Professional Documents
Culture Documents
مقدم ــة:
الخاتمة
املراجع
مقدم ــة:
قصد االملام بأي موضوع والتعمق فيه /،وجب على أي باحث التطرق للمفاهيم
والتعاريف الخاصة بالظاهرة التي هي موضوع البحث ،ولقد اتضح لنا ونحن نحاول االطالع على
موضوع السلطة السياسية ،أنه كان محل اهتمام الكثير من املفكرين والباحثين عبر العصور،
ُ
كما كان محل نقاش وتضارب في اآلراء ،حيث كتبت في ذلك عدت كتب وصدرت الكثير من
األبحاث ،وكيف ال وهو موضوع في غاية الجدية والخطورة بحيث يضطلع مباشرة بالحياة العامة
للناس ،ومن ثم استقرارهم وأمنهم ،وسعادتهم.
من هذا املنطلق ارتأينا البحث في هذا املوضوع وطرح إشكالية ظاهرة السلطة
السياسية؟
2
الفصل األول:
السلطة بمعنى :التسلط والسيطرة والتحكم والسيادة والحكم ،و هي حكومة أو مسؤولون في
الدولة ،وهي قوة سياسية يخضع لها املواطن(معجم املعاني الجامع).
كما أنها تعرف باإلنجليزية :)Power( :القدرة االستطاعة القوة أو ( :)Authorityواملصطلح /اشتق
لفضها من الالتينية ( ،)Auctoritasأو بالفرنسي( )autoritéبمعنى السلطان (الحجة) ،أي حجة التسلط والقدرة
كشرعية في استعمال القوة ،فالسلطان /هو الفرد الذي يضع فيه اآلخرون ثقتهم ويطيعون مشيئته ،وعليه فهو
يتمتع بسلطة ومركز يخوله استخدام القوة بطريقة معينة.
السلطة السياسية هي إحدى الركائز األساسية للدولة ،واألهم من ذلك أنه حتـى نهاية العصور
الوسطى ،وبسبب الترابط بين السلطة السياسية وشخصية الحاكم ،كان هناك خلط بين السلطة والدولة،
كما فعل لويس الرابع عشر حيث قال في مقولته الشهيرة "الدولة هي أنا" ،لذا كان مفهوم السلطة آنذاك /يشكل
نظاما ينبع من السيطرة و الهيمنة /بدافع /من القوة و العنف.
ومع ذلك ،أدى نجاح الثورتين البريطانية والفرنسية إلى زوال هذا املفهوم ،لذلك أصبحت السلطة
السياسية مؤسسة أو هيئة حاكمة تتخذ القرارات نيابة عن جميع األفراد الذين تتكون منهم املجموعة،
وص ممت لتنظيم سلوكها (املجموعة) وجميع التدابير الالزمة لتحقيق هذه الغاية ،فإن التطورات /الالحقة ُ
)(1عبد الحليم الزيات ،في سوسيولوجيا بناء السلطة ،اإلسكندرية ،دار املعرفة الجامعية ،الصفحة 117
4
جعلتها ً
أيض ا شرعية وقانونية ،بعدما كانت سلطة فعلية فبهذا أصبح من السهل التمييز بين السلطة /الشرعية
والسلطة املشروعة.
ماهيـة السلطـة:
يصعب تعريف /السلطة بسبب تعدد صفاتها ،وقد كانت ظاهرة السلطة /منذ أقدم العصور حتى
الوقت الحاضر موضوع عناية واهتمام املفكرين والفالسفة ،مع ذلك فال يوجد تعريف /متفق عليه من قبل
الجميع ،لذلك فإن تشخيص ماهية السلطة /ووظائفها وطبيعة العالقات التي تقوم عبرها وخاللها يختلف من
باحث إلى آخر ،باختالف منطلقاته النظرية /أو األيديولوجية ،وعلى صعيد آخر إن صعوبة تحديد مفهوم
السلطة متأت عن كونها ظاهرة تتطور باستمرار وتأخذ أشكاال مختلفة ،وقد مرت بمراحل نوعية في تطورها،
ً
اعتبارا من العنف الناجم عن إرادة فجة للسيطرة /على اآلخر ،إلى عمل إقناعي لزج املواطن في عمل جماعي
مشترك.
ومن ناحية أخرى امتزجت السلطة بكل أوجه العالقات /اإلنسانية في الحياة االجتماعية املشتركة،
وهي مرتبطة بكل تنظيم مؤسسي ،إذ أن التعاون أو الصراع الناجم عن العالقات السياسية ،االجتماعية،
واالقتصادية التي تقوم بين األفراد والجماعات ،هي نتيجة مباشرة لوضع السلطة /في املجتمع)2(.
إن السلطة بمعناها الواسع ،هي شكل من أشكال القوة ،فهي الوسيلة التي من خاللها يستطيع
شخص ما أن يؤثر على سلوك شخص آخر ،إال أن القوة تتميز عن السلطة ،بسبب الوسائل املتباينة التي من
خاللها يتحقق اإلذعان أو الطاعة ،فبينما يمكن تعريفها على أنها القدرة على التأثير على سلوك اآلخرين ،فإن
السلطة يمكن فهمها على أنها الحق في القيام بذلك .إن القوة تحقق اإلذعان من خالل القدرة على اإلقناع ،أو
الضغط ،أو التهديد ،أو اإلكراه أو العنف.
أما السلطة فهي تعتمد على ((الحق في الحكم)) مدرك ومفهوم ،ويحدث اإلذعان من خالل التزام
أخالقي ومعنوي من قبل املحكوم بأن يطيع.
و رغم اختالف الفالسفة السياسيين حول األسس التي ترتكز عليها السلطة ،فإنهم مع ذلك اتفقوا
على أنها ذات طابع أخالقي ومعنوي (السلطة يجب أن تطاع))3(.
)(2صادق األسود ،علم اإلجتماع السياسي ،مطابع وزارة التعليم العراقية ،بغداد ،1990 ،الصفحة 125
)(3أندرو هيوود ،النظرية السياسية مقدمة ،ترجمة لبنى الريدي ،املركز القومي للترجمة ،القاهرة ،2013 ،الصفحة 225
كما أن للسلطة مصادر يمكن أن نتطرق اليها فيما يلي:
يرى ألتوسير" أن للسلطة أجهزة أكثر تكتما تسرب الدولة من خالله أيديولوجيتها /الخاصة ،وفي هذا
اإلطار يمكن إدراج املؤسسات الدينية /والتعليمية /واإلعالمية.
كما أن هناك عدة مصادر ضرورية وأساسية أخرى للسلطة تستند عليها في أثناء ممارستها امليدانية
للحكم منها(:)5
كما يرى ميكيافيلي في كتابه األمير "أن السلطة السياسية التي يمتلكها األمير يجب أن تصدر عن قوة
القانون وعن سلطة القوة ،ذلك أن الحكم ال يمكن أن يستقيم إال إذا أتقن األمير دور الثعلب (في املكر)
)4(4جينشارب ،من الدكتاتورية الى الديمقراطية ،ترجمةخالددارعمر ،الدارالعربية للعلوم والنشر ،بيروت ،9200 ،ص 37
)5(5أ.م.د.احسان عبدالهادي النائب ،مفهوم السلطة وشرعيتها :اشكالية المعنى والداللةThe First International Scientific ،
، ConferencePP:63-80، People Satisfaction is a Source of theصLegitimacy of Goverments C .73
May/2017
6
واألسد (في القوة)" ،أي سياسة الدهاء والقوة مادامت كل السبل مشروعة في تحقيق الوحدة واألمن
واالستقرار.
رأيناه في سلطة الرسول صلى هللا عليه وسلم حين قال "نصرت بالرعب(الخوف والفزع) مسيرة
شهر" ،حيث من يتمتع بالهيبة تكون له نتيجة حتمية االحترام واإلجالل ومن ثم الطاعة والخضوع ،وللسلطة
السياسية عوامل ووسائل مادية عديدة تستخدمها لتعزيز /هيبتها مثل(مصالح األمن،القضاة ،املواكب
واالستعراضات الرسمية ،واألوسمة ،القرارات الشجاعة ،املواقف الدولية القوية وغيرها) ،وكذا وسائل
معنوية كتأثير وسائل اإلعالم ،والوسائل اإليديولوجية األخرى التي ذكرها ألتوسير.
إن النفوذ هو وسيلة عامة في التفاعل االجتماعي الذي يتم بين الوحدات /االجتماعية املختلفة ،فهو
وسيلة في اإلقناع ،و الطريقة التي يمكن بواسطتها /إجراء تأثير على آراء ومواقف اآلخرين ،بعمل /متعمد ولهدف
مقصود ،ويرى(روبرت دال ) أن النفوذ هو عالقة بين فاعلين يقنع أحد منهم اآلخر بأن يقوموا بعمل ما
وبطريقة ال يعملون /بها في مناسبة أخرى(.)6
وإذا تعاملنا مع السلطة بوصفها قدرة (يماثل مصطلح النفوذ)،وهذا يعني التأثير ،لكن ينبغي إن
ً ً
ندرك أن هذه القدرة أو النفوذ أو التأثير ممكن أن يكون ايجابيا أو سلبيا ،فإن ذلك يطرح فكرة ارتباط
السلطة باملصالح ،حيث يقول ثراسيماخوس" :السلطة /هي بحث دائم عن مصلحة األقوى" ،أي إفراد
يستخدمون السلطة لخدمة مصالحهم الخاصة)7(.
املبحثـ الثانيـ:
)6(6نفس المرجع السابق ،ص 157
( )7باريهندس ،خطابات السلطة ،ترجمة ميرفت ياقوت ،المجلس األعلى للثقافة ،القاهرة ،200 ،ص 15
طبيعة وخصائص السلطةـ السياسية
ونقصد بطبيعة السلطة السياسية ،في كيفية ممارستها للسلطة /بذاتها ،إن كانت سلطتها قائمة على
مبدأ الحق والقانون وفصل السلط ،أم على القوة واملكر ،أم أنها سلطة تجمع بين الحق والقانون وبين العنف
والقوة واملكر.
أوال :السلطة السياسية قائمة على األخالق والحق والقانون وفصل السلطات:
يتبنى هذا املوقف /مجموعة من الفالسفة ،نذكر على سبيل املثال فالسفة األنوار جون لوك وجون
جاك روسو ومونتسكيو.
أكد الفيلسوف اإلنجليزي جون لوك في كتابه "في الحكم املدني" على كون الدولة يجب أن تستخدم
سلطتها السياسية في اتجاه حماية حياة األفراد وحريتهم وممتلكاتهم ،أي أن تضمن احترام الحقوق الطبيعية
لألفراد ،فهي ذات بعد أخالقي ديني ،و يقترح لوك تنظيما مؤسساتيا ،يسمح بمراقبة /سلطة الدولة ،والسماح
للشعب بمقاومة الحاكم إذا تجاوزت سلطته الحدود املرسومة لها بواسطة /القوانين املتعاقد عليها ،فال سلطة
تعلو على سلطة القانون.
ونفس الشيء أكد عليه الفيلسوف جون جاك روسو ،حيث يقول في مؤلفه "العقد
اإلجتماعي" بضرورة حرص الدولة على ضمان تحقيق الحقوق والحريات /الطبيعية لألفراد ،واالبتعاد عن
منطق القوة ،ألنه منطق مبني على اإلكراه وليس على اإلرادة واالختيار.
كما تقدم الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو )1755-1689( في مؤلفه "روح القوانين" بتصور لطبيعة
السلطة السياسية ،يقوم على ضمان حرية األفراد ،حيث ينطلق منتسكيو من أن أي دولة تتوفر على ثالث
سلط :السلطة التشريعية التي تشرع القوانين ،والسلطة التنفيذية التي تنفذ القوانين ،والسلطة القضائية التي
تحكم بين املتنازعين بواسطة /القانون ،ويذهب مونتسكيو إلى أن الجمع بين هذه السلط سيؤدي إلى االستبداد،
وإصدار األحكام اعتباطيا ،ألن املشرع سيكون هو نفسه املنفذ ،ولهذا يرى مونتسكيو ضرورة الفصل بين
السلط لغاية أن تكون السلطة السياسية سلطة ديموقراطية ،يقول "اللورد أكتون" (السلطة مفسدة ،و
السلطة املطلقة مفسدة مطلقة).
كما يرى ابن خلدون أن نجاح الحاكم في تدبير حكمه رهين بنهج سياسة االعتدال والوسطية ،حيث
ال إفراط وال تفريط على جميع املستويات ،فعلى الحاكم أن يكون غير باطش وال متسلط وال لينا رفيقا
بإفراط ،وإنما يحاول التقريب بين األسلوبين ،ألن اإلفراط في القوة يؤدي إلى الخوف والخذالن من طرف
الرعية ،كما أن اللين والرفق ينمي فيهم الكسل والخمول ،وينبغي أن يكون كريما ألنه حد وسط بين الشح
والتبذير ،كما ال ينبغي أن يكون غبيا وال ذكيا وإنما التوسط بينهما /يتضح إذن أن الرفق واالعتدال هو أساس
السلطة السياسة عند ابن خلدون.
8
كما إن تعلق الرعية بالسلطان ال يعود إلى جماله وعلمه ،بل ألنه ال غنى للرعية عنه وال غنى
للسلطان عن رعيته ،كما أنه يرى في السلطان الحق :ذلك الذي يضفي على حسن ملكته صفة الرفق ،وتصوره
لطرق التدبير السياسي ولعالقة الحاكم باملحكوم وقيامها على مبدأي الرفق واالعتدال ،وإنما ينم هذا عن بعد
نظره.
نفس املوقف ذهب إليه الفيلسوف اإلنجليزي طوماس هوبز الذي أكد على أن الدولة يجب أن تكون
كالتنين ،املتسلط على جميع الوحوش البحرية.
يعتبر ماكس فيبر أن الدولة هي املالكة الوحيدة لحق ممارسة العنف داخل تجمع سياسي معين،
وتقوم على احتكار العنف املشروع باعتباره الوسيلة العادية للدولة ومن تم فإن العنف /هو الخاصية املميزة
للدولة الحديثة كونه يستمد مشروعيته من القانون ،كما يعتبر العنف أهم ركيزة تقوم عليها الدولة في ممارسة
سلطتها وضمان استمرارها .وهذا ما يجعل الدولة تسعى دائما إلى احتكار هذه الوسيلة ،وتمنح لنفسها حق
امتالكه.
من هنا أردنا التفريق بين عنصرين أساسيين وهما السلطة والسيطرة:
ثالثا:السلطة والسيطرة:
يطلق تعبير (السيطرة Domination(،على واقعة كون فرد أو مجموعة من األفراد أقوى من غيرهم
بحيث يكون في وسعهم أن يفرضوا وجهة نظرهم في كيفية تسيير الشؤون العامة ،إن السيطرة حسب مفهوم
(ماكس فيبر) الذي يعرفها بأنها مجموع االكراهات املنظمة التي تفرض نفسها ،في مجتمع ما ،على األفراد
الذين يكونونه ،فإنه ثمت عالقة وثيقة تقوم مابين السيطرة وبين السلطة ،ألن القوى االجتماعية التي تسيطر
ً
فعال أو تسعى إلى السيطرة تحاول االستحواذ على السلطة ،وهو كما يدعى سياسيا ب ـ (اللوبي.)Lobbying ،
ُ
وفي العصر الحديث ،ت مارس السيطرة السياسية من قبل تنظيم ذات طابع مؤسساتي (الدولة) ،التي
ُ
تستمد من املجتمع ،وفي آن واحد ،وسائل ممارسة احتكار القوة و وسائل تبرير الشرعية لكي تطاع.
كما تمتاز السلطة السياسية عن سائر أنواع السلطات (السلطة الدينية ،السلطة االقتصادية،
سلطة القبيلة ،السلطة في مؤسسة اقتصادية ،السلطة العائلية الخ ) بأنها السلطة التي تدير املجتمع بكامله،
بينما تدير السلطات /األخرى شؤون الجماعات الخاصة لذلك فهي تتميز عن غيرها من السلطات األخرى ،بأنها:
-1عامة:
السلطة السياسة قراراتها عامة وتلزم كل املجتمع ،فهي تعمل مع جميع املواطنين بدون تفرقة ،في
قرارتها و مواقفها السياسية وحتى فيما يخص تنفيذها للقرارات ،لذلك كان الطابع /العام لقراراتها ضروريا
حتى يتماشى مع كل أفراد وأطياف املجتمع.
لذلك وجب على املوطنين تطبيق واحترام القانون (القانون :هو مجموع القواعد اإللزامية
املوضوعة من طرف سلطة عليا بهدف تنظيم الحياة االجتماعية ،كما يراه /مونتسكيو على أنه مجموع
العالقات /الضرورية التي تنبع من طبيعة األشياء ،وقانون الطبيعة يحكم كل املخلوقات الحية بما فيها اإلنسان)
و هذا ألنه وضع لتنظيم الحياة العامة ،بهدف منع الفوضى وسيادة القانون والعدل واالبتعاد عن قانون الغاب/
حيث يسيطر القوي على الضعيف /حيث أن من مهام السلطة و وظائفها تنظيم العالقات اإلنسانية داخل
مجتمع معين.
كما يرى مكيافيلي في كتابه األمير "أن السلطة السياسية التي يمتلكها األمير يجب أن تصدر عن قوة
القانون وعن سلطة القوة.
-3كما أن للسلطة الحديثة خصائص تتميز بها من دولة ألخرى حسب بيئة وإيديولوجية
الدولة ومنها:
مركزية السلطة :فهي تعمل على تركيز السلطة /لدى الدولة ،وباملقابل تحد من استقاللية
الواليات (مثل الجزائر).
سلطة مدنية أو عسكرية :وهذا يختلف من دولة ألخرى ويكون معلنا خاصة في االنقالبات
العسكرية أو غير معلن.
سلطة علمانية أو دينية :رغم أن غالبيتها علماني إال أنه ثمت دول تحركها النزعة الدينية دون
اإلعالن عنها مثل سلطة الكيان الصهيوني.
10
املبحث الثالثـ:
أنواع السلطات السياسيةـ
كما أطلق علها املفكر مونتسكيو "بالسلطات العامة" في كتابه روح القوانين(حسب املقاربة
املؤسساتية لتعريف /السلطة السياسية) ،وتختلف السلطات /السياسية حسب اختالف األنظمة السياسية من
بلد آلخر ،فهناك بلدان اعتنقت نظام سياسي رئاسي وأخرى برملاني ،وهناك من ناصف بينهما أي كما يسميه
البعض نظام هجين وأخرى أحادي عسكري مثل كوريا الشمالية ،الخ ،...حيث يعبر عنها اإلعالن الدستور لكل
دولة.
فمثال السلطات /في الواليات /املتحدة األمريكية تتكون من سلطتين :األولى تتمثل في شخص الرئيس/
والثانية تتمثل في الكونغرس (مجلس الشيوخ) ،وغالبا ما تتكون السلطة السياسية في كثير من البلدان كما يلي:
()7
إن البرملان في الجزائر يتكون من غرفتن ،سفلى وهي مجلس النواب ،وعليا وهو مجلس األمة ،حيث
يتم الدراسة واملصادقة على القوانين من طرف الغرفة السفلى ثم يتم احالتها ملجلس األمة قصد إعادة دراستها
واملصادقة عليها من جديد ،كما يمكن بالضرورة جمع الغرفتين /للمصادقة على القوانين املهمة مثل املصادقة
َ
على تعديل الدستور ،أو أمرا قد يكون طارئا وذو أهمية قصوى مثل قبول مشاركة الجيش الوطني في مهمات
خارج الوطن أو إعالن حالة الحرب الى غير ذلك من القوانين.
كما أنه ثمة صالحيات تشريعية أسندت للحكومة وحتى لرئيس الجمهورية( ،وكان هذا في تعديل
للدستور الفرنسي للجمهورية الخامسة) ،كما تم تبنت بعض الدول هذا التوجه مثل الجزائر ،وقد تم تسميته
بــ:
األستاذ الدكتور فوزى عبد الغني ،السلطـة السياسيـة ،الناشر دار النهضة العربية 7
السلطة تنظيمية :وهي اإلمكانية التي خولها املشرع للحكومة كي تتدخل في عمل البرملان كمشرع
عادي ،عن طريق سن القوانين ،حيث برز هذا التحول بشكل واضح في دستور الجمهورية الخامسة للدولة
الفرنسية ،أين أعطى صالحيات واسعة للحكومة في التشريع ،وانقلبت األمور في هذه البلدان حتى أصبح
البرملان (يدعى بالبرملان املعقلن)Rationalisé ،على إثرها كمشرع استثنائي والحكومة كمشرع عادي.
وقد يتساءل البعض عن الهيئة املخولة لوضع الدستور ،حيث سمية بــ:
السلطة التأسيسية :وهي الجهة التي تضع الدستور ألول مرة ،ومن هنا نفهم ما الحظناه في
مجموعة من الحراكيين الذين كانوا يطالبون /بمجلس تأسيسي يخول له إعادة وضع دستور جديد للجزائر.
12
الهام روح القوانين).
الفصل الثـاني:
السلــطة السياسيةـ بين
الشرعية واملشروعية
املبحث األول:
أشكال ومصادر السلطةـ السياسية
والتي تقوم على التقاليد واألعراف وحكم املعتقدات ،وكذلك على القواعد التي تضفي الشرعية على
الحكام التقليديين( ،) 8حيث تكون السلطة في يد جميع األفراد وال يمارسها أحد بمفرده وجميع األفراد يتبعون
ً
وإرضاء للجماعة ،ألن العقاب فيها العادات والتقاليد ،وإتباعهم لها ليس خوفا من عقاب ولكن بشكل غريزي
هو إما اإلبعاد عن الجماعة أو العقوبات املتفق عليها.
)(8صادق األسود ،علم االجتماع السياسي (أسسه و أبعاده) ،مطابع وزارة التعليم العراقية ،بغداد ،1990 ،ص 137
)(9مولودزايد الطيب ،علم االجتماع السياسي ،منشورات جامعة السابع من أفريل ،بنغازي82-81 ،
14
السلطة مجسدة في يد شخص : .2
(وتعرف كذلك باسم السلطة امللهمة 'الكاريزما' ،أو شخصنة السلطة) Individualization de Pouvoir
تكون السلطة غالبا في يد شخص ،ويكون من الواجب طاعة هذا الشخص بصفته الحاكم وحكمه
للناس يكون امتياز له وليس وظيفة يؤديها ،وتسمى كذلك السلطة امللهمة( /الكاريزما) وهو القائد الكاريزمي
الذي يجذب التابعين /بسبب شخصيته أو القيام بأعمال بطولية أو بسبب خطاباته وقدرتها على االرتباط
باملشاعر ،مثل غاندي ،هتلر وغيرهم ،بحيث طاعة األفراد له تتأتى من خالل اإليمان به ،ملا لدى الزعيم من
الهيبة والبطولة أو صفات نادرة في غيره من الزعماء.
تكون السلطة بيد الشعب كصاحب سيادة يمنحها الشعب برضاه لفترة زمنية معينة لشخص
كوظيفة وليس كامتياز ،وهنا تظهر السلطة كمؤسسة وتظهر القوانين ويستقر النظام بسبب االعتماد على
القوانين التي سنها الشعب او ممثلي الشعب التي تعبر عن رغبة الشعب .
وهي التي توجد في املجتمعات /الحديثة ،وتقوم على مجموعة من القواعد والقانونية املبنية على
أساس املنطق ،وكل من له سلطان يستمد صالحيته من القواعد الدستورية والقانونية()10
.1السلطة /املستمدة بسبب الوراثة ،في النظام امللكي ،أو حتى غير امللكي( /مثل سوريا)
بينما يرى (جون كنيث غالبريث) في كتابه " تشريح السلطة" ،أنها تندرج تحت:
السلطة القسرية :تتمكن من اإلخضاع عن طريق قدرتها على فرض بديل ألولويات الفرد أو
املجتمع ،وتحظى هذه السلطة باإلخضاع عن طريق التهديد بفرض عقوبات صارمة.
السلطة التعويضية :عن طريق عرض مكافئات ايجابية مقابل خضوع األفراد.
ومن خالل كل ما رأيناه من أشكال السلط ،فإنها تضطلع ألدوار مهمة في املجتمع نسرد منها:
السلطة هي كابح ألصحاب املصالح الفئوية املختلفة ،التي قد تضر باملجتمع ،وأصحاب
األهواء واالتجاهات املشبوهة (كاالنفصاليين و اإلرهابيين ،والعصابات وغيرها) ،بغية الحفاظ على
وحدة املجتمع وتماسكه.
تعتبر مصلحة مشتركة بينها و بين املحكومين ،كونها العامل األساسي في توحيد املجتمع
تملك من القوة ما يمكنها من توحيد أفراد املجتمع و تحقيق بقائه واستمراره.
تعمل السلطة وهي أحد وظائفها األساسية ،في السهر على استقرار املجتمع وتماسكه
الفصل في النزاعات الناشئة من تعارض املصالح.
تسهر على توعية املجتمع قصد مشاركته الواعية واإليجابية في حياة الجماعة ،نحو العمل/
املشترك للهدف الذي يبرر توحدهم،كما تكون ميزان املنافسة والتنوع بين أفراده /نحو التناسق
والتكامل.
11جون كينيث غالبريث ،تشريح السلطة ،ترجمة عباس حكيم ،ط ،2دار المستقبل ،دمشق ،1994 ،ص17
12د /هبة البدوي ،ماهية السلطة وأبعادها ،مصر ،2020 ،ص 346
16
املبحث الثاني:
السلطة السياسةـ بين الشرعية واملشروعية
و/هكذ/ا /ير/ى/" /ما/كس في/بر "/أن /ال/نظ/ام /ال/حا/كم /ي/كو/ن /ش//رع/يا /ع/ن/د /ال/ح/د /ا/ل/ذ/ي /ي/ش/ع/ر /ف/ي/ه /مو/اط/ن/و/ه /ان/
13
ذلك /ا/لن/ظا/م /ص/ال/ح وي/ستحق /ا/لت/أي/يد /وا/لط/اع/ة/
و/" /تتحق // /ق الش // /رعية حينم // /ا تك // /ون ادراك // /ات النخب الحاكم // /ة لنفس // /ها وتق // /دير غالبي // /ة املجتم // /ع له // /ا
متطابقتين وفي توافق مع القيم واملصالح األساسية للمجتمع ،وبما يحفظ للمجتمع تماسكه".14
إن الش//رعية ،تع//ني ال//تزام النظ//ام والق//ائمين على الس//لطة باأله//داف والقيم األساس//ية واملب//ادئ العلي//ا
للمجتمع ،أي ممارسة السلطة /ال تتعارض مع القيم واملبادئ األساسية للمجتمع.
د .ناجي عبد النور ،المدخل إلى علم السياسة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،عنابة ،2007 ،ص131
13
14ثامر كامل الخزرجي ،النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة ،دار المجدالوي ،عمان ،2000 ،ص177
إن الشرعية تتطور أي يمكن أن توجد بدرجات متفاوتة قابلة للنمو أو التضاؤل ،فكثير من النخب
الحاكمة قد تستولي على السلطة دون ما سند من مصادر الشرعية ،ولكنها بمرور الوقت تكتسب شرعيتها ،وكذلك
ً ً
العكس نجد نظاما حاكما يبدأ حكمه وهو مستند إلى شرعية واضحة ولكنه بمرور الوقت قد يفقد هذه الشرعية.
املـشرـوعيـة:ـ .2
املش //روعية مص //طلح ق //انوني مص //دره الدس //اتير و الق //وانين ،فهي تق //اس بم //دى ال //تزام الس //لطة السياس //ية
بالنظام القانوني(سيادة القانون) ،و ت/رت/كز /عل/ى ا/لب/ع/د /ا/ل/و/اق/عي ،/ال/عق/ال/ني /وا/لق//ان/ون/ي /،وه/ي ت//أط/ير /ا/لع/ال/ق/ة /ب/ين/ه/ا /و/بي/ن
امل/ح/كو/مي/ن /من /خال/ل /سل/طة /ا/لق/ان/ون( /اال/ح/تك/ام /ل/لق/ان/ون/،)/بح/ث تك/ون /الضمانة األساسية لحق املحكوم أال ُيض//طهد
وال يظلم.
وتكون السلطة مشروعة إذا كانت خاضعة للقانون الوضعي ،أو كانت إقامتها متماشية مع الدستور.
املبحث الثالث:ـ
مصادر الشرعيةـ السياسة
15
مصادر الشرعية السياسية
16
. 1املوافقة:
وبالرغم من وجود فكر طوعي قوي في الفلسفة السياسية املسيحية ،إال أنه في القرن السابع عشر
أصبحت املوافقة تعتبر املصدر الرئيسي للشرعية السياسية ،حيث يرى هوبز Hobbesأن املوافقة هي نقطة
التحول الرئيسية التي أدت في النهاية إلى استبدال القانون الطبيعي ،ونظريات السلطة اإللهية للشرعية ،الى موافقة
املحكومين ،كما كانت أفكار لوك في نفس املوضوع من نظرية العقد االجتماعي تصب هي التي رفعت املوافقة
باعتبارها املصدر الرئيسي /لشرعية السلطة السياسية.
17
2.العواقب املفيدة:
15
Peter, Fabienne, "Political Legitimacy", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2017 Edition),
Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2017/entries/legitimacy/>.
16
بيتر فابيان ،الشرعية السياسية ،ترجمة علي الرواحي ،مجلة الحكمة2020 ،
17
المرجع السابق
18
من وجهة نظر النفعية ،ينبغي أن تقوم شرعية السلطة السياسية على مبدأ املنفعة ،حيث أن هذا
املفهوم للشرعية هو بالضرورة مفهوم أخالقي :تعتمد شرعية السلطة السياسية على ما تتطلبه األخالق.
كما لرائد املنهج النفعي للشرعية السياسية كرستيان توماس رأي في املوضوع ،حيث رفض التطوع
ً
وأيد فكرة أن الشرعية السياسية تعتمد على مبادئ الحكمة العقالنية بدال من ذلك.
18
.3العقل العام واملوافقة الديمقراطية :
تميل توجهات العقل العام إلى التركيز على مشكلة تبرير اإلكراه السياسي .فالحل الذي يقترحونه هو أن
اإلكراه السياسي له ما يبرره إذا تم دعمه على أساس األسباب التي يمكن لجميع األشخاص العاقلين املشاركة بها.
ً ً
بأسباب جوهرية
ٍ فيما يتعلق بهذه املفاهيم ،يكون استخدام اإلكراه السياسي مشروعا إذا كان مدعوما
الع ّق ال .تكمن مشكلة هذا التفسير للعقل العمومي في أن املطالبة بتوافق اآلراء
يمكن أن يتوقعها جميع األشخاص ُ
قيد جداحول األسباب الجوهرية في ظروف التعددية والخالف الديني واألخالقي ،هي أنه إما يعتمد على توصيف ُم ّ
ً
بمجال محدود جدا لشرعية اإلكراه السياسي.ٍ لألشخاص العاقلين ،أو ينتهي
إذا كان اإلجماع االفتراضي يدعم اتخاذ القرار الديمقراطي ،فإن مبرر القرار هو أنه تم اتخاذه بطريقة
ً ً
ديمقراطية .بالطبع ،قد ال يكون القرار السياسي املشروع بموجب اإلجراء الذي تم اتخاذه قرارا عادال بالكامل.
لكن هذا مجرد انعكاس /لحقيقة أن الشرعية هي فكرة أضعف من العدالة.
19
. 4الشرعية السياسية والديمقراطية:
يعتقد الكثيرون ،أن الديمقراطية /ضرورية للشرعية السياسية ،كما ان األدوات الديمقراطية هي وجهة النظر
القائلة بأن إجراءات /صنع القرار الديمقراطي هي في أفضل األحوال وسيلة للتوصل إلى نتائج عادلة ،وما إذا كانت
الشرعية تتطلب الديمقراطية أم ال فيعتمد ذلك على النتائج /التي ينتج عنها صنع القرار الديمقراطي.
18
المرجع السابق
19
المرجع السابق
الخاتمة:
يميز (موريس دوفرجيه) بين عدة معان الصطالح السلطة السياسية بقوله :إن السلطة
السياسية في كل مجتمع يؤسسها الحاكمون ،وعلى ذلك فهي تعني تارة سلطة الحاكمين
ً
واختصاصاتهم /،وهذه وجه نظر مادية ،وتعني تارة أخرى اإلجراءات التي يمارسها الحكام استنادا
إلى اختصاصاتهم /،وهذه وجه نظر شكلية ،وتعني تارة ثالثة ،الحكام أنفسهم ،وهذه وجهة نظر
عضوية.
ومن خالل ما سبق ،ومهما كانت ماهية السلطة السياسة ،يتجلى لنا األهمية القصوى
لوجود السلطة وبقائها /،حيث يعود استقرار املجتمع من استقرارها ،كما اتضح لنا تطور
مفهومها وأشكالها عبر األزمان وتطور اإلنسان وأنظمة الحكم في مختلف البلدان ،وفي هذا اإلطار
قد نستنج النقاط التالية:
إن بقاء الدولة یرتبط ارتباطا عضويا باستمرارية السلطة السياسة.
لكي تمارس الدولة مهامها وأدوارها /املوكلة إليها ،البد لها من سلطة سياسية.
إن السلطة السياسية الزمة وضرورية للحفاظ على الجماعة االجتماعية ولتنظيم
املجتمع ،لذلك فالسلطة سمة مالزمة للمجتمعات البشرية.
رغم اختالف الباحثين السياسيين حول األسس التي ترتكز عليها السلطة ،فأنهم
مع ذلك اتفقوا على أنها ذات طابع أخالقي ومعنوي.
20
تتعدد صفاتها ووظائفها ،باإلضافة إلى ازدواجية طبيعتها ،وتداخل عناصرها.
مفهوم السلطة يختلف من مجتمع آلخر ،ومن تقاليد سياسية ألخرى.
يمكن أن تكون السلطة السياسية تنظيم سيء يقوم على استغالل األفراد
واضطهادهم خاصة إذا غلبت استعمال القوة على الحجة و اإلقناع/.
قــائمة املراجعـ:
األستاذ الدكتور فوزى عبد الغني ،السلطـة السياسيـة ،الناشر دار النهضة العربية
أ.م.د.احسان عبدالهادي Cالنائب ،مفهومـ الســلطة وشــرعيتها :اشــكالية المعــنى والداللةThe ،
جين شارب ،من الدكتاتورية الى الديمقراطيةـ ،ترجمة خالد دار عمر ،الدار العربية للعلوم ناشرون،
بيروت،9200 ،
باري هندس ،خطابات السلطة ،ترجمة ميرفت ياقوت ،المجلس األعلى للثقافة ،القاهرة2002 ،
صادق األسود ،علم االجتماع السياسي (أسسه و أبعاده) ،مطابع وزارة التعليم العراقية ،بغداد،
،1990
مولودزايد الطيب ،علم االجتماع السياسي ،منشورات جامعة السابع من أفريل ،بنغازي،
جون كينيث غالبريث ،تشريح السلطة ،ترجمة عباس حكيم ،ط ،2دار المستقبل ،دمشق،1994 ،
ثامر كامل الخزرجي ،النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة ،دار المجدالوي ،عمان2000 ،
د .ناجي عبد النور ،المدخل إلى علم السياسة ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،عنابة ،2007 ،ص131
بيتر فابيان ،الشرعية السياسية ،ترجمة علي الرواحي ،مجلة الحكمة2020 ،
22