You are on page 1of 108

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫‪République Algérienne Démocratique et Populaire‬‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫‪Ministère de L’enseignement Supérieure et de La Recherche Scientifique‬‬

‫‪Université 08 Mai 1945-Geulma‬‬ ‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪1945‬قالمة‬


‫‪Faculté des Lettres et des Langues‬‬ ‫كلية اآلداب واللغات‬
‫‪Département Langue et Lettre arabe‬‬ ‫قسم اللغة واألدب العربي‬
‫‪N°:......‬‬ ‫الرقــــــــــــم‪........:‬‬
‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماســـــــــــــــــــــــــــــــــــــتر‬
‫(تخصص‪:‬صوتيات وعلوم اللسان العربي)‬

‫األصوات ودالالتها في شعر إيليا أبو ماضي‬


‫قصيدة"فلسفة الحياة" أنموذجا‪.‬‬
‫مقدمـــــــــة من قبل الطالبة‪ :‬رزيقة عبادليــــة‬

‫تاريخ المناقشة‪2017-06-22 :‬‬

‫الجامعــــــــــــة‬ ‫الصفة والرتبـــــــــــة‬ ‫االســــــــــم واللـــــــقب‬


‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪-1945‬قالمة‬ ‫رئيسا أستاذ مساعد "أ"‬ ‫الطاهر عفيف‬
‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪-1945‬قالمة‬ ‫ومقرر أستاذ مساعد "أ"‬
‫ا‬ ‫مشرفا‬ ‫جمال بن دحمان‬
‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪-1945‬قالمة‬ ‫ممتحنا أستاذ مساعد "أ"‬ ‫عبد الغني بوعمامة‬

‫السنة الجامعية‪2017/2016 :‬‬


‫اإله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـداء‬
‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‬

‫احلُ ْل ُع ْق َدةً ِم ْن لِ َسانِي َيفَقَهُوا قَ ْوِلي "‬


‫ص ْد ِري َويس ِّْر لِي أ َْم ِري َو ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ"ر ِّ‬
‫ب ا ْش َرحْ لي َ‬

‫«صدق اهلل العظيم»‬

‫إلهي ال يطيب الليل إال بشكرك وال يطيب النهار إال بطاعتك‬

‫إلى نبي الرحمة ونور العالمين‬

‫إلى من إذا عشت الدهر لن أوفي حقهما والدي الكريمين‬

‫إلى من يعود الفضل إليهما بعد اهلل في بلوغي هذه الدرجة من العلم‬

‫إلى كل من تصلني بهم وشائج الرحم‬

‫إلى فلذات كبدي إسالم ‪ ،‬وائل ‪ ،‬إكرام ‪ ،‬هديل إلى إخوتي وأخواتي‪ :‬ليلى ‪،‬‬
‫مالك ‪ ،‬الغالية ‪ ،‬يزيد ‪ ،‬فضيلة ‪ ،‬راضية ‪ ،‬سفيان ‪ ،‬أميرة‬

‫إلى زوجي الذي وقف معي في السراء والضراء‬

‫أهدي ثمرة هذا الجهد‬


‫شكر وتقدير‬

‫متعلما ‪ ،‬فإن لم تستطع فأحب العلماء ‪ ،‬فإن‬


‫ً‬ ‫عالما ‪..‬فإن لم تستطع فكن‬
‫"كن ً‬
‫لم تستطيع فال تبغضهم"‬

‫بعد رحلة بحث وجهد واجتهاد تكللت بإنجاز هذا البحث ‪ ،‬نحمد اهلل عز وجل‬
‫عل نعمته التي من بها علينا فهو العلي القدير‬

‫وأتقدم بالشكر واالمتنان لألستاذ الفاضل‬

‫"جمال بن دحمان"‬

‫الذي تابع معي مشقة هذا البحث من أوله إلى آخره‬

‫ولم يبخل علي بنصائحه ومعارفه القيمة طيلة فترة إنجازه‬

‫كما أتقدم بالشكر الجزيل لكل من األستاذ "بوعمامة عبد الغاني" واألستاذ‬
‫زمنا من وقتهما‬
‫"الطاهر عفيف" اللذان قبال مناقشة هذا البحث وكرسا لي ً‬
‫الثمين لمناقشته واخراجه إلى النور‬

‫إلى أساتذة اللغة واألدب العربي الذين تابعوا معنا هذه المسيرة الشاقة إلى‬

‫أن وصلنا إلى بر األمان‬

‫ونور يضيء الظلمة التي كانت تقف‬


‫عونا لنا في بحثنا هذا ًا‬
‫إلى الذين كانوا ً‬
‫أحيانا في طريقنا إلى من زرعوا التفاؤل في قلوبنا فلهم منا كل الشكر‬
‫فهرس المحتويات‬
‫الصفحــــــــة‬ ‫العنــــــــــــوان‬

‫اإلهـــــــــــــداء‬
‫شــــــكر وتقدير‬
‫مقدمـــة ‪......................................................................................‬أ‪ -‬هـ‬
‫مدخـــــــل تمهيدي ‪ :‬عالقة الصوت بالداللة‪14-7..............................................‬‬

‫فصل ّأول ‪ :‬الفونيمات التركيب ّية وفوق التركيب ّية وصلتها بالداللة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الفونيمات التركيب ّية ‪17....................................................................‬‬

‫‪-1‬األصوات الصامتة‪17..........................................................................‬‬

‫أ‪-‬عدد الصوامت في العرب ّية‪18...................................................................‬‬

‫ب‪-‬صفات الصوامت ودالالته‪19..................................................................‬‬

‫ج‪-‬داللة الصوامت منفردة‪27-20................................................................‬‬

‫د‪-‬داللة الصوامت المر ّكبة‪29-27................................................................‬‬

‫‪-2‬األصوات الصائتة‪32-29......................................................................‬‬

‫‪ -‬داللة الصوائت الطويلة‪33-32................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الفونيمات فوق التركيب ّية‪33..............................................................‬‬

‫‪-1‬المقطع وداللته‪33.............................................................................‬‬

‫أ‪-‬تعريفه‪33........................................................................................‬‬

‫لغة‪33..............................................................................................‬‬

‫اصطالحا‪34.......................................................................................‬‬

‫عند العرب‪34......................................................................................‬‬
‫عند الغرب‪35......................................................................................‬‬

‫ب‪-‬أنواع المقاطع في العرب ّية‪37 -36............................................................‬‬

‫ج‪-‬داللة المقطع‪39-38 ...........................................................................‬‬

‫‪ -2‬ال ّنبر وداللته‪40................................................................................‬‬


‫أ‪ -‬تعريف ال ّنبر ً‬
‫لغة واصطالحا ً‪41-40...........................................................‬‬

‫‪-1‬نبر الكلمة‪43-42...............................................................................‬‬

‫‪-2‬نبر الجملة ‪45-43 ...........................................................................‬‬

‫ب‪-‬قوانين ال ّنبر‪45.................................................................................‬‬

‫‪-3‬ال ّتنغيم و دالالته‪46.............................................................................‬‬


‫أ‪ -‬تعريفه ً‬
‫لغة و اصطالحا ً ‪46 ...................................................................‬‬

‫ب‪ -‬داللة التنغيم‪50-47 ..........................................................................‬‬

‫فصل ثان‪ :‬داللة األصوات في قصيدة "فلسفة الحياة" دراسة تطبيقية‪.‬‬


‫ّأوال‪ :‬التعريف بال ّ‬
‫شاعر إيليا أبو ماضي‬
‫‪ -1‬حياته‪53........................................................................................‬‬

‫‪-2‬هجرته‪54.......................................................................................‬‬

‫‪ -3‬مصادر ثقافة الشاعر‪54......................................................................‬‬

‫‪ -4‬رحلته مع التفاؤل ‪55.........................................................................‬‬

‫‪ -5‬شعره‪55........................................................................................‬‬

‫ثانيا ‪ :‬داللة األصوات في قصيدة "فلسفة الحياة"‪56..........................................‬‬

‫أ‪ -‬الصوامت ودالالتها‪57-56.....................................................................‬‬

‫‪-1‬الجهر والهمس ‪61-57........................................................................‬‬

‫‪-2‬التفخيم والترقيق‪65-61.......................................................................‬‬
‫‪-3‬االحتكاك واالنفجار‪69-65.....................................................................‬‬

‫‪-4‬األصوات المائعة‪72-69 ......................................................................‬‬

‫صفير‪74-72..................................................................................‬‬
‫‪-5‬ال ّ‬
‫‪-6‬االنحراف‪75-74................................................................................‬‬

‫‪-7‬التكريـــــــــــر ‪75......................................................................‬‬

‫ب‪-‬الصوائت ودالالتها‪80-75 .........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬النسيج المقطعي و داللته‪89-80..........................................................‬‬

‫راب ًعا‪ :‬داللة ال ّنبر‪95-89..........................................................................‬‬

‫سا‪ :‬داللة ال ّتنغيم‪100-96....................................................................‬‬


‫خام ً‬
‫خاتمة‪103-102...................................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪108-105.............................................................‬‬


‫ّ‬
‫ملخص البحث‬
‫مقدمــــــــــــــة‬

‫مقدمـــة ‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف المرسلين‪ ،‬سيدنا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬ومن سار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬

‫يعرف" ابن جني" اللغة بأنها "أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " وهذا‬
‫التعريف من التعريفات الدقيقة للغة‪ ،‬ومن خالله نفهم أن صاحبه يقسم اللغة إلى شقين‪:‬‬

‫األول يبين لنا مادة اللغة ‪ ،‬ويقول إنها عبارة عن أصوات ‪ ،‬والثاني يكشف لنا عن‬
‫ماهية اللغة التي تعتبر الوسيلة التي تعبر بها كل أمة عن حاجاتها‪ ،‬ولهذا حظيت بمكانة‬
‫شغلت عقول العلماء والمفكرين ‪ ،‬حيث جعلوا لهذه األصوات علما قائما بذاته يدعى "علم‬
‫األصوات" الذي ظهرت إرهاصاته األولى في القرن الثاني الهجري من خالل معجم العين‬
‫"للخليل بن أحمد الفراهيدي"‪ ،‬ثم تطور في القرن الرابع الهجري مع "ابن جني" الذي كانت‬
‫له اليد الطولى في هذا الميدان ‪.‬‬

‫ومن خالل هذا العلم ‪ ،‬حاول بعض الدارسين المحدثين إيجاد عالقة بين األصوات‬
‫ونظر ألهمية هذه‬
‫ا‬ ‫ومعانيها بناء على مخارجها وصفاتها ضمن السياق الذي ترد فيه ‪،‬‬
‫الظاهرة ارتأينا أن تكون موضوع بحثنا‪.‬‬

‫سبب اختيار الموضوع‪:‬‬

‫وقع اختياري على هذه الدراسة لتكون موضوع البحث ألمرين‪:‬‬

‫األول يتعلق بالموضوع‪ ،‬وقد وقع اختياري له لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬معرفة العالقة القائمة بين األصوات المشكلة لأللفاظ والمعاني الموحية بها في إطار‬
‫السياق‪.‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمــــــــــــــة‬

‫‪ –2‬قلة المؤلفات التي تناولت العالقة بين األصوات ومعانيها وبخاصة في جانبها‬
‫التطبيقي‪.‬‬

‫أما األمر الثاني فيتعلق باختيار المدونة‪ ،‬وكان السبب في ذلك ث ارؤها من الناحية‬
‫الصوتية ذات القيمة التعبيرية‪ ،‬إضافة إلى أنها تحمل رسالة إنسانية سامية لبني البشر‬
‫تدعو إلى التمتع بمباهج الحياة ونبذ كل مظاهر الشكوى والتشاؤم والرؤية السوداوية للكون‪.‬‬

‫وقد وقع اختيار الباحثة على الشاعر إيليا أبي ماضي وذلك ألنه يعد من عمالقة‬
‫شعراء المهجر‪ ،‬حيث لقب بشاعر "التفاؤل والطبيعة" ‪ ،‬وكانت تجربته الشعرية مختلفة عن‬
‫ـدرسة مظاهرهـا‪ ,‬وتتـبع أسرارهـا‪ ،‬وتوظيفها في بث تأمالته‬
‫باقي الشعراء‪ ،‬بتأمله للطبيعة‪ ،‬و ا‬
‫التي تنضح تفاؤال وحبا لإلنسانية‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫‪-‬جاءت هذه الدراسة للبحث في عالقة الدال بالمدلول؟ ورأي بعض العلماء في ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة الداللة المستوحاة من النظام الصوتي للعربية‪.‬‬


‫– الوقوف على الداللة الصوتية في قصيدة "أبي ماضي" التي بين أيدينا ودراستها من‬
‫حيث الصوامت والصوائت والمقاطع والنبر والتنغيم‪.‬‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬

‫سارت هذه الدراسة وفق المنهج الوصفي الذي اعتمدت فيه آليتي التحليل و‬
‫اإلحصاء فالتحليل كان ضروريا لوصف الجوانب الصوتية وتحليلها والوقوف على دالالتها‬
‫أما اإلحصاء فقد اعتمدت عليه في حساب مدى تكرار بعض األصوات في القصيدة‬
‫لالستناد عليه عند التحليل ‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫‌ب‬
‫مقدمــــــــــــــة‬

‫من بين الدراسات السابقة التي تناولت هذا الموضوع أذكر‪:‬‬

‫‪ -‬التمثيل الصوتي للمعاني لحسني عبد الجليل يوسف(دراسة نظرية وتطبيقية في الشعر‬
‫الجاهلي) الدار الثقافية ‪ ،‬القاهرة ‪.1998 ،‬‬
‫‪ -‬التحليل الصوتي والداللي للغة الخطاب في شعر المدح – ابن سحنون الراشدي‬
‫أنموذجا‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف‪ ،‬وكانت هذه الدراسة عبارة عن مذكرة معدة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬من طرف الطالبة نجية عبابو‪.‬‬
‫‪ -‬البنية الصوتية وداللتها في شعر عبد الناصر صالح ‪،‬الجامعة اإلسالمية بغزة ‪ ،‬وهي‬
‫عبارة عن رسالة ماجستير بقسم اللغة العربية وآدابها‪ ،‬إلبراهيم مصطفى إبراهيم رجب‪.‬‬
‫‪ -‬النظام الصوتي ودالالته في سيفيات المتنبي وكافورياته‪ ،‬قدمت هذه األطروحة استكماال‬
‫لمتطلبات درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح‬
‫الوطنية في نابلس بفلسطين‪ ،‬وكانت من طرف الطالبة أروى خالد مصطفى عجولي ‪.‬‬
‫‪ -‬الصوت والداللة في شعر الصعاليك ‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في علم‬
‫اللغة للطالب عادل محلو‪ ،‬جامعة الحاج لخضر ‪ ،‬باتنة ‪.‬‬
‫‪ -‬النبر و التنغيم في اللغة العربية ‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في اللسانيات‪،‬‬
‫جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،‬وكانت مقدمة من طرف الطالب والي دادة عبد الحكيم‪.‬‬
‫‪ -‬التلوينات الصوتية والداللية لألصوات المتوسطة في نونية أبي البقاء الرندي‪ ،‬مذكرة‬
‫مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الصوتيات ‪ ،‬جامعة السانيا بوهران ‪ ،‬من إعداد الطالبة‬
‫بن سعيد خديجة‪.‬‬

‫‌ج‬
‫مقدمــــــــــــــة‬

‫‪ -‬خطة البحث ‪:‬‬


‫لقد افتتحت هذه الدراسة بمقدمة ثم مدخل تناولت من خالله عالقة الصوت بالداللة‬
‫عند بعض العلماء القدامى والمحدثين ‪ ،‬ثم جاء الفصل األول الذي تناولت فيه بالدراسة‬
‫أنواع األصوات في العربية من حيث تقسيمها إلى صوائت وصوامت وكذا الفونيمات فوق‬
‫المقطعية (النبر والتنغيم) ‪ ،‬أما الفصل الثاني فقد خصصته لدراسة داللة األصوات في‬
‫القصيدة محل الدراسة‪ ،‬وكذا المعاني المستوحاة من المقاطع الصوتية ‪ ،‬إضافة إلى داللة‬
‫النبر والتنغيم ‪،‬ثم اختتمت هذه الدراسة بأهم النتائج التي توصلت إليها ‪ ،‬وأتبعتها بذكر ما‬
‫اعتمدته من مصادر ومراجع مختلفة ‪ ،‬وفهرس للموضوعات ‪.‬‬
‫الصعوبات التي واجهت هذه الدراسة‪:‬‬
‫ما من باحث إال وهناك عقبات تعترضه أثناء متابعة بحثه ‪ ،‬ومن بين الصعوبات‬
‫التي واجهتني ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قلة المصادر والمراجع في هذا الميدان‪ ،‬والسيما داللة األصوات‬
‫‪ -‬ضيق الوقت الذي يعتبر المجال األساس الذي تظهر من خالله قدرات الباحث‬
‫اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ -‬قلة الدراسات التطبيقية في ظاهرتي النبر والتنغيم‪ ،‬وهذا األخير يعتبره بعض علماء‬
‫الدرس اللغوي الحديث مجازفة‪ ،‬مثل "إبراهيم أنيس"‪ ،‬وهي ضرورية ألنها أحد أهم عناصر‬
‫السياق‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة تحليل بعض الظواهر فوق المقطعية التي تعتمد على الجانب الحضوري األدائي‬
‫للشاعر‪.‬‬
‫وفي األخير أسأل اهلل تعالى أن يكون عملي هذا في ميزان حسناتي‪ ،‬وأرجو أن‬
‫أكون من المشمولين بحديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الذي يقول فيه «من اجتهد‬
‫وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد»‪.‬‬

‫‌د‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يعدّ ّعلم ّاألصوات ّفرعّا ّمن ّفروع ّالّلسانيات ّالذي ّيّعنى ّبدراسة ّالصوت ّاإلنسانيّ‬
‫ومحاولة ّالتعرف ّعلى ّطبيعته ّووظيفته‪ّ ،‬وينقسم ّإلى ّقسمين ّرئيسيين ّهما‪ّ :‬علم ّاألصواتّ‬
‫العام ّ(‪ّ )La phonétique‬وعلم ّاألصوات ّالوظيفي ّ(‪ّ ،)La phonologie‬فالقسم ّاألولّ‬
‫يهتمّ ّبالجهازّالنطقيّوكيفيّةّإنتاجّاألصواتّوتحديد ّمخارجهاّوصفاتهاّوأنواعهاّمنّحيثّ‬
‫هي ّصوامت ّأو ّصوائت‪ّ ،‬أو ّأشباه ّصوائت‪ّ ،‬وكيفية ّانتقال ّاألصوات ّإلى ّأذن ّالسامع ّأيّ‬
‫الجانبّالفيزيائيّثمّالسمعيّفاإلدراكيّالذيّيحدثّعندّوصولّالصوتّعلىّشكلّشيفراتّ‬
‫إلىّاألذنّفيحلّلها ّالدماغ ّويحدثّاالستيعاب‪ّ .‬أماّالقسمّالثانيّفهوّيدرسّوظيفةّاألصواتّ‬
‫داخلّالبنيةّاللغويةّ‪ّ ،‬وهوّيقومّبدورّوظيفيّفيّتحديدّدالالتّالكلماتّفيّاللّغةّالمنشودةّ‬
‫فاألولّينتميّإلىّالعلومّالطبيعية‪ّ،‬أماّالثانيّفينتميّإلىّالعلومّاللّغويةّاللّسانية‪ّ،‬ومهماّيكنّ‬
‫فالعلمانّمتكامالنّمتالزمانّوأساسهماّواحدّهوّالصوت‪ّ .‬‬

‫وقبل ّالتعرض ّلدراسة ّالفونيمات ّالتركيبيّة ّ ّوفوق ّالتركيبية ّفي ّاللّغة ّالعربيّة ّوداللتهاّ‬
‫ارتأيت ّأن ّأمهّد ّلذلك ّبهذا ّالمدخل ّالذي ّيتناول ّتاريخ ّعالقة ّعلم ّاألصوات ّبعلم ّالداللةّ‬
‫وبخاصةّعندّالعرب‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪7‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫الصوت بالداللة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫عالقة‬

‫ّّّّّاختلفت ّآراءّالعلماءّحولّعالقةّالصوتّبالداللة‪ّ ،‬فهناكّمنّيرىّبأنّالعالقةّبينهماّ‬


‫طبيعية‪ّ ،‬في ّحين ّيرى ّالبعض ّاآلخر ّأن ّالعالقة ّبينهما ّاعتباطية‪ّ ،‬ولم ّيكن ّباستطاعةّ‬
‫الفالسفة ّاليونان ّحل ّهذه ّالقضيّة‪ّ ،‬وكذلك ّالمحدثين ّمن ّالّلغويين ّالذين ّانقسموا ّإلىّ‬
‫الداللةّوالفريقّاآلخرّيرفضّهذهّالعالقةّوالّ‬
‫ّ‬ ‫فريقين؛األول ّيرىّبوجودّعالقةّبينّالصوتّو‬
‫يرىّمناسبةّبين ّاللفظّومدلوله‪ّ،‬ونشأةّعلمّالداللةّعندّالعربّمتعلقّبالقرآن ّالكريم‪ّ ،‬وذلكّ‬
‫لفهمّمعانيه ّوحمايتهّمنّاللحن‪ّ،‬وقدّوردّأن ّالعلماءّالعربّاهتموا ّبهذاّالعلمّقبلّالغربيين‪ّ.‬‬
‫التطورّالذيّاعترى ّالداللةّ‬
‫"ألنّلغتهم ّتمتازّبالثراءّالواسع‪ّ،‬والتصرفّالمعنويّالعريض‪ّ،‬و ّ‬
‫في ّالعصور ّالمختلفة ّالتي ّشهدت ّتحول ّالمجتمع ّالعربي"‪ّ ّ .1‬وتمتاز ّاللّغة ّالعربية ّبسعةّ‬
‫ّمنّالقوةّالمعنويةّتتماشىّ‬
‫ّ‬ ‫مادتهاّباعتبارهاّلغةّاشتقاقية‪ّ ّ،‬وتطورّعلمّالداللةّأضفىّلهاّنوعا‬
‫والتطورّالحاصلّفيّالمجتمعّالعربي‪ّ .‬‬

‫ّّّّيقولّإبراهيمّأنيسّفيّهذاّالصدد‪"ّ:‬وبداّمنّسحرّاأللفاظّفيّأذهانّبعضهم‪ّ،‬وسيطرتهاّ‬
‫علىّتفكيرهم‪ّ،‬أنّربطّبينهاّوبينّمدلوالتهاّربطا ّوثيقّا‪ّ،‬وجعلهاّسببا ّطبيعياّللفهمّواإلدراكّ‬
‫فالّتؤدىّالداللةّإالّبهّوالّتحضرّالصورةّفيّالذهنّإالّّحينّالنطقّبلفظّمعيّن‪ّ.‬ومنّأجلّ‬
‫هذا ّأطلق ّهؤالء ّالمفكرون ّعلى ّالصّلة ّبين ّاللفظ ّومدلوله‪ّ ،‬الصلة ّالطبيعية ّأو ّالصلةّ‬
‫الذاتية"‪ّ .2‬‬

‫يتّضحّمنّخاللّهذاّالقولّأنّهناكّمنّالعربّمنّجعلّالصلةّبينّاللّفظّومدلولهّ‬
‫صلة ّطبيعيّة ّحيث ّربطوا ّبين ّاألسباب ّوالدواعي‪ّ ،‬و أروا ّأن ّالعالقة ّبين ّالصوت ّوالمعنىّ‬
‫منطقيةّوجعلوهاّسبيالّإلىّالفهمّواإلدراكّ‪ّ .‬‬

‫‪-1‬عبدّالغفارّحامدّهالل‪ّ،‬علمّالداللةّاللّغوية‪ّ،‬دن‪ّ،‬دّط‪ّ،‬دّت‪ّ،‬صّ‪ّ .16‬‬
‫‪-2‬إبراهيمّأنيس‪ّ،‬داللةّاأللفاظ‪ّ،‬مكتبةّاألنجلوّالمصرية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬ط‪ّ،1984ّ،5‬صّ‪ّ .62‬‬
‫‪8‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫في ّحين ّأنّه ّيوجد ّفريق ّآخر ّيدحض ّهذا ّالرأي ّالذي ّيميل ّإليه ّالفيلسوف ّسقراطّ‬
‫وانتقلّهذاّالنّوعّمنّالتفكيرّإلىّالعلماءّالعرب‪ّ،‬حيثّنجدّ"ابنّجنىّ"ّفيّكتابهّ"الخصائص"ّ‬
‫الجزءّالثاني ّيعقدّلناّأبواباّفيّهذهّالظاهرة‪ّ،‬وهذاّدليلّعلىّوجود ّهذهّالعالقةّبينّالدوالّ‬
‫ومدلوالتهاّعندّعلمائناّالعربّالقدامىّوهذهّاألبوابّهي‪ّ :‬‬

‫‪ -‬بابّفيّتالقيّالمعانيّواختالفّاألصولّوالمباني‪ّ .*1‬‬
‫‪ -‬بابّفيّاالشتقاقّاألكبر‪ّ .**2‬‬
‫‪ -‬بابّفيّتصاقبّاأللفاظّلتصاقبّالمعاني‪.***3‬‬
‫‪ -‬بابّفيّإمساسّاأللفاظّأشباهّالمعاني‪ّ .****4‬‬

‫يوردّلناّ"ابن ّجني"ّفيّهذهّاألبوابّالعالقةّالطبيعيّةّبينّاللفظّومدلولهّبكلّشجاعةّ‬
‫ويفسرّويوضحّلناّالمناسبةّبينّاألصواتّوماّتعبرّعنه‪ّ،‬ويبينّلناّأنّاألصواتّلهاّمعانيّ‬
‫فيّالنّفسّحيثّأنهّإذاّأردناّالتعبيرّعنّأشياء ّشدّيدةّوقويّةّاستعملنا ّاألصواتّالقويّةّ‪ّ،‬أماّ‬
‫إذاّكانّماّنعبّرّعنهّيتسّمّبالضّعفّفإنّناّنستعملّاألصواتّالضّعيفةّالمناسبةّلها‪ّ .‬‬

‫ومن ّالدارسين ّالمحدثين ّنجد ّ"محمد ّمفتاح" ّيولي ّعناية ّكبيرة ّللقيمة ّالتعبيريةّ‬
‫للصوت‪ّ ،‬ويذكر ّلناّالتياراتّالسائدةّفيّالعصرّالقديم‪ّ ،‬ويعقبهاّبذكرّالتيارّالحديثّالقائلّ‬
‫باعتباطية ّالعالقة ّبين ّالدّال ّوالمدلول ّوالذي ّجاء ّبه ّ"دي ّسوسير" ّرائد ّاللسانيات ّالحديثةّ‬
‫حيثّيقول‪"ّ:‬إنّأولّماّيجبّاالهتمامّبهّفيّالمعطياتّاللّغويةّ"الرمزيّةّالصوتيّة"ّأوّالقيمةّ‬
‫التعبيرية ّللصوت‪...‬إذ ّنجد ّلدى ّاليونانيين ّالتيّار ّ"الديمقراطي" ّالذي ّكان ّيقول ّباالعتباطيةّ‬
‫تعبيراّذاتيّاّولذلكّ‬
‫واالصطالحية‪ّ،‬والتيّارّالطبيعيّ‪ّ...‬الذيّكانّيرىّأنّأصواتّاللّغةّتمتلكّ ّ‬
‫ّالرأي ّطوال ّقرون ّعديدة‪ّ ،‬حتّى ّإنّه ّفي ّالقرن ّالثامنّ‬
‫ألفت ّكتب ّعديدة ّإلثبات ّصحة ّهذا ّ‬
‫عشر ّوالتاسع ّعشر ّظهرت ّبحوث ّتدّعي ّوجود ّعالقة ّبين ّأصوات ّاسم ّالعلم ّوبينّ‬

‫* ص ‪. 133 _113‬‬
‫** ص ‪.139 _133‬‬
‫*** ص‪.152_145‬‬
‫**** ص ‪.168 _ 152‬‬
‫‪9‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫خصائصهّالجسديةّوالنفسيّة‪ّ،‬ولكنّأهمّرجّةّأصابتّهذاّاالتجاه ّوزحزحته ّعنّمكانهّهيّ‬


‫التيارّالبنيويّالقائلّباعتباطيةّاللغة"‪ّ .1‬‬

‫يتضح ّلنا ّمما ّسبق ّأن ّهناك ّتيا ارن ّمتعارضان ّفي ّنظرتهما ّللقيمة ّالتعبيريّةّ‬
‫للصّوت؛تيارّيقولّباعتباطيةّالعالقةّبينّالدّالّوالمدلول‪ّّ،‬وآخرّيرىّأنّالعالقةّبينهماّذاتيةّ‬
‫‪ّ ّ ،‬وقدّألفتّكتبّكثيرةّفيّهذاّالمجالّوبخاصّةّفيّالقرنّالثامنّعشر ّوالتاسعّعشرّتؤكدّ‬
‫وجودّعالقةّبينّأسماءّالعلمّوبينّسماتهاّالجسديةّوالنفسيّة‪ّ،‬لكنّمعّظهورّالتيارّالمعاكسّ‬
‫القائلّباالعتباطية ّحل ّمحلّالقائلّبالذاتية‪ّ،‬ويواصلّ"محمدّمفتاحّ" ّقائال‪ّ "ّ:‬وّمعّكلّهذاّ‬
‫ومهماّكانتّالمناقشاتّحولّ"الرمزيّةّالصوتيّة"ّفإنّالباحثينّلمّيضعواّبعدّشروطّاّضروريّةّ‬
‫ّواّنما ّتبقى ّدراسة ّذوقيّة ّال ّنملك ّالبرهنة ّعليها ّإلثبات ّوجاهتهاّ‬
‫وكافية ّلحصرها ّوضبطها‪ّ ،‬‬
‫علىّأنّهناكّشرطّاّضرورياّ ّولكنهّغيرّكاف‪ّ،‬وهوّتراكمّأصواتّمعيّنةّأكثرّمنّغيرهاّفيّ‬
‫البيتّأوّفيّالمقطوعةّأوّفيّالقصيدةّ‪ّ...‬ومعّذلكّالبدّّمنّمحاولةّرصدّبعضّالمؤشراتّ‬
‫لتأويلّالرمزيةّالصوتيةّوهي‪ّ:‬التراكمّالص ّوتي‪ّ،‬مؤشراتّمواكبة ّ(صرفية‪ّ،‬ومعنويةّوتداولية)ّ‬
‫سياقّمالئمّخاصّوعام"‪ّ .2‬‬

‫من ّخالل ّهذا ّالقّ ّول ّاألخير ّيتبين ّأنّ ّالباحثين ّلم ّيضعوا ّقاعدة ّصارمة ّضابطةّ‬
‫ّوانما ّربطوها ّبالجانب ّالذوقي ّأي ّإنّها ّنسبيّة ّال ّنستطيع ّإثباتّ‬
‫لعالقة ّالصوت ّبالداللة‪ّ ،‬‬
‫صحتهاّمنّعدمها‪ّ،‬إال ّأنّ ّهناكّشرطا ّأساسيّا ّلكنهّغيرّكاف ّوهو ّترددّوتكرارّأصواتّ‬
‫معينةّدونّغيرهاّفيّالقصيدة‪ّ ،‬ومنّهناّيتّضحّلناّأنّهّإلثباتّالعالقةّبينّالدّالّوالمدلولّ‬
‫يجب ّعلينا ّاألخذّبعينّاالعتبار ّثالثةّأمورّرئيسيةّوهي ّ‪ّ :‬التكرارّالصوتيّأيّتراكمّكمّيّ‬
‫ألصواتّدونّغيرها‪ّ ،‬معّاألخذّبعينّاالعتبار ّالصيغّالصرفيةّوالمعنويةّوالتداوليةّوالسياقّ‬
‫الذيّولدتّفيهّهذهّاللّفظة‪ّ .‬‬

‫‪-1‬محمد ّمفتاح‪ّ ،‬تحليل ّالخطاب ّالشعري ّ(إستراتيجية ّالتناص)‪ّ ،‬المركز ّالثقافي ّالعربي‪ّ ،‬الدار ّالبيضاءّ‬
‫ط‪ّ،1992ّ،3‬صّ‪ّ .33‬‬
‫‪-2‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .36‬‬
‫‪10‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫وهناكّمنّيرى ّأنّ ّدراسةّالمعنىّفيّحاجةّماسّة ّإلىّعلمّاألصوات‪ّ...ّ":‬فالمعانيّ‬


‫الداللةّالمتنوعةّبينّنفسيّةّواجتماعيّة‪ّ،‬والمعنىّبكلّماّفيهّ‬
‫ّ‬ ‫التيّتثبتهاّمعاجمّاللّغةّللكلمةّو‬
‫فظّلقوةّالمعنىّومناسبةّاللّفظّللمعنى‪ّ...‬علىّالباحثينّفيّعلمّالداللةّأنّيستعينواّ‬
‫ّ‬ ‫منّقوةّاللّ‬
‫ّ‬
‫بعلم ّالصوتيات‪ّ ،‬حتى ّتأتي ّدراستهم ّوافية ّتامة‪ّ .‬والمنهج ّالحديث ّفي ّالمعاجم ّاللغويّة ّهوّ‬
‫العنايةّبتدوينّصورةّأداءّالكلمةّعالوةّعلىّبيانّالمعانيّ‪ّ 1"...‬‬

‫وهذاّيعنيّأنّنا ّال ّنستندّإلى ّالداللةّاالشتقاقيّة ّواللّفظيّةّفقط‪ّ،‬بلّيجبّاألخذّفيّالحسبانّ‬


‫جوانب ّأخرىّلتكونّالدراسةّتامّة‪،‬فنستعينّبعلمّاألصواتّوبالجوانبّاألدائية ّكالنّبرّوالتّنغيمّ‬
‫وكلّذلكّمجتمعّاّلهّأثرهّفيّتحديدّالداللة‪ّ .‬‬

‫ّّّّوالداللة ّالصوتيّة ّهي ّارتباط ّالصّ ّوت ّوطريقة ّنطقه ّبالمعاني ّالمقصودة‪ّ "ّ ،‬فقد ّكشفّ‬
‫بعضّالعلماءّفيّطائفةّمنّاأللفاظّالعربيّةّصلةّبينّألفاظهاّومعانيهاّفبيّنواّأنّالعربيّكانّ‬
‫يربط ّبين ّالصّوت ّوالمعنى ّفيجعلهما ّمتشابهين ّفيدلّ ّعلى ّالمعنى ّالضّعيف ّبأصواتّ‬
‫ضعيفة‪ّ،‬وعلىّالمعنىّالقويّّبأصواتّقويّة"‪ّ .2‬‬

‫ويبدوّأنّهذاّالرأيّهوّاألقرب ّللصواب‪ّ ،‬ونلمسّذلكّمنّخاللّماّأوردهّ"ابن ّجنّي"ّ‬


‫فيّكتابهّ"الخصائص" ّحيثّبين ّلناّالعالقةّبينّالصّوت ّوالمعنى ّالذيّيدل ّعليه‪،‬واستشهدّ‬
‫لناّبأمثلةّتدعمّرأيه‪ّ ،‬وفصلّلنا ّفيّذلك‪ّ ،‬حيثّنسبّإلى ّبعض ّاألصوات ّصفةّالضعفّ‬
‫والوهن ّّواّلىّأصواتّأخرىّصفةّالقوةّوالشدة‪ّ،‬وكذا ّيرى ّ"ابنّجني" ّأنّالعربيّإذاّأرادّأنّ‬
‫يبالغّفيّداللةّاأللفاظّكررّعينّالفعل‪ّ،‬يقول‪"ّّ :‬وذلكّأنّهمّلماّجعلواّاأللفاظّدليلةّالمعانيّ‬

‫‪ّ -1‬عبد ّالعزيز ّأحمد ّعالم ّوعبد ّاهلل ّمحمود‪ّ ،‬علم ّالصوتيّات‪ّ ،‬مكتبة ّالرشيد ّناشرون‪ّ ،‬الرياض‪ّ ،‬ط‪ّ3‬‬
‫‪ّ،2009‬صّ‪ّ .55‬‬
‫‪-2‬عبدّالغفارّحامدّهالل‪ّ،‬علمّالداللةّاللغوية‪ّ،‬صّ‪ّ .30‬‬
‫‪11‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫ّوالعين ّأقوى ّمن ّالفاء ّوالالم ّ‪ّ ...‬فلما ّكانتّ‬


‫فأقوى ّاللّفظ ّينبغي ّأن ّيقابل ّبه ّقوة ّالفعل‪ّ ،‬‬
‫األفعالّدليلةّالمعانيّكررواّأقواهاّوجعلوهّدليالّعلىّقوةّالمعنىّالمحدثّبه‪ّ 1"...‬‬
‫ّ‬

‫منّخاللّهذاّالقولّنعلمّأنّاأللفاظّتدلّّعلىّالمعانيّواللّفظّالقّويّيعبرّعنّالحدثّ‬
‫القويّوعينّالفعلّأقوىّمنّالفاءّوالالمّ‪ّ،‬وبماّأنّاألفعالّتكشفّعنّالداللةّكررواّالصوتّ‬
‫القويّفيهّليدلّعلىّمعنىّقويّ‪ّ ّّّّّّّ.‬‬

‫ويضرب ّلناّ"ابن ّفارس" ّأمثلةّعن ّاأللفاظّالمتقاربةّفيّالداللة ّحيثّيقول‪ّ..."ّ :‬فإذاّ‬


‫وجدتّعلىّسبيلّالمثال‪ّ،‬كلمةّتبدأّبالدالّوالالمّفاعلمّأنّمعناهاّاألولّالحركةّوالذهابّثمّّ‬
‫يأتيّالحرفّالثالثّفيدخلّعلىّالكلمةّمعنىّإضافيّاّبنوعّالحركةّأوّيخصّصهاّ‪ّ...‬وهيّ‬
‫(دله‪ّ،‬ودلي‪ّ،‬ودلث‪ّ،‬ودلج‪ّ،‬ودلح‪ّ،‬ودلظ‪ّ،‬ودلعّ‪ّ،‬ودلف‪ّ،‬ودلق‪ّ،‬ودلك)ّّوحلّلّمعانيهاّفإذاّهيّ‬
‫كماّذكر‪ّ ...‬ولعلهّأحجمّعنّهذاّالبناء‪ّ ،‬ألنّالقاعدةّالّتطّردّفيّكل ّالزمرّوالمجموعاتّ‬
‫اللّغوية"‪ّ .2‬‬

‫منّخاللّقولّ"ابن ّفارس" ّ ّيتضحّلناّأنّللكلمةّمعنّى ّعامّا ّإذاّتوافرتّشروطّمعيّنةّ‬


‫وهيّاجتماعّحرفينّومعهما ّحرفّثالث‪ّ،‬فإنهاّتدّلّعلىّحدثّمعين‪ّ،‬وضربّلناّمثاالّعنّ‬
‫الدّال ّو ّالالّم ّإذا ّاجتمعا ّمع ّحرف ّثالث ّفإنّهما ّيدالّن ّعلى ّالحركة ّوالتنقّل ّمن ّمكان ّإلىّ‬
‫مكان‪ّ،‬ولكنّهذاّالّيصلحّبأنّيّؤخذّكقاعدة‪،‬فهو ّالّينطبقّعلىّكلّالكلماتّالتيّاجتمعّ‬
‫فيهاّهذاّالصّوت‪،‬وّمنّش ّروطّوضعّالقاعدةّاالطّراد‪ّ .‬‬

‫وجاءّفيّكتابّ"الخصائص"البنّجنيّفيّبابّ"إمساسّاأللفاظّأشباهّالمعاني"ّقوله‪ّ:‬‬
‫"فأماّمقابلةّاأللفاظّبماّيشاكلّأصواتهاّمنّاألحداث ّفبابّعظيمّواسع‪ّ،‬ونّهّجّمتلئبّعندّ‬
‫ّكثير ّما ّيجعلون ّأصوات ّالحروف ّعلى ّسمت ّاألحداث ّالمعبرّ‬
‫عارفيه ّمأموم‪ّ ،‬وذلك ّأنّهم ّا‬

‫‪ّ-1‬ابن ّجني‪ّ،‬الخصائص‪ّ،‬تحقيقّمحمدّعليّالنجار‪ّ،‬دارّالكتبّالمصرية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬د ّط‪ّ،‬دّتّ‪ّ،‬ج‪2‬‬


‫صّ‪ّ .155‬‬
‫‪ّ -2‬مجلس ّالنشر ّالعلمي ّبالكويت‪ّ ،‬نظرات ّفي ّعلم ّداللة ّاأللفاظ ّعند ّأحمد ّبن ّفارس ّاللغوي‪ّ ،‬غازيّ‬
‫مختارّطليماتّ‪ّ،‬حولياتّكليةّاآلداب‪ّ،‬ع‪ّ،1990ّ،11‬صّ‪ّ .18‬‬
‫‪12‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫ّالرطب‪ّ ،‬كالبطيخ ّوالقثّاء ّوما ّكانّ‬


‫عنها‪...‬من ّذلك ّقولهم ّخّضّمّ‪ّ ،‬وقّضّمّ‪ّ ،‬فالخّضّمّ ّألكل ّ‬
‫نحوهماّمنّالمأكولّالرطب‪ّ،‬والقّضّمّّللصّلبّاليابس‪ّ،‬نحوّقضمتّالدابّةّشعيرها‪ّ،‬ونحوّذلكّ‬
‫اّالخاءّلرخاوتهاّللرطب‪ّ،‬والقافّلصالبتهاّلليابس‪ّ 1"...‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ...‬فاختارو‬

‫وضربّلناّأمثلةّكثيرةّعنّذلك‪ّ،‬حيثّتنبهّإلىّمناسبةّالصوتّللحدث‪ّ ،‬وقابلّبينّ‬
‫األلفاظ ّواستنتج ّالدالالت ّالموحية ّبها ّعن ّطريق ّالتجريب ّوالدربة‪ّ ّ ،‬وساق ّلنا ّأمثلة ّعنّ‬
‫حكايات ّاألصوات ّالمسموعة‪،‬وع از ّذلك ّإلى ّ"الخليل" ّفقال‪"ّ :‬قال ّالخليل‪ّ :‬كأنهم ّتوهموا ّفيّ‬
‫صوت ّالجندب ّاستطالة ّومدّا‪ّ ،‬فقالوا‪ّ :‬صّر ّالجندب ّ‪ّ ،‬وتوهّموا ّفي ّصوت ّالبازي ّتقطيعّاّ‬
‫فقالو‪ّ:‬صّّرصّرّ"‪ّ .2‬‬

‫وهذا ّالتحليل ّيدلّ ّعلى ّالمناسبة ّالطبيعية ّبين ّالصوت ّوالمعنى‪،‬فطبيعة ّبناء ّاللفظةّ‬
‫هناّدّالّعلىّمعناها‪ّ،‬وينتقل ّبنا ّ"ابنّجنّي" ّبعدّذلكّإلىّالمستوى ّالصرفيّويوضّح ّصلتهّ‬
‫أيضا ّبالداللة‪ّ ّ،‬ويعزوّذلكّإلىّسيبويه‪،‬يقول‪"ّ:‬وقالّسيبويهّفيّالمصادرّالتيّجاءتّعلىّ‬
‫الفعالن‪ّ :‬إنها ّتأتي ّلالضطراب ّوالحركة ّنحو‪ّ :‬النقران‪ّ ،‬والغليان‪ّ ،‬والغثيان‪ّ ،‬فقابلوا ّبتواليّ‬
‫حركاتّالمثالّتواليّحركاتّاألفعالّ‪ّ ...‬وذلكّأنكّتجدّالمصادرّالرباعيةّالمضعفةّتأتيّ‬
‫اّالمثالّالمكررّللمعنىّالمك ّررّ‪ّ 3"...‬‬
‫ّ‬ ‫فجعلو‬
‫للتكرير‪ّ،‬نحوّالزعزعة‪ّ،‬والقلقةّوالصلصلةّ‪ّ ّ...‬‬

‫وفيّباب "تصاقبّاأللفاظّلتصاقبّالمعاني"ّضربّلناّمثالّعنّعالقةّالصوتّبالمعنىّمنّ‬
‫خالل ّالقرآن ّالكريم‪ّ ،‬قال‪ّ ...":‬من ّذلك ّقوله ّسبحانه‪ّ ﴿ّ :‬ألم ّتر ّأنّا ّأرسلنا ّالشياطين ّعلىّ‬
‫همّأزّ﴾ّ‪"ّ.‬سورةّمريمّآيةّ‪ّ .83‬‬
‫الكافرينّتّؤز ّا‬

‫همّهزا‪ّ،‬والهمزةّأختّالهاء‪ّ،‬فتقارب ّاللفظين ّلتقاربّ‬


‫أيّتزعجهمّوتقلقهم‪ّ،‬فهذاّفيّمعنىّتهز ّ‬
‫المعنيين‪ّ،‬وكأنهم ّخصّواّهذاّالمعنى ّبالهمزةّألنّهاّأقوىّمنّالهاء‪ّ،‬وهذاّالمعنى ّأعظمّفيّ‬

‫‪ّ-1‬ابن جنى‪ ،‬الخصائص‪ّ،‬ج‪ّ .158/ّ2‬‬


‫‪ّ-2‬المصدرّنفسهّ‪ّّ،‬صّ‪ّ .156‬‬
‫‪ّ-3‬المصدرّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .153-152‬‬
‫‪13‬‬
‫مدخــــــــــل في عالقة الصوت بالداللة‬

‫النفوسّمنّالهزّ‪ّ1"ّ ...‬ويسوقّلناّ"ابن ّجني" ّأمثلة ّكثيرةّفيّهذاّالصدد‪ّ ،‬حيثّجعلّتقاربّ‬


‫األصواتّفيّالمخارجّيؤديّإلىّالتقاربّالدالليّمعّاالختالفّفيّالحدة‪ّ ّ.‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪ّ-1‬المصدرّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .146‬‬
‫‪14‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫أوال ‪-‬الفونيمات التركيبية ‪Segmental Phonemes:‬‬

‫قسّمّالعلماءّالفونيماتّالتركيبيّةّإلىّقسمينّهما‪ّ :‬‬

‫ّوهي ّجميع ّاألصوات ّعدا ّالصوائت ‪ ،‬وقد ّأطلق ّعليها ّ"إبراهيمّ‬


‫‪ -‬األصوات ّالصامتة ّ‪ّ ،‬‬
‫انحباساّ‬
‫ً‬ ‫أنيس" ّاألصواتّالساكنةّحيثّقال‪"ّ:‬إنّ ّاألصواتّالساكنةّإمّاّينحبسّمعهاّالهواءّ‬
‫محكما ّفال ّيسمح ّله ّبالمرور ّلحظة ّمن ّالزمن ّيتبعها ّذلك ّالصّوت ّاالنفجاري‪ّ ،‬أو ّيضيقّ‬
‫ًّ‬
‫مجراهّفيحدثّالنفسّنوعاًّمنّالصفيرّأوّالحفيف"‪ّ .1‬‬
‫‪ -‬األصواتّالصائتةّ‪ّ،‬وتسمىّأيضاّالمتحركة‪ّ،‬وهيّثالثّحركاتّقصار‪ّ،‬وثالثّطوال‪ّ.‬‬
‫وهيّالتي‪ّ":‬عندّالنطقّبهاّيندفعّالهواءّمنّالرئتينّما اًرّبالحنجرة‪ّ،‬ثمّيتخذّمجراهّفيّالحلقّ‬
‫والفمّفيّممرّليسّفيهّحوائلّتعترضهّفتضيقّمجراه"‪ّ .2‬‬

‫اتّالصائتةّأكثرّوضوحاّفيّالسمعّإذاّماّقورنتّ‬
‫ًّ‬ ‫منّخاللّهذاّالقولّيتّضحّلناّأنّ ّاألصو‬
‫الً ّنجد ّالفتحة ّأكثرّ‬
‫بالصوامت‪ّ ،‬والصوائت ّتوجد ّبينها ّدرجات ّفي ّالوضوح ّالسمعي ّفمث ّ‬
‫وضوحاً ّمن ّالضمّة ّوالكسرة‪ّ ،‬وكذلك ّالصوامت ّمتفاوتة ّفيما ّبينها ّفي ّالصفات‪ّ ،‬حيث ّنجدّ‬
‫األصواتّالمجهورةّأوضحّمنّحيثّالسمعّمقارنةّبالمهموسات‪ّ،‬وأيضاّداخلّهذهّالصفاتّ‬
‫نجدّتفاوتاًّمنّحيثّدرجةّالسمع‪ّ .‬‬

‫‪ -1‬األصوات الصامتة‪Consonants :‬‬

‫ّّّّّيقولّعنهاّعصامّنور ّالدين‪"ّ:‬سواءّكانتّمجهورةّأمّمهموسةّهيّاألصواتّالناتجةّ‬
‫أثناءّالنطقّعنّاصطدامّاله ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواءّبعائقّماّمنّالعوائ ـ ـ ـقّ‪ّ...‬فالصوامـ ـتّإذاًّتتألفّمن ّ‬

‫ّ‬

‫‪-1‬إبراهيمّأنيس‪ّ،‬األصواتّاللّغوية‪ّ،‬مكتبةّنهضةّمصرّومطبعتهاّبمصر‪ّ،‬دّطّ‪ّ،‬دّت‪ّ،‬صّ‪ّ .27‬‬
‫‪ّ-2‬المرجعّنفسه‪ّ،‬الصفحةّنفسها‪ّ .‬‬
‫‪17‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫الحفيف‪ّ،‬والصفير‪ّ،‬واالنفجارّوجميعهاّمنّبابّالضجيج"‪ّ .1‬‬

‫نستنتجّمماّسبقّأنّالصوامتّعندّصدورهاّالّتكونّحرةّطليقةّمثلماّيحدثّمعّالصوائت‪ّ،‬‬
‫وانما ّيعترضها ّعارض ّفي ّموضع ّمعيّن ّمن ّالجهاز ّالنطقي ّينجم ّعنه ّحدوث ّحفيف ّأوّ‬
‫صفيرّأوّانفجار‪ّ .‬‬

‫أ‪ -‬عدد الصوامت في العربية‪:‬‬

‫هيّجميعّالحروفّإذا استثنيناّمنهاّالصوائتّحيث اختلفّالعلماءّفيّتحديدّعددهاّ‬


‫ّصوتًا ّوهي‪/ّ :‬ء‪ّ /‬همزةّ‬
‫ّ‬ ‫وفي ّالعربيّة ّحسب ّعصام ّنور ّالدّين‪"ّ :‬ثمانية ّوعشرون‬
‫القطع‪/‬ب‪/،/‬ت‪/،/‬ث‪/ّ،/‬ج‪/ّ،/‬ح‪/ّ،/‬خ‪/ّ،/‬د‪/ّ،/‬ذ‪/ّ،/‬ر‪/ّ،/‬ز‪/ّ،/‬س‪/ّ،/‬ش‪/ّ،/‬ص‪/ّ،/‬ض‪ّ،/‬‬
‫‪/‬ط‪/ّ،/‬ظ‪/ّ،/‬ع‪/ّ،/‬غ‪/ّ،/‬ف‪/ّ،/‬ق‪/ّ،/‬ك‪/ّ،/‬ل‪/ّ،/‬م‪/ّ،/‬ن‪/ّ،/‬ه‪/ّّ،/‬و‪(ّ/‬غيرّالمدية‪ّ،‬فيّ‬
‫مثل‪ّ:‬ولد)‪/ّ،‬ي‪(ّ/‬غيرّالمدية‪ّ،‬فيّمثل‪ّ:‬يترك)"‪ّ .2‬‬

‫منّخاللّهذاّالقول نخلصّإلىّأنّّعددّالصوامتّفيّالعربيّةّثمانيةّوعشرونّصوتّاّ‬
‫حيثّنرى ّأنهّذكرّجميعّاألصواتّدونّتخصيصّوعندماّتطرقّإلىّالهمزة‪ّ،‬والياءّوالواوّ‬
‫خصصها‪ّ،‬فالهمزةّقالّعنهاّهمزةّالقطع‪ّ،‬ألنهّعندماّيقولّالهمزةّفقطّدونّتقييدّربماّيتبادرّ‬
‫إلىّذهنّالمتلقيّأنّهاّإماّهمزةّالقطعّأوّالوصل‪ّ،‬أوّهماّمعاً‪ّ،‬ألّنّاألولىّتتعلقّبالصوائتّ‬
‫وكذاّالحالّمعّالواو‪ّ،‬والياء‪ّ،‬فيخصصّغيرّالمديةّألنّالمديةّتتعلقّبالصوائت‪ّ،‬وألنّالواوّ‬
‫والياءّيصنفانّأيضاّمنّأشباهّالصوائتّبماّأنهماّعرضةًّللقلبّوالتغييرّوتقبلهماّللحركات‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪-1‬عصامّنّورّالدين‪ّ،‬علمّاألصواتّاللّغوية‪(ّ،‬الفونيتيكا)‪ّ،‬دارّالفكرّاللبناني‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬ط‪1992ّ،1‬م‪ّ،‬صّ‬
‫‪ّ .196‬‬
‫‪ّ-2‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .204‬‬
‫‪18‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ب‪-‬صفات الصوامت ودالالتها‪:‬‬

‫بماّأن ّصفاتّاألصواتّلصيقةّبهاّأثناءّنطقنا ّلها‪ّ،‬فمماّالشكّ ّفيهّأنّهذاّلهّأثرّ‬


‫بالغ ّعلىّداللةّهذهّاألصوات‪ّ،‬و ّفيماّيخصّ ّهذهّالصفاتّفإنّ ّالقدماءّتحدثواّوفصلواّفيّ‬
‫هذاّاألمر‪ّ،‬كماّتطرقّإليهاّالمحدثونّكذلك‪ّ،‬حيثّيقولّ"الدّاني" ّفيّبابّذكرّأصنافّهذهّ‬
‫ّ‬
‫الحروف ّوصفاتها‪"ّ :‬اعلموا ّأن ّأصناف ّهذه ّالحروف ّالتي ّتتميّز ّبها ّبعد ّخروجها ّمنّ‬
‫طَبّقَّةُّ‪ّ،‬‬
‫الم ّْ‬
‫خَّوةُّ‪ّ،‬و ُّ‬
‫الرّْ‬
‫يدةُّ ّو ّ‬
‫ورّةُ‪ّ،‬والشّدّ َّ‬
‫ج ّهُ َّ‬
‫الم ّْ‬
‫وس ّةُ‪ّ،‬و َّ‬
‫الم ْه ُم َ‬
‫ناهاّستةّعشرّصنفًا‪َ ّ:‬‬
‫ّ‬ ‫مواضعهاّالتيّبيّ‬
‫المّتَفَّشّي‪ّ،‬‬
‫ّو ُّ‬
‫وفّ ّالصّفّيّر‪َّ ،‬‬
‫ح ُّر ُ‬
‫ّو ُّ‬
‫المدّ ّواللّينّ‪َّ ،‬‬
‫وف ّ َّ‬ ‫ح ُّر ُّ‬
‫ّو ُّ‬
‫ستَّّفّلَةُّ‪َّ ،‬‬
‫الم ّْ‬
‫الم ْسّتَ ّْعلَّّي ّةُ‪ّ ،‬و ُّ‬
‫المّْنفَّّت َحّةُّ‪ّ ،‬و ُّ‬
‫و ُّ‬
‫اّالغنّ ّةّ"‪ّ .1‬‬
‫حّْرفَّ ُّ‬
‫ي‪ّ،‬و َّ‬
‫الهَ ّاو َّ‬
‫‪ّ،‬و ّ‬
‫ف َّ‬ ‫حّر ُّ‬ ‫المّْن َّ‬
‫‪ّ،‬و ُّ‬
‫المّتَ َّك ّرُرّ َّ‬
‫‪ّ،‬و ُّ‬
‫ل َّ‬
‫ستَّطّي ُّ‬‫الم ّْ‬‫َّو ُّ‬

‫يتبيّن ّلنا ّمن ّخالل ّهذا ّالقول ّأنّ ّصفات ّاألصوات ّتنقسم ّإلى ّقسمين؛ ّصفات ّلهاّ‬
‫ضد‪ّ ،‬وصفات ّليست ّلها ّضد‪ّ ،‬وحسب ّرأيي ّفإن ّهذه ّالصفات ّالمذكورة ّال ّتختلف ّعنّ‬
‫تصنيفّالمحدثينّلها‪ّ،‬وتعتبرّمنّأهمّالمميزاتّالتيّتساعدّعلىّفهمّالداللةّباإلضافةّإلىّ‬
‫ّيعرف ّبهاّنسبّالشّخصّوصفاتهّوانتماّؤه‪ّ،‬‬
‫السياقّالذيّتردّفيه‪ّ،‬فهيّبمثابةّالهويّةّالتّي ّ‬
‫وبالتاليّقبلّتحديدّداللةّالصوتّيجبّالتعرفّعلىّصفتهّأوّصفاته‪ّ .‬‬

‫ومنّأهمّاألمورّالتيّتفطّن ّإليهاّعلماؤناّالقدامىّداللةّالحروفّمفردة‪ّ،‬وكذلكّلماّ‬
‫تكونّمجتمعةّفيّكلمةّأوّداخلّالتركيبّحيثّيقولّفيّهذاّالصددّ"أحمدّاألخضرّغزال"‪ّ:‬‬
‫"ّواذاّكانّلكلّ ّحرفّ ّمعنىّفإنّ ّمجموعّمعانيّالحروفّيؤديّإلىّمعنىّالكلمة‪ّ،‬ومجموعّ‬
‫معانيّالكلماتّيؤديّإلىّمعنىّالجملة‪ّ،‬وهناّقال ّعلماؤناّبمطابقةّالتراكيبّللمعانيّكذلك‪ّ،‬‬
‫جمعهّبحورّوبّحارّوّْأبحرّوّأََّباحيرّ‬
‫ُّ‬ ‫وقالواّإنّ ّالزيادةّفيّالمبنىّزيادةّفيّالمعنىّ‪ّ...‬فبحرّ ّ‬
‫وأبحار‪ّ،‬والبحرّقليلّالتركيبّألنّهّيدلّّعلىّالمفردّومجموعهّأطولّمنهّ‪ّ 2"...‬‬

‫الح ْ‬
‫مد‪ ،‬دار عمار‬ ‫‪ - 1‬أبو عمرو الداني‪ ،‬التحديد في اإلتقان والتجويد ‪ ،‬دراسة وتحقيق غانم قدوري َ‬
‫ّ‬ ‫عمان‪ ،‬ط‪ّ،2000 ،1‬صّ‪.105‬‬
‫‪ّ-2‬أحمدّاألخضرّغزال‪ّ،‬فلسفةّالحركاتّفيّاللّغةّالعربيّة‪ّ،‬ع‪ّ،2001ّ:4‬صّ‪ّ .16‬‬
‫‪19‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫بناء ّعلى ّهذا ّالقول ّيتبيّن ّلنا ّأنه ّانطالقا ّمن ّمعاني ّاألصوات ّيتشكل ّلنا ّالمعنىّ‬
‫ً‬
‫العامّللكلمةّوكذلكّأيض اّمعانيّالكلماتّيسهمّفيّتكوينّمعنىّالجملة‪ّ،‬وكذلكّمطابقةّهذهّ‬
‫ًّ‬
‫األخيرةّللمعاني‪ّ،‬وأنّكلّزيادةّفيّالمبنىّتقابلهاّزيادةّفيّالمعنى‪ّ .‬‬

‫وقدّأدركّشعراؤناّالمحدثونّاألهميّةّالبالغةّالتيّيضفيهاّالصوتّعلىّالقصيدةّومنّ‬
‫ذلكّتكرارّأصواتّدونّغيرها‪ّ .‬‬

‫ج‪-‬داللة الصوامت منفردة‪:‬‬

‫ّوهي ّالصوامت ّحينما ّتكون ّبمعزل ّعن ّالكلمة‪ّ ،‬ففي ّهذه ّالحالة ّكلّ ّصوت ّمنّ‬
‫هاما ّفيّ‬
‫أصوات ّالعربيّة ّلهّداللةّذكرهاّبعضّالدارسين انطالّقًا ّمنّصفاتهّالتيّتلعبّدو اًرّ ًّ‬
‫تحديدّالداللة‪ّ،‬وّفيماّيليّداللةّاألصواتّمفردة‪ّ :‬‬

‫‪-1‬الباء‪ :‬منّبينّدالالتّالباءّأنهّ"إذاّلفظ ّهذاّالحرفّممدودّالصوتّ(با)‪ّ،‬لمّتجدّماهوّ‬


‫أصلحّمنهّلتمثيلّاألشياءّواألحداثّالتيّتنطويّمعانيهاّعلىّاالتّساعّوالضخامةّواالرتفاع‪ّ،‬‬
‫بماّيحاكيّواقعهّانفتاح ّالفمّعلىّمداهّعندّخروجّصوتهّمنّبينّالشفتينّ(باب)‪ّ...‬إذاّلفظّ‬
‫في ّمقدمة ّاللّفظة ّدونما ّمد ّفيحكم ّصوته ّمن ّانفراج ّالشفتين ّبعد ّانطباقهما ّعلى ّبعضهماّ‬
‫بعضا‪ّ ،‬هو ّأصلح ّما ّيكون ّلتمثيل ّاألحداث ّالتي ّتنطوي ّمعانيها ّعلى ّاالنبثاق ّوالظهورّ‬
‫إيماءّوتمثيالً"‪ّ .1‬‬
‫والسيالن‪ّ،‬بماّيحاكيّواقعهّانبثاقّصوتهّمنّبينّالشفتينّ ًّ‬

‫نالحظّمنّخاللّماّسبقّأنّداللةّالباءّهناّتتعلقّبالموقعيةّفنجدّأنهّإذاّوردّممدوداًّ‬
‫(با)ّصورّلناّالمعانيّالتيّتحملّاالتساع ّوالضخامةّواالرتفاع ّأماّإذا ّجاءّفيّأولّالكلمةّ‬
‫َّ‬
‫دونّمدّمثلّلناّاألحداثّالتيّتدلّعلىّالظهورّواالنبثاقّوالجريان‪ّ .‬‬

‫‪-1‬حسنّعباس‪ّ،‬خصائصّالحروفّالعربيةّومعانيها‪ّ،‬منشوراتّاتحادّالكتابّالعربّ‪ّ،‬دمشقّ‪ّ1998ّ،‬‬
‫صّ‪ّ .102‬‬
‫‪20‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪-2‬التاء‪" :‬والتاء ّ(ت) ّإذا ّجاء ّثاني ّالكلمة ّدل ّعلى ّالقطع ّتحول ّ(بتّ ّالحبل) ّو(بترّ‬
‫العضو)ّأيّقطعها"‪ّ .1‬‬

‫ومن ّهذا ّيتضح ّلنا ّأن ّهذه ّالداللة ّليست ّمطلقة ّوانّما ّمتعلقة ّبوقوعها ّثاني ّالكلمةّ‬
‫فهي ّتدلّ ّعلى ّالقطع ّواذا ّغيّرنا ّمكان ّهذا ّالص ّوت ّاختلفت ّداللته ّو ّأصبح ّيحمل ّداللةّ‬
‫أخرى‪ّ .‬‬

‫‪-3‬الثاء‪ّ":‬إذاّكانّثانيّالكلمة‪ّ،‬دلّعلىّاالنتشارّوالتفريقّنحوّ(بثّّالخبر)‪ّ،‬و(بثقّالنهر)ّ‬
‫أيّجعلّماءهّينفجرّعلىّماّحوله"‪.2‬‬

‫معقباّ‬
‫‪-4‬الحاء‪ّ :‬يقول ّعنها ّالعقاد‪"ّ:‬كتبّإلي ّالشاعرّالكبيرّاألستاذّ"رشيدّسليمّالخوري" ّ ّ ًّ‬
‫علىّرأييّفيّداللةّاألوزانّومخارجّالحروفّباللّغةّالعربيّة‪...‬فقال ّ‪ّ..."ّ:‬قدّتنبهتّبطولّ‬
‫المراجعةّأن ّحرفّالفاءّهوّنقيضّحرفّالعينّبداللتهّعلىّاإلبانةّوالوضوح‪ّ:‬فتح‪ّ،‬فضح‪ّ،‬‬
‫جبينّكلّلفظةّبمكرهةّالّيكادّيسلمّمنهاّاسمّ‬
‫ّ‬ ‫فرحّ‪ّ...‬وأنّحرفّالضادّخصّ ّبالشؤمّيسمّ ّ‬
‫ّأشرف ّالمعاني ّوأقواها‪ّ :‬حب‪ّ ،‬حق‪ّ ،‬حرية ّ‪ّ...‬‬
‫أو ّفعل‪ّ ...‬وبعكسه ّالحاء ّالتي ّتكاد ّتحتكر ّ‬
‫وأرىّأنّلهذهّالمزيّةّوالمتناعهاّأوّعلىّاألقلّمشقتهاّدونّسائرّحروفهاّالحلقيةّعلىّحناجرّ‬
‫الّمنّقولنا‪ّ:‬لغةّالضاد"‪ّ .3‬‬
‫األعاجمّهيّأولىّبأنّتنسبّإليهاّلغتنا‪ّ،‬فتقول‪ّ:‬لغةّالحاء‪ّ،‬بد ًّ‬

‫األمر ّالذي ّناقشه ّوأبدى ّرأيه ّفيه ّالشاعر ّواألستاذ ّ"رشيد ّسليم ّالخوري" ّيدعو ّإلىّ‬
‫إعادةّالنظرّفيّتسميةّلغتناّبلغةّالضاد‪ّ،‬ألنّهذاّاألخيرّيحملّكلّمعانيّالشؤمّوالضجرّ‬
‫وفيّهذهّالحالةّالّيحقّلناّأنّننسبّلهاّهذهّالمعانيّوهيّاللّغةّالتيّنزلّبهاّكتابّاهللّعزّ‬
‫الرحمةّواألملّوغيرهاّمنّالخصالّالحميدة‪ّ،‬‬
‫وجل ّالذيّيحملّبينّطيّاتهّكلّمعانيّالرأفةّو ّ‬
‫فيّحينّأنناّنجدّأنّحرفّالحاء ّيحملّكلّمعانيّالسماحةّوأشرفهاّوأقواها‪ّ،‬وكذلكّلتفردّ‬

‫‪ّ-1‬أمينّآلّناصرّالدّين‪ّ،‬دقائقّالعربيةّالعربية‪ّ،‬مكتبةّلبنان‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬ط‪ّ،2‬صّ‪ّ .17‬‬
‫‪ّ-2‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .17‬‬
‫‪-3‬عباسّمحمودّالعقاد‪ّ،‬أشتاتّمجتمعاتّفيّاللّغةّواألدب‪ّ،‬مؤسسةّهنداويّللتعليمّوالثقافة‪ّ،‬القاهرةّ‬
‫مصر‪ّ،‬دّط‪ّ،‬دّتّ‪ّ،‬صّ‪ّ .32‬‬
‫‪21‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫اللّغةّالعربيّةّبهذاّالحرفّالحلقيّدون ّغيرهّمنّالحروفّالحلقيةّعنّباقيّاللغات‪ّ ،‬ولذلكّ‬


‫الّمنّلغةّالضاد‪ّ .‬‬
‫وجبّعليناّأنّنقولّعنهاّلغةّالحاءّبد ً‬

‫إذاّكانّفيّأولّ‬
‫ّ‬ ‫‪-5‬الخاء‪ّ:‬ومنّأهمّمعانيهّأنه‪"ّ:‬يدلّفيّأكثرّأحوالهّعلىّالضعةّوالهب ّوطّ‬
‫الكلمةّنحو‪ّ:‬خرب‪ّ،‬خاب‪ّ،‬خمد‪ّ،‬خسر‪ّ 1"...‬‬

‫ّومنّهناّنستنتجّأنّداللةّالخاءّليستّثابتة‪ّ ،‬وانماّمتعلقةّبالموضع ّالذيّيردّفيهّ‬


‫من ّالكلمة‪ّ،‬ألنّناّلوّغيرناّموقعهّلتغيرتّداللته‪ّ ،‬وبالتاليّيتبينّلناّأنّلهذاّالصوتّدالالتّ‬
‫متعددةّتختلف ّباختالفّالمكانّالذيّيردّفيه ّمنّالكلمة ّوكذلك ّبتأثره ّباألصواتّالمجاورةّ‬
‫له‪ّ،‬ألنّمعانيّاألصواتّإنماّهيّمتعلقةّبالسيّاقّالذيّولدتّفيه‪ّ .‬‬

‫لّ(د)ّإذاّكانّثانيّالكلمةّدلّعلىّالقطعّنحوّ(بدّدّالقوم)"‪ّ2‬وكذلكّمنّبينّ‬
‫‪-6‬الدال‪"ّ:‬والدا ُّ‬
‫ما ّورد ّفي ّمعانيها ّ" ّما ّيدلّ ّعلى ّالصالبة ّوالقساوة ّوكأنّه ّمن ّحجر ّالصوان‪ّ ،‬فليس ّفيّ‬
‫صوتّ(الدال)ّأيّإيحاءّبإحساسّذوقيّأوّشمّيّأوّبصريّأوّسمعيّأوّشعوري‪ّ،‬ليكونّ‬
‫بذلكّأصلحّالحروفّللتعبيرّعنّمعانيّالشدةّوالفعاليةّالماديتين"‪ّ .3‬‬

‫وعن ّهذا ّالصوت ّقام ّ"حسن ّعباس" ّبدراسة ّإحصائية ّ‪ّ ،‬حيث ّوجد ّفي ّ"معجمّ‬
‫الوسيط"ّمائتينّوسبعينّمصد اًرّتبدأّبحرفّالدّال‪ّ،‬منهاّمئةّمصدرّتدلّّعلىّالشدّةّوالفعاليّةّ‬
‫التحركّ‬
‫الماديتينّوعلىّالتحطيم‪ّ،‬وعلىّواحدّوعشرين ّمصد اًر ّتدل ّمعانيهاّعلىّالدحرجةّو ّ‬
‫لّ‬
‫ّمصدر ّتد ُل ّعلى ّالظالم ّوألوان ّالسواد‪ّ ،‬وعلى ّتسعة ّمصادر ّتد ُّ‬
‫ًّا‬ ‫السريع‪ّ ،‬وستة ّوعشرون‬
‫علىّالمشيّالبطيء‪ّ ،‬وعلى ّثقلّصوتّالدال"‪ّ.4‬و ّبالتاليّفإنّ ّهذاّالصّوتّليستّلهّداللةّ‬
‫ثابتةّيستندّإليهاّوالمقامّالذيّيردّفيهّهوّالذيّيحددّلناّذلك‪ّ .‬‬

‫‪ّ-1‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيّةّفيّاللّغةّالعربيّةّ‪ّ،‬المكتبّالعربيّالحديثّّ‬
‫اإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬دّط‪ّ،‬دّت‪ّ،‬صّ‪ّ .148‬‬
‫‪ّ-2‬أمينّآلّناصرّالدين‪ّ،‬دقائقّالعربية‪ّ،‬صّ‪ّ .17‬‬
‫‪ّ-3‬حسنّعباس‪ّ،‬خصائصّالحروفّالعربيةّومعانيها‪ّ،‬صّ‪ّ .67‬‬
‫‪-4‬أنظرّالمرجعّنفسهّ‪ّ،‬صّ‪ّ .68-67‬‬
‫‪22‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ّالقوةّ‬
‫من ّهنا ّنفهم ّأن ّحضور ّصوت ّالدّال ّفي ّكلمة ّمعينة ّيوحي ّلنا ّغالباً ّبمعنى ّ‬
‫والصالبةّوالثّقلّوالسياقّلهّدوراّكبيرّفيّتحديدّداللته‪ّ .‬‬

‫‪-7‬الراء‪:‬هو ّحرف ّتكراري ّيرتعد ّمعه ّاللّسان ّحين ّالتلفّظ ّبه ّومن ّمعانيه ّأنه ّ"يدل ّعلىّ‬
‫التكرارّوديمومةّالحدثّفيّأكثرّاألحوال‪ّ ،‬كيفماّكانّموقعهّفيّالكلمةّ‪ّ،‬منّذلك‪ّ:‬جرّ‪ّ،‬رجّّ‬
‫عموماّعلىّاالستم ارريةّ‬
‫ً‬ ‫اءّفهوّيدلّ‬
‫تتماشىّمعّصوتّالر‬
‫ّ‬ ‫هذهّالقاعدةّ‬‫و‬‫ّ‬‫‪1‬‬
‫م ّر‪ّ،‬درّ‪ّ،‬فر‪ّ،‬قرّ‪"...‬‬
‫والتكرارّأينماّكانّموضعهّمنّالكلمة‪ّ .‬‬

‫معانيهاّعلىّالتحركّ‬
‫ّ‬ ‫تبدأّبحرفّالراء‪"ّ.‬كانّمنهاّمئةّوثمانيةّوسبعونّمصد اًر ّتدلّ ّ‬
‫ّ‬
‫ّالرقة ّوالنظارةّ‬
‫ّمصدر ّتدلّ ّمعانيها ّعلى ّ‬
‫ًّا‬ ‫والتّكرار ّبما ّيتوافق ّمعه‪ّ ،‬وعلى ّاثنين ّوأربعين‬
‫ّمخففًا ّبحسب ّالسيّاق ّالذي ّورد ّفيه‪ّ ،‬وتسعة ّمصادر ّتدلّ ّمعانيها ّعلىّ‬
‫ّ‬ ‫والرخاوة ّإذا ّلفظ‬
‫أصواتّفيهاّترجيعّوتكرار‪ّ ،‬وأربعةّتدلّ ّعلىّالفزعّوالخوف‪ّ،‬حيثّإنّهاّتتوافقّمعّمظاهرّ‬
‫االضطرابّلبعضّالحاالتّالشعورية‪ّ،‬ومنّالغريبّأنّهّعثرّعلىّتسعةّوعشرينّمصد اًرّتدلّّ‬
‫معانيهاّعلىّالثباتّواالستقرار‪ّ،‬األمرّالذيّيتناقضّمعّالخصائصّالحركيّةّلهذاّالصوت"‪ّ .2‬‬

‫منّخاللّماّتقدمّنفهمّأن ّصوتّالراءّغيرّمرتبطّبداللةّمحددةّمتفقّعليها‪ّ ،‬سوىّ‬


‫أنهّحرفّتكراريّيتحركّمعهّاللسانّعندّالنطقّبه‪ّ،‬ولذلكّوجبّعلىّالباحثّفيّهذاّاألمرّ‬
‫أنّيأخذّبعينّاالعتبارّالسياقّالذيّيردّفيهّهذاّالصوت‪ّ،‬وبالتّاليّيسهلّعليناّمعرفةّداللتهّ‬
‫إذاّكانّداخلّالبنية‪ّ،‬ألنّهذهّاألخيرةّلهاّدخلّفيّتحديدّداللته‪ّ ،‬واألصواتّالمجاورةّلهّقدّ‬
‫يكونّلهاّاألثرّالبالغّفيّتحديدّمعناه‪ّ .‬‬

‫ّأيضا ّأنه ّمهموسّ‬


‫‪-08‬السين‪ّ :‬يعدّ ّالسين ّمن ّمجموعة ّاألصوات ّالصفيرية ّومن ّصفاته ًّ‬
‫قّ‬
‫مستفل‪ّ،‬منفتح‪ّ،‬رخو‪ّ،‬ويعرفّعندّالقدماءّبأنهّمنّالحروفّاألسلية‪ّ،‬وهيّتنطقّمنّمستد ّ‬

‫‪-1‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيّةّفيّاللّغةّالعربيّة‪ّ،‬صّ‪ّ .150‬‬
‫‪ّ-2‬أنظر‪ّ:‬حسنّعباس‪ّ،‬خصائصّالحروفّالعربيّةّومعانيها‪ّ،‬صّ‪ّ .86-85‬‬
‫‪23‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫طرفّاللسان‪ّ،‬يقولّعنهّالعاليليّإنه‪"ّ:‬يدلّّعلىّالسعةّوالبسطةّمنّغيرّتخصيص"‪ّ،1‬لكنّ‬
‫الً ّبالحركةّوالطلبّوالبسطّ‬
‫"حسنّعباس" ّفصلّفيّذلكّوقال‪"ّ:‬أنّحرف ّالسّينّيوحيّفع ّ‬
‫ولكن ّعندما ّيقع ّفي ّأوائل ّاأللفاظ‪ّ ،‬أما ّعندما ّيقع ّفي ّأواخرها ّفهو ّهناك ّأوحى ّبالخفاءّ‬
‫واالستتار ّوالضعفّوالرقة‪ ّ ،‬وقدّفاتتهماّهذهّالمعانيّلعدمّمالحقتهّفيّنهايةّالمصادرّكماّ‬
‫اّمعّالحروفّالعربيةّجميعا"‪ّ .2‬‬
‫ّ‬ ‫وقعّلهم‬

‫منّخاللّماّتقدمّفإنّناّنستنتجّأنّمعنىّالسّينّيتعلقّبالمكانّالذيّيردّفيه‪ّ،‬فإذاّكانّ‬
‫فيّأولّالكلمةّفإنهّيدلّعلىّالحركةّواالنبساط‪ّ،‬أماّإذاّوقعّفيّآخرهاّفإنهّيدلّعلىّالخفاءّ‬
‫ّ‬
‫الرقة‪ّ،‬وانطالقا ّمنّهذهّالمعانيّالتيّيحملهاّصوتّالسّينّفإنّالسبيلّ‬
‫واالستتار ّوالضعفّو ّ‬
‫الوحيدّلمعرفةّداللتهّهوّالمكانّالذيّيحتلهّمنّالكلمة‪ّ .‬‬

‫‪-09‬الشين‪" :‬يدلّ ّعلى ّالتفشّي ّبغير ّنظام ّ"‪ّ .3‬وهذه ّداللة ّعامة ّلهذا ّالصوت‪ّ ،‬ألنّه ّعندّ‬
‫دخوله ّفي ّسياق ّمعين ّقد ّيؤدي ّإلى ّتغيير ّمدلوله‪ّ ،‬ولهذا ّيجب ّدائما ّأن ّال ّنستغني ّعنّ‬
‫ّقوتها ّمن ّخالل ّقوة ّالحروف ّالمستعملة ّفيّ‬
‫عنصر ّالسياق‪ّ ،‬وكذلك ّفإن ّالكلمات ّتكتسب ّ‬
‫تركيبها‪ّ،‬واألصواتّبدورهاّتكتسبّداللتهاّمنّخاللّاألصواتّالمجاورةّلها‪ّ .‬‬

‫يقولّابنّجنيّ‪":‬ومنّذلكّقولهم‪ّ:‬شدّالحبلّونحوه‪ّ،‬فالشّينّبماّفيهاّمنّالتفشّيّتشبهّ‬
‫يبّالعّْقدّّ‬
‫َّ‬ ‫بالصوتّأولّانجذاب ّالحبلّقبلّاستحكام ّالعقد‪ّ،‬ثمّيليهّإحكامّالشد ّوالجذب‪ّ،‬وتأر‬
‫ّ‬
‫فيعبّرّعنهّالدّالّالتيّهيّأقوى ّمنّالشّين‪ّ...‬فأمّاّالشدةّفيّاألمرّفإنّهاّمستعارةّمنّشدّّ‬
‫الحبلّونحوه‪ّ،‬لضربّمنّاالتساع ّوالمبالغة‪4"ّ ...‬ومنّمعانيّالشّينّأيضاّأنهاّإذاّوردتّ"ّ‬

‫‪-1‬أسعدّأحمدّعلي‪ّ،‬تهذيبّالمقدمةّاللّغويةّللعاليلي‪ّ،‬دارّالسؤالّللطباعةّوالنشر‪ّ،‬دمشق‪ّ،‬سوريا‪ّ،‬ط‪ّ،3‬‬
‫‪ّ،1985‬صّ‪ّ .64‬‬
‫‪-2‬حسنّعباس‪ّ،‬خصائصّالحروفّالعربيةّومعانيها‪ّ،‬صّ‪ّ .114‬‬
‫‪ّ-3‬أسعدّأحمدّعلي‪ّ،‬تهذيبّالمقدمةّاللّغويةّللعاليلي‪ّ،‬صّ‪ّ .64‬‬
‫‪-4‬ابنّجني‪ّ،‬الخصائص‪ّ،‬تحقيق‪ّ:‬محمدّعليّالنجار‪ّ،‬دارّالكتبّالمصرية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬دّط‪ّ،‬دّت ّ‬
‫ّ‪ّ .161/2‬‬
‫‪24‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ّأول ّالكلمة ّتدل ّعلى ّالتفريق ّنحو ّ(شتت ّشملهم) ّو(شطر ّالشيء) ّأي ّجعله ّقسمينّ‬
‫في ّ‬
‫و(شظىّالعود)ّجعلهّشظايا‪ّ،‬وأحياناّيدلّعلىّالظهورّنحوّ(شاعّالخبر)ّو(شقّالثوب)ّأيّ‬
‫أظهرّماّتحتهّ"‪ّ .1‬‬

‫الخفاءّإذاّكانّأول ّالكلمة‪ّ:‬غاب‪ّ،‬غارّ(اختفى)ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-10‬الغين‪"ّ :‬ويدلّعلىّاالستتار ّوالغيبة ّو‬
‫غاض‪ّ،‬الغبشّ(الظلمة)ّ(بقيةّالليل)‪ّ،‬غبن‪...‬الغبيّ(الذيّبهّغفلة)‪ّ .2"...‬‬

‫وبهذاّفإنّداللةّهذاّالصوتّمحدّدةّبورودهّفيّأولّالكلمة‪ّ،‬ومنهّيتّضحّلناّأنّّداللتهّ‬
‫غيرّثابتة‪ّ،‬حيثّنجدهاّتختلفّباختالفّالمكانّالذيّيردّفيهّمنّالكلمة‪ّ .‬‬

‫‪-11‬الفاء‪ّ :‬ويدل ّعلى ّاإلبانة ّوالوضوح‪ّ ،‬ولقد ّسبق ّذكر ّداللة ّهذا ّالصوت ّمع ّصوتّ‬
‫الحاء‪ّ .‬‬

‫‪-12‬القاف‪"ّ :‬وتتضمنّمعنىّاالصطدام ّأوّاالنفصال ّوتقترنّبحدوثّصوتّشديدّتصورهّ‬


‫أخواتها"‪3‬وكذلك" ّأينماّكانّموقعهاّفي ّالكلمةّنحو‪ّ:‬قتل‪ّ،‬قبحّ‬
‫القافّفيّشدتها‪ّ:‬قدّ ّوقطّعّو ّ‬
‫قبر‪ّ،‬قبض‪ّ...‬عقر‪ّ،‬رقم‪ّ،‬دق‪ّ،‬طق‪ّ،‬عق‪ّ،‬شق‪ّ،‬شقىّ(خرجّعلىّالقانونّوالعرف)ّ‪ّ 4"...‬‬

‫وهذهّالداللةّالتيّيحملهاّالقافّثابتةّأينماّكانّموقعهّمنّالكلمةّسواءّأكانّفيّأولهاّأمّفيّ‬
‫وسطهاّأمّفيّآخرها‪ّ .‬‬

‫‪-13‬الكاف‪:‬من ّصفات ّالكاف ّأنه ّصوت ّانفجاري ّشديد"يدل ّعلى ّالتمكّن ّفي ّالشيء ّفيّ‬
‫أغلبّأحوالهّكيفماّكانّموقعهّفيّالكلمة‪ّ ،‬منّذلك‪ّ:‬كبّ ّ(اإلناءّقلبهّعلىّرأسه)‪ّ،‬كبتّ(لمّ‬
‫يخرجّغيظهّمنّجوفه)ّ‪ّ 5"...‬‬

‫‪ّ-1‬أمينّآلّناصرّالدين‪ّ،‬دقائقّالعربيّة‪ّ،‬صّ‪ّ .17‬‬
‫‪-2‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيةّفيّاللغةّالعربية‪ّ،‬صّ‪ّ .150‬‬
‫‪ّ-3‬محمدّالمبارك‪ّ،‬فقهّاللغةّوخصائصّالعربية‪ّ،‬دارّالفكر‪ّ،‬ط‪ّ،2‬صّ‪ّ .104‬‬
‫‪-4‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيةّفيّاللغةّالعربيةّ‪ّ،‬صّ‪ّ .151‬‬
‫‪ّ-5‬المرجعّنفسه‪ّ،‬الصفحةّنفسها‪ّ .‬‬
‫‪25‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫الً ّفي ّأواخر ّالكلمات ّتدلّ ّداللة ّال ّشكّ ّفيها ّعندّ‬
‫‪-14‬الميم‪ّ :‬يقول ّالعقاد‪"ّ :‬فالميم ّمث ّ‬
‫االستماع ّإلى ّالكلمات ّ«كالحتم ّوالحسم‪ّ ،‬والجزم ّوالحطم ّوالختم ّوالكتم ّوالعزم ّوالقضم ّ‪ّ...‬‬
‫وأمثا لها‪ّ،‬كلماتّال ّتخلوّمنّالداللةّعلىّالتوكيدّوالتشديدّوالقطعّالذيّيدل ّعلىّالمعانيّ‬
‫الحسيةّلماّيستعارّأحياناّلمعانيّالقطعّبالرأيّواإلصرارّعلىّالعزيمة"‪ّ .1‬‬
‫َّ‬

‫منّالمالحظّهنا ّأن ّهذهّالداللةّالتي ّأسندتّلصوتّالميمّمحددةّبوجودهّفيّأواخرّ‬


‫ال ّوجدنا ّهذا ّالصوت ّفي ّأول ّالكلمة ّأو ّفي ّوسطها ّالختلف ّاألمرّ‬
‫الكلمات ّفلو ّأنّنا ّمث ً‬
‫وأصبحّيحملّمعانيّأخرى‪ّ،‬ومنّثمّيتّضحّلناّأنّداللةّهذاّالصوتّتتعلقّبالموقعية ّ‪ّ،‬أيّ‬
‫أنهّالّيحملّداللةّمطلقة‪ّ .‬‬

‫‪-15‬النون‪ :‬صوت ّالنون ّخيشومي ّمتوسط ّالشدة‪ّ ،‬حين ّالنطق ّبها ّتصدر ّمعها ّغنة ّمنّ‬
‫األنف‪ّ،‬يقول ّعنها ّالعاليلي‪"ّ:‬إنهاّللتعبيرّعنّالبطونّفيّاألشياء ّ"ويقولّعنهاّاألرسوني ّ‪ّ:‬‬
‫"إنّها ّ(للتعبير ّعن ّالصميمية)‪ّ ،‬والمعنيان ّصحيحان ّومتقاربان‪ّ ،‬ولكنهما ّقاصران‪ّ ،‬وهذهّ‬
‫اإليحاءاتّالصوتيةّفيّالنونّمستمدةّأصالّمنّكونهاّصوتًاّهجائياّينبعثّمنّالصميم‪ّ...‬‬
‫ّ‬
‫هوّأصلحّاألصواتّقاطبةّللتعبيرّعنّمشاعرّاأللمّوالخشوع"‪ّ .2‬‬

‫وّمنّخاللّعرضناّلداللة ّبعض ّاألصواتّمفردةّنستنتجّأنهاّتحملّبالفعلّدالالتّ‬


‫معيّنة‪ّ،‬وكلّ ّصوتّمنها ّيصلحّلموقفّمعين‪ّ ّ ،‬ولكنّهذاّالّيطّردّمعّجميعّاألصوات‪ّ،‬ألنّ‬
‫بعضهاّالّيحملّداللةّمطلقة‪ّ،‬وانماّتتعلقّداللتهّبالمكانّالذيّترد ّفيه ّهذهّاألصوات‪ّ،‬كأنّ‬
‫الًّفيّأولّالكلمةّأوّفيّوسطهاّأوّفيّآخرها‪ّ،‬حيثّنجدّ"العقّاد"ّلمّيتركّهذاّاألمرّ‬
‫يكونّمث ّ‬
‫مبهماًّوأقرّبعدمّوجودّداللةّثابتةّللصوت‪ّ،‬وانماّربطهاّبالسيّاقّالذيّيردّفيهّ‪ّ،‬وأضافّأنّ‬
‫هناكّأصوّاتًا ّالّتحملّهذهّالمعانيّإال ّإذاّكانتّمركّبةّمعّأصواتّأخرى‪ّ،‬لكنّفيّاإلطارّ‬
‫العامّفإنّلألصواتّالمفردةّدالالتّمعيّنةّيتميّزّبهاّكلّصوتّعنّالصوتّاآلخر‪ّ،‬حيثّ‬
‫نجدّأن ّالشّاعرّعندماّينظمّقصيدتهّيختارّأصواتاًّدونّأصواتّأخرىّحسبّواقعهّالنّفسيّ‬

‫‪-1‬عباسّمحمودّالعقّاد‪ّ،‬أشتاتّمجتمعاتّفيّاللّغةّواألدب‪ّّ،‬صّ‪ّ .35‬‬
‫‪-2‬حسنّعباس‪ّ،‬خصائصّالحروفّالعربيّةّومعانيها‪ّ،‬صّ‪ّ .160‬‬
‫‪26‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫والسياقّالذيّوردتّفيهّهذهّاأللفاظ‪ّ،‬ولوّلمّيكنّكذلكّلماّاختار ّكلّشاعرّأصواّتًاّبعينهاّ‬
‫دونّأخرىّللداللةّعلىّمعانيّخفيةّتحزّفيّنفسه‪ّ،‬ومثالّذلكّاختيارّالمتنبيّلصوتّالباءّ‬
‫ليكونّقافيةّلقصيدتهّالبائية‪ّ،‬وكذلكّالنونّفيّنونيةّابنّزيدونّوغيرهم‪ّ .‬‬

‫د‪ -‬داللة الصوامت مركبة‪:‬‬

‫أحمدّبنّفارس"ّأولّمنّ‬
‫ّ‬ ‫هناكّصوامتّالّتظهرّدالالتهاّإالّّوهيّمركّبةّ‪ّ،‬وّيعتبرّ"ّ‬
‫تفطنّلهذهّالظاهرةّفيّاللّغةّالعربيّةّفيّمقاييسهّعندماّقال‪"ّ:‬إنّهللّتعالىّفيّكلّّشيءّّسّراّ‬
‫لتّفيّهذاّالبابّمنّأولهّإلىّآخره‪ّ ،‬فالّترىّالدالّمؤتلفةّمعّالالّمّبحرفّ‬
‫ّ‬ ‫ولطيفة‪ّ،‬وقدّتأمّ‬
‫ثالثّإالّّوهيّتد َلّعلىّحركةّّومجيءّّوذهابّوزوالّمنّمكانّإلىّمكانّ‪ّ .1"...‬‬

‫‪-1‬الدال والميم وما يثلثهما‪:‬‬

‫عقد ّ"أحمدّابن ّفارس" ّفيّمعجمهّ"مقاييسّاللغة"ّأبوًّاباّفيّهذاّالشّأن ّتكلّمّفيهاّعنّ‬


‫داللةّاجتماعّهذهّاألصواتّجاءّفيها‪ّ ّّ:‬‬

‫"«دمن»ّالدالّوالميمّوالنّونّأصلّّواحّدّيدلّّعلىّثباتّولزوم‪ّ...‬والجمعّدّ َّم ْنّ‪ّ،‬ويقال‪ّ:‬دمنتّ‬


‫األرضّبذلك‪ّ،‬مثلّدمّْلّتُها‪ّ،‬والدّمنة‪ّ:‬ماّاندفقّمنّالحقدّفيّالصّدر‪ّ 2"...‬‬

‫وهذا ّيدل ّعلى ّأن ّالدّال ّوالميم ّعند ّاجتماعهما ّيدالّن ّعلى ّاالستقرار ّوالثبات ّعلى ّحالةّ‬
‫واحدة‪ّ،‬وهناكّكلماتّعديدةّمركبةّمنّهذينّالصوتينّوتحملّالداللةّنفسها‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪-1‬ابن فارس‪ّ،‬مقاييسّاللغة‪ّ،‬تحقيقّعبدّالسالمّهارون‪ّ،‬دارّالفكر‪ّ،‬المجمعّالعربيّاإلسالمي‪ّ،‬القاهرةّ‬
‫‪ّ .298/2،ّ1979‬‬
‫‪-2‬المصدرّنفسه‪ّ،‬الصفحةّنفسها‪ّ .‬‬
‫‪27‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪-2‬الدال والنون وما يثلثهما في الثالثي‪:‬‬

‫ّّّّّومن ّذلك"«دنع» ّالدّال ّوالنّون ّوالعين ّأصل ّيدلّ ّعلى ّضعف ّوقلة ّودناءة‪ّ ،‬فالرجلّ‬
‫الدنع‪ّ:‬الفسلّالذيّالّخيرّفيه‪ّ .‬‬

‫فّ»‪..‬يدلّّعلىّ‬
‫والدنع‪ّ:‬الذل‪ّ،‬ويزعمونّأنّالدَّّن َّعّماّيطرحهّالجازرّمنّالبعيرّإذاّجزر‪َّّ«،‬دَنّ َ‬
‫مشارّفَةّذهابّّالشيء"‪ّ .1‬‬

‫وهذاّفيّحاله ّإذا ّما ّاجتمع ّالدّالّوالنّونّمعّصوتّثالثّ ّفإنهماّيدالن ّعلىّالضّعفّوالقلّةّّ‬


‫والدناءة‪ّ ّّ.‬‬

‫الراء ّأصلّ ّواحدّ‪ّ،‬‬


‫‪-3‬الدال والهاء وما يثلثهما‪ّ :‬ومثال ّذلك ّكلمة‪«"ّ :‬دهر»" ّالدال ّوالهاء ّو ّ‬
‫وهوّالغلبةّوالقهر‪ّ،‬وسميّالدهرّده اًرّألنهّيأتيّعلىّكلّشيءّويغلبهّ‪ّ 2"...‬‬

‫الرء والزاي عند اجتماعهما في كلمة واحدة‪:‬‬


‫‪ -4‬ا‬

‫الراءّوالزايّأصالن‪ّ:‬أحدهماّجنسّمنّاالضطرابّواآلخرّإثباتّشيء"‪ّ .3‬‬

‫نستنتجّمنّخاللّماّسبقّأن ّاألصواتّعندما ّتكونّمركبةّمعّبعضها ّالبعضّفإنّهاّ‬


‫تحمل ّدالالت ّجديدة ّال ّتحيد ّعنها‪ّ ،‬وحسب ّالسيّاق ّالذي ّوردت ّفيه ّ‪ّ ،‬حيث ّنجد ّأن ّهذهّ‬
‫األصواتّلماّتدخلّالتركيبّمعّأصواتّبذاتهاّتصبحّحاملةّلداللةّثابتةّوأمثلة ّ"ابن ّفارس"ّ‬
‫فيّمقاييسه ّخيرّدليلّ ّعلىّذلك‪ّ،‬ولألصواتّوظائفّدالليّة ّتبرز ّمدىّقدرةّالشاعرّعلىّ‬
‫التعبيرّعنّتجربته‪ّ،‬حيثّنجدّالشّاعرّعندّنظمهّلقصيدةّمعينةّلنقل ّمثال ّأن ّالغرضّمنهاّ‬
‫المدح‪ّ،‬فإنّأصواتّهذهّالقصيدةّتكونّمناسبةّلهذاّالغرضّوكذلكّمعّسائرّاألغراض‪ّ،‬ألنّ‬
‫األصواتّبطبيعتهاّمنهاّماّيناسبّالغزل‪ّ،‬ومنهاّماّيناسبّالهجاء‪...‬وهكذا‪ّ .‬‬

‫‪-1‬المصدرّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .304‬‬
‫‪-2‬المصدرّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .305‬‬
‫‪-3‬المصدرّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .372‬‬
‫‪28‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫وللوقوفّعلىّدالالتّالصوامتّيجبّأن ّالّننظرّإليهاّمنفردة‪ّ ،‬بل ّالبدّأنّننظرّ‬


‫إلىّالسياق ّالذيّوردتّفيه‪ّ،‬فليسّهناكّداللةّتسندّإلىّاألصواتّاللغويّةّوهيّمنعزلةّعنّ‬
‫السياّقّ‪ّ،‬بلّيجبّدائماّأنّنأخذّبعينّاالعتبارّالسيّاقّالذيّكثرتّفيهّهذهّاألصواتّحتىّ‬
‫أصبحتّتوحيّبمعانيّودالالتّعندّالمتلقي‪ّ .‬‬

‫‪ -2‬األصوات الصائتة ‪Vowels :‬‬

‫ّّّّّتتميز ّاألصوات ّالصائتة ّعن ّالصامتة ّبأنها‪ّ "ّ :‬هي ّالتي ّال ّيعترضها ّعضو ّمنّ‬
‫س ّ(الهواء ّالصادر ّمن ّالحنجرة) ّعنّ‬
‫ّالنّفَ َ ّ‬
‫أعضاء ّالنّطق ّأو ّال ّتنطق ّبمخرج ّصوتي ّيثني َّ‬
‫امتداده‪ّ،‬فيكونّالصّوتّأثناء ّنطقها ّممتداً ّح اًر ّالّيعوقهّعائقّحتىّينفذ‪ّ،‬ويمثلّهذاّالنوعّ‬
‫أصواتّالمدّ ّأوّاللّينّوالعلّةّ(األلف‪ّ،‬الواو‪ّ،‬والياءّحالّسكونّالواوّوالياء)‪ّ،‬وتعدّ ّالحركاتّ‬
‫القصيرةّأبعاضّهذهّاألصواتّأوّجزءاًّمنها"‪ّ .1‬‬

‫هذاّالتعريفّللصوائتّجامعّلهاّيكادّيتّفقّحولهّجميعّعلماءّاألصوات‪ّ،‬حيث ّجاءّ‬
‫موضّحاّلناّكيفيّةّالنّطقّبهذهّاألصوات‪ّ،‬وكذلكّيبينّلناّأنّالحركاتّالقصيرةّهيّأجزاءّمنّ‬
‫أصواتّالمدّ ّأوّاللينّأوّالعلةّمعّشرط ّحالةّسكونّالواوّأوّالياء‪ّ،‬ألنّهماّعندّاكتسابهماّ‬
‫الحركةّعدتاّمنّأنصافّالصوائت‪ّ .‬‬

‫وقد فصلّعلماؤناّالقدامىّمنذّقرونّخلتّفيّمسألة تقسيمّاألصواتّإلىّصوائتّ‬


‫وصوامت‪ّ ،‬ولعل ّأول ّمن ّتفطن ّلهذا ّاألمر ّ"الخليل ّبن ّأحمد ّالفراهيدي" ّفي ّمعجمه ّالعينّ‬
‫تيباّصوتيا‪ّ .‬‬
‫ًّ‬ ‫عندماّأرادّترتيبّمعجمهّتر‬

‫ويطلق ّابن ّسينا ّ(ت ّ‪428‬ه) ّعلى ّالصوائت ّاسم ّالمصوتات ّحيث ّيقول‪"ّ :‬وأماّ‬
‫الكبرى ّمخرجهاّ‬
‫وتأثيرهاّعليّ ّكالمشكل‪ّ،‬لكني ّأظن ّأن ّاأللفّالصّغرىّو ّ‬
‫تاتّفأمرها ّ ّ‬
‫ّ‬ ‫المصو‬
‫ّ‬
‫منّإطالقّالهواءّسلساًّغيرّمزاحم‪ّ .‬‬

‫‪ّ-1‬محمودّعكاشة‪ّ،‬التحليلّاللّغويّفيّضوءّعلمّالداللة‪ّ،‬دارّالنشرّللجامعات‪ّّ،‬القاهرةّ‪ّّّّّ2011ّ،‬‬
‫صّ‪ّ .17‬‬
‫‪29‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫والواوان ّمخرجهاّمعّأدنىّمزاحمةّوتضييقّللشفتينّواعتماد ّفيّاإلخراجّ‪ّ...‬والياءان ّتكونّ‬


‫المزاحمةّفيهماّباالعتمادّعلىّماّيليّأسفلّقليال‪ّ 1"...‬‬

‫نجدّابن ّسيناّفيّهذاّالقول ّيعتبرّأن ّالصوائتّتسبّبّلهّإشكاالًّ ّو ّيصفّلناّطريقةّ‬


‫خروج ّهذه ّالصوائت ّمن ّالجهاز ّالنطقي ّبكلّ ّحرية ّوسهولة‪ّ ،‬وكذلك ّيبين ّلنا ّالمكان ّالذيّ‬
‫الكبرى ّوالواوانّ‬
‫تحتله ّهذه ّالصوائت ّعند ّالنّطق ّبها‪ّ ،‬ومن ّخالل ّقوله‪ّ :‬األلف ّالصغرى ّو ّ‬
‫والياءان‪ّ،‬لعلّهّيريدّمنّوراءّذلكّالصوائتّبنوعيهاّالقصيرةّوالطويلة‪ّ .‬‬

‫والصوائتّفيّالعربيّةّتنقسمّإلىّقسمين‪ّ :‬‬

‫‪-‬ما يسمى بالحركات‪ّ:‬الفتحةّوالكسرةّوالضمّة‪ّ .‬‬

‫‪-‬حروف المد أو اللين‪ :‬وهي‪ّ :‬‬

‫لمسبوقةّدائماّبفتحةّمثل‪ّ:‬س َّما‪ّ .‬‬


‫َّ‬ ‫"‪-‬األلفّا‬

‫ة‪ّ،‬مثل‪ّ:‬القَاضّي‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬الياءّالمسبوقةّبكسر‬

‫ة‪ّ،‬مثلّباعوا‪ّ .‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬الواوّالمسبوقةّبضم‬

‫‪-3‬المصوتانّالمزدوجانّأوّالمركّبان‪ّ،‬وهما‪ّ :‬‬

‫ليل‪ّ ّّّّّّ.‬‬
‫‪-‬الياءّالساكنةّوالمفتوحّماّقبلها‪ّ،‬مثل‪ّْ ّ:‬‬

‫‪-‬الواوّالساكنةّوالمفتوحّماّقبلها‪ّ،‬مثل‪ّّ:‬قَ ْوم‪ّ 2ّ".‬‬

‫وحسبّاإلحصائياتّالتيّقامّبهاّعلماءّاألصواتّفإنّ ّحركةّالفتحة ّأكثرّاستعماالًّّ‬


‫في ّالكالم العربي ّ‪ّ ،‬بينما ّالضمة ّوالكسرة ّمتقاربتين ّفي ّاالستعمال‪ّ ،‬غير ّأن ّالضمة ّتفوقّ‬
‫الكسرةّاستعماال‪ّ،‬ألنّالفتحةّأخفّمنّالضمة‪ّ،‬وهذهّاألخيرةّبدورهاّأخفّمنّالكسرة‪ّ .‬‬

‫‪ّ-1‬أبوّعليّالحسنّبنّعبدّاهللّبنّسينا‪ّ،‬أسبابّحدوثّالحروف‪ّ،‬تحقيقّمحمدّحسانّالطيانّويحيّميرّ‬
‫علمّ‪ّ،‬دّنّ‪ّ،‬دّطّ‪ّ،‬دّت‪ّ،‬صّ‪ّ .126‬‬
‫‪-2‬عصامّنورّالدين‪ّ،‬علمّاألصواتّاللغوية‪(ّ،‬الفونيتيكا)‪ّ،‬صّ‪ّ .271‬‬
‫‪30‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫وقد ّشرح ّعلماء ّالعربيّة ّالقدامى ّكيفيّة ّصدور ّاألصوات ّوعن ّذلك ّيقول" ّالفراهيديّّّ‬
‫حاحاً ّلها‪ّ:‬‬
‫( ّ‪175‬ه)"‪"ّ :‬في ّالعربيّة ّتسعة ّوعشرون ّحرفاً ّمنها ّخمسة ّوعشرون ّحرفاً ّصّ َّ‬
‫أحيازّومدارج‪ّ،‬وأربعةّأحرفّهوائيةّهيّالواوّوالياءّواأللفّاللينةّوالهمزة"‪ّ .1‬‬

‫أما ّ"ابن ّجني ّ(ت‪392‬ه)" ّفيصف ّلنا ّالصوائت ّويبين ّمخارجها ّقائال‪"ّ :‬والحروفّ‬
‫التي ّاتسعت ّمخارجها ّثالثة‪ّ :‬األلف‪ّ ،‬ثم ّالياء‪ّ ،‬ثم ّالواو‪ّ ،‬وأوسعها ّوألينها ّاأللف‪ّ ،‬إال ّأنّ‬
‫الصّوتّالذيّيجريّفيّاأللفّمخالفّللصوتّالذيّيجريّفيّالياء ّوالواو‪ّ،‬والصّوتّالذيّ‬
‫يجريّفيّالياءّمخالفّللصوتّالذيّيجريّفيّاأللفّوالواو‪ّ .2"ّ...‬‬

‫ّّّّّّتطرقّ"ابنّجني"ّفيّكتابهّ"سرّصناعةّاإلعراب"ّإلىّالتفصيلّالدّقيقّللصوائتّحيثّ‬
‫ّوصفّلناّبدقةّمخارجهاّوقالّعنهاّإنهاّتتصفّباالتساع‪ّ ،‬وهذاّيتوافقّمعّ ّماّقالهّالعلماءّ‬
‫المحدثونّعن ّصفاتهاّ‪ّ،‬وكذلكّشرحّوفسر ّلنا ّالفرقّبينّهذهّاألصواتّالثالثةّورتّبهاّمنّ‬
‫حيثّأوسعهاّمخرجاً‪ّ،‬وبينّأن ّالصّوتّالذيّيجريّفيّاأللفّمخالفّللصوتّالذيّيجريّ‬
‫فيّالواوّوالياءّوهكذاّسائرها‪ّ .‬‬

‫ّّّّّّوقدّأطلقّعليهاّ" ّإبراهيمّأنيس" ّمصطلحّ"أصواتّاللين"‪ّ،‬يقولّعنها‪"ّ:‬أصواتّاللّينّ‬


‫فيّاللّغةّالعربيّةّهيّماّاصطلح ّالقدماءّعلىّتسميته ّبالحركاتّمنّفتحةّوكسرةّوضمة‪ّ،‬‬
‫وكذلكّماّسموهّباأللفّاللينةّوالياءّاللينةّوالواوّاللينة‪ّ،‬وماّعداّهذاّفأصواتّساكنة"‪ّ .3‬‬

‫ّّّّوأطلق ّعليها ّ"رمضان ّعبد ّالتواب"‪ّ ،‬مصطلح ّ"األصوات ّالمتحركة" ّقائال‪"ّ :‬واألصواتّ‬
‫المتحركةّفيّالعربيّةّالفصحى‪ّ،‬ماّسماهّالعربّبالحركاتّوهيّالفتحةّوالضمةّوالكسرة‪ّ ّ،‬‬
‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪ّ-1‬الخليلّبنّأحمدّالفراهيدي‪ّ،‬العينّ‪ّ،‬تحقيقّمهديّالمخزوميّوابراهيمّالسامرائيّ‪ّ،‬دّنّ‪ّ،‬دّطّ‪ّ،‬دّتّّ‬
‫ج‪ّ،ّ1‬صّ‪ّ ّّّّ.ّ8‬‬
‫‪-2‬ابنّجني‪ّ،‬سرّصناعةّاإلعرابّ‪ّ،‬دراسةّوتحقيقّحسنّهنداويّ‪ّ،‬دّنّ‪ّ،‬دّطّ‪ّ،‬دّتّ‪ّ،‬جّ‪ّ،ّ1‬ص‪ّ .ّ8‬‬
‫‪-3‬إبراهيمّأنيس‪ّ،‬األصواتّاللغوية‪ّ،‬صّ‪ّ .29‬‬
‫‪31‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫الياءّفيّ(القَاضّي)"‪ّ .1‬‬
‫ّ‬ ‫فيّ(يّْد ُعّو)‪ّ،‬و‬
‫َّ‬ ‫وكذلكّحروفّالمدّواللّينّكاأللفّفيّ(ّقَال)ّوالواوّ‬

‫وسماها ّ"تمام ّحسّان" ّبحروف ّالعلة‪ّ ،‬ونظ اًر ّالختالف ّهذه ّالمصطلحات ّاعتمدنا ّمصطلحّ‬
‫الصوائت‪ّ،‬ألنهّاألكثرّتداوالًّبينّعلماءّاألصوات‪ّ .‬‬

‫وتتميزّالصوائتّعنّالصوامتّبخاصيّةّالوضوحّفيّالسمع‪ّ،‬األمرّالذيّأدىّبالشّعراءّإلىّ‬
‫استعمالهاّبكثرةّفيّأشعارهم‪ّ .‬‬

‫دالالت الصوائت الطويلة‪:‬‬

‫ال‪"ّ:‬الواو ّيدلّ ّعلىّاالنفعال ّالمؤثّرّفيّالظواهرّ‬


‫ّّّّفسرّ"العاليلي" ّمعانيّالواوّوالياءّقائ ًّ‬
‫والياء‪ّ،‬يدلّّعلىّاالنفعالّالمؤثرّفيّالبواطن"‪ّ .2‬‬

‫ّّّّونفهم ّمن ّذلك ّأن ّالواو ّتدلّ ّعلى ّكل ّما ّيؤثر ّفي ّاإلنسان ّمن ّالناحية ّالظاهرة ّ ّأوّ‬
‫أماّالياءّفهيّتعبرّعماّيختلجّفيّمكنوناته‪ّ،‬أيّتعبرّ‬
‫الشكليّةّالتيّتبدوّظاهرةّعلىّالجسد‪ّ ّ،‬‬
‫عماّهوّمستترّخفيّفيّالجوف‪"ّ،‬واأللفّالليّنةّتقعّفيّأواسطّالمصادرّأوّأواخرها‪ّ،‬يقتصرّ‬
‫تأثيرها ّفي ّمعانيها ّعلى ّإضفاء ّخاصيّة ّاالمتداد ّعليها ّفي ّالمكان ّأو ّالزمان‪ّ ،‬كما ّفيّ‬
‫في(باب‪ّ،‬سماء‪ّ،‬كافة‪ّ،‬إلى‪ّ،‬على‪ّ .3")ّ...‬‬

‫وقدّأشارتّالمعاجمّالعربيّةّإلىّمعانّّكثيرةّلأللفّاللينة‪ّ،‬حيثّجاءّفيّلسانّالعرب‪ّ:‬‬
‫"وسميتّألفاًّألنهاّتألفّالحروفّكلها‪ّ...‬واأللفّاللينةّالّصوتّلهاّإنماّهيّجرسّمدةّبعدّ‬
‫فتحة"‪ّ 4‬وعنّاأللفّاللينةّكذلكّقالّالجوهري‪"ّ:‬جميعّماّفيّهذاّالبابّمنّاأللفّإماّأنّ‬

‫‪-1‬رمضانّعبدّالتواب‪ّ،‬المدخلّإلىّعلمّاللّغةّومناهجّالبحثّاللّغوي‪ّ،‬مكتبةّالخانجي‪ّ،‬القاهرة‪ّ،‬ط‪ّ2‬‬
‫‪ّ،1985‬صّ‪ّ .42‬‬
‫‪-2‬أسعدّأحمدّعلي‪ّ،‬تهذيبّالمقدمةّاللّغويةّللعاليلي‪ّ،‬صّ‪ّ .64‬‬
‫‪-3‬حسنّعباس‪ّ،‬خصائصّالحروفّالعربيّةّومعانيها‪ّ،‬صّ‪ّ .97‬‬
‫‪-4‬ابنّمنظور‪ّ،‬لسانّالعربّ‪ّ،‬م‪ّ،‬تحقيقّعبدّاهللّعليّالكبيرّوآخرونّ‪ّ،‬دارّالمعارفّ‪ّ،‬القاهرةّ‪ّ،‬مصرّّّ‬
‫طّ‪ّ،1981ّ،ّ5‬م‪ّ،ّ1‬ص‪ّ .ّ1‬‬
‫‪32‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫اءّمثلّرَّمى‪ّ،‬وكلّماّفيهّمنّالهمزةّفهيّمبدلةّمنّ‬
‫َّ‬ ‫عا‪ّ،‬أوّعنّي‬
‫اوّمثل‪ّ:‬د َّ‬
‫َّ‬ ‫تكونّمنقلبةّمنّو‬
‫الياءّأوّمنّالواوّنحوّالقضاء‪ّ 1"...‬‬

‫ويتّفق ّالباحثون ّفي ّداللة ّاألصوات ّعلى ّأن ّالصوائت ّتعبّر ّعن ّمواقف ّالحزنّ‬
‫واألسىّأكثرّمنهاّمنّالمواقفّالمفرحة‪ّ .‬‬

‫وانطالقاّمماّسبقّنتوصلّإلىّأنّّالصوائتّهيّاألكثرّتعبي اًرّعنّاألشجانّواألحزانّ‬
‫التيّنمرّبهاّفيّحياتناّاليوميّة‪ّ،‬إضافةّإلىّوضوحهاّفيّالسمعّمقارنةّبالصوامت‪ّ .‬‬

‫ثانيا‪ -‬الفونيمات فوق التركيبية‪Supra segmental phonems :‬‬

‫ّّ ّقبل ّالتعرف ّعلى ّداللة ّهذه ّالفونيمات ّال ّبدّ ّمن ّالتعرف ّعليها ّلتيسير ّالطريق ّأمامّ‬
‫المتلقىّفيّالتعرفّعلىّكنههاّ‪ّ .‬‬

‫ُّّّّي ْعَّّرف ّهذاّالنّوعّمنّالفونيمات ّعندّ(‪ّ)Firth‬ومدرستهّبالبروسيداتّ(‪ّ)Prosodies‬وهيّ‬


‫تلك ّالظواهر ّالصوتيّة ّالتي ّتصاحب ّالكلمات ّالمتّصلة ّأو ّالجمل‪ّ ،‬فيكون ّلها ّدور ّفيّ‬
‫المعنى‪ّ ،‬وأهمّهذهّالمظاهرّالنّبرّ(‪ّ)Stress‬والتنغيم ّ(‪ّ"2.)Intonation‬وهذهّالفونيمات ّالّ‬
‫تظهرّفيّالتركيب‪ّ ،‬وانماّتظهرّلناّمنّخاللّاألداءاتّالمختلفة‪ّ ّ،‬وبماّأنّالنّبرّلهّعالقةّ‬
‫وطيدة ّبمصطلح ّ(المقطع) ّ‪ّ ،‬وكذلك ّألهميّة ّهذا ّاألخير ّفي ّالكشف ّعن ّالقيمة ّالتعبيريّةّ‬
‫برّوالتنغيمّ‪ّ .‬‬
‫للنصوصّاألدبيّةّ‪ّ،‬فسنبدأّبالتعريفّبهّّقبلّمصطلحيّالنّ ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪ّ-1‬المصدرّالسابقّ‪ّ،‬م‪ّ .4744ّ/ّ6‬‬
‫‪ّ-2‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخري‪ّ،‬الداللةّالصوتيّةّفيّاللّغةّالعربيّة‪ّ،‬صّ‪ّ .191‬‬
‫‪33‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪ -1‬المقطع وداللته‪) SYLLABLE( :‬‬


‫أ‪ .‬تعريفه‪:‬‬
‫‪ -‬لغة‪:‬‬

‫طعّهّ‪ّ...‬‬
‫ط َعّهُّّّإيّاهُّ‪ّّ:‬أَذّ َنّّّلَهُّّفيّّقَ ّْ‬
‫ض ّهُّ ّم ْنَّّّب ّْعض‪ّ،‬وّأَّْق َّ‬
‫انَّّب ّْع ُّ‬
‫يء‪َّ:‬ب َّ‬
‫يقولّابنّمنظور‪ّ"ّ:‬تقاطعّالشّ َّ‬
‫طَ ّعُّفيهّالنّهرّمنّ‬
‫الذيّيّْق ّ‬
‫ُّ‬ ‫‪ّ:‬الم ّْوضّ ّعُّ‬
‫طَ ّعُ َّ‬
‫المّْق ّ‬
‫الث ّْوب‪ّ...ّ،‬و َّ‬
‫طَ ّعُّ ّ‬
‫‪ّ:‬مّْق ّ‬
‫‪ّ،‬يقّاَ ُلّ َّ‬
‫طَ ّعُّ َغّ َّاي ّةُّ َّماّّقُطّ َّع ُّ‬
‫المّْق ّ‬
‫و َّ‬
‫المعابر‪ّ .‬‬

‫االبتَّّداءّ‪ّ .‬‬
‫‪ّ:‬مواضّ ّعُّ ّْ‬
‫‪ّ،‬ومبادئ ّهُ َّ‬
‫ُّ‬ ‫اضعّالوقوفّ‬
‫ُّ‬ ‫القُرآنّ‪ّ:‬مو‬
‫ومقَّاطّ ّعُّ ّ‬
‫َّ‬

‫ط َعّ ّةُّمنّالشّيءّّالطائفةّ‬
‫ّمنّغَّنّمّفالن‪ّ،‬والقّ ّْ‬
‫َّ‬ ‫تّّقَطّيعاً‬
‫ط ْعّ ُّ‬
‫ل‪ّ:‬اّْقتَّ َّ‬
‫ط َعّةًّ‪ّ،‬يقا ُّ‬
‫واقتطعتّمنّالشّيءّّّق ّْ‬
‫منه"‪ّ .1‬‬

‫‪-‬اصطالحا‪:‬‬

‫‪-1‬عند العرب‪:‬‬

‫يعتمدّأحمدّمختارّعمرّفيّتعريفّالمقطعّعلىّاتجاهين؛ ّاألولّفونيتيكي ّوالثانيّ‬


‫فونولوجي‪ّ،‬حيثّنجدهّقدمّلناّعدةّتعريفاتّللمقطعّمنّالناحيةّالفونيتيكيةّمنّبينها‪ّ :‬‬

‫‪"-1‬تتابع ّمن ّاألصوات ّالكالمية‪ّ ،‬له ّحد ّأعلى ّأو ّقمّة ّإسماع ّطبيعية ّ(بغض ّالنظر ّعنّ‬
‫العواملّاألخرىّمثلّالنّبرّوالنغمّالصوتي)ّتقعّبينّحدينّأدنيينّمنّاإلسماع‪ّ .‬‬

‫‪-2‬وحدةّمنّعنصرّأوّأكثرّيوجدّخاللهاّنبضةّصدريّةّواحدة‪ّ:‬قمّةّإسماعّأوّبروز‪ّ .2".‬‬

‫فعرفهّ‪ّ :‬‬
‫أماّمنّالناحيةّالفنولوجيةّ ّ‬

‫‪"-1‬الوحدةّالتيّيمكنّأنّتحملّدرجةّواحدةّمنّالنّبر"‪ّ .‬‬

‫‪ّ-1‬ابنّمنظور‪ّ،‬لسانّالعرب‪ّ،‬دارّالمعارفّ‪ّ،‬مادةّ(ّقّطّع)ّمّ‪ّ،6‬صّ‪ّ .3275-3274‬‬
‫‪ّ-2‬أحمدّمختارّعمر‪ّ،‬دراسةّالصوتّاللّغوي‪ّ،‬عالمّالكتب‪ّ،‬القاهرة‪ّ،1997ّ،‬صّ‪ّ .285-284‬‬
‫‪34‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪"-2‬الوحدةّتحتويّعلىّصوتّعلّةّواحدّفقط‪ّ،‬إماّوحدهّأوّمعّسواكنّبأعدادّمعيّنةّوبنظامّ‬
‫معين"‪ّ .1‬‬

‫اللغويّواالصطالحي ّأنهماّيشتركانّفيّمعنىّالقطعّ‬
‫نستخلصّمنّخاللّالتعريفين ّ ّ‬
‫ومن ّخالل ّتعريفات ّ"أحمد ّمختار ّعمر" ّللمقطع ّنفهم ّأنه ّيريد ّبه ّسلسلة ّمن ّالتتابعاتّ‬
‫لألصواتّالصامتةّوالصائتةّتسيرّوفقّنظامّمعين‪ّ،‬وتتمّخاللّنبضةّصدريّةّواحدةّيشعرّ‬
‫ب" ّ‬
‫بهاّالمتكلم‪ّ،‬مثلّالمقطعّ"كّـَ"ّمنّكلمةّ" َّكّتَ َّ‬

‫‪-2‬عند الغرب‪:‬‬

‫‪-‬جون كانتينو‪:‬‬

‫يعرفّالمقطعّبأنه‪ّ"ّ:‬عبارةّعنّسلسلةّمتتابعةّمنّاألصوات ّيتطلبّالقيامّبهاّطائفةّمنّ‬
‫عملياتّاالنفتاحّواالنغالقّفيّجهازّالتصويت‪ّ ..‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّانفتاح ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫انغالق‬

‫ّ‬

‫فاالنغالقّيمثلّقاعدةّالمقطعّوهوّالصامت‪ّ،‬أماّاالنفتاحّفيمثلّقمّتهّوهوّالصائتّ‪ّ .1".‬‬

‫‪ّ-1‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .286‬‬
‫‪35‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫منّهناّيتبيّنّلناّأنّالمقطعّعندهّمتعلّقّبسلسةّاالنفتاحات ّواالنغالقات ّالتيّتحدثّ‬


‫ّمقطعا‪ّ ،‬أماّ‬
‫ًّ‬ ‫على ّمستوى ّجهاز ّالتصويت‪ّ ،‬ويمثل ّاالنغالق ّعند ّقاعدة ّالمقطع ّويشكّل ّلنا‬
‫االنفتاح ّفيمثّل ّلنا ّقمّته‪ّ ،‬ويعطي ّلنا ّالصائت‪ّ ،‬وهذا ّالترتيب ّحسب ّرأيي ّمتعلق ّبدرجةّ‬
‫الوضوحّفيّالسمع‪ّ .‬‬

‫‪-‬هنري فليش‪:‬‬

‫لم ّيضع ّ"هنري ّفليش" ّمفهوماً ّللمقطع‪ّ ،‬لكنه ّتكلّم ّعن ّأنواعه‪ّ ،‬وعن ّخصائصه ّفيّ‬
‫العربيّة ّحيث ّيقول‪...ّ :‬أن ّبداية ّالمقطع ّفي ّالعربيّة ّبصامت ّواحد ّفحسب‪ّ ،‬وينتهي ّإماّ‬
‫بمصوت‪ّ،‬فهوّالمقطعّالمفتوح‪ّ،‬واماّبصامتّواحدّأيضا‪ّ،‬فهوّالمقطعّالمقفل"‪ّ .2‬‬

‫وهناك ّمن ّالعلماء ّالغربيين ّمن ّعرف ّالمقطع ّبصفة ّعامة‪ّ ،‬حيث ّيكون ّصالحاًّ‬
‫يفًاّعامّاّللمقطع‪ّ .‬‬
‫للتطبيقّعلىّجميعّالّلغات‪ّ،‬أيّالّيختصّّبلغةّمعينةّفحسب‪ّ،‬فيعتبرّتعرّ‬

‫"أقول ّإنّ ّالمقطع ّال ّيشكّل ّعنص اًر ّمن ّعناصر ّبناء ّالمعنى ّفي ّالكلمة‪ّ ،‬فعنايته ّبتركيبّ‬
‫الكلمةّفقط ّ تحسينهاّوتعديلهاّلتكونّمعتدلةّمقبولة‪ّ،‬ولكنّماّيعملّعلىّمستوىّالمعنى ّفيّ‬
‫المقطعّهوّالنبرّ(‪ّ .3")Stress‬‬

‫منّخاللّهذاّالتعريفّنرىّأنّالمقطعّليسّلهّداللةّفيّذاتهّوانماّتبرزّداللتهّعندماّيكونّ‬
‫النبرّفيّتقويّةّالمقطعّالمنبورّمقارنةّبالمقاطعّالمجاورةّلهّفينعكسّ‬
‫موضعّنبر‪ّ،‬حيثّ ُيسهمّ ّ‬
‫ذلكّعلىّالمساهمةّفيّتغييرّالداللة‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪ّ-1‬تحسينّعبدّالرضاّالوزان‪ّ،‬الصوتّوالمعنى‪ّ،‬دارّدجلة‪ّ،‬األردن‪ّ،‬ط‪ّ،2011ّ،1‬صّ‪ّ .304‬‬
‫‪ّ-2‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .403‬‬
‫‪ّ-3‬المرجعّنفسه‪ّ،‬الصفحةّنفسها‪ّ .‬‬
‫‪36‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ب‪ .‬أنواع المقاطع في العربية‪:‬‬

‫‪-1‬المقطع القصير‪:‬‬

‫يتكون ّهذاّالنّوع ّمن ّالمقاطعّمن ّصوتّصامت ّتليهّحركةّقصيرة‪ّ،‬ويرمزّلهّعلماءّ‬


‫األصواتّبالرمزّ(ّصّح)‪ّ،‬وهناكّرموزّأخرىّشائعةّفيّالدّرسّالصّوتيّالحديثّمنّبينهاّ‬
‫الرمز[‪ّ،]CV‬ومثاله ّالمقاطعّالثالثة ّفيّكلمةّ(ّكتبّ)ّ‪ّ]ka/ta/ba[ّ ،‬ومنهّكلّفعلّماضّ‬
‫ثالثيّخالّمنّحروفّالمد‪ّ .‬‬

‫‪-2‬المقطع المتوسط‪:‬‬

‫وهو ّذو ّنمطين ّاألول‪ّ :‬صوت ّصامت‪ّ +‬حركة ّقصيرة‪ّ +‬صوت ّصامت ّ(ص ّح ّص) ّأوّ‬
‫]ّومثالهّالمقطعّاألولّفيّيكتبّ[‪ّ]yak/tu/bu‬والثانيّفيّ[‪ّ .]ka/ tab/tu‬‬
‫ّ‬ ‫[‪CVC‬‬

‫النمطّالثاني‪ّ:‬صوتّصامت‪ّ+‬حركةّطويلةّ(ّصّحّحّ)ّأوّ[‪ّ ّ]CVV‬ومثالهّالمقطعّاألولّ‬
‫فيّكاتبّ[‪ّ .]kaa/ti/bun‬‬

‫‪-3‬المقطع الطويل‪:‬‬

‫وهوّثالثةّأنماط‪ّ :‬‬

‫األول‪ّ:‬صوتّصامتّ‪+‬حركةّقصيرة‪ّ+‬صوتانّصامتانّ(صّحّصّصّ)ّأوّ[‪ّ]CVCC‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫ومثاله«ّبرّ»ّبفتحّالباءّأوّكسرهاّأوّضمهاّوتشديدّالراء‪ّ .‬‬

‫‪-‬الثاني‪ ّ:‬صوتّصامت‪ّ+‬حركةّطويلة‪ّ+‬صوتّصامت‪ّ+‬صوتّصامتّ(ّصّحّحّّصّ‬
‫ص)ّ[‪ّ]CVVCC‬ومثالهّالمقطعّالثانيّفيّنحوّمهامّ(‪ّ .)Ma/haamm‬‬

‫‪37‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪-‬الثالث‪ّ :‬صوت ّصامت‪ّ +‬حركة ّطويلة‪ّ +‬صوت ّصامت ّ( ّص ّح ّح ّص) ّأو ّ[‪ّ]CVVC‬‬
‫ومثاله‪ّ:‬المقطعّاألول ّوالثانيّفيّضالينّ[‪ّ .1ّ]Daal/liin‬‬

‫"ومعرفتنا ّألنواع ّالنسيج ّالمستعملة ّفي ّاللّغة‪ّ ،‬يسهّل ّعلينا ّالحكم ّعلى ّنسيج ّالكلمةّ‬
‫العربيّة‪ّ ،‬ونسيج ّما ّليس ّبعربي ّمن ّالكلمات‪ّ ...‬والمرء ّحين ّيعرفها ّيستطيع ّالحكم ّبمجردّ‬
‫النظرّعلىّأنّمثلّالنسيجّالتاليّغيرّعربي"‪ّ ّ.2‬‬

‫ج‪ -‬داللة المقطع‪:‬‬

‫يؤدّيّالمقطعّفيّالكلمةّالعربيّةّدالالتّمتعددة‪ّ،‬تختلفّحسبّطولهّوقصرهّوّكذلكّ‬
‫نوعه‪ّ،‬ومنّبينّدالالتّالمقطعّنذكرّماّيلي‪ّ :‬‬

‫ت‪ّ،‬‬
‫ّتَ َّكّل ّْم َّ‬
‫ت‪ّ ،‬‬
‫ّتَ َّكّل ْمّ ُّ‬
‫‪"-1‬تحديد ّالقيمة ّالداللية ّللمقطع ّالواحد‪ّ ،‬مثل ّتحديد ّداللة ّالتاء ّفي‪ّ :‬‬
‫ّتَ َكّّل ّْمتّ ‪ّ،‬فالتاءّفيّالفعلّاألولّتاءّالفاعلّالمتكلم‪ّ،‬والثانيّللمخاطبّالمذكر‪ّ،‬والثالثّللداللةّ‬
‫علىّالمخاطبةّالمؤنثة‪ّ .‬‬

‫‪-2‬يؤثرّطولّالمقطعّوقصرهّفيّمعانيّالكلمات‪ّ،‬مثل‪ّ:‬ضارب‪ّ:‬صّحّحّ‪ّ+‬ص ّح ّصّ‬
‫ضرب‪ّ:‬صّح‪ّ+‬مّح‪ّ+‬صّح‪ّ .‬‬
‫منّ َّ‬

‫‪-3‬قدّيؤديّطولّالمقطعّإلىّالمبالغة ّفيّالمعنىّمثل‪"ّ:‬هذاّالرجلّطويلّ ّبإشباع ّمدّالياءّ‬


‫أكثرّمنّالمألوفّللداللةّعلىّالطولّغيرّالمألوف‪ّ .‬‬

‫‪-4‬يؤديّطولّالمقطعّإلىّالتأثيرّفيّالمتلقي‪ّ،‬ويتحققّهذاّفيّأصواتّاللّينّ(األلف‪ّ،‬الواو‪ّ،‬‬
‫الياء)‪ّ .‬‬

‫‪-1‬أنظرّكمالّبشر‪ّ،‬علمّاألصوات‪ّ،‬دارّغريبّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬القاهرة‪ّ،‬مصرّط‪ّّ2000،1‬‬
‫صّ‪ّ .511ّ-510‬‬
‫‪-2‬إبراهيمّأنيس‪ّ،‬األصواتّاللغوية‪ّ،‬صّ‪ّ .96‬‬
‫‪38‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪-5‬يشاركّالمقطعّفيّالداللةّالصرفيةّأوّداللةّالمشتقّمثل‪ّ:‬المقطعّالطويلّفيّ"ّقَ ّاتَ َلّ ّ"‪ّ...‬‬


‫للداللةّعلىّاسمّالفاعل‪ّ .‬‬

‫‪-6‬تؤديّزيادةّعددّالمقاطعّإلىّزيادةّالمعنىّمثل‪ّ:‬تخريب‪ّ،‬تعمير"‪ّ .1‬‬

‫اسماّكانتّأوّفعالًّحالةّتجريدهاّمنّاللواحقّ‬
‫فيّاللّغةّالعربيّةّالّتزيدّالكلمةّالمشتقّةّ ًّ‬
‫ّالربط ّبينّ‬
‫على ّأربعة ّمقاطع ّعموما‪"ّ .‬وقد ّدرس ّإبراهيم ّأنيس ّأغراض ّالشّعر‪ّ ،‬وحاول ّ‬
‫ّمطمئنا ّإلى ّأنّّ‬
‫ًّ‬ ‫الغرض ّالشّعري ّوالوزن ّالعروضي ّالمبني ّعلى ّالمقاطع‪ّ ،‬وخرج ّمن ّذلك‬
‫الّكثيرّالمقاطعّيعبّرّبهّعماّيجيشّفيّنفسهّ‬
‫الشّاعرّفيّحالةّيأسهّوجزعهّيفضلّوزًّناّطوي ًّ‬
‫النفسيّالذيّيتطلّبّ‬
‫منّحزنّوجزع‪ّ،‬أمّاّإذاّنظمّشعرهّوقتّالمصيبةّفإنّهّيتأثرّباالنفعال ّ ّ‬
‫بح اًرّقصي اًرّيالءمّزيادةّنبضاتّقلبه"‪ّ .2‬‬

‫ّّّّّّّمن ّخالل ّهذا ّالقول ّنفهم ّأن ّالشاعر ّعند ّنظمه ّلقصيدة ّمعينة ّيختار ّالوزن ّالذيّ‬
‫يتالءم ّوحالته ّالنفسية ّ‪ّ ،‬حيث ّنجده ّعندما ّيكون ّيائسا ّحزينا ّيختار ّاألوزان ّذات ّالمقاطعّ‬
‫الطويلةّ‪ّ،‬أما ّفيّحالةّوقوعهّفيّأزماتّفإنهاّت ّؤثرّفيّنفسيته‪ّ ،‬فيقتضيّذلكّأوزاناّذاتّ‬
‫مقاطعّقصيرةّتتناسبّونبضاتّقلبه ّالسريعة‪ّ .‬وهذهّ"الميزةّالص ّوتيةّاألكثرّبروزاّفيّالنصّ‬
‫األدبي ّالشّعري ّعلىّوجهّالخصوص‪ّ،‬كماّأنّطبيعةّالمقطعّضروريةّجداً ّإلظهارّالمعانيّ‬
‫المختلفةّالتيّيريدهاّالشاعرّمنّخاللّقصيدته‪ّ،‬أضفّإلىّذلكّأنّطولّالمقطعّوقصرهّلهّ‬
‫تأثيرّكبيرّعلىّالمتلقي"‪ّ .3‬‬

‫‪-1‬محمودّعكاشة‪ّ،‬التحليلّاللغويّفيّوضوءّعلمّالداللة‪ّ،‬صّ‪ّ .43ّ،42‬‬
‫‪ّ-2‬إبراهيمّمصطفىّإبراهيمّرجبّ‪ّ،‬البنيةّالصوتيةّودالالتهاّفيّشعرّعبدّالناصرّالصالح‪ّ،‬رسالةّمقدمةّ‬
‫للحصولّعلىّدرجةّالماجستيرّمنّقسمّاللغةّالعربيةّوآدابها‪ّ،‬كليةّاآلدابّفيّالجامعةّاإلسالميةّبغزة‪ّ،‬‬
‫جامعةّالنجاحّالوطنية‪ّ،‬نابلس‪ّ،‬فلسطين‪ّ،2003،‬صّ‪ّ .46‬‬
‫‪ّ-3‬نجيةّعبابو‪ّ،‬التحليلّالصوتيّوالدالليّللغةّالخطابّفيّشعرّالمدح‪ّ،‬ابنّسحنونّالراشدي‪ّ،‬نموذجاّ‬
‫مذكرةّمعدّةّلنيلّشهادةّالماجستيرّفيّاللّغةّالعربيّةّوآدابها‪ّ،‬كليّةّاآلدابّواللّغات‪ّ،‬جامعةّحسيبةّبنّ‬
‫بوعلي‪ّ،‬الشلف‪ّ،2009ّ،‬صّ‪ّ .84‬‬
‫‪39‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫وبالتاليّيمكنّالقولّأنّدراسةّالمقطعّفيّالعربيّةّضروريّةّألنهّيساهمّفيّإبرازّالمعانيّ‬
‫المختلفةّللكالمّالمنطوقّخاصةّالشعريّمنه‪ّ،‬باإلضافةّإلىّأن ّكلّنوعّمنّأنواعهّيحملّ‬
‫ّأساسا ّإلكساب ّالنّطق ّالسليم‪ّ ،‬ومن ّثمّ ّتحليل ّكلماتّ‬
‫ًّ‬ ‫داللة ّمعينة‪ّ ،‬ودراسة ّالمقطع ّتعتبر‬
‫ّبنى ّالنسيج ّالمقطعي ّأمرّ ّالبدّ ّمنه ّقبل ّدراسة ّباقي ّالفونيمات ّفوقّ‬
‫اللّغة‪ّ ،‬والتعرف ّعلى ُّ‬
‫التركيبية‪ّ .‬‬

‫‪ -2‬النبر ودالالته‪Stress:‬‬

‫يتألّفّالكالمّالعربيّمنّمقاطعّصوتيّةّمتتابعةّومتفاوتةّمنّحيثّالطولّوالقصرّوالمدةّ‬
‫الزمنيّة‪ّ،‬وعندماّينطقّشخصّمعيّنّبكلمةّفإنهّيميلّإلىّالضّغطّعلىّأحدّمقاطعهاّفيجعلهّ‬
‫بار اًزّّواضحاًّفيّالسمعّمقارنةّبالمقاطعّالمجاورةّله‪ّ،‬وهذاّماّيعرفّعندّعلماءّاألصواتّب ــّ‬
‫لناّأنّنعرفّبهذهّالظاهرةّالصوتيّة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫وقبلّالتعرفّعلىّمواقعهّودالالتهّالبدّّ‬
‫ّ‬ ‫"النبر"‬

‫أ‪ -‬تعريف النبر‪:‬‬

‫‪-‬لغة‪:‬‬

‫النبرّفيّاللّغة‪"ّ:‬إبرازّأحدّمقاطعّالكلمةّعندّالنطق‪ّ.‬والنّبرةّكلّمرتفعّمنّالشيء‪ّ .‬‬

‫والهمزة ّرفع ّالصوت ّحين ّالنّطق ّبالكلمة‪ّ ،‬وقد ّيكون ّباالعتماد ّعلى ّحرف ّمن ّحروفهاّ‬
‫اللهجات"‪ّ .1‬‬
‫وباختالفّموضعّالنّبرّمنّالكلمةّتميزّ ّ‬

‫ّهمزهّ‪ّ .2"ّ.‬‬
‫الحرفّينُّبُّرهُّّنب اًر ّ‬
‫ّْ‬ ‫ر‪ّ:‬مصدرّنَّب َّرّ‬
‫َّ‬ ‫و"كلّّ َشّيءّرفعّشيئاً‪ّ،‬فقدّنبره‪ّ،‬والنّّْب‬

‫من ّخالل ّهذين ّالتعريفين ّنالحظ ّأنّهما ّيحمالن ّمعنى ّالرفع ّالذّي ّيتّفق ّبدوره ّمعّ‬
‫معنىّالهمزّوهوّالنّطقّبالكلمةّبصوتّفيهّارتفاعّوعلّو‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫‪ّ-1‬ناصرّسيدّأحمدّوآخرونّ‪ّ،‬معجمّاللّغةّالعربيّةّبالقاهرة‪ّ،‬المعجمّالوسيط‪ّ،‬مكتبةّالشرقّالدوليةّّ‬
‫مصر‪ّ،‬ط‪ّ،2004ّ،4‬مادةّّ(ن‪ّ،‬ب‪ّ،‬ر)‪ّ،‬صّ‪ّ .897‬‬
‫‪ّ-2‬ابنّمنظور‪ّ،‬لسانّالعرب‪ّ،‬دارّالمعارفّ‪ّ،‬مادةّ(ن‪ّ،‬ب‪ّ،‬ر)‪ّ،‬م‪ّ،1‬صّ‪ّ .4323‬‬
‫‪40‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪-‬اصطالحا‪:‬‬

‫يعرفهّ"تمامّحسان"ّبقوله‪"ّ:‬ازديادّوضوحّجزءّمنّأجزاءّالكلمةّفيّالسمعّعنّبقيّةّماّ‬
‫حولهّمنّأجزائها"‪ّ .1‬‬

‫والنّبرّعندّ"إبراهيمّأنيس" ّهو‪"ّ:‬نشاطّفيّجميعّأعضاءّالنّطقّفيّوقتّواحد ّفعندّ‬


‫النطقّبمقطعّمنبور‪ّ،‬نلحظّأنّجميعّأعضاءّالنطقّتنشطّغايةّالنشاط‪ّ .2"...‬‬

‫ّّّيفهمّمماّسبقّأنّالّنبرّالّيقعّعلىّجميعّأجزاءّالكلمةّوانماّيقعّعلىّمقطعّمنّمقاطعهاّ‬
‫بحيثّيحدثّلهّنوعاّمنّالبروزّمقارنةّمعّباقيّأجزائهاّوّتشتركّفيّحدوثهّجميعّأعضاءّ‬
‫ًّ‬
‫الجهازّالنطقي‪ّ .‬‬

‫النبرّهيّنظرةّتوفيقيةّتجمعّبينّماّقالهّالقدماءّوالمحدثونّحيثّ‬
‫ونظرةّالغربيينّإلىّ ّ‬
‫ّتصور ّاللّغويينّ‬
‫ّ‬ ‫ّالتصور ّالحديث ّلفكرة ّالنّبر ّعن‬
‫ّ‬ ‫يقول ّعنه ّ"برتيل ّمالمبرج"‪"ّ :‬لم ّيختلف‬
‫ا‪ّ،‬فقدّتصورّأصحابّالمعاجمّالنّبرّعلىّأنّهّ(ضغطّالمتكلّمّعلىّالحرف)ّ‬
‫ّ‬ ‫القدماءّلهّكثير‬
‫ًّ‬
‫ونظمّالمحدثونّعلىّهذاّالمعنىّحينّخصّوهّبالمقطع‪ّ،‬والمقطعّتقسيمّحديثّللحدثّاللّغويّ‬
‫برّنظاماّتخضعّلهّمواضعه‪ّ،‬ولمّ‬
‫ًّ‬ ‫لمّيمارسهّالقدماءّ‪ّ ....‬غيرّأنّالقدماءّلمّيتصورواّللنّ‬
‫يدركوه ّكظاهرة ّذات ّتأثير ّفي ّنسق ّاللّغة ّالمنطوقة‪ّ ،‬وهذا ّما ّبرز ّفيه ّالمحدثون ّمنّ‬
‫اللّغويين"‪ّ .3‬‬

‫منّخاللّقولّ"بّرتيل" ّنالحظّأنهّقارنّبينّنظرةّالقدماءّوالمحدثينّللنّبرّحيثّأقرّ‬
‫بوجودّهذهّالظاهرةّعندّالقدماءّمنّخاللّتفحصهّلمعاجمهمّإال ّأنهّوجدّاختالفا ّيكمنّفيّ‬
‫أن ّالمحدثين ّخصّوه ّبالمقطع ّوهو ّتقسيم ّحديث‪ّ ،‬وكذلك ّفإن ّالقدماء ّلم ّيضعوا ّله ّقواعدّ‬

‫‪ّ-1‬تمامّحسان‪ّ،‬اللّغةّالعربيّةّمعناهاّومبناها‪ّ،‬مطبعةّالنجاحّالجديدة‪ّ،‬الدارّالبيضاء‪ّ،‬المغرب‪ّ،‬دّط‪ّ،‬دّ‬
‫ت‪ّ،‬صّ‪ّ .171‬‬
‫‪ّ-2‬إبراهيمّأنيس‪ّ،‬األصواتّاللّغويّة‪ّ،‬صّ‪ّ .97‬‬
‫‪ّ-3‬بّرتيلّمالمبرحّ‪،‬علمّاالصواتّ‪ّ،‬ترجمةّعبدّالصبورّشاهين‪ّ،‬مكتبةّالشباب‪ّ،‬القاهرةّ‪ّّّّّّ1984ّ،‬‬
‫صّ‪ّ .200‬‬
‫‪41‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ونظامّاّيخضعّإليه ّمثلماّفعلّالمحدثون‪ّ،‬وهذا ّماّجعلهم‪ّ،‬يختلفونّعنهمّويتميّزون ّفيّهذاّ‬


‫الميدان‪ّ .‬‬

‫ّّّّّويقسّمهّ"تمامّحسان"ّإلىّنوعينّحيثّيقول‪ّّ"ّ:‬ثَمّةّنوعينّمنّالنّبر‪ّ :‬‬

‫‪-1‬نبرّالقاعدةّأوّنبرّالنظامّالصرفيّالذيّنسبناهّإلىّالصيغةّالصرفيةّالمفردةّوالكلمةّالتيّ‬
‫تأتيّعلىّمثلّهذهّالصيغة‪ّ،‬وهذاّالنبرّصامت‪ّ .‬‬

‫‪-2‬نبرّاالستعمالّأوّنبرّالكالمّوالجملّالمنطوقة‪ّ،‬وهذاّنبرّلهّأثرّسمعيّيرجعّإلىّأسبابّ‬
‫عضويةّمحدّدة‪ّ .1"...‬‬

‫من ّخالل ّهذين ّالنّوعين ّنلحظ ّأنّ ّ"تمّام ّحسان" ّجعل ّدائرة ّالنّبر ّواسعة‪ّ ،‬حيث ّإنّهّ‬
‫جعلّللنّبرّنوعين‪ّ،‬نبرّصرفيّيتعلّقّبالكلمة‪ّ،‬ونبرّعلىّمستوىّالجملةّلهّأثرّسمعيّيرجعّ‬
‫إلىّأسبابّعضويةّترجعّإلىّزيادةّالضّغطّعلىّمقطعّمنّمقاطعّالكلمةّفيّالجملة‪ّ .‬‬

‫‪-1‬نبر الكلمة‪:‬‬

‫ّّّ"وهوّالنّبرّالذيّيقعّعلىّمقطعّمنّمقاطعهاّوتتفاوتّدرجتهّحسبّصفةّالنطقّوتجاورّ‬
‫المقاطع‪ّ،‬ودالالتهاّعلىّالمعنى‪ّ .‬‬

‫سياقيا ّيتعلّق ّبتركيبّ‬


‫ّونبر ّ ًّ‬
‫وقد ّرأى ّعلماء ّالعربيّة ّأنّ ّفيها ّنب ّاًر ّصرفيّاً ّيتعلق ّبالكلمة ًّا‬
‫الجملة"‪ّ .2‬‬

‫تكلمناّآنفاّعنّنبرّالكلمةّوقلناّإنّّهذاّالنّوعّمنّالنّبرّيكونّعلىّأحدّمقاطعّالكلمةّ‬
‫وهوّالذيّ–بدوره‪ّ-‬ينعكسّعلىّداللتها‪ّ،‬والنّبرّكماّيراهّعلماءّالعربيّةّينقسمّإلىّنوعين؛ّنبرّ‬
‫صرفيّونبرّسياقيّيقعّعلىّمستوىّالجملة ّ‬

‫‪-‬النبر الصرفي‪:‬‬

‫‪ّ-1‬تمامّحسان‪ّ،‬اللغةّالعربيةّمعناهاّومبناها‪ّ،‬صّ‪ّ .172‬‬
‫‪-2‬محمودّعكاشة‪ّ،‬التحليلّاللّغويّفيّضوءّعلمّالداللة‪ّ،‬صّ‪ّ .43‬‬
‫‪42‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ّّ"وهوّيختصّبالميزانّالصرفي ّأي ّالّيختصّبمثال ّمعيّن‪ّ،‬وانّماّيكونّاختصاصهّ‬


‫كلّمثالّجاءّعلىّهذاّالوزنّأو ّذاك‪ّ،‬فوزنّ(فاعل) ّيقعّالنّبرّفيهّعلىّالفاء‪ّ،‬ومعنىّهذاّ‬
‫أن ّكل ّكلمة ّجاءت ّعلى ّهذا ّالوزن ّيقع ّعليها ّالنّبر ّبالطريقة ّنفسها ّمثل ّ‪ّ (:‬قاتل‪ّ،‬‬
‫كاتب‪ّ .1")...‬‬

‫النبرّالذيّيتعلّقّبالمي ازنّالصرفيّلهّقواعدّثابتةّيستقرّّ‬
‫ّّانطالقا ّمماّتقدّمّنفهمّأنّ ّ ّ‬
‫عليها‪ّ ،‬ومثال ّذلك ّالكلمات ّالتي ّتأتي ّعلى ّوزن ّ"فاعل" ّكلها ّيكون ّالنّبر ّفيها ّعلى ّالفاءّ‬
‫وكذلكّسائرّاألوزانّفإنّلهاّقواعدّثابتةّتقومّعليهاّفيّمعرفةّمواضعّالنبر‪ّ .‬‬

‫‪ّ،‬أسد"ّ(منّالسداد)ّمنّكلمةّ‬
‫وكذلكّنجدّأنّالنّبرّيفّرقّبينّداللةّالكلماتّمثل‪"ّ:‬أسدّ ّْ‬
‫"أسد" ّ(اسم ّحيوان ّ) ّتتشابهان‪ّ ،‬عند ّالوقوف ّعليهما ّبالسكون‪ّ ،‬وال ّيكادان ّيتميزان ّعنّ‬
‫بعضهماّبعضاّإالّّبموضعّالنّبر‪ّ 2"...‬‬

‫نّلمواضعّالنّبرّدخلّفيّداللةّالكلمات‪ّ،‬ففيّالكلمةّاألولىّيقعّ‬
‫ومنّهناّ ّيتضحّلناّأ ّ‬
‫النّبر ّعلى ّالمقطع ّالثاني ّ وبالتالي ّيكون ّمعنى ّالكلمة ّالسداد‪ّ ،‬وفي ّالكلمة ّالثانية ّيكونّ‬
‫وفقًاّللقاعدةّ‬
‫مقطعّاألولّوالتي ّتعنيّاألسدّالحيوانّالذيّنعرفهّوذلكّ ّ‬
‫ّ‬ ‫موضعّالنّبرّعلىّال‬
‫التيّوضعهاّعلماءّاألصوات‪ّ .‬‬

‫‪-2‬نبر الجملة‪:‬‬

‫كلماتهاّالمكونةّلها‪ّ ،‬وذلكّبزيادةّ‬
‫ّ‬ ‫النبرّيكونّعلىّكلمةّمنّ‬
‫ّونعنيّبنبرّالجملةّأنّ ّ ّ‬
‫ويعرفّبأنه‪"ّ :‬النبرّالذيّيشاركّ‬
‫الضغطّعلى ّمقطعّمنّمقاطعها‪ّ ،‬وليسّعلىّالجملةّكلها ّ ّ‬
‫فيّداللةّالجملةّعنّطريقّسياقّاألداء‪ّ،‬وهوّأيضاّيقعّفيّنطاقّمقاطعّالكلمة‪ّ،‬لكنّداللةّ‬
‫التركيبّتؤثرّفيّموقعهّمنّكلماتّالجملة‪ّ .‬‬

‫‪-1‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيّةّفيّاللّغةّالعربيّةّ‪ّ،‬ص‪ّ .194‬‬
‫‪ّ-2‬محمودّعكاشة‪ّ،‬التحليلّاللغويّفيّضوءّعلمّالداللةّ‪ّ،‬صّ‪ّ .46‬‬
‫‪43‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ويتمثل ّنبر ّالجملة ّفي ّعنايتها ّبنطق ّلفظ ّفيها ّأو ّحرف ّوابراز ّدوره ّفي ّالجملةّ‬
‫فيا ّفي ّالتركيب ّيوثر ّفيّ‬
‫ّدور ّ ّوظي ًّ‬
‫ّقوة ّالصّوت ّفي ّاألداء‪ّ ،‬ليؤدي ًّا‬
‫بإعطائه ّمزيدا ّمن ّ‬
‫داللته‪ّ 1"...‬‬

‫ونبرّالجملةّإمّاّأنّّيكونّسببهّتأكيدياّأوّتقريريا‪ّ،‬والفرقّبينهماّيكمنّفيّنقطتين‪ّ :‬‬

‫"أ‪-‬تكونّدفعةّالهواءّأقوىّفيّالنّبرّالتأكيديّمنهاّفيّالنبرّالتقريري‪ّ .‬‬

‫ب‪-‬يكونّالصوتّفيّالتأكيدّأعلىّمنهّفيّالتقرير‪ّ،‬ويمكنّأنّيقعّهذاّالنّوعّعلىّأيّمقطعّ‬
‫الكالميةّكيفماّكانتّوأينماّوقعت‪ّ 2"...‬‬
‫ّ‬ ‫منّالمجموعةّ‬

‫نفهم ّمن ّخالل ّهذا ّالقول ّأنّ ّدفعة ّالهواء ّفي ّالنّبر ّالتأكيدي ّأكبر ّمنها ّفي ّالنّبرّ‬
‫وتّفيّاألولّتكونّأقوىّمنهاّفيّالثاني‪ّ،‬وهذاّاألخيرّيمكنّأنّ‬
‫ّ‬ ‫التقريريّوكذلكّدرجةّالصّ‬
‫يقعّعلىّأيّمقطعّفيّالكلمةّأينماّوجدت‪ّ،‬ويشاركّهذاّالنّوع ّمن ّ ّالنبرّفيّداللةّالجملةّ‬
‫كمايلي‪ّ :‬‬

‫‪-1‬التفريق بين معنى ونقيضه‪ ،‬مثل‪:‬‬

‫‪-‬هذاّماّقلتهّ(الجملةّالمنفية)‪ّ .‬‬

‫‪-‬هذاّماقلتهّ‪(ّ،‬جملةّمثبتة)‪ّ .‬‬

‫ّّّّّوقع ّالنبر ّعلى ّ"ما" ّفي ّالجملة ّاألولى‪ّ ،‬فأبرز ّداللتها ّفي ّالتركيب‪ّ ،‬فأعطت ّمعنىّ‬
‫النّفي‪ّ،‬ووقعّنبرّالجملةّفيّالجملةّالثانيةّعلىّ"قلته"ّفدلّعلىّاسمّموصولّبمعنىّالذي‪ّ ّّ.‬‬

‫‪-2‬إظهار بعض األدوات والكلمات في الجمل مثل‪ّ :‬أدوات ّاالستفهام ّوالنداء ّوأدوات ّالنّفيّ‬
‫والنّهي‪ّ،‬فالنّبرّيقعّعليهاّإلظهارّوظيفتهاّفيّالتركيب‪ّ .‬‬

‫‪-1‬المرجعّالسابقّ‪ّ،‬ص‪ّ .46‬‬
‫‪-2‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيةّفيّاللغةّالعربية‪ّ،‬صّ‪ّ .194‬‬
‫‪44‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫‪-3‬تحديد المعنى المراد‪ ،‬واإلخبار عنه‪ ،‬مثل‪"ّ:‬محمدّفيّالدار"‪ّ.‬جوًّابا ّلسؤالّ"أينّمحمد؟"ّ‬


‫وقعّالنّبرّعلىّالخبر‪ّ،‬ألنهّهوّالمستفهمّعنهّوالمرادّاإلخبارّعنه‪ّ .1".‬‬

‫ب‪ -‬قوانين النبر‪:‬‬

‫ثابتًا‪ّ،‬لهّقانونّخاصّكاللّغةّالتشيكيةّالتيّ‬
‫أماّعنّقوانينّالنّبرّف ـ ـ ّ"قدّيكونّالنّبرّ ّ‬
‫ّالفرنسيون ّآخر ّالكلمات‪ّ،‬‬
‫ينبر ّأصحابها ّبداية ّكلّ ّكلمة‪ّ ،‬واللّغة ّالفرنسية ّالتي ّينبر ّمنها ّ‬
‫اللغةّالعربيّةّإلىّقائمةّاللّغاتّثابتةّالنّبر‪ّ،‬وذلكّأنّهاّتخضعّلقانونّخاصّّيبيّنّ‬
‫ويمكنّضمّّ ّ‬
‫موضع ّالنّبر ّمن ّالكلمة‪ .‬ويكون ّالنّبر ّح اًر ّفي ّلغات ّأخرى ّكاللّغتين ّاإلنجليزية ّواإليطاليةّ‬
‫اّداللياّفيّهاتينّاللغتينّ‪2"...‬ومنهّيتضحّلناّأن ّمواقعّالنبرّتختلفّ‬
‫حيثّيلعبّالنبرّدور ًّ‬
‫ًّ‬
‫منّلغةّإلىّأخرىّ‪ّ،‬والعربيةّمنّبينّاللغاتّالثابتةّالنبر‪ّ ّ.‬‬

‫وقانونّالنّبرّفيّاللّغةّالعربيّةّحسبّالقاعدةّالتيّوضعهاّ"إبراهيمّأنيس"ّكماّيلي‪ّ ّ:‬‬

‫الً ّبالنظرّإلىّالمقطعّاألخيرّفإذاّوجدناهّمنّ‬
‫"لمعرفةّموضعّالنّبرّمنّالكلمةّالعربيّةّنبدأّأوّ‬
‫النّوعّالرابعّوالخامس‪ّ،‬فهوّإذنّالمقطعّالهامّّالذيّيحملّالنّبر‪ّ،‬والّيكونّهذاّكماّأشرتّآنفاّ‬
‫إال ّفي ّحالة ّالوقف‪ّ .‬فالنّبر ّفي ّالكلمة ّالعربيّة ّال ّيكون ّعلى ّالمقطع ّاألخير ّإالّ ّفي ّحالةّ‬
‫الوقفّوحينّيكونّالمقطعّمنّالنّوعّالرابعّوالخامس‪ّ 3"...‬‬

‫وبهذهّالقاعدةّيكونّأنيسّقدّاختصرّلناّالطريقّإلى ّمعرفةّالمقطعّالمنبورّوسهّلّعليناّ‬
‫معرفةّمواضعه ّ‪ّ ،‬حيثّفصلّلناّمواضعهّبكلّدقةّ ّوبيّنّلناّأينّيقعّوماّهيّالحاالتّالتيّ‬
‫يقعّفيها‪ّ،‬وهذاّدليلّكافّعلىّالمجهودّالذيّتركهّللّغةّالعربيّة ّوالذيّبدورهّساهم ّفيّث ارءّ‬
‫مدلوالتهاّوتوسيعّأفكارها‪ّ .‬‬

‫‪ -3‬التنغيم وداللته‪)Intonation( :‬‬

‫‪-1‬محمودّعكاشة‪ّ،‬التحليلّاللغويّفيّضوءّعلمّالداللة‪ّ،‬صّ‪ّ .47‬‬
‫‪-2‬إبراهيمّمصطفىّإبراهيمّرجب‪ّ،‬البنيةّالصوتيةّودالالتهاّفيّشعرّعبدّالناصرّالصالحّ‪ّ،‬صّ‪ّ .51‬‬
‫‪ - 3‬إبراهيم أنيس ‪ ،‬األصوات اللغوية ‪ ،‬ص ‪. 101‬‬
‫‪45‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫ّيعتبرّالتّنغيمّمنّالفونيماتّفوقّالتركيبيةّالتيّتصاحبّالكالم‪ّ،‬ولهاّأثرّعلىّالداللةّوفيماّ‬
‫يليّنقومّبالتعرفّعلىّهذهّالظاهرة‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫أ‪-‬تعريفه‬

‫‪-1‬لغة‪:‬‬

‫الج ّْمعُّّ‬
‫اءةّ ّوغيرها‪ّ...‬و َّ‬
‫ن ّالصّوتّ ّفيّالقّر َّ‬
‫س ُّ‬
‫س ّال َّكلّ َمّةّ َّّو ُحّ ّْ‬
‫‪ّ:‬جّْر ُّ‬
‫جاءّفيّاللّسان‪"ّ:‬النّ ّْغ َمّةُّ َّ‬
‫َّن َغّّم"‪ّ .1‬‬

‫‪-2‬إصطالحا‪:‬‬

‫عدّإبراهيمّأنيسّأولّمنّأدخلّمصطلحّالتّنغيمّفيّالّلغةّالعربيّةّوأطلقّعليهّتسميّةّ‬
‫ُّي ّ‬
‫"موسيقىّالكالم"‪ّ،‬حيثّقال‪"ّ:‬برهنتّالتجاربّالحديثةّعلىّأنّ ّاإلنسانّحينّينطقّبلغتهّالّ‬
‫اتّالتيّيتكونّمنهاّالمقطعّ‬
‫ّ‬ ‫يتبعّدرجةّصوتيّةّواحدةّفيّالنّطقّبجميعّاألصوات‪ّ،‬فاألصو‬
‫الواحدّتختلفّفيّدرجةّالصّوتّوكذلكّالكلماتّتختلفّفيهاّ‪ّ .2"...‬‬

‫ّّّويعرفه ّ"ماريو ّباي" ّبقوله‪"ّ :‬أمّا ّالتنغيم ّفهو ّعبارة ّعن ّتتابع ّالنغمات ّالموسيقيّة ّأوّ‬
‫اإليقاعاتّفيّحدثّكالميّمعيّن"‪ّ .3‬‬

‫من ّخالل ّهذين ّالتعريفين ّيتضح ّلنا ّأن ّالتّنغيم ّعبارة ّعن ّتتابع ّنغمات ّموسيقيةّ‬
‫ويضيف ّ"إبراهيمّأنيس" ّأن ّهذهّالنغماتّالّتكونّعلىّدرجةّواحدةّمنّالصوت ّالتيّتكونّ‬
‫علىّمستوىّالمقاطعّوكذلكّالكلماتّفيّحالةّتنغيمّالجملّوانّماّتكونّبدرجاتّمتفاوتة‪ّ .‬‬

‫ب‪ -‬داللة التنغيم‪:‬‬

‫‪ّ-1‬ابنّمنظور‪ّ،‬لسانّالعرب‪ّ،‬دارّالمعارفّ‪ّ،‬مادةّ(ن‪ّ،‬غ‪ّ،‬م)ّ‪ّ،‬مّ‪ّ،ّ6‬صّ‪ّ .4490‬‬
‫‪-2‬إبراهيمّأنيس‪ّ،‬األصواتّاللغوية‪ّ،‬صّ‪ّ .103‬‬
‫‪-3‬ماريوّباي‪ّ،‬أسسّعلمّاللغة‪ّ،‬ترجمةّوتعليقّأحمدّمختارّعمر‪ّ،‬عالمّالكتب‪ّ،‬القاهرة‪ّ،‬ط‪ّ،1998ّ،8‬‬
‫صّ‪ّ .93‬‬
‫‪46‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫احدةّوهذاّالتدرجّفيّ‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانّحينّينطقّبمقاطعّأوّكلماتّمعيّنةّفإنهّالّيتبعّدرجةّو‬
‫النغماتّالّيكونّهكذاّعبث ًا ّوانماّيقصدّمنّوراءّذلك ّتوصيلّداللةّمعيّنة‪ّ،‬وهذهّالظاهرةّ‬
‫ليستّجديدةّوانّماّتعودّجذورهاّإلىّالقرنّالرابعّهجري‪ّ،‬والتيّتفطّنّإليهاّعلماؤناّالقدامى‪ّ،‬‬
‫حيث ّأنهم ّاكتشفوا ّأنّاإلنسانّحينّينطقّالّيتبعّدرجةّمعينةّمنّالصّوت‪ّ ،‬وانما ّيمطلونّ‬
‫في ّكالمهم ّ‪ّ ،‬ومن ّذلك ّقول"ابن ّجني" ّفي ّكتابه ّ"الخصائص"‪"ّ :‬وقد ّحذفت ّالصّفة ّودلتّ‬
‫الحالّعليها‪ّ.‬وذلكّفيماّحكاهّصاحبّالكتابّمنّقولهم‪ّ":‬سيرّعليهّليل‪ّ،‬وهمّيريدون‪ّ:‬ليلّ‬
‫طويل‪ّ.‬وكأن ّهذاّإنّماّحذفت ّفيهّالصفةّلماّدل ّمنّالحالّعلىّموضعها‪ّ،‬وذلكّأنكّتحسّ‬
‫فيّكالمّالقائلّلذلكّمنّالتطويح ّوالتطريحّوالتفخيمّوالتعظيمّماّيقومّمقامّقوله‪ّ:‬طويلّأوّ‬
‫نحو ّذلك‪ّ ،‬وأنت ّتحسّ " ّهذا ّمن ّنفسك ّإذا ّتأملته‪ّ ،‬وذلك ّأن ّتكون ّفي ّمدح ّإنسان ّوالثناءّ‬
‫ّقوة ّاللّفظ ّب(اهلل) ّهذه ّالكلمة‪ّ ،‬وتتمكن ّفي ّتمطيطّ‬
‫عليه‪ّ ،‬فتقول ّكان ّواهلل ّرجال‪ّ :‬فتزيد ّفي ّ‬
‫يماّأوّنحوّذلك‪ّ 1"...‬‬
‫أوّشجاعاّأوّكر ًّ‬
‫ًّ‬ ‫الًّ‬
‫الًّفاض ّ‬
‫الالّمّواطالةّالصوتّبهاّ(وعليها)ّأيّرج ّ‬

‫والتّنغيمّيختلفّمنّلغةّإلىّأخرىّحيثّإنهّ"فيّبعضّاللّغاتّذوّقيمةّدالليّةّتعادلّ‬
‫تماما ّأصواتّالعلّ ةّوالسواكن‪ّ،‬فالصينيةّيمكنّأنّتنطقّبكلمةّواحدةّبألحانّمختلفةّفيؤديّ‬
‫ًّ‬
‫هذا ّاالختالف ّفي ّاأللحان ّإلى ّاختالف ّالمعاني‪ّ ،‬من ّذلك ّكلمة ّ‪ّ Kan Sru‬إذا ّنطقناهاّ‬
‫بألحانّمختلفةّفتعنيّمرةّ"ّرجل"ّوأخرىّ"ّحظ ًا ّسعيداً"‪ّ،‬وثالثةّ"مقرّالوالي"ّورابعةّ"ّغنّي"ّ‬
‫نغيمّإلىّتحولّالجملةّمنّالداللةّعلىّالتقريرّإلىّ‬
‫ّ‬ ‫وهكذا‪ّ،‬وفيّالفرنسيةّيؤديّالتغييرّفيّالتّ‬
‫أماّفيّالعربيةّتستغنيّعنهّباألدواتّوعالماتّاإلعراب‪ّ 2"...‬‬
‫الداللةّعلىّاالستفهام‪ّ ّ...‬‬

‫التنغيم ّفي ّبعض ّاللّغات ّذا ّقيمة ّتمييزية‪ّ ،‬وفي ّالمقابل ّفيّ‬
‫من ّهنا ّيتّضح ّلنا ّأنّ ّ ّ‬
‫بعضّاللّغاتّاألخرىّالّتكونّلهُّهذهّالوظيفةّمثلّاللّغةّالعربيّة‪ّ،‬لكنّحسبّرأييّهذاّاألمرّ‬
‫يدعوّإلىّالنقاش‪ّ ،‬والدليلّعلىّذلكّماّتركهّلناّعلماءّاللّغةّأمثالّ"ابن ّجني"‪ّ،‬وقدّضربّ‬

‫‪ّ-1‬ابنّجني‪ّ،‬الخصائص‪ّ .371-ّ370/2ّ،‬‬
‫‪ّ-2‬صالحّسليمّعبدّالقادرّالفاخريّ‪ّ،‬الداللةّالصوتيةّفيّاللغةّالعربيةّ‪ّ،‬صّ‪ّ .199‬‬
‫‪47‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫لنا ّأمثلة ّمن ّكتابه" ّالخصائص" ّتدلّ ّعلى ّأنّ ّعلماءنا ّالقدامى ّكانوا ّعلى ّوعي ّتام ّبهذهّ‬
‫الظاهرة‪ّّ،‬وأنهاّتلعبّدو اًرّكبيراّفيّتغييرّالداللة‪ّ،‬لكنّماّكانّينقصهمّفقطّهوّالتنظير‪ّ .‬‬

‫ّويختلفّالنّبرّعنّالتّنغيمّفيّكونّالنّبرّيكونّعلىّمستوىّالكلمة‪ّ،‬أمّاّالتنغيمّفيكونّ‬
‫علىّمستوىّالجملة‪ّ،‬لكنّيعتبرّكلّمنهماّمكمالً ّلآلخر‪ّ ،‬والفصل ّبينهماّالّيمكنّأنّيكونّ‬
‫إالّلغرضّالدراسةّفقط‪ّ .‬‬

‫وللتنغيمّوظائفّمختلفةّمنها‪ّ"ّ:‬أدائية‪ّ،‬نحوية‪ّ،‬داللية‪ّ،‬تعبيريةّأوّانفعالية‪ّ .‬‬

‫‪-1‬الوظيفة األدائية‪:‬‬

‫ّّونعنيّبهاّكيفيةّنطقّالكلمةّبحسبّالنظامّالموجودّفيّكلّلغةّوالمتعارفّعليهّ‬
‫وهذاّالنظامّلوّحرفناهّالختلّنظامّهذهّاللغة‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫‪-2‬الوظيفة الداللية‪:‬‬

‫يؤدي ّالتنغيم ّدالالت ّمختلفة ّحسب ّالموقف ّالذي ّوجد ّفيه‪ّ ،‬فتنطق ّالجملة ّبنغماتّ‬
‫مختلفة‪ّ ،‬وهذا ّتفطن ّإليه ّالدكتور ّرمضان ّعبد ّالتواب ّحين ّقال‪"ّ :‬أما ّالتنغيم‪ّ ،‬فهو ّرفعّ‬
‫الصوتّوخفضهّفيّأثناءّالكالمّ للداللةّعلىّالمعانيّالمختلفةّللجملةّالواحدة‪ّ،‬كنطقناّلجملةّ‬
‫ّيفرق ّبينّ‬
‫مثل‪"ّ :‬ال ّيا ّشيخ" ّللداللة ّعلى ّالنفي ّأو ّالتهكم‪ّ ،‬أو ّاالستفهام‪ّ ،‬وغير ّذلك‪ّ ،‬وهو ّ‬
‫الجملّاالستفهامية ّ والخبرية‪ّ،‬فيّمثل‪"ّ:‬شفتّأخوك"ّفإنكّتالحظّنغمةّالصوتّتختلفّفيّ‬
‫نطقهاّلالستفهام‪ّ،‬عنهاّفيّنطقهاّلإلخبار"‪ّ .1‬‬

‫منّخاللّهذاّالقولّيتّضحّلناّأنّالتّنغيمّيكشفّعن ّمقاصد ّالمتكلمينّوعنّنواياهمّ‬


‫أثناء ّنطقهم ّللجمل ّوفق ّنغمات ّمختلفة ّفجملة ّ"ال ّشيخ" ّتحمل ّدالالت ّمتعددة‪ّ ،‬قد ّتكونّ‬
‫للنفيّأوّالتهكمّأوّاالستفهام ّوغيرها‪ّ،‬ويفرقّبينّالجملةّالخبريةّواالستفهامية‪ّ ،‬فمثالّجملةّ‬

‫‪ّ-1‬رمضانّعبدّالتواب‪ّ،‬المدخلّإلىّعلمّاللغةّومناهجّالبحثّاللغوي‪ّ،‬صّ‪ّ .106‬‬
‫‪48‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫"شفتّأخوك"ّقدّتكونّاستفهاما ّأي‪ّ :‬رأيتّأخوكّأم ّلمّتره؟ ّوقدّتكونّخبرية‪ّ ،‬المرادّمنهاّ‬


‫مجردّاإلخبارّعنّأنكّرأيتهّفقطّ‪ّ .‬‬

‫‪-3‬الوظيفة النحوية‪:‬‬

‫ونعني ّبها ّالتّمييز ّبين ّجملة ّوجملة ّحسب ّالوظيفة ّالتي ّيقتضيها ّالمقام ّالتّنغيميّ‬
‫حيثّنجدّأنّالتّنغيمّفيّمقاماتّمعينةّيحدّدّوظيفةّهذهّالجملّنحو‪"ّ:‬توجيهّاإلعرابّومثالّ‬
‫ذلكّ"كم"ّالتيّتستخدمّفيّاإلخبارّأوّاالستفهام‪ّ،‬وهذاّيتوقفّعلىّطريقةّاألداء‪ّ،‬وعلىّهذاّ‬
‫يوجهّإعرابّكلمةّ"عمّة"ّفيّقولّالفرزدقّ‪ّ :‬‬

‫ش َّاريّ‪ّ .‬‬
‫ىّع َّ‬
‫عَّل ُّ‬
‫تّ َّ‬
‫حّلََّب ّْ‬
‫يرَّّو َخّاّلَةّّّّّفَّْد َغّاءّّقَّْدّ َّ‬
‫اّجّر ُّ‬
‫كَّّيّ َّ‬
‫َّكّْمّ َعّمّةّّلَ َ‬

‫‪ّ،‬فالرفعّعلىّأنّّالمرادّمنّكمّعددّ ّ‬
‫فقدّرويتّعّمةّبالّرفعّوالنصبّوالجرّ ّ‬

‫المرات‪ّ...ّ:‬والنّصبّعلىّمعنىّاالستفهام‪ّ،‬والجرّّعلىّمعنىّالخبر‪ّ .1"ّ.‬‬

‫كبير ّفي ّتحديد ّالمعاني ّالمختلفةّ‬


‫ّدور ّ ًّا‬
‫ّّّّّومن ّهنا ّيتبيّن ّلنا ّأن ّللعالمة ّاإلعرابيّة ّّاً‬ ‫ّ‬
‫بمصاحبةّطريقةّالتّنغيم‪ّ ،‬حيثّنجدّأنّ ّالمتكلمّعندّنطقه ّلكلمةّأوّجملةّمعيّنةّبنغمةّمعيّنةّ‬
‫ووفق ّعالمات ّإعرابيّة ّمختلفة ّنالحظ ّالفرق‪ّ ،‬ويتّضح ّلنا ّذلك ّمن ّخالل ّقول ّالفرزدقّ‬
‫السابق‪ّ .‬‬

‫‪-4‬الوظيفة التعبيرية االنفعالية‪ّ :‬‬

‫يعبر ّالتنغيم ّعن ّانفعاالت ّالمتكلّمين ّمثل‪ّ :‬الخوف‪ّ ،‬القلق‪ّ ،‬الحزن‪ّ ،‬اليأس‪ّ ،‬األملّ‬
‫كّوغيرها‪ّ،‬حيثّنجدّطريقةّتنغيمّالمتكلمّللجملةّتعبّر ّعنّمكنوناتهّالداخليةّعنّطريقّ‬
‫الشّ ّ‬
‫تتابع ّالنغمات ّالموسيقية ّالتي ّتحمل ّهذه ّالمعاني ّالتي ّتفهم ّمن ّسياق ّالكالم ّويقصد ّبهاّ‬
‫داللةّمعيّنة‪ّ،‬والسامعّأوّالمتلقيّهوّوحدهّالذيّيفرقّبينّهذهّالطبقاتّالتّنغيميةّفيفهمّمنهاّ‬
‫أنّالمتكلمّفرحّأوّحزين‪ّ،‬جادّأوّمتهكم‪ّ .‬‬

‫‪ّ-1‬محمودّعكاشة‪ّ،‬التحليلّاللغويّفيّضوءّعلمّالداللة‪ّ،‬صّ‪ّ .51‬‬
‫‪49‬‬
‫فصل أول‪ :‬الفونيمات العربية التركيبية وفوق التركيبية وصلتها بالداللة‬

‫انطالقا ّممّا ّسبق ّتوصلنا ّإلى ّأن ّظاهرة ّالتّنغيم ّمن ّالعوامل ّاألساسيّة ّفي ّتوجيهّ‬
‫الداللة ّوالوقوف ّعلى ّنوايا ّالمتكلمين‪ّ ،‬واللّغة ّالعربيّة ّمن ّبين ّاللّغات ّبل ّأكثرها ّاستخداماّ‬
‫أداؤهّعلىّوجهّصحيحّيسهمّبصورةّبالغةّفيّتوصيلّالمعنىّالصحيح‪ّ،‬واذاّكانتّ‬
‫للتّنغيم‪ّ،‬و ّ‬
‫الدالالت ّفي ّالكتابة ّتتحدد ّبعالمات ّالترقيم‪ّ ،‬فإنها ّفي ّالكالم ّالمؤدى ّتتحقق ّعن ّطريقّ‬
‫التنغيم‪ّ .‬‬

‫وكذلك ّيلعب ّالتّنغيم ّدو اًر ّفعاال ّفي ّالتعجّب ّواالستفهام ّوالتّقرير ّوالتوكيد ّوالنّفيّ‬
‫واإلنكارّوغيرها ّمنّاألساليبّعن ّطريقّالتلويناتّالموسيقية ّبمستوياتها‪ّ ،‬وهوّيختلف ّمنّ‬
‫لغةّإلىّأخرى‪ّ،‬فلقدّاعتنى ّبهّالمحدثونّكماّأشارّإليهّالقدامىّموضّحينّأثر ّهذهّالظاهرةّ‬
‫فيّفهمّالداللةّالمقصودةّمنّسياقّإلىّآخر‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫أولا‪ -‬التعريف بالشاعر إيليا أبو ماضي ‪:‬‬

‫‪ -1‬حياته‪:‬‬

‫هو إيليا ظاهر إيليا طانيوس أبو ماضي‪ :‬شاعر لبناني من كبار أعالم المهجر‪ ،‬ولد‬
‫سنة ‪1989‬م‪ ،‬في قرية المحيدثة بلبنان لعائلة فقيرة‪.1‬‬

‫ترعرع "أبو ماضي" بين أحضان أسرته المتواضعة‪ ،‬وقد كان يرافق والده إلى عمله‪،‬‬
‫الصحو‪ ،‬والساطع قمرها في ليالي‬
‫يمتّع عينه بجمال طبيعة قريته المشرقة شمسها في ّأيام ّ‬
‫الدفء والصفاء‪ ،‬فيختزن داخل مشاعره ما يوحي له ذلك الجمال من بهجة وانشراح‪.2‬‬

‫الرحيل‬
‫وقرر ّ‬
‫وحين أكمل الشاعر تعلّمه لمبادئ القراءة والكتابة في قريته‪ ،‬حزم أمتعته ّ‬
‫عن لبنان طلباً للمزيد من العلم والمعرفة‪ ،‬وسعياً إلى تأمين حياة أكثر أمناً واستق ار ار‬
‫وطمأنينة‪ ،‬كانت محطته األولى في اإلسكندرية بمصر عام ‪1902‬م‪ ،‬ولقيت أولى محاوالته‬
‫النور هناك‪ ،‬حيث استطاع نشر ديوانه "تذكار الماضي" سنة ‪ 1991‬من‬
‫الشعرية طريقها إلى ّ‬
‫خالل مجلة الزهور‪ ،‬وهو لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره‪ ،‬وعلى إثر مطاردة السلطات‬
‫ألنه منض ّم إلى دعاة االستقالل والحرّية الذين اجتذبوه من خالل قصائده النارّية‬
‫البريطانية له ّ‬
‫سافر إلى أمريكا‪.3‬‬

‫‪ - 1‬إيليا أبو ماضي‪ ،‬الديوان‪ ،‬تقديم وشرح صالح الدين الهواري‪ ،‬دار ومكتبة الهالل للطباعة والنشر‪،‬‬
‫بيروت ‪ ،2013 ،‬ص ‪.05‬‬
‫ومفجر ينابيع التفاؤل‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬ط‪1‬‬
‫ّ‬ ‫الحر‪ ،‬إيليا أبو ماضي باعث األمل‬
‫‪ -‬عبد المجيد ّ‬
‫‪2‬‬

‫‪ ،1995‬ص ‪.40‬‬
‫‪ -3‬أنظر‪ :‬إيليا أبو ماضي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪. 6-5‬‬

‫‪53‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫‪ -2‬هجرتـــــــــه‪:‬‬

‫"سنسناتي" بوالية أوهايو‪ ،‬التي‬


‫ّ‬ ‫"هاجر إلى أمريكا حيث استقر به المقام في مدينة‬
‫أمضى فيها أربع سنوات يعمل بالتجارة مع أخيه "مراد"‪.1‬‬

‫ويبدو أن حياته في نيويورك قد طغى عليها العمل الصحفي‪ ،‬ابتداء من تحرير المجلة‬
‫العر ّبية إلى تأسيس مجلة السمير‪ ،‬التي كانت مرآة عاكسة لطموحه األدبي ونزعته الفكرية‬
‫ونبوغه ال ّشعري‪ ،‬تتناول مشاكل متنوعة وقضايا متعلقة بأحداث في العالم العربي‪ ،‬وبخاصة‬
‫لبنان الذي أواله عناية إلى جانب سائر األقطار العر ّبية‪.2‬‬

‫‪ -3‬مصادر ثقافة الشاعر‪:‬‬

‫إذا أحببا أن نعلم شيئا من ثقافة الشاعر لم نجد من المصادر بين يدينا ّإال شعره فهو‬
‫البد لنا بالتالي أن نستقرئ ّشعره من جانبين‪ ،‬جانب‬
‫وحده الذي يدلنا على منابع ثقافته‪ ،‬و ّ‬
‫المعنى‪ ،‬وجانب المبنى؛ فمن معانيه نلتمس ثقافته الفكرّية‪ ،‬ومن مبانيه نتلمس ثقافته‬
‫اللّغوية‪.3‬‬

‫القلمية‪ ،‬التي‬
‫ّ‬ ‫األدبية في "نيويورك" انتماؤه إلى الرابطة‬
‫ّ‬ ‫ومن أبرز أنشطة أبي ماضي‬
‫التحرر والتجديد في مجاالت الشعر‬
‫ّ‬ ‫التواقين إلى‬
‫أسسها نخبة من الكتّاب اللبنانيين والسوريين ّ‬
‫ّ‬
‫واألدب‪ ،‬وفي ميادين العمل الوطني والقومي‪ ،‬كجبران خليل جبران‪ ،‬وميخائيل نعيمة‪ ،‬وأمين‬
‫الريحاني‪ ،‬ونسيب عريضة‪ ،‬وعبد المسيح حداد وغيرهم‪ ،‬ومن خالل هذه الرابطة لمع أبو‬
‫ماضي كشاعر مبدع‪ ،‬ذاع صيته في العالم العربي وبالد المهجر"‪.4‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪. 7‬‬


‫‪ -2‬عبد المجيد الحر‪ ،‬إيليا أبو ماضي باعث األمل ومفجر ينابيع الثورة‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -3‬زهير ميرزا‪ ،‬دراسة عن إيليا أبو ماضي‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.23 /1 ،‬‬
‫‪ -4‬إيليا أبو ماضي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪54‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫‪ -4‬رحلته مع التفاؤل‪:‬‬

‫" أصدق مثال على نزعته اإلنسانية العميقة التي تنزع إلى إبراز ما في الحياة من‬
‫جمال وروعة وبهاء قصيدته الخالدة "فلسفة الحياة"‪...‬فالجمال كائن في نفس اإلنسان‪ ،‬منبثق‬
‫عنها‪ ،‬ومن حرم هذه النعمة فقد حرم السعادة الحقيقية التي ال حقيقة سواها‪.‬‬

‫وعلى اإلنسان بالتالي أن يعيش وفق طبيعته وأال يعزم باصطياد الهموم والتقاطها ثم‬
‫أن للحياة مشيئة فعليك أن تعيش‬
‫‪ ...‬هل أنت قادر على رد القضاء؟ فإن كنت واثقًا من ّ‬
‫الهم وتخلق البهجة"‪.1‬‬
‫وفق مشيئة الحياة وأن تصرع ّ‬

‫‪ -5‬شعره‪:‬‬

‫أن شعر أبو ماضي تجلّت فيه نفحتان‪:‬‬


‫يذهب بعض الدارسين إلى ّ‬

‫األولى ّأنه "حاول أن يأخذ بأسباب القصيدة القديمة من حيث فخامة ألفاظها وفخامة‬
‫مطالعها وضخامة مطالعها‪ ،‬ثم عمد إلى المو ّشح فعالجه بشيء من القدرة والتم ّكن ومارس‬
‫فيه الموضوعات التي لم يخصص لها المو ّشح"‪.2‬‬

‫والثانية هي الثورة على شعر التقليد‪ ،‬والخوض في مرحلة جديدة هي اشتراكه مع‬
‫القلمية برئاسة جبران خليل جبران‪ ،‬ومن بين األعمال التي قام بها أثناء‬
‫ّ‬ ‫أعضاء الرابطة‬
‫يومية وبقيت‬
‫تحولت بعد ذلك إلى مجلّة ّ‬
‫انضمامه لها إنشاؤه مجلة "السمير" ‪1929‬م ‪ ،‬والتي ّ‬
‫تصدر حتى وفاته‪.‬‬

‫مرة في‬
‫ألول ّ‬
‫وبين عامي ‪ 1927‬و ‪ ،1946‬أصدر ديوان "الجداول" و"الخمائل" الذي صدر ّ‬
‫نيويورك سنة ‪1940‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬زهير ميرزا‪ ،‬دراسة عن إيليا أبو ماضي‪.81 /1 ،‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪.30/1 ،‬‬

‫‪55‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫وفي عام ‪ 1947‬عاد إلى بيروت لحضور مؤتمر اليونيسكو الثالث في بيروت‪،‬‬
‫ورحبت به‪ ،‬وأنشدهم رائعته الشعرّية "وطن النجوم"‪ ،‬وحينها قلد‬
‫فاستقبلته هناك جماهير غفيرة ّ‬
‫وسام االستحقاق في لبنان‪ ،‬ووسام االستحقاق الممتاز في دمشق‪.‬‬

‫ترك لنا أبو ماضي ديوانا ضخما تضمن مجموعاته الشعرية الخمسة‪ ،‬والتي تتضمن‬
‫العديد من الموضوعات اإلنسانية واالجتماعية والسياسية والقومية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ -‬دللة األصوات في قصيدة "فلسفة الحياة"‪:‬‬


‫ا‬

‫أ‪-‬دللة الصوامت‪:‬‬

‫صب فيه المشاعر واألحاسيس الكامنة في‬


‫تعتبر األصوات وعاء الفكر والقالب الذي ت ّ‬
‫نفس الشاعر‪ ،‬واألصوات بدورها تنقسم إلى صوائت وصوامت وفي هذا الصدد يقول" إبراهيم‬
‫"إن الشعراء القدماء كانوا يعولون على المزج بين ظاهرتين تغلبان على نماذج‬
‫عبد الرحمن"‪ّ :‬‬
‫‪2‬‬
‫الشعر‪ ،‬وتشيعان في أساليبه منذ أقدم شعرائه هما‪ :‬التّكرار الصوتي والتقطيع اللغوي‪"...‬‬
‫أن هناك عالقة بين‬
‫والتّكرار الصوتي هو تكرار أصوات بعينها دون أخرى ومن المالحظ " ّ‬
‫‪3‬‬
‫الصوتي‪ ،‬بشتّى ضروبه‪ ،‬وبين صوت الشاعر الداخلي‪"...‬‬
‫التكرار ّ‬

‫لذلك نجد ال ّشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته "فلسفة الحياة" اعتمد أصواتًا بعينها‬
‫مر بها في‬
‫غلبت على القصيدة دون أصوات أخرى‪ ،‬وهذا رّبما يرجع إلى حالته النفسية التي ّ‬
‫ويعبر بها عن معاناته مع الفقر واالستعمار المستبدّ‪ ،‬ويدعو اإلنسان إلى خلق‬
‫تلك الفترة‪ّ ،‬‬
‫أفق جميل واالبتعاد عن كل ما يفسد عليه حياته‪ ،‬و‪ ..." :‬لكل حرف من حروف العربية‬

‫‪ -1‬أنظر ‪ :‬إيليا أبو ماضي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.9-8‬‬


‫العامة‬
‫فنية وعروضية‪ ،‬الهيئة المصرّية ّ‬
‫‪-‬حسني عبد الجليل يوسف‪ ،‬موسيقى الشعر العربي‪ ،‬دراسة ّ‬
‫‪2‬‬

‫للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪.11 / 1 ،1980 ، 1‬‬


‫‪-3‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪56‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫النون أكثر من استعمال الضاد والظاء على سبيل‬


‫نسبة استعمال في اللّغة‪ ،‬فاستعمال الميم و ّ‬
‫تكرر القاف مثل‬
‫تكرر الالم في ال ّشطر من البيت ثالث مرات‪ ،‬فال يقبل ّ‬
‫المثال ‪ ...‬واذا قبلنا ّ‬
‫النطق بالشطر‪:‬‬
‫السر في ثقل ّ‬
‫هذا العدد‪ ،‬وهذا هو ّ‬

‫وليس قرب قبر حرب قبر‪.‬‬

‫الراء فوق طاقتها"‪.1‬‬


‫تكررت فيه ّ‬
‫تكررت فيه القاف فوق طاقتها كما ّ‬
‫فقد ّ‬

‫يبرره‪ ،‬حيث نجد‬


‫ك أن التّكرار اإليقاعي للصوامت في قصيدة "إيليا أبو ماضي" له ما ّ‬
‫وال ش ّ‬
‫كرر أصواتًا دون غيرها وبنسب متفاوتة‪.‬‬
‫أن ال ّشاعر ّ‬

‫صوتية داللية لقصيدته الموسومة ب ـ "فلسفة الحياة" من‬


‫ّ‬ ‫البد لنا أن نقوم بدراسة‬
‫ولمعرفة ذلك ّ‬
‫خالل الصفات الثنائية واألحادية لألصوات‪.‬‬

‫‪-1‬الجهر والهمس‪:)Voicedness And Voicelessness( :‬‬

‫يقول إيليا أبو ماضي في مطلع القصيدة‪:‬‬

‫يـــــــــف تغـــــــدو إيا َـــــــدوت علــــــــي‬ ‫أيُّهـــــــــــيا الشـــــــــــا ي ومـــــــــــا بـــــــــــ دا‬

‫تتـــــــــوقيا قبـــــــــل الرحيـــــــــلا الـــــــــرحي‬ ‫نفـــــــس‬ ‫إن شـــــــر الجنـــــــاة فـــــــي األر‬

‫أن تــــــــــرَّ فوقهــــــــــا النــــــــــدَّ إ لــــــــــي‬ ‫وتـــــرَّ الشـــــو فـــــي الـــــورودا وتعمـــــ‬

‫ـــــــن الحيــــــــاة عب ــــــــا ثقــــــــي‬


‫مــــــــن يَـ ُّ‬ ‫هــــــــو عــــــــب علــــــــ الحيــــــــاة ثقيــــــــل‬

‫ل يرَّ في الوجود شي اا جميـــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫واليي نفســــــــــــه بغيــــــــــــــــــــــــر جمــــــــــال‬

‫سيد خضر‪ ،‬التّكرار اإليقاعي في اللّغة العر ّبية‪ ،‬دار الهدى للكتاب‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ص ‪.7-6‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪1‬‬

‫‪57‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫يوجه ال ّشاعر نداء إلى ال ّشاكي يقول له ‪ :‬يا ّأيها ال ّشاكي‬


‫في هذه المقطوعة الشعرّية ّ‬
‫الدنيا الزائلة‬
‫الناس وأنت ال تعاني من أية مشاكل أو هموم في هذه ّ‬
‫همك إلى ّ‬
‫لماذا تشتكي ّ‬
‫كيف سيكون مصيرك؟ إن استمررت على هذه الحال فسوف يكون مآلك أن تكون مريضا‬
‫الرحيل قبل أوانه‬
‫الناس في األرض أناس يتوقون إلى ّ‬ ‫شر ّ‬‫إن ّ‬
‫تعيساً‪ ،‬و يقول له كذلك ّ‬
‫ويقتلون أنفسهم بالموت البطيء‪ ،‬فيا ُّأيها اإلنسان لمنتظر فقط إلى األشياء المحزنة التي‬
‫السارة ؟ ّإنك عندما تنظر إلى الورود ال‬
‫ّ‬ ‫تبعث على الكآبة ؟ أين أنت من األشياء المفرحة‬
‫الندى من كل هذا؟ أالّ تراه يصنع أكاليل فوقها يزيدها رونقا‬
‫ترى منها ّإال األشواك‪ ،‬فأين ّ‬
‫وبهاء؟ ّإنك لألسف ال ّشديد ال ترى الحياة ّإال من زاوية واحدة‪ ،‬زاوية قاتمة السواد‪ّ ...‬إنك‬
‫ً‬
‫محدود النظر‪ ،‬وياله من أمر محزن وقاس أن ينظر اإلنسان إلى الحياة هذه النظرة‬
‫الدنيا شيئاً جميال‪،‬‬
‫فإنه لن يرى في ّ‬
‫جانبا من الجمال ّ‬
‫ً‬ ‫المتشائمة‪ ،‬والذي ال تحمل نفسه‬
‫وسوف يعيش حياة تعيسةً ضنكا‪.‬‬

‫يبرره‪،‬‬
‫سيطرت في هذه القطعة الشعرّية األصوات المجهورة مقارنة بالمهموسة له ما ّ‬
‫تدل على حزن وأسى الشاعر على الذين يكلفون‬
‫وفهمت من معاني هذه األصوات ّأنها ّ‬
‫الحياة فوق طاقتها وينظرون نظرة متشائمة لها‪ ،‬ولذلك نجد األصوات المجهورة فاقت‬
‫اإلنسانية التحررية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النزعة‬
‫عم يجول بداخله من مالمح ّ‬
‫تعبير ّ‬
‫ًا‬ ‫ألنها األكثر‬
‫المهموسة وذلك ّ‬
‫التحرري واألصوات المجهورة بطبيعتها‬
‫ّ‬ ‫وهذه القصيدة التي بين أيدينا تنتمي إلى الشعر‬
‫النوع من ال ّشعر‪.‬‬
‫ناسبت هذا ّ‬

‫طياتها معاني األلم‬


‫أن الكلمات التي استعملها ال ّشاعر كلّها تحمل في ّ‬
‫ومن المالحظ ّ‬
‫والمعاناة والحسرة على من ينظر إلى الحياة نظرة متشائمة‪ ،‬ويتضح لنا ذلك من خالل‬
‫الكلمات اآلتية‪ ( :‬الشا يا دا ا تغدوا َدوتا شر الجناةا تتوق ا الرحيلا الشو ا‬
‫تعبر عن معاني األلم الذي يحمله ال ّشاعر تجاه هذا ال ّشاكي‪.‬‬
‫عب اثقيل ) فكلّها كلمات ّ‬

‫‪58‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫وجاء توزيع األصوات المجهورة والمهموسة في األبيات وفق الجدول أدناه‪:‬‬

‫األصوات المهموسة‬ ‫األصوات المجهورة‬

‫النسبة الم وية‬ ‫الت رار‬ ‫الصوت‬ ‫النسبة الم وية‬ ‫الت رار‬ ‫الصوت‬

‫‪%8.18‬‬ ‫‪09‬‬ ‫التا‬ ‫‪%10.9‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ال ار‬


‫‪%4.65‬‬ ‫‪05‬‬ ‫ال اف‬ ‫‪%10%‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ال م‬
‫‪%3.64‬‬ ‫‪05‬‬ ‫الفا‬ ‫‪%6.36‬‬ ‫‪07‬‬ ‫النون‬
‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫الشين‬ ‫‪%5.45‬‬ ‫‪06‬‬ ‫البا‬
‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫الحا‬ ‫‪%5.45‬‬ ‫‪06‬‬ ‫القاف‬
‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫الثا‬ ‫‪%4.55‬‬ ‫‪05‬‬ ‫الدال‬
‫‪%1.82‬‬ ‫‪02‬‬ ‫الها‬ ‫‪%4.55‬‬ ‫‪05‬‬ ‫اليا‬
‫‪%1.82‬‬ ‫‪02‬‬ ‫السين‬ ‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫الجيم‬

‫‪%31.84‬‬ ‫‪35‬‬ ‫المجموع‬ ‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫العين‬

‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫الميم‬


‫‪%3.64‬‬ ‫‪04‬‬ ‫الواو‬
‫‪%2.73‬‬ ‫‪03‬‬ ‫اليال‬
‫‪%1.82‬‬ ‫‪02‬‬ ‫العين‬
‫‪%0.9‬‬ ‫‪01‬‬ ‫الضاد‬
‫‪%0.9‬‬ ‫‪01‬‬ ‫الَا‬

‫‪%68.17‬‬ ‫‪75‬‬ ‫المجموع‬

‫‪59‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫منحنى بياني يمثل نسبة تكرار األصوات المجهورة‬

‫‪14‬‬

‫‪12‬‬

‫‪10‬‬

‫‪8‬‬

‫األصوات المجهورة‬
‫‪6‬‬

‫‪4‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬
‫الصوت‬ ‫الراء‬ ‫الالم‬ ‫النون‬

‫من خالل الجدول والمنحنى البياني نلمس سيطرة األصوات المجهورة مقارنة‬
‫بالمهموسة‪ ،‬حيث بلغت نسبتها الكلية حوالي (‪ ،)%68.17‬في حين نجد أن األصوات‬
‫المهموسة بلغت نسبتها حوالي (‪ )%31.84‬ولع ّل السبب في ذلك يعود إلى النداء الذي‬
‫وجهه ال ّشاعر إلى الذين يكثرون الشكوى بال داع‪ ،‬وال ينظرون إلى الحياة إالّ من ناحية‬
‫وقوة تترك أث اًر على أذن‬
‫شدة ّ‬
‫نظر لما فيها من ّ‬
‫سلّبية‪ ،‬فاستخدم األصوات المجهورة بكثرة ًا‬
‫النطق بها‪ ،‬وكثرة هذه األصوات لها ما يبررها‬
‫السامع نتيجة لتذبذب الوترين الصوتيين أثناء ّ‬
‫ألّنها تعكس الحالة النفسية لل ّشاعر ومعاناته مع االستعمار البريطاني‪ ،‬فهي تدعو إلى‬
‫وحب الحياة‪ ،‬ونبذ كل مظاهر اليأس والقنوط واالستسالم للمستعمر الغاشم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التحرر‬
‫ّ‬

‫الر " شغل المرتبة األولى‪ ،‬لتك ارره بنسبة (‪ ،)%10.9‬ومن‬


‫أن صوت " ّا‬
‫كما نالحظ ّ‬
‫بين إيحاءاته ّأنه يد ّل على االستم اررية ‪ ،‬وفعال هنا نجد أن األلم مازال يالزم الشاعر وال‬
‫مرة (‪ )11‬بنسبة‬
‫يفارقه‪ ،‬حيث تكرر اثني عشرة مرة (‪ )12‬يليه صوت "ال م" بإحدى عشرة ّ‬
‫(‪ )%10‬ثم صوت "ال ّنون" الذي ت ّكرر سبع مرات (‪ )07‬بنسبة بلغت حوالي (‪،)%6.36‬‬

‫‪60‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫ست مرات(‪)06‬وبلغت نسبته حوالي‬


‫ّ‬ ‫تكرر‬
‫وكذا صوت"البا " المجهور الشفوي الذي ّ‬
‫يعبر عند وقوعه في ّأول الكلمة وفي وسطها على االنفتاح‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫(‪ ،)%5.45‬الذي ّ‬
‫باقي األصوات بنسب متفاوتة‪ ،‬وهذا ال يعني انعدام وجود األصوات المهموسة‪ ،‬بل نسبتها‬
‫صوت (التا ) احتل النسبة األكبر مقارنة بباقي‬
‫قليلة إذا ما قورنت بالمجهورة‪ ،‬حيث نجد ّ‬
‫المهموسات بنسبة حوالي (‪ )%08.18‬يليه صوت "ال اف" بنسبة (‪ )%4.55‬وكذلك "الفا "‪،‬‬
‫أما‬
‫مرات بنسبة(‪ )%3.64‬و"الحا " بأربع مرات وكذلك "الثا " ّ‬
‫ثم الشين بتكرار أربع ّ‬
‫السين" فوردتا بنسبة (‪،)%01.82‬وهكذا طغت األصوات المجهورة على المهموسة‬
‫"الها "و " ّ‬
‫عبر‬
‫يمر بها الشاعر الذي ّ‬
‫في هذه المقطوعة‪ ،‬والسبب في ذلك يعود إلى الحالة النفسية التي ّ‬
‫لنا من خاللها عن أسمى معاني الحرّية واالنعتاق واألمل في غد أفضل‪.‬‬

‫أن ال ّشاعر‬
‫مرده ّ‬
‫في حين نجد غياب صوت "الخا " وورود صوت "العين"مرتين ّ‬
‫تجنب توظيف األصوات ذات الصفات الشديدة التي ال تتناسب ورومانسيته‪.‬‬
‫ّ‬

‫باإلضافة إلى األصوات المهموسة التي استعملها الشاعر‪ ،‬نجد كذلك حضور(الهمزة)‬
‫الصوت الحنجري غير المهموس وغير المجهور‪ ،‬الذي سيطر على المقطوعة الشعرّية‬
‫ّ‬
‫القوة والعزيمة ويريد ال ّشاعر من خالله توصيل‬
‫يعبر عن معاني ّ‬
‫بمعدل تسع مرات(‪،)9‬وهو ّ‬
‫رسالة لإلنسان مفادها التمتع بمباهج هذه الحياة ‪.‬‬

‫‪-2‬التفخيم والترقيق‪)Velarization and Palatalization( :‬‬

‫المكونة من‬
‫ّ‬ ‫الثنائية على المقطوعة الشعرية‬
‫ّ‬ ‫وقع االختيار في دراسة هذه الصفة‬
‫األبيات من (‪ 06‬إلى ‪ )10‬وذلك لبروز هذه الصفة فيها ودورها في توجيه الداللة يقول فيها‬
‫"إيليا أبو ماضي"‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫فضـــــــــــــــول‬ ‫فيه‬ ‫اللّيات‬ ‫ـــــــــن‬


‫ويَ ُّ‬ ‫ممن يــــرَّ العيش م ًّار‬ ‫ليس أشق‬

‫التعلي‬ ‫فأحســـــــــــــــنوا‬ ‫عللـــــــــــــــوها‬ ‫أحــــــــــ م الناس في الحياة أناس‬

‫يزول‬ ‫ل تخف أن يــــــــــــــزول حت‬ ‫الصبــــــــــــــــــح ما دمت فيه‬


‫فتمتع ب ُّ‬

‫يطول‬ ‫ي‬ ‫صـــــــــــــــــــــر البحث فيه‬


‫ق ِّ‬ ‫هم‬ ‫وايا ما أَــــــــــــــــــــــــــــــل أرس‬

‫فمــــــــــن العــــــــــار أن تَــــــــــل جهــــــــــول‬ ‫الروابي‬ ‫طيور‬ ‫نهه ا‬ ‫أدر ت‬

‫المفخمة‬
‫ّ‬ ‫األصوات‬ ‫األصوات المرقّقة‬

‫النسبة الم وية‬ ‫الت رار‬ ‫النسبة الم وية الصوت‬ ‫الت رار‬ ‫الصوت‬
‫ّ‬
‫‪%2.36‬‬ ‫‪3‬‬ ‫َ‬ ‫‪%14.96‬‬ ‫‪19‬‬ ‫ل‬
‫‪%2.36‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ص‬ ‫‪%7.87‬‬ ‫‪10‬‬ ‫أ‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ط‬ ‫‪%7.87‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ت‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ق‬ ‫‪%7.87‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ر‬
‫‪%0.78‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%7.08‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ن‬
‫‪%0.78‬‬ ‫‪1‬‬ ‫خ‬ ‫‪%6.29‬‬ ‫‪8‬‬ ‫م‬
‫‪%00‬‬ ‫‪0‬‬ ‫غ‬ ‫‪%6.29‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ف‬

‫‪%09.42‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪%5.51‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ه‬

‫‪%4.72‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ح‬


‫‪%3.93‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪%3.93‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ع‬

‫‪62‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫‪%3.93‬‬ ‫‪5‬‬ ‫س‬


‫‪%2.36‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ب‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪2‬‬ ‫د‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ي‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ز‬
‫‪%1.57‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ش‬
‫‪%0.78‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ج‬
‫‪%0.78‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ث‬

‫‪%90.45‬‬ ‫‪115‬‬

‫منحنى بياني يمثّل نسبة تكرار األصوات المرقّقة‬

‫‪20‬‬
‫‪18‬‬
‫‪16‬‬
‫‪14‬‬
‫‪12‬‬
‫‪10‬‬
‫األصوات المرققة‬
‫‪8‬‬
‫‪6‬‬
‫‪4‬‬
‫‪2‬‬
‫‪0‬‬
‫الصوت‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫ت‬

‫أن‬
‫توصلنا إلى ّ‬
‫بيانيا ّ‬
‫المفخمة وتمثيلها ً‬
‫من خالل عملية إحصائية لألصوات المرقّقة و ّ‬
‫عددها بلغ في هذه المقطوعة الشعرية (‪ )127‬صوتًا موزّعة على األصوات المرقّقة بنسبة‬
‫صوت‬
‫أن ّ‬
‫حوالي (‪ ،)%90.45‬والمنحنى البياني الذي بين أيدينا يكشف عن ذلك ‪،‬فنجد ّ‬
‫الصوت لكثرة شيوعه في اللّغة العر ّبية‬
‫النسبة األوفر بحوالي(‪" )%14.96‬وهذا ّ‬
‫"ال م" شغل ّ‬

‫‪63‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫ط أر عليه ما لم يط أر على غيره من األصوات الساكنة‪ ،‬إذ نلحظ سرعة تأثّره بما يجاوره من‬
‫األصوات"‪ ،1‬وهو ينتمي إلى األصوات المائعة التي تتميز بالسهولة في نطقها‪.‬‬

‫الشدة ‪ ...‬ولكن يالحظ أن صوت هذا الحرف يتشكل‬


‫وصوت ال م" مجهور متوسط ّ‬
‫على مرحلتين اثنتين‪:‬‬

‫بأول سقف الحنك قريبا من اللثّة العليا حبساً للنفس‪.‬‬


‫األولى‪ :‬بالتصاق اللسان ّ‬

‫والثانية‪ :‬بانفكاك اللّسان عن سقف الحنك‪ ،‬وانفالت النفس خارج الفم"‪.2‬‬

‫وكثرة استعمال الالّم في المقطوعة له ما ّيبرره‪ ،‬حيث نجد أن ال ّشاعر يدعو إلى‬
‫العدول عن الواقع‪ ،‬وصوت الالّم يتالءم مع هذا األمر بصفته انحرافي‪ ،‬يخرج الهواء معه من‬
‫جانبي اللّسان‪ ،‬ولذلك وجد ال ّشاعر في هذا الصوت ضالّته‪ ،‬وطغى على باقي األصوات‪،‬‬
‫واحتل صوت "الهمزة" الذي هو ال بالمجهور وال بالمهموس المرتبة الثانية مع صوت‬
‫يحز في نفس الشاعر‪ ،‬فلهذه األصوات‬
‫الر " بنسبة(‪ )%7.87‬وذلك للداللة على ما ّ‬
‫"التّا "و" ّا‬
‫تفجر‬
‫وقوة ّ‬
‫ظي‪ ،‬حيث إن صوت "الهمزة" فيه علو ّ‬
‫صفات تحمل دالالت االنفجار والتش ّ‬
‫القلوب‪ ،‬وكذلك "التّا " الذي هو صوت يد ّل على التفريق واالنتشار في معظم الحاالت كما‬
‫الر " الذي يتميز‬
‫رأينا سابقا‪ ،‬وهو األنسب للتفريق بين التشاؤم واإلنسان‪ ،‬وكذلك صوت " ّا‬
‫بالتكرار ويد ّل على تكرار الحدث الذي يالزم اإلنسان المتشائم ‪ ،‬ونجد كذلك ورود صوت‬
‫األول شفوي خيشومي‪ ،‬والثاني شفوي أسناني بنسبة (‪ )%6.29‬وذلك‬
‫"الميم" و"الفا "؛ ّ‬
‫متبصر في هذا الكون‪ ،‬ثم بعد ذلك وردت باقي األصوات بنسب‬
‫ّ‬ ‫لتوصيل الرسالة إلى كل‬
‫يبينها الجدول السابق‪.‬‬
‫متفاوتة ّ‬

‫اللغوية‪ ،‬ص ‪.132‬‬


‫ّ‬ ‫‪-1‬إبراهيم أنيس‪ ،‬األصوات‬
‫‪ -2‬حسن عباس‪ ،‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬ص ‪.80-79‬‬

‫‪64‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫فخمة‪ ،‬واّنما‬
‫وكثرة توظيف األصوات المرقّقة ال يعني الغياب الكلي لألصوات الم ّ‬
‫تصدرها صوت "الَا " بتكرار قدره ثالث مرات (‪ )03‬وكذلك‬
‫ّ‬ ‫كانت نسبتها ضئيلة‪ ،‬حيث‬
‫"الضاد"الذي كشف لنا عن المكبوتات الموجودة في نفس الشاعر‪ ،‬ولذلك نجد مالمحها‬
‫أما عن باقي األصوات فنسبتها ضئيلة جداً‪ ،‬وكانت النسبة‬
‫ظهرت في هذين الصوتين‪ّ ،‬‬
‫بالقوة عند‬
‫فإنها توحي ّ‬
‫المفخمة بلغت (‪ ،)%09.42‬وعلى الرغم من ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫العامة لألصوات‬
‫ّ‬
‫قصر" فاجتماع "القاف" و"الصاد"‬
‫اجتماعها في كلمة واحدة‪ ،‬والدليل على ذلك كلمة " ِّ‬
‫المفخمان أوحى لنا بنوع من القوة واالنبعاث التي ُّ‬
‫يحث عليها الشاعر فـــ "القاف" صوت من‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مفخم جزئياً‪ ،‬وعلّة نطقه مقلقالً هو لكي ال ينطق " اف ا" وكذلك صوت‬
‫أصوات القلقلة وهو ّ‬
‫"الصاد" فهو صوت صفيري مفخم وظّفه ال ّشاعر ليروح به عن نفسه‪ ،‬وينفس به عن همومه‪.‬‬

‫‪-3‬الحت ا والنفجار‪)Friction and Plosion( :‬‬

‫االحتكاكية واالنفجارّية اختارت الباحثة أبياتا من القصيدة لتبيان‬


‫ّ‬ ‫لمعرفة مدى تكرار األصوات‬
‫أي األصوات أكثر استعماال‪ ،‬وما هي الداللة من وراء ذلك‪ ،‬ووقع االختيار على األبيات‬
‫ُّ‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫نـــت مل ـــا أو نـــت عبـــد ا يلـــي‬ ‫ّأولا وأخيـــــــــــــرا‬ ‫أنـــــــــــــت لـــــــــــــل ر‬

‫فلمــــــــــايا تــــــــــراود المســــــــــتحي‬ ‫الســـــــما لحـــــــي‬


‫ل خلـــــــود تحـــــــت ًّ‬

‫آفـــــة الـــــنجم أن يخـــــاف األفـــــول‬ ‫ـــــــ ُّل نجـــــــم إلـــــــ األفـــــــول ول ـــــــن‬

‫ـــن ح يمـــا واســـبق إليـــه الـــيبول‬ ‫يبـــــول‬ ‫الريـــــا‬


‫َايــــة الـــــورد فــــي ِّ‬

‫فتفيـــــــــأ بـــــــــه إلـــــــــ أن يحـــــــــول‬ ‫َـــــ ًّ‬ ‫وايا مـــــا وجـــــدت فـــــي األر‬

‫الســهول‬
‫الســهول يح ـي ُّ‬
‫مطــرا ف ـي ُّ‬ ‫وتوقــــــــــع إيا الســــــــــما ا فهــــــــــرت‬

‫‪65‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫هــــل شــــفيتم مــــع الب ــــا َلــــي‬ ‫قــــــــل لقــــــــوم يســــــــتنزفون المــــــــآقي‬

‫األصوات النفجارية‬ ‫األصوات الحت ا ية‬

‫النسبة الم وية‬ ‫الت رار‬ ‫الصوت‬ ‫النسبة الم وية‬ ‫الت رار‬ ‫الصوت‬

‫‪%14.44‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ء‬ ‫‪%12.22‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ف‬


‫‪%14.44‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ت‬ ‫‪%06.66‬‬ ‫‪06‬‬ ‫ح‬
‫‪%08.88‬‬ ‫‪08‬‬ ‫ك‬ ‫‪%06.66‬‬ ‫‪06‬‬ ‫ي‬
‫‪%05.55‬‬ ‫‪05‬‬ ‫ب‬ ‫‪%03.33‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ه‬
‫‪%05.55‬‬ ‫‪05‬‬ ‫ق‬ ‫‪%03.33‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ف‬
‫‪%04.44‬‬ ‫‪04‬‬ ‫د‬ ‫‪%0333‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ه‬
‫‪%03.33‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ض‬ ‫‪%03.33‬‬ ‫‪02‬‬ ‫ع‬
‫‪%01.11‬‬ ‫‪01‬‬ ‫ط‬ ‫‪%01.11‬‬ ‫‪01‬‬ ‫ش‬

‫‪%57.74‬‬ ‫‪52‬‬ ‫المجموع‬ ‫‪%01.11‬‬ ‫‪01‬‬ ‫ز‬

‫‪%01.11‬‬ ‫‪01‬‬ ‫غ‬


‫‪%01.11‬‬ ‫‪01‬‬ ‫َ‬

‫‪%42 19‬‬ ‫‪38‬‬ ‫المجموع‬

‫‪66‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫منحنى بياني يمثّل نسبة تكرار األصوات االحتكاكية واالنفجارية‬

‫‪40‬‬

‫‪35‬‬

‫‪30‬‬

‫‪25‬‬

‫‪20‬‬

‫‪15‬‬

‫‪10‬‬

‫‪5‬‬

‫‪0‬‬
‫الصوت‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ز‬ ‫غ‬ ‫ظ‬ ‫المجموع‬

‫البرتقالي ‪ :‬أصوات احتكاكية‬ ‫األزرق ‪ :‬أصوات انفجارية‬

‫أن‬
‫الشعرية ال ّسابقة ّ‬
‫ّ‬ ‫يتضح لنا من خالل الجدول اإلحصائي والتمثيل البياني لألبيات‬
‫تردد األصوات االنفجارية بلغ (‪ )%57.74‬في حين بلغت نسبة األصوات االحتكاكية‬
‫نسبة ّ‬
‫تفوقت‬
‫(‪ ، )%42.19‬وهذا ما يكشف عنه المنحنى البياني ‪ ،‬ومنه فإّن األصوات االنفجارية ّ‬
‫على االحتكاكية بفارق نسبته (‪ ،)%-15.55‬حيث نجد صوتا "الهمزة" و"التا " احتلتا النسبة‬
‫األوفر بحوالي (‪ )%14.44‬والهمزة صوت انفجاري حنجري ينتج من طريق انغالق الوترين‬
‫قوي وشديد أثناء النطق بها‪ ،‬واستعمال‬
‫الصوتيين ثم انفتاحهما فجأة حيث يصدر صوت ّ‬
‫الصوت بكثرة في هذه المقطوعة يعود سببه إلى األلم ال ّشديد الذي يعتصر فؤاده‬
‫الشاعر لهذا ّ‬
‫وهو يوجه رسالة إلى اإلنسان يقول له فيها إ ّن نهايتك ومآلك التراب ملكاً كنت أو عبداً‬
‫ثمة هناك خلود على وجه األرض‪ ،‬فلماذا تطلب المستحيل؟ واذا كان األمر‬
‫مملوكاً‪ ،‬وليس ّ‬
‫السيئة‪ .‬ويلي "الهمزة"‬
‫كذلك فاستغل حياتك في الجوانب الحسنة واصرف النظر عن الجوانب ّ‬
‫شديد مستفل مرقّق‪،‬‬
‫تكرار "التا " بنفس الكمية و النسبة‪ ،‬و"التا " صوت صامت مهموس ّ‬

‫‪67‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫الصوت بكثرة في هذه األبيات للداللة على ضعف اإلنسان في هذه‬


‫وال ّشاعر وظّف هذا ّ‬
‫السيئة‪.‬‬
‫الحياة‪،‬ولذا عليه أن يتفاءل باألمور الحسنة بدالً من انشغاله باألمور ّ‬

‫يتكون بأن‬
‫"صوت شديد مهموس‪ّ ،‬‬
‫تكرر ثمان مرات(‪ )08‬وهو ّ‬
‫صوت "ال اف" فقد ّ‬
‫أما ّ‬
‫ّ‬
‫يندفع الهواء من الرئتين ما اًر بالحنجرة فال يحرك الوترين الصوتيين‪ ،‬واذا حدث أن انفصل‬
‫العضوان عن بعضهما انفصاال مفاجئا نتج عنهما صوت انفجاري هو صوت الكاف"‪ ،1‬وهو‬
‫القوة في أغلب أحواله أينما كان موقعه من الكلمة‪ ،‬وفي‬
‫كما ذكرنا سابقا يد ّل على النزاهة و ّ‬
‫الدنيا الزائلة‪ ،‬وذلك بإعطاء‬
‫قوة الشاعر وثقته بنفسه في النظر إلى هذه ّ‬
‫هذا المقام يد ّل على ّ‬
‫بقية األصوات‬
‫أما عن ّ‬
‫نصائح وارشادات علّها تقود ذوي العقول الراجحة إلى بر األمان ‪ّ ،‬‬
‫تكرر (‪ 05‬مرات) وكذلك "القاف" بنسبة قدرها حوالي (‪،)%05.55‬‬
‫التي ذكرناها‪ ،‬ف ـ "البا " ّ‬
‫مرات بنسبة (‪ )%03.03‬وأخي ار‬
‫مرات بنسبة (‪ ،)%04.04‬و"الضاد" (‪ّ )03‬‬
‫و"الدال" (‪ّ )04‬‬
‫االحتكاكية‬
‫ّ‬ ‫مرة واحدة بنسبة (‪ ،)%01.01‬ورغم هذا التفاوت في حضور األصوات‬
‫"الطا " ّ‬
‫خاصة وجرس ًا‬
‫ّ‬ ‫الصوتي داخل المقطوعة أعطى لها نغمة‬
‫ّإال ّأنها أحدثت نوع ًا من االنسجام ّ‬
‫موسيقياً انعكس إيجابا على المعنى‪ ،‬وهذا راجع إلى حسن استثمار الشاعر لهذه األصوات‬
‫لألصوات‬ ‫وتحليلنا‬ ‫دون غيرها والتي من خاللها نستشعر حالة االضطراب التي يعيشها‪.‬‬
‫تؤد دورها‪ ،‬بل كان لها نصيب في تحقيق‬
‫أن األصوات االحتكاكية لم ّ‬
‫االنفجارية هذا ال يعني ّ‬
‫المرجوة والرسالة التي يريد الشاعر إيصالها إلى كل متشائم‪ .‬وقد ورد صوت‬
‫ّ‬ ‫الداللة‬
‫مرة بنسبة (‪ )%12.22‬وهي نسبة قريبة من صوتي الهمزة والتاء االنفجاريين‪،‬‬ ‫الفاء(‪ّ )11‬‬
‫ومن بين معاني "الفا " ّأنه ُّ‬
‫يدل على "التشتّت والبعثرة واالنتشار برقة ولطافة‪ ،‬بما يحاكي‬
‫بعثرة النفس لحظة خروج صوت الفاء ضعيفًا واهياً"‪.2‬‬

‫‪ -1‬ينظر ‪:‬األصوات اللّغوية‪ ،‬إبراهيم أنيس‪ ،‬ص ‪.71‬‬


‫‪ -2‬حسن عباس‪ ،‬خصائص الحروف العربية ومعانيها‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪68‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫ويفيد كذلك معنى الخروج وهذا يناسب حالة عدم االستقرار التي يعيشها الشاعر جراء‬
‫معاناته مع المستعمر الغاشم‪ ،‬وكذلك بعده عن أهله ووطنه‪ .‬ثم يليه صوت "الحا " بتكرار‬
‫(‪ ) 06‬مرات وكذلك "اليال" ثم بعد ذلك باقي األصوات بنسب متفاوتة‪ ،‬والسبب في نقص‬
‫النطق‪ ،‬وهذا ال يتماشى واإليقاع السريع‬
‫ورود األصوات االحتكاكية رّبما لصعوبتها في ّ‬
‫للقصيدة‪ ،‬ويصنع هذا التدرج الصوتي وظيفة جمالية تنعكس على المتلقي بصورة إيجابية‬
‫موحية‪.‬‬

‫‪-4‬األصوات الما عة‪ /‬الرنانة‪)Resonant Sounds( :‬‬

‫البد من‬
‫الصوتية لهذه األصوات في قصيدة "إيليا أبو ماضي" ّ‬
‫ّ‬ ‫للتعرف على الداللة‬
‫ّ‬
‫دراسة إحصائية لمجموعة من األبيات تظهر فيها هذه األصوات وهي كما يلي ‪:‬‬

‫تخـــــــــيت فيـــــــــه مســـــــــرحا ومقـــــــــي‬ ‫مــــــا تراهــــــاا والحقــــــل ملــــــ ســــــواها‬

‫عليهـــــــــــاا والصـــــــــــا دون الســـــــــــبي‬ ‫ـــــو‬


‫تتغنــــــ ا والصــــــقر قــــــد ملــــــ الجـ ّ‬
‫َ‬
‫يقضـــــي قتـــــي‬ ‫خـــــي حيـــــا والـــــبع‬ ‫تتغنــــــــ ا وقــــــــد رأت بعضــــــــها يــــــــؤ‬

‫أفتب ـــــــــي وقـــــــــد تعـــــــــيش طـــــــــوي‬ ‫عـــــــــام‬ ‫تتغنـــــــــ ا وعمرهـــــــــا بعـــــــــ‬

‫ســـــــــور الوجـــــــــد والهـــــــــوَّ تـــــــــرتي‬ ‫فهــي فــوق الغصــون فــي النجــد تتلــو‬

‫ــــــــر الـــــــــييول‬
‫تلقـــــــــط الحـــــــــب أو تجـ ُّ‬ ‫وهـــــي طـــــو ار علـــــ الثـــــرَّ واقعـــــات‬

‫‪69‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫عدد مرات الت رار النسبة الم وية (‪)%‬‬ ‫األصوات العا مة‪ /‬الرنانة‬

‫‪%11.66‬‬ ‫‪21‬‬ ‫ل‬


‫‪%6.66‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ر‬
‫‪%4.44‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ن‬
‫‪%3.88‬‬ ‫‪7‬‬ ‫م‬

‫‪%26.64‬‬ ‫‪48‬‬ ‫المجموع‬

‫منحنى بياني يمثّل نسبة تكرار األصوات المائعة‬

‫‪60‬‬

‫‪50‬‬

‫‪40‬‬

‫عدد مرات التكرار‬


‫‪30‬‬
‫النسبة المئوية (‪)%‬‬
‫األصوات الرنانة(المائعة)‬
‫‪20‬‬

‫‪10‬‬

‫‪0‬‬
‫ل‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫المجموع‬

‫أن صوت "ال م" هو المسيطر‬


‫يتبين لنا ّ‬
‫من خالل الجدول السابق والرسم البياني ّ‬
‫مفخمة وهذا يد ّل على‬
‫مرة منها (‪ )05‬مرقّقة‪ ،‬والباقي ّ‬
‫على هذه المقطوعة ‪ ،‬حيث ورد (‪ّ )21‬‬
‫قوة الشاعر وعزيمته في أخذ الق اررات‪ ،‬وامتداد صوت "ال م" يناسب هذه الحالة ويستوفى كل‬
‫ّ‬
‫اآلهات التي يعانيها الشاعر‪ ،‬حيث وجد في المد راحةً يجد فيها ضالته‪ ،‬وقد أخذ ال ّشاعر‬

‫‪70‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫صوت "ال م" روياً فأشبعه باأللف الطويلة والتي أصحبت مخرجاً للهموم واآلالم التي يعاني‬
‫منها‪.‬‬

‫مرة بنسبة حوالي (‪ )%6.66‬يقول عنه‬


‫الر " الذي تكرر (‪ّ )12‬‬
‫وكذلك نجد صوت " ّا‬
‫الصوت لتكريره وانحرافه إلى الالم‪،‬‬
‫شديد يجري فيه ّ‬
‫رف ّ‬
‫(المكرر) وهو ح ٌ‬
‫ّ‬ ‫سيبويه‪" :‬ومنها‬
‫الراء"‪ .1‬ومن بين اإليحاءات‬
‫الصوت فيه‪ ،‬هو ّ‬
‫لصوت كالرخوة‪ ،‬ولو لم يكرر لم يجر ّ‬
‫فتجافى ل ّ‬
‫الراء في هذه المقطوعة‪ ،‬المقارنة بين طيور الروابي واإلنسان حيث وصف‬
‫التي تركها صوت ّ‬
‫الشاعر لنا حالة الطيور وهي متّخذة من الحقول التي ليست ملكاً لها مآال تؤول إليه‪ ،‬وتغرد‬
‫مهددة بالخطر من قبل الصقور والصيادين‪ ،‬وبالرغم من ّأنها تشاهد‬
‫وتغنى بالرغم من ّأنها ّ‬
‫ّ‬
‫حيا‪ ،‬ويقول له‪ّ :‬أيها اإلنسان‪...‬تبكي في هذه الحياة‬
‫البعض منها يقتل والبعض اآلخر يؤخذ ّ‬
‫تغنى فوق‬
‫وأنت تعيش مدة طويلة‪ ،‬فما بالك بالطيور التي تعيش بضعة أشهر وهي متفائلة ّ‬
‫الراء لتك ارره‬
‫صوت ّ‬
‫الحب لكي تعيش‪ .‬كذلك وظّف الشاعر ّ‬
‫ّ‬ ‫الغصون وأحيانا أخرى تلتقط‬
‫لكي يبدو للسامعين أكثر وضوحاً‪ ،‬حيث خلّف أث ار موسيقياً رّناناً تطرب له اآلذان‪ ،‬وهي‬
‫تكرر (‪)08‬‬
‫يمر بها الشاعر ونجد كذلك صوت "النون" ّ‬
‫مناسبة لالنفعاالت واألحاسيس التي ّ‬
‫قوة‬
‫غنة فشكل نوعاً من اإليقاع الخارجي الذي يزيد من ّ‬
‫مرات‪ ،‬وهو صوت خيشومي فيه ّ‬
‫ّ‬
‫جنى" أنها أساس‬
‫التأثير في نفسية للمتلقي‪ ،‬وهو من األصوات المذلقة التي يقول عنها "ابن ّ‬
‫الكالم العربي وتعتبر كل كلمة خالية من حرف من حروف الذالقة ليست بعربية ‪ ،‬وصوت‬
‫الصوت في هذه المقطوعة‬
‫"النون" يد ّل في معظم األحيان على الستر والخفاء‪ ،‬ويحمل هذا ّ‬
‫نوعاً من اللّوم والعتاب للذين ينظرون إلى الحياة نظرة متشائمة في حين أن هناك من يعيش‬
‫ولكنه ينظر إليها من الجانب اإليجابي ويعيش حياة سعيدة‪ ،‬ونلمس تكرار هذا‬
‫حياة تعيسة ّ‬
‫تكررت ثالث مرات‪ ،‬حيث نجدها تترك أث اًر في نفس‬
‫خاصة في كلمة "تتغ ّن " والتي ّ‬
‫الصوت ب ّ‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪ ،‬تحقيق وشرح عبد السالم محمد هارون ‪ ،‬مكتبة الخانجي بالقاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬ط ‪، 2‬‬
‫‪ ، 1982‬ج ‪ ، 4‬ص ‪.435‬‬

‫‪71‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫المتلقي بصوتها الرّنان الذي يترك وقعاً في اآلذان وجرساً موسيقي ًا‪ ،‬ثم نجد صوت "الميم"‬
‫مرات) بنسبة قدرها حوالي (‪ )%3.88‬وهو صوت شفوي خيشومي تصدر‬
‫تكرر (‪ّ 07‬‬
‫الذي ّ‬
‫الشدة والرخاوة‪.‬‬
‫غنة عند التلفظ به وهو من األصوات المتوسطة بين ّ‬
‫معه ّ‬

‫أما عن داللته فقد ورد مدعماً لباقي األصوات لكي يضفي نوعاً من االنسجام داخل‬
‫ّ‬
‫المقطوعة‪.‬‬

‫الصفير (‪:)Sibilation‬‬
‫‪ّ -5‬‬

‫لدراسة هذه الظاهرة في قصيدة (فلسفة الحياة) قامت الباحثة باختيار مجموعة من‬
‫األبيات الشعرّية في المطلع‪:‬‬

‫يــــف تغــــدو ايا َــــدوت علــــي‬ ‫شــــــا ي ومــــــا بــــــ دا‬


‫ّأيهــــــيا ال ّ‬

‫ـــرحي‬
‫الرحيــــل ا الـ ّ‬
‫تتــــوقّ ا قبــــل ّ‬ ‫نفــس‬ ‫إن شـ ّـر الجنــاة فــي األر‬
‫ّ‬

‫أن تـــــرَّ فوقهـــــا ال ّنـــــدَّ إ لـــــي‬ ‫شو في الورود ا وتعمـ‬


‫وترَّ ال ّ‬

‫ــــن الحيـــــاة عب ـــــا ثقـــــي‬


‫مـــــن يَـ ّ‬ ‫هــــو عــــب علــــ الحيــــاة ثقيــــل‬

‫ل يــرَّ فـــي الوجــود شـــي ا جمـــي‬ ‫والـــــــيي نفســـــــه بغيـــــــر جمـــــــال‬

‫ــــــن اللّـــــــيات فيـــــــه فضـــــــول‬


‫ويَـ ّ‬ ‫ليس أشق ّممن يـرَّ العـيش مـ ار‬

‫عللّوهــــــــــا فأحســــــــــنوا التّعلــــــــــي‬ ‫أح ـــم ال ّنـــاس فـــي الحيـــاة أنـــاس‬

‫ل تخــــف أن يــــزول حتــــ يــــزول‬ ‫بالصــــبح مــــا دمــــت فيــــه‬


‫ّ‬ ‫فتمتّــــع‬

‫قصــــر البحــــث فيــــه ــــي يطــــول‬


‫ّ‬ ‫ــــــــم‬
‫وايا مـــــــــا أَـــــــــ ّل رأســـــــــ هـ ّ‬

‫‪72‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫فمــــــن العــــــار أن تَــــــل جهــــــول‬ ‫الروابـــــي‬


‫أدر ـــــت نههـــــا طيـــــور ّ‬

‫عدد مرات الت رار النسبة الم وية (‪)%‬‬ ‫األصوات الصفيرية‬

‫‪%2.38‬‬ ‫‪07‬‬ ‫س‬


‫‪%2.04‬‬ ‫‪06‬‬ ‫ش‬
‫‪%1‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ص‬
‫‪%0.68‬‬ ‫‪02‬‬ ‫ز‬

‫‪%6.10‬‬ ‫‪18‬‬ ‫المجموع‬

‫يوضح نسبة تكرار األصوات الصفيرية‬


‫منحنى بياني ّ‬
‫‪20‬‬

‫‪18‬‬

‫‪16‬‬

‫‪14‬‬

‫‪12‬‬
‫عدد مرات التكرار‬
‫‪10‬‬
‫النسبة المئوية (‪)%‬‬
‫‪8‬‬ ‫االصوات الصفيرية‬
‫‪6‬‬

‫‪4‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬
‫س‬ ‫ش‬ ‫ص‬ ‫ز‬ ‫المجموع‬

‫‪73‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫مرات‬
‫تكرر(‪ّ )07‬‬
‫السين ّ‬
‫صوت ّ‬
‫أن ّ‬
‫بيانيا اتّضح ّ‬
‫من خالل الجدول السابق والتمثيل له ً‬
‫بنسبة قدرها حوالي (‪.)%21.38‬يقول إبراهيم أنيس‪" :‬يحاول الشاعر أن تكون موسيقى‬
‫ألفاظه حين يطرق المعنى العنيف غيرها في المعاني الهادئة الرقيقة"‪.1‬‬

‫يحس‬
‫الراحة لكي ّ‬
‫السين للتنفيس وأخذ قسط من ّ‬
‫وهنا في هذه األبيات وظّف الشاعر ّ‬
‫صوت صفيري‪ ،‬مهموس مستفل رخو‬
‫السين" ّ‬
‫الحرية أثناء أدائه لهذه المقطوعة‪ ،‬و" ّ‬
‫بنوع من ّ‬
‫يمر به الشاعر وهو وعظ وارشاد لكل متشائم في هذه الحياة‪،‬‬
‫ولذلك ناسب هذا الموقف الذي ّ‬
‫وكذلك نجد الكلمات التي استعملها وفيها صوت السين فيها انكسار وضعف نحو‪ :‬نفسه‪،‬‬
‫مرتين للداللة على التفشي والسعة‬
‫تكرر ّ‬
‫السين" ّ‬
‫الناس‪ ،‬أناس‪ ،‬رأسك ‪ ...‬ونلحظ أن صوت " ّ‬
‫شخصية‬
‫ّ‬ ‫واالنتشار وافراغ الشاعر ما بداخله من حزن وأسى‪ ،‬وهذا بدوره ينعكس على‬
‫أدى به إلى الهجرة‬
‫دمر بالده و ّ‬
‫ال ّشاعر الذي عانى من ويالت االستعمار الغاشم الذي ّ‬
‫خارجه والتحاقه برفقائه بالمهجر وال سيما أن " ِّ‬
‫الشين" صوت يخرج في مدة أطول من غيره‬
‫مرات بنسبة (‪ ،)%1‬فإنه‬
‫من األصوات وعلى الرغم من أن صوت "الصاد" قد ت ّكرر ثالث ّ‬
‫قوي ‪ ،‬مطبق‪ ،‬مستعل‪ ،‬وصفاته تنعكس على‬
‫الصوت ّ‬
‫القوة و الصمود‪ ،‬ألّن هذا ّ‬
‫يبرز مالمح ّ‬
‫دالالته‪.‬‬

‫أما عن صوت "الزاي" فنسبته ضئيلة جداً إذا ما قورن بباقي الصفيريات الموجودة في‬
‫نوعا من االنسجام داخل القصيدة‪.‬‬
‫لكنه بالتضافر مع باقي األصوات يحقق ً‬
‫المقطوعة‪ّ ،‬‬

‫‪-6‬النحراف( الجانبية)‪Lateral :‬‬

‫شديد جرى فيه الصوت‬


‫يقول سيبويه عن األصوات "ومنها المنحرف‪ ،‬وهو حرف ّ‬
‫الصوت كاعتراض الحروف ال ّشديدة وهو‬
‫الصوت‪ ،‬ولم يعترض على ّ‬
‫ّ‬ ‫النحراف اللّسان مع‬
‫كالرخوة‪ ،‬ألن طرف اللسان ال يتجافى عن‬
‫الصوت ‪ .‬وليس ّ‬
‫الالم ‪ ،‬وان شئت مددت فيها ّ‬

‫‪ -1‬إبراهيم أنيس‪ ،‬موسيقى الشعر‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪ ،1952 ،2‬ص ‪.41‬‬

‫‪74‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫ق اللسان فويق‬
‫الصوت من موضع الالم ولكن من ناحيتي مستد ّ‬
‫موضعه‪ ،‬وليس يخرج ّ‬
‫مرة بنسبة حوالي‬
‫ذلك" ‪ ،‬وفي المقطوعة الشعرية السابقة نالحظ تكرار صوت الالم (‪ّ )38‬‬
‫‪1‬‬

‫الصوت هو العدول واالنحراف عن‬


‫الدور البارز الذي مثّله هذا ّ‬
‫(‪ ،)%12.96‬وهكذا فإّن ّ‬
‫المألوف‪ ،‬حيث جعل الشاعر من "ال م" روياً لقصيدته مشبعاً بألف مد من أ ّولها إلى آخرها‬
‫هما يحمله في قلبه‬
‫يصب فيه ك ّل أوجاعه وأحزانه التي باتت ّ‬
‫ّ‬ ‫فوجد فيه قالباً‬

‫‪-7‬الت ريـــــــــــر‪Rolled:‬‬

‫(المكرر) وهو حرف شديد يجري فيه‬


‫ّ‬ ‫الراء‪ ،‬يقول عنه سيبويه "ومنها‬
‫ويمثله صوت ّ‬
‫الصوت‬
‫كالرخوة‪ ،‬ولو لم يكرر لم يجر ّ‬
‫للصوت ّ‬
‫الصوت لتكريره وانحرافه إلى الالم فتجافى ّ‬
‫الراء"‪.2‬ونجد هذا الصوت تكرر في األبيات نفسها خمس عشرة مرة(‪ )15‬للداللة‬
‫فيه‪ ،‬وهو ّ‬
‫الصوت مع المعاني التي‬
‫ّ‬ ‫على االستم اررية في التفاؤل ونبذ التشاؤم‪ ،‬وبالتالي فقد انسجم هذا‬
‫تكرر في الكلمات التالية‪( :‬الرحيلا الورودا أرس ا أدر ت)‬
‫يريد أن يوصلها الشاعر‪ ،‬وقد ّ‬

‫ب‪ :‬الصوا ت ودللتها‪:‬‬

‫"الصوت‬
‫ّ‬ ‫ست حركات منها ثالث طوال وثالث قصار والحركة هي‬
‫في اللّغة العربية ّ‬
‫المجهور الذي يحدث في تكوينه أن يندفع الهواء في مجرى مستمر خالل الحلق والفم‪،‬‬
‫اضا تاما أو‬
‫وخالل األنف معها أحياناً‪ ،‬دون أن يكون ثمة عائق يعترض مجرى الهواء اعتر ً‬
‫للتعرف على داللة الصوائت‬
‫تضييق لمجرى الهواء من شأنه أن يحدث احتكاكا مسموعاً ‪ .‬و ّ‬
‫‪3‬‬

‫‪ -1‬سيبويه‪ ،‬الكتاب‪.435 /4 ،‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ -3‬محمود السعران‪ ،‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫د‪ .‬ط ‪ ،‬د‪.‬ت ‪ ،‬ص ‪.148‬‬

‫‪75‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫وقع اختياري على المقطوعة الشعرية من (‪ 1‬إلى ‪ )8‬لرصد مدى دور الحركات في تقوية‬
‫ومؤازرة الداللة‪ ،‬حيث جاء توزيع الحركات القصيرة والطويلة كما يلي‪:‬‬

‫الصوا ت الطويلة‬ ‫الصوا ت القصيرة‬


‫أنواع الصوا ت‬
‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬

‫‪%10.76‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪%53.81‬‬ ‫‪120‬‬ ‫الفتحة‬


‫‪%4.93‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪%17.48‬‬ ‫‪39‬‬ ‫ال سرة‬
‫‪%3.13‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪%09.86‬‬ ‫‪22‬‬ ‫الضمة‬
‫ّ‬
‫‪%18.82‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪%81.15‬‬ ‫‪181‬‬ ‫المجموع‬

‫منحنى بياني يمثل نسبة تكرار الصوائت القصيرة والطويلة‬

‫‪200‬‬

‫‪180‬‬

‫‪160‬‬

‫‪140‬‬

‫‪120‬‬

‫‪100‬‬ ‫الصوائت القصيرة‬


‫الصوائت الطويلة‬
‫‪80‬‬

‫‪60‬‬

‫‪40‬‬

‫‪20‬‬

‫‪0‬‬
‫الفتحة‬ ‫الكسرة‬ ‫الضمة‬ ‫المجموع‬

‫أن تكرار الفتحة بنوعيها كان‬


‫نالحظ من خالل الجدول اإلحصائي والرسم التمثيلي له ّ‬
‫مرة(‪ )120‬بنسبة‬
‫تكررت الفتحة القصيرة مئة وعشرين ّ‬
‫في المرتبة األولى‪ ،‬حيث ّ‬
‫‪76‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫مرة (‪ )24‬بنسبة (‪)%10.76‬‬


‫تكررت أربعا وعشرين ّ‬
‫أما الفتحة الطويلة فقد ّ‬
‫(‪ّ ،)%35.81‬‬
‫ك أن هذه النسب العالية للفتحة بنوعيها في هذه األبيات يتناسب وغرض الشاعر الذي‬
‫وال ش ّ‬
‫حب الحياة واالبتعاد عن كل ما يع ّكر صفوها‪ ،‬وحضور هذا النوع من‬
‫يهدف إليه وهو ّ‬
‫المد الذي‬
‫النفس واخراج المكنونات عن طريق ّ‬
‫الراحة والسعة في أخذ ّ‬
‫الحركات ولّد نوعاً من ّ‬
‫تنفيسا ألحزانه‪ ،‬ويقول عنها سيبويه‪" :‬وهذه الثالثة أخفى الحروف التساع مخرجها‪،‬‬
‫ً‬ ‫وجد فيه‬
‫المد بكثرة يد ّل على‬
‫أوسعهن مخرجا‪ :‬األلف‪ ،‬ثم الياء‪ ،‬ثم الواو" ‪ ،‬وتكرار ألف ّ‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬ ‫وأخفاهن و‬
‫النفسي الممتد الذي يعاني منه الشاعر‪ ،‬وتحمل األلف جماالً موسيقياً مرهفاً‪ ،‬ويقول‬
‫األلم ّ‬
‫النفس معها‪ ،‬وكذلك‬
‫ألنها طويلة المتداد ّ‬
‫عنها علماء األصوات ّأنها األكثر موسيقية‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألن الفتحة في العر ّبية" تخرج من‬
‫وهكذا سيطرت الفتحة بنوعيها على هذه المقطوعة ّ‬
‫خرق الفم بال كلفة "‪2‬و أوسع الحركات نطقاً وأوسعها مخرجاً‪.‬‬

‫تكررت الياء إحدى‬


‫وتحتل الكسرة بنوعيها القصيرة والطويلة المرتبة الثانية‪ ،‬حيت ّ‬
‫)أما عن دالالتها فهي تد ّل على االنكسار لثقلها في النطق‬
‫مرة (‪ )11‬بنسبة (‪ّ %4.93‬‬
‫عشرة ّ‬
‫الرفعة لهما‬
‫ألن لمخرجيهما مؤونة على اللّسان والشفتين تنظم ّ‬
‫الضم والكسر ّ‬
‫ّ‬ ‫"فإنما يستثقل‬
‫المحددة‬
‫ّ‬ ‫الضمة ويمال أحد الشدقين إلى الكسرة فترى ذلك ثقال"‪ ،3‬ومن خالل األبيات‬
‫ّ‬ ‫فيثقل‬
‫نفسية الشاعر من حزن وألم حيث ترددت تسعا‬
‫ّ‬ ‫للدراسة فإن داللة الكسرة تعكس ما في‬
‫مرة (‪ )39‬بنسبة (‪ )%17.48‬في حين تكررت الكسرة الطويلة إحدى عشرة مرة‬
‫وثالثين ّ‬
‫الضمة‬
‫ّ‬ ‫الضمة بنوعيها المرتبة األخيرة‪ ،‬فكان تكرار‬
‫ّ‬ ‫(‪ )11‬بنسبة قدرها (‪ ،)%4.93‬واحتلت‬
‫أما الطويلة تكررت سبع مرات (‪ )07‬بنسبة‬
‫مرة بنسبة (‪ّ )%9.86‬‬
‫القصيرة (‪ّ )22‬‬

‫‪ -1‬سيبويه‪ ،‬الكتاب ‪.436 / 4 ،‬‬


‫‪ 2‬ــ الفراء ‪ ،‬معاني القرآن ‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي ‪ ،‬عالم الكتب ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪3‬‬
‫‪13/2 ، 1983 ،‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫الضمة التي تحملها في هذه األبيات ‪ ،‬معاني الضيق الذي‬


‫(‪ ،)%3.13‬ومن بين دالالت ّ‬
‫الحرية أو‬
‫جراء ويالت االستعمار الغاشم الذي ح ّل ببالده‪ ،‬والبحث عن ّ‬
‫يعيش فيه الشاعر ّ‬
‫حريته التي سلبت منه‪.‬‬
‫الهجرة إلى بالد أخرى علّه يجد فيها ّ‬

‫ومن بين المقاطع األخرى للقصيدة اختارت الباحثة المقطع األخير أن يكون مح ّل‬
‫تردد الصوائت الطويلة والقصيرة والذي يحتوي على األبيات اآلتية‪:‬‬
‫دراسة مدى ّ‬

‫أزهـــــــــار شـــــــــ ًّما وتـــــــــارةا تقبـــــــــي‬ ‫ـــن مـــع الفجـــر نســـم اة توســـع الــــ‬

‫فــــي الَــــ م عــــوي‬ ‫تمــــل األر‬ ‫الســــوافي اللــــواتي‬


‫وما مــــن ّ‬
‫ل ســــم ا‬

‫الســـــهول‬
‫الربـــــ و ُّ‬
‫بـــــات والنهـــــر و ُّ‬ ‫ومـــــع الليـــــل و ابـــــا يـــــؤنس الغـــــا‬

‫فيلقـــــــي علـــــــ الجميـــــــع ســـــــدول‬ ‫ل دجــــــ ي ــــــره العــــــوالم وال ّنــــــاس‬

‫ـــــن جمـــــي تـــــر الوجـــــود جمـــــي‬ ‫شـــــــا ي ومـــــــا بـــــــ دا‬


‫ّأيهـــــــيا ال ّ‬

‫ولمعرفة داللة الصوائت قامت الباحثة بالجدول اإلحصائي التالي‪:‬‬

‫أنواع الصوا ـــــــــــــــت‬

‫النسبة‪%‬‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‪ %‬الصوا ت الطويلة‬ ‫العدد‬ ‫صوا ت قصيرة‬

‫‪%15‬‬ ‫‪22‬‬ ‫األلف‬ ‫‪%51.7‬‬ ‫‪76‬‬ ‫الفتحة‬


‫‪%6.1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫اليا‬ ‫‪%12.9‬‬ ‫‪19‬‬ ‫ال سرة‬
‫‪%3.4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الواو‬ ‫‪%10.9‬‬ ‫‪16‬‬ ‫الضمة‬
‫ّ‬
‫‪%24.5‬‬ ‫‪36‬‬ ‫المجموع‬ ‫‪%75.5‬‬ ‫‪111‬‬ ‫المجموع‬

‫‪78‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫الضمة)‬
‫ّ‬ ‫تمثيل بياني يمثّل نسبة تكرار(الفتحة ‪ ،‬الكسرة ‪،‬‬

‫‪120‬‬

‫‪100‬‬

‫‪80‬‬

‫‪60‬‬

‫‪40‬‬

‫‪20‬‬

‫‪0‬‬
‫صوائت قصيرة‬ ‫الفتحة‬ ‫الكسرة‬ ‫الضمة‬ ‫المجموع‬

‫أن ترتيب الصوائت‬


‫من خالل الجدول السابق وكذلك التمثيل البياني له يتضح لنا ّ‬
‫بقي على حاله‪ ،‬بحيث احتلت الفتحة بنوعيها المرتبة األولى وبلغت نسبتها في هذه األبيات‬
‫(‪ )%66.7‬من مجموع الحركات‪ ،‬ونالحظ هذه النسبة تقارب نسبة الفتحة القصيرة والطويلة‬
‫مرة بنسبة قدرها (‪ )%64.57‬ولع ّل‬
‫في المقطوعة السابقة حيث نجدها تكررت (‪ّ )144‬‬
‫السبب في ذلك هو استقرار الشاعر على نفس الوتيرة‪ ،‬وفي هذه األبيات يقدم نصيحة‬
‫كالريح‬
‫للمتشائم ويقول له‪ :‬أبعد عنك التشاؤم وكن مع الفجر نسي ًما كنسيم األزهار‪ ،‬وال تكون ّ‬
‫الليل‪ ،‬كن كوكبا مضيئا‬
‫التي تحمل معها الغبار والتراب وتمأل األرض وتستولي عليها وفي ّ‬
‫الربى والسهوال ‪ ،‬وال تكن ظالماً يخافه الجميع ويلقي‬
‫تستأنس به حيوانات الغابات والنهّر و ّ‬
‫الدنيا تراها‬
‫الداء وهو بعيد عنك؟ تفاءل في هذه ّ‬
‫عليهم سدوله‪ ،‬يا ّأيها الشاكي لماذا تشتكي ّ‬
‫جميلة وتفتح لك أبوابها‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫مرة (‪)19‬‬
‫أما الكسرة فكانت في المرتبة الثانية‪ ،‬تكررت القصيرة منها تسع عشرة ّ‬
‫ّ‬
‫مرات بنسبة (‪)%6.1‬‬
‫أما الطويلة وهي "اليا " كان تكرارها تسع (‪ّ )9‬‬
‫بنسبة (‪ّ )%12.2‬‬
‫يمر بها‪ ،‬وأخي ار‬
‫والتي لم يستخدمها هكذا جزافا واّنما لتنسجم مع المشاعر واألحاسيس التي ّ‬
‫الضمة بنوعيها تبقى في المرتبة األخيرة بنسبة (‪.)%14.30‬‬
‫ّ‬

‫نوع في استعمال الحركات التي كانت مالئمة‬


‫نالحظ أن "إيليا أبو ماضي" قد ّ‬
‫ألحاسيسه وعواطفه وأفكاره التي يريد إيصالها إلى المتلقي‪ ،‬إذ نرى الفتحة بنوعيها كانت‬
‫الضمة في‬
‫ّ‬ ‫أن نسبة استعمال الكسرة فاقت‬
‫الضمة‪ ،‬فنجد ّ‬
‫أما بالنسبة للكسرة و ّ‬
‫المسيطرة‪ّ ،‬‬
‫األبيات المدروسة‪ ،‬وهذا بدوره يتالءم مع غرض القصيدة‪ ،‬وبالتالي نستطيع أن نقول أن‬
‫الحركات كانت مالئمة ألحاسيس الشاعر والمقام الذي قيلت فيه هذه القصيدة‪ ،‬ومن خالل‬
‫تنوع الحركات ونسب ترتيبها كانت بمثابة دليل الشاعر إلى إيصال أفكاره واص ارره على‬
‫ّ‬
‫وشدة تمسك بالمبادئ‬
‫التحدي ّ‬
‫ّ‬ ‫مواصلة المسيرة رغم كل الجراحات والعقبات‪ ،‬وهذا نوع من‬
‫فنية تسر الناظرين‪ ،‬وقد فازت الفتحة بنوعيها في األبيات المختارة‪ ،‬ويبدو‬
‫أخرجه في لوحة ّ‬
‫أ ّن الصفات التي يتمتع بها هذان الصائتان من اتساع وعمق في النفس جعلتهما يؤهالن إلى‬
‫الناس‪ ،‬من طريق اإليقاع النغمي الذي تخلّفه‬
‫حمل الدالالت التي يريد الشاعر إيصالها إلى ّ‬
‫الروي الذي ينسجم واآلهات التي يعاني منها في حياته‪،‬‬
‫األلف‪ ،‬وبخاصة عند إشباع حرف ّ‬
‫تعبير عن مظاهر الحرمان التي يعيشها الشاعر في المهجر‬
‫ًا‬ ‫ولكون األلف أوسع الصوائت‬
‫بعيدا عن أهله ووطنه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬النسيج المقطعي ودللته‪:‬‬

‫تعد المقاطع األساس الذي تقوم عليه دراسة باقي الظواهر فوق التركيبية‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬
‫أن لك ّل نوع مقطعي داللة يوحي بها‪ ،‬ومن ثم نجد‬
‫المقاطع بأنواعها تحمل دالالت‪ ،‬بحيث ّ‬
‫معينة وفي أي غرض يختار مقاطع بعينها دون أخرى وذلك‬
‫الشاعر أثناء نظمه لقصيدة ّ‬

‫‪80‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫بهدف توصيل الدالالت والمضامين واإليحاءات إلى المتذوقين لهذا اللّون من األدب‪،‬‬
‫معينة من قصيدة (فلسفة الحياة)‬
‫ولمعرفة مدى صدق هذه النظرية تقوم الباحثة بتقطيع أبيات ّ‬
‫أن هذا الشاعر اختار مقاطع دون غيرها إليصال الدالالت المختلفة أم‬
‫وذلك لتتوصل إلى ّ‬
‫أن هذه النظرية ال تصدق على هذه القصيدة‪ ،‬ولذلك اختارت الباحثة األبيات اآلتية لتكون‬
‫محل دراسة‪:‬‬

‫فـــأريحوا ا أهـــل العقـــولا العقـــول‬ ‫مـــــا أتينـــــا إلـــــ الحيـــــاة لنشـــــق‬

‫أخيتـــــــه الهمـــــــوم أخـــــــيا وبـــــــي‬ ‫ــــ ّل مــــن يجمــــع الهمــــوم عليــــه‬

‫ومــــــع ال بــــــل ل يبــــــالي ال بــــــول‬ ‫شـــــه يتغ ّنـــــ‬


‫ـــــن هـــــ از ار فـــــي ع ّ‬

‫وبوما في اللّيـل يب ـي الطّلـول‬ ‫ـــدود فــــي األر‬


‫ل َرابــــا يطــــارد الـ ّ‬

‫كانت مقاطع الصوتّية لهذه األبيات كاآلتي‪:‬‬

‫التقطيـــــــــــــــــــــــــــع‬ ‫عرية‬
‫ش ّ‬ ‫األبيات ال ّ‬

‫إ‬ ‫نا‬ ‫تيــــ‬ ‫أ‬ ‫ما‬


‫صححصح صحصصحح صح‬
‫نشــــ‬ ‫لــ‬ ‫ة‬ ‫يا‬ ‫ح‬ ‫للـــ‬
‫صحصصح صححصح صح صحص‬
‫قـــ‬ ‫ما أتينا إل الحياة لنشق *‬
‫فأريحوا اأهل العقولاالعقول ص ح ح‬

‫للــ‬ ‫أهــــ‬ ‫حوا‬ ‫ريــــ‬ ‫أ‬ ‫فـــــ‬


‫صحصحح صحح صحصصح‬ ‫صح‬
‫ص‬
‫‪81‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫ل‬ ‫قــــو‬ ‫ــــعـــ‬ ‫للــــــ‬ ‫قــــو‬ ‫عــــ‬


‫صح صححصحصصحصحح صحح‬
‫ـــع لـــ‬ ‫مــــــ‬ ‫يج‬ ‫من‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫صحصصح صحص صحصصح صح‬
‫ص‬
‫البيت الثاني‪:‬‬
‫ـــــه‬ ‫ليـــــ‬ ‫عـ‬ ‫م‬ ‫مو‬ ‫ه‬
‫ُّل من يجمع الهموم‬
‫صح صحح صح صح صحص صح‬
‫عليه*‬
‫مو‬ ‫هـــــ‬ ‫ه لــ‬ ‫ي تــــ‬ ‫خــــــ‬ ‫أ‬
‫أخيته الهموم أخيا وبي‬
‫صح صح صحصصحصصح صحح‬
‫ل‬ ‫بيــــ‬ ‫و‬ ‫ين‬ ‫أخــــ‬ ‫م‬
‫صح صحصصحصصح صححصحح‬

‫عش ـ‬ ‫في‬ ‫رن‬ ‫از‬ ‫هـــ‬ ‫ن‬

‫البيت الثالث‬
‫صحصصحصححصحص صححصح‬
‫ن ه از از في ع ِّ‬
‫شه يتغن *‬
‫ص‬
‫ن‬ ‫َن‬ ‫تـــــــ‬ ‫يـــ‬ ‫ــــــــه‬ ‫شـــ‬
‫ومع ال بل ل يبالي ال بول‬
‫صح صح صحص صحح‬ ‫صح صح‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫بـــــ‬ ‫ع لــــ‬ ‫مــــــ‬ ‫و‬
‫صحصح صحص صحصصح صحح‬
‫ل‬ ‫بو‬ ‫ــــ‬ ‫للـــــــ‬ ‫با‬ ‫يــــ‬
‫صحصححصحصصح صححصحح‬

‫‪82‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫طا‬ ‫يـــ‬ ‫بن‬ ‫ار‬ ‫َــــ‬ ‫ل‬


‫صحصحح‬ ‫صححصحصحح صحص‬
‫ر‬
‫صح‬
‫الدود في‬
‫لَرابا يطارد ّ‬
‫أر‬ ‫فــ لـــــ‬ ‫د‬ ‫دو‬ ‫دد‬
‫األر*‬
‫صحصصححصحصحصصحصصح‬
‫وبوما في الليل‬
‫و‬
‫يب ي الطُّلول‬
‫صح‬
‫يبــــ‬ ‫ل‬ ‫ليــ‬ ‫فل‬ ‫من‬ ‫بو‬
‫صححصحصصحصصحصحصصح‬
‫ل‬ ‫لو‬ ‫ط‬ ‫ــ ط‬
‫صحصصحصححصحح‬

‫يبين عدد المقاطع وأنواعها‬


‫جدول إحصائي ّ‬

‫عدد المقاطع المتوسطة‬ ‫عدد المقاطع القصيرة‬ ‫رقم‬


‫عدد المقاطع‬
‫(ص ح ص)‬ ‫(ص ح ح )‬ ‫(ص ح)‬ ‫البيت‬

‫‪06‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪08‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪07‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪09‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪96‬‬ ‫المجموع‬

‫‪83‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫أن عدد المقاطع بلغ (‪ )24‬مقطعاً وقد احتوت هذه‬


‫يتبين ّ‬
‫من خالل هذا الجدول ّ‬
‫النوع المتوسط المفتوح‬
‫النوع القصير و(‪ )28‬مقطعاً من ّ‬
‫األبيات على(‪ )38‬مقطعا من ّ‬
‫أن المقطع القصير احتل المرتبة األولى‬
‫ثم نالحظ ّ‬
‫و(‪ )30‬مقطعاً من المتوسط المغلق‪ ،‬ومن ّ‬
‫المدة الزمنية التي‬
‫في هذه األبيات‪ ،‬وقد يعود السبب في ذلك إلى سهولة النطق به‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫ث‬
‫يستغرقها‪ ،‬فال ّشاعر في هذه األبيات يبحث عن الحياة الخالية من الهموم والمشاكل‪ ،‬ويح ّ‬
‫كل من له آذان صاغية على ال ّشجاعة واإلقدام‪ ،‬ومحاربة الهموم والمشاكل حيث يقول‬
‫للمتشائم‪ :‬كن طي اًر يتباهى في عشه‪ ،‬وال يبالي بالعقبات التي قد تصيبه‪ ،‬وال تكن غرابا يبحث‬
‫دائما عن الدود في األرض‪ ،‬أو بوما ال يظهر ّإال في اللّيل بائساً حزينا يبكي حاله‪.‬‬

‫ألنه‬
‫وقد تفوق المقطع المتوسط المغلق على نظيره المفتوح لسهولته في النطق‪ ،‬و ّ‬
‫فسية للشاعر‪ ،‬وذلك النقطاع النفس معه‪ ،‬فهو ُّ‬
‫يدل على حالة االضطراب‬ ‫الن ّ‬
‫يتناسب والحالة ّ‬
‫الدنيا وال ينظر إلى مل ّذاتها‪ ،‬وكذلك‬
‫يتبرم من هموم ّ‬
‫وعدم القبول والرضا للشاكي الذي ّ‬
‫ألنه وجد فيه راحة وتعتبر‬
‫استعمل المقطع المتوسط المفتوح ليروح عن نفسه عن طريق المد ّ‬
‫الرابع‬
‫المقاطع الثالثة األولى األكثر شيوعاً في الكالم العربي‪ ،‬في حين نجد المقطع الثالث و ّ‬
‫يتخير الشاعر األوزان الكبيرة المقاطع والمقام وحده هو الذي‬
‫والخامس قليلة الشيوع‪ ،‬وقد ّ‬
‫أن الشاعر في حالة اليأس‬
‫نقرر ّ‬
‫ثمة "نستطيع ونحن مطمئنون أن ّ‬
‫يحدد لنا ذلك ‪ ،‬ومن ّ‬
‫يصب فيه من أشجانه ما ينفّس عنه حزنه‬
‫ّ‬ ‫يتخير عادة وزنا طويال كثير المقاطع‬
‫والجزع ّ‬
‫وجزعه‪ ،‬فإذا قيل الشعر وقت المصيبة والهلع تأثر باالنفعال النفسي"‪.1‬‬

‫التنوع في البيت الواحد من حيث أنواع المقاطع‬


‫كما نالحظ من خالل األبيات السابقة ّ‬
‫أما عن نهاية األبيات فكانت كلّها تنـهي‬
‫وهذا دليل كاف على عدم استقرار الشاعر ومعاناته‪ّ ،‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم أنيس‪ ،‬موسيقى الشعر‪ ،‬ص‪.175‬‬

‫‪84‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫القوة والبروز‬
‫الروي نوعاً من ّ‬ ‫السمعي فقد أعطى ّ‬‫بمقطع متوسط مفتوح ‪ ،‬ونظ اًر لوضوحه ّ‬
‫الذي من شأنه أن ينفّس عن كل ما يجيش في نفس الشاعر ويخفف من أحزانه‪.‬‬

‫التعرف أكثر على‬


‫ّ‬ ‫وتقوم الباحثة بتقطيع مجموعة أخرى من أبيات القصيدة وذلك بهدف‬
‫الداللة الصوتية التي تخلفها المقاطع المستعملة فيها وهي‪:‬‬

‫فيســـــــقي مـــــــن جانبيـــــــه الحقـــــــول‬ ‫رقراقــا‬ ‫ـن َـدي ار يســير فــي األر‬

‫ــــ ّل شــــخص و ــــ ّل شــــي مثــــي‬ ‫تســـــــتح ُّم ال ّنجـــــــوم فيـــــــه ويلقـــــــ‬

‫تســتحــيل الـميــــاه فـيـــه وحـــــول‬ ‫ل وعــــــــا يق ِّيــــــــد المــــــــا حتــــــــ‬

‫الصوتية التي اعتمدها ال ّشاعر في هذه األبيات نقوم‬


‫ّ‬ ‫للوقوف على دالالت المقاطع‬
‫بتحليلها مقطعيا‪.‬‬

‫التحليل المقطعي للبيات‪:‬‬

‫التقطيـــــــــــــــــــــــــع‬ ‫األبيـــات الشعريــــّة‬


‫يــــــــ‬ ‫ــــرن‬ ‫ديـــ‬ ‫َـــــــ‬ ‫* ن‬
‫صحص صح‬ ‫صحصصح صحح‬
‫رقــ‬ ‫أر‬ ‫فــــــ لــــ‬ ‫ر‬ ‫سيـــــ‬ ‫َدير يسير في األر‬
‫اا‬ ‫ن‬
‫صحح صحصحصصحص صح صح‬ ‫رق ار‬
‫ص‬ ‫قافيسقي من جانبيه‬
‫ار‬ ‫الحقــــــول‬
‫صحح‬
‫من‬ ‫قي‬ ‫يســـــ‬ ‫فـــــ‬ ‫* قن‬
‫صحصصح صحصصححصحص‬

‫‪85‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫حـــ‬ ‫ــــــــه لـــــــ‬ ‫بيـــــــ‬ ‫نـــــ‬ ‫جا‬


‫صح‬ ‫صحح صحصحصصحص‬
‫ل‬ ‫قـــــو‬
‫صحح صحص‬
‫جو‬ ‫نـــ‬ ‫من‬ ‫حمــــ‬ ‫تـــ‬ ‫تســــ‬
‫صحصصحصحصصحصصحصحح‬
‫ق‬ ‫يلـــ‬ ‫و‬ ‫ـــــه‬ ‫فيـــ‬ ‫م‬
‫صحصححصحصحصحصصحح‬
‫تحم ال ّنجوم فيه ويلق *‬
‫تس ُّ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫صن‬ ‫شخـــ‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ُّل شخص و ُّل شيئ‬
‫ص ح ص ص ح ص ح ص ص ح ص ص ح ص ح‬
‫مثي‬
‫ص‬
‫ل‬ ‫ثيـــــ‬ ‫م‬ ‫ـ ـــ ن‬ ‫شيــ‬ ‫ل‬
‫صحصحصصحصصحصححصحح‬

‫يـــــ‬ ‫قيـــــ‬ ‫يــ‬ ‫عا‬ ‫و‬ ‫ل‬


‫يقيد الما حت * ص ح ح ص ح ص ح ح ص ح ص ح ص ح ص ص‬
‫ل وعا ا ِّ‬
‫ح‬ ‫تستحيل المياه فيه‬
‫ت‬ ‫حتـــــ‬ ‫ما‬ ‫دلــــــ‬ ‫وحــــــــــول‪.‬‬
‫صحصصحصحصح صصح ح‬
‫يا‬ ‫مـــــ‬ ‫ل لـــ‬ ‫حيـــــ‬ ‫تــــــ‬ ‫تس‬
‫صحصصحصححصحصصحصحح‬
‫ل‬ ‫حو‬ ‫و‬ ‫ــــــه‬ ‫فيـــ‬ ‫هـــــ‬

‫‪86‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫صح صحح صح صح صحح صحح‬

‫بعد تقطيع األبيات السابقة نضع جدوالً إحصائياً ألنواع المقاطع المترددة فيها وهي كما يلي‪:‬‬

‫عدد المقاطع المتوسطة‬ ‫عدد المقاطع‬ ‫عدد المقاطع‬ ‫رقم‬

‫(ص ح ح) (ص ح ص)‬ ‫القصيرة (ص ح)‬ ‫اإلجمالي‬ ‫البيت‬

‫‪10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪05‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪72‬‬ ‫المجموع‬
‫أن عدد مقاطع هذه األبيات بلغ (‪)72‬‬
‫يتّضح لنا من خالل هذه اإلحصائيات ّ‬
‫موزعة على ثالثة أبيات شعرّية‪ ،‬وكل بيت يحتوي على ‪ 24‬مقطعاً‪ ،‬وقد احتلت‬
‫مقطعاً ّ‬
‫مقطعا‪ ،‬ويليها المقطع المتوسط المغلق‬
‫ً‬ ‫المقاطع القصيرة النصيب األوفر بمجموع ‪25‬‬
‫بمجموع (‪ )25‬مقطعا‪ ،‬ثم المتوسط المفتوح بـ (‪ )20‬مقطعا‪.‬‬

‫التحرر‬
‫ّ‬ ‫تردد المقطع القصير في األبيات يعود سببه إلى ميزة‬
‫نالحظ أن كثرة ّ‬
‫النوع‬
‫الزمنية القصيرة التي يستغرقها هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫يتميز بها أبو ماضي وكذلك الم ّدة‬
‫واالنفتاح التي ّ‬
‫النفسية‪ ،‬ولذلك وجد في المقطع القصير ضالّته‬
‫ّ‬ ‫النطق بدورها تعكس حالته‬
‫من المقاطع في ّ‬
‫بحرية في هذه األبيات‪ ،‬فهو يجسد كل معاني األمل واالستمرار التي بلغت‬
‫يتحرك ّ‬
‫ّ‬ ‫وهو‬
‫ذروتها‪ ،‬وكذلك من خالله يسعى الشاعر إلى التجديد واالسترخاء لكي يعيد أنفاسه من جديد‪،‬‬
‫مما أدى إلى االنسجام بين موسيقى‬
‫وقد تولّد عن استعمال المقاطع تغيي ار في اإليقاع ّ‬
‫المقاطع والبحر الخفيف الذي يعتبر" من اإليقاعات التي أقبل عليها الشعراء الذين غلب‬

‫‪87‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫عليهم االتجاه الوجداني أو الرومانسي لما يمتاز به من ليونة تجعله مناسبا لالنفعاالت‬
‫النظم فيه‪.‬‬
‫يعد أخف البحور‪ ،‬ولسهولة ّ‬
‫المختلفة " وهو ّ‬
‫‪1‬‬

‫وهذا ال يعني اختفاء أنواع المقاطع األخرى المذكورة‪ ،‬واّنما حدثت مزاوجة بين هذه‬
‫تكرر المقطع‬
‫الزمنية ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫المقاطع وهي داللة على عدم استقرار الشاعر في هذه الحقبة‬
‫الحرة التي يمكنها التواجد في أي مكان من‬
‫مرة وهو من المقاطع ّ‬
‫المتوسط المغلق (‪ّ )25‬‬
‫يتكون منها نسيج الكلمة‬
‫الكلمة‪ ،‬وكذلك المتوسط المفتوح بلغ عدده (‪ )20‬مقطعا‪ ،‬وهي "التي ّ‬
‫العر ّبية في الكالم المتّصل وقد تقع تلك األنواع الثالثة في ّأول الكلمة أو وسطها أو آخرها‬
‫يختص بموضع ما من الكلمة"‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫فليس منها ما‬

‫محددا من الكلمة‪ ،‬فهي قد تقع في‬


‫ً‬ ‫أن أنواع المقاطع الثالثة األولى ال تلزم مكاناً‬
‫بمعنى ّ‬
‫ّأولها‪ ،‬أو في وسطها‪ ،‬كما تقع كذلك في آخرها‪.‬‬

‫أن أنواع المقاطع في العر ّبية ال يتجاوز الخمسة‬


‫ولقد أجمع علماء األصوات على ّ‬
‫موسيقيا‬
‫ً‬ ‫مقاطع‪ ،‬وقد حقّق المقطع المتوسط المغلق بتناوبه مع المقطع القصير جرساً‬
‫يستسيغه المتلقي وتطرب له أذنه لحظة االستماع لهذه المقطوعة‪.‬‬

‫الصوتية‬
‫ّ‬ ‫األمر الذي حقّق نوعاً من التوازن النغمي واإليقاعي في األبيات‪ .‬فالمقاطع‬
‫تعتبر المحرك األساس لضبط اإليقاع في القصيدة ‪ ،‬وعلى الرغم من وجود المقطع المتوسط‬
‫أهمية عنه‬
‫المفتوح بنسبة قليلة إذا ما قورن بالمقطع القصير‪ ،‬والمتوسط المغلق ّإال ّأنه ال يقل ّ‬
‫فنية يشتهيها كل‬
‫في إب ارز الجانب الجمالي وتوزيع الموسيقى على األبيات لتصبح لوح ًة ّ‬
‫الفن‪.‬‬
‫متذوق لهذا ّ‬

‫‪ - 1‬شكري محمد عياد ‪ ،‬مدخل إلى علم األسلوب ‪ ،‬أصدقاء الكتاب للنشر والتوزيع ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪5‬‬
‫‪ ، 1999‬ص ‪. 58‬‬
‫‪ -2‬إبراهيم أنيس‪ ،‬األصوات اللّغوية‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪88‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫أن التنوعات الصوتية التي أحدثتها هذه المقاطع ( ص ح‪ -‬ص ح‬


‫وخالصة القول ّ‬
‫السامع‬
‫نغمية تزاوجت فيما بينها لتجلب انتباه ّ‬
‫أدت إلى إضفاء تلوينات ّ‬
‫ص‪ -‬ص ح ح ) ّ‬
‫ولتغير نظرته إلى الحياة ‪ ،‬و لتعطي انطباعا يعكس حالة الشاعر المتهادية والمنشدة لما‬
‫ّ‬
‫يجب أن يكون عليه االنسان أو الشباب في حياتهم ‪.‬‬

‫جوا‬
‫دفعا للملل‪ ،‬ولكي يخلق ال ّشاعر لنا ً‬
‫الرابع والخامس وذلك ً‬
‫ونالحظ اختفاء النوعين ّ‬
‫انسجاما مع الواقع الموضوعي لألبيات ‪.‬‬
‫ً‬ ‫الصوتي يحقّق‬
‫ألن التوافق ّ‬
‫من التفاعل ‪ّ ،‬‬

‫رابعا‪ :‬دللة النبـــــر‪:‬‬

‫الصوتية‪ ،‬والتي بدورها تتفاوت فيما بينها م ـن‬


‫ّ‬ ‫يتألّف الكالم من جملة من المقاطع‬
‫حيث‬

‫الطول والمدة الزمنية ‪ ،‬ومن ناحية أخرى تتفاوت في نسبة الضغط عليها ‪ ،‬مع األخذ بعين‬

‫االعتبار السياق الصوتي الذي وجدت فيه‪ .‬هذا الضغط هو الذي يعرف عند علماء‬

‫األصوات بالنبر‪.‬‬

‫ولمعرفة داللته في قصيدة " فلسفة الحياة" اتبعت القاعدة التي وضعها "إبراهيم‬

‫األدائية ما يلي ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ألطبق عليها هذه الظّاهرة‬
‫أنيس" ‪ ،‬ومن بين األبيات التي اخترتها ّ‬

‫يـــــــف تغـــــــدو إيا َـــــــدوت علـــــــي‬ ‫ّأيهـــــــيا الشـــــــا ي و مـــــــا بـــــــــــ دا‬

‫تتـــــــوق ا قبـــــــل الرحيـــــــل الـــــــرحي‬ ‫نفـــــس‬ ‫إن شـــــر الجنـــــاة فـــــي األر‬

‫أن تـــــــرَّ فوقهـــــــا النـــــــدَّ إ لـــــــي‬ ‫وتــــرَّ الشــــو فــــي الــــورود وتعمــــ‬

‫مـــــــــــن يَـــــ ُّن الحيـــــاة عب اـــــا ثقـــــي‬ ‫هـــــو عـــــب علـــــ الحيـــــاة ثقيـــــــــــل‬

‫‪89‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫ل يــــرَّ فــــي الوجــــود شــــي اا جمــــي‬ ‫والــــــــيي نفســــــــه بغيــــــــر جمــــــــــــــــال‬

‫وبالنظر إلى مواقع الّنبر في الكلمات الواردة في األبيات ‪ ،‬يتضح لنا أنه جاء على النحو‬

‫التالي ‪:‬‬

‫أيـ‪ /‬يـ ‪ /‬ها‪ / *1‬ذ ش ‪ .‬شا ‪ِ /‬كي ‪ .‬و ‪ / .‬ما ‪ .‬بـِ ‪ /‬ك ‪ .‬دا ‪ /‬ء ن‬

‫صحص‪/‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬صحح‪/‬صحح‪.‬صح‪.‬صحح‬

‫صح‪/‬صح‪.‬صحح‪/‬صحص‪.‬‬

‫ّكيـ ‪ /‬ف ‪ .‬تغـ ‪ /‬دو ‪ .‬إِ ‪ /‬ذا ‪ .‬غـ ‪ /‬دو ‪ /‬ت ‪ .‬عـ ‪ /‬لِيـ ‪ /‬ال ؟ =‬
‫صحص‪/‬صح‪.‬صحص‪/‬صحح‪.‬صح‪/‬صحح‪.‬صح‪/‬صح‬
‫ص‪/‬صح‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫إِن ‪ /‬ن ‪ .‬شر‪ /‬رلـ ‪.‬جـ ‪ /‬نا ‪ِ /‬ة ‪ .‬فـِ لـ ‪ /‬أر‪ِ /‬‬
‫ض ‪ .‬نـفـ ‪ /‬سن ‪= .‬‬
‫ص ح ص ‪ /‬ص ح ‪ .‬ص ح ص‪ /‬ص ح ص ‪ .‬ص ح ‪ /‬ص ح ح ‪ /‬ص ح ‪ .‬ص ح‬
‫ص‪/‬صحص‪/‬صح‪.‬صحص‪/‬صحص‪.‬‬

‫تـ ‪ /‬تـ ‪ /‬وقـ ‪/‬قى ‪ .‬قبـ ‪ /‬ل ر ‪ .‬ر‪ِ /‬حيـ ‪ِ /‬ل ر ‪ .‬ر‪ِ /‬حيـ ‪ /‬ال ‪= .‬‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صح‬
‫ح‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫و ‪ /‬تـ ‪ /‬رش ‪ .‬شو ‪ /‬ك ‪ِ .‬فـ لـ ‪ /‬و‪ /‬رو‪ِ /‬د ‪ .‬و ‪ .‬تـعـ ‪ /‬مى ‪= .‬‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪.‬صحص‪/‬صح‪.‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬‬
‫صح‪.‬صح‪.‬صحص‪/‬صحح‪.‬‬

‫‪ -1‬الخط يرمز إلى المقطع المنبور‪ ،‬والنقطة وضعت للفصل بين كلمة وأخرى ‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫أن ‪ .‬تـ ‪ /‬رى ‪ .‬فو ‪ /‬قـ ‪ /‬هن ‪ .‬ن ‪ /‬دى ‪ .‬إِكـ ‪ِ /‬ليـ ‪ /‬ال‪= .‬‬

‫صح‪.‬صح‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صح‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪.‬‬
‫صحص‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫هـ ‪ /‬و ‪ِ .‬عبـ ‪ /‬ء ن ‪ .‬عـ ‪ /‬لـ لـ ‪ .‬حـ ‪ /‬يا ‪ِ /‬ة ‪ .‬ثـ ‪ِ /‬قيـ ‪ /‬لن ‪= .‬‬

‫صح‪/‬صح‪.‬صحص‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬‬
‫صح ‪ .‬ص ح ‪ /‬ص ح ح ‪ /‬ص ح ص ‪.‬‬

‫من ‪ .‬يـ ‪ /‬ظن ‪ /‬ن لـ ‪ .‬حـ ‪ /‬يا ‪ /‬ة ‪ِ .‬عبـ ‪ /‬ء ن ‪ .‬ثـ ‪ِ /‬قيـ ‪ /‬ال‪= .‬‬

‫صحص‪.‬صح‪/‬صحص‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صح‪.‬صح‬
‫ص‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫ولـ ‪ /‬لـ ‪ِ /‬ذي ‪ .‬نفـ ‪ /‬سـ ‪ /‬هو ‪ .‬بِـ ‪ /‬غيـ ‪ِ /‬ر‪ .‬جـ ‪ /‬ما ‪ /‬لِن ‪= .‬‬

‫صحص‪/‬صح‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صح‪/‬صحح‪.‬صح‪/‬صح‬
‫ص‪ /‬ص ح ‪ .‬ص ح ‪ /‬ص ح ح ‪ /‬ص ح ص ‪.‬‬

‫ال ‪ .‬يـ ‪ /‬رى ‪ِ .‬فـ لـ ‪ /‬و ‪ /‬جو ‪ِ /‬د ‪ .‬شيـ ‪ /‬ئـ ن ‪ .‬جـ ‪ِ /‬ميـ ‪ /‬ال ‪= .‬‬

‫صحح‪.‬صح‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صح‪/‬صحح‪/‬صح‪.‬صحص‬
‫‪/‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫أن ظاهرة النبر قد وقعت على ثالثة أنواع من المقاطع‬


‫يتضح لنا من خالل ما سبق ّ‬

‫وهي المقطع القصير المفتوح (ص ح )‪ ،‬والمقطع المتوسط المفتوح (ص ح ح) ‪ ،‬والمقطع‬

‫مرة‬
‫مرة ‪ ،‬و (‪ّ )18‬‬
‫المتوسط المغلق (ص ح ص)‪ ،‬حيث وقع على النوع األول (‪ّ )14‬‬

‫يخص انتشار هذه المقاطع الثالثة‬


‫ّ‬ ‫أما فيما‬
‫مرة على المقطع الثالث‪ّ ،‬‬
‫على الثاني‪ ،‬و(‪ّ )18‬‬
‫‪91‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫دون غيرها فلها ما يبررها في نفس الشاعر التي تضيق باأللم والحسرة‪ ،‬وهذه األنواع‬

‫الرحيل‬
‫تتناسب وحالة التأزم واالنغالق التي يعيشها كل متشائم في هذه الحياة‪ ،‬ويعجل لنفسه ّ‬
‫قبل أوانه‪ ،‬وال ينظر إلى الوجود نظرة منطقية‪.‬‬

‫مرده إلى االضطراب الذي يعاني منه‬


‫مرة ف ّ‬
‫األول بتكرار(‪ّ )14‬‬
‫أما عن ورود المقطع ّ‬
‫ّ‬

‫النفسية الهادئة‪ ،‬وجعل من‬


‫ّ‬ ‫النوع من المقاطع يتناسب مع الحاالت‬
‫ألن هذا ّ‬
‫الشاعر‪ّ ،‬‬

‫ألنه يتماشى وحالة الحزن التي تنتابه‬


‫وعاءا ألحزانه وأشجانه ّ‬
‫ً‬ ‫المقطع المتوسط بنوعيه‬

‫ومن جانب آخر قد يعود ذلك إلى الحالة االجتماعية التي يعاني منها الشاعر وهو في‬
‫بعيدا عن أهله ووطنه الذي سيطرت عليه يد المستعمر البريطاني الغاشم‪.‬‬
‫الغربة ً‬

‫وألجل التعمق أكثر في هذه الظاهرة فوق المقطعية التّي لها دور كبير في تجسيد‬

‫الدالالت المختلفة التي يريدها ال ّشاعر‪ ،‬اخترت أبيات أخرى من نفس القصيدة والتي يقول‬
‫فيها‪:‬‬

‫تخـــــيت فيـــــه مســـــر احا ومقـــــي‬ ‫مــــا تراهــــا ا والحقــــل ملــــ ســــواها‬

‫عليهـــــا ا والصـــــا دون الســـــبي‬ ‫تتغنـــ ا والصـــقر قـــد ملـــ الجـــو‬

‫يقضـي قتـي‬ ‫خـي حيًّـا و الـبع‬ ‫تتغنــــــ ا وقــــــد أرت بعضــــــها يــــــؤ‬

‫أفتب ــــــي وقــــــد تعــــــيش طــــــوي‬ ‫عــــــام‬ ‫تتغنــــــ ا وعمرهــــــا بعــــــ‬

‫النبر على النحو اآلتي ‪:‬‬


‫انطالقا من هذه األبيات المجتزأة من القصيدة نحدد مواضع ّ‬

‫ما ‪ .‬تـ ‪ /‬ار ‪ /‬ها ‪.‬ولـ ‪ /‬حقـ ‪ /‬ل ‪ِ .‬ملـ ‪/‬ك ‪ِ .‬سـ ‪ /‬وا ‪ /‬ها ‪= .‬‬

‫‪92‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫صحح‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صحص‪/‬صح‪.‬صح‬
‫ص‪/‬صح‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫تـ ‪ِ /‬خـ ‪ /‬ذ ت ‪ِ .‬فيـ ‪ /‬ـ ِـه ‪.‬مسـ ‪ /‬ر‪ /‬حن ‪ .‬و ‪ .‬مـ ‪ِ /‬قيـ ‪ /‬ال ‪.‬‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪.‬صحح‪/‬صح‪.‬صحص‪/‬صح‪/‬صحص‪.‬‬
‫صح‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫تـ ‪ /‬تـ ‪ /‬غنـ ‪ /‬نى ‪ .‬وص‪ /‬صقـ ‪ /‬ر ‪ .‬قد ‪ .‬مـ ‪ /‬لـ ‪ /‬ك لـ ‪ /‬جو ‪ /‬و‪= .‬‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صحص‪/‬صح‪.‬صح‬
‫ص‪.‬صح‪/‬صح‪/‬صحصصحص‪/‬صح‪.‬‬

‫عـ ‪ /‬ليـ ‪ /‬ها ‪ .‬و ص ‪ /‬صا ‪ /‬ئِـ ‪ /‬دو ‪ /‬ن س ‪ .‬س ‪ /‬بِيـ ‪ /‬ال‪= .‬‬

‫صح‪/‬صحص‪/‬صحح‪.‬صحص‪/‬صحح‪/‬صح‪/‬صحح‪/‬صح‬
‫ص صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫تـ ‪ /‬تـ ‪ /‬غنـ ‪ /‬نى ‪ .‬و ‪ .‬قد ‪ .‬ر‪ /‬أت ‪ .‬بعـ ‪ /‬ضـ ‪ /‬ها ‪ .‬يؤ‪ /‬خـ ‪ /‬ذ ‪= .‬‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪/‬صحح‪.‬صح‪.‬صحص‪.‬صح‪/‬صحص‪.‬‬
‫صحص‪/‬صح‪/‬صحح‪/‬صحص‪/‬صح‪/‬صح‪.‬‬

‫ضي ‪ .‬قـ ‪ /‬تِيـ ‪ /‬ال ‪=.‬‬


‫حيـ ‪ /‬ين ‪ .‬ولـ ‪ /‬بعـ ‪ /‬ض ‪.‬يقـ ‪ِ /‬‬

‫صحص‪/‬صحص‪.‬صحص‪/‬صحص‪/‬صح‪.‬صحص‪/‬صحح‬

‫صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫تـ ‪ /‬تـ ‪ /‬غنـ ‪ /‬نى ‪ .‬و ‪ .‬عمـ ‪ /‬ر‪ /‬ها ‪ .‬بعـ ‪ /‬ض ‪ .‬عا ‪ِ /‬من ‪= .‬‬

‫‪93‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪/‬صحح‪.‬صح‪.‬صحص‪/‬صح‪/‬صحح‪.‬‬
‫صحص‪/‬صح‪.‬صحح‪/‬صحص‪.‬‬

‫أ ‪ /‬فـ ‪ /‬تبـ ‪ِ /‬كي ‪ .‬و ‪ .‬قد ‪ .‬تـ ‪ِ /‬عيـ ‪ /‬ش ‪ .‬ط ‪ِ /‬ويِـ ‪ /‬ال ‪= .‬‬

‫صح‪/‬صح‪/‬صحص‪/‬صحح‪.‬صح‪.‬صحص‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬‬
‫صح‪.‬صح‪/‬صحح‪/‬صحح‪.‬‬

‫من خالل توضيح مواضع النبر في األبيات السابقة تبين لنا ّأنه وقع على المقطع القصير‬

‫أما المقطع المتوسط المغلق فقد‬


‫مرة أيضا‪ّ ،‬‬
‫مرة‪ ،‬وعلى المتوسط المفتوح (‪ّ )11‬‬
‫(‪ّ )11‬‬

‫مرة‪ ،‬ولع ّل السبب في حضور هذه األنواع الثالثة من المقاطع‪ ،‬وغياب أنواع‬
‫ورد(‪ّ )15‬‬

‫طلبا لليسر والسهولة‬


‫أن ال ّشاعر يميل إلى المقاطع القصيرة ً‬
‫المقاطع األخرى يعود سببه إلى ّ‬

‫يمر‬
‫النفسية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الصوتي والحالة‬
‫في نظمه وترديده‪ ،‬وكذلك لتحقيق االنسجام بين الجانب ّ‬

‫أن الكآبة ّإنما يصنعها اإلنسان بنفسه‪ ،‬وفي المقابل كان عليه أن يعيش‬
‫بها حيث يرى ّ‬

‫تأملي أشرك فيه مظاهر الطبيعة المختلفة‬


‫وصور لنا هذه المشاعر بأسلوب فلسفي ّ‬
‫ّ‬ ‫سعيدا‪،‬‬
‫ً‬

‫ولعلّ الهدف الذي يريده من وراء ذلك هو توصيل رسالة نبيلة لبني البشر مفادها‬

‫االستمتاع بالحياة ونبذ الشكوى و التشاؤم‪.‬‬

‫وترى الباحثة قلة النبر على المقطع القصير والمتوسط المفتوح قد يعود إلى عدم التوازن‬

‫ألن هذين النوعين من المقاطع يتماشيان والحاالت‬


‫الداخلي الذي يعاني منه الشاعر‪ّ ،‬‬

‫المستقرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النفسية الهادئة‬
‫ّ‬

‫‪94‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫فإنها تحمل كل معاني الحزن واأللم‪ ،‬منها تكرار‬


‫أما من ناحية الكلمات الموظفة ّ‬
‫ّ‬
‫الشاعر لكلمة " تتغنى" ثالثة مرات والتي تحمل في طياتها كل معاني التمتع بالحياة ونبذ‬
‫تمر بها هذه الطيور ‪ ،‬وكذلك كلمة "الصقر" والتي‬
‫التشاؤم بالرغم من كل الصعاب التي ّ‬
‫الدنيا يأكل الضعيف‪ ،‬وهذه‬
‫القوي في هذه ّ‬
‫ألن ّ‬‫توحي لنا بكل معاني الخوف و الشدة والقوة‪ّ ،‬‬
‫وتغني وهي ترى‬
‫الطيور في النهاية هي غنم للصقور ‪ ،‬ولكن بالرغم من ذلك فهي تغرد ّ‬
‫حيا‪ ،‬والبعض يقتل مباشرة‪ ،‬وكلمة "تب ي" التي تد ّل على الحزن‬
‫بعضها يصطاد أمام أعينها ّ‬

‫مفر منها‪ ،‬وكل هذه الكلمات التي وظّفها‬


‫تدل على النهاية التي ال ّ‬
‫والضياع‪ ،‬و" قتي " التي ّ‬

‫يحث اإلنسان على كسب‬


‫يمر بها "إيليا أبو ماضي" وهو ّ‬
‫ال ّشاعر تحمل معاني األسى التي ّ‬

‫حدي ونبذ كل صفات الضعف واالستسالم‪.‬‬


‫روح التّ ّ‬

‫النبر على‬
‫خص ّ‬‫ّ‬ ‫أن ال ّشاعر‬
‫ونخلص في األخير ومن خالل النماذج السابقة إلى ّ‬
‫المقطع المتوسط المغلق ثم القصير والمتوسط المفتوح‪ ،‬وارتفاع نسبة استعمال المقطع‬
‫جراء النظرة التشاؤمية نحو هذه الحياة‬
‫يمر بها ال ّشاعر ّ‬
‫المتوسط المغلق سببه الصعاب التي ّ‬
‫تحدي هذه الحياة بمشاقّها وصعابها ‪ ،‬وهو بهذا يريدنا أن ننظر دائما إلى األمام‬
‫والدعوة إلى ّ‬
‫صور‬
‫الفنية التي ٍّ‬
‫ال إلى الخلف‪ ،‬وكذلك أن نتمتع بالصبح مادمنا فيه من خالل هذه اللّوحة ّ‬
‫لنا فيها كل مظاهر الطبيعة الساحرة ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫خامسا‪ :‬دللة التّنغيـــــم‬

‫أن لك ّل مقام مقاالً ‪،‬‬


‫و" يقصد به التنويع في أداء الكالم بحسب المقام المقول فيه ‪ ،‬فكما ّ‬

‫فكذلك لكل مقال طريقة أدائية تناسب المقام الذي اقتضاه"‪ 1‬وللتّنغيم دور كبير في تشكيل‬

‫النغمية التي‬
‫ّ‬ ‫ويوضح مراميها عن طريق التتابعات‬
‫ّ‬ ‫الداللة‪ ،‬فهو يكشف عن معاني الجمل‪،‬‬

‫يكشف عنها األداء الصوتي ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫واثر سماعنا لقصيدة "فلسفة الحياة" وهي ملقاة بصوت الشاعر " أيمن خضر"‬
‫أن كلمات هذه القصيدة ال ينطقها على‬
‫تبين لنا من خاللها ّ‬
‫استنتجت جملة من المالحظات ّ‬
‫األول للقصيدة الذي يقول فيه‪:‬‬
‫صوتية واحدة‪ ،‬ومن ذلك البيت ّ‬
‫ّ‬ ‫درجات‬

‫يف تغدو إيا َدوت علي‬ ‫أيُّهيا الشا ي و ما بــــ دا‬

‫من خالل سماعنا لهذا البيت اتّضح لنا ّأنه نطقه بنغمات متفاوتة حيث نطق كلمة‬
‫"أيُّهيا"‬

‫لكننا عندما نتمعن‬


‫تتكون من أداة نداء للقريب و"هيا" اسم إشارة للمفرد القريب‪ّ ،‬‬
‫وهي ّ‬

‫النداء تحمل معاني‬


‫أن أدوات ّ‬
‫مد بالرغم من ّ‬
‫في سماع هذه الكلمة نالحظ ّأنه قرأها بدون ّ‬

‫المد وكذلك هنا يتكلّم باسم المفرد‪ ،‬ويريد من ورائه الجمع‪ ،‬وعندما نطق كلمة "الشا ي"‬

‫قوة وارتكاز حيث بدأ نطق الكلمة‬


‫قام بالضغط على المقطع "شا""ص ح ح" بكل ّ‬

‫ثم نغمة هابطة أوصلت لنا كل معاني الحسرة واأللم‬


‫بنغمة هابطة تلتها نغمة صاعدة ّ‬
‫ثم‬
‫"حيث بدأها بنغمة صاعدة ّ‬ ‫والعطف على المتشائم ‪ ،‬وعندما ق أر عبارة "و ما بــــ دا‬

‫‪ -1‬محمد حسن حسن جبل ‪ ،‬المختصر في أصوات اللغة العربية ‪ ،‬مكتبة اآلداب ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪4‬‬
‫‪ ، 2006‬ص‪177‬‬
‫‪-2‬‬
‫‪- https://www.youtube.com/watch?v=ckgS5lZbabw( 28-05-2017) .08h48m:‬‬
‫‪96‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫الدال‪،‬‬
‫المد في صوت ّ‬
‫بعد ذلك بنغمة هابطة ‪ ،‬وعندما نطق بكلمة "دا " نطقها بمزيد من ّ‬
‫شدة األلم الذي ينتابه‪.‬‬
‫وهنا فهمنا من ذلك ازدياد ّ‬

‫األول‪ ،‬فاتّضح ّأنك عندما تراها مكتوبة تفهم‬


‫وبعد ذلك استمعت إلى قراءة عجز البيت ّ‬
‫يتضمن أداة االستفهام " يف" وكذلك عالمة‬
‫ّ‬ ‫ألنه‬
‫منه ّأنه عبارة عن سؤال ينتظر إجابة‪ّ ،‬‬
‫لكنك عندما تستمع إليها وهي‬
‫االستفهام " ؟ " وفي النهاية أنت تنتظر اإلجابة عن سؤال ‪ّ ،‬‬
‫التحسر على الحالة التي يؤول إليها الشاكي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ملقاة تفهم بأن الغرض ليس السؤال ‪ ،‬واّنما‬

‫أما كلمة "علي " زاد في‬


‫وعندما ق أر عبارة " يف تغدو إيا َدوت" قرأها بنغمة مستوية‪ّ ،‬‬
‫درجة صوتها (‪ )pitch‬بنغمة صاعدة‪ ،‬للداللة على العواقب الوخيمة التي ينتظرها ال ّشاكي‪،‬‬
‫والتي تؤدي به إلى السقم والمرض والتهلكة‪.‬‬

‫أما عن البيت الثاني فقد بدأه بنغمة مستوية ‪ ،‬وبعدها بنغمة صاعدة مع الفتحة‬
‫ّ‬
‫شر الجناة" ويكمل صدر البيت بنغمة مستوية إلى كلمة "الرحي " فيرتفع‬
‫إن ّ‬
‫الطويلة " ّ‬
‫صوتية متفاوتة ‪ ،‬وكان‬
‫ّ‬ ‫الصوت حينها ‪ ،‬حيث نالحظ ّأنه نطق هذه الكلمة كان بدرجات‬
‫ّ‬
‫بأن النهاية آتية ال محالة ‪.‬‬
‫يوحي لنا ّ‬

‫ويسته ّل البيت الثالث بنغم ة مستوية ويبقى على هذه الحالة إلى أن يقف على كلمة‬
‫أن اإلنسان المتشائم ال ينظر إلى‬
‫"إ لي " فيزيد في درجة صوتها بنغمة صاعدة نفهم منها ّ‬
‫السيئ منها فقط وضرب لنا مثال بالورود التي بالرغم من جمالها‬
‫األشياء الحسنة واّنما يرى ّ‬
‫أن المتشائم يعمى وال يرى منها إالّ األشواك‬
‫بهاء إالّ ّ‬
‫الندى فوقها الذي يزيدها حلّ ًة و ً‬
‫وتراكم ّ‬
‫يسر الناظرين ‪.‬‬
‫البارزة على سيقانها‪ ،‬وال يرفع رأسه ليتمتّع بجمالها الذي ّ‬

‫المد في‬
‫بصوت ّ‬
‫ويبدأ البيت الرابع بنغمة هابطة تتلوها نغمة صاعدة حين ينطق ّ‬
‫" الحياة"‪ ،‬ونفهم من خاللها الحياة التعيسة التي سوف يقضيها اليائس من هذه‬ ‫كلمة‬
‫طياتها‬
‫لكنها تحمل في ّ‬
‫ثم ينشد كلمة " ثقيل" بنغمة مستوية ّ‬
‫جراء نظرته التشاؤمية ‪ّ ،‬‬
‫الحياة ّ‬
‫‪97‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫أن المتشائم سيالقي المصاعب في هذه الحياة ‪،‬‬


‫طبقات صوتية متفاوتة‪ ،‬نفهم من خاللها ّ‬
‫الدنيا توجد فيها‬
‫أن هذه ّ‬
‫ويليها عجز البيت بنغمة صاعدة في كلمة "الحياة" و"ثقي " مفادها ّ‬
‫سيئة‪ ،‬فال تكتفي ّأيها البائس بالجوانب القبيحة منها فقط ‪ ،‬فتصبح حينها‬
‫أشياء جميلة وأخرى ّ‬
‫أنت الذي تسبب عبئا ثقيال على هذه الحياة ‪.‬‬

‫الضغط على كلمة‬


‫وعند قراءته للبيت الخامس من القصيدة ‪ ،‬نالحظ ّأنه أحكم ّ‬
‫أن‬
‫"جمال" وبالضبط على المقطع "ما" (ص ح ح ) والذي هو موضع النبر‪ ،‬تفهم من خالله ّ‬
‫الدنيا شيئا‬
‫أخير ‪ ،‬والذي ال يمتلك هذه الصفة ال يرى في هذه ّ‬
‫النفس ّأوالً و ًا‬
‫الجمال يكمن في ّ‬
‫أن الجمال يبدأ من‬
‫جميال‪ .‬وختم البيت بنغمة صاعدة ليوجه اهتمام السامعين‪ ،‬ويؤكد لهم ّ‬
‫ثم بعد ذلك نلمسه فيما يدور حولنا‪.‬‬
‫الذات‪ّ ،‬‬

‫بالصبح ما دمت فيه" بنغمة مستوية الهدف‬


‫ُّ‬ ‫وعندما يق أر صدر البيت الثامن "فتمتع‬
‫ثم يتابع عجز البيت بنفس الطبقة‪ ،‬لكنك حين تق أر‬
‫من ورائها االستمتاع بكل ما هو جميل‪ّ ،‬‬
‫النهي‪ ،‬وذلك لوجود أداة النهي "ل"‬
‫عجز هذا البيت يبدو لك من الوهلة األولى ّأنه يحمل ّ‬
‫جيدا تفهم المراد منها‪ ،‬حيث يتبادر إلى ذهنك ّأنها تحمل كل معاني‬
‫لكنك عندما تتمعن ّ‬
‫طياتها معنى النهاية ‪.‬‬
‫الوعظ واإلرشاد ‪ ،‬ويختم البيت بنغمة صاعدة "يزول" والتي تحمل في ّ‬

‫وعند إنشاده للبيت التاسع ‪:‬‬

‫قصر البحث فيه ي ل يطول‬


‫ِّ‬ ‫وايا ما أَـــــــــل أرس هم‬

‫هم" ينطقها بمزيد‬ ‫ُّ‬


‫نجده يستهل هذا البيت بنغمة مستوية‪ ،‬وعندما يتوقّف على كلمة " ّ‬
‫يغير نظرته لهذه الحياة‪.‬‬
‫الضغط واالرتكاز للداللة على المصاعب التي ستواجهه إن لم ّ‬
‫من ّ‬
‫أن التركيز كان على كلمة‬
‫وفي عجز هذا البيت نلمس ما يعرف بتنغيم الجمل حين نالحظ ّ‬
‫أن اإلنسان إذا ما ح ّل به‬
‫"يطول"‪ ،‬وفهمنا منها ّأنها البؤرة التي يفهم المراد من خاللها‪ ،‬أي ّ‬
‫متحسر عليه واّنما يتجاوزه لكي ال يقضي عليه ‪ ،‬ويكمل‬
‫ًا‬ ‫الدنيا ال يجب أن يبقى‬
‫هم في هذه ّ‬
‫ّ‬
‫‪98‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫البيت الذي يليه بنغمات متساوية الدرجة ‪ ،‬حيث يقول لإلنسان‪ :‬أيها اإلنسان‪...‬النهاية آتية‬
‫ال محالة مهما كانت صفتك‪ ،‬ملكا كنت أو عبدا مملوكا‪.‬‬

‫وعند إنشاده لهذا البيت "ل خلود تحت السما لحي" تالحظ ّأنه يبدأ ب ـ ‪" :‬ل" النافية‬
‫أن المعنى منها‬
‫للجنس التي تبدو لك من الوهلة األولى وعندما تق أر بتنغيم جملي مستو‪ ،‬تفهم ّ‬
‫أما بقية البيت تالحظ ّأنه يبدأ بأداة استفهام "لماذا" التي تبدأ بنغمة هابطة تتلوها‬
‫اإلخبار ‪ّ ،‬‬
‫النوع من البشر يطلب‬
‫ألن هذا ّ‬
‫شدة األلم التي أفاضت الكأس ‪ّ ،‬‬
‫نغمة صاعدة للداللة على ّ‬
‫المستحيل والموت والحياة بيد اهلل سبحانه وتعالى ‪ ،‬وك ّل نفس ذائقة الموت ال محالة‪ ،‬ويختمه‬
‫بنغمة هابطة صاعدة في كلمة "المستحيال"‪ ،‬وبعدها يأتي عجز البيت ليكون على شكل سؤال‬
‫فلمايا تراود المستحي ؟ لكن عندما تسمعها بصوت هذا الشاعر وبلغة شاعرية تفهم منها‬
‫بأنه عتاب ولوم ‪.‬‬
‫ّ‬

‫وعندما يقف على ‪:‬‬

‫فـــــــأريحوا أهـــــــل العقـــــــول العقـــــــول‬ ‫ما أتينـــــــــــا إل الحيـــــــاة لنشقـــــــ‬

‫قاـــــا فيســـــقي مـــــن جانبيـــــه الحقـــــول‬ ‫رقـــار‬ ‫ـــن َـــد اي ار يســـير فـــي األر‬

‫تمعننا في هذين البيتين أدركت ّأنهما يحمالن نغمة مستوية الغرض منها التقرير‪.‬‬
‫من خالل ّ‬

‫والبيت التالي ‪:‬‬

‫الربــــــ والســــــهول‬
‫بــــــات والنهــــــر و ُّ‬ ‫ومــــــع الليــــــل و ابــــــا يــــــؤنس الغــــــا‬

‫صوتية متفاوتة‬
‫ّ‬ ‫يبدأه بنغمة مستوية‪ ،‬ونلمسه عندما يقف على كلمة "الغابات" يقرؤها بطبقات‬

‫الرب ‪ ،‬السهول)‬
‫تظهر أثناء األداء ‪ ،‬والحظت ّأنه عندما يق أر األسماء اآلتية ‪ (:‬النهر ‪ّ ،‬‬

‫مجسدا لنا ك ّل معاني الحزن واألسى‬


‫ً‬ ‫ينطقها بصوت ال يكاد يسمع‪ ،‬ويضع فواصل بينها‬

‫‪99‬‬
‫تطبيقية في قصيدة "فلسفة الحياة"‬
‫ّ‬ ‫فصل ثان‪ :‬دراسة‬

‫وما ب دا‬ ‫المكرر ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫التي تخلف بدورها أث ار بالغا على المتلقي‪ .‬وأخي ار عند قراءته للبيت‬
‫ن جمي ا ترَّ الوجود جمي‬

‫مرت في ّأول القصي ـدة‪،‬‬


‫وعلى إثر سماعي لهذا البيت بدا لي ّأنه ال يحمل الدالالت التي ّ‬

‫النصح واإلرشاد ‪.‬‬


‫طياته كل معاني ّ‬
‫حيث لمست أنهّ يحمل في ّ‬

‫كبير في توصيل مقاصد‬


‫دور ًا‬
‫أن ظاهرة التّنغيم لعبت ًا‬
‫ونخلص في األخير إلى ّ‬
‫اإلنسانية النبيلة التي يريد من ورائها تحفيز النفوس على نبذ كل مظاهر التشاؤم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّشاع ـ ـ ـر‬
‫نغمية استطاع‬
‫والنظ ـر إلى هذه الحياة نظرة إيجابية مفادها التمتّع بهذه الحياة الزائلة بتلوينات ّ‬
‫الدنيا ‪ ،‬ونلمس من خ ـ ـ ـ ـالل أداء الشاعر‬
‫مـ ـ ـن خاللها أن يلفت انتباه كل متبصر في هذه ّ‬
‫أن التنغيم ح ّل محل أدوات الترقيم ومن ذلك توقفه في بعض المواضع ‪،‬‬
‫"أيمن خضر" ّ‬
‫وأصبحت بعض األدوات كأدوات االستفهام والنداء تحمل وظائف أخرى ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫خاتمـــــــــــــة‬

‫خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــة‪:‬‬

‫من خالل الدراسة التي قدمتها الباحثة في الفصل الثاني وذلك بتحليل قصيدة إيليا‬
‫أبي ماضي الموسومة بـ"تمتع بالصبح ما دمت فيه (فلسفة الحياة)" تحليالا صوتي ا تبين لنا أن‬
‫كبير في تحقيق الداللة التي يريد الشاعر إيصالها إلى المتلقي ‪ ،‬وبعد التحليل‬
‫دور اا‬
‫لألصوات اا‬
‫واإلحصاء لمقطوعات شعرية مختارة استطعت من خاللها أن أتوصل إلى ارتفاع نسبة‬
‫استعمال أصوات دون أخرى ‪ ،‬وكذلك رصد الفونيمات فوق المقطعية وتبيان مدى تأثيرها‬
‫على الداللة توصلت إلى جملة من النتائج لخصتها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬ارتفاع نسبة االصوات المجهورة مقارنة بالمهموسة ‪ ،‬هذه األخيرة التي تتناسب والحالة‬
‫النفسية للشاعر والتي تستوفي كل معاني األلم والحرمان والحنين إلى الوطن إضافة إلى‬
‫بكائه على المتشائمين ‪،‬واألصوات المجهورة يحدث معها أن يتذبذب الوت ارن الصوتيان عند‬
‫النطق بها ‪ ،‬فيحدث ارتفاع وعلو في الصوت فيكون لذلك صدى لذوي األبصار‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال الشاعر األصوات الضعيفة للداللة على االستقرار والسكون ‪،‬والقوية للداللة على‬
‫األغراض التي تتناسب ومعاني القوة والشدة‪.‬‬

‫انتشار في المقطوعات المختارة هي الفتحة بنوعيها ‪ ،‬ثم تليها الكسرة‬


‫اا‬ ‫‪ -‬أكثر الصوائت‬
‫وبعدها الضمة ‪ ،‬وهذا راجع إلى أن الضمة أصعب الحركات نطقاا ‪ ،‬والشاعر في هذه الحالة‬
‫في حالة ضيق ويبحث عن الفرج الذي يخرجه من حالة الشوق و الحنين إلى وطنه الحبيب‬
‫لبنان‪.‬‬

‫‪ -‬سيطرة المقطع المتوسط المغلق (ص ح ص) على المتوسط المفتوح (ص ح ح) والمقطع‬


‫طلبا لليسر والسهولة التي يميل إليها‬
‫القصير(ص ح) ‪ ،‬وقد استعمل هذه المقاطع الثالث ا‬
‫الشعر العربي ‪ ،‬أما عن ارتفاع نسبة المقطع المتوسط المغلق فيمكن رد سبب ذلك إلى حالة‬

‫‪102‬‬
‫خاتمـــــــــــــة‬

‫االنغالق التي يعيشها الشاعر والتي من شأنهاأن تحمل آالمه وآهاته ‪ ،‬وقد استعمل المقطع‬
‫المتوسط المفتوح متقاربا مع المتوسط المغلق ألنه يجد معه راحته في إخراج أحزانه‪ .‬أما عن‬
‫المقطع القصير الذي كان أقل ورودا من هذين المقطعين‪ ،‬فقد يرجع إلى أن هذا األخير‬
‫يتناسب مع الحاالت النفسية الهادئة المطمئنة‪.‬‬

‫‪ -‬القيمة التعبيرية التي خلفها النبر‪ ،‬وذلك بالضغط على أنواع من المقاطع دون أخرى‬
‫لتكون أبرز في السمع‪ ،‬نجد من خالل األبيات المدروسة أن النسبة األوفر في النبر كانت‬
‫للمقطع المتوسط المغلق وهذا لمناسبة هذا النوع من المقاطع للحالة الشعورية التي تنتاب‬
‫شاعرنا في تلك الفترة ‪ ،‬وكذلك نبذه لكل من ينظر إلى الحياة نظرة سلبية‪.‬‬

‫حاض ار في هذه‬
‫ا‬ ‫‪ -‬يعتبر التنغيم كما يقول بعض العلماء بمثابة عالمات الترقيم لذا نجده‬
‫صوتيا حددنا مواضع هذه‬
‫ا‬ ‫القصيدة بصورة الفتة للنظر‪ ،‬وعن طريق سماعنا للقصيدة‬
‫العالمات من دون العودة إلى قراءتها وهي مكتوبة ‪ ،‬وتبين لنا أن هناك طبقات في نطق‬
‫األصوات تتناسب والحالة النفسية التي يريد الشاعر إيصالها إلى المتلقي ‪ ،‬والتي انعكست‬
‫بدورها على الجانب الداللي بحيث اختلف من موقف إلى آخر والذي حدد لنا ذلك هو‬
‫التنغيم‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫العربية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأوال ‪-‬الكتب‬

‫‪ .1‬إبراهيم أنيس ‪،‬األصوات اللّغوية ‪ ،‬مكتبة نهضة مصر ومطبعتها بمصر‪ ،‬د ط‬
‫دت‪.‬‬

‫‪.2‬إبراهيم أنيس ‪ ،‬داللة األلفاظ ‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.1984 ،5‬‬

‫‪ .2‬إبراهيم أنيس ‪ ،‬موسيقى الشعر‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪. 1952 ،2‬‬
‫الصوت اللّغوي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1997 ،1‬‬
‫‪ .3‬أحمد مختار عمر‪ ،‬دراسة ّ‬

‫‪ .4‬أسعد أحمد علي ‪ ،‬تهذيب المقدمة اللّغوية للعاليلي‪ ،‬دار السؤال للطباعة والنشر‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪.1985 ،3‬‬
‫العربية ‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ، 2‬د‪ .‬ت ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدين‪ ،‬دقائق‬
‫‪ .5‬أمين آل ناصر ّ‬

‫‪ .6‬إيليا أبو ماضي‪ ،‬الديوان‪ ،‬تقديم وشرح صالح الدين الهواري‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪.2013 ،1‬‬
‫الصوت والمعنى‪ ،‬دار دجلة‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.2011 ،1‬‬
‫ّ‬ ‫الوزان‪،‬‬
‫‪ .7‬تحسين عبد الرضا ّ‬
‫العربية معناها ومبناها‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫ّ‬ ‫حسان‪ ،‬اللّغة‬
‫‪ .8‬تمام ّ‬
‫البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬
‫الخصائص ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي النجار‪ ،‬دار الكتب المصرية مصر‪،‬‬
‫جني ‪ّ ،‬‬
‫‪ .9‬ابن ّ‬
‫د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت ‪ ،‬ج‪2‬‬
‫جني‪ ،‬سر صناعة اإلعراب ‪ ،‬دراسة وتحقيق حسن هنداوي ‪ ،‬د ن ‪ ،‬د‬
‫ابن ّ‬ ‫‪.10‬‬
‫ط‪،‬دت‪،‬ج‪. 1‬‬

‫‪105‬‬
‫العربية ومعانيها‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‬
‫ّ‬ ‫عباس ‪،‬خصائص الحروف‬
‫‪ .11‬حسن ّ‬
‫العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط ‪.1998 ،1‬‬
‫فنية‬
‫‪ .12‬حسني عبد الجليل يوسف ‪ ،‬موسيقى الشعر العربي ‪ ،‬دراسة ّ‬
‫العامة للكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ط‪.1980 ، 1‬‬
‫وعروضية‪،‬الهيئة المصرية ّ‬
‫التواب ‪ ،‬المدخل إلى علم اللّغة ومناهج البحث اللغوي‪ ،‬مكتبة‬
‫‪ .13‬رمضان عبد ّ‬
‫الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1985 ،2‬‬
‫‪ .14‬زهير ميرزا‪ ،‬دراسة عن إيليا أبو ماضي‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪.‬‬
‫ت‪.‬‬
‫‪ .15‬سيبويه ‪ ،‬الكتاب ‪ ،‬تحقيق‪:‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مكتبة الخانجي القاهرة‬
‫ط‪.1982 ،2‬‬
‫العربية ‪ ،‬دار الهدى للكتاب‪ ،‬مصر‬
‫ّ‬ ‫‪ .16‬سيد خضر‪ ،‬التكرار اإليقاعي في اللّغة‬
‫ط‪. 1998 ،1‬‬
‫الطيان‬
‫‪ .17‬ابن سينا ‪ ،‬رسالة أسباب حدوث الحروب ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد حسان ّ‬
‫ويحي مير علم‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ ،‬دت‪.‬‬

‫عياد ‪ ،‬مدخل إلى علم األسلوب ‪ ،‬أصدقاء الكتاب للنشر والتوزيع‬


‫‪ .18‬شكري ّ‬
‫القاهرة ‪ ،‬ط‪. 1999 ، 5‬‬
‫العربية‪ ،‬المكتب‬
‫ّ‬ ‫الصوتية في اللّغة‬
‫ّ‬ ‫‪ .19‬صالح سليم عبد القادر الفاخري ‪ ،‬الداللة‬
‫العربي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬د ط‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫عباس محمود العقّاد ‪ ،‬أشتات مجتمعات في اللّغة واألدب‪ ،‬مؤسسة هنداوي‬
‫‪ّ .20‬‬
‫للتعليم والثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪. 2013 ،1‬‬
‫الصوتيات‪ ،‬مكتبة الرشيد‬
‫ّ‬ ‫‪ .21‬عبد العزيز أحمد عالّم وعبد اهلل محمود ‪،‬علم‬
‫ناشرون‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪. 2009 ،3‬‬

‫‪106‬‬
‫الحر‪ ،‬إيليا أبو ماضي باعث األمل ومفجر ينابيع التفاؤل‪ ،‬دار‬
‫‪ .22‬عبد المجيد ّ‬
‫الفكر العربي‪ ،‬ط‪.1995 ،1‬‬
‫الدين ‪ ،‬علم األصوات اللّغوية‪( ،‬الفونيتيكا)‪ ،‬دار الفكر اللبناني‬
‫‪ .23‬عصام نور ّ‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪.1992 ،1‬‬
‫الحمد‬
‫الداني‪ ،‬التحديد في اإلتقان والتجويد‪ ،‬تحقيق‪ :‬غانم قدوري َ‬
‫‪ .24‬أبو عمرو ّ‬
‫دار عمار‪ ،‬عمان‪ ،‬ط ‪ ، 1‬د ت ‪.‬‬
‫اللغوية‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .25‬عبد الغفّار حامد هالل ‪ ،‬علم الداللة‬
‫النجار وأحمد يوسف نجاتي ‪ ،‬عالم‬
‫الفراء‪،‬معاني القرآن ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد علي ّ‬
‫‪ّ .26‬‬
‫الكتب ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪. 1983 ، 3‬‬
‫العربية ‪ ،‬مكتبة اآلداب‬
‫ّ‬ ‫‪ .27‬محمد حسن حسن جبل ‪،‬المختصر في أصوات اللغة‬
‫القاهرة ‪ ،‬ط‪. 2006 ، 4‬‬
‫العربية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط ‪ ، 2‬د ت ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .28‬محمد المبارك ‪،‬فقه اللغة وخصائص‬
‫(استراتيجية الت ّناص ) ‪ ،‬المركز‬ ‫‪ .29‬محمد مفتاح ‪ ،‬تحليل الخطاب الشعري‬
‫الثقافي العربي ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬ط ‪. 1992 ، 3‬‬

‫‪ .30‬محمود السعران‪،‬علم اللّغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪ .‬ط ‪ ،‬د‪ .‬ت ‪.‬‬
‫‪ .31‬محمود عكاشة ‪،‬التحليل اللّغوي في ضوء علم الداللة‪ ،‬دار النشر للجامعات د‪.‬‬
‫ط‪.2011،‬‬

‫ثانيا‪ :‬الكتب المترجمة‬


‫ً‬
‫‪ .1‬برتيل مالمبرج ‪،‬علم األصوات ‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الصبور شاهين‪ ،‬مكتبة الشباب‬
‫القاهرة ‪. 1984 ،‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ .2‬ماريو باي‪ ،‬أسس علم اللّغة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬أحمد مختار عمر‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‬
‫ط‪.1998 ،8‬‬

‫ثالثا‪ :‬القواميس‬
‫‪ -1‬الخليل بن أحمد الفراهيدي ‪،‬العين‪ ،‬تحقيق‪ :‬مهدي المخزومي وابراهيم السامرائي‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن فارس‪ ،‬مقاييس اللّغة‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫‪ -3‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد اهلل علي الكبير وآخرون‪ ،‬دار المعارف‬
‫القاهرة ‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪. 1981 ، 5‬‬

‫سيد وآخرون ‪ ،‬المعجم الوسيط ‪ ،‬مكتبة الشرق الدولية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬ط‪4‬‬


‫‪ -4‬ناصر ّ‬
‫‪2004‬‬

‫رابعا ‪ :‬المجالت والدوريات‬


‫العربية‪ ،‬ع‪.2001 :4‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬أحمد األخضر غزال‪ ،‬فلسفة الحركات في اللّغة‬
‫‪ -2‬مجلس النشر العلمي بالكويت‪ ،‬نظرات في علم داللة األلفاظ عند أحمد بن فارس‬
‫اللّغوي‪،‬غازي مختار طليمات ‪ ،‬حوليات كلية اآلداب‪ ،‬ع‪. 1990 ،11‬‬

‫الجامعية‬
‫ّ‬ ‫خامسا‪ :‬الرسائل‬
‫الصوتية ودالالتها في شعر عبد ال ّناصر‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬إبراهيم مصطفى إبراهيم رجب‪ ،‬البنية‬
‫كلية اآلداب‬
‫مقدمة لنيل درجة الماجستير من قسم اللّغة العر ّبية في ّ‬
‫الصالح‪ ،‬رسالة ّ‬
‫بغزة‪ ،‬فلسطين‪.2003 ،‬‬
‫في الجامعة اإلسالمية ّ‬
‫الصوتي والداللي للغة الخطاب في شعر المدح‪ ،‬ابن‬
‫‪ -2‬نجية عبابو‪ ،‬التحليل ّ‬
‫معدة لنيل شهادة الماجستير في اللّغة العر ّبية‬
‫سحنون الراشدي أنموذجا‪ ،‬مذكرة ّ‬
‫كلية اآلداب واللّغات‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف ‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫وآدابها‪ّ ،‬‬

‫‪108‬‬
‫ المواقع االلكترونية‬: ‫سادسا‬
ً
https://www.youtube.com/watch?v=ckgS5lZbabw -1

109
:‫ملخّـص‬

‫تناولتتفي تتهياتترايةلا ةألو ت يةالال توةفيواصصتةتتاي تتهيلالتتةا يي يوتتب يةلضةتتا ي ةيةتتاي تتوي ا تتهي‬
‫يويتوالتيفي تني‬
‫و‬ ‫تاوةديو تالوصتةايةل وفوبت ي تهيةل التةا‬
‫وعةفي نيخاللةايليكشفيعتنيةلعاللت ي تةنيةل و‬
‫يةلال تتوتهيوةلاانت ت ي‬
‫و‬ ‫خاللةتتاي ل تتقي تتاشيلتتاأل يةل وش تتاعألية اةعةت ت يعيتتقيتض ة تتّيةصنو تتاابي تتةنيةلاانت ت‬
‫توتةاي تتني ةتتبيةص ت ةأل افيوةصنبعتتاصفي‬
‫ةلتتاصلهويوكتترلكيت وكنتتفي تتنيختتالديتضيةتتدياتترايةل التتةا يالت ت‬
‫ةلكا ن ت ي تتهينبتتايةل وشتتاعأليوةلتتتهي تتاوألاايتض تتديألوتتال يلبنوتتانة ي باااتتاين تتريةلتشتتا بيوةلتضيوتتهي تتألو ي‬
.‫ةلضةا يوةلتبا د‬

Résumé :

Dans cette étude, j’ai traité les voix et leurs significations dans le
poème “La philosophie de la vie” d’Ilya Abu Madi. Ainsi, j’ai tenté à
travers ce poème, de découvrir la relation entre les signifiants et les
signifiés utilisés en son sein en démontrant à quel point le génie créateur
du poète, a pu réaliser une harmonie entre l’aspect vocal et l’aspect
significatif. Comme je suis parvenu à travers l’analyse vocale de ce
poème, de comprendre les désordres et les sensations inhérents à l’âme
du poète, lesquelles renferment à leur tour, un message pour l’humanité
dont l’essence, est de bannir tout pessimisme et de faire preuve de sens
de la vie et de d’optimisme.

Summary:

In this study, I examined the voices and their meanings in Ilya Abu
Madi’s poem “The Philosophy of Life”. I sought to account for the
relationship between the signifiers and the signifieds used in the poem.
The analysis has revealed the poet’s creative ability to achieve a harmony
between the vocal and semantic aspects of the poem. Besides, the vocal
analysis of the poem has offered an insight into the poet’s disorders and
emotions which, in turn, voiced a message inciting humanity to favour
optimism and good spirit of life over pessimism.

You might also like