You are on page 1of 49

‫نوازل جنائية وحلول‬

‫القانون الجنائي الخاص‬

‫طلبة السداسية الرابعة‬


‫الفوج ‪1‬‬

‫اعداد‪ :‬ذة سعاد التيالي‬

‫السنة الجامعية‪2020-2019:‬‬

‫‪1‬‬
‫الشق النظري‪:‬‬

‫منهجية تحليل استشارة قانونية‪:‬‬


‫إن ا لنازلة القانونية ماهي إال جمموعة من الوقائع أو األحداث اليت تعرض على الطالب بغية حتليلها و إجياد حلل‬
‫املالئم لكل شيء قد تثريه من مشاكل قانونية و بعبارة أخرى فاملسالة تأيت بشكل حادثة أو واقعة أو جمموعة‬
‫من الوقائع تكون قد أدت إىل نتائج معينة مما يتعني على الطالب أن حيدد الوضع القانوين الذي أحدثته ‪.‬‬
‫بالنظر إىل هذا املفهوم املقدم للنازلة نتساءل عن جدواها يف احلياة العملية أو أمهيتها وما هو حمتواها أو‬
‫مضموهنا? و ماهي متطلبات حتليل النازلة و أخريا كيف يتأتى الربط بني املعلومات النظرية و الواقعية يف تناسق‬
‫متني ابتداء من املقدمة أي ماهي تقنية التحليل؟‬
‫أوال ‪:‬أهمية تحليل نازلة قانونية و محتواها‬

‫تكتسي النازلة أمهية بالغة يف احلياة العملية إذ من خالل حتليل العديد منها يتم فهم النصوص القانونية و إعطاء‬
‫احللول املماثلة لوقائع مشاهبة كما متكن الطالب من اإلملام باملشاكل القانونية و إعداده للمباريات و إلمتام‬
‫دراسته باملاسرت‪.‬‬
‫فأهم شيء يعطي للنازلة خصوصيتها هو بناؤها على التحليل قانوين للمعطيات الواقعية والقاعدة القانونية اليت‬
‫تنطبق عليها ‪.‬‬
‫ثانيا تقنية تحليل النازلة‬
‫مقدمة‬
‫بيان اإلطار العام للنازلة دون احلسم يف احلل النهائي هلا كان يقول الطالب تتعرض النازلة أو تناقش النازلة أو‬
‫تتناول النازلة مدى توفر أو مدى استيفاء اإلجراءات لشروطها ‪....‬‬
‫_ عرض موجز للوقائع بأسلوب الطالب وبشكل زمين لإلحداث على أن يقتصر على الوقائع اليت تصلح‬
‫كأساس واقعي للحل وبشكل واضح ‪.‬‬
‫_ عرض املشاكل القانونية املطروحة سحسب طرحها من قبل األستاذ أو البح عنها من قبل الطالب ضمن‬
‫الواقعة‬
‫_ بيان خطة معاجلة النازلة و الدفاع عنها‬
‫العرض‬
‫_ جيب حتديد املفاهيم األساسية للمصطلحات الواردة يف النازلة لتتضح الصورة حول الوقائع القانونية مع الربط‬
‫بالنازلة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫_ جيب إعمال النصوص القانونية العامة و اخلاصة وربطها بالواقعة‬
‫_ بيان موقف االجتهادات القضائية سواء كانت منسجمة أو خمتلفة مع أحكامها السابقة و ربطها بالنازلة ‪.‬‬
‫‪ -‬طرح أراء الفقهية بتوضيح كل اجتاه و ربطه بالنازلة و بسط االنتقادات املوجهة إليه للتدليل على سبب إقصائه‬
‫من الواقعة ‪.‬‬
‫‪ -‬موقف املشرع املغريب من االجتاهات الفقهية مع ربطه بالنازلة‬
‫‪ -‬تقدمي احلل السليم للنازلة سحسب وجود نقطة قانونية وحيدة أو عدة نقط قانونية على النحو التايل ‪:‬‬
‫مبا أن أو حي الواقعة‬
‫تضمنت ‪................‬‬
‫مبا أن أو حي الواقعة‬
‫تضمنت ‪...............‬‬
‫مبا أن أو حي أن نص الفصل يقتضي بأنه ‪..............................‬‬
‫مبا أن أو حي أن املادة تنطبق أو ال تنطبق على الواقعة لذلك‪........................‬‬
‫إن صياغة احلل النهائي جيب أن تأخذ بعني االعتبار عدد املشاكل القانونية املطروحة ‪.‬وهذا احلل يقدم إما يف‬
‫األخري إذا كانت هناك نقطة قانونية أو مشكل قانوين وحيد مثار يف النازلة أو يقدم احلل عند النهاية من حتليل‬
‫كل نقطة قانونية خمتلفة عن سابقتها وهي مثارة يف التقسيم واحلل يقدم وفق أسلوب قانوين دقيق يشبه إىل حد‬
‫ما احلكم القضائي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الشق التطبيقي‪ :‬نماذج من قضايا جنائية وحلولها‬
‫النازلة األولى‪:‬‬
‫بتاريخ ‪ 2018/2/15‬مت القاء القبض على املسمى خالد‪ -‬الذي يبلغ من العمر ‪ 25‬سنة يسكن مبعية زوجته‬
‫وأمه يف حي أناس بفاس‪ -‬من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الساعة ‪ 8‬صباحا وهو حيمل‬
‫متفجرات يف سيارته من نوع فورد ‪ ،‬لديه شركة لتصنيع املالب وبعد استنطاقه من طرف الضابطة القضائية‬
‫ومن خالل تصرحياته تبني أنه حيمل تلك املتفجرات لصديقه أمحد ومجال املتواجدين مبدينة مكناس حي‬
‫يدرسان هناك بشعبة الدراسات االسالمية من أجل تنفيذ خمطط اجرامي لتفجري فندق مبدينة مكناس ‪.‬هذا كما‬
‫أبانت التحريات بأن التواصل مع أمحد ومجال قد مت عرب موقع التواصل االجتماعي الفايسبوك وتوطدت العالقة‬
‫بينهما حي كانوا يلتقون هناك يف منزل أحد اصدقائهم املسمى فؤاد الذي منحهما املنزل من أجل االقامة فيه‬
‫أيام الدراسة سحكم أهنما طالبان وبعد ذلك أح بأهنما يتبنيان أفكارا متطرفة فقام بالتبليغ عنهما بتاريخ‬
‫‪. 2017/10/16‬وبعد مرور شهر من اعتقاله مت القاء القبض على أمحد ومجال‪.‬‬
‫‪-‬ماهي اجلرمية اليت سيتابع هبا كل من أمحد ومجال ؟‬
‫يف رأيكم ما هو الوصف القانوين الذي ميكن أن نصف به ما قام به خالد من أفعال ؟‬ ‫‪-‬‬
‫هل سيتابع فؤاد جبرمية تقدمي مساعدة للغري ؟ وملاذا‬ ‫‪-‬‬
‫هل سيعاقب فؤاد إذا علم مبا خيطط له أصدقاؤه ومع ذلك ظل صامتا؟‬ ‫‪-‬‬
‫ماذا لو وفر أمحد ومجال هل سيعاقب خالد؟‬ ‫‪-‬‬
‫ماذا لو أن أم خالد تعلم مبا يقوم به ابنها ومل تبلغ السلطات بذلك هل ستعاقب؟‬ ‫‪-‬‬
‫ماذا لو أن خالد قام بالتبليغ عن أصدقائه قبل القبض عليه هل سيعاقب أم ال؟‬ ‫‪-‬‬
‫ماذا لو أن شخصا اخر قام بالتبليغ قبل خالد هل سيعاقب هذا األخري أم ال؟‬ ‫‪-‬‬
‫الوقـ ـائع‬
‫مت القاء القبض على املسمى خالد الذي يبلغ من العمر ‪ 25‬سنة بتاريخ ‪2018/2/15‬‬
‫من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الساعة ‪ 8‬صباحا وهو حيمل متفجرات يف سيارته‪ .‬ومن خالل‬
‫تصرحياته تبني أنه حيمل تلك املتفجرات لصديقه أمحد ومجال املتواجدين مبدينة مكناس من أجل تنفيذ خمطط‬
‫اجرامي لتفجري فندق مبدينة مكناس‪ .‬كما أبانت التحريات بأن التواصل مع أمحد ومجال قد مت عرب موقع‬
‫التواصل االجتماعي الفايسبوك وتوطدت العالقة بينهما حي كانوا يلتقون هناك يف منزل أحد اصدقائهم‬
‫املسمى فؤاد الذي منحهما املنزل من أجل االقامة فيه أيام الدراسة وبعد ذلك أح بأهنما يتبنيان أفكارا‬

‫‪4‬‬
‫متطرفة فقام بالتبليغ عنهما بتاريخ ‪. 2017/10/16‬وبعد مرور شهر من اعتقاله مت إلقاء القبض على أمحد‬
‫ومجال‬
‫األسانيد القانونية‪:‬‬
‫جرم املشرع املغريب يف قانون ‪ 03-03‬املتعلق مبكافحة اإلرهاب جمموعة من األفعال واعتبارها جرائم إرهابية‪،‬‬
‫واشرتط يف بعضها أن ترتكب يف سياق حمدد اال وهو وجود مشروع فردي أو مجاعي عمدي يهدف إىل امل‬
‫اخلطري بالنظام العام عن طريق التخويف أو الرتهيب أو العنف‪ ،‬يف حني أنه مل يشرتط يف بعض منها ذلك‪ ،‬وإمنا‬
‫اعتربها أفعال إرهابية بقوة القانون بغض النظر عن السياق الذي ترتكب فيه‪ ،‬سحي ميكن القول بأهنا جرمية‬
‫إرهابية بقوة القانون‬
‫‪ -1‬جرمية تكوين عصابة أو اتفاق ألجل إعداد أو ارتكاب جرمية إرهابية‬
‫تعترب جرمية تكوين عصابة أو اتفاق ألجل إعداد أو ارتكاب جرمية إرهابية من صنف اجلرائم اليت تنتمي إىل‬
‫جرائم اخلطر‪ ،‬إذ أنه مبجرد إتيان األفعال املنصوص عليها يف الفقرة ‪ 9‬من الفصل ‪ 1- 218‬اليت تنص على أنه‬
‫"تعترب اجلرائم اآلتية أفعال إرهابية‪ ،‬إذا كانت هلا عالقة مبشروع فردي أو مجاعي يهدف إىل امل اخلطري بالنظام‬
‫العام بواسطة التخويف أو الرتهيب أو العنف‪:‬‬
‫‪ -‬تكوين عصابة أو اتفاق ألجل إعداد أو ارتكاب فعل من أفعال اإلرهاب"‪.‬‬
‫وتقوم هذه اجلرمية بغض النظر عن اجلرائم اليت ترتكب نتيجة هلا‪ ،‬وسواء ارتكبت جرائم إرهابية أو مل ترتكب‪،‬‬
‫وبذلك فإن املشرع بتنصيصه على هذه اجلرمية يكون قد هنج أسلوب التجرمي الوقائي أو االحتياطي ‪.‬‬
‫‪-‬بالرجوع اىل وقائع النازلة يتضح لنا أن الطالبني كانا يتفقان وخيططان لتفجري فند ق مبدينة مكناس وبالتايل‬
‫سيتابعان جبرمية تكوين عصابة او اتفاق ألجل اعداد او ارتكاب فعل من افعال االرهاب وفقا ملقتضيات الفقرة‬
‫‪ 9‬من الفصل ‪1-218‬‬
‫جريمة تقديم المساعدة للغير‬
‫ينص الفصل ‪ 6-218‬على أنه "باإلضافة إىل حاالت املشاركة املنصوص عليها يف الفصل ‪ 129‬من هذا‬
‫القانون يعاقب بالسجن من عشر إىل عشرين سنة‪ ،‬كل شخص يقدم عمدا ملن يرتكب فعال إرهابيا أو يساهم‬
‫أو يشارك فيه‪ ،‬أسلحة أو ذخائر أو أدوات تنفيذ اجلرمية أو مساعدات نقدية أو وسائل تعيش أو تواصل أو‬
‫نقل‪ ،‬أو مكانا لالجتماع أو السكن أو االختباء‪ ،‬وكل ما يعينه على التصرف فيما حصل عليه من عمله‬
‫اإلجرامي وكل من يقدم له أي نوع من أنواع املساعدة مع علمه بذلك"‪.‬‬
‫مما سبق يتبني لنا أن املشرع جرم وعاقب أفعال اإلعانة واملساعدة املقدمة إىل اجلاين املرتكب جلرمية من اجلرائم‬
‫اإلرهابية بغض النظر عن مركزه القانوين يف اجلرمية سواء كان فاعال أصليا أو مسامها أو مشاركا‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫التطبيق‪:‬‬
‫بالرجوع اىل وقائع النازلة يتبني لنا أن ما قام به خالد من تقدمي مساعدة ألصدقائه ال يعترب مشاركة وفقا‬
‫ملقتضيات الفصل ‪ 129‬من ق ج وامنا يعترب فاعال اصليا يف جرمية قائمة بذاهتا اال وهي جرمية تقدمي مساعدة‬
‫اىل اجلاين املرتكب للفعل االرهايب ومن مت وبالرغم من عدم تنفيذ الركن املادي للجرمية االرهابية فان خالد‬
‫سيعاقب وفقا ملقتضيات الفصل ‪6.-218‬‬
‫‪ -3‬بالنسبة لفؤاد من خالل وقائع النازلة يتبني لنا أنه مسح لصديقيه باإلقامة يف شقته من اجل الدراسة يف‬
‫اجلامعة سحكم أهنما فقريين سحي مل يكن له علم مسبق مبا ينويان القيام به وبالتايل فهو مطالب بإثبات ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬جريمة عدم التبليغ عن جريمة إرهابية‬
‫نص املشرع املغريب يف الفصل ‪ 8-218‬على أنه‪" :‬يؤخذ بعدم التبليغ عن جرمية إرهابية ويعاقب كل من كان‬
‫على علم مبخطط أو أفعال هتدف إىل ارتكاب أعمال معاقب عليها بوصفها جرمية إرهابية‪ ،‬ومل يبلغ عنها فورها‬
‫مبجرد علمه هبا للجهات القضائية أو األمنية أو اإلدارية أو العسكرية"‪.‬‬
‫إن جرمية عدم التبليغ عن اجلرائم اإلرهابية تصنف يف عداد اجلرائم الشكلية اليت تقوم بذاهتا مبجرد اقرتافها‪،‬‬
‫وبصرف النظر عن حتقق النتيجة جراء هذه األعمال من عدمها‪ ،‬بذلك نالحظ أن املشرع املغريب ال يشرتط يف‬
‫جرائم عدم التبليغ عن األعمال اإلرهابية لقيام ركنها املادي ضرورة حتقق نتيجة معينة عن إتيان اجلاين للنشاط‬
‫اجملرم‪ ،‬إمنا يراعى األخطار احملتملة اليت قد ترتتب عنها واليت قد تعرض مصاحل اجملتمع للخطر يف حالة عدم‬
‫التجرمي‪.‬‬
‫وهذا الفعل اجملرم حيتوي يف كنهه على التزام يفرضه املشرع على املواطنني‪ ،‬للمسامهة إىل جانب السلطات‬
‫العمومية يف جمهوداهتا الرامية إىل مكافحة اجلرمية للوصول إىل اجلناة إلفشال خمططاهتم اإلجرامية ‪،‬خاصة اجلرائم‬
‫اإلرهابية اليت تتميز باخلطورة‪ ،‬الشيء الذي حياول املشرع حتقيقه بكافة الوسائل‪ ،‬والغاية من ذلك طبعا هو وأد‬
‫كل خمطط الرتكاهبا‪.‬‬

‫وقد يطرح تساؤل مفاده من هو الشخص املخاطب مبضمون الفصل ‪8-218‬؟ هل الشخص األجنيب عن‬
‫ذلك االتفاق أو املخطط اإلجرامي أم هو الفاعل أو املساهم يف اجلرمية اإلرهابية ذاهتا الذي يبلغ عنها قبل‬
‫ارتكاهبا؟‬
‫بتدقيق النظر فإن اخلطاب موجه لألشخاص األجانب عن العملية اإلرهابية‪ ،‬ولكن إذا كانوا على علم تام‬
‫وإحاطة كاملة باملخطط اجلنائي‬

‫‪6‬‬
‫بالرجوع اىل فرضية ان فؤاد يعلم مبا يقوم به أمحد ومجال ومع ذلك ظل صامتا فانه سيعاقب جبرمية عدم التبليغ‬
‫وفقا الفصل ‪ 8-218‬ألنه ظل صامتا ‪.‬‬
‫‪ - 5‬في فرضية لو وفر أحمد وجمال هل سيعاقب خالد ؟‬
‫بناء على اعتناق املشرع املغريب لنظرية استعارة التجرمي وعمال باملادة ‪ 129‬من ق ج فان الشخص ال ميكن أن‬
‫يسال باعتباره مشاركا يف اجلرمية إال اذا توفرت الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة علم املشارك مبا ينوي الفاعل األصلي القيام به من أنشطة جمرمة وذلك حىت يتحقق لديه القصد‬
‫اجلنائي املطلوب يف االشرتاك ‪.‬‬
‫‪ -2‬ارتباط العقاب على املشاركة بوجود جرمية معاقبة ( ارتكبت من طرف فاعل اصلي ) ويرتتب على ذلك أنه‬
‫إذا مل ترتكب اجلرمية أصال فإن املشارك ال يعاقب ‪.‬‬
‫‪ -3‬ارتباط العقاب على املشاركة بوجود جناية أو جنحة‪.‬‬
‫ولكن بالرجوع اىل القانون املنظم لإلرهاب ‪ 03-03‬يتضح لنا أن املشرع املغريب خرج عن املباد العامة املنظمة‬
‫للمشاركة وفقا للفصل ‪ 129‬ق ج واعترب بأن الشخص الذي يقدم مساعدة لشخص اخر الرتكاب جرمية‬
‫ارهابية هو مستقل عن الفاعل األصلي وبالتايل إن فرا أمحد ومجال فإن خالد سيعاقب بالرغم من عدم حتقق‬
‫جرمية تفجري الفندق وذلك تكريسا ملبدأ عدم اإلفالت من العقاب يف اجلرائم اخلطرية كاجلرمية االرهابية‪.‬‬
‫األعذار المعفية الجوازية‬
‫إن التنصيص على األعذار املعفية اجلوازية‪ ،‬تفيد بأن احملكمة هلا السلطة التقديرية على أن حتكم بإعفاء أقارب‬
‫وأصهار اجلاين املرتكب للعمل اإلرهايب من العقوبة ‪ ،‬وذلك وفقا للشروط اليت حددهتا الفقرة األخرية من الفصل‬
‫‪6-218‬والفقرة الثانية من ‪ 8-218‬من القانون املتعلق باإلرهاب واللتان تنصان على التوايل على ما يلي‪:‬‬
‫الفصل ‪..." :6-218‬غري أنه جيوز للمحكمة أن تعفي من العقوبة أقارب وأصهار من ارتكب جرمية إرهابية أو‬
‫ساهم أو شارك فيها‪ ،‬إىل غاية الدرجة الرابعة‪ ،‬إذا قدموا له مسكنا أو وسائل عيش شخصية فقط‪."...‬‬
‫الفصل ‪..." :8-218‬غري أنه جيوز للمحكمة يف احلالة املنصوص عليها يف الفقرة األوىل يف هذه املادة أن‬
‫تعفي من العقوبة أقارب وأصهار من ارتكب جرمية إرهابية أو ساهم أو شارك فيها إىل غاية الدرجة الرابعة"‪.‬‬
‫وفي فرضية أن أم خالد تعلم بما يقوم به ابنها ورغم ذلك ظلت ساكتة هل ستعاقب أم ال ؟‬
‫بالرجوع اىل الفصل ‪ :8-218‬ميكن للمحكمة يف احلالة املنصوص عليها يف الفقرة األوىل يف هذه املادة‬
‫أن تعفي من العقوبة أم خالد الذي شارك يف اجلرمية االرهابية ‪.‬‬
‫األعذار المعفية الوجوبية‬

‫‪7‬‬
‫إن املشرع املغريب فتح الباب لكل من يكون مشارك أو فاعل أو مساهم يف جرمية تكوين عصابة أو اتفاق‬
‫جنائي ألجل ارتكاب جرمية إرهابية أن يبادر إىل إبالغ السلطات املختصة بوجود هذا التخطيط‪ ،‬قبل أن‬
‫يتم ارتكابه وقبل إقامة الدعوى العمومية‪ ،‬إذ ينص الفصل ‪ 9-218‬على أنه‪" :‬يتمتع بعذر معف من‬
‫العقاب طبق الشروط املنصوص عليها يف الفصول ‪ 143‬إىل ‪ 148‬من هذا القانون الفاعل أو املساهم أو‬
‫املشارك الذي يكشف قبل غريه للجهات القضائية أو األمنية أو اإلدارية أو العسكرية عن وجود اتفاق‬
‫جنائي أو وجود عصابة ألجل ارتكاب جرمية إرهابية‪ ،‬إذا قام بذلك قبل حماولة ارتكاب اجلرمية اليت كانت‬
‫موضوع االتفاق أو هدف العصابة وقبل إقامة الدعوى العمومية‪.‬‬
‫وبالتايل فلو افرتضنا أن خالد قام بتبليغ اجلهات القضائية قبل ارتكاب أصدقائه جرمية تفجري الفندق فإنه سيتمتع‬
‫بعذر معف من العقاب وفقا ملقتضيات الفصل ‪.9-218‬‬
‫الشروط المرتبطة بإعفاء الفاعل أو المساهم أو المشارك من العقوبة‬
‫وفقا للفصل ‪ 9-218‬اشرتط املشرع املغريب يف الشخص الذي يتمتع باإلعفاء من العقوبة جمموعة من‬
‫الشروط‪:‬‬
‫‪-‬متتع الشخص املرتكب للفعل اجلرمي االرهايب بصفة الفاعل أو املساهم أو املشارك‬
‫‪-‬أن يكشف للجهات القضائية أو األمنية أو اإلدارية أو العسكرية عن وجود اتفاق جنائي أو وجود عصابة‬
‫ألجل ارتكاب جرمية إرهابية‪ ،‬إذا قام بذلك قبل حماولة ارتكاب اجلرمية اليت كانت موضوع االتفاق أو هدف‬
‫العصابة وقبل إقامة الدعوى العمومية‬
‫‪-‬أن ال يوجد شخص اخر بلغ السلطات بوجود اتفاق جنائي أو وجود عصابة ألجل ارتكاب جرمية ارهابية أو‬
‫قام هبا قبل حماولة ارتكاب اجلرمية اليت كانت موضوع االتفاق وقبل اقامة الدعوى العمومية‪.‬‬
‫‪-‬ومن مت فلو افرتضنا أن خالد بلغ السلطات القضائية قبل غريه بوجود اتفاق بني أمحد ومجال على تفجري‬
‫الفندق فإنه سيعفى من العقوبة وفقا للفصل ‪.9-218‬‬
‫‪ -‬أما لو فرضنا أن شخصا اخر بلغ السلطات قبل خالد فإنه لن يعفى من العقوبة‪ ،‬ألن شرطا من الشروط‬
‫املتطلبة يف اعفاء خالد من العقوبة قد اختل أال وهي مبادرة شخص اخر من األغيار بالتبليغ قبله ‪.‬‬
‫النازلة الثانية‬
‫كانت خدجية ترقد يف مستشفي الغساين بفاس وتقوم صديقتها (رانية ) بزيارهتا يوميا إال أهنا عقدت العزم علي‬
‫إهناء معاناهتا الشخصية بالزيارات اليومية ومبعاناة صديقتها بإهناء حياهتا‪ ،‬ووضع حد ملا تعانيه فقامت مبنحها‬
‫دواء على غري وصفة طبية أدى إيل وفاهتا وبالتايل وضعت رانية حدا لتلك املعاناة اليت تعاين منها صديقتها‬
‫وآالمها امليؤوس منها ‪ ،‬بعد أن يئ الطب من تسكينها‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫فما حكم القانون يف هذه القضية ؟‬
‫‪-‬تثري هذه القضية املشكل القانوين التايل‪:‬‬
‫موضوع القتل العمدى وبصفة خاصة الباع على القتل‬
‫من املقرر أن الباع ال يدخل ضمن عناصر القصد اجلنائي‪ .‬وبناء على ذلك فإن جرمية القتل تعد قائمة أيا‬
‫كان الباع عليها سواء كان قصد الفاعل االنتقام من ضحيته أو الثأر لشرفه أو لتخليص اجملين عليه من آالم‬
‫مرض ال أمل يف شفائه‪.‬‬
‫ولكن للباع النبيل أو الشريف حمل اعتبار حيق للقاضي أن يراعيه يف حدود سلطته التقديرية عند حتديده‬
‫العقوبة اليت يقضى هبا على املتهم فله أن يعتربه مربرا للحكم باحلد األدىن للعقوبة وله أن يعترب من قبيل‬
‫الظروف املخففة‪.‬‬
‫بناء على ما سبق فإن حكم القانون يف هذه القضية هو أن ما اقرتفته رانيه إمنا يعد جرمية قتل بالرغم من أن‬
‫الباع لديها كان بريئا ونظيفا ‪،‬فانه يتساوى مع الباع اخلسي كاحلقد والكراهية أو الرغبة يف ترتيب املسؤولية‬
‫اجلنائية للفاعل‪ ،‬ألن البواع أمور نفسية وال أثر هلا على قيام القصد اجلنائي وبالتايل قد تستفيد رانية من‬
‫ظروف التخفيف‪.‬‬
‫النازلة الثالثة‪:‬‬
‫أرادت عائشة أن تقتل ضرهتا فاطمة ‪ ،‬وكانت عائشة تعلم أن خدجية والدة فاطمة تقيم معها فلم يؤثر ذلك‬
‫على مشروعها االجرامي‪.‬‬
‫فقامت عائشة بإعداد ثالثة فطائر ودست فيها مسا وأرسلتها مع الشغالة السعدية ‪،‬ويف الطريق قامت السعدية‬
‫بالتهام فطرية من الفطائر اليت معها ‪.‬‬
‫وبعد أن تناولت فاطمة وخدجية الفطريتني شعرت كل منهما بوجع شديد فذهبتا اىل املستشفى وهناك مت انقاد‬
‫فاطمة يف حني توفيت خدجية ‪.‬‬
‫المطلوب‪:‬‬
‫حتديد مسؤولية عائشة يف هذه الواقعة؟‬
‫وهل يتغري رأيك لو‪:‬‬
‫‪ -‬أن السعدية الشغالة قامت بإتالف الفطائر‪ ،‬ألهنا شاهدت عائشة تضع تلك املادة السامة يف الفطائر‪.‬‬
‫‪-‬عائشة ذهبت إىل منزل فاطمة وقامت بتقدمي أدوية لكل منهما فنتج عنها عدم وفاهتما‪.‬‬
‫‪-‬عائشة قامت باالتصال بضرهتا فاطمة وأخربهتا بعدم تناول الفطائر‪ ،‬ألن هبا مادة سامة متت اضافتها للفطائر‬
‫عن طريق اخلطأ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪-‬ماذا لو أن السعدية توفيت من جراء الفطرية اليت تناولتها‪ ،‬ألهنا مل يكن هلا علم بأن الفطائر حتتوي على مادة‬
‫سامة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الوقائع‬
‫أرادت (عائشة) أن تقتل ضرهتا (فاطمة) – وكانت (عائشة) تعلم أن (خدجية ) أم (فاطمة) تقيم معها فلم‬
‫يؤثر ذلك على مشروعها اإلجرامي قامت (عائشة) بإعداد ‪ 3‬فطائر ودست فيهم ( ممساً) وأرسلتهم مع الشغالة‬
‫( السعدية) ويف الطريق قامت ( السعدية ) بالتهام فطرية من الفطائر اليت معها‪ .‬بعد أن تناولت (فاطمة)‬
‫و(خدجية) الفطريتني ؛ شعرت كل منهما بآالم شديدة ؛ فذهبتا إىل املستشفى ؛ وهناك مت مداركة (فاطمة)‬
‫بالعالج ؛ يف حني توفيت (خدجية)‪.‬‬
‫الفرضيات‪:‬‬
‫أ‪ -‬ماذا لو ان السعدية الشغالة قامت بإتالف الفطائر‪ ،‬ألهنا شاهدت عائشة تضع تلك املادة السامة يف‬
‫الفطائر‪.‬‬
‫(ب) عائشة ذهبت إىل منزل فاطمة وقامت بتقدمي أدوية لكل من (فاطمة) و(وخدجية ) نتج عنها عدم‬
‫وفاهتما‪.‬‬
‫(ج) عائشة قامت باالتصال بضرهتا (فاطمة ) وأخربهتا بعدم تناول الفطائر ألن هبا مادة سامة متت إضافتها‬
‫للفطائر عن طريق اخلطأ‬
‫ثالثا‪ :‬المشاكل القانونية‪:‬‬
‫‪-1‬ما مدى توافر القصد اجلنائي العام يف الواقعة املاثلة ؟‬
‫‪-2‬ما مدى توافر القصد االحتمايل يف الواقعة ؟‬
‫‪-3‬ما مدى توافر اخلطأ غري العمدي يف الواقعة ؟‬
‫‪-4‬ما مدى توافر التوبة الفعالة يف الواقعة ؟‪.‬‬
‫‪ -5‬ما مدى توافر الشروع يف اجلرمية يف الواقعة ؟‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬األسانيد القانونية‬
‫تعترب جرمية التسميم يف التشريع اجلنائي املغريب جناية مستقلة بذاهتا خالفا لبعض التشريعات املقارنة اليت اعتربهتا‬
‫جرمية قتل عمد مشدد بالنظر إىل وجود عنصر االصرار فيها أو جرمية ايذاء عمد يف حالة عدم حدوث الوفاة‬
‫بالفعل وكانت نية الفاعل مل تستهدف ازهاق روح اجملين عليه ‪ ،‬وقد وقع التنصيص على أحكامها يف املادة‬
‫‪ 398‬ق ج " الذي ينص على أنه ‪ ":‬من اعتدى على حياة شخص بواسطة مواد من شأهنا أن تسبب املوت‬

‫‪10‬‬
‫عاجال أو اجال أيا كانت الطريقة اليت استعملت أو أعطيت هبا تلك املواد وأيا كانت النتيجة يعد مرتكبا جلرمية‬
‫التسميم ويعاقب باإلعدام"‪.‬‬
‫تقوم جرمية التسميم على ركنني أساسني ‪:‬‬
‫‪ -1‬ركن مادي حي أن جرمية التسميم من جرائم اخلطر وليست من جرائم النتيجة ‪ ،‬سحي ال يشرتط لقيامها‬
‫أن متوت الضحية بفعل السم وإمنا يتحقق ركنها املادي باستعمال أو بإعطاء مادة سامة لشخص من األشخاص‬
‫ويكون من شأهنا حسب الفصل ‪ 398‬ق ج أن تتسبب يف املوت إن عاجال أم اجال‪.‬‬
‫‪ -2‬ركن معنوي‬
‫التسميم جرمية عمدية ال تقوم إال إذا توافر للفاعل القصد اجلنائي الذي ال يتحقق إال بعلمه بأن املادة اليت يريد‬
‫اعطائها للضحية‪ ،‬من شأهنا أن تتسبب هلا حتما يف املوت إن عاجال أو اجال‪ .‬وعليه فإذا انتفى القصد اجلنائي‬
‫ما أمكن املساءلة عن جناية التسميم كأن قام الفاعل وقدم املادة السامة للضحية ولكن عن جهل منه لسميتها‪.‬‬
‫‪-3‬اثبات جرمية التسميم‬
‫‪-‬تسهيال لعبء اثبات قصد االعتداء على احلياة عند اجلاين‪ ،‬فإن جمرد علمه بسمية املواد اليت قام بإعطائها أو‬
‫استعماهلا للضحية يعترب قرينة قوية على قصده قتلها بالسم من طرف القضاء ‪،‬إال أن هذه القرينة من حي‬
‫الطبيعة هي بسيطة ميكن دوما للمتهم هدمها بإثبات العك ‪.‬‬
‫التطبيق‪:‬‬
‫بالرجوع إىل وقائع النازلة يتبني لنا بأن التكييف الصحيح للجرمية هي التسميم بالنظر إىل توفر عنصريها‬
‫األساسيني أال وهو الركن املادي املتمثل يف قيام عائشة بدس مادة سامة يف الفطائر وهي تعلم جيدا أهنا مادة‬
‫سامة ‪ ،‬كما أن ارادهتا كانت متجهة إىل قتل ضرهتا ‪،‬ومن مت فتوفر القصد اجلنائي لدى عائشة كان حاضرا‬
‫بقوة وبالتايل فعائشة مسؤولة جنائيا عما قامت به من فعل جرمي عرب تسميم ضرهتا فاطمة بالرغم من عدم‬
‫حتقق نتيجة الوفاة ألن جرمية التسميم من جرائم اخلطر وال يشرتط فيها حتقق النتيجة وتعاقب بعقوبة االعدام‬
‫وفقا ملقتضيات الفصل ‪ 398‬من قج‬
‫أما بالنسبة لوفاة خدجية أم فاطمة فهل تعترب عائشة مسؤولة جنائيا وبالتايل ميكن أن تتابع جبرمية التسميم أم‬
‫جبرمية القتل غري العمدي ؟‬
‫بالرجوع إىل وقائع النازلة يتبني لنا بأن إرادة عائشة كان تتجه حنو قتل ضرهتا ولي حنو قتل أمها خدجية ‪.‬‬
‫ومن هنا أال ميكن طرح فكرة القصد االحتمايل أي القصد غري املباشر الذي عرفه أحد الفقهاء بأنه يقوم‬
‫عند الفاعل كلما كان ال يقصد بنشاطه النتيجة املرتتبة أو احلادثة فعال ‪ ،‬إال انه توقعها ورضي سحدوثها ملا‬
‫استمر يف إمتام نشاطه االجرامي‪ .‬وانطالقا من هذا الرأي ميكن القول بأن عائشة عندما عزمت على قتل‬
‫‪11‬‬
‫ضرهتا فاطمة بواسطة دس السم يف الفطائر اليت أرسلتها اليها فإهنا تعلم مسبقا أن أمها خدجية تتواجد معها‬
‫يف املنزل ‪ ،‬ويتوقع بشكل كبري أن تتناول هي األخرى الفطائر ومع ذلك قبلت هبذه النتيجة من أجل‬
‫الوصول اىل غايتها األساسية أال وهي ازهاق روح ضرهتا واحلالة هذه عائشة مسؤولة عن قتل خدجية عمدا‬
‫ألهنا توفيت بسبب السم الذي تناولتها يف الفطائر‪.‬‬
‫‪-‬بالنسبة للفرضية األوىل املتمثلة يف كون الشغالة السعدية اتلفت الفطائر‪ ،‬ألهنا كانت تعلم أهنا حتتوي على سم‬
‫وبالتايل هل ميكن معاقبة عائشة ؟‬
‫بالرجوع إىل التشريع املغريب جنده قد اعترب جرمية التسميم من اجلرائم الشكلية حينما جعلها تتحقق كجرمية تامة‬
‫مبجرد إعطاء املواد اليت من شأهنا أن تسبب املوت عاجال أو اجال للضحية ومهما كانت النتيجة ‪ ،‬أي سواء‬
‫حدث املوت أو مل حيدث وهذا بصريح الفصل ‪ 398‬ق ج وعمال مبا سبق ال تتصور حماولة جناية التسميم يف‬
‫صورة اجلرمية املستحيلة أو اخلائبة ‪.‬لكن بالرجوع اىل الفصل ‪ 114‬ق ج جند أن حماولتها يف صورة اجلرمية املوقوفة‬
‫متصورة وقد تتحقق بالفعل إذا ما أوقف الفاعل عن إمتام فعلته االجرامية بسبب أجنيب عنه ال دخل له فيه " غري‬
‫راجع إلرادته" وحنو ذلك أن ينتبه املستهدف بالتسميم اىل اجلاين وهو يضع له السم يف دوائه املخصص لعالجه‬
‫فيمتنع تبعا لذلك من تناوله‪ ،‬أو أن يكون اجلاين حضر املادة السامة وال ينتظر غري حضور الضحية لتقدميها‬
‫إليها لكن يصرفه عن ذلك حادث طار مل يتمكن معه من تقدميه للمستهدف من التسميم ‪.‬‬
‫وبالرجوع اىل وقائع النازلة يتبني لنا بأن عدم اعطاء عائشة السم لضرهتا راجع إىل تدخل الشغالة اليت أتلفت‬
‫الفطائر وال ميكن اعتبار عدوهلا اراديا‪ ،‬وبالتايل ستتابع عائشة جبرمية احملاولة يف التسميم اليت تتخذ جرمية احملاولة‬
‫املوقوفة‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة الفرضية الثانية املتمثلة يف ذهاب عائشة إىل منزل ضرهتا وإعطائها الدواء بعد تناول الفطائر من أجل‬
‫انقاذمها يتبني لنا بأن عائشة تراجعت بعد أن دست السم يف الفطائر فبادرت إىل انقاذمها عرب إعطاء دواء هلما‪،‬‬
‫فلم يتوفيا فهل يف هذه احلالة ستعاقب عائشة باعتبارها مرتكبة جلرمية التسميم أم ال‪.‬؟‬
‫يرى البعض أن اجلاين يف هذه احلالة ومادامت أن النتيجة مل تتحقق إال بسبب تدخله االختياري فال يعاقب‬
‫‪،‬على اعتبار أن األثر الناجم عن العدول الطوعي مل يتقرر أصال إال من أجل تشجيع اجلناة على الرتاجع وعدم‬
‫االستمرار يف تنفيذ خمططهم اإلجرامي إىل النهاية لكن الراجح هو أن هذا التسامح وإن كان جيد مربره واقعيا‬
‫وعاطفيا فإنه من الناحية القانونية غري مؤس متاما‪ ،‬ألن جرمية التسميم طبقا للفصل ‪ 398‬من ق ج تقوم‬
‫قانونا مبجرد إعطاء السم للضحية أو استعماله هلا وال يشفع للجاين تراجعه اإلرادي وحوله دون حتقق النتيجة‬
‫اليت ال تعترب عنصرا من عناصر الركن املادي يف هذا النوع من اجلرائم الشكلية ‪ ،‬لكن تدخل اجلانية عائشة إلنقاذ‬
‫الضحيتني عرب اعطاءمها دواء مضاد للسم يعترب توبة منها بالفعل ودليال على ندمها ومن مت البد للمحكمة أن‬
‫‪12‬‬
‫متتعها بظروف ختفيف‪ ،‬ألن ما قامت به يدل داللة أكيدة على انتفاء اخلطورة اإلجرامية لديها واليت كانت سببا‬
‫يف تشديد عقاب جرمية التسميم من طرف املشرع املغريب‪.‬‬
‫بالنسبة للفرضية األخرية املتمثلة يف اتصال عائشة بضرهتا واخبارها بعدم تناول الفطائر‪ ،‬ألهنا أضافت مادة‬
‫سامة إليها عن طريق اخلطأ يعترب عدوال طوعيا أو تراجعا من طرفها على إعطاء املادة السامة للضحية بدون‬
‫تدخل أي عامل خارجي يفقد هذا النشاط صفته كمحاولة يف التسميم‪.‬‬
‫النازلة الرابعة‬
‫اهتم ( مبارك ) بقتل ( راشد ) وبينما كانت أسرة القتيل تعود من زيارته يف قربه بعد مرور األسبوع األول شاهدوا‬
‫شقيق القاتل خيتال أمامهم بدراجة ‪ .‬فأسرع إليه( عبد اهلل ) شقيق القتيل وأطلق علية عدة أعرية نارية فسقط‬
‫على أثرها علي األرض ملطخا بالدماء ‪ .‬ونقل على آثرها إيل املستشفى وهناك أمكن إنقاذه ‪ ،‬قدم ( عبد اهلل )‬
‫للمحاكمة بتهمة الشروع يف قتل عمدي مع سبق اإلصرار والرتصد‪.‬‬
‫فهل أصابت النيابة أم أخطأت ؟‬
‫أوال‪ :‬الوقائع‬
‫تدور وقائع القضية حول( مبارك) الذي اهتم بقتل ( راشد ) وأثناء زيارة أسرة ( راشد ) لقربه بعد أسبوع من‬
‫مماته شاهدوا شقيق القاتل يتباهى بنفسه أمامهم فاندفع حنوه ( عبد اهلل ) شقيق القتيل وأطلق عليه عدة أعرية‬
‫نارية وسقط يف دمائه ولكن مت نقله إىل املستشفى حي مت إسعافه وإنقاذه ‪ .‬قدمت النيابة العامة ( عبد اهلل )‬
‫إىل احملاكمة بتهمة الشروع يف قتل عمدي مع سبق اإلصرار والرتصد‬
‫‪-‬املطلوب هو معرفة هل أصابت النيابة العامة أم أخطأت ؟‬
‫ثانيا ‪ :‬األسانيد القانونية ‪:‬‬
‫تثري هذه القضية موضوع سبق اإلصرار والرتصد‪.‬‬
‫أ‪ -‬سبق اإلصرار ‪:‬‬
‫تعريف سبق اإلصرار ‪:‬‬
‫عرف املشرع املغريب سبق اإلصرار يف املادة ‪ 394‬من القانون اجلنائي بأنه ( العزم املصمم عليه قبل وقوع اجلرمية‬
‫على االعتداء على شخص معني ‪ ،‬أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف حىت ولو كان العزم معلقا على‬
‫ظرف أو شرط"‬
‫وسبق اإلصرار يقوم على عنصرين ‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫أوهلما ‪ :‬العنصر النفسي ‪ :‬وهو أن يكون اجلاين قد فكر هبدوء وبرويه وبعيدا عن أي انفعال قبل ارتكاب اجلرمية‪،‬‬
‫مث أقدم على فعله بعد أن زال عنه الغضب وثورة النف ‪ .‬وغين عن البيان أن هذا العنصر النفسي هو الذي‬
‫يظهر خطورة اجلاين وهو الذي يربر رفع عقابه إىل اإلعدام‪.‬‬
‫ثانيهما ‪ :‬العنصر الزمين ‪ :‬ويقصد به أن يكون العزم املصمم عليه سابقا الرتكاب اجلرمية كما يقضي بذلك‬
‫صراحة الفصل ‪ 394‬ق ج ‪ -‬إذ البد وأن متر فرتة من الزمان بني مرحلة العزم والتصميم وبني اقرتاف اجلرمية‬
‫حىت تتكون قرينة قوية على سيطرة العزم املصمم عليه من نفسية اجلاين ‪.‬‬
‫إثبات سبق اإلصرار ‪:‬‬
‫جيوز اثبات سبق اإلصرار من طرف النيابة العامة بكافة وسائل اإلثبات ‪ ،‬إال أن قضاة املوضوع عند‬
‫استخالصهم من وقائع الدعوى وجود هذا الظرف أو انتفاؤه مراقبون من طرف حمكمة النقض ‪ ،‬لذلك عليهم‬
‫أن يبينوا يف قرارهم األفعال املنسوبة إىل املتهم واليت تشكل جرمية قتل عمد مع سبق االصرار حىت يتأتى‬
‫للمحكمة مراقبة قضاة املوضوع يف مدى سالمة وصحة استخالصه هلذا الظرف من عدمه ‪.‬‬
‫ب) الرتصد ‪ :‬تعريف الرتصد‬
‫واقعة الرتصد كظرف مشدد يف القتل العمد عرفها املشرع يف الفصل ‪ 395‬ق ج فقال‪" :‬الرتصد هو الرتبص فرتة‬
‫طويلة أو قصرية يف مكان واحد أو أمكنة خمتلفة بشخص قصد قتله أو ارتكاب العنف ضده "‪.‬والرتصد يقوم‬
‫على عنصرين مها ‪:‬‬
‫أوهلما ‪ :‬زمين ‪ :‬ومقتضاه أن ينتظر اجلاين ضحيته فرتة من الزمن قبل التنفيذ‪.‬‬
‫وثانيهما ‪ :‬مكاين ‪ :‬ومؤداه أن ينتظر اجلاين اجملين عليه يف مكان واحد أو عدة أمكنة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التطبيق ‪:‬‬
‫بتطبيق القواعد القانونية السالفة الذكر يتضح أن النيابة العامة أخطأت يف تكييفها وذلك ألن سبق اإلصرار‬
‫يستلزم أن تسبق اجلرمية فرتة من التفكري تكفى ألن يدبر اجلاين أمر ارتكاب اجلرمية يف هدوء ورويه ويقلب الرأي‬
‫فيما عقد العزم عليه‪ ،‬مقدرا خطورته ناظرا إىل عواقبه‪ .‬وأن سبق اإلصرار حالة ذهنية تقوم بنف اجلاين فال‬
‫يستطيع أحد أن يشهد هبا وإمنا هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخالصا ‪.‬‬
‫‪-‬وعلى ذلك تستطيع احملكمة أن تستخلص سبق اإلصرار بالنسبة ( عبد اهلل ) شقيق القتيل من وجود‬
‫ضغائن سابقة ومن محله للسالح ‪.‬‬
‫‪-‬وأخطأت النيابة العامة أيضا يف وصف الرتصد وذلك ألن الرتصد يقتضى أن ينتظر اجلاين اجملين عليه يف‬
‫مكان ما أو عدة أماكن مدة من الزمن وأن يتتبع اجملين عليه ‪ .‬وهذا مل حيدث يف القضية حمل البح حي أن‬

‫‪14‬‬
‫أسرة القتيل كانت تزور قربه ومرور اجملين عليه ( شقيق القاتل ) كان مبحض الصدفة وبالتايل فالوصف الصحيح‬
‫قانونا هو حماولة القتل العمد‪.‬‬
‫النازلة الخامسة‬
‫بينما كان الطفالن (أمحد )و(حممد )جيلسان بداخل شقتهما دق جرس الباب وعندما فتح أمحد الباب فوجد‬
‫شخصني يعرف أحدمها (عبد الوهاب) حي كان يعمل لدى والد الطفلني وصديقه سلطان‪ .‬فدعامها إىل‬
‫الدخول وبعدها بلحظات طلب (عبد الوهاب) من أمحد كوبا من املاء ‪،‬وما أن دخل أمحد املطبخ حىت تبعه‬
‫(سلطان) وأخد سكينا من املطبخ وبدأ يطعن هبا الطفل ‪ .‬عندها قام املتهم الثاين سلطان باإلمساك مبحمد‬
‫حىت ال يفلت منهما فقام بتوثيقه وقام عبد الوهاب بطعنه حىت سقط صريعا فتم القبض على املتهمني‬
‫متلبسني‪.‬‬
‫حدد مسؤولية المتهمين عبد الوهاب وسلطان‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الوقائع‬
‫قرر كل من عبد الوهاب وسلطان سرقة منزل رب العمل الذي كان يعمل عنده احدمها ولكن تفاجا بوجود‬
‫طفلني يف املنزل ومن اجل تنفيذ خطتهم االجرامية قام بقتل الطفلني معا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األسانيد القانونية‬
‫تثري هذه القضية موضوع القتل املرتبط جبناية أو جنحة حي عاقب املشرع املغريب يف الفقرة االخرية من الفصل‬
‫‪ 392‬من ق ج القاتل عمدا باإلعدام إذا ارتبط القتل العمد جبناية أو جنحة بقوله " لكن يعاقب على القتل‬
‫العمد باإلعدام يف احلالتني االتيتني‪:‬‬
‫" إذا كان الغرض منه ‪ -‬أي القتل العمد‪ -‬إعداد جناية أو جنحة او لتسهيل ارتكاهبا أو امتام تنفيذها أو تسهيل‬
‫فرار الفاعلني أو شركائهم أو ختليصهم من العقوبة "‬
‫‪-‬ويفرتض هذا السبب التشديد ‪:‬‬
‫إن ا لقتل قد ارتكب من أجل التمكن من ارتكاب جرمية أخرى أو من أجل التخلص من املسئولية الناشئة عنها‬
‫‪ ،‬أي أن هناك صلة سببيه نفسيه تربط يف ذهن اجلاين بني القتل واجلرمية األخرى ‪ ،‬فهو قد ارتكب القتل من‬
‫أجل مقصد معني حدده القانون ‪.‬‬
‫‪-‬علة التشديد ‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫شدد املشرع العقاب ألن اجلاين أختذ القتل وسيلة الرتكاب جرمية أقل منه خطورة ‪ ،‬فهو يكشف بذلك عن‬
‫شخصية خطرية ‪ ،‬إذ ال يباىل بإزهاق الروح يف سبيل حتقيق غاية إجرامية قد تكون يف ذاهتا قليلة األمهية مثال‪:‬‬
‫أن يقتل اجلاين حارس الفيال السكنية لكي يسرق ما هبا‪.‬‬
‫‪-‬شروط التشديد ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ارتكاب جناية أو جنحة ‪ :‬جوهر التشديد هو التعدد املادي يف اجلرائم شأنه يف ذلك شأن االقرتان ‪.‬‬
‫ويقتضى ذلك أن تكون اجلرمية األخرى معاقبا عليها بصفتها جناية أو جنحة وأن تكون مستقلة عن القتل‪.‬‬
‫ب‪ -‬رابطة السببية ‪ :‬يتعني أن تتوافر عالقة السببية بني جرمية القتل وبني اجلناية أو اجلنحة ‪ .‬مبعىن ال بد من أن‬
‫تكون الغاية من ارتكاب جرمية القتل الوصول إىل أحد األهداف اليت حددها املشرع يف هناية الفقرة الثانية من‬
‫املادة ‪ 392‬ق ج‪.‬‬
‫‪-‬وتعىن رابطة السببية أن القتل كان الوسيلة وأن اجلرمية األخرى كانت الغاية إذ ال تتوافر علة التشديد إال‬
‫يف هذا الوضع ‪.‬‬
‫‪-‬أثره ‪:‬‬
‫يرتتب على توافر ظرف ( ارتباط القتل جبناية أو جنحة ) توقيع عقوبة اإلعدام وفقا ملا قررته املادة ‪ 392‬من ق‬
‫ج وهي ذات طابع شخصي ترتبط بالدوافع اليت ترجع كليا إىل فاعل اجلرمية ومن مث يكون من العدل أال تشدد‬
‫العقوبة على الشركاء واملسامهني ما داموا جيهلون دوافعه إىل ارتكاب القتل العمد هذا ما مل يثبت أهنم على علم‬
‫هبدف القاتل ابتداء ومساندهتم له فيه حي تشدد عقوبتهم إذ ذاك مجيعهم‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التطبيق ‪:‬‬
‫بتطبيق القواعد القانونية سالفة الذكر على وقائع القضية جند أن ‪.‬ما قام به اجلناة يعد جرمية قتل مرتبط‬
‫بارتكاب جنحة السرقة ‪،‬حي أن اجلناة قد قاما بقتل الشقيقني من أجل التأهب الرتكاب جنحة السرقة‬
‫فكان القتل وسيلة ( ولي غاية ) الرتكاب السرقة ومن مث ينطبق عليهما الظرف املشدد اليت نصت علية‬
‫املادة ‪ 392‬من ق ج ‪.‬م وتوقع عليهما عقوبة اإلعدام‬
‫النازلة السادسة‬
‫ذهب (كمال )بصحبة ( مجال ) ‪ ( ،‬ناصر ) اىل مسكن ( الزاكي ) لسرقته وذلك ىف سيارة ( ناصر )الذى‬
‫انتظرمها أ سفل العقار املراد سرقته ‪ .‬صعد (كمال) و ( مجال) اىل املسكن ‪ ،‬و قاما بفتح باب املسكن مبفتاح‬
‫مصطنع مث دخال اليه ‪ ،‬فتمكنا من االستيالء على بعض حمتويات املسكن والقاءها من الشرفة اىل ثالثهم ( ناصر‬
‫) ‪ ،‬مث خرجا من املسكن بعد اغالقه ‪ ،‬واثناء هرهبما فوجئا سحارس العقار الذى اعرتض طريقهما ‪ ،‬فوجه اىل‬
‫(كمال) ضربة قاتلة ‪ ،‬مث متكن ( مجال ) من الفرار بصحبة ( ناصر ) ‪ .‬قدم كل من ( مجال ) و ( ناصر ) و‬
‫‪16‬‬
‫حارس العقار اىل احملاكمة ‪ .‬فما هى املسئولية اجلنائية لكل منهما ؟ مع التعليل ‪ .‬مع العلم بأن ( كمال ) قد‬
‫توىف ‪.‬‬
‫ماذا لو استحضرنا الفرضية التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬أثناء هروب كمال ومجال فوجئا سحارس العمارة يعرتض سبيلهما فوجها إليه ضربة قاتلة أدت إىل قتله فما‬
‫هي العقوبة اليت جيب أن حيكم هبا كل من كمال ومجال‪.‬‬
‫* أوال ‪ :‬الوقائع ‪:‬‬
‫‪ -‬تتلخص هذه الوقائع يف االيت ‪:‬‬
‫‪ -1‬اتفاق كل من كمال ‪ ،‬مجال ‪ ،‬ناصر على سرقة مسكن ( زاكي)‪.‬‬
‫‪ -2‬صعود (كمال ‪ ،‬مجال) للمسكن و انتظار (ناصر) اسفل املسكن ‪.‬‬
‫‪ -3‬امتام السرقة و اعرتاض احلارس هلما و قتله ل ـ ( كمال) ‪.‬‬
‫‪ -4‬فرار ( مجال ‪ ،‬وناصر) باملسروقات بواسطة السيارة‬
‫ثانيا ‪:‬األسانيد القانونية‬
‫اوال‪ :‬المساهمة‬
‫مل يعرف املشرع املغريب املسامهة وإمنا تعرض للمساهم وذلك من خالل الفصل ‪ 128‬من القانون اجلنائي حي‬
‫يقول‪ ” :‬يعترب مسامها يف اجلرمية كل من ارتكب شخصيا عمال من أعمال التنفيذ املادي له‪".‬‬
‫ففي املسامهة يقوم كل واحد من اجلناة بتنفيذ بعض الوقائع املكونة للجرمية‪ .‬فاملسامهون يقومون بأعمال رئيسية‬
‫إلخراج املشاريع اإلجرامية إىل حيز الوجود‪ ،‬لذلك فهم فاعلون أصليون‪ .‬وهم يستعريون صفتهم اإلجرامية من‬
‫وقائع اجلرمية‪.‬‬
‫وكل مساهم يعترب فاعال أصليا للجرمية بدوره يعاقب مبدئيا بالعقوبة املقررة للجرمية كأنه هو الذي اقرتفها منفردا‪.‬‬
‫وبالرجوع اىل الفقه جنده يعترب بأن املسامهة تتحقق أيضا ‪:‬‬
‫‪ -‬يف كل حالة يثبت فيها وجود االتفاق والتصميم بني شخصني أو أكثر على امتام تنفيذ اجلرمية حىت ولو كان‬
‫النشاط الذي قام به أحدهم تنفيذا لالتفاق ال يدخل ‪ -‬سحسب التعريف القانوين" يف الركن املادي للجرمية ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬يف كل حالة يثبت فيها وجود اتفاق مصمم عليه بني عدة أشخاص على ارتكاب جرمية من اجلرائم ويتم‬
‫تنفيذ هذه االخرية بالفعل ولكن جيهل من قام منهم بالتنفيذ املادي هلا حي يعتربون كلهم مسامهني ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شروط تحقق الدفاع الشرعي‬

‫‪17‬‬
‫كي يكون هناك دفاع شرعي ال بد من توافر شروط لفعل االعتداء وشروط أخرى لفعل الدفاع‪.‬‬
‫أوال‪:‬شروط االعتداء‬
‫أن يكون فعل االعتداء غير مشروع‬
‫بالرجوع إىل الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 124‬ق‪.‬ج املتعلقة بالدفاع الشرعي‪ ,‬جند أن املشرع تكلم على خطورة‬
‫االعتداء الذي جيب على الدفاع أن يكون متناسبا معه‪ ,‬ويفهم من هذا أن الدفاع الشرعي ال جيوز إال إذا كان‬
‫فعل االعتداء غري مشروع‪ ,‬أي ال يعتمد على أمر من القانون أو على ترخيص منه ‪.‬أما إذا كان فعل االعتداء‬
‫مشروعا فال يصح استعمال الدفاع ضده مهما عرض اآلخرين للخطر‬
‫أن يكون الفعل اعتداء على النفس أو المال‪.‬‬
‫أجاز املشرع املغريب حق الدفاع الشرعي ضد كل اعتداء ينصب على النف أو املال‪ ,‬ويستوي يف ذلك أن يكون‬
‫االعتداء موجها إىل نف املدافع أو ماله أو إىل نف أو مال غريه‪ .‬وجعل هذا الدفاع الشرعي مطلقا يف مواجهة‬
‫اجلرائم‪ .‬ومفهوم النف هنا يشمل كل احلقوق ألالصقة بشخص اإلنسان فال يقصد بالعدوان على النف جملرد‬
‫االعتداء على احلياة‪ ,‬وإمنا ينصرف ذلك إىل جرائم القتل والضرب واجلرح واحلب بدون وجه حق وهتك العرض‬
‫والقذف‪ .‬وهكذا جيوز الدفاع لصد األخطار عن احلق يف احلياة واحلق يف سالمة اجلسم واحلق يف احلرية واحلق يف‬
‫صيانة العرض واحلق يف الشرف و االعتبار‪.‬‬
‫أما جانب االعتداء على األموال فإن املشرع املغريب أباح الدفاع الشرعي ضد االعتداء الذي يتهدد األموال‬
‫كجرائم السرقة و جرائم التخريب واإلتالف وجرائم احلرائق وغريها من اجلرائم املتعلقة األموال‬
‫‪-3‬أن يكون االعتداء خطرا حقيقيا‪.‬‬
‫جيب أن يكون خطرا حقيقيا يهدف مصاحل املعتدى عليه لكي يستعمل الدفاع الشرعي مبعىن أنه ال يعتدي‬
‫باخلطر الومهي الذي قد يتصوره اإلنسان فيظن أنه يف خطر يهدده ويتصرف على أساس خاطئ وبالتايل هنا‬
‫ال يكون يف حالة دفاع شرعي ‪.‬لذا فالقانون يستلزم قيام اخلطر كشرط لقيام الدفاع الشرعي وهذا اخلطر‬
‫وجب أن يكون حقيقيا ألن أسباب اإلباحة ذات طابع موضوعي وال بد من توافرها حىت تنتج آثارها ‪.‬فالقاعدة‬
‫العامة هنا هي أنه إذا توافرت شروط الدفاع الشرعي ومنها أن يهدد االعتداء خبطر حقيقي‪ .‬فإن فعل املعتدى‬
‫عليه يصبح مربرا ولو اعتقد خطأ بأنه لي يف حالة دفاع شرعي‪.‬وعلى العك من ذلك إذا مل تكن هذه‬
‫الشروط متوافرة إن فعل املعتدى عليه يظل غري مشروع ولو اعتقد خطأ بأنه يف حالة دفاع شرعي‬
‫‪-4‬أن يكون الخطر حاال‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إن قيام حالة الدفاع الشرعي تتطلب وجود خطر يف حال أي عدوان قد بدأ فعال أو مل يبدأ بعد ولكنه على‬
‫وشك الوقوع‪ .‬ومعىن هذا أنه ميكن للشخص أن يكون يف حالة دفاع جملرد حلول اخلطر أو خيشى منه حصول‬
‫االعتداء ويدخل يف هذا أيضا احلالة اليت يكون االعتداء فيها قد بدأ ولكنه مل ينته بعد ‪ .‬فالشخص املعتدى‬
‫عليه هنا له أن يتدخل ليمنع استمرار العدوان عليه ملا له من حق يف الدفاع الشرعي ‪ .‬لكون القانون جاء هبذا‬
‫احلق لدفع اخلطر ال لتوقيع العقوبة وال لالنتقام‪.‬وميكن اعتبار االعتداء منتهيا حينما تتحقق اجلرمية‪ ،‬وقت انتهاء‬
‫اجلرمية خيتلف باختالف اجلرائم وظروف ارتكاهبا‪ .‬أما يف حالة حدوث اخلطر مستقبال فهو خطر حمتمل ميكن‬
‫للشخص املهدد أن يلجأ إىل السلطات العامة لتحميه منه‬
‫ثانيا ‪:‬شروط فعل الدفاع ‪.‬‬
‫إن توافر شروط االعتداء وحدها ال تكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي وإمنا ال بد من توافر شروط أخرى يف‬
‫فعل الدفاع وهذه الشروط هي‬
‫أن يكون فعل الدفاع ضروريا والزما‬
‫يقصد هبذا الشرط أن عمل الدفاع الشرعي ال يقوم به الشخص إال إذا مل جيد سبيال آخر للدفاع عن نفسه‬
‫مبعىن أن ارتكاب اجلرمية كان هو الوسيلة لدفع اخلطر‪ .‬وإن كان هذا اخلطر يسمح بااللتجاء إىل السلطات العامة‬
‫دون أن تتعرض حقوق املعتدى عليه إىل الضرر فإن حالة الدفاع الشرعي ال جتوز وذلك لوجود وسيلة أخرى‬
‫تدفع اخلطر دون ارتكاب اجلرمية‪.‬‬
‫وجيب أن نشري أيضا إىل أنه لكي يكون الدفاع الزما ال بد أن يوجه إىل مصدر اخلطر‪ .‬فال حيق للمعتدي‬
‫عليه أن يرتك املعتدي يوجه دفاعه إىل أشخاص ليست هلم يد فيما وقع من اعتداء وإال سيسال جنائيا على فعله‬
‫تناسب فعل الدفاع مع فعل االعتداء‬ ‫‪-2‬‬
‫من خالل الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 124‬ق‪.‬ج جند أن املشرع املغريب استعمل عبارة" بشرط أن يكون الدفاع‬
‫متناسبا مع خطورة االعتداء " و عليه فإن القانون اشرتط التناسب حىت ال يقع إفراط يف استعمال حق الدفاع‬
‫الشرعي‪ .‬معىن هذا أن الدفاع الذي يهدف إىل منع االعتداء و ال يتعداه فإنه يعترب دفاعا مشروعا حىت ولو كان‬
‫ضرره أكثر من ضرر االعتداء‪ .‬ألن فكرة التناسب ال تقضي أن تكون هناك مساواة جمردة أو حسابية بني الضرر‬
‫الذي ينتج عن فعل االعتداء و الضرر الذي حيدثه فعل الدفاع‪ .‬بل التناسب أمر نسيب إذ العربة هنا أن يثبت‬
‫لدى املدافع أو أن الوسيلة اليت استعملها كانت هي أنسب الوسائل أو كانت هي الوسيلة الوحيدة لدفع اخلطر‪،‬‬
‫وبالتايل فإن الضرر الناتج عن هذا االستعمال هو القدر املناسب لرد االعتداء و على املستوى الواقع العملي فإن‬
‫التناسب ال ميكن حتقيقه بشكل مدقق‪ ،‬ذلك أن املدافع ال يكون مطالبا إال باستعمال حقه يف حدود ما يبعد‬
‫االعتداء عليه فإذا استطاع أن مينع اخلطر عنه بفعل أقل ضررا و أقل جسامة من فعل االعتداء فال جيوز له‬
‫‪19‬‬
‫اللجوء إىل ما حيقق ضررا أكرب‪ .‬كما أن التناسب ال يعين أن يكون فعل الدفاع أشد من فعل االعتداء‪ .‬فاملرأة‬
‫اليت تقتل دفاعا عن شرفها تعترب يف حالة دفاع مع أن القتل أخطر من االعتداء على الشرف و العرض‪ .‬مىت كان‬
‫القتل هو الوسيلة الوحيدة لدفع اخلطر احملدق هبا‬
‫وعليه فإن مسألة التناسب تتحدد حسب ظروف املعتدى عليه و الوسيلة اليت استعملها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة‪.‬‬
‫نص املشرع على سبب التشديد هذا يف الفقرة األخرية من ف‪ 392.‬ق‪.‬ج‪ .‬واليت تقضي بأنه ‪…" :‬إذا كان‬
‫الغرض منه –أي من القتل العمد –إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكاهبا أو إمتام تنفيذها أو تسهيل فرار‬
‫الفاعلني أو شركائهم أو ختليصهم من العقوبة" ‪.‬أن اجلاين ال يرتكب القتل لذاته وإمنا يرتكبه حتقيقا لغرض‬
‫إجرامي أخر كأن يقتل اجلاين اجملين عليه يف السرقة ليتمكن من الفرار باملسروقات أو يقضي على من يشاهده‬
‫يرتكب السرقة كي يتخلص من شاهد إثبات ضده‪ .‬وأساس التشديد يف هذه احلالة هو اعتبار املشرع أن اجلاين‬
‫الذي ال يقف إجرامه عند جناية القتل بل يرتكب إىل جوارها جرمية أخرى إمنا يدل على نفسية خطرة ينبغي أن‬
‫يهدد باإلعدام حىت يرتدع فإن مل يرتدع فال مفر التخلص منه كما ترجع علة التشديد إىل دناءة الغاية اليت من‬
‫أجلها ارتكب جناية القتل العمد ‪:‬إن القتل املرتبط جبناية أو جنحة أي املرتكب متهيدا هلا أو تسهيال لفرار أحد‬
‫املسامهني فيها أو احليلولة بينهم وبني العقاب ال يكون مقصودا لذاته وإمنا باعتباره وسيلة الرتكاب جرمية أو‬
‫اخلالص من عقوبتها ويف ذلك والشك استخفاف بأرواح العباد واستهتار بالقيم املختلفة اليت يتعرض هلا اجلاين‬
‫بفعله‪.‬‬
‫يستفاد من نص الفقرة األخرية من ف‪ 392:‬ق‪.‬ج أن ظرف ارتباط القتل العمد جبناية أو جنحة يتطلب أن‬
‫يكون موضوع القتل أو اهلدف منه حسب املشرع هو إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكاهبا أو إمتام تنفيذها‬
‫أو تسهيل فرار الفاعلني أو شركائهم أو ختليصهم من العقوبة وبعبارة أخرى يشرتط أن يكون القتل هو الوسيلة‬
‫لتحقيق أحد هذه األهداف ولي العك ‪.‬‬
‫التطبيق‪:‬‬
‫‪-‬بالرجوع إىل وقائع النازلة يتبني لنا أن هناك اتفاق مسبق بني األطراف الثالثة خالد وناصر على إمتام تنفيذ‬
‫جرمية السرقة حىت ولو أن النشاط الذي قام به ناصر ال يدخل سحسب التعريف القانوين يف الركن املادي جلرمية‬
‫السرقة سحي جند األشخاص الثالثة قد وزعوا األدوار بينهم بأن يقوما االثنني باختالس املال والثال يتواجد‬
‫حتت العقار املراد سرقته من أجل تسلم املنقوالت املسروقة وبالرغم من أن ناصر مل يقم باختالس مال الغري ومع‬
‫ذلك يعترب مسامها‪ .‬وبالتايل فاألشخاص الثالثة هم مسامهون يف جرمية السرقة ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫أما بالنسبة حلارس املنزل فيتبني لنا بأن خطر االعتداء مل يعد حاال بل وقع فعال وانتهى‪ .‬وبالتايل ال جمال‬
‫للدفاع أبدا ‪.‬بتعبري أخر فإن املعتديني يف النازلة قد اهنيا اعتداءمها متاما فال يكون هناك حمل للدفاع الشرعي من‬
‫طرف املعتدي عليه أال وهو حارس العقار النتفاء صفة احللول عن اخلطر وبالتايل فإن فعل الضرب الذي أدى‬
‫إىل ازهاق الروح سيحمله املسؤولية اجلنائية على اعتبار أنه يشكل جرمية مستقلة وبالتايل سيتابع حارس العقار‬
‫جبرمية الضرب املفضي إىل املوت دون نية احداثه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إذا افرتضنا أن كمال ومجال قاما بقتل حارس العقار من أجل تسهيل فرارمها من املنزل بعد سرقته فإن ما‬
‫قام به يعترب ظرف تشديد يف جرمية القتل العمد‪ ،‬ألهنما أراد من قتل احلارس تسهيل فرارهم باملنقوالت اليت قاما‬
‫بسرقتها‪ ،‬ألن اجلانيني مل يرتكبا القتل لذاته وإمنا ارتكباه حتقيقا لغرض إجرامي هو قتل اجملين عليه يف السرقة‬
‫ليتمكنا من الفرار باملسروقات طبقا للفقرة األخرية من الفصل ‪ 392‬من ق ج‪ .‬وبالتايل فإن اجلرمية تكيف‬
‫القتل العمد املقرتن بظرف تشديد أال وهي اقرتاهنا جبنحة السرقة وعقوبتها ستكون اإلعدام‪.‬‬
‫النازلة السابعة‬
‫قام السيد كمال القاطن بفاس بسرقة أمتعة كانت مملوكة لسيدة تقطن مبدينة مكناس‪ ،‬وخمافة أن يكتشف أمره‬
‫باع تلك األمتعة اىل صديقه السيد أمحد بثمن خب ‪ ،‬الذي كان على علم بأن تلك األشياء هي مسروقة ‪،‬و‬
‫بعد مرور سنة على اخفائها‪ ،‬قام أمحد بنقل تلك املسروقات اىل تاجر يقتين السلع املستعملة يف مدينة مكناس‪،‬‬
‫ولكن بينما هو يقوم بإنزال تلك املسروقات متكنت الضابطة القضائية بإلقاء القبض عليه ‪ ،‬ألن السيدة كانت‬
‫قد قدمت شكاية السرقة منذ سنة على وقوع اجلرمية‪.‬‬
‫األسئلة‪:‬‬
‫‪-‬هل ميكن تصور جرمية السرقة من خالل الوقائع التالية ؟‬
‫‪-‬إذا سلمت بتحقق جرمية أخرى ما هو وصفها وحدد أركاهنا؟‬
‫‪-‬ما أمهية استحضار عنصر العلم يف جرمية اخفاء أشياء مسروقة ؟‬
‫‪-‬ماهي القرائن اليت ميكن للمحكمة أن تستند عليها إلدانة امحد؟‬
‫‪-‬ماهي العقوبة اليت ميكن أن تطال أمحد مرتكب جرمية اخفاء أشياء مسروقة؟‬
‫حل القضية‬
‫تتلخص وقائع النازلة يف كون كمال قام يف احدى األيام ليال بتسلق جدار منزل سيدة و سرقة أمتعتها ‪ ،‬وخوفا‬
‫من ضبطه يف تلك الفرتة ‪ ،‬قام ببيعها لصديقه أمحد بثمن خب ‪ .‬وبعد مرور سنة عن واقعة السرقة ‪ ،‬قرر أمحد‬
‫بيع تلك املنقوالت وآنذاك مت ضبطه من طرف الضابطة القضائية ومت تقدميه إىل النيابة العامة اليت تابعته بتهمة‬
‫السرقة‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ - 1‬األسانيد القانونية‬
‫عمدا ماال مملوكا للغري يعٌد سارقا‪،‬‬ ‫إن جرمية السرقة طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 505‬من ق‪.‬ج هي‪ ":‬من اختل‬
‫مبقتضى هذا الفصل‪".‬يتضح بان عناصر السرقة هي ثالثة فعل مادي يقوم به اجلاين وهو االختالس ووقوع االختالس‬
‫على مال مملوك للغري (احملل الذي تقع عليه اجلرمية)‪،‬وكون اجلاين قصد اختالس املال اململوك للغري‪ .‬وهي هبذه العناصر‬
‫ختتلف عن جرمية اخفاء اشياء مسروقة اليت تصدى هلا املشرع اجلنائي يف الفرع السادس من الباب التاسع حتت عنوان‬
‫"يف اجلنايات و اجلنح املتعلقة باألموال"‪ ،‬و تناوهلا يف الفصول من ‪ 571‬إىل ‪ ،574‬و قد جاء يف الفصل ‪ " :571‬من‬
‫أخفى عن علم كل أو بعض األشياء املختلسة أو املبددة أو املتحصل عليها من جناية أو جنحة‪ ،‬يعاقب باحلب من‬
‫سنة إىل مخ سنوات و غرامة من مائتني إىل ألفي درهم مامل يكن الفعل مشاركة معاقبا عليها بعقوبة جناية طبقا‬
‫للفصل ‪ .129‬ومن هذا املنطلق يتضح لنا أنه لقيام هذه اجلرمية وجب توافر أركان منها الركن املادي و املعنوي كما‬
‫يتضح أيضا أن هذه اجلرمية و ارتباطا جبرمية السرقة فإهنا مستقلة عنها من حي طبيعتها ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الركن المادي‬
‫يتكون الركن املادي هلذه اجلرمية من عنصرين فعل اإلخفاء‪ ،‬مث موضوع اإلخفاء‪.‬‬
‫‪ "1‬اإلخفاء"‬
‫ال يقصد باإلخفاء هنا مفهومه اللغوي الذي يعين سرتا للشيء و أبعاده عن األنظار إمنا اإلخفاء يف‬
‫هذه اجلرمية يقصد به من تسلم شيئا أو حجزه أو احتازه و يكون متحصال من سرقة جناية ام جنحة ‪.‬‬
‫فاجلرمية ال تقع إال بعد دخول الشيء يف حيازة املتهم باإلخفاء ‪ .‬و عليه من يتوسط يف رد شيء مسروق‬
‫متحصل من جناية أو جنحة إىل مالكه مقابل جعل حالوة يتقاضاها من املالك ال يعد خمفيا مىت ثبت أن‬
‫الشيء مل يكن يف حيازته و كذلك من يتوسط يف بيع متاع مسروق دون أن يكون حائزا ال يعد خمفيا‪ .‬و‬
‫ال يشرتط أن يكون اجلاين حمرزا للشيء املسروق إحرازا ماديا سحثا‪ ،‬بل يكفي العتباره كذلك أن تتصل يده‬
‫به و أن يكون سلطانه مبسوط عليه و لو مل يكن يف حيازته الفعلية‪ .‬و يعد خمفيا من توصل إىل حيازة‬
‫الشيء بأية طريقة كانت سواء كان قد أخده عن طريق الشراء أو املعاوضة أو الوديعة أو اهلبة أو اإلجارة أو‬
‫غري ذلك فيعاقب‪.‬‬
‫كماال يتحقق اإلخفاء مبجرد وجود الشيء املسروق باحملل الذي يسكن فيه الشخص أو يعمل فيه مثل األشياء‬
‫املسروقة اليت يأيت هبا رفيق السكىن املشرتكة أو احد الزوجني إىل بيت الزوجية أو رب العمل أو الشريك إىل‬
‫حمل عمل املستخدم أو الشريكني‪.‬‬
‫فالرفيق يف السكىن املشرتكة و الزوج أو الزوجة و املستخدم و الشريك ال يعتربون خمفني لتلك األشياء ما‬
‫دامت مل توضع حتت حيازهتم و كل ما ميكن أن يتابعوا به هو عدم التبليغ إذا توفرت شروطه‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫وتقوم جرمية اإلخفاء سواء تلقى املخفي الشيء من مرتكب اجلناية أو اجلنحة نفسه أو من الغري أي كان و‬
‫لو كان حسن النية أي غري عامل أن الشيء متحصل من جناية أو جنحة‪.‬‬
‫كما أنه لي ضروريا لقيام اجلرمية احتفاظ املخفي بالشيء إىل حني إثارة املتابعة‪ .‬و إمنا يكفي أن تتحقق احليازة‬
‫و ال يهم بعد ذلك أن حيتفظ املخفي أو يستهلكه أو خيرجه من حيازته أي تصرف كان ولو بإرجاعه إىل‬
‫الضحية‪.‬‬
‫‪ "2‬أشياء متحصلة من جناية أو جنحة"‬
‫إن الفصل ‪ 571‬ق ج استعمل كلميت اإلخفاء و األشياء‪ ،‬فاإلخفاء يشمل املنقوالت دون العقارات ‪ ،‬كما‬
‫أن األشياء ال تشمل اإلنسان و بناء على ذلك فإن حمل اجلرمية يف اإلخفاء يتعني أن يكون منقوال ال‬
‫عقارا ‪ ،‬فال يعترب مرتكبا جلرمية اإلخفاء من يتلقى عقارا من شخص متلكه من جرمية تزوير مثال ‪.‬‬
‫إذن يشرتط أن يكون اإلخفاء واقعا على شيئا مسروقا أو متحصال من جناية أو جنحة أي كانت ‪ .‬و ال‬
‫يشرتط يف إخفاء املسروق أن يكون فعل اإلخفاء واقعا على الشيء املسروق بل يكفي أن يقع على شيء‬
‫قد جاء عن طريق السرقة ‪ ،‬فيعد خمفيا من يستويل على جزء من مثن املسروق مع علمه بسرقته ومن يساعد‬
‫السارق على بيع الشيء املسروق و يأخذ مقابل ذلك نصيبا من الثمن املتحصل ومن خيفي متاعا اشرتاه‬
‫السارق باملال املسروق‪.‬‬
‫و من الواضح أنه إذا مل يكن الشيء متحصال من جناية أو جنحة فال عقاب على حيازته حىت ولو حتصل‬
‫عن غلط من املسلم أو تدلي ‪ .‬ومن الواضح كذلك أنه ال عقاب على من حيوز شيئا حىت ولو اعتقد عن‬
‫غلط أنه متحصل من جناية أو جنحة و مل يكن األمر كذلك‪ .‬كما لو كان قد اشرتاه رخيصا على اعتبار أنه‬
‫مسروق و كان يف حقيقته ال يقوم بأكثر من الثمن الذي اشرتاه به‪ .‬كذلك إذا صدر عذر شامل بالنسبة‬
‫للجرمية األصلية أي السرقة فإنه أيضا ينصرف إىل األشياء املتحصلة منها حي تزال الصفة اإلجرامية عن‬
‫الفعل نفسه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القصد الجنائي‬
‫جرمية إخفاء األشياء املسروقة كغريها من اجلرائم يشرتط لقيامها توافرها على ركن ثال و هو الركن املعنوي‬
‫و املتمثل يف القصد اجلنائي أي انصراف إرادة اجلاين إىل ارتكاب اجلرمية مع العلم بأركاهنا كما يتطلبها‬
‫الفانون‪ .‬و توافر القصد العام يتطلب أن يعلم املخفي بأن ما خيفيه متحصل عن طريق السرقة أو جناية أو‬
‫جنحة و ال يلزم العلم بنوع اجلناية أو اجلنحة‪ ،‬و ال بأمساء فاعليها أو اجملين عليهم و ال مبكان وقوعها أو‬
‫تارخيها‪ ،‬و ال يلزم يف اإلخفاء أن يتوافر أي قصد خاص لدى املخفي مثل نية متلك الشيء أو نية اإلضرار‬

‫‪23‬‬
‫بصاحبه أو الغري‪ .‬و ال عربة بعد ذلك بالبواع أيا كانت فال يشرتط أن يكون املخفي قد ارتكب اجلرمية‬
‫للحصول على مغنم أو أن يثبت أنه استفاد فعال من وراء اإلخفاء‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلثبات في جريمة إخفاء األشياء المسروقة‬
‫إثبات علم املخفي مبصدر األشياء اليت خيفيها هو عادة موطن الصعوبة احلقيقية يف إثبات هذه اجلرمية‪ ،‬وهو أمر‬
‫موضوعي كثريا ما تتعذر إقامة الدليل عليه‪ ،‬على أنه قد تساعد على ذلك قرائن األحوال املختلفة‪.‬‬
‫وأكثر القرائن شيوعا يف هذا النطاق‪ ،‬هي قرينة مثن الشراء‪ ،‬فمن اجللي أنه إذا كان مثن السلعة املشرتاة يقل كثريا‬
‫عن مثن املشرتى كان ذلك أدل على علم املشرتي مبصدرها على أنه ينبغي الكثري من التحقق يف األخذ هبذه‬
‫القرينة فقد تتفاوت أمثان السلع ‪-‬ولو متاثلت‪ -‬تفاوتا كبريا طبقا حلالة السلعة ونوعها ووقت شرائها وظروف‬
‫البائع واملشرتي وحالة السوق بوجه عام‪.‬‬
‫وقد تساعد املالبسات األخرى للصفقة يف إثبات العلم‪ ،‬ومن ذلك وقت إبرامها ومكانه‪ ،‬وصفقة البائع من‬
‫ناحية كونه تاجرا أم ال‪ ،‬ومن ناحية صلته بالتعامل يف مصدر الشيء املبيع وكذلك مدى صلته باملشرتي‪ ،‬ويف‬
‫اجلملة يكون علم املستلم مبصدر الشيء املخفى أكثر وضوحا بقدر ضعف مربر كالثقة قيمن تلقى منه أو عنه‬
‫احليازة‪ ،‬وقد يكون عجز احلائز عن إثبات مصدر الشيء الذي حيرزه بطريقة مقبولة هلا قيمتها يف إثبات علمه‬
‫باجلرمية‪ ،‬و مثلها كيفية االحتفاظ بالشيء ومكان وضعه‪ ،‬وتصرف اجلاين وقت البح عنه‪ ،‬مثل تعمد اجلاين‬
‫نقله من مكان إىل مكان أخر عندما شعر بانكشاف أمره‪.‬‬
‫وإذا مل يثبت علم حائز الشيء مبصدره بطريقة قاطعة فال تقوم اجلرمية حىت ولو كانت ظروف احلصول عليه من‬
‫شأهنا أن توقظ الشك يف نفسه عن عدم مشروعية مصدره‪ ،‬وتوجب عليه التحري عن هذا املصدر‪.‬‬
‫‪ -2‬التطبيق‬
‫انطالقا من الوقائع اليت بني أيدينا يتبني لنا أن السيد أمحد اشرتى تلك البضائع من السيد كمال بثمن خب وهو‬
‫يعلم أهنا مسروقة يعين أن اإلخفاء واقعا على شيء مسروق أي متحصال من جنحة السرقة اليت قام هبا أمحد‪،‬‬
‫كما أن القصد اجلنائي متوفر يف هذه النازلة سواء تعلق األمر بالقصد العام ‪،‬ألنه يعلم أن تلك األشياء مسروقة‬
‫‪،‬أو القصد اخلاص الذي يتمثل يف حيازة تلك املنقوالت ملدة سنة وبيعها بعد ذلك ‪.‬‬
‫أعتقد بأن مجيع عناصر جرمية إخفاء أشياء مسروقة جمتمعة يف هذه الواقعة وبالتايل فتكييف اجلرمية على أهنا سرقة‬
‫غري صحيح ‪.‬‬
‫أما فرضية لو ادعى أمحد بأنه مل يكن على علم بأن تلك االشياء مسروقة وصرح بأن صديقه هو الذي باع له‬
‫تلك املنقوالت ولكن بثمن خب أقل من قيمة الثمن احلقيقي هلا ميكن للمحكمة أن تعتمد هذه القرينة وهذا‬
‫ما سارت عليه حمكمة النقض يف قرار صادر عنها بتاريخ ‪ 1985/4/11‬حتت عدد ‪ 3272‬يف امللف‬
‫‪24‬‬
‫اجلنحي عدد ‪ 8669‬حي اعتربت بأنه ميكن للمحكمة إبراز ثبوت عنصر العلم بأن األشياء املشرتاة مسروقة‬
‫من الثمن البخ الذي بيعت به والذي ال يتناسب مطلقا مع مثنها املعتاد‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعقوبة اليت ميكن أن تطال أمحد فإنه وفقا للفصل ‪ 572‬من ق ج الذي ينص على انه‪ ":‬يف احلالة‬
‫اليت تكون فيها العقوبة املطبقة على مرتكيب اجلرمية اليت حتصلت منها االشياء املبددة او املتحصل عنها هي‬
‫عقوبة جنائية فإن املخفي تطبق عليه نف العقوبة اذا ثبت أنه كان يعلم وقت االخفاء الظروف اليت استوجبت‬
‫تلك العقوبة حسب القانون ‪.‬‬
‫غري أن عقوبة االعدام تعوض بالنسبة للمخفي بعقوبة السجن املؤبد"‬
‫وبالتايل لو افرتضنا أن كمال أصدرت احملكمة يف حقه عقوبة سجنية قدرها ست سنوات فإن ذلك بناء على‬
‫تكييف اجلرمية جناية السرقة ومن مت فالعقوبة اليت ميكن أن تطال أمحد هي نف العقوبة أي ست سنوات‬
‫سجنا بشرط أن تثبت النيابة العامة أنه كان يعلم وقت اخفاء تلك املنقوالت أن ما قام به كمال من سرقة كان‬
‫ليال عرب تسلق جدار منزل الضحية‪.‬‬
‫النازلة الثامنة‬
‫ذهب علي إىل إدارة التجهيز والنقل لتجديد رخصة سيارته وتقابل مع املوظف املسمى أمحد الذي ادعى كذبا‬
‫أنه خمتص بتجديد الرخص وطلب منه مقابال ألداء هذه اخلدمة بسرعة ‪.‬وشك علي يف سلوك هذا املوظف وأبلغ‬
‫رئيسه الذي أحاله على النيابة العامة واهتمت املوظف أمحد بارتكاب جرمية الرشوة ‪ ،‬فدفع بأنه مل يتسلم من‬
‫علي أي مبلغ مايل وبأنه غري خمتص يف جتديد الرخص‪.‬‬
‫‪ -‬يف رأيك هل أصابت النيابة العامة يف تكييفها هلذه اجلرمية أم أخطأت؟‬
‫التحليل‪:‬‬
‫جرمية املرتشي من جرائم ذوي الصفة سحي ال ميكن ارتكاهبا قانونا إال من طرف طوائف من األشخاص أتى‬
‫على ذكرهم املشرع يف املادتني ‪ 248‬و ‪ 249‬من اجملموعة اجلنائية على سبيل احلصر دون غريهم من الذين ال‬
‫يتوفرون على تلك الصفة وال يكفي توافر هذه الصفة وحدها لقيام اجلرمية وإمنا ينبغي أن يكون الفاعل خمتصا‬
‫بالعمل أو االمتناع أو كان من املمكن أن تسهله له ‪.‬‬
‫المشاكل القانونية ‪:‬‬
‫‪-‬مدى اعتبار االختصاص بالعمل أو االمتناع الذي تلقى عنه املوظف رشوة شرطا أساسيا لقيام جرمية املرتشي‪.‬‬
‫‪ -‬هل يكفي طلب املوظف للمقابل من أجل أداء العمل‪ ،‬كافيا لقيام الركن املادي يف جرمية املرتشي؟‬
‫األسانيد القانونية‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫أوال‪ :‬االختصاص بالعمل أو االمتناع‪:‬‬
‫يقصد باختصاص املوظف بالعمل أو االمتناع الذي تلقى عنه رشوة صالحيته القيام هبذا العمل أو االمتناع‪.‬‬
‫وهذه الصالحية قد تكون واضحة ال يشوهبا لب أو غموض كما يف احلالة اليت يوجب فيها القانون على‬
‫املوظف القيام بعمل أو يف بعض احلاالت اليت يوجب فيها القانون على املوظف القيام بالعمل أو االمتناع عنه ‪.‬‬
‫إال أن املوظف أو من يف حكمه يعترب غري خمتص إذا حظر عليه القانون القيام بعمل معني ‪.‬‬
‫وعلى العموم فإن معرفة ما إذا كان املوظف خمتصا بالعمل أو االمتناع عنه مرده إىل القانون إما بكيفية مباشرة‬
‫وواضحة ‪،‬كأن حيدد القانون حصرا املختص بإجراء معني أو بكيفية غري مباشرة كأن يعقد االختصاص إىل إدارة‬
‫معينة من ادارات الدولة اليت تتوىل بدورها توزيع العمل سحسب ختصصات املوظفني وتكوينهم فيكون واحلالة هذه‬
‫كل موظف يأخذ مقابال عن القيام بعمله أو االمتناع عنه يف احلدود املكلف هبا مرتشيا‪ .‬ومع ذلك وجب‬
‫اإلشارة اىل أن املشرع املغريب أعطى مدلوال خاصا لالختصاص يف امليدان اجلنائي‪ ،‬فوسع منه ملا اعترب يف املادة‬
‫‪ 248‬ق ج أن املوظف يعد مرتشيا ولو كان العمل أو االمتناع الذي أخذ عنه مقابال ال يدخل يف اختصاصه‬
‫فعال إال أن وظيفته سهلته أو كان من املمكن أن تسهله ‪.‬‬
‫التطبيق‪:‬‬
‫بالرجوع إىل وقائع النازلة يتضح لنا أن املسمى أمحد املوظف بإدارة التجهيز سيتابع جبرمية الرشوة بالرغم من أنه‬
‫لي خمتصا يف جتديد رخص السياقة‪ ،‬بل ادعائه بذلك سيمكن النيابة العامة مبتابعته والسيما أنه يعمل بنف‬
‫املصلحة‪ ،‬كما أن عالقاته كإداري بقسم الرخص من شأهنا أن تؤثر على من يرجع هلم الرتخيص مباشرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الطلب كصورة من صور الركن المادي في جريمة المرتشي‬
‫مبا أن جرمية املرتشي والراشي من جرائم اخلطر فال يلزم لقيام ركنها املادي توافر العناصر املتطلبة لقيام الركن‬
‫املادي يف جرائم النتيجة وإمنا يكفي لذلك اتيان الفاعل ألي نشاط من شأنه أن يلوث مسعة وشرف الوظيفة‬
‫العمومية ومن بني األنشطة اليت يتحقق هبا الركن املادي يف هذه اجلرمية قد تعرض هلا الفصالن ‪ 248‬و ‪249‬‬
‫من القانون اجلنائي ومن بينها ‪:‬‬
‫‪ -‬الطلب‪ :‬هو تعبري عن إرادة منفردة من طرف املوظف للحصول على نظري أداء العمل الوظي ٌفي فجرميٌة الرشوة‬
‫يف هذه الصور تقوم مبجرد حصول على نظريٌ أداء العمل الوظي ٌفي ً‪.‬‬
‫لقياٌم جرميٌة الرشوة البد أن ي ٌقع هناك طلب من جانب املوظف مقابل اخلضوع أو االمتناع عنه و لو يف حالة‬
‫رفض صاحب احلاجة االستجابة لطلبه‪ .‬والعلة من اعتبار هذا الطلب كافيا لقيام اجلرمية هي أن املوظف عرض‬
‫عمله الوظيفي لإلجتار‪ .‬كما أن املشرع مل ي ٌفرق بني عرض االجتار واالجتار الفعلي‪ .‬كما ال ي ٌهم أن يٌرد الطلب‬
‫على منفعة معروفة أو ينصرف أي جمرد الوعد هبا ولو مل حيٌصل عليها املوظف‬
‫‪26‬‬
‫والطلب هبذا الشكل اعٌترب أدىن مراحل ارتكاب جرميٌة الرشوة‪ ،‬ألنه بعد تلبية الطلب قد ي ٌقتنع املرتشي بعرض‬
‫اشي ‪.‬‬‫الر ً‬
‫وبالرجوع اىل وقائع النازلة يتبني لنا بأن طلب أمحد مقايل مادي لعلي من أجل جتديد رخصة سياقته يعترب ركنا‬
‫ماديا يف جرمية الرشوة بالرغم من أن علي مل يستجب لطلبه أي مل تتحقق النتيجة بل يكفي اتيان املوظف‬
‫لنشاط من شأنه أن يلوث مسعة وظيفته ‪.‬ومن مت فالنيابة العامة كانت صائبة عندما كيفت اجلرمية جرمية رشوة‬
‫وفقا للتعليل السابق ‪.‬‬
‫النازلة التاسعة‬
‫قامت أم مبشاركة زوجها بقتل ثالثة من أبنائها ‪،‬األول مازال جنينا يف بطنها ‪ ،‬والثاين يبلغ من العمر ‪ 18‬شهرا‬
‫والثال بلغ سنه ‪ 18‬سنة ‪ ،‬توافر لدى األم وحدها ظرف سبق اإلصرار طبقا للفصل ‪ 393‬ق ج الذي ينص‬
‫على أن ‪":‬القتل العمد مع سبق االصرار أو الرتصد يعاقب عليه باإلعدام وظرف خمفض للعقوبة طبقا للفصل‬
‫‪ 397‬من ق ج الذي ينص على أن ‪ ":‬األم سواء كانت فاعلة او مشاركة يف قتل وليدها تعاقب بالسجن من‬
‫‪ 5‬سنوات اىل ‪ 10‬وال يطبق هذا النص على مشاركيها وال على املسامهني معها‪".‬‬
‫السؤال‪ :‬كيف ستتابع كل من األم وزوجها يف كل حالة من احلاالت الثالث؟ وماهي العقوبة اليت ستتخذ يف‬
‫حقها‪.‬‬
‫التحليل‪:‬‬
‫تتلخص وقائع النازلة يف كون أم قامت مبشاركة زوجها يف قتل ثالثة من أبنائها األول مازال جنينا والثاين يبلغ من‬
‫العمر ‪ 18‬شهرا والثال يبلغ من العمر سن ‪ 18‬سنة ‪.‬‬
‫‪-‬االشكاليات المرتبطة بالنازلة‬
‫املسؤولية اجلنائية لألم؟‬
‫املسؤولية اجلنائية للزوج ؟‬
‫ماذا عن تعدد اجلرائم املرتكبة؟‬
‫ماذا عن اجتماع ظرف التشديد مع ظرف التخفيف؟‬
‫األسانيد القانونية‬
‫إن النازلة تضعنا أمام ثالثة أنواع من اجلرائم ارتكبتها األم وزوجها دفعة واحدة هي‪:‬‬
‫جرمية اإلجهاض‪ -‬جرمية قتل األم لوليدها‪ -‬جرمية القتل العمد مع سبق اإلصرار‪.‬‬
‫‪ -‬جرمية اإلجهاض‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫إن جترمي واقعة اإلجهاض متفق عليه مبدئيا يف أغلب القوانني اجلنائية يف العامل‪ ،‬وهذا ما أشار إليه الفصل‬
‫‪ 449‬حني قال‪ " :‬من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أهنا كذلك‪ ،‬برضاها أو بدونه سواء كان‬
‫ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقري أو حتايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى"‪ .‬أي مجيع األشخاص الذين‬
‫يقومون بإجهاض امرأة ‪ -‬مبا فيهم املرأة نفسها – باستعمال أي وسيلة كانت فهم معاقبون‪ .‬والفصل ‪453‬‬
‫حيدد كما سبقت اإلشارة إىل ذلك احلالة اخلاصة اليت استثناها املشرع من العقاب‪ .‬من خالل الفصلني السابقني‬
‫نكتشف عناصر اجلرمية اليت سندرجها يف الفقرات التالية‪-1 :‬الركن املادي‪ – 2 ،‬القصد اجلنائي‪ – 3 ،‬انتفاء‬
‫اخلطر على األم بغياب ضرورة احملافظة على صحتها‪.‬‬
‫وقبل احلدي عن العنصر املادي ال بد من اإلشارة إىل ضرورة وجود احلمل أوال سواء كان ناجتا عن عالقة‬
‫شرعية أو غري شرعية‪ ،‬سواء حصل برضى الضحية أو غصبا عنها‪.‬‬
‫‪ .1‬الركن المادي‪:‬‬
‫يتكون الركن املادي جلرمية اإلجهاض من عناصر ثالثة ‪ :‬فعل اإلسقاط‪ ،‬قيام العالقة السببية‪ ،‬مث حتقق النتيجة‪.‬‬
‫ففعل اإلسقاط هو كل فعل يأتيه الفاعل قصد إجهاض املرأة احلامل‪ ،‬بأي وسيلة كانت‪ ،‬فاملشرع املغريب حدد يف‬
‫الفصل ‪ 449‬وسائل اإلجهاض للتمثيل ال احلصر ودليل ذلك أنه قال‪ " :‬أو أية وسيلة أخرى"‪ ،‬وبالتايل فيمكن‬
‫أن يكون بتناول مواد كيماوية أو نباتية أو حىت بواسطة التأثري النفسي‪ ،‬وميكن أن يكون مبمارسة األلعاب‬
‫الرياضة بعنف أو عمليات معينة كالتدليك‪ ....‬املهم أن يكون بقصد إسقاط اجلنني وجيب أن يرتتب عن‬
‫استعمال هذه الوسيلة إهناء للحمل قبل أوانه‪ ،‬وذلك خبروج اجلنني من الرحم قبل الوقت الطبيعي للوالدة‪ ،‬سواء‬
‫كان حيا قابال للحياة أو ميتا بعد خروجه‪ .‬وال يشرتط أن يكون الفعل اإلجرامي املفضي إىل اإلجهاض صادرا‬
‫من غري املرأة احلامل‪ ،‬فقد يكون صادرا منها أيضا إذا أرادت إجهاض نفسها‪ ،‬ولو حىت أرادت أن جيهضها‬
‫الغري‪ ،‬فإن هذا الرضى ال عربة له يف قيام اجلرمية‪ ،‬وإن كان املشرع قد خفف العقوبة على املرأة احلامل إذا هي‬
‫أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو قبلت أن جيهضها غريها أو رضيت باستعمال ما أرشدت إليه أو ما‬
‫أعطي هلا هلذا الغرض فمجرد إتيان الفعل املادي تقوم اجلرمية التامة إذ هي حتققت النتيجة‪ ،‬أما إذا مل تتحقق‬
‫فإننا نكون أمام حماولة معاقب عليها بصريح القانون ‪ -‬الفصل ‪ 449‬ق ج ‪.‬ويف األخري ال بد أن تثبت العالقة‬
‫السببية بني الوسيلة املستخدمة لإلجهاض وبني إسقاط احلمل‬
‫‪ .2‬الركن المعنوي (القصد الجنائي)‪:‬‬
‫تندرج جرمية اإلجهاض ضمن اجلرائم العمدية‪ ،‬لذا استوجبت التشريعات اجلنائية لتحققها توفر القصد اجلنائي‬
‫فيها‪ ،‬مبعىن أن يعلم الفاعل أن فعله يرد على امرأة حامل وأن فعله من شأنه إحداث اإلجهاض‪ ،‬وأن يتوقع‬
‫النتيجة اإلجرامية لذلك (خروج اجلنني من الرحم قبل األوان الطبيعي)‪ .‬وبعبارة أخرى أن تنصرف إرادته إىل فعل‬
‫‪28‬‬
‫اإلسقاط وإىل إحداث اإلجهاض وهو عامل علم اليقني أن هذا النشاط خمالف للقانون اجلنائي ومعاقب على‬
‫فعله ‪ ،‬ومع ذلك يتدخل للقضاء على اجلنني سواء كانت املرأة حامال بالفعل أو كان يظن ذلك وعلة ذلك أن‬
‫التحرمي مل يكن فقط محاية للجنني بل أيضا ضمانا للسالمة اجلسدية للمرأة‬
‫جيب أن تتجه إرادة الفاعل إىل تنفيذ فعل اإلسقاط وإىل حتقيق النتيجة املرتتبة على ذلك وهي إهناء احلمل قبل‬
‫األوان‪.‬‬
‫عقوبة جريمة اإلجهاض‪:‬‬
‫نص املشرع املغريب يف تتمة الفقرة األوىل من الفصل ‪ 449‬على عقوبة جرمية اإلجهاض‪ ،‬وجعلها من سنة سجنا‬
‫إىل مخ سنوات وغرامة من مائتني إىل مخسمائة درهم(]‪ ،)[59‬يعاقب هبا جمموعة من األشخاص عددهم‬
‫املشرع يف الفصل ‪ 451‬حني قال‪ " :‬األطباء واجلراحون ومالحظو الصحة وأطباء األسنان والقابالت واملولدات‬
‫والصيادلة وكذلك طلبة الطب أوطب األسنان أو الصيدلة وعمال الصيدليات والعشابون واملضمدون وبائعو‬
‫األدوات اجلراحية واملمرضون واملدلكون واملعاجلون بالتسبب والقابالت العرفية‪ ،‬الذين يرشدون إىل وسائل حتدث‬
‫اإلجهاض أو ينصحون باستعماهلا أو يباشروهنا‪ ،‬يعاقبون بالعقوبات املقررة يف أحد الفصلني ‪ 449‬و‪ 450‬على‬
‫حسب األحوال "‪ ،‬مث أردف قائال يف نف الفصل‪ " :‬وحيكم على مرتكب اجلرمية‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬باحلرمان‬
‫من مزاولة املهنة‪ ،‬املقرر يف الفصل ‪ 87‬ق ج‪.‬‬
‫‪-‬ومبقتضى الفقرة األوىل من الفصل ‪ 455‬عاقب املشرع باحلب من شهرين إىل سنتني وغرامة من مائتني إىل‬
‫آلفي درهم‪ ،‬أو بإحدى هاتني العقوبتني فقط كل من حرض على اإلجهاض ولومل يؤد هذا التحريض إىل نتيجة‬
‫ما‪ .‬وهذه العقوبة واجبة كيفما كانت طريقة التحريض‪ ،‬وبغض النظر عن النتيجة اليت أدت إليها‪ ،‬أي سواء وقع‬
‫اإلجهاض أم ال‪.‬‬
‫‪ -‬ظروف التخفيف‬
‫لقد أشار القانون اجلنائي يف الفصل ‪ 454‬ق ج إىل احلالة اليت تكون فيها العقوبة خمففة وهي اليت ختص املرأة‬
‫احلامل نفسها‪ ،‬حي جعل هلا العقوبة من ستة أشهر إىل سنتني (عوض من سنة إىل مخ سنوات)‪ ،‬إذا‬
‫صدرت منها املوافقة على أن جيهضها الغري أو أجهضت نفسها عمدا باستعمال أية وسيلة من الوسائل اليت‬
‫تؤدي إىل إسقاط اجلنني‪ ،‬أو حاولت ذلك ‪ ،‬وكذا إذا رضيت باستعمال ما أرشدت إليه أو ما أعطي هلا هلذا‬
‫الغرض‪ .‬كما تكون العقوبة خمففة يف حالة التحريض‪ ،‬حي يعاقب احملرض شهرين إىل سنتني وغرامة من مائتني‬
‫إىل آلفي درهم‪ ،‬أو بإحدى هاتني العقوبتني فقط كل من حرض على اإلجهاض ولومل يؤد هذا التحريض إىل‬
‫نتيجة ما‪ .‬وجتري نف العقوبات على كل من باع أدوية أو مواد أو أجهزة أو أشياء‪ ،‬كيفما كان نوعها أو‬
‫عرضها للبيع أو عمل على بيعها أو وزعها أو عمل على توزيعها بأية طريقة كانت مع علمه أهنا معدة‬
‫‪29‬‬
‫لإلجهاض حىت ولو كانت هذه األدوية أو املواد أو األجهزة أو األشياء املقرتحة كوسائل فعالة لإلجهاض غري‬
‫قادرة عمليا على حتقيقه‪ ،‬أما إذا حتقق اإلجهاض فتطبق عليهم العقوبات املنصوص عليها يف الفصل ‪449‬‬
‫واليت قد تتحول إىل ظرف تشديد يف حاليت وفاة اجملهضة أويف حالة االعتياد‪ .‬وتبعا لذلك فالفصل ‪ 455‬قد‬
‫توسع يف مفهوم التحريض ومل حيدد له وسائل معينة بل جعله يتحقق بأية وسيلة‪.‬‬
‫التطبيق‬
‫ارتباطا بوقائع النازلة يتبني أن األم مل تقم جبرمية القتل العمد يف حق اجلنني بل التكييف القانوين ملا قامت به يف‬
‫حق اجلنني يطلق عليه جرمية اإلجهاض سواء قامت به بنفسها أو عن طريق الغري‪ .‬ومن خالل النازلة يتبني أن‬
‫زوجها شريك هلا يف اجلرمية وبالتايل فأركان اجلرمية متوفرة وستتابع الزوجة وفقا ملقتضيات الفصل ‪ 454‬ق ج‬
‫‪،‬أي ستستفيد من ظرف التخفيف يف حني الزوج سيتابع باملشاركة يف جرمية اإلجهاض وفقا ملقتضيات الفصل‬
‫‪ 449‬ق ج وسيعاقب باحلب من سنة إىل مخسة سنوات وغرامة من مائتني اىل مخسمائة درهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬جرمية قتل األم لوليدها‬
‫تقضي املادة ‪ 397‬ق‪.‬ج يف فقرهتا الثانية بأن ‪ .… " :‬إال أن األم سواء كانت فاعله أصلية أو مشاركة يف قتل‬
‫وليدها تعاقب بالسجن من مخ سنوات إىل عشر وال يطبق هذا النص على مشاركيها وال على املسامهني‬
‫معها‪".‬‬
‫شروط قيام هذا العذر‬
‫املشرع املغريب خفف العقوبة على األم فقط يف حالة قتلها لطفلها الوليد دون غريها كاجلدة أو األب … اخل ‪،‬‬
‫ومن مث وجب أن تقوم عالقة األمومة الطبيعية بني الطفل والوليد والقاتلة وهذه العالقة وحدها تكفي للتخفيف‬
‫وال حاجة إال اشرتاط أن يكون الوليد نتيجة عالقة زوجية شرعية ‪ ،‬وإن كان هذا نادرا احلدوث على املستوى‬
‫الواقعي إذا أن عاطفة األم أقوي من أن تقدم على فعل مشني كهذا‬
‫لكن ما هي الفرتة اليت يعترب فيها القتيل "وليدا"‬
‫مل حتدد املادة ‪ 397‬الوقت الذي تبتد فيه مرحلة الوليد والوقت الذي تنتهي فيه‪.‬‬
‫فبالنسبة لوقت ابتدائها فالرأي السائد يف الفقه يقول بانتهاء مرحلة " اجلنني" الذي حتميه النصوص املتعلقة‬
‫باإلجهاض ببدء عوارض املخاض واستعداد اجلنني لالنفصال عن جسم أمه‪ ،‬وبناء على ذلك فإن نص املادة‬
‫‪ 397‬يطبق على األم إذا قتلت الوليد بعد أن أحسست بعوارض املخاض ولو مل يغادر رمحها بعد‪.‬‬
‫أما بالنسبة لوقت انتهاء مرحلة " الوليد "فإن املشرع مل حيددها أيضا وترك األمر الجتهاد احملكمة فاملقصود‬
‫بالوليد إذن الطفل احلدي الوالدة الذي مل ميضي زمن طويل على والدته حي إذا مر زمن طويل فإن األم تفقد‬
‫التمتع بالعذر املخفف ألن الوليد بعد أن ميارس احلياة املستقلة عن جسم األم فإنه يصبح طفال‬
‫‪30‬‬
‫وعلى العموم فإن مثل هذا التحديد – حتديد الفرتة اليت متتد فيها مرحلة الوليد ينطوي على أمهية بالغة اعتبار‬
‫الدقة وخطورة النتائج املرتتبة عن ذلك ‪ ،‬ذلك أن العذر املخفف يف حال قتل األم لوليدها أو تطبيق الظرف‬
‫املشدد بالنسبة لقتل " الطفل " حي تطبق عقوبة اإلعدام يف هذه احلالة (م ‪ 410‬ق ‪.‬ج)‬
‫ويعترب عذر التخفيف املنصوص عليه يف ( م ‪ 397‬ق ج) هو عذر خاص باألم وبالتايل فهو عذر شخصي ال‬
‫تستفيد منه إال األم دون باقي املسامهني أو املشاركني معها يف قتل الوليد (م ‪.)130‬‬
‫بالرجوع إىل وقائع النازلة يتبني لنا بأن األم قامت عمدا بقتل وليدها الذي يبلغ ‪ 18‬شهر وبالتايل فجرمية القتل‬
‫العمد قائمة يف حقها ولكن مادام أن حمل جرمية القتل العمد هو وليد وأن الذي قام بالقتل أمه فإن املشرع‬
‫املغريب خوهلا االستفادة من عذر خمفف للعقوبة وفقا ملقتضيات الفقرة الثانية من الفصل‪ 397‬ق ج‪.‬‬
‫أما الزوج الشريك يف اجلرمية ‪،‬فإنه لن يستفيد من هذا العذر وفقا ملا نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل ‪397‬‬
‫ق ج وستطبق عليه عقوبة الفاعل األصلي يف جرمية القتل العمد املنصوص عليه يف الفصل ‪ 392‬ق ج‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬جريمة القتل العمد مع سبق االصرار‬
‫بالرجوع اىل املادة ‪ 392‬جندها تنص على أن‪ " :‬كل من تسبب عمدا يف قتل غريه يعد قاتال ويعاقب بالسجن‬
‫املؤبد …" يستفاد مما تقدم بأن للقتل العمد ركنني ومها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الركن املادي‪ :‬وقد عرب عنه املشرع ب " التسبب يف قتل شخص للغري " وهذا الركن يف احلقيقة ال خيتص‬
‫جبرمية القتل العمد وحدها وإمنا يتطلب توافره يف مجيع صور القتل عمدا كانت أم نتيجة خطأ فقط‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الركن املعنوي‪ :‬ومفاده أن يكون إتيان الركن املادي – أي التسبب يف قتل الغري – جاء عن قصد ونية‬
‫إجرامية‬
‫جريمة القتل العمد مع سبق االصرار‪:‬‬
‫شدد املشرع عقوبة القتل العمد إذا كان مرفوقا بظرف سبق اإلصرارم‪ 393‬ق‪.‬ج) وعرف هذا األخري يف املادة‬
‫‪ 394‬ق‪.‬ج فقال ‪ ":‬سبق اإلصرار هو العزم املصمم عليه قبل وقوع اجلرمية على االعتداء على شخص معني أو‬
‫على أي شخص قد يوجد أو يصادف حىت ولو كان هذا العزم معلق على ظرف أو شر ط‬
‫ومن خالل التعريف السابق يظهر الفرق اجللي بني القتل العمد البسيط وبني القتل العمل املقرتن بسبق اإلصرار‬
‫‪ ،‬هو أن القاتل العمد يرتكب جرمية فور تقريره ارتكاهبا كان يكون يف ساعة غيظ فيثور من خرب مؤمل أو من‬
‫تصرف يؤذيه فيهاجم ضحيته ويقتله أما القتل مع اإلصرار فإن القاتل يفكر وأعصابه هادئة ويستقر رأيه بعد‬
‫تردد أو بدوم تردد ويزن النتائج ويتخذ قراره بالقتل ويبدأ بإعداد العدة له مث ينفذه فعال فاألول ضعيف اإلرادة‬
‫مندفع أما الثاين فذو عزمية ال تلني وإجرام متأصل من نفسه‪ ،‬ولذلك كان خطره أشد على اجملتمع فعاقبه املشرع‬
‫باإلعدام ليتلخص منه هنائيا ويرد على إصراره بعقوبة جرميته‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫وبالرجوع اىل النازلة فإن ما قامت به األم يف حق ابنها الذي يبلغ من العمر ‪ 18‬سنة تعترب جرمية قتل عمد مع‬
‫سبق اإلصرار وبالتايل فإهنا ستتابع وفقا ملقتضيات الفصل ‪393‬ق ج‪ ،‬ألن هناك ظرف مشدد أال وهو سبق‬
‫اإلصرار مقرتن جبرمية القتل العمد وبالتايل ستكون عقوبتها االعدام‪.‬‬
‫أما بالنسبة للزوج فإنه ستطبق يف حقه عقوبة السجن املؤبد‪ ،‬ألنه شريك يف هذه اجلرمية وسبق االصرار هو ظرف‬
‫شخصي وهو يسري فقط على الزوجة‪.‬‬
‫خالصة القول‪ :‬أن األم ستتابع جبرمية االجهاض وجبرمية قتل األم لوليدها وجبرمية القتل العمد مع سبق االصرار‪.‬‬
‫وأن الزوج سيتابع باملشاركة يف جرمية االجهاض ويف جرمية قتل الوليد ويف جرمية القتل العمد‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تعدد الجرائم‬
‫نكون بصدد تعدد اجلرائم يف حالة ارتكاب شخص جرائم متعددة يف ان واحد أو يف أوقات متوالية دون أن‬
‫يفصل بينهما حكم قابل للطعن وفقا ملقتضيات الفصل ‪ 119‬ق ج‬
‫كما أنه وفقا ملقتضيات الفصل ‪ 120‬الفقرة الثانية إذا صدر بشأهنا عدة أحكام سالبة للحرية بسبب تعدد‬
‫املتابعات فان العقوبة األشد هي اليت تنفذ‪.‬‬
‫وبالرجوع إىل وقائع النازلة يتبني لنا بأن األم ستتابع بثالثة جرائم والعقوبة األشد يف مثل هذه اجلرائم هي عقوبة‬
‫جرمية القتل العمد مع سبق اإلصرار‪ .‬وبالرغم من استفادة األم من عذر التخفيف يف جرمية اإلجهاض ويف‬
‫جرمية قتل األم لوليدها‪ ،‬إال أنه باملقابل جند ظرف التشديد يف جرمية القتل العمد املتمثل يف سبق االصرار‪ .‬يف‬
‫هذه احلالة ماذا سرياعي القاضي يف حتديد العقوبة ؟ انطالقا من الفصل ‪ 161‬ق ج الذي ينص على أنه‪ ":‬يف‬
‫حالة اجتماع أسباب التخفيف وأسباب التشديد يراعي القاضي يف حتديد العقوبة مفعول كل منها "على الرتتيب‬
‫االيت‪:‬‬
‫الظروف املشددة العينية املتعلقة بارتكاب اجلرمية‬
‫الظروف املشددة الشخصية املتعلقة بشخص اجملرم‬
‫األعذار القانونية املتعلقة بارتكاب اجلرمية واملخفضة للعقوبة‬
‫األعذار القانونية املتعلقة بشخص اجملرم واملخفضة للعقوبة‬
‫‪ -‬حالة العود‬
‫‪ -‬الظروف القضائية املخففة‬
‫وبالتايل فاألم ستطبق يف حقها العقوبة األشد ‪،‬ألن ظرف التشديد سيطبق باألولوية‪.‬‬
‫النازلة العاشرة ‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫بلغ إىل السيد مصطفى أن زوجته تربط عالقة غري شرعية مع شريكها املسمى عالل الذي يرتدد على منزله‬
‫مباشرة بعد خروجه إىل العمل‪ .‬ويف أحد األيام غادر املنزل خمربا زوجته بأنه سيتوجه إىل العمل ‪،‬غري أنه بقي‬
‫جبانب املنزل حي التحق به صديقه خالد وظال يراقبان الوافدين على املنزل وعلى الساعة ‪ 10‬حضر املسمى‬
‫عالل ودخل املنزل وانتظر الزوج نصف ساعة بعد ذلك مث دخل منزله ليجد زوجته يف حالة تلب باخليانة‬
‫الزوجية ويف تلك األثناء أخرج صديقه خالد سكينا كان سحوزته ومكن الزوج منه وأمره بأن يصفي الزوجة اليت‬
‫دنست شرفه‪ ،‬فقام الزوج بتوجيه عدة ضربات بالسكني للزوجة حي أصيبت جبروح عدة على مستوى يدها‬
‫اليسرى وصدرها ‪،‬يف حني متكن شريكها من الفرار ونقلت الزوجة إىل املستشفى حي تلقت عالجا ملدة أسبوع‬
‫لتفارق احلياة بعد ذلك نتيجة جروحها ‪.‬وإثر ذلك قدم السيد مصطفى وخالد للمحاكمة‪.‬‬
‫ماهي اجلرمية اليت سيتابع هبا كل من مصطفى وخالد؟‬
‫األسانيد القانونية‪:‬‬
‫حنن بصدد جرمية القتل الذي يرتكبه أحد األزواج ضد الزوج االخر أو شريكه يف حالة مفاجأهتما متلبسني‬
‫باخليانة الزوجية‪.‬‬
‫قرر املشرع هذا العذر يف الفصل ‪ 418‬ق ج الذي جاء فيه يتوفر عذر خمفض للعقوبة يف جرائم القتل أو اجلرح‬
‫أو الضرب اذا ارتكبها أحد الزوجني ضد الزوج االخر وشريكه عند مفاجأهتما متلبسني جبرمية اخليانة الزوجية‪.‬‬
‫"أما أثر هذا العذر يف ختفيض العقوبة فقد تعرض له املشرع يف الفقرة األوىل من الفصل ‪ 423‬ق ج ومبقتضاها‬
‫يستبدل القاضي لزوما يف حالة ثبوت هذا العذر العقوبة سواء كانت اعداما أو سجنا مؤبدا باحلب من سنة اىل‬
‫‪ 5‬سنوات‪.‬‬
‫شروط قيام هذا العذر‪:‬‬
‫لكي يتمتع القاتل عموما بعذر التخفيف يف هذه احلالة يلزم ‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون القاتل زوجا للزوج املقتول املضبوط وهو يزين مع اخر‪ :‬فاملشرع قرر العذر ألحد األزواج عندما يقتل‬
‫الزوج االخر الذي تربطه به عالقة الزوجية اليت تستلزم أن يكون الزواج ما يزال قائما غري منفصل بطالق بائن‬
‫وواضح من خالل الفصل ‪ 418‬ق ج ‪.‬‬
‫‪-‬إن هذا العذر ال يستفيد منه غري الزوج القاتل للزوج وال يستفيد منه الغري كأب الزوجة أو أمها ‪.‬‬
‫‪-‬مفاجأة الزوج لألخر وهو متلب باجلرمية‪ :‬حي يضبط أحد األزواج الزوج االخر وشريكه وهو يقرتفان اجلرم‬
‫أو على اثر اقرتافها مما يتولد لديه حالة استفزاز عنيفة ال يستطيع كبحها‬

‫‪33‬‬
‫‪-‬والتلب ال يكفي لتوافر عذر التخفيف‪ ،‬بل يلزم زيادة على ذلك أن يكون الزوج اجملين عليه قد فاجأته اجلرمية‬
‫املرتكبة من طرف الزوج االخر‪ ،‬أما إن كان يعلم بأنه خيونه أو أنه مبوافقته فال يتوافر هذا العذر يف حقه إن هو‬
‫قتله يف هذه الظروف‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن العذر الذي يستفيد منه الزوج يف حالة قتله للزوج االخر ملفاجأته اياه متلبسا باجلرمية يتحقق‬
‫حىت ولو قام لديه ظرف سبق اإلصرار أو الرتصد وهذا ما سار عليه القضاء الذي قال‪ ":‬بتوافر عذر التخفيف‬
‫يف جانب الزوج الذي ساوره الشك يف اخالص زوجته فاختفى يف املنزل ليتقصى احلقيقة اىل أن حضر عشيق‬
‫الزوجة وعزم على ارتكاب الفاحشة معها فخرج إليه الزوج من خمبئه وقتله ‪.‬‬
‫‪ -3‬ارتكاب جرمية القتل يف حق الزوج املرتكب للفعل أو شريكه أو مها معا أثناء املفاجأة‪ :‬وهذا شرط بديهي‪،‬‬
‫ألن الزوج املخدوع يف هذه احلالة يكون فاقدا للسيطرة على نفسه ويرتكب اجلرمية يف حق االخر نتيجة االستفزاز‬
‫الذي تولد لديه وقد اشرتط املشرع هذا الشرط لكي يعطي للعذر أساسه القانوين والواقعي وبناء عليه لو أن‬
‫الزوج اسرتد كامل هدوئه‪ ،‬فإنه حيرم من التمتع بأي عذر للتخفيف القانوين املنصوص عليه يف الفصل ‪ 418‬ق‬
‫ج إذا هو عمد بعد ذلك لقتل الزوج ‪،‬ألن كل ما يلزمه إذ ذاك تقدمي شكوى للنيابة العامة بقصد متابعته هو‬
‫وشريكه بالطرق القانونية عن اخليانة الزوجية ‪.‬‬
‫التطبيق‪:‬‬
‫بالرجوع إىل وقائع النازلة اليت بني أيدينا يتبني لنا بأن مجيع الشروط املتطلبة الستفادة املتهم مصطفى من العذر‬
‫املخفض للعقوبة يف جرمية القتل اليت ارتكبها يف حق زوجته قائمة فهو زوج للضحية إذ الزالت تربطها معه عالقة‬
‫الزوجية ‪ ،‬كما أن عنصر التلب قائما يف جرمية اخليانة الزوجية ‪،‬وبالرغم من أنه يتوفر لديه ظرف التشديد أال‬
‫وهو سبق اإلصرار والرتصد حي أومهها بأنه سيذهب إىل العمل ولكنه ظل خارج املنزل مرتبصا ليتقصى‬
‫احلقيقة إىل أن حضر عشيق زوجته عالل آنذاك‪ ،‬فاقتحم املنزل هو وصديقه وهذا ما سار عليه القضاء املصري "‬
‫نقض مصري احملاماة السنة ‪ 6‬رقم ‪ 296‬ص ‪"491‬‬
‫أما بالنسبة لصديقة خالد فإنه سيتابع باملشاركة يف جرمية القتل العمد ولن يستفيد من عذر التخفيف من‬
‫العقوبة‪ ،‬ألنه عذر شخصي وال يستفيد منه إال الزوج أو الزوجة املرتكب جلرمية القتل العمد‪.‬‬
‫النازلة الحادية عشرة‬
‫دعيت السيدة أمال إىل حضور حفل زفاف ومبا أهنا ال متلك جموهرات اضطرت إىل استعارة سوارين من الذهب‬
‫من إبنة خالتها عايدة ‪ ،‬بعد عودة امال يف اليوم املوايل من احلفل قامت بإرجاع سوار واحد فقط اىل ابنة خالتها‬
‫اليت طالبتها بالسوار اآلخر حينها ادعت أنه ضاع منها يف احلفل ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫قامت عايدة برفع شكوى ضد امال طالبة اسرتجاع السوار وأثناء التحقيق يف القضية اعرتفت امال بأهنا قامت‬
‫ببيع السوار لتسديد ديوهنا من مثنه‬
‫التطبيق‬
‫‪-1‬ماهي اجلرمية املرتكبة يف قضية احلال مع التعليل؟‬
‫‪ -2‬أثناء جلسة احملاكمة دفعت السيدة امال بوجود عذر معف من العقاب يتمثل يف درجة القرابة بينها وبني‬
‫السيدة عايدة‪ .‬فهل تعفى السيدة امال من العقاب على هذا األساس؟‬
‫‪ -3‬فرضا أن السيدة عايدة قامت بسحب الشكوى أثناء جلسة احملاكمة فهل تعفى امال من العقوبة ؟ وعلى‬
‫أي أساس؟‬
‫األسانيد القانونية‪:‬‬
‫جرمية خيانة األمانة‬
‫تنص املادة ‪ 547‬من القانون اجلنائي على أن "من اختل أو بدد بسوء نية أضرار باملالك أو أوراق من أي نوع‬
‫تتضمن أو تنشئ التزاما أو إبراء كانت سلمت إليه على أن يردها ‪ ،‬أو سلمت إليه الستعماهلا أو استخدامها‬
‫لغرض معني‪ ،‬يعد خائنا لألمانة ويعاقب باحلب من ستة إىل ثالث سنوات وغرامة من مائة وعشرين إىل ألفي‬
‫درهم‪.‬‬
‫وإذا كان الضرر الناتج عن اجلرمية قليل القيمة‪ ،‬كانت عقوبة احلب من شهر إىل سنتني والغرامة املشددة املقررة‬
‫يف الفصلني ‪ 549‬و ‪ 550‬من ق ج‪.‬‬
‫يتبني من خالل دراسة هذا الفصل أن املشرع جعل من خيانة األمانة جنحة خاصة مساها وميزها عن جنحة‬
‫السرقة لكون الشيء يسلمه الضحية إىل الفاعل برضاه واضعا ثقته فيه نتيجة عالقة ما من العالقات مث يتضح‬
‫هلذا الضحية أن ثقته وضعت يف غري حملها‪.‬‬
‫كما ميزها عن جنحة النصب من حي كون خائن األمانة مل يستعمل وسائل احتيالية كي يتسلم الشيء الذي‬
‫اختلسه أو بدده‪.‬‬
‫العناصر التكوينية لخيانة األمانة‬
‫تنحصر العناصر املكونة جلنحة خيانة األمانة يف ستة عناصر وهي كما يلي‪:‬‬
‫االختالس والتبديد ‪ )2‬االختالس بسوء نية ‪ )3‬االختالس أضرارا باملالك أو احلائز أو واضع اليد ‪ )4‬طبيعة‬
‫الشيء املختل ‪ )5‬تسليم األشياء بصفة مؤقتة ‪ )6‬تسليم الشيء مبقتضى عقد حدده القانون‬
‫العنصر األول‪ :‬االختالس أو التجديد‬

‫‪35‬‬
‫تتطلب هذه اجلنحة أحد اثنني إما اختالسا أو تبديدا‪ ،‬إال أن إشكاال يثور ألول وهلة حول كلمة اختالس اليت‬
‫اعتمدها املشرع يف معرض تعريفه للسرقة يف الفصل ‪ 505‬من القانون اجلنائي هذه الكلمة اليت صاغها املشرع‬
‫يف الفصل ‪ 547‬وهو يعرف جنحة خيانة األمانة‪.‬‬
‫فكيف يتابع بارتكابه شخص بارتكابه خيانة األمانة باالختالس ؟ أو العك ؟‬
‫االختالس يتجلى يف عمل متلك لي من السهولة معاينته وتعترب هذه املعاينة من الصعوبات القانونية ممكنة‬
‫االكتشاف ألن احلائز أو واضع اليد‪ ،‬غري صفة وضع أو حيازته للشيء اليت كانت قبل ذلك متلك الشيء‬
‫استقباال مع عدم وجود أي وجود مادي يساعد على ترمجة إدارة مرتكب هذا الفعل وهكذا فإنه ينبغي‬
‫للمحكمة أثناء مناقشتها لبح عنصر االختالس أن تقدر حسب ظروف النازعة وتبح عن الظروف اليت‬
‫ميكن أن تساعدها على استجالء نية متلك الشخص للشيء والتحلل من االلتزام برده‬
‫وقد ال تكلف احملكمة نفسها عناء التنقيب على وجود عمل استنكاف الفاعل على الرد إذا مارس املتضرر أجراء‬
‫مسطريا مدنيا صرفا وهو اإلنذار االستجوايب الذي حيصل فيه طالبه على موقف خصمه يف رفض إرجاع الشيء‬
‫إىل صاحبه‪ ،‬أو غري ذلك من الوسائل اليت تثبت عمل الرفض مثل الربيد العادي أو حىت مشافهة يف حدود‬
‫خاصة مع التنبيه إىل أن اإلنذار االستجوايب املذكور ليست له صفة التقديري ال املكون للجرمية‪.‬‬
‫هذا وجتدر املالحظة إىل أن التبديد اجلزئي للشيء املؤمتن عليه ال يعفي األمني من العقاب‪.‬‬
‫كما أن جمرد اإلمهال والتأخري يف رد الشيء املؤمتن عليه ال يشكل جنحة خيانة األمانة‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق باالختالس أما التبديد فهو كل عمل من أعمال التصرف اليت يهدف هبا صاحبها إىل إحلاق‬
‫ضرر ما بصاحب الشيء كما لو أتلف الفاعل الشيء أو بدده بالبيع أو العطاء أو الرهن أو عرضه ألخطار ما‬
‫كامن ليتعرض هلا‬
‫ويتحقق تغيري احليازة يف مثل هذه احلاالت بعمل ظاهر‪ ،‬مادي أو قضائي حي تسهل معاينته‪.‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬االختالس أو التبديد بسوء نية‬
‫إن جنحة خيانة األمانة تفرتض لدى فاعلها النية اإلجرامية واستنادا إىل ذلك فإنه لي من الضروري أن يتملك‬
‫الفاعل الشيء‪ ،‬أو جيين من وراء هذا االختالس أو التبديد‪ ،‬فائدة شخصية بل مبجرد ما يعلم أنه جيوز الشيء‬
‫بصفة مؤقتة وأن استحالة الرد متوافرة أو على األقل عرض الشيء للخطر يكون معرضا للسؤال (وبالتايل للعقاب‬
‫أما إذا حدث االتالف نتيجة حلدث فجائي من الصعب عليه تالفيه أو بفعل قوة قاهرة كاحلريق أو السرقة أو‬
‫الضياع) فعندما تنعدم النية اإلجرامية وال نكون أمام جنحة خيانة األمانة‬
‫وعندما تثبت األركان والعناصر املكونة جلنحة خيانة األمانة ال يلتف ملالءة الفاعل أو عسره أو عوزه وسواء أندر‬
‫بالرد أم ال‬
‫‪36‬‬
‫وال يؤثر سحب املشتكي على متابعة النيابة العامة إال يف إطار اإلعفاء من العقوبة وقيود املتابعة املنصوص عليها‬
‫يف الفصل ‪ 548‬ق‪.‬ج‪.‬‬
‫العنصر الثال ‪ :‬احلاق االختالس أضرارا باملالك أو احلائز أو واضع اليد‬
‫جيب أن ينتج من هذا االختالس أو التبديد ضرر يلحق أما مالك الشيء أو حائزه أو واضع اليد عليه وال‬
‫يشرتط أن يكون هذا الضرر حمققا بل يكفي أن يكون احتماليا‬
‫وتتحقق جنحة خيانة األمانة مبجرد أن يتوقع الفاعل بأن عمله سينجم عنه ضرر من هذه اللحظة تعترب اجلنحة‬
‫قائمة‪ ،‬ال ينفيها الرد أو األداء أو إصالح الضرر‬
‫العنصر الرابع ‪ :‬طبيعة الشيء المختلس‬
‫ال تتصور خيانة األمانة إال يف ميدان املنقوالت بصريح الفصل ‪ 547‬من القانون اجلنائي أما العقار فال تتصور‬
‫فيها ‪،‬ألن املكرتي الذي سيبقى شاغال احملل املكري له بعد انتهاء عقد الكراء ال يعترب مرتبكا جلنحة خيانة‬
‫األمانة‪.‬‬
‫ويستفاد من كلميت (سندات وبضائع) أن املشرع يعين كل املنقوالت اليت ميكن أن تدخل يف مالءة الشخص كما‬
‫يستفاد من أوراق كتابات تتضمن التزاما أو أبراء كل ما يعتربه الضحية ذا قيمة يقدره بالنقد من قيم منقولة أو‬
‫أوراق بنكية وأوراق جتارية أو غريها ‪ -‬مواكبة لإلطالق املنصوص عليه يف الفصل املشار إليه‬
‫وأما اختالس جمرد رسالة عادية ال ينتج عنه أي ضرر مادي فإذا مل تكن الرسالة تتضمن التزاما أو أبراء فال تنتج‬
‫عنه خيانة األمانة وكذلك الشأن بالنسبة لتبديد السجالت أو الصكوك أو السندات احملفوظة يف مضابطها أو‬
‫كتابات الضبط أو غريها الفصول ‪ 273‬إىل ‪ 277‬من ق ج ‪.‬‬
‫العنصر الخامس ‪:‬تسليم األشياء بصفة مؤقتة‬
‫من العناصر األساسية اليت تتطلبها خيانة األمانة تسليم الشيء إىل الفاعل الذي يفرتض فيه أن يأيت فعل‬
‫اختالس أو تبديد الشيء أضرارا بواضع اليد أو احلائز أو املالك فمكرتي الضيعة الذي يبيع الت ن أو خيتلسه ال‬
‫يعترب مرتكبا جلنحة خيانة األمانة النعدام التسليم بصفة مؤقتة (نقض فرنسي ‪ )1843/8/17‬ومن الطبيعي أن‬
‫الوارث أو املوصى له قد حل حمل خلفه املتسلم للشيء وبالتايل يعترب قد سلم هو نقسه الشيء وال يعتد بالدفع‬
‫القائل بأن املختل مل يتسلم بنفسه الشيء بل يكفي أن يتسلمه بصفة مؤقتة من أجل استعمال غري مقيد‬
‫وكذلك الشأن بالنسبة لوصي الذي خيتل املواد املوصى هبا للقاصر‪.‬‬
‫وجيب أن حيمل للتسليم على حيازة مؤقتة ال على نية التملك كما ينبغي أن يتم على شرط الرد أو يقدم مرة‬
‫ثانية أي إظهار ثانية أو يستعمل لغاية معينة أو غري معينة‪ ،‬وال يهم أن يقوم الغري مقام املالك بنقل الشيء إىل‬
‫الفاعل أو نقله مباشرة من طرف املالك‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫القصد الجنائي‬
‫خيانة االمانة من اجلرائم العمدية‪ ،‬ألن املشرع عاقب على اتيان ركنها املادي بسوء نية والقصد اجلنائي يتحقق‬
‫فيه‪:‬‬
‫أوال‪ :‬علم املبدد أو املختل بأن حيازته للمنقول الذي بني يديه حيازة ناقصة وبأن ملكيته عائدة للغري سحي ال‬
‫جيوز له واحلالة هذه ممارسة أي عمل مادي أو قانوين عليه بدون رضاء صاحبه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اجتاه االرادة إىل تنفيذ الواقعة االجرامية اليت هي تبديد أو اختالس منقول عائد للغري ‪.‬‬
‫التطبيق‪:‬‬
‫انطالقا من وقائع النازلة يتبني لنا بأن اجلرمية اليت ستتابع به السيدة امال هي جرمية خيانة األمانة ‪ ،‬ألن مجيع‬
‫عناصرها قائمة حي قامت بفعل التبديد اجلزئي للمنقول عندما قامت بإتالف السوار الذي سلمته هلا‬
‫السيدة عايدة الستعماله مؤقتا يف حفلة الزفاف حي إن حيازة السيدة امال لالسور هي حيازة ناقصة‪.‬‬
‫‪-‬أما خبصوص الدفع الذي تقدمت به السيدة امال أال وهو وجود عذر معف من العقوبة يتمثل يف الدرجة‬
‫الرابعة ‪،‬فانه ال وجود ألساس قانوين له حي جاء يف الفصل ‪ 548‬ق ج بأن‪ :‬اإلعفاء من العقوبة وقيود املتابعة‬
‫اجلنائية املقررة يف الفصول ‪ 534‬اىل ‪ 536‬ق ج تسري على جرمية خيانة االمانة املعاقب عليها بالفصل ‪547‬‬
‫ق ج" وبناء على النص السابق ‪:‬‬
‫‪-‬فإن اجلاين إذا كان زوجا أو أصال ملالك املنقول املختل أو املبدد فإنه يعفى من العقاب مع التزاماته‬
‫بالتعويضات املدنية فصل ‪ 534‬ق ج‪ .‬ومن مت فإن امال لن تستفيد من عذر معف من العقوبة‪.‬‬
‫‪ -‬أما يف حالة أن السيدة عايدة قامت بسحب الشكوى أثناء جلسة احملاكمة فهل تعفى امال من العقوبة ؟‬
‫وعلى أي أساس؟‬
‫‪-‬بالرجوع إىل مقتضيات الفصل ‪ 535‬ق ج إذا كان املنقول املختل أو املبدد مملوكا ألحد أصول اجلاين أو‬
‫أقاربه أو أصهاره إىل الدرجة الرابعة فال جيوز متابعته إال بناء على شكاية من اجملين عليه ‪،‬كما أن سحب‬
‫الشكاية يضع حدا للمتابعة ‪،‬ومن مت فإن عالقة القرابة اليت تربط بني امال وعايدة ابنة خالتها تدخل يف إطار‬
‫القرابة من الدرجة الرابعة ‪،‬وبالتايل فإن املتابعة تكون بناء على شكاية‪ ،‬ألن اجلرمية بسيطة وغري مرفقة بأي ظرف‬
‫من ظروف التشديد املنصوص عليها يف الفصلني ‪ 549‬و ‪ 550‬ق ج ‪.‬وعليه يف حالة ما إذا تنازلت عايدة عن‬
‫الشكاية فإن امال لن تعاقب‪.‬‬
‫النازلة الثانية عشر‪:‬‬
‫الوقائع‬

‫‪38‬‬
‫كريستينا عاملة منزل من أسرة فقرية مستواها التعليمي إعدادي قدمت اىل املغرب من خالل مكتب خالد‬
‫الستقدام واستخدام العامالت وقامت بتوقيع عقد عمل براتب (‪ 1500‬درهم شهريا) ‪ ،‬وعملت لدى منزل‬
‫أمحد ‪ ،‬لدى وصوهلا املنزل تبني بأن عبارة عن فيال مساحتها ( ‪500‬مرت مربع) سحديقة مساحتها ( ‪ 200‬مرت)‪،‬‬
‫فصارت تقوم جبميع اعمال املنزل لساعات طويلة تصل اىل ‪ 15‬ساعة يف اليوم ‪ ،‬من دون ان تتمكن من‬
‫إمتامها‪ ،‬فبقيت على هذا احلال ملدة ‪ 5‬سنوات‪ ،‬وكانت صاحبة املنزل واليت تدعى فاطمة تطلب منها باإلضافة‬
‫اىل االشغال املنزلية تقليم اظافر رجليها وعمل تدليك شبه يومي هلا‪.‬‬
‫ويف احدى االيام هربت كريستينا من املنزل نظرا لظروف العمل القاسية واصبحت جتول يف الطرقات ‪ ،‬وعند‬
‫مسريها صادفت احد االشخاص الذي ارشدها اىل احد مكاتب حقوق االنسان وبناء على ذلك قام املكتب‬
‫مبساعدهتا وتوجيهها اىل تقدمي شكاية يف املوضوع حي صرحت باإلضافة اىل ما سبق اىل ان جواز سفرها‬
‫حمجوز لدى صاحبة املنزل واهنا مل تتقاضى أي راتب مند جميئها اىل بلدك واهنا مرهقة من ساعات العمل‬
‫الطويلة‪ ،‬حكت كذلك اىل تعرضها للضرب وانه كان يتم ارساهلا اىل منزلني جماورين ‪،‬مرتني يف االسبوع يعودان‬
‫اىل شقيقات صاحبة املنزل‪ ،‬لكنها مل تتقاضى أي اجر‪ ،‬وكانت تتصل بأهلها مرة يف الشهر يف اول سنة قدمت‬
‫فيها اىل بلدك وبعدها منعتها صاحبة املنزل من االتصال بأهلها‪ ،‬كما صرحت كذلك باهنا طلبت من صاحبة‬
‫املنزل بإعادهتا اىل بلدها اال اهنا كانت ترفض‪،‬‬
‫لإلشارة فأثناء إدالء كريستينا بشهادهتا فقد كان واضحا انفعال العاملة ووجود اثار كدمات على وجهها ‪.‬‬
‫‪ -‬يف أي سياق جترميي ميكن تصنيف األفعال املتضمنة يف النازلة ؟‬
‫‪ -‬ما هي املسئولية اجلنائية اليت من املمكن ان يتابع هبا مكتب خالد الستقدام واستخدام العامالت؟ وماهي‬
‫العقوبة املرتتب بناء على هذه املسئولية ؟‬
‫‪ -‬ما هو التكيف القانوين للفعل الذي ميكن متابعة فاطمة بناء عليه؟‬
‫‪ -‬وما هي األفعال اليت ارتكبتها للضغط على الضحية كريستينا ؟‬
‫‪ -‬وما هي الوسائل اليت استخدمت للضغط على ارادة الضحية كريستينا من اجل تنفيد ما يطلب منها؟‬
‫‪ -‬بني الغرض أو صورة االستغالل يف هذه النازلة؟‬
‫‪ -‬ماهي العقوبة اليت ميكن ان تقع على السيدة فاطمة؟‬
‫‪-‬إذا كانت كريستينا تبلغ من العمر ‪ 17‬سنة فماهي العقوبة اليت ميكن متابعة فاطمة بناء عليها‬
‫التطبيق‬
‫األسانيد القانونية ‪:‬‬
‫أوال ‪:‬أركان جريمة االتجار بالبشر‬
‫‪39‬‬
‫جاء القانون ‪ 27.14‬املتعلق مبكافحة االجتار بالبشر املتمم ألحكام الباب السابع من اجلزء األول من الكتاب‬
‫الثال من جمموعة القانون اجلنائي‪ ،‬متضمنا للمواد من ‪ 448-1‬إىل ‪ 448-14‬اليت تبني قواعد التجرمي‬
‫والعقاب‪ ،‬وقد بني املشرع املغريب اجلرائم اليت تدخل ضمن جرمية االجتار بالبشر وحدد أركاهنا‬
‫‪ :-1‬الركن المادي‬
‫يقصد بالركن املادي للجرمية بأنه املظهر اخلارجي الذي تربز به اجلرمية إىل حيز الوجود‪ .‬ويقوم على ثالثة‬
‫عناصر وهي السلوك اجلرمي و النتيجة اإلجرامية و العالقة السببية بينهما‪.‬‬
‫السلوك اإلجرامي‬
‫‪ -‬صور السلوك اإلجرامي في جريمة االتجار بالبشر‬
‫أورد املشرع املغريب يف الفصل ‪1 -448‬صور السلوك اإلجرامي كاأليت‪:‬‬
‫أ‪ -‬فعل التجنيد‪ :‬يقصد هبذا األخري تطويع األشخاص واستخدامهم كسلعة قابلة للتداول باملخالفة للقوانني و‬
‫األعراف الدولية‪ ،‬بغرض االستغالل وجين األرباح أيا كانت الوسائل املستخدمة مشروعة أو غري مشروعة‪،‬‬
‫بصرف النظر عن ارتكاهبا داخل الدولة أوخارجها‪ ،‬وذلك عنوة‪.‬‬
‫ب‪ -‬فعل االستدراج‪ :‬يفهم من فعل االستدراج على انه ينطوي على استعمال وسائل اإلغواء أو التغرير أو‬
‫الضغط الستخدامها يف أعمال أو غايات غري مشروعة‪ ،‬مما جيعل الضحية تتبع اجلاين دون احلاجة إال إكراه أو‬
‫حتريض‪.‬‬

‫ت‪-‬فعل النقل‪ :‬يراد مبفهوم النقل يف مدلول القانون رقم ‪ 27.14‬نقل األشخاص من مكان إىل أخر داخل‬
‫احلدود الوطنية وعربها‪ ،‬ويتحقق فعل النقل عندما يتم بوسائل و أساليب غري مشروعة‪ .‬وخاصة عند نقل‬
‫األطفال عرب احلدود‪ .‬وينطوي فعل النقل على رضا الضحية ورضا من له سلطة عليه‪ ،‬حي إذا اقرتن باجلرب مسي‬
‫ترحيال‪ ،‬و يتخذ نقل الضحايا منطني أساسيني مها‪ :‬النقل املكاين‪ ،‬والنقل املهين‪.‬‬
‫ث‪ -‬فعل التنقيل‪ :‬يعين مفهوم التنقيل حتويل امللكية إىل شخص آخر‪ ،‬باستخدام أساليب اجلرب والقوة‪،‬‬
‫فاألصل يف اإلنسان أنه بطبيعته ال ميكن االستئثار به أو متلكه أو استغالله أو بيعه لكونه خارج عن دائرة‬
‫التعامل ومباشرة احلقوق العينية عليه‪ ،‬واليت تكون لصيقة فقط باحلق الشخصي‪ ،‬وهذا األخري ال يرد على‬
‫اإلنسان‪ ،‬وبالتايل ال يصلح أن يكون حمال للحقوق املالية وبيعه أو االنتفاع به أو استغالله‪.‬‬
‫ج‪ -‬إيواء األشخاص‪ :‬وهو يعين تدبري مكان أو مالذ آمن لإلقامة اجملين عليهم سواء داخل الدولة‪ ،‬أو يف‬
‫مت توفري بعض مقومات احلياة األساسية هلم من مأكل‬ ‫دولة املقصد اليت مت نقل اجملين عليهم إليها‪ ،‬حي‬
‫ومشرب متهيدا الستغالهلم كمرحلة أخرية‪..‬‬

‫‪40‬‬
‫ح‪ -‬استقبال األشخاص‪ :‬ويقصد باالستقبال يف معرض تطبيق هذا القانون استالم األشخاص الذين مت‬
‫نقلهم أو تنقيلهم داخل احلدود الوطنية أو عربها‪ ،‬فاجلاين يلتقي اجملين عليه عند وصوله من نقطة انطالقه‪ ،‬وقد‬
‫يتتبع ذلك القيام بنقله من مكان استقراره أو بتوفري اإليواء له‪.‬‬
‫خ‪ -‬الوساطة أو الوسيط‪ :‬ويقصد هبا األشخاص واجلماعات اإلجرامية املنظمة وغري املنظمة‪ ،‬واليت تعمل‬
‫البلد أو يف البالد‬ ‫على تسهيل عملية النقل والوساطة ما بني الضحايا واجلماعات األخرى‪ ،‬سواء ذلك يف نف‬
‫األخرى مقابل مبالغ مالية يتقاضوها على أعماهلم هذه‪.‬‬
‫وبالتايل نستنتج من خالل ما سبق أن القانون رقم ‪ 27.14‬قد سعى إىل توسيع دائرة التجرمي بإيراده للعديد‬
‫من الصور اليت تشكل النشاط اإلجرامي يف جرمية االجتار بالبشر‪ ،‬وحسن ما فعل ألن االجتار بالبشر هي جرمية‬
‫مركبة تتكون من عدة أفعال جرمية خمتلفة‪ ،‬وليست جرمية واحدة‪ ،‬ويكفي لتحقق اجلرمية إتيان اجلاين ألحد‬
‫األفعال املنصوص عليها يف املادة ‪448. -1‬‬
‫‪ -2‬وسائل ارتكاب جريمة االتجار بالبشر‬
‫بعد أن عدد املشرع املغريب أفعال االجتار بالبشر اشرتط أن تتم هذه األفعال بوسائل معينة سحي لو مت الفعل‬
‫بغريها ألصبح الفعل غري جمرم وهذه الوسائل ذكرها املشرع على سبيل احلصر وهي‪:‬‬
‫أ – استعمال القوة والتهديد باستعمالها‪ :‬ويقع ذلك من خالل الضرب أو إحداث جروح أو تقيد حركة‬
‫اجملين عليه يدويا أو باستخدام قيود حديدية‪ ،‬وسواء كانت الوسيلة هي قوة اجلاين اليدوية أو باستخدامه لآلالت‬
‫أو أجهزة تؤثر على إرادة اجملين عليه وجتعله غري قادر على املقاومة‪.‬‬
‫ب‪ -‬االختطاف‪ :‬يقصد به يف إطار جرمية االجتار بالبشر‪ ،‬قيام اجلاين بنقل الشخص اجملىن عليه من املكان‬
‫املوجود فيه إىل مكان آخر‪ ،‬سواء كان النقل عرب حدودها الوطنية بقصد إخفائه عن مكان معيشته األصلي‪.‬‬
‫ت‪ -‬االحتيال أو الخداع‪ :‬احليلة أو اخلداع كوسيلة من الوسائل املستعملة يف جرائم االجتار باألشخاص هي‬
‫كل قول أو فعل يوهم اجملين عليه أو من له أي سلطة عليه لغري احلقيقة مما جيعله ينساق ويرضخ إلرادة اجلاين‪،‬‬
‫وبالتايل فإن احليلة واخلداع تقوم على الكذب املوهم واملقنع للمجين عليه‪ ،‬وهتدف إىل إقناع اجملين عليه بصحة ما‬
‫يقوله اجلاين من أجل السيطرة عليه متهيدا لتجنيده أو نقله أو إيوائه أو استقباله بقصد حتقيق الغاية وهي االجتار‬
‫به‬
‫ث – إساءة استعمال السلطة والوظيفة أو النفوذ‪ :‬إن تعبري إساءة استعمال السلطة جاء بشكل مطلق‪،‬‬
‫وبالتايل ميكن القول أن السلطة اليت ستعمل بشكل سيء من قبل اجلناة املتاجرين قد تكون سلطة أي شخص‬
‫تربط بينه وبني شخص أو أشخاص آخرين عالقة التبعية‪ ،‬فقد يستعمل األب سلطته على أو ضده أو على‬

‫‪41‬‬
‫زوجته وال يستعد قيامه باستغالل سلطته ألبويه لإلجتار بأوالده الصغار بسبب الفقر أو حىت سبب الطمع أو‬
‫اجلشع يف املال‪ ،‬أو قيامه لإلجتار بزوجته الستغالهلا يف الدعارة‪ ،‬كما أن السلطة املقصودة قد تكون سلطة‬
‫صاحب املنزل على خادمته فيقوم لإلجتار هبا الستغالهلا يف الدعارة بدال من األعمال املنزلية‪ ،‬وميكن أن ينطبق‬
‫ما ذكرناه على موظفي الدولة‪.‬‬
‫ج‪ -‬استغالل حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة‪ :‬يقصد بذلك استغالل حاجة وضعف اجملين عليه‪،‬‬
‫سواء كان هذا الضعف ضعفا جسديا أم عقليا أم اجتماعيا أم اقتصاديا‪ ،‬وغري ذلك من صور اليت تدفع اجملين‬
‫عليه لقبول استغالل اجلاين‪.‬‬
‫ح‪ -‬إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة على آخر بقصد االستغالل‪ :‬ويعين‬
‫ذلك قيام اجلاين بإعطاء مبلغ من املال لشخص‪ ،‬على أن يقوم هذا األخري بإقناع شخص ثال له سيطرة عليه‬
‫من أجل االجتار به واستغالله يف إحدى صور االستغالل الواردة يف نف املادة وهي ‪ ،448 -1‬أو على‬
‫العك من ذلك يتلقى اجلاين مبلغا من شخص للحصول على موافقة اجملين عليه واالجتار به‪ ،‬هذا إذا كان‬
‫موضوع اإلعطاء أو التلقي مبلغا من املال‪ ،‬كأن يقوم اجلاين بتسليم أحد الوالدين أو الوصي على الطفل مبلغا‬
‫من املال أو أي ميزة أخرى يف مقابل املوافقة على االجتار‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬النتيجة اإلجرامية‬
‫ويقصد هبا األثر املرتتب على السلوك اإلجرامي‪ ،‬والذي يتمثل بالتغيري الذي حيدث يف العامل اخلارجي‪ ،‬فجرمية‬
‫االجتار بالبشر من جرائم اليت تتخذ النتيجة اإلجرامية عدة أشكال وذلك تبعا للغرض الذي أراد اجلاين احلصول‬
‫عليه من خالل اجلرمية اليت ارتكبها‪ ،‬وتكمن هذه األشكال ” االستغالل اجلنسي‪ ،‬السيما استغالل دعارة الغري‬
‫واالستغالل عن طريق املواد اإلباحية يف ذلك وسائل االتصال والتواصل املعلومايت‪ ،‬ويشمل أيضا االستغالل عن‬
‫طريق العمل القسري أو السخرة أو التسول أو االسرتقاق أو املمارسات الشبيهة بالرق أو نزع األعضاء أو نزع‬
‫األنسجة البشرية أو بيعها‪ ،‬أو االستغالل عن طريق إجراء التجارب واألسحاث الطبيعية على األحياء‪ ،‬أو استغالل‬
‫شخص للقيام بأعمال إجرامية أو يف النزاعات املسلحة “‬
‫ثالثا‪ :‬العالقة السببية‬
‫يشرتط لقيام الركن املادي يف أي جرمية من اجلرائم أن يكون الفعل أو االمتناع الذي ارتكبه اجلاين هو سبب‬
‫وقوع النتيجة وهذا ما اصطلح عليه الفقهاء على تسميته بعالقة أو رابطة سببية‪ .‬وتتمثل عالقة السببية يف جرائم‬
‫الجتار بالبشر يف أن يكون االستغالل اجلنسي واستغالل دعارة الغري واالسرتقاق والسخرة والعمل القسري ونزع‬

‫‪42‬‬
‫األعضاء البشرية‪ ،‬نتيجة السلوك اإلجرامي كالنقل والتنقيل واالستقطاب واالستدراج والرتحيل واالستقبال‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدام أي من الوسائل اليت حددها كذلك الفصل ‪ 448 -1‬يف فقرته األوىل‪.‬‬
‫وعليه فإنه إذا حدثت النتيجة بشكل مستقل عن السلوك اإلجرامي “األفعال والوسائل السابق ذكرها” فال‬
‫يسأل الفاعل إال عن النتيجة اليت يكون لنشاطه املادي دخل يف إحداثها‪.‬‬
‫الركن المعنوي‬

‫يتطلب قيام جرمية االجتار بالبشر باإلضافة إىل الركن املادي ركن أخر وهو الركن املعنوي‪ ،‬حي جيب أن يكون‬
‫اجلاين قاصدا ارتكاب اجلرمية‪ ،‬ومبا أن جرمية االجتار بالبشر من اجلرائم العمدية‪ ،‬فإن املشرع يتطلب الرتكاهبا‬
‫توافر كل من القصد العام واخلاص‪ ،‬حي ال يكفي اجتاه إرادة اجلاين إىل إتيان أحد األفعال املكونة جلرمية االجتار‬
‫بالبشر‪ ،‬وإمنا جيب فضال عن ذلك توافر قصد جرمي خاص يتمثل يف استغالل اجملين عليه‪.‬‬
‫أوال‪ :‬القصد الجنائي العام‬
‫يتحدد القصد اجلنائي العام باجتاه إرادة اجلاين حنو حتقيق واقعة إجرامية مع العلم بكافة عناصرها القانونية‪،‬‬
‫فبمجرد اجتاه اإلرادة حنو سلوك جيرمه القانون دون سعي إىل حتقيق غاية حمددة يكفي لتحقيق ذلك القصد مع‬
‫توافر عنصر العلم‪ .‬ويتكون القصد اجلنائي العام من عنصريني مها العلم واإلرادة‪.‬‬
‫العلم هو الصورة الذهنية اليت تولد لدى اجلاين عن عناصر اجلرمية‪ ،‬فيجب أن يكون عاملا أن حمل اجلرمية هو‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأنه يقوم بواحد من السلوكات اإلجرامية املكونة جلرمية االجتار بالبشر‪ ،‬أي أنه إذا وقع يف غلط مادي‬
‫انقضى القصد لديه‪ ،‬كما لو قام الناقل بنقل ضحايا االجتار بالبشر‪ ،‬وهو يعتقد أنه يقوم بعملية نقل اعتيادية‬
‫للمسافرين فهنا ال يقوم قصد االجتار لديه‪ ،‬وبالتايل فال يسأل عن اجلرمية‪ ،‬كما جيب أن ينصرف العلم بالنتيجة‬
‫اإلجرامية اليت ميكن أن تتحقق نتيجة للفعل اإلجرامي الذي تقوم عليه‪ ،‬واملتمثلة باستغالل الضحايا يف أحد‬
‫أشكال االستغالل املكونة للنتيجة اإلجرامية يف جرمية االجتار بالبشر‪.‬‬
‫أما اإلرادة فهي نشاط نفسي موجه حنو هدف معني بغية حتقيق نتيجة معينة غري مشروعة وهي املساس سحق‬
‫معني أو مصلحة معينة حيميها القانون‪ ،‬وال يكفي لوقوع اجلرمية أي إرادة ولكن إرادة آمثة‪ ،‬ويشرتط أن تكون‬
‫إرادة املتهم واعية ومدركة وتتوافر لديه حرية االختيار‪ ،‬فإذا كانت إرادته معيبة‪ ،‬إما لصغر السن أو اجلنون أو‬
‫وقوعه حتت إكراه مادي أو معنوي‪ ،‬فإن إرادته مشوبة بعيب من عيوب اإلرادة‪ ،‬ومن مت فال يسأل جنائيا‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق ميكن القول بأن توفر القصد اجلنائي العام يف جرمية االجتار باألشخاص يكون مكفوال‬
‫بتوافر إرادة اجلاين حنو حتقيق واقعة إجرامية جمرمة قانونا تتمثل يف إحدى صور السلوك اإلجرامي املكونة للركن‬

‫‪43‬‬
‫املادي هلذه اجلرمية‪ ،‬مع توافر عنصر العلم بأن هذا السلوك يدخل يف إطار السلوك املعاقب عليه قانونا‪ ،‬فاإلضافة‬
‫إىل معاصرة القصد اجلنائي الرتكاب إحدى صور السلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القصد الجنائي الخاص‬

‫فالقصد اجلرمي اخلاص حسب ما ورد يف الفصل ‪ 448 -1‬هو أن يهدف اجلاين من وراء األفعال املكونة‬
‫للركن املادي للجرمية استغالل اجملين عليهم‪.‬‬
‫فاالستغالل هو العنصر األساسي املكون جلرمية االجتار بالبشر‪ ،‬وهو الفاصل الذي يتميز هذا األخري عن جرائم‬
‫مشاهبة له مثل هتريب املهاجرين وعلى الرغم من أن كلمة االستغالل غري معرفة يف قانون ‪ 27.14‬املتعلق‬
‫باإلجتار بالبشر‪ ،‬إال أن املشرع املغريب يف الفصل ‪ 448 -1‬حدد أشكال االستغالل واليت جاءت على سبيل‬
‫احلصر‪.‬‬
‫العقوبات المترتبة على جريمة االتجار بالبشر‬
‫إن األصل يف جرمية االجتار باألشخاص حسب قانون رقم ‪ 27.14‬تأخذ وصف جناية‪ ،‬وهذا ما جنده من‬
‫خالل الفصل ‪ ،448 -2‬فيعاقب على االجتار بالبشر بالسجن من مخ إىل عشر سنوات وبغرامة من‬
‫‪ 10.000‬إىل ‪ ،500.000‬وبنف العقوبة على حماولة ارتكاب االجتار بالبشر حسب نص الفصل ‪-11‬‬
‫‪ ، 448‬وهذا ينسجم مع نص املادة اخلامسة من برتوكول االجتار بالبشر ونعتقد أن هذه العقوبة كافية إال حد‬
‫ما‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن املشرع املغريب قد عمد إىل تشديد العقوبة بالنسبة للشخص الطبيعي إذا توافرت ظروف‬
‫الوقت خفف أو أعفى من العقوبة يف حالة توافر إحدى األعذار املخففة وهو ما سوف‬ ‫التشديد‪ ،‬ويف نف‬
‫نتناوله يف االيت بيانه‪:‬‬
‫اوال‪ :‬ظروف التشديد‬
‫وعيا من املشرع خبطورة جرائم االجتار وتأثريها اجلسيمة على احلقوق واحلريات فقد أورد يف ثنايا القانون‬
‫‪ 27.14‬املتعلق مبكافحة االجتار بالبشر‪ ،‬جمموعة من األوضاع واحلاالت اليت بناء عليها يتم تشديد العقاب‪.‬‬
‫إذا اقرتنت تلك األوضاع بظروف شخصية أو عينية تكشف عن خبت شديد يف اجلاين‪ ،‬أو تكشف عن‬
‫خطورة الفعل الذي متت به اجلرمية أو الوقائع اليت اقرتنت هبا‪ ،‬وميكن تقسيم تلك الظروف إىل ظروف عينية‬
‫وظروف شخصية‪.‬‬
‫‪-‬الظروف العينية المشددة‬
‫الظروف العينية هي اليت تتصل بالفعل ونتائجه وظروف الزمان واملكان‪ ،‬أو بالوسائل املستعملة‪ ،‬حي تفرتض‬
‫زيادة مقدار خطورة الفعل‪ ،‬جتعله أكثر خطورة إذا نصت املادة ‪ 448 -3‬من القانون رقم ‪ 27 .14‬على أنه‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫” دون اإلخالل باملقتضيات اجلنائية األشد‪ ،‬ترفع عقوبة االجتار بالبشر إىل السجن من عشر إىل عشرين سنة‬
‫وغرامة من ‪ 100.000‬إىل ‪ 1.000.000‬درهم يف احلاالت التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إذا ارتكبت اجلرمية بواسطة التهديد بالقتل أو باإليذاء أو بالتعذيب أو االجتار أو التشهري‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان مرتكب اجلرمية حامال لسالح ظاهر أو خمبئ‬
‫‪ ‬إذا كان مرتكب اجلرمية موظفا عموميا استغل وظيفته الرتكاب اجلرمية أو تسهيل ارتكاهبا‬
‫‪ ‬إذا أصيبت الضحية بواسطة استغالهلا يف جرمية االجتار بالبشر بعاهة دائمة أو مبرض عضوي أو نفسي أو‬
‫عقلي خصال‬
‫‪ ‬إذا ارتكبت اجلرمية من قبل شخصني أو أكثر بصفتهم فاعلني أصليني أو مسامهني أو مشاركني‪.‬‬
‫‪ ‬إذا كان مرتكب الفعل معتادا على ارتكابه‬
‫‪ ‬إذا ارتكبت اجلرمية ضد عدة أشخاص جمتمعني‬
‫‪ -‬الظروف الشخصية المشددة‬
‫نعين بالظروف الشخصية ما يتصل باجلاين من حي صفته وعالقته باجملين ويتصل هبذا األخري من حيت سننه‬
‫وصفته‪ ،‬وذلك على النحو األيت‪:‬‬
‫الظروف المشددة التي تخص سن المجني عليه وصفته‬
‫نصت املادة ‪ 448 -4‬على أنه‪ :‬يعاقب على جرمية االجتار بالبشر بالسجن من عشرين إىل ثالثني سنة‬
‫وغرامة من ‪ 2000.000‬إىل ‪ 3000.000‬درهم يف احلاالت التالية‪:‬‬
‫إذا ارتكبت ضد قاصر دون الثامنة عشر‪.‬‬
‫إذا ارتكبت اجلرمية ضد شخص يعاين من وضعية صعبة بسبب كرب سنه أو املرض أو اإلعاقة أو نقص بدين أو‬
‫نفسي أو ضد امرأة حامل سواء كان محلها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل‪.‬‬
‫املالحظ على هذه املادة أن املشرع املغريب جعل سن اجملين عليه الذي تقع عليه أو به أعمال االجتار‬
‫واالستغالل‪ ،‬سببا لتشديد العقاب‪ ،‬فإذا وقعت جرمية االجتار على فتاة قاصرة مثال‪ ،‬فإن العقاب سيكون أشد مما‬
‫لو وقع ذلك على فتاة أو امرأة ليست قاصرة‪ ،‬ونف الشيء إذا كان يعاين اجملين عليه من وضعية صعبة لكرب‬
‫سنه أو ملرض أو إعاقة أو عجز بدين أو ضد امرأة حامل‪.‬‬
‫الظروف المشددة التي تخص صفة الجاني وصلته بالمجني عليه‬
‫فيما يتعلق بصلة اجلاين باجملين عليه‪ ،‬جند املشرع املغريب يعاقب بنف العقوبة أعاله إذا كان مرتكب اجلرمية‬
‫زوجا للضحية أو أحد أصوهلا أو فروعها أو وصي عليها أو كافال هلا أو مكلف برعايتها أو كانت له سلطة‬
‫عليها‪ .‬وفيما يتعلق بصفة اجلاين كأخذ الظروف الشخصية‪ ،‬شدد املشرع املغريب العقوبة برفعها إىل عشرين سنة‬
‫‪45‬‬
‫كحد أقصى‪ ،‬وغرامة من ‪ 1000.000‬إىل ‪ 1.000.000‬درهم يف حالة كون اجلاين موظفا عموميا استغل‬
‫وظيفته الرتكاب اجلرمية أو تسهيل ارتكابه‪ ،‬كأن يكون مثال موظفا بإحدى املطارات ويستغل وظيفته لنقل أو‬
‫تنقيل أو إيواء اجملين عليهم الرتكاب جرمية االجتار بالبشر‪.‬‬
‫األعذار القانونية المعفية أو المخفضة من العقوبة‬
‫أوجد املشرع املغريب يف القانون ‪ 27 -14‬أعذارا يف حالة توفرها تؤدي إىل التخفيف من العقوبة وأحيانا‬
‫اإلعفاء منها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعفاء من العقوبة‬
‫تناول املشرع املغريب األعذار القانونية يف الفصل ‪ 134‬من جمموعة القانون اجلنائي املغريب‪ ،‬أما األعذار القانونية‬
‫املخففة أو املعفية من العقوبة يف جرمية االجتار بالبشر نص عليها الفصل ‪ 448 – 12‬على سبيل احلصر‪ ،‬فيما‬
‫خيص األعذار املعفية فقد تناوهلا نف الفصل السابق الذكر يف فقرته األوىل يعفى من العقوبات املنصوص عليها‬
‫يف هذا الفرع‪ ،‬كل من بادر من اجلناة بإبالغ السلطات املختصة مبا يعلمه عن جرمية االجتار بالبشر قبل تنفيذها‬
‫أو الشروع يف تنفيذها أو مكن من احليلولة دون إمتامها”‪.‬‬
‫من خالل حتليل نص الفقرة أعاله‪ ،‬نالحظ أن املشرع يتحدث عن اإلعفاء من العقوبة يف احلالة اليت يبادر فيها‬
‫بإبالغ السلطات املختصة‪ ،‬ملا يعرفه عن اجلرمية يف حاالت تناوهلا على سبيل احلصر وهي‪ :‬قبل تنفيذ اجلرمية أو‬
‫الشروع يف تنفيذها قبل ضبط مرتكبيها‪ ،‬منع إمتامها‪.‬‬
‫كما يعفى من العقاب من كان أحد فروع أو أصول الضحية أو زوجها هلا عندما ميتنع عن التبليغ بارتكاب‬
‫اجلرمية‪.‬‬
‫كما يتمتع أيضا ضحايا االجتار بالبشر بأحكام اإلعفاء من العقاب ومن أية مسؤولية عن األفعال اليت تصدر‬
‫عنهم أو يرتكبوهنا أثناء أو مبناسبة استغالهلم من قبل جتار البشر‪.‬‬
‫‪-‬التخفيف من العقوبة‬
‫بالرجوع للفقرة الثانية من الفصل ‪ 448 – 12‬جند بأن املشرع املغريب قد أبرز بشكل واضح األعذار اليت‬
‫مبوجبها يتم ختفيض العقوبة‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل عبارة “جيوز إعفاء اجلاين املبلغ من العقوبة أو ختفيفها”‬
‫واليت جعلها موقوفة على الظروف اليت فيها التبليغ‪ ،‬السلطات املختصة أثناء التحقيق ومتكينها من القبض على‬
‫باقي اجلناة‪ ،‬أي شرط حصول اجلناة على عذر خمفف مرتبط بتوفر شرطني ومها أن يتم التبليغ أثناء مرحلة‬
‫التحقيق‪ ،‬وأال ينتج عن اجلرمية وفاة الضحية أو إصابتها بعاهة دائمة أو مبرض عضوي أو نفسي أو عقلي‬
‫عضال‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫كما أقر املشرع املغريب مسؤولية الشخص االعتباري‪ ،‬وذلك يف الفصل ‪ 448 -6‬عاقبه املشرع املغريب يف حالة‬
‫تورطه يف ارتكاب جرمية االجتار بالبشر بغرامة مالية تقدر ما بني ‪ 1.000.000‬و‪ 10.000.000‬درهم‪،‬‬
‫وذلك دون اإلخالل بالعقوبات اليت تطبق على الشخص الذايت الذي ميثله أو يديره أو يعمل حلسابه‪ ،‬وهو نف‬
‫االجتاه الذي أقرته اتفاقية جمل أوربا لإلجتار بالبشر يف املادتني ‪ 22‬و ‪ 23‬منها‪.‬‬

‫التطبيق‬
‫تندرج األفعال االجرامية املتضمنة يف هذه النازلة ضمن جرمية االجتار بالبشر اليت نص عليها املشرع اجلنائي‬
‫املغريب يف الفصل ‪ 1/448‬من القانون اجلنائي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمسئولية اجلنائية اليت ميكن بناء عليها متابعة مكتب خالد الستقدام واستخدام العامالت‬
‫فهي تتوقف على علم هذا املكتب مبا قد يقع لكريستينا من استغالل وأفعال غري انسانية‪ ،‬سحي إذا ثبت هذا‬
‫العلم فيعد هذا املكتب قد عمل على استدراج الضحية‪ ،‬ألهنا قدمت اىل البلد عن طريق هذا املكتب الذي‬
‫أومهها بأهنا ستربم عقد عمل بظروف مغرية مما دفعها اىل القدوم للمغرب لكن يف الواقع مل جتد ما استدرجت‬
‫ألجله بل مت استغالهلا أسوء استغالل‪ ،‬وبناء على ذلك فالعقوبة اليت من املمكن توقيعها يف حق هذا املكتب‬
‫باعتباره شخصا اعتباريا فهي الغرامة من ‪ 1.000.000‬درهم اىل ‪ 10.000.000‬درهم‪ ،‬وعالوة على ذلك‬
‫فيجب على احملكمة احلكم سحل املكتب وبالتدبريين الوقائيني املنصوص عليهما يف الفصل ‪ 62‬من القانون‬
‫اجلنائي (مصادرة األشياء اليت هلا عالقة باجلرمية أو األشياء الضارة أو اخلطرية أو احملظور امتالكها إضافة اىل‬
‫إغالق احملل أو املؤسسة اليت استغلت يف ارتكاب اجلرمية)‪.‬‬
‫ومن خالل النازلة فيمكن متابعة فاطمة بناء على ارتكاهبا جرمية االجتار بالبشر ضد السيدة كريستينا الواردة يف‬
‫الفصل ‪ 3/448‬من القانون اجلنائي واليت تشدد العقوبة ضد اجلانية على اعتبار اهنا كانت تقوم بإيذاء الضحية‬
‫عن طريق الضرب واحتجازها من خالل مصادرة جواز سفرها و منعها من العودة لبلدها ‪.‬‬
‫وبالتايل فجرمية االجتار بالبشر يتكون ركنها املادي من ثالثة عناصر ميكن تصنيفها حسب هذه النازلة كااليت ‪:‬‬
‫األفعال االجرامية ‪ :‬وهي حسب النازلة فعل االستدراج الذي قام به مكتب أمحد من خالل اغراءها بالقدوم‬
‫للمغرب قصد حتسني وضعيتها االجتماعية عن طريق احلصول على عقد عمل لصاحل منزل أمحد بشروط مغرية‪،‬‬
‫حي أن االستدراج يقصد به جعل الضحية تتبع اجلاين دون حاجة إىل إكراه أو حتريض ‪ ،‬فاجلاين يرتبص‬
‫بالضحية ويقودها بوسيلة ما كاإلغواء أو التغرير ‪،‬‬
‫الوسائل ‪ :‬بالرجوع اىل النازلة ميكن رصد الوسائل االجرامية هلا من خالل استعمال االحتيال واخلداع وكذا‬
‫استغالل حالة الضعف واحلاجة اليت تعاين منها الضحية قصد استدراجها ‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫الغرض أو االستغالل ‪ :‬حي بالرجوع اىل مقتضيات الفصل ‪ 1-448‬من القانون اجلنائي يالحظ بأنه اعترب‬
‫بأن االستغالل ال يقع اال إذا ترتب عنه سلب ارادة الشخص وحرمانه من حرية تغيري وضعه واهدار كرامته‬
‫االنسانية بأي وسيلة كانت وال تلقى مقابال أو اجرا عن ذلك ‪ ،‬حي أن النازلة تتضمن استغالال عن طريق‬
‫العمل القسري من خالل العمل لساعات طويلة والقيام جبميع األعمال داخل الفيال ‪،‬وبدون أجر مع القيام‬
‫أسبوعيا بالعمل لدى منزلني لشقيقيت السيدة فاطمة ‪،‬إضافة اىل ذلك القيام باملمارسات الشبيهة بالرق كجعل‬
‫كريستينا تعمل على تقليم أظافر رجلي فاطمة وعمل تدليك شبه يومي هلا‪.‬‬
‫ومن خالل هذه جرمية اليت قامت هبا السيدة فاطمة فعقوبتها تشدد من السجن ‪ 10‬سنوات اىل عشرين سنة‬
‫وغرامة من ‪ 100.00‬درهم اىل ‪ 1.000.000‬درهم ‪ ،‬اعتبارا كما قلنا سابقا الستعماهلا االيذاء والتعذيب‬
‫واالحتجاز ضد الضحية‪.‬‬
‫‪-‬اما إذا افرتضنا ان كريستينا تبلغ من العمر ‪ 17‬سنة فالعقوبة هي املنصوص عليها السجن من ‪ 20‬سنة اىل‬
‫‪ 30‬سنة والغرامة من ‪ 200.000‬درهم اىل ‪ 2.000.000‬درهم حسب ما ينص عليه الفصل ‪ 4-448‬من‬
‫القانون اجلنائي‪.‬‬
‫وبالنسبة لزوج السيدة فاطمة فمن خالل النازلة فيتبني بأنه يعلم بارتكاب جرمية االجتار بالبشر ومل يعمل على‬
‫التبليغ اىل السلطات املختصة فاألصل يف جرمية عدم التبليغ حسب الفصل ‪ 7-448‬أن العقوبة تكون احلب‬
‫من سنة اىل ‪ 5‬سنوات وغرامة من ‪ 5000‬درهم إىل ‪ 50.000‬درهم‪ ،‬لكن هذا الفصل قد أعفى الزوج الذي‬
‫مل يبلغ على اجلرمية إذا كان زوجا للجاين وبالتايل فأمحد يتمتع باإلعفاء من العقوبة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لشقيقيت السيدة فاطمة فهما إن كانتا تعلمان بكل األفعال اليت ترتكب ضد كريستينا من إيذاء‬
‫وعمل بدون أجر وحجز جواز سفرها ‪ ......‬فهما حسب الفصل ‪ 7-448‬من القانون اجلنائي ال يستفيدان‬
‫من العذر املعفي كالزوج‪ ،‬على اعتبار أن الفصل اعترب االعفاء يشمل فقط الزوج األصول والفروع فقط ‪،‬وبالتايل‬
‫فالعقوبة هي احلب من سنة اىل ‪ 5‬سنوات وغرامة من ‪ 5000‬درهم اىل ‪ 50.000‬درهم‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫بعض المواضيع المقترحة‪:‬‬
‫‪-1‬حلل وناقش الظروف الشخصية والعينية يف جرمية القتل العمد؟‬
‫‪ -2‬ما الفرق بني جرمية اإلشادة باألفعال املكونة للجرمية االرهابية وجرمية متويل االرهاب؟‬
‫‪-3‬جاء يف الفصل ‪ 505‬ق ج ‪ ":‬من اختل عمدا ماال مملوكا للغري يعد سارقا ‪،‬ويعاقب باحلب من سنة اىل‬
‫مخ سنوات وغرامة من مائتني‪".‬‬
‫ناقش من خالل هذا الفصل أركان جرمية السرقة؟‬
‫‪ -4‬جاء يف الفصل ‪ 251‬ق ج بأن‪ ":‬من استعمل عنفا أو هتديدا ‪ ،‬أو قدم وعدا أو عرضا أو هبة أو هدية أو‬
‫أية فائدة اخرى لكي حيصل على القيام بعمل أو االمتناع عن عمل أو مزية أو فائدة مما أشري إليه يف الفصول‬
‫‪ 243‬اىل ‪ ،250‬وكذلك من استجاب لطلب رشوة ولو بدون اقرتاح من جانبه‪ ،‬يعاقب بنف العقوبات املقررة‬
‫يف تلك الفصول سواء كان لإلكراه أو للرشوة نتيجة أم ال"‬
‫أبرز اجلرمية املشار اليها يف هذا الفصل وحدد عناصرها‪.‬‬
‫‪ -5‬حلل وناقش سياسة التجرمي يف جرمية االجتار بالبشر؟‬
‫‪ -6‬قارن بني جرمية السرقة وجرمية اخفاء اشياء مسروقة؟‬

‫‪49‬‬

You might also like