Professional Documents
Culture Documents
www.bibliojuriste.club
مقدمة
اختلف علماء القانون واالجتماع والتاريخ حول أصل نشأة الدولة ،وترتَّب على هذا االختالف ظهور العديد من األفكار
والنظريات التي ُوضعت لتفسير هذه النشأة .ثم أن البحث عن أصل نشأة الدولة وتحديد وقت ظهورها يعد من األمور العسيرة ،إذ لم نقل
مستحيلة ،ذلك أن الدولة ظاهرة اجتماعية يرجع أصلها إلى الحضارات القديمة ،و هي في تطورها تفاعل مع األوضاع السياسية
وقد قام البعض بتقسيم هذه النظريات إلى مجموعات نوعية متقاربة ،فنجد البعض يقسِّمها إلى نظريات ديمقراطية وأخرى غير
ديمقراطية ,وذلك لقرب هذه النظريات أو بُعدها من الفكرة الديمقراطية ,ويقسِّمها البعض إلى نظريات دينية وأخرى بشرية ،وذلك من
حيث إرجاع النشأة إلى البشر أو إلى قوى غير بشرية ,ويرى البعض إرجاع هذه النظريات إلى اتجاهَين اتجاه نظري وآخر واقعي أو
ولعل أفضل تقس يم لهذه النظريات هو التقسيم الثنائي وهو النظريات الغير قانونية والنظريات القانونية واتي بدورها تتفرع إلى
واإلشكالية المطروحة:
درج الفقهاء في مصر على وصف هذه النظريات بأنها نظرياتٌ دينيةٌ ،مع أن المعنى الحرفي للمصطلح الفرنسي ال يعني
يرجع أنصار هذه النظرية أصل نشأة الدولة وظهور السلطة إلى هللا ،وعليه فأنهم يطالبون بتقديسها لكونها من صنعه وحق من
عن غيره والتي مكنته من الفوز بالسلطة ،لذلك فغن إرادته يجب أن تكون فوق إرادات المحكومين.
والحقيقة أن المتتبع للتاريخ ي الحظ أن هذه النظريات لعبت دورا كبيرا في القديم ،فلقد قامت السلطة والدولة في المجتمعات
القديمة على أسس دينية محضة ،واستعملت النظرية الدينية في العصر المسيحي والقرون الوسطى
ولم تختف آثارها إال في بداية القرن العشرين ،والسبب يعود الى دور المعتقدات واألساطير في حياة اإلنسان ،حيث كان يعتقد
ان هذا العالم محكوم بقوى غيبية مجهولة يصعب تفسيرها ،وهو ما ترك البعض إضفاء صفة القداسة على أنفسهم وإضفاء صفة اإللهية
عليهم .
وبمرور الوقت بدأ االختالف بين أنصار هذه النظرية حول طريقة اختيار الحاكم ،وان كانوا متفقين على أن السلطة هلل ،مما
َوجدت هذه النظرية مجاالً رحْ بًا في العصور القديمة؛ حيث تأثر اإلنسان باألساطير ،فظن أن الحاكم إلهٌ يُع َبد ..ففي مصر
الفرعونية كان فرعون هو اإلله (رع) ،وقد سجَّل القرآن الكريم قول فرعون في قوله َ ﴿ :ما َع ِّل ْمتُ لَ ُك ْم ِّم ْن ِّإلَ ٍه َغي ِّْري﴾ ( القصص :من اآلية
)38وقوله تعالى َ ﴿ :فقَا َل أَنَا َربُّ ُك ْم األ َ ْعلَى ( ( ﴾ )24النازعات) ،وفي بالد فارس والروم كان الحاكم يصطبغ بصبغة إلهية .
بشر يحكم باختيار هللا عز وجل ،فاهلل الذي خلق كل شيء وخلق
ف إله ,ولكنه ٌ
ص َ
تعني هذه النظرية أن الحاكم ليس إل ًها وال ِّن ْ
الدولة ،هو الذي يختار الملوك مباشرة ً لحكم الشعوب ،ومن ثَ َّم فَ َما على الشعب إال الطاعة المطلَقة ألوامر الملوك ،ويترتب على ذلك عدم
مسئولية الملوك أمام أحد من الرعية ،فللملك أن يفعل ما يشاء دون مسئولية أمام أحد سوى ضميره ثم هللا الذي اختاره وأقامه .
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
فمن نتائج هذه النظرية أن الحاكم ال يكون مسئوال أمام أحد غير هللا ،وبالتالي منه يستمد سلطته .أما من حيث األساس فإنها
تختلف عن الصورة األولى ،ففي فكرة تأليه الحاكم ال توجد تفرقة بين اإلله وشخص الملك ،عكس فكرة الحق اإللهي المقدس حيث توجد
النظرية؛ وذلك لهدم نظرية تأليه الحاكم من ناحية ,ولعدم المساس بالسلطة المطلقة للحاكم من ناحية أخرى .
لم تعد فكرة الحق اإللهي المباشر مستساغةً من الشعوب ,ومع ذلك لم تنعدم الفكرة تما ًما ,وإنما َّ
تطورت وتبلورت في صورة
نظرية التفويض اإللهي الغير المباشر أو العناية اإللهية ,ومؤدَّى هذه النظرية أن هللا ال يتدخل بإرادته المباشرة في تحديد شكل السلطة ,وال
في طريقة ممارستها ,وأنه ال يختار الح َّكام بنفسه وإنما ِّ
يوجه الحوادث واألمور بشك ٍل معيَّن يساعد جمهور الناس ورجال الدين خصوصا
على أن يختاروا بأنفسهم نظام الحكم الذي يرتضونه ويذعنون له وهكذا ،فالسلطة تأتي من هللا للحاكم بواسطة الشعب والحاكم يمارس
السلطة باعتبارها حقَّه الشخصي ،استنادًا إلى اختيار الكنيسة الممثلةً للشعب المسيحي؛ باعتبارها وسي ً
طا بينه وبين السلطة المقدسة التي
والنتيجة المتوصل إليها أنه ال يجوز مخالفة أوامر الحاكم ،وإال ارتكبنا معصية .وقد دعم هذه الفكرة األستاذ /بوسيه /لتبرير نظام
الملوك القائم في فرنسا – القرن السابع عشر – وقد فرق بين *السلطة المطلقة * و *السلطة المستبدة* وهي التي تخالف التعاليم الالهية.
وفي صياغة أخرى ترى الكنيسة الكاثوليكية في محاولة لبسط نفوذها ،أن هللا أودع جميع السلطات بيد البابا وهو ترك سيف
السلطة الدينية ،وخلع للحاكم سيف السلطة الزمنية ،وبذلك لم تعد سلطة الحاكم مطلقة.....
وفي األخير إن هذه النظرية يمكن اعتبارها ديمقراطية نوعا ما أو مطلقة بحسب صياغتها.
نشأة في ظل اإلقطاعية وهي ترى أن حق الملكية األرض وهو حق طبيعي ،يعطي لمالكي األرض حق ملكية كل ما عليها
وحكم الناس الذين يعيشون عليها والذين عليهم طاعة المالك والرضوخ لسلطتهم ،فالدولة إذن وجدت نتيجة حق ملكية األرض ومن اجل
()2النظرية العضوية:
هي من النظريات الحديثة ،حيث ظهرت في القرن التاسع عشر ،وهي ال تنتمي إلى مدارس القانون الطبيعي ،لكن ترى أن
قوانين الظواهر الطبيعية يمكن تطبيقها على الظواهر االجتماعية مثل الدولة .فهي تشبه جسم اإلنسان المكون من عدة أعضاء ،يؤدي كل
نفس الشيء بال نسبة لألشخاص في الدولة ،حيث تؤدي كل مجموعة منهم وظيفة معينة وضرورية لبقاء كل المجتمع الذي
يعمل وينشط كجسم اإلنسان ،ولذا البد من وجود مجموعة من الناس تحكم ،ومجموعة من المحكومين تؤدي وظائف أخرى مختلفة .
فالدولة وجدت إذن كظاهرة مثلها مثل الظواهر الطبيعية وهي ضرورية لبقاء المجتمع.
وتُعتبر هذه النظرية بحق أول محاولة فكرية لتفسير نشأة الدولة ،والقائلون بها ال يرون الدولة إال مرحلةً متقدمةً ومتطورة ً من
األسرة ،وأن أساس السلطة فيها يعتمد على سلطة رب األسرة وشيخ القبيلة .
والسلطة الس ياسية في هذه النظرية ما هي إال امتداد لتلك السلطة األبوية ،لذلك قد يطلق على هذه النظرية باسم نظرية السلطة
األبوية.
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
ويالحظ تأييدا لهذه النظرية ،أن األديان جميعا تقر أن العالم البشري يرجع الى زواج آدم بحواء أي الى األسرة ،هذا فضال عن
وجود أوجه تشابه عديدة ب ين الدولة والعائلة من حيث الروح والنظام والتضامن الجماعي ،لهذا قديما كان من المستصعب تصور عدم
وجود هذه الرابطة العائلية التي تقيم فيما بعد /الوحدة السياسية /وبعض الشواهد التاريخية تؤيد هذه النظرة.
/1ف يها مغالطة تاريخية ،بحيث علماء االجتماع يؤكدون أن األسرة لم تكن الخلية االولي للمجتمع ،بل أن الناس جمعتهم
المصالح المشتركة والرغبة في التعاون على مكافحة أحداث الطبيعة قبل أن توجد األسرة ،لذا كانوا يلتفون حول العشيرة التوأمية ،،
كأساس لنشأة المجتمع السياسي عند اإلغريق ،فالنظام السياسي في نظرهم هو نظا ٌم اتفق
ٍ ظهرت فكرة العقد االجتماعي قدي ًما
األفرادُ على تكوينه للسهر على مصالحهم ,ومن ثم فال يجوز أن يكون هذا النظام حائالً دون تمتُّعهم بحقوقهم الطبيعية ,وال يتقيَّد األفراد
بالقانون إال إذا كان متفقًا على هذه الحقوق الطبيعية ،..ثم جاء النظام السياسي اإلسالمي َ
فأبرزَ عملية التعاقد ورتَّب عليها َ
أثرها كما سنُبيِّن
المفكرين الغربيين منذ نهاية القرن السادس عشر ،وكان من أبرز القائلين بهذه النظرية
ِّ فيما بعد ،ثم ظهرت هذه الفكرة في كتابات بعض
وقد اتفق الثالثة على أن العقد االجتماعي يقوم على فكرتَيْن أساسيتين :
صل في وجود حالة فطرية -بدائية -عاشها األفراد منذ فجر التاريخ .
إحداهما :تتح َّ
وثانيتهما :تتبدى في شعور األفراد بعدم كفاية هذه الحياة األولى لتحقيق مصالحهم ،فاتفقوا فيما بينهم على أن يتعاقَدوا على الخروج من هذه
ينظم لهم حياة ً مستقرةً ,أي تعاقدوا على إنشاء دولة ,وبذلك انتقلوا من الحياة البدائية إلى حياة الجماعة ..ومع
الحياة بمقتضى عق ٍد اجتماعي ِّ
اتفاقهم في هاتين المقدمت َين فقد اختلفوا في حالة األفراد قبل التعاقد وبنود هذا التعاقد ،فاختلفت بذلك النتائج التي رتَّبها ك ٌّل منهم على
النظرية...
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
إذن ظهرت فكرة العقد كأساس لنشأة الدولة منذ فترة زمنية ب عيدة ،استخدمها الكثير من المفكرين في تأييد أو محاربة السلطان
المطلق للحاكم.
هذه النظريات ترجع إلى القرن السادس عشر ،والتي ساهم في صياغتها وإبراز مضمونها كل من هوبز ،ولوك ،و روسو .
ان الفترة التي عاش بها هوبز وما رافقتها من اضطرابات في كل من إنجلترا وفرنسا كان لها بالغ األثر على الفكرة الذي عبر
اغلب كتاباته تمثل الدفاع عن الملك وحقه في الحكم ضد أنصار سيادة البرلمان.
ابرز هوبز بحق الملك المطلق في الحكم من خالل طبيعة العقد الذي ابرم بين األفراد للتخلص مما رتبته الطبعة اإلنسانية
ونزعتها الشريرة التي قاساها األفراد في الحياة الفطرية قبل إبرام هذا العقد ..
من خالله يتنازل الفرد عن حرياته وحقوقه الطبيعية للسلطة التي أقامها ايا كانت مساوئها واستبدادها .الن السلطة وفي وجهة
نظره مهما بلغ ت من السوء فلن تصل إلى حالة الحياة الطبيعية التي كانوا يعيشونها .بل إن وضع أي قيد على الحاكم ،أو ترتيب أي التزام
وهكذا يتمتع الحاكم على األفراد بسلطة مطلقة ،وال يحق لألفراد مخالفة هذا الحاكم مهما استبد أو تعسف .
إذا كان لوك يتفق مع هوبز في تأسيس المجتمع السياسي على العقد االجتماعي الذي ابرم بين األفراد لينتقلوا من الحياة البدائية
إلى حياة الجماعة ،إال انه يختلف معه في وصف الحياة الفطرية والنتائج التي توصل إليها .
الحياة الفطرية الطبيعية لألفراد كما يصفها لوك فهي تنصح بالخير والسعادة والحرية والمساواة ،تحكمها القوانين الطبيعية
وبالرغم من وجود كل هذه المميزات لدى الفرد إال أن استمراره ليس مؤكدا ً وهذا بسبب ما يمكن أن يتعرض له من اعتداءات اآلخرين .
وهذا ما يدفع اإلنسان إلى الحرية المملوءة بالمخاوف واألخطار الدائمة واالنضمام إلى مجتمع ما مع اآلخرين من اجل المحافظة المتبادلة
مقيدة بما يكفل تمتع األفراد بحقوقهم الباقية والتي لم يتنازلوا عنها.إضافة إلى أن
الحاكم في نظرية لوك طرف في العقد مثل الفرد .وما دامت أن شروط العقد قد فرضت على الحاكم الكثير من االلتزامات ،فهو
روسو لوك
الحياة الفطرية حياة خير وسعادة يتمتع بها األفراد بالحرية الحياة الفطرية حياة خير وسعادة يتمتع بها األفراد بالحرية
واالستقالل والمساواة واالستقالل والمساواة
يختلف مع لوك على أسباب التعاقد وأطرافه ومن ثم النتائج التي يختلف مع روسو على أسباب التعاقد وأطرافه ومن ثم النتائج التي
تترتب على ذلك . تترتب على ذلك .
فسر رغبة األفراد في التعاقد على أساس ضمان استمرارية المساواة يرجع إلى فساد الطبيعة والحياة العصرية ،وذلك كمظهر
الملكية الخاصة وتطور الصناعة من إخالل بالمساواة وتقييد والحريات العامة وضمان السلم االجتماعي .
الحريات
ثالثا :نظرية جون جاك روسو :
وبالتالي ومن خالل نظرة روسو كان البد لألفراد السعي للبحث عن وسيلة يستعيدون بها المزايا ،فاتفق األفراد فيما بينهم على
إبرام عقد اجتماعي ،هذا العقد يقوم األفراد من خالله بالتنازل عن كافة حقوقهم الطبيعية لمجموعة من األفراد الذي تمثلهم في النهاية
اإلرادة العامة .هذا التنازل ال يفقد األفراد حقوقهم وحرياته الن الحقوق والحريات المدنية استبدلت بتلك الطبيعية المتنازل عنها لإلرادة
العامة .
* الحكومة ال تقوم على أساس تعاقد بينها وبين المواطنين وإنما هي هيئة من المواطنين مكلفة من قبل صاحب السيادة بمباشرة
اركان الدولة
أركـان الـدولـة"
ملخص :
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
نستعرض أوال بعض التعريفات التي جاء بها الفالسفة للدولة:
1-الفقيه الفرنسي كاري دي مالبير عرف الدولة بأنها " مجموعة من األفراد تستقر على إقليم معين تحت تنظيم خاص ،يعطي جماعة
2-الفقيه الفرنسي بارتلي حيث عرف الدولة بأنها " مؤسسه سياسية يرتبط بها األفراد من خالل تنظيمات متطورة".
3-األستاذ الدكتور محسن خليل يعرف الد ولة بأنها " جماعة من األفراد تقطن على وجه الدوام واالستقرار ،إقليما جغرافيا معينا ،
وتخضع في تنظيم شؤونها لسلطة سياسية ،تستقل في أساسها عن أشخاص من يمارسها ".
4-األستاذ الدكتور كمال العالي يعرف الدولة بأنها " مجموعة متجانسة من األفراد تعيش على وجه الدوام في إقليم معين ،وتخضع لسلطة
عامة منظمة".
5-ماكيفر يعرف الدولة بأنها " اتحاد يحفظ داخل مجتمع محدد إقليمها الظروف الخارجية العامة للنظام االجتماعي وذلك للعمل من خالل
قانون يعلن باسطة حكومة مخولة بسلطة قهرية لتحقيق هذه الغاية".
اركان الدولة
-أن إعطاء الشعب تعريف دقيق أمر مستحيل ,ألنه يتغير بفعل العوامل االقتصادية السياسية و التاريخية ,ومنه
فمفهوم الشعب يجب أن يكون ديناميكي ,يعرفه علماء االجتماع على أنه مجموعة أفراد يقيمون على أرض الدولة و يخضعون للسلطة
واحدة .كما يرى أخرون أن الشعب هو كيان متجانس لهم نفس اللغة الدين و العرق .أن مفهوم الشعب قد ارتبط تاريخيا باالستعمار و
بالكفاح المسلح و حق الشعوب في تقرير المصير و هو ما أقر في هيئة األمم المتحدة سنة .1960أما عنصر تعريف الشعب الذي من حقه
تقرير المصير وفقا للصيغة التي جرت عليها ممارسة األمم المتحدة فهي كما يلي 1
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
-مصطلح الشعب يدل على كيان اجتماعي له هوية واضحة و خصائص مميزة ,و هو ما أكدته محكمة العدل الدولي في الرأي
االستشاري الخاص بالصحراء الغربية بقولها أن إقليم الصحراء الغربية كان مسكونا من طرف قبائل بدوية يغلب عليها طابع الترحيل.
.و منه يوجد عالقة بين الشعب و اإلقليم حتى لو طرد منه ظلما و أحل مكانه بشعب أخر.
-كما ينبغي عدم الخلط بين ما يسمى شعبا و األقليات الدينية أو اللغوية التي يراد األعتراف بها و بحقوقها في المادة 27من
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية , 3و يذهب اتجاه أخر إلى إعتبار أن الوصف القانوني لوجود شعب يترجم في ثالث
حاالت
1ربط الشعب بحق تقرير المصير ,أي يجب تحديد الشعب الذي يمكن أن يستفيد من حق تكوين دولة.
إن هده العناصر إن كانت مساعدة على معرفة مفهوم الشعب إال أنها ال تخلو من االنتقادات ,فمثال هل كل من يحمل السالح
يندرج ضمن الشعب ؟ و إن حملت أقلية السالح فهل نعترف لها بحق تقرير المصير ؟
-كما أن الدولة قد تعترف بشعب غير موجود إلعتبارات سياسية و إقتصادية و بالمقابل قد ال تعترف الدول أو بعضها
بجماعة تكون شعبا إدا كان هدا األعتراف يمس مصالحها السياسية و األقتصيادية في المنطقة مثل عدم األعتراف بشعب اريتيريا و عدم
األعتراف بالشعب الصحراوي من طرف المغرب .و منه نستخلص أن النضال و األعتراف ليس دليال لوجود الشعب و العكس صحيح .
مفهوم السكان-2-
-البد من السكان للقيام الدولة ,ويقصد بسكان مجموعة من األفراد المتواجدون في إقليم الدولة بصفة مستقرة ,و
يخضعون لسلطانها و سيادتها سواء كانوا يحملون جنسيتها أم ال .و ال يهم عدد السكان حتى تثبت الشخصية القانونية للدولة و لكن هدا
عامل مهم في قوة البشرية للدولة سواء في المجال اإلقتصاد أي اليد العاملة أو في المجال العسكري.
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
-و ينقسم السكان إلى نوعان ,النوع األول تربطه بالدولة رابطة سياسية قانونية و تعرف بالجنسية ,و هؤالء هم المواطنون
يخضعون إلى السلطة السياسي ة داخل الوطن و خارجه أو ما يسمى بالحماية الدبلوماسية .و النوع الثاني هم األجانب ال يتمتعون بالجنسية و
من يقيم على أرضي يخضع لسلطاني . يطبق عليهم القاعدة التي تقول
-ويمكن لألجانب طلب الجنسية و عند موافقة على طلبهم يتمتعوا بكل الحقوق المدنية و السياسية عدى بعض الحقوق السياسية
-3-مفهوم األمة
-أثارت فكرة األمة جدال حادا حول تحديد عناصر األساسية المكونة لألمة ,و األمة هي جماعة من األفراد توحدهم روابط
مشتركة و هي سبب الخالف فما هو العنصر األساسي لتكوين الدولة هل هو العرق الدين اللغة أو المصالح االقتصادية.
-تستند هده النظرية إلى عوامل موضوعية في تحديد مفهوم األمة ,فهتلر شرح في كتاب سماه كفاحي سنة 1933أن العرق
هو العنصر األساسي في تكوين األمة و أن العرق األري الخالص أي األلماني هو األسمى و منه وجب أن يقود العالم .و أما اللغة فهي
مجرد معيار تابع و هو عامل ضعيف و الدليل وجود دول بنفس اللغة و غير موحدة كالواليات المتحدة األمريكية و بريطانيا .
-كما يرى ردسلوب أن الدين هو العنصر المكون األمة و أما مومسين يقرر أنه أن فقد األلزاسيون وعيهم القومي بسبب
-ب-النظرية الفرنسية
-تستند النظرية الفرنسية على عوامل ذاتية حيث اعتبروا أن العوامل الروحية هي المكونة ألألمة ,قال رين أن األمة مبدءا
روحي وهي تشترط .ومنه فاألمة عقيدة يصنعها عنصران فاألول من الماضي و هو التراث المشترك و في حفظ االرث المشاع و
يستطرد رين أن األمة أسرة كبيرة جمعتها قرابة الروح .ومنه فالنظرية الفرنسية ترى أن األمة هو نتيجة تطور تاريخي طويل .
-ج-النظرية المركسية
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
-تعتمد على عوامل موضوعية و قيل أنها براقماتية ,فقد بين بيان الشيوعي لسنة 1848مفهوم األمة و القومية
بإعتبارهما نتيجتين لعهد الرأسمالي و مرتبطتين بالتقسيم األجتماعي إلى طبقتين أساسيتين هما البرجوازية و البروليتاريا ,و منه فالعنصر
المكون لألمة هو الوضع االقتصادي المشترك حيث أن الرخاء المادي يدفع إلى الوحدة.
قال لنيين في مفهوم األمة إن األمة هي وحدة اللغة ,اإلقليم ,و الحياة الثقافية واإلأقتصادية
:ال يكفي أن يكون هناك شعب يقيم على مساحة من األرض لقيام الدولة بل البد من وجود قوة أو سلطة أو حكومة لفرض
السلطة على الشعب في إطار األرض وأن تعمل هذه الحكومة على تنظيم أمور الجماعة وتحقيق مصالحها والدفاع عن سيادتها ،وتستمد
حكومة أية دولة شرعيتها من رضا شعبها بها وقبوله لها فإذا انتفى هذا الرضا والقبول فإن الحكومة تكون فعلية وليست شرعية مهما
فرضت نفوذها على المحكومين .والمبدأ العام أن السلطة إما أن تكون اجتماعية مباشرة وإما أن تكون مجسدة في شخص معين أو سلطة
مؤسسة .والسلطة السياسية ظاهرة قانونية الرتباطها بالقانون وعليه فإنه ضرورة تلجأ إليها السلطة لتنظيم األفراد وتقييد مطامع األفراد و
اندفاعهم وتغليب مصالحهم على مصلحة الجماعة .كما أن تلك السلطة يمكن أن تتأثر بعوامل عديدة سواء دينية أو نفسية أو اقتصادية أو
اجتماعية أو تاريخية ،...المشروعية والسلطة الشرعية مصطلحين كثيرا الترديد بين الحكام ،فالمشروعية هي صفة تطلق على سلطة
اعتقادا أنها أصلح فكرة من حيث تطابقها مع آمال وآالم المجتمع ،والمشروعية تمنح للسلطات صالحية إعطاء األوامر وفرض الطاعة،
أما الشرعية فهي صفة تكنى بها الدولة في أعمالها إذا تطابقت مع الدستور والقانون المطبق في البلد ،فالشرعية مرتبطة مع القانون
-1-مفهومه و أهميته
-هو النطاق أو المجال الذي تتمتع الدولة في داخله بكامل السلطات التي يقررها القانون الدولي ,و هو عنصر ضروري ال
غنى عنه لوجود الدولة ,و يرى بعض الفقهاء أن اعتباره عنصرا الزما لم يظهر إلى بعد القرن .19.2فلم يكن لإلقليم أهمية في العهد
الروماني حيث كان يكتفي بالعنصر البشري و إهمال عنصر الرابط و اإلقليم.
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
-إن اإلقليم يميز الدول عن المنظمات الدولية والعبرة ليست بالمساحة ,و كونها تطل على البحر ليس ضروري فتوجد دول ال
تطل على البحر و تسمى بالدول الحبيسة و يمكن أن يكون اإلقليم متصل كما يمكن أن يكون منفصل ,ولكن أن كل صفة ينجر عنها نتائج
منها كلما أتسعة المساحة زادت مسؤولية الدولة من حماية و تنمية .
-2-عــــــنــــاصــــــره
-يتكون اإلقليم من ثالثة عناصر هي العنصر البري ,العنصر المائي و العنصر الجوي ولكل عنصر أهمية شديدة في
-يسمى أيضا بالعنصر البري و هو العنصر األصلي الذي تضمه حدود الدولة فال توجد دولة حدودها تتكون من العنصر المائي
فقط أو العنصر الجوي ,و إقليم الدولة يضم كل ما يحتويه سطح األرض إضافة إلى الثرواة الطبيعية فهي تنفرد بإقليمها عن باقي الدول
.
-المجال الجوي هو كل ما يعلو اإلقليم البري للدولة ,في العهد الروماني كانت تسود فكرة أن العنصر الجوي ممتد
إلى ما ال نهاية فوق إقليم البري الدولة .والكن بعد غزو الفضاء قرر في هيئة األمم المتحدة أن اإلقليم الجوي ممتد إلى مدى إمتداد لسلطة
الد ولة في الجو .و أن مجال الفضاء ملك للكل بأعتباره موقع مختلف إضافة إلى أنه في وقتنا الراهن هو محطة دراسات للكثير من دول
العالم المتقدمة كواليات المتحدة األمريكية و روسية .و بما أن الجو مجال إقتصادي فقد عقدة إتفاقيات ثنائية للدراسة قضية الطيران
-هي كل المسطحات المائية التي تعد من اإلقليم الدولة ,سواء كانت مياه داخلية أو بحر االقليمي :
الجانب المواجه لليابس الدى يقاس بدءا منه عرض البحر اإلقليمي ,و هو ما أكدت عليه المادة الخامسة من إتفاقية جنيف بشأن البحر
األقليمي و المنطقة المجاورة الصادرة سنة 1958في فقرتها األولى بقولها :تعتبر المياه التي تقع في الجانب المواجه لألرض من خط
-و المياه الداخلية هي في حكم اإلقليم البري و تحكمها نفس القاعد التي تحكم اإلقليم األرضي أي أن الدولة تمارس سلطتها على
هو رقعة من البحر تنحصر بين المياه الداخلية و الشاطئ من جهة و أعالي البحار من جهة أخرى و يعترف القانون الدولي
العام مند القديم بحق الدول البحرية في ممارسة سيادتها على جزء من البحر الذي يدعى بالبحر اإلقليمي ,حدد عرضه ب 3أميال نضرا
إلى أن المدافع كانت تصل قدائفها 3أميال و لكن في عصرنا و مع تطور السالح وصلت مددت المساحة إلى 12ميل .
- 3 -صـــــــــــــــفـــــاتــــــه
-يعترف الفقه الدولي في المفهوم المعاصر ببعض الصفات لإلقليم نذكر أهمها:
أ -الثبات اإلقليم :بمعنى أن الجماعة البشرية أي الشعب يجب أن يقيم على سبيل االستقرار في اإلقليم و منه فإن القبائل البدو
حيث أن التحديد هو توضيح الحدود و تعين المجال الذي تمارس فيه الدولة سيادتها ,و إن غياب هدا العنصر ب -التحديد :
يؤدي إلى الحروب بين الدول ,منه فإن القانون الدولي العام يدرس المشاكل المتعلقة بالحدود.
تتميز الدولة عن غيرها من المنظمات بخصائص رئيسية لعل أهمها هي السيادة ومدى حريتها في تعديل القوانين التي تضعها ،من أهم
خصائصها...
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
• الشخصية المعنوية :يعترف الكثير من الفقهاء أن الدولة تتمتع بشخصية معنوية مستقلة ،تمارس جميع الحقوق الممنوحة للشخص
المعنوي لكن شخصيتها منفصلة تماما ً عن شخصيات األفراد الذين يمارسون السلطة والحكم فيها .هذا دفع ببعض الفقهاء إلى إنكار
1-اإلعتراف بالشخصية المعنوية للدولة ونتائجه :يقصد كمبدأ عام باإلعتراف بالشخصية القانونية القدرة على التمتع بالحقوق والتحمل
باإللتزامات ،أي القابلية التي تؤهل الشخص ألن يكون طرفا إيجابيا أو طرفا سلبيا بشأن الحقوق .ونتائجه دوام الدولة ووحدتها ،والمساواة
بين الدول.
2-إنكار الشخصية المعنوية للدولة :يرى بعض الفقهاء والباحثين أن الدولة ظاهرة إجتماعية موجودة على أساس اإلنقسام للمجتمع إلى
فئتين حاكمة ومحكومة وإن الذي يضع القوانين هو الحاكم ويفرض تطبيقها وتنفيذها .وآخرون يرون أن الدولة مجموعة من القواعد
القانونية اآلمرة ،وأنه ال يتوافر لها الشخصية القانونية .مما سبق يتضح أنه ما يؤخذ على أنصار هذه النظرية ،أنهم لم يقدموا لنا البديل
للشخصية المعنوية...
• السيادة :وهي من أهم خصائص الدولة التي تنقسم الى السيادة الداخلية والسيادة الخارجية ،فالسيادة الداخلية حين تتمتع السلطة بالشرعية
من خالل االنتخاب المباشر لهذه السلطة من قبل الشعب وبما يمثله من تفويض عام من خالل رأي األغلبية الشعبية أو البرلمانية ،وهذه
السلطة تمثل الهرم السيادي لمثلث السلطة المتمثل بقاعدتيه السلطة القضائية والسلطة التنفيذية .والسيادة هي التعبير والفكرة التي تضع
السلطة فوق إرادة األفراد من خالل اختيارهم وتفويضهم لهذه السلطة تمثيلها بما يعني إقرارهم بالموافقة على أن تكون الدولة ممثالُ لهم
ووكيالًُُ عن أرادتهم السياسية والقانونية ،والتفرد بالقرارات التي تقتضيها الحياة العامة .أما السيادة الخارجية فتعني عدم سيطرة حكومة
أو سلطة خارجية على السلطة المحلي ة أي عدم خضوع أرادتها الى أي إرادة خارجية وتمتعها باستقاللية قرارها السياسي والقانوني
الوطني ،إضافة الى انطباق قواعد القانون الدولي عليها .وفكرة السيادة فكرة قانونية تتصف بها السلطة السياسية يتم تفويض أفراد من
عموم الشعب لتمثيلهم بنتيجة العقد االجتماعي ،حيث يتم تفويض هذه المجموعة من األفراد صالحيات مطلقة أو محددة تبعا ً للظروف
ورغبة الشعب ،والشعب هو الذي يملك السيادة أصالً ويفوض بعض من صالحياته الى هذه المجموعة ،لتمثيله ضمن صيغة قانونية وفقا ً
النتخابات عامة أو محددة أو وفقا ً لتخويل من البرلمان المنتخب أو أية صيغة شرعية أخرى .واتفق الفقهاء في القانون الدستوري أن األمة
هي صاحبة اإلرادة الشعبية وهي مصدر السلطات وهي التي تخول أو تمنح الهيئة السياسية بعض أو كل من التصرفات التي تملكها والتي
•خضوع الدولة للقانون :دولة القانون هي الدولة التي تخضع جميع أوجه نشاطها للقانون سواء في التشريع أو التنفيذ أو القضاء...
وإن أهم ما يميز الدولة القانونية عن غيرها من الدول ،هو خضوع جميع نشاطها للقواعد القانونية أي عدم إلزام األفراد بشيء خارج
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
القانون .ولكي تقوم الدولة القانونية يجب أن تتوفر ضمانات أساسية حتى ال يخرق هذا المبدأ ،أهمها ← :وجود الدستور ← ،تطبيق مبدأ
الفصل بين السلطات ← ،احترام مبدأ سيادة القانون ← ،تدريج القواعد القانونية ← ،االعتراف بالحقوق والحريات العامة وأخيرا تنظيم
"أشـكـال الـدولــة"
ملخص :
تنقسم الدول من حيث التركيب الداخلي للسلطة أي من حيث التكوين إلى دول بسيطة ودول مركبة...
• الدول البسيطة الموحدة :وهي الدول التي تكون فيها السلطة واحدة ولها دستور واحد ،ويكون شعبها وحدة بشرية متجانسة تخضع لقوانين
واحدة داخل إقليم الدولة الموحد .تتميز الدولة الموحدة بكون التن ظيم السياسي للسلطة فيها واحد ،وتكون موزعة على على عدة هيئات
تمارس في شكل وظائف أو اختصاصات مختلفة بمبدأ الفصل بين السلطات ولكن كل هذه الهيئات أو السلطات هي عبارة عن جهاز
سلطوي واحد في الدولة البسيطة وما هذا التوزيع غال توزيع للوظائف وطرق العمل داخل نفس السلطة الحاكمة في الدولة فقط ،وكأمثلة
على الدول البسيطة نجد الجزائر ،ليبيا ،تونس...و فيما يخص توزيع السلطات اإلدارية على األقاليم والهيئات فإن السلطة التنفيذية في
الدولة تتولى مهمتين وظيفة الحكم ووظيفة اإلدارة التي يمكن تقسيمها وتوزيعها على هيئات المركزية تتمتع باالستقالل في أداء وظيفتا
اإلدارية ،فاعتماد على نظام الالمركزية اإلدارية ال يؤثر في وحدة الدولة السياسية.
• الدولة المركبة :هي الدول التي تتكون من إتحاد دولتين أو أكثر غير أن هذا اإلتحاد ينقسم إلى عدة أشكال بسبب اختالف نوع وطبيعة
اإلتحاد الذي يقوم بين هذه الدول ،والتي تنحصر في -اإلتحاد الشخصي :وهو أضعف أنواع اإلتحاد بين الدول وهو وليد الصدفة ألنه نتيجة
حادث عارض في حياة الدول يتمثل في تولي شخص واحد الرئاسة مع احتفاظ الدول باالستقالل الكامل .و-اإلتحاد التعاهدي أو االستقاللي:
وهو نتيجة االتفاق بين دولتين أ و أكثر في معاهدة دولية على الدخول في اإلتحاد مع احتفاظ كل دولة باستقاللها الخارجي والداخلي أي بقاء
نظمها الداخلية دون تغيير .و -اإلتحاد الحقيقي أو الفعلي :يقوم بين دولتين أو أكثر تخضع جميعها لرئيس واحد وتندمج في شخصية دولية
واحدة ولها وحدها حق ممارسة الشؤون الخارجية والتمثيل السياسي الدبلوماسي والدفاع مع احتفاظ كل دولة من الدول األعضاء
بدستورها وقوانينها ونظامها السياسي الداخلي الخاص .و-اإلتحاد المركزي :يضم وحدات متعددة (واليات ،دويالت) في شكل دولة واحدة
هي دولة اإلتحاد تتولى تصريف وتسيير بعض الشؤون الداخلية لكل دولة والشؤون الخارجية الخاصة بالدول جميعا ويعتبر هذا النوع من
أهم صور اإلتحاد ،علال خالف االتحادات السابقة فهذا اإلتحاد يستند إلى دستور الدولة االتحادية ذاته ،وال يعتبر اإلتحاد المركزي بعد
قيامه إتحادا بل هو دولة واحدة مركزية تضم مقاطعات أو جمهوريات...و تنحصر نشأته في اندماج عدة دول مستقلة في اإلتحاد أو تفكك
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
دولة موحدة إلى عدة دويالت ،وينتهي اإلتحاد بزوال أحد أركان الدولة أو تغيير شكل الدولة من إتحاد مركزي إلى دولة موحدة وبسيطة.
و من أسس ومظاهر الوحدة في اإلتحاد المركزي في -النطاق الدولي :انه يقوم على أساس وحدة الشخصية الدولية ،يظهر رعايا الدولة
االتحادية كشعب واحد يتمتع بجنسية واحدة ،يقوم على إقليم موحد يمثل الكيان الجغرافي للدولة االتحادية في مواجهة العالم الخارجي
ويتكون من مجموع الدويالت المكونة لإلتحاد المركزي– .في النطاق الداخلي :ويتمثل في وجود دستور إتحادي يشكل األساس القانوني
الذي تقوم عليه الدولة االتحادية ،وفي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية المركزية وكذلك السلطة القضائية االتحادية (قضاء فدرالي).
هناك فروق متعددة بين اإلتحاد المركزي الفدرالي واإلتحاد االستقاللي الكونفدرالي :إذ يستمد اإلتحاد االستقاللي وجوده من معاهدة تتم بين
الدول األعضاء فيه ،في حين ينشأ اإلتحاد المركزي من خالل عمل قانوني داخلي هو الدستور االتحادي لتعديل هذا األخير يكفي توفر
األغلبية في حين يشترط موافقة كافة األطراف في اإلتحاد الكونفدرالي .االنفصال حق مقرر لكل دولة من اإلتحاد االستقاللي بينما ذلك
مرفوض في اإلتحاد المركزي .يتمتع جميع أفراد الشعب في اإلتحاد المركزي بجنسية واحدة هي جنسية الدولة االتحادية بينما يبقى لرعايا
كل دولة في اإلتحاد االستقاللي جنسيتهم الخاصة لدولتهم .إذا قامت حرب بين دولتين من دول اإلتحاد االستقالل فهي حرب دولية ،أما
الحرب التي تقوم بين الواليات األعضاء في اإلتحاد المركزي هي حرب داخلية أهلية.
وظـائف الدولـــة"
ملخص :
يقصد بوظائف الدولة الوظائف السياسية وليس الوظائف القانونية التي تنصرف على الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية ،بيد أن لكل
دولة حد أدنى يجب ان تقوم به يتمثل في مهمة الدفاع عن نفسها ،بث الطمأنينة والسالم في ربوع الدولة ،و أيضا فظ النزاعات التي تثور
بين األفراد .مما سبق نجد هناك خالف بين النظريات في فيما يخص وظائف الدولة :المذهب الفردي ،المذهب االشتراكي ،المذهب
االجتماعي.
×المذهب الفردي :يقوم على أساس الفرد وتقديسه ،إذ يحصر وظيفة الدولة في أضيق حد ممكن أي أن تمارس غال أوجه النشاط المتصلة
مباشرة بوظائف األمن والدفاع والقضاء ،فيما عدا هذه الوظائف تترك الدولة لألفراد ممارسة مختلف أوجه النشاط األخرى في حدود
-يضيق هذا المذهب دائرة نشاط الدولة مما يعيقها من تحقيق المصلحة العامة.
-ترك المسائل الحيوية كالصحة والتعليم في أيدي األفراد قد ينتج عنها أزمات اجتماعية إذ البد من تدخل الدولة لتسيير هذه النشاطات.
-يفتقد هذا المذهب إلى األساس العلمي عندما يقول بوجود حقوق للفرد سابقة على وجود المجتمع وهذا أمر غير منطقي.
× المذهب االشتراكي :ظهر هذا المذهب كرد فعل لتناقضات المذهب الفردي و ليجعل من الجماعة الهدف والغاية بإزالة بعض مخلفات
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
الرأسمالية من طبقية بين أفراد المجتمع ليؤمن بذلك للدولة التدخل في كافة األنشطة وإدارتها وذلك لتحقيق العدالة االجتماعية بين األفراد،
-إذا كان المذهب الفردي يجعل اإلنسان يستغل أخيه اإلنسان فإن المذهب االشتراكي يقضي على نشاط الفرد ويضعف لديه روح االبتكار
-يؤدي هذا المذهب إلى استغالل الطبقة العامة من طرف أصحاب القرار أي استبدال االستغالل من الطبقة الرأسمالية إلى طبقة كبار
الموظفين.
× المذهب االجتماعي :هو من أكثر المذاهب انتشارا في الوقت الحاضر وقد وسط بين المذهبين المتطرفين الفردي واالشتراكي ،فموقفه
يتجلى في وجوب العمل على إصالح المجتمع عن طريق تدخل الدولة مع االحتفاظ بالقيم المعروفة كالدين واألسرة والملكية الفردية
وحرية التعاقد ،من الناحية االقتصادية يأخذ بفكرة االقتصاد الموجه بمعنى أن الدولة تتدخل لتوجيه بعض نواحي الحياة االقتصادية دون أن
تقضي على المبادرة الفردية مثل السيطرة والسيادة على ثرواتها الطبيعية وإقرار العدالة االجتماعية أو مكافحة البطالة...
× وظائف الدولة اإلسالمية :للدولة اإلسالمية وظائف ومهام عديدة ،إذ أنه يبيح للدولة وللسلطة الحاكمة أن تتوسع في وظائفها وتحد من
حقوق األفراد لصالح ا لجماعة كلما دعت الضرورة لذلك ،يكفيها فقط الشهادة وتبليغ الدعوى لإلنسانية جمعاء وفق الضوابط الشرعية ،إلى
جانب كل هذا تضطلع بوظائف أساسية هي - :فريضة الجهاد - ،توفير األمن والطمأنينة لجميع سكانها - ،إقامة العدل بين الناس ورد
المظالم - ،األمر بالمعروف والنهي على المنكر - ،توجيه االهتمام بالعلوم ووسائل التقدم الحضاري - ،إقامة التكافل االجتماعي داخل
المجتمع.
إن المذهب االجتماعي يجد أساسه في الشريعة اإلسالمية تشريعا وتطبيقا تلك الشريعة التي التزمت الوسطية في جميع المجاالت ،فهي
تعتني بالفرد قدر اعتنائها بالجماعة ،بل تفضل مصلحة هذه األخيرة كلما الضرورة ذلك (جباية الزكاة ومحاربة مانعيها ،تامين المرافق
يتفق أغلب الفقه على أن القانون هو ذلك الموضوع الذي ينظم العالقات االجتماعية بين األفراد من أجل ضمان العدالة بينهم ،ومن
المعروف أن القانون ينقسم إلى قسمين :القانون الخاص privéوالقانون العام أو العموميpublic .
فالقانون الخاص ينظم العالقات الخاصة بين األفراد كعالقات البائع مع المشتري والمؤجر مع المستأجر ،أما القانون العام فهو الذي ينظم
العالقات التي يمكن أن تقوم بين أحد األشخاص المعنوية العمومية Personnes morales publiquesوأحد األشخاص الخاصة
الطبيعيين أو األشخاص المعنوية العمومية (شخص واحد أو أكثر) ومن األمثلة على هذه التصرفات قيام الدولة بنزع ملكية شخص من
أجل تحقيق منفعة عامة أو تعاقدها مع مقاول للقيام بأشغال لصالحها ،أو توريد أشياء لها مقابل مبلغ معين ،أو نقل ملكية من شخص إلى
آخر كما هو الشأن بالنسبة لنقل طريق مملوك للوالية أو البلدية إلى الدولة أو العكس .ومن بين فروع القانون العام الدستوري الذي يحدد
شكل النظام السياسي للدولة والذي يجد أهم قواعده في الدستور الذي يحمل معاني مختلفة لغوية وسياسية وقانونية
-المعنى اللغوي:
نعتقد مع جميع الفقهاء العرب أن عبارة " دستور" ليست عربية وأن معناها هو القانون األساسي ،غير أن هذا اإلصطالح العربي اختلف
بشأنه ،فنجد بعض الدول قد استعملته للداللة على معنى الدستور كالعراق مثال في دستور 1925وإيران في دستور 1979في حين أن
البعض اآلخر يستعمله للداللة على قوانين ال تصل إلى مرتبة الدستور ،ولكنها تعد أساسية بإعتبارها تتضمن مبادئ عامة تتناولها بالشرح
أو التفسير قوانين أخرى ومثل ذلك القوانين األساسية في الجزائر (القانون األساسي العام للعامل مثال)
والحقيقة أن مصطلح الدستور اآلن في معظم الدول العربية يقابله بالفرنسي واإلنجليزي مصطلح Constituionالذي يعني التأسيس أي
النظام أو القانون األساسي ونتيجة لهذا اإلختالف يفضل استعمال اصطالح الدستور لما يحمله من معاني السمو ومظاهر االحترام
فالدستور لغة هو اذن مجموعة القواعد األساسية التي تبين كيفية تكوين وتنظيم الجماعة ،وال يشترط فيه أن يكون مكتوبا أو عرفيا ،لذلك
فان الدستور بهذا المعنى يوجد في كل جماعة ،من األسرة حتى الدولة ،وأن هذا المعنى الواسع غير محدد وغير دقيق لكونه يحتوي على
معاني يمكن أن تنصرف إلى كل تنظيم يمس أية مجموعة بشرية ،في حين أن المعنى الحقيقي للدستور هو الوثيقة المنظمة للدولة وشؤون
الحكم.
وحرياته وضمانات ممارستها إلى جانب ضرورة األخذ بمبدأ الفصل بين السلطات حتى ال تتداخل اختصاصاتها و تقتضي على السلطة
المطلقة و ذلك تأثرا بالمذهب الدستوري Constitutionnalismeالداعي إلى قرار التوفيق ين السلطة و الحرية.
و يقصد بالمذهب الدستوري تلك الحركة التي ظهرت في عصر النهضة األوربية وحلت محل األعراف السائدة آنذاك غير الواضحة و
التي تركت مجاال واسعا للملك لممارسة السلطة التقديرية ،فظهرت الدساتير المكتوبة للحد من إطالق السلطة و استبدادية الملوك ،و لذلك
طالب األحرار بتحديد أنماط اسناد ممارسة السلطة السياسية بموجب نص واضح دفعا ألي إطالقا للسلطة ،ومن ثمة فالدستور في مفهومه
الشكلي يتعارض مع التعسف ،ألنه يحدد دولة القانون التي يمكن أن يكون فيها سواء ما هو مطابق للقواعد التي يضعها ذلك الدستور.
و المعلوم أن المذهب الدستوري يجد مصدره في فكرة العقد المعارضة الطالق السلطة و التي ظهرت بوادر لها في القرن 16و
سيطرت في القرن 18والتي دفعت إلى إنشاء المجتمع المدني في قالب عقد بين مختلف األطراف بعيدا عن تأثير العوامل الدينية ،وأعتبر
الد ستور شكال قيدا على السلطة المطلقة للملوك ،وبالتطور أصبح ألغلب الدول دستور في مفهومه الشكلي إال أن الممارسة السياسية لم تكن
في كل األحوال متماشية مع الدستور وهو ما تسبب في اختالل بين النصوص الدستورية والممارسات السياسية ،وإن كان هذا االختالل
ومن هنا فإن أي نظام السيما إذا كان رسميا ،مثلما هو في الدستور ،كان دائما له معنى اجتماعي لكونه تعبيرا عن عالقات قوى موجودة
ضمن نظام سياسي في مرحلة معينة ،األمر الذي يدفعنا إلى التساؤل حول ما إذا كانت كل قاعدة دستورية تحمل في طياتها فكرتها المضادة
بالمفهوم الهيغلي أو الماركسي ،ذلك أنه وإن كانت الحرية مقررة دستوريا إال أنها عمليا صعبة التحقيق وسهلة التقييد وحتى اإللغاء الوقتي
ال سيما من حيث تنظيمها قانونا ،وعليه فإن التفسير التناقضي السالف الذكر يعني رفض النظرة المنسجمة للمذهب الدستوري .
والمؤكد أن الطبقة البورجوازية استعملت المذهب الدستوري لتقييد السلطة المطلقة واعتبرت نفسها المعبر عن رأي واردة الشعب في
مواجهة تلك السلطة ،وهي الفكرة التي تبنتها طبقات مختلفة كالمجاهدين ،والجيش والبورجوازية في الدول النامية حيث اعتبرت نفسها هي
الشعب والمعبر الحقيقي الوحيد عن الشعب ودفع بها ذلك الموقف إلى اعتبار أن كل ما يخالف وجهة نظرها ومصلحتها ،ولو كان ذلك
واردا من الشعب يعتبر مرفوضا يجب محاربته ورفضه ،وهو ما يطرح تساؤال في هذه األنظمة حول ماإذا الدستور في النهاية هو أداة
للدعاية دا خليا وخارجيا للنظام عما هو قائم ،األمر الذي قد يؤدي إلى أن يصبح الدستور يحمل معنى شعاريا أكثر من كونه ذو معنى
اجتماعي سياسي ،ومهما يكن من رأي حول المذهب الدستوري ونتائج األخذ به فإن المعنى السياسي للدستور رسميا ونظريا يقصد به تلك
الوثيقة التي تتناول كيفية تنظيم السلطة السياسية في الدولة على أساس الفصل بين السلطات ،وتتضمن حقوق وحريات األفراد وضمانات
ممارستها باعتبارها قيودا على سلطة الحكام عليهم احترامها وعدم االعتداء عليها.
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
3-المعنى القانوني:
من المعروف أن األفراد في حاجة إلى قواعد قانونية تنظم العالقات فيما بينهم ،وكذلك الحال بالنسبة للدولة ،فهي في حاجة إلى قواعد
قانونية تنظم شؤونها وعالقتها ،وأن الحكام عندما يمارسون وظائفهم واختصاصاتهم ال يفعلون ذلك باعتبارهم يمارسون حقوقا أو
امتيازات شخصية ،وإنما اختصاصات أو وظائف منظمة ومحددة بقواعد دستورية تستمد منها القواعد القانونية األخرى وجودها
وشرعيتها.
المفهوم الشكلي :ويقصد بالمفهوم الشكلي مجموعة القواعد القانونية التي تتضمنها الوثيقة الدستورية ،وعليه فإن المفهوم الشكلي ينحصر
فيما هو وارد من أحكام في الوثيقة الدستورية ،الموضوعة من طرف جهة مختصة دون أن يمد إلى غير ذلك من القواعد.
والذي الشك فيه أن اإلعتماد على هذا المفهوم ال يتماشى والواقع ألن في ذلك انكار لوجود دساتير عرفية كدستور انجلترا فضال عن
الدساتير تتضمن بعض القواعد التي ال صلة لها بالتنظيم السياسي مثل النص في الدستور الجزائري على ان اللغة العربية هي اللغة
الوطنية والرسمية ،ونص الدستور الفرنسي لسنة 1848على إلغاء عقوبة اإلعدام في الجرائم السياسية ،والغرض من ذلك هو كفالة ثباتها
وبالمقابل فإن هناك قواعد دستورية بطبيعتها التتضمنها الوثيقة الدستورية مثل قوانين االنتخابات وقوانين تشكيل وتنظيم البرلمان ونظمها
المفهوم الموضوعي :أما المفهوم الموضوعي في قصد به مجموعة القواعد التي تنظم شكل الدولة ونظام الحكم وطبيعة العالقة بين
السلطات واختصاصاتها ،وكذلك القواعد التي تبين حقوق األفراد وحرياتهم وضماناتها دون نظر إلى ما إذا كانت مدرجة ضمن الوثيقة
الدستورية أو وثيقة قانونية أخرى مهما كان مصدرها وتدريجها في الهرم القانوني أو كانت عرفية .ونتيجة الختالف المفهومين فإن
الفقهاء اختلفوا حول المعيار الذي يمكن االعتماد عليه بشأن تعريف الدستور.
فمنهم من اعتمد المعيار الشكلي بحيث يسند على الوثيقة الدستورية ،أي النصوص المدونة فيها والهيئة واإلجراءات التي اتبعت في
وضعها وا لمصادق عليها ،ومنهم من استند على المعيار الموضوعي الذي يعتمد على جوهر نظام الحكم ومضمون الدستور.
وعليه يعرف أنصار المعيار الشكلي الدستور بأنه مجموعة القواعد التي تضعها هيئة خاصة وتتبع في ذلك إجراءات خاصة تختلف عادة
عن إجراءات وضع القوانين العادية ،أما أنصار المعيار الموضوعي فيعرفون الدستور بأنه مجموعة القواعد األساسية التي تحدد شكل
الدولة ونظام الحكم فيها وتبين سلطتها العامة وعالقتها ببعضها وعالقة األفراد بها ،كما تقرر حقوق الفرد وحرياته المختلفة وضمانتها.
أما المدرسة االشتراكية فتعرفه بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تثبت وفقا لمصالح الشغيلة النظام االجتماعي والسياسي في الدولة
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
وكذلك مبادئ تنظيم هيئات السلطة ونشاطها وأسس الوضع القانوني لألفراد في الدولة االشتراكية ويرى الدكتور نوري لطيف بأن القانون
الدستوري هو مجموعة القواعد القانونية التي تثبت نظام ال حكم في دولة موافقا لمصالح الطبقات والفئات االجتماعية السائدة في ضوء فكرة
قانونية معينة.
وقد رجح معظم الفقهاء التعريف الموضوعي عن التعريف الشكلي لما له من احاطة أكبر بالموضوع نظرا ألن المعيار الشكلي يعاب عليه
كونه ال يشمل بعض الموضوعات ذات الصفة الدستورية ،وغير المدونة مثلما ذكرنا آنفا .فضال عن أن استناده على الدستور ونصوصه
يجعلنا عاجزين على إيراد تعريف الدستور في الدول التي ليس لها دساتير مكتوبة ،وأخيرا فإن التعريف الذي يستند على المعيار الشكلي ال
يمكن األخذ به في جميع الدول نظرا الختالف دساتيرها ،وبالتالي فإن التعريف ال يكون واحد بل متعددا
تعتبر المصادرات ذات أهمية بالغة في النظرية العامة للقانون ألنها منبع القواعد القانونية فالمقصود بالمصدر لغة هو المكان
الذي ظهر فيه الشيء بعد أن كان خفيا ،اما في موضوعنا فإن المقصود بالمصدر له عدة معان ما يهمنا منها هو المصدر الرسمي الذي
يضفي على القاعدة القانونية الصفة اإللزامية والمصدر الموضوعي (أو المادي أو الحقيقي) الذي تستمد القاعدة القانونية منه مضمون
خطابها أو موضوعها .والقول بهذا يعني أن المصدر الرسمي يأتي دائما بعد المصدر الموضوعي أو المادي ألن القاعدة ال تكتسب الصفة
اإللزامية إال إذا مرت بمراحل معينة تختلف بإختالف المجتمعات وتأثير العوامل عليها .والمتفق عليه كما سبق أن رأينا أن سلوك األفراد
يتطور بتطور المجتمع ،فقد يتحول إلى عرف ثم يتحول إلى قاعدة مكتوبة بظهور الدولة .وإذا كانت األعراف هي السائدة في الماضي
كقواعد تحكم العالقات بين األفراد فإن تدخل الدولة قد كان عامال مؤثرا في اإلكثار من سن القوانين لتنظيم أمور المجتمع السياسية
واالقتصادية واالجتماعية ،مما أستتبع تراجع العرف إلى المرتبة الثانية واحتالل التشريع للمرتبة األولى كمصدر أول للقوانين وسوف لن
نخوض في التفاصيل ونقتصر على التعرض ألهم المصادر المتمثلة في التشريع والقضاء والعرف والفقه .
-1التشريع :يقصد به النصوص القانونية المدونة والصادرة عن هيئة خاصة وفقا إلجراءات معينة وعادة ما تسمى هذه السلطة
بالسلطة أو المؤسسة التشريعية على أن الق واعد التشريعية هي األخرى تخضع لمبدأ التدرج إذا كنا بصدد دستور جامد ،ذلك أن تعديله
يخضع إلجراءات خاصة تختلف عن تعديل التشريع العادي مما يضفي على التعديل األول صبغة قانونية أسمى من التعديل الثاني ،وعليه
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
فإن التشريع العادي يضع للتشريع غير العادي ،وقد ازدادت أ همية التشريع كمصدر للقوانين نتيجة لتزايد تدخل الدولة وتعقيد نشاطها
بالتالي وزيادة ارتباطها باألفراد والجماعات والدول هو تلك المجموعة من األحكام التي أصدرتها المحاكم بشأن تطبيق القانون على ما
القسم األول :وهو الذي ال يخرج عن كونه تطبقا للقانون ويسمى باألحكام العادية.
القسم الثاني :وهو الذي يتضمن مبادئ لم يتعرض لها القانون أو تضع حدا لخالف في القانون وتسمى األحكام األساسية .
وإذا قلنا بأن القضاء مصدر من مصادر القانون الدستوري ،فان علينا أن نميز بين الدول ذات الدساتير العرفية كإنجلترا ،والدول
ذات الدساتير المكتوبة كالجزائر وفرنسا ،ففي إنجلترا يعتبر القضاء مصدرا رسما لما ينشئه من سوابق قضائية بشأن القضايا المطروحة
أمامه أو التي تطبق فيما بعد على القضايا المشابهة لها من طرف المحاكم ذات الدرجة الواحدة أو األدنى منها .ومن الدول التي تأخذ
بالسوابق القضائية ،الواليات المتحدة األمريكية واستراليا ونيوزلندا ،أما في فرنسا فإن القضاء كمصدر ضعيف جدا في المجال
الدستوري ،نظرا ألن المحاكم غير مقيدة بأحكامها السابقة وال باألحكام التي تصدرها تلك األعلى منها في الدرجة .
-3العــرف :
يقصد بالعرف " إتباع الناس سلوكا معينا في موضوع معين بصفة مطردة ولمدة طويلة يجعل الناس يشعرون بقوته اإللزامية
كالقانون المكتوب"
ويتضح مما سبق أن هناك ركنان للعرف :مادي ومعنوي .فالركن المادي يفيد إتباع األفراد سلوكا معينا في تصرفاتهم بصفة مطردة أما
الركن المعنوي فيعني استقرار اإلحساس في ضمير الجماعة بأن ذلك السلوك أصبح ملزما لهم ،فبغير االعتقاد بالزاميته ال نكون بصدد
عرف بمعناه القانوني ويشترط في العرف ان يكون عاما وقديما وثابتا ،وأن ال يكون مخالفا للقوانين واآلداب العامة ،وإذا كان العرف هو
ما س بق ذكره باختصار ،فإن الفقه اختلف بشأن مدى الزاميته فقد ذهب انصار المذهب الشكلي المتطرفين ومن بينهم الفقيهان اإلنجليزي
والفرنسي كارى دمالبرغ إلى أن العرف ال قيمة له إال أقره التشريع او القضاء ،أما المعتدلون من هذا المذهب فيعترفون له بالصفة
اإللزامية ،وبالنسبة للمذهب الموضوعي فيرى أنصاره وعلى رأسهم ديجي Duguitوجوي Guetبأن القانون ما هو إال تعبيرا عن
ضمير الجماعة الذي يمثل العرف ،ولذلك يقولون بأنه مصدر رسمي للقانون وبعد أن عرفنا قيمة العرف كمصدر للقانون نبحث اآلن دوره
في العرف الدستوري ،لقد تأثر فقهاء القان ون الدستوري بفقه القانون الخاص بشأن أركان العرف ،فالركن المادي يتمثل في وجود قاعدة
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
مستقرة ومطردة التطبيق من قبل السلطات العامة في الدولة ،وهذا يعني الثبات وتوافر مدة معقولة غير أن الحقائق تثبت أن المدة ال يمكن
تحديدها نظرا لظهور أعراف دستورية في مدة قصيرة مثل بعض سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء في فرنسا التي نظمت بمقتضى
عرف نشأ بعد الحرب العالمية األولى في حين أن مسؤولية الوزارة في إنجلترا تقررت بعرف يعود إلى القرن الثامن عشر .أما الركن
المعنوي فيشترط فيه صفة االلزام التي يردها البعض إلى اإلرادة المفروضة للمشرع بينما يردها البعض اآلخر إلى إرادة الجماعة المتمثلة
في السلطات واألفراد .والعرف إما يكون مفسرا أو مكمال أو معدال .
أ-العرف المفسر :هو الذي يهدف إلى تفسير نص من نصوص الدستور ،فدوره هنا ليس إنشاء أو تعديل قاعدة دستورية ،وإنما
يبين كيفية تطبيق قاعدة معينة غامضة إال أن هذا التفسير يصبح جزءا من الدستور فيكتسب صفة اإللزام ،ومن األمثلة على ذلك جريان
العرف أن لرئيس الجمهورية الفرنسية طبقا لدستور 1875أن يصدر اللوائح استناد إلى المادة التي تنص على أن رئيس الجمهورية يكفل
ب-العرف المكمل :هو الذي ينظم موضوعات لم يتناولها الدستور حيث يسد الفراغ الموجود في الدستور ،ونظرا لكونه كذلك
فانه يختلف عن العرف المفسر في كونه ال يستند على نص دستوري في ظهوره ،ومثل ذلك نشوء قاعدة في فرنسا تمنع من إبرام عقد
قرض عمومي إال إذا صدر قانون يأذن بذلك ،إذا كان القانون والدستور الصادران في 1815ينصان على تلك القاعدة فإن الدساتير التي
تلتها لم تنص عليها انطالقا ومع ذلك استمر تطبيقها الستقرارها عرفيا فغدت بذلك عرفا دستوريا مكمال ونص دستور 1875على أن
االنتخاب يتم على أساس االقتراع العام دون أوضاع هذا االنتخاب فكمله العرف بأن جعله على درجة واحدة
ج -العرف المعدل :يراد به تلك القواعد العرفية التي تغير بأحكام الدستور إضافة أو حذفا ومن أمثلة العرف المعدل في شكل إضافة ما
جرى به العمل في االتحادات الفيدرالية من زيادة في سلطات الحكومات المركزية على حساب السلطات المحلية وأن يتولى رئاسة في
لبنان ماروني والوزارة سني والبرلمان شيعي رغم أن الدستور ال ينص على طائفية في لبنان فجاء العرف بها مكمال الدستور.أما العرف
المعدل في صورة حذف فمثله امتناع رئيس الجمهورية من حل مجلس النواب في ظل دستور 1875الذي يمنح له ذلك الحق ولم يستعمل
إال من طرف الرئيس ماكماهون سنة 1877ثم لم يمارس ذلك الحق حتى سنة 1940عندما احتلت ألمانيا فرنسا فنتج عنه أن نشأة قاعدة
عرفية ألغت أو حذفت نصا دستوريا والسبب في ذلك يعود إلى أن ماكماهون عندما لجأ إلى حل مجلس النواب كان هدفه الحصول على
تغيير في األغلبية إال أن االنتخابات أدت إلى عودت األغلبية السابقة وهي الجمهوريون فصرح بعد ذلك خلفه Grevyألنه سينصاع إلى
إدارة األمة وانه لن يلجأ إلى حل البرلمان بعد ذلك وتبعه في ذلك سلفه مما أدى إلى نشوء ذلك العرف المعدل حذفا في النص الدستوري
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
وكذلك حدث في سنة 1969– 1962في نفس البلد أين قدم رئيس الجمهورية مباشرة مشروعين لتعديل الدستور دون عرضهما على
المجلسين لتصويت المسبق مع أن هناك نصوص صريحة خاصة بكيفية تعديل الدستور .
والحقيقة أن هذا النوع من العرف موجود ومطبق وان إنكار الصفة الدستورية عنه من جهة واالعتراف به من جهة ثانية ليس له
-4الفـقـه :يقصد بالفقه الدراسات والبحوث التي قام او جاء بها فقهاء القانون والفقه ال يعتبر مصدرا رسميا للدستور وإنما
مصدر تفسيرا يستأنس به في تفسير دستور وبيان كيفيات سنه فضال عن قيام رجال الفقه بشرح وتبيان محاسن وعيوب هذه الدساتير كما
أنه يهتم بدراسة وتحليل األحكام القضائية لما لها من تأثير على مسار قواعد دستورية والذي ال شك فيه انه وغن كانت اآلراء الفقهية غير
ملزمة إال أنها تلعب دورا هاما في تفسير النصوص القانونية وكثيرا ما يتأثر به القضاء في إصدار أحكامه أو المشرع أثناء سن القوانين
والقواعد الدستورية وهو ما يكسب تلك اآلراء سمعه أدبية كثيرا ما تلقى احترام من قبل المشرع الدستوري ومن ذلك روح القوانين والعقد
االجتماعي أو السياسي لكل من مونتسكيو وجان جاك وروسو وجون لوك .
يعرف الدستور :بأنه مجموع ة القواعد المتعلقة بتنظيم ممارسة السلطة وانتقالها في الدولة على هدى فكرة سياسية معينة،وهذه القواعد
يمكن أن توجد بأحد طريقتين ،فهي أما تصدر من المشرع الدستوري وتكون مدونة في وثيقة رسمية ،وهذا ما يسمى بالدستور المدون أو
تكون وليدة العرف والسوابق القضائية والتاريخية ،دون أن تدون في وثيقة رسمية وهذا ما يطلق عليه الدستور غير المدون.
وتقسم الدساتير من حيث شكلها إلى دساتير مدونة وأخرى غير مدونة
الدستورالمدون:
هو الدستور الذي تصدر قواعده على شكل وثيقة رسمية واحدة ،كما هو حال اغلب الدساتير المدونة .أو تصدر بعدة وثائق رسمية ،كما هو
حال دستور الجمهورية الثالثة الفرنسي لعام ( )1875الذي صدر في ثالث وثائق رسمية.
واألخذ بالدستور المدون ال يعني بالضرورة أن تتضمن الوثيقة الدستورية كافة القواعد المتعلقة بممارسة السلطة وانتقالها ،فغالبا ما نجد
إلى جانب الوثيقة الدستورية قوانين ووثائق ذات طابع دستوري وسياسي تعتبر متممة للوثيقة الدستورية في الموضوع الذي تعالجه ،ومثال
إلى نشوء قواعد أخرى تفسرها أو تكملها أو تعدلها يكون مصدرها العرف والتفسيرات القضائية ،التي صدرت بها أحكام من القضاء في
موضوعات دستورية ،وهذا ما تدل عليه الحياة الدستورية في الدول ذات الدساتير المدونة.
ومن ناحية أخرى قد تتضمن الوثيقة الدستورية ،إلى جانب القواعد الدستورية بطبيعتها ،قواعد ال عالقة لها بممارسة السلطة ،نصفها
بالقواعد الدستورية الشكلية والحكمة من وجود هذه القواعد في صلب الوثيقة الدستورية هي الرغبة في حماية تلك القواعد وذلك برفعها
إلى منزلة النصوص الدستورية ،بحيث يتعذر بعد العمل بالدستور المساس بها ،إلغاء أو تعديالً ،إال وفقا ً بالطريقة التي يعدل الدستورذاته.
ابتدأت حركة تدوين الدساتير في الظهور منذ الربع األخير من القرن الثامن عشر كان ذلك في دول أمريكا الشمالية بعد تحررها من
االستعمار اإلنكليزي ما بين عام ( )1776وعام ) ،(1781وبعد ذلك صدر الدستور االتحادي للواليات المتحدة األمريكية عام (1787).
ومن الواليات المتحدة األمريكية انتقلت قاعدة الدستور المدون إلى أوربا ،فكان دستور ( )3أيلول ( )1791الفرنسي أول دستور مدون.
وبعد ذلك ظهرت في أوربا طائفة من الدساتير المدونة بين عامي ( 1830و().1848
لقد ساد االعتقاد لدى مفكري القرن الثامن عشر أن الدستور المدون أسمى من الدستور غير المدون لما يمتاز به األول من دقة األحكام
ووضوحها وتحديدها ،واعتبروه بمثابة تجديد للعقد االجتماعي وأداة يستطيع الفرد بموجبها التعرف على حقوقها وواجباتها ،ويسهل عليه
معرفة الحدود المرسومة الختصاصات القابضين على السلطة ،واعتبروا الدستور المدون ايضا ً وسيلة لتنمية وعي األفراد السياسي وأداة
للتهذيب الخلقي والسياسي وبفضله يرتفع الفرد إلى مرتبة المواطن والدستور كما يقول (تومابايان) ال يوجد إال عندما يكون في مقدورنا
هذا وانتشرت بعد ذلك حركة تدوين الدساتير بشكل واسع .فبعد الحرب العالمية األولى ظهرت عدة دساتير مدونة منها :الدستور
السوفيتي لعام ( )1918والدستور األلماني لعام )(1919والدستور النمساوي لعام ( )1920والدستور التركي لعام ( .)1924وبعد الحرب
العالمية األولى أيضا قامت في الوطن العربي دولة جديدة ،وبعد انهيار الدولة العثمانية ،أخذت كلها بقاعدة الدستور المرن ،من ذلك
الدستور السوري لعام ( )1920والدستور المصري لعام ( )1923والدستور العراقي لعام () 1925والدستور اللبناني لعام ().1926
وبعد الحرب العالمية الثانية انحسر المد االستعماري أي أجزاء كثيرة من العالم وأدى ذلك من دولة وطنية وضعت جميعها دساتير مدونة
مؤكدة في ذلك كيانها السياسي والدولي ،ومما يذكر في هذا الصدد أن عدد الدول األعضاء في األمم المتحدة أصبح في عام ()1984
() 159دولة .وهذا يعني أن عدد الدساتير المدونة في العالم يزيد على هذا الرقم.
القضائية.
ويطلق جانب من الفقه مصطلح الدستور العرفي على الدستور غير المرن نظرا ً ألن العرف يكون المصدر الرئيسي ألحكامه ،ولكمن
مصطلح الدستور غير المدون اكثر دقة من مصطلح الدستور العرفي ،ألنه يتسع ليشمل جميع المصادر غير التشريعية سواء تمثلت في
لقد ب الغ أنصار الدستور غير المرن في ذكر مزاياه ،فقالوا أنه يمتاز بالمرونة وبسهولة التطور والنمو ،فهو ليس من وضع شخص أو هيئة
معينة وانما هو وليد المجتمع ومن نتاج طبيعة الكائنات ،يساير الحياة المتغيرة والظروف المتجددة ويلبي حاجات المجتمع السياسي.
ولقد دافع الفيلسوف الفرنسي (دي بونالد) في كتابه عن نظرية السلطة السياسية والدينية الصادرة عام ( )1796بحرارة عن الدستور
غير المدون ،وانكر الدستور المدون .ألن الدستور عنده يستمد أحكامه من التقاليد واألعراف ويصدر من أعماق التاريخ ،وال يمكن كتابة
الدستور ألنه الوجود والطبيعة ،وال يمكن كتابة الوجود وال الطبيعة ،وكتابة الدستور تعني قلب مفاهيمه.
والمثال الواضح للدستور غير المدون هو الدستور اإلنكليزي ويكاد يكون المثال الوحيد للدستور غير المدون في العصر الحديث .فال
توجد في إنكلترا (كما هو الحال بقية دول العالم) وثيقة مدونة تسمى بالدستور اإلنكليزي .ألن الغالبية العظمى من القواعد الدستورية
المطبقة في هذا البلد نشأت وتطورت استنادا ً إلى التقاليد واألعراف والسوابق القضائية ،وعلى هذه األساس ال توجد في إنكلترا نصوص
مدونة تقرر النظام الملكي أو تحدد سلطات الملك ،أو تلك التي تقرر األخذ بنظام المجلسين أو عدم مسؤولية الملك أو تلزم اختيار رئيس
الحكومة من بين أعضاء مجلس العموم أو تقرر المسؤولية الوزارية ..الخ .فهذه القواعد وغيرها طبقت واستقر العمل بها منذ أجيال عديدة
غير أنها مدونة في وثيقة رسمية صادرة من المشرع تسمى بالدستور اإلنكليزي.
بيد أنه عندما نقول إن الدستور اإلنكليزي وهو دستور غير مرن ،فال يعني هذا عدم وجود قواعد دستورية مدونة في إنكلترا ،فهذه
القواعد وجدت في وثائق لها أهميتها في التنظيم السياسي لهذا البلد ،ولكنها تعتبر استثناء من األصل ومن هذه القواعد:
-قانون الحقوق :سنة ( 1689و -قانون توارث العرش سنة ()- 11701قانون البرلمان :سنة (.- 1911قانون الوصايا على العرش :سنة
( 1937والقانون الصادر عام ( )1949الخاص بتقييد اختصاصات مجلس اللوردات والقانون الخاص باألعضاء الدائمين في مجلس
اللوردات الصادر عام ( )1958الذي سمح للنساء بأن يصبحن عضوات بمجلس اللوردات.
غير أن الواضع تغير تدريجيا ً بعد منتصف القرن الثامن عشر بحيث أصبحت الدساتير المدونة تكون القاعدة والدساتير غير المدونة
االستثناء ،ويعود هذا التحول إلى (حركة التدوين الدستوري التي كانت تدعو إلى تدوين الدستور ،ألنه بالنسبة لها يعتبر ير وسيلة لتقييد
سلطات الحكام المطلقة ،ولهذا يجب أن يكون الدستور واضحا ً وال يكون كذلك إال إذا كان مدوناً ،وعلى هذا األساس اعتبر فالسفة القانون
الطبيعي في القرنين السابع والثامن عشر ،الدستور بأنه عقد اجتماعي يحدد ما تنازل األفراد عنه من حريات عندما كانوا يعيشون في حالة
طبيعية ،ومقدار ما سيحتفظون به من هذه الحراسات بعد تأسيس الدولة ،وعليه فأن إقامة الدستور الذي هو تجسيد للعقد االجتماعي ،ال
يمكن أن يتم إال بواسطة الكتابة أي أن يتبلور في مجموعة قواعد مكتوبة أو مدونة ،وال يمكن أن يترك أمر تحديد الدستور للعرف ،الذي
هو بطبيعته غير محدد) .والمالحظ ،كما رأينا أن أنصار الدساتير المدونة قد بالغوا في ذكر مزاياها كما بالغ أنصار الدساتير غير المدونة
غير ان الواقع يثبت أن العبرة في نفاذ الدستور واحترام قواعده ليست بتدوينه أو عدم تدوينه ،بل تستمد القواعد الدستورية قوتها من وعي
أفراد المجتمع السياسي ومدى تعلقهم بها ،وعندما يتوفر الوعي يستوي أن تكون القاعدة مدونة أو غير مدونة فالوعي السياسي في إنكلترا
ضمن لدستورها االحترام والثبات بالرغم من أن أغلب قواعده غير مدونة .أما إذا تخلف هذا الوعي ،فلن يجد المجتمع السياسي عندئذ
تدون الدستور .فكثير ما تحول مجتمع معين يسير وفق دستور مدون من حكم ديمقراطي إلى حكم مطلق ،بل وقد يتم هذا التحول في ظل
نفس القواعد الدستورية ،وهذا ما حدث فعالً في إيطاليا أبان الحكم الفاشي.
هذا وان تقسيم الدستور إلى مدون وغير مدون وهو تقسيم نسبي وليس تقسيما ً مطلقا ً ذلك ألن الدساتير المدونة ال يمكن أن تستغني عن
األطراف الدستورية التي تنشأ جنبا ً إلى جنب مع القواعد الدستورية المدونة ،لكي تقوم بتفسير الغامض منها أو لتكمل الناقص فيها.
والدستور غيرا لمدونة ال يمن االستغناء كذلك عن القواعد الدستورية الصادرة من المشرع الدستوري كما هو الحال في إنكلترا.
أذن فالتقسيم يقوم على أساس السمة الغالبة في الدستور ،فأذا كانت القواعد المدونة هي الغالبة فالدستور غير مرن وأذا كانت القاعد المدونة
هي الغالبة فالدستور مدون ،وإذا كانت القواعد عبر غير المدونة هي الغالبة فالدستور غير مدون .والمالحظ إن هذا لتقسيم فقد أهمته في
الوقت الحاضر نتيجة للتدخل بين القواعد الدستورية المدونة وغير المدونة من ناحية وجنوح غالبية دول العالم في العصر الحديث ،من
ناحية أخرى إلى الدساتير المدونة ذلك ألن التشريع كما هو معروف أحتل الصدارة كمصدر من مصادر القاعدة الدستورية ،بشكل خاص،
1-الدستور المرن:
وهو الدستور الذي يمكن تعديله بأتباع نفس إجراءات تعديل القوا عد القانونية العادية .وعلى هذا األساس يستطيع المشرع العادي المساس
بالنصوص الدستورية المرنة تعديالً أو إلغاء وفقا ً لنفس اإلجراءات التي يتبعها في تعديل قواعده القانونية العادية.
ويترتب على ذلك أن الدستور المرن ال يتمتع بأي سمو شكلي على القانون العادي ،فلو أصدر المشرع العادي قانونا ً خالف به نصا ً
وينبني على ذلك عدم وجود فرق بين الدستور المرن والقانون العادي من الناحية الشكلية ،ويبقى الفرق موجودا ً من الناحية الموضوعية
فقط ،ألن الموضوع الذي تعالجه النصو ص الدستورية يختلف ،بطبيعة الحال عن المواضيع التي تنظمها وتعالجها القواعد القانونية العادية.
هذا وتعد الدساتير العرفية أثر الدساتير مرونة ،ألنها كما تنشأ عن طريق العرف والسوابق القضائية ،فأن أمر تعديلها يتم بنفس الطريقة
أيضا أي بتكوين قواعد عرفية جديدة تأخذ مكان القواعد العرفية القديمة ،كما يستطيع المشرع العادي تعديل تلك القواعد وفقا ً لنفس
والمثال البارز للدستور المرن هو الدستور اإلنكليزي ،الذي يستمد أغلب أحكامه من العرف والسوابق القضائية ،ولهذا يستطيع البرلمان
اإلنكليزي تعديل القواعد الدستورية بنفس الطريقة واإلجراءات المتبعة من قبله في وضع وتعديل التشريعات العادية.
هذا وليس حتميا ً أن تكون جميع الدساتير العرفية مرنة ،ألنه وجدت قواعد دستورية عرفية غير مرنة (جامدة) ففي المدن اليونانية القديمة
وجدت تفرقة بين القوانين العادية وطوائف أخرى من القوانين مثل القوانين الدائمة وقوانين المدين إذا كان يشترط لتعديل هذه األخيرة
شروط وإجراءات خاصة .وفي ظل الملكية المطلقة في فرنسا وجدت القوانين األساسية للمملكة التي لم يكن يكفي لتعديلها موافقة السلطة
التشريعية العادية المت مثلة في شخص الملك وانما كان يشترط كذلك موافقة الهيئة النيابية المسماة بمجلس الطبقات وفي مقابل ذلك فقد
وجدت دساتير مدونة ولكنها مرنة ومثال ذلك دستورا فرنسا لعام () 1814ولعام ( )1830ودستور جنوب أفريقيا لعام ( )1909والدستور
السوفيتي لعام )(1918ودستور أيرلندة الحرة لعام ( )1922وكذلك الدستور اإليطالي لعام )(1848الذي أستمر العمل بموجبه حتى نهاية
الحرب العالمية الثانية حتى أدخلت عليه تعديالت كثيرة أبان الحكم الفاشي في عهد (موسوليني) عام ( ،)1939تمت جميعها بقوانين عادية.
فالمالحظ أذن هو عدم وجود تالزم حتمي بين الدساتير المرنة والدساتير غير المدونة بالرغم من أن أغلب القواعد الدستورية غير المدونة
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
هي مرنة .وال يوجد تطابق كذلك بين الدساتير الجامدة والدساتير المدونة ،بالرغم من أن أغلب الدساتير المدونة هي دساتير جامدة .إذن
فالحكم على دستور معين بأنه مرن يتوقف على طريقة تعديله ،فمتى ما تماثلت هذه الطريقة مع طريق تعديل القانون العادي كان الدستور
مرنا ً ويستوي بعد ذلك أن يكون الدستور قد وضع عن طريق هيئة خاصة غير الهيئة التشريعية العادية (سواء كانت منتخبة أو معينة) أو
بإجراءات مختلفة عن إجراءات وضع القانون العادي ،أو أن يكون الدستور قد وضعته ذات الهيئة التشريعية العادية وبإجراءات وضع
القانون العادي ،كما حدث ذلك بالنسبة لدستور فرنسا لعام (1830).
2-الدستور الجامد:
وهو الدستور الذي ال يمكن تعديله وفقا ً لنفس إجراءات تعديل القواعد القانونية العادية ،غير أن هذا ال يعني أن الدستور الجامد ال يعدل
مطلقا ً إذ يمكن تعديله ولكن بأتباع إجراءات خاصة تختلف عن تلك المتبعة في تعديل القواعد القانونية العادية وغلبا ً ما تكون تلك
اإلجراءات أعقد من تلك المتبعة في تعديل التشريعات العادية .وغنى عن البيان أن تلك اإلجراءات ينص عليها عادة في صلب الدستور.
وعلى هذا األساس فلو أصدر المشرع العادي قانونا ً خالف به نصا ً دستوريا ً جامدا ً فال تعتبر هذه المخالفة تعديالً للنص الدستوري الجامد
وحينذاك تثور مسألة الرقابة على دستورية القوانين ،ذلك ألن الدستور الجامد يتمتع وحده بعلو وسمو على القواعد القانونية العادية وال
يمكن والحالة هذه للقاعدة الدنيا مخالفة القاعدة التي تعلوها في المرتبة استنادا ً لمبدأ التدرج القانوني.
وصفة الجمود تسري على جميع القواعد الواردة في صلب الوثيقة الدستورية سواء كانت قواعد دستورية موضوعية أو قواعد دستورية
والمالحظ أن إجراءات تعديل النصوص الدستورية الجامدة تختلف من دستور آلخر وذلك حسب درجة جمود الدستور فكلما كان الجمود
شديداً كانت إجراءات التعديل أكثر صعوبة وتعقيدا ً من تلك المتبعة في تعديل القواعد القانونية العادية وعلى خالف ذلك كلما كان اختالف
هذه اإلجراءات عن القواعد القانونية العادية طفيفا ً كان الجمود بسيطاً .فقد يشترط الدستور مثالً ،إلجراء تعديل نص من نصوصه،
ضرورة اجتماع المجلسين التشريعيين في هيئة مؤتمر ،إذا كان برلمان الدولة يتكون من مجلسين وقد يشترط إلجراء التعديل أيضا أغلبية
خاصة تختلف عن األغلبية المطلوبة لتعديل القوانين العادية كاشتراط أغلبية الثلثين أو ثالثة أخماس أو ثالثة أرباع أعضاء المؤتمر مثالً.
وقد يشترط الدستور كذلك ضرورة موافقة المواطنين على التعديل وذلك عن طريق االستفتاء الدستوري.
هذا وان االختالف في إجراءات التعديل قد يكون شكليا ً بحتاً ،بحيث أن اإلرادة التي تعدل القانون العادي هي نفسها التي تعدل الدستور
ولكن األسلوب الذي يتبع للتعبير عن هذه اإلرادة يختلف في تعديل الدستور عنه في تعديل أو وضع القوانين العادية.
أما الجمود المطلق فيعني تحريم تعديل الدستور جزئيا ً أو كليا ً بشكل مطلق .والجمود المطلق يأخذ عدة صور وهي:
1-تحريم المساس ببعض نصوص الدستور بشكل مطلق ،وينصب هذا المنع على نصوص محددة تعالج موضوعات معينة ،ويسمى
2-تحريم المساس بجميع نصوص الدستور خالل فترة زمنية معينة وهذا يسمى بالحظر الزمني أو الجمود المطلق الكلي الموقت.
3-تحريم المساس بجميع نصوص الدستور بشكل مطلق ودون تحيد لفترة زمنية معينة وهذا المنع يسمى بالحظر المطلق أو الجمود
المطلق الكلي الدائم ومن أمثلة الدستور اليوناني الصادر عام (1864
ونظرا ً للعالقة الوثيقة بين الحظر الزمن و الحظر الموضوعي من ناحية وتعديل الدستور من ناحية أخرى فسنتكلم عليهما عند الكالم عن
تعديل الدستور.
أما فيما يتعلق بالحظر المطلق أو الجمود المطلق الكلي الدائم فهناك اختالف بين الفقهاء حول مشروعيته ولكن وفق للرأي الراجح أن ليس
كل حظر مطلق مرفوض وال كل حظر مطلق مقبول ،فالمسألة تعتمد على مضمون الحظر وهدفه البعيد .فكل حظر هدفه الحفاظ على مبدأ
الدستورية مطلوب وهذا ما يقرره الشعب صاحب السلطة الحقيقي فأرادته هي التي تقرر جمود الدستور المطلق وهي التي تقره ألن
وقد جسدت الثورة الفرنسية هذه الحقيقة فنصت المادة األولى من الفصل السابع من دستور عام ( )1791الفرنسي على أن (الجمعية
الوطنية التأسيسية تعلن بأن حق األمة بتغيير دستورها غير قابل للسقوط أو التقادم
تتنوع األساليب التي تنشأ بها الدساتير بتنوع أنظمة الحكم في العالم .وذلك ألن كل دستور هو نتاج لألوضاع الثقافية
واالجتماعية واالقتصادية والسياسية المحيطة به ،وعلى وجه الخصوص مستوى التطور الذي بلغه النظام السياسي وتبعا لدرجة التطور
الديمقراطي في كل دولة من هذه الدول ،وكذا لتقاليدها وخبراتها السياسية ،وهى تتطور بتطور أنظمة الحكم في كل دولة من الدول ،ففي
ظل األنظمة السياسية القديمة القائمة على الحكم المطلق حيث ال حدود وال قيود على سلطات الحكام لم تنشأ الدساتير المكتوبة ،ألن هذه
الدساتير ما نشأت إال لتقييد سلطات الحكام والحد منها ،ولكن مع انتشار األفكار الديمقراطية ،والرغبة في الحد من الحكم المطلق ،ظهرت
الحاجة إلى تدوين الدساتير ،من أجل تحديد الواجبات والحقوق لكل من الحكام والمحكومين .بإتباع طرق تختلف باختالف الدولة ودرجة
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
النضج السياسي لدى الرأي العام فيها .وقد يلعب األسلوب الذي يتبع في وضع الدستور دورا ً هاما في كشف المذهب السياسي الذي ينطوي
عليه .فما هي هذه األساليب المتبعة التي تنشأ بواسطتها الدساتير؟ ..
تنشأ الدساتير بأساليب مختلفة ومتعددة ،وقبل التعرض ألساليب نشأتها يتوجب علينا بحث تاريخ ،مكان وأسباب ظهورها والتطور الذي
إذا رجعنا لتاريخ العالم اإلسالمي نجد أن أول دستور عرف بالمفهوم الفني الحديث في عهد الرسول صلى هللا عليه وسلم ويعرف
"بالصحيفة" ،تلك الوثيقة التي أعدها رسول اإلسالم لتنظيم أحوال دولة المدينة بعد أن انتقل إليها من مكة.
البعض يرى بأن الحركة الدستورية أو أول بداية لظهور الدستور تعود إلى القرن الثالث عشر وبالتحديد سنة 1215عندما منح الملك جان
ستير الميثاق األعظم للنبالء االنجليز الثائرين عليه .والبعض اآلخر يؤكدون بأن تاريخ ظهور الحركة الدستورية األولى بدأت تظهر
معالمها في القرن السابع عشر عندما وضع الجناح المؤيد لكرومويل في المجلس العسكري دستورا ،وان كان البرلمان وكرومويل ذاته لم
يساندا ذلك المشروع فبقي كذلك بحيث لم يعرض على الشعب ،وان كانت بعض نصوصه اعتمدت فيما بعد لتنظيم السلطة وعادت فيما بعد
أ ما أول الدساتير المكتوبة ظهرت في المستعمرات البريطانية بأمريكا الشمالية كرد فعل لالنفصال عن إنكلترا ،فأول دستور عرفه العالم
الغربي في والية فرجينيا دستور جوان ،1776وقد سابقه اإلعالن للحقوق الذي يعتبر القاعدة األساسية ألي حكومة في فرجينيا ،ثم تلى
ذلك في عام 1781صدور دستور االتحاد التعاهدي ،وفي عام 1787صدر الدستور االتحادي للواليات المتحدة األمريكية .فالمثل
األمريكي كان سببا القتداء العديد من الدول به كفرنسا مثال ،عرفت أول دستور مكتوب عام ،1791وقد سبقها قبل ذلك إعالن حقوق
اإلنسان والمواطن الذي صدقت عليه الجمعية الوطنية في أوت .1789فقد أصبحت الدساتير المكتوبة من خصائص الدول الحديثة ،نتيجة
لرواج األفكار الديمقراطية والحركات السياسية التي نادت بمبدأ السيادة الشعبية ،وبلورة فكرة العقد االجتماعي ،ومبدأ الفصل بين
السلطات...أمام هذه المزايا العديدة انتقات فكرة ا لدساتير المكتوبة الى العديد من الدول األوروبية ،فصدر دستور السويد سنة ،1809
والنرويج وبلجيكا سنة ، 1831وعلى إثر الحرب العالمية األولى ،زاد انتشار الدساتير المكتوبة كنتيجة منطقية للحد من التعسف في
استعمال السلطة فصدر دستور روسيا يوم 10يوليو ،1918فدستور تركيا 1924ودستور النمسا 1أكتوبر 1920
إن انهيار الحكم الملكي المطلق بعد الثورات األوربية وسيطرة البرجوازية على السلطة إلى جانب ظهور فكرة القومية وانحسار االستعمار
كانت من األسباب والدوافع الرئيسية في دسترة أنظمة الحكم ،وكان غرض شعوب تلك األنظمة إثبات سيادتها الداخلية واستقالليتها ،وذلك
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
بواسطة تنظيم الحياة السياسية بوضع دستور يبين السلطات وعالقاتها في الدولة الجديدة وعالقاتها بالمحكومين والدول األخرى .وأن هذه
الدول بوضع الدستور تؤهل نفسها إلقامة حوار بين السلطة والحرية فكأنها تعلن للغير بأنها وصلت إلى مرحلة النضج السياسي ،ولها
.وكما أشرنا سابقا على إثر الحرب العالمية األولى ،زاد انتشار الدساتير المكتوبة كنتيجة منطقية ،بحيث حددت اختصاصات
الحكام ومدى السلطات التي تحت أيديهم والواجبات المفروضة عليهم حتى ال تتكرر نفس التجربة (التعسف في استعمال السلطة) ،كما أن
حركة التحرر ،ساهمت بشكل فعال في انتشار هذه الظاهرة ،باألخص إذا علمنا أن أغلب هذه الدول تفتقر إلى رصيد دستوري ،كانعدام
حياة دستورية سابقة..أو عدم وجود أعراف سابقة..كل هذا كان سببا مباشرا لوضع دستور مكتوب الى جانب ضرورة اقتناء وتدوين وثيقة
دستورية لإلنضمام في المجتمع الدولي مثل غينيا قد اعلن عن استقاللها يوم 02أكتوبر ،1958وفي ذلك الوقت كانت الجمعية العامة
لألمم المتحدة منعقدة ،ولكي يضمن الرئيس سيكوتوري الحصول على الموافقة ،أصدر دستور في 10نوفمبر ،1958واعلنت األمم
المتحدة عن قبولها كعضو في 12نوفمبر .1958وفي الكويت دستور 1962إذ كانت قد قبلت في جامعة الدول العربية في 30يوليو
1961بمجرد اعالن استقاللها في 19يونيو ،1961فإنها لم تقبل في المم المتحدة ولم تنظم الى المجتمع الدولي إال في 14مايو 1963أي
بعد صدور دستورها في 11نوفمبر ،1962وإذا كانت حركة الدساتير المكتوبة قد سادت الدول العربية ،إال أن بعض دول الخليج تفتقر
إلى دستور مكتوب وال يوجد فيها دستور مدون على نسق الدساتير المعاصرة
يمكن تعريف األساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير بأنها األساليب التي ال يستأثر الشعب وحده في وضعها ،وإنما الذي يضعها هو
الحاكم وحده (منحة) أو باالشتراك مع األمة أو الشعب (عقد) .وهما أسلوبان تزامنا مع تطور الملكية من ملكية مطلقة إلى ملكية مقيدة
يصدر الدستور في شكل منحة إذا تنازل الحاكم بإرادته المنفردة عن بعض سلطاته للشعب ،أو أن يحددها ببعض القيود ،بواسطة قواعد
قانونية يمن بها على شعبه في صورة دستور .واألصل في هذه الدساتير أن الحاكم هو مصدر السلطات ،ومنبع الحقوق والحريات ،يجمع
بين يديه الوظائف واالختصاصات ،ومن بينها االختصاص التأسيسي .غير أن انتشار األفكار الديمقراطية ،ونضج وعي الشعوب بحقوقها،
والدعوة إلى الحد من من السلطان المطلق ،دفع الحكام إلى منح شعوبهم دساتير ،تنازلوا بموجبها عن جزء من سيادتهم ،ليظهروا بمظهر
المتفضلين على شعوبهم ،قبل أن تجبرهم األوضاع على التنازل عن ٌجل سيادتهم ،وبالتالي يفقدون هيبتهم وكرامتهم.
وهكذا؛ وعلى الرغم من أن الشكل الخارجي للدستور الصادر بطريق المنحة يظهر على أنه عمل قانوني صادر باإلرادة المنفردة للحاكم،
فإن الدستور لم يكن ليصدر إال نتيجة لضغط الشعوب على حكامها ،ووعيها بحقوقها ،وخوف الحاكم من ثورتها وتمردها .ويسجل لنا
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
التاريخ أمثلة كثيرة لدساتير صدرت بطريق المنحة ،ومنها الدستور الفرنسي لعام 1814الذي أصدره لويس الثامن عشر لألمة الفرنسية ،
وجدير بالذكر إن معظم دساتير الواليات األلمانية في القرن التاسع عشر صدرت بهذه الطريقة .ومن أمثلة الدساتير الممنوحة كذلك:
الدستور اإليطالي لعام 1848والدستور الياباني لعام ،1889ودستور روسيا لسنة ،1906وإمارة موناكو لعام ،1911وكذلك الدستور
المصري لعام ،1923ودستور إثيوبيا لعام ،1931والقانون األساسي لشرقي األردن لعام ،1926ودستور اإلمارات العربية المتحدة لسنة
ونتيجة لصدور الدستور بطريقة المنحة يثور تساؤل هام ،حول قدرة الحاكم الذي منح الدستور هل له الحق في سحبه أو إلغائه ؟ ولإلجابة
*يذهب أولهما إلى قدرة الحاكم على استرداد دستو ره طالما كان هذا الدستور قد صدر بإرادته المنفردة ،عل شكل منحة ،ألن من يملك
المنح يملك االسترداد .يساند هذا الرأي أمثلة حدثت فعالً ،حيث أصدر شارل العاشر
ملك فرنسا قرارا ً ملكيا ً عام 1830بإلغاء دستور عام ،1814تحت حجة أن المنحة أو الهبة في الحقوق العامة تشبه الهبة في الحقوق
الخاصة ،وكما يحق للواهب الرجوع عن الهبة .يحق للملك الرجوع عن دستوره ،إذا صدر عن الشعب جحود للمنحة ونكران للجميل.
* ويذكر ثانيهما على الحاكم حق استرداد دستوره ،ما دام هذا الدستور قد صدر ،حيث تترتب عليه حقوق لألمة ،فال يحق للحاكم -عندها -
المساس به إال باالستناد إلى الطرق القانونية المقررة بالدستور نفسه ،حتى التسليم بأن صدور الدستور كان وليدا ً لإلرادة المنفرد للحاكم،
ألن هذه اإلرادة تصلح أن تكون مصدرا ً لاللتزامات ،متى ما صادفت قبوالً من ذوي الشأن .وجدير باإلشارة أن الدستور الصادر بطريقة
المنح ة يدرس على اعتبار أنه مرحلة تاريخية ،تمثلت باالنتقال من الملكيات المطلقة إلى الملكيات المقيدة ،وقد انقضت وانتهت هذه المرحلة
منذ زمن ،نتيجة لزوال الحكم الفردي ،واستعادة معظم الشعوب لكامل حقوقها في السيادة والسلطة .ومع ذلك ،فما زالت بعض الدساتير
تعتمد على اإل رادة المنفردة للحاكم ،في نشأتها وفي إصدارها ،منذ تسلمه للسلطة وحتى مماته ،وإن أمكن استبداله بغيره...وقائمة الدساتير
التي صدرت بهذه الطريقة كبيرة .ولنا بعالمنا العربي أمثلة متعددة ،حتى أن بعضها ال يزال نافذا ً إلى يومنا هذا
ينشأ الدستور وفق طريقة العقد بناء على اتفاق بين الحاكم من جهة والشعب من جهة أخرى .أي ال تنفرد إرادة الحاكم بوضع الدستور كما
هو الحال في صدور الدستور على شكل منحة ،وإنما يصدر الدستور تبعا ً لهذه الطريقة بتوافق إرادتي كل من الحاكم والشعب .ويترتب
على ذلك أال يكون بمقدور أي من طرفي العقد االنفراد بإلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله .وعلى هذا النحو تٌمثل طريقة العقد أسلوبا ً متقدما ً
على طريقة المنحة ،ألن الشعب يشترك مع الحاكم في وضع الدستور في طريقة العقد ،بينما ينفرد الحاكم بوضع الدستور في طريقة
المنحة .وبناء على ذلك؛ يعد أسلوب العقد مرحلة انتقال باتجاه األساليب الديمقراطية .خاصة وأن ظهور هذا األسلوب -ألول مرة -كان
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
نتيجة لنشوب ثورات ،في كل من انجلترا وفرنسا .ففي إنجلترا ثار األشراف ضد الملك جون ،فأجبروه على توقيع العهد األعظم في عام
،1215الذي يتعبر مصدرا ً أساسيا ُ للحقوق والحريات .وبنفس الطريقة؛ تم وضع وثيقة الحقوق لعام 1689بعد اندالع ثورة ضد الملك
جيمس الثاني ،حيث اجتمع ممثلون عن الشعب ،ووضعوا هذه الوثيقة ،التي قيدت سلطات الملك ،وكفلت الحقوق والحريات األساسية
لألفراد .وتمت دعوة األمير وليم األورنجي لتولي العرش ،على أساس االلتزام بالقيود
الواردة بالوثيقة .وتشكل هاتان الوثيقتان جزءا ً هاما ً من الدستور اإلنجليزي الذي يتكون معظمه من القواعد العرفية.
أما في فرنسا فقدر صدر أول دستور فيها بطريقة العقد إثر ثورة سنة 1830ضد الملك شارل العاشر ،ووضع مشروع دستور جديد من
قبل جمعية من تخبة من قبل الشعب ،ومن ثم دعوة األمير لويس فيليب لتولي العرش ،إذا قبل بالشروط الواردة بالدستور الجديد .وبعد قبول
ويشار كذلك؛ إلى أن جميع الدساتير التي صدرت بطريقة العقد كانت من عمل جمعيات منتخبة ،واألمثلة على هذا النوع من الدساتير
عديدة نذكر منها الميثاق األعظم في انجلتلرا سنة 1215الذي هو جزء من دستور انجلترا ،وكذلك قانون الحقوق الصادر سنة 1688في
نفس البلد ،ودساتير كل من اليونان لسنة ،1844ورومانيا لسنة ،1864وبلغاريا لسنة ،1979والقانون األساسي العراقي لعام ،1925
والدستورين الكويتي لسنة 1962والبحريني لسنة .1973حيث وضعت المجالس التشريعية في هذه الدول الدساتير المذكورة ،ثم دعت
أمراء أجانب لتولي العرش على أساس االلتزام بأحكامها .وعلى الرغم من أن أسلوب العقد يعد أسلوبا تقدميا ً أكثر من أسلوب المنحة ،فإنه
ال يعد أسلوبا ديمقراطيا خالصاً ،ألنه يضع إرادة الحاكم على قدم المساواة مع إرادة الشعب ،بينما تفترض الديمقراطية أن يكون الشعب هو
يمكن تعريف األساليب الديمقراطية في وضع الدساتير ،بأنها األساليب التي تستأثر األمة وحدها في وضعها دون مشاركة الحاكم ملكا
كان أو أميرا أو رئيسا للجمهورية .وبغض النظر عن التفصيالت واإلجراءات المتبعة في وضع الدساتير داخل إطار هذا المفهوم
الديمقراطي في وضع الدساتير ،يمكن جمع هذه األساليب في أسلوبين رئيسيين هما الجمعية التأسيسية وأسلوب االستفتاء الشعبي
تعد نشأة الدساتير وفقا ً لهذا األسلوب منطلقة من مبدأ السيادة الشعبية ،كما ينظر إليه أيضا ً على أنه من األساليب الديمقراطية لخلق الدساتير
ويصدر الدستور وفقا ً ألسلوب الجمعية التأسيسية من مجلس أو جمعية تنتخب بصفة خاصة من الشعب ونيابة عنه ،يعهد إليها بمهام وضع
وإصدار دستور جديد يصبح واجب النفاذ .ولذا فإن هذه الجمعية التأسيسية أو كما يطلق عليها البعض اسم الجمعية النيابية التأسيسية هي
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
في الواق ع تجمع كل السلطات في الدولة فهي سلطة تأسيسية تشريعية وتنفيذية .وهذا األسلوب في وضع الدساتير هو الذي تم إتباعه في
وضع معظم الدساتير التي ظهرت عقب الحرب العالمية األولى والحرب العالمية الثانية .وكأمثلة تاريخية على أسلوب الجمعية التأسيسية
نذكر دساتير الواليات المتحدة األمريكية عقب استقاللها من إنجلترا عام 1776م كما اتخذته أمريكا أسلوبا ً في وضع وإقرار دستورها
االتحادي لعام 1787م وقد انتشرت هذه الطريقة فيما بعد فاعتمد رجال الثورة الفرنسية هذا األسلوب من ذلك دستور فرنسا لعام 1791م،
وعام 1848م ،وعام 1875م ،وقد انتهج هذه الطريقة كل من اليابان عام 1947م ،والدستور اإليطالي عام 1947م ،والدستور
التشيكوسلوفاكي عام 1948م ،والدستور الروماني عام 1948م ،والدستور الهندي 1949م ،والدستور السوري عام 1950وتعد هذه
الطريقة أكثر ديمقراطية من الطريقتين السابقتين ،إذ أن الدستور يقوم بوضعه في هذه الحالة جمعية منتخبة من الشعب.
كما أن هذه الطريقة تحتوي على العديد من المخاطر يمكن تلخيصها كاآلتي:
1.احتمال انحراف الجمعية التأسيسية عن غرضها المنشود ،بتفوق السلطة التشريعية على باقي السلطات األخرى ،لكون أغلب األعضاء
2.االعتماد على فكرة الجمعية التأسيسية يحتمل فيها استحواذ هذه األخيرة على جميع االختصاصات ،مما قد يخلق عجزا وانسدادا أثناء
3.احتمال رفض الشعب للجمعية التأسيسية بعد إقرارها للدستور ،وهذا فعال ما حدث في دستور الجمعية الفرنسية الرابعة سنة 1946م،
ينشأ الدستور وفقا ً لهذا األسلوب من خالل اإلرادة الشعبية الحرة ،إذ يفترض أن يقوم الشعب أو يشترك بنفسه في مباشرة السلطة
التأسيسية ،في هذه ال حالة يصدر الدستور مباشرة من الشعب الذي يوكل األمر إلى جمعية منتخبة تكون مهمتها وضع مشروع الدستور أو
إلى لجنة معينة من قبل الحكومة أو البرلمان إن وجد ،ومن أجل أن يكون استفتاء دستوري يجب أن تكون أوال هيئة أو لجنة تقوم بتحضير
مشروع الدستور وعرضه على الشعب الستفتائه فيه ،ألخذ رأي الشعب في مشروع الدستور ،ولكن هذا المشروع ال تصبح له قيمة
قانونية إال بعد عرضه على الشعب واستفتائه فيه وموافقته عليه .علما ً بأنه ليس بالزم أن تقوم بوضع الدستور -المراد االستفتاء عليه-
جميعة تأسيسية نيابية ،وإنما يفترض أن تكون هناك هيئ ة أو جمعية أو لجنة أو شخصية ،قد أسند إليها وقامت بالفعل بإعداد مشروع
الدستور ،كما حدث بالنسبة لبعض دساتير العالم .وال يختلف األمر إذا كانت هذه الجمعية أو اللجنة التحضيرية للدستور منتخبة أو معينة،
إذ تقتصر مهمتها على مجرد تحضير الدستور فحسب تمهيدا ً لعرضه على الشعب لالستفتاء عليه بالموافقة أو بالرفض ،ويعتبر تاريخ
الجمع ية التأسيسية واالستفتاء السياسي على أساس طريقة واحدة ،بل يعتبرون االستفتاء مكمال للجمعية التأسيسية ،فهو حلقة له ويستدلون
بالعديد من القرائن التاريخية ،فقد يوضع المشروع الدستوري بواسطة جمعية تأسيسية ،مثال ذلك دستور ،1946وقد يوضع عن طريق
لجنة حكومية ،ومثال ذلك الدستور المصري الصادر سنة ،1956أو دستور الجمهورية الخامسة .1958
وأخيرا ما يمكن قوله في هذه المسألة هو وجود اختالف بين الجمعية التأسيسية واالستفتاء الدستوري ،فاألول يتخذ قوته اإللزامية بمجرد
صدوره عن الجمعية ،فال يشترط فيه عرضه على الشعب ،وهذا فعال ما حدث سنة 1946في فرنسا ،بحيث الجمعية التأسيسية أقرها
عليه مما أدى إلى إنشاء جمعية تأسيسية أخرى لصياغة المشروع من جديد وعرضه على الشعب في أكتوبر 1946الذي وافق عليه .كما
يجب التفرقة بين االستفتاء الدستوري واالستفتاء السياسي ،فقد تنتهج هذه الطريقة لترويض الشعب لقبول األوضاع السائدة ،فهو إقراري
(بمعنى إقرار مشروع دستوري تضعه جمعية تأسيسية رغم اختالف في تكوينها ،كما حدث للدساتير الفرنسية ( ،)1946-1795-1793أو
دستور ايرلندا الحرة سنة .1973وليس كاشفا لإلرادة الشعبية ،فالشعب في هذا الموطن له دور سلبي ،بحيث يستشار شكليا لتبييض وجه
النظام الحاكم ،كاالستفتاء بشأن إبقاء نابليون قنصال عاما مدى الحياة 1802أو استفتاء سنة 1804بشأن توارث اإلمبراطورية في ساللة
نابليون
وقد أتبع هذا الدستور في وضع دستورنا لسنة 1976ودستور ايطاليا لسنة 1948والعديد من الدساتير الحديثة.كما تعتبر هذه الطريقة أكثر
ديمقراطية من غيرها ،إال أنها لكي تحقق تلك الميزة أهدافها يجب أن يكون الشعب واعيا ومدركا للعمل العظيم الذي يقوم به ،ونظرا
لصعوبة تحقيق هذه األمنية فان على السلطة التي تريد مشاركة الشعب فعال في اتخاذ القرارات الحاسمة أن تتجنب تقديم النصوص المعقدة
له بل تقدمها فقط للبرلمان بشرط أن يكون برلمانا وليس هيئة فنية استشارية وتقتصر على تقديم المسائل البسيطة الواضحة على أن تسبقها
حملة إعالمية وتنظم مناقشات حول الموضوع حتى يشعر الشعب بأنه شارك فعال في وضع النص ولم يقتصر على تقديم استشارة
تعود االسبا ب الى نظرية أولئك الفالسفة الذين كانوا يؤمنون بقانون طبيعي يسمو فوق سائر القوانين الوضعية
،هذه الفكرة قد أدت إلى نتائج مهمة في الكثير من مراحل التاريخ البشري الحرجة ،ذلك ألنها قد أدت إلى استخالص نتيجة
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
مؤداها أن هذا القانون االسمي يجب ويلغي القوانين الفعلية ألي مجتمع معين حين يتضح انها مخالفة للقانون االسمي
مبدأ تدرج القواعد القانونية بحيث أن القاعدة األعلى تحكم القاعدة األدنى شكال وموضوعا ً .
فإذا جاءت قاعدة اعلي وقررت حقا معينا ً وفرضت شكال معينا ً لممارسة هذا الحق فان أي قاعدة ادني تخالف القاعدة األعلى سواء من
حيث موضوع الحق أو من حيث كيفية ممارسته . .تعد قاعدة مشروعة لخروجها علي مبدأ تدرج القواعد القانونية وسمو األعلى علي
والدولة الحديثة – في األغلب األعم – دولة لها دستور ،ولما كانت الجهة التي تضع الدستور هي السلطة التأسيسي
،الدستور هو الذي يحدد سائر سلطات الدولة األخرى ويحدد اختصاصاتها وكيفية ممارسة هذه السلطات ،وكان الدستور هو
الذي يحدد السلطة التشريعية ويبين كيفية تكوينها وكيفية ممارستها الختصاصها فان تلك السلطة التشريعية التي حددها الدستور ال تملك
الخروج علي ذلك الدستور الذي يمنحها سند وجودها وسند اختصاصها .
البرلمانات المنتخبة في الدولة القانونية الحديثة هي التي تتولى أساسا ً سلطة التشريع وسن القوانين . .فان هذه البرلمان –
باعتبارها سلطة التشريع – تلتزم بحكم الدستور وال تستطيع وال تستطيع الخروج عليه ،فان هي خرجت تعين ردها إلى الطريق السليم .
والتشريع بالمعني الشكلي تستأثر به سلطة التشريع علي النحو السابق .أمام التشريع بالمعني الموضوعي فانه يتسع ليشمل كل قاعدة لها
صفة العموم والتجريد وعلي ذلك فان التشريع بالمعني الموضوعي يشمل القوانين واللوائح الصادرة عن الجهة التي يحدد الدستور أو
ومن هنا نستطيع أن نقول أن فكرة تدرج القواعد القانونية والتزام أدناها بأعالها وسمو أعالها علي أدناهما هي بدورها من
األفكار التي أدت إلى قبول وسيلة الرقابة علي دستورية القوانين باعتبار أن هذه الرقابة هي الوسيلة الفعالة لضمان االلتزام بكل القواعد
السابقة .
وقد كان فقه الفقيه النمساوي الكبير كلسن في بدايات القرن العشرين واحدا ً من أهم المصادر التي قادت إلى قبول فكرة الرقابة ولعلها كانت
وراء إنشاء أول محكمة دستورية متخصصة في الرقابة علي دستورية القوانين في العالم الحديث وهي المحكمة الدستورية العليا في النمسا
هذه هي الجذو ر الفلسفية والفكرية التي قادت إلى موضوع الرقابة علي دستورية القوانين التي يتعين علينا اآلن أن نبحث أهم صورها في
نبدأ بدراسة التجربة الفرنسية ليس ألنها أهم التجارب في رقابة دستورية القوانين وليس ألنها أقدمها ،وانما نبدأ بدراسة
التجربة الفرنسية لتفردها بين تجارب البالد الكبيرة بأنها رقابة ال يقوم بها قضاة بمعني انها رقابة غير قضائية ،كذلك
لكونها رقابة سابقة علي صدور التشريع بمعني انها رقابة واقية أو انها رقابة تحول دون التشريع والوقوع في مخالفة
الدستور .
وقد دفع فرنسا إلى األخذ بهذه الصورة من صور الرقابة التفسير الذي ساد الفقه الفرنسي في فهم نظرية الفصل بين
السلطات . .كذلك اعتبار البرلمان هو المعبر عن سيادة األمة وان القانون هو التعبير عن هذه اإلرادة
–هذان اآلمران حاال بين فرنسا وبين األخذ بالرقابة القضائية علي دستورية القوانين .
وقد ظهرت فكرة الرقابة السياسية علي دستورية القوانين أول األمر خالل إعداد دستور السنة الثالثة لثورة – – 1795
وكان بين أعضاء الجمعية التأسيسية المناط بها وضع ذلك الدستور الفقيه " سييز الذي وقد اقترح ذلك الفقيه إنشاء هيئة
محلفين دستورية تكون مهمتها رقابة أعمال السلطة التشريعية حتى تحول بينها وبين مخالفة الدستور وتشكل هذه الهيئة
من بين أعضاء السلطة التشريعية أنفسهم ،ولقي هذا االقتراح معارضة شديدة ولم يكتب له أن يري النور ،والحقيقة انه لم
يكن منطقيا ً أن يعطي عدد محدود من أعضاء البرلمان نفسه حق الرقابة عليه بكامل أعضائه .
وعند إعداد مشروع دستور السنة الثامنة للثورة في عهد اإلمبراطور نابليون عادت الفكرة إلى الظهور في صورة أخرى :
صورة إنشاء مجلس يسمي " المجلس المحافظ
مهمته المحافظة علي الدستور وذلك بالتحقق من دستورية القوانين والقرارات والمراسيم التي تقدرها السلطة التنفيذية .
ولم يقدر لهذا المجلس أن ينجح في مهمته حتى فقد سبب وجوده والغي عام ، 1807والحقيقة أن هذه المسالة أثيرت أمام
القضاء الفرنسي في اكثر من مناسبة ،ولكن ذلك القضاء سواء اإلداري أو العادي انتهي دائما ً إلى رفض رقابته علي
دستورية القوانين .
وقد حكمت محكمة النقض الفرنسية في 11أبريل 1833بان " القانون الذي تمت مناقشته وصدر بالطرق المرسومة ال
يمكن أن يكون محل مهاجمة أمام المحاكم بدعوى عدم الدستورية وقد استمرت محكمة النقض الفرنسية دائما ً في هذا
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
االتجاه .
ومن ناحية أخرى فان القضاء اإلداري في فرنسا وإن اخضع لرقابة مشروعية القرارات اإلدارية ومدي اتفاقها مع القانون
. .فانه حكم بعدم قبول الدعاوى التي تستند إلى عدم دستورية القانون .
والواقع أن القضاء الفرنسي عندما حجب نفسه عن مراقبة دستورية القوانين لم يكن مقصراً في أداء مهمته ولكنه وجد
نفسه في مواجهة بعض النصوص التشريعية التي تحول بينه وبين هذه الرقابة فضالً عن بعض الحجج التاريخية والفلسفية
.
أما من حيث النصوص فقد وجد القضاء الفرنسي أمامه نص المادة الحادية عشرة من قانون تنظيم القضاء الصادر عام
1790والتي تمنع المحاكم من أن " تشترك علي نحو مباشر أو غير مباشر في ممارسة السلطة التشريعية أو أن تعرقل
قرارات الهيئة التشريعية أو أن توقف نفاذها " .
وكذلك المادة 127من قانون العقوبات التي تؤثم " القضاة الذين يتدخلون في ممارسة السلطة التشريعية سواء بإيجاد لوائح
تتضمن إحكاما ً تشريعية أو بمنع أو إيقاف قانون أو اكثر أو بالتداول فيما إذا كان يجب نشر القوانين أو نفاذها " .
وباإلضافة إلى هذين النصين الواضحي الداللة في الحيلولة بين القضاء الفرنسي والنظر في رقابة دستورية القوانين
فهناك الحجة التاريخية التي أوجدتها تصرفات المحاكم الفرنسية القديمة والتي كانت تسمي البرلمانات – قبل الثورة –
والتي كانت تعرقل تنفيذ القوانين بل وتلغي بعض نصوصها مما ولد ميراثا ً من الحذر والريبة لدي رجال الثورة تجاه
القضاة باعتبارهم معوقين وراغبين في التغول علي اختصاصات السلطات األخرى وادي هذا كله إلى تيار قوي رافض
إلعطاء القضاء حق رقابة دستورية القوانين .
وساند ذلك كله ثمة اعتبارات فلسفية قامت علي مفهوم معين لمبدأ الفصل بين السلطات من مقضتاه أن يحال بين كل سلطة
والتدخل في أعمال السلطات األخرى وان رقابة القضاء لدستورية القوانين التي يصدرها البرلمان هو اعتداء علي هذا
المبدأ وإهدار له .
واخيرا ذهب جانب من الفقه الفرنسي – مشايعا ً في ذلك تعاليم جان جاك روسو – إلى أن القانون هو مظهر إرادة األمة ،
هذه اإلرادة التي يعبر عنها البرلمان والتي ال يتصور أن يراقبها أحد أو أن يردها أحد إلى الصواب ذلك أن الصواب
مفترض فيمن يعبرون عن إرادة األمة ،وقد أخذت المادة الثالثة من إعالن حقوق اإلنسان والمواطن عام 1789بهذا
المعني عندما نصت علي أن " القانون هو التعبير الحر والرسمي لإلرادة العامة " .
وإذا كان البرلمان هو المعبر عن ا إلرادة العامة فانه ال يسوغ للقضاء أن يعطل هذه اإلرادة بحجة النظر في دستورية هذه
القوانين .
والفقيه الفرنسي الكبير دوغي يذهب إلى أن النتيجة المنطقية لفكرة النيابة تؤدي إلى أن نقو أن إرادة هؤالء النواب –
باعتبارها إرادة األمة نفسها – ال يمكن أن تراقبها إرادة أخرى تعتبر اسمي منها بحكم مراقبتها لها .
ويمكن أن يعبر عن هذا الموقف الرافض لرقابة دستورية القوانين بما قاله ماوريس
" . .هل يمكن أن توجد حكومة منتخبة ،حكومة تعبر عن رأي األمة في صدام مع قضاتها ؟ بعبارة أخرى :سلطة
منتخبة تحوز ثقة الرأي العام – مثل هذه السلطة يمكن أن تخضع للقضاء . .إن هذا يعني قتل هذه السلطة . " .
ثم يقول . . " :ال :هذا غير ممكن .وهذا لن يكون . . " .
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
هذا الميراث القضائي والفقهي والفلسفي كان وراء رفض فكرة الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واالتجاه نحو نوع
من الرقابة الوقائية السابقة التي قد تتصور بعد مناقشة مشروعات القوانين في البرلمان وقبل إصدارها .
وقد تبلورت هذه الفكرة عند وضع دستور الجمهورية الرابعة عام 1946ثم اكتملت عند وضع دستور الجمهورية الخامسة
عام . 1958
اللجنة الدستورية في دستور : 1946
انشأ دستور 1946في فرنسا ما اسماه باللجنة الدستورية كما وال أن يسد بها فراغ الرقابة علي دستورية القوانين الذي
كان قائما ً قبل ذلك ،وقد جاء تكوين هذه اللجنة كنوع من التوفيق بين أنصار السيادة البرلمانية والتي ترفض رقابة
الدستورية وأنصار سمو الدستور والذين يرون ضرورة وجود رقابة علي دستورية القوانين ولكنه كان توفيقا ً متواضعا ً
علي حد تعبير الفقيه الفريسر بوردون وقد جاء المشروع األول لدستور 1946خاليا ً من أي نص يتعلق برقابة الدستور
ودكن المشروع الذي قبل في النهاية تضمن إنشاء هذه اللجنة الدستورية .
وعلي أي حال فقد كان من المستقر استبعاد فك رة الرقابة القضائية لدستورية القوانين وفي ذلك استجابة للتقاليد الفرنسية
التي ترفض إخضاع التشريعات البرلمانية للرقابة القضائية ،بل لقد ذهب األمر إلى حد تجنب الدستور ذكر عبارة " رقابة
الدستورية " واكتفت المادة 61من ذلك الدستور بقولها تختبر اللجنة القوانين التي صوتت عليها الجمعية الوطنية والتي قد
تفترض تعديالً في الدستور مناقضة لألبواب من األول إلى العاشر من الدستور وهي تلك التي تنظم السلطات العامة ،
كذلك فان اإلجراءات المتبعة أدت بدورها إلى تضييق مدي هذه الرقابة المحدودة من األصل
المجلس الدستوري ودستور : 1958
حاول واضعوا دستور 1958أن يطوروا من فكرة الرقابة علي دستورية القوانين مع البقاء في إطار استبعاد كل رقابة
قضائية لدستورية القوانين .
وقد وقع تعديالً بخوصص المجلس الدستوري خالل عام 1947والثاني خالل عام 1990وقد أدى هذان التعديالن إلى
اتساع نطاق الرقاب ة وان ظلت في كل األحوال رقابة سياسية ال يقوم بها القضاء ( .التعديل الثاني لم يقدر له أن يكتمل .
وقد نظم دستور 1958هذا الموضوع في المواد من 56إلى ، 63وقد كان هذا التنظيم متجها ً في األساس إلى حماية
المؤسسات السياسية كما وضعها الدستور من أن تنالها يد المشرع العادي بالتعديل ولم يكن يعني هذا التنظيم الرقابة حماية
حقوق وحريات اإلفراد في مواجهة البرلمان إال في نطاق محدود .
لقد كان المقصود األساسي من وجود المجلس الدستوري هو ضمان التطبيق السليم للنصوص الدستورية التي تضمن حسن
سير السلطات العامة خاصة ما تعلق بتوزيع االختصاصات بين السلطة التشريعية والتنفيذية ،لقد أراد الدستور بهذا
المجلس أن ينشئ نوعا ً من الحكم السياسي يحمي ذلك التوازن بين السلطتين .
وكان اختصاص ذلك المجلس قاصرا ً علي القوانين التي تصدر عن البرلمان أي القوانين بالمعني الشكلي ،وهكذا استبعد
الدست ور كل رقابة علي دستورية اللوائح التي تصدر عن السلطة التنفيذية ،وقد أعطى الدستور للمجلس الدستوري في هذا
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
الصدد نوعين من االختصاص
– 1اختصاص وجوبي يتعلق بالقوانين العضوية ولوائح المجالس البرلمانية إذ نصت المادة 61من الدستور في فقرتها
علي أن " يجب أن تعرض علي المجلس الدستوري القوانين العضوية sقبل إصدارها ولوائح المجالس البرلمانية قبل
تطبيقها ليقرر مدي مطابقتها للدستور " وهكذا فان هذه المجموعة من القوانين تعرض حتما ً علي المجلس الدستوري ليقول
رأيه فيها مقدما ً " .
– 2اختصاص جوازي متروك إلرادة رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس
الشيوخ ليعرض كل منهم أي قانون اقره البرلمان قبل إصداره علي المجلس الدستوري ليقرر مدي مطابقته للدستور .
وفي الحالتين – حالة االختصاص الوجوبي وحالة االختصاص االختياري – يجب أن يبدي المجلس الدستوري رأيه خالل
شهر ،ومع ذلك فللحكومة أن تطلب في حالة االستعجال تقصير هذه المدة إلى ثمانية أيام ،وقد نصت المادة 62من
الدستور الفرنسي الصادر عام 1958علي أن " النص الذي يعلن عدم دستوريته ال يجوز إصداره أو تطبيقه .
كما نصت تلك المادة أيضا ً علي أن قرارات المجلس الدستوري ال تقبل الطعن فيها بأي وجه من اوجه الطعن وهي ملزمة
للسلطات العامة ولجميع السلطات اإلدارية والقضائية .
وهناك استثناء هام من القوانين التي يجب أو التي يجوز عرضها علي المجلس الدستوري لمعرفة مدي دستوريتها تلك هي
القوانين التي يتم إقرارها عن طريق االستفتاء العام إذ انها عندئذ ستمثل التعبير المباشر عن السيادة وال يصبح هناك مجال
للبحث في دستوريتها بعد ذلك ،وقد استطاع الرئيس شارك ديجول أن ينفذ عن هذا الطريق ويعدل الدستور لتقرير طريقة
االنتخاب المباشر لرئيس الجمهورية بغير الطريقة المنصوص عليها في الدستور نفسه لتعديله ولم يستطع أحد أن يثير
عدم دستورية ذلك التعديل نظرا ً ألنه اقر في استفتاء شعبي عام .
هذا عن اختصاص ذلك المجلس في رقابة دستورية القوانين ،وهي كما تري وقائية سابقة علي إصدار القانون نفسه وهي
رقابة سياسية ألنه ال يقوم بها قضائه .
والي جوار رقابة الدستورية فان للمجلس الدستوري اختصاصات أخرى عهد إليه بها دستور 1958بعضها يتعلق
باالنتخابات العامة وانتخابات رئيس الجمهورية والفصل في صحة انتخاب عضو البرلمان .
كذلك فان المجلس هو الذي يقرر وجود عائق يعوق رئيس الجمهورية عن مباشرة مهام منصبه وما إذا كان ذلك العائق
مؤقتا ً أو دائما ً ،وإذا قرر المجلس أن العائق الذي يعوق رئيس الجمهورية هو عائق دائم فان انتخابات جديدة تجري خالل
عشرين يوما ً علي األقل وخمسة وثالثين يوما ً علي األكثر النتخاب رئيس جديد .
كذلك فان للمجلس الدستوري اختصاصا ً هاما ً عند الرجوع إلى المادة 16من الدستور –– وهي التي تعطي رئيس
الجمهورية في حاالت الخطر الداهم التي تهدد المؤسسات الدستورية سلطات واسعة ويجب أن يبدي المجلس الدستوري
رأيه قبل إمكانية اللجوء إلى المادة 16وان يبدي رأيه في كل قرار يصدره الرئيس ولكنه مع ذلك يظل ذو قيمة أدبية
وسياسية كبيرة.
( أ) أعضاء بحكم القانون ولمدي الحياة وهؤالء هم كل رؤساء الجمهورية السابقون الموجودون علي قيد الحياة .
(ب )أعضاء معينون ،وهؤالء تسعة أعضاء ،ومدة العضوية تسع سنوات ،وهؤالء التسعة يختار رئيس الجمهورية منهم
ثالثة ،وإلمكان تجديد في عضوية المجلس فان كان واحد ممن لهم حق االختيار يختار واحدا ً لمدة ثالثة سنوات وواحداً لمدة
ست سنوات وواحدا ً لمدة تسع سنوات وهذه الطريقة تضمن تجديد ثلث أعضاء المجلس المعينين كل ثالث سنوات .
(ج) رئيس المجلس :يعين رئيس الجمهورية أحد أعضاء المجلس – سواء من األعضاء المختارين أو من األعضاء بحكم
القانون – رئيسا ً للمجلس ،ويكون للرئيس صوت مرجح عند تساوي األصوات (م) . 56
وقد جري العمل حتى اآلن علي أن يعين رئيس المجلس من بين األعضاء الثالثة الذين يختارهم رئيس الجمهورية .
وأعضاء المجلس يستمرون في عضويتهم طوال المدة المبينة وال يفقدون العضوية إال بالوفاة أو االستقالة ،ويجوز فقدان
العضوية بقرار من المجلس الدستوري نفسه في حالة عدم األهلية لمزاولة العمل ،وال يجمع أعضاء المجلس بين عضويته
والوزارة أو عضوية البرلمان أو عضوية المجلس االقتصادي واالجتماعي كذلك ال يجوز تعيين أعضاء المجلس في الوظائف
الحكومية وانما يجوز لمن كان منهم موظفا ً قبل تعيينه أن يستمر في وظيفته ،علي سيبل المثال فان أعضاء المجلس الذين كانوا
أساتذة في كلية الحقوق استمروا يشغلون منصب األستاذية إلى جوار عضوية المجلس .
في عام 1974حدث تعديل دستوري يتعلق بمن لهم حق طلب العرض علي المجلس الدستوري إذ أضيف إلى من لهم هذا الحق
وهو رئيس الجمهورية والوزير األول ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ أضيف إلى هؤالء انه يجوز لستين نائبا ً
أو لستين شيخا ً أن يطلبوا عرض قانون معين قبل إصداره علي المجلس الدستوري ليقول رأيه في مطابقة ذلك القانون أو عدم
مطابقته للدستور ،وهكذا اتسع نطاق من لهم حق العرض علي المجلس الدستوري .
بدا الحديث عن هذا التعديل الجوهري في أوائل 1990وفي 19أبريل من نفس العام وبناء علي اقتراح من الحكومة أقرت
اللجنة التشريعية في الجمعية الوطنية مشروع التعديل المتعلق بالمجلس الدستوري رغم شدة االنقسامات داخل اللجنة بين
االتجاهات الحزبية المختلفة والشيء الجوهري في ذلك التعديل هو انه خطا خطوة نحو ما يمكن أن يقال له رقابة قضائية علي
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
دستورية القوانين ،ذلك انه حتى ذلك التاريخ كان األمر مقصورا ً علي نوع من الرقابة الوقائية بناء علي طلب جهات رسمية
معينة ،وقد انتهي التعديل السابق إلى أن أعطى حق هذا الطلب لستين عضوا ً من أي من المجلسين وبذلك يتمكن نواب
المعارضة من استعمال هذا الحق إذا رأوا ضرورة الستعمال ولكن مشروع التعديل الجديد ذهب إلى ابعد من ذلك ،ذلك انه
كان يجيز لألفراد الدفع أمام المحاكم بعدم دستورية قانون معين أو نص في قانون معين .
وكان هذا المشروع لتعديل اختصاص المجلس الدستوري كما قال السيد جورج فيديل – وإن لم يكن في ذاته ثورة – إال انه كان
وكان المشرع ال يعطي اإلفراد حق الدفع بعدم الدستورية في مواجهة كل القوانين وانما في مواجهة تلك القوانين التي تمس
الحقوق األساسية التي يتضمنها الدستور وإعالن حقوق اإلنسان والمواطن ( إعالن ) 1789وكذلك المبادئ األساسية التي
قررتها قوانين الجمهورية ،وهي تلك التي تتعلق أساسا ً بالحريات العامة وبالموضوعات الدستورية ،وقد حاول البعض أن
يوسع النطاق الخاضع للرقابة بإدخال القرارات الجمهورية واللوائح فيما يمكن أن يكون محالً للطعن ،ولكن ذلك االقتراح لم
يقبل ،وكان المشرع يستهدف أيضا ً مزيدا ً من الصفة القضائية للمجلس الدستوري وإن كان هناك من رأي انه يجب أن ينتخب
ولكن في النهاية لم يكتب لهذا المشروع أن يري النور وتغلبت الحجج التقليدية الفرنسية علي هذا االتجاه الجديد ،وقيل أن هذا
التعديل سيخل بالتوزان بين السلطات وسيقيم في فرنسا " حكومة قضاة " ولن يكون القانون بعد ذلك تعبيراً عن إرادة األمة ال
وإن كنا نعتقد أن األمر لن يتوقف عند هذا الذي حدث وان عجلة التطور ومبدأ سيادة القانون سيدفعان األمور دفعا ً نحو صورة
تنص الفقرة الثانية من المادة ( )61من الدستور علي انه " . .يمكن أن تعرض القوانين قبل إصدارها علي المجلس الدستوري
من قبل رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ أو من قبل ستين عضوا ً من
يالحظ أن رؤساء الجمهورية لم يستعملوا هذه الرخصة بأنفسهم واثروا أن يتركوا لغيرهم استعمالها .
ولكن ذلك لم يمنع بحكم الوجوب الدستوري أن يرجع رئيس الجمهورية للمجلس قبل إعالن العمل بالمادة ( )16من الدستور (
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
حالة الضرورة ) .
كذلك لم يمنع ذلك أيضا ً من ضرورة الرجوع إلى المجلس بخصوص االستفتاء علي بعض القوانين .
وعلي عكس الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية فان الوزير األول لجأ إلى هذه المكاشفة في العديد من األحوال وذلك بواسطة
طلب يتقدم به إلى رئيس المجلس لكي يقرر المجلس ما إذا كان قانونا ً أو نصا ً في قانون – قبل اإلصدار بطبيعة الحال – يتفق
لجأ رئيس الجمعية الوطنية إلى المجلس الدستوري لمعرفة رأيه عن حق طرح الثقة بالحكومة أما الجمعية الوطنية أثناء العمل
كما لجأ إلى المجلس الدستوري في عدد من الحاالت األخرى حول دستورية بعض النصوص المطروحة للمناقشة أمام الجمعية
.
رغم اتجاه مجلس الشيوخ لمعارضة أي صورة من صور الرقابة علي دستورية القوانين . .فان الرؤساء المتعاقبين لجأوا إلى
المجلس . .فان رؤساء مجلس الشيوخ لجأوا إلى المجلس الدستوري في العديد من الحاالت المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات (
حكم المجلس في 27ديسمبر ) 1973وفي بعض التشريعات الضريبية أيضا ،وفي بعض التشريعات المتعلقة بالمحليات (
تقرر هذا الحق لألعضاء – ولم يكن موجودا ً من قبل – في 29أكتوبر 1974إذ اصبح لستين عضوا ً مجتمعين من أي من
المجلسين حق التقدم للمجلس الدستوري بطلب للنظر في دستوري أو عدم دستورية نص في قانون لم يصدر بعد .
والمالحظ أن الطلبات التي قدمت من أعضاء البرلمان لمجلسيه هي النسبة التالية من الطلبات التي عرضت علي المجلس
الدستوري ،حتى سنة 1994كان النواب قد تقدموا بـ ( " ) 284مائتين وأربعة وثمانين طلب " بعدم دستورية قانون أو نص
وقد صدر 199حكم في هذه الطلبات وقضي في 92منها بعدم الدستورية .
أما الذين قالوا انه هيئة سياسية . .فقد نظروا إلى طريقة تكوينه التي أشرنا إليها والتي تختلف اختالفا جذريا ً مع كيفية تكوين
أما الذين قالوا أن المجلس يعتبر هيئة قضائية . .فقد نظروا إلى طيبعة اختصاصه وانه يفصل في مسائل قانونية بحتة وعلي
اعلي مستوي كذلك فان المجلس منذ إنشائه وحتى اآلن يصيغ قراراته علي هيئة األحكام القضائية من حيث مناقشة الوقائع ومن
كذلك فان قرارات المجلس لها حجية في مواجهة سلطات الدولة وفي مواجهة الجهات اإلدارية والقضائية ،وقرارات المجلس
والمجلس نفسه يشير في قراراته إلى بعض قراراته السابقة مؤكدا ً ما لها من حجية وإلزام ( ، )18وهكذا يمكن أن يقال إن
المجلس الدستوري في فرنسا هو هيئة سياسية من حيث تكوينه وهو هيئة قضائية من حيث كونه يفصل في منازعات قانونية .
رغم كل محاوالت المجلس الدستوري لتوسعة اختصاصاته عن طريق التفسير وعن طريق ما اخذ به من فكرة الخطأ الواضح
في التقدير
وهي فكر ابتدعها في األصل مجلس الدولة – ونقلها المجلس الدستوري إلى مجال التشريع برغم كل ذلك فان الرقابة
علي دستورية القوانين في فرنسا تظل قاصرة ومتخلفة عما هو سائد في الواليات المتحدة وفي كثير من البالد األوروبية . .
فالمجلس ال يجوز له أن يتصدى من تلقاء نفسه لموضوع الدستورية كذلك فان المحاكم ال يجوز لها أن تحيل إليه ما قد تري انه
مخالف للدستور من نصوص تشريعية الن النص التشريعي متي صدر ووقع عليه رئيس الجمهورية ونشر في الجريدة
الرسمية فقد استغلق أمامه باب الطعن بعدم دستوريته ومن ناحية أخرى هامة أيضا ً فان اإلفراد الذين قد تمس التشريعات
الصادرة حرياتهم وحقوقهم األساسية ليس لهم الحق بالدفع بعدم دستورية هذه القوانين .
كل هذه االعتبارات تنتقص من مدي فاعلية هذه الرقابة التي يباشرها المجلس الدستوري في مواجهة " مشروعات " القوانين
والتي ال ينعقد اختصاصه بها إال بطلب من رئيس الجمهورية أو الوزير األول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس
الشيوخ أو ستين عضوا من أي من المجلسين ،ولكن اإلفراد الذين ينطبق عليهم القانونين هم في نهاية األمر مجردين من كل
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
سالح في مواجهة هذه القوانين
التجربة ويكاد الفقهاء يجمعون علي أن الدستور األمريكي لم ينظم الرقابة علي دستورية القوانين ولم يتحدث عن مثل تلك
الرقابة صراحة في نص من نصوصه ،ولكن في المقابل ومن ناحية فانه ال يوجد في نصوص الدستور األمريكي ما يفهم منه
صراحة أو ضمنا ً الحيلولة بين القضاء ومثل هذه الرقابة ،عكس ذلك هو الصحيح ذلك أن الفقرة الثانية من المادة السادسة من
الدستور األمريكي التي تقول " هذا الدستور وقوانين الواليات الصادرة وفقا ً له وكل المعاهدات المعقودة أو التي ستعقد في ظل سلطة
: الوال يات المتحدة ستكون هي القانون األساسي للبالد ،والقضاة في كل البالد سيتقيدون بذلك بصرف النظر عن أي حكم مخالف في
وذلك فضالً عن نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من الدستور التي تتحدث عن االختصاص القضائي والتي جاء فيها :أن الوظيفة
القضائية تمتد إلى كل القضايا المتعلقة بالقانون أو العدالة ،التي تثور في ظل هذا الدستور .
هذان النصان من نصوص الدستور االتحادي األمريكي وإن كانا ال ينظمان وسيلة معينة لمراقبة دستورية القوانين إال انهما بغير شك
يفتحان الباب عن طريق التفسير أمام المحاكم للنظر في مدي اتفاق القوانين الصادرة في ظل الدستور مع ذلك الدستور .
وقد بدا األمر في محاكم الواليات – عندما كانت تلك الواليات دوال مستقلة قبل نشأة االتحاد ثم أخذت به المحكمة االتحادية ابتداء من
واستقر بعد ذلك – ومنذ عام – 1830قضاء المحكمة العليا وقضاء محاكم الواليات علي حقها في النظر في دستورية القوانين
ومازالت األسباب التي استند إليها قاضي القضاة مارشال في قضية مار بوري ضد ماديسون عام 1803تمثل حجر األساس الذي
بل أن القضاة في كثير من البالد التي لم ينظم فيها الدستور طريقا ً لمراقبة الدستورية نهجت إلى حد كبير ذات النهج الذي اتبعه
ومن بين ما جاء في أسباب ذلك الحكم التاريخي واصبح بعد ذلك ميراثا ً قضائيا ً عاما ً " :أمام أن يكون الدستور هو القانون االسمي
الذي ال يقبل التعديل بالوسائل العادية ،وأما أن يوضع الدستور علي ذلك المستوي مع األعمال التشريعية العادية التي يستطيع
"أما أن التصرف التشريعي المخالف للدستور ال يعتبر قانونا ً ،وأما أن الدستور نفسه يصبح لغوا في محاولته لتقييد سلطة هي
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
بطبيعته غير مقيدة " [ يقصد السلطة التشريعية ] ثم يقول :أن االختصاص الممنوح للسلطة القضائية بمقتضى الدستور يعطيها في
نظر كل القضايا المتعلقة بالقوانين والتي تثور في ظل الدستور ،فهل يتصور أن يقصد واضعوا الدستور إلى أن يحرموا القضاة من
فحص الدستور بينما يلزموهم بالفصل في الخصومات التي تنشا في ظل ذلك الدستور ،ثم ينتهي إلى النتيجة اآلتية :
"إذا كان التصرف التشريعي المخالف للدستور ليس قانونا ً فانه من غير المتصور إلزام المحاكم بتطبيقه " .
هذه هي بعض األسباب التي جاءت في ذلك الحكم الذي أصدره مارشال رئيس المحكمة العليا االتحادية عام ، 1803وقد ظل القضاء
األمريكي مترددا ً بل أن ميله إلى الرفض كان اكثر وضوحا ً حتى عام 1830ومنذ تلك السنة وحتى عام 1880لم يكن حق القضاء في
مراقبة دستورية القوانين محالً لنزاع وسارت المحاكم من جانبها سيرا ً معتدالً في مباشرة هذه الرقابة .
ولكن منذ نهاية القرن الماضي وحتى عام 1936من هذا القرن توسعت المحاكم في مباشرة هذه الرقابة توسعا ً دعي إلى القول أن
الواليات المتحدة إال ي حكمها السياسيون في البيت األبيض والكونجرس وانما يحكمها قضاة المحكمة العليا ،وكان الرئيس روزفلت
هو الذي قال ذلك كمظهر من مظاهر االحتجاج علي موقف المحكمة العليا من القوانين االقتصادية التي أراد أن يتغلب بها علي األزمة
االقتصادية الطاحنة التي اجتاحت العالم عام 1930وان يدخل بها بعض صور العدالة االجتماعية في التشريع األمريكي .
وكانت المحكمة العليا قد حكمت بعدم دستورية هذه القوانين وأصرت علي ذلك الموقف إصرارا آثار ضدها الرأي العام في تلك البالد
وقد حاول روزفلت أن يعدل من نظام المحكمة تعديالً يتيح له زيادة عدد القضاة لكي يتغلب علي عناد القضاة المعارضين لقوانين
االقتصادية الجديدة بتعيين قضاة اكثر تحرراً وتطور ،وعلي ذلك تنحاز األغلبية إلى الموافقة علي تلك القوانين ،ولكن روزفلت لم
يتمكن من إدخال ذلك التعديل ،وشاءت الظروف بعد ذلك أن يت وفى أحد القضاة الخمسة المعارضين وان يطلب اثنان منهم أحالتهما
إلى التقاعد بعد أن جاوزوا السبعين ،وبتعيين ثالثة آخرين مكانهم تغير الوضع في المحكمة واصبح فيها سبعة يؤيدون االتجاه الجديد
بعد أن كانوا أربعة فقط ضد خمسة معارضين مما أدى إلى نوع من الشلل في الحياة األمريكية طوال فترة معارضة المحكمة
وبعد هذه أزمة عادت المحكمة العليا ومن ورائها المحاكم األخرى إلى االعتدال في مباشرتها لرقابة دستورية القوانين .
عند نظر أي قضية أمام أي محكمة سواء من محاكم الواليات أو المحاكم الفيدرالية . .فانه يجوز ألطراف الدعوى ولالدعاء العام
الدفع بعدم دستورية القانون المطلوب تطبيقه علي تلك الدعوى وتملك المحكمة – أيا كانت درجتها – أن تقرر االمتناع عن تطبيق
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
القانون إذا رأت أن ذلك القانون يتعارض مع الدستور .
وأحكام المحكام في هذا الشأن الخطير ليست نهائية ،وانما يجوز أن يطعن فيها أمام المحاكم األعلى ،وهذه قد تؤيد الحكم أو تعديله أو
تلغيه .
وهذه الوسيلة – وسيلة الدفع – هي واكثر الوسائل انتشارا ً وهي التي تؤدي إلى " رقابة االمتناع " أي امتناع المحكمة عن تطبيق
النص القانوني أو القانون المخالف للدستور ،والمحكمة تقرر " امتناعها " فقد عن تطبيق القانون ولكنها ال تقرر شيئا ابعد من ذلك ،
فهي ال تقرر مثالً بطالن القانون أو إلغائه ،لذلك فان محكمة أخرى قد تري غير ما رأته المحكمة األولى وتحكم عكس ما حكمت ،
ويظل األمر هكذا حتى تفصل فيه المحكمة الفيدرالية العليا حيث يعتبر حكمها من قبيل السوابق القضائية الملزمة ،وإن كنا مع ذلك
نظل في إطار رقابة االمتناع ألنه حتى المحكمة العليا نفسها ال تحكم بإلغاء النص وال تملك ذلك وانما تملك أن تمتنع عن تطبيقه ،
ومن الناحية العملية فان التزام سائر المحاكم بما قضت به المحكمة العليا من امتناع تطبق نص قانوني معين يؤدي في النهاية إلى
مقتضى هذه الوسيلة أن يلجا صاحب مصلحة حقيقية إلى محكمة اتحاد مكونة من ثالثة قضاة طالبا ً من تلك المحكمة أن تصدر أمرا ً
قضائيا ً لموظف عام باالمتناع عن تنفيذ قانون معين في حالة معينة استنادا ً إلى أن ذلك القانون يمس بمصالح ذلك الشخص وحقوقه
وإذا صدر األمر القضاي للموظف المعني باالمتناع عن التنفيذ وجب عليه االمتثال ألمر المحكمة إال إذا طعن في ذلك األمر والغي .
ومن ناحية أخرى يجوز إصدار أمر قضائي ألحد الموظفين بتنفيذ نص قانوني أو قرار معين وعلي الموظف أن يصرح باألمر ويقوم
بالتنفيذ فان هو خالف أمر المحكمة . .عد مرتكبا ً لجريمة احتقار المحكمة " التي قد تؤدي إلى حبس ذلك الموظف " .
(ج) وسيلة الحكم التقريري :الحكم التقريري شانه شان األمر القضائي يعتبر وسيلة وقائية .وقد بدا العمل بهذه الوسيلة – الحكم
التقريري – منذ عام 1918واستمر حتى اآلن .هذا وقد اقر الكونجرس هذه الوسيلة بقانون اتحادي أصدره عام . 1938
ويلجأ اإلفراد إلى هذه الوسيلة عندما يثور خالف بشأن ما يتمتع به هؤالء اإلفراد من حقوق والتزامات متبادلة ،وما قد يكون هناك
من تعارض بين القانون الذي يحدد هذه الحقوق وااللتزامات وبين الدستور نفسه .
والمحكمة ال تفصل في نزاع عندما تصدر حكما ً تقريريا ً وانما هي تكشف عن رأيها في مسالة معينة قد تؤدي إلى تجنب المنازعات
القضائية مستقبالً وقد ال تؤدي إلى ذلك إذا لم يرتض األطراف الحكم التقريري ورأوا استمرار المنازعة وطرحها علي القضاء .وفي
ختام هذا العرض السريع لموقف القضاء األمريكي يجب أن نالحظ أن القضاء األمريكي ال يقضي ببطالن القانون لمخالفته للدستور ،
المكتبة القانونية االلكترونية
www.bibliojuriste.club
فهو ال يملك ذلك ،وانما هو يقضي باالمتناع عن تطبيق ذلك القانون في القضية محل البحث .
ولكن نظرا ً الن النظام القضائي األمريكي يقوم علي السوابق القضائية وعلي اتباع المحاكم الدنيا لقضاء المحاكم العليا فان قضاء
المحكمة االتحادية العليا باالمتناع عن تطبيق قانون معين لعدم دستوريته يعني من الناحية العلمية أبطال مفعول ذلك القانون في الحياة
،اللهم إال إذا عدلت المحكمة العليا نفسها عن قضائها بعد ذلك ،وهي رغم تقيدها بالسوابق القضائية إال انها تعدل عنها في بعض
الحاالت ،وهذا هو ما حدث فعال بالنسبة للقوانين االقتصادية التي استصدرها روزفلت وفقا ً لما كان يسمي بالسياسة الجديدة آنذاك
N.E.P..وهذه الطريقة هي ما تسمي عادة الرقابة عن طريق االمتناع . .أي امتناع المحاكم عن تطبيق النص المخالف للدستور .
والي جوار الرقابة بطريق ال دفع المؤدي إلى االمتناع أوجد القضاء األمريكي وسيلتين أخريين لمباشرة رقابة الدستورية ،وهاتان
الوسيلتان هما :أوالً :األمر القضائي ومقتضاه أن يصدر أمر من المحكمة – التي هي وفقا ً للنصوص محكمة اتحادية مشكلة من ثالثة
قضاة – بناء علي طلب ذي مصلحة إلى موظف معين باالمتناع عن تنفيذ قانون معين في حالة معينة ،وعلي ذلك الموظف أن يمتثل
ألمر المحكمة إال إذا طعن فيه والغي األمر .والوسيلة الثانية هي الحكم التقريري ،ومقتضاها أن يصدر حكم بناء علي طلب ذي
مصلحة ليقرر ما إذا كان قانون معين يراد تطبيقه علي ذلك الشخص دستوريا ً أم غير دستوري ،وهذا الحكم ذو اثر نسبي أي انه ال
يحتج به إال من صدر لصالحه وفي تلك الحالة دون غيرها ،وقد اقر الكونجرس تلك الوسيلة بقانون اتحادي أصدره عام . 1938هذه
هي الوسائل الثالث التي يباشر بها القضاء في الواليات المتحدة األمريكية رقابة دستورية القوانين في تلك البالد والتي بني علي