Professional Documents
Culture Documents
مذ
ك الكلمة من حيث الحذف والذكر في القرآن الكريم
ر -الربع األول – أنموذجا
ة
مق
دمة ضمن متطلبات الحصول على شهادة ليسانس في األدب العربي ،تخصص
لسانيات تطبيقية
-عديلة فلاير
الموسم الجامعي2021/2022:
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
-عديلة فلاير
الموسم الجامعي2021/2022:
كلمة شكر
قال صلى اهلل عليه و سلم ” :الَّلُه َّم ِإِّني َأُع وُذ ِب َك ِم ْن َقْلٍب َال َيْخ َش ُع ،وِم ْن ُد َع اٍء َال ُيْس َم ُع،
َو ِم ْن َنْفٍس َال َتْش َبُعَ ،و ِم ْن ِع ْلٍم َال َيْن َفُع “
عونه لنا.
األستاذ
« زميط محمد »
لنا من نصائح
وتوجيهات قيمة.
كما نشكر
كثيرًا في توجيهنا
نفسيا وعلى كل ما قدمه لنا من النصائح.
ومعنويًا.
عديلة فلاير
إهداء
هات BB B Bه أه BB B Bديها إلى من ق BB B Bال فيهم BB B Bا اهلل ع BB B Bز إن لك BBل جه BBد ثم BBرة ،والثم BBرة المتواض BBعة
وهن BBا على وهن وفص BBاله في ع BBامين أن أش BBكر لي ولوال BBديك إلي المص BBير}،
إلى
إلى من قال فيهما الرحٰم نَ« :و ُقْل َر ِّبي اْر َح ْمُهَم ا َك َم ا َر َّبَياِن ي َص ِغ يًر ا»
إلى من ملأتBBني حنانًBا وسBكنت همسBاتها قلBBبي وأضBBاءت كلماتهBBا ودعواتهBBا دربي إلى أمي
« -نازلي».
فلاير عديلة
المقدمة
مقدمة :
الحمد هلل مسبغ النعم ودافع النقم ،وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ،خالق األمم
من ع BBدم ،وأش BBهد أن س BBيدنا محم BBد عب BBده ورس BBوله ،أفص BBح الع BBرب والعجم ،ص BBلى اهلل علي BBه
إَّن اللغة العربية منBذ أن شBرفها اهلل وِا ختارهBا لتكBون لغBة القBرآن الكBريم حظيت بالحفBظ
إذ تعهد اهلل بحفBظ كتابBه الكBريم فيهBاِ{ :إَّن ا َنْح ُن َنَّز ْلَن ا الِّBذ ْك َر َو ِإ َّن ا َل ُه َلَح اِف ُظوَن } (الحجBر،)6:
وقد امتازت بالوفرة الّلغوية وتنBوع طرائBق التعبBير ومنهBا الحBذف فاللغBة العربيBة لغBة إيجBاز
وأقرب طريق لإليجاز هBو الحBذف ،ومنهBا الBذكر في اللغBة العربيBة ،فاللغBة العربيBة كمBا هي
-إن موض BBوعا الح BBذف وال BBذكر مج BBاالن خصB Bبان وق BBد تناولهم BBا علم BBاء ك BBثر ك BBان لهم BBا
الفضBBل في السBBبق العلمي وبيBBان كثBBير من جوانبهمBBا وحقائقهمBBا والوقBBوف على أهميتهBBا
في اللغة.
-وقد إرتآينا أن ندرس هاذين المجالين مبرزان مفهومهما ومضBBمونهما رغبتًBا وحبًBا منBBا
لهBذا الموضBوع ونظBرًا كمBا يكتسBبه الحBذف والBذكر من أهميBة بالغBة في اللغBة العربيBة،
-كل هذه التساؤالت واإلشكاالت وغيرها نتعرف عليها في ثنايا هذه الدراسة.
أ
-أما عن خطة البحث فقد ارتأينا أن نجعلها في مقدمة يليها بابان.
-
حيث جBBاء فص ًBال تنظيري ًBا لظBBاهرة الحBBذف والBBذكر عنBBد النحBBاة والبالغيBBون حيث تضBBمن
فصلين:
والفصل الثاني تضمن أيضًا مبحثين حيث تكلم عن ظاهرة الذكر عند النحاة والبالغيين:
أما الباب الثاني تناولنا فيه الجانب التطبيقي حيث قسمناه إلى فصلين:
خالل رحلة البحث ،أما عن المنهج الBBذي ِا عتمBBدناه في البحث ،منهجي الوصBBف واالسBBتقراء
حيث أفادنBBا منهج االسBBتقراء في ِا سBBتقراء وتتبBBع مواضBBع الحBBذف والBBذكر في القBBرآن الكBBريم،
ومن ثم تحليلها والوقوف على دالالتها وأسرارها ،أما منهج الوصBف فقBد أفادنBا في وصBف
أَّم ا عن الدراس BBات الس BBابقة للموض BBوع فهن BBاك مجموع BBة كب BBيرة تن BBاولت ظ BBاهرة الح BBذف
والذكر
ب
-وقد اعتمدنا في بحثنا على هذه المراجع باإلضافة إلى مصادر ومراجع أخBBرى هي:
بالغ BBة الكلم BBة للس BBمرائي ،منهج الش BBيح أمحم BBد أطفيش في تفس BBيره تيس BBير التفس BBير ،لمحم BBد
مصطفى درويش الخواجا ،والتحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور ،والكشاف للزمخشري.
-وككل باحث تعيق طريقه صعوبات ومعوقات ،فصعوبتنا كاملة في تعلBBق موضBBوعنا
لكتاب اهلل مما فرض علينا مزيدًا من الحيطة والحذر خوف الخطأ في كتاب اهلل عز وجل.
-وال يفوتونBBا في هBBذا المقBBام واجب الشBBكر إلى كBBل من سBBاعدنا في إنجBBاز هBBذا العمBBل،
نخص بالذكر األستاذ المشرف الذي نورنا بتوجيهاتBBه ونصBBائحه وإ رشBBاداته ،سBBائلين المBBولى
عBBز وجBBل أن يوفقBBه في مسBBيرته العلميBBة والعمليBBة ،هBBو وكBBل أسBBاتذة اللغBBة العربيBBة وآدابهBBا
ج
الباب األول:
الجانب النظري
الفصل األول :الحذف عند النحاة والبالغيين
تمهيد:
إن اللغة العربيBة ومنBذ أن شBرفها اهلل واختارهBا لتكBون لغBة القBرآن ،حظيت بالحفBظ وقBد
ِا متازت بالوفرة اللغوية ومنها الحذف في اللغة العربية ،لغة اإليجاز وأقرب طريق لإليجاز
فهو الحذف وقد يكون الكالم فيه أوقع وأبلغ ويؤدي من المعاني ماال تؤديه اإلطناب.
فموضوع الحذف موضوع خصب وقBد تناولBBه العلمBBاء بطريقBBة كبBBيرة وكBBان لهم الفضBBل
في السبق العلمي وبيان كثير من جوانبه وحقائقه والوقوف على أهميته في اللغة.1
قال ابن منظور« :حذف :حذف الشيء يحذفه حذفًا :قطعBBه من طرفBBه ،والحجBBام بحBBذف
الش BBعرة من ذل BBك ،والُح َذ اَف ُة :ماُح ِذ ف من ش BBيء َفُط ِّر َح ،وَخ َّص الّلحَي اِني ِب ِه ُح َذ اَف َة األديم
األزهBB Bري :تحBB Bذيف الشBB Bعر تطريحBB Bه وتسBB Bويته ،وإ ذا أخBB Bذنا من نواحيBB Bه ماتسBB Bتويه بBB Bه فقBB Bد
حذفته».2
وفي الِّص حاح :حذف رأسه بالسيف ْح ذفًا َض ربُتُه َفَقَطَع ِّم نُه ِقْطَع ة.
والحBBذف :الBBرمي عن جBBانٍب ،والَّض رب عْن جBBانب ،تقBBولَ :ح ذف يحBBذف حBBذفًا ،وحذفBBه
ح BBذفًا :ض BBربه عن ج BBانب أو رم BBاُه عنُB Bه ،وَح ذف BBه بالعص BBا وبالس BBيف يحذف BBه ح BBذفًا وُتَح ِّذ َف ُه:
وفي الحديث « سووا بالصBBفوف» ،وفي روايٍBة « :تراُّص وا بينكم في الصBBالة ال تتخالكم
وفي رواية كأوالء الحذف يزَع ُم ون أَّنها على صور هذه الغنم ،قال:
ِإَّال الَقَها ُد َمَع الَقَهبي والَح َّذ في.3 َفَأْص َبَح ْت الَّد اْر َقَفُر ا َال َأِنيَس ِبَها ***
-كما قال الجوهري :حذفَ :ح ذٌف الشيء :إسقاطه ،يقال :حذفت منBه شBعري ومن ذئب
الدابBBة ،أي أخBBذت .والحذافBBة :ماحذفتBBه من األديم وغBBيره ،ويقBBال أيض ًBا :مBBا في رحلBBه
حذافBBة ،أي :شBBيء من الطعBBام ،قBBال يعقBBوب :يقBBال :أكBBل الطعBBام فمBBا تBBرك منBBه حذافBBة،
واحتمل رحلة وما ترك منه حذافBة ،وحBذفت بالعصBBا ،أي :رميتBBه بهBBا ،وحBذفت رأسBه
بالسيف ،إذ ضربته وقطعت منه قطعة ،و حذفة :اسم فBرس خالBد بن جعفBر بن كالب،
وفيها يقول - :فمن يك سائًال عني فإني وحذفة كالشجا تحت الوريد -وحذفه تحذيفًا،
الح BBذف ظ BBاهرة من الظ BBواهر ال BBتي تع BBتري ك BBل اللغ BBات فه BBو إذن ليس وقفًB Bا على اللغ BBة
6
العربية دون غيرها من اللغات بل ظاهرة لغوية عامة.
غBB Bير أنهBB Bا ظBB Bاهرة تكBB Bون في بعض اللغBB Bات أكBB Bثر وضBB Bوحًا من غيرهBB Bا .ونحن نقصBB Bد
بالخصوص اللغة العربية فهذه الظاهرة مترسBخة في اللغBة العربيBة ال يمكن االسBتغناء عنهBا
4الِّص َح اْح – تاج اللغة – وصحاح العربية ،مرتب ترتيبا ألفبائيا وفق أوائل الحروف ،أبي نصر
إسماعيل بن حماد الجوهري ،ص.233
والبلغBBاء عموم ًBا يميلBBون إلى االختصBBار ،وحBBذف مBBا يجب حذفBBه في الكالم أو حBBذف مBBا
يمكن لسامع فهمه اعتمادا على القرائن الدالة عليه ومن المنطقي أن يحBBذف لفظًBا من الكالم
إَّن البالغBBة هي وصBBف الكالم بحسBBن الداللBBة وتمامهBBا فيمBBا كBBانت لBBه ،وتBBرج الداللBBة في
صBBور بهيBBة تسBBتوي على هBBوى النفس وتنBBال الحض األوفBBر من المطلBBوب ويتم ذلBBك بتBBوفر
عاملين مهَّم ين وهما :أن يؤتى المعنى من الجهة الBBتي هي أصBBح لتأديتBBه وأن يختBBار المعBBنى
فالبالغة في تأدية المعنى بكالم فصيح سBBليم من كBBل األخطBBاء أو هي بلBBوغ المعBBنى بكالم
مBB Bؤثر أو حسBB Bن الموقBB Bع في النفس بشBB Bرط مراعBB Bاة المسBB Bتمعين للكالم أيض ًB Bا ،ولBB Bذلك يجب
الحBBذف ظBBاهرة لغويBBة عامBBة تشBBترك فيهBBا اللغBBات اإلنسBBانية ،حيث يميBBل بعض النBBاطقون
إلى حBذف بعض العناصBر المكBررة في الكالم ،أو إلى حBذف مBا يمكن لسBامع فهمBه ِا عتمBادًا
على الق BBرائن المص BBاحبة حالي BBة ك BBانت أو عقلي BBة أو لفظي BBة ،كم BBا ق BBد يع BBتري الح BBذف بعض
ظاهرة الحذف وغرضها البالغي في اللغة العربية – نماذج من القرآن الكريم – إعداد تونسي حورية 5
الق BBرآن الك BBريم والش BBعر الع BBربي ،وه BBو من الظ BBواهر ال BBتي ت BBدرس ض BBمن أح BBوال الخ BBبر من
7
زاوية اإلسناد بطرفيه.
كما جاء في كتاب عبد القاهر الجرجاني :الحذف كما سBبقت اإلشBارة ،ممBBا يكسBب الكالم
روعBBة وجمBBاًال ،لBBذلك أبBBدع الكتBBاب والشBBعراء في إبBBرازه بأوجBBه متعBBددة لهBBا بيانهBBا وسBBحرها
في نفس القBBارئ والسBBامع ،ومكانBBه الفسBBيح ضBBمن تحليBBل عبBBد القBBاهر الجرجBBاني السBBيما في
دالئBBل اإلعجBBاز وفي أسBBرار البالغBBة يBBبين مقBBدار الحBBذف في الّتعبBBير عن المعBBنى الBBذي هBBو
لقBBد أكBBد الجرجBBاني مBBا للحBBذف من أهميBBة ،ألنBBه يكسBBب اللغBBة متانBBة ،والكالم قBBوة ،فتنبهBBر
النف BBوس لس BBحره العجيب فيأس BBره كأَّن ه س BBحر ،وم BBرد ذل BBك إلى أن ت BBرك اإلفص BBاح ه BBو أبل BBغ
إفصاح ،واإلشادة تغBBني عن العبBBارة ،بBBل إّن السBكوت في بعض األحيBBان أبلBBغ جوابًBا وأجمBBل
بيانًا.8
وه BBذا يع BBني أَّن الح BBذف البالغي ال BBذي عرض BBه ل BBه الجرج BBاني ،إنم BBا ه BBو الح BBذف ال BBذي ال
يظهر لنا إال عندما نتصBفح المعBنى ونجBده ال يكتمBل إال بمراعاتBه ،وهBو النBوع الBذي تناقشBه
البالغة ويظهر فيه جوهر التعبير وروعBBة األسBلوب ودقيBBق البيBBان ،وقBد قBال أمBBير المؤمBBنين
دروس في البالغة العربية نحو رؤية جديدة ،األزهر الزناد ،ص.97 7
دالئل اإلعجاز في علم المعاني ،عبد الظاهر الجرجاني ،تحقيق أبوه فهد محمود محمد شاكر ،ص 8
.106
علي بن أبي ط BBالب رض BBي اهلل عن BBه" :م BBا رأيت بليغ ًBا قBBول إال ول BBه في الق BBول إيجBBاز" ،وفي
المعاني إطالة.9
وقيل للفرزدق" :ما ميزك إال القصBBار بعBBد الطBBوال؟ فقBBال :ألّني رأيتهBBا في الصBBدر أوقBع،
ويظهر من هذا أنBه مBادام المعBنى هBو المقصBود في الكالم ،فأقصBر نفBوذ يوصBل إليBه هBو
المحدود ،كما أّن ه لو كان هناك طريقان أقصر من اآلخر ،فاألصوب هو السير في الطريBق
لقBBد عBBرض الجرجBBاني لظBBاهرة الحBBذف ،في كتابBBه دالئBBل اإلعجBBاز ،حيث عقBBد باب ًBا سBBماه
بBB Bاب الحBB Bذف ونكتBB Bه ،مسBB Bتكهنًا في مواضBB Bع الجمBB Bال والروعBB Bة في حBB Bذف المبتBB Bدأ والفعBB Bل
والمفعول به خصوصًا ،أما في أسرار البالغة فقد تطرق للحذف ومتى يعد من المجاز.
8
القBول في الحBذف :هBو بBاب دقيBق المسBلك ،لطيBف المأخBذ ،عجيب األمBر ،شBبيه بالسBحر،
فإنBBك تBBرى بBBه تBBرك الBBذكر ،أفصBBح من الBBذكر ،والصBBمت عن اإلفBBادة ،أزيBBد لإلفBBادة ،وتجBBدك
أنط BBق م BBا تك BBون إذا لم تنط BBق ،وأتم م BBا تك BBون بيانًB Bا إذا لم تبن ،وه BBذه الجمل BBة تنكره BBا ح BBتى
الحذف البالغي في القرآن الكريم ،مصطفى عبد السالم أبو شادي ،ص.19 9
المرجع السابق ،دالئل اإلعجاز في علم المعاني ،عبد القادر الجرجاني ،ص.106 11
تخبر ،وتدفعها حتى تنظر ،وأنا أكتب لك بديئًا أمثلة مما عBBرض فيBBه الحBBذف ثم أنبهBBك على
الحBBذف في دالئBBل اإلعجBBاز :حBBذف المبتBBدأ :يBBذكر عبBBد القBBاهر الجرجBBاني مواضBBع لحBBذف
وُك ُّل َحْي َر اَن جاٍر ماُؤ ُه َخ ِض ُل *** ْب َق ا َأَذ اَع ال ِص اُت ِبِه
ُم ْع َر َر ٌع ْو ٌء
هم حلول من الشرف المعلى *** ومن حسب القشيرة حيث شاؤوا
قلبي عشية ترميني وأرميني ترنو بعيني مهاة أقصدت بهما ***
ريا العظام بالين العيش غانيها *** هيفاء مقللة ،عجزاء مدبرة
المرجع السابق ،دالئل اإلعجاز في علم المعاني عبد القاهر الجرجاني.105 – 104 ، 12
9
حذف الفعل :حيث يحذف الفعل الذي نصب اسما ظاهرًا ،ومثله نصب ديار على إظهار
نال حذف المفعول به نصBBيبًا وافBرًا من تحليBBل الجرجBاني ،مشBيرًا إلى أَّن حBال الفعBBل مBBع
المفع BBول ال BBذي يتع BBدى إلي BBه حال BBه م BBع الفاع BBل ،ويض BBيف الجرج BBاني أن ح BBذف المفع BBول ليس
ضرب زيد:
الغرض :إثبات الضرب فعله ،إلفادة وجود الضرب في نفسه على اإلطالق.
الغ BBرض :التب BBاس الض BBرب الواق BBع من األول بالث BBاني ووقوع BBه علي BBه ك BBان ض BBرب ،وق BBع
13المرجع السابق ،دالئل اإلعجاز في علم المعاني عبد القاهر الجرجاني ،ص .108 – 107- 106
فالن يح BBل ويعق BBد ،وي BBأمر وينهي ،ويض BBر وينف BBع ،وكق BBولهم :ه BBو يعطي ويج BBزل ويق BBرى
ويضBBيف .المعBBنى :إثبBBات المعBBنى في نفسBBه للشBBيء على اإلطالق ،فكBBأن المتكلم قBBال :صBBار
إليه الحل والعقد ،وصار بحيث يكون منه حل وعقد وأمر ونهي ونفع.14
يقBال :ذكBBر الشBيء ذكBBرًا ،وذكBBرًا وذكBBرى ،وتBBذكارًا ،أي حفظBBه واستحضBBره وجBرى على
لسانه بعد نسيانه ،وأعلمه ولم يضيعه وأظهره ،وأعلنه ،ومنBه الBذاكرة ،أي اسBتنكار المعلBوم
في الذهن 15ومنه الذاكرة أي ضد النسيان والذكر :الصيت والثناء والتذكرة ،مBBا تسBBتذكر بBBه
الحالة 16على هذا األساس دارت معاني الذكر ،وتراوحته مرادفاتBBه فهم ،اإلظهBBار واإلعالن
وهBBو مBBدعاة للمحBBذوف ،و بBBه يعلم ويعBBرف ويBBدرك المحBBذوف ،وهBBو واسBBطة لBBه وحبس لBBه
ودليBBل عليBBه وال يبعBBد المعBBنى االصBBطالحي كثBBيرًا عن المعBBنى اللغBBوي ،فهBBو في اصBBطالح
وتوطيBBد لBBه في النفس ،ويكBBون في ذكBBره فصًBال عن ذلBBك معBBان ال تسBBتفاد إذا حBBذف" 17هكBBذا
للذكر بالغته ،لذا يقتضي المعنى وجوده ،وللحBBذف بالغتBBه ،ومن ثم يتحتم وجوبBBه ،وبين
هذا وذاك قBرائن ودالئBل ملزمBة على تمBام المعBنى وكمالBه وقBد أقBر البالغيBون ومعهم النحBاة
بBBأن الBBذكر ذو قيمBBة -آيBBة قيمBBة -جليلBBة في ترسBBيخ المعBBنى فهBBو إذ يBBؤتي بBBه لزيBBادة تقريBBر
المعنى وإ يضاحه ،كما في قولهُ " :أْو َٰٓلِئَك ٱَّلِذ يَن َص َد ُقوْاۖ َو ُأْو َٰٓلِئَك ُهُم ٱْلُم َّتُقوَن " 18كما أّن ه يزيBBد
الكالم بس BBطة كم BBا في قول BBهَ ":و َيْس َٔـ ُلوَنَك َع ِن ٱلُّB Bر وِح ۖ ُقِل ٱلُّB Bر وُح ِم ْن َأْم ِر َر ِّبى " 19وال BBذكر
أيضًBا أكBBد في المعBBنى ولBBو فتشBBت في أسBBباب الBBذكر لوجBBدتها منصBBبة ومركBBزة على وصBBول
المع BBنى ل BBدى الس BBامع إذ ه BBو محوره BBا وعموده BBا الفق BBري ومن ذل BBك ،أن ال BBذكر ي BBأتي ل BBداع
خطير ،إنه ضعف التعويل على القرنية ،فالمبدع حينما يدرك أنه يحذفBه وإ سBقاطه كالمًBا مBBا
فإنه الشك أدخل إبداعه ههنا دائرة الغموض ،واإللباس والتعمية وبالتالي فال غنم وال فائBBدة
ترجى منه ،فيقصد إلى الذكر ويذكر ما يخشBى من عBBدم فهمBBه معBBنى ومبBBنى أضBBف إلى كBBل
11
ما سبق وقيل ،السBياق ،سBياق المقBام والحBال ،فالسBياق وحBده ،وحBده فقBط بBرغم المبBدع على
يكش ال BBذكر ويش BBتد ،ح BBتى تب BBدوا المع BBاني واض BBحة جلي BBة في النف BBوس ه BBذا عن ال BBذكر ،أم BBا
دواعي الحBBذف ،فتBBأتي أيض ًBا بغيBBة االختصBBار وبعBBدًا عن المكBBر والسBBأم والثقBBل (السBBمعي)،
يأتي الذكر ليدفع ببناء الجملة خطوات متالحقة مشBBارعة في بالغتهBBا وتحقيBBق مقاصBBدها،
ومن ثم مقاص BBد المتكلم المب BBدع لتوثي BBق ع BBرى العالق BBة بين BBه وبين المتلقى ،فم BBا من ش BBك أن
الحBBذف -بالBBذات -هBBو العالقBBة الBBتي تربBBط بين هBBذا وذاك ولئن لجBBأ المبBBدع إلى للحBBذف،
وجعله سبيًال لعمله ،فهو في جنوحه هBذا قBد استشBعر المتلقى وفكBر بBه ال منBه ووضBع نفسBه
الجدير بالّذ كر أن ظاهرة الذكر والحذف درست بادئ األمر نحويًا والغرو في ذلك فعلم
المعBBاني مBBا هBBو إال صBBورة ممتBBدة لعلم النحBBو ،ثم أضBBيف إليBBه مBBا أضBBيف من حس وتBBذوق
بالغيين ،بل لقد نادت أصوات وتعالت صيحات بفصBBل علم المعBBاني عن البالغBBة وإ رجاعBBه
إلى األص BBل ،إلى األمم ،إلى النح BBو الع BBربي ،وهي دع BBوة قديم BBة حديث BBة في آٍن ،قديم BBة حيث
دعBBا إليهBBا عبBBد القBBاهر الجرجBاني بBBل إنBBه راح يطبقهBBا بالفعBBل وذاك من خالل تناولBBه لنظريBBة
النظم الBBتي مBBا كBBانت لتBBأتي لBBه وتتـأتى إال عن طريBBق النحBBو ،بحيث هBBذه النظريBBة إذن ،من
خالل الBBتركيب النحBBوي ثم إنهBBا حديثBBة من حيث إن "النحBBو العBBربي أحBBوج مBBا يكBBون إلى أن
رأيي أن يكون علم المعاني قمة الدراسة النحوية أو فلسBBفتها إن صBBح هBBذا التعبBBير وتأسيسًBا
21
على مBBا سBBبق يمكن القBBول بكBBل تأكيBBد أن دراسBBة الظBBاهرة «الBBذكر والحBBذف تبBBدو أكBBثر صBBلة
12
الباب الثاني:
21اللغة العربية معناها ومبناها – تمام حسان – ص.18
22المصدر نفسه ،ص.18
الجانب التطبيقي
تمهيد :
ق BB Bد يح BB Bذف في التعب BB Bير الق BB Bرآني من الكلم BB Bة نح BB Bو (اس BB Bتطاعوا) و(اس BB Bطاعوا) ،و(تت BB Bنزّل)
و(تنزل) ،و(توفBاّهم) ،و(لم يكن) و(لم يBك) ومBا إلى ذلBك.وكBل ذلBك لغBرض وليس اعتباطBا،
ّ
فالتعبير القرآني تعبBير فBني مقصBود ،كBل كلمBة ،بBل كBل حBرف إنمBا وضBع لقصBد23،حيث ال
خالف بين أهBB B B Bل العلم أن التعبBB B B Bير القBB B B Bرآني فريBB B B Bد في علBB B B Bوه وسBB B B Bموه وأنBB B B Bه أعلى كالم
وأرفع BBه،وأن BBه به BBر الع BBرب فلم يس BBتطيعوا مدانات BBه واإلتي BBان بمثل BBه م BBع أن BBه تح BBداهم أك BBثر من
24
مرة.
إن الق BBرآن يح BBذف من الكلم BBة لغ BBرض ،وال يفع BBل ذل BBك إال لغ BBرض ،ومن ذل BBك على س BBبيل
المثال:
أنه يحذف من الفعل للداللة على أن الحدث أقBل ممBا لم يحBذف منBه،وأن زمنBه أقصBر،ونحBو
ذلك،فهو يقتطع من الفعل للداللة على االقتطBاع من الحBدث،أو يحBذف منBه في مقBام اإليجBاز
واالختصار،بخالف مقام اإلطالة والتفصيل25،وكذا االسم والحرف ،وعلى اثر هBBذا سBنتناول
في هذا الفصل مواضيع حذف األسماء و األفعال و الحروف في القرآن الكريم.26
23بالغة الكلمة في التعبير القرآني ،الدكتور فاضل صالح الَّس امرائي ،ص.11
24التعبير القرآني ،الدكتور فاضل صالح الَّس امرائي ،ص.9
25ينظر ،بالغة الكلمة في التعبير القرآني ،الدكتور فاضل صالح الَّس امرائي ،ص.11
26عبد المجيد شاري و عبد العزيز غزالي.الحذف و دالالته في تسيير التفسير للشيخ ألفّيش ،مذكرة تخرج
مقدمة لنيل شهادة ماستر في اللغة و األدب العربي ،ص.24
المبحث األول :الحذف في األسماء
قوله تعالىُ ":ز ِّيَن ِلَّلِذ يَن َك َفُر وْا ٱْلَحَي ٰو ُة ٱلُّBد ْن َيا َو َيْس َخ ُر وَن ِم َن ٱَّلِذ يَن َء اَم ُن وْاۘ َو ٱَّلِذ يَن ٱَّتَق ْو ْا -
َفْو َقُهْم َيْو َم ٱْلِق َٰي َم ِة ۗ َو ٱلَّلُه َيْر ُز ُق َم ن َيَش ٓاُء ِبَغْي ِر ِح َس اٍب " ،27والتزيين جعل الشيء زينBBا أو
14للجع BB Bل وي BB Bأتي للنس BB Bبة ك BB Bالتعليم وكالتفس BB Bيق
االحتج BB Bاج لكون BB Bه زين BB Bا،ألن التفعي BB Bل ي BB Bأتي
والتزكية ،والزين شدة الحسن ،ومعنى تزيين الحيBBاة لهم ،إمBBا أن مBBا خلBBق زينBBا في الBBدنيا
لهم أم BBور كث BBيرة :منه BBا خل BBق بعض األش BBياء حس BBنة بديع BBة كمحاس BBن ال BBذوات والمن BBاظر،
ومنهBB Bا إلقBB Bاء حسBB Bن بعض األشBB Bياء في نفوسBB Bهم وهي غBB Bير حسBB Bنة كقتBB Bل النفس ،ومنهBB Bا
إعراض BBهم عمن ي BBدعوهم إلى اإلقب BBال على األم BBور النافع BBة ح BBتى انحص BBرت ٍه َمُمُهم في
التوغBBل من المحاسBBن الظBBاهرة الBBتي تحتهBBا العBBار لBBو كBBان باديBBا ،ومنهBBا ارتياضBBهم على
االنكباب على الBذات دون الفكBر في المصBالح ،إلى غBير ذلBك من أمBور يصBلح كBل منهBا
قال تعالىَ ":م َٰتٌع َقِليٌل ُثَّم َم ْأَو ٰى ُهْم َج َهَّنُم ۚ َو ِبْئ َس ٱْلِم َهاُد " ،29ف "متاع" خبر لمبتدأ محذوف -
والتقدير:ذلBك متBاع قليBل وقBد أفBاد الحBذف تحقBير هBذا المتBاع وصBرف النفBوس عن تمBني
مثل ما أوتي بعض الكافرين من جاه ومال،كمBBا قBBال أصBBحاب قBBارونَٰ ":ي َلْيَت َلَن ا ِم ْثَل َم ٓا
30
ُأوِتَى َٰقُر وُن ِإَّن ۥُه َلُذ و َح ٍّظ َع ِظ يٍۢم ".
قولBBه تعBBالىَ ":و ٱَّتُق وْا َيْو ًم ا اَّل َتْج ِز ى َنْفٌس َع ن َّنْفٍۢس َش ْي ًٔـ ا َو اَل ُيْقَب ُل ِم ْن َه ا َع ْد ٌل َو اَل َتنَفُعَه ا -
َش َٰف َع ٌة َو اَل ُهْم ُينَص ُر وَن " ،31عطBB Bف التحBB Bذير على التBB Bذكير فإنBB Bه لمBB Bا ذكBB Bرهم بالنعمBB Bة
وخاصة تفصيلهم على العالمين في زمانهم وكان ذلك منشBBأ غBBرورهم بأّن ه تفصBBيل ذاتي
بBB Bالتقوى هنBB Bا معناهBB Bا المتعBB Bارف في اللغBB Bة ال المعBB Bنى الشBB Bرعي ،وانتصBB Bاب يومBB Bا على
المفعولية به وليس على الظرفية ولذلك لم يقرأ بغير التنBBوين ،والمBBراد باتقائBBه اتقBBاؤه من
حيث مBBا يحBBدث فيBBه من األهBBوال والعBBذاب فهBBو أطلBBق اسBBم الزمBBان على مBBا يقBBع فيBBه كمBBا
تقول مكان مخوف ،وتجزى مضارع جزى15بمعنى قضى حقا عن غيره وهو متعBBد بعن
إلى أحBBد مفعوليBBه فيكBBون شBBيئا مفعولBBه األول ،ويجBBوز أيضBBا أن يكBBون مفعBBوال مطلقBBا إذا
أري BBد ش BBيئا من الج BBزاء ويك BBون المفع BBول مح BBذوفا ،وجمل BBة "ال تج BBزى نفس" ص BBفة ليوم BBا
15
التحرير والتنوير،الطاهر ابن عاشور ،ج، 2ص .294 28
أج BBريت علي BBه ،ويك BBثر حذف BBه إذا ك BBان منص BBوبا أو ض BBميرا مج BBرورا فيح BBذف م BBع ج BBاره
والسBBيما إذا كBBان الجBBار معلومBBا لكBBون متعلقBBة الBBذي في الجملBBة ال يتعBBدى إال جبBBار معين
كم BBا هن BBا تق BBديره في BBه إنم BBا ج BBاز حذف BBه ألن المح BBذوف في BBه متعين من الكالم وق BBد يح BBذف
32
لقرينة كما في حذف ضمير الموصول إذا جر بما جر به الموصول.
قول BB Bه تع BB Bالىَ ":و ِإ ْن َأَر دُّتْم َأن َتْس َتْر ِض ُعٓو ْا َأْو َٰل َد ُك ْم َفاَل ُجَن اَح َع َلْي ُك ْم ِإَذ ا َس َّلْم ُتم َّم ٓا َء اَتْي ُتم -
ِبٱْلَم ْع ُر وِف ۗ َو ٱَّتُقوْا ٱلَّلَه َو ٱْع َلُم ٓو ْا َأَّن ٱلَّلَه ِبَم ا َتْع َم ُل وَن َبِص يٌر " ،33قBBال الشBBيخ أطفيش ":إن
أردتم أن تسترضBB Bعوا أوالدكم من غBB Bير أمهBB Bاتهم ،فحBB Bذف المفعBB Bول الثBB Bاني ،أي تجعلBB Bوا
قBBال تعBBالى ":ٱْلَح ُّق ِم ن َّر ِّب َك َفاَل َتُك ن ِّم َن ٱْلُمْم َت ِر يَن " ،فBBالحق خBBبر لمبتBBدأ محBBذوف أي
34
-
هو الحق من ربك وحذف المبتدأ ألن الخبر "الحق" وصف في المعنى لمضمون الجملBBة
قBBال تعBBالىِ ":إَّن ٱلَّل َه اَل َيْظِلُم ِم ْثَق اَل َذ َّر ٍۢة ۖ َو ِإ ن َت ُك َح َس َنًة ُيَٰض ِع ْفَها َو ُي ْؤ ِت ِم ن َّلُدْن ُه َأْج ًر ا -
37
َع ِظ يًم ا"
تفسير التحرير والتنوير ،محمد الطاهر ابن عاشور ،ج ،1ص .485-484 32
الحذف البالغي في القرآن الكريم ،مصطفى عبد السالم أبو شادي ،ص 44. 36
16
فاس BBم ك BBان مح BBذوف ،والتق BBدير وإ ن ي BBك مثق BBال ذرة حس BBنة يض BBاعفها فح BBذف اختص BBارا -
38
لتقديم ذكره.
وقوله تعالىَ ":فَٔـاِم ُنوْا ِبٱلَّلِه َو ُر ُس ِلِهۦۖ َو اَل َتُقوُلوْا َثَٰل َثٌةۚ ٱنَتُه وْا َخْي ًر ا َّلُك ْم ۚ ِإَّنَم ا ٱلَّل ُه ِإَٰل ٌه َٰو ِح ٌد ۖ -
َنُه َأن َيُك وَن َل ۥُه َو َل ٌد ۘ َّل ۥُه َم ا ِف ى ٱلَّس َٰم َٰو ِت َو َم ا ِف ى ٱَأْلْر ِض ۗ َو َك َفٰى ِبٱلَّل ِه َو ِك ياًل "،39
ُس ْب َٰح ٓۥ
فـ«ثالثBBة» خBBبر لمبتBBدأ محBBذوف والتقBBدير :وال تقولBBوا آلهBBة ثالثBBة وقBBد أفBBاد الحBBذف توجBBه
40
النهي إلى القول بالتعدد.
قBBال تعBBالىِ" :إَّن اَّلِذ يَن آَم ُن وا اَّلِذ يَن َه اُد وا الَّص اِبُئوَن الَّنَص اَر ٰى َم ْن آَم َن ِبالَّلِه اْلَي ْو ِم -
َو َو َو َو
اآْل ِخ ِر َو َع ِم َل َص اِلًح ا َفاَل َخ ْو ٌف َع َلْي ِه ْم َو اَل ُهْم َيْح َز ُن وَن " ،41اآلي BBة رف BBع «والص BBابون»
على االبتداء وخبره محBذوف والنيBBة بBBه التBBأخير عّم ا في حBيز «إّن » من اسBمها وخبرهBBا
كأنBBه قبBBل :إّن الBBذين آمنBBوا والBBذين هBBادوا والنصBBارى حكمهم كBBذا والصBBابون كBBذلك .وقBBد
وسBBط بين اسBBم «إن» وخبرهBBا داللBBة على أن الصBBابين مBBع ظهBBور ضBBاللهم وزيغهم عن
األديان كلها وقد قبلت توبتهم إن صّح منهم اإليمان والعمل الصالح فغيرهم أولى بقبBBول
42
توبتهم إن آمنوا وعملوا الصالحات ،وقد حذف الخبر ألداء هذا المعنى وتأكيده.
قوله تعالىَ ":و ِع نَد ۥُه َم َفاِتُح ٱْلَغْي ِب اَل َيْع َلُمَهٓا ِإاَّل ُهَو ۚ َو َيْع َلُم َم ا ِف ى ٱْلَبِّر َو ٱْلَبْح ِر ۚ َو َم ا َتْس ُقُط -
ِم ن َقٍة ِإاَّل َيْع َل ا اَل َح َّبٍۢة ِفى ُظُلَٰم ِت ٱَأْلْر ِض اَل ْطٍۢب اَل َي اِبٍس ِإاَّل ِف ى ِكَٰتٍۢب ُّم ِبيٍۢن
َو َو َر ُمَه َو َو َر
قوله تعBالىِ ":ص ْبَغ َة ٱلَّلِه ۖ َو َم ْن َأْح َس ُن ِم َن ٱلَّلِه ِص ْبَغ ًةۖ َو َنْح ُن َل ۥُه َٰع ِب ُد وَن " ،45قBال الشBيخ -
أطفيش( ":ص BBبغة) مص BBدر مؤك BBد آلمن BBا ونص BBبه بفع BBل مق BBدر ،أي ص BBبغنا اهلل"« 46ص BBبغة
اهلل» :مص BBدر مؤك BBد منتص BBب على قول BBه «آمن BBا باهلل» كم BBا انتص BBب« ،وع BBد اهلل» :عم BBا
17
تقدمBBه ،وهي (فعلBBة) من صBBبغ ،كالجلسBBة من جلس ،وهي الحالBBة الBBتي يقBBع عليهBBا الصBBبغ
والمع BBنى :تظه BBير اهلل ،ألن اإليم BBان يطه BBر النف BBوس ،واألص BBل في BBه أّن النص BBارى ك BBانوا
يغمسون أوالدهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ،ويقولون :هو تطهير لهم ،وإ ذا فعل
الواحBBد منهم بولBBده ذلBBك قBBال :اآلن صBBار نصBBرانيا حقBBا فBBأمر المسBBلمون بBBأن يقولBBوا لهم:
قول BBوا آمن BBا باهلل وص BBبغنا اهلل باإليم BBان ص BBبغة ال مث BBل ص BBبغتنا ،...تري BBد رجال يص BBطنع
الكBBرم« ،ومن أحسBBن من اهلل صBBبغة» :يعBBني أنBBه يصBBبغ عبBBاده باإليمBBان ،وقولBBه «:ونحن
ينظر :الحذف ودالالته في تيسير التفسير للشيخ أطفيش ،ص .32 46
له عابدون» :عطBف على آمنBا باهلل ،وهBذا العطBف يBرد قBول من زعم أن «صBبغة اهلل»:
بدل من :ملة إبراهيم أو نصب على اإلغراء بمعBBنى :عليكم صBBبغة اهلل ،لمBBا فيBBه من فBBك
النظم وإ خBراج الكالم عن التئامBBة واتسBاقه ،وانتصBBابها على أنهBBا مصBBدر مؤكBBد هBBو الBBذي
47
ذكره سيبويه ،والقول ما قالت حذام.
َٰٓل
ِبٱلَّل ِه َو ٱْلَي ْو ِم ٱْل َء اِخ ِر َو ٱْلَم ِئَك ِة َو ٱْلِكَٰتِب َو ٱلَّنِبِّيۦَن َو َء اَتى ٱْلَم اَل َع َلٰى ُح ِّبِهۦ َذ ِو ى ٱْلُق ْر َبٰى
َو ٱْلَيَٰتَم ٰى َو ٱْلَم َٰس ِك يَن َو ٱْب َن ٱلَّس ِبيِل َو ٱلَّسٓاِئِليَن َو ِف ى ٱلِّر َق اِب َو َأَق اَم ٱلَّص َلٰو َة َو َء اَتى ٱلَّز َك ٰو َة" ،
48
الخطBBاب في تولBBوا وجBBوهكم لليهBBود والنصBBارى ،رد على اليهBBود إذ قBBالوا الBBبر اسBBتقبال
المقدس ،وعلى النصارى إذ قالوا الBبُّر اسBBتقبال مطلBBع الشBBمس،وأل في الٍّب ر للجنس ،وال
حصBBر في اآليBBة "على حبBBه"مBBع حب صBBاحب المBBال ،فالهBBاء لمن ،والمفعBBول محBBذوف أي
م BBع حب BBه الم BBال،أو م BBع حب الم BBال ،فاله BBاء للم BBال والفاع BBل مح BBذوف ،ومحب BBه مؤتي BBه أو
الن BBاس ،وحب BBه لجودت BBه أو قلت BBه ،أو على حب BBه على حب اهلل ،فاله BBاء للم BBال ،أو لص BBاحبه
49
المؤتى ،أو اهلل سبحانه ،أو لإليتاء المفهوم من أتى ،والتقييد بقوله على حبه للتكميل.
ۖ ِإَّن َك َأنَت ٱلَّس ِم يُع ٱْلَع ِليُم " ،50تقBBدم القBBول في موقBBع إذ في أمثBBال هBBذا المقBBام عنBBد تفسBBير
47الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل ،للعالمة جار هللا أبي القاسم
محمود بن عمر الزمخشري ،تح :الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض ،ص -335
.336
48سورة البقرة(،اآلية)177 :
49تيسير التفسير،لألطفيش،ص.174
50سورة آل عمران (اآلية)35 :
قول BBه تع BBالىَ ":و ِإْذ َق اَل َر ُّب َك ِلْلَم الِئَك ِة ِإِّني َج اِع ٌل ِف ي اَألْر ِض َخ ِليَف ًة " 51وموقعه BBا هن BBا
أظهر في أنها غير متعلقة بعامل،فهي لمجرد االهتمام بالخبر ولذا قال أبBو عبيBدة:إذ هنBا
زائدة،ويجوز أن تتعلق بالذكر كالحBذف ،وال يجBوز تعلقهBا ب اصBطفى :ألن هBذا خBاص
52
بفضل آل عمران،وال عالقة له بفضل آدم ونوح وأل إبراهيم.
َأْع َد ٓاًء َف َأَّلَف َبْي َن ُقُل وِبُك ْم َفَأْص َبْح ُتم ِبِنْع َم ِتِهٓۦ ِإْخ َٰو ًن ا َو ُك نُتْم َع َلٰى َش َفا ُح ْف َر ٍۢة ِّم َن ٱلَّن اِر َفَأنَق َذ ُك م
53
ِّم ْن َهاۗ َك َٰذ ِلَك ُيَبِّيُن ٱلَّلُه َلُك ْم َء اَٰي ِتِهۦ َلَع َّلُك ْم َتْهَتُد وَن "
وقول BBهَ ":ش َر َع َلُك م ِّم َن ٱلِّB Bد يِن َم ا َو َّص ٰى ِبِهۦ ُنوًح ا َو ٱَّل ِذ ٓى َأْو َحْيَن ٓا ِإَلْي َك َو َم ا َو َّص ْيَنا ِبِهٓۦ -
ِإْب َٰر ِه يَم َو ُم وَس ٰى َو ِع يَس ٰٓى ۖ َأْن َأِق يُم وْا ٱلِّB Bد يَن َو اَل َتَتَفَّر ُق وْا ِفيِB Bه ۚ َك ُب َر َع َلى ٱْلُم ْش ِر ِك يَن َم ا
54
َتْد ُع وُهْم ِإَلْي ِه ۚ ٱلَّلُه َيْج َتِبٓى ِإَلْي ِه َم ن َيَش ٓاُء َو َيْهِد ٓى ِإَلْي ِه َم ن ُيِنيُب "
فقBBال في آيBBة آل عمBBران" :وال تفرقBBوا"بحBBذف إحBBدى التBBائين ،وقBBال في أيBBة الشBBورى" وال
.1أن آي BBة آل عم BBران خط BBاب لألم BBة اإلس BBالمية ،وأم BBا آي BBة الش BBورى ف BBالكالم فيه BBا على أمم
مختلفBBة وشBBرائع متعBBددة ذكBBر منهBBا شBBريعة نBBوح ومحمBBد صBBلى اهلل عليBBه وسBBلم وإ بBBراهيم
وموسBBى وعيسBBى .فلمBBا كBBانت هBBذه في أمم متطاولBBة على مBBدى التBBاريخ ،جBBاء بالصBBيغة
19
التي هي أطول .ولما كانت اآلية األولى في أمة واحدة ،وهي أمة محمد وهي جBزء من
.2أّن ه نهى األمBBة اإلسBBالمية عن شBBيء من الَّتَف ُر ق ،مهمBBا كBBان قليال أو جزئيBBا ،وح َّBذ َر من
ذلBBك فقBBال "وال تفرقBBوا" فBBاقتطع من الفعBBل للداللBBة على النهي عن أي شBBيء من التفBBرق،
55
مهما َقَّل وَض ُؤ َل .
56
قوله تعالىَٰٓ ":يَأُّيَها ٱلَّناُس َقْد َج ٓاَء ُك ُم ٱلَّر ُس وُل ِبٱْلَح ِّق ِم ن َّر ِّبُك ْم َفَٔـاِم ُنوْا َخْي ًر ا َّلُك ْم " -
فتضBBمنت هBBذه اآليBBة حBBذفا للفعBBل وهBBو غBBير القBBول وحBBذف و حBBذف فاعلBBه ،وموضBBع الحBBذف
57
قوله":خيرا لكم" ،لكن اختلف النحاة في تقدير النصب في قوله "خيرا لكم"إلى مذاهب
حيث جاء في كتاب الكشاف أنه ":فئامنوا خBير لكم"أي:اقصBدوا،أو ائتBوا أمBرا خBيرا لكم ممBا
خليل:كأنك تحمله على ذلك المعنى،كأنك قلت،ائته وادخل فيما هو خير لك،فنصبته ألنك قد
عBBرفت أنBBك إذا قلت لBBه:انتBBه،أنBBك تحملBBه على أمBBر آخBBر،فلBBذلك انتصBBب،وحBBذفوا الفعBBل لكBBثرة
استعمالهم إياه في الكالم،ولعلم المخاطب أنه محمول على أمر حين قال له:انتBه،فصBار بBدال
59
من قوله،ائت خيرا (لك)،وادخل فيما هو خير لك"
َتَن اَز ْع ُتْم ِف ي َش ْي ٍء َف ُر ُّد وُه ِإَلى الَّل ِه َو الَّر ُس وِل ِإْن ُك ْن ُتْم ُتْؤ ِم ُن وَن ِبالَّل ِه َو اْلَي ْو ِم اآْل ِخ ِر َذ ِل َك
َخ ْي ٌر َو َأْح َس ُن َت ْأِو ياًل " ،60فقولBBه":إن كنتم":شBBرط جوابBBه محBBذوف عنBBد جمهBBور البصBBريين،
أي:ف BBردوه إلى اهلل ،وه BBو متق BBدم عن BBد غ BBيرهم –أي عن BBد الكوف BBيين -ووق BBوع ح BBذف فع BBل
جواب الشرط كثير في كالمهم ،إذا كان في الكالم ما يBدل على حذفBه،كقBولهم:أنت ظBالم
إن فعلت ك BB Bذا ،أي:إن فعلت ك BB Bذا ظلمت ،فح BB Bذف "ظلمت" ،لدالل BB Bة قول BB Bه "ظ BB Bالم"علي BB Bه،
61
والشواهد على حذف جواب الشرط في كالمهم للداللة عليه أكثر من أن يحصر.
قول BBه تع BBالىَٰ ":ذ ِل َك َك َّٰف َر ُة َأْي َٰم ِنُك ْم ِإَذ ا َح َلْفُتْم ۚ َو ٱْح َفُظ ٓو ْا َأْي َٰم َنُك ْم ۚ َك َٰذ ِلَك ُيَبِّيُن ٱلَّل ُه َلُك ْم َء اَٰي ِتِهۦ -
َلَع َّلُك ْم َتْش ُك ُر وَن " ،62فالتقBBدير"إذا حلفتم وحنثتم"63أي:ذلBBك المBBذكور واسBBتدل بهBBا الشBBافعي
على جواز التفكير بعد اليمين،وقيل:الحنث وفيها تنبيBBه على أن الكفBBارة ال تكBBون إال بعBBد
20
الحنث،فهم يقBB Bدرون محBB Bذوفا،أي:إذا حلفتم وحنثتم64،وُح ِذ َف الفعBB Bل (حنثتم)هنBB Bا لتركBB Bيز
االنتبBBاه على ضBBرورة تجنب الحلBBف نفسBBه من األسBBاس ،ألن كBBثرة الحلBBف توقBBع اإلنسBBان
في حرج مما يضطره ذلك إلى حنث اليمين ،فBBالحلف بال مBBبرر وبBBدون تفكBBير بBBالعواقب
ه BB Bو الموص BB Bل إلى الحنث ب BB Bاليمين ،ول BB Bذلك جBB Bاء األم BB Bر بع BB Bده بحف BB Bظ اليمين "واحفظ BB Bوا
65
أيمانكم".
ظاهرة الحذف في القرآن الكريم دراسة تطبيقية في سورة النساء ،رحيمة أوسيف ،ص.11 61
األثر الداللي لحذف الفعل في القرآن الكريم ،زهراء ميري حمادي الجنابي ،ص.179 63
تفسير البحر المحيط ،لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حّيان األندلسي ،ج ،4ص .15 64
انظر ،األثر الداللي لحذف الفعل في القرآن الكريم ،ص .180 65
ُّر ُك م َّم ن َّل ِإَذ ا اْهَتَدْي ُت ۚ ِإَلى الَّلِه َّلِذ
ْم َض قوله تعالىَ ":يا َأُّيَها ا يَن آَم ُنوا َع َلْي ُك ْم َأنُفَس ُك ْم ۖ اَل َيُض -
َم ْر ِج ُعُك ْم َج ِم يًع ا َفُيَنِّبُئُك م ِبَم ا ُك نُتْم َتْع َم ُل وَن "،66هنBا في هBذه اآليBة":عليكم أنفسBكم"عليكم هBو
اسم للفعل ههنا و بBBه انتصBBب أنفسBكم والتقBBدير احفظBBوا أنفسBكم والكBBاف والميم في عليكم
في موض BBع ج BBر ألن اس BBم الفع BBل ه BBو الج BBار والمج BBرور وعلى وح BBدها لم تس BBتعمل اس BBما
للفعل بخالف روديكم فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط وال موضع لهما اآلن رويدا
ق BBد اس BBتعملت اس BBما لألم BBر للمواجه BBة من غ BBير ك BBاف وال موض BBع لهم BBا اآلن روي BBدا ق BBد
اسBB Bتعملت اسBB Bما لألمBB Bر للمواجهBB Bة من غBB Bير كBB Bاف الخطBB Bاب وهكBB Bذا قولBB Bه مكBB Bانكم أنتم
وشركاؤهم الكاف والميم في موضع جر أيضا ويذكر في موضBBعه إن شBBاء اهلل تعBBالى"ال
يضركم"يقرأ بالتشديد والضم على أنه مستأنف وقيل أن حقه الجزم وحرك بBBالفتح ويقBBرأ
بتخفيBف الBراء وسBكونها وكسBر الضBاد ومBومن ضBاره يضBيره ويقBرأ كBذلك إال أنBه يضBم
الضاد وهو ضار يضيره ويقرأ كذلك إال أنه يضم الضاد وهو ضاره يضيره وكBBل ذلBBك
67
لغات فيه و"إذا"ظرف ليضر ويبعد أن يكون ظرفا لضل ألن المعنى ال يصح معه.
ِل ِم ُس َّلًم ا ِف ى ٱلَّس َم ٓاِء َفَتْأِتَيُهم ِبَٔـاَيٍۢة ۚ َو َلْو َش ٓاَء ٱلَّل ُه َل
َ21ج َم َع ُهْم َع َلى ٱْلُه َد ٰى ۚ َفاَل َتُك وَنَّن َن ٱْلَٰج ِه يَن
" ،68في قوله تعBالى(وإ ن كBان كBبر عليBك)جBواب أن هBذه (فBإن اسBتطعت) فالشBرط الثBاني
جواب األول وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره فافعBBل وحBذف لظهBBور معنBBاه وطBBول
َٰٓل َّٰظ
قوله تعالىَ ":و َلْو َتَر ٰٓى ِإِذ ٱل ِلُم وَن ِف ى َغ َم َٰر ِت ٱْلَمْو ِت َو ٱْلَم ِئَك ُة َباِس ُطٓو ْا َأْي ِد يِه ْم َأْخ ِر ُج ٓو ْا -
َّل
َأنُفَس ُك ُم ۖ ٱْلَي ْو َم ُتْج َز ْو َن َع َذ اَب ٱْلُه وِن ِبَم ا ُك نُتْم َتُقوُل وَن َع َلى ٱل ِه َغْي َر ٱْلَح ِّق َو ُك نُتْم َعْن
َء اَٰي ِتِهۦ َتْس َتْك ِبُر وَن " ،70ذك BBر محم BBد ال BBرازي فخ BBر ال BBدين في كتاب BBه ع BBدة أوج BBه له BBذه اآلي BBة
أهمه BBا الوج BBه الث BBالث وق BBد ج BBاء في BBه أن قول BBه (أخرج BBوا أنفس BBكم) أي أخرجوه BBا إلين BBا من
أجسBBادكم وهBBذه عبBBارة عن العنBBف والتشBBديد في إزهBBاق الBBروح من غBBير تنفيس وإ مهBBال
وأنهم يفعلون بهم فعل الغBBريم المالزم الملح يبسBط يBBده إلى من عليBBه الحBق ويعنBBف عليBBه
في المطالبBBة وال يهمBBه ويقBBول لBBه :أخBBرج إلى مBBا لي عليBBك السBBاعة وال أبBBرح من مكBBاني
حتى أنزعه من أحداقك ،وقال في الوجه الخامس أن قوله (أخرجوا أنفسكم) ليس بBBأمر،
بل هو وعيد وتقريع،كقول القائل:امض اآلن لBBترى مBBا يحBل بBBك.قBال المفسBرون:إن نفس
71
المBBؤمن تنشBBط في الخBBروج للقBBاء ربBBه ونفس الكBBافر تكBBره ذلBBك فيشBBق عليهBBا الخBBروج،
فهي جمل BBة مق BBول الق BBول مح BBذوف تق BBديره (يقول BBون)،وه BBو فع BBل مض BBارع ألن القائ BBل هم
المالئك BBة وال BBزمن من تق BBدير فع BBل الق BBول (ق BBالوا)ألن في BBه تص BBويرا للموق BBف إذ المالئك BBة
72
ينزعون الروح من الظالمين وهم في سكرات الموت.
69إمالء ما من به الرحمان من وجوه اإلعراب والقرآن في جميع القرآن،عبد هللا بن الحسين العكبري،ص
.135
70سورة األنعام (اآلية)93 :
71تفسير الفخر الرازي المشتهد بالتفسير الكبير ومفاتيح العيب،لإلمام محمد الرازي فخر الدين،ص.90
72األثر الداللي لحذف الفعل في القرآن الكريم،زهراء ميري حمادي الجنابي،ص.74
المبحث الثالث :الحذف في الحروف
َتْع َلُم وَن " ،فق BBال":تص BBدقوا" ذل BBك ألن ه BBذه من أح BBوال الص BBدقة الن BBادرة ،وه BBو الَّتَص ُدَق
73
74
بدين المعسر ،فحذف لما لم يكن كالصدقة22المعتادة لكونها أقل.
وقولBBه تعBBالىَ ":و اَل َتْج َع ُل وْا ٱلَّل َه ُع ْر َض ًة َأِّلْي َٰم ِنُك ْم َأن َتَب ُّر وْا َو َتَّتُق وْا َو ُتْص ِلُح وْا َبْي َن ٱلَّن اِس ۗ -
َو ٱلَّلُه َس ِم يٌع َع ِليٌم " 75يقول الشيخ أطفيش(":أن تبروا) ،بأن ال تبروا ،فحذف حرف الجBBر
وال النافية ،والباء متعلقة بعرضة ،بمعنى:مانعا"" .فتتعللBوا بBاليمين بBأن يقBول أحBدكم :قBد
76
حلفت باهلل أال أفعله ،وأريد أن أبر بيميني ،بل افعلوا الخير واإلصالح بين الناس.
َّل
وقوله تعالىَ ":فَلَّم ا َو َض َع ْتَها َقاَلْت َر ِّب ِإِّنى َو َض ْع ُتَهٓا ُأنَثٰى َو ٱل ُه َأْع َلُم ِبَم ا َو َض َع ْت َو َلْي َس -
77
ٱل َّBذ َك ُر َك ٱُأْلنَثٰى ۖ َو ِإ ِّنى َس َّم ْي ُتَها َم ْر َيَم َو ِإ ِّنٓى ُأِع ي ُBذ َه ا ِب َك َو ُذ ِّر َّيَتَه ا ِم َن ٱلَّش ْي َٰط ِن ٱل َّBر ِج يِم "
والتقدير":يا رب" ،حذفت اليBاء كثBيرا في هBذه اللفظBة في القBرآن الكBريم ،وذلBك تأدبBا مBع
اهلل عBB Bز وجBB Bل تنزيهBB Bا وتعظيمBB Bا ،ألن في النBB Bداء طرفBB Bا من األمBB Bر ،ولقBB Bوة الداللBB Bة على
الدعاء لم يرد في القرآن الكريم نداء اهلل تعالى بحرف المنادى "يا" قبل "رب"البتة،
وإ نما بحذفها في كل مBواطن الBدعاء بBالقرآن الكBريم ،والسBر في ذلBك أن "يBا" النBداء تسBتعمل
78
لن BBداء البعي BBد واهلل تع BBالى أق BBرب لعب BBده من حب BBل الوري BBد ،فك BBان مقتض BBى البالغ BBة ح BBذفها،
امتثاال لقوله تعالىَ " :و َلَقْد َخ َلْقَن ا اِإْل نَس اَن َو َنْع َلُم َم ا ُتَو ْس ِو ُس ِب ِه َنْفُس ُهۖ َو َنْح ُن َأْق َر ُب ِإَلْي ِه ِم ْن
79
َحْب ِل اْلَو ِر يِد "
قول BB Bه تع BB Bالىِ ":إَّن ٱَّل ِذ يَن َت َو َّفٰى ُهُم ٱْلَم َٰٓلِئَك ُة َظ اِلِم ٓى َأنُفِس ِه ْم َق اُلوْا ِف يَم ُك نُتْم ۖ َق اُلوْا ُك َّن ا -
ٱْدُخ ُل وْا ٱْلَج َّن َة ِبَم ا ُك نُتْم َتْع َم ُل وَن " 81فقBال في آيBة النسBاء ":توفBاهم" بحBذف إحBدى التBاءين،
78عبد المجيد شاري و عبد العزيز غزالي.الحذف و دالالته في تسيير التفسير للشيخ ألفّيش ،مذكرة تخرج
مقدمة لنيل شهادة ماستر في اللغة و األدب العربي ،ص .36
79سورة ق (اآلية)16 :
80سورة النساء (اآلية)97 :
81سورة النحل (اآلية)32 :
فلّم ا كان هؤالء أقل حذف من الفعBBل إشBارة إلى االقتطBBاع من الحBدث وإ لى قلتBBه بالنسBبة إلى
اآلخ BBرين ،فق BBال في القس BBم األك BBبر "تتوف BBاهم" وق BBال في القس BBم القلي BBل "توف BBاهم" بح BBذف إح BBدى
82
التاءين ،فناسب بين الفعل وكثرة الحدث.
وقوله تعالى َ" :و اَل َتَتَم َّنْو ا َم ا َفَّض َل الَّلُه ِبِه َبْعَض ُك ْم َع َلٰى َبْع ٍض ۚ ِّللِّر َج اِل َنِص يٌب ِّمَّم ا اْك َتَس ُبوا
ۖ َو ِللِّنَس اِء َنِص يٌب ِّمَّم ا اْك َتَس ْب َن ۚ َو اْس َأُلوا الَّل َه ِم ن َفْض ِلِه ۗ ِإَّن الَّل َه َك اَن ِبُك ِّل َش ْي ٍء َع ِليمBBا"،83
وي BBدل ح BBذف ح BBرف (ا) من مب BBنى الكلم BBة األص BBلية وه BBو "أس BBئل" أو "اس BBأل" على أن الكلم BBة
القرآني BBة في رس BBمها تع BBبر عن المع BBنى أص BBدق تعب BBير ،إذ أن الس BBؤال دائم BBا ي BBأتي في عجل BBة
لBذلك جBاءت كلمBة "فسBئل" في فعBل األمBر ناقصBة حرفBا لتخص على سBرعة السBؤال انتظBارا
84
لسرعة اإلجابة.
وقولBBه َ ":فَال َتْخ َش ْو ُهْم َو اْخ َش ْو ِني " 86بحBBذف اليBBاء من (سBBورة المائBBدة) وذكBBرت في (سBBورة
-1أن مق BBام اإلطال BBة والتفص BBيل في س BBورة البق BBرة أك BBثر بكث BBير من س BBياق آي BBة المائ BBدة ،ف BBإن
الكعب BBة ،وه BBو يب BBدأ بقول BBه تع BBول َ ":س َيُقوُل
الكالم على تحوي BBل القبل BBة من بيت المق BBدس إلى 24
بالغة الكلمة في التعبير القرآني ،الدكتور فاضل صالح السامرائي ،ص .14-13 82
إعجاز رسم القرآن وإعجاز التالوة ،تأليف محمد شملول ،ص .76 84
أما آية المائدة ذات الرقم ،4فهي آية واحدة في األطعمة المحرمBBة 87.فاقتضBBى ذلBBك الزيBBادة
88
في البناء (اخشوني) في البقرة دون المائدة
وقولBB Bه تعBB Bالى َ" :يْس َٔـ ُلوَنَك َم اَذ ٓا ُأِح َّل َلُهْم ۖ ُقْل ُأِح َّل َلُك ُم ٱلَّطِّيَٰب ُت ۙ َو َم ا َع َّلْم ُتم ِّم َن ٱْلَج َو اِر ِح
ُم َك ِّلِبيَن ُتَع ِّلُم وَنُهَّن ِم َّم ا َع َّلَم ُك ُم ٱلَّل ُهۖ َفُك ُل وْا ِم َّم ٓا َأْمَس ْك َن َع َلْي ُك ْم َو ٱْذ ُك ُر وْا ٱْس َم ٱلَّلِه َع َلْي ِه ۖ َو ٱَّتُق وْا
ٱلَّلَهۚ ِإَّن ٱلَّلَه َس ِر يُع ٱْلِح َس اِب " ، 89ويتعاقب ذكر الفاء وحذفها في جواب الشرط "إذا" حين يقع
جوابها مضارعا منفيا بـ"ال" فيجوز أن يقترن بالفBBاء أوال يقBBترن بهBBا بBBدليل قولBBه تعBBالى ُ ":قل
َس اَع ًةۖ َو اَل َيْس َتْقِد ُم وَن " 90فقBBد جBBاء الفعBBل "يسBBتأخرون" مضBBارعا منفيBBا بال فBBاقترن بالفBBاء ،91
وكBBذلك قولBBه تعBBالى ُ " :ه ٱَّلِذ ى َج َلُك َخ َٰٓلِئ َف ٱَأْل ِض َف َبْعَض ُك َف َق ٍۢض َد َٰج ٍۢت
َر ْم ْو َبْع َو َر َع ْر َع ْم َو َو
ِّلَيْب ُلَو ُك ْم ِف ى َم ٓا َء اَتٰى ُك ْم ۗ ِإَّن َر َّبَك َس ِر يُع ٱْلِع َق اِب َو ِإ َّن ۥُه َلَغ ُف وٌر َّر ِح يٌم " 92وقولBBه تعBBالىُ ":ه َو ٱَّلِذ ى
25
َج َع َلُك ْم َخ َٰٓلِئ َف ِف ى ٱَأْلْر ِض " ،93ورد ح BBرف الج BBر "في" م BBذكو ار في مواض BBع من الق Bرآن الك Bريم
ومحBBذوفا في غيرهBBا ،كمBBا هBBو موضBBح في اآليBBتين السBBابقتين ،ففي اآليBBة األولى حBBذف الجBBر
"في" ،بينما ذكBر في اآليBة الثانيBة ،وعن غايBة ذكBر حBرف الجBر "في" وحذفBه في اآليBات بقBول
صاحب لمسات بيانية في نصوص من التنزيل :أن قوله "خالئف األرض" مBBع حBBذف في هي
أوسع وأشمل من حيث اللغة أما "خالئف في األرض" فهي ظرفية ومحددة ،ونستعرض سBBياق
اآليات في السور فنالحظ أن سياق سورة فاطر في الكافرين هي ابتداء وانتهاء ،أمBا في سBورة
األنعام فالسياق في مخاطبة المؤمنين إلى النهاية فكBBانوا أعم وأشBBمل وفيهBBا ورد قولBBه تعBBالى ":
إو نه لغفور رحيم" ،فالمؤمنون خالئفهم أطور وأكثر من الكافرين فجاء بالمعنى األعم واألشمل
94
في سورة األنعام بحذف "في"
95
قوله تعالىَ ":و َقاَل َلُهْم َنِبُّيُهْم ِإَّن ٱلَّلَه َقْد َبَع َث َلُك ْم َطاُلوَت َم ِلًك ا "
َم ن َيَش ٓاُءۚ َو ٱلَّلُه َٰو ِس ٌع َع ِليٌم " ،تدل هاتان اآليتان على أن تمليBBك طBBالوت على بBBني إسBBرائيل
96
كBBان من اهلل تعBBالى ،على لسBBان نBBبي كBBان في زمانBBه ،وأن اهلل اصBBطفاه من بينهم ،بنBBاء على
طلب أحد أنبيائهم من اهلل تعالى أن يرسل لهم ملكا يقاتل في سبيل اهلل كما في اآليBBة السBBابقة
93سورة فاطر( اآلية) 39 :
94
?.حذف الحرف في القرآن الكريم؛ مواضيعه وغاياته ،الدكتورة تهاني حسانين علي البلقي ،ص 216
95سورة البقرة (اآلية) 247 :
96سورة البقرة (اآلية) 247 :
" فذكر كلمة (طالوت) في موضع وحذفها في موضع آخر "قد بعث لكم طBBالوت ملكBBا" هنBBا 97
ذكره بصريح العبارة وحذفه في نفس اآلية في قوله تعالى " ِإَّن ٱلَّلَه ٱْص َطَفٰى ُه َع َلْي ُك ْم ".
ٱْثَنَتا َع ْش َر َة َعْيًنا " ،قد تتحاور المفBBردات في التعبBBير القBBرآني ،فتسBBتعمل مفBBردة في مBBوطن، 98
وتسBBتعمل غيرهBBا في مBBوطن آخBBر شBBبيه بBBه ،بBBل في القصBBة الواحBBدة قBBد تسBBتعمل مفBBردة في
موضع وتستعمل غيرها في آخر مع أن القصة واحدة والموقف واحد ،وذلك كما هBBو في
99
آية البقرة وآية األعراف نحو قولBه تعBالى َ ":فٱۢن َبَج َس ْت ِم ْن ُه ٱْثَنَت ا َع ْش َر َة َعْيًن ا " حيث ذكBر
100
كلمة "انفجرت" في سBورة البقBرة و"انبجسBت" في سBورة األعBراف ،واالنفجBار بالمBاء أغBزر
101 26
من االنبجاس فخالف بين المفردتين مع أن القصة واحدة والموضع واحد .
قوله تعالىَ" :س ُن ْلِق ى ِف ى ُقُلوِب ٱَّلِذ يَن َك َف ُر وْا ٱلُّBر ْعَب ِبَم ٓا َأْش َر ُك وْا ِبٱلَّلِه َم ا َلْم ُيَن ِّز ْل ِبِهۦ ُس ْلَٰط ًناۖ
َٰل َّٰظ
وكذلك قولBBه تعBBالى َ ":و ِك َّن ٓا َأنَش ْأَنا ُقُر وًن ا َفَتَط اَو َل َو َم ْأَو ٰى ُهُم ٱلَّناُر ۚ َو ِبْئ َس َم ْثَو ى ٱل ِلِم يَن "
102
َع َلْي ِه ُم ٱْلُعُمُر ۚ َو َم ا ُك نَت َثاِو ًي ا ِف ٓى َأْه ِل َم ْد َيَن َتْتُل وْا َع َلْي ِه ْم َء اَٰي ِتَن ا َو َٰل ِك َّن ا ُك َّن ا ُمْر ِس ِليَن " ،ذكBر
103
?.الملوك في القرآن الكريم ،إعداد مصطفى محمد يوسف خطيب ،ص 33
97
وقوله تعالى َ ":قاَل َر ِّب ٱْج َع ل ِّلٓى َء اَيًةۚ َقاَل َء اَيُت َك
104
َّر َّبَك َك ِثيًر ا َو َس ِّبْح ِبٱْلَع ِش ِّى َو ٱِإْل ْب َٰك ِر "
105
َأاَّل ُتَك ِّلَم ٱلَّناَس َثَٰل َث َلَياٍۢل َس ِو ًّيا "
فمرة قال( :ثالث ليال) ومرة قال (ثالث أيام) .إن القصة واحدة ،وهي قصة سيدنا زكريBBاء
106
عليه السالم والليالي غير األيام.
قوله تعBالىَ ":و اَل َتنِك ُح وْا َم ا َنَك َح َءاَب ٓاُؤ ُك م ِّم َن ٱلِّنَس ٓاِء ِإاَّل َم ا َق ْد َس َلَف ۚ ِإَّن ۥُه َك اَن َٰف ِح َش ًة َو َم ْقًت ا
107
َو َس ٓاَء َس ِبياًل "
وصفت اآلية نكاح زوجة األب بثالث صBفات قبيحBة :فهBو فاحشBة ،وهBو مقت ،وهBو سBبيل
108
وقال تعالى في تحريم الزنا َ ":و اَل َتْقَر ُبوْا ٱلِّز َنٰٓى ۖ ِإَّن ۥُه َك اَن َٰف ِح َش ًة َو َس ٓاَء َس ِبيًلا "
وصفت اآلية الزنا بأنه فاحشة وسبيل سيء ،ولم تصفه بأنه "مقت".
فما حكمة ذكر "مقت" في تحريم نكاح زوجة األب ،وحذفه في تحريم الزنا ؟
المقت هو البغض الشديد وال يطلق إال على األفعال القبيحة المنكرة المرذولة
وقولBB Bه تعBB Bالىَٰٓ" :يَأُّيَه ا ٱَّل ِذ يَن َء اَم ُن ٓو ْا ِإَذ ا ُقْم ُتْم ِإَلى ٱلَّص َلٰو ِة َفٱْغ ِس ُلوْا ُو ُج وَه ُك ْم َو َأْي ِد َيُك ْم ِإَلى
ٱْلَمَر اِف ِق َو ٱْمَس ُح وْا ِبُر ُءوِس ُك ْم َو َأْر ُج َلُك ْم ِإَلى ٱْلَك ْع َبْي ِن ۚ َو ِإ ن ُك نُتْم ُجُنًب ا َف ٱَّطَّهُر وْاۚ َو ِإ ن ُك نُتم
َّم ْر َض ٰٓى َأْو َع َلٰى َس َفٍر َأْو َج ٓاَء َأَح ٌد ِّم نُك م ِّم َن ٱْلَغ ٓاِئِط َأْو َٰل َم ْس ُتُم ٱلِّنَس ٓاَء َفَلْم َتِج ُد وْا َم ٓاًء َفَتَيَّم ُم وْا
َص ِع يًد ا َطِّيًب ا َفٱْمَس ُح وْا ِبُو ُج وِه ُك ْم َو َأْي ِد يُك م ِّم ْن ُهۚ َم ا ُيِر ي ُBد ٱلَّل ُه ِلَيْج َع َل َع َلْي ُك م ِّم ْن َح َر ٍۢج َو َٰل ِك ن
ُيِر ي ُB Bد ِلُيَطِّه َر ُك ْم َو ِلُيِتَّم ِنْع َم َت ۥُه َع َلْي ُك ْم َلَع َّلُك ْم َتْش ُك ُر وَن " ،110عنBB Bد النظBB Bر في اآليBB Bة نBB Bرى أنهBB Bا
فصBBلت في ذكBBر أحكBBام الوضBBوء ،وبينت تلBBك األحكBBام ،ونصBBت على ذكBBر أركBBان الوضBBوء
األربعBBة؛ غسBBل الوجBBه ،وغسBBل اليBBدين إلى المBBرفقين ،ومسBBح الBBرأس ،وغسBBل الBBرجلين ،ثم
ذكرت الغسل من الجنابة ،ثم ذكرت التيمم عند عدم وجBود المBاء ،ثم فصBلت في آخرهBا في
ذكBBر حكمBBة التشBBريعات واألحكBBام ،بBBأّن اهلل ال يري ُBد أن يجعBBل علينBBا حرجBBا في الBBدين ،وإ نمBBا
يريد تطهيرنBا وإ تمBام النعمBة علينBا .ففي اآليBة تفصBيل وتبBيين وتوضBيح لتلBك األحكBام ،وهBذا
ي أدى إلى "تطويBBل" اآليBBة ،وزيBBادة ألفاظهBBا وكلماتهBBا .111أمBBا آيBBة سBBورة النسBBاءَٰٓ ":يَأُّي ا ٱَّل ِذ
َن َه
ا ُن وْا اَل َتْق ُب وْا ٱلَّص َلٰو َة َأنُت َٰك ٰى َح َّتٰى َتْع َل وْا ا َتُقوُل وَن اَل ُجُنًب ا ِإاَّل َع اِبِر ى ِبيٍل
َس َو ُم َم َو ْم ُس َر َر َء َم
ِئِط َٰل ِس
َح َّتٰى َتْغَت ُلوْاۚ َو ِإ ن ُك نُتم َّم ْر َض ٰٓى َأْو َع َلٰى َس َفٍر َأْو َج ٓاَء َأَح ٌد ِّم نُك م ِّم َن ٱْلَغ ٓا َأْو َم ْس ُتُم ٱلِّنَس ٓاَء
إعجاز القرآن البياني ودالئل مصدره الرباني ،للدكتور صالح عبد الفتاح الخالدي ،ص .253-252 109
أرك BB Bان الوض BB Bوء ،كم BB Bا فعلت آي BB Bة س BB Bورة المائ BB Bدة الس BB Bابقة إنم BB Bا أجملت الكالم إجم BB Bاًال عن
113
الوضوء وغسل الجنابة ،والتيمم عند عدم وجود الماء.
قوله تعالى َ ":و ُهَو ٱَّلِذ ى َيَتَو َّفٰى ُك م ِبٱَّلْي ِل َو َيْع َلُم َم ا َج َر ْح ُتم ِبٱلَّنَه اِر ُثَّم َيْب َع ُثُك ْم ِفيِBه ِلُيْقَض ٰٓى َأَج ٌل
ُّم َس ًّم ىۖ ُثَّم ِإَلْي ِه َم ْر ِج ُعُك ْم ُثَّم ُيَنِّبُئُك م ِبَم ا ُك نُتْم َتْع َم ُل وَن " ،114وهBB Bذا أقBB Bرب إلى الليBB Bل وذكBB Bره
115
وألصق به من ذكر النهار ،ولم يذكر مثل :ذلك في آل عمران حيث ذكر األيام .
116
قوله تعالى ِ ":إَّن َر َّبَك ُهَو َأْع َلُم َم ن َيِض ُّل َع ن َس ِبيِلِهۦۖ َو ُهَو َأْع َلُم ِبٱْلُمْهَتِد يَن "
117
وكذلك قوله تعالى ُ ":قل َّر ِّبٓى َأْع َلُم َم ن َج ٓاَء ِبٱْلُهَد ٰى َو َم ْن ُهَو ِفى َض َٰل ٍۢل ُّم ِبيٍۢن "
يطرد ذكر ما سماه النجاة ضBBمير الفصBBل أو العمBBاد في آيBBات القBBرآن الكBBريم ليصBBبح ظBBاهرة
تسBتدعي الدراسBة ،وممBBا يلفت النظBBر وجBود العديBBد من اآليBBات المتشBابهة ذكBBر فيهBBا الضBBمير
118
مقابل آيات أخرى لم يذكر فيها الضمير "
وهذا ما حدث ف-ي آية األنعام ،حيث ذكر الضمير " هو " ولم يذكره في آية القصص .
قوله تعالى َ ":أَفَتْطَم ُع وَن َأن ُيْؤ ِم ُن وْا َلُك ْم َو َق ْد َك اَن َفِر يٌBق ِّم ْن ُهْم َيْس َم ُعوَن َك َٰل َم ٱلَّلِه ُثَّم ُيَح ِّر ُف و ۥ
َنُه
119
ِم ۢن َبْع ِد َم ا َع َقُلوُه َو ُهْم َيْع َلُم وَن "
نصب مفعول بBه للفعBل المتعBدي عقBل ،يعقBل ،وممBا يلقى الضBوء على داللBة الفعBل " يعقBل"
وفي قول BBه تع BBالى َ ":و َلَق ْد َذ َر ْأَن ا ِلَج َهَّنَم َك ِث يًر ا ِّم َن ٱْلِج ِّن َو ٱِإْل نِس ۖ َلُهْم ُقُل وٌب اَّل َيْفَقُه وَن ِبَه ا
" ،122في اآليBB Bتين السBB Bابقتين ذكBB Bر الفعBB Bل (عقBB Bل-يعقBB Bل) وفي آيBB Bة األعBB Bراف لم يBB Bذكر الفعBB Bل
قول BBه تع BBالى َ ":و ُقْلَن ا َٰٓئَـ اَد ُم ٱْس ُك ْن َأنَت َو َز ْو ُج َك ٱْلَج َّن َة َو ُكاَل ِم ْن َه ا َر َغ ًد ا َحْي ُث ِش ْئ ُتَم ا َو اَل
َّٰظ
123
َتْقَر َبا َٰه ِذِه ٱلَّش َج َر َة َفَتُك وَنا ِم َن ٱل ِلِم يَن "
وقBال في سBورة األعBBراف َ ":و َٰٓئَـاَد ُم ٱْس ُك ْن َأنَت َو َز ْو ُج َك ٱْلَج َّن َة َفُكاَل ِم ْن َحْي ُث ِش ْئ ُتَم ا َو اَل
َّٰظ
فعط BBف كال على قول BBه اس BBكن بالف BBاء في ه BBذه 124
َتْقَر َب ا َٰه ِذِه ٱلَّش َج َر َة َفَتُك وَن ا ِم َن ٱل ِلِم يَن "
السورة ،وعطفها عليه في سBورة البقBرة بBالواو ،واألصBBل في ذلBك أن كBل فعBل عطBف عليBه
م BBا يتعل BBق ب BBه تعل BBق الج BBواب باالبت BBداء ،وك BBان األول م BBع الث BBاني بمع BBنى الش BBرط والج BBزاء،
فاألصل فيه عطف الثاني على األول بالفاء دون الواو ".125
126
قوله تعالى َ ":قْد َبَّيَّنا َلُك ُم ٱْل َء اَٰي ِت ۖ ِإن ُك نُتْم َتْع ِق ُلوَن "
121المرجع السابق تعاقب الذكر والحذف في آيات القرآن الكريم ،ص .130
122سورة األعراف (اآلية)179 :
123سورة البقرة (اآلية)35 :
30 124سورة األعراف( ،اآلية)19 :
125درة التنزيل وغرة التأويل في بيان اآليات المتشابهات في كتاب هللا العزيز ،برواية ابن أبي الفرج
األردستاني ،ص.10
وكثBBيرا مBBا ورد 127
وقولBBه تعBBالى َ ":ك َٰذ ِلَك ُيْح ِى ٱلَّل ُه ٱْلَم ْو َتٰى َو ُي ِر يُك ْم َء اَٰي ِتِهۦ َلَع َّلُك ْم َتْع ِق ُل وَن "
الفعBBل (عقBBل) في القBBرآن الكBBريم بBBدون أن يتBBوفي مفعولBBه ،ومنBBه قولBBه تعBBالى َ ":أَفاَل َتْع َم ُل وَن
و" َلَع َّلُك ْم َتْع ِق ُلوَن " و" ِإن ُك نُتْم َتْع ِق ُلوَن ". 128
"
ومما يلقي الضوء على داللة الفعل "يعقل" متعديا بذاته أو متعديا بحرف الجر أو مكتفيا
129
بالداللة على الحدث كفعل الزم .
قBBال تعBBالى ِ ":إَّن ٱلَّل َه اَل َيْغ ِف ُر َأن ُيْش َر َك ِبِهۦ َو َيْغ ِف ُر َم ا ُد وَن َٰذ ِل َك ِلَم ن َيَش ٓاُءۚ َو َم ن ُيْش ِر ْك
ِبٱلَّل ِه َفَق ِد ٱْفَت َر ٰٓى ِإْثًم ا َع ِظ يًم ا " ،130وقBBال في هBBذه السBBورة ِ ":إَّن ٱلَّل َه اَل َيْغ ِف ُر َأن ُيْش َر َك ِبِهۦ
131
َو َيْغ ِف ُر َم ا ُد وَن َٰذ ِلَك ِلَم ن َيَش ٓاُءۚ َو َم ن ُيْش ِر ْك ِبٱلَّلِه َفَقْد َض َّل َض َٰل ًۢل ا َبِع يًد ا "
للسBائل أن يسBأل فيقBBول ":لم كBBان جBواب من يشBرك باهلل في اآليBة األولى فقBBد افBترى إثمBBا
عظيمBBا ،وجوابBBه في اآليBBة الثانيBBة فقBBد ضBBل ضBBالال بعيBBدا ؟ فأمBBا الجBBواب عن التكBBرار ،فألن
132
هذه السورة لما اشتمل صدرها على ذكر األحكام وانتهى إلى ذكر التيمم ثم انقطع ذلك
الفع BBل "علم" ورد في الق BBرآن الك BBريم في العدي BBد مكن اآلي BBات متع BBديا كم BBا ه BBو في اآلي BBة
الس BBابقة ،كم BBا تع BBددت مواض BBع ح BBذف المفع BBول بع BBد الفع BBل "علم" في آي BBات أخ BBرى َ ":و َأنُتْم
ِ "،إن ُك نُتْم َتْع َلُم وَن " وقولBه تعBالى ُ ":قْل َه ْل َيْس َتِو ى ٱَّلِذ يَن َيْع َلُم وَن َو ٱَّلِذ يَن اَل
134
135
َتْع َلُم وَن "
136
َيْع َلُم وَن ۗ ِإَّنَم ا َيَتَذ َّك ُر ُأْو ُلوْا ٱَأْلْلَٰبِب "
ف BBالتركيز في آي BBة المائ BBدة على العم BBوم والثاني BBة على العلم عام BBة ،ونع BBود لنق BBول إذا ك BBان
137
التركيز على الحدث فال داعي لذكر المفعول
قوله تعالى َ ":و َج َع ُلوْا ِلَّلِه ُش َر َك ٓاَء ٱْلِج َّن َو َخ َلَقُهْم ۖ َو َخ َر ُقوْا َل ۥُه َبِنيَن َو َبَٰنٍت ِبَغْي ِر ِع ْلٍۢم ۚ ُس ْب َٰح ۥ
َنُه
31 138
َو َتَٰع َلٰى َع َّم ا َيِص ُفوَن "
إن جعلن BBا قول BBه " ِلَّل ِه ُش َر َك ٓاَء "مفع BBولي "جعل BBوا" ألن " اهلل" في موض BBع الخ BBبر المنس BBوخ،
وشBBركاء (نصBBب في موضBBع المبتBBدأ ،وعلى هBBذا فيحتمBBل وجهين :أحBBدهما أن يكBBون مفعBBوال
بفعBBل ) محBذوف دل عليBBه سBؤال مقBBدر ،كأنBBه قيBBل :أجعلBBوا هلل شBركاء ؟ قيBBل :جعلBBوا الجن،
فيفيBBد الكالم إنكBBار الشBBريك مطلقBBا ،فBBدخل اعتقBBاد الشBBريك من غBBير الجن بBBدال من "شBBركاء"
133سورة المائدة (اآلية)116 :
134سورة البقرة (اآلية)22 :
135سورة البقرة (اآلية)184 :
136سورة الزمر (اآلية)09 :
137تعاقب الذكر والحذف في آيات القرآن الكريم ،دراسة بالغية نحوية في إعجاز القرآن الكريم ،تأليف د
.فاطمة فضل السعدي،ص.131
138سورة األنعام (اآلية)100 :
فيفيد إنكار الشريك مطلقا كما سبق ،وإ ن جعل "اهلل " صلة كان "شركاء الجن" مفعBBولين قBBدم
139
ثانيهما على أولهما ،وعلى هذا فال حذف.
واجتزأ بالكسرة في آيتي المائBدة ،وذلBك أن السBياق في البقBرة يسBتدعي تحBذير المسBلمين من
خش BBية الن BBاس وع BBدم االلتف BBات إلى أراجيفهم ،كم BBا يس BBتدعي ت BBوجيههم إلى مراقب BBة اهلل تع BBالى
139البرهان في علوم القرآن ،تأليف اإلمام بدر الدين محمد بن عبد هللا الزركشي ،ص.750
140سورة البقرة( ،اآلية)150 :
141سورة المائدة (اآلية)03 :
142سورة المائدة (اآلية)44 :
وخشيته أكثر بكثير مما في المواطنين اآلخرين ،وذلك أن السياق في البقرة في تبديل الفيلة
من بيت المقBBدس إلى المسBBجد الحBBرام في مكBBة ،وقBBد أرجBBف اليهBBود والمنBBافقون بسBBبب هBBذا
التغيBBير وأكBBثروا القBBول فيBBه ،فاسBBتدعى ذلBBك توجيBBه المسBBلمين إلى عBBدم االلتفBBات إلى أقBBوال
أعداء اهلل أو خشيتهم وإ نما عليهم أن يخافوا اهلل وحده فBBأبرز الضBBمير العائBBد على اهلل تعBBالى
143
فقال َ ":فاَل َتْخ َش ْو ُهْم َو ٱْخ َش ْو ِنى"
وقBBد يسBBتعمل القBBرآن الكBBريم المفBBردة أحيانBBا مبدلBBة وأحيانBBا غBBير مبدلBBة وذلBBك نحBBو "يتBBذكر"
و"يّذ ّك ر" " ،يتدبر" و"يّد ّب ر" ،ونحو مكة وبكة ،وبسطة وبصطة ،إننا نرى أن كBBل تغيBBير في
التعبBBير القBBرآني مهمBBا كBBان فلBBه سBBبب ،وال يكBBون تغيBBير من دون سBBبب ،قBBد تBBرد الكلمBBة في
التعبBBير القBBرآني مبدلBBة مدغمBBة مBBرة ،ومBBرة أخBBرى تBBرد غBBير مبدلBBة " ،146كمBBا جBBاء في آيBBة
البقرة "يتذكرون" بذكر التاء وفي آية األعراف "يّذ ّك رون" بحذفها .
غير أنه حينما تعBرض القBرآن الكBريم لBذكر مBوت الرسBول صBلى اهلل عليBه وسBلم فقBد خصBه
بكلمة " َأَفِإْي ن " بشكلها غي العBادي حيث إنهBا زادت حBرف "اليBاء" ،وذلBك ليلفت النظBر إلى
أن الرسBBول صBBلى اهلل عليBBه وسBBلم سBBيموت مثBBل البشBBر جميعBBا ...وعلى المسBBلمين أال ينقلبBBوا
على أعق BBابهم بع BBد موت BBه ....وأال يص BBيبهم ذل BBك الح BBدث بال BBذهول وع BBدم االت BBزان ...وإ نم BBا
يتماسكوا ويعلموا أن اهلل سبحانه وتعBالى لم يجعBل ألحBد من قبلBه الخلBد ...وقBد كBان موقBف
سBBيدنا أبي بكBBر الصBBديق عظيمBBا حيث ذكBBر هBBذه اآليBBة الكريمBBة الBBتي أعBBادت للنBBاس رشBBدهم
والBBتي احتBBوت كلمBBة " َأَف ِإْي ن " بشBBكلها غBBير العBBادي ،كBBذلك احتBBوت آيBBة كريمBBة أخBBرى هBBذه
الكلمة بشكلها غير العادي وكانت خاصة أيضا بموت الرسول صلى اهلل عليه وسBBلم ،علمBBا
149
أنه لم يرد في القرآن كله هذا الشكل غير العادي لهذه الكلمة إال في هذين الموضعين :
وفيمBBا يلي أمثلBBة لكلمBBة "إن" وملحقاتهBBا والBBتي وردت في القBBرآن الكBBريم كلBBه بBBدون "اليBBاء"
150
قول BBه تع BBالى َ ":ق اُلٓو ْا َأَلْم َتُك ْن َأْر ُض ٱلَّل ِه َٰو ِس َع ًة َفُتَه اِج ُر وْا ِف يَه اۚ َفُأْو َٰٓلِئ َك َم ْأَو ٰى ُهْم َج َهَّنُم ۖ -
َو َس ٓاَء ْت َم ِص يًر ا " ،ف BBإن ك BBون تالوة اآلي BBات ق BBد اكتم BBل كون BBه وتم وك BBذلك َ ":أَلْم َتُك ْن
154
156
وفي قوله تعالى َ ":و ِإ ن َتُك َح َس َنًة ُيَٰض ِع ْفَها َو ُيْؤ ِت ِم ن َّلُدْن ُه َأْج ًر ا َع ِظ يًم ا "
حذفت النون تنبيها على أنها كBانت صBغيرة المقBدار حقBيرة في االعتبBار فBإن إليBه ترتيبهBا
34
الBBذي أقBBل من مبBBدأ فيBBه ،وهBBو الحس إلى العقBBل إلى الBBذكر ،ورقBBوهم من أخفض رتبBBة وهي
قوله تعالى َ ":و َء اُتوْا ٱْلَيَٰتَم ٰٓى َأْم َٰو َلُهْم ۖ َو اَل َتَتَب َّد ُلوْا ٱْلَخ ِبيَث ِب ٱلَّطِّيِب ۖ َو اَل َت ْأُك ُلٓو ْا َأْم َٰو َلُهْم ِإَلٰٓى -
وقوله تعالى ":اَّل َيِح ُّل َلَك ٱلِّنَس ٓاُء ِم ۢن َبْع ُد َو ٓاَل َأن َتَب َّد َل َأْم َٰو ِلُك ْم ۚ ِإَّن ۥُه َك اَن ُح وًبا َك ِبيًر ا "
160
ِبِه َّن ِم ْن َأْز َٰو ٍۢج َو َلْو َأْعَجَبَك ُحْس ُنُهَّن ِإاَّل َم ا َم َلَك ْت َيِم يُنَك ۗ َو َك اَن ٱلَّل ُه َع َلٰى ُك ِّل َش ْى ٍۢء َّر ِقيًب ا
،فقال في آية األحزاب َ ":تَبَّد ل" بحذف إحدى التاءين ،وقال في آية النسBBاء َ ":و اَل
161
"
َتَتَبَّد ُلوْا " من دون الحذف ،ذلك أن آية األحزاب حكمها مقصور على الرسول صBلى اهلل
عليBBه وسBBلم فهBBو منهي عن أن يتبBBدل بأزواجBBه أزواجBBا ،أمBBا اآليBBة الثانيBBة ،فهي حكم عBBام
للمس BBلمين على م BBر العص BBور ،فق BBال في الحكم المح BBدد والح BBدث المقص BBور على ش BBخص
واحBB Bد (تبBB Bدل) بالحBB Bذف من الفعBB Bل ،وقBB Bال في الحكم العBB Bام الممتBB Bد على مBB Bر العصBB Bور
(َتَتَب َّد ُلوْا) فجBBاء بالصBBيغة القصBBيرة للحBBدث القصBBير ،وبالصBBيغة الطويلBBة للحBBدث الطويBBل
162
الممتد "
َ35ن َأْن َء اِم ُن وْا ِبى َو ِبَر ُس وِلى َق اُلٓو ْا َء اَم َّن ا َو ٱْش َهْد
قول BBه تع BBالى َ ":و ِإْذ َأْو َحْيُت ِإَلى ٱْلَح َو اِر ِّيۦ
ِبَأَّنَن ا ُم ْس ِلُم وَن " ،وقولBBه َ ":فَلَّم ٓا َأَح َّس ِع يَس ٰى ِم ْن ُهُم ٱْلُكْف َر َق اَل َم ْن َأنَص اِر ٓى ِإَلى ٱلَّلِه ۖ َق اَل
163
في آي BBة آل عم BBران ،وثبتت في آي BBة المائ BBدة ،فقي BBل "إنن BBا" وس BBبب ذل BBك واهلل أع BBل "أن آي BBة
المائ BBدة لّم ا ورد فيه BBا من التفص BBيل فيم BBا يجب اإليم BBان به BBو ذل BBك قول BBه َ ":أْن َء اِم ُن وْا ِبى و
ِبَر ُس وِلى " فجاء على أتم عبارة في المطلوب وأوفاها ناسBب ذلBك (أننBا ) على أوفى الحBالين
وهو الورود على األصل .ولما لم يقع إفصاح بهذا التفصيل في سورة آل عمران حين قال
تعBBالى َ ":ق اَل ٱْلَح َو اِر ُّي وَن َنْح ُن َأنَص اُر ٱلَّلِه َء اَم َّن ا ِبٱلَّلِه " ،فلم يقBBع هنBBا ( :وبرسBBوله) إيجBBازا
للعلم ب BBه وشBBهادة السBBياق ناسBBب ه BBذا اإليجBBاز اإليجBBاز ،كم BBا ناسBBب اإلتم BBام في آي BBة المائ BBدة
اإلتمام ،فقيل هنا ":واشهد بأنا مسلمون )وجاء كBل على مBا يجب ،ولBو قBدر ورد العكس لمBا
165
ناسب "
َٰٓل
قوله تعالى َ ":ه ْل َينُظُر وَن ِإٓاَّل َأن َتْأِتَيُهُم ٱْلَم ِئَكُة َأْو َيْأِتَى َر ُّبَك َأْو َي ْأِتَى َبْعُض َء اَٰي ِت َر ِّب َك
ۗ َيْو َم َيْأِتى َبْعُض َء اَٰي ِت َر ِّبَك اَل َينَفُع َنْفًس ا ِإيَٰم ُنَه ا َلْم َتُك ْن َء اَم َنْت ِم ن َقْب ُل َأْو َك َس َبْت ِفٓى ِإيَٰم ِنَه ا
166
َخْي ًر اۗ ُقِل ٱنَتِظ ُر ٓو ْا ِإَّنا ُم نَتِظ ُر وَن "
وقوله تعالى َ":ي ْو َم َي ْأِت اَل َتَك َّلُم َنْفٌس ِإاَّل ِبِإْذ ِنِهۦۚ َفِم ْن ُهْم َش ِق ٌّى َو َس ِع يٌد " ،167فBBذكر "اليBBاء" في
كلمة "ياتي" في سورة األنعام ،وحذف اليBBاء من "يBBأت" في سBBورة هBBود ،واجBBتزأ بالكسBBرة في
168
آية هود دون آية األنعام ،ولهذا الذكر سببه وللحذف أيضا سببه "
164سورة آل عمران (اآلية)52 :
165التعبير القرآني ،فاضل صالح السامرائي ،ص.76
166سورة األنعام (اآلية)158 :
167سورة هود(اآلية)105 :
168التعبير القرآني ،فاضل صالح السامرائي ،ص - ،88بتصرف-
36
ِإ َّلِه َّلِه ِإ
قوله تعالى ُ ":قْل َأَر َء ْي َتُك ْم ْن َأَتٰى ُك ْم َع َذ اُب ٱل َأْو َأَتْتُك ُم ٱلَّساَع ُة َأَغْي َر ٱل َتْد ُع وَن ن ُك نُتْم
َّل َٰص ِد ِق يَن "
وقوله تعالى ُ ":قْل َأَر َء ْي ُتْم ِإْن َأَخ َذ ٱل ُه َسْمَع ُك ْم َو َأْب َٰص َر ُك ْم َو َخَتَم َع َلٰى ُقُل وِبُك م َّم ْن
169
ِإَٰل ٌه َغْي ُر ٱلَّلِه َي ْأِتيُك م ِب ِه ۗ ٱنُظ ْر َك ْي َف ُنَص ِّر ُف ٱْل َء اَٰي ِت ُثَّم ُهْم َيْص ِد ُفوَن " ،170فBBأنت تBBرى أنBBه
قBBال مBBرة (أرأيتم) ومBBرة أخBBرى (أرأيتكم) بزيBBادة الكBBاف ،وهBBذه الزيBBادة إنمBBا تكBBون لغBBرض
توكيد الخطاب ،وذلك كأن يكون المخاطب غافال أو يكون األمر يBBوجب زيBBادة التنبيBBه وإ نمBBا
األول :أنه قال في اآلية األولى ُ ":قْل َأَر َء ْي ُتْم ِإْن َأَخ َذ ٱلَّل ُه َس ْمَع ُك ْم َو َأْب َٰص َر ُك ْم َو َخَتَم َع َلٰى
ُقُل وِبُك م " فاحت BBاجوا بع BBد إلى زي BBادة في التنبي BBه والخط BBاب ،وذل BBك ب BBأن فاق BBد الس BBمع والبص BBر
والمخت BBوم على قلب BBه ب BBه حاج BBة إلى زي BBادة خط BBاب وتنبي BBه أك BBثر من الس BBوي فق BBال فيم BBا بع BBد
(أرأيتكم).
والسبب الثاني :أن اآلية الثانية أشد من اآلية األولى تنكيال وعذابا ،فإن فيهBBا عBBذاب اهلل
الذي هو أشد من أخذ السمع والبصر ،فاحتاج الموقBف إلى تنبيBه أكBثر وزيBادة حBذر وحيطBة
171
فجاءت بكاف الخطاب .
الخاتمة
خاتمة:
في ختام هذا ،فلقد توصلنا إلى نتائج أفرزتها هذه الدراسة وجاءت كالتالي:
.1الحذف ليس كمBا يفهم من الوهلBة األولى أنBه إسBقاط وإ خفBاء وإ ضBمار بBل هBو الغBائب
بأولوي BBة النح BBو دون س BBواه فيم BBا يخص ه BBذه الظ BBاهرة والتأكي BBد على جع BBل علم المع BBاني ِا بنًB Bا
ش BBرعيًا للنح BBو ل BBه ،لدرج BBة أَّن ه س BBمي من قب BBل (مع BBاني النح BBو) وق BBد تلمس BBنا ذل BBك من خالل
.3إذا كBBانت هBBذه الظBBاهرة قBBد أتت ضBBمن مبBBاحث علم المعBBاني ،فإنهBBا قBBد ربطت علBBوم
البالغ BBة جميعًB Bا برب BBاط س BBرى وق BBد أحس الق BBارئ أن البالغ BBة ركيزته BBا وعماده BBا ،وقوامه BBا
ظاهرة الذكر والحذف ،ال تنفك عنها وال تعدوها وإ نما تدور في فلكها وعقالها.
.4البالغBBة الصBBوتية ،تلBBك الBBتي تعتمBBد اإلشBارة وتعبBBيرات الوجBه وإ يماءاتBBه وجBاء الوجBه
داًال على ال BBذكر والح BBذف ،وت BBراوحت تل BBك الظ BBاهرة م BBع تغي BBيرات الوج BBه ،ومن ثم ج BBاءت
متوائمBBة معBBه ،وتمثBBل القBBارئ ذلBBك تمBBثيًال واضBBعًا ،لقBBد مثلت هBBذه الظBBاهرة اإلبBBداع فأصBBبح
وفي األخBBير فقBBد لفت نظرنBBا أن األسBBلوب القBBرآني أعطى «هBBاء التشBBبيه» من تبBBاين -
والرتبBB Bة ومن الBB Bذكر والحBB Bذف مBB Bا يBB Bدل على دقBB Bة التعبBB Bير ،فBB Bإذا ذكBB Bرت «الهBB Bاء» ،فهي في
موضعها المناسب ،وإ ذا حذفت فإن السياق ال يقتضBي وجودهBا ،مّم ا عBزز القBول بBأّن تبBاين
الملخص :
وهكBBذا حاولنBBا في هBBذه المBBذكرة –على قBBدر المسBBتطاع -أن نتنBBاول درس آيBBات من القBBرآن
وق BBد بلغن BBا –بحم BBد اهلل تع BBالى -نهاي BBة المط BBاف لخ BBوض تجرب BBة عميق BBة في رح BBاب كت BBاب اهلل
المعجBBز؛ وذلBBك أن كBBل آيBBة –وإ ن بBBدت مشBBابهة في سBBورة أخBBرى -فإنهBBا تأخBBذ جBBو السBBورة
الBB Bتي وردت فيهBB Bا؛ فيكBB Bون لBB Bذكرها في موضBB Bعها حكمBB Bة تختلBB Bف عن ذكرهBB Bا في الموضBB Bع
اآلخBBر ،وإ ّن إدراك هBBذا التشBBابه في مواضBBعه المتعBBددة يحتBBاج إلى موهبBBة ومهBBارة وإ حاطBBة
بقواعد اللغBBة ودقائقهBBا ،وإ لى صBBفاء الBBذهن وقBوة اإلدراك ،وقBد تعجBز أحيانBBا عن إدراك هBBذه
األسBBرار ،إّال أن هBBذا كلBBه لم يحBBل دون مواصBBلة البحث من أجBBل الكشBBف عن أسBBرار البيBBان
-1إن ظاهرة الذكر والحذف في الكلمات في آيات القرآن الكريم ظاهرة أسلوبية.
-2قض BBية الزي BBادة والتك BBرار قض BBية قديم BBة حديث BBة تناوله BBا النح BBاة وتبعهم بعض المفس BBرين
القBBدماء ،ولم ينكرهBBا بعض الدارسBBين المعاصBBرين ،ورفضBBها دارسBBون معاصBBرون آخBBرون،
ألن القBBول بالزيBBادة ال ينسBBجم مBBع الBBذوق القBBرآني ،فوجBBود الحBBرف ضBBروري للداللBBة ،حذفBBه
-3القBBرآن الكBBريم جBBاء دائمBBا ليحBBاكي أسBBاليب العBBرب دون أن يحويهBBا جميعBBا بالضBBرورة،
ومن جهBBة أخBرى فقBBد يوجBد في القBBرآن الكBBريم من أسBاليب العBBرب مBBا لم يBBرد بBBه إلينBBا شBاهد
على كالمهم.
-4إّن م BBا س BBماه النح BBاة ض BBمير الفص BBل ورد في الق BBرآن الك BBريم في آي BBات عدي BBدة دون أن
يفصل بين االسم والخبر المعرفة ،بل ورد بين اسم وخبر نكرة ،مما يBدل على أنBه لم يBذكر
المنهج الجم BBالي تجع BBل الب BBاحث يرك BBز على إب BBراز م BBواطن الجم BBال الق BBرآني ،دون االنشBBغال
بالقضايا النحوية الجانبية أو بخالفات المفسرين ويبين مواطن اإلعجاز القرآني أيضا.د
.2إعجBBاز رسBBم القBBرآن وإ عجBBاز التالوة ،محمBBد شBBملول ،دار السBBالمة للطباعBBة والنشBBر
والتوزيBBع والترجمBBة ،جمهوريBBة مصBBر العربيBBة -القBBاهرة -اإلسBBكندرية ،ط1433 ،4هـ /
2012م.
.3البرهBBان في علBBوم القBBرآن ،بBBدر الBBدين محمBBد بن عبBBد اهلل الزركشBBي ،تح :أ.ي الفصBBل
.4بالغBB B B B Bة الكلمBB B B B Bة في التعبBB B B B Bير القBB B B B Bرآني ،فاضBB B B B Bل صBB B B B Bالح السBB B B B Bامرائي ،دار ابن
كثير،دمشق،سوريا،ط1436 ،1ه2012/م.
.5تع BBاقب ال BBذكر والح BBذف في آي BBات الق BBرآن الك BBريم ،دراس BBة بالغي BBة نحوي BBة في إعج BBاز
القBB Bرآن الكBB Bريم ،د.فاطمBB Bة فضBB Bل السBB Bعدي ،أروقBB Bة للدراسBB Bات والنشBB Bر ،ط1434 ،1هـ /
2013م.
.7تفسير البحر المحيط ،محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان األندلسي ،دراسBBة وتحقيBBق
وتعليBBق الشBBيخ عBBادل أحمBBد عبBBد الوجBBود والشBBيخ على محمBBد معBBوض ،دار الكتب العلميBBة،
1984 ،1م.
.9التفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب ،لإلمام محمد الرازي
فخBر الBدين ،دار الفكBر للطباعBة والنشBر والتوزيBع ،لبنBان بBيروت ،ج ،15ط1401 ،1هـ /
1981م.
الحBBذف البالغي في القBBرآن الكBBريم ،مصBBطفى عبBBد السBBالم أبBBو شBBادي ،مكتبBBة .10
.11درة التنزيل وغرة التأويل في بيان اآليات المتشBابهات في كتBاب اهلل العزيBز بروايBة
ابن أبي الفBB B Bرج األردسBB B Bتاني ،الخطيب اإلسBB B Bكافي ،دار األفBB B Bاق الجديBB B Bدة ،بBB B Bيروت ،ط،4
دروس في البالغة العربية نحو رؤية جديدة ،األزهBر الزنBاد ،المركBز الثقBافي .12
دالئ BBل اإلعج BBاز في علم المع BBاني ،عب BBد الق BBاهر الجرج BBاني ،تحقي BBق أب BBو فه BBر .13
.14الصحاح تاج اللغة وصحاح العربيBBة مBBرتب ترتيبًBا ألفائيًBا وفBق أوائBBل الحBروف ،أبي
نصر إسماعيل بن حماد الجوهري ،دار الحديث القاهرة1430 ،هـ 2009 /م.
ظ BBاهرة الح BBذف في ال BBدرس اللغ BBوي ،ت BBأليف ال BBدكتور ط BBاهر س BBليمان حم BBودة، .15
.16كتBB B Bاب العين ،ألبي عبBB B Bد الBB B Bرحٰم ن الخليBB B Bل بن أحمBB B Bد الفراهيBB B Bدي ،تحقيBB B Bق مهBB B Bدي
.18اللغة العربية معناها ومبناها ،تمام حسان ،دار الثقافة ،الدار البيضاء1994 ،م. .
الرسائل الجامعية:
.1األثر الداللي لحذف الفعل في القرآن الكريم ،مجلس كلية التربية للبنBBان -جامعBBة
الكوفة هي جزء من متطلبات نيل درجة الماجسBتير في اللغBBة العربيBBة وآدابهBBا1430 ،هـ /
2009م
.2حBBذف الحBBرف في القBBرآن الكBBريم :موضBBعه وغاياتBBه ،تهBBاني حسBBانية على البقلي،
مدرسة التفسير وعلوم القرآن ،بكلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات بالزقازيق.
.3دالالت الحBBذف في القBBرآن الكBBريم من خالل كتBBاب تيسBBير التفسBBير للشBBيخ أطفيش،
مذكرة تخرج مقدمة لنيل شهادة ماستر في اللغة واألدب العربي ،جامعة أدرار/ 1437 ،
.4عبد المجيaد شaاري و عبaد العزيaز غaزالي.الحaذف و دالالتaه في تسيير التفسير للشaيخ ألفّيش،
.1الذكر والحذف وعلوم العربية ،مجلة جامعية طيبة لآلداب والعلBBوم اإلنسBBانية،
4............................................................................ النظري
5......................................................... والبالغيين
6-5.................................................................. النحاة
10-7........................................................... البالغيين
11........................................................ والبالغيين
11...................................................................... النحاة
دWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWذكر عنWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWW ال:انيWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWالمبحث الث
12-11........................................................... البالغيين
13........................................................................ التطبيقي
14............................................-األول
17-15............................................................. األسماء
22-18.............................................................. األفعال
26-23........................................................... الحروف
26............................................-األول
29-26............................................................... األسماء
ذكر فيWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWW ال:انيWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWWالمبحث الث
32-30................................................................ األفعال
37-33............................................................. الحروف
................................................................................... خاتمة
39-38.............
............................................................................... الملخص
41-40 ............
فهرس المحتويات