You are on page 1of 111

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫‪République Algérienne Démocratique et Populaire‬‬

‫‪Ministre de l’Enseignement Supérieur‬‬


‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫جامعة العقيد أكلي محند أولحاج‬
‫‪et de la Recherche Scientifique‬‬ ‫‪-‬البويرة‪-‬‬
‫‪Université Akli Mohand Oulhadj-Bouira-‬‬ ‫كلية اآلداب واللغات‬
‫جامعة البويرة‬ ‫قسم‪ :‬اللغة واألدب العربي‬
‫‪Faculté des lettres et des langues‬‬

‫التخصص‪ :‬دراسات أدبية‬

‫الشخصية في رواية "عرس الزين"‬


‫للطيب صالح‬

‫مذكرة مقدّمة الستكمال متطلبات الحصول على شهادة اللّيسانس‬

‫إشراف الدكتور‬ ‫من إعداد الطالبتين‬

‫– بوعالم العوفي‬ ‫‪ -‬هجيرة مشروك‬


‫‪ -‬المية جمعي‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪2019/2018‬‬
‫سالم على أشرف األنبياء محمد خاتم‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة وال ّ‬
‫المرسلين؛ أما بعد ‪ :‬قال هللا تعالى بعد بسم هللا الرحمان الرحيم ‪:‬‬

‫" َلئِ ْن َش َك ْرتُ ْم َ َ‬


‫أل ِز ْيدَ َّن ُكمُ "‬

‫سورة إبراهيم ‪/‬اآلية ‪. 70‬‬

‫ال يفوتنا في هذا المقام‪ ،‬قبل كل شيء أن نحمد هللا ونشكره جزيل الشكر‬
‫والحمد والثناء على توفيقه لنا في إتمام هذا البحث‪ .‬فالحمد هلل العلي العظيم‪،‬‬
‫الذي منحنا الصحة والعافية‪ ،‬الصبر والقوة والطموح‪ ،‬وسخر لنا يد العون‬
‫َّ‬
‫ومن علينا بفضيل نعمه‪ .‬فالحمد هلل ربي واهب الحياة والذي تتم‬ ‫والمساعدة‪،‬‬
‫بفضل نعمته الصالحات‪.‬‬

‫اس َال يَ ْش ُك ِر هللا َ "‪ .‬ال‬


‫واقتدا ًءا بقول الحبيب المصطفى ‪َ " :‬م ْن َال يَ ْش ُك ِر ال َّن َ‬
‫يفوتنا أن نشكر النفوس الطيبة التي أضاءت دربنا من معلمين ومؤطرين‬
‫مررنا بها‪.‬‬
‫وأساتذة عبر مختلف المراحل واألطوار التي ّ‬

‫كما نتوجه بأحر عبارات الشكر والتقدير واالمتنان إلى أستاذنا المشرف‬
‫"العوفي بوعالم"‪ ،‬الذي لم يبخل علينا بإرشاداته ونصائحه الثمينة على طول‬
‫مراحل البحث؛ منذ أن كان مجرد فكرة في األذهان وإلى أن صار رسالة‬
‫أكاديمية جاهزة‪ .‬فجزاه هللا خيرا وأطال في عمره‪ ،‬وكتب له زيارة البقاع‬
‫المقدسة بإذن هللا‪.‬‬

‫ومن ثم نتوجه بأحر عبارات الشكر والتقدير‪ ،‬المحبة واإلخالص إلى‬


‫األسرتين الكريمتين‬
‫‪ ‬أسرة "هجيرة مشروك" ‪ :‬أبًا رحمة هللا عليه‪ ،‬أ ًما حفظها المولى وأج ّلها‬
‫بجالله ‪ ،‬إخوة وأخوات‪.‬‬
‫‪ ‬أسرة "المية جمعي" ‪ :‬أبًا‪ ،‬أ ًما‪ ،‬وإخوة‪.‬‬

‫على صبرهم ودعمهم لنا على طول امتداد مسيرة هذا البحث األكاديمي‪،‬‬
‫خيرا وحفظهم لنا شمو ًعا تنير طريقنا‪ ،‬وتهدي خطانا إلى سواء‬
‫فجزاهم هللا ً‬
‫السبيل‪.‬‬

‫والحمد هلل من قبل ومن بعد‪.‬‬


‫‪ ‬إلى الذي ‪:‬‬
‫ـ جلبني إلى هذه الحياة‪...‬‬
‫ـ وعلمني حالوة العيش والتّمتع بالضحكات‪...‬‬
‫ـ إلى الذي ن ّموت على جفنتيه‪....‬‬
‫ـ إلى الذي فارقنا بدمعة على وجنتيه‪...‬‬
‫ـ إلى الشخص الذي لن يكون معي في بقية دربي؛ إال أ ّنه سيبقى‬
‫محموال في قلبي‪.‬‬
‫ـ إلى الشمعة التي غادرت حياتنا‪....‬‬
‫ـ إلى المفقود الغالي‪...‬‬
‫ـ إلى روح والدي بابا حياتي‪...‬‬
‫‪ ‬إلى التي ‪:‬‬
‫ـ منحتني الحياة يو ًما‪....‬‬
‫ـ إلى التي جسدت معنى الحب والتفاني‪....‬‬
‫ـ إلى من سكنت صورتها ذاكرتي‪....‬‬
‫ـ وجعلت ذاتها قدوتي‪...‬‬
‫ـ وصار صدى صوتها أغنيتي وقصيدتي‪...‬‬
‫ـ إلى التي ّكللها هللا بالعفة والطيبة‪...‬‬
‫ـ إلى من فرشت لنا المدى رحي ًقا بعطفها وحنانها‪...‬‬
‫ـ إلى التي تعجز الحروف عن وصفها‪...‬‬
‫ـ إلى الشمعة المنيرة في حياتي‪...‬‬
‫ـ إلى والدتي غاليتي ماما حبيبتي‪...‬‬
‫‪ ‬إلى الذين ‪:‬‬
‫ـ خير من أشد بهم أزري وأشكرهم في أمري‪...‬‬
‫ـ إلى سندي وقوتي ومن آثروني على أنفسهم‪...‬‬
‫ـ إلى كفي ّلي أخواي أحمد و ياسين حفظهم المولى وأعزهم‪...‬‬
‫‪ ‬إلى البراعم الفتية ‪:‬‬
‫ـ أخواي خالد و عبدو أكلهما هللا برحمته وتقاه‪...‬‬
‫‪ ‬إلى اللواتي ‪:‬‬
‫ـ أمضيت معهن أجمل لحظات طفولتي‪....‬‬
‫ـ وتقاسمت معهن غرفتي وليالي طيشي وبهجتي‪...‬‬
‫ـ إلى رفيقاتي صديقات حياتي ‪....‬‬
‫ـ إلى أخواتي خديجة‪ ،‬أحالم‪ ،‬سعيدة‪...‬‬
‫ـ إلى الكتكوتة الصغيرة حياة‪...‬‬
‫‪ ‬إلى شريكتي في إنجاز هذا البحث األكاديمي‪ ،‬صديقتي القبائلية الفاضلة لموش‪.‬‬
‫‪ ‬إلى كل من تسعهم ذاكرتي وال تسعهم مذكرتي‪....‬‬
‫‪ ‬إليهم جميعا أهدي ثمرة نجاحي المتواضع‪.‬‬
‫واسأل هللا التوفيق والنجاح‪.‬‬
‫هجيرة مشروك‪.‬‬
‫‪ ‬إلى الذي ‪:‬‬
‫ـ علمني معنى الحياة‪...‬‬
‫ـ وأمسك بيدي عبر دروبها‪...‬‬
‫ـ وم ّهد لي طريق العلم‪...‬‬
‫ـ وبذل جهد السنين ألعتلي ساللم النجاح‪...‬‬
‫ـ إلى الذي غمرني بالحب والحنان‪...‬‬
‫ـ وأشعرني بالسعادة واألمان‪...‬‬
‫مر الزمان‪...‬‬
‫ـ وكان مثلي األعلى على ّ‬
‫ـ إلى من يفيض قلبي له بالشكر والعرفان‪...‬‬
‫ـ إلى أعظم رجل ‪...‬‬
‫ـ إلى أبي الغالي‪...‬‬
‫‪ ‬إلى التي ‪:‬‬
‫ـ رآني قلبها قبل عينيها ‪...‬‬
‫ـ وحضنتني أحشاؤها قبل يديها‪...‬‬
‫ـ إلى التي جنة هللا تحت قدميها‪...‬‬
‫ـ إلى التي سقتني من ينبوع رقتها وصدقها‪...‬‬
‫ـ إلى من كان دعاؤها سر نجاحي‪...‬‬
‫ـ والنور الذي يضيء حياتي‪...‬‬
‫سامي‪...‬‬
‫ـ إلى نبع الحنان ال ّ‬
‫ـ والحب الصافي‪...‬‬
‫ـ إلى الحضن الدافي‪...‬‬
‫ـ إلى أ ّمي قرة عيني وفؤادي‪...‬‬
‫‪ ‬إلى ‪:‬‬
‫ـ النفوس البريئة ‪...‬‬
‫ـ والقلوب الطاهرة والعزيزة‪...‬‬
‫ـ إلى من قاسموني أفراحي وأحزاني‪...‬‬
‫ـ أخواي بالل وعماد‪.‬‬
‫‪ ‬إلى التي ‪:‬‬
‫ـ صارت رفيقة لدربي‪...‬‬
‫ـ إليك يا أختا لم تلدها أ ّمي‪...‬‬
‫ـ إلى من أمضيت معها أحلى أيامي‪...‬‬
‫ـ إلى شريكتي في هذا البحث ‪...‬‬
‫ـ صديقتي العزيزة هجيرة‪.‬‬
‫‪ ‬إلى ‪:‬‬
‫ـ من جمعني بهم منبر العلم والصداقة‪...‬‬
‫ـ زمالئي زميالتي ‪...‬‬
‫ـ والذين ّ‬
‫أكن لهم‬
‫ـ أسمى عبارات المحبة والتقدير‪.‬‬
‫‪ ‬إليهم كلهم أهدي عملي هذا‪.‬‬
‫راجية من المولى ّ‬
‫عز وج ّل القبول والنجاح‪.‬‬

‫المية جمعي‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمـــــــــة‬

‫ً‬
‫تداوال وروا ًجا في اآلونة‬ ‫تعدّ ّ‬
‫الرواية من أه ّم األجناس األدبية؛ بل واألكثر‬
‫ساحة األدبيّة والنّقدية‪ً .‬‬
‫نظرا لما تمتاز به من جمالية فنية سردية‪ ،‬سواء‬ ‫األخيرة على ال ّ‬
‫شكل أم المضمون‪ .‬هذا ما أكسبها مكانةً مرموقة؛ إذ أصبحت تعتبر‬ ‫على مستوى ال ّ‬
‫الدّيوان الثاني بعد الشعر‪ ،‬وهذا راجع إلى كونها أداة ً للت ّعبير عن ما يخالج الكاتب من‬
‫مشاعر وأحاسيس ووجهات نظر في الحياة‪ .‬إضافة إلى ما يشغله من أفكار‬
‫وإيديولوجيات‪ ،‬تكون س ّج ًال للحياة المجتمعية من مختلف المناحي‪ :‬االجتماعية والثقافية‬
‫يصور العالم الحكائي بك ّل أجزائه‪ ،‬ويتج ّ‬
‫سد‬ ‫ّ‬ ‫والفكرية والسياسية‪ .‬وهذا وفق أسلوب فنّي‬
‫هذا األسلوب الفنّي في مجموعة من القوانين والعناصر السردية التي تحكم النّص‬
‫الروائي (ال ّ‬
‫شخصيات‪ ،‬الزمن‪ ،‬المكان‪ ،‬الحدث)‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الرواية موضوع بحثنا‪ ،‬فر ّكزنا على أه ّم عنصر‬


‫ومن هنا‪ ،‬ارتأينا أن تكون ّ‬
‫شخصية"‪ .‬وقد اخترنا في دراستنا هذه رواية عرس ّ‬
‫الزين‬ ‫سردي فيها؛ وهو "ال ّ‬
‫سوداني الطيب صالح‪ ،‬كونها تتميّز بهذا العنصر الفنّي الجمالي‪ .‬إذ ّ‬
‫أن الطيب‬ ‫للروائي ال ّ‬
‫نوع في توظيف أصناف ال ّ‬
‫شخصيات‪ .‬وللخوض في دراسة هذه‬ ‫صالح وبفضل تميّزه قد ّ‬
‫الرواية ّ‬
‫فإن بحثنا ينطلق من إشكالية رئيسية‪ ،‬تتبلور في جملة من األسئلة نراها‬ ‫ّ‬
‫الروائي من خالل شخصياته‪ ،‬وخاصة في‬
‫ضرورية الكتشاف عالم الطيب صالح ّ‬
‫يصورها؟‬
‫ّ‬ ‫الروائي الطيب صالح شخصياته؟ كيف‬ ‫روايته عرس ّ‬
‫الزين‪ .‬فكيف يبني ّ‬
‫ً‬
‫محموال ايديولوجيًا وسياسيًا واجتماعيًا معيّنًا؟ وكيف يقدّم‬ ‫وهل تحمل هذه ال ّ‬
‫شخصيات‬
‫سوداني من خالل شخصياته؟‬
‫الروائي المجتمع ال ّ‬
‫ّ‬

‫الرواية‪ ،‬فهو ميولنا إلى‬


‫أ ّما العامل الرئيسي الذي دفعنا إلى الخوض في دراسة هذه ّ‬
‫عبقري‬
‫َ‬ ‫واطالعنا على أدب الطيب صالحباعتباره‬ ‫ّ‬ ‫سوداني عا ّمة‪،‬‬
‫المتن الروائي ال ّ‬
‫الرواية لم تح َ‬
‫ظ بالدراسة واالهتمام‪ ،‬التي‬ ‫الرواية العربية (كما لقّب)‪ .‬السيما ّ‬
‫أن هذه ّ‬
‫حظيت بها رواية موسم الهجرة إلى ال ّ‬
‫شمال‪ .‬فحاولنا الولوج في أعماقها‪ ،‬بغية اكتشاف‬
‫سوداني من خالل شخصيات رواية عرس ّ‬
‫الزين‪ .‬وألجل معرفة‬ ‫تفاصيل المجتمع ال ّ‬

‫أ‬
‫مقدمـــــــــة‬

‫خباياها وتفكيك داللتها؛ والوصول إلى نتائج قد تكون مقدمة لدراسات أكاديمية مقبلة‬
‫أكثر نض ًجا وعمقًا‪.‬‬

‫سالفة الذّكر‪ ،‬اعتمدنا في دراستنا هذه على منهج فيليب‬


‫ولإلجابة عن التساؤالت ال ّ‬
‫هامون السيميولوجي في تحليل ال ّ‬
‫شخصيات‪ ،‬كمنهج أساسي محوري‪ .‬إضافة إلى‬
‫الروائية‪.‬‬ ‫االستعانة بالمنهج الوصفي الت ّحليلي بغية الكشف عن مدلوالت ال ّ‬
‫شخصيات ّ‬
‫وقد اخترنا هذا المنهج‪ ،‬ألنّه يتكيّف مع طبيعة الدراسة والتي تستدعي حضوره‪.‬‬

‫شخصيات في رواية عرس ّ‬


‫الزين للطيب‬ ‫وقد اعتمدنا في بحثنا هذا ّ‬
‫خطة لدراسة ال ّ‬
‫صالح‪ ،‬وهي تنقسم كاآلتي ‪:‬‬

‫مدخل وفصلين وخاتمة‪.‬‬

‫الروائية‪،‬ومن ث ّم ال ّ‬
‫شخصية‬ ‫صصنا المدخل للحديث عن‪:‬أهميّة ال ّ‬
‫شخصية ّ‬ ‫وقد خ ّ‬
‫والمكونات السردية (المكان‪ّ ،‬‬
‫الزمن)‪.‬‬ ‫ّ‬

‫األول والذي ينطوي تحت عنوان "مفاهيم نظرية حول ال ّ‬


‫شخصية‬ ‫ّ‬ ‫أ ّما الفصل‬
‫الروائية‪ :‬لغة واصطال ًحا‪ ،‬ث ّم ولجنا‬ ‫الروائية"‪ ،‬فعمدنا فيه إلى ضبط مفهوم ال ّ‬
‫شخصية ّ‬ ‫ّ‬
‫بعدها إلى ال ّ‬
‫شخصية عند فيليب هامون‪ :‬مفهومها وأه ّم محدّداتها‪ ،‬ث ّم قدّمنا أنواع‬
‫وأخيرا أبعاد‬
‫ً‬ ‫الخاص ـ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الروائية ـ تصنيف بشكل عا ّم‪ ،‬وتصنيف هامون‬ ‫ال ّ‬
‫شخصيات ّ‬
‫الروائية (نفسية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬فيزيولوجية)‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصيات ّ‬

‫شخصيات الواردة‬ ‫األول النّظري‪ ،‬بفص ٍل ٍ‬


‫ثان تطبيقي موسوم بـ‪" :‬ال ّ‬ ‫ثم أعقبنا الفصل ّ‬
‫سمنا هذا الفصل إلى ثالثة مباحث‪،‬‬ ‫في رواية عرس ّ‬
‫الزين للطيب صالح أنموذ ًجا‪ .‬فق ّ‬
‫الزين ثم يليه المبحث الثّاني أقسام‬
‫صا لرواية عرس ّ‬
‫األول مل ّخ ً‬
‫قدّمنا في المبحث ّ‬
‫الزين‪ .‬وتناولنا في المبحث الثّالث أبعاد ال ّ‬
‫شخصيات في‬ ‫شخصيات في رواية عرس ّ‬
‫ال ّ‬
‫الرواية المذكورة‪.‬‬
‫ّ‬

‫ثم جاءت الخاتمة لتض ّم جملةً من النتائج التي تو ّ‬


‫صلنا إليها من خالل دراستنا هذا‬
‫الموضوع‪.‬‬
‫ب‬
‫مقدمـــــــــة‬

‫وخالل مراحل إنجاز هذا البحث‪ ،‬اعتمدنا على مجموعة من المصادر والمراجع‬
‫الروائية لـفيليب هامون‪،‬‬ ‫كانت عونًا لنا في إثراء البحث‪ .‬أه ّمها‪ :‬سيميولوجية ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫ورواية عرس ّ‬
‫الزين للطيب صالح‪ ،‬إضافة إلى عد ٍد من المصادر والمراجع األخرى‬
‫التي تخدم الموضوع ونراها أساسية لذلك‪.‬‬

‫ت‬
‫مدخــــل‬
‫مدخــــــــل‬
‫‪ 1‬ـ أهمية الشخصية الروائية‬

‫الروائي‪ ،‬فهي تعتبر محور‬


‫المكونات الحكائية للمتن ّ‬
‫ّ‬ ‫الروائية من أبرز‬ ‫تعدّ ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الروائي إلى بنائها‬
‫الروائية‪ .‬حيث يسعى ّ‬
‫الروائي وجوهره في تحريك األحداث ّ‬
‫العمل ّ‬
‫بنا ًءا متميّ ًزا بغية تمثيل واستيعاب الحياة االجتماعية بمختلف تجليّاتها‪ .‬وقد "لعبت‬
‫صة لدى نقّاده‪ ،‬حيث كانت لها وظيفة‬ ‫شخصية دو ًرا ً‬
‫فعاال في القرن الت ّاسع عشر خا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫اختزال وإبراز مميّزات الطبقة االجتماعية وتصاعد قيمة الفرد في هذه الفترة وأه ّمية‬
‫‪1‬‬
‫الفاعل في المجتمع"‪.‬‬

‫شخصية هي بمثابة المؤ ّ‬


‫شر الدّال والكاشف عن الطبقة االجتماعية لألفراد‬ ‫فإن ال ّ‬
‫وعليه؛ ّ‬
‫أثناء كل حقبة تاريخية من خالل الت ّعبير عنها‪.‬‬

‫وتبرز أه ّمية ال ّ‬
‫شخصية عند عبد الملك مرتاض كونه ينظر إليها من منظور يجعل‬
‫منها الحدّ الفاصل بين المقال والعمل السردي‪ ،‬فحضور ال ّ‬
‫شخصية في العمل األدبي‬
‫شخصية تمث ّل أه ّمية‬
‫"إن ال ّ‬
‫أوغيابها هو ما يحدّد الجنس األدبي ومفهومه‪ .‬حيث يقول ‪ّ :‬‬
‫قصوى‪ ...‬فال ّ‬
‫شخصية هي الشيء الذي تتميّز به األعمال السردية عن أجناس األدب‬
‫صة لصنّفت ربّما في المقالة"‪ 2.‬كما أنّه يؤ ّكد على‬
‫يق ّ‬ ‫سا‪ ،‬فلو ذهبت ال ّ‬
‫شخصية عن أ ّ‬ ‫أسا ً‬
‫شخصية هي المجال الخصب والواسع لتر ّكز األحداث ّ‬
‫الروائية‪ ،‬فهي تساهم في‬ ‫أن ال ّ‬
‫ّ‬
‫مظهرا من كينونته التي‬
‫ً‬ ‫توضيح معالم الفرد الد ّاخلية "إنّها تكشف لك ّل واحد من النّاس‬
‫ما كانت لتكشف فيه‪ ،‬لوال االت ّصال الذي حدث عبر ذلك الوضع بعينه‪ ...‬فكأنّها مرآة‬
‫‪3‬‬
‫تعكس عصرنا وقيمنا‪ ،‬آمالنا وآالمنا"‪.‬‬

‫المكونات األساسية التي تساهم في إنجاح األعمال الفنّية عا ّمة‬


‫ّ‬ ‫وهو بذلك يجعلها من‬
‫صة‪.‬‬
‫والرواية خا ّ‬
‫ّ‬

‫الرواية المغاربية‪ ،‬المؤسسة الوطنية لالتصال والنشر‪ ،‬د‪ .‬ب‪ ،‬د‪ .‬ط‬
‫‪ 1‬ـ إبراهيم عباس‪ ،‬تقنيات البنية السردية في ّ‬
‫د‪ .‬س‪ ،‬ص ‪. 34‬‬
‫الرواية (بحث في تقنيات السرد)‪ ،‬عالم المعرفة‪ ،‬د‪ .‬ب‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬ص ‪. 134‬‬
‫‪ 2‬ـ عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية ّ‬
‫‪ 3‬ـ عبد الملك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪15‬‬
‫مدخــــــــل‬
‫الروائية في قوله‪:‬‬
‫شخصية ّ‬‫صة إلى أه ّمية ال ّ‬ ‫كما أشار يوسف نجم في كتابه ّ‬
‫فن الق ّ‬
‫شخصية‬ ‫شخصيات وتتقلّب في أتون الحوادث‪ ،‬لتقدّم لنا صورة ثابتة لل ّ‬‫"تتطور ال ّ‬
‫ّ‬
‫الزمان‪ ،‬وهي تسير في طريقها دون ّ‬
‫تقطع‪ ...‬شأنها في ذلك شأن‬ ‫اإلنسانية ال تتقيّد بقيود ّ‬
‫‪1‬‬
‫ك ّل شخصية أخرى في الحياة"‪.‬‬

‫طع ّ‬
‫الزمني‬ ‫الروائية‪ ،‬دون أن تأبه للتق ّ‬ ‫بمعنى‪ ،‬أ ّن ال ّ‬
‫شخصية تسعى إلى مواكبة األحداث ّ‬
‫والمكاني‪ .‬كما أنّها تسعى إلى الوصول إلى مصداقية ال ّ‬
‫شخصيات الواقعية في الحياة‪.‬‬

‫ي عمل روائي واللّبنة التي‬ ‫إن ال ّ‬


‫شخصية هي األساس في أ ّ‬ ‫وفي األخير يمكن القول‪ّ ،‬‬
‫يبني على إثرها النّص ال ّ‬
‫سردي‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الشخصية والمكونات السردية‬

‫الروائية مجموعة من العالقات المترابطة والمنسجمة مع باقي‬ ‫تحكم ال ّ‬


‫شخصية ّ‬
‫الروائي ـ ّ‬
‫الزمن‪ ،‬المكان‪ ،‬الحبكة ـ‪.‬‬ ‫المكونة لمعماريّة العمل السردي ّ‬
‫ّ‬ ‫العناصر السردية‬
‫مكونات العمل السردي متفاعلة ومك ّملة ومت ّممة لبعضها البعض؛ ألجل‬
‫ّ‬ ‫ما يجعل‬
‫النّهوض بديناميكية وحيوية العمل ال ّ‬
‫سردي األدبي‪ ،‬ونذكر من بين هذه العالقات‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الشخصية والمكان‬

‫للكشف عن العالقة التي تربط ال ّ‬


‫شخصية بالمكان‪ ،‬البدّ علينا من إمعان النظر في مدى‬
‫الروائي‪ .‬ذلك ّ‬
‫أن هذه العالقة‬ ‫تفاعل هذين العنصرين المش ّكلين لمعمارية العمل ال ّ‬
‫سردي ّ‬
‫"تتعدّى العالقة الشكالنية "‪ ، 2‬فهي تتجاوز وجوده ال ّ‬
‫سطحي المتمركز على البُعد‬
‫شخصية وممارساتها "فالمكان ال يمث ّل‬
‫الجغرافي والفيزيائي إلى ضبط وتحديد سلوك ال ّ‬
‫خلفية األحداث فحسب‪ ،‬بل هو اإلطار الذي يحتويها‪ .‬فالمكان عنصر فاعل في‬

‫‪ 1‬ـ يوسف نجم‪ ،‬فن القصة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،1966 ،05‬ص ‪. 154‬‬
‫‪ 2‬ـ حميد الحمداني‪ ،‬بنية النص السردي (من منظور النقد األدبي)‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‬
‫ط ‪ ،1991 ،01‬ص ‪. 113‬‬

‫‪16‬‬
‫مدخــــــــل‬
‫‪1‬‬
‫الروائية"‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية ّ‬

‫شخصية‪ ،‬وإنّما يصبح مرافقًا لها يذكر‬


‫تتحرك فيه ال ّ‬
‫ّ‬ ‫وهو بذلك يتعدّى كونه اإلطار الذي‬
‫معها‪ ،‬يؤث ّر فيها كما تؤث ّر فيه‪" ،‬فال ّ‬
‫شخصية التي تعيش في الجبل يطبعها الجبل بطابعه‪،‬‬
‫فيظهر أثره في طباع الس ّكان وسلوكهم‪ ،‬وال ّ‬
‫شخصية التي تعيش في المدن تطبعها المدن‬
‫بطابعها‪ ،‬ويتجلّى أثر ذلك في سلوكها أي ً‬
‫ضا"‪ 2.‬فكما يؤث ّر المكان في الس ّكان‪ّ ،‬‬
‫فإن‬
‫الرواية الجديدة تعطي‬
‫ضا في المكان بعالقة تكاملية‪ .‬هذا ما جعل ّ‬ ‫الس ّكان يؤث ّرون أي ً‬
‫‪3‬‬
‫الروائية"‪.‬‬ ‫للمكان مكانة رياديّة‪ ،‬بحيث أنّها "أحلَّته مح ّل ال ّ‬
‫شخصية ّ‬

‫ً‬
‫فمثال‪ :‬إذا ما كان البطل متواجدًا في مكان جميل ومشرق فهذا يد ّل على ّ‬
‫أن البطل‬
‫بأن ال ّ‬
‫شخص حزين‪".‬فتغيّر المكان وانتقال‬ ‫سعيد‪ ،‬وإذا ما كان المكان كئيبًا مظل ًما يوحي ّ‬
‫‪4‬‬
‫يء القارئ ألحداث جديدة"‪.‬‬
‫البطل من مكان إلى آخر يوحي أو يه ّ‬

‫شخصية الث ّانية التي تساهم في إبراز ذوات‬


‫وبذلك‪ ،‬فإنّه يمكننا اعتبار المكان ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫شخوص واإلشارة إلى طبعها ومزاجها واإللمام بتعاقب األحداث‪.‬‬

‫إن المكان يتجاوز الحدود الجغرافية بالنسبة لل ّ‬


‫شخصية إلى إبراز تأثيره البالغ في‬ ‫ّ‬
‫"فالروائيون في‬
‫ّ‬ ‫حياتها‪ ،‬كما أنّه يساهم في تحديد هويّة ال ّ‬
‫شخصية وانتماءاتها المكانية‪،‬‬
‫وصفهم للمدن واألحياء والبيوت‪ ...‬إنّما يعكسون القيم االجتماعية التي ينتمي إليها‬
‫تتعرف على نوعية‬
‫ّ‬ ‫الرواية"‪5‬؛ فمن خالل وصف المكان واألثاث المتواجد فيه‬
‫أبطال ّ‬
‫شخصية المقيمة فيها‪ ،‬حيث يمكننا الكشف والت ّعرف على سلوكها وطريقة تفكيرها‬
‫ال ّ‬
‫أن وصف المكان هو تعبير عن ال ّ‬
‫شخصية ووصف لها‪ .‬ونحو ذلك‪:‬‬ ‫ذلك ّ‬
‫أثاث الغرفة يرتبط بذهنية صاحبه وسمات تكوين شخصيته؛ فالخزانة التي تحتوي كتبًا‬

‫‪ 1‬ـ محمد عزام‪ ،‬شعرية الخطاب السردي‪ ،‬تقنيات ومفاهيم‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الجزائر العاصمة‪،‬‬
‫الجزائر‬
‫ط ‪ ،2010 ،01‬ص ‪. 70‬‬
‫‪ 2‬ـ محمد عزام‪ ،‬شعرية الخطاب السردي‪ ،‬ص ‪. 70‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط ‪ ،2008 ،04‬ص ‪.138‬‬
‫‪ 5‬ـ ينظر ‪ :‬محمد عزام‪ ،‬شعرية الخطاب السردي‪ ،‬ص ‪. 72‬‬

‫‪17‬‬
‫مدخــــــــل‬
‫تختلف داللتها عن داللة الخزانة التي تحتوي على بلّوريات‪ .‬ذلك ّ‬
‫أن األثاث وطريقة‬
‫‪1‬‬
‫الروائية"‪.‬‬ ‫ترتيبه "ما هو ّإال تعبير عن ال ّ‬
‫شخصية ّ‬

‫صدد‬ ‫أن األثاث يكشف عن االنتماء االجتماعي لل ّ‬


‫شخصية االجتماعية‪ ،‬وفي هذا ال ّ‬ ‫كما ّ‬
‫أن للمكان وال ّ‬
‫شخصية عالقة مترابطة مع بعضها ويظهر ذلك‬ ‫يشير فيليب هامون إلى ّ‬
‫شخصية‪ ،‬وإنّما صار‬
‫مجرد إطار هندسي يتواجد فيه البطل أوال ّ‬
‫ّ‬ ‫في قوله‪":‬لم يعد المكان‬
‫يؤث ّر في ال ّ‬
‫شخصية من ناحية األحداث ويدفعها إلى الفعل‪ .‬كما ّ‬
‫أن وصف المكان يعني‬
‫الروائية‪ ،‬ويش ّكل أه ّمية‬
‫شخصية ّ‬ ‫شخصية"‪ 2.‬فالمكان يشمل هويّة ال ّ‬‫وصف مستقبل ال ّ‬
‫ومكون جوهري في‬ ‫ّ‬ ‫الروائي‪ .‬فهو "عنصر فاعل‬
‫صة في بناء العالم السردي ّ‬‫بالغةً وخا ّ‬
‫الروائي‪.‬‬
‫ونموها داخل العمل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتطورها‬ ‫الرواية"‪ ،3‬يعمل على دفع ال ّ‬
‫شخصية‬ ‫مكونات ّ‬
‫ّ‬
‫الروائي بعضها‬
‫وهذا ما جعل منه العمود الفقري الذي من شأنه ربط أجزاء العمل ّ‬
‫ببعض‪.‬‬

‫الرواية بأشكال مختلفة‪:‬‬ ‫كما نالحظ ّ‬


‫أن المكان يحضر في ّ‬

‫‪ 1‬ـ األماكن المغلقة‬

‫فعندما تتواجد ال ّ‬
‫شخصية في مكان مغلق ف ّ‬
‫إن مشاعرها تكون متباينة‪ ،‬فتبدو لنا "مليئة‬
‫باألفكار واآلمال والت ّرقب وحت ّى الخوف والتو ّجس‪ ،‬فهي تولد المشاعر المتناقضة‬
‫بالراحة‬
‫عا داخليًا بين الرغبات توحي ّ‬
‫والمتضاربة في النفس‪ ،‬وتخلق لإلنسان صرا ً‬
‫‪4‬‬
‫واألمان‪ ،‬وفي الوقت نفسه توحي بالضيق والخوف"‪.‬‬

‫وهذا راجع إلى ما يمارسه المكان على ال ّ‬


‫شخصية من ضغوطات لتبقى حبيسة في‬
‫هواجس وحواجز مفروضة عليها من المكان الذي تتواجد فيه‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ينظر ‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 72‬‬


‫الروائية‪ ،‬تر‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬تق‪ :‬عبد الفتاح كيليطو‪ ،‬دار الحوار‬
‫شخصية ّ‬ ‫‪ 2‬ـ ينظر ‪ :‬فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬
‫الالذقية‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط ‪ ،2013 ،01‬ص ‪.131‬‬
‫الروائي في أعمال إبراهيم نصر هللا‪ ،‬دار الكنبسي‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪ .‬ط‪ 2004 ،‬ص‬ ‫‪ 3‬ـ ينظر ‪ :‬هيام شعبان‪ ،‬السرد ّ‬
‫‪. 277‬‬
‫الرواية النسائية الفلسطينية‪ ،‬دار أوغاريت‪ ،‬فلسطين‪ ،‬د‪ .‬ط‪ 2007 ،‬ص‬ ‫‪ 4‬ـ ينظر ‪ :‬حفيظة أحمد‪ ،‬بنية الخطاب في ّ‬
‫‪. 166‬‬

‫‪18‬‬
‫مدخــــــــل‬
‫‪ 2‬ـ األماكن المفتوحة‬

‫وهنا ال بدّ من اإلشارة إلى أنّه وإن تواجدت ال ّ‬


‫شخصية في مكان مفتوح ّ‬
‫فإن مشاعرها ال‬
‫بالحرية واالنفالت‬
‫ّ‬ ‫تستقر‪ ،‬حيث أنّها تت ّسم هي األخرى بالت ّباين والت ّضارب‪ ،‬فهي تشعر‬
‫ّ‬
‫من القيود‪ ،‬كما أنّها تشعر بالضياع والخوف‪ .‬وهذا راجع إ ّما إلى كون المكان واسعًا‪،‬‬
‫الطبيعة اإلنسانية التي ال تخلو من المتناقضات‪ ،‬فاألماكن المفتوحة توحي‬‫وإ ّما إلى ّ‬
‫‪1‬‬
‫والتحرر واالنفالت‪ ،‬وال يخلو هذا األمر من مشاعر الضيق والخوف"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫"باالت ّساع‬

‫الروائية‪ ،‬وذلك باعتبار‬ ‫ومن هنا تت ّضح العالقة الوطيدة التي تجمع المكان بال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الروائية‬
‫المكونات ّ‬
‫ّ‬ ‫المكان "كائنًا حيًّا يمارس الحركية في الخطاب يؤث ّر ويتأث ّر بباقي‬
‫‪2‬‬ ‫صة ال ّ‬
‫شخصية"‪.‬‬ ‫وخا ّ‬

‫تتحرك فيه ال ّ‬
‫شخصية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فالمكان إذن‪ ،‬هو البيئة التي‬

‫‪ 2‬ـ الشخصية و الزمن‬

‫المكونات السردية األساسية‪ ،‬ومن العناصر الفعّالة في بناء معماريّة‬


‫ّ‬ ‫يعدّ ّ‬
‫الزمن من‬
‫الروائي‪ .‬ظ ّل منذ القدم مح ّل جدل ألنّه يصعب تحديد مفهومه وطبيعته‪،‬‬
‫العمل السردي ّ‬
‫الزمن ات ّخذ داللة مختلفة بين النقّاد والن ّحاة والفالسفة‪ .‬ومردّ ذلك كونه‬
‫أن مفهوم ّ‬
‫بحيث ّ‬
‫تطور األحداث‪ ،‬ويقوم بتوضيح‬
‫مجردًا يدرك بعقولنا ال بحواسنا‪" ،‬يساعد على ّ‬
‫ّ‬ ‫شيئا‬
‫‪3‬‬
‫تحرك األحداث وتدفع بها إلى األمام"‪.‬‬
‫السببية التي ّ‬

‫الروائي‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد ارتبطت‬ ‫كما أنّه يساهم في تغيّر ال ّ‬


‫شخصيات واألماكن داخل المتن ّ‬
‫شخصية الواحدة تعيش الماضي والمستقبل‬ ‫بالزمن ارتبا ً‬
‫طا وثيقًا‪ ،‬فال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية‬
‫وتتحول عبر كل األزمنة "فتعاقب ّ‬
‫الزمن والفصل‬ ‫ّ‬ ‫تتطور‬
‫ّ‬ ‫والحاضر بطريقة متناسقة‬
‫بين الحدث واآلخر بمدّة زمانية‪ ،‬يسمح بتصاعد األحداث ّ‬
‫الروائية وتغيّر األمكنة‬

‫الرواية النسائية الفلسطينية‪ ،‬ص ‪. 166‬‬


‫‪ 1‬ـ ينظر ‪ :‬حفيظة أحمد‪ ،‬بنية الخطاب في ّ‬
‫الروائي‪ ،‬دراسات في رواية " نجيب الكيالني "‪ ،‬عالم الكتب الحديثة‪ ،‬د‪ .‬م‬‫‪ 2‬ـ ينظر ‪ :‬شريف حبيلة‪ ،‬بنية الخطاب ّ‬
‫األردن‪ ،‬ط ‪ ،2010 ،01‬ص ‪. 191‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪. 139‬‬

‫‪19‬‬
‫مدخــــــــل‬
‫الزمن هو اآلخر يؤث ّر في ال ّ‬
‫شخصيات وطباعها‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫وتطور ال ّ‬
‫شخصيات"‪ 1.‬حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫سس لعالقة‬
‫سلوكاتها وقيمها اإلنسانية "هو الخيط الوهمي الذي يربط األحداث ويؤ ّ‬
‫‪2‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصيات ببعضها"‪.‬‬

‫ويشير عبد القادر أبو شريفة في كتابه مدخل إلى تحليل النّص األدبي"أنّه يمكننا أن‬
‫الزمن بشكل مباشر‪ ،‬أوبشكل غير مباشر‪" ،‬فالشكل المباشر كأن يذكر المؤلّف ّ‬
‫أن‬ ‫نحدّد ّ‬
‫الزمان هو صباح يوم كذا‪ ...‬أوبشكل غير مباشر من خالل وصف المكان والعادات‬
‫‪3‬‬
‫والمظاهر الحضارية المختلفة"‪.‬‬

‫إن عالقة ّ‬
‫الزمن بال ّ‬
‫شخصية هي عالقة جوهرية‪ ،‬ذلك ّ‬
‫أن‬ ‫وعليه‪ ،‬فإنّه يمكننا القول؛ ّ‬
‫تتطور هي األخرى بفعل‬
‫ّ‬ ‫الرواية‬
‫أن ّ‬ ‫تش ّكل ال ّ‬
‫شخصية يت ّم عبر ّ‬
‫الزمن‪ ،‬إضافة إلى ّ‬
‫ّ‬
‫الزمن‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪. 139‬‬
‫الرواية‪ ،‬ص ‪. 178‬‬
‫‪ 2‬ـ ينظر‪ :‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية ّ‬
‫‪ 3‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪. 139‬‬

‫‪20‬‬
‫‪:‬‬ ‫الفصــــــل الـــــــأول‬
‫حول‬ ‫نظرية‬ ‫مفاهيم‬

‫الشخصية الروائية‪.‬‬
‫الروائية‪ :‬لغةً ‪ /‬اصطال ًحا‪.‬‬ ‫‪ 1‬ـ مفهوم ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الروائية عند فيليب هامون‬ ‫‪ 2‬ـ ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫‪ 2‬ـ ‪ 1‬ـ مفهوم ال ّ‬
‫شخصية عند هامون‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ‪ 2‬ـ محددات ال ّ‬
‫شخصية عند هامون‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أنواع ال ّ‬
‫شخصيات‬
‫أ ـ تصنيف عام‪.‬‬
‫ب ـ تصنيف خاص‪.‬‬
‫الروائية‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ أبعاد ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫‪ 1‬ـ مفهوم الشخصية الروائية‬


‫أ‪ /‬لغة‬
‫ورد المفهوم الّلغوي لل ّ‬
‫شخصية في العديد من المعاجم والقواميس‪ ،‬ومن المعاجم التي‬
‫سنعود إليها معجم لسان العرب البن منظور الذي ورد فيه ضمن مادّة {ش‪.‬خ‪.‬ص} ما‬
‫ص اإلنسان وغيره‪ ،‬مذ ّكر‪ ،‬والجمع أ َ ْشخ ٌ‬
‫َاص‬ ‫ص‪ :‬جماعة ش َْخ ِ‬
‫ش ْخ ُ‬
‫يلي‪" :‬شخص‪ :‬ال َّ‬
‫ص‪ :‬سواء اإلنسان وغيره تراه من بعيد‪ ،‬تقول ثالثة‬ ‫ش ْخ ُ‬
‫َاص‪ .‬وال َّ‬ ‫ش ُخ ُ‬
‫وص و ِشخ ٌ‬ ‫ُ‬
‫‪1‬‬
‫ص‪ .‬ك ّل شيء رأيت جسمانه‪ ،‬فقد رأيت ش َْخ َ‬
‫صهُ"‪.‬‬ ‫أ َ ْش ُخ ٍ‬

‫صيَّةُ)‪" :‬صفات تميّز‬


‫ش ْخ ِ‬
‫شخصية في معجم الوسيط على أنّها(ال َّ‬
‫كما وردت لفظة ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫شخص من غيره‪ .‬ويقال‪ :‬فالن ذو شخصيّة قويّة‪ :‬ذو صفات متميّزة وإرادة وكيان‬
‫مستق ّل"‪ 2.‬بمعنى ّ‬
‫أن لك ّل فرد شخصيّة يتميّز بها عن غيره‪.‬‬

‫أن‬ ‫أن المفاهيم اللّغوية لمصطلح ال ّ‬


‫شخصية مشتركة في المعاجم القديمة؛ بحيث ّ‬ ‫المالحظ ّ‬
‫شخصية هي الصفات التي يتميّز بها ال ّ‬
‫شخص عن اآلخر*‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫شخصية في معجم المصطلحات العربيّة‬ ‫أ ّما في المعاجم الحديثة فقد ورد مصطلح ال ّ‬
‫في اللّغة واألدب لمجدي وهبة وكامل المهندس اللذين ّ‬
‫عرفاها بأنّها‪" :‬أحد األفراد‬
‫صة أوالمسرحية‪ ،‬كشخصية ليلى‬
‫الخياليّين أوالواقعيّين الذين تدور حولهم أحداث الق ّ‬
‫‪3‬‬
‫األ َ ْخيَ ِليَّة في رواية مجنون ليلى ألمير الشعراء أحمد شوقي"‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ينظر ‪ :‬أبو الفضل ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2005 ،4‬مادة‬
‫{ ش‪.‬خ‪.‬ص }‪ ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪ 2‬ـ شوقي ضيف ومجموعة من الباحثين‪ ،‬معجم الوسيط‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬د‪ .‬م‪،‬جمهورية مصر العربية‬
‫ط‪ ،2004 ،4‬ص ‪. 475‬‬
‫شخصية‪ ،‬انظر‪ :‬الخليل الفراهيدي‪ ،‬كتاب العين‪ ،‬المجلد الثاني‬ ‫*اشتركت المعاجم القديمة في تقديم نفس المفهوم لل ّ‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2003 ،1‬ص ‪ / 314‬مجد الدين محمد يعقوب بي إبراهيم الفيروز األبادي‬
‫القاموس المحيط‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،1995 ،1‬مادة {ش ‪ .‬خ ‪ .‬ص}‪ ،‬ص ‪.409‬‬
‫‪ 1‬ـ مجدي وهبة وكامل مهندس‪ ،‬معجم المصطلحات العربية في اللغة واألدب‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪2‬‬
‫‪ ،1984‬ص ‪. 208‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫أ ّما في معجم المصطلحات األدبيّة فيشير صاحبه إبراهيم فتحي إلى ال ّ‬


‫شخصية على‬
‫سمات والمالمح التي تش ّكل طبيعة شخص أوكائن حي‪ .‬وهي تشير إلى‬
‫أنّها‪" :‬مجمل ال ّ‬
‫‪1‬‬
‫صفات الخلقية والمعايير والمبادئ األخالقية ولها في األدب معان نوعية أخرى‪."...‬‬
‫ال ّ‬

‫ونستنتج م ّما سبق؛ إ ّن المعاجم الحديثة ر ّكزت على ال ّ‬


‫صفات الفيزيولوجية‪ ،‬التي تميّز‬
‫سلوكات أثناء العمل السردي‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية عن غيرها في مختلف األفعال وال ّ‬

‫ب‪ /‬اصطالحا‬

‫تعتبر ال ّ‬
‫شخصية العنصر األساسي في ك ّل سرد‪ ،‬فال وجود لرواية بدون شخصيات‪.‬‬
‫ولهذا فقد تجلّت عدّة مفاهيم حول ال ّ‬
‫شخصية باعتبارها المحور الجوهري الذي تقوم‬
‫عليه األحداث‪.‬‬

‫"ال ّ‬
‫شخصية(‪ ،)PERSONALITY‬كلمة التينية من(‪،)PERSONA‬ومعناها القناع‬
‫أوالوجه المستعار الذي يضعه الممثّل على وجهه من أجل التن ّكر وعدم معرفته من قبل‬
‫‪2‬‬
‫اآلخرين‪ ،‬ولكي يمثّل دوره المطلوب في المسرحية فيما بعد"‪.‬‬

‫صفات الجسمية والعقلية والمزاجية‬


‫شخصية هي‪" :‬جملة ال ّ‬ ‫يرى علماء النّفس ّ‬
‫أن ال ّ‬
‫‪3‬‬ ‫ً‬
‫تمييزا واض ًحا"‪.‬‬ ‫والخلقية التي تميّز ال ّ‬
‫شخص عن غيره‪،‬‬

‫‪ 1‬ـ إبراهيم فتحي‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية‪ ،‬المؤسسة العربية للناشرين المتحدين‪ ،‬التعاضدية العمالية‪ ،‬صفاقس‬
‫تونس‪ ،1986 ،‬ص ‪. 210‬‬
‫‪ 2‬ـ علي عبد الرحمان فتاح‪ ،‬تقنيات بناء الشخصية في الرواية "ثرثرة فوق النيل"‪ ،‬مجلة كلية اآلداب‪ ،‬العدد ‪102‬‬
‫د‪ .‬ت‪ ،‬قسم اللغة العربية‪ ،‬جامعة صالح الدين‪ ،‬د ‪ .‬ب‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫أ ّما الكالسكيّون فقد "اهت ّموا بالدّقة في تصويرهم لشخصياتهم بحيث أنّهم تميّزوا بخلق‬
‫نماذج بشرية خالدة‪...‬حتّى اكتسبت تلك ال ّ‬
‫شخصيات طابع النّموذج البشري‪ ...‬وأصبح‬
‫‪1‬‬
‫لها وجود مستق ّل"‪.‬‬

‫أن الرومنسيّين قد قدّموا نظرة إعجاب لشخصياتهم‪ ،‬وعليه ّ‬


‫فإن الكالسكيّين‬ ‫كما ّ‬
‫والرومنسيّين اشتركوا في نظرة اإلجالل والتّقديس لل ّ‬
‫شخصية‪ .‬على عكس الشكالنيّين‬
‫الذين ش ّككوا في مفهومها وأنكروا ضرورتها ورفضوا التّصور التّقليدي ونظروا إليها‬
‫المكونة‬
‫ّ‬ ‫على أنّها "كائن لغوي ال وجود له خارج الكلمات‪ ،‬وهي تشبه العالمة اللّغوية‬
‫منجزا بشكل مسبق‪ ،‬بل هو مرتبط بالتّحليل وآلياته‪،‬‬
‫ً‬ ‫من دال ومدلول‪ّ ،‬‬
‫وإن وجودها ليس‬
‫‪2‬‬
‫الروائي"‪.‬‬
‫وبالقارئ من خالل فهمه وتأويله للعمل ّ‬

‫وليس بالضّرورة أن يكون لل ّ‬


‫شخصية وجود واقعي‪ ،‬بحيث يمكن أن يكون وجودها‬
‫شكال ًّ‬
‫داال‬ ‫ً‬ ‫سد باعتبارها "{كائنات من ورق} لتت ّخذ‬ ‫تخييليًا‪ ،‬فال ّ‬
‫شخصية عند بارت تتج ّ‬
‫من خالل اللّغة"‪ 3.‬أ ّما عند تودوروف؛ فهي "ليست أكثر من قضية لسانية"‪4‬؛ بحيث أنّه‬
‫ينظر إلى ال ّ‬
‫شخصية من منظور لغوي‪.‬‬

‫الرغم من اختالف النّقاد والباحثين في تقديم‬


‫وفي األخير‪ ،‬يمكننا القول بأنّه على ّ‬
‫شخصية‪ّ ،‬إال أنّهم اتّفقوا على كونها العنصر الجوهري الذي تقوم‬
‫مفهوم مو ّحد حول ال ّ‬
‫الروائي‪.‬‬
‫عليه األحداث داخل العمل ّ‬

‫‪ 2‬ـ الشخصية الروائية عند فيليب هامون‬

‫‪2‬ـ ‪ 1‬ـ مفهوم الشخصية عند هامون‬

‫‪ 1‬ـ ينظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫‪ 2‬ـ علي عبد الرحمان فتاح‪ ،‬تقنيات بناء ال ّ‬
‫شخصية في رواية "ثرثرة فوق النيل"‪ ،‬ص ‪. 46‬‬
‫‪ 3‬ـ محمد عزام‪ ،‬شعرية الخطاب السردي‪ ،‬ص ‪. 11‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 11‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫تختلف رؤية فيليب هامون عن غيره من النّقاد والدارسين البنيويين حول مفهوم‬
‫أن له نظرة ً مخالفة للتّصوير التقليدي‪ .‬إذ أنّه يدرسها من‬
‫الروائية‪ ،‬بحيث ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫"منظور لساني نحوي قائم على ثنائية العالمة السوسيريّة الدّال والمدلول"‪ 1.‬بمعنى أنّه‬
‫أن هامون يهتّم بوظيفة ال ّ‬
‫شخصية من الناحية‬ ‫ينظر إليها من منظور نحوي لغوي‪ .‬ذلك ّ‬
‫ضا‪،‬‬ ‫أن مفهوم ال ّ‬
‫شخصية ليس مفهوما أدبيًا مح ً‬ ‫النحوية‪" ،‬بل يذهب إلى حدّ اإلعالن عن ّ‬
‫‪2‬‬
‫شخصية داخل النّص"‪.‬‬ ‫وإنّما هو مرتبط أسا ً‬
‫سا بالوظيفة النحوية التي تقوم بها ال ّ‬

‫شخصية أقرب إلى اللّسانيات‪ ،‬فهو ينظر إليها "كمورفيم فارغ في‬
‫وبهذا يكون مفهومه لل ّ‬
‫‪3‬‬
‫األصل‪ ،‬سيمتلئ تدريجيًا بالداللة كلّما تقدّمنا في قراءة النص"‪.‬‬

‫وعليه "يعدّ هذا التّصور الجديد لل ّ‬


‫شخصية‪ ،‬وللعالمة في الوقت ذاته‪ ،‬انزيا ًحا كليًّا عن‬
‫ك ّل المقاربات التقليدية التي لم تتعامل مع هذه المقوالت؛ ّإال من زاوية نظر سيكولوجية‬
‫أواجتماعية أوتعاملت معها في الكثير من األحيان استنادًا إلى رؤية ساذجة"‪ 4.‬وبهذا‬
‫"فاستنادا إلى مفهوم العالمة اللسانية يمكن التّعامل مع ال ّ‬
‫شخصية باعتبارها مورفي ًما‬
‫ضا دالليًا‪ ،‬وهي بذلك ال تحيل ّإال على نفسها‪ .‬وهو ما يعني أنّها ليست‬ ‫فار ً‬
‫غا‪ ،‬أي بيا ً‬
‫‪5‬‬
‫وجاهزا‪ ،‬إنّها تحتاج إلى بناء"‪.‬‬
‫ً‬ ‫معطى قبليًا وكليًا‬

‫ونقصد القول بذلك؛ إ ّن ال ّ‬


‫شخصية في وهلتها األولى تكون عبارة عن فراغ أوبياض‬
‫‪6‬‬
‫وث ّم "تأتي محموالت مختلفة لملئه وإلعطائه مدلوله عن طريق إسناد األوصاف"‪.‬‬

‫يتكون من تتابع (العالمات‪ ،‬األوصاف‬


‫ّ‬ ‫شخصية‬ ‫لكنّنا ال نعني بذلك ّ‬
‫أن مدلول ال ّ‬
‫يتكون كذلك بفعل العالقات والتّداخالت بين ال ّ‬
‫شخصيات‬ ‫التحوالت‪.)...‬وإنّما ّ‬
‫ّ‬ ‫التّراكمات‪،‬‬
‫الرواية‪.‬‬
‫المختلفة داخل ّ‬

‫‪ 1‬ـ جميل حمداوي‪ ،‬مستجدات النقد الروائي‪ ،‬ط ‪ ،1‬د ‪ .‬م‪ ،‬د ‪ .‬ب‪ ،2011 ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ 4‬ـ فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬تقديم‪ :‬عبد الفتاح كليطو‪ ،‬دار الحوار‬
‫الالذقية‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط ‪ ،2013 ،1‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 5‬ـ جميل حمداوي‪ ،‬مستجدات النقد الروائي‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪6‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫بأن فيليب هامون قد درس ال ّ‬


‫شخصية من‬ ‫تطرقنا إليه يمكننا القول‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫من خالل ما‬
‫غا ال تحيل إالّ على نفسها‪ ،‬وال تتّضح‬ ‫منظور لساني‪ ،‬بحيث اعتبرها مورفي ًما فار ً‬
‫الروائي‪ .‬وهو بذلك يعدّها عالمة نحو العالمة اللّسانية؛ ّإال ّ‬
‫أن‬ ‫مالمحها ّإال بنهاية النّص ّ‬
‫الفرق بينهما يكمن في طبيعة العالقة بين مكوني هذه العالمة‪ :‬الدال والمدلول‪ .‬وعليه‬
‫فقد صنّف العالمات إلى ثالثة أنواع‪ ،‬وهي كالتّالي‪:‬‬

‫‪ .1‬العالمات التي تحيل على معطى في العالم الخارجي‪ ،‬أوعلى شيء ملموس‬
‫ومدرك‪ .‬ويطلق عليها هامون أيضا اسم العالمات المرجعية‪.‬‬
‫شخصيات‬ ‫‪ .2‬العالمات التي تحيل على بؤرة تلفظية‪ ،‬وتتمثّل في اإلحاالت إلى ال ّ‬
‫عن طريق الضّمائر {أنا‪ ،‬أنت‪ ،‬هو‪ ،}...‬وغيرها من األلفاظ‪.‬‬
‫‪ .3‬العالمات التي تحيل على عالمة منفصلة عن الملفوظ نفسه‪ ،‬وتس ّمى بالعالمات‬
‫‪1‬‬
‫االستذكارية أوالتكرارية‪.‬‬
‫وهذه العالمات تتش ّكل عن طريق سير أحداث النّص ال ّ‬
‫سردي‪.‬‬
‫‪2‬ــ ‪ 2‬ـ محددات الشخصية‬
‫شخصية‪ ،‬وصنّف العالمات‪ .‬انتقل لتحليل‬
‫تطرق فيليب هامون إلى مفهوم ال ّ‬‫ّ‬ ‫بعدما‬
‫شخصية إلى مستويات ثالثة‪ ،‬وهي‪:‬‬‫ال ّ‬

‫‪ 1‬ـ مدلول الشخصية‬

‫أعطى هامون في هذا المستوى مجموعة من اآلراء حول مفهوم ال ّ‬


‫شخصية‪ ،‬والذي‬
‫يرجع إلى دالّها ليك ّمل هذه اآلراء بالحديث عن مستويات وصف ال ّ‬
‫شخصية‪ .‬وعليه "تعدّ‬
‫شخصية وحدة دالليّة‪ ،‬وذلك في حدود كونها مدلوالً منفصالً‪ .‬وسنفترض ّ‬
‫أن هذا‬ ‫ال ّ‬
‫المدلول قابل للتّحليل والوصف‪ .‬وإذا قبلنا فرضية المنطلق القائلة ّ‬
‫بأن شخصية رواية ما‬
‫شخصية ال تبنى ّإال من خالل جمل تتلفّظ بها‬
‫وأن هذه ال ّ‬
‫تولد من وحدات المعنى‪ّ ،‬‬
‫أويتلفّظ بها عنها" ‪ 2.‬إذن ّ‬
‫فإن مدلول ال ّ‬
‫شخصية يقوم على مجموعة من أوصاف‬
‫ال ّ‬
‫شخصية ووظائفها‪ ،‬ومختلف عالقاتها‪ .‬هذه األوصاف تتض ّمن أربعة محاور بسيطة‬

‫‪ 1‬ـ ينظر‪ :‬فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية الشخصيات الروائية‪ ،‬ص ‪ ،34‬ص ‪.35‬‬
‫‪2‬‬
‫الروائية‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫شخصية ّ‬ ‫ـ فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫موضوعاتها‪ :‬الجنس‪ ،‬األصل الجغرافي‪ ،‬اإليديولوجيا والثروة‪ .‬كما قدّم كذلك آرا ًءا‬
‫ضا‪.‬‬ ‫شخصية ال يتش ّكل من التّكرار فقط بل بالتّراكم والت ّ ّ‬
‫حول أي ً‬ ‫أن مدلول ال ّ‬
‫تنص على ّ‬
‫ّ‬

‫‪ 2‬ـ مستويات وصف الشخصية‬

‫هذه المقولة متداولة ومه ّمة جدًّا في اللّسانيات ولهذا ّ‬


‫فإن "اعتمادها في تحليل ال ّ‬
‫شخصية‬
‫هو االعتراف بوجود مستويات متعدّدة في النّص‪ ،‬واالعتراف أي ً‬
‫ضا بوجود شبكة من‬
‫شخصية البدّ‬ ‫مكونات النّص ال ّ‬
‫سردي"‪ 1.‬فلوصف ال ّ‬ ‫العالقات تحدّد في نهاية المطاف ّ‬
‫من الت ّ ّ‬
‫طرق إلى مستويات عدّة‪ ،‬بد ًءا من عالقاتها مع ال ّ‬
‫شخصيات األخرى‪ ،‬فهذه‬
‫الروائي فهي "تدخل في عمليات تبادل‬
‫العالقات هي التي تحدّد موقعها داخل العمل ّ‬
‫‪2‬‬
‫اجتماعي‪ ،‬ضمن مرجعيّة النّص مع وحدات من مستوى أعلى أومع وحدات أدنى"‪.‬‬
‫سطحية‬
‫األول على مستوى البنية ال ّ‬ ‫وعليه يمكن تحليل ال ّ‬
‫شخصية إلى مستويين متباينين‪ّ ،‬‬
‫صفات المميّزة لل ّ‬
‫شخصية‪.‬‬ ‫وهذا بدراسة ال ّ‬

‫سطحية والبنية الدّاللية‪ ،‬التي تهت ّم بالمستوى‬ ‫أ ّما المستوى الثّاني يتو ّ‬
‫سط البنية ال ّ‬
‫الخطابي لل ّ‬
‫شخصية‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ دال الشخصية‬

‫شخصية على أنّه "مجموعة متناثرة من اإلشارات التي يمكن‬


‫يعرف هامون دال ال ّ‬
‫ّ‬
‫سمة في جزء ها ّم منها‬ ‫تسميتها سمة ال ّ‬
‫شخصية"‪ 3.‬تتحدّد الخصائص العا ّمة لهذه ال ّ‬
‫باالختيارات الجمالية للكاتب‪ ،‬يعني أنّها تختلف من كاتب إلى آخر بحسب اختياراته‬
‫شخصيات أسماؤها وألقابها‪ ،‬فالدّال يمثّل عدّة أسماء وصفات‬
‫الجمالية‪ .‬يدخل في دوال ال ّ‬
‫شخصية والتّعبير عن‬
‫شخصية يسهم في تركيز مدلول ال ّ‬ ‫تل ّخص هوية ال ّ‬
‫شخص‪ ،‬فاسم ال ّ‬
‫سردي‪ .‬ولهذا يتردّد الكتّاب في اختيار اسم العلم‬
‫هويتها والسيما في المتخيّل ال ّ‬
‫شخصيات‪ .‬فعندما يتعلّق األمر بأفراد عائلة واحدة فإ ّن اللّقب هو الجذر الذي يضمن‬
‫لل ّ‬

‫‪1‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية الشخصية الروائية‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫عا من اللّيونة والت ّ ّ‬


‫نوع‪،‬‬ ‫الديمومة الداللية لل ّ‬
‫شخصيات‪ ،‬بينما االسم يمكن أن نجد فيه نو ً‬
‫‪1‬‬ ‫فقد تحمل ال ّ‬
‫شخصية الواحدة أكثر من اسم‪ ،‬كما قد تحمل شخصيات مختلفة نفس االسم‪.‬‬

‫تصورات واضحة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واستنادًا لما سبق وذكرناه‪ ،‬يمكننا القول ّ‬
‫بأن هامون قد قدّم لنا‬
‫وذلك ألجل الوصول إلى وضع مبادئ عا ّمة يمكن بواسطتها تحليل ال ّ‬
‫شخصيات وفق‬
‫مستويات‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ أنواع الشخصيات‬

‫أ ـ تصنيف عام‬

‫الرواية بحيث أنّها‬ ‫أشرنا سابقًا إلى ّ‬


‫أن ال ّ‬
‫شخصية هي العنصر األساسي الذي تقوم عليه ّ‬
‫الروائي‪ .‬وعمو ًما لقد صنّف النّقّاد‬
‫تسيّر األحداث وتضمن الحركة والحياة داخل العمل ّ‬
‫وسنتطرق في بحثنا إلى بعض من أنواع‬
‫ّ‬ ‫واألدباء ال ّ‬
‫شخصيات إلى عدّة أنواع‪،‬‬
‫الروائية على سبيل المثال ال الحصر‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية ّ‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 1‬ـ الشخصية الرئيسية‬

‫الرئيسية المحور الجوهري الذي تدور حوله األحداث داخل العمل‬ ‫تمثّل ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الرئيسية‬ ‫أن لل ّ‬
‫شخصية ّ‬ ‫الرواية"‪ 2.‬كما ّ‬
‫سردي‪ ،‬فهي "تقود الفعل وتدفعه إلى األمام في ّ‬
‫ال ّ‬
‫الروائي‬ ‫دورا يميّزها عن باقي ال ّ‬
‫شخصيات كونها تحظى بنسبة حضور كبيرة في العمل ّ‬ ‫ً‬
‫إذ أنّها "تظهر أكثر من ال ّ‬
‫شخصيات األخرى‪ ،‬ويكون حديث ال ّ‬
‫شخوص األخرى حولها‬
‫ي شخصية عليها‪ ،‬وإنّما تهدف جميعًا إلبراز صفاتها ومن ث ّم تبرز الفكرة‬
‫فال تطغى أ ّ‬
‫صة ودرجة عالية من‬ ‫أن المؤلّف يعطي لها عناية خا ّ‬
‫التي يريد الكاتب إظهارها"‪ 3.‬ذلك ّ‬
‫االنتباه‪ ،‬فهي تمثّل نقطة استقطاب لمختلف ال ّ‬
‫شخصيات األخرى‪ .‬ومن هذا المنطلق ّ‬
‫فإن‬
‫سردي‪ ،‬وذلك راجع‬
‫الركيزة األساسية التي يقوم عليها العمل ال ّ‬
‫الرئيسية هي ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫إلى الحيوية والحركة الدّائمة لها منذ بداية النّص ال ّ‬
‫سردي إلى نهايته‪.‬‬

‫ـ ينظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪ ،59‬ومابعدها‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ ينظر‪ :‬فتحي إبراهيم‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫الرئيسية "تتواتر على طول‬


‫شخصية ّ‬ ‫وهذا ما ذهب إليه سعيد يقطين حين أ ّكد ّ‬
‫أن ال ّ‬
‫‪1‬‬
‫النّص‪ ،‬وتضطلع فيه بدور مركزي"‪.‬‬

‫الروائي‪.‬‬
‫الرئيسية هي البؤرة األساسية للعمل ّ‬ ‫إذن ال ّ‬
‫شخصية ّ‬

‫‪ 3‬ـ ‪2‬ـ الشخصية الثانوية‬

‫الرئيسية‪ ،‬لسير األحداث‬ ‫شخصية الثّانوية المرافق والمك ّمل األساسي لل ّ‬


‫شخصية ّ‬ ‫تعتبر ال ّ‬
‫ّ‬
‫بوعزة في كتابه تحليل‬ ‫سردي‪ ،‬وهذا ما أ ّكده محمد‬
‫وخلق التّوازن بينهما داخل العمل ال ّ‬
‫الرئيسية‪،‬‬ ‫شخصية الثّانوية "قد تكون صديق ال ّ‬
‫شخصية ّ‬ ‫أن ال ّ‬ ‫النّص ال ّ‬
‫سردي حيث يرى ّ‬
‫وقد تقوم بدور تكميلي مساعد للبطل أومعيق له"‪*2.‬‬

‫مجرد ظالل‬
‫ّ‬ ‫شخصيات الثّانوية في العمل الفنّي‪ ،‬فهي ليست‬ ‫ّإال ّ‬
‫أن هذا ال ينفي مكانة ال ّ‬
‫وإنّما هي مشاركة في الحدث ّ‬
‫الروائي‪.‬‬

‫شخصية الثّانوية لها مكانتها أو دورها في ّ‬


‫الرواية‪ ،‬والكاتب‬ ‫المعنى من هذا‪،‬إ ّن "ال ّ‬
‫الرئيسية بل يهت ّم بشخصياته الثّانوية‬ ‫المتم ّكن هو الذي ال يستغرق ك ّل فنّه في ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫مثل عنايته ببطله"‪ 3.‬إذ غالبًا ما تمثّل مساعدًا للقارئ ليلج داخل ّ‬
‫الرواية للت ّ ّ‬
‫عرف على‬
‫أحداثها‪ ،‬وإلدراك مجريات النّص ّ‬
‫الروائي‪" ،‬فهي التي تضيء الجوانب الخفيّة‬
‫سرها فتبيح لها باألسرار التي ّ‬
‫يطلع‬ ‫الرئيسية‪ ،‬أوتكون أمينة ّ‬ ‫أوالمجهولة لل ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫‪4‬‬
‫عليها القارئ"‪.‬‬

‫شخصية الثّانوية تقتصر على مساعدة ال ّ‬


‫شخصية‬ ‫بأن مكانة ال ّ‬
‫ومن هنا يمكننا القول؛ ّ‬
‫الروائي‪.‬‬
‫الرئيسية‪ ،‬وربط األحداث ببعضها في العمل ّ‬
‫ّ‬

‫‪ 1‬ـ سعيد يقطين‪ ،‬قال الراوي‪ ،‬البنيات الحكائية في السيرة الشعبية‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪1‬‬
‫‪ ،1997‬ص ‪. 93‬‬
‫‪ 2‬ـ ينظر‪ :‬محمد بوعزة‪ ،‬تحليل النص السردي‪ ،‬ص ‪. 57‬‬
‫الرأي محمد بوعزة وعبد المالك مرتاض في كتابه في نظرية الرواية‪.‬‬ ‫*يشترك في هذا ّ‬
‫‪ 3‬ـ محمد علي سالمة‪ ،‬الشخصية الثانوية ودورها في المعمار الروائي عند نجيب محفوظ‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫مصر‪ ،‬ط ‪ ،2007 ،1‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪. 135‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 3‬ـ الشخصية العابرة (الهامشية)‬

‫شخصية ذات حضور ضعيف‪ ،‬وغير فعّال في األعمال الفنّية بشكل عام‪،‬‬
‫إن هذه ال ّ‬
‫ّ‬
‫الرواية بشكل خاص‪ .‬إذ أنّها تظهر أحيانًا وسرعان ما تتالشى وتصبح شبه عديمة‬
‫وفي ّ‬
‫الحضورـ يضمح ّل وجودها في العالم الحكائي‪ .‬فبذلك تكون بدون أه ّمية في ال ّ‬
‫سرد‬
‫الروائي ‪.‬‬
‫ّ‬

‫سرديات على أنّها "كائن‬ ‫عرف جيراند برانس ال ّ‬


‫شخصية الهامشية في قاموس ال ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫‪1‬‬
‫ليس فعّ ًاال في المواقف واألحداث المروية"‪.‬‬

‫الروائية‪ ،‬وهي بذلك ال‬ ‫شخصية ال تساهم في تحريك األحداث والت ّ ّ‬


‫طورات ّ‬ ‫إذن فهذه ال ّ‬
‫دورا مه ًّما ومحوريًا إذا ما قورنت بال ّ‬
‫شخصيات األخرى‪.‬‬ ‫تكتسب ً‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 4‬ـ الشخصية النامية (المدورة )‬

‫شخصيات النّامية"؛‬
‫إن المتتبّع الدّقيق لإلرهاصات األولى لظهور مصطلح "ال ّ‬
‫ّ‬
‫الروائي والنّاقد اإلنجليزي فوستر‪ ،‬ومن ث ّم‬
‫أن ّأول من أطلقه هو ّ‬ ‫يمكنه أن يخلص إلى ّ‬
‫أن عبدالمالك مرتاض صاحب كتاب في نظرية‬ ‫ترجمه ميشال زيرافا إلى الفرنسية‪ّ .‬إال ّ‬
‫يعرفها على أنّها‬
‫المدورة)‪ 2.‬والذي ّ‬
‫ّ‬ ‫األدب يميل إلى مصطلح "زيرافا" (ال ّ‬
‫شخصية‬
‫فتتطور من موقف إلى آخر ويظهر لها في‬
‫ّ‬ ‫صة‪،‬‬ ‫"ال ّ‬
‫شخصية التي يت ّم تكوينها بتمام الق ّ‬
‫‪3‬‬
‫تصرف جديد يكشف لنا عن جانب جديد منها"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ك ّل موقف‬

‫بتصرفات مختلفة‪ ،‬وبذلك‬


‫ّ‬ ‫إذ ّ‬
‫أن هذه األخيرة متغيّرة ومتجدّدة في مواقف كثيرة‬
‫تمييزا لطيفًا‬
‫ً‬ ‫الروائي‪ .‬ويعطي فوستر‬ ‫تكون واسطة لل ّ‬
‫شخصيات األخرى داخل العمل ّ‬
‫المدورة تش ّكل عال ًما‬
‫ّ‬ ‫شخصية‬ ‫ّ‬
‫و"المسطحة"‪ ،‬فال ّ‬ ‫"المدورة"‬
‫ّ‬ ‫بين نوعين من ال ّ‬
‫شخصيات‬

‫‪ 1‬ـ جيراند برانس‪ ،‬قاموس السرديات‪ ،‬ترجمة ‪ :‬السيد إمام‪ ،‬ميريت للنشر والمعلومات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪2003 ،1‬‬
‫ص ‪.159‬‬
‫‪ 2‬ـ ينظر‪ :‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪ 3‬ـ عزالدين اسماعيل‪ ،‬األدب وفنونه‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د ‪ .‬ط‪ ،2013 ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫كثيرا ما‬
‫ً‬ ‫كلّيًا ومعقّدًا في الحيّز الذي تضطرب فيه الحكاية المتراكبة وتش ّع بمظاهر‬
‫‪1‬‬
‫تتّسم بالتّناقض‪.‬‬

‫المدورة تمتاز بالتّعقيد إضافة إلى كونها نامية داخل العمل ّ‬


‫الروائي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وعليه فال ّ‬
‫شخصية‬
‫سلوك‪ ،‬أوالرؤية‪ ،‬أوالموقف‪ ،‬أوالت ّ ّ‬
‫صرف‪.‬‬ ‫سوا ًءا من حيث الفكر‪ ،‬أوال ّ‬

‫بأن تدوير ال ّ‬
‫شخصية واضح الدّاللة في المعنى الذي تمنحه‬ ‫ويرى عبد المالك مرتاض ّ‬
‫تستقر على حالة واحدة‪ ،‬فهي في ك ّل موقف شأن‬
‫ّ‬ ‫اللّغة‪...‬فهي مر ّكبة معقّدة وال‬
‫مختلف‪ 2.‬وهذا ما يجعل منها غير ثابتة التّكوين‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 5‬ـ الشخصية المسطحة ( البسيطة )‬

‫تصرفاتها لها دائ ًما طابع واحد‬


‫ّ‬ ‫شخصية الجاهزة والمكتملة التّكوين‪ ،‬إذ ّ‬
‫أن‬ ‫هي ال ّ‬
‫شخصيات األخرى فحسب‪ 3.‬وبالتّالي يمكننا القول إنّها‬
‫والتّغيير يكون في عالقاتها مع ال ّ‬
‫تتّسم بالوضوح الكلّي للقارىء منذ الوهلة األولى‪ ،‬فهي بعيدة ك ّل البعد عن الغموض ‪.‬‬

‫شخصية بأنّها "تلك ال ّ‬


‫شخصية البسيطة التي تمضي‬ ‫يعتبر عبد المالك مرتاض هذه ال ّ‬
‫على حال ال تكاد تتغيّر وال تتبدّل في عواطفها ومواقفها وأطوار حياتها عا ّمة‪ ...‬وهي‬
‫‪4‬‬
‫بهذا ال تستطيع أن تؤث ّر‪ ،‬كما ال تستطيع أن تتأثّر"‪.‬‬

‫وما نخلص إليه‪ ،‬إ ّن هذه األخيرة تسير في طور واحد وفكرة واحدة‪ ،‬ال تتغيّر حتّى‬
‫بأن ك ّل عمل فنّي يقوم على ثنائية تضمن‬
‫الروائي‪ .‬ونصل إلى القول؛ ّ‬
‫نهاية العمل ّ‬
‫ّ‬
‫المسطحة‪.‬‬ ‫شخصية النّامية وال ّ‬
‫شخصية‬ ‫وتطورها‪ ،‬وهي ال ّ‬
‫ّ‬ ‫سيرورة األحداث‬

‫ب ـ تصنيف خاص عند فيليب هامون‬

‫الروائية إلى ثالثة تصنيفات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫يصنّف فيليب هامون ال ّ‬


‫شخصيات ّ‬

‫‪ 1‬ـ ينظر‪ :‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪ 2‬ـ ينظر‪ :‬نفسه‪ ،‬ص ‪ 88‬وما بعدها ‪..‬‬
‫‪ 3‬ـ ينظر‪ :‬عزالدين اسماعيل‪ ،‬األدب وفنونه‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬ص ‪. 89‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫‪ 4‬ـ ‪ 1‬ـ الفئة المرجعية‬

‫شخصيات ذات البعد المرجعي والتّاريخي المحدّد‪ ،‬سواء في كتب‬


‫ونقصد بها هنا تلك ال ّ‬
‫سمها هامون إلى أربعة أنواع‪" :‬شخصيات تاريخية‬ ‫التّاريخ‪ ،‬أم األدب‪ ،‬أم ال ّ‬
‫شعر‪ .‬وقد ق ّ‬
‫(نابليون الثّالث في ريش ليو عند ألكسندر دوما)‪ ،‬شخصيات أسطورية (فينوس‪،‬‬
‫اجتماعية (العامل‬ ‫زوس)‪ ،‬شخصيات مجازية (الحب‪ ،‬الكراهية)‪ ،‬شخصيات‬
‫والفارس‪ ،‬المحتال)‪ .‬تحيل هذه ال ّ‬
‫شخصيات على معنى ممتلئ وثابت حدّدته ثقافة ما‬
‫كما تحيل على أدوار وبرامج واستعماالت ثابتة"‪ 1.‬وذلك راجع لكونها مستقاة من إطار‬
‫التاريخ‪ ،‬الدين‪ ،‬الثقافة‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ‪ 2‬ـ الفئة اإلشارية ( الواصلة )‬

‫الروائية بأنّها‪" :‬دليل على‬ ‫عرفها فيليب هامون في كتابه سيميولوجية ال ّ‬


‫شخصية ّ‬ ‫ّ‬
‫حضور المؤلّف أوالقارئ أومن ينوب عنهما في النص‪ :‬شخصيات ناطقة باسمه (جوقة‬
‫عابرة(رواة ومن شابههم‬
‫ّ‬ ‫التراجيديا القديمة‪ ،‬المحدثّون السقراطيّون)‪ ،‬شخصيات‬
‫سام ( كاتب‪ ،‬ساردون ومهذارون‪،‬‬
‫واتسون بجانب شارلوك هولمز)‪ ،‬شخصيات ر ّ‬
‫‪2‬‬
‫فنانون ‪.")...‬‬

‫شخصيات اإلشارية هي الحلقة الواصلة بين المؤلّف والقارئ‪ ،‬إذ يستطيع‬


‫إن ال ّ‬
‫أي ّ‬
‫المؤلّف بواسطتها إيصال ما يجول في خاطره إلى القارئ عن طريق ال ّ‬
‫شخصيات‬
‫الرواية‪ .‬وهي بذلك تمثّل عالمات على حضور المؤلّف أوالقارئ من‬
‫الموجودة في ّ‬
‫شخصيات النّاطقة باسم المؤلّف‪.‬‬
‫خالل الضّمير‪ ،‬أومن خالل ال ّ‬

‫‪ 4‬ـ ‪ 3‬ـ الفئة االستذكارية ( المتكررة)‬

‫‪ 1‬ـ فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬


‫شخصية الروائية‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫تعدّ عالمات مقويّة لذاكرة القارئ‪ ،‬وذلك عن طريق مجموعة من االستدعاءات‬


‫والتذكيرات واالسترجاعات‪ .‬وهذا ما أكدّ عليه هامون في قوله عن ال ّ‬
‫شخصيات‬
‫"إن ما يحدّد هويّة هذه الفئة من ال ّ‬
‫شخصيات هو مرجعية النسق الخاص‬ ‫االستذكارية ّ‬
‫شخصيات تقوم داخل الملفوظ بنسج شبكة من التّداعيات والتذكير‬
‫بالعمل وحده‪ .‬فهذه ال ّ‬
‫بأجزاء ملفوظة ذات أحجام متفاوتة (جزء من الجملة‪ ،‬كلمة‪ ،‬فقرة)‪ ،‬وتكون وظيفتها من‬
‫‪1‬‬
‫طبيعة تنظيمية وترابطية باألساس"‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬وفي ضوء ما سبق ذكره‪ ،‬يمكننا القول إ ّن فيليب هامون قد ربط هذه الفئة‬
‫الروائية الماضية‬ ‫من ال ّ‬
‫شخصيات بذهن المتلقي وقدرته على استيعاب األحداث ّ‬
‫واسترجاعها‪.‬‬

‫شخصية يمكن أن تنتمي في نفس الوقت وبالتّناوب ألكثر من‬


‫أن أي ّ‬
‫ويالحظ هامون ّ‬
‫واحدة من هذه الفئات الثالث‪ّ ،‬‬
‫ألن ك ّل واحدة فيها تتميّز بتعدّد وظائفها ضمن ال ّ‬
‫سياق‬
‫‪2‬‬
‫الواحد‪.‬‬

‫‪4‬ـأبعادالشخصيةالروائية‬

‫يعدّ الت ّ ّ‬
‫نوع الموجود في ال ّ‬
‫شخصيات من التأثيرات الحاسمة في ظهور وتجلي ما هو‬
‫متعارف عليه باألبعاد؛ إذ تعتبر هذه األخيرة أحد مكونات ومقومات ال ّ‬
‫شخصية‬
‫الروائية‪.‬‬
‫ّ‬

‫وهي تتعدّد وتختلف باختالف طبيعة ال ّ‬


‫شخصية (الصفات المميّزة لها) ذلك ّ‬
‫أن ك ّل‬
‫شخصية تتميّز عن األخرى بعدّة أشياء (السلوكات واألفعال)‪.‬‬

‫الروائية‪ ،‬ص ‪. 36‬‬‫شخصية ّ‬ ‫‪ 1‬ـ فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬


‫‪ 2‬ـ ينظر‪ :‬حسن بحراوي‪ ،‬بنية الشكل الروائي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط ‪1990 ،1‬‬
‫ص‪. 217‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫الرواية تكمن في قدرة الكاتب‬ ‫ويمكننا القول‪ ،‬إ ّن أه ّمية األبعاد بالنسبة لل ّ‬
‫شخصية في ّ‬
‫على ربط هذه األبعاد بسيرورة األحداث‪ ،‬وطريقة إسقاطها على ال ّ‬
‫شخصية بغية اكتمال‬
‫الروائي‪.‬‬
‫العمل ّ‬

‫و تتمثّل هذه األبعاد فيما يلي‪:‬‬

‫" أ ـ البعد الجسمي‪.‬‬

‫ب ـ البعد االجتماعي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ج ـ البعد النفسي"‪.‬‬

‫سد الصفات المميّزة والمحدّدة‬ ‫وم ّما سبق نستطيع القول‪ّ ،‬‬
‫إن هذه األبعاد تج ّ‬
‫صفات داخلية أو خارجية‪.‬‬ ‫لل ّ‬
‫شخصية؛ وقد تكون هذه ال ّ‬

‫أـالبعدالجسمي‬

‫يمثّل هذا البعد وصفًا للمالمح الخارجية لل ّ‬


‫شخصية ـ الطول‪ ،‬القصر‪ ،‬البدانة والنحافة‪،‬‬
‫ي الصفات الخارجية من شكل وهيئة‪ .‬فالبعد الجسماني أو كما يس ّمى‬
‫المالبس‪ ...‬ـ أ ّ‬
‫بالبعد الخارجي*؛ "يتمثّل في صفات الجسم المختلفة من طول وقصر وبدانة ونحافة‪،‬‬
‫ويرسم عيونه وهيئته وجنسه‪ ...‬وأثر ذلك كلّه في سلوك ال ّ‬
‫شخصية حسب الفكرة التي‬
‫يحلّلها"‪ 2.‬فالبعد الجسمي يشتمل على مالمح اإلنسان وصفاته الجسمية الخارجية‪ ،‬هل‬
‫هو طويل أم قصير؟ هل هو بدين أم نحيف؟ هل هو أنيق أم مهمل؟هل هو أصلع أم له‬
‫شعر؟ بالمختصر المفيد ك ّل ما هو ظاهري من الصفات الفيزيولوجية إضافة إلى سلوكه‬
‫المالحظ‪ ،‬هل هو هادئ أم عصبي؟ هل هو انطوائي أم اجتماعي؟ هل تصرفاته طائشة‬
‫أم معقولة؟‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ 2‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫* أشار إلى هذا المصطلح هانز أيزنك في كتابه األبعاد األساسية لل ّ‬
‫شخصية‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫هذا ما أشار إليه الدّكتور محمد عبد الخالق في كتابه األبعاد األساسية لل ّ‬
‫شخصية‬
‫وتصرفاته مع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الظاهر لجسم اإلنسان ونمط عالقاته‬ ‫بقوله‪" :‬هو التركيب البدني‬
‫اآلخرين"‪ 1.‬وهذه الجوانب من شأنها مساعدة المتلقّي في فهم الشخصية واال ّ‬
‫طالع على‬
‫جوانب أخرى نحو المكانة االجتماعية لل ّ‬
‫شخصية؛ وذلك من خالل مالبسها وحالتها‬
‫وتصرفاته تخالف سلوك شخص ذميم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النفسية‪ ،‬فسلوك شخص وسيم‬

‫الروائية إلى‪ّ :‬‬


‫"أن الوصف‬ ‫شخصية ّ‬ ‫كما أشار فيليب هامون في كتابه سيميولوجية ال ّ‬
‫شخصية فقط من خالل نسجها‬ ‫ّ‬
‫يوظف من أجل تبرير االنسجام الداخلي لل ّ‬ ‫الجسماني‬
‫‪2‬‬
‫لعالقة ما بين فعل ومجموعة من األفعال"‪.‬‬

‫و ّمما سبق‪ ،‬يمكننا أن نخلص إلى ّ‬


‫أن البعد الجسمي يعنى بدراسة فوتوغرافية‬
‫لل ّ‬
‫شخصية‪.‬‬

‫بـالبعد االجتماعي‬

‫يتمثّل البعد االجتماعي الذي بفضله تت ّضح وتتش ّكل الخلفية االجتماعية والحياة العامة‬
‫شخصية‪.‬إذ أنّه بُ ْعد يتمثّل "في انتماء ال ّ‬
‫شخصية إلى طبقة اجتماعية‪ .‬وفي نوع العمل‬ ‫لل ّ‬
‫الذي يقوم به في المجتمع‪ ،‬وثقافته ونشاطه وك ّل ظروفه‪ ،‬التي يمكن أن يكون لها أثر‬
‫‪3‬‬
‫في حياته وكذلك دينه وجنسيته وهوايته‪."...‬‬

‫فهو بُ ْع د يساهم في الكشف عن المنزلة االجتماعية لل ّ‬


‫شخصيات وعالقاتها مع باقي‬
‫األفراد باإلضافة إلى ثقافتها التي تتمظهر في الحياة االجتماعية‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد محمد عبد الخالق‪ ،‬األبعاد األساسية لل ّ‬


‫شخصية‪ ،‬تقديم ‪ :‬هانز أيزنك‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط ‪4‬‬
‫‪ ،1987‬ص ‪.61‬‬
‫‪ 2‬ـ محمد بوعزة‪ ،‬تحليل النص السردي‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪3‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫هذا ما أكدّه محمد بوعزة في كتابه تحليل النص السردي من خالل طرحه القائم على‬
‫أن "البعد االجتماعي يساعد في إبراز معلومات حول وضع ال ّ‬
‫شخصية االجتماعي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫وإيديولوجياتها‪ ،‬وعالقاتها االجتماعية"‪.‬‬

‫ومن هنا فالبعد االجتماعي يتجلّى دوره في تبيين الجانب االجتماعي لل ّ‬


‫شخصية‪،‬‬
‫(المنشأ ونقصد به مكان الوالدة أو مسقط رأسه‪ ،‬بيئته) ودرجة ثقافته (سواء كان متعلّ ًما‬
‫ً‬
‫أوجاهال) وطبقته االجتماعية (غني‪ ،‬فقير‪ ،‬طبقة متوسطة)‪ ،‬باإلضافة إلى االيديولوجية‬
‫المعتمدة (رأس مالي‪ ،‬شيوعي‪ ،‬اقطاعي‪.)...‬‬

‫إذًا فلهذه العوامل فضل في بناء ال ّ‬


‫شخصيات وتبرير سلوكاتها وتصرفاتها في‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫ج‪ /‬البعد النفسي‬

‫هو الجانب السيكولوجي لل ّ‬


‫شخصية الذي يعكس حالتها النفسية‪ ،‬والذي" يقوم بتحديد أه ّم‬
‫‪2‬‬ ‫المالمح الداخلية التي تميّز ال ّ‬
‫شخصية"‪.‬‬

‫أن تصوير العالم الداخلي له وظيفة فعّالة في الكشف عن نفسية ال ّ‬


‫شخصيات‬ ‫إذ ّ‬
‫وذهنياتهم‪.‬‬

‫أن هذا البعد "يحدّد مدى تأثير الغرائز في سلوك ال ّ‬


‫شخصيات من انفعال‬ ‫كما ّ‬
‫أوهدوء‪ ،‬من حب أوكره‪ ،‬من روح االنتقام أوالتسامح‪ ،‬وهل هي شخصية اجتماعية‬
‫‪3‬‬
‫أوانطوائية؟ معقّدة أوخالية من العقد؟ متفائلة أومتشائمة؟"‪.‬‬

‫يختص فيه الكاتب؛ في دراسة المشكالت النفسية لل ّ‬


‫شخصية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وعليه‪ّ ،‬‬
‫فإن هذا البعد‬
‫سلوك األفراد‪ ،‬انفعاالتهم‪ ،‬تصرفاتهم‪ ،‬غرائزهم الجنسية‪ ،‬المكبوتات‪ ،‬العواطف‬
‫المزاج‪ ،‬وأه ّم الجوانب الوجدانية‪.‬‬

‫‪1‬ـ محمد بوعزة‪ ،‬تحليل النص السردي‪ ،‬ص‪.40‬‬


‫‪2‬ـ مرشد أحمد‪ ،‬البنية والداللة في روايات ابراهيم نصر هللا‪ ،‬دار فارس بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2005 ،1‬ص ‪.68‬‬
‫‪3‬ـ علي عبد الرحمان فتاح‪ ،‬تقنيات بناء الشخصية في "رواية ثرثرة فوق النيل"‪ ،‬ص ‪.50‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‬

‫وهذا ما يؤ ّكده محمد معتصم في دراسته النصية التحليلية ال ّ‬


‫شخصية والقول والحكي‬
‫أن البعد النفسي "يتعلّق بالمشاعر واألحاسيس‬
‫يرى ّ‬
‫في لعبة النسيان لمحمد برادة‪ ،‬حيث ّ‬
‫والتفاعالت الباطنية‪ ...‬واالعترافات والبوح والتأمالت واالستدراكات‪ ،1"...‬ومن هنا‬
‫نالحظ ّ‬
‫أن البعد النفسي يعمل على إبراز األسس الداخلية والعميقة التي تقوم عليها‬
‫ال ّ‬
‫شخصية‪.‬‬

‫صرح بأنّه‬
‫ّ‬ ‫ّإال أنّنا نجد تعريفًا ً‬
‫آخرا للبعد النفسي عند عبد القادر أبو شريفة الذي‬
‫"يكون نتيجة للبعدين السابقين من االستعداد والسلوك من رغبات وأمال وعزيمة‬
‫ضا‪ ،‬مزاج ال ّ‬
‫شخصية من انفعال‬ ‫وفكر‪ ،‬وكفاية ال ّ‬
‫شخصية بالنسبة لهدفها‪ .‬ويشمل أي ً‬
‫‪2‬‬
‫وهدوء وانطواء أوانبساط"‪.‬‬

‫إ ّن هذا البعد األخير هو الثّمرة التي انبثقت من التمازج بين البعدين الجسمي‬
‫واالجتماعي؛ فبواسطتهما تتش ّكل ال ّ‬
‫شخصية في ظ ّل االنفعاالت والتغيّرات الطارئة‬
‫عليها‪.‬‬

‫وفي األخير يمكننا القول‪ّ ،‬‬


‫إن هذه األبعاد الثالثة هي األبنية األساسية التي يقوم عليها‬
‫والتحركات‬
‫ّ‬ ‫شخصية‪ ،‬وهذا ما يحتّم على ّ‬
‫الروائي مراعاة جميع الجوانب‬ ‫البناء الفنّي لل ّ‬
‫والتغيّرات داخل النص وفقا لنمط العالقات الموجود بين مختلف ال ّ‬
‫شخصيات‪.‬‬

‫‪1‬ـ محمد معتصم‪ ،‬الشخصية والقول والحكي في لعبة النسيان‪ ،‬لمحمد برادة‪ ،‬دراسة نصية تحليلية‪ ،‬مكتبة الرسالة‬
‫ومكتبة االمينية‪،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪ ،1995 ،1‬ص ‪.38‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪39‬‬
‫الثانـــي‪:‬‬ ‫الفصـــــل‬
‫شخصيات الواردة في رواية "عرس ّ‬
‫الزين"‬ ‫ال ّ‬
‫للطيب صالح‪.‬‬
‫الرواية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ ملخص ّ‬
‫‪ 2‬ـ أقسام شخصيات رواية "عرس ّ‬
‫الزين" للطيب صالح‪.‬‬
‫شخصيات وأبعادها في رواية "عرس ّ‬
‫الزين" للطيب‬ ‫‪ 3‬ـ أنواع ال ّ‬
‫صالح ـ أنموذ ًجا ـ‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫‪ 1‬ـ ملخص الرواية‬

‫سوداني‬
‫الروائي ال ّ‬ ‫إن رواية عرس ّ‬
‫الزين هي رواية عربية معاصرة‪ ،‬كتبها ّ‬ ‫ّ‬
‫الراحل الطيب صالح‪ ،‬صدرت عن دار العودة في بيروت عام ‪ ،1969‬ويبلغ عدد‬
‫ّ‬
‫صفحاتها ‪ 106‬صفحة‪.‬‬

‫وهي نتاج ثقافي ارتبط بالتّغيّرات االجتماعية‪ ،‬التي عرفتها القرية ال ّ‬


‫سودانية في‬
‫سودانية الوسطى خالل العقود األولى من النّصف الثّاني من القرن ‪ .20‬حيث‬
‫المنطقة ال ّ‬
‫رصدت االنتماءات االجتماعية المش ّكلة للمشهد القروي‪،‬وبيّنت موقعها في التراتبية‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫الزين حول ّ‬
‫الزين في حدّ ذاته‪ ،‬حيث يحدث نبأ عرسه‬ ‫تدور أحداث رواية عرس ّ‬
‫للرواية‪ ،‬فالطيب صالح يفتتح روايته‬
‫ض ّجة كبيرة في البلدة‪ ،‬وهذا منذ الحروف األولى ّ‬
‫هذه بمشاهد ساخرة على إثر وقع خبر زواج ّ‬
‫الزين في نفوس أهل قريته‪.‬‬

‫األول في موقف آمنة وهي تشتري اللّبن من حليمة التي استغلّت تأثير‬
‫يتمثّل المشهد ّ‬
‫شها اللّبن"وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة‪ .‬واستغلّت حليمة‬
‫الخبر على نفسية آمنة لتغ ّ‬
‫ثان للتّلميذ ّ‬
‫الطريفي الذي‬ ‫شتها اللّبن"‪1.‬وينقلنا ّ‬
‫الروائي إلى مشهد ساخر ٍ‬ ‫انشغالها بالنبأ فغ ّ‬
‫خرا إلى المدرسة‪ ،‬واستغ ّل هو اآلخر وقع الخبر على معلّمه النّاظر لينجو من‬
‫وصل متأ ً‬
‫التّوبيخ والعقاب‪.‬‬

‫اخرك؟‬
‫"يا ولد يا حمار‪ ،‬إيه ّ‬

‫ولمع المكر في عيني ّ‬


‫الطريفي‪:‬‬

‫خبر بتاع ايه يا ولد يا بهيم؟‬

‫ولم يزعزع غضب النّاظر من رباطة جأش ال ّ‬


‫صبي‪ ،‬فقال وهو يكتم ضحكته‪:‬‬

‫ّ‬
‫"الزين ماش يعقدولو له باكر"‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ‪ .‬ط‪ ،1969 ،‬ص ‪. 5‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬
‫‪1‬‬
‫وسقط حنك الناظر من الدهشة ونجا الطريفي"‪.‬‬

‫أ ّما في المشهد الثّالث يذهب عبد ال ّ‬


‫صمد إلى د ّكان ال ّ‬
‫شيخ علي مص ّم ًما على استرداد‬
‫سبب الذي‬
‫دينه بلهجة مخاصمة‪ ،‬لكن سرعان ما يتراجع الرجل عن موقفه وينسى ال ّ‬
‫صمد ووضع يديه على‬ ‫بمجرد سماعه بزواج ّ‬
‫الزين‪".‬وجلس عبد ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫جاء ألجله وذلك‬
‫رأسه وظ ّل صامتًا برهةً‪ ،‬وشيخ علي ينظر إليه مغتبطا باألثر الذي أحدثه(‪ )...‬ولم‬
‫‪2‬‬
‫صمد دينه في ذلك اليوم"‪.‬‬
‫يخلص عبد ال ّ‬

‫الزين هي التّي جعلت من مثل هذا الزواج حدث ًا يقع على أهل‬
‫إن غرابة شخصية ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫مهمال في مظهره‪ ،‬وتارة ً نراه يتتبّع‬ ‫شا ظريفًا‬
‫القرية وقوع العاصفة‪ ،‬فتارة ً نراه دروي ً‬
‫اإلحسان‪.‬‬

‫الزين في قرية سودانية‪ ،‬وهو شاب مغفّل غريب األطوار‪ ،‬لكنّه مجبوب من‬
‫يعيش ّ‬
‫طرف الجميع‪ ،‬حياته بسيطة مليئة بالضحك والفكاهة رغم كونه قبيح الشكل‪.‬‬

‫رسوال للحبّ فحياته ال تستقيم وال تكتمل إالّ بالحبّ ‪ ،‬كان ّ‬


‫ذواقًا للجمال‪ ،‬يحبّ‬ ‫ً‬ ‫يعتبر‬
‫ّ‬
‫وأحالهن كال ًما‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وأحسنهن أدبًا‪،‬‬ ‫أجمل فتيات البلدة‪،‬‬

‫عزة ابنة العمدة "عوك يا أهل الحلّة‪ .‬يا ناس البلد‪ّ .‬‬
‫عزة بنت العمدة كاتاللها‬ ‫أحبّ ّ‬
‫كتيل‪ّ .‬‬
‫والزين مكتول في حوش العمدة"‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫األول‪ ،‬ث ّم أحبّ حليمة األعرابية‪ ،‬ث ّم علوية بنت محجوب‪ ".‬ارروك‪ ...‬يا‬
‫وهي حبّه ّ‬
‫‪4‬‬
‫ناس الغريق‪ ...‬يا أهل الحلّة‪ ...‬انا مكتول في حوش محجوب‪."...‬‬

‫لكنّه سرعان ما يبدأ في الحديث عن حبّه لفتاة ينصبّ اهتمام القرية بها وال تلبث أن‬
‫ّ‬
‫معز ًزا في البيوت‬ ‫أحبهن‪ .‬وما جعله ضيفًا‬
‫ّ‬ ‫تتزوج‪ ،‬هذا ما حدث مع الفتيات اللّواتي‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪ 5‬ـ ‪.6‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪3‬‬ ‫ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص‪.17‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫ّ‬
‫يخطبن وده ويستدرجنه‬ ‫ّ‬
‫بناتهن "فقد أصبحت أ ّمهات البنات‬ ‫تستقبله النّساء ليشتهر أمر‬
‫‪1‬‬
‫إلى البيوت"‪.‬‬

‫صة مع النساء وفي‬


‫سد في شخصيته الكثير من مظاهر العبث‪ ،‬وخا ّ‬
‫تتج ّ‬
‫فمرة يهمز امرأة في وسطها‪ ،‬ويقرص أخرى في فخذها واألطفال يضحكون‬
‫األعراس" ّ‬
‫والنّساء يتصارخن‪ .‬وتعلو فوق ضحكهم جميعا الضّحكة التّي أصبحت جز ًءا من البلد‬
‫‪2‬‬ ‫منذ أن ولد ّ‬
‫الزين"‪.‬‬

‫وم ّما يميّزه‪ ،‬حضوره الدّائم في ك ّل أعراس البلدة‪ ،‬وهذا بد ًءا من مشاهد ّ‬
‫الطعام‪،‬‬
‫وصوال إلى رقصه ولهوه‪ ،‬ف ً‬
‫ضال عن مخالطته للنّساء فهو‬ ‫ً‬ ‫فهو يأكل بنهم وشراسة‬
‫صا‬
‫يستطيع أن يميّز الواحدة من زغاريدها‪ ،‬حيث كانت تكتسب األعراس طع ًما خا ً‬
‫بوجوده‪.‬‬

‫الزين ال يمضي كلّه في األعراس‪ ،‬وال في المآدب‪ ،‬أوفي معابثة النّساء‪،‬‬


‫أن وقت ّ‬
‫على ّ‬
‫صالح‪ ،‬المنقطع للعبادة‬
‫صوفي ال ّ‬
‫الرجل ال ّ‬
‫بل له صداقات أبرزها صداقته مع الحنين ّ‬
‫"يقيم في البلد ستّة أشهر في صالة وصوم‪ ،‬ويحمل إيريقه ومصالته ويضرب مصعدًا‬
‫‪3‬‬
‫في الصحراء"‪.‬‬

‫للزين و ّ‬
‫الزين هو اآلخر بدوره يحبّه ويحترمه "كان إذا قابله في الطريق عانقه‪،‬‬ ‫يأنس ّ‬
‫الزين أيضا إذا رأى الحنين ً‬
‫مقبال‪ ،‬ترك‬ ‫وقبّله على رأسه‪ ،‬وكان يناديه المبروك‪ .‬وكان ّ‬
‫‪4‬‬
‫عبثه وهذره وأسرع إليه وعانقه"‪.‬‬

‫يتزوج بأحسن فتيات البلدة‪ ،‬كما بارك ألهل القرية‪ ،‬وبالفعل قد حلّت‬
‫ّ‬ ‫دعا له أن‬
‫بركات المشروعات والخيرات بشكل متالحق‪ .‬إضافة إلى صداقته مع أشخاص‬
‫المشوه‪ .‬فصلته‬
‫ّ‬ ‫تعتبرهم القرية شواذًا نحو عثمانة الطرشاء‪ ،‬موسى األعرج وبخيت‬
‫والرحمة في مجتمع يسخر من عاهاتهم‪ .‬وهذا ما زاد من‬
‫ّ‬ ‫بهؤالء كانت صلة العطف‬
‫‪1‬‬ ‫ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 4‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 26‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫إعجاب وتقدير أهل القرية له‪ .‬وقد استغلّت أ ّمه صفاته وأخالقه وما فيهما من غرابة‬
‫صبياني لتشييع ّ‬
‫أن له كرامة األولياء‪.‬‬ ‫وصبر‪ ،‬وهدوء إلى درجة البله واالنطالق ال ّ‬

‫كما كانت من عالقاته في البلدة مصاحبة ومجالسة شلّة معسكر الوسط‬


‫صمد‪ ،‬حمد ودّ ّ‬
‫الريس‪ ،‬أحمد‬ ‫الرواسي‪ ،‬عبد الحفيظ‪ ،‬عبد ال ّ‬ ‫ّ‬
‫الطاهر ّ‬ ‫(محجوب‪،‬‬
‫اسماعيل‪ ،‬سعيد) التّي تسيّر البلدة‪.‬‬

‫سنتعرف على شخصية اإلمام الذي كان يمثّل ال ّ‬


‫شرع‪ ،‬وانقسم س ّكان البلدة‬ ‫ّ‬ ‫وهنا‬
‫األول معسكر يسلّم زمامه لألمام بتحفظ‪ّ ،‬‬
‫يتكون من رجال‬ ‫بسببه إلى معسكرات ثالثة‪ّ :‬‬
‫كبار وعقالء يترأّسه الحاج إبراهيم‪ ،‬كانوا يحبّون اإلمام‪.‬‬

‫أ ّما المعسكر الثّاني فهو معسكر شبّان كانوا يمقتون اإلمام‪ ،‬والمعسكر الث ّالث ّ‬
‫يتكون من‬
‫شلّة معسكر الوسط الذي سبق و أشرنا إليه ال يحبّون اإلمام‪ ،‬وهو كذلك ال يحبّهم لكنّه‬
‫كان يعلم أنّه سجين في قبضتهم فراتبه يجمعونه له من أهل الحي‪.‬‬

‫حدثت مع ّ‬
‫الزين حادثة أخرجته من محيط القرية إلى عالم أوسع‪ ،‬وهذا بعد عراكه‬
‫مع سيف الدين‪ .‬وتلقّيه لضربة بالفأس على رأسه بسبب ّ‬
‫تغزله بأخت سيف الدّين في‬
‫يوم عرسها‪ .‬ذهب للعالج في مستشفى مروى‪ ،‬والذي عاد منه مبهورا "وظل ّ‬
‫الزين بعد‬
‫طويال وال حديث له ّإال رحلته لمروى"‪1.‬وهذا لينقل معرفة ووعي جديد لمن‬
‫ً‬ ‫ذلك زمنًا‬
‫حوله؛ فهو عرف هناك أشياء لم يشهدها في قريته‪.‬‬

‫بعد شفائه من تلك الحادثة ردّ على سيف الدّين وكاد أن يقتله رغم تواجد العديد‬
‫من رجال البلدة‪ ،‬فلوال تد ّخل ال ّ‬
‫شيخ الحنين لقتله‪ .‬صورته النحيلة الهزيلة توحي‬
‫القوة الجبّارة التي يتمتّع بها‪" ،‬كلّهم يعلم‬
‫بالضّعف لكن من األشياء المعروفة عنه تلك ّ‬
‫‪2‬‬
‫قوة خارقة ليست في مقدور بشر"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫أن في هذا الجسم الضّاوي ّ‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫شهامة‪ ،‬والردّ على الظلم الواقع عليه من خالل‬ ‫الرواية بين ّ‬


‫الزين وال ّ‬ ‫ربطت ّ‬
‫واقعة سيف الدّين معه‪ .‬كما عكست أيضا طيبته وكبر قلبه الذي ال يحمل ضغائن ألحد‬
‫حين عفا عن سيف الدين ورجع إلى صفائه ومرحه‪.‬‬

‫صائغ‪ ،‬تربّى مدلّ ًال لهذا لم يكن يفلح في أ ّ‬


‫ي‬ ‫ي‪ ،‬ابن ال ّ‬
‫وسيف الدين هذا هو شابّ ثر ّ‬
‫شيء‪ .‬كان يقضي معظم وقته في المخمرة يشرب الخمر‪ ،‬ويصاحب الجواري‪" ،‬نشأ‬
‫سيف الدّين ولدًا واحدًا بين خمس بنات‪ ،‬تدهلل أ ّمه‪ ،‬ويدهلل أبوه‪ ،‬وتدهلل أخواته الخمس‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫رخوا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫فكان ال بدّ أن يفسد‪ ،‬أوكما يقول أهل البلد‪ ،‬كان ال بدّ أن ينشأ ه ًّ‬
‫شا‬

‫بعد وفاة والده وضع يده على أمواله وراح يبذّرها في العبث واللّهو‪ .‬لكن بعد‬
‫تحول جديد في حياته إذ ينقلب متد ّينًا‪ ،‬مصليًّا‪،‬مهذّبًا‬ ‫حادثته مع ّ‬
‫الزين وعفوه عنه بدأ ّ‬
‫وحسن من معاملته مع أهل البلدة‪ ،‬واستسماحه من موسى األعرج الذي كان قد طرده‬
‫من العمل عنده‪.‬‬

‫لزين‪ .‬التّي‬
‫الزين م ّمن؟ قلنا من نعمة ابنة الحاج ابراهيم‪ ،‬وهي بنت ع ّم ا ّ‬
‫وزواج ّ‬
‫ست بإعجاب به‬
‫بحنو عظيم نحوه يوم أن ضربه سيف الدّين على رأسه‪ ،‬وأح ّ‬
‫ّ‬ ‫ست‬
‫أح ّ‬
‫يوم أن عاد من المستشفى وله أسنان وعليه مالمح الوسامة‪.‬‬

‫ووقارا‪ .‬كانت تمثّل نو ً‬


‫عا‬ ‫ً‬ ‫وأكثرهن صالبةً وثرا ًءا‬
‫ّ‬ ‫تعتبر نعمة أجمل فتيات البلدة‪،‬‬
‫مختلفًا للمرأة في الوسط الذي تعيشه‪ ،‬وكانت مح ّل إعجاب الكثير من رجال البلدة‪،‬‬
‫بحيث تقدّم لخطبتها أصحاب النّفوذ لكنّها رفضتهم‪.‬‬

‫يفر من بين‬ ‫كانت الفتاة الوحيدة التي يوقرها ّ‬


‫الزين فال يتحدّث معها وال يعابثها‪ّ ،‬‬
‫ي فتاة واحدة ال يتحدّث ّ‬
‫الزين عنها‪،‬‬ ‫تمر أمامه"في الح ّ‬ ‫يديها ويترك لها ّ‬
‫الطريق عندما ّ‬
‫وال يعبث معها‪ .‬فتاة تراقبه من بعد بعيون حلوة غاضبة‪ ،‬كلما رآها مقبلة يصمت‬
‫‪2‬‬ ‫فر من بين يديها وترك لها ّ‬
‫الطريق"‪.‬‬ ‫ويترك عبثه ومزاحه‪ ،‬وإذا رآها من بعد ّ‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 53‬‬
‫‪2‬‬ ‫ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫الزواج؟ ذهبت إلى ّ‬


‫الزين في بيته وأخبرته أمام والدته بأنّهما‬ ‫أ ّما كيف ت ّم ّ‬
‫سيتزوجان يوم الخميس‪.‬‬
‫ّ‬

‫تتزوجه لن تندم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتزوج ّ‬
‫الزين فمن‬ ‫كما يقال أنّها رأت الحنين في منامها وأخبرها أن ّ‬

‫سودانية‪ .‬ذلك العرس ال مثيل له‬


‫وفي األخير تقام احتفاالت العرس على الطريقة ال ّ‬
‫الرقص والغناء من جهة‪:‬‬
‫تميّز بوجود ّ‬
‫‪1‬‬ ‫ّ‬
‫الزين الظريف خال البلد أفراح"‪.‬‬ ‫" انطق يا لسان جيب المديح أقداح‬

‫والذّكر واألوراد من جهة أخرى‪:‬‬

‫"نعمة العب وحادا‬

‫ربي سهل القريش شاف العلم نادى‬

‫زار جد الحسين‬

‫فرشوله الزبيب والتين والحبحب‬


‫‪2‬‬
‫كاسات من حمية قالولو هاك شرب زار جدو الحسين"‪.‬‬

‫الزين وبعد مشقّة‬


‫وبينما هم في احتفالهم الذي اشترك فيه جميع أهل البلدة‪ ،‬اختفى ّ‬
‫يعثر عليه محجوب في المقبرة حيث كان يبكي على ضريح الحنين وتمنّى لو أنّه حضر‬
‫‪3‬‬
‫عرسه "أبونا الحنين إن كان ما مات كان حضر العرس"‪.‬‬

‫الرقص والغناء‪ ،‬حيث يتح ّمس ّ‬


‫الزين ويثير‬ ‫الزفاف‪ ،‬ويكملون ّ‬ ‫ويعودون إلى حفل ّ‬
‫فاستقر في وسط الدّائرة ولمع ضوء‬
‫ّ‬ ‫فيهم الحماسة كعادته "قفز قفزة ً عاليةً في الهواء‬
‫المصابيح على وجهه‪ ،‬فكان ال يزال مبلّ ًال بالدّموع‪ .‬صاح بأعلى صوته‪ ،‬ويده مشهورة‬

‫ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.97‬‬


‫‪1‬‬
‫‪2‬‬ ‫ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص‪.102‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫الراقصة‪ :‬ابشروا الخير‪ ...‬ابشروا الخير‪ .‬وثار المكان‪ ،‬فكأنّه قدر يغلي‪ ،‬لقد‬
‫فوق رأس ّ‬
‫‪1‬‬
‫نفث فيه الزين طاقة جديدة"‪.‬‬

‫وتحول هذا العرس إلى مظاهرة كبرى ّ‬


‫هزت القرية على اختالف مشاربها‬ ‫ّ‬
‫واتّجاهاتها‪ ،‬وإلى ابتهاج ّ‬
‫الرجال والنّساء واألطفال في ذلك الفرح‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ أقسام شخصيات رواية "عرس الزين" للطيب صالح‬

‫شخصيات‪ ،‬التّي يمكن‬ ‫تحتوي رواية "عرس ّ‬


‫الزين" للطيب صالح على العديد من ال ّ‬
‫لنا تقسيمها على النّحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الشخصيات الرئيسية‬

‫ـ ّ‬
‫الزين‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الشخصيات الثانوية‬

‫ـ نعمة‪.‬‬

‫ـ الحنين‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الشخصيات المسطحة (البسيطة)‬

‫ـ عثمانة ّ‬
‫الطرشاء‪.‬‬

‫المشوه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ـ بخيت‬

‫ـ اإلمام‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الشخصيات النامية (المدورة)‬


‫ص‪1.104‬‬ ‫ـنفسه‪،‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫ـ سيف الدّين‪.‬‬

‫ـ موسى األعرج‪.‬‬

‫ـ أصحاب معسكر الوسط‪:‬‬

‫‪ ‬محجوب‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الحفيظ‪.‬‬
‫الرواسي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الطاهر ّ‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬عبد ال ّ‬
‫صمد‪.‬‬
‫‪ ‬حمد ودّ ّ‬
‫الريس‪.‬‬
‫‪ ‬أحمد اسماعيل‪.‬‬
‫‪ ‬سعيد‪.‬‬

‫‪5‬ـ الشخصيات الهامشية( العابرة )‬

‫ـ حليمة‪.‬‬

‫ـ آمنة‪.‬‬

‫ـ ّ‬
‫عزة‪.‬‬

‫ـ حليمة األعرابية‪.‬‬

‫ـ علوية‪.‬‬

‫ـ سارة‪.‬‬

‫ـ سميحة‪.‬‬

‫للا‪.‬‬
‫ـ بنت عبد ّ‬

‫ـ سالمة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫ـ ّ‬
‫فطومة‪.‬‬

‫ـ ّ‬
‫الطريفي‪.‬‬

‫ـ الحاج إبراهيم‪.‬‬

‫ـ سعدية‪.‬‬

‫ـ إخوة نعمة‪.‬‬

‫ـ إدريس‪.‬‬

‫صائغ‪.‬‬
‫ـ البدوي ال ّ‬

‫ـ ال ّ‬
‫شيخ علي‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 1‬ـ الشخصيات المرجعية‬

‫أ ـ اجتماعية‬

‫ـ النّاظر‪.‬‬

‫ـ العمدة‪.‬‬

‫ّ‬
‫يوظف في روايته الشخصيات‬ ‫الروائي الطيب صالح لم‬
‫أن ّ‬‫‪ ‬نالحظ ّ‬
‫التاريخية‪ ،‬األسطورية‪ ،‬أوالمجازية؛ وإنّما قد اقتصر على توظيف‬
‫الشخصيات االجتماعية فقط‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 2‬ـ الشخصيات اإلشارية‬

‫ـ أ ّم ّ‬
‫الزين‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫‪ ‬كما نالحظ عدم توظيف ّ‬


‫الروائي لشخصيات استذكارية‪.‬‬
‫‪ ‬وحسب فيليب هامون فإنّه بإمكان ال ّ‬
‫شخصية الواحدة أن تنتمي إلى أكثر من‬
‫نوع واحد‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ أنواع الشخصيات وأبعادها في رواية عرس الزين للطيب صالحـ أنموذجا ـ‬

‫‪ 1‬ـ الشخصية الرئيسية‬

‫‪1‬ـ ‪ 1‬ـ الزين‬

‫الرئيسية والمحورية في هذا النّص ّ‬


‫الروائي‪ ،‬حيث تدور‬ ‫يمثّل ّ‬
‫الزين ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫والتطورات داخل‬
‫ّ‬ ‫الزين حول ّ‬
‫الزين في حدّ ذاته؛ فك ّل األحداث‬ ‫أحداث رواية عرس ّ‬
‫شخصيات‬‫الرواية متعلّقة به بحيث "تسند للبطل وظائف وأدوار ال تستند إلى ال ّ‬
‫ّ‬
‫األخرى"‪ 1.‬فالطيب صالح يفتتح روايته بانتشار خبر العرس مع شروق الشمس‪ ،‬مع‬
‫‪2‬‬
‫عملية توزيع الحليب "ولما انتصف النّهار كان الخبر على فم ك ّل واحد"‪.‬‬

‫يتداول النّاس خبر العرس في دهشة ويقدّمون ردّات فعل وتفسيرات مختلفة ومردّ ذلك‬
‫الزين أضحوكة القرية يمتاز بغرابته منذ والدته‪ ،‬ولد ضاح ًكا‪ ،‬وظ ّل كذلك طول‬
‫كون ّ‬
‫حياته‪ ،‬ال يستطيع أحد أن يتك ّهن بما هو مقدم عليه‪.‬‬

‫عا من العجائبية تُظهر لنا المفارقة‬ ‫ّ‬


‫وظف نو ً‬ ‫الروائي‪ ،‬كونه‬
‫وهنا تبرز عبقرية ّ‬
‫الروائية‪ .‬فك ّل األطفال‬ ‫الحاصلة بين األشخاص على أرض الواقع‪ ،‬وشخصية ّ‬
‫الزين ّ‬
‫أن ّ‬
‫الزين والعهدة‬ ‫الزين ولد ضاح ًكا "يروى ّ‬
‫أن ّ‬‫صراخ والبكاء‪ّ ،‬إال ّ‬
‫يستقبلون الحياة بال ّ‬

‫ص‪1.43‬‬ ‫ـ محمد بوعزة‪ ،‬الدليل إلى التحليل السردي (تقنيات ومناهج)‪ ،‬دار الحرف للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،2007 ،1‬‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.09‬‬‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫على أ ّمه والنّساء ال ّالئي حضرن والدتها‪ّ ،‬أول ما ّ‬


‫مس األرض‪ ،‬انفجر ضاح ًكا"‪1.‬وبذلك‬
‫للرواية نزعة غرائبية عجائبية*‪.‬‬ ‫فإنّه يعطي لهذه ال ّ‬
‫شخصية ومنذ الحروف األولى ّ‬

‫ّ‬
‫الزين شخصية رجاليّة‪ ،‬ترعرع في بلدة سودانية في المنطقة الشمالية الوسطى‪ .‬يعتبر‬
‫شخصية اجتماعية غريبة تصنع الحياة في ك ّل مكان‪ ،‬تجلب الفرحة والضّحكة وتزرع‬
‫الحبّ واألمل في القلوب‪ ،‬مشهور بضحكته البليدة‪ ،‬محبوب من طرف الجميع رغم‬
‫أن صورته الجسديّة توحي بالضّعف ّإال أنّه يملك ّ‬
‫قوة‬ ‫كونه قبيح الشكل والهيئة‪ .‬فالواقع ّ‬
‫بدنية‪ ،‬له العديد من العالقات والصداقات داخل بلدته‪ّ .‬إال ّ‬
‫أن صداقته مع الحنين أكسبته‬
‫تصرفاته ّ‬
‫الطائشة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫احترام جميع س ّكان البلدة رغم‬

‫صالح والفالح‪ .‬فيشاع‬


‫قوة روحية بصداقته له‪ ،‬ودعائه له بال ّ‬ ‫يسبغ الحنين على ّ‬
‫الزين ّ‬
‫في البلدة بأنّه من أولياء هللا الصالحين‪ ،‬أوأنّه نبي هللا الخضر‪ ،‬أولعلّه مالك مبعوث إلى‬
‫القرية في شكل آدمي‪.‬‬

‫الزين شخصية جوهرية في هذا النّص‪ ،‬ال تستقيم حياته وال تقوى ّإال بالحبّ ‪ ،‬فالحبّ‬
‫ّ‬
‫وأول من قتلته هي ّ‬
‫عزة ابنة العمدة فتراه يصرخ‪:‬‬ ‫الرجال‪ّ .‬‬
‫قد قتله وهو لم يبلغ مبلغ ّ‬
‫"عوك يا أهل الحلّة‪ ،‬يا ناس البلد ّ‬
‫عزة بنت العمدة كاتاللها كتيل‪ ،‬الزين مكتول في‬
‫‪2‬‬
‫حوش العمدة"‪.‬‬

‫فهو يعدّ رسوال للحبّ ؛ فما إن يلهج لسانه بذكر الفتاة ويصيح باسمها حيثما كان‪،‬‬
‫فال تلبث اآلذان أن ترهف وال تلبث يد فارس أن تمتدّ وتأخذ يد الفتاة‪ .‬وحين يقام عرسها‬
‫حاضرا ومساعدًا‪ .‬وفي اليوم التّالي تبدأ ق ّ‬
‫صة حبّ أخرى من دون أن يبدو‬ ‫ً‬ ‫يكون ّ‬
‫الزين‬
‫ي تغيير؛ فنفس الضّحكة والعبث يبقى رفيقًا له على الدّوام‪ .‬إضافة إلى كونه‬ ‫عليه أ ّ‬
‫صة في األعراس‪.‬‬ ‫سا لجميع نساء البلدة وخا ّ‬ ‫ً‬
‫مغازال ومشاك ً‬

‫*ينظر‪ :‬غارسيا ماركيز مائة عام من العزلة‪.‬‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.20‬‬‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬

‫‪58‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫ّإال أنّه كانت هنالك فتاة وحيدة يحترمها ّ‬


‫الزين ويوقرها فال نراه يعابثها إنّها نعمة‬
‫ابنة ع ّمه الحاج إبراهيم‪ ،‬التّي تراقبه عن بعد بعينين غاضبتين‪ .‬وفي نهاية المطاف‬
‫الزواج ّ‬
‫بالزين‪ ،‬ربّما بوازع ال ّ‬
‫شفقة أوتحت تأثير القيام بتضحية وهو أمر‬ ‫تقرر نعمة ّ‬
‫ّ‬
‫منسجم مع طبيعتها‪.‬‬

‫أ ـ البعد الجسمي‬

‫ونعني به شكل اإلنسان ومالمحه الخارجية أي "التّركيب البدني ّ‬


‫الظاهر لجسم‬
‫‪1‬‬
‫اإلنسان"‪.‬‬

‫الرواية هو شاب في مقتبل العمر‪ ،‬يتّسم بقبح هيئته وشكله‪ .‬له مظهر‬
‫فبطل هذه ّ‬
‫خارجي غريب وذلك منذ حداثة أطرافه‪ .‬فقد عاش بسنتين فقط؛ واحدة في ف ّكه األعلى‬
‫ً‬
‫مستطيال‪ ،‬ناتئ عظام الوجنتين‪،‬‬ ‫والثّانية في ف ّكه األسفل‪ ،‬كما "كان وجه ّ‬
‫الزين‬
‫محمرتان دائ ًما‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والفكين‪،‬وتحت العينين‪ .‬جبهته بارزة مستديرة‪ ،‬عيناه صغيرتان‬
‫‪2‬‬
‫محجراهما غائران مثل كهفين في وجهه‪ .‬ولم يكن على وجهه شعر إطالقًا"‪.‬‬

‫ً‬
‫رجال وليست له لحية وال شارب وال حواجب وال أجفان‪ ،‬هذا ما جعل‬ ‫ّ‬
‫فالزين قد صار‬
‫منه ذميم المظهر "تحت هذا الوجه رقبة طويلة"‪ ،3‬فكان األطفال يلقّبونه ّ‬
‫بالزرافة "له‬
‫ذراعان طويلتان كذراعي القرد‪ ،‬اليدان غليظتان عليهما أصابع مسحوبة تنتهي بأظافر‬
‫ساقان رقيقتان كساقي‬
‫مستطيلة حادّة‪ ،‬الصدر مجوف‪ ،‬والظهر محدودب قليال‪ ،‬وال ّ‬
‫الكركي‪ ،‬والقدمان قد كانتا مفرطحتين عليهما آثار ندوب قديمة"‪ 4.‬لذلك يبدو أضحوكة‬
‫ألهل القرية فيلقّبه الصبيان بالقرد‪ ،‬الكركي‪ّ ،‬‬
‫الزرافة‪...‬وهذا راجع إلى صورته الجسدية‬
‫التّي توحي بالضّعف فهو نحيل هزيل كأنّه عود يابس‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد محمد عبد الخالق‪ ،‬األبعاد األساسية لل ّ‬


‫شخصية‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫لكنّه مع ذلك يمتلك ّ‬


‫قوة بدنية جبّارة استطاعت أن تكسر حدّة ثور هائج وأن تقلع شجرة‬
‫الرغم من ّ‬
‫أن الكثيرين قد أمسكوا به بكل قواهم لوال‬ ‫سنط‪ ،‬بل كاد يقتل سيف الدين على ّ‬
‫تد ّخل الشيخ الحنين الذي أنقذه‪.‬‬

‫الروائية [البنية‬
‫شخصية ّ‬ ‫الزين االسم وا ّ‬
‫لزين ال ّ‬ ‫فالروائي هنا قد مارس المفارقة بين ّ‬
‫ّ‬
‫الجسمية ّ‬
‫للزين توحي بقبح مظهره البدني]‪ .‬فيدرجها ضمن ما يشير إليه روالن بارت‬
‫بلعبة اإلغراء لدى القارئ ‪.‬‬

‫ب ـ البعد االجتماعي‬

‫ّ‬
‫الزين شخصية بسيطة من عا ّمة أهل البلدة‪ ،‬ولد يتيم األب‪ ،‬عاش مع أ ّمه فقط‪ .‬هو غير‬
‫متعلّم‪ ،‬لم يدرس في الكتّاب أوفي المدارس الحكومية‪ .‬ال شأن له في البلدة سوى‬
‫الضّحك واللّهو‪ ،‬ومغازلة النّساء‪ ،‬وحضور األعراس‪ .‬باإلضافة إلى مجالسة شلّة‬
‫المعسكر* ومسامرتهم في مختلف األحاديث والمواضيع ‪.‬‬

‫كان يقدّم المساعدات لشواذ القرية وللعجزة نحو عثمانة ّ‬


‫الطرشاء‪ ،‬وموسى األعرج‪...‬‬
‫فكان "إذا رأى عثمانة قادمة من الحقل وعلى رأسها حمل ثقيل من الحطب حمله عنها‪،‬‬
‫مشردًا يعيش في الخرابة بعد‬
‫ّ‬ ‫وهش لها وداعبها"‪ 1.‬أ ّما موسى األعرج الذي صار‬
‫ّ‬
‫الزين على هذا الرجل‪ ،‬وبنى له بيت ًا من جريد النّخل وأعطاه معزة‬
‫شيخوخته "عطف ّ‬
‫شمس‪ ،‬مالئ ًا‬
‫صباح فيسأله كيف بات ليله‪ ،‬ويأتيه بعد غروب ال ّ‬
‫ملبنة‪ .‬كان يأتيه في ال ّ‬
‫‪2‬‬ ‫جيوبه بالتّمر وثوبه منتفخ ّ‬
‫بالطعام‪ ،‬فيلقيه بين يديه"‪.‬‬

‫شيخ الحنين الذي يلقّبه بالمبروك‪ ،‬وهذا ما زاد من محبّة‬


‫وكانت له عالقة أيضا مع ال ّ‬
‫النّاس له؛ وانفرد بمكانة مميّزة بين أهل البلدة‪.‬‬

‫*ونقصد به في هذا المقام المعسكر الذي يعمل فيه المتطوعين مع بعضهم البعض في مشاريع لخدمة المجتمع‪ .‬وهذه‬
‫اللفظة تكون مرادفة للفظة "شلة" و"فئة" في طيات رواية عرس ّ‬
‫الزين للطيب صالح‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.27‬‬‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬

‫‪60‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫الزين كان يتحلّى بنزعة إنسانية‪ ،‬حيث يتعامل بلطف‬


‫أن ّ‬‫وعليه؛ يمكننا أن نخلص إلى ّ‬
‫ومودّة مع ال ّ‬
‫شواذ‪ ،‬ويخالط جميع أفراد البلدة من دون إعطاء اعتبار للفوارق‬
‫االجتماعية‪ .‬كما نالحظ أنّه يحيا وفق مبدأ رومنسي‪ ،‬وهو االنتقال من حبّ فتاة إلى‬
‫أخرى‪ .‬واالستمتاع بنشوة هذا الحبّ من دون االهتمام باآلالم النّاتجة عن تلك التّجربة‬
‫الفاشلة‪.‬‬

‫فالزين شخصية اجتماعية مرحة‪ ،‬ال تولي اهتماما للتّهميش الذي عاشه‪،‬ولالستحقار‬
‫ّ‬
‫أن هذه القرية‬ ‫الراقية ـ أب ّ‬
‫عزة العمدة ـ؛ إذ ّ‬ ‫الذي كان يلقاه من أصحاب ّ‬
‫الطبقة ّ‬
‫سودانية كانت تقوم على نظام تفاوت ّ‬
‫الطبقات‪ :‬األعيان (كبار المزارعين والت ّجار)‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫الحرة‪ ،‬شواذ القرية (أصحاب العاهات‬
‫ّ‬ ‫الفالّحون‪ ،‬العبيد‪ ،‬أصحاب المهن‬
‫والمساكين‪ ،)...‬إضافة إلى استهزاء األطفال به‪.‬‬

‫وإنّما نجده يتحلّى بنزعة تفاؤلية ويطمح إلى غد ومستقبل أفضل‪ ،‬كما تك ّهن له بذلك‬
‫الشيخ الحنين‪:‬‬

‫"كل البنات دايراتك يا المبروك‪.‬باكر تعرس أحسن ّ‬


‫بت في البلد دي"‪ 1.‬وهذا ما يحصل‬
‫يتزوج بنعمة ابنة الحاج إبراهيم‪ ،‬أجمل فتيات البلدة‪ ،‬وعرسه يحضره‬
‫ّ‬ ‫بالفعل ّ‬
‫فالزين‬
‫سودان‪ ،‬وبهذا تتحقّق نبوءة الشيخ الحنين‪ .‬هو الحلم الذي راود الطيب‬
‫جميع أهل ال ّ‬
‫سودان‪.‬‬ ‫صالح؛ يعدّ ً‬
‫رمزا لوحدة ال ّ‬

‫ً‬
‫رسوال للحبّ والتّعايش بين الجميع في بلده على الرغم من االنفصال الذي‬ ‫إذ يعتبر‬
‫الروائي في هذه ال ّ‬
‫شخصية‬ ‫حدث لها فيما بعد ـ انشرح ال ّ‬
‫شمال على الجنوب ـ‪ .‬سكب ّ‬
‫سودانية التي افتقدها بعد هجرته من‬ ‫عطر االنتماء والتّعبير عن مركب الذّات و ّ‬
‫الهوية ال ّ‬
‫الروائية بداخلها ـ التي بقت‬
‫سودان ومن بلدته مسقط رأسه ـ دارت األحداث ّ‬
‫بلده ال ّ‬
‫الرغم من بعده عنها‪.‬‬
‫حبيسة في مخيّلته على ّ‬

‫ج ـ البعد النفسي‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫يمثّل البعد النّفسي ما يخالج اإلنسان من مشاعر وأحاسيس‪ ،‬تعكس الحالة النّفسية‬
‫‪1‬‬ ‫شخصية؛ فالجانب السيكولوجي من شأنه "تحديد أه ّم المالمح التي تميّز ال ّ‬
‫شخصية"‪.‬‬ ‫لل ّ‬
‫وانطالقا من هذه الفكرة سنحاول تحديد واستخالص الحالة النّفسية للبطل ّ‬
‫الزين‪:‬‬

‫للزين بالتوتّر والتّقلّب وعدم االستقرار‪ ،‬فأحيانا يكون في حالة‬


‫الجو الدّاخلي ّ‬
‫ّ‬ ‫يتميّز‬
‫مرح وفرح‪ ،‬يعيش ق ّمة النشوة وهو يروي حكاياته البليدة وضحكته منتشرة في ك ّل‬
‫صته فيقول‪:‬الجرح دا يا جماعة ليه حكاية [‪ ]...‬ويقع هذا‬ ‫أرجاء البلدة "يحكي ّ‬
‫الزين ق ّ‬
‫الزين فيستلقي على قفاه ضاح ًكا‪ ،‬ثم يضرب األرض بيديه ويرفع‬
‫موقعًا حسنًا في نفس ّ‬
‫الزين يضحك ضحكته الغريبة بطريقته الفذّة على طول‬
‫رجليه في الهواء"‪2.‬ويبقى ّ‬
‫الرواية؛ فهو بذلك يثير استغراب من حوله ـ ورغم هذا ّ‬
‫فإن الجميع يأنس له ـ‪،‬‬ ‫أحداث ّ‬
‫سر ويضرب من‬
‫قوة هوجاء ال يدري أحد مصدرها‪ .‬فيك ّ‬
‫وأحيانا يثور غاضبًا فتأتيه ّ‬
‫ومرة كسر حدّة ثور هائج‪.‬‬
‫حوله‪ :‬ففي أحد ال ّمرات قام بقلع شجرة سنط من مكانها‪ّ ،‬‬

‫قوته الثّائرة‪ ،‬عراكه مع سيف الدّين الذي كاد يودي‬‫سد ّ‬ ‫ّ‬


‫ولكن الموقف البارز الذي يج ّ‬
‫شيخ الحنين‪" :‬كلّهم يعلم ّ‬
‫أن في هذا الجسم الضّاوي‬ ‫بحياته في نوبة غضب لوال تد ّخل ال ّ‬
‫‪3‬‬
‫ق ّوة خارقة ليست في مقدور بشر"‪.‬‬

‫شخص المغفّل‪ ،‬غريب األطوار‪ ،‬يعيش حياة‬ ‫أن ّ‬


‫الزين ذلك ال ّ‬ ‫ومن هنا نخلص إلى ّ‬
‫بسيطةً مليئةً بالضّحك والفكاهة والجنون‪ .‬فالحالة التّي تطغى عليه هي حالة المرح‬
‫والعبث واللّهو الدّائم‪ ،‬حيث أنّنا نالحظ أنّه لم يتأثر بظروفه االجتماعية التي عاشها‪:‬‬

‫‪ ‬كونه قبيح المظهر والشكل والهيئة‪.‬‬


‫‪ ‬عاش يتي ًما مه ّم ً‬
‫شا في بلدة تحكمها الفوارق االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬ال يولي اهتما ًما لسخرية األطفال منه‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مرشد أحمد‪ ،‬البنية والداللة في روايات إبراهيم نصر هللا‪ ،‬ص ‪. 68‬‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.12‬‬‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.46‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫‪ ‬زواج الفتيات اللّواتي أحبّهن‪ ،‬واستغالله من طرف البعض نتيجة لسذاجته‬


‫"فقد عرف العمدة كيف يستغ ّل هذه العاطفة‪ ،‬فس ّخر ّ‬
‫الزين في أعمال كثيرة‬
‫‪1‬‬ ‫ّ‬
‫الجن"‪.‬‬ ‫شاقّة يعجز عنها‬

‫الزين في حياته‪ّ ،‬إال أنّه تسيطر عليه نزعة إنسانية‬


‫ورغم هذه اإلحباطات التي عاشها ّ‬
‫جدّ مرهفة؛ بحيث يعطف ويرأف على كل محتاج رغم واقعه األليم‪ .‬فهو يمتلك قلبًا‬
‫ّ‬
‫ينفك في تكوين العالقات والصداقات‪ ،‬سواء في األيّام العادية أوفي‬ ‫طاهرا وعفيفًا ال‬
‫ً‬
‫المناسبات واألفراح‪ ،‬وهو بذلك يعيش على مبدأ الحبّ والفرح والعبث‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الشخصيات الثانوية‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 1‬ـ نعمة‬

‫الزين بنعمة‪ .‬ونعمة تمثّل نو ً‬


‫عا مختلفًا‬ ‫الزين حول زواج ّ‬
‫تدور أحداث رواية عرس ّ‬
‫الرواية‪.‬‬
‫صورته ّ‬
‫للمرأة في الوسط الذي ّ‬

‫الروائية‪ّ ،‬إال ّ‬
‫أن لها وزنها في‬ ‫ً‬
‫ضئيال لهذه الشخصية في األحداث ّ‬ ‫ظهورا‬
‫ً‬ ‫نالحظ‬
‫الرواية‪.‬‬
‫ّ‬

‫وقوة شخصيتها؛‬
‫نعمة هي شخصية أنثوية‪ ،‬تنتمي إلى عائلة مرموقة‪ .‬تمتاز بجمالها ّ‬

‫بحيث كانت موضع إعجاب الفتيان‪ .‬رفضت العديد م ّمن تقدّموا بطلبها ّ‬
‫للزواج من‬
‫وجهاء القرية‪ .‬فاستطاعت أن تمارس حقّها في اختيار زوجها‪ ،‬وهذا طبيعي ألنّها نشأت‬
‫مستقلّة في ّ‬
‫الرأي "ول ّما جاءت آمنة إلى سعدية تحدثّها في أمر زواج نعمة من أحمد‬
‫(الرأي) ال‬
‫أن ّ‬ ‫قالت لها سعدية‪( :‬الشورى عند أبو البنت) كانت تعلم في قرارات نفسها ّ‬
‫‪2‬‬
‫ألحد غير نعمة نفسها"‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫‪63‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫أن ّ‬
‫الزواج سيأتيها من حيث ال تحتسب‪ ،‬وأنّه سيكون قسمة قسمها هللا‬ ‫تحس نعمة ّ‬
‫ّ‬ ‫كانت‬
‫لها في لوح محفوظ قبل أن تولد‪ .‬كما كانت تحلم بتضحية عظيمة ال تدرك نوعها؛ ّإال‬
‫أنّها ستؤدّيها في يوم من األيّام‪.‬‬

‫تحس إحساسا دافئًا في قلبها‬


‫ّ‬ ‫يخص عالقتها ّ‬
‫بالزين فكان عندما "يخطر ببالها‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫شفقة اتّجاهه كونه‬
‫سه األ ّم نحو أبنائها"‪ 1.‬إذ كانت تشعر بال ّ‬ ‫من فصيلة ال ّ‬
‫شعور الذي تح ّ‬
‫الرعاية‪ .‬لكنّها كانت تنزعج من‬
‫ابن ع ّمها الذي عاش يتي ًما؛ عديم األب في حاجة إلى ّ‬
‫ّ‬
‫يضاحكهن كعادته‪،‬‬ ‫معابثته ومغازلته للنّساء "وجدته يو ًما في مجموعة من النّساء‬
‫ست‬‫الطرطشة والكالم الفارغ تمشي تشوف أشغالك؟"‪ 2.‬أح ّ‬‫فانتهرته قائلة‪ :‬ما تخلي ّ‬
‫بحنو عظيم نحوه يوم ضربه سيف الدّين على رأسه وبدأت تعجب به يوم عودته من‬
‫ّ‬
‫المستشفى‪.‬‬

‫أ ـ البعد الجسمي‬

‫الروائي قد قدّم لنا‬


‫أن ّ‬ ‫شخصية الثّانوية في ّ‬
‫الرواية‪ ،‬والمالحظ من طرفنا ّ‬ ‫سد نعمة ال ّ‬
‫تج ّ‬
‫شخصية‪ .‬لكنّه لم يتع ّمق ويف ّ‬
‫صل في‬ ‫ً‬
‫تفصيال مل ًّما بالجانبين الداخلي واالجتماعي لهذه ال ّ‬
‫وصفها الخارجي؛ ّإال أنّه قد أكدّ على حسن هيئتها وجمال شكلها‪ .‬وهذا منذ الحروف‬
‫لرواية‪.‬وفي هذا المقام وجب علينا اإلشارة إلى ّ‬
‫أن هامون قد أشار إلى هذه‬ ‫األولى ل ّ‬
‫النقطة من خالل قوله‪" :‬المالبس والكالم الرنان‪ ...‬ال تستعمل هذه األساليب األخيرة إال‬
‫‪3‬‬ ‫من أجل تبرير االنسجام الداخلي لل ّ‬
‫شخصية"‪.‬‬

‫نعمة هي من أجمل فتيات البلدة "صبيّة حلوة‪ ،‬وقورة المحيا‪ ،‬غاضبة العينين"‪4.‬جميلة‬
‫المشيا‪ ،‬تمتاز بصوتها الدّافئ‪ ،‬وعينيها الجميلتين"شعرها الغزير"‪ 5.‬وهذا ما جعل منها‬
‫مح ّل إعجاب الكثير من الفتيان في البلدة‪ ،‬غير ّ‬
‫أن األمر لم يقتصر على الفتيان فقط؛‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫شخصية الروائية‪ ،‬ص ‪ ،35‬ص ‪3.36‬‬
‫ّ‬ ‫ـ ينظر‪ :‬فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪ 4‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫‪5‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪64‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫فالنّاظر قد ذهل بجمالها وحسنها‪ ،‬وراح يخطبها من أبيها رغم أنّها في عمر بناته "رآها‬
‫‪1‬‬
‫خارجة من الدّار‪ ،‬ترتدي ثوبا أبيضا‪ .‬صادفها وج ًها لوجه‪ ،‬رام لجمالها"‪.‬‬

‫هذا ما أكسب نبأ زواجها ّ‬


‫بالزين ض ّجة عارمة في البلدة‪ ،‬فهنالك تباين بين ال ّ‬
‫شخصيتين‬
‫الزين ـ والجمال سمة الثّانية ـ نعمة ـ‪.‬‬
‫فالقبح سمة األولى ـ ّ‬

‫ب ـ البعد االجتماعي‬

‫تنتمي نعمة إلى عائلة راقية‪ ،‬فهي ابنة الحاج إبراهيم أحد أكبر رجال البلدة‬
‫البارزين من ذوي النّفوذ‪ .‬لها ثالثة إخوة تعتبرهم سندا لها‪.‬‬

‫متمردة على واقعها االجتماعي منذ أن كانت طفلة‪ ،‬فكانت تمقت ض ّم‬
‫ّ‬ ‫كانت نعمة‪،‬‬
‫"ومرة ضجرت من عبث امرأة بدينة بها [‪ ]...‬تقبّلها على رقبتها وعلى‬
‫ّ‬ ‫النّساء إليها‬
‫تعبيرا لرفض نعمة‬
‫ً‬ ‫خدّها وتش ّمها‪ .‬صفعتها نعمة على وجهها صفعة قاسية"‪ 2.‬فكان هذا‬
‫منذ نعومة أظافرها االمتثال للعادات االجتماعية التي كانت تمارس مع المرأة‪.‬‬

‫تظهر البذور األولى لتش ّكل شخصيتها ّ‬


‫الروائية‪ ،‬عندما أرغمت أباها أن يدخلها‬
‫في الكتّاب لتتعلّم القرآن وهي طفلة "كانت ّ‬
‫الطفلة الوحيدة بين الصبيان"‪ 3.‬فبعد مرور‬
‫شهر واحد تعلّمت الكتابة والقراءة‪ .‬وبهذا نالحظ مواقفها االرتجالية وبداية تش ّكل‬
‫شخصيتها القويّة منذ طفولتها؛ فقد قطعت بمحض اختيارها تعليمها رغم ذكائها‪ .‬فكانت‬
‫ال تؤمن بالتّعليم في المدارس الحكومية‪ ،‬إذ اكتفت بالقراءة والكتابة ومعرفة القرآن‬
‫صالة "التّعليم في المدارس كلّه طرطشة"‪ 4.‬وهذا حسب رأيها ال ّ‬
‫شخصي‪،‬‬ ‫وفرائض ال ّ‬
‫الذي يتعارض مع رأي أخيها األكبر‪.‬‬

‫أن نعمة بذلك الوعي المتقدّم كانت ترفض التّعليم الحديث‪ ،‬ولكن ّ‬
‫الظروف‬ ‫ال نعتقد ّ‬
‫والواقع االجتماعي في تلك الفترة ال يسمح لما بمواصلة تعليمهاـ فالمرأة القروية في‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.69‬‬


‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪65‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫البلدان العربية كان محكوم عليها بالجهل واألميّة‪ ،‬والشقاء في األعمال المنزلية ـ‪ .‬وهي‬
‫في هذا الجانب كانت متماشي ة مع الحياة االجتماعية‪ ،‬والواقع االجتماعي في القرية‬
‫الذي لم يكن محتا ًجا للتّعليم أكثر من ذلك‪.‬‬

‫شعورا بالمسؤولية‪ ،‬إذ كانت "تشارك أ ّمها في أعباء المنزل‬


‫ً‬ ‫كما تعدّ من أكثر البنات‬
‫وتناقشها في كل شيء"‪ 1.‬كما كانت تتحدّث حديث ًا ناض ًجا جريئًا يذهل أهلها في بعض‬
‫دورا اجتماعيًا معيّنًا‪ ،‬جذب إليها‬ ‫األحيان‪ .‬ومن هنا نرى ّ‬
‫بأن نعمة استطاعت أن تكتسب ً‬
‫الرجال والنّساء‪.‬‬
‫اهتمام ّ‬

‫سدت استقاللية رأيها في العديد من المواقف‬


‫يخص زواجها؛ فنعمة قد ج ّ‬
‫ّ‬ ‫أ ّما في ما‬
‫(رفضها لمن تقدّموا لخطبتها نحو أحمد ابن سعدية‪ ،‬إدريس‪ .)...‬وفي آخر المطاف‬
‫تختار ّ‬
‫الزين زو ًجا لها‪" ،‬جاتني الصباح بدري في بيتنا‪ .‬وقالت لي قدّام أ ّمي‪" :‬يوم‬
‫‪2‬‬
‫ي‪ .‬أنا وأنت نبقى راجل ومره‪ .‬نسكن سوا‪ ،‬ونعيش سوا"‪.‬‬
‫الخميس يعقدوا لك عل ّ‬

‫تحرك في القرية ركود الحياة‬ ‫وعلى ضوء ما سبق؛ نستنتج ّ‬


‫أن نعمة استطاعت أن ّ‬
‫وجمودها ضدّ القيم والتّقاليد الباليّة‪ ،‬الت ّي تفترض أنّه ليس للمرأة رأي في موضوع‬
‫وقوة‬
‫بقوة المثل ّ‬ ‫الزواج‪ .‬كما أثّرت في والديها خا ّ‬
‫صة وفي المجتمع عا ّمة ّ‬ ‫حاسم مثل ّ‬
‫ال ّ‬
‫شخصية مع نضوجها‪.‬‬

‫ج ـ البعد النفسي‬

‫تتش ّكل المالمح النّفسية األولى لشخصية نعمة الذي من شأنها "تحديد أه ّم المالمح‬
‫الداخلية التي تميز حالتها النفسية"‪ 3‬منذ المواقف األولى في طفولتها‪.‬فكانت تمتلك أمر‬
‫وتقرر ما تريده حتّى وإن ترتّب على قرارها فعل عنيف‪ ،‬والموقف الذي يج ّ‬
‫سد‬ ‫ّ‬ ‫نفسها‬
‫الرواية هو تملّصها العنيف من بين يدي ّ‬
‫الزائرة‪.‬‬ ‫ذلك في ّ‬

‫الزين‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪3‬ـ ينظر‪ :‬مرشد أحمد‪ ،‬البنية والداللة في روايات إبراهيم نصر هللا‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪66‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫الرغم من كونها شخصية أنثوية ّإال أنّها تمتاز برأيها الحاسم‪ ،‬وعنادها ال ّ‬
‫شديد‬ ‫وعلى ّ‬
‫وإلحاحها الدّائم‪ .‬فقد أجبرت أباها على أن تدرس في الكتّاب وهي الفتاة الوحيدة بين‬
‫الصبيان؛ وبذلك فقد نشأت مستقلّة في الرأي‪ .‬تمتلك شخصية صلبة‪ ،‬قويّة وناضجة‪.‬‬
‫صفات ال تجعل منها امرأة جاحدة متح ّجرة المشاعر؛ فالقرآن قد أحدث فيها‬ ‫ّ‬
‫لكن هذه ال ّ‬
‫بالراحة والطمأنينة "تستلذّ بتالوته‬ ‫تأثيرا بالغًا فتقشعر وتستلذّ بتالوته‪ ،‬وينتابها ال ّ‬
‫شعور ّ‬ ‫ً‬
‫سار كانت تؤثّر م ّما حفظته‬
‫وكانت تعجبها آيات معيّنة منه‪ ،‬تنزل على قلبها كالخبر ال ّ‬
‫سورة الرحمان وسورة مريم وسورة القصص‪ ،‬وتشعر بقلبها يعتصره الحزن وهي‬
‫تقرأ عن أيّوب"‪ 1.‬وهذا ما أكسبها نفسية هادئة‪ ،‬ال تبالي بمثيرات الحياة‪ .‬لها شعور بالغ‬
‫‪2‬‬
‫بالمسؤولية "كانت تشعر بمسؤولية كبيرة متوضّعة على كتفيها"‪.‬‬

‫تمتاز بالجرأة وعدم الخجل فتنظر في وجه محدّثها على غير عادة نساء البلدة ّ‬
‫الالئي‬
‫رؤوسهن في األرض‪ ،‬ويتمظهر ذلك في حوارها مع النّاظر "فقالت له ووجهها‬
‫ّ‬ ‫يطرقن‬
‫قبالة وجهه‪( :‬طيّب) ث ّم ذهبت‪ 3."...‬غاضبة على الدّوام‪ ،‬تنزعج من معابثة الزين‬
‫سه األ ّم نحو‬ ‫سا دافئًا في قلبها‪ ،‬من فصيلة ال ّ‬
‫شعور الذي تح ّ‬ ‫"تحس إحسا ً‬
‫ّ‬ ‫للنّساء‪ّ ،‬إال أنّها‬
‫أبنائها"‪ 4.‬وذلك عندما يخطر الزين ببالها‪ ،‬ولع ّل هذا السبب األرجح في مبادرتها بالبوح‬
‫مغايرا عن صورة المرأة الريفية الذي عهدناه‪.‬‬
‫ً‬ ‫بأمر زواجها له‪ .‬فأعطت بذلك نم ً‬
‫طا‬
‫إضافة إلى شعورها الدّائم بتضحية كبيرة ستؤدّيها يوما ما‪.‬‬

‫إن شخصية نعمة هي شخصية متماسكة منسجمة منذ طفولتها وحتّى‬


‫وما يمكننا قوله؛ ّ‬
‫بالزين ـ من األحداث ال ّروائية‪ .‬وهذا التّماسك والثبات هو ما‬
‫الموقف األخيرـ زواجها ّ‬
‫الرواية كك ّل‪ ،‬متماسكة في بنيتها و نتائجها النّهائية‪.‬‬
‫جعل من ّ‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪4‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪67‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 2‬ـ الحنين‬

‫صوفي‪ ،‬والنّاسك السيّاح‪ ،‬والول ّ‬


‫ي‬ ‫يعدّ الحنين شخصية رجالية‪ ،‬يقوم بدور ّ‬
‫الرجل ال ّ‬
‫ي القرية نحو‪:‬موسى األعرج‪ ،‬عثمانة ّ‬
‫الطرشاء‬ ‫صالح‪ .‬من شأنه العطف على منبوذ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضا لألب الغائب؛ في ّ‬
‫حن‬ ‫أن له أثر بالغ في حياة ّ‬
‫الزين إذ يعدّ تعوي ً‬ ‫المشوه‪ .‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫وبخيت‬
‫صواب‪ .‬وهذا ما ساهم في منحه احترا ًما من‬
‫عليه ويالطفه‪ ،‬يصاحبه ويرشده إلى ال ّ‬
‫طرف أهل القرية‪.‬‬

‫الروحية فهو‬ ‫الحنين هو الخلفية الميتافيزيقية لألحداث‪ ،‬إذ يعتبر الممثّل الحقيقي لل ّ‬
‫سلطة ّ‬
‫ً‬
‫رجال صال ًحا منقطعًا للعبادة‪ ،‬يقيم في البلدة ستّة‬ ‫سماء وترجمان الغيب "كان‬
‫رسول ال ّ‬
‫أشهر في صالة وصوم‪ ،‬ثم يحمل إبريقه ومصالته ويضرب مصعدًا في الصحراء‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويغيب ستّة أشهر‪ ،‬ثم يعود‪ ،‬وال يدري أحد أين يذهب"‪.‬‬

‫له غموض في حياته ال أحد يعلم إلى أين يذهب‪ ،‬أو ما يأكل وما يشرب‪ ،‬وال يحمل زادًا‬
‫في أسفاره الطويلة‪.‬‬

‫يظهر من العدم في اللّحظات الحرجة‪ ،‬فهو الذي ردع ّ‬


‫الزين ومنعه من ارتكاب‬
‫جريمة قتل كاد أن يزهق فيها روح سيف الدين‪ ،‬بعد فشل محاوالت ستّة رجال أشدّاء‬
‫‪2‬‬ ‫ّ‬
‫"الزين‪ .‬المبروك‪ .‬هللا يرضى عليك"‪.‬‬ ‫في ّ‬
‫فك قبضته الجبّارة‪ .‬وهذا بعدما قال له‬
‫إضافة إلى دعائه للقرية بالخير‪ ،‬فيع ّم الخير والرخاء بصورة ال مثيل لها" ربّنا يبارك‬
‫فيكم‪ .‬ربّنا يجعل البركة فيكم"‪ 3.‬وبعد ذلك توالت معجزات الحنين الواحدة تلو األخرى‬
‫مرة‪ ،‬وأنجبت النساء الالئي يئسن‬
‫ألول ّ‬
‫وس ّمي ذلك العام بعام الحنين؛ فالجليد قد سقط ّ‬
‫من اإلنجاب‪ ،‬وع ّم الخصب في األرض والحيوانات‪ .‬كما "ارتفعت أسعار القطن‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪68‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫كبيرا في‬
‫ً‬ ‫معسكرا‬
‫ً‬ ‫عا منقطع النظير في ذلك العام [‪ ]...‬وصحيح أن الحكومة بنت‬
‫ارتفا ً‬
‫‪1‬‬
‫الصحراء"‪.‬‬

‫الرواية؛ وذلك من خالل نبوءاته‬


‫المحرك األساسي ألحداث ّ‬
‫ّ‬ ‫ومن هنا فالحنين هو‬
‫ودعواته‪.‬‬

‫وهنا يتجلّى لنا بوضوح األثر الدّيني ال ّ‬


‫صوفي لشخصية الحنين‪ ،‬كونه يمتلك ك ّل‬
‫ي الصالح‪ :‬التّقوى(كونه شخص ورع يصلّي ويصوم‪)...‬‬
‫مقومات شخصية الول ّ‬
‫ّ‬
‫الغموض الذي يحيط به (ماذا يأكل‪ ،‬ماذا يشرب‪ ،‬إلى أين يذهب‪ ،‬كيف ينتقل‪)...‬‬
‫الحكايات واألقاويل التي يتناقلها النّاس عنه (يحلف أحدهم أنّه رآه في مروى في وقت‬
‫معيّن‪ ،‬بينما يقسم آخر أنّه شاهده في كرمه في نفس الوقت؛ وبين البلدتين مسيرة ستّة‬
‫أيّام)‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فقد سيطر على األحداث سيطرة تامة (يأتي من العدم ثم يرجع ويختفي ـ حادثة‬
‫سيف الديّن ـ)‪ ،‬فنجده يحظى باحترام جل أهل القرية وهذا راجع إليمان المجتمع‬
‫سوداني بالكرامات* ـ تغلغل الجانب الروحاني في المجتمع السوداني ـ دعاؤه للقرية‬
‫ال ّ‬
‫الرخاء الذي يع ّم عليها في عام الحنين كما س ّمي‪.‬‬
‫بالخير‪ّ ،‬‬

‫أ ـ البعد الجسمي ‪:‬‬

‫أن الطيب صالح لم يهت ّم بتقديم وصف جسماني خارجي لل ّ‬


‫شيخ الحنين‪،‬‬ ‫وقد الحظنا ّ‬
‫وإنّما قد اقتصر في تقديمه على الدّور االجتماعي الذي يتج ّ‬
‫سد في االحترام الذي يلقاه‬
‫نتيجة لما يحمل من قيّم إنسانية روحية رفيعة‪.‬‬

‫ب ـ البعد االجتماعي ‪:‬‬

‫ليس للحنين وضع اجتماعي‪ ،‬ال يملك ّإال إبريقه ومصالته‪ .‬يعيش في ال ّ‬
‫سماء أكثر م ّما‬
‫صا غريبةً‬
‫ي صالح "النّاس يتناقلون قص ً‬
‫يعيش على األرض‪ ،‬وهو رجل موقر وول ّ‬
‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 61‬‬
‫صة نظرا الرتباط المجتمع السوداني‬
‫*من التقاليد الموروثة في الثقافة العربية اإلسالمية عا ّمة وفي السودان خا ّ‬
‫بالدين‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫سائحين الذين يضربون في‬ ‫عنه"‪ 1.‬بحيث ّ‬


‫أن "الحنين يجتمع برفقة من األولياء ال ّ‬
‫األرض يتعبّدون"‪ 2.‬يختفي من البلدة بدون سابق إنذار‪ ،‬ودون أن يعلم أحد مكان‬
‫اختفائه‪ ،‬وال أحد ماذا يأكل وماذا يشرب فهو ال يحمل زادًا في أسفاره‪.‬‬

‫قلّما يتحدّث مع أحد من أهل البلدة "ففي البلدة إنسانًا واحدًا يأنس إليه الحنين [‪]...‬‬
‫عا يعانقه‪ ،‬ويقبّل رأسه "وكان‬ ‫ويتحدّث معه ذلك هو ّ‬
‫الزين"‪ 3.‬فإذا رآه آتيًا أقبل إليه مسر ً‬
‫يناديه بالمبروك"‪ 4.‬ونجد ّ‬
‫الزين بدوره يبادل نفس الحبّ واالحترام للحنين "فإذا رأى‬
‫ً‬
‫مقبال‪ ،‬ترك عبثه وهذره وأسرع إليه وعانقه"‪ 5.‬وهذا ما حيّر أهل البلدة بحيث‬ ‫الحنين‬
‫صداقة التي بينه وبين الحنين؛ فالحنين ال يأكل طعا ًما وال يقيم في‬ ‫أنّهم لم يفهموا ّ‬
‫سر ال ّ‬
‫بيت أحد سوى بيت ّ‬
‫الزين‪.‬‬

‫ج ـ البعد النفسي‬

‫يتجلّى البعد النّفسي في شخصية الحنين كونه زاهدًا في الدّنيا‪ ،‬مبتعدًا عن ملذّاتها‬
‫ً‬
‫رجال صال ًحا منقطعًا‬ ‫وبهرجها الكاذب‪ .‬فهو ال يملك سوى إبريقه ومصالته‪ ،‬و"كان‬
‫للعبادة"‪ 6.‬له سلطة على النّفوس‪ ،‬بحيث يهابه الجميع ويوقره‪ .‬له نزعة إنسانية؛ فنجده‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 25‬‬
‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 25‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 5‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 6‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 25‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫المشوه‪...‬؛‬
‫ّ‬ ‫شواذ والمه ّمشين نحو الزين‪ ،‬عثمانة ّ‬
‫الطرشاء‪ ،‬بخيت‬ ‫يعطف ويرأف على ال ّ‬
‫الروحية الباطنية التي ستتنبأ بالمعجزات التي ستقع في عام‬
‫سلطة ّ‬
‫سد ال ّ‬
‫وهو بذلك يج ّ‬
‫الحنين‪.‬‬

‫وحسب رأينا؛ ّ‬
‫فإن الحنين يعدّ حلقة الوصل بين العالم الخفي الميتافيزيقي* والعالم‬
‫الواقعي‪ ،‬يسعى إلى تحقيق العدل والمساواة ومساندة المظلوم‪.‬‬

‫ونجد العجائبية حاضرة بخصائصها؛ وقد تمثّلت في التّقاليد الموروثة من الثقافة‬


‫المكونة لشخصية الحنين وفي‬
‫ّ‬ ‫سمات‬
‫سدت في ال ّ‬
‫العربية اإلسالمية الكرامات‪ ،‬والتي تج ّ‬
‫شخصية الصوفية؛ وهذا من‬ ‫فالروائي قد ّ‬
‫وظف ملمح بطولي خارق لل ّ‬ ‫نبوءاته وصدقها‪ّ .‬‬
‫خالل شخصية الحنين التي منحها قوة خارقة غير مرئية ـ ميتافيزيقية ـ‪ .‬وهنا قام‬
‫بالمزج بين الواقع والخرافة واألسطورة والحكايات الشعبية المتداولة‪.‬‬

‫فالحنين هو حلم راود الروائي وهو الواسطة الذي يستعملها ليحيل إلى الواقع‪ .‬وهو‬
‫بذلك يؤ ّكد على ارتباط المجتمع ال ّ‬
‫سوداني بالدّين‪ ،‬على عكس المجتمعات اإلسالمية‬
‫األخرى‪ ،‬والغرب المادي الذي يفتقد للقيم الروحانية واإلنسانية الصافية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الشخصيات المسطحة (البسيطة)‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 1‬ـ عثمانة الطرشاء‬

‫تعتبر عثمانة من ال ّ‬
‫شخصيات المسطحة الثابتة*"ال تتغير في تشكلها وال تتطور نتيجة‬
‫األحداث‪ ،‬وإنّما تبقى ذات سلوك أو فكر واحد وذات مشاعر واحدة"‪1.‬على طول سير‬
‫الروائية‪.‬‬
‫وتصاعد األحداث ّ‬

‫تعد من شواذ القرية‪ ،‬تعيش منبوذة ال يقترب منها أحد‪ .‬وهي بدورها ال تخالط‬
‫أحد؛ بحيث أنّها "كانت فتاة تخاف من كل أحد"‪ 2.‬فإذا ما صادفت شخص ما ترتعب‬

‫*ما وراء الطبيعة‪.‬‬


‫‪ 1‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النص األدبي‪ ،‬ص ‪. 134‬‬
‫الرواية إلى ّ‬
‫أن مصطلح الشخصية الثابتة هو مرادف لمصطلح‬ ‫*أشار عبد المالك مرتاض في كتابه في نظرية ّ‬
‫شخصية المسطحة ص ‪. 89‬‬ ‫ال ّ‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫منه وتفزع‪ ،‬وذلك راجع لسخرية أهل البلدة من عاهتها ومعاملتها وكأنّها لقيطة‪ ،‬فال‬
‫يشفق عليها سوى ّ‬
‫الزين الذي يرأف لحالها ويعطف عليها فكان "كل ّما رآها قادمة من‬
‫وهش لها وداعبها"‪ 1.‬فكانت‬
‫ّ‬ ‫الحقل وعلى رأسها حمل ثقيل من الحطب حمله عنها‪،‬‬
‫ترتاح له فال تهابه فإن رأته "تضحك له ضحكتها البكماء المحزنة التي تشبه صياح‬
‫الدجاج"‪ 2.‬وسبب هذه الراحة اتّجاه ّ‬
‫الزين هو معاملته اإلنسانية الطيّبة لها‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 2‬ـ بخيت المشوه‬

‫ً‬
‫معزوال ال دور له في‬ ‫ينتمي بخيت إلى فئة ال ّ‬
‫شواذ في القرية‪ .‬فهو يعيش مه ّم ً‬
‫شا‬
‫مشو ًها‪ ،‬ليست له شفة عليَا‪ ،‬جبينه األيسر‬
‫ّ‬ ‫مجتمعاته وال مكانة‪ .‬وسبب ذلك أنّه "ولد‬
‫ّ‬
‫ويحن عليه‪.‬‬ ‫مشلول"‪ 3.‬وكان صديقه الوحيد في البلدة ّ‬
‫الزين‪ ،‬الذي يصاحبه‬

‫الروائي قد قدّم لمحةً موجزة ً عن شواذ القرية عثمانة ّ‬


‫الطرشاء‪ ،‬بخيت‬ ‫أن ّ‬‫نالحظ ّ‬
‫المشوه‪ ،‬من دون أن ير ّكز على وصفها الجسماني والنفسي واالجتماعي‪ .‬كما ّ‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫الروائي قد تع ّمد على توظيف هذه الفئة اله ّ‬
‫شة والمعزولة عن بقيّة المجتمع؛ لينقل لنا‬ ‫ّ‬
‫صورة ً صريحةً وواضحةً عن التهميش الذي يلقاه أصحاب االحتياجات الخا ّ‬
‫صة‪ ،‬سواء‬
‫سودان‪ .‬السيما في الفترة التي تزامنت مع‬
‫من طرف المجتمع أم الدولة في قرى ال ّ‬
‫الرواية‪.‬‬
‫استقالل البالد وهو زمن كتابة ّ‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 3‬ـ اإلمام‬

‫يمثّل اإلمام شخصية رجالية‪ ،‬متشبّع بوازع ديني عقائدي متين "قضى عشر‬
‫سنوات في األزهر"‪ 1.‬يمتاز بفصاحة لسانه‪ ،‬وعمق خطبه التي تدور معظمها حول‬

‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 26‬‬

‫‪72‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫الحساب والعقاب‪ ،‬الجنّة والنّار‪ ،‬معصية هللا والتّوبة إليه "فكان يلهب ظهورهم في‬
‫خطبه"‪ 2.‬فترى المصلّين من أهل البلدة يخشعون لوهلة بعد الخروج من صالة الجمعة؛‬
‫إذ من مهامه أن يذ ّكرهم بالموت‪ ،‬واآلخرة‪ ،‬والفرائض‪ ،‬وعقد القران‪ ،‬والصالة على‬
‫الروائي وال تتغير‪ ،‬وإنما "التغير الذي يجري‬
‫الميّت‪ .‬ال تتطور شخصيته داخل المعمار ّ‬
‫‪3‬‬ ‫يكون خارجها كأن تتغير العالقات مع باقي ال ّ‬
‫شخوص"‪.‬‬

‫شر ال بدّ به‪ .‬ال ه ّم له غير‬ ‫ً‬


‫عاطال‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫رجال‬ ‫فشل اإلمام في استمالة النّاس‪ ،‬واعتبروه‬
‫تخويفهم وزجرهم وتذكيرهم بالموت‪.‬‬

‫أ ـ البعد الجسمي‬

‫ً‬
‫موجزا لصوته‬ ‫يخص البعد الجسمي لشخصية اإلمام؛ وصفًا‬
‫ّ‬ ‫الروائي فيما‬
‫قدّم لنا ّ‬
‫وهو يرتّل القرآن الكريم‪ ،‬ويخطب على المصلّين‪ ،‬ويصلّي على األموات "صوته قو ّ‬
‫ي‬
‫واضح وهو يخطب‪ ،‬عذب رخيم وهو يرتّل القرآن‪ ،‬مهيب حين يصلّي على‬
‫األموات"‪ 4.‬واكتفى بذلك وكأنّه يريد أن يرسم في ذهن القارئ صورة اإلمام الخارجية‬
‫الجسمية في صوته الجهير في تالوة القرآن الكريم‪ ،‬وذلك لربط هذه الصورة بالجانب‬
‫الديني الذي يذ ّكر بأمور اآلخرة‪ ،‬الحساب‪ ،‬العقاب‪ ،‬وال ّ‬
‫شريعة‪.‬‬

‫ب ـ البعد االجتماعي‬

‫يتمثل البعد االجتماعي "في انتماء ال ّ‬


‫شخصية إلى طبقة اجتماعية وفي نوع العمل‬
‫ي مكانة اجتماعية واضحة‬ ‫الذي تقوم به في المجتمع"‪ 5.‬وعليه‪ّ ،‬‬
‫فإن اإلمام ال يمتلك أ ّ‬
‫ي حقل وال‬
‫ي فئة؛ وذلك راجع لكونه ال يملك أ ّ‬
‫في القرية‪ ،‬وهو بذلك ال ينتمي إلى أ ّ‬
‫تجارة‪.‬‬

‫الزين ‪ ،‬ص ‪. 74‬‬ ‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 74‬‬
‫‪ 3‬ـ ينظر‪ :‬عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النّص األدبي‪ ،‬ص ‪. 134‬‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 75‬‬ ‫‪ 4‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫‪5‬‬
‫الروائية‪ ،‬ص ‪. 83‬‬
‫شخصية ّ‬ ‫ـ ينظر‪ :‬فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬
‫‪73‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫هذا ما أبعده عن أهل البلدة الذين يعتبرونه بال عمل‪ .‬إضافة إلى نظرته المتعالية اتّجاه‬
‫‪1‬‬
‫اآلخرين "وكانت في عينيه نظرة احتقار وترفّع"‪.‬‬

‫ونظرا لذلك فقد انقسمت آراء أهل البلدة نحوه على شكل معسكرات‪:‬‬
‫ً‬ ‫ـ‬

‫‪" ‬معسكر أغلبه من ّ‬


‫الرجال الكبار العقالء‪ ،‬يتزعّمه حاج إبراهيم‪ ،‬أبو نعمة‬
‫يعامل اإلمام معاملة ودّ يشوبه تحفظ"‪ 2.‬إذ كانت تربطهم به عالقة ودّ ومحبّة‪،‬‬
‫فكانوا يدعونه ك ّل يوم جمعة إلى الغداء بعد صالة الجمعة‪ ،‬كما كانوا يعطونه‬
‫يتزوج أحد أبنائهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صدقات عيد الفطر والهدايا حينما‬
‫‪3‬‬
‫سافرا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪" ‬والفريق الثّاني‪ ،‬أغلبه من الشبّان دون العشرين‪ ،‬يعادي اإلمام عدا ًءا‬
‫شمل هذا المعسكر شلّة من الشباب المغامرين الذين يشربون الخمر‪ ،‬ومجموعة‬
‫من الشبّان المتمردين الذين يصعب عليهم الوضوء في ال ّ‬
‫شتاء لذا كانوا يكرهون‬
‫اإلمام‪.‬‬
‫‪ ‬أ ّما "الفريق الثّالث‪ ،‬وقد كان أكثر المعسكرات وزنًا"‪ ،4‬والذي يتش ّكل من شلّة‬
‫معسكر الوسط الذي سيكون مح ّل دراسة وشرح مف ّ‬
‫صل في مقام الحق‪ .‬والذين‬
‫شر ال بدّ منه‪.‬‬ ‫يرون ّ‬
‫بأن اإلمام ّ‬
‫‪5‬‬
‫معسكرا قائ ًما ضدّ اإلمام "يعامله بفظاظة"‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ ‬ويعد ّ‬
‫الزين بذاته‬

‫شخص الوحيد الذي يكرهه ّ‬


‫الزين وينزعج لوجوده "فتراه يسبّ‬ ‫وبذلك يكون اإلمام ال ّ‬
‫ويصرخ ويتع ّكر مزاجه"‪ 6.‬وذلك بسبب رأي اإلمام في زواج ّ‬
‫الزين بنعمة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 75‬‬
‫‪ 5‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ 6‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫ومن خالل ذلك فقد الحظنا ّ‬


‫أن اآلراء والمواقف حول اإلمام قد تباينت واختلفت من‬
‫معسكر آلخر‪ ،‬ك ّل حسب رؤيته‪.‬‬

‫ج ـ البعد النفسي‬

‫الروائي لم ير ّكز على المالمح التي تد ّل على نفسية اإلمام‪ ،‬ذلك أنّه قد‬
‫أن ّ‬‫نالحظ ّ‬
‫ً‬
‫محاوال إبراز دوره في توعية أهل القرية‬ ‫قدّم لنا صورته االجتماعية في القرية؛‬
‫باألمور الدينية‪ ،‬كما أنّه قد حصر لنا بعده الجسمي في صوته وهو يرتّل القرآن الكريم‬
‫واكتفى بذلك‪ .‬وكأنّه يريد أن يربط شخصية اإلمام باألمامة وحدها‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الشخصيات النامية (المدورة)‬

‫‪ 4‬ـ ‪ 1‬ـ سيف الدين‬

‫صائغ‪ .‬يمتاز باستهتاره وعبثه الدّائم؛ ذلك أنّه تلقّى تربية‬


‫يعدّ شابًا ثريًا‪ ،‬كونه ابن ال ّ‬
‫خاطئة‪ .‬بحيث نشأ مدلّ ًال من طرف أ ّمه وأبيه‪ ،‬وأخواته الخمس البنات"فكان ال بدّ أن‬
‫ي مجال في‬
‫رخوا"‪ .‬لم يفلح في أ ّ‬
‫‪1‬‬
‫ً‬ ‫يفسد‪ ،‬أو كما يقول أهل البلد كان ال بدّ أن ينشأ ه ًّ‬
‫شا‬
‫حياته‪ ،‬ال حرفة وال عمل لديه‪ ،‬سوى شرب الخمر ومسامرة الجواري‪.‬‬

‫كانت هذه األعمال تزعج والده؛ ّإال أنّه كان يتغاضى عنها‪ ،‬إلى أن جاءه سكرانًا‬
‫وتبرأ‬
‫ّ‬ ‫وأخبره بأنّه يحبّ إحدى الجواري ـ سارة ـ ويريد ّ‬
‫الزواج بها‪ .‬فثار عليه‪ ،‬وضربه‬
‫منه "وحلف األب ّ‬
‫أن الولد الفاسق ـ هكذا قال ـ ال يبيت ليلة واحدة تحت سقف بيته‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وأنّه ليس ابنه وأنّه ّ‬
‫براء منه"‪.‬‬

‫بعد هذه الحادثة هام سيف الدّين‪ ،‬الذي أصبح طريدًا في الوادي حتى أن مات أبوه‪ .‬فعاد‬
‫سكر والعربدة‪،‬‬
‫نظرا لتبذيره لثروة والده في ال ّ‬
‫ليرث أمواله ويبدّدها فجافاه أهل القرية‪ً ،‬‬
‫ولطرده لموسى األعرج (وبهذا تبدأ حياة العذاب لديه)‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 53‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 55‬‬

‫‪75‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫هدورا في‬
‫ً‬ ‫وعلى الرغم من كون سيف الدين يعتبر من الشخصيات النّامية؛ ّإال ّ‬
‫أن ل‬
‫حضورا في رواية‬
‫ً‬ ‫أن أق ّل ال ّ‬
‫شخصيات‬ ‫تحول حياة البطل ّ‬
‫الزين‪ .‬ومن هذا‪ ،‬نالحظ ّ‬ ‫ّ‬
‫الطيب صالح أكثرها فاعلية‪.‬‬

‫الرغم من حضوره الذي لم يتجاوز بضع صفحات؛ ّإال أنّه استطاع‬


‫فسيف الدّين وعلى ّ‬
‫أن ينقل ّ‬
‫الزين إلى عالم أوسع من البلدة التي كان يعيش فيها‪.‬‬

‫وتعرضه إلصابة على‬


‫ّ‬ ‫وذلك بعد عراكه معه أثناء عرس أخته ـ أخت سيف الدّين ـ‪،‬‬
‫مبهورا‪ ،‬وظ ّل بعد ذلك‬
‫ً‬ ‫الرأس‪ ،‬ونقله إلى المستشفى للعالج‪ .‬والذي عاد منه‬
‫مستوى ّ‬
‫طويال ال حديث له إالّ عن رحلته ّ‬
‫"أول ما وصلت يا زول قلعوني هدومي‬ ‫ً‬ ‫زمنًا‬
‫ولبسوني هدو ًما نظاف‪...‬السرير يرقش‪ .‬الماليات بيض زي اللبن‪ .‬والبطاطين والبالط‬
‫يزلّق الكراع‪ 1."...‬فكان هذا الحادث سببًا في معرفته ألشياء لم يشهدها في قريته‪.‬‬

‫تحول جديد أيضا في‬ ‫تغيرا في حياة ّ‬


‫الزين فحسب؛ بل يعدّ نقطة ّ‬ ‫ً‬ ‫هذا الحادث ال يحدث‬
‫ً‬
‫طويال‬ ‫حياة سيف الدّين‪ .‬إذ ينقلب متديّنا "وذهب من صباحه إلى أ ّمه وقبّل رأسها وبكى‬
‫سماح من أعمامه وأخواله‪،‬‬
‫بين يديها"‪ 2.‬وما يلبث أن يستغفر أمام الجميع‪ ،‬ويطلب ال ّ‬
‫صالة ويهذّب سيرته‪ ،‬ويهندم مظهره الخارجي‪ ،‬ويبتعد عن صداقاته القديمة‪.‬‬
‫ويبدأ بال ّ‬

‫أ ـ البعد الجسمي‬

‫الرواية يمكننا أن نخلص‪ ،‬إلى ّ‬


‫أن‬ ‫سيميولوجي لهذه ّ‬
‫من خالل قراءتنا وتحليلنا ال ّ‬
‫الهيئة الجسمية لـسيف الدّين عندما كان س ّك ً‬
‫يرا وبعد توبته تتّسم باالختالف‪ .‬فأيّام كان‬
‫يمتهن العربدة في الواحة كان مهلهل المظهر‪ ،‬غير مبا ٍل بطهارةِ أو أناق ِة شكله‬
‫شا كأنّه‬
‫الخارجي رغم كونه ابن أحد أكبر رجال البلدة ثرا ًءا‪ .‬إذ "كان شعره منفو ً‬
‫‪3‬‬
‫شجيرة سيال ولحيته كثّة متّسخة‪ ،‬ووجهه وجه رجل عاد من الجحيم"‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 44‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 58‬‬
‫‪ 3‬ـالطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪،‬ص ‪. 56‬‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫أ ّما بعد أن صلح رأيه و تاب إلى هللا ـ ّ‬


‫عز وجل ّـ‪ ،‬ع ّجل في هندمة هيئته ومظهره‬
‫‪1‬‬ ‫الخارجي فصار "حليق اللّحية‪ ،‬مهذّب ال ّ‬
‫شارب‪ ،‬ونظيف الثّياب"‪.‬‬

‫عا بشخصه‪.‬‬
‫أثرا وانطبا ً‬
‫فبعد الحادثة التي وقعت مع سيف الدّين‪ ،‬والتي تركت ً‬
‫نالحظ أنّها كانت سببًا في جعله سويًّا‪ ،‬سوا ًءا من حيث الشكل والهيئة‪ ،‬أم من حيث‬
‫عالقاته االجتماعية وأحواله النفسية‪".‬أخذت ال ّ‬
‫شخصية بالنمو والتطور والتغير إيجابًا‬
‫وسلبًا حسب األحداث ومعها"‪ 2.‬وهذا ما سيتّضح جليّا بعد دراستنا للبعدين اآلخرين‬
‫(االجتماعي‪ ،‬النفسي)‪.‬‬

‫ب ـ البعد االجتماعي‬

‫صائغ‪ .‬تربّى مدلّ ًال بين والديه‬


‫ينتمي سيف الدّين إلى عائلة ثريّة؛ ذلك أنّه ابن ال ّ‬
‫رخوا‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫ومردّ ذلك كونه االبن الوحيد بين خمس بنات‪ .‬م ّما أدّى إلى نشأته ه ًّ‬
‫شا‬
‫يستطيع مجابهة مصاعب الحياة‪ .‬فكان أهل القرية يعتبرونه "كال ّ‬
‫شجيرة التي تنمو في‬
‫للريح وال ترى ضوء الشمس"‪ 3.‬أنفق عليه والده ً‬
‫ماال‬ ‫ظ ّل شجرة أكبر منها‪ ،‬ال ّ‬
‫تتعرض ّ‬
‫متجرا في‬
‫ً‬ ‫كثيرا؛ ّإال أنّه لم يفلح في أ ّ‬
‫ي مجال سواء في التّعليم أم في العمل‪" ،‬أنشأ له‬ ‫ً‬
‫‪4‬‬
‫شهر‪ .‬ثم ألحقه بورشة ليتعلّم الصناعة فهرب"‪.‬‬
‫البلد فأفلس في ٍ‬

‫وتبرأ منه‪ .‬فصار بدون مكانة‬


‫ّ‬ ‫هذا ما جعل منه ّ‬
‫بط ًاال‪ ،‬السيما بعد أن طرده والده‬
‫اجتماعية‪ ،‬ال عمل له وال صناعة وال حرفة‪ ،‬ما عدا شرب الخمر والفسق مع العاهرات‬
‫في كل مدينة يح ّل بها‪.‬‬

‫بعد وفاة أبيه‪ ،‬يعود ويضع يده على تركته؛ وهذا ما زاد من استهتاره‪ .‬لكن بعد‬
‫الحادثة المأساوية التي وقعت في عرس أخته ـ عراكه مع ّ‬
‫الزين ـ‪ ،‬بدأ يصلح عالقاته‬
‫االجتماعية "جمع أعمامه وأخواله وتاب واستغفر أمامهم"‪ ،5‬وترك اللّهو والمجون‬

‫‪ .1‬نفسه‪ ،‬ص‪. 59‬‬


‫‪2‬‬
‫ـ ينظر‪ :‬عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النّص األدبي‪ ،‬ص ‪. 135‬‬
‫‪ 3‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 53‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 53‬‬
‫‪ 5‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 58‬‬

‫‪77‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫وانصرف إلى إصالح ما تبقّى من تجارة والده‪ .‬كما أنّه ابتعد عن رفقاء ال ّ‬
‫سوء وشرب‬
‫صالة‪ ،‬والقيام باألعمال الخيرية للتّحسين من سيرته ‪.‬‬
‫الخمر‪ .‬وأصبح يواظب على ال ّ‬

‫ج ـ البعد النفسي‬

‫تميّز البعد النّفسي لـسيف الدّين بالتّباين؛ حيث نجده أيّام كان س ّك ً‬
‫يرا عربيدًا‬

‫مستهترا‪ .‬عاش طريدًا في الوادي‪ ،‬وذلك بسبب عبثه وشربه‬


‫ً‬ ‫شريرا‬
‫ً‬ ‫يتّصف بكونه‬
‫للخمر‪ ،‬وفسقه مع الجواري "فكان يعيش ضائ ًعا‪ ،‬سفي ًها فاسقًا مع العاهرات في ك ّل‬
‫مدينة يح ّل بها"‪1.‬وبهذا كان زعيم الشر في البلدة‪ّ ،‬‬
‫لكن وبعد توبته ترك ك ّل صداقاته‬
‫القديمة‪ .‬بحيث صار متديّنًا‪ ،‬وخشع قلبه هلل تعالى‪ ،‬واصطفت نيّته إلى فعل الخير‬
‫بمجرد سماعِ الخطب في المسجد "أجهش طويالً بالبكاء حتى أغمي‬ ‫ّ‬ ‫فأصبح يتأثّر‬
‫لروحي الذي يحثّه على‬‫صفاء والنّقاء‪ ،‬والثّبات ا ّ‬
‫عليه"‪ 2.‬وهذا راجع إلى تأثّره بقيم ال ّ‬
‫األخالق الفضيلة‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ ‪ 2‬ـ موسى األعرج‬

‫ّ‬
‫السن يعيش‬ ‫يعدّ موسى األعرج هو اآلخر من شواذ القرية؛ إذ أنّه رجل طاعن في‬
‫منبوذًا على حافّة القرية‪ ،‬ال أهل وال معين له‪ .‬إضافة إلى كونه يعاني من العرج‪ ،‬م ّما‬
‫‪3‬‬ ‫ّ‬
‫يتفطر قلبك من كثرة ما يعاني في مشيته"‪.‬‬ ‫زاده في صعوبة حياته "فحين تراه ً‬
‫مقبال‬

‫كان عبدًا رقيقًا عند ال ّ‬


‫صائغ الذي كان يحترمه ويحبّه ويعامله معاملة حسنة"ول ّما‬
‫ّ‬
‫ولكن وبعد وفاته‬ ‫‪4‬‬
‫حريتهم‪ ،‬آثر موسى أن يبقى مع مواله"‪.‬‬
‫الرقيق ّ‬
‫منحت الحكومة ّ‬
‫واستيالء ابنه السفيه سيف الدّين على أمواله‪ ،‬بدأت حياة العذاب لـموسى األعرج‪ .‬وذلك‬
‫ً‬
‫مسؤوال عنه"‪ 5.‬فوجد نفسه وحيدًا مع‬ ‫بعد أن طرده "بح ّجة أنّه لم يعد رقيقًا‪ ،‬وأنّه ليس‬
‫الزين الذي "بنى له بيتًا من جريد‬
‫شيخوخته‪ ،‬ال أحد يعينه على مصاعب الحياة؛ سوى ّ‬
‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 55‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 59‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪،‬ص ‪. 26‬‬
‫‪ 4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪5‬‬ ‫ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 57‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫النّخل"‪ ،1‬والذي أخذ على عاتقه مسؤولية جلب المؤونة له رأفة بحاله بعد وصوله إلى‬
‫والرحمة "وتسأل موسى‬
‫ّ‬ ‫أرذل العمر‪ .‬وعلى ذلك ّ‬
‫فإن عالقتهما كانت قائمة على المودّة‬
‫األعرج عن الصداقة التي بينه وبين ّ‬
‫الزين فيقول لك وفي عينيه غشاوة من الدّمع‬
‫‪2‬‬ ‫"الزين حبابه عشرة‪ّ ،‬‬
‫الزين ودّ حالل"‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وبعد توبة سيف الدّين ورجوعه إلى جادّة ال ّ‬


‫صواب‪ ،‬راح واستسمح من موسى‬
‫بره أبوه"‪ 3.‬وأعاده ليعيش عنده حياة كريمة ‪.‬‬
‫يبر به كما ّ‬
‫"وقرر أن ّ‬
‫ّ‬ ‫األعرج‪،‬‬

‫شخصية ـ موسى األعرج ـ في إطار‬ ‫الروائي ّ‬


‫الطيب صالح قدّم لنا هذه ال ّ‬ ‫أن ّ‬‫نالحظ ّ‬
‫صل لنا في المالمح الخارجية والنّفسية المش ّكلة‬
‫كونه من شواذ القرية‪ ،‬من دون أن يف ّ‬
‫لها‪ .‬وهذا ما ينطبق على باقي ال ّ‬
‫شخصيات التي سنتطرق إليها‪ ،‬والتي من شأنها تحريك‬
‫الروائية‪.‬‬
‫األحداث ّ‬

‫‪ 4‬ـ ‪ 3‬ـ أصحاب معسكر الوسط ‪:‬‬

‫يمثّلون مجموعة من رجال البلدة‪ ،‬يش ّكلون شلّة معسكر الوسط‪ .‬وهو أكثر‬
‫يتكون من سبعة رجال وهم‪" :‬محجوب‪ ،‬عبد الحفيظ‪ّ ،‬‬
‫الطاهر‬ ‫ّ‬ ‫المعسكرات وزنًا؛‬
‫الروائي‬
‫أن ّ‬‫الريس‪ ،‬أحمد اسماعيل‪ ،‬سعيد"‪ 4.‬ونالحظ ّ‬
‫صمد‪ ،‬حمد ودّ ّ‬
‫الرواسي‪ ،‬عبد ال ّ‬
‫ّ‬
‫صل لنا في المالمح الجسدية‬ ‫قد قدّم لنا هذه ال ّ‬
‫شخصيات في مجموعة‪ ،‬دون أن يف ّ‬
‫والنفسية المميّزة لك ّل فرد‪ .‬وإنّما اكتفى بإبراز الوظيفة االجتماعية والدور الذي تقوم به‬
‫في الشلّة‪ .‬وقد امتازوا بكونهم "متقاربين في األعمار‪ ،‬بين الخامسة والثالثين والخامسة‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 27‬‬


‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 59‬‬
‫‪ 4‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 76‬‬

‫‪79‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫واألربعين‪ّ ،‬إال أحمد اسماعيل فقد كان في العشرين لكنّه بحكم مسؤوليته وطريقة‬
‫‪1‬‬
‫تفكيره كان واحدًا منهم"‪.‬‬

‫كانت أغلبية اجتماعاتهم تقام عند د ّكان سعيد؛ فنجدهم في موقف هزلي يشربون‬
‫الشاي ويضحكون ويتجادلون حول مختلف المواضيع‪ ،‬وفي الغالب كان ّ‬
‫الزين يصاحبهم‪.‬‬
‫إذ "كان في الواقع إحدى المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقهم‪ .‬كانوا يحرصون على‬
‫إبعاده عن المشاكل"‪ 2.‬ويشملونه برعايتهم‪.‬‬

‫أن مواقف الهزل واللّهو كانت قائمة بينهم فقط‪ .‬أ ّما‬
‫وهنّا ال بدّ لنا من اإلشارة إلى ّ‬
‫بالنسبة لمعامالتهم مع أهل البلدة‪ ،‬فقد كانت لهم مكانة مرموقة‪ .‬إذ أنّهم من أصحاب‬
‫النّفوذ الفعلي‪ ،‬وهذا راجع لكون ك ّل واحد منهم يملك ً‬
‫حقال أكبر من حقول بقية النّاس‪،‬‬
‫ً‬
‫فضال عن خوضهم في مجال التجارة‪.‬‬

‫هذا ما جعلهم في طليعة ك ّل أمر يقع في القرية "فكانوا ّ‬


‫الرجال الذين تلقاهم في‬
‫ك ّل أمر جليل يح ّل بالبلد‪ .‬ك ّل عرس هم القائمون عليه‪ ،‬ك ّل مأتم هم الذين يرتّبونه‬
‫فض أي نزاع قائم بين‬ ‫ّ‬
‫وينظمونه"‪ 3.‬كما يهت ّمون بأمن البلدة وأمانها‪ ،‬ويحرصون على ّ‬
‫شخصين‪ .‬كما أنّهم يأخذون على عاتقهم إيقاف العمدة عند حدّه في جمع العوائد‬
‫‪4‬‬
‫"يتصدّون لهو يقولون هذا كثير على فالن‪ ،‬وهذا معقول وهذا غير معقول"‪.‬‬

‫صواب‪ ،‬وبذلك يعدّون اللّجنة المسؤولة‬ ‫ّ‬


‫ويرشدوهن إلى ال ّ‬ ‫كما كانوا ينصحون البنات‬
‫عن كل شيء في القرية‪ .‬وقد كانوا حاضرين يوم وقعت حادثة عراك سيف الدّين‬
‫أثرا فيهم وفي نفسياتهم‪ .‬وهذا ما جعلهم يعيدون سرد الواقعة بعد‬ ‫ّ‬
‫والزين‪ ،‬والتي تركت ً‬
‫ونظرا لدورهم االجتماعي في البلدة ولصحبتهم‬
‫ً‬ ‫مرور سنوات عديدة في ك ّل لقاء لهم‪.‬‬
‫وحبّهم لـ ّ‬
‫لزين‪ ،‬وعطفهم عليه ألنّه يتيم األب‪ّ ،‬‬
‫قرروا تح ّمل مسؤولية عرسه فيما بينهم‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 76‬‬


‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 78‬‬
‫‪ 3‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 77‬‬
‫‪4‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 77‬‬
‫‪80‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫سا مهيبًا‪،‬‬ ‫ّ‬


‫ونظموا له عر ً‬ ‫سودان‪ .‬فتقاسموا المهام‪،‬‬
‫ذلك العرس الذي حضره معظم أهل ال ّ‬
‫ال يليق إال بذوي الطبقات الرفيعة‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ الشخصيات الهامشية‬

‫الرواية؛ ّإال أنّها لم‬ ‫الروائي العديد من ال ّ‬


‫شخصيات التي كان لها دور في هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫وظف ّ‬
‫الروائية كونّها "كائن ليس فعّ ًاال في المواقف واألحداث‬
‫تساهم في تحريك األحداث ّ‬
‫المروية" ‪ 1.‬ال دور لها ـ كما سبق وأشرناـ في تصاعد األحداث إذا ما قورنت‬
‫بال ّ‬
‫شخصيات المه ّمة والمحورية األخرى‪ ،‬ونقدّمها في اآلتي‪:‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 1‬ـ حليمة‬

‫للرواية‪ ،‬على أنّها بائعة الحليب‪ .‬والتي تستغ ّل خبر‬


‫تظهر في الحروف األولى ّ‬
‫لتغش آمنة في اللّبن؛ ونالحظ أنّها تتّخذ موقفًا من زواج ّ‬
‫الزين بـنعمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عرس ّ‬
‫الزين‬
‫وتبقى محافظة على هذا الموقف إلى يوم الزفاف‪ .‬فتنشر األقاويل يوم العرس على "أن‬
‫‪2‬‬
‫لزين‪ .‬اللّي ّ‬
‫تعرس الزين ما تندم‪".‬‬ ‫نعمة رأت الحنين في منامها‪ ،‬فقال لها‪:‬عرسي ا ّ‬
‫وهي بذلك تحاول إغاضة آمنة‪.‬‬

‫الروائية ـ كان لها صدارة‬ ‫صد تغييب هذه ال ّ‬


‫شخصية ّ‬ ‫الروائي تق ّ‬
‫أن ّ‬‫كما نالحظ ّ‬

‫الروائي ـ حتى يزيد في جمالية وفنية سرده لألحداث‪ .‬فبعد أن استه ّل‬
‫افتتاح هذا العمل ّ‬
‫يعرس"‪ 3.‬يخفي وجودها في‬
‫روايته بنقل حليمة لخبر زواج الزين‪" ،‬الزين مو داير ّ‬
‫العالم الحكائي‪ ،‬فهي لم تشارك في تصاعد األحداث‪ّ .‬إال أنّه يعيد إشراكها في المشاهد‬
‫تستمر في نقل أخبارها المغيظة وإشاعاتها‪ .‬فتس ّجل‬
‫ّ‬ ‫الختامية أثناء عرس الزين‪ ،‬إذ‬
‫حضورها في أجواء العرس ص ‪. 92‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 2‬ـ آمنة‬

‫‪ 1‬ـ جيراند برانس‪ ،‬قاموس السرديات‪ ،‬ص ‪. 159‬‬


‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 92‬‬
‫‪ 3‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 29‬‬
‫‪81‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫إحدى نساء البلدة‪ ،‬تشتري الحليب من حليمة ك ّل صباح قبل شروق ال ّ‬


‫شمس‪ .‬تصعق‬
‫‪1‬‬ ‫بخبر زواج ّ‬
‫الزين؛ بحيث "لم تصدّق آمنة أذنيها"‪.‬‬

‫ذلك أنّها خطبت نعمة البنها أحمد رغم عداوتها مع سعدية أم نعمة ألنّها لم ّ‬
‫تعزها‬
‫أن نعمة قاصر‪" .‬شعرت آمنة ّ‬
‫كأن في األمر‬ ‫بالرفض بحجة ّ‬
‫في والدها؛ فقوبل طلبها ّ‬
‫إساءة مو ّجهة إليها شخصيًّا"‪ 2.‬حضرت عرس ّ‬
‫الزين ونعمة‪ ،‬وهي مغتاضة على أهل‬
‫نعمة‪.‬‬

‫الرواية؛ حيث تظهر في المشهد االفتتاحي وهي‬


‫لم تحظ بحضور كبير في أحداث ّ‬
‫مرة أخرى وهي تخطب نعمة البنها ص ‪ .31‬ثم‬
‫تشتري الحليب ص ‪ .29‬وتظهر ّ‬
‫يختفي وجودها في العالم الحكائي؛ فال نس ّجل وجودها حتى احتفاالت العرس‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 3‬ـ عزة‬

‫عزة بنت العمدة أو ّل حبّ في حياة ّ‬


‫الزين‪ ،‬تمتاز بجمالها الفاتن "كانت عيناها‬ ‫تعدّ ّ‬
‫واسعتين سوداوين في وجه صافي الحسن‪ ،‬دقيق المالمح‪ ،‬ورموش عينيها طويلة‬
‫فالروائي في هذا المقام قد ارتأى إلى أن يقدم لنا المالمح الجسدية لـ ّ‬
‫عزة‬ ‫سوداء"‪ّ 3.‬‬
‫ً‬
‫جماال وحسنًا‪.‬وذلك منذ ّأول خفقة‬ ‫الزين ال يحبّ ّإال أروع الفتيات‬
‫أن ّ‬‫وذلك ليوضّح لنا ّ‬
‫يتطرق إلى الحديث عن الجانب النفسي لهذه ال ّ‬
‫شخصية‪ .‬بعد أن‬ ‫ّ‬ ‫قلب له‪ ،‬من دون أن‬
‫عشقها ّ‬
‫الزين خطبها ابن خالها الذي يعمل مساعدًا طبيًا‪.‬‬

‫سر مشاركتها‬ ‫دورا فعّ ًاال في ّ‬


‫الرواية‪ ،‬وهذا ما يف ّ‬ ‫الروائية ً‬ ‫لم يكن لهذه ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫للرواية‪.‬‬
‫الرواية ص ‪ ،19‬ث ّم تختفي من العالم الحكائي ّ‬
‫لمرة واحدة في أحداث ّ‬
‫ّ‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 29‬‬


‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 31‬‬
‫‪ 3‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 19‬‬
‫‪82‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 4‬ـ حليمة األعرابية‬

‫فتاة من عرب القوز الذين يقيمون على أطراف النّيل شمال ال ّ‬


‫سودان‪ ،‬أعجب بها‬
‫الزين"فقد فتنه جمال الفتاة وأخذته حالوة حديثها"‪ 1.‬بعد أن هام ّ‬
‫"لزين بحبّها وشاع‬ ‫ّ‬
‫تزوجها ابن القاضي‪.‬‬
‫أمرها على لسانه ّ‬

‫مرة واحدة‪ ،‬على أساس كونها الحبّ الثّاني ّ‬


‫للزين‬ ‫للرواية ّ‬
‫تظهر في العالم الحكائي ّ‬
‫ص ‪ .22‬وبعدها يختفي وجودها‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 5‬ـ علوية‬

‫لزين‪ ،‬تعلّق بها للعديد من اللّيالي‪ .‬وفي‬


‫صة حبّ لـ ّ‬
‫هي ابنة محجوب‪ ،‬تعتبر آخر ق ّ‬
‫أن ك ّل من عزة‪ ،‬حليمة‪ ،‬وعلويّة ه ّن أروع فتيات البلد جماال‪.‬‬
‫هذا الصدد يمكننا القول ّ‬
‫أن هذا الحبّ لم يكلّل ّ‬
‫بالزواج وإنّما كان ينتهي بزواج البنات‪ ،‬وينتقّل‬ ‫بهن ّإال ّ‬ ‫فتن ّ‬
‫الزين ّ‬
‫صة حبّ أخرى‪.‬‬
‫الزين لق ّ‬

‫الرواية؛ حيث أنها تمثل حب‬


‫نالحظ حضورها الضعيف وغير الفعال في عالم ّ‬
‫الروائي لمرة واحدة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الزين الثالث‪ .‬تذكر في أحداث هذا العمل ّ‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 6‬ـ سارة‬

‫هي إحدى الجواري الفاسقات ـ عاهرة ـ عشقها سيف الدّين‪ .‬كانت تشتغل في طرف‬
‫‪2‬‬
‫صحراء (الواحة) "جارية ماجنة فارغة العين‪." ...‬‬
‫ال ّ‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 55‬‬
‫‪83‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫الرواية بشكل فعّال؛ كما أنّها لم تشارك في تصاعد األحداث ّ‬


‫الروائية‪.‬‬ ‫لم تبرز في ّ‬
‫الروائي‪ ،‬والمتمثّل في رغبة سيف‬
‫بحيث تظهر في مقطع وحيد في متن هذا العمل ّ‬
‫الدّين ّ‬
‫بالزواج بها ص ‪.54‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 7‬ـ سميحة‬

‫ممرضة في مروى‪ ،‬وهي من أمدرمان‪ .‬عالجت ّ‬


‫الزين عند إصابته‪.‬‬ ‫كانت تشتغل ّ‬
‫الروائي؛ بحيث أنّها تظهر في مشهد‬
‫سرد ّ‬ ‫لم تحظ هذه ال ّ‬
‫شخصية بأه ّمية كبيرة في هذا ال ّ‬
‫واحد تمثّل في معالجتها ل ّ‬
‫ـلزين في المستشفى ص‪ .44‬ثم تتالشى وتصبح عديمة‬
‫الحضور‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 8‬ـ بنت عبد هللا‬

‫إحدى نساء القرية الذين حضرن عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬وشاركن في الفرح بالزغاريد‬
‫تتزوج في حياتها ّإال أنّها‬
‫ّ‬ ‫"فصوتها عذب وصرختها قويّة من كثرة ما زغردت"‪ 1.‬لم‬
‫تفرح لفرح اآلخرين‪.‬‬

‫شخصية على طول تصاعد األحداث الروائية؛ ّإال أنّها تكون حاضرة‬
‫لم نلحظ وجود ال ّ‬
‫في المشهد األخير وهذا في حفلة عرس ّ‬
‫الزين ص ‪. 93‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 9‬ـ سالمة‬

‫هي أيضا من النّساء اللّواتي شاركن وفرحن بزواج ّ‬


‫الزين‪ ،‬أثارت صخبًا عاليًا‬
‫الرغم من‬
‫بزغاريدها "ايوي‪ ،‬ايوي‪ ،‬ايوي‪ ،‬ايويا"‪ 2.‬تمتاز بكونها مفعمة بالحياة على ّ‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 93‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 93‬‬
‫‪84‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫تستقر مع رجل ولم‬


‫ّ‬ ‫وزوجت ولم‬
‫ّ‬ ‫تزوجت وطلّقت وطلّقت‬ ‫ّ‬
‫أن هذه الدنيا لم تسعفها" ّ‬
‫تنجب أوالدًا"‪ 1.‬رغم أنّها خفيفة الظ ّل‪ ،‬حلوة الكالم‪ ،‬جميلة المحيا‪.‬‬

‫أن هذه ال ّ‬
‫شخصية تحظى بدور ضعيف‬ ‫وفي هذا الصدد يتو ّجب علينا اإلشارة إلى ّ‬
‫وغير فعّال؛ ذلك أنّها لم تبرز في أحداث ّ‬
‫الرواية سوى في مشهد حفلة العرس ص ‪.93‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 10‬ـ فطومة‬

‫أشهر مغنّيات غربي النّيل‪ ،‬غنّت في عرس الزين‪ .‬تعدّ شخصية هامشية؛ لم تلق أ ّ‬
‫ي‬
‫الروائي‪ .‬اقتصر دورها على الغناء في احتفالية العرس‪ ،‬وذلك في‬
‫أهميّة في هذا العمل ّ‬
‫الروائي‪.‬‬
‫ختام هذا العمل ّ‬

‫‪ 5‬ـ ‪11‬ـ الطريفي‬

‫الصف عند النّاظر‪ ،‬وهو الذي ينقل خبر عرس ّ‬


‫الزين له‬ ‫ّ‬ ‫هو تلميذ يدرس في‬
‫ليبرر تأ ّخره‪.‬‬
‫"الزين ماش يعقدوله بعد باكر"‪ 2.‬فتحايل على األستاذ بهذا الخبر ّ‬

‫شخصية؛ ّإال ّ‬
‫أن لها مكانة في معمارية‬ ‫الرغم من الحضور الضّعيف لهذه ال ّ‬ ‫ّ‬
‫لكن وعلى ّ‬
‫الروائي‪ .‬وهذا راجع لكون ّ‬
‫الطريفي من يهت ّم بنشر خبر العرس في أرجاء‬ ‫هذا العمل ّ‬
‫البلدة؛ منذ بداية العمل وحتى نهايته‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 12‬ـ الحاج إبراهيم‬

‫هو والد نعمة‪ ،‬وأحد أكبر رجال البلدة نفوذًا‪ .‬وفي هذا المقام ال بدّ علينا من اإلشارة‬
‫الروائي‪ .‬فهي‬ ‫أن هذه ال ّ‬
‫شخصيات العابرة لم تحظ بالدّور الفعّال في هذا العمل ّ‬ ‫إلى ّ‬
‫الروائية‪.‬‬
‫تظهر لوهلة في مشهد عابر ثم سرعان ما تتالشى من طيّات األحداث ّ‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 12‬ـ سعدية ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 93‬‬


‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 7‬‬
‫‪85‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫هي أ ّم نعمة‪ ،‬تمتاز بجمالها وحسنها وأدبها "إنّها امرأة جميلة نبيلة المالمح‬
‫‪1‬‬
‫سلوك"‪.‬‬
‫وال ّ‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 14‬ـ إخوة نعمة‬

‫لها ثالثة إخوة‪ ،‬تعتبرهم سندًا لها في هذه الحياة‪ .‬فكان أخوها األكبر "يحثّها على‬
‫مواصلة التّعليم في المدارس"‪ ،2‬ويدعمها في قراراتها‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 15‬ـ إدريس‬

‫مدّرس في مدرسة ابتدائية‪" ،‬ينتمي إلى عائلة طيّبة ميسورة الحال"‪ 3.‬كان ذو‬
‫أخالق حميدة‪ ،‬يمتاز بحسن سيرته‪ .‬خطب نعمة لكنّها رفضت طلبه‪ ،‬رغم ّ‬
‫أن أهلها‬
‫أرادوا قبوله‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 16‬ـ البدوي الصائغ‬

‫واحد من أكبر رجال القرية ثرا ًءا‪ ،‬له نفوذ وسلطة واسعة في البلدة‪ .‬يسيطر على‬

‫صائغ ّ‬
‫ألن تلك كانت حرفته في بداية حياته"‪ ،4‬محبوب‬ ‫معظم تجارات البلدة "س ّمي ال ّ‬
‫في وسط مجتمعه كونه متواضع مع اآلخرين‪ ،‬على عكس ابنه الفاسق سيف الدّين‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ‪ 17‬ـ الشيخ علي‬

‫الروائية‪.‬‬
‫تطور األحداث ّ‬
‫أحد أصحاب الدّكاكين في البلدة؛ ال دور له في ّ‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 1‬ـ الشخصيات المرجعية‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 31‬‬
‫‪ 2‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪ 3‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪37‬‬
‫‪ 4‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬ص ‪. 52‬‬
‫‪86‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫شخصيات التّاريخية واألسطوريّة والمجازيّة؛ وإنّما‬ ‫ّ‬


‫يوظف ال ّ‬ ‫الروائي لم‬
‫أن ّ‬‫نالحظ ّ‬
‫اكتفى بتقديم شخصيات اجتماعية‪ ،‬نحو‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الناظر‬

‫معلّم في مدرسة ابتدائية‪ ،‬رجل محبوب من طرف تالميذه الذين يتغابوه في بعض‬
‫متزوج وله أوالد وبنات؛ يبلغ من العمر خمسين سنة‪ .‬رغم ك ّل هذا فتن بـنعمة‬
‫ّ‬ ‫األحيان‪.‬‬
‫عند رؤيتها‪ ،‬يستغ ّل فرصة مرض والدها لطلب يدها منه ّ‬
‫للزواج‪ ،‬لوال ّ‬
‫أن والدها تح ّجج‬
‫صة في قلبه‪ ،‬هذا ما يدفعه إلى أن يت ّخذ‬ ‫ّ‬
‫بأن "إخوانها سيعترضون"‪ 1.‬وتبقى نعمة غ ّ‬
‫موقفا حادًّا من زواجها ّ‬
‫بـالزين‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ العمدة‬

‫شخصية اجتماعية بارزة‪ ،‬حيث يعدّ رئيس اللّجنة المسؤولة عن تسيير القرية‪.‬‬
‫عزة ـ وشغّله في إصالح حقله "مقابل وعده‬
‫الزين بعد معرفته بحبّه البنته ـ ّ‬
‫استغ ّل ّ‬
‫يزوج ابنته بمساعد طبي‪.‬‬ ‫بزواجها"‪ 2.‬ل ّ‬
‫كن في نهاية المطاف ّ‬

‫‪ 6‬ـ ‪ 2‬ـ الشخصيات اإلشارية‬

‫‪ ‬أم الزين‬

‫الروائي مه ّمة الحديث‬ ‫الرواية ّ‬


‫الزين‪ .‬أسند لها ّ‬ ‫شخصية نسائية‪ ،‬هي والدة بطل ّ‬
‫ستارا‬
‫ً‬ ‫وسرد األحداث حول ابنها ّ‬
‫الزين‪ ،‬منذ والدته وحتى يوم زفافه‪ .‬وهي بذلك تعدّ‬
‫الرواية‪" ،‬اختبئ وراء‬
‫الروائي لكي ال يظهر هو كسارد لألحداث داخل ّ‬
‫يختفي وراءه ّ‬
‫شخصية مميزة بشكل كبير"‪ 3.‬أعطى لها وظيفة سرد األحداث الروائية‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪. 80‬‬


‫الزين‪ ،‬ص ‪. 20‬‬ ‫‪ 2‬ـ الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫شخصية الروائية‪ ،‬ص ‪3. 36‬‬
‫ّ‬ ‫ـ ينظر‪ :‬فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬
‫‪87‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫ّ‬
‫يوظفها‬ ‫الروائي الطيب صالح لم‬
‫أن ّ‬ ‫أ ّما بالنسبة لل ّ‬
‫شخصيات االستذكارية فنالحظ ّ‬
‫الرواية‪.‬‬
‫في هذه ّ‬

‫‪ -‬سنحاول في هذا الجدول التّركيز على فئة معيّنة من شخصيات روايتنا استنادًا على‬
‫الروائية‪:‬‬ ‫الجدول الذي قدّمه فيليب هامون في كتابه سيميولوجية ال ّ‬
‫شخصيات ّ‬

‫الجنس‬ ‫المحاور‬
‫االيديولوجيا الثّروة‬ ‫األصل‬
‫الجغرافي‬ ‫مؤنث‬ ‫مذ ّكر‬ ‫ال ّ‬
‫شخصيات‬

‫شخصيات‬ ‫ال ّ‬
‫‪-‬‬ ‫الرئيسية‬
‫ّ‬
‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬

‫ّ‬
‫الزين‬

‫شخصيات‬ ‫ال ّ‬
‫الثّانوية‬

‫‪+‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫نعمة‬

‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الحنين‬

‫شخصيات‬ ‫ال ّ‬
‫النّامية‬

‫موسى‬
‫‪-‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫األعرج‬

‫سيف الدين‬
‫‪+‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬
‫‪88‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫معسكر‬
‫‪+‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الوسط‬

‫لرواية‪.‬‬ ‫شخصيات الرجاليّة هي ّ‬


‫الطاغية في هذه ا ّ‬ ‫أن ال ّ‬
‫نالحظ من خالل الجدول ّ‬
‫سلبية‬ ‫فعالمة (‪ )+‬ترمز إلى حضور السمة في ال ّ‬
‫شخصية‪ ،‬أ ّما عالمة (‪ )-‬فترمز إلى ال ّ‬
‫أ ّما عالمة(‪ )0‬فتعني ّ‬
‫أن هذه السمة لم تذكر من األساس؛ ومنه يمكن تقديم تحليل لما‬
‫أوردناه في الجدول أعاله‪.‬‬

‫الرواية ـ رئيسية ثانوية‪،‬‬ ‫إذ أنّه وبعد قراءتنا وتحليلنا ال ّ‬


‫سيميولوجي المع ّمق لشخصيات ّ‬
‫ّ‬
‫مسطحة‪ ،‬نامية‪ ،‬عابرة‪ ،‬مرجعية‪ ،‬إشارية‪ ،‬استذكارية ـ التي هي مح ّل دراستنا في‬
‫رواية عرس ّ‬
‫الزين‪ .‬يمكننا القول ّ‬
‫بأن‪:‬‬

‫الرجالية؛ لكن المالحظ‬ ‫كثيرا مقارنة بال ّ‬


‫شخصيات ّ‬ ‫ً‬ ‫شخصيات النّسائية يق ّل‬
‫عدد ال ّ‬
‫الروائي وبفضل عبقريته استطاع أن يحقّق توازنًا في المقابلة بين‬
‫أن ّ‬‫من طرفنا ّ‬
‫شخصية النّسائية البطلة نعمة‪ ،‬والتي هي مح ّل إعجاب وفتنة لجميع أهل البلدة‪ ،‬وبين‬
‫ال ّ‬
‫الرغم من الحضور الضّئيل لـنعمة ّإال أنّه‬ ‫الرجالية المحوريّة ّ‬
‫الزين‪ .‬فعلى ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫تم ّكن من أن يصنع لها وزنًا وبعدًا في أحداث ّ‬
‫الرواية مقارنة بشخصية ّ‬
‫الزين التي تدور‬
‫الروائية حولها ‪.‬‬
‫جميع األحداث ّ‬

‫التصرفات الغريبة‪ ،‬والذي تتباين اآلراء حوله‪ .‬بحيث يراه البعض‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فـالزين الدرويش ذو‬
‫مصدرا للبركة‪ ،‬ينجح في ّ‬
‫الظفر بأجمل وأنبل فتاة في البلدة‬ ‫ً‬ ‫مسلّيًا‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫زوجة له‪ ،‬وفي كسب احترام ومودّة الجميع‪.‬‬

‫الروائي في نسج أبعاد هذه ال ّ‬


‫شخصية‬ ‫وهنا تتجلّى لنا الفيزياء النّادرة التي ّ‬
‫وظفها ّ‬
‫صورها لنا الطيب صالح‪،‬‬
‫ي إنسان أن يمتلكها‪ .‬والسيما في البيئة التي ّ‬
‫التي ال يمكن أل ّ‬
‫سودان على مسافة‬
‫الروائية تنتمي إلى نفس البيئة في شمال ال ّ‬ ‫أن ك ّل ال ّ‬
‫شخصيات ّ‬ ‫ذلك ّ‬

‫‪89‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" لطيب صالح‬

‫من مروى‪ .‬وفي الحقيقة إذا ما عدنا إلى سيرة الطيب صالح‪ ،‬يمكننا أن نخلص إلى أنّه‬
‫سودانية‪.‬‬
‫قد أراد تصوير مسقط رأسه من خالل تصويره لهذه المنطقة ال ّ‬

‫أ ّما بالنّسبة لالنتماء االيديولوجي‪ ،‬فإنّنا نالحظ عدم حضوره في ّ‬


‫الرواية سوى مع‬
‫الرواية بتجسيده للخلفية الميتافيزيقية‬
‫شخصية الحنين‪ ،‬الذي يضفي البعد الديني في ّ‬
‫لألحداث‪.‬‬

‫يخص الجانب المادّي فقد الحظنا تباينا واضحا بين ال ّ‬


‫شخصيات؛ إذ نجد‬ ‫ّ‬ ‫وفيما‬
‫شخصيات فقيرة معدمة‪ ،‬ال مكانة اجتماعية لها نحو‪ّ :‬‬
‫الزين‪ ،‬الحنين‪ ،‬وموسى األعرج‪.‬‬

‫كما نجد شخصيات ذات مكانة ونفوذ كبيرين في البلدة نحو‪ :‬نعمة ابنة الحاج‬
‫إبراهيم‪ ،‬سيف الدين‪ ،‬ومعسكر الوسط‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫خاتمــــــة‬
‫خاتمــــــــــة‬

‫لقد أفضى بحثنا إلى جملة من النتائج‪ ،‬نوردها في اآلتي‪:‬‬

‫يخص اإلنسان في مختلف نواحي واقعه‬


‫ّ‬ ‫الرواية كجنس أدبي تهت ّم بك ّل ما‬
‫إن ّ‬‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫المعيش بطريقة فنية جمالية‪ ،‬هذا ما أكسبها مكانة أدبية متميّزة‪.‬‬
‫الروائية من أه ّم العناصر السردية التي يقوم عليها العمل‬ ‫‪ -‬تعدُّ ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الروائي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬تتّفق المعاجم اللّغوية القديمة التي أشرنا إليها حول مفهوم مو ّحد لل ّ‬
‫شخصية؛ إذ‬
‫أنّها ترتكز على إعطاء مفهوم لل ّ‬
‫شخص يبرز الصفات التي تميّزه عن اآلخر‪.‬‬
‫الموظفة في البحث من خالل تعريفاتها اللّغوية‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬كشفت المعاجم الحديثة‬
‫شخصية‪ ،‬على الصفات الفيزيولوجية التي تميّز ال ّ‬
‫شخصية عن غيرها‪.‬‬ ‫لل ّ‬
‫شخصية في النظريات والمقاربات‪ ،‬ففي نظرية علم النفس تمثّل‬
‫‪ -‬يختلف مفهوم ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫شخصية البعد الفيزيولوجي والسيكولوجي الذي يكشف عن سلوك اإلنسان‪ .‬أ ّما‬
‫الكالسيكيون والرومنسيون فقد أعطوا نظرة تقديس في تصويرهم لل ّ‬
‫شخصية‪،‬‬
‫على عكس الشكالنيين الذين رفضوا هذا الطرح واعتبروا ال ّ‬
‫شخصية كائنًا‬
‫لغويًا‪.‬‬
‫شخصية هي‬ ‫الرغم من االختالف القائم‪ ،‬اتّفق النقّاد والباحثون على ّ‬
‫أن ال ّ‬ ‫‪ -‬على ّ‬
‫الرواية‪.‬‬
‫العنصر الجوهري الذي تقوم عليه أحداث ّ‬
‫للتصور التقليدي للبنيويين والشكالنيين حول‬
‫ّ‬ ‫مغايرا‬
‫ً‬ ‫‪ -‬قدّم فيليب هامون تعريفًا‬
‫الروائية؛ فقد درس ال ّ‬
‫شخصية من منظور لساني قائم على‬ ‫مفهوم ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫ثنائية الدّال والمدلول‪ .‬وهو بذلك يكون أقرب للّسانيات؛ بحيث قام بتحليل‬
‫فضال عن تصنيفه للعالمات اللّغوية المختلفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية وفق ثالث محدّدات‪،‬‬
‫شخصية تصنيفات عديدة ومختلفة‪ ،‬إذ نجد تصنيفًا عا ًّما يشمل‪ :‬ال ّ‬
‫شخصية‬ ‫‪ -‬لل ّ‬
‫الرئيسية والثانوية‪ ،‬العابرة‪ ،‬النامية والمسطحة‪ .‬وذلك وفق قيمة ال ّ‬
‫شخصيات‬ ‫ّ‬
‫الروائي‪.‬‬
‫ومدى حضورها وتأثيرها في أحداث العمل ّ‬

‫‪109‬‬
‫خاتمــــــــــة‬

‫يخص فيليب هامون والذي يقوم على ثالث فئات‪ :‬الفئة‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬كما نجد تصنيفًا‬
‫المرجعية واإلشارية واالستذكارية‪ .‬وهذا راجع إلى ارتباط ال ّ‬
‫شخصيات بالحدث‬
‫الرئيسي ومدى تأثيرها وتفاعلها مع األحداث‪.‬‬
‫شخصيات‪،‬‬ ‫إن رواية عرس ّ‬
‫الزين للطيب صالح غنية باختالف وتعدّد أنواع ال ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫وتفرده‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وهذا ما زاد في جمالية هذا العمل األدبي‬
‫‪ -‬يجب أن يقوم بناء ك ّل شخصية روائية على تكامل مجموعة من األبعاد‬
‫المختلفة‪ :‬الجسمية‪ ،‬النفسية‪ ،‬واالجتماعية‪.‬‬
‫الروائي‪ ،‬إذ أنّه سعى إلى إبراز‬
‫‪ -‬هذا التو ّجه عمل السارد على إبرازه في عمله ّ‬
‫وتوضيح هذه األبعاد من خالل المالمح الخارجية واألوصاف النفسية‬
‫الرواية‪ ،‬السيما شخصية البطل‬
‫واألوضاع االجتماعية لمختلف شخصيات ّ‬
‫الرواية حول أوضاعه االجتماعية والجسمية‬ ‫الزين التي دارت ج ّل أحداث ّ‬ ‫ّ‬
‫ونفسيته المتقلّبة‪ .‬ك ّل هذه العوامل تساعد في إظهار وتبسيط المشهد للقارئ ليفهم‬
‫سبب دهشة أهل القرية من عرس ّ‬
‫الزين‪.‬‬
‫‪ -‬لم يقتصر الطيب صالح في تقديمه لل ّ‬
‫شخصيات من مختلف النواحي على‬
‫شخصية البطل‪ ،‬وإنّما أعطى لك ّل شخصية وزنًا وبعدًا ساهم في تضخيم عمله‬
‫شخصيات‪ .‬وهنا تتجلّى عبقرية‬
‫الروائي من خالل تقديم لمحة عن مختلف ال ّ‬
‫ّ‬
‫الروائي في نسج أحداث روايته‪.‬‬
‫ّ‬
‫األول دارت أحداثها حول‬
‫الرواية قضية إنسانية اجتماعية‪ ،‬في المقام ّ‬
‫‪ -‬عالجت ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الزين ذلك األبله‪ ،‬الدرويش‪ ،‬قبيح المظهر‪ ،‬الذي ال ينتمي إلى طبقة‬
‫اجتماعية معيّنة‪ ،‬واستطاع أن يكسب مودة‪ ،‬واحترام أهل القرية‪ ،‬وذلك بالقيم‬
‫والمبادئ التي يحملها‪ ،‬والقلب الذي ينبض رأفة لك ّل محتاج‪ .‬وهذا ما ال نجده في‬
‫قوته في أضعف خلقه‪ ،‬فاإلنسان ال يقاس بماله‬ ‫باقي ال ّ‬
‫شخصيات‪ .‬فاهلل قد يضع ّ‬
‫وجماله‪ ،‬بل بأخالقه وطيبة قلبه ودرجة إنسانيته‪.‬‬
‫‪ -‬ونحن نختم هذا البحث‪ ،‬وكلّنا أمل أن يَفت َح هذا البحث آفاقًا جديدة لدراسات‬
‫مستقبلية أكثر عمقًا ونض ًجا‪ .‬وما توفيقي ّإال باهلل عليه نتو ّكل وإليه ننيب‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫خاتمــــــــــة‬

‫‪111‬‬
‫قائمــــــــــة‬

‫المصــــادر‬

‫والمراجــع‬
‫قائمـــة المصــــادر والمراجـــــع‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال ‪ :‬المعاجم‬

‫‪ 1‬ـ إبراهيم فتحي‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية‪ ،‬المؤسسة العربية للناشرين المتحدين‬
‫التعاضدية العمالية‪ ،‬صفاقس‪ ،‬تونس‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 1986 ،‬‬

‫‪ 2‬ـ أبو الفضل ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬المجلد السابع‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ط‬
‫‪. 2005 ،04‬‬

‫‪ 3‬ـ مجدي وهبة وكامل المهندس‪ ،‬معجم المصطلحات العربية في اللّغة واألدب‪ ،‬مكتبة‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪. 1984 ،02‬‬

‫‪ 4‬ـ شوقي ضيف ومجموعة من الباحثين‪ ،‬معجم الوسيط‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬د‪ .‬م‬
‫جمهورية مصر العربية‪ ،‬ط ‪. 2004 ،04‬‬

‫ثانيًا‪ :‬المراجع باللغة العربية‬

‫الرواية المغاربية‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬


‫‪ 1‬ـ إبراهيم عباس‪ ،‬تقنيات البنية السردية في ّ‬
‫لالتصال والنشر‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ب‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت ‪.‬‬

‫‪2‬ـ ّ‬
‫الطيب صالح‪ ،‬عرس ّ‬
‫الزين‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 1988 ،‬‬

‫الروائي‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ب‪ ،‬ط ‪. 2011 ،01‬‬


‫‪ 3‬ـ جميل حمداوي‪ ،‬مستجدات النقد ّ‬

‫الروائي في أعمال إبراهيم نصر هللا‪ ،‬دار الكنبي‪ ،‬د‪ .‬م‪،‬‬


‫‪ 4‬ـ هيام شعبان‪ ،‬السرد ّ‬
‫األردن‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 2004 ،‬‬

‫‪ 5‬ـ حميد الحمداني‪ ،‬بنية النّص السردي (من منظور النقد األدبي)‪ ،‬المركز الثقافي‬
‫العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط ‪. 1991 ،01‬‬

‫الروائي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬


‫‪ 6‬ـ حسن بحراوي‪ ،‬بنية الشكل ّ‬
‫المغرب‪ ،‬ط ‪. 1990 ،01‬‬
‫‪113‬‬
‫قائمـــة المصــــادر والمراجـــــع‬

‫الرواية النسائية الفلسطينية‪ ،‬دار أوغاريت‪ ،‬د‪ .‬م‪،‬‬


‫‪ 7‬ـ حفيظة أحمد‪ ،‬بنية الخطاب في ّ‬
‫فلسطين‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 2007 ،‬‬

‫‪ 8‬ـ يوسف نجم‪ ،‬فن القصة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪. 1966 ،05‬‬

‫‪ 9‬ـ محمد بوعزة‪ ،‬تحليل النص السردي‪ ،‬تقنيات ومفاهيم‪ ،‬الدار العربية للعلوم‬
‫والناشرون‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪. 2010 ،01‬‬

‫‪ 10‬ـ محمد بوعزة‪ ،‬الدليل إلى التحليل السردي (تقنيات ومناهج)‪ ،‬دار الحرف للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط ‪. 2007 ،01‬‬

‫‪ 11‬ـ محمد معتصم‪ ،‬ال ّ‬


‫شخصية والقول والحكي في لعبة النسيان لمحمد برادة‪ ،‬دراسة‬
‫نصية تحليلية‪ ،‬مكتبة الرسالة ومكتبة األمنية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط ‪. 1995 ،01‬‬

‫‪ 12‬ـ محمد عزام‪ ،‬الخطاب السردي‪ ،‬تقنيات ومفاهيم‪ ،‬الدار العربية للعلوم الناشرون‪،‬‬
‫الجزائر العاصمة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط ‪. 2010 ،01‬‬

‫الروائي عند نجيب‬ ‫‪ 13‬ـ محمد علي سالمة‪ ،‬ال ّ‬


‫شخصية الثانوية ودورها في المعمار ّ‬
‫محفوظ‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط ‪. 2007 ،01‬‬

‫‪ 14‬ـ مرشد محمد‪ ،‬البنية والداللة في روايات إبراهيم نصر هللا‪ ،‬دار فارس‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط ‪. 2005 ،01‬‬

‫سيرة الشعبية‪ ،‬المركز الثقافي‬


‫‪ 15‬ـ سعيد يقطين‪ ،‬قال الراوي‪ ،‬البنيات الحكائية في ال ّ‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪. 1997 ،01‬‬

‫‪ 16‬ـ عبد القادر أبو شريفة‪ ،‬مدخل إلى تحليل النّص األدبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫ط ‪. 2008 ،04‬‬

‫الرواية (بحث في تقنيات السرد)‪ ،‬عالم المعرفة‪،‬‬


‫‪ 17‬ـ عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية ّ‬
‫د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ب‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 1998 ،‬‬

‫‪114‬‬
‫قائمـــة المصــــادر والمراجـــــع‬

‫‪ 18‬ـ عز الدين اسماعيل‪ ،‬األدب وفونه‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د‪ .‬ط‪،‬‬
‫‪. 2013‬‬

‫الروائي ـ دراسات في ّرواية نجيب الكيالني ـ ‪ ،‬عالم‬


‫‪ 19‬ـ شريف حبيلة‪ ،‬بنية الخطاب ّ‬
‫الكتب الحديثة‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬األردن‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 2010 ،‬‬

‫سيرة وشهادات من محطة العمر‪ ،‬دار الكتب‪،‬‬ ‫‪ 20‬ـ خالد محمد غازي‪ّ ،‬‬
‫الطيب صالح ّ‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬د‪ .‬ط‪. 2015 ،‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المراجع المترجمة‬

‫‪ 1‬ـ أحمد محمد عبد الخالق‪ ،‬األبعاد األساسية لل ّ‬


‫شخصية‪ ،‬تقديم‪ :‬هانز أيزنك‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط ‪. 1987 ،04‬‬

‫‪ 2‬ـ جيراند برانس‪ ،‬قاموس السرديات‪ ،‬ترجمة‪ :‬السيد إمام‪ ،‬ميريت للنشر والمعلومات‪،‬‬
‫قصر النيل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط ‪. 2003 ،01‬‬

‫الروائية‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬تقديم‪ :‬عبد‬ ‫‪ 3‬ـ فيليب هامون‪ ،‬سيميولوجية ال ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫الفتاح كيليطو‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الالذقية‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط ‪. 2013 ،01‬‬

‫رابعًا‪ :‬المجالت والدوريات‬

‫أ ـ المجالت اإللكترونية‬

‫‪ 1‬ـ مجلة كلية اآلداب‪ ،‬العدد ‪ ،102‬د‪ .‬س‪ ،‬قسم اللّغة العربيّة‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ب‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مجلة فكر الثقافية‪ ،‬د‪ .‬ع‪ ،‬الثالثاء‪ 19‬يونيو ‪ ،2018‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ب‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ شبكة الجزيرة اإلعالمية‪ ،‬د‪ .‬ع‪ 23 ،‬فيفري ‪ ،2009‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ب‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫فهــــــــــــرس‬

‫الموضوعات‬
‫فهـــــــرس الموضوعـــــــات‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫المحتوى‬
‫مقدمة‪.......................................................................‬أ‪ /‬ث‬

‫‪ 1‬ـ أهمية‬ ‫مدخل‪14..........................................................................‬‬


‫الروائية‪15....................................................‬‬ ‫ال ّ‬
‫شخصية ّ‬

‫‪ 2‬ـ ال ّ‬
‫شخصية والمكونات السردية‪17..........................................‬‬

‫‪ ‬المكان‪17..................................................‬‬
‫‪ ‬الزمن‪21...................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفاهيم نظرية حول الشخصية الروائية‪.‬‬

‫الروائية‪24....................................................‬‬ ‫‪ 1‬ـ مفهوم ال ّ‬


‫شخصية ّ‬

‫أ ـ لغة‪24.........................................................................‬‬

‫ب ـ اصطالحا‪26.................................................................‬‬

‫الروائية عند "فيليب هامون"‪28.......................................‬‬ ‫‪ 2‬ـ ال ّ‬


‫شخصية ّ‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 1‬ـ مفهوم ال ّ‬


‫شخصية عند‬
‫"هامون……‪28………………………………....‬‬

‫‪ 2‬ـ ‪ 2‬ـ محدّدات ال ّ‬


‫شخصية عند "هامون"‪30........................................‬‬

‫الروائية‪33.....................................................‬‬ ‫‪ 3‬ـ أنواع ال ّ‬


‫شخصية ّ‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 1‬ـ تصنيف عام‪33............................................................‬‬

‫‪ ‬ال ّ‬
‫شخصية الرئيسية‪33......................................................‬‬
‫‪ ‬ال ّ‬
‫شخصية الثانوية‪34.......................................................‬‬
‫‪117‬‬
‫فهـــــــرس الموضوعـــــــات‬

‫‪ ‬ال ّ‬
‫شخصية العابرة (الهامشية)‪35............................................‬‬
‫‪ ‬ال ّ‬
‫شخصية النامية (المدّورة)‪36...............................................‬‬
‫‪ ‬ال ّ‬
‫شخصية المسطحة (البسيطة)‪37...........................................‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 2‬ـ تصنيف خاص عند "هامون"‪38............................................‬‬

‫‪ ‬الفئة المرجعية‪38...........................................................‬‬
‫‪ ‬الفئة اإلشارية‪39............................................................‬‬
‫‪ ‬الفئة االستذكارية‪40........................................................‬‬

‫الروائية‪42.................................................‬‬ ‫‪ 4‬ـ أبعاد ال ّ‬


‫شخصية ّ‬

‫أ ـ البعد الجسمي‪43............................................................‬‬

‫ب ـ البعد االجتماعي‪44........................................................‬‬

‫ج ـ البعد النفسي‪ 45............................................................‬الفصل الثاني‬


‫‪ :‬الشخصيات الواردة في رواية "عرس الزين" للطيب صالح‬

‫‪ .1‬ملخص رواية " عرس ّ‬


‫الزين"‪48................................................‬‬
‫‪ .2‬أقسام شخصيات رواية "عرس ّ‬
‫الزين"‪57........................................‬‬
‫‪ .3‬أبعاد شخصيات رواية "عرس ّ‬
‫الزين"‪61.........................................‬‬

‫خاتمة‪109....................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪113..................................................‬‬

‫فهرس الموضوعات‪119.......................................................‬‬

‫مالحق‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مالحـــــق‬
‫مـالحـق‬

‫‪ 1‬ـ التعريف بالروائي الطيب صالح‪:‬‬

‫سودان بقرية كرمكول بالقرب‬


‫ولد الطيب محمد صالح أحمد في إقليم مروى شمالي ال ّ‬
‫من قرية دبة الفقيرة سنة ‪1929‬م‪.1‬‬

‫األولي في كتّاب قريته البسيطة‪ ..‬وشارك والده حياة ّ‬


‫الفالحين من رعي‬ ‫تلقّى تعليمه ّ‬
‫وتخرج من المدرسة الثّانوية الوحيد في منطقته‪ ..‬وجاء‬
‫ّ‬ ‫والزراعة وجمع التّمر‪..‬‬
‫األغنام ّ‬
‫إلى الخرطوم لكنّه لم يكمل الدّراسة بها ألنّها لم تناسب ميوله‪ ،‬وانصرف إلى العمل‬
‫سطة (اإلعدادية)‪.‬‬
‫سا في صفوف المرحلة المتو ّ‬
‫مدر ً‬
‫ّ‬

‫سافر إلى لندن عام ‪ ،1952‬نال شهادة في ال ّ‬


‫شؤون الدولية في انجلترا ‪..‬أي قبل‬
‫سودان عام ‪ ..1956‬تلك اللّحظة في لقاء الغرب ظلّت تسم حياته وإبداعه‬
‫استقالل ال ّ‬
‫سودان ظ ّل تيمته األثيرة في‬ ‫الرغم من ّ‬
‫أن تصويره للقرية في شمال ال ّ‬ ‫الروائي‪ ،‬على ّ‬
‫ّ‬
‫سردية من خالل ترجمة سردية واقعية أحيانا وتقترب من ّ‬
‫الالمعقول في‬ ‫معظم أعماله ال ّ‬
‫تحول به ذلك المكان بالغ التّواضع إلى مكان كوني‪.‬‬
‫أحيان أخرى‪ ،‬وهذا الفعل ّ‬

‫ظ ّل بعيدًا عن وطنه معظم حياته‪ ،‬عمل في هيئة اإلذاعة البريطانية أكثر من عشرين‬
‫سنة حتّى صار رئي ً‬
‫سا لقسم الدراما‪ ،‬وفي عام ‪ 1974‬قدّم استقالته من تلك اإلذاعة التي‬
‫انتشارا في العالم العربي‪ ..‬سافر بعدها إلى دولة قطر‪ ..‬وشغل‬ ‫ً‬ ‫كانت أكثر اإلذاعات‬
‫منصبًا رفيعًا بوزارة اإلعالم والثقافة القطرية ‪ ..‬ث ّم عمل ممث ّ ًال لليونسكو لمنطقة الخليج‬
‫مديرا إقليميًا في ّ‬
‫منظمة اليونسكو في باريس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ضا‬
‫العربي‪ ،‬وعمل أي ً‬

‫تزوج فيها من األسكتلندية جوليا‬ ‫ّ‬


‫محطته التي يعود إليها دو ًما‪ ،‬والتي ّ‬ ‫وكانت لندن هي‬
‫ماكلين عام ‪ ،1965‬وأنجب ثالث بنات (زينب‪ ،‬سارة‪ ،‬وسميرة)‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وحياته مثلما هي كتاباته‪ ،‬لم تكن سوى محاولة لردم تلك الهوة فيما بين شرق وغرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ الطيب صالح‪ ...‬عبقري الرواية العربية‪ ،‬مجلة فكر الثقافية‪ ،‬الثالثاء‪ 19،‬يونيو‪ ،2018‬الساعة‪.11.34 :‬‬
‫‪ 2‬ـ خالد محمد غازي ‪ ،‬الطيب صالح سيرة و شهادات من محطة العمر ‪ ،‬دار الكتب ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مصر ‪ ،‬د‪.‬ط ‪،‬‬
‫‪ ، 2015‬ص ‪.21 ،20‬‬
‫مـالحـق‬

‫أ‪ .‬إنجازاته‬

‫الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثالثين لغة وهي‪:‬‬


‫كتب الطيب صالح العديد من ّ‬

‫‪ ‬موسم الهجرة إلى ال ّ‬


‫شمال ‪.‬‬
‫‪ ‬عرس ّ‬
‫الزين ‪.‬‬
‫‪ ‬مريود ‪.‬‬
‫ضو البيت ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬دومة ودّ حامد ‪.‬‬
‫‪ ‬منسى ‪.‬‬

‫تعتبر روايته موسم الهجرة إلى ال ّ‬


‫شمال واحدة من أفضل مائة رواية في العالم‪ .‬وقد‬
‫مرة في أواخر الستّينات من القرن‬
‫ألول ّ‬
‫حصلت على العديد من الجوائز‪ .‬ونشرت ّ‬
‫العشرين في بيروت وت ّم تتويجه كعبقري األدب العربي‪ .‬وفي عام ‪ 2001‬ت ّم االعتراف‬
‫بكتابه من قبل األكاديمية العربية في دمشق على أنّه صاحب ّ‬
‫الرواية العربية األفضل‬
‫في القرن العشرين‪.‬‬

‫‪ -‬أصدر الطيب صالح ثالث روايات وهي عدّة مجموعات قصصيّة قصيرة ‪.‬‬
‫حولت روايته عرس ّ‬
‫الزين إلى دراما في ليبيا ‪ ،‬ولفيلم سينمائي من إخراج‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫سبعينات حيث فاز في مهرجان كان‪.‬‬
‫المخرج الكويتي خالد صدّيق في أواخر ال ّ‬
‫ب‪ .‬جائزة الطيب صالح العالمية لإلبداع الكتابي‬

‫أطلقت جائزة أدبية تحمل اسمه بمناسبة الذّكرى السنويّة األولى لوفاته‪ ،‬وذلك في‬
‫سودان والوطن‬ ‫صة القصيرة‪ ،‬تشجيعًا ّ‬
‫للفن والثقافة في ال ّ‬ ‫والرواية‪ ،‬والق ّ‬
‫ّ‬ ‫مجاالت النّقد‪،‬‬
‫العربي‪.‬‬

‫ت‪ .‬وفاته‬

‫‪ 1‬ـ محمد العلي ‪ ،‬الطيب صالح سيرة مبدع عربي ‪ ،‬شبكة الجزيرة اإلعالمية ‪23 ،‬ـ ‪02‬ـ ‪ ، 2009‬الساعة‪. 11:34 :‬‬
‫مـالحـق‬

‫توفي الطيب صالح في يوم الثالثاء ‪ 17‬فبراير عام ‪ 2009‬في لندن‪ ،‬وشيع جثمانه‬
‫في مقابر البكري بأم درمان يوم الجمعة ‪ 20‬فبراير في السودان‪ ،‬حيث حضر مراسم‬
‫سوداني‬ ‫العزاء عدد كبير من ال ّ‬
‫شخصيات البارزة والكتاب العرب يتقدمهم الرئيس ال ّ‬
‫‪1‬‬
‫عمر البشير‪.‬‬

‫‪ .2‬اللهجة العامية السودانية في رواية الطيب صالح عرس الزين‬

‫الروائي في سرده أحداث‬


‫حافظ الطيب صالح على فصاحة العبارة في المتن ّ‬
‫صة‬ ‫الرواية‪ ،‬إال أنّه استعمل التعابير الخاصة من الواقع في الحياة ال ّ‬
‫سودانية خا ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 1‬ـ الطيب صالح ‪ ...‬عبقري الرواية العربية ‪ ،‬مجلة فكر الثقافية ‪ ،‬الثالثاء ‪ 19‬يونيو ‪ ، 2018‬الساعة‪. 11:34 :‬‬
‫مـالحـق‬

‫سودانية على‬
‫أوالعربية عا ّمة‪ .‬ونالحظ ذلك في الحوارات التي وظف فيها العامية ال ّ‬
‫ألسنة ال ّ‬
‫شخصيات المختلفة‪.‬‬

‫‪ ‬فمن التعابير ال ّ‬
‫سودانية‬

‫ـ آ‪ :‬يا النداء ‪.‬‬

‫ـ زول‪ :‬شخص‪ ،‬رجل ‪.‬‬

‫ـ ّ‬
‫كت‪ :‬كنت ‪.‬‬

‫ـ ماك‪ :‬ليس ‪.‬‬

‫ـ داير‪ :‬يريد ‪.‬‬

‫ـ لي‪ :‬حرف الجر الالم ‪.‬‬

‫ّ‬
‫قست‪ :‬قصدت ‪.‬‬ ‫ـ‬

‫ـ بحري‪ :‬شمالي ‪.‬‬

‫ـ حبابك عشرة‪ :‬تحية ودعاء‪ ،‬والظاهر أن األحباب هم العشرة المبشرون بالجنة‪( .‬كل‬
‫هذه األلفاظ مستخرجة من متن رواية الطيب صالح)‪.‬‬

‫سودانية الريفية التي نشأ فيها‪،‬‬


‫وهذا راجع إلى كون الطيب صالح قد تأثر بالبيئة ال ّ‬
‫إضافة إلى أسباب أخرى نذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬الذكريات الدافئة الحميمية التي التصقت بذاكرته منذ سنوات طفولته وصباه‬
‫الباكر التي نعم فيها بالحياة في قريته الريفية‪ ،‬والتي نعم فيها بالوداعة الهانئة‬
‫بين أحبابه وأترابه‪.‬‬
‫‪ ‬غربته لسنوات طوال قد عمقت في ذاته هذا االلتصاق الحميم ببيئته‪ ،‬وكشفت‬
‫اعتزازه الصادق النتمائه إليها‪.‬‬
‫مـالحـق‬

‫سودانية األصلية‪ ،‬ومشدود إلى لغة الشعب‪.‬‬


‫فأسلوب الطيب صالح متأثر بالروح ال ّ‬

‫‪ 3‬ـ تحديدات مصطلحية‬

‫‪A‬‬

‫ـ ممثل ‪Acteur.............................................................................‬‬

‫ـ أفعال‪Actions............................................................................‬‬

‫ـ صفات‪Adjectifs.........................................................................‬‬

‫ـ مساعد‪Adjoint...........................................................................‬‬

‫ـ قضية‪Affaire.............................................................................‬‬

‫ـ مسطحة‪Allongé.........................................................................‬‬

‫ـ النفس‪Ame................................................................................‬‬

‫ـ تحليل‪Analyse...........................................................................‬‬

‫ـ الركيزة‪Armature.......................................................................‬‬
‫مـالحـق‬

Art....................................................................................‫ـ الفن‬

Audience........................................................................‫ـ االنتباه‬

Bases..............................................................................‫ـ مبادئ‬

Camouflage.....................................................................‫ـ تنكر‬

Capacité...........................................................................‫ـ قدرة‬

Caractères...................................................................‫ـ خصائص‬

Catégorie..........................................................................‫ـ الفئة‬

Central..........................................................................‫ـ مركزي‬

Circonstances...............................................................‫ـ مجريات‬

Classement....................................................................‫ـ تصنيف‬

Classique........................................................................‫ـ تقليدي‬

Compagnie......................................................................‫ـ مرافق‬

Conception....................................................................‫ـ التصور‬

Constante.........................................................................‫ـ ثابتة‬
‫مـالحـق‬

Convocations.............................................................‫ـ استدعاءات‬

Corporel.........................................................................‫ـ جسمي‬

Crédule...........................................................................‫ـ بسيطة‬

Culture............................................................................‫ـ الثقافة‬

Début...............................................................................‫ـ بداية‬

Décrire...........................................................................‫ـ وصف‬

Désignation....................................................................‫ـ إشارية‬

Dialogue..........................................................................‫ـ حوار‬

Dimension........................................................................‫ـ البعد‬

Discours.........................................................................‫ـ خطاب‬

Dualisme..........................................................................‫ـ ثنائية‬

Echange...........................................................................‫ـ تبادل‬

Ecrivain............................................................................‫ـ كاتب‬

Eléments.......................................................................‫ـ عناصر‬
‫مـالحـق‬

Enquêteur........................................................................‫ـ باحث‬

Equilibre.........................................................................‫ـ توازن‬

Esthétisme......................................................................‫ـ جمالية‬

Etiquettes.......................................................................‫ـ سمات‬

Etre.................................................................................‫ـ كائن‬

Evénements................................................................. ‫ـ األحداث‬

évolution.....................................................................‫ـ التطور‬

Fantastique.................................................................‫ـ أسطورية‬

Fonction..........................................................................‫ـ وظيفة‬

Héros..............................................................................‫ـ البطل‬

Historicité......................................................................‫ـ تاريخية‬

Humain...........................................................................‫ـ بشري‬

Humeur..........................................................................‫ـ المزاح‬

Hypothèse.....................................................................‫ـ فرضية‬

I
‫مـالحـق‬

Identité...........................................................................‫ـ الهوية‬

Imagination.....................................................................‫ـ الخيال‬

Indice..............................................................................‫ـ إشارة‬

Interprétation.................................................................‫ـ التأويل‬

Interférences...............................................................‫ـ تداخالت‬

Langue...............................................................................‫ـ لغة‬

Lecteur...........................................................................‫ـ القارئ‬

Lecture...........................................................................‫ـ القراءة‬

Littéraire.........................................................................‫ـ األدب‬

Manivelle........................................................................‫ـ مدورة‬

Marginalisé....................................................................‫ـ هامشية‬

Marque..........................................................................‫ـ العالمة‬

Masque...........................................................................‫ـ القناع‬

Mémoire.........................................................................‫ـ ذاكرة‬

Mentalement...................................................................‫ـ عقلي‬
‫مـالحـق‬

Métaphorique...............................................................‫ مجازية‬-

Narrateur.......................................................................‫ـ السارد‬

Narration..........................................................................‫ـ سرد‬

Niveaux.......................................................................‫ـ مستويات‬

Officine...........................................................................‫ـ البؤرة‬

Onophoriquos..............................................................‫ـ المتكررة‬

Passante..........................................................................‫ـ عابرة‬

Personnage...................................................................‫ـ شخصية‬

Perspective....................................................................‫ـ منظور‬

Physique........................................................................‫ـ جسمي‬

Polarisation..................................................................‫ـ استقطاب‬

Précaution.......................................................................‫ـ عناية‬

Preuve..............................................................................‫ـ دليل‬

Principale.....................................................................‫ـ الرئيسية‬
‫مـالحـق‬

Programmes....................................................................‫ـ برامج‬

Pronom..........................................................................‫ـ ضمير‬

Psychologique....................................................‫ سيكولوجي‬،‫ـ نفسي‬

Réalité.............................................................................‫ـ الواقع‬

Récit.................................................................................‫ـ قصة‬

Référentiel....................................................................‫ـ مرجعية‬

Recru...............................................................................‫ـ نامية‬

Relations.......................................................................‫ـ عالقات‬

Role..................................................................................‫ـ دور‬

Roman.............................................................................‫ـ رواية‬

Secondaire......................................................................‫ـ ثانوية‬

Sens.................................................................................‫ـ معنى‬

Signe..................................................................................‫ـ دال‬

Signification......................................................................‫ـ داللة‬

Signifie............................................................................‫ـ مدلول‬
‫مـالحـق‬

Sociale.........................................................................‫ـ اجتماعي‬

Structurel........................................................................‫ـ بنيوي‬

Sujet ............................................................................‫ـ موضوع‬

Survivance.....................................................................‫ـ ديمومة‬

Terme...............................................................................‫ـ اللفظ‬

Texte...............................................................................‫ـ النص‬

Traits..............................................................................‫ـ مالمح‬

Transformations............................................................‫ـ تحوالت‬

Travail..............................................................................‫ـ عمل‬

Types...............................................................................‫ـ أنواع‬

Variable..........................................................................‫ـ متغيرة‬

Visage...............................................................................‫ـ وجه‬

Visibilité...........................................................................‫ـ رؤية‬
‫مـالحـق‬

‫‪ 4‬ـ لوحة مفاتيح ‪:‬‬

‫ـ بدون تاريخ ‪ :‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ـ بدون طبعة ‪ :‬د‪ .‬ط‪.‬‬

‫ـ بدون ذكر البلد ‪ :‬د‪ .‬ب‪.‬‬

‫ـ دون مدينة ‪ :‬د‪ .‬م‪.‬‬

‫ـ دون ذكر العدد ‪ :‬د‪ .‬ع‪.‬‬

‫ـ دون تاريخ ‪ :‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ـ تحقيق ‪ :‬تح‪.‬‬

‫ـ ترجمة ‪ :‬تر‪.‬‬

‫ـ تقديم ‪ :‬تق‪.‬‬
‫مـالحـق‬

‫‪ 5‬ـ صور ‪:‬‬


‫مـالحـق‬
‫مـالحـق‬

‫خريطة السودان‬
‫مـالحـق‬

‫قرية كرمكول والتي دارت فيها أحداث رواية "عرس ّ‬


‫الزين" للطيب صالح‪.‬‬

You might also like