Professional Documents
Culture Documents
محور حرية الإرادة - 2
محور حرية الإرادة - 2
تميز الفكر الفلسفي السابق على الفك ر المعاص ر باالهتم ام أك ثر بإش كال عالق ة الحري ة ب اإلرادة،
وبتحديد مجال حرية اإلرادة .ونعني باإلرادة فلسفيا ذلك التصميم ال واعي للش خص على اختي ار و فع ل
شيء م ا أو ع دم فعل ه .فم ا عالق ة الحري ة ب اإلرادة إذن؟ وم تى تك ون إرادتن ا ح رة؟ ه ل حين نخت ار
ونتصرف بمقتضى العقل والتفكير أم حين نسلك وفق الشهوة والغريزة؟
اإلنسان حسب ديكارت كائن حر في اختياراته ،وهذه الحرية تقوم على اإلرادة التي هي ملكة
الفع ل أو ع دم الفع ل انطالق ا من معرف ة مس بقة بالفع ل وبنتائج ه .واإلرادة حس ب ديك ارت ال
تخض ع ألي إك راه خ ارجي أثن اء فعله ا أو ع دم فعله ا ،ل ذلك فهي المح دد األساس ي للحري ة
اإلنسانية .وعلى الرغم من كون إرادة اإلنس ان ليس ت مطلق ة كم ا ه و ح ال إرادة هللا ،إال أنه ا
تتمتع بقوة تجعلها محددة لحرية اإلنسان تحديدا مطلقا .ويعتبر ديك ارت مج ال المعرف ة والفك ر
هو الذي تكون فيه اإلرادة اإلنسانية حرة بشكل كبير.
2موقف كانط:
لكي يك ون اإلنس ان ح را الب د أن يك ون ل ه الخي ار في ان يفع ل او ال يفع ل ،ووح ده الك ائن ال ذي
استطاع التخلص من طغيان غرائزه نستطيع ان نقول انه حقق الشروط ال دنيا لالنتق ال الى الحري ة،و
كانط في هذا الص دد بالض بط يعت بر ان تل ك هي المهم ة االساس ية للتربي ة :فه دفها االول ه و تطوي ع
الغرائز و تنظيمها لجعلها تلتزم الصمت حتى ال يصبح االنسان عبدا لما تأمره به طبيعته
هذا ايضا بشكل اكثر عمومية دور العيش المش ترك م ع الن اس داخ ل المجتم ع ،فمهمت ه تحري ر الف رد
االنساني من الطبيعة و الفعل الغريزي من خالل اس تبدال الق وانين الطبيعي ة ب القوانين االجتماعي ة ،و
ذلك هو معنى الثقافة بمعناها العام ،اي األسلوب الذي ينهجه االنسان السكات الطبيعة داخله ،وهذا م ا
يجعله ينتقل الى مرتبة الحرية
ماهي الشروط لكي اكون حرا ؟" اكون حرا عندما افعل ما اريد "نعم لكن الى أي حد هذه االرادة ح رة
ايضا ؟ في الغ الب ارادتي مح دَ دة بمن اك ون :فال مع نى مثال ان اري د بل وغ الك بر اذا كنت ص غيرا.
االرادة اذن ال تكون حرة اال اذا تحررت من كل الحتميات التي تحاص رها ،ولكي تص ل الى ذل ك الب د ان
تريد كل ما هو مقبول كونيا .
ما معنى االرادة الكونية؟ يرى كانط ان االرادة ال تكون كوني ة اال اذا اردت م ا يري ده ك ل الن اس ،ان
تكون محترمة لكونها ارادة حرة ،ومن ثم :لكي اكون حرا البد ان احترم الحرية داخلي كما احترمها في
غيري .و البد ان تطيع السلطة العليا لالخالق،و التي تامر ب ان اعت بر الغ ير غاي ة في ذات ه و ليس اب دا
وسيلة لتحقيق رغباتي و شهواتي و مصالحي .
وبالت الي فالحري ة ال يتم ادراكه ا اال بمقاوم ة الرغب ات و االه واء ال تي ت نزل باالنس ان الى مرتب ة
العبودية ،و اليكون ذلك حسب كانظ اال بطاعة ماُ يلزمنا أخالقيا .
3موقف ج.ب.سارتر
ان االنسان محكوم عليه بالحرية" كما يقول سارتر فهو حر في اختيار ماهيته اي ان الوجود البشري
و الحرية متحدان بل هما شيء واحد ،و فيما يخص عالقة الحرية بالواجب حسب سارتر ف اإلرادة
حسب قوله"ليست تجليا وحيدا لحرية"ذلك انها تساعد بشكل كبير على التبصر في الغايات و التروي
فيها لكن ال تخلق هذه الغايات .
ان الحرية الوجودية كما عبر عنها سارتر" ليست موضوعية ،وهي غير قابلة للبرهنة عليها
و اليمكن دحضها سواء بسواء .انها ليست هي المعرفة ،وال هي االرادة الحرة ،و ال هي
القانون ،ومع ذلك فال حرية بغير معرفة و بغير ارادة حرة و بغير قانون ".
تركيب:
انطالق ا من المواق ف الس ابقة يتض ح أن حري ة الش خص تق وم باألس اس على إرادت ه
الحرة ،واإلرادة ال تكون حرة إال حينما يقودها العقل نحو ما هو خير و حق وجميل .أما إذا كانت تابع ة
لألهواء والغرائز فإنها تظل مجرد إرادة عمي اء وال تؤس س لفع ل إنس اني ح ر وعقالني .لكن أال يجع ل
هذا الترابط بين الحرية واإلرادة من الحرية مجرد شعور و مس ألة داخلي ة ونظري ة؟ أليس األج در ه و
الح ديث عن الحري ة كممارس ة في الحي اة الواقعي ة االجتماعي ة والسياس ية ،وهن ا يجب فحص ها في
عالقتها بالقوانين ؟