Professional Documents
Culture Documents
مفهوم الحرية
مفهوم الحرية
مجزوءة األخالق:
محاور درس الحرية:
المحور األول :الحرية والحتمية.
المحور الثاني :حرية اإلرادة.
المحور الثالث :الحرية والقانون.
مفهوم الحرية
الطرح اإلشكالي:
يرتبط مفهوم +الحرية بالتخلص من مختلف اإلكراهات ،سواء كانت من طبيعة بيولوجية أو نفسية أو اجتماعي++ة … ،ونظ++را له++ذه
الجوانب المتباينة التي يحي+ل عليه+ا مفه+وم الحري+ة ،ف+إن تحدي+ده يط+رح الكث+ير من الص+عوبات ،ف+إذا ك+انت الحري+ة خص+ما عني+دا للحتمي+ة،
فإن ذلك سيلقي بها في أحضان العفوية والصدفة ،أما إذا كانت خاضعة لقانون م+ا ،فه+ذا س+يطرح مس+ألة اإلرادة موض+ع تس+اؤل ،ف+اإلرادة
تس ++ +تدعي الح ++ +ديث عن المس ++ +ؤولية ،إذ ب ++ +دون مس ++ +ؤولية ال يمكن التحكم في حري ++ +ة اإلرادة ،وه ++ +ذا م ++ +ا يمكن أن نع ++ +بر عن ++ +ه من خالل
اإلشكاالت +الفلسفية التالية:
ما طبيعة العالقة بين الحرية والحتميةّ؟
ما هي تجليات حرية اإلرادة؟
كيف يؤطر القانون الحرية؟
المحور األول :الحرية والحتمية:
أ – التوازن بين الحرية والحتمية:
إن الحري++ة – في نظ++ر أب++و الولي++د بن رش++د – ال يمكن فص++لها عن الحتمي++ة ،فاإلنس++ان ل++ه ق++درة وإرادة يس++تطيع بهم++ا فع++ل الخ++ير
والشر وباقي األضداد األخرى ،ولكنه في نفس الوقت محكوم +بضرورات مثل ق+وانين الطبيع+ة ،وق+وى الجس+د المخلوق+ان من ط+رف اهلل،
وهك++ذا ال يمكن تص++ور الفع++ل اإلنس++اني – حس++ب ابن رش++د – ح++را بش++كل مطل++ق ،وال مقي++دا بش++كل مطل++ق ،إن++ه فع++ل ي++تركب من حري++ة
االختيار والقدرة واإلرادة ،إال أنه محدود بقدرات البدن ومشروط بقوانين الطبيعة التي خلقها اهلل
ب – الحرية النسبية:
إذا ك ++ان التفك ++ير الموض ++وعي +ال ++ذي ينطل ++ق من الوج ++ود +الموض ++وعي +للك ++ائن ي ++ذهب إلى أن أفعالن ++ا ينبغي أن ت ++أتي بالض ++رورة من
الخارج ،وبالتالي فال وجود للحرية إطالق+ا ،وإذا ك+ان التفك++ير الت++أملي عن+د دراس++ته لل++وعي ،يق+ر ب++أن أفعالن+ا إنم+ا تنب+ع من ال+داخل ،وهك++ذا
فحريتنا حرية مطلقة ،فإن موريس ميرلوبونتي يعتبر أن الحري+ة عن+د اإلنس+ان هي حري+ة نس+بية ،ألن التع+رف على نظ+ام الظ+واهر ي+بين لن+ا أنن+ا
من++دمجون م++ع الع++الم والغ++ير ان++دماجا وثيق++ا ال ينفص++ل ،وبن++اء علي++ه ،ف++إن الوض++عية +ال++تي نك++ون فيه++ا ،تلغي الحري++ة المطلق+ة +عن++د بداي++ة الفع++ل
وعند نهايته ،وفي هذا الوضع يستطيع اإلنسان أن يدخل تعديالت إرادية واعية على وضعه المعطى.
المحور الثاني :حرية اإلرادة:
أ -األخالق واإلرادة الحرة:
لقد اعتبر إيمانويل كانط مجال األخالق هو مج+ال ممارس+ة اإلرادة الح+رة لفعلن+ا ،فاإلنس+ان بوص+فه كائن+ا ع+اقال يس+تطيع اعتم+ادا
على إرادت++ه الح++رة وض++ع الق++وانين العقلي++ة للفع +ل +اإلنس++اني ،والخض++وع له++ذه القواع++د ،فك++ل ك++ائن عاق++ل ه++و ك++ائن يتمت++ع بحري++ة اإلرادة
والق++درة على القي++ام بالفع +ل +األخالقي ،وال مع++نى للفع +ل +األخالقي في غي++اب الحري++ة -حس++ب كان++ط -هك++ذا تش++تق األخالق من حري++ة
اإلرادة.
ب -إرادة الحياة:
عندما وجد الحيوان -اإلنسان كإرادة حياة في هذا الكون ،لم يكن لوجوده أي هدف أو غاي++ة حس++ب فري++دريك نيتش++ه ،ل++ذلك
الز ْ+ه+دي باعتب++اره أخالق++ا كامل++ة ،لكي يعطي لحيات++ه مع++نى ،وفي رغبت++ه للوص++ول إلى الكم++ال األخالقي ،عم++ل على نفي الحي++اة
أب++دع المث++ل ُّ
الز ْه+دي ب+إرادة ح+رة ،تطلب
ذاتها من خالل إقص+اء ك+ل م+ا ه+و م+ادي ،غري+زي -حس+ي في اإلنس+ان ،ل+ذلك دع+ا نيتش+ه إلى مقاوم++ة المث+ل ُّ
الحياة وتدافع عما هو إنساني في التجربة اإلنسانية ،أي إرادة الحياة.
المحور الثالث :الحرية والقانون:
أ -الدستور كضامن للحرية:
إن الحرية في األنظمة الديمقراطية -حسب مونتسكيو -هي الحق في القيام بكل م++ا تس++مح ب++ه الق++وانين ،ف++إذا ك++ان ك++ل م++واطن
يس++تطيع القي++ام بفع++ل تمنع++ه الق++وانين ،فلن تك++ون ل++ه في المس++تقبل حري++ة م++ا دام اآلخ++رون لهم أيض++ا نفس الق++درة على فع++ل م++ا يش++اءون ،إن
الحرية السياسية ال توجد إال في الحكومات +المعتدلة ،وبما أن ك++ل س++لطة تمي+ل إلى التعس+ف ،ينبغي أن تنظم األش+ياء بحيث تج++د الس+لطة
نفس++ها مح++دودة بس++لطة أخ++رى ،ويمكن في ه++ذا الس++ياق أن يص++اغ الدس++تور بحيث ال يل++زم أح++دا بفع+ل +من++اف للق++انون ،وب++أن يس++مح لك++ل
مواطن بحق عدم القيام بفعل يخوله له القانون.
ب -السياسة كمجال لممارسة الحرية:
إن المج++ال ال++ذي ع++رفت في++ه الحري++ة باعتباره++ا ممارس++ة فعلي++ة في الحي++اة اليومي++ة ه++و مج++ال السياس++ة -حس++ب حن++ا أرن++دت ،من
المؤكد أن الحرية بمكن أن تسكن أفئدة الناس باعتبارها رغبة ،أو إرادة ،أو أمنية ،أو طموح … ،غير أن قلوب الناس مك++ان غ++امض ،ال
يمكن معرفة ما يجري في ظلمته الداخلية ،إننا ال ندرك الحرية أو نقيضها إال عن+دما ن+دخل في عالق+ة م++ع غيرن+ا ،باعتباره+ا وض+عا لإلنس+ان
الحر الذي يسمح له فيه بالتنقل وبالخروج من منزله وب+التجول في الع+الم وااللتق+اء بغ+يره ،فال يك+ون للحري+ة تحق+ق فعلي في الع+الم ال+ذي
يسمح بممارسة الفعل والكالم ،مثل المجتمعات االستبدادية التي تعتقل رعاياها داخ++ل بي++وتهم الض+يقة ،وتمن+ع ب++ذلك ميالد حي++اة عمومي+ة+،
فبدون حياة عمومية مضمونة +سياسيا ،ال يمكن للحرية أن تتجلى ،إذ ينقصها الشرط الالزم لظهورها وهو المجال العام.
استنتاجات عامة:
إن للحري++ة عن++د اإلنس++ان تجلي++ات كث++يرة تتمث++ل في ع++دم خض++وعه لغرائ++زه ،ب++ل التحكم فيه++ا من خالل تأجيله++ا ،عكس الحي++وان
الذي يخضع لها خضوعا ضروريا ،كما تتمثل في كونه يمكن أن يقول للشيء "نعم" أو "ال" حسب اختياره ،إضافة إلى قدرته على القي++ام
بالفع ++ل ونقيض ++ه حس ++ب رغبت ++ه وحري++ة إرادت ++ه ،لكن ه++ذه الحري ++ة تبقى مح ++دودة بح++دود حري++ات اآلخ ++رين ،وب++القوانين المادي++ة (فيزيائي++ة،
بيولوجية…) ،والظروف التاريخية (االجتماعية ،االقتصادية ،السياسية…) ،التي يتموضع ضمنها الفرد.
إأن الحري+ة اإلنس+انية ترتب+ط بالمس+ؤولية ،ففي غي+اب ه+ذه األخ+يرة تتح+ول إلى فوض+ى ،ل+ذلك عم+ل المجتم+ع على تقنينه+ا بق+انون
يحدد الحقوق (الحريات) والواجبات.
إذا كان االستبداد نظام سياسي ال توجد فيه إال الواجبات ،وتغيب فيه الحقوق والحريات ،وإذا كانت الفوضى +حالة تسود فيه++ا
الحريات المطلقة في غياب الواجبات ،فإن الديمقراطية نظام سياس++ي معت+دل يوج++د بين االس++تبداد والفوض+ى حيث ينب+ني على الت++وازن بين
الحقوق والواجبات بموجب قانون عادل.