم املجموعة‪،‬‬
‫وص ممت لتنظيم سلوكها (املجموعة) وجميع التدابير الالزمة لتحقيق هذه الغاية‪ ،‬فإن التطورات‪ /‬الالحقة‬ ‫ُ‬

‫‪)(1‬عبد الحليم الزيات‪ ،‬في سوسيولوجيا بناء السلطة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬الصفحة ‪117‬‬
‫‪4‬‬
‫جعلتها ً‬
‫أيض ا شرعية وقانونية‪ ،‬بعدما كانت سلطة فعلية فبهذا أصبح من السهل التمييز بين السلطة‪ /‬الشرعية‬
‫والسلطة املشروعة‪.‬‬

‫ماهيـة السلطـة‪:‬‬
‫يصعب تعريف‪ /‬السلطة بسبب تعدد صفاتها‪ ،‬وقد كانت ظاهرة السلطة‪ /‬منذ أقدم العصور حتى‬
‫الوقت الحاضر موضوع عناية واهتمام املفكرين والفالسفة‪ ،‬مع ذلك فال يوجد تعريف‪ /‬متفق عليه من قبل‬
‫الجميع‪ ،‬لذلك فإن تشخيص ماهية السلطة‪ /‬ووظائفها وطبيعة العالقات التي تقوم عبرها وخاللها يختلف من‬
‫باحث إلى آخر‪ ،‬باختالف منطلقاته النظرية‪ /‬أو األيديولوجية‪ ،‬وعلى صعيد آخر إن صعوبة تحديد مفهوم‬
‫السلطة متأت عن كونها ظاهرة تتطور باستمرار وتأخذ أشكاال مختلفة‪ ،‬وقد مرت بمراحل نوعية في تطورها‪،‬‬
‫ً‬
‫اعتبارا من العنف الناجم عن إرادة فجة للسيطرة‪ /‬على اآلخر‪ ،‬إلى عمل إقناعي لزج املواطن في عمل جماعي‬
‫مشترك‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى امتزجت السلطة بكل أوجه العالقات‪ /‬اإلنسانية في الحياة االجتماعية املشتركة‪،‬‬
‫وهي مرتبطة بكل تنظيم مؤسسي‪ ،‬إذ أن التعاون أو الصراع الناجم عن العالقات السياسية‪ ،‬االجتماعية‪،‬‬
‫واالقتصادية التي تقوم بين األفراد والجماعات‪ ،‬هي نتيجة مباشرة لوضع السلطة‪ /‬في املجتمع‪)2(.‬‬
‫إن السلطة بمعناها الواسع‪ ،‬هي شكل من أشكال القوة‪ ،‬فهي الوسيلة التي من خاللها يستطيع‬
‫شخص ما أن يؤثر على سلوك شخص آخر‪ ،‬إال أن القوة تتميز عن السلطة‪ ،‬بسبب الوسائل املتباينة التي من‬
‫خاللها يتحقق اإلذعان أو الطاعة‪ ،‬فبينما يمكن تعريفها على أنها القدرة على التأثير على سلوك اآلخرين‪ ،‬فإن‬
‫السلطة يمكن فهمها على أنها الحق في القيام بذلك‪ .‬إن القوة تحقق اإلذعان من خالل القدرة على اإلقناع‪ ،‬أو‬
‫الضغط‪ ،‬أو التهديد‪ ،‬أو اإلكراه أو العنف‪.‬‬

‫أما السلطة فهي تعتمد على ((الحق في الحكم)) مدرك ومفهوم‪ ،‬ويحدث اإلذعان من خالل التزام‬
‫أخالقي ومعنوي من قبل املحكوم بأن يطيع‪.‬‬

‫و رغم اختالف الفالسفة السياسيين حول األسس التي ترتكز عليها السلطة‪ ،‬فإنهم مع ذلك اتفقوا‬
‫على أنها ذات طابع أخالقي ومعنوي (السلطة يجب أن تطاع)‪)3(.‬‬

‫ومن ثم يمكن تعريف السلطة السياسية بأنها‪( :‬روبرت دال)‪:‬‬


‫قدرة شخص (أ) على جعل شخص (ب) يعمل‪ ،‬أوال يعمل‪ ،‬ما يريده (أ)‪ ،‬سواء أراد (ب) ذلك أولم يرد‪.‬‬

‫وهناك تعريف آخر للسلطة السياسية‪ :‬‬


‫القدرة على جعل املحكوم يعمل أوال يعمل‪ ،‬أشياء معينة‪ ،‬سواء أراد املحكوم أو لم يرد‪ ،‬إنها عالقة‬
‫جوانبها‪ ./‬‬ ‫طاعة فيها يعترف الفرد بحق آخر أو آخرين في ممارسة تنظيم وإدارة حياته العامة‪ ،‬أو بعض‬

‫‪)(2‬صادق األسود‪ ،‬علم اإلجتماع السياسي‪ ،‬مطابع وزارة التعليم العراقية‪ ،‬بغداد‪ ،1990 ،‬الصفحة ‪125‬‬
‫‪ )(3‬أندرو هيوود‪ ،‬النظرية السياسية مقدمة‪ ،‬ترجمة لبنى الريدي‪ ،‬املركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪ ،2013 ،‬الصفحة ‪225‬‬
‫كما أن للسلطة مصادر يمكن أن نتطرق اليها فيما يلي‪:‬‬

‫مصادر السلطة السياسية‬


‫هناك مصادر أساسية ضرورية ترتكز عليها أي سلطة سياسية‪ ،‬قصد قبول املحكومين وخضوعهم‬
‫لها وتقوية عامل الطاعة والتعاون معها لدى جموع املواطنين‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫إيمان الناس بشرعية النظام وأن طاعته واجب أخالقي‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫املوارد البشرية (األشخاص والجماعات التي تطيع وتقدم العون للسلطة)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املهارات واملعرفة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العوامل النفسية والفكرية التي تحث الناس على طاعة الحكام‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املصادر املادية (سيطرة وتحكم باملمتلكات‪ /‬واملصادر املالية والنظام االقتصادي ووسائل‬ ‫‪‬‬
‫االتصاالت واملواصالت‪.)...‬‬
‫العقوبات (لضمان الخضوع والتعاون الالزمين)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التهديد باستخدام القوة في بعض الحاالت(‪.)4‬‬ ‫‪‬‬

‫يرى ألتوسير" أن للسلطة أجهزة أكثر تكتما تسرب الدولة من خالله أيديولوجيتها‪ /‬الخاصة‪ ،‬وفي هذا‬
‫اإلطار يمكن إدراج املؤسسات الدينية‪ /‬والتعليمية‪ /‬واإلعالمية‪.‬‬

‫كما أن هناك عدة مصادر ضرورية وأساسية أخرى للسلطة تستند عليها في أثناء ممارستها امليدانية‬
‫للحكم منها(‪:)5‬‬

‫أوال‪ :‬العناصر املادية‪:‬‬


‫القوة الطبيعية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يمكن فهم السلطة‪ /‬بالشكل األفضل على أنها وسائل لكسب اإلذعان (الخضوع واالنقياد أو اإلسراع‬
‫في الطاعة)‪ ،‬وهي القوة على اإلكراه‪ ،‬وقد تكون قوة الحجة واإلقناع‪ ،‬أو القدرة على املكافأة‪ /‬أو العقاب‪ ،‬فإذا‬
‫كانت السلطة تتضمن الحق في التأثير على اآلخرين‪ ،‬فإن القوة تشير الى القدرة على فعل ذلك‪ ،‬إما باإلكراه أو‬
‫بالحجة واإلقناع‪.‬‬

‫كما يرى ميكيافيلي في كتابه األمير "أن السلطة السياسية التي يمتلكها األمير يجب أن تصدر عن قوة‬
‫القانون وعن سلطة القوة‪ ،‬ذلك أن الحكم ال يمكن أن يستقيم إال إذا أتقن األمير دور الثعلب (في املكر)‬

‫‪ )4(4‬جينشارب‪ ،‬من الدكتاتورية الى الديمقراطية ‪ ،‬ترجمةخالددارعمر‪ ،‬الدارالعربية للعلوم والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،9200 ،‬ص ‪37‬‬

‫‪ )5(5‬أ‪.‬م‪.‬د‪.‬احسان عبدالهادي النائب ‪ ،‬مفهوم السلطة وشرعيتها ‪ :‬اشكالية المعنى والداللة‪The First International Scientific ،‬‬
‫‪ ، ConferencePP:63-80، People Satisfaction is a Source of the‬ص‪Legitimacy of Goverments C .73‬‬
‫‪May/2017‬‬
‫‪6‬‬
‫واألسد (في القوة)"‪ ،‬أي سياسة الدهاء والقوة مادامت كل السبل مشروعة في تحقيق الوحدة واألمن‬
‫واالستقرار‪.‬‬

‫القوة االقتصادية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬


‫إن من يتحكم في القوة االقتصادية يستطيع أن يتحكم في كثير من األمور ومنها السلطة‪ ،‬من ذاك‬
‫حرمان املرء من مصادر العيش مقابل إجباره على الطاعة (جوع كلبك يتبعك)‪ ،‬وقد يكون العكس صحيحا بل‬
‫أفضال‪ ،‬وهذا ما نراه‪ /‬في الدول املتقدمة‪ ،‬كما أن الطبقة االجتماعية التي تمتلك وسائل اإلنتاج تمتلك السلطة‬
‫السياسية وتسيطر على أجهزة الحكم في املجتمع‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ‪ -‬العناصر غير املادية‬
‫الهيبة‪( :‬لغة‪ :‬الخوف والحذر واالحترام)‬ ‫‪.1‬‬

‫رأيناه في سلطة الرسول صلى هللا عليه وسلم حين قال "نصرت بالرعب(الخوف والفزع) مسيرة‬
‫شهر"‪ ،‬حيث من يتمتع بالهيبة تكون له نتيجة حتمية االحترام واإلجالل ومن ثم الطاعة والخضوع‪ ،‬وللسلطة‬
‫السياسية عوامل ووسائل مادية عديدة تستخدمها لتعزيز‪ /‬هيبتها مثل(مصالح األمن‪،‬القضاة‪ ،‬املواكب‬
‫واالستعراضات الرسمية‪ ،‬واألوسمة‪ ،‬القرارات الشجاعة‪ ،‬املواقف الدولية القوية وغيرها)‪ ،‬وكذا وسائل‬
‫معنوية كتأثير وسائل اإلعالم‪ ،‬والوسائل اإليديولوجية األخرى التي ذكرها ألتوسير‪.‬‬

‫النفوذ‪( :‬لغة‪ :‬السلطان والقوة)‬ ‫‪.2‬‬

‫إن النفوذ هو وسيلة عامة في التفاعل االجتماعي الذي يتم بين الوحدات‪ /‬االجتماعية املختلفة‪ ،‬فهو‬
‫وسيلة في اإلقناع‪ ،‬و الطريقة التي يمكن بواسطتها‪ /‬إجراء تأثير على آراء ومواقف اآلخرين‪ ،‬بعمل‪ /‬متعمد ولهدف‬
‫مقصود‪ ،‬ويرى(روبرت دال ) أن النفوذ هو عالقة بين فاعلين يقنع أحد منهم اآلخر بأن يقوموا بعمل ما‬
‫وبطريقة ال يعملون‪ /‬بها في مناسبة أخرى(‪.)6‬‬

‫وإذا تعاملنا مع السلطة بوصفها قدرة (يماثل مصطلح النفوذ)‪،‬وهذا يعني التأثير‪ ،‬لكن ينبغي إن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ندرك أن هذه القدرة أو النفوذ أو التأثير ممكن أن يكون ايجابيا أو سلبيا‪ ،‬فإن ذلك يطرح فكرة ارتباط‬
‫السلطة باملصالح‪ ،‬حيث يقول ثراسيماخوس‪" :‬السلطة‪ /‬هي بحث دائم عن مصلحة األقوى"‪ ،‬أي إفراد‬
‫يستخدمون السلطة لخدمة مصالحهم الخاصة‪)7(.‬‬

‫املبحثـ الثانيـ‪:‬‬
‫‪ )6(6‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪157‬‬
‫(‪ )7‬باريهندس‪ ،‬خطابات السلطة‪ ،‬ترجمة ميرفت ياقوت‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،200 ،‬ص ‪15‬‬
‫طبيعة وخصائص السلطةـ السياسية‬

‫ونقصد بطبيعة السلطة السياسية‪ ،‬في كيفية ممارستها للسلطة‪ /‬بذاتها‪ ،‬إن كانت سلطتها قائمة على‬
‫مبدأ الحق والقانون وفصل السلط‪ ،‬أم على القوة واملكر‪ ،‬أم أنها سلطة تجمع بين الحق والقانون وبين العنف‬
‫والقوة واملكر‪.‬‬

‫أوال‪ :‬السلطة السياسية قائمة على األخالق والحق والقانون وفصل السلطات‪:‬‬
‫يتبنى هذا املوقف‪ /‬مجموعة من الفالسفة‪ ،‬نذكر على سبيل املثال فالسفة األنوار جون لوك وجون‬
‫جاك روسو ومونتسكيو‪.‬‬

‫أكد الفيلسوف اإلنجليزي‪ ‬جون لوك‪ ‬في كتابه "في الحكم املدني" على كون الدولة يجب أن تستخدم‬
‫سلطتها السياسية في اتجاه حماية حياة األفراد وحريتهم وممتلكاتهم‪ ،‬أي أن تضمن احترام الحقوق الطبيعية‬
‫لألفراد‪ ،‬فهي ذات بعد أخالقي ديني‪ ،‬و يقترح لوك تنظيما مؤسساتيا‪ ،‬يسمح بمراقبة‪ /‬سلطة الدولة‪ ،‬والسماح‬
‫للشعب بمقاومة الحاكم إذا تجاوزت سلطته الحدود املرسومة لها بواسطة‪ /‬القوانين املتعاقد عليها‪ ،‬فال سلطة‬
‫تعلو على سلطة القانون‪.‬‬

‫ونفس الشيء أكد عليه الفيلسوف‪ ‬جون جاك روسو‪ ،‬حيث يقول‪ ‬في مؤلفه "العقد‬
‫اإلجتماعي"‪ ‬بضرورة حرص الدولة على ضمان تحقيق الحقوق والحريات‪ /‬الطبيعية لألفراد‪ ،‬واالبتعاد عن‬
‫منطق القوة‪ ،‬ألنه منطق مبني على اإلكراه وليس على اإلرادة واالختيار‪.‬‬

‫كما تقدم الفيلسوف الفرنسي‪ ‬مونتسكيو‪ )1755-1689( ‬في مؤلفه "روح القوانين" بتصور لطبيعة‬
‫السلطة السياسية‪ ،‬يقوم على ضمان حرية األفراد‪ ،‬حيث‪ ‬ينطلق منتسكيو من أن أي دولة تتوفر على ثالث‬
‫سلط‪ :‬السلطة التشريعية التي تشرع القوانين‪ ،‬والسلطة التنفيذية التي تنفذ القوانين‪ ،‬والسلطة القضائية التي‬
‫تحكم بين املتنازعين بواسطة‪ /‬القانون‪ ،‬ويذهب مونتسكيو إلى أن الجمع بين هذه السلط سيؤدي إلى االستبداد‪،‬‬
‫وإصدار األحكام اعتباطيا‪ ،‬ألن املشرع سيكون هو نفسه املنفذ‪ ،‬ولهذا يرى مونتسكيو ضرورة الفصل بين‬
‫السلط‪   ‬لغاية أن تكون السلطة السياسية سلطة ديموقراطية‪ ،‬يقول "اللورد أكتون" (السلطة مفسدة‪ ،‬و‬
‫السلطة املطلقة مفسدة مطلقة)‪.‬‬

‫كما يرى ابن خلدون أن نجاح الحاكم في تدبير حكمه رهين بنهج سياسة االعتدال والوسطية‪ ،‬حيث‬
‫ال إفراط وال تفريط على جميع املستويات‪ ،‬فعلى الحاكم أن يكون غير باطش وال متسلط‪ ‬وال لينا رفيقا‬
‫بإفراط‪ ،‬وإنما يحاول التقريب بين األسلوبين‪ ،‬ألن اإلفراط في القوة يؤدي إلى الخوف والخذالن من طرف‬
‫الرعية‪ ،‬كما أن اللين والرفق ينمي فيهم الكسل والخمول‪ ،‬وينبغي أن يكون كريما ألنه حد وسط بين الشح‬
‫والتبذير‪ ،‬كما ال ينبغي أن يكون غبيا وال ذكيا وإنما التوسط بينهما‪ /‬يتضح إذن أن الرفق واالعتدال هو أساس‬
‫السلطة السياسة عند ابن خلدون‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫كما إن تعلق الرعية بالسلطان ال يعود إلى جماله وعلمه‪ ،‬بل ألنه ال غنى للرعية عنه وال غنى‬
‫للسلطان عن رعيته‪ ،‬كما أنه يرى في السلطان الحق‪ :‬ذلك الذي يضفي على حسن ملكته صفة الرفق‪ ،‬وتصوره‬
‫لطرق التدبير السياسي ولعالقة الحاكم باملحكوم وقيامها على مبدأي الرفق واالعتدال‪ ،‬وإنما ينم هذا عن بعد‬
‫نظره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السلطة السياسية قائمة على القوة والعنف‬


‫يتبنى هذا املوقف‪ /‬مجموعة من الفالسفة في تصور مخالف للتصورين السابقين حيث يذهب نيكوال‬
‫مكيافيلي إلى التأكيد على شكل آخر من أشكال املمارسة السياسية‪ ،‬السلطة سياسية القائمة على الصراع‬
‫واملكر والخداع والقوة‪ ،‬فقد شكل كتابه "األمير" مجموعة من الوصايا‪ /‬على الحاكم أتباعها‪ ،‬من بينها أن الحاكم‬
‫ليس من يحيا االستقامة‪ ،‬بل الحاكم من يؤثر على عقول الناس باملكر والخداع‪ ،‬وأنه على الحاكم كذلك‪ ‬أن‬
‫ينهج في حكمه طريقة القانون أو طريقة القوة‪ ،‬شريطة الجمع‪ /‬بين مكر الثعلب‪ ،‬وقوة األسد ليرهب ويخيف‪،‬‬
‫ويفترض ميكيافيلي أن جميع الناس أشرار‪ ،‬فال لوم على الحاكم إذا نقض العهد‪ ،‬وكذلك أن يخفي صفتي املكر‬
‫والخداع بحجة أن الناس على استعداد لقبول ضرورة الحاضر وبالتالي سهولة خداعهم‪.‬‬

‫نفس املوقف ذهب إليه الفيلسوف اإلنجليزي طوماس هوبز الذي أكد على أن الدولة يجب أن تكون‬
‫كالتنين‪ ،‬املتسلط على جميع الوحوش البحرية‪.‬‬

‫يعتبر ماكس فيبر أن الدولة هي املالكة الوحيدة لحق ممارسة العنف داخل تجمع سياسي معين‪،‬‬
‫وتقوم على احتكار العنف املشروع باعتباره الوسيلة العادية للدولة ومن تم فإن العنف‪ /‬هو الخاصية املميزة‬
‫للدولة الحديثة كونه يستمد مشروعيته من القانون‪ ،‬كما يعتبر العنف أهم ركيزة تقوم عليها الدولة في ممارسة‬
‫سلطتها وضمان استمرارها‪ .‬وهذا ما يجعل الدولة تسعى دائما إلى احتكار هذه الوسيلة‪ ،‬وتمنح لنفسها حق‬
‫امتالكه‪.‬‬

‫من هنا أردنا التفريق بين عنصرين أساسيين وهما السلطة والسيطرة‪:‬‬

‫ثالثا‪:‬السلطة والسيطرة‪:‬‬
‫يطلق تعبير (السيطرة‪ Domination(،‬على واقعة كون فرد أو مجموعة من األفراد أقوى من غيرهم‬
‫بحيث يكون في وسعهم أن يفرضوا وجهة نظرهم في كيفية تسيير الشؤون العامة‪ ،‬إن السيطرة حسب مفهوم‬
‫(ماكس فيبر) الذي يعرفها بأنها مجموع االكراهات املنظمة التي تفرض نفسها‪ ،‬في مجتمع ما‪ ،‬على األفراد‬
‫الذين يكونونه‪ ،‬فإنه ثمت عالقة وثيقة تقوم مابين السيطرة وبين السلطة‪ ،‬ألن القوى االجتماعية التي تسيطر‬
‫ً‬
‫فعال أو تسعى إلى السيطرة تحاول االستحواذ على السلطة‪ ،‬وهو كما يدعى سياسيا ب ـ (اللوبي‪.)Lobbying ،‬‬
‫ُ‬
‫وفي العصر الحديث‪ ،‬ت مارس السيطرة السياسية من قبل تنظيم ذات طابع مؤسساتي (الدولة)‪ ،‬التي‬
‫ُ‬
‫تستمد من املجتمع‪ ،‬وفي آن واحد‪ ،‬وسائل ممارسة احتكار القوة و وسائل تبرير الشرعية لكي تطاع‪.‬‬
‫كما تمتاز السلطة السياسية عن سائر أنواع السلطات (السلطة الدينية‪ ،‬السلطة االقتصادية‪،‬‬
‫سلطة القبيلة‪ ،‬السلطة في مؤسسة اقتصادية‪ ،‬السلطة العائلية الخ ) بأنها السلطة التي تدير املجتمع بكامله‪،‬‬
‫بينما تدير السلطات‪ /‬األخرى شؤون الجماعات الخاصة لذلك فهي تتميز عن غيرها من السلطات األخرى‪ ،‬بأنها‪:‬‬

‫‪ -1‬عامة‪:‬‬
‫السلطة السياسة قراراتها عامة وتلزم كل املجتمع‪ ،‬فهي تعمل مع جميع املواطنين بدون تفرقة‪ ،‬في‬
‫قرارتها و مواقفها السياسية وحتى فيما يخص تنفيذها للقرارات‪ ،‬لذلك كان الطابع‪ /‬العام لقراراتها ضروريا‬
‫حتى يتماشى مع كل أفراد وأطياف املجتمع‪.‬‬

‫‪ -2‬تحتكر وسائل اإلكراه الرئيسية في املجتمع‪:‬‬


‫السلطة السياسية تحتكر وسائل اإلكراه الرئيسية في املجتمع كالجيش والشرطة والسجن‪ ،‬ومختلف‬
‫املصالح األمنية‪ ،‬قصد معاقبة املخالفين لها والخارجين على القانون‪ ،‬وفرض النظام بكل الوسائل املتاحة لها‪،‬‬
‫فهي صاحبة القوة والقدرة على ذلك‪.‬‬

‫لذلك وجب على املوطنين تطبيق واحترام القانون (القانون‪ :‬هو مجموع القواعد اإللزامية‬
‫املوضوعة من طرف سلطة عليا بهدف تنظيم الحياة االجتماعية‪ ،‬كما يراه‪ /‬مونتسكيو على أنه مجموع‬
‫العالقات‪ /‬الضرورية التي تنبع من طبيعة األشياء‪ ،‬وقانون الطبيعة يحكم كل املخلوقات الحية بما فيها اإلنسان)‬
‫و هذا ألنه وضع لتنظيم الحياة العامة‪ ،‬بهدف منع الفوضى وسيادة القانون والعدل واالبتعاد عن قانون الغاب‪/‬‬
‫حيث يسيطر القوي على الضعيف‪ /‬حيث أن من مهام السلطة و وظائفها تنظيم العالقات اإلنسانية داخل‬
‫مجتمع معين‪.‬‬

‫كما يرى مكيافيلي في كتابه األمير "أن السلطة السياسية التي يمتلكها األمير يجب أن تصدر عن قوة‬
‫القانون وعن سلطة القوة‪.‬‬

‫‪ -3‬كما أن للسلطة الحديثة خصائص تتميز بها من دولة ألخرى حسب بيئة وإيديولوجية‬
‫الدولة ومنها‪:‬‬

‫مركزية السلطة‪ :‬فهي تعمل على تركيز السلطة‪ /‬لدى الدولة‪ ،‬وباملقابل تحد من استقاللية‬
‫الواليات (مثل الجزائر)‪.‬‬

‫سلطة تحكيمية‪ :‬فهي الحكم بين مختلف الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‪.‬‬

‫سلطة مدنية أو عسكرية‪ :‬وهذا يختلف من دولة ألخرى ويكون معلنا خاصة في االنقالبات‬
‫العسكرية أو غير معلن‪.‬‬

‫سلطة علمانية أو دينية‪ :‬رغم أن غالبيتها علماني إال أنه ثمت دول تحركها النزعة الدينية دون‬
‫اإلعالن عنها مثل سلطة الكيان الصهيوني‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫املبحث الثالثـ‪:‬‬
‫أنواع السلطات السياسيةـ‬

‫كما أطلق علها املفكر مونتسكيو "بالسلطات العامة" في كتابه روح القوانين(حسب املقاربة‬
‫املؤسساتية لتعريف‪ /‬السلطة السياسية)‪ ،‬وتختلف السلطات‪ /‬السياسية حسب اختالف األنظمة السياسية من‬
‫بلد آلخر‪ ،‬فهناك بلدان اعتنقت نظام سياسي رئاسي وأخرى برملاني‪ ،‬وهناك من ناصف بينهما أي كما يسميه‬
‫البعض نظام هجين وأخرى أحادي عسكري مثل كوريا الشمالية‪ ،‬الخ‪ ،...‬حيث يعبر عنها اإلعالن الدستور لكل‬
‫دولة‪.‬‬

‫فمثال السلطات‪ /‬في الواليات‪ /‬املتحدة األمريكية تتكون من سلطتين‪ :‬األولى تتمثل في شخص الرئيس‪/‬‬
‫والثانية تتمثل في الكونغرس (مجلس الشيوخ)‪ ،‬وغالبا ما تتكون السلطة السياسية في كثير من البلدان كما يلي‪:‬‬
‫(‪)7‬‬

‫السلطة التشريعية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬


‫السلطة التشريعية‪ /‬متمثلة في البرملان‪ /‬أو مجلس النواب وهو مكون من مجموعة األشخاص املنتخبين‬
‫رسميا مهمتهم وضع القوانين أو تعديلها‪ /‬للدولة‪ ،‬وهو املسؤول األول عن تشريع القوانين‪ ،‬يقوم أيضا بدور‬
‫الرقيب على الحكومة (السلطة التنفيذية)‪ ،‬تقييم السياسات العامة لها‪ ،‬وكذا الديبلوماسية البرملانية‪.‬‬

‫و كمثال على ذلك نوجز لكم مكون السلطة التشريعيةـ في الجزائر‪:‬‬

‫إن البرملان في الجزائر يتكون من غرفتن‪ ،‬سفلى وهي مجلس النواب‪ ،‬وعليا وهو مجلس األمة‪ ،‬حيث‬
‫يتم الدراسة واملصادقة على القوانين من طرف الغرفة السفلى ثم يتم احالتها ملجلس األمة قصد إعادة دراستها‬
‫واملصادقة عليها من جديد‪ ،‬كما يمكن بالضرورة جمع الغرفتين‪ /‬للمصادقة على القوانين املهمة مثل املصادقة‬
‫َ‬
‫على تعديل الدستور‪ ،‬أو أمرا قد يكون طارئا وذو أهمية قصوى مثل قبول مشاركة الجيش الوطني في مهمات‬
‫خارج الوطن أو إعالن حالة الحرب الى غير ذلك من القوانين‪.‬‬

‫كما أنه ثمة صالحيات تشريعية أسندت للحكومة وحتى لرئيس الجمهورية‪( ،‬وكان هذا في تعديل‬
‫للدستور الفرنسي للجمهورية الخامسة)‪ ،‬كما تم تبنت بعض الدول هذا التوجه مثل الجزائر‪ ،‬وقد تم تسميته‬
‫بــ‪:‬‬

‫األستاذ الدكتور فوزى عبد الغني‪ ،‬السلطـة السياسيـة‪ ،‬الناشر دار النهضة العربية‬ ‫‪7‬‬
‫السلطة تنظيمية‪ :‬وهي اإلمكانية التي خولها املشرع للحكومة كي تتدخل في عمل البرملان كمشرع‬
‫عادي‪ ،‬عن طريق سن القوانين‪ ،‬حيث برز هذا التحول بشكل واضح في دستور الجمهورية الخامسة للدولة‬
‫الفرنسية‪ ،‬أين أعطى صالحيات واسعة للحكومة في التشريع‪ ،‬وانقلبت األمور في هذه البلدان حتى أصبح‬
‫البرملان (يدعى بالبرملان املعقلن‪)Rationalisé ،‬على إثرها كمشرع استثنائي والحكومة كمشرع عادي‪.‬‬

‫السلطة التنفيذية‪ ‬‬ ‫‪.2‬‬


‫متمثلة في الحكومة وهيئة موظفيها‪ ،‬وما يتبعها من مصالح‪ ،‬اإلدارة العامة والجماعات املحلية‬
‫وغيرها‪ ،‬وهي املسؤولة عن تنفيذ القوانين التي تقرها السلطة التشريعية البرملان وإدارة شئون البالد الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬و تختلف الحكومات من نظام آلخر(رئاسي أو شبه رئاسي أو برملاني الخ)‪ ،‬فالحكومة في الواليات‬
‫املتحدة األمريكية تتكون من ُم عيني الرئيس و يطلقون على أعضائها بكتاب الرئيس‪ ،‬أما في بريطانيا فهم‬
‫الوزراء‪ ،‬كما أن في الجزائر حكومة و مجلس وزراء يجتمع دوريا برئيس الجمهورية قصد اتخاذ القرارات و‬
‫املصادقة على القوانين املنبثقة منها ليتم إحالتها على البرملان للدراسة والتعديل و املصدقة‪ ،‬كما أنه تم تعديل‬
‫منصب رئيس الحكومة في الدستور األخر ليصبح إما وزيرا أوال إذا ما كان لرئيس الجمهورية أغلبية برملانية‪،‬‬
‫كما هو الحال في البرملان‪ /‬املنتخب سنة ‪ 2021‬أو رئسا للحكومة إذا لم تكن كذلك‪.‬‬

‫السلطة القضائية‬ ‫‪.3‬‬


‫متمثلة في القضاء و مهمته فصل النزاعات‪ /‬بين الناس (األفراد واألفراد) أو بين األفراد والدولة بكل‬
‫مكوناتها‪ ،‬أو املؤسسات أو السلطات بينها وبين بعضها‪ ،‬ويمثلها رجال القضاء‪.‬‬

‫وقد يتساءل البعض عن الهيئة املخولة لوضع الدستور‪ ،‬حيث سمية بــ‪:‬‬

‫السلطة التأسيسية‪ :‬وهي الجهة التي تضع الدستور ألول مرة‪ ،‬ومن هنا نفهم ما الحظناه في‬
‫مجموعة من الحراكيين الذين كانوا يطالبون‪ /‬بمجلس تأسيسي يخول له إعادة وضع دستور جديد للجزائر‪.‬‬

‫السلطة التأسيسية الفرعية‪ :‬وهي التي تقترح تعديالت للدستور‪.‬‬

‫مبدأ الفصل بين السلطات‬ ‫‪.4‬‬


‫يميز مونتسكيو بين ثالث وظائف للدولة‪ ،‬وهي‪ :‬السلطة التشريعية السلطة التنفيذية ثم السلطة‬
‫القضائية‪ ،‬كما يقر مبدأ الفصل بين هذه السلط كأساس لقيام العدالة وضمانا لحقوق املواطنين‪ ،‬وتحقيق‬
‫األمن والحرية وغيرها من الحقوق‪ ،‬التي يجب أن تضمنها الدولة ملواطنيها‪ ،‬حيث اجتماع هذه السلط في يدي‬
‫شخص واحد يحول دون تحقيق الحرية‪ ،‬ويؤدي إلى االستبداد تنتهي معه حقوق األفراد وحرياتهم‪( ،‬من كتابه‬

‫‪12‬‬
‫الهام روح القوانين)‪.‬‬

‫الفصل الثـاني‪:‬‬
‫السلــطة السياسيةـ بين‬
‫الشرعية واملشروعية‬

‫●املبحث األول‪ :‬أشكال ومصادر السلطة السياسية‬


‫●املبحث الثاني‪ :‬السلطة السياسة بين الشرعية‪/‬‬
‫واملشروعية‬
‫●املبحث الثالث‪ :‬مبادئ الشرعية‪/‬‬
‫كي يتأتى لنا معرفة بعض أدوار السلطة السياسية في املجتمع ومدى شرعيتها‪ ،‬بات من الضروري‬
‫التطرق إلى أشكال السلطة‪ /‬السياسية‪ ،‬والى املقومين األساسيين التي تقوم عليهما‪ /‬السلطة‪ /‬السياسية وهما‬
‫الشرعية واملشروعية‪.‬‬

‫املبحث األول‪:‬‬
‫أشكال ومصادر السلطةـ السياسية‬

‫سلطة اجتماعية مباشرة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬


‫ُْ َ‬
‫(وتعرف كذلك باسم السلطة التقليدية أو السلطة املغ َفلة (‬

‫والتي تقوم على التقاليد واألعراف وحكم املعتقدات‪ ،‬وكذلك على القواعد التي تضفي الشرعية على‬
‫الحكام التقليديين(‪ ،) 8‬حيث تكون السلطة في يد جميع األفراد وال يمارسها أحد بمفرده وجميع األفراد يتبعون‬
‫ً‬
‫وإرضاء للجماعة‪ ،‬ألن العقاب فيها‬ ‫العادات والتقاليد‪ ،‬وإتباعهم لها ليس خوفا من عقاب ولكن بشكل غريزي‬
‫هو إما اإلبعاد عن الجماعة أو العقوبات املتفق عليها‪.‬‬

‫وتتحدد شرعيتها في ثالث جوانب ‪:‬‬

‫مشاركة األفراد فيها مشاركة تقليدية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫تمارس السلطة فيها حسب املكانة االجتماعية والوضع اإلداري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪9‬‬
‫توجد حرية في استخدام القوانين التقليدية‬ ‫‪‬‬

‫‪ )(8‬صادق األسود‪ ،‬علم االجتماع السياسي (أسسه و أبعاده)‪ ،‬مطابع وزارة التعليم العراقية‪ ،‬بغداد‪ ،1990 ،‬ص ‪137‬‬
‫‪ )(9‬مولودزايد الطيب‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ ،‬منشورات جامعة السابع من أفريل‪ ،‬بنغازي‪82-81 ،‬‬

‫‪14‬‬
‫السلطة مجسدة في يد شخص‪ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫(وتعرف كذلك باسم السلطة امللهمة 'الكاريزما'‪ ،‬أو شخصنة السلطة) ‪Individualization de Pouvoir‬‬

‫تكون السلطة غالبا في يد شخص‪ ،‬ويكون من الواجب طاعة هذا الشخص بصفته الحاكم وحكمه‬
‫للناس يكون امتياز له وليس وظيفة يؤديها‪ ،‬وتسمى كذلك السلطة امللهمة‪( /‬الكاريزما) وهو القائد الكاريزمي‬
‫الذي يجذب التابعين‪ /‬بسبب شخصيته أو القيام بأعمال بطولية أو بسبب خطاباته وقدرتها على االرتباط‬
‫باملشاعر‪ ،‬مثل غاندي‪ ،‬هتلر وغيرهم‪ ،‬بحيث طاعة األفراد له تتأتى من خالل اإليمان به‪ ،‬ملا لدى الزعيم من‬
‫الهيبة والبطولة أو صفات نادرة في غيره من الزعماء‪.‬‬

‫السلطة في يد مؤسسة‪:‬‬ ‫‪.3‬‬


‫(كما تعرف بالسلطة العقالنية أو القانونية أو السلطة املؤسسة)‬

‫تكون السلطة بيد الشعب كصاحب سيادة يمنحها الشعب برضاه لفترة زمنية معينة لشخص‬
‫كوظيفة وليس كامتياز‪ ،‬وهنا تظهر السلطة كمؤسسة وتظهر القوانين ويستقر النظام بسبب االعتماد على‬
‫القوانين التي سنها الشعب او ممثلي الشعب التي تعبر عن رغبة الشعب‪ .‬‬

‫وهي التي توجد في املجتمعات‪ /‬الحديثة‪ ،‬وتقوم على مجموعة من القواعد والقانونية املبنية على‬
‫أساس املنطق‪ ،‬وكل من له سلطان يستمد صالحيته من القواعد الدستورية والقانونية(‪)10‬‬

‫كما يمكن أن ندرج تقسيما آخراألشكال السلطة السياسية‪:‬‬

‫‪ .1‬السلطة‪ /‬املستمدة بسبب الوراثة‪ ،‬في النظام امللكي‪ ،‬أو حتى غير امللكي‪( /‬مثل سوريا)‬

‫‪ .2‬السلطة‪ /‬املستمدة بسب انقالب عسكري أو استعمار‪.‬‬

‫بينما يرى (جون كنيث غالبريث) في كتابه " تشريح السلطة"‪ ،‬أنها تندرج تحت‪:‬‬

‫السلطة القسرية ‪ :‬تتمكن من اإلخضاع عن طريق قدرتها على فرض بديل ألولويات الفرد أو‬
‫املجتمع‪ ،‬وتحظى هذه السلطة باإلخضاع عن طريق التهديد بفرض عقوبات صارمة‪.‬‬

‫السلطة التعويضية‪ :‬عن طريق عرض مكافئات ايجابية مقابل خضوع األفراد‪.‬‬

‫صادق األسود‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪139‬‬ ‫‪10‬‬


‫السلطة التالؤمية‪ :‬فيتم تبادل الرأي‪ /‬واملعتقد عن طريق اإلقناع والتثقيف وااللتزام يخضع‬
‫اإلنسان لرغبة اآلخرين‪ ،‬وهذا النوع األخير من السلطة متوافق مع السياسة املعاصرة(‪.)11/‬‬

‫ومن خالل كل ما رأيناه من أشكال السلط‪ ،‬فإنها تضطلع ألدوار مهمة في املجتمع نسرد منها‪:‬‬

‫دور السلطة السياسية في املجتمع‬


‫‪12‬‬
‫عامل استقرار(تماسك املجتمع)‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫السلطة هي كابح ألصحاب املصالح الفئوية املختلفة‪ ،‬التي قد تضر باملجتمع‪ ،‬وأصحاب‬ ‫‪‬‬
‫األهواء واالتجاهات املشبوهة (كاالنفصاليين و اإلرهابيين‪ ،‬والعصابات وغيرها)‪ ،‬بغية الحفاظ على‬
‫وحدة املجتمع وتماسكه‪.‬‬
‫تعتبر مصلحة مشتركة بينها و بين املحكومين‪ ،‬كونها العامل األساسي في توحيد املجتمع‬ ‫‪‬‬
‫تملك من القوة ما يمكنها من توحيد أفراد املجتمع و تحقيق بقائه واستمراره‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تعمل السلطة وهي أحد وظائفها األساسية‪ ،‬في السهر على استقرار املجتمع وتماسكه‬ ‫‪‬‬
‫الفصل في النزاعات الناشئة من تعارض املصالح‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تسهر على توعية املجتمع قصد مشاركته الواعية واإليجابية في حياة الجماعة‪ ،‬نحو العمل‪/‬‬ ‫‪‬‬
‫املشترك للهدف الذي يبرر توحدهم‪،‬كما تكون ميزان املنافسة والتنوع بين أفراده‪ /‬نحو التناسق‬
‫والتكامل‪.‬‬

‫تعبر عن تطلعات املجتمع‪:‬‬ ‫‪.2‬‬


‫القيام بدورها الطبيعي الذي وجدت من أجله‪ ،‬في تحقيق املصلحة‪ /‬العامة‪ ،‬والتوافق‬ ‫‪‬‬
‫الضمني أو العلني مع املجتمع قصد الوصول لذات الهدف‪.‬‬
‫عدم التقاعس عن القيام بدورها الطبيعي في الدفاع وتحقيق مصالح الناس و عدم التنكر‬ ‫‪‬‬
‫لتطلعات الشعب وأمانيه‪.‬‬
‫أال تدخل في حالة تعارض وعداء مع املجتمع‪ ،‬وتعمل على تحقيق العدل واملساوات بين‬ ‫‪‬‬
‫أفراده‪.‬‬

‫‪ 11‬جون كينيث غالبريث‪ ،‬تشريح السلطة‪ ،‬ترجمة عباس حكيم‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المستقبل‪ ،‬دمشق‪ ،1994 ،‬ص‪17‬‬
‫‪ 12‬د ‪ /‬هبة البدوي‪ ،‬ماهية السلطة وأبعادها‪ ،‬مصر‪ ،2020 ،‬ص ‪346‬‬
‫‪16‬‬
‫املبحث الثاني‪:‬‬
‫السلطة السياسةـ بين الشرعية واملشروعية‬

‫الشرعية (‪)Legitimacy‬‬ ‫‪.1‬‬


‫أ‪/‬ص‪/ / /‬ل‪ /‬ك‪/‬لم‪/ / /‬ة‪ /‬ش ‪// /‬رع‪/‬ية‪  legitimacy/- /‬ه ‪// /‬و "‪"Legitimus‬و‪/‬ق ‪// /‬د اس‪/ / /‬ت‪/‬خد‪/‬مه ال‪/‬رو‪/‬م ‪// /‬ان‪ /‬بم‪/‬ع ‪// /‬نى‪ /‬ال‪/‬تط‪/ / /‬ا‪/‬بق‪ /‬م‪/ / /‬ع‪/‬‬
‫ال‪/‬ق ‪//‬ان‪/‬ون‪ /،/‬وع ‪//‬ادة م ‪//‬ا تع ‪//‬رف بأنه ‪//‬ا "األحقي ‪//‬ة"‪ ،‬وهي مص ‪//‬طلح سياس ي حيث أن املفك ‪//‬رين والب ‪//‬احثين ال ‪//‬ذين تن ‪//‬اولوا‬
‫مفه‪// /‬وم الش‪// /‬رعية‪ ،‬ومهم‪// /‬ا اختلفت اتجاه‪// /‬اتهم ومنطلق‪// /‬اتهم يتفق‪// /‬ون في التحلي‪// /‬ل النه‪// /‬ائي على أن قب‪// /‬ول املواط‪// /‬نين‬
‫الط ‪//‬وعي بالحكوم ‪//‬ة ه ‪//‬و ال ‪//‬ذي يجع ‪//‬ل األخ ‪//‬يرة ش ‪//‬رعية‪ ،‬بمع ‪//‬نى آخ ‪//‬ر أن ج ‪//‬وهر الش ‪//‬رعية ه ‪//‬و قب ‪//‬ول األغلبي ‪//‬ة من‬
‫املحك‪// /‬ومين لح‪// /‬ق الح‪// /‬اكم في أن يحكم وان يم‪// /‬ارس الس‪// /‬لطة‪ ،‬بطريق‪// /‬ة أخ‪// /‬رى وه ‪/ /‬و‪ /‬اال‪/‬ع ‪/ /‬ت‪/‬را‪/‬ف امل‪/‬م‪/‬ن‪// /‬وح‪ /‬ل‪/‬ك ‪/ /‬ل‪ /‬من‪/‬‬
‫يم‪/‬ا‪/‬رس‪ /‬س‪/‬ل‪/‬طة‪ /‬م‪//‬ا‪ ،‬و ت‪/‬ع‪//‬بر‪ /‬عن‪ /‬ح‪/‬ق‪ /‬ال‪/‬ح‪//‬اك‪/‬م‪ /‬في‪ /‬م‪/‬مار‪/‬س‪/‬ة‪ /‬س‪//‬لط‪/‬ته‪ /‬وت‪/‬س‪//‬تم‪/‬د من ا‪/‬أل‪/‬ع‪//‬را‪/‬ف‪ /‬ال‪/‬سي‪/‬اس‪/‬ي‪/‬ة‪ /‬و األ‪/‬خ‪/‬ال‪/‬قي‪/‬ا‪/‬ت‪/‬‬
‫أك‪/‬ثر‪ /‬من ال‪/‬قو‪/‬ان‪/‬ين‪ /‬ال‪/‬وض‪/‬عي‪/‬ة‪/.‬‬

‫و‪/‬هكذ‪/‬ا‪ /‬ير‪/‬ى‪/" /‬ما‪/‬كس في‪/‬بر‪ "/‬أن‪ /‬ال‪/‬نظ‪/‬ام‪ /‬ال‪/‬حا‪/‬كم‪ /‬ي‪/‬كو‪/‬ن‪ /‬ش‪//‬رع‪/‬يا‪ /‬ع‪/‬ن‪/‬د‪ /‬ال‪/‬ح‪/‬د‪ /‬ا‪/‬ل‪/‬ذ‪/‬ي‪ /‬ي‪/‬ش‪/‬ع‪/‬ر‪ /‬ف‪/‬ي‪/‬ه‪ /‬مو‪/‬اط‪/‬ن‪/‬و‪/‬ه‪ /‬ان‪/‬‬
‫‪13‬‬
‫ذلك‪ /‬ا‪/‬لن‪/‬ظا‪/‬م‪ /‬ص‪/‬ال‪/‬ح وي‪/‬ستحق‪ /‬ا‪/‬لت‪/‬أي‪/‬يد‪ /‬وا‪/‬لط‪/‬اع‪/‬ة‪/‬‬

‫و‪/" /‬تتحق ‪// /‬ق الش ‪// /‬رعية حينم ‪// /‬ا تك ‪// /‬ون ادراك ‪// /‬ات النخب الحاكم ‪// /‬ة لنفس ‪// /‬ها وتق ‪// /‬دير غالبي ‪// /‬ة املجتم ‪// /‬ع له ‪// /‬ا‬
‫متطابقتين وفي توافق مع القيم واملصالح األساسية للمجتمع‪ ،‬وبما يحفظ للمجتمع تماسكه"‪.14‬‬

‫إن الش‪//‬رعية‪ ،‬تع‪//‬ني ال‪//‬تزام النظ‪//‬ام والق‪//‬ائمين على الس‪//‬لطة باأله‪//‬داف والقيم األساس‪//‬ية واملب‪//‬ادئ العلي‪//‬ا‬
‫للمجتمع‪ ،‬أي ممارسة السلطة‪ /‬ال تتعارض مع القيم واملبادئ األساسية للمجتمع‪.‬‬

‫د‪ .‬ناجي عبد النور‪ ،‬المدخل إلى علم السياسة‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،2007 ،‬ص‪131‬‬
‫‪13‬‬

‫‪ 14‬ثامر كامل الخزرجي‪ ،‬النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة‪ ،‬دار المجدالوي‪ ،‬عمان‪ ،2000 ،‬ص‪177‬‬
‫إن الشرعية تتطور أي يمكن أن توجد بدرجات متفاوتة قابلة للنمو أو التضاؤل‪ ،‬فكثير من النخب‬
‫الحاكمة قد تستولي على السلطة دون ما سند من مصادر الشرعية‪ ،‬ولكنها بمرور الوقت تكتسب شرعيتها‪ ،‬وكذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العكس نجد نظاما حاكما يبدأ حكمه وهو مستند إلى شرعية واضحة ولكنه بمرور الوقت قد يفقد هذه الشرعية‪.‬‬

‫املـشرـوعيـة‪:‬ـ‬ ‫‪.2‬‬

‫املش ‪//‬روعية مص ‪//‬طلح ق ‪//‬انوني مص ‪//‬دره الدس ‪//‬اتير و الق ‪//‬وانين‪ ،‬فهي تق ‪//‬اس بم ‪//‬دى ال ‪//‬تزام الس ‪//‬لطة السياس ‪//‬ية‬
‫بالنظام القانوني(سيادة القانون)‪ ،‬و ت‪/‬رت‪/‬كز‪ /‬عل‪/‬ى ا‪/‬لب‪/‬ع‪/‬د‪ /‬ا‪/‬ل‪/‬و‪/‬اق‪/‬عي‪ ،/‬ال‪/‬عق‪/‬ال‪/‬ني‪ /‬وا‪/‬لق‪//‬ان‪/‬ون‪/‬ي‪ /،‬وه‪/‬ي ت‪//‬أط‪/‬ير‪ /‬ا‪/‬لع‪/‬ال‪/‬ق‪/‬ة‪ /‬ب‪/‬ين‪/‬ه‪/‬ا‪ /‬و‪/‬بي‪/‬ن‬
‫امل‪/‬ح‪/‬كو‪/‬مي‪/‬ن‪ /‬من‪ /‬خال‪/‬ل‪ /‬سل‪/‬طة‪ /‬ا‪/‬لق‪/‬ان‪/‬ون‪( /‬اال‪/‬ح‪/‬تك‪/‬ام‪ /‬ل‪/‬لق‪/‬ان‪/‬ون‪/،)/‬بح‪/‬ث تك‪/‬ون‪ /‬الضمانة األساسية لحق املحكوم أال ُيض‪//‬طهد‬
‫وال يظلم‪.‬‬
‫وتكون السلطة مشروعة إذا كانت خاضعة للقانون الوضعي‪ ،‬أو كانت إقامتها متماشية مع الدستور‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪:‬ـ‬
‫مصادر الشرعيةـ السياسة‬

‫‪15‬‬
‫مصادر الشرعية السياسية‬

‫نستعرض في هذا الجزء بإيجاز مصادر الشرعية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ . 1‬املوافقة‪:‬‬

‫وبالرغم من وجود فكر طوعي قوي في الفلسفة السياسية املسيحية‪ ،‬إال أنه في القرن السابع عشر‬
‫أصبحت املوافقة تعتبر املصدر الرئيسي للشرعية السياسية‪ ،‬حيث يرى هوبز ‪Hobbes‬أن املوافقة هي نقطة‬
‫التحول الرئيسية التي أدت في النهاية إلى استبدال القانون الطبيعي‪ ،‬ونظريات السلطة اإللهية للشرعية‪ ،‬الى موافقة‬
‫املحكومين‪ ،‬كما كانت أفكار لوك في نفس املوضوع من نظرية العقد االجتماعي تصب هي التي رفعت املوافقة‬
‫باعتبارها املصدر الرئيسي‪ /‬لشرعية السلطة السياسية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ 2.‬العواقب املفيدة‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫‪Peter, Fabienne, "Political Legitimacy", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2017 Edition),‬‬
‫‪Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2017/entries/legitimacy/>.‬‬
‫‪16‬‬
‫بيتر فابيان‪ ،‬الشرعية السياسية‪ ،‬ترجمة علي الرواحي‪ ،‬مجلة الحكمة‪2020 ،‬‬
‫‪17‬‬
‫المرجع السابق‬
‫‪18‬‬
‫من وجهة نظر النفعية‪ ،‬ينبغي أن تقوم شرعية السلطة السياسية على مبدأ املنفعة‪ ،‬حيث أن هذا‬
‫املفهوم للشرعية هو بالضرورة مفهوم أخالقي‪ :‬تعتمد شرعية السلطة السياسية على ما تتطلبه األخالق‪.‬‬

‫كما لرائد املنهج النفعي للشرعية السياسية كرستيان توماس رأي في املوضوع ‪ ،‬حيث رفض التطوع‬
‫ً‬
‫وأيد فكرة أن الشرعية السياسية تعتمد على مبادئ الحكمة العقالنية بدال من ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ .3‬العقل العام واملوافقة الديمقراطية ‪:‬‬

‫تميل توجهات العقل العام إلى التركيز على مشكلة تبرير اإلكراه السياسي‪ .‬فالحل الذي يقترحونه هو أن‬
‫اإلكراه السياسي له ما يبرره إذا تم دعمه على أساس األسباب التي يمكن لجميع األشخاص العاقلين املشاركة بها‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫بأسباب جوهرية‬
‫ٍ‬ ‫فيما يتعلق بهذه املفاهيم‪ ،‬يكون استخدام اإلكراه السياسي مشروعا إذا كان مدعوما‬
‫الع ّق ال‪ .‬تكمن مشكلة هذا التفسير للعقل العمومي في أن املطالبة بتوافق اآلراء‬
‫يمكن أن يتوقعها جميع األشخاص ُ‬
‫قيد جدا‬‫حول األسباب الجوهرية في ظروف التعددية والخالف الديني واألخالقي‪ ،‬هي أنه إما يعتمد على توصيف ُم ّ‬
‫ً‬
‫بمجال محدود جدا لشرعية اإلكراه السياسي‪.‬‬‫ٍ‬ ‫لألشخاص العاقلين‪ ،‬أو ينتهي‬

‫إذا كان اإلجماع االفتراضي يدعم اتخاذ القرار الديمقراطي‪ ،‬فإن مبرر القرار هو أنه تم اتخاذه بطريقة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ديمقراطية‪ .‬بالطبع‪ ،‬قد ال يكون القرار السياسي املشروع بموجب اإلجراء الذي تم اتخاذه قرارا عادال بالكامل‪.‬‬
‫لكن هذا مجرد انعكاس‪ /‬لحقيقة أن الشرعية هي فكرة أضعف من العدالة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ . 4‬الشرعية السياسية والديمقراطية‪:‬‬

‫يعتقد الكثيرون‪ ،‬أن الديمقراطية‪ /‬ضرورية للشرعية السياسية‪ ،‬كما ان األدوات الديمقراطية هي وجهة النظر‬
‫القائلة بأن إجراءات‪ /‬صنع القرار الديمقراطي هي في أفضل األحوال وسيلة للتوصل إلى نتائج عادلة‪ ،‬وما إذا كانت‬
‫الشرعية تتطلب الديمقراطية أم ال فيعتمد ذلك على النتائج‪ /‬التي ينتج عنها صنع القرار الديمقراطي‪.‬‬

‫عد واحد‪ :‬فقط جودة‬ ‫ُ‬


‫فاألدوات الديمقراطية ذات نظرة أو وجهة أحادية تقلل من طبيعة الشرعية السياسية إلى ب ٍ‬
‫النتائج التي يولدها نظام سياسي معين هي ذات الصلة بـ الشرعية السياسية ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المرجع السابق‬
‫‪19‬‬
‫المرجع السابق‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫يميز (موريس دوفرجيه) بين عدة معان الصطالح السلطة السياسية بقوله‪ :‬إن السلطة‬
‫السياسية في كل مجتمع يؤسسها الحاكمون‪ ،‬وعلى ذلك فهي تعني تارة سلطة الحاكمين‬
‫ً‬
‫واختصاصاتهم‪ /،‬وهذه وجه نظر مادية‪ ،‬وتعني تارة أخرى اإلجراءات التي يمارسها الحكام استنادا‬
‫إلى اختصاصاتهم‪ /،‬وهذه وجه نظر شكلية‪ ،‬وتعني تارة ثالثة‪ ،‬الحكام أنفسهم‪ ،‬وهذه وجهة نظر‬
‫عضوية‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق‪ ،‬ومهما كانت ماهية السلطة السياسة‪ ،‬يتجلى لنا األهمية القصوى‬
‫لوجود السلطة وبقائها‪ /،‬حيث يعود استقرار املجتمع من استقرارها‪ ،‬كما اتضح لنا تطور‬
‫مفهومها وأشكالها عبر األزمان وتطور اإلنسان وأنظمة الحكم في مختلف البلدان‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫قد نستنج النقاط التالية‪:‬‬

‫إن بقاء الدولة یرتبط ارتباطا عضويا باستمرارية السلطة السياسة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لكي تمارس الدولة‪ ‬مهامها وأدوارها‪ /‬املوكلة إليها‪ ،‬البد لها من سلطة سياسية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إن السلطة السياسية الزمة وضرورية للحفاظ على الجماعة االجتماعية ولتنظيم‬ ‫‪‬‬
‫املجتمع‪ ،‬لذلك فالسلطة سمة مالزمة للمجتمعات البشرية‪.‬‬
‫رغم اختالف الباحثين السياسيين حول األسس التي ترتكز عليها السلطة‪ ،‬فأنهم‬ ‫‪‬‬
‫مع ذلك اتفقوا على أنها ذات طابع أخالقي ومعنوي‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫تتعدد صفاتها ووظائفها‪ ،‬باإلضافة إلى ازدواجية طبيعتها‪ ،‬وتداخل عناصرها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مفهوم السلطة يختلف من مجتمع آلخر‪ ،‬ومن تقاليد سياسية ألخرى‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يمكن أن تكون السلطة السياسية تنظيم سيء يقوم على استغالل األفراد‬ ‫‪‬‬
‫واضطهادهم خاصة إذا غلبت استعمال القوة على الحجة و اإلقناع‪/.‬‬

‫قــائمة املراجعـ‪:‬‬

‫األستاذ الدكتور فوزى عبد الغني‪ ،‬السلطـة السياسيـة‪ ،‬الناشر دار النهضة العربية‬ ‫‪‬‬

‫أ‪.‬م‪.‬د‪.‬احسان عبدالهادي‪ C‬النائب‪ ،‬مفهومـ الســلطة وشــرعيتها ‪ :‬اشــكالية المعــنى والداللة‪The ،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪First International Scientific Conference PP:63-80، People Satisfaction‬‬

‫‪is a Source of the ،Legitimacy of Goverments May/2017‬‬

‫جين شارب‪ ،‬من الدكتاتورية الى الديمقراطيةـ ‪ ،‬ترجمة خالد دار عمر‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫بيروت‪،9200 ،‬‬

‫باري هندس‪ ،‬خطابات السلطة‪ ،‬ترجمة ميرفت ياقوت‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪2002 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫صادق األسود‪ ،‬علم االجتماع السياسي (أسسه و أبعاده)‪ ،‬مطابع وزارة التعليم العراقية‪ ،‬بغداد‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪،1990‬‬

‫مولودزايد الطيب‪ ،‬علم االجتماع السياسي‪ ،‬منشورات جامعة السابع من أفريل‪ ،‬بنغازي‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫جون كينيث غالبريث‪ ،‬تشريح السلطة‪ ،‬ترجمة عباس حكيم‪ ،‬ط‪ ،2‬دار المستقبل‪ ،‬دمشق‪،1994 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫ثامر كامل الخزرجي‪ ،‬النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة‪ ،‬دار المجدالوي‪ ،‬عمان‪2000 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬ناجي عبد النور‪ ،‬المدخل إلى علم السياسة‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ ،2007 ،‬ص‪131‬‬ ‫‪‬‬

‫بيتر فابيان‪ ،‬الشرعية السياسية‪ ،‬ترجمة علي الرواحي‪ ،‬مجلة الحكمة‪2020 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪22‬‬

You might also like