Professional Documents
Culture Documents
الفرق بين الليبرالية والعلمانية
الفرق بين الليبرالية والعلمانية
الليبرالية تعني الحرية المطلقة ما لم ينشأ عن ذلك ضرر حسي مباشر في ح ق اآلخ رين ،في حين العلماني ة _على التعري ف المش هور_
تعني فصل الدين وتحييده عن الدولة.
وحتى تتضح المسألة يجب أن نجيب على سؤالين :هل كل علماني لي برالي؟ وه ل ك ل لي برالي علم اني؟ الس ؤال األول أوض ح وأس هل،
واإلشكال في السؤال الثاني.
ج واب الس ؤال األول :ال .فليس ك ل علم اني ليبرال ًي ا ،هتل ر وس تالين وموس وليني كلهم ك انوا علم انيين ،لكنهم لم يكون وا ق ط
ليبراليين؛ ألنهم ال يعترفون بالحريات بكل صورها السياسية واالقتصادية واالجتماعي ة .إذن هتل ر علم اني؛ ألن ه يفص ل ال دين
عن الدولة ،لكنه ليس ليبراليًا؛ ألنه ال يؤمن بمبدأ الحرية.
السؤال الثاني :هل كل ليبرالي علماني؟ قبل اإلجابة على هذا السؤال ال بد من فهم قضية مهم ة ،وهي أن ه ال يمكن أن نتص وّ ر
وجود العلمانية إال إذا تصوّ رنا وجود دين يحتوي على تشريعات مرتبطة بالدولة ،فالعلمانية ال يمكن تص وّ رها أو المطالب ة به ا
في دولة تتب نى الزرادش تية مثالً؛ ألن الزرادش تية ليس فيه ا أي تش ريع مرتب ط بالدول ة ،والعلماني ة متعلق ة بالدول ة ،ف إذن هم ا
يسيران في خطين متوازيين ،فال يمكن تصوّ ر تعارضهما .فحين نتحدث عن شخص بأنه علماني ،فهذا يعني أن لديه دي ًنا يمتل ك
تشريعات مرتبطة بالدولة وهو يرفض إدخال هذه التشريعات في حيّز الدولة ،أما الشخص الذي ال يتح دث دين ه عن الدول ة فال
يمكن أن نصفه بأنه علماني .خذ مثاالً على ذلك :اإلنسان يوص ف بأن ه أعمى أو مبص ر؛ ألن ه يمتل ك عي نين ،فثم ة احتم ال أن
يكون مبصرً ا واحتمال أن يكون أعمى .لكن الحائط مثالً ال يمكن أن نقول إنه أعمى ،لم اذا؟ ألن ه ال يمل ك عي نين أص الً تجع ل
اإلبصار محتمالً ،ول ذلك ال أح د يص ف الحائ ط بأن ه أعمى .إذن ال يج وز أن ننفي ص فة عن ش خص إال إذا ك ان يحتم ل ه ذه
الصفة ،والدين الذي ال يمتلك تشريعات مرتبطة بالدولة ال يمكن أن نصفه بأنه علم اني؛ ألن ه ال يوج د تش ريع يمكن أو ال يمكن
فصله عن الدولة.
بعد هذه المقدمة نعود إلى السؤال :هل كل لي برالي علم اني؟ الج واب :نعم ،ك ل لي برالي علم اني؛ ألن الليبرالي ة تع ني الحري ة المطلق ة،
والدين بطبيعته يمتلك تشريعات ،والتشريعات تعني تقييدات ،والليبرالية تفر من القيود كفرار الرجل من األسد.
الخالصة مما مضى :أن العلماني قد يكون ليبراليًا ،كما هو الحال في لبنان ،وقد ال يك ون ليبرال ًي ا كم ا ه و الح ال في س وريا .ففي لبن ان
الدولة علمانية وفي الوقت ليبرالية؛ ألنها ال تتدخل في الحريات مطل ًقا ،بخالف النظ ام في س وريا ،فه و علم اني؛ ألن ه يفص ل ال دين عن
الدولة؛ لكن موقفه من الحري ات يض اد الموق ف اللي برالي .أم ا اللي برالي فيجب أن يك ون علمان ًي ا؛ ألن ه إذا لم يكن علمان ًي ا فه و خاض ع
لتشريعات دينية ،والتشريعات الدينية تؤدي إلى القيود ،والليبرالية ترفض القيود .إذن كل ليبرالي علماني ،وليس كل علماني ليبراليًا.