You are on page 1of 577

‫ح مؤسسة الدرر السنية للنشر ـ ‪1439‬هـ‬

‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر‬


‫مؤسسة الدرر السنية ‪ -‬القسم العلمي‬
‫مختصر موسوعة األخالق‪ /‬القسم العلمي بمؤسسة الدرر السنية ‪ -‬الظهران‪،‬‬
‫‪1438‬هـ‬
‫‪ 576‬ص‪ 17 ،‬سم × ‪ 24‬سم‬
‫ردمك‪978-603-8154-68-7 :‬‬
‫‪ -2‬الفضائل اإلسالمية أ‪ -‬العنوان‬ ‫‪ -1‬األخالق اإلسالمية ‬
‫‪1439/10164‬‬ ‫ ‬
‫ديوي ‪212.2‬‬

‫رقم اإليداع‪1439/10164 :‬‬

‫ردمك‪978-603-8154-68-7 :‬‬

‫مجيع احلقوق حمفوظة‬


‫الطبعة األوىل‬
‫‪1440‬هـ ‪2019 -‬م‬

‫م ــؤسـ ـس ـ ـ ــة ال ـ ـ ـ ـ ــدرر الـ ـسـ ـنـ ـي ـ ـ ـ ـ ــة ‪ -‬ال ـم ـم ـل ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الـ ـعـ ـربـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة الــســع ــودي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫ص‪ .‬ب ‪ 39364‬ال ـظـهـ ــران ‪ - 31942‬جـ ـ ـ ـ ــوال‪0556980280 :‬‬
‫ت‪ / 0138680123:‬فاكس‪ - 0138682848:‬ب ـريد إلـك ــتروني ‪nashr@dorar.net‬‬
‫مختصر‬
‫موسوعة األخالق‬
‫مق ِّدمة‬

‫مق ِّدمة‬

‫الناس على َب ٍ‬
‫عض في األرزاق‪ ،‬وهدَ ى‬ ‫ِ‬ ‫الخ َّلق‪َّ ،‬‬
‫فضل َ‬ ‫العلي ِم َ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫الحمدُ لله َ‬
‫حال االستِحقاق‪.‬‬
‫بم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمن شا َء ب َفضله إلى محاسن األخالق‪ ،‬وهو ُ‬
‫أعلم َ‬
‫رسل‬ ‫الوفي بالميثاق‪ُ ،‬‬
‫الم َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫األمين‬ ‫ِ‬
‫الصادق‬ ‫محم ٍد‬
‫الم على نب ِّينا َّ‬ ‫والصال ُة َّ‬
‫والس ُ‬ ‫َّ‬
‫لصالح األخالق‪ ،‬وداعي َة‬ ‫ِ‬ ‫الناس كاف ًة في َجمي ِع اآلفاق‪ُ ،‬م ِّ‬
‫تم ًما‬ ‫ِ‬ ‫ونذيرا إلى‬
‫ً‬ ‫شيرا‬
‫َب ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الشاهدة‬ ‫الرقاق‪،‬‬‫وفاق ال افتراق‪ ،‬وعلى آله وأصحابِه وأتْباعه َذوي األفئدة ِّ‬
‫ِ‬
‫بأخالقهم‬ ‫بالعشي واإلشراق‪ ،‬الدَّ اعين إلى ر ِّبهم‬ ‫الح َّق ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫باإللهية َ‬
‫َّ‬ ‫لفاطرها‬
‫المغلقين‬‫الخ ِير ُ‬
‫ألبواب َ‬‫ِ‬ ‫الفاتحين‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الخالئق باالسترقاق‪،‬‬ ‫خضع ِة ُلق ِ‬
‫لوب‬ ‫َ‬ ‫الم‬
‫ُ‬
‫الشر أ َّيما إغالق‪.‬‬‫ألبواب ِّ‬‫ِ‬

‫َّأما بعدُ ‪:‬‬

‫الله‬‫أن َن َش ْرنا «موسوعة األخالق» في ِس َّتة ُمج َّلدات‪ ،‬ون َفع ُ‬ ‫فقد َس َلف لنا ْ‬
‫ختصرها اختِصارا لطي ًفا ي ِ‬ ‫أن َن ِ‬ ‫َّ‬
‫الق َّرا َء‬‫ناس ُب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫‪-‬جل ثناؤه‪ -‬بها َخل ًقا ً‬
‫كثيرا‪ ،‬وبدَ ا لنا ْ‬
‫كأ ِ‬ ‫وي المختصر َ‬ ‫ِ‬
‫صله على‬ ‫ُ‬ ‫وط َ‬‫والعامة‪ُ .‬‬ ‫َّ‬ ‫تخصصين منهم‬ ‫والم ِّ‬ ‫كا َّفة؛ َطلب َة العل ِم ُ‬
‫األخالق‬ ‫ِ‬ ‫وآخر في‬ ‫المحمودة التي َينبغي أن ُيتح َّلى بها‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ين‪ِ :‬قسم لألخالق‬ ‫سم ِ‬ ‫ِ‬
‫ق َ‬
‫كر‬ ‫بذ ِ‬ ‫واالحتراز منها‪ .‬وفي ُك ِّل ِقسم يبدأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫المذمومة التي َينبغي التخ ِّلي عنها‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫تمي ُز عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لق في ال ُّل ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫معنَى ُ‬
‫غيره‪ ،‬ثم‬ ‫واالصطالح‪ ،‬ثم إيراد َحدِّ ه وما به َي َّ‬ ‫غة‬
‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫إن كان ِمن‬ ‫ِ‬
‫رغيب فيه ْ‬ ‫غيره‪ ،‬ثم ال َّت‬ ‫وبين ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬‫َكشْ ف ِ‬
‫الفارق َبينَه َ‬ ‫طاء عن‬
‫االستشهاد‬
‫ُ‬ ‫أضدادها‪ ،‬و ُيقدَّ م في ذلك‬ ‫ِ‬ ‫إن كان ِمن‬ ‫ِ‬
‫الترهيب منه ْ‬ ‫ِ‬
‫المحمودة‪ ،‬أو‬
‫المرس ِلين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أحاديث س ِّي ِد‬
‫ِ‬ ‫ور َد في الباب ِمن‬ ‫مما َ‬ ‫شيء َّ‬
‫ٌ‬ ‫الحكي ِم‪َ ،‬ي ْت َب ُعه‬
‫الذكر َ‬ ‫بآي ِّ‬ ‫ِ‬

‫‪7‬‬
‫مق ِّدمة‬

‫ِ‬
‫والعلماء الراسخين‪ ،‬ثم بيان ِ‬ ‫الصالِحين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ِ‬
‫آثار‬ ‫َّ‬ ‫السلف َّ‬‫طائفة من أحاس ِن أقوال َّ‬ ‫َيليه‬
‫وغ َر ٍر‬ ‫يون ِمن ِ‬
‫الح َكم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫إيراد ُع ٍ‬ ‫بيين ُص َو ِره‪ُ ،‬ث َّم‬
‫ضاره‪ ،‬ثم َت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الخلق وفوائده‪ ،‬أو َم ِّ‬
‫عز ًّوا إلى‬ ‫ملية‪ ،‬وجاء ُّ‬
‫كل ذلك َم ُ‬ ‫نماذج َع َّ‬
‫َ‬ ‫األشعار‪ .‬مع ِذ ِ‬
‫كر‬ ‫ِ‬ ‫األمثال‪ ،‬وم َلح ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫ِ‬
‫األصل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموسوعة‬ ‫ِ‬
‫المأخوذة منه‪ ،‬و َمن أرا َد ال َب ْس َط فلينشدْ ضا َّلتَه في‬ ‫ِ‬
‫المصادر‬
‫ِ‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬‫ِ‬ ‫نهاجه على‬ ‫وقد َأ َد ْرنا م َ‬

‫المذمومة على ِحدَ ٍة‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واألخالق‬ ‫ِ‬
‫المحمودة‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫‪َ 1-1‬رت َّْبنا ُك َّل ِقس ٍم ِمن‬
‫ألفبائيا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫َترتي ًبا‬

‫حت ُك ِّل ُخ ُل ٍق كما في‬ ‫ناوين الفرعي ِة المدر ِ‬


‫جة َت َ‬ ‫ِ‬ ‫الع‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 2-2‬أب َق ْينا على‬
‫َّ ُ َ‬ ‫غالب َ‬
‫ٍ‬
‫عنوان‬ ‫بعضها في‬ ‫ود ِمج بين ِ‬ ‫ظير مع َن ِ‬ ‫رت ُ‬ ‫ِ‬
‫الموسوعة؛ لك َّنها اخ ُت ِص ْ‬
‫ظيره‪َ ُ ،‬‬ ‫وض َّم ال َّن ُ‬
‫واح ٍد‪.‬‬
‫ِ‬

‫عريفات ال ُّلغوي َة واالصطالحي َة‪ ،‬مع االكتِ ِ‬


‫فاء بالمعاني‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬اخت ََص ْرنا ال َّت‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫المباش َر ِة‪.‬‬
‫ِ‬

‫وأقوال الس ِ‬
‫لف‬ ‫ِ‬ ‫والس َّن ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫‪4-4‬اقت ََص ْرنا على االستشهادات المباش َرة من القرآن ُّ‬
‫كل ِص ٍ‬
‫نف‪.‬‬ ‫ومباشر ِمن ِّ‬
‫ٍ‬ ‫واض ٍح‬ ‫ٍ‬
‫واحد ِ‬ ‫ٍ‬
‫بشاهد‬ ‫والش ِ‬
‫عر‪ ،‬وقد نكتفي أحيا ًنا‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫المختلفة‪ ،‬إذا كان الشاهدُ‬ ‫ِ‬
‫بأنواعها‬ ‫ِ‬
‫الشواهد‬ ‫ِ‬
‫التعليقات على‬ ‫‪َ 5-5‬‬
‫حذ ْفنَا‬
‫إيضاح‪ ،‬مع اختصاره كذلك ْ‬
‫إن‬ ‫ٍ‬ ‫يحتاج منها إلى‬
‫ُ‬ ‫واضحا ومعبرا‪َ ،‬‬
‫وأ ْب َق ْينا على ما‬ ‫ً‬
‫ِّ ً‬
‫أ ْم َك َن‪.‬‬

‫كل‬ ‫ِ‬
‫المذكورة تحت ِّ‬ ‫ِ‬
‫النماذج‬ ‫كل نو ٍع ِمن‬‫واحد ِمن ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫نموذج‬ ‫‪6-6‬أبقينا على‬
‫ُ‬
‫الحاجة إلى ذلك‪.‬‬ ‫ت‬‫نموذج إذا مس ِ‬
‫ٍ‬ ‫أكثر ِمن‬ ‫خ ٍ‬
‫َّ‬ ‫ُلق‪ ،‬وقد ُيذكر ُ‬
‫للخ ُلق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األشعار أجو َدها‪ ،‬وأ ْق َر َبها ُ‬ ‫‪7-7‬انت َق ْينَا من‬

‫‪8‬‬
‫مق ِّدمة‬

‫األهم واألبين‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪8-8‬ذكرنا آثار الصفة باختصار‪ ،‬وانتقينا من ذلك‬
‫ِ‬
‫الهوامش‬ ‫جم ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪9-9‬أ ْب َق ْينا على‬
‫توثيق ال ُّنقوالت في الهوامش كما هو‪ ،‬مع ْ‬
‫ٍ‬
‫واحد ما أ ْم َك َن‪.‬‬ ‫المتقاربة في ِ‬
‫هام ٍ‬
‫ش‬ ‫ِ‬

‫َّفع به وال َق َ‬
‫بول‬ ‫جل َ‬
‫لين المولى َّ‬‫ِ‬
‫وعل الن َ‬ ‫سائ َ‬

‫‪9‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬


‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫مع َنى األخالق‪:‬‬


‫اإلنسان وطبيعتِه ا َّلتي ُخ ِلق عليها(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جي ِة‬
‫لس َّ‬ ‫جم ُع ُخ ُل ٍق‪ُ ،‬‬
‫والخلقُ ‪ٌ :‬‬
‫اسم َ‬ ‫األخالق ُلغ ًة‪ْ :‬‬
‫ُ‬

‫سر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بسهولة و ُي ٍ‬ ‫ُ‬
‫األفعال‬ ‫س ِ‬
‫راس ٌ‬
‫خة‪َ ،‬تصدُ ُر عنها‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ه ْي ٌئة لل َّن ْف ِ‬ ‫ُ‬
‫األخالق‬
‫ً‬
‫وط ًبعا‪ ،‬وفي‬ ‫اس َغريز ًة َ‬ ‫ِ‬
‫بعض ال َّن ِ‬ ‫ورو َّي ٍة‪ ،‬وقد َي ُ‬
‫كون في‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫غير حاجة إلى ف ْك ٍر َ‬‫ِمن ِ‬
‫ياضة واالجتِ ِ‬ ‫كون َّإل بالر ِ‬ ‫ِ‬
‫والخ ُل ُق َّ‬
‫الس ِّي ُئ(((‪.‬‬ ‫الخ ُل ُق َ‬
‫الح َس ُن‪ُ ،‬‬ ‫هاد‪ .‬ومنها ُ‬ ‫ِّ‬ ‫بعضهم ال َي ُ‬

‫وموضوعه‪:‬‬
‫ُ‬ ‫األخالق‬
‫ِ‬ ‫لم‬ ‫ُ‬
‫تعريف ِع ِ‬
‫معاملة ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫ُ‬ ‫أن َت َ‬
‫كون عليه‬ ‫والش ِّر‪ ،‬و ُيب ِّي ُن ما َينبغي ْ‬ ‫ِ‬
‫الخير َّ‬ ‫لم ِّ‬
‫يوض ُح معنَى‬ ‫ِ‬
‫هو ع ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نير‬
‫اس في أعمالهم‪ ،‬و ُي ُ‬‫شر ُح الغاي َة ا َّلتي َينبغي أن َيقصدَ إليها ال َّن ُ‬ ‫بعضهم ً‬
‫بعضا‪ ،‬و َي َ‬
‫بيل لِما َينبغي(((‪.‬‬
‫الس َ‬‫َّ‬
‫األخالق‪:‬‬
‫ِ‬ ‫موضو ُع‬
‫وعالقتِه مع‬ ‫المسل ِم و َنشاطِه‪ ،‬وما َيتع َّل ُق َبعالقتِه َبر ِّبه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بعمل ْ‬ ‫هو ُك ُّل ما َي َّت ِص ُل‬
‫ٍ‬
‫وجماد(((‪.‬‬ ‫حيط به ِمن ح ٍ‬
‫يوان‬ ‫نسه‪ ،‬وما ُي ُ‬ ‫غيره ِمن بني ِج ِ‬
‫وعالقتِه مع ِ‬ ‫ن ْف ِسه‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أهمي ُة األخالق(((‪:‬‬
‫َّ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)86/10‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪(( ،)12 :‬التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)101 :‬‬
‫((( ((كتاب األخالق)) ألحمد أمين (ص‪.)8 :‬‬
‫((( ((موسوعة األخالق)) لخالد الخراز (ص‪.)22 :‬‬
‫((( ((التربية األخالقية)) ألبادير حكيم (ص‪(( ،)118 :‬اإلسالم عقيدة وشريعة)) لمحمود شلتوت‬
‫(‪(( ،)43/4‬األخالق اإلسالمية)) لحسن المرسي (ص‪ )24 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫شخصي ِة‬ ‫وام‬ ‫الشخصي ِة اإلنساني ِة؛ وذلك َّ ِ‬ ‫األخالق ِ‬


‫ببناء َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّأو ًل‪َ :‬ع ُ‬
‫َّ‬ ‫أن ق َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫القة‬
‫ِ‬
‫األخالق‪.‬‬ ‫رة عن هذه‬ ‫بأخالقه وأعمالِه المعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان إ َّنما َت ُ‬
‫كون‬
‫ُ ِّ‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وهذا‬
‫ِّ‬ ‫شريعي ِة للدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫َّ‬ ‫الع َقد َّي ِة وال َّت‬ ‫س َ‬ ‫األخالق ُ‬
‫باأل ُس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ارتباط‬ ‫ثان ًيا‪:‬‬
‫ث بها‪ ،‬كما ُيعت َب ُر‬ ‫قرارها‪ ،‬وعدَ ِم العب ِ‬ ‫األخالق واستِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لثبات‬ ‫شك ُل َضمان ًة‬ ‫االرتباط ُي ِّ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العقيدة‪.‬‬ ‫ثمر ًة َط ِّيب ًة لهذه‬‫الوقت ن ْف ِسه شجر ًة م ِ‬ ‫ِ‬ ‫في‬
‫ُ‬
‫س صاحبِها ِم َن‬ ‫زر ُعه في ن ْف ِ‬ ‫جتمعِ؛ بما َت َ‬ ‫والم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آثارها في ُسلوك الفرد ُ‬ ‫ثال ًثا‪ُ :‬‬
‫األساس‬
‫َ‬ ‫امية‪ ،‬وبكونِها‬ ‫واألخالق الس ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫وغير ذلك ِم َن ِ‬
‫الق َي ِم‬ ‫ِ‬ ‫والص ِ‬
‫دق‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫حمة‪،‬‬ ‫الر ِ‬
‫َّ‬
‫إسالمي ٍة‪.‬‬ ‫اإلنساني ِة‪،‬‬ ‫لبناء المجتم ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫إسالمي ًة كانت أو َ‬
‫غير‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عات‬ ‫ُ َ‬

‫مرات املُستفا َد ُة من ِد ِ‬
‫راسة األخالق(((‪:‬‬ ‫الث ُ‬‫َّ‬
‫ونفع‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪1-1‬الدَّ عو ُة إلى ِ‬
‫كبير‪ٌ ،‬‬
‫أثر ٌ‬
‫فاالستقامة على األخالق لها ٌ‬ ‫وجل؛‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬
‫الفتح‪.‬‬
‫ُ‬ ‫المناطق ا َّلتي لم َي ِص ْلها‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ين في‬ ‫ِ‬
‫انتشار هذا الدِّ ِ‬ ‫بليغٌ في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫الش ِّر‪ ،‬ح َّتى ُتصبِ َح َس َّ‬
‫جي ًة في ال َّن ْف ِ‬ ‫وترك َّ‬ ‫الخير‬ ‫س على ِ‬
‫فعل‬ ‫تمرين ال َّن ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬
‫نحو الفضيلة؛ ح َّتى َتتح َّققَ َّ‬
‫السعاد ُة‪.‬‬ ‫َ‬
‫زام باألخالق(((‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الغاية من االل ِت ِ‬
‫اس له؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫كون هدَ ُفه َمدْ َح ال َّن ِ‬
‫الله ُسبحا َنه وتعالى‪ ،‬وال َينبغي أن َي َ‬ ‫‪1-1‬إرضاء ِ‬
‫ُ‬
‫ذلك يعدُّ ِمن الر ِ‬
‫ياء‪.‬‬ ‫ُ َ َ ِّ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الخير لل َّن ِ‬ ‫وح ِّب‬ ‫ِ‬
‫واإليثار‪ُ ،‬‬ ‫عاو ِن‪،‬‬
‫راح ِم‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫جتم ٍع َي ُ‬
‫قوم على ال َّت ُ‬ ‫‪2-2‬بِ ُ‬
‫ناء ُم َ‬
‫ِ‬
‫الحياة الدُّ نيا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ظروف‬ ‫ُ‬
‫تحقيقها في‬ ‫ِ‬
‫الممكن‬ ‫أقساط ِم َن الس ِ‬
‫عادة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫تحقيق‬ ‫‪3-3‬‬
‫َّ‬
‫جلبها الجرائم ِ‬‫ِ‬ ‫أقساط ِم َن َّ ِ‬
‫ٍ‬ ‫جاة ِمن‬
‫وال َّن ِ‬
‫نايات‪.‬‬
‫والج ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشقاوة ا َّلتي َت ُ‬

‫((( ((موسوعة األخالق)) لخالد الخراز (ص‪ )38 :‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((المصدر السابق)) (ص‪.)33 :‬‬
‫‪11‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫اإلسالمي ِة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َمصاد ُر األخالق‬
‫الكريم؛ قال تعالى‪ :‬ﮋﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ [اإلسراء‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫القرآن‬ ‫َّأو ًل‪:‬‬

‫‪ ،]9‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬

‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ [النحل‪.]90 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬إ َّنما ُب ِعث ُْت‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الس َّن ُة ال َّنبو َّي ُة؛ حيث قال‬
‫ثان ًيا‪ُّ :‬‬
‫ِ‬
‫خالق))(((‪.‬‬ ‫صالح َ‬
‫األ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُل َت ِّم َم‬

‫األخالق باع ِتبار َعالقا ِتها‪:‬‬


‫ِ‬ ‫تقسيم‬
‫ِ‬
‫أربعة أقسا ٍم‪:‬‬ ‫باعتبار َعالقاتِها إلى‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األخالق‬ ‫َت ِ‬
‫نقس ُم‬

‫اإلنسان وخالِ ِقه‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القائمة ْبين‬ ‫جوه الص ِ‬
‫لة‬ ‫ِ‬
‫القسم األو ُل‪ :‬ما يتع َّل ُق بو ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫رين‪.‬‬ ‫اس َ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان وال َّن ِ‬ ‫جوه الص ِ‬ ‫ِ‬
‫القسم ال َّثاني‪ :‬ما يتع َّل ُق بو ِ‬
‫اآلخ َ‬ ‫لة ْبين‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان ون ْف ِسه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫جوه الص ِ‬
‫الث‪ :‬ما يتع َّل ُق بو ِ‬
‫سم ال َّث ُ‬ ‫ِ‬
‫لة ْبين‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جماوات‪.‬‬ ‫والع‬ ‫ابع‪ :‬ما َيتع َّل ُق ُبوجوه ِّ‬
‫الصلة ْبين اإلنسان َ‬ ‫الر ُ‬
‫سم َّ‬
‫الق ُ‬
‫األخالق(((‪:‬‬ ‫كارم‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫فضائل َم ِ‬
‫الج َّن ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أعمال َ‬ ‫‪1-1‬أ َّنها ِمن‬
‫جل جال ُله ِ‬
‫لعبده‪.‬‬ ‫‪2-2‬أ َّنها سبب في محب ِة ِ‬
‫الله َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫القيامة‪.‬‬ ‫‪3-3‬أ َّنها َأث َق ُل شيء في الميزان َي َ‬
‫وم‬

‫((( رواه أحمد (‪ ،)8939( )381/2‬والحاكم (‪ ،)670/2‬والبخاري في ((األدب المفرد)) (‪.)273‬‬


‫قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)191/8‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬وقال البوصيري في‬
‫((إتحاف الخيرة)) (‪ :)69/7‬صحيح على شرط مسلم‪.‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (‪.)29/1‬‬
‫‪12‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫الع ِ‬
‫باد‪.‬‬ ‫أعمال ِ‬
‫ِ‬ ‫‪4-4‬أ َّنها ِمن ِ‬
‫خير‬
‫ِ‬
‫األعمار‪.‬‬ ‫‪5-5‬أ َّنها َتزيدُ في‬

‫‪6-6‬أ َّنها ُت ِّ‬


‫عم ُر الدِّ َ‬
‫يار‪.‬‬
‫‪7-7‬أ َّنها َضرور ٌة اجتماعي ٌة ال يستغني عنها مجتمع ِم َن المجتم ِ‬
‫عات‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ ٌ‬ ‫َّ َ‬
‫املسِلم َ‬
‫ني‪:‬‬ ‫ند ْ‬ ‫األخالق ِع َ‬
‫ِ‬ ‫أَ ُ‬
‫صالة‬
‫المستوى‬ ‫األخالقي على‬ ‫األخالقي ِعندَ المس ِلمين في ِ‬
‫الف ِ‬
‫كر‬ ‫الفكر َ‬ ‫أ َّثر ِ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كر ُمسيطِ ًرا‬ ‫ِ‬
‫زال هذا الف ُ‬‫خاص‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫بوج ٍه‬
‫الغربي ْ‬ ‫ِّ‬ ‫والف ِ‬
‫كر‬ ‫العا َلمي بوج ٍه عام‪ِ ،‬‬
‫ٍّ‬ ‫ِّ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عم ُل على صياغة حياتهم في ُ‬
‫المستق َب ِل؛‬ ‫مين في الحاض ِر‪ ،‬و َي َ‬ ‫المس ِل َ‬
‫على ُسلوك ْ‬
‫اإلنساني ِة ِمن َم ٍ‬
‫نظور‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الحياة‬ ‫كرا َك ْو ًّنيا ُيعالِ ُج َقضايا‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمي ف ً‬
‫ون هذا ِ‬
‫الف ِ‬
‫كر‬ ‫لك ِ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫واإلقليمي ِة(((‪.‬‬
‫َّ‬ ‫والع ْر َّقي ِة‬
‫يسمو على ال َّنواحي ال َقومي ِة ِ‬
‫ْ َّ‬ ‫َْ‬
‫اإلسالمية‪:‬‬
‫َّ‬ ‫اك ِتساب األخالق‬
‫أخالق ال َّن ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ظه ُر فيهم‬‫اس ف ْطر َّي ٌة‪َ ،‬ت َ‬ ‫ُ‬
‫فبعض‬ ‫كتس ٌبة؛‬ ‫األخالق َّإما ف ْطر َّي ٌة َّ‬
‫وإما ُم َ‬
‫ِ‬
‫البيئة‬ ‫بيعي ِة‪ ،‬أو ِم َن‬ ‫ِ‬
‫البيئة َّ‬ ‫كتس ٌبة ِم َن‬ ‫ِ‬
‫أخالق ال َّن ِ‬ ‫ُ‬ ‫منذ َّأو ِل حياتِهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫الط َّ‬ ‫اس ُم َ‬ ‫وبعض‬
‫ولكن ال بدَّ ِمن‬
‫ْ‬ ‫ونحو ذلك‪.‬‬‫ِ‬ ‫جار ِ‬
‫ب‬ ‫الخ ِ‬
‫برات وال َّت ِ‬ ‫االجتماعي ِة‪ ،‬أو ِمن َتوالي ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طري الكتِسابِها‪ْ ،‬‬ ‫عداد ِ‬
‫جود االستِ ِ‬
‫و ِ‬
‫هارات(((‪.‬‬ ‫شأ ُنها كشأن جمي ِع َ‬
‫الم‬ ‫الف ِّ‬ ‫ُ‬
‫األخالق َ‬
‫احلميد ِة(((‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ساب‬ ‫ُ‬
‫وسائل اك ِت ِ‬
‫ِ‬
‫االنزالق‪.‬‬ ‫اإلنسان ِم َن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لحماية‬ ‫‪َ 1-1‬تصحيح الع ِ‬
‫قيدة؛‬ ‫ُ َ‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة باحثين (‪.)68-67/1‬‬


‫((( ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (‪.)179 ،167/1‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (‪ )209-196/1‬بتصرف‪،‬‬
‫((موسوعة األخالق)) لخالد الخراز (ص‪ )93-58 :‬بتصرف‪(( ،‬موسوعة نضرة النعيم))‬
‫لمجموعة من المؤلفين (‪ )162-139/1‬بتصرف‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫األولى في ال َّت ِ‬
‫ربية‪.‬‬ ‫والوسيلة ُ‬
‫ُ‬ ‫لي‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫العم ُّ‬
‫األسلوب َ‬
‫ُ‬ ‫بادات؛ وهي‬
‫الع ُ‬
‫ُ‬
‫والعمل بما فيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القرآن‪ ،‬و َتد ُّب ُره‪،‬‬ ‫‪ِ 3-3‬قراء ُة‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬


‫النبي ص َّلى ُ‬ ‫سي ُة؛ قال ُّ‬ ‫والر ُ‬
‫ياضة ال َّن ْف َّ‬ ‫لي‪ِّ ،‬‬ ‫العم ُّ‬
‫دريب َ‬ ‫‪4-4‬ال َّت ُ‬
‫الله))(((‪.‬‬
‫تص َّب ْر ُي َص ِّب ْر ُه ُ‬ ‫الله‪ ،‬و َمن َيس َتغْ ِن ُيغْ نِ ِه ُ‬
‫الله‪ ،‬و َمن َي َ‬ ‫ف ُي ِع َّف ُه ُ‬ ‫((ومن يست ِ‬
‫َعف ْ‬ ‫َ َ‬

‫لق(((‪.‬‬‫الخ ِ‬‫سوء ُ‬‫واقب ِ‬ ‫وع ِ‬ ‫الخ ِ‬


‫سن ُ‬‫المتر ِّت ِبة على ُح ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬
‫لق‪َ ،‬‬ ‫اآلثار ُ‬ ‫فك ُر في‬

‫نك ِر‪ ،‬وال َّتواصي بالحقِّ ‪.‬‬


‫الم َ‬ ‫هي ِ‬ ‫ِ‬
‫عن ُ‬ ‫بالمعروف وال َّن ُ‬
‫األمر َ‬
‫‪ُ 6-6‬‬
‫ِ‬
‫الفاضلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫ِ‬
‫األخيار‪،‬‬ ‫صاح ُبة‬
‫‪ُ 7-7‬م َ‬
‫وأهل ال َف ِ‬
‫ضل‬ ‫ِ‬ ‫حابة ِ‬
‫الكرا ِم‪،‬‬ ‫وسي ِر الص ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إدامة ال َّن ِ‬
‫‪ُ 8-8‬‬
‫َّ‬ ‫السيرة ال َّنبو َّية‪َ ،‬‬
‫ظر في ِّ‬
‫ِ‬
‫والحل ِم‪.‬‬
‫أثر‬ ‫لطة الما ِّد َّي ِة ا َّلتي ُي ِ‬
‫مار ُسها ٌ‬
‫فللس ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫األمر؛ ُّ‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تفعيل ُسلطان الحاك ِم َ‬
‫وو ِّ‬ ‫‪9-9‬‬
‫اإلسالم‬ ‫خالقي ا َّلذي َر َسمه‬ ‫بالمنهج َ‬
‫األ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والجماعات‬ ‫ِ‬
‫األفراد‬ ‫َف َّع ٌ‬
‫ال في إلزا ِم‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫لل َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫اإلسالمي ِة(((‪:‬‬
‫َّ‬ ‫األخالق‬
‫ِ‬ ‫راف عن‬
‫االحن ِ‬
‫أسباب ِ‬
‫ُ‬
‫راء عليه‪.‬‬‫ِ‬ ‫‪1-1‬البعدُ ِ ِ‬
‫عن الله تعالى‪ ،‬واالفت ُ‬ ‫ُ‬
‫الفواحش ما َظ َهر منها وما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارتكاب‬ ‫يقود صاح َبه إلى‬
‫الهوى‪ ،‬الذي ُ‬
‫باع َ‬‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫َب َطن‪.‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )1469‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪ )1053‬من حديث أبي سعيد الخدري رضي‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫((( ((الجواب الكافي)) البن القيم (ص‪.)126 :‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لحسن الشرقاوي (ص‪(( ،)26 ،20 :‬األخالق اإلسالمية)) لحسن‬
‫المرسي (ص‪.)80 :‬‬
‫‪14‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫اإلسالم على اخل ُل ِق َ‬


‫احلس ِن‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َح ُّث‬
‫ ‪-‬قال الل ُه تعالى‪ :‬ﮋﭵﭶ ﭷ ﭸﭹﭺﭻﮊ [األعراف‪.]199 :‬‬

‫كم ُل‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪َ :‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫((أ َ‬ ‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫وخيار ُكم ِخيار ُكم لنِ ِ‬ ‫نين إيما ًنا َأحسنُهم ُخ ُل ًقا‪ِ ،‬‬
‫سائ ِهم))(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫ْ‬

‫الله عليه وس َّل َم قال‪(( :‬ما‬ ‫ِ‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي الدَّ ْرداء َر َ‬
‫وإن الل َه لي ِ‬
‫يامة ِمن ُخ ُل ٍق َح َس ٍن‪َّ ،‬‬
‫الق ِ‬ ‫المؤ ِم ِن يوم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫بغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫م ْن َشيء َأث َق َل في ميزان ْ َ َ‬
‫ش ال َبذي َء))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفاح َ‬

‫اإلسالمي ِة(((‪:‬‬
‫َّ‬ ‫األخالق‬
‫ِ‬ ‫املسلم َ‬
‫ني من‬ ‫موقف أعدا ِء ْ‬
‫لألخالق اإلسالمي ِة ِمن ِعدَّ ِة جب ٍ‬
‫هات‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫غز ُوهم‬
‫لقد كان ْ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وسدِّ ُعيونِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪1-1‬ال َّتصميم على َكس ِر َم ِ‬
‫جاري نب ِع اإليمان بالله واليو ِم اآلخ ِر‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫وقط ِع َشرايينِه‪.‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مكرا ً‬
‫بالغا؛ وذلك ما‬ ‫المتع ِّلقة بها ً‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وبالدِّ راسات ُ‬
‫َّ‬ ‫كر بالعلو ِم‬‫الم ُ‬ ‫‪َ 2-2‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وتالع ٍ‬ ‫ْبين َح ٍ‬
‫ضايقة‬ ‫بمفاهيمها أخرى‪ ،‬و َتشويه لها أو ُجحود ُ‬
‫وم‬ ‫ب َ‬ ‫ُ‬ ‫جب لها تار ًة‪،‬‬
‫ستم َّر ٍة ال َت ِ‬
‫عر ُف َك َل ًل وال َم َل ًل‪.‬‬ ‫بم ِ‬
‫حر ٍ ُ‬
‫كل ذلك في ْ‬ ‫وم َب ِّلغيها‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ُلر َّوادها ُ‬
‫ِ‬
‫باالنحالل‬ ‫ٍ‬
‫شحونة‬ ‫ٍ‬
‫بيئات َم‬ ‫لمين في‬ ‫ِ‬ ‫لغ ِ‬
‫‪َ 3-3‬و َّجهوا ُجنو َدهم َ‬
‫المس َ‬
‫مس أبناء ْ‬

‫مختصرا‪ ،‬والترمذي (‪ )1162‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪.)7402‬‬


‫ً‬ ‫((( أخرجه أبو داود (‪)4682‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وصححه على شرط مسلم الحاكم في ((المستدرك)) (‪،)43/1‬‬
‫وصحح إسناده البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (‪.)65/4‬‬
‫مختصرا‪ ،‬والترمذي (‪ )2002‬واللفظ‬
‫ً‬ ‫((( أخرجه من طرق أبو داود (‪ ،)4799‬وأحمد (‪)27517‬‬
‫له‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2002‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (‪ )98/1‬بتصرف‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫األخالق اإلسالميَّ ِة‬
‫ِ‬ ‫مات في‬
‫مق ِّد ٌ‬

‫بقو ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫العدْ وى‪ ،‬وسراية الفساد َّ‬ ‫ِ‬
‫طريق َ‬ ‫قي ِة عن‬
‫الخ ُل َّ‬
‫ذائل ُ‬ ‫ِ‬
‫الخ ُل ِّ‬
‫قي؛ ُبغي َة إصابتهم َّ‬
‫بالر ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األخالق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رتبطة َبر ِ‬
‫ذائل‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫البيئة‪ ،‬واستِ ِ‬
‫مراء َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش َهوات ُ‬ ‫تأثير‬
‫ِ‬ ‫ين‪ ،‬ا َّلذين ي ِ‬ ‫لين ِ‬
‫المس ِل َ‬
‫مين‬ ‫لون إلى أبناء ْ‬ ‫حم َ‬ ‫َ‬ ‫الفكر ِّي َ‬ ‫المض ِّل َ‬
‫جيوش ُ‬ ‫َ‬ ‫‪َ 4-4‬ج َّندُ وا‬
‫عارف الما ِّد َّي ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمفاهيم وال َف ْل َسفات الباطل َة‪ ،‬ض ْم َن واردات َ‬
‫الم‬ ‫َ‬ ‫األفكار‬
‫َ‬
‫كري‬‫الف ِّ‬ ‫زو ِ‬
‫الغ ِ‬ ‫ده ِ‬
‫شة‪ ،‬وعن طريق هذا َ‬ ‫زات الحضاري ِة الم ِ‬ ‫ذات المنج ِ‬ ‫حيحة‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫الص‬
‫َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫الس َّم في الدَّ َس ِم‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الخطير ُيدخلون َّ‬

‫‪16‬‬
‫ُ‬
‫األخالق‬
‫المحمو َدة‬
‫اسحإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اإلحسان‬

‫معنى اإلحسان‪:‬‬
‫حسن ِ‬
‫ِ‬ ‫الس ِّي ِئة؛ ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلساءة‪ .‬والح ُ ِ‬ ‫اإلحسانُ ُلغ ًة‪ِ :‬ضدُّ‬
‫وم ْح ٌ‬
‫سان‪.‬‬ ‫رج ٌل ُم ٌ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫سنة ضدُّ َّ‬ ‫َ‬
‫زال م ِ‬ ‫قال‪َ :‬أ ْح ِس ْن يا هذا؛ فإ َّنك ِم ْح ٌ‬
‫حسنًا(((‪.‬‬ ‫سان‪ ،‬أي‪ :‬ال َت ُ ُ‬ ‫و ُي ُ‬

‫بأن َيع ُبدَ الل َه كأ َّنه َيراه‪ْ ،‬‬


‫فإن‬ ‫الخالق‪ْ :‬‬‫ِ‬ ‫اإلحسان في ِع ِ‬
‫بادة‬ ‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫اإلحسانُ‬
‫ً‬
‫صح‪،‬‬‫وج ِه ال ُّن ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بحقوق الله على ْ‬ ‫فإن الل َه َيراه‪ ،‬وهو ِ‬
‫الجدُّ في القيا ِم ُ‬ ‫لم َي ُك ْن َيرا ُه َّ‬
‫ٍ‬
‫مخلوق َيكون‪،‬‬ ‫الخلق‪ :‬هو َب ْذ ُل َجمي ِع المناف ِع ِّ‬
‫ألي‬ ‫ُ‬
‫واإلحسان إلى َ‬ ‫ِ‬
‫كميل لها‪.‬‬ ‫وال َّت‬
‫ب اإلحسان‪،‬‬ ‫وبحس ِ‬ ‫قامهم‪،‬‬‫ت المحس ِن إليهم‪ ،‬وح ِّقهم وم ِ‬ ‫ولك َّنه يتفاو ُت بتفاو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫بب‬‫والس ِ‬ ‫ِ‬
‫وإخالصه‪،‬‬ ‫إيمان الم ِ‬
‫حس ِن‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫وبحس ِ‬ ‫وقعه‪ ،‬وعظي ِم َن ِ‬
‫فعه‪،‬‬ ‫وع َظ ِم م ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الدَّ اعي له إلى ذلك(((‪.‬‬

‫اإلحسان واإلنعام(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫الفرق بني‬
‫واإلنعام‬ ‫قول‪َ :‬أحس ْن ُت إلى ن ْفسي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ولغيره؛ َت ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫كون لن ْف ِ‬
‫س‬ ‫اإلحسان َي ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫يكون َّإل ِ‬
‫لغيره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫غيب فيه من القرآن ُّ‬ ‫األم ُر باإلحسان َّ‬
‫والت ُ‬
‫قال ُسبحانه‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬

‫ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [النحل‪.]90 :‬‬

‫((( ((تاج العروس)) للزبيدي (‪ .)422/34‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((بهجة قلوب األبرار)) للسعدي (ص‪.)206 :‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)236 :‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)114/13‬‬
‫‪19‬‬
‫اسحإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عز ِمن ٍ‬
‫قائل‪ :‬ﮋﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﮊ [األعراف‪.]56 :‬‬ ‫وقال َّ‬
‫تان ح ِف ْظ ُتهما عن رسول ِ‬
‫الله ص َّلى‬ ‫ِ ِ‬ ‫اد بن َأ ٍ‬ ‫وعن َشدَّ ِ‬
‫الله عنه قال‪ :‬ث ْن َ‬‫ضي ُ‬ ‫وس َر َ‬
‫سان على ُك ِّل َش ْي ٍء))(((‪ ،‬أي‪ :‬أ َم َركم‬
‫اإل ْح َ‬ ‫َب ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم؛ قال‪َّ :‬‬
‫((إن الل َه َكت َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشام ُل لإلنسان‬ ‫موم‬ ‫ٍ‬ ‫شيء‪ ،‬أو في ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫باإلحسان إلى ُك ِّل‬
‫الع ُ‬ ‫والمراد منه ُ‬
‫ُ‬ ‫شيء‪،‬‬ ‫كل‬
‫ٍ‬ ‫اإلحسان ِّ‬ ‫َب على ال َّن ِ‬
‫شيء(((‪.‬‬ ‫لكل‬ ‫َ‬ ‫اس‬ ‫قدير‪َ :‬كت َ‬
‫حيا وم ِّي ًتا‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّت ُ‬
‫ًّ‬
‫السلف وال ُعلماء يف اإلحسان‪:‬‬
‫أقوال َّ‬
‫ري هذه اآلي َة‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮊ [النحل‪:‬‬ ‫ ‪َ -‬قرأ َ‬
‫الحس ُن ال َب ْص ُّ‬
‫والشر ك َّله في ٍ‬
‫آية واحدة؛‬ ‫الخير ك َّله َّ َّ‬
‫َ‬ ‫لكم‬
‫جمع ُ‬ ‫ثم و َق َف‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫(إن الل َه َ‬ ‫‪ ]90‬اآلي َة‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وجل َّإل َ‬
‫جم َعه‪ ،‬وال َت َرك‬ ‫َّ‬ ‫عز‬ ‫ُ‬
‫واإلحسان شيئًا من طاعة الله َّ‬ ‫العدل‬ ‫فوالله ما َت َرك‬

‫غي من معصية الله شيئًا َّإل َ‬


‫جم َعه)(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫والمنك ُر وال َب ُ‬ ‫الفحشاء‬
‫ُ‬
‫اإلحسان في ِع ِ‬
‫بادة الخالق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صول الر ِ‬
‫حمة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فتاح ُح‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ ‪-‬وقال ابن الق ِّيم‪( :‬م ُ‬
‫والسعي في َن ْف ِع َع ِ‬
‫بيده)(((‪.‬‬ ‫َّ ُ‬
‫آثا ُر اإلحسان وفوائدُه‪:‬‬
‫الك‪ ،‬ووقايتِه‬
‫الخراب واله ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وحمايتِه من‬‫نيان المجتم ِع ِ‬‫‪1-1‬سبب في تماس ِك ب ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ٌ‬
‫صادي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫الخ َل ِل االقتِ‬
‫عن َ‬ ‫ِ‬
‫اجمة ِ‬ ‫االجتماعي ِة ال َّن‬ ‫من اآلفات‬
‫َّ‬
‫اإلنسان في َعالقتِه بالحياة ‪ -‬وهي َع ُ‬
‫القة‬ ‫ِ‬
‫قياس ا َّلذي ُي ُ‬
‫قاس به َن ُ‬
‫جاح‬ ‫ِ‬
‫‪2-2‬الم ُ‬
‫ٍ‬
‫ابتالء‪.‬‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)1955‬‬


‫((( ((تحفة األحوذي)) للمباركفوري (‪.)665-664/4‬‬
‫((( ((حلية األولياء)) ألبي نعيم (‪.)158/2‬‬
‫((( ((حادي األرواح)) البن الق ِّيم (ص‪.)66 :‬‬
‫‪20‬‬
‫اسحإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله معه فإ َّنه ال َي ُ‬


‫خاف‬ ‫َّ‬
‫وجل‪ ،‬و َمن كان ُ‬ ‫عز‬ ‫كون في م ِعي ِة ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ِ‬
‫المحس ُن َي ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫َ َّ‬
‫بأسا وال َر َه ًقا‪.‬‬
‫ً‬

‫كونون في مأ َم ٍن من الخوف‬
‫َ‬ ‫عظيم في اآلخرة؛ حيث َي‬ ‫أجر‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫نين ٌ‬
‫للمحس َ‬ ‫‪4-4‬‬
‫والحزن‪.‬‬
‫ِ‬
‫والمال واألهل‪.‬‬ ‫الع ُم ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 5-5‬و ٌ‬
‫صول البركة في ُ‬ ‫لح‬
‫سيلة ُ‬

‫ِمن ُص َور اإلحسان‪:‬‬


‫اإلحسان في ِعبادة الله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫‪2-2‬اإلحسان إلى الوالدَ ِ‬
‫ين‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجار‪.‬‬ ‫‪3-3‬اإلحسان إلى‬

‫والمساكين‪.‬‬
‫‪4-4‬اإلحسان إلى اليتا َمى َ‬

‫المسيء إليك‪.‬‬
‫‪5-5‬اإلحسان إلى ُ‬

‫‪6-6‬اإلحسان في الكالم‪.‬‬
‫‪7-7‬اإلحسان في ِ‬
‫الجدال‪.‬‬

‫‪8-8‬اإلحسان إلى الحيوان‪.‬‬


‫األمثال ِّ‬
‫والشعر يف اإلحسان‪:‬‬
‫الج َمل‪ .‬ومعناه‪ :‬إ َّنما َي ْجزي على اإلحسان باإلحسان‬ ‫جزي ال َفتى‪ ،‬ليس َ‬ ‫ ‪-‬إ َّنما َي ِ‬
‫ِ‬
‫الج َمل في ُل ْؤمه فإ َّنه ال ُي َ‬
‫وص ُل إلى ال َّنف ِع‬ ‫فأما َمن هو بمنزلة َ‬ ‫َمن هو ُح ٌّر وكريم‪َّ ،‬‬
‫ِمن ِجهتِه َّإل إذا اق ُت ِسر و ُق ِهر(((‪.‬‬

‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (ص‪.)57 :‬‬


‫‪21‬‬
‫اسحإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫تي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الفتح ال ُب ْس ُّ‬ ‫ ‪-‬قال أبو‬
‫ُ‬
‫ســـران‬‫الخ ِير ُخ‬
‫حض َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ْب ُح ُه َغ َير َم‬ ‫ُ‬
‫ُقصان‬ ‫المرء فـــي ُدنيـــا ُه ن‬ ‫ِ‬ ‫زيـــاد ُة‬
‫اإلنســـان إِ‬ ‫َأ ِ‬
‫ُ‬
‫حسان‬ ‫َ‬ ‫فطا َل َما اســـتَع َبدَ‬ ‫هم‬ ‫َّاس ت َْســـتَعبِدْ ُقلو َب ُ‬ ‫حس ْن إلى الن ِ‬
‫ِ‬
‫لإلنســـان َفت ُ‬
‫َّـــان‬ ‫والم ُ‬
‫ـــال‬ ‫ِ‬
‫إ َليـــه َ‬ ‫َّـــاس قاطِب ًة‬
‫ُ‬ ‫مال الن‬‫ال َ‬ ‫من جـــا َد بالم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلنســـان إِمكان‬
‫ُ (((‬
‫فل ْن َيدو َم على‬ ‫مـــكان و َم ْق ِدر ٌة‬
‫ٌ‬ ‫َأ ْح ِســـ ْن إذا كان إِ‬

‫((( ((قصيدة عنوان الحكم)) ألبي الفتح البستي (ص‪.)35 :‬‬


‫‪22‬‬
‫فْ ل أُلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫األُلْفة‬
‫معنى ُ‬
‫األلفة‪:‬‬
‫وألِ ْف ُت ُفال ًنا؛‬ ‫واالجتماع مع االلتئا ِم‪ُ ،‬يقال‪َ :‬ألِ ْف ُت َّ‬
‫الشي َء َ‬ ‫ُ‬ ‫األنس‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫األ ْلف ُة ُلغ ًة‪:‬‬
‫إذا َأنِ ْس َت به(((‪.‬‬

‫المعاش(((‪.‬‬ ‫اآلراء في المعاونة على َت ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ا ِّت ُ‬ ‫األلفة‬ ‫ُ‬
‫دبير َ‬ ‫فاق‬ ‫ً‬

‫األ ْلفة من ال ُقرآن ُّ‬


‫والسَّنة‪:‬‬ ‫واحلث على ُ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﮊ [آل عمران‪.]103 :‬‬
‫اإليمان واستِ ِ‬
‫قامة ُأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهذا فيه‪ :‬ح ٌّث على ُ ِ‬
‫مور‬ ‫األ ْلفة واالجتماع‪ ،‬ا َّلذي هو ُ‬
‫نظام‬ ‫َ‬
‫العا َلم(((‪.‬‬
‫ ‪-‬وقال سبحانه‪ :‬ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﮊ [األنفال‪.]63 ،62 :‬‬
‫سول ِ‬
‫الله ص َّلى الله عليه وس َّلم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫أن َر َ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة َر ِض َي الله عنه‪َّ ،‬‬
‫خير فيمن ال يأ َل ُف وال ُيؤ َل ُف))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫((إن المؤم َن يأ َل ُف‪ ،‬وال َ‬
‫َّ‬

‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)81 :‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)10/9‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)34 :‬‬
‫((( ((تفسير الراغب األصفهاني)) (‪.)765/2‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)9198‬والحاكم (‪.)59‬‬
‫وحسن إسناده األلباني في ((سلسلة األحاديث الصحيحة))‬
‫صححه الحاكم على شرط الشيخين‪َّ ،‬‬
‫(‪.)426‬‬
‫‪23‬‬
‫فْ ل أُلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫لف وال ُعلما ِء يف ُ‬


‫األلفة‪:‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫(إن هذا َل ُي ِح ُّبني‪ .‬قالوا‪ :‬وما‬
‫رج ًل فقال‪َّ :‬‬ ‫اس ُ‬‫عب ٍ‬‫ابن َّ‬
‫جاهد قال‪ :‬رأى ُ‬
‫ ‪-‬عن م ِ ٍ‬
‫ُ‬
‫ف‪ ،‬وما‬‫عار َف منها ا ْئ َت َل َ‬
‫نود ُم َج َّند ٌة؛ فما َت َ‬
‫واألرواح ُج ٌ‬
‫ُ‬ ‫ِع ْل ُمك؟ قال‪ :‬إ ِّني َ ُل ِح ُّبه‪،‬‬
‫ف)(((‪.‬‬ ‫ناك َر منها اخ َت َل َ‬
‫َت َ‬
‫(وأصل ال َّتآ ُل ِ‬
‫ُ‬
‫واإلعراض عنها؛ فهي‬ ‫ف هو ُب ُ‬
‫غض الدُّ نيا‬ ‫ُ‬ ‫الس َل ُّ‬
‫مي‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُّ‬
‫المخا َلف َة ْبين اإلخوان)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ا َّلتي توق ُع ُ‬
‫الخ ُلق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ثمر ُة ُح ِ‬ ‫الغزالي‪ُ :‬‬
‫سوء ُ‬ ‫ثمر ُة‬ ‫الخ ُلق‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫فر ُق َ‬ ‫سن ُ‬ ‫(األ ْل ُ‬
‫فة َ‬ ‫ ‪-‬وقال َ ُّ‬
‫الخ ُل ِق ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫ثم ُر ال َّت ُ‬
‫باغ َ‬ ‫وسوء ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف وال َّتوا ُفق‪،‬‬ ‫الخ ُل ِق يوج ُب ال َّت ُّ‬
‫حب َب وال َّتآ ُل َ‬ ‫سن ُ‬‫فح ُ‬
‫ُ‬
‫حاسدَ وال َّت ُ‬
‫ناكر)(((‪.‬‬ ‫وال َّت ُ‬
‫فوائ ُد األلفة‪:‬‬
‫المؤمنين ِمن أسباب ال َّن ِ‬
‫صر وال َّتمكين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫األ ْل ِ‬
‫فة ْبين‬ ‫يام ُ‬ ‫ِ‬
‫‪1-1‬ق ُ‬
‫األم ِة‪ ،‬و َتمن َُع ُذ َّل ُهم‪.‬‬
‫مل َّ‬‫جم ُع َش َ‬ ‫أن ُ‬
‫األ ْلف َة َت َ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬

‫وبحبله‪.‬‬
‫ْ‬ ‫سبب لالعتِصا ِم بالله‬
‫فة ٌ‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫األ ْل ُ‬
‫بسبب ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلجماع ْبين المسلمين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫األ ْلفة َي ُ‬
‫حص ُل‬ ‫‪4-4‬‬

‫المود ِة ْبين المسلمين(((‪.‬‬


‫َّ‬ ‫وح‬ ‫ماعي‪ ،‬و ُت ُ‬
‫شيع ُر َ‬
‫ِ‬
‫ماس َك االجت َّ‬
‫‪ُ 5-5‬تح ِّق ُق ال َّت ُ‬
‫األ ْلفة‪:‬‬
‫أسباب ُ‬
‫المسل ِم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فة والم ِ‬
‫األ ْل ِ‬
‫أسباب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫جتم ِع ْ‬ ‫حبة و َتثبيتها و َتقو َيتها في ُ‬
‫الم َ‬ ‫َ َّ‬

‫((( أخرجه ابن حبان في ((روضة العقالء)) (ص‪.)108 :‬‬


‫((( ((آداب الصحبة)) للسلمي (ص‪.)78 :‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)157/2‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)506/2‬‬
‫‪24‬‬
‫فْ ل أُلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عاشر ُة ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫وم َ‬‫عار ُف ُ‬
‫‪1-1‬ال َّت ُ‬
‫‪2-2‬ال َّتواضع‪.‬‬

‫السالم‪ .‬‬
‫‪3-3‬إفشاء َّ‬
‫‪4-4‬الكالم ال َّل ِّين‪.‬‬

‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬


‫عفف عن سؤال ال َّناس‪.‬‬

‫عي لإلصالح بين ال َّناس‪.‬‬


‫الس ُ‬
‫‪َّ 6-6‬‬
‫‪7-7‬زيارة المسلم وعياد ُته إذا ِ‬
‫مرض‪.‬‬

‫‪8-8‬ال َّتهادي‪.‬‬

‫عور بقضاياهم‪.‬‬ ‫االهتمام بأمور الم ِ‬


‫سلمين ُّ‬
‫والش ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪9-9‬‬
‫األ ْلفة يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ناوي‪:‬‬ ‫كر َ‬
‫األ ْب ُّ‬ ‫محم ِد ِ‬
‫بن َب ٍ‬ ‫قال أحمدُ ُ‬
‫بن َّ‬
‫ف‬ ‫ِ‬
‫ـــواء َت ْعت َِر ُ‬‫األرض باألَ ْه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لله فـــي‬ ‫لـــوب َلَ ْجنـــا ٌد ُم َجنَّـــد ٌة‬ ‫إن ال ُق‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫َـــر ِمنها فهـــو ُمختل ُ‬
‫ِ (((‬
‫ف‬ ‫ومـــا تَناك َ‬ ‫ف‬ ‫مؤت َِل ٌ‬
‫ف منهـــا فهـــو ْ‬ ‫َعـــار َ‬
‫َ‬ ‫فما ت‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)108 :‬‬


‫‪25‬‬
‫نامألا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫األمانة‬

‫معنى األمانة‪:‬‬
‫ُ‬
‫األمان تار ًة‬ ‫جع ُل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األمانة ُلغ ًة‪:‬‬
‫واألمان في األصل َمصاد ُر‪ ،‬و ُي َ‬ ‫واألمانة‬ ‫األمن‬
‫ُ‬
‫اسما لِما يؤ َم ُن ع َل ِيه‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان في األمن‪ ،‬وتار ًة ً‬ ‫كون ع َليها‬ ‫ِ‬
‫للحالة ا َّلتي َي ُ‬ ‫اسما‬
‫ً‬
‫حو َقولِه تعالى‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﮊ [األنفال‪ ،]27 :‬أي‪ :‬ما ا ْئ ُت ِمن ُتم‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‪َ ،‬ن َ‬
‫ع َل ِيه‪ ،‬و َقولِه‪ :‬ﮋﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﮊ [األحزاب‪.(((]72 :‬‬

‫وكل ما اف ُت ِرض على‬


‫فظه(((‪ُّ .‬‬ ‫كل حقٍّ َل ِزمك َأداؤُ ه ِ‬
‫وح ُ‬ ‫الحا‪ :‬هي ُّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫األمانة اصط ً‬
‫دائع‪َ ،‬‬
‫وأ َ‬ ‫ين‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وأداء َد ٍ‬ ‫وز ٍ‬ ‫أمانة؛ كص ٍ‬ ‫ِ‬
‫وكدُ‬ ‫الو ُ‬ ‫وأ ْو َكدُ ها َ‬ ‫كاة وصيا ٍم‬ ‫الة َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫العباد فهو‬
‫األ ِ‬
‫سرار(((‪.‬‬ ‫الودائ ِع َكتم َ‬
‫َ‬
‫ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫األمانة ِمن ال ُق ِ‬


‫رآن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫غيب يف أَدا ِء‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال الله تعالى‪ :‬ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﮊ [النساء‪.]58 :‬‬

‫حين‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ‬ ‫ ‪-‬وقال تعالى في ِذكر ِص ِ‬


‫فات الم ِ‬
‫فل َ‬ ‫ُ‬
‫[المؤمنون‪.]8 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪(( :‬آ َي ُة‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي هرير َة رضي الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬

‫((( ((المفردات)) للراغب (‪.)133/1‬‬


‫((( ((فيض القدير)) للمناوي (‪.)288/1‬‬
‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)269 :‬‬
‫‪26‬‬
‫نامألا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ف‪ ،‬وإذا اؤْ ُت ِم َن َ‬


‫خان))(((‪.‬‬ ‫المنافِ ِق َث ٌ‬
‫الث‪ :‬إذا َحدَّ َث َك َذ َب‪ ،‬وإذا َو َعدَ َأخ َل َ‬ ‫ُ‬
‫السلف والعلما ِء يف األمانة‪:‬‬
‫أقوال َّ‬
‫امر ٍئ وال َص ُ‬
‫ومه‪َ ،‬من شا َء‬ ‫مر رضي الله عنه قال‪( :‬ال َت ُغ ُّرني َصال ُة ِ‬ ‫ ‪-‬عن ُع َ‬
‫ين لِ َمن ال أمان َة له)(((‪.‬‬
‫صام و َمن شا َء َص َّلى‪ ،‬ال ِد َ‬
‫َ‬

‫رأس مالِه)(((‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫رأس ٍ‬


‫مال ف ْل َي َّتخذ األمان َة َ‬ ‫لم َي ُك ْن له ُ‬ ‫فيان ِ‬
‫بن ُع َي ْين َة قال‪َ ( :‬من ْ‬ ‫ ‪-‬وعن ُس َ‬

‫أن ال َّ‬
‫تؤخ َر ُعقوب ُته‬ ‫عمال ْ‬ ‫(إن ِمن َأ ْجدَ ِر َ‬
‫األ ِ‬ ‫عي قال‪ :‬كان ُي ُ‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫ٍ‬
‫الر َب ِّ‬
‫ ‪-‬وعن خالد َّ‬
‫واإلحسان ُي ْك َف ُر)(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫قط ُع‪،‬‬‫والر ِح َم ُت َ‬
‫خان‪َّ ،‬‬ ‫عج َل ُعقوب ُته‪ :-‬األمان َة ُت ُ‬
‫‪-‬أو ُي َّ‬
‫فوائد األمانة(((‪:‬‬
‫سن اإلسال ِم‪.‬‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬
‫مال اإليمان‪ُ ،‬‬ ‫األمانة ِمن َك ِ‬‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫واألرض‪.‬‬ ‫موات‬ ‫الس‬‫قوم ع َل ْيها أ ْم ُر َّ‬
‫‪َ 2-2‬ي ُ‬
‫جسام‪َ ،‬‬ ‫واألموال‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ين‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫رواح‪،‬‬
‫واأل ُ‬ ‫ُ‬ ‫واأل‬ ‫عراض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫واأل‬ ‫‪3-3‬باألمانة ُيح َف ُظ الدِّ ُ‬
‫والشهاد ُة وال َقضاء ِ‬
‫والك ُ‬ ‫والو ُ‬ ‫الية ِ‬ ‫والو ُ‬ ‫والم ِ‬
‫تابة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫صاية َّ‬ ‫لوم‪َ ،‬‬ ‫والع ُ‬ ‫عار ُف ُ‬ ‫َ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مين ُي ِح ُّبه ُ‬ ‫‪َ 4-4‬‬
‫الله‪ ،‬و ُيح ُّبه ال َّن ُ‬ ‫األ ُ‬
‫ٍ‬
‫وبركة‪.‬‬ ‫جتم ُع َخ ٍير‬ ‫األ ُ‬ ‫جتم ٌع َت ْفشو فيه َ‬
‫مانة ُم َ‬ ‫‪ُ 5-5‬م َ‬
‫ِمن ُص َور األمانة(((‪:‬‬
‫ِ‬
‫بادات ا َّلتي َك َّل َفهم بها‪.‬‬ ‫الله على ِعباده ِم َن ِ‬
‫الع‬ ‫‪1-1‬األمانة فيما افت ََر َضه ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)33‬ومسلم (‪.)59‬‬


‫((( أخرجه الخالل في ((السنة)) (‪ ،)1491‬والخرائطي في ((مكارم األخالق)) (‪ )162‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( أخرجه البيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)5284‬‬
‫((( أخرجه الخرائطي في ((مكارم األخالق)) (‪.)168‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة من المؤلفين (‪.)524/3‬‬
‫((( ((بستان العارفين)) للنووي (ص‪(( ،)15 :‬شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪،)462/2‬‬
‫((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)595/1‬‬
‫‪27‬‬
‫نامألا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫لإلنسان به َح ٌّق ِم َن المال‪،‬‬


‫ِ‬ ‫عما ليس‬ ‫‪2-2‬األمانة في األموال‪ :‬و َت ُ ِ ِ‬
‫كون بالع َّفة َّ‬
‫الحقِّ فيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صحاب َ‬ ‫تحت َي ِده ِم ُنه َ‬
‫أل‬ ‫أدية ما َ‬ ‫ويه‪ ،‬و َت ِ‬
‫أدية ما ع َل ِيه ِمن حقٍّ لِ َذ ِ‬
‫َ‬
‫و َت ِ‬

‫ِ‬ ‫ُ ِ ِ‬ ‫‪3-3‬األمانة في َ‬
‫لإلنسان به َح ٌّق منها‪،‬‬ ‫عما ليس‬‫وتكون با ْلع َّفة َّ‬ ‫األعراض‪:‬‬
‫والغ ِ‬
‫يبة‪.‬‬ ‫ذف ِ‬
‫يء منها بسوء؛ كال َق ِ‬ ‫يل َش ٍ‬ ‫س وال ِّل ِ‬
‫سان عن َن ِ‬ ‫ف ال َّن ْف ِ‬
‫وك ِّ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫عر ِ‬
‫ض‬ ‫س وال َي ِد ِ‬
‫عن ال َّت ُّ‬ ‫ف ال َّن ْف ِ‬ ‫‪4-4‬األمانة في األجسام واألرواح‪ :‬وتكون َ‬
‫بك ِّ‬
‫رح أو ُض ٍّر أو أ ًذى‪.‬‬
‫تل أو َج ٍ‬ ‫لها بس ٍ‬
‫وء؛ ِمن َق ٍ‬ ‫ُ‬
‫أن ُت َ‬ ‫ِ‬
‫النصيحة ْ‬ ‫والعلوم‪ِ :‬من‬ ‫الم ِ‬
‫ضاف الفائد ُة التي ُت َ‬
‫ستغر ُب‬ ‫عارف ُ‬ ‫‪5-5‬األمانة في َ‬
‫ور َك له في ِعلمه وحالِه‪ ،‬و َمن أوهم ذلك وأوهم فيما‬
‫فعل ذلك ُب ِ‬
‫فمن َ‬ ‫ِ‬
‫إلى قائلها؛ َ‬
‫بار َك له في حال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جدير ْ‬ ‫يأخ ُذه من كالم ِ‬
‫غيره أ َّنه له ‪-‬فهو‬ ‫ُ‬
‫نتفع بعلمه‪ ،‬وال ُي َ‬
‫أن ال ُي َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الفوائد إلى قائلها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إضافة‬ ‫ضل على‬ ‫أهل ِ‬
‫العل ِم وال َف ِ‬ ‫ولم َيزَ ْل ُ‬
‫األعمال إلى م ِ‬
‫ستح ِّقيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإسناد‬ ‫قوق إلى ْأه ِلها‪،‬‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪6-6‬األمانة في الوالية‪ :‬بتَأدية ُ‬
‫وح ِ‬
‫فظ‬ ‫وعقولِهم‪ِ ،‬‬ ‫وأ ِ‬ ‫جسامهم َ‬ ‫ِ‬ ‫اس َ‬ ‫ِ‬
‫أموال ال َّن ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫األ ْك ِ‬
‫فياء لها‪ِ ،‬‬ ‫َ‬
‫رواحهم ُ‬ ‫وأ‬ ‫فظ‬
‫سرار الدَّ ِ‬
‫ولة ِّ‬ ‫فظ َأ ِ‬‫وح ِ‬‫وء‪ِ ،‬‬ ‫أن ينا َله أحدٌ بس ٍ‬ ‫الدِّ ين ا َّلذي ار َتضاه ُ ِ ِ ِ‬
‫وكل‬ ‫ُ‬ ‫الله لعباده من ْ َ‬ ‫ُ‬
‫سر َب إلى األعداء‪ ،‬إلى َغ ِير ذلك ِمن أمور‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ما َين َبغي كتما ُنه من أن ُي َّ‬
‫ِ‬
‫وبأدائها ُد َ‬
‫ون‬ ‫هي ع َل ِيه في الواقع‪،‬‬ ‫بحس ِ‬ ‫الشهادة‪ِ َ :‬‬ ‫‪7-7‬األمانة في َّ‬
‫ب ما َ‬ ‫بتح ُّملها َ‬
‫ٍ‬
‫قصان‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫زيادة أو ُن‬ ‫ٍ‬
‫تحريف أو َت ٍ‬
‫غيير أو‬
‫العدل ا َّلتي اس ُت ِ‬
‫ؤم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بإصدار األحكا ِم َو ْفقَ أحكا ِم‬ ‫‪8-8‬األمانة في ال َقضاء‪:‬‬
‫األمر فيها إليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫القاضي عليها‪ ،‬و ُف ِّو َ‬
‫ض‬
‫فق ما ُي ْم ِليه ُم ْم ِليها‪ ،‬وعلى َو ِ‬
‫فق‬ ‫كون على َو ِ‬ ‫‪9-9‬األمانة في ِ‬
‫الكتابة‪ :‬بأن َت َ‬
‫يادة وال َن ٍ‬ ‫بديل وال ِز ٍ‬ ‫نس ُخ عنه؛ من غير َت ٍ‬
‫قص‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫غيير وال َت ٍ‬ ‫األصل ا َّلذي ُت َ‬
‫ِ‬

‫‪28‬‬
‫نامألا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫كون َمضامينُها خالي ًة ِم َن الكذب وال َّت ُ‬
‫الع ِ‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫فاألمانة فيها أن َت َ‬ ‫إنشاء كاتِبِها‬ ‫ِمن‬
‫بالحقائق إلى َغ ِير ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫إفشائها‪.‬‬ ‫اإلنسان على ِحفظها وعد ِم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األسرار التي ُيستأ َم ُن‬ ‫‪1010‬األمانة في‬
‫هلل عليه َّ‬
‫وسلم واألمم املاضية‪:‬‬ ‫النيب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫األمانة من َحيا ِة ِّ‬
‫ِ‬ ‫مناذج يف‬
‫ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم في ِ‬
‫أمور‬ ‫محمدٌ ص َّلى ُ‬ ‫نبينا َّ‬ ‫ ‪َ -‬أ َ‬
‫شه ُر َم ِن ات ََّصف باألمانة هو ُّ‬
‫باألمين‪ ،‬و ُل ِّقب‬
‫ِ‬ ‫قبل َبعثتِه‬
‫ومه َ‬ ‫عثة وبعدَ ها؛ فقد ُع ِرف بين َق ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫حياتِه ك ِّلها‪َ ،‬قب َل الب ِ‬
‫ْ َ‬
‫الله عنها‬‫ضي ُ‬‫بخديج َة َر َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َ‬
‫واجه ص َّلى ُ‬‫بب في َز ِ‬
‫الس ُ‬ ‫به‪ ،‬ولقد كان َّ‬
‫قبل الب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عثة‪ ،‬وقد‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم في مال َخديج َة َ َ‬
‫تاج َر ص َّلى ُ‬
‫هو األمان َة؛ فقد َ‬
‫ابن َ‬
‫األ ِ‬
‫ثير في هذا‬ ‫ِ‬
‫األمانة‪َ ،‬ي ُ‬ ‫وعظي ِم‬ ‫ات ََّصف في تِجارتِه ِ‬
‫بص ِ‬
‫قول ُ‬ ‫دق الحديث‪َ ،‬‬
‫دق‬‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ِص ُ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫(فلما َب َل َغها ‪-‬أي‪ :‬خديج َة‪ -‬عن‬ ‫الصدد‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫خر َج في مالِها إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫وك َر ُم األخالق‪ ،‬أرس َل ْت إ َليه ل َي ُ‬
‫ِ‬
‫األمانة‪َ ،‬‬ ‫ظيم‬
‫وع ُ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪َ ،‬‬
‫المها َم ْي َسر َة‪َ ،‬فأجا َبها‪،‬‬‫فض َل ما كانت ُتعطي َغيره مع ُغ ِ‬ ‫تاجرا‪ ،‬و ُتعط َيه َأ َ‬ ‫الشا ِم‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫محم ٍد‬
‫َّ‬ ‫ص ع َليها َم ْي َسر ُة َأ َ‬
‫خبار‬ ‫وخ َرج معه َم ْي َسر ُة)(((‪ ،‬و َل َّما عاد إلى َّ‬
‫مك َة‪ ،‬و َق َّ‬ ‫َ‬
‫سول ص َّلى ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم قرر ِ‬ ‫ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫واج به‪ .‬وبعدَ ال َبعثة‪َّ :‬أدى َّ‬ ‫الز َ‬‫ت َّ‬ ‫َ َّ َ‬
‫داء‪،‬‬ ‫كون َ‬
‫األ ُ‬ ‫سالة‪َ -‬أ َ‬
‫عظ َم ما َي ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم األمان َة ُ‬
‫الك ْبرى ا َّلتي َتك َّف َل بها ‪-‬وهي ِّ‬
‫المش َّق ِة‪.‬‬
‫عظ َم َأنوا ِع َ‬
‫و َتحم َل في ِ‬
‫سبيلها َأ َ‬ ‫َّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫قار ِه‬
‫ار في َع ِ‬ ‫الع َق َ‬
‫اشت ََرى َ‬ ‫الر ُج ُل ا َّلذي ْ‬ ‫فو َجدَ َّ‬
‫قارا ُله‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫((اشت ََرى َر ُج ٌل من َر ُج ٍل َع ً‬
‫ْ‬
‫نك‬ ‫اشت ََر ْي ُت ِم َ‬‫قار‪ُ :‬خ ْذ َذ َه َب َك ِمنِّي؛ إ َّنما ْ‬
‫الع َ‬
‫اشت ََرى َ‬‫َج َّر ًة فيها َذ َه ٌب‪ ،‬فقال ُله ا َّلذي ْ‬
‫رض‬ ‫رض‪ :‬إ َّنما بِ ْع ُت َك َ‬
‫األ َ‬ ‫األ َ‬‫الذ َه َب‪ .‬فقال ا َّلذي َشرى َ‬
‫َ‬ ‫نك َّ‬ ‫ولم َأ ْبت َْع ِم َ‬
‫رض ْ‬‫األ َ‬ ‫َ‬

‫((( ((السيرة النبوية)) البن هشام (‪(( ،)139/1‬الكامل)) البن األثير (‪.)26/2‬‬
‫‪29‬‬
‫نامألا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫حاك َما إ َل ِيه‪َ :‬أ َل ُكما َو َلدٌ ؟ فقال‪:‬‬


‫َحاك َما إلى َر ُج ٍل‪ ،‬فقال ا َّلذي َت َ‬
‫وما فيها ‪-‬قال‪ -:‬فت َ‬
‫وأ ِنف ُقوا‬
‫الجاري َة‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫الغ َ‬ ‫نك ُحوا ُ‬ ‫جار ٌية‪ .‬قال‪َ :‬أ ِ‬
‫اآلخ ُر‪ :‬لي ِ‬
‫الم‪ ،‬وقال َ‬ ‫أحدَ ُهما‪ :‬لي ُغ ٌ‬
‫على َأ ُنف ِس ُكما ِم ُنه‪ ،‬و َت َصدَّ َقا))(((‪.‬‬
‫األمانة يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫الله عنه‪:‬‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫طالب َر َ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬
‫قال ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫ب‬ ‫ب َ‬
‫لك َمك َْس ُ‬ ‫ب وا ْعد ْل وال تَظل ْم‪َ ،‬يط ْ‬ ‫َأ ِّد األَمانَـــــ َة والخيانَـــــ َة ْ‬
‫فاجتَن ْ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3472‬ومسلم (‪ )1721‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( ((ديوان علي بن أبي طالب)) (ص‪.)58 :‬‬
‫‪30‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اإليثار‬

‫معنى اإليثار‪:‬‬
‫واالختيار واالختِصاص‪،‬‬
‫ِ‬ ‫إيثارا‪ ،‬بمعنَى ال َّتقدي ِم‬ ‫اإليثار ُلغ ًة‪ :‬مصدَ ر ِمن‪ :‬آ َثر ْ ِ‬
‫يؤث ُر ً‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬
‫األ َثر ُة بمعنَى ال َّتقدُّ ِم واالختِصاص(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وم ُنه َ‬

‫ِّهاية‬ ‫الغ ِير على ال َّن ْف ِ‬


‫س‪ ،‬في ال َّنف ِع له‪ ،‬والدَّ ف ِع عنه‪ .‬وهو الن ُ‬ ‫تقديم َ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫اإليثار‬
‫ُ‬
‫خوة(((‪.‬‬ ‫في ُ‬
‫األ َّ‬
‫والسخا ِء ُ‬
‫واجلود(((‪:‬‬ ‫َ‬
‫الف ْرق بني اإليثار َّ‬
‫بم ِنز ِل اإليثار؛ أل َّنه أعلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس ِّم َي َ‬
‫والسخاء واإلحسان‪ُ ،‬‬ ‫اإليثار َم ِنز ُل ُ‬
‫الجود َّ‬ ‫ُ‬
‫المراتب ٌ‬
‫ثالثة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َمراتبِه‪َّ ،‬‬
‫فإن‬
‫أن ال ي ُنقصه الب ْذ ُل وال يصعب عليه‪ ،‬فهو م ِنز ُلة الس ِ‬
‫خاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫إحداها‪َ َ َ ْ :‬‬
‫ود‪.‬‬
‫الج ُ‬
‫عطى‪ ،‬فهو ُ‬ ‫بقي ِم َ‬
‫ثل ما َأ َ‬ ‫بقي له َشيئًا أو ُي َ‬
‫كثر و ُي َ‬
‫َ‬
‫ال َّثانية‪ :‬أن ُي َ‬
‫عطي األ َ‬
‫ِ‬ ‫يء مع حاجتِه إ َل ِيه‪ ،‬وهي َم ُ‬ ‫بالش ِ‬
‫يؤثِ َر َغ َيره َّ‬
‫اإليثار‪.‬‬ ‫رتبة‬ ‫ال َّثالثة‪ :‬أن ْ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على اإليثار من القرآن ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫الله تبارك وتعالى‪ :‬ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﯮﯯﯰ ﯱﯲﯳﯴ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﮊ [الحشر‪ ،]9 :‬أي‪:‬‬

‫((( ُينظر‪(( :‬الكليات)) للكفوي (‪.)38/1‬‬


‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (‪.)59/1‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن الق ِّيم (‪.)292/2‬‬
‫‪31‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫إيثارا ُلهم بها على َأ ُنفس ِهم‪ ،‬ولو كان ِبهم َ‬
‫حاج ٌة‬ ‫رين َأموا َل ُهم؛ ً‬
‫هاج َ‬ ‫عط َ‬
‫ون ُ‬ ‫و ُي ُ‬
‫اقة إلى ما آ َث ُروا به ِمن َأموالِهم على َأ ُنف ِسهم(((‪.‬‬
‫و َف ٌ‬

‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﮊ [آل عمران‪.]92 :‬‬

‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي موسى َ‬
‫ري َر َ‬
‫شع ِّ‬
‫األ َ‬
‫زو أو َق َّل َطعام ِعيالِ ِهم بالم ِ‬
‫دينة‬ ‫ين إذا َأر َم ُلوا((( في َ‬
‫الغ ِ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫((إن َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫شعر ِّي َ‬
‫األ َ‬
‫بالسو َّي ِة‪،‬‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫جمعوا ما كان ِعندَ ُهم في َث ٍ ِ ٍ‬
‫ثم اقت ََس ُمو ُه ْبي ُنهم في إناء واحد َّ‬
‫وب واحد‪َّ ،‬‬ ‫َ َُ‬
‫فه ْم ِمنِّي‪ ،‬وأنا ِم ُنهم))(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الله ص َّلى‬‫رسول ِ‬‫ِ‬ ‫الله رضي الله عنهما‪َ ،‬حدَّ َث عن‬ ‫عبد ِ‬‫بن ِ‬ ‫جابر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫ْصار‪ ،‬إِ َّن ِمن‬ ‫ين َ‬
‫واألن ِ‬ ‫الم ِ‬
‫هاج ِر َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم أ َّنه َأرا َد ْ‬
‫أن َيغْ ُز َو‪ ،‬فقال‪(( :‬يا َم ْع َش َر ُ‬ ‫ُ‬
‫ين ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إِ ْخوانِ ُكم َق ْو ًما ليس َل ُه ْم ٌ‬
‫أو الثَّالث َة‪.‬‬ ‫مال وال َعشير ٌة‪ ،‬ف ْل َي ُض َّم أ َحدُ ُك ْم إ َليه َّ‬
‫الر ُج َل ِ‬
‫لح ِدنا ِمن َظه ٍر يح ِم ُل ُه َّإل ُع ْقب ٌة َكع ْقب ِة ‪-‬يعني‪ِ -:‬‬ ‫ِ‬
‫إلي ا ْثن َْي ِن‬ ‫أحدهم‪َ .‬‬
‫فض َم ْم ُت َّ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫فما َ َ‬
‫أح ِد ِهم ِمن َج َملي))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كع ْقبة َ‬‫أو َثالث ًة‪ ،‬قال‪ :‬ما لي َّإل ُع ْق ٌبة ُ‬
‫أقسام اإليثار‪:‬‬
‫أقسام اإليثار من حيث تع ُّل ُقه بالغير‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫أول‪:‬‬
‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫اإليثار من حيث تع ُّل ُقه بالغير إلى ق َ‬
‫ُ‬ ‫نقس ُم‬ ‫َ‬
‫أفضل أنوا ِع اإليثار‪َ ،‬‬
‫وأ ْعالها َم ِنزل ًة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إيثار يتع َّل ُق بالخالق‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫األول‪ٌ :‬‬
‫القسم َّ‬

‫((( ((تفسير الطبري)) (‪.)527/22‬‬


‫فني طعامهم‪ُ .‬ينظر‪(( :‬شرح النووي على مسلم)) (‪.)62/16‬‬
‫((( أرملوا‪ :‬أي‪َ :‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )2486‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2500‬‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)2534‬وأحمد (‪.)14863‬‬
‫صححه األلباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)2543‬‬
‫‪32‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وإن‬ ‫كل ما ُي ِح ُّبه ُ‬


‫الله تعالى و َي ُأم ُر به‪ْ ،‬‬ ‫رء َّ‬
‫الم ُ‬ ‫فع َل َ‬
‫أن َي َ‬ ‫رفعها قدْ ًرا‪ :‬ومن عالماته‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫وأ ُ‬
‫ِ‬ ‫كان ما ُي ِح ُّبه ُ‬
‫الله‬ ‫وأن َي ُتر َك ما َي َ‬
‫كر ُهه ُ‬ ‫ثقيل عليه‪ْ .‬‬ ‫العبد‪ً ،‬‬ ‫كروها إلى نفس‬ ‫ً‬ ‫الله َم‬
‫رغ ُب فيه‪.‬‬ ‫رء‪َ ،‬تشت ِ‬
‫َهيه ن ْف ُسه‪ ،‬و َت َ‬ ‫وإن كان محببا إلى الم ِ‬ ‫تعالى و َي َنهى عنه‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ َّ ً‬
‫إيثار َيتع َّل ُق َ‬
‫بالخ ْلق‬ ‫ِ‬
‫القسم ال َّثاني‪ٌ :‬‬
‫وي ِ‬
‫نقس ُم ثالث َة أقسامٍ‪:‬‬ ‫َ‬

‫تؤثِ َر َغ َيرك بما َي ِج ُب عليك َش ً‬


‫رعا‪ ،‬فإ َّنه ال‬ ‫الممنوع‪ :-‬وهو ْ‬
‫أن ْ‬ ‫ُ‬ ‫األو ُل ‪-‬وهو‬ ‫َّ‬
‫رعي ِة‬
‫الش َّ‬‫فاإليثار في الواجبات َّ‬
‫ُ‬ ‫جوز أن تُقدِّ َم َغ َيرك فيما َي ِج ُب عليك ً‬
‫شرعا؛‬ ‫َي ُ‬
‫الواجب عليك‪.‬‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫إسقاط‬ ‫حرام‪ ،‬وال َي ِح ُّل؛ أل َّنه َي ِ‬
‫ستلز ُم‬ ‫ٌ‬

‫ستحب ِة‪ ،‬وقد‬


‫َّ‬ ‫الم‬
‫مور ُ‬ ‫اإليثار في ُ‬
‫األ ِ‬ ‫ُ‬ ‫باح‪ :-‬فهو‬
‫الم ُ‬ ‫ال َّثاني ‪-‬وهو َ‬
‫المكرو ُه أو ُ‬
‫ٍ‬ ‫لكن ْتر َكه َأ ْولى ال َّ‬ ‫أهل ِ‬
‫العل ِم‪َ ،‬‬ ‫َك ِر َهه ُ‬
‫صلحة‪.‬‬ ‫شك َّإل َ‬
‫لم‬ ‫بعضهم‪َّ ،‬‬‫باحه ُ‬
‫وأ َ‬ ‫بعض ِ‬

‫تؤثِ َر َغ َيرك‬ ‫ستحبا‪ ،‬وذلك ْ‬


‫أن ْ‬ ‫ًّ‬ ‫المباح قد َي ُ‬
‫كون ُم‬ ‫الث ‪-‬وهو المباح‪ :-‬وهذا ُ‬ ‫ال َّث ُ‬
‫دي(((‪.‬‬
‫عب ٍّ‬ ‫وتُقدِّ َمه على ن ْف ِسك في ٍ‬
‫أمر َغ ِير َت ُّ‬
‫شروط هذا ال َّنو ِع من اإليثار‪:‬‬ ‫ُ‬

‫المؤثِ ِر و ْقتَه‪.‬‬
‫‪َّ 1-1‬أل ُيض ِّي َع على ْ‬
‫إفساد حالِه‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪َّ 2-2‬أل َي َّ‬
‫تسب َب في‬
‫هض َم له ِدينَه‪.‬‬‫‪َّ 3-3‬أل ي ِ‬
‫َ‬
‫المؤثِر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫طريق َخ ٍير على ْ‬ ‫‪َّ 4-4‬أل َي ُ‬
‫كون سب ًبا في َسدِّ‬
‫للمؤثِ ِر وار ًدا‪.‬‬
‫‪َّ 5-5‬أل يمن ََع ْ‬
‫حيث باع ُثه والداعي إليه‬
‫أقسام اإليثار من ُ‬
‫ُ‬ ‫ثان ًيا‪:‬‬

‫((( ((شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪.)417-416/3‬‬


‫‪33‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫الباعث إليه ِ‬


‫الفطر َة َ‬
‫والغريز َة؛ كالذي يكون عندَ‬ ‫ُ‬ ‫األول‪ :‬ما َ‬
‫اآلباء‬ ‫كان‬ ‫القسم َّ‬
‫شق‪.‬‬ ‫وأصحاب ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫واأل َّمهات‬
‫للغير على ِح ِ‬
‫ساب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخير‬ ‫وح َّب‬ ‫َ‬ ‫القسم الثاني‪ :‬ما كان‬ ‫ِ‬
‫اإليمان ُ‬ ‫الدافع إليه هو‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫سليمة‪،‬‬ ‫نطقي ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫النفس و َم َّ‬
‫لذاتها ومشتهياتها‪ ،‬وهو إيثار يعتمد على ُمحاكمة َم َّ‬
‫ٍ‬
‫عاقلة(((‪.‬‬ ‫إيماني ٍة‬ ‫ٍ‬
‫عاطفة‬ ‫و َيعتمد على‬
‫َّ‬
‫فوائد اإليثار‪:‬‬
‫وج َع َل ُهم ِم َن الم ِ‬
‫فلحين‪.‬‬ ‫فيمن َأثنَى الل ُه ع َل ِيهم ِمن ِ‬
‫أهل اإليثار َ‬
‫ِ‬ ‫‪ُ 1-1‬د ُ‬
‫ُ‬ ‫المؤثرين َ‬
‫خول ُ‬
‫حبتِه‪.‬‬
‫لم َّ‬
‫ض َ‬‫عر ِ‬
‫‪-‬تبارك وتعالى‪ ،-‬وال َّت ُّ‬
‫َ‬
‫طريق إلى محب ِة ِ‬
‫الله‬ ‫َ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫اإليثار‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫اإليماني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكمال‬ ‫ُ‬
‫تحقيق‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِّ‬
‫الل الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المر َء إلى َغ ِيره ِم َن َ‬
‫ميدة‪،‬‬ ‫الحسنة والخ ِ َ‬
‫َ‬ ‫خالق‬ ‫األ‬ ‫قود َ‬‫اإليثار َي ُ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫الس ِّيئة‪.‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫وترك جملة م َن األخالق َّ‬ ‫ْ‬
‫والممت َلكات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫كة في َّ‬ ‫‪5-5‬اإليثار جالِب للبر ِ‬
‫والمال ُ‬ ‫الطعام‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫وجود ِحس ال َّت ِ‬
‫ِ‬ ‫المجتم ِع ٌ‬ ‫ِ‬
‫عاون وال َّتكا ُف ِل َ‬
‫والمو َّدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫دليل على‬ ‫َ‬ ‫اإليثار في‬ ‫وجود‬
‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫ناء مجتم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َف ْقدُ ه ِم َن‬
‫عات‬ ‫الم ِه َّمة في بِ ُ َ‬ ‫كائز ُ‬ ‫دليل على ُخ ُل ِّوه من هذه َّ‬
‫المجتمع ٌ‬
‫َ‬
‫منة قو َّي ٍة ومتكاتِفة‪.‬‬
‫مؤ ٍ‬ ‫ْ‬

‫اكتساب صفة اإليثار‪:‬‬


‫ِ‬ ‫موانع‬
‫اإليثار ِّ‬
‫املتعل ِق باخلالق‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اكتساب‬
‫ِ‬ ‫••موانع‬
‫كاد َترى‬ ‫ِ‬
‫اإلدراك‪ ،‬بل َبطيئ ًة‪ ،‬وال َت ُ‬ ‫ِ‬
‫سريعة‬ ‫كون ال َّن ْفس ِ‬
‫جامد ًة َغ َير‬ ‫‪1-1‬أن َت َ‬
‫ُ‬
‫هات‬ ‫والش ُ‬
‫كوك ُّ‬ ‫وهام ُّ‬ ‫وإن َر َأتْها اقتَر َن ْت به َ‬ ‫الش ِ‬
‫يء َّإل َب ْعدَ ُع ْس ٍر‪ْ ،‬‬ ‫حقيق َة َّ‬
‫والش ُب ُ‬ ‫األ ُ‬ ‫َ‬

‫((( انظر ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)435/2‬‬


‫‪34‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫واالحتِماالت‪ ،‬فال يتخ َّلص له رؤْ ي ُتها ِ‬


‫وعيا ُنها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ضعيفة م ِهينة‪ ،‬إذا َأبصر ِ‬ ‫ريحة َو َّقاد ًة َد َّراك ًة‪ِ ،‬‬
‫ت‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫فس‬
‫لكن ال َّن ُ‬ ‫كون ال َق ُ‬
‫‪2-2‬أن َت َ‬
‫ِ‬
‫المريض؛ ك َّلما‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫فصاح ُبها َيسو ُقها َس َ‬ ‫ضع َف ْت عن ِ‬
‫ليل‬ ‫وق َ‬ ‫إيثاره‪،‬‬ ‫والرشدَ ُ‬ ‫الحقَّ ُّ‬
‫سا َقه ُخ ْطو ًة َو َقف ُخطو ًة(((‪.‬‬

‫باخل ْلق‪:‬‬ ‫اكتساب اإليثار ِّ‬


‫املتعل ِق َ‬ ‫ِ‬ ‫••موانع‬
‫وي َيد َف ُع صاح َبه لل َب ْذ ِل‬ ‫َ‬
‫اإليمان ال َق َّ‬ ‫اإليمان واليقين‪ ،‬فكما َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ضعف‬ ‫‪1-1‬‬
‫األ َث ِ‬
‫كون سببا في َ‬ ‫ِ‬ ‫والع ِ‬
‫رة ُّ‬
‫والش ِّح‪.‬‬ ‫فإن َضع َفه َي ُ ً‬ ‫واإليثار‪َّ ،‬‬ ‫طاء‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإليثار‬ ‫وجل في اآلية ا َّلتي َمدَ ح فيها َ‬
‫أهل‬ ‫َّ‬ ‫عز‬ ‫المطاع؛ لِذا َذ َكر ُ‬
‫الله َّ‬ ‫‪ُّ 2-2‬‬
‫الش ُّح ُ‬
‫قاية ِمن ُش ِّح ن ْف ِسه فقد َأف َل َح‪.‬‬
‫الو ِ‬
‫أن َمن يو َّف ُق في ِ‬
‫َّ‬
‫األ َث ِ‬
‫رة على القلب‪.‬‬ ‫س‪ ،‬و َت َم ُّل ُك َ‬
‫‪ُ 3-3‬ح ُّب ال َّن ْف ِ‬
‫ِ‬ ‫والنت طِ ُ‬
‫باعه َس ُه َل ع َليه ُ‬
‫أمر اإليثار‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فمن َر َّق ق ْل ُبه‬
‫موده‪َ ،‬‬
‫وج ُ‬ ‫ِ‬
‫القلب ُ‬ ‫‪َ 4-4‬قسو ُة‬

‫الحسن‪.‬‬
‫َ‬ ‫الذ ِ‬
‫كر‬ ‫اله َّم ِة‪ُّ ،‬‬
‫والزهدُ في ِّ‬ ‫عف ِ‬‫‪َ 5-5‬ض ُ‬

‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على اك ِتساب اإليثار(((‪:‬‬
‫اإليثار ِّ‬
‫املتعل ِق باخلالق‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫••الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب‬
‫ٍ‬
‫قاسية‪ ،‬بل َت ُ‬
‫نقاد‬ ‫ٍ‬
‫بجافية وال‬ ‫كون طبيع ُته َل ِّين ًة ُمنقاد ًة َس ِلس ًة‪ ،‬ليست‬
‫أحدُ ها‪ :‬أن َت َ‬
‫معه بس ٍ‬
‫هولة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان ونتيج ُته‪.‬‬ ‫فإن هذا ثمر ُة‬ ‫يكون إيما ُنه ِ‬
‫راس ًخا‪ ،‬و َيقينُه َقو ًّيا؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫ال َّثاني‪ :‬أن‬

‫قو ُة َص ِبره و َثباتِه‪.‬‬


‫ال َّثالث‪َّ :‬‬

‫((( ((طريق الهجرتين)) البن الق ِّيم (‪.)450/1‬‬


‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)450-448/1‬‬
‫‪35‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫باخل ْلق‪:‬‬ ‫اإليثار ِّ‬


‫املتعلق َ‬ ‫ِ‬ ‫••الوسائل املُ ِعينة على اك ِتساب‬
‫األخالق و َمعالِيها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫غبة ِ‬
‫العبد في َمكار ِم‬ ‫أحدُ ها‪َ :‬ر ُ‬

‫وكراه ُته له‪.‬‬


‫َ‬ ‫الش ِّح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أخالق ال ِّلئا ِم‪ ،‬و َم ْق ُت ُّ‬ ‫ال َّثاني‪ :‬ال َّنفر ُة ِمن‬
‫سلمين ِ‬ ‫جع َلها ُ‬ ‫ِ‬
‫بعضهم‬ ‫َ‬ ‫للم‬
‫الله ‪-‬سبحانه وتعالى‪ُ -‬‬ ‫الحقوق ا َّلتي َ‬ ‫عظيم‬ ‫ال َّث ُ‬
‫الث‪َ :‬ت ُ‬
‫ِ‬
‫ضييعها‪.‬‬ ‫خاف ِمن َت‬
‫على بعض‪ ،‬فهو َي ْرعاها َحقَّ ِرعايتِها‪ ،‬و َي ُ‬

‫لف‬
‫والس ِ‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫النيب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫مناذج لإليثار من حيا ِة ِّ‬
‫ُ‬
‫وال ُعلما ِء‪:‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪،‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫((أن ُ َ‬
‫رج ًل أ َتى ال َّن َّ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الماء‪ .‬فقال‬
‫ُ‬ ‫فق ْل َن‪ :‬ما معنا إلَّ‬ ‫فبعث إلى نِ ِ‬
‫سائه‪ُ ،‬‬ ‫ََ‬
‫فانط َلقَ به إلى امرأتِه‪،‬‬‫نصار‪ :‬أنا‪َ .‬‬ ‫األ ِ‬ ‫رج ٌل ِم َن َ‬
‫َمن َي ُض ُّم ‪-‬أو ُي َض ِّي ُف‪ -‬هذا؟ فقال ُ‬
‫فقالت‪ :‬ما ِعندَ نا َّإل ُق ُ‬
‫وت‬ ‫ْ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪،‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫يف‬‫فقال‪َ :‬أ ْك ِرمي َض َ‬
‫رادوا‬‫راج ِك‪ ،‬و َن ِّومي ِص ْبيا َن ِك إذا َأ ُ‬ ‫ِ‬
‫وأ ْصبِحي س َ‬ ‫ِصبياني‪ .‬فقال‪َ :‬ه ِّيئي َطعا َم ِك‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فهي َأ ْت َطعا َمها‪َ ،‬‬
‫قامت كأ َّنها‬
‫ْ‬ ‫ثم‬‫راجها‪ ،‬و َن َّو َم ْت ص ْبيانها‪َّ ،‬‬ ‫وأص َب َح ْت س َ‬ ‫َعشا ًء‪َّ َ .‬‬
‫فلما َأص َب َح‬ ‫فج َع َل ُي ِر َيانِه أ َّنهما َي ُأكالن‪ ،‬فبا َتا َط ِ‬
‫او َي َي ِن‪َّ ،‬‬ ‫راجها َفأ ْط َف َأت ُْه‪َ ،‬‬
‫ُت ِ ِ‬
‫صل ُح س َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬فقال‪َ :‬ض ِح َك ُ‬
‫الله ال َّليل َة ‪-‬أو‪َ :‬ع ِج َب‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬‫ِ‬ ‫َغدَ ا إلى‬
‫الله‪ :‬ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ‬ ‫ِمن فِعالِ ُكما‪َ ،-‬فأنزَ َل ُ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﮊ [الحشر‪.((())]9 :‬‬

‫بقرية ِمن‬
‫ٍ‬ ‫رج ًل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الحس ِن األن ِّ‬
‫ْطاكي‪ :‬أ َّنه اجت ََمع عندَ ه َن ِّي ٌف وثالثون ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬عن أبي‬
‫فان‪َ ،‬‬
‫وأط َفؤُ وا‬ ‫الر ْغ َ‬ ‫جميعهم‪َ ،‬‬ ‫فة َمعدود ٌة ال ُت ِ‬ ‫ُقرى الر ِّي‪ ،‬ومعهم َأ ِ‬
‫رغ ٌ‬
‫فك َسروا ُّ‬ ‫َ‬ ‫شب ُع‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫عام بحالِه‪ ،‬لم ُ‬
‫يأك ْل منه أحدٌ َشيئًا؛‬ ‫الط ُ‬‫فلما ُرفِع فإذا َّ‬ ‫للطعام‪َّ ،‬‬‫راج‪ ،‬وج َلسوا َّ‬ ‫الس َ‬
‫ِّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3798‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2054‬‬


‫‪36‬‬
‫اثيإلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫إيثارا لصاحبِه على ن ْف ِسه‪.‬‬


‫ً‬
‫مة َد ْي ٌن‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫فذ َهب‬ ‫ثقيل‪ ،‬وكان على َأ ِ‬
‫خيه َخ ْي َث ُ‬ ‫أن َمسرو ًقا َأ َ‬
‫دان َد ْينًا ً‬ ‫وي َّ‬
‫ور َ‬‫ ‪ُ -‬‬
‫ين َمس ٍ‬ ‫ين َخ ْي َثم َة وهو ال َيع َل ُم‪ ،‬و َذ َهب َخ ْي َث ُ‬ ‫ٌ‬
‫روق وهو‬ ‫مة ف َقضى َد َ ْ‬ ‫سروق ف َقضى َد َ‬ ‫َم‬
‫ال َيع َل ُم(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪-‬رحمه الله‪:-‬‬ ‫ابن ٍ‬
‫باز‬ ‫الشيخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫محمد بن موسى وهو َيتحدَّ ُث عن‬ ‫ ‪-‬يقول َّ‬
‫بيده ليس له‪ ،‬ولو ُس ِئ َل ما ُس ِئل؛ فر َّبما ُس ِئل ً‬
‫مال فأعطاه‪ ،‬وربما أت ْته‬ ‫(والذي ِ‬

‫يبتدر‬
‫ُ‬ ‫المجلس فسأ َله أحدُ الحاضرين إ َّياها فأعطاها إ َّياه‪ ،‬بل ً‬
‫كثيرا ما‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الهدية في‬
‫بالهدية التي ُتقدَّ ُم لسماحتِه‪ ،‬بل ربما ُس ِئ َل َعباء َته التي َي ْل َب ُسها فأعطاها‬
‫ِ‬ ‫َمن بجانبِه‬
‫َمن سأ َله إياها)(((‪.‬‬
‫وشعر يف اإليثار‪:‬‬
‫كم ِ‬
‫وح ٌ‬
‫أقوال ِ‬
‫باإليثار‪ ،‬وال ُت ِ‬
‫واك َل َّن َغ ًّنيا َّإل باألدب‪،‬‬ ‫واك َلن ِ‬
‫جائ ًعا َّإل ِ‬ ‫ ‪-‬قال أحدُ هم‪( :‬ال ُت ِ‬
‫َّ‬
‫مة واالنبِساط)(((‪.‬‬ ‫واك َلن َضي ًفا َّإل بال َّنه ِ‬
‫وال ُت ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ ْ‬
‫فج َع ْل ُتها في َف ِم أخٍ ِمن‬‫أن الدُّ نيا ك َّلها لي َ‬
‫ارني‪( :‬لو َّ‬
‫مان الدَّ ُّ‬ ‫ ‪-‬وقال أبو ُس َل ْي َ‬
‫إخواني الس َت ْق َل ْل ُتها له)(((‪.‬‬

‫ائي‪:‬‬ ‫حاتم َّ‬


‫الط ُّ‬ ‫ ‪-‬وقال ٌ‬
‫إذا مـــا َمدَ ْدناهـــا وحاجاتُنـــا معا‬ ‫َنـــال َأ ُك َّف ُهم‬
‫أن ت َ‬ ‫ُـــف َيدي ِمـــن ْ‬
‫َأك ُّ‬
‫(((‬ ‫الـز ِ‬
‫اد َأ ْق َرعا‬ ‫ِ‬
‫جانب َّ‬ ‫ـكان َيدي ِمـن‬
‫َم َ‬ ‫وإنِّي َلَســـتَحيي َرفيقـــي أن َيرى‬

‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)174/2‬‬


‫((( ((جوانب من سيرة اإلمام عبد العزيز بن باز رحمه الله)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص‪.)182 :‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)557/3‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)174/2‬‬
‫((( ((اإلمتاع والمؤانسة)) ألبي حيان التوحيدي (‪.)391/1‬‬
‫‪37‬‬
‫ّرِبل ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ال ِبر ُّ‬

‫الب ‪:‬‬
‫معنى ِ ِّ‬
‫وبار‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ضل‪ .‬و َبر َيبر بِرا َ ِ‬ ‫البِ ُّر ‪-‬بالكسر‪ُ -‬لغ ًة‪َ :‬‬
‫الخ ُير وال َف ُ‬
‫كعل َم‪ ،‬فهو َب ٌّر ٌّ‬ ‫َّ َ ُّ ًّ‬
‫الفاجر‪ِ .‬‬
‫وم ُنه َقو ُله للمؤَ ِّذ ِن‪ :‬صدَ ْق َت و َب ِر ْر َت(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قي‪ ،‬وهو ِخ ُ‬ ‫ٌ‬
‫الف‬ ‫صادق أو َت ٌّ‬
‫عل المرضي ا َّلذي هو في َت ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وس ُع في فِ ِ‬ ‫البِ ُّر‬
‫زكية‬ ‫الخير والف ِ َ ْ ِّ‬ ‫عل‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال َّت ُّ‬
‫ً‬
‫غة في اإلحسان(((‪.‬‬ ‫والمبا َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫الص ُ‬ ‫ال َّن ْف ِ‬
‫وإسداء المعروف ُ‬ ‫ُ‬ ‫لة‬ ‫س(((‪ .‬وقيل‪ :‬هو ِّ‬
‫الب واخلري(((‪:‬‬
‫الفرق بني ِ ِّ‬
‫ِ‬
‫فمط َل ٌق‪ ،‬ح َّتى لو‬
‫الخير ُ‬
‫ُ‬ ‫عاجل قد ُقصدَ ْ‬
‫وج ُه ال َّنف ِع به‪َّ ،‬‬
‫فأما‬ ‫ٍ‬ ‫عل‬ ‫البِ ُّر ُم َض َّم ٌن ُ‬
‫بج ٍ‬
‫حقاق الص ِ‬ ‫هو لم يخرج ِ ِ‬
‫الش ُّر‪ ،‬و َن ُ‬
‫قيض‬ ‫ِ‬
‫الخير َّ‬ ‫فة به‪ ،‬و َن ُ‬
‫قيض‬ ‫عن است ِ ِّ‬ ‫َو َقع عن َس ٍ َ ُ ْ‬
‫الع ُ‬
‫قوق‪.‬‬ ‫البِ ِّر ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫الب يف القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على ِ ِّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬
‫ﭩﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲ‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮊ [البقرة‪.]177 :‬‬

‫((( ((المصباح المنير)) للفيومي (‪.)43/1‬‬


‫((( ((التوقيف)) للمناوي (ص‪.)122 :‬‬
‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي المهدي (‪.)302/2‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪ )95 :‬و(ص‪.)425 :‬‬
‫‪38‬‬
‫ّرِبل ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ‬


‫ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ [المائدة‪.]2 :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬سأ ْل ُت‬
‫ضي ُ‬ ‫بن َس ْم َ‬‫اس ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ال َّن َّو ِ‬
‫عان َر َ‬
‫حاك في َص ِ‬
‫در َك‬ ‫واإلثم ما َ‬ ‫الخ ُل ِق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫سن ُ‬‫ع َليه وس َّل َم عن البِ ِّر واإلث ِم‪ ،‬فقال‪(( :‬البِ ُّر ُح ُ‬
‫ِ‬ ‫وك ِر ْه َت ْ ِ‬
‫أن َي َّطل َع ع َليه ال َّن ُ‬
‫اس))(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن َث ْو َ‬
‫بان َر َ‬
‫الر َ‬
‫زق‬ ‫الر ُج َل َل ُي َ‬
‫حر ُم ِّ‬ ‫وإن َّ‬ ‫الع ُم ِر َّإل البِ ُّر‪ ،‬وال َي ُر ُّد ال َقدَ َر َّإل الدُّ ُ‬
‫عاء‪َّ ،‬‬ ‫((ال َيزيدُ في ُ‬
‫عم ُلها))(((‪.‬‬ ‫َ ٍ‬
‫بخطيئة َي َ‬

‫الب‪:‬‬
‫لف وال ُعلما ِء يف ِ ِّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫نفس ُكم في َ‬
‫الموتى‪،‬‬ ‫ ‪-‬قال أبو الدَّ ْرداء‪( :‬اع ُبدوا الل َه كأ َّن ُكم َت َر ْو َنه‪ُ ،‬‬
‫وعدُّ وا أ َ‬
‫أن البِ َّر ال َي ْبلى‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫لهيكم‪ ،‬واع َلموا َّ‬ ‫كثير ُي ُ‬ ‫نيكم َخ ٌير ِمن ٍ‬ ‫قليل ُيغْ ُ‬
‫أن ً‬ ‫واع َلموا َّ‬
‫نسى)(((‪.‬‬
‫اإلثم ال ُي َ‬
‫َ‬
‫وار ِحه بالدُّ نيا‬
‫جميع َج ِ‬
‫ُ‬ ‫ائي‪( :‬ال َب ُّر ِه َّم ُته ال َّتقوى‪ ،‬فلو َتع َّل َق ْت‬ ‫داود َّ‬
‫الط ُّ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ِ‬
‫بعكس ذلك)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الجاهل‬ ‫َل َر َّدت ُْه َّني ُته يو ًما إلى َّني ٍة صالحة‪ ،‬وكذلك‬
‫ِ‬ ‫أعمال البِ ِّر َت َنه ُ‬
‫َ‬ ‫ابن الق ِّيم‪َّ :‬‬
‫قوم به‪ ،‬و َت َ‬
‫صعدُ إلى الله‬ ‫ض بالعبد‪ ،‬و َت ُ‬ ‫(إن‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)2553‬‬


‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ )90‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪.)22386‬‬
‫حسنه العراقي كما في ((زوائد ابن ماجه)) للبوصيري (‪ ،)13/1‬واأللباني في ((صحيح سنن‬
‫َّ‬
‫ابن ماجه)) (‪ )90‬دون قوله‪(( :‬وإن الرجل‪ ،))...‬وصحح إسناده ابن باز في ((حاشية بلوغ‬
‫المرام)) (‪.)778‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪ ،)35722‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)10664‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)364/4‬‬
‫‪39‬‬
‫ّرِبل ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عوده مع ص ِ‬
‫عودها)(((‪.‬‬ ‫قو ِة َتع ُّل ِقه بها َي ُ‬
‫كون ُص ُ‬ ‫فبحس ِ‬
‫ُ‬ ‫ب َّ‬ ‫َ‬ ‫به‪،‬‬

‫َفضل ِ ِّ‬
‫الب وفوائدُه وآثا ُره‪:‬‬
‫الج َّن ِة‪.‬‬
‫موصل إلى َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫طريق‬ ‫‪1-1‬البِ ُّر‬
‫الع ُمر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪2-2‬البِ ُّر ٌ‬
‫والبركة في ُ‬ ‫سبيل للزِّ يادة َ‬
‫المرء في الدَّ ِ‬
‫ارين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سعادة‬ ‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫‪3-3‬البِ ُّر من‬
‫س واطمئنانِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واستقرار ال َّن ْف ِ‬ ‫لراحة ِ‬
‫البال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫طريق‬ ‫‪4-4‬البِ ُّر‬
‫األ ِ‬
‫الناس وإلى ُ‬ ‫محب ِة‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫َ‬ ‫المحبة في‬
‫َّ‬ ‫لفة ُ‬
‫وشيو ِع ُروحِ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬البِ ُّر ُيؤ ِّدي إلى ْنيل َّ‬
‫حصنُها‪.‬‬
‫ِّعم و ُي ِّ‬
‫س الن َ‬ ‫‪6-6‬البِ ُّر َي ُ‬
‫حر ُ‬
‫أقسام الرب‪:‬‬
‫الجهات‬ ‫المال في ِ‬
‫ِ‬ ‫لة‪ :‬فهي ال َّت ُّبر ُع ب َب ْذ ِل‬ ‫الص ُ‬ ‫فأما ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ومعروف؛ َّ‬ ‫البِ ُّر َن ْوعان‪ِ :‬ص َل ٌة‪،‬‬
‫وسخاؤُ ها‪،‬‬
‫س َ‬‫سماحة ال َّن ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫ض مطلوب‪ ،‬وهذا َي َبع ُث ع َل ِيه‬ ‫لغير ِع َو ٍ‬ ‫ِ‬
‫المحدودة ِ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ‬ ‫و َيمن َُع ِم ُنه ُش ُّحها وإباؤُ ها؛ قال ُ‬
‫ً‬
‫وعمل؛‬ ‫ين‪ً :‬‬
‫قول‬ ‫وع ِ‬‫أيضا َن َ‬
‫تنو ُع ً‬ ‫ُ‬
‫المعروف‪ ،‬ف َي َّ‬ ‫ﰅ ﮊ [الحشر‪َّ .]9 :‬‬
‫وأما‬
‫ُ‬ ‫بجميل ال َق ِ‬
‫ِ‬ ‫سن البِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫العمل‪:‬‬ ‫وأما‬
‫ول‪َّ .‬‬ ‫ود ُد‬‫شر‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫وح ُ‬ ‫يب الكال ِم‪ُ ،‬‬
‫القول‪ :‬فهو ط ُ‬ ‫فأما‬
‫َّ‬
‫عونة في ال َّنائبة‪ ،‬وهذا َي َبع ُث ع َل ِيه ُح ُّب‬
‫والم ُ‬
‫س‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫الجاه‪ ،‬والمساعد ُة بال َّن ْف ِ‬ ‫فهو َب ْذ ُل‬
‫الح لهم(((‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫وإيثار َّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الخير لل َّناس‪،‬‬

‫الب‪:‬‬
‫ِمن ُص َور ِ ِّ‬
‫واإلحسان صور َت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان‪:‬‬ ‫من َأ َبر ِز َ‬
‫صو ِر البِ ِّر‬

‫ود َة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫المال في و ِ‬


‫جوه البِ ِّر‪ ،‬وهو ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األولى‪:‬‬
‫الم َّ‬
‫الع ُم َر‪ ،‬و َيكس ُب َ‬
‫طيل ُ‬ ‫ُ‬ ‫إنفاق‬

‫((( ((طريق الهجرتين)) البن الق ِّيم (ص‪.)274 :‬‬


‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)201 ،183 :‬‬
‫‪40‬‬
‫ّرِبل ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الخ ْلقَ ‪ ،‬و ُيرضي الخالقَ (((‪.‬‬


‫سعدُ َ‬‫المال ِم َن الجوائح‪ ،‬وي ِ‬ ‫َ‬ ‫حص ُن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫و ُي ِّ‬
‫ابن ُعمر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثاني ُة‪ :‬البِ ُّر بالوالدَ ِ‬
‫مرفوعا‪َّ :‬‬
‫((إن‬ ‫ً‬ ‫الله عنهما‬‫رض َي ُ‬ ‫ين‪ ،‬وفي حديث ِ َ‬
‫أقارب المي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فصلة‬ ‫أهل ُو ِّد أبيه‪ ،‬بعد أن ُيو ِّل َي))(((؛‬ ‫من أ َب ِّر البِ ِّر صل َة َّ‬
‫الر ُج ِل َ‬
‫وأصدقائه بعدَ َموتِه هو ِمن َتما ِم بِ ِّره‪.‬‬
‫ِ‬

‫الب‪:‬‬
‫عل ِ ِّ‬
‫موانع ِف ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وعمل‬ ‫ِ‬
‫المرء‬ ‫الذ ِ‬
‫نوب ُت ُ‬
‫حيل ْبين‬ ‫‪1-1‬ال ُبعدُ ِ‬
‫عن الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وكثر ُة ُّ‬
‫ِ‬
‫المعروف والبِ ِّر‪.‬‬

‫شب ُث به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫خل ُّ‬‫‪2-2‬ال ُب ُ‬


‫وح ُّب المال وال َّت ُّ‬
‫والش ُّح‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫والكراهية َتمن َُع َّ‬ ‫حاسدُ ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خص من اإلحسان إلى ال َّناس‪.‬‬
‫الش َ‬ ‫‪3-3‬الحقدُ ‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫عمل البِ ِّر ِمن ٍ‬
‫أجر عظي ٍم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الجهل بما َيترت َُّب على ِ‬‫‪4-4‬‬

‫الب‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬


‫ينة على ِفعل ِ ِّ‬
‫رضاة ِ‬
‫الله سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عي إلى َم‬
‫الس ُ‬
‫‪َّ 1-1‬‬
‫وإن َد َع ْت ُه ن ْف ُسه إلى َت ْر ِكها؛ قال‬ ‫ِ‬
‫الحات‪ ،‬ح َّتى ْ‬ ‫الص‬
‫عمل َّ‬‫ِ‬ ‫عو ُد على‬
‫‪2-2‬ال َّت ُّ‬
‫وإن البِ َّر َي ْهدي‬
‫دق َي ْهدي إلى البِ ِّر‪َّ ،‬‬‫الص َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫((إن ِّ‬
‫رسول ِ‬
‫‪ ‬الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫الج َّن ِة))(((‪.‬‬
‫إلى َ‬
‫ِ‬
‫واإلحسان‬ ‫ب إليهم َمدْ عا ٌة للبِ ِّر‬
‫قر ِ‬ ‫اس‪ ،‬والسعي لل َّت ِ‬
‫‪ُ 3-3‬ح ُّب ال َّن ِ‬
‫ودد منهم‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫قصوده‪.‬‬ ‫لهم ح َّتى َي ِص َل إلى َم‬
‫َ‬ ‫والشح‪ ،‬ومحاو ُلة َت ِ‬ ‫ِ‬
‫مرض ال ُب ِ‬ ‫س ِمن‬ ‫‪ُ 4-4‬معا َل ُ‬
‫جة ال َّن ْف ِ‬
‫اإلنفاق في‬ ‫عويدها‬ ‫خل ُّ ِّ ُ َ‬

‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي المهدي (‪.)325/1‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2552‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6094‬ومسلم (‪ )2607‬من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫ّرِبل ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الق َر ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ختلف ُ‬ ‫ِ‬
‫الخير‪ ،‬وفي ُم‬ ‫و ِ‬
‫جوه‬ ‫ُ‬
‫بيحة‪ ،‬ا َّلتي َت ِق ُف ً‬
‫حائل‬ ‫فات ال َق ِ‬
‫وغ ِيرها ِم َن الص ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والحسد َ‬ ‫قد ِ‬
‫والغ ِّل‬ ‫الح ِ‬
‫‪َ 5-5‬ن ْز ُع ِ‬

‫اس وبِ ِّر ِهم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اإلحسان إلى ال َّن ِ‬ ‫أمام‬
‫َ‬

‫الب(((‪:‬‬ ‫احل َكم واألمثال ِّ‬


‫والشعر يف ِ ِّ‬ ‫ِ‬
‫فع‪.‬‬ ‫بع‪ ،‬وبِ ُّر ال َب ِ‬
‫خيل َد ٌ‬ ‫ ‪-‬بِ ُّر الكري ِم َط ٌ‬
‫تمان الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫دقة‪ِ ،‬‬
‫تمان الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثالث ِمن ُك ِ‬
‫صيبة‪.‬‬ ‫الوجعِ‪ ،‬وك ُ ُ‬ ‫وك ُ‬
‫تمان َ‬ ‫نوز البِ ِّر‪ :‬ك ُ َّ‬ ‫ ‪ُ -‬ي ُ‬
‫قال‪ٌ :‬‬

‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫ِ‬ ‫ـــت ِ‬
‫ِ‬
‫حـــل‬ ‫الر‬
‫يـــر َحقيبـــة َّ‬ ‫والبِ ُّ‬
‫ـــر َخ ُ‬ ‫بـــه‬ ‫ـــح مـــا َط َل ْب َ‬
‫نج ُ‬ ‫واللـــ ُه َأ َ‬
‫(((‬

‫ري‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال ٌ‬
‫سابق ال َبر َب ُّ‬
‫ٍ‬ ‫أنـــت ِ‬ ‫إن التُّقـــى َخيـــر ٍ‬
‫فض ُل َشـــيء نا َل ُه َب َش ُ‬
‫ـــر‬ ‫والبِ َّ‬
‫ـــر َأ َ‬ ‫حام ُله‬ ‫َ‬ ‫زاد‬ ‫َّ‬
‫(((‬
‫ُ‬

‫((( ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص‪(( ،)253 :‬زهر األكم)) لليوسي (‪.)180/1‬‬
‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي المهدي (‪.)304/2‬‬
‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ُةشاشَبلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫البَشاش ُة‬

‫معنى البشاشة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوجه‪ ،‬وقد َبششْ ُت به‪َ ،‬أ َب ُّش‪َ ،‬بشاش ًة‪ُ ،‬‬
‫ورج ٌل َه ٌّش َب ٌّش‪،‬‬ ‫ال َبشاش ُة ُلغ ًة‪َ :‬ط ُ‬
‫القة َ‬
‫ِ‬
‫الوجه ط ِّي ٌب(((‪.‬‬ ‫أي‪َ :‬ط ْل ُق‬
‫اإلقبال وال ُّل ِ‬
‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫طالقة الو ِ‬
‫جه مع ال َف ِ‬ ‫ال َبشاش ُة‬
‫طف‬ ‫سن‬ ‫بس ِم ُ‬
‫رح وال َّت ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬
‫في المسألة(((‪.‬‬

‫والبشر(((‪:‬‬ ‫هل َ‬
‫شاش ِة ِ‬ ‫الفرق بني ال َبشاشة وا َ‬
‫وأما البِ ُ‬
‫شر‪:‬‬ ‫أخيرا‪َّ .‬‬ ‫ً‬ ‫وسواء كان َّأو ًل أو‬
‫ٌ‬ ‫بمن َت ْلقاه‪،‬‬ ‫الس ِ‬
‫رور َ‬ ‫إظهار ُّ‬
‫ُ‬ ‫ال َبشاش ُة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫رور ب ُلقي من ي ْلقاك‪ .‬والهشاش ُة‪ :‬هي ِ‬ ‫ِ‬
‫للمعروف‪،‬‬ ‫الخ َّف ُة‬ ‫الس ِ ِّ َ َ‬ ‫فهو َّأو ُل ما َي َ‬
‫ظه ُر م َن ُّ‬
‫ِ‬
‫العطاء قيل‪:‬‬ ‫سهل‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫الرجل‬ ‫التناو ِل‪ ،‬فإذا كان‬ ‫هل‬ ‫هش‪ ،‬إذا كان َس َ‬‫شيء ٌّ‬ ‫ِمن قول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫الهشاش َة‪.‬‬
‫هو َه ٌّش ب ِّي ٌن َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫القة الوجه يف ال ُقرآن ُّ‬
‫وط ِ‬ ‫دح ال َبشاشة َ‬
‫َم ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ [القيامة‪.]23 ،22 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﮊ [عبس‪.]39 ،38 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬ال‬


‫بي ص َّلى ُ‬
‫لي ال َّن ُّ‬
‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال َ‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي َذ ٍّر َر َ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهرى (‪.)44/1‬‬


‫((( ((ال َّترغيب والترهيب)) للمنذري (‪.)73/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)101 :‬‬
‫‪43‬‬
‫ُةشاشَبلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫أخاك بِ َو ْج ٍه َط ْل ٍق))(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫َتح ِقر َّن ِم َن المعر ِ‬
‫وف َش ْيئًا‪ ،‬ولو َأ ْن َت ْل َقى‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫سول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال َر ُ‬ ‫الله عنه‪َ ،‬‬ ‫رض َي ُ‬ ‫وعن َأبِي َذر ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ ‪ْ َ -‬‬
‫(( َت َب ُّس ُم َك فِي َو ْج ِه َأ ِخ َ‬
‫يك َل َك َصدَ َق ٌة))(((‪.‬‬

‫القة الوج ِه‪:‬‬


‫وط ِ‬ ‫شاشة َ‬
‫السلف وال ُعلما ِء عن ال َب ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫فض ِح َك ُك ُّل ٍ‬ ‫سل ِ‬
‫جبل رضي الل ُه عنه‪( :‬إذا التقى الم ِ‬ ‫ ‪-‬قال ُم ُ‬
‫واحد منهما‬ ‫مان َ‬ ‫ُ‬ ‫بن ٍ َ َ‬ ‫عاذ ُ‬
‫الش َج ِر)(((‪.‬‬
‫ور ُق َّ‬ ‫َّت ُذنو ُبهما كما‬ ‫أخ َذ ِ‬‫صاحبِه‪ ،‬ثم َ‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬
‫يتحات َ‬
‫ُّ‬ ‫بيده؛ تحات ْ‬ ‫وجه‬
‫سط الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫جه‪،‬‬ ‫الخ ُل ِق فقال‪( :‬هو َب ُ َ‬ ‫سن ُ‬ ‫ف ُح َ‬ ‫المبارك أ َّنه َو َص َ‬ ‫الله ِ‬
‫بن‬
‫وكف األذى)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المعروف‪ُّ ،‬‬ ‫و َب ُ‬
‫ذل‬
‫ِ ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫لألوزاعي ِ‬
‫يب‬
‫الوجه‪ ،‬وط ُ‬ ‫(ط ُ‬
‫القة َ‬ ‫يف؟ قال‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫كرامة َّ‬ ‫الله‪ :-‬ما‬
‫‪-‬رحمه ُ‬ ‫ ‪-‬قيل َ ْ ِّ‬
‫ِ‬
‫الحديث)(((‪.‬‬
‫وطالقة الوجه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فوائد ال َبشاشة‬
‫القة الو ِ‬
‫بوس‬
‫الع ُ‬
‫جه َ‬
‫والو ُ‬ ‫بش ُر بالخير‪ ،‬و ُيقبِ ُل على صاحبِها ال َّن ُ‬
‫اس‪َ ،‬‬ ‫جه ُت ِّ‬ ‫‪َ 1-1‬ط ُ َ‬
‫سبب لن ِ‬
‫َفرة ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫عاملة ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫جه ِمن َمكار ِم‬
‫طالقة الو ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫األخالق في ُم‬ ‫ُ َ‬ ‫‪2-2‬‬

‫س‪ ،‬ف َق َّل أن َت ِجدَ‬ ‫القة الو ِ‬


‫شوشا َب ً‬
‫شوشا‬ ‫شخصا َه ً‬
‫ً‬ ‫نوان ما في ال َّن ْف ِ‬
‫جه ُع ُ‬ ‫‪َ 3-3‬ط ُ َ‬
‫ِ‬
‫قي ًة(((‪.‬‬
‫وحا َن َّ‬ ‫َّإل وهو َيحم ُل ن ْف ًسا َط ِّيب ًة‪ُ ،‬‬
‫ور ً‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)2626‬‬


‫((( أخرجه الترمذي (‪ )1956‬واللفظ له‪ ،‬وابن حبان (‪.)529‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ .‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)1956‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((اإلخوان)) (‪.)114‬‬
‫((( أخرجه الترمذي (‪.)2005‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)18/2‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)105/4‬‬
‫‪44‬‬
‫ُةشاشَبلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬ ‫‪4-4‬محب ُة ِ‬
‫الله َّ‬ ‫َ َّ‬
‫ساب ال َبشاشة‪:‬‬
‫موانع اك ِت ِ‬
‫ُ‬
‫والح ِ‬
‫قد‪.‬‬ ‫والغ ِّل ِ‬
‫الحسد ِ‬
‫ِ‬ ‫القبيحة فيها ِم َن‬
‫ِ‬ ‫س‪ ،‬و َتغ ْل ُغ ُل الص ِ‬
‫فات‬ ‫‪ُ 1-1‬خ ْب ُث ال َّن ْف ِ‬
‫ِّ‬
‫اث على هذه الص ِ‬ ‫ِ‬
‫فة‬ ‫ِّ‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َ‬
‫الح ِّ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫‪2-2‬عدَ ُم ا ِّتبا ِع هدْ ِي ال َّن ِّ‬
‫بخ ُل ِقه و َقولِه‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الخير لهم‪.‬‬ ‫وك ُ‬
‫راهية‬ ‫غض ال َّن ِ‬
‫اس‪َ ،‬‬ ‫‪ُ 3-3‬ب ُ‬
‫ب على ال َّتح ِّلي بهذه الص ِ‬
‫فة‪.‬‬ ‫المتر ِّت ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪4-4‬عدَ ُم استِ ِ‬
‫ِّ‬ ‫األجر ُ‬ ‫شعار‬
‫ال َوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب ال َبشاشة‪:‬‬
‫المس ِلمين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األجر ا َّلذي َر َّت َبه َّ‬ ‫ِ‬
‫سن ُمالقاة ْ‬ ‫رع على ال َبشاشة ُ‬
‫الش ُ‬ ‫شعار‬
‫‪1-1‬است ُ‬
‫شاشة ُخ ُل َقه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬ا َّلذي‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫كانت ال َب‬ ‫باع هدْ ِي ال َّن ِّ‬‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫وع َّلمها ُألمتِه ب َقولِه وفِ ِ‬
‫الم‪.‬‬
‫والس ُ‬ ‫الصال ُة َّ‬ ‫عله عليه َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫جوه ِهم‪.‬‬ ‫اس يجع ُل َك َتب ُّش في و ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ُ 3-3‬ح ُّب ال َّن ِ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فات َّ ِ‬ ‫‪4-4‬ال َّتخ ُّلص ِم َن الص ِ‬
‫مق ُت‬‫جع ُل المر َء َي ُ‬ ‫الذميمة كالحسد والحقد ا َّلتي َت َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫جه َع ٍ‬
‫بوس‪.‬‬ ‫هامة وو ٍ‬ ‫القيهم بج ٍ‬ ‫من حو َله ويكره لهم الخير‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ْ َ َ ُ‬
‫كون ِس َم ًة دائم ًة‬ ‫ُ‬
‫حاولة أن َت َ‬ ‫وم‬ ‫ِ ِ‬
‫عو ُد على رس ِم االبتسامة على ْ‬
‫الوجه‪ُ ،‬‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬
‫َّ‬
‫للشخص‪.‬‬
‫والسلف‪:‬‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫مناذج ِمن ال َبشاشة من حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬من ذلِك َبشاش ُته ص َّلى ُ‬
‫الله عنها؛‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم ألخت َخديج َة َر َ‬
‫ضي ُ‬
‫بنت ُخ َو ْي ِل ٍد‬ ‫الله عنها قالت‪(( :‬استأ َذ َن ْت ُ‬
‫هالة ُ‬ ‫وفا ًء لها‪ ،‬كما ورد عن عائش َة َر َ‬
‫ضي ُ‬
‫ئذان َخديج َة‪،‬‬ ‫فع َر َف استِ َ‬ ‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪َ ،‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫أخت َخديج َة على‬
‫ُ‬

‫‪45‬‬
‫ُةشاشَبلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫فارتاح لذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ال َّل ُه َّم ها َل َة!‪.((())...‬‬ ‫َ‬


‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬
‫بن‬ ‫بن ِ‬ ‫محم ِد ِ‬ ‫إسماعيل ِ‬
‫َ‬ ‫ين يحيى ِ‬ ‫هاب الدِّ ِ‬‫ترجمة ِش ِ‬ ‫ِ‬
‫بن َّ‬ ‫بن‬ ‫ ‪-‬وفي‬
‫حين‪ ،‬ويكثِر الصوم ِ‬
‫والعباد َة‪ ،‬و َيصبِ ُر على‬ ‫ِ‬ ‫محم ٍد ال َق ْي‬
‫للصال َ ُ ُ َّ َ‬ ‫سراني‪ :‬أ َّنه كان َي َ‬
‫تو َّد ُد َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫القة الو ِ‬
‫جه(((‪.‬‬ ‫وط ِ‬ ‫ِ‬
‫بالخير َ‬ ‫عام ُل صدي َقه وعدُ َّوه َّإل‬ ‫األذى‪ ،‬وال ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األخالق َينطبِ ُع‪،‬‬ ‫إبراهيم‪َ :‬ط ِّي َب‬ ‫إسحاق ِ‬
‫بن‬ ‫َ‬ ‫بن يحيى ِ‬
‫بن‬ ‫إسحاق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وكان‬
‫َ‬
‫حتش ًما ِ‬
‫عن‬ ‫دالة‪ ،‬م ِ‬
‫ناد‪ ،‬م َّت ِسما بالع ِ‬
‫واري الزِّ ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫القياد‪،‬‬ ‫و َيتط َّل ُب ال َبشاش َة و َي َّتبِ ُع‪َ ،‬س ْه َل‬
‫ُ‬ ‫ُ ً َ‬
‫اإلزالة(((‪.‬‬
‫وطالقة الوجه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وشعر عن ال َبشاشة‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال‬
‫ألن البِشر ي ِ‬ ‫لماء‪ ،‬وس ِجي ُة الح ِ‬ ‫شاشة إدام الع ِ‬
‫طف ُئ‬ ‫َ ُ‬ ‫كماء؛ َّ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫حب َ‬
‫ان‪( :‬ال َب‬ ‫ابن َّ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫حصين ِم َن الباغي‪ ،‬و َم ْنجا ٌة ِم َن‬ ‫ٌ‬ ‫باغضة‪ ،‬وفيه َت‬ ‫الم َ‬
‫جان ُ‬ ‫المعا َندة‪ ،‬و َي ِ‬
‫حر ُق َه َي َ‬ ‫نار ُ‬‫َ‬
‫ون ِ‬
‫الباذ ِل لهم ما َي ِ‬ ‫اس وجها‪ ،‬لم ي ُكن ِعندَ ُهم بِدُ ِ‬
‫مل ُك)(((‪.‬‬ ‫ش لل َّن ِ ْ ً ْ َ ْ‬ ‫الساعي‪ ،‬و َمن َب َّ‬
‫َّ‬
‫اس)(((‪.‬‬ ‫ود ُد إلى ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف‪( :‬رأس الم ِ‬
‫روءة َط ُ‬ ‫األحن ُ‬ ‫ ‪-‬قال َ‬
‫الوجه‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫القة َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫بن خ َلف ال َّت ْي ُّ‬
‫مي‪ ،‬قال‪ :‬كان‬ ‫ابن أبى الدُّ نيا‪ :‬حدَّ َثني أبو عبد الله َّ‬
‫محمدُ ُ‬ ‫‪ -‬قال ُ‬
‫ائي َيتمث َُّل‪:‬‬ ‫سعيدُ بن ُعب ٍ‬
‫يد َّ‬
‫الط ُّ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫والق ِهــــم بال َّطال َق ْه‬ ‫ِ‬
‫س جمي ًعــــا‬ ‫يت ِمـــ َن النَّا‬
‫شـــر َمـــن َل ِق َ‬
‫ِ‬ ‫ات َِّق بالبِ‬

‫الحما َق ْه‬‫رأس َ‬‫بـــوس ُ‬‫َ‬ ‫َّ‬


‫فـــإن ال ُع‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫عـــن النَّا‬ ‫بـــوس‬
‫َ‬ ‫و َد ِع التِّيـــ َه وال ُع‬
‫َ (((‬
‫الصداق ْه‬ ‫ــــت َصدي ًقا وقد ت َِع ُّ‬ ‫ِ‬
‫ُعـــاد عا َد ْيــــ‬ ‫ـــئت ْ‬
‫أن ت‬ ‫ُك َّلمـــا ِش‬
‫ـــز َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ً‬
‫موصول مسلم (‪.)2437‬‬ ‫((( أخرجه البخاري معل ًقا (‪ ،)3821‬وأخرجه‬
‫((( ((شذرات الذهب)) البن العماد (‪.)175/6‬‬
‫((( ((أعيان العصر وأعوان النصر)) للصفدي (‪.)137/1‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (‪.)75/1‬‬
‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)204/1‬‬
‫((( ((اإلشراف في منازل األشرا ف)) البن أبي الدنيا (‪.)225/1‬‬
‫‪46‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫التَّأنِّي أو (األناة)‬

‫الت ِّأني‪:‬‬
‫معنى َّ‬
‫َ‬ ‫الحلم والوقار‪ِ َ ،‬‬
‫واأل َنى‪ِ :‬‬
‫األنا ُة َ‬
‫ال َّتأ ِّني ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫واس ْتأ َنى‪َ :‬ت َّثب َت‪ُ ،‬‬
‫ورج ٌل‬ ‫وأن َي و َتأ َّنى ْ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ناة ِ‬
‫والحل ِم(((‪.‬‬ ‫األ ِ‬
‫فاع ٍل‪ ،‬أي‪ :‬كثير َ‬‫آن‪ ،‬على ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫الر ِ‬ ‫رك العج ِ‬
‫لة(((‪ .‬وقيل‪َ :‬‬
‫فق‬ ‫المبا َل ُ‬
‫غة في ِّ‬ ‫األنا ُة‪ :‬هي ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال َّت ُّثب ُت و َت ُ َ َ‬
‫ً‬ ‫ال َّتأني‬
‫سب ِ‬
‫ب إليها(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫باأل ِ‬
‫مور‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫الف ْرق بني األناة‬
‫والت َؤدة‪:‬‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي األناة ُّ‬ ‫•• َ‬
‫الخ َّف ِة‬
‫فارقة ِ‬ ‫سب ِ‬
‫ب إليها‪ .‬وال ُّتؤَ دة‪ُ :‬م ُ‬ ‫الر ِ‬
‫فق باألمور وال َّت ُّ‬ ‫المبا َل ُ‬
‫غة في ِّ‬
‫َ‬
‫األنا ُة‪ :‬هي ُ‬
‫في األمور‪.‬‬

‫واحللم‪:‬‬
‫••الفرق بني األنا ِة ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫واحد‪ .‬وقيل‪َ :‬‬
‫األمور‪ ،‬و َت ْر ُك ال َّت ُّ‬
‫عج ِل‪.‬‬ ‫التمه ُل في تدبير‬
‫األنا َة هي ُّ‬ ‫قيل‪ :‬هما بمعنًى‬
‫ستحقِّ ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬
‫العقاب ُ‬ ‫بتأخير‬ ‫اإلمهال‬ ‫لم‪ :‬هو‬‫والح ُ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري ( ‪(( ،)2274/6‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪.)142/1‬‬


‫((( ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (‪.)189/1‬‬
‫((( ((المحكم)) البن سيده (‪(( ،)364/3‬مختار الصحاح)) للرازي (‪(( ،)80 ،24/1‬لسان العرب))‬
‫البن منظور (‪(( ،)48/14( ،)146/12‬اللباب في علوم الكتاب)) البن عادل (‪،)96/4‬‬
‫((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (‪.)1096/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)204 :‬‬
‫‪47‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الت ِّأني من القرآن ُّ‬


‫والسَّنة‪:‬‬ ‫واحلث على َّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖ ﯗﯘﯙﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﮊ [النساء‪.]94 :‬‬
‫ِ‬
‫والخبر‬ ‫ِ‬
‫األمر الواقع‪،‬‬ ‫والتبص ُر في‬ ‫ِ‬
‫العجلة‪،‬‬ ‫وعدم‬ ‫التثبت‪ :‬األنا ُة‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والمراد من ُّ‬
‫ويظهر(((‪.‬‬ ‫ضح‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الوارد حتى ي َّت َ‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬


‫ﭜﮊ [الحديد‪ .]4 :‬ومن ِحكم َخ ْل ِقها في ِس َّت ِة أ َّيا ٍم‪َّ :‬‬
‫أن الل َه ع َّل َم ِعبا َده ال ُّتؤَ د َة‬
‫اإلنسان فيما َيصن َُعه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الفراغ ِم ُنه؛ ح َّتى َيتأ َّنى‬
‫ُ‬ ‫الش ِ‬
‫يء ال‬ ‫إحكام َّ‬ ‫األهم‬ ‫وال َّتأ ِّني‪َّ ،‬‬
‫وأن‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫رون عليها(((‪.‬‬ ‫قاد َ‬ ‫األمور ا َّلتي ُهم ِ‬
‫ِ‬ ‫الله سبحانه ِعبا َده ال َّتأ ِّن َي في‬
‫فع َّلم ُ‬ ‫َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫عنهما قال‪ :‬قال‬‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫عب ٍ‬
‫اس َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫ابن َّ‬
‫الحلم‪َ ،‬‬ ‫الله‪ِ :‬‬
‫َين ُي ِح ُّب ُهما ُ‬ ‫لأل َشج َأ َشج ِ‬
‫واألنا ُة))(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫((إن فيك َخص َلت ِ‬ ‫عبد ال َق ِ‬
‫يس‪َّ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ ِّ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مالك َر َ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫الش ِ‬
‫يطان))(((‪.‬‬ ‫لة ِم َن َّ‬‫والع َج ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((ال َّتأ ِّني م َن الله‪َ ،‬‬
‫الت ِّأني‪:‬‬
‫لف وال ُعلما ِء يف َّ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬

‫((( ((فتح القدير)) للشوكاني (‪.)71/5‬‬


‫((( ((تفسير الحجرات ‪ -‬الحديد)) البن عثيمين ( ‪.)362/1‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)17‬‬
‫((( أخرجه أبو يعلى (‪ ،)4256‬والبيهقي (‪ .)20270‬قال المنذري في ((ال َّترغيب والترهيب))‬
‫(‪ ،)359/2‬والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)22/8‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬وجود إسناده‬
‫ابن القيم في ((أعالم الموقعين)) (‪.)120/2‬‬
‫‪48‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫فكتَب إ َل ِيه ُم ُ‬
‫عاوية‪:‬‬ ‫العاص إلى ُمعاوي َة ُيعاتِ ُبه في ال َّتأ ِّني‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫بن‬ ‫ ‪َ -‬كتَب َع ُ‬
‫مرو ُ‬
‫الع َجلة‪،‬‬
‫عن َ‬‫الراشدَ َمن َر َشدَ ِ‬ ‫ورشدٌ ‪َّ ،‬‬
‫وإن َّ‬ ‫الخبر ِزياد ٌة ُ‬
‫ِ‬ ‫فه َم في‬ ‫(أما َبعدُ ‪َّ ،‬‬
‫فإن ال َّت ُّ‬ ‫َّ‬
‫صيب أو كاد أن َي َ‬
‫كون ُمصي ًبا‪،‬‬ ‫ناة‪َّ ،‬‬‫األ ِ‬
‫عن َ‬
‫خاب ِ‬ ‫َّ‬
‫المتث ِّب َت ُم ٌ‬
‫وإن ُ‬ ‫الخائب َمن َ‬ ‫َ‬ ‫وإن‬
‫كون ُمخطِئًا)(((‪.‬‬
‫الع ِج َل ُمخطِ ٌئ أو كاد أن َي َ‬ ‫َّ‬
‫وإن َ‬

‫لة ِم َن َّ‬
‫الشيطان‪ ،‬وما َع ِج َل‬ ‫والع َج ُ‬ ‫ِ‬ ‫مالك‪( :‬كان ُي ُ‬
‫قال‪ :‬ال َّتأ ِّني م َن الله‪َ ،‬‬ ‫ ‪-‬وقال ٌ‬
‫ِ‬ ‫آخر َفأ َ‬
‫خطأ َّإل كان ا َّلذي اتَّأ َد َأ َ‬ ‫امر ٌؤ َفأ َ‬
‫صو َب رأ ًيا‪ ،‬وال َعج َل ُ‬
‫امر ٌؤ‬ ‫صاب واتَّأ َد َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يس َر َخ َط ًأ)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫خطأ واتَّأ َد َ َ َ‬
‫َفأ َ‬
‫آخ ُر فأخطأ َّإل كان ا َّلذي اتَّأ َد أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واب ما ال‬ ‫هي َأ له م َن َّ‬
‫الص ِ‬ ‫الحدَّ اد‪َ ( :‬من َتأ َّنى و َت َّثب َت َت َّ‬
‫بن َ‬ ‫ ‪-‬وقال أبو ُع َ‬
‫ثمان ُ‬
‫لصاحب الب ِ‬ ‫تهي ُأ‬
‫ديهة)(((‪.‬‬ ‫ِ َ‬ ‫َي َّ‬

‫الت ِّأني‪:‬‬
‫فوائد َّ‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مأنينة‬ ‫وط‬ ‫فور الر ِ‬
‫زانة‪ُ ،‬‬ ‫وو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 1-1‬د ٌ‬
‫َّ‬ ‫العقل‪ُ ،‬‬ ‫جاحة‬ ‫اللة على َر‬

‫والخ َطأِ‪.‬‬ ‫اإلنسان ِم َن َّ‬


‫الضالل َ‬ ‫َ‬ ‫‪2-2‬ي ِ‬
‫عص ُم‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫العاق ِبة في الدُّ نيا‬
‫حمود ِ‬‫ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّتأ ِّني َخ ٌير ك ُّله‪ ،‬و َم‬
‫َيل محب ِة ِ‬
‫الله ِ‬
‫ورضا ُه ُسبحا َنه‪.‬‬ ‫سبب لن ِ َ َّ‬
‫‪ٌ 4-4‬‬

‫يطان و َتس ُّلطِه ع َل ِيه‪.‬‬


‫الش ِ‬ ‫صيانة اإلنسان ِمن َك ِ‬
‫يد َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫ِمن ُص َور ِّ‬
‫التأني‪:‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬إذا َأ َت ْي ُت ُم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫الصالة؛ فقد قال ال َّن ُّ‬ ‫‪ِ 1-1‬عندَ َّ‬
‫الذ ِ‬
‫هاب إلى َّ‬

‫((( أخرجه الاللكائي في ((شرح أصول االعتقاد)) (‪.)2789‬‬


‫((( أخرجه البيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (‪.)817‬‬
‫((( ((جامع بيان العلم وفضله)) البن عبد البر (‪.)2221‬‬
‫‪49‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫در ْك ُتم َف َص ُّلوا‪ ،‬وما فا َت ُكم َفأتِ ُّموا))(((‪.‬‬ ‫ِ ِ‬


‫بالسكينة‪ ،‬فما َأ َ‬
‫فع َل ْي ُكم َّ‬
‫الصال َة َ‬
‫َّ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم إذا َنزَ ل ع َل ِيه‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫راءة ُ ِ‬
‫القرآن؛ فقدْ ((كان ال َّن ُّ‬
‫‪ِ 2-2‬عندَ ِق ِ‬

‫الله‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﮊ‬ ‫حي َح َّر َك به لِسا َنه؛ ُيريدُ ْ‬


‫أن َيح َف َظه‪َ ،‬فأنزَ َل ُ‬ ‫الو ُ‬
‫َ‬
‫[القيامة‪.((())]16 :‬‬

‫ولسامعه أن َيصبِ َر على ُمع ِّل ِمه‬


‫ِ‬ ‫لطالب ِ‬
‫العلم‬ ‫ِ‬ ‫العلم؛ فينبغي‬ ‫‪3-3‬ال َّتأ ِّني في َطلب ِ‬
‫حتى ي ِ‬
‫قض َي كال َمه(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى الله‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬ال َّتأ ِّني ِعندَ مواجهة العدُ ِّو في ساحة القتال؛ فقد كان‬
‫رواح‪ ،‬و َت ُ‬
‫حض َر‬ ‫األ ُ‬ ‫لم ُيقاتِ ْل في َّأو ِل ال َّن ِ‬
‫هار‪ ،‬انت ََظر ح َّتى َت ُه َّب َ‬
‫عليه وس َّلم ((إذا ْ‬
‫لوات))(((‪.‬‬
‫الص ُ‬‫َّ‬
‫ستفاد ِمن ِق َّصة َ‬
‫الخ ِض َر مع‬ ‫ُ‬ ‫حتملة؛ كما ُي‬‫اإلنكار في األمور الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬ال َّتأ ِّني في‬
‫ِ‬
‫المحتمالت(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنكار في‬ ‫وجوب التأ ِّني عن‬ ‫ستفاد منها‬
‫ُ‬ ‫موسى عليه السالم؛ ف ُي‬
‫ُ‬

‫الت ِّأني‪:‬‬
‫عدم َّ‬
‫قوع يف ِ‬
‫أسباب ال ُو ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫والحزن َّ‬
‫الشديدُ ‪.‬‬ ‫الغضب‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬

‫مور‪.‬‬ ‫نتائج ُ‬
‫األ ِ‬ ‫عجال ِ‬‫ُ‬ ‫‪2-2‬استِ‬

‫ضط ُّر للقيا ِم‬‫القيام به؛ فإ َّنه ُي َ‬


‫ُ‬ ‫المرء فيما َين َبغي ع َل ِيه‬
‫ُ‬ ‫فريط‪ ،‬وذلك إذا َف َّر َط‬
‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫لبي ًة‪.‬‬ ‫تدار َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نتائج َس َّ‬
‫األمر؛ ف ُيس ِّب َب له َ‬
‫َ‬ ‫والعجلة ح َّتى َي َ‬ ‫السرعة َ‬ ‫به على وجه ُّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)635‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪.)4927‬‬
‫((( ((التبيان في أقسام القرآن)) البن الق ِّيم ( ‪.)159/1‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)3160‬‬
‫((( ُينظر‪(( :‬فتح الباري)) البن حجر (‪.)222/1‬‬
‫‪50‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫هوات‪.‬‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫إجابة داعي َّ‬
‫الش‬

‫جه ُلها‪.‬‬ ‫الخ ِ‬


‫برة في ٍ‬ ‫شارة َذ ِوي ِ‬
‫‪5-5‬تر ُك استِ ِ‬
‫أمور َي َ‬ ‫ْ‬
‫الت ِّأني(((‪:‬‬
‫صفة َّ‬
‫ينة على اكتساب ِ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫‪1-1‬الدُّ عاء‪.‬‬
‫ِ‬
‫عجال‪.‬‬‫عواقب االستِ‬
‫ِ‬ ‫ظر في‬
‫‪2-2‬ال َّن ُ‬
‫والر ُ‬
‫فيق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أسمائه ُسبحا َنه‪:‬‬ ‫وصفاتِه؛ ِ‬ ‫الله ِ‬ ‫ِ‬
‫أسماء ِ‬ ‫ُ‬
‫الحليم َّ‬
‫ُ‬ ‫فمن‬ ‫معرفة معاني‬ ‫‪3-3‬‬
‫الظالِ َ‬
‫أخ ِذ َّ‬
‫مين‪.‬‬ ‫التعجل في ْ‬ ‫در ُج فيها‪ ،‬وترك‬ ‫عانيهما‪ :‬ال َّتأ ِّني في ُ‬
‫األ ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن َم ِ‬
‫ُّ‬ ‫مور وال َّت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم؛ فنَستفيدُ من ُس َّنته ال َّتأ ِّن َي َّ‬
‫والص َبر‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫‪4-4‬قراء ُة سيرة ال َّن ِّ‬
‫على اإليذاء‪.‬‬
‫والخ ِ‬
‫برة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫الح‬ ‫‪5-5‬استِشار ُة ِ‬
‫أهل َّ‬
‫حابة‪:‬‬ ‫الت ِّأني من َحيا ِة األنبياء َّ‬
‫والص ِ‬ ‫مناذج يف َّ‬
‫ُ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الم ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬تأ َّنى نبي ِ‬
‫جن؛‬ ‫الخروج م َن َّ‬ ‫والس ُ‬
‫َّ‬ ‫يوسف ع َليه َّ‬
‫الصال ُة‬ ‫ُ‬ ‫الله‬ ‫ُّ‬
‫المل ُك ورعي ُته براء َة ساحتِه‪ ،‬و َنزاه َة ِعر ِضه‪ ،‬وام َتنَع عن المبا َد ِ‬
‫رة‬ ‫ِ‬ ‫ح َّتى َيتح َّققَ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫تعج ْل في ذلك؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ‬
‫إلى الخروج‪ ،‬ولم َي َّ‬
‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ‬
‫[يوسف‪.]50 :‬‬

‫بي ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫عنهما‪َ (( :‬ل َّما َب َلغ أبا َذ ٍّر َم َبع ُث ال َّن ِّ‬
‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫عب ٍ‬
‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ِ‬ ‫أل ِ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم َّ‬
‫بمك َة قال َ‬
‫ارك ْب إلى هذا الوادي‪ ،‬فاع َل ْم لي ع ْل َم هذا َّ‬
‫الر ُج ِل‬ ‫خيه‪َ :‬‬

‫َّ‬
‫وجل الواردة في الكتاب والسنة)) لعلوي‬ ‫عز‬
‫((( ((تفسير ابن كثير)) (‪(( ،)557/6‬صفات الله َّ‬
‫السقاف (‪.)180 ،139/1‬‬
‫‪51‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ثم ائْتِني‪ .‬فانط َلقَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخبر ِمن الس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫اآلخ ُر‬ ‫فاسم ْع من َقوله َّ‬
‫َ‬ ‫ماء‪،‬‬ ‫ا َّلذي َي ُ‬
‫زع ُم أ َّنه َيأتيه َ َ ُ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ح َّتى َق ِد َم َّ‬
‫ثم َر َجع إلى أبي َذ ٍّر‪ ،‬فقال‪ :‬رأ ْي ُته َي ُأم ُر َ‬
‫بمكار ِم‬ ‫وسم َع من َقوله‪َّ ،‬‬‫مك َة‪َ ،‬‬
‫عر‪ .‬فقال‪ :‬ما َش َف ْيتَني فيما َأ َر ْد ُت‪ .‬فتَزَ َّو َد َ‬
‫وح َم َل َش َّن ًة‬ ‫بالش ِ‬
‫خالق‪ ،‬وكال ًما ما هو ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫األ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫س ال َّن َّ‬
‫مك َة‪َ ،‬فأ َتى َ ِ‬
‫المسجدَ فا ْلت ََم َ‬ ‫ماء ح َّتى َق ِد َم َّ‬
‫له فيها ٌ‬
‫علي‬‫فاض َط َج َع‪ ،‬فرآ ُه ٌّ‬ ‫يل‪ْ -‬‬ ‫در َكه ‪-‬يعني‪ :‬ال َّل َ‬ ‫سأل عنه‪ ،‬ح َّتى َأ َ‬ ‫أن َي َ‬ ‫وك ِر َه ْ‬
‫عر ُفه‪َ ،‬‬ ‫وال َي ِ‬
‫سأل واحدٌ منهما صاحبه عن َش ٍ‬
‫يء‪ ،‬ح َّتى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فلم َي ْ‬‫فلما رآ ُه َتبِ َعه‪ْ ،‬‬
‫غريب‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫فع َرف أ َّنه‬ ‫َ‬
‫بي‬
‫وم‪ ،‬وال َي َرى ال َّن َّ‬ ‫ثم احت ََم َل ِقر َبتَه وزا َده إلى المسجد‪َ ،‬‬
‫فظ َّل ذلك ال َي َ‬ ‫َ‬
‫أص َب َح‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ص َّلى ُ ِ‬
‫علي‪ ،‬فقال‪ :‬ما َ‬
‫آن‬ ‫فم َّر به ٌّ‬
‫ضجعه‪َ ،‬‬‫الله ع َليه وس َّل َم‪ ،‬ح َّتى َأ ْمسى‪ ،‬فعا َد إلى َم َ‬
‫منهما صاح َبه عن‬ ‫سأل واحدٌ ُ‬‫فذ َهب به معه‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫أن َيع َل َم َم ِنز َله؟ َفأقا َمه‪َ ،‬‬
‫للر ُج ِل ْ‬
‫َّ‬
‫ثم قال له‪َ :‬أل‬ ‫َ‬ ‫َّالث َف َع َل ِم َ‬
‫يء‪ ،‬ح َّتى إذا كان يوم الث ِ‬ ‫َش ٍ‬
‫علي معه‪َّ ،‬‬‫ثل ذلك‪ ،‬فأقا َمه ٌّ‬ ‫َ ُ‬
‫وميثا ًقا َل ُت ْر ِشدَ ِّني‪،‬‬
‫عطيتَني عهدً ا ِ‬ ‫ُت َحدِّ ُثني؟ ما ا َّلذي َأقدَ َمك هذا البلدَ ؟ قال‪َ ْ :‬‬
‫إن أ َ ْ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪،‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫حق‪ ،‬وهو‬ ‫لت‪ ،‬ف َف َع َل‪َ ،‬فأخ َب َره‪ ،‬فقال‪ :‬فإ َّنه ٌّ‬ ‫فع ُ‬ ‫َ‬
‫يك‪ُ ،‬ق ْم ُت كأ ِّني ُأ ُ‬
‫ريق الما َء‪،‬‬ ‫إن رأ ْي ُت َشيئًا َأ ُ‬
‫خاف ع َل َ‬ ‫فإذا َأص َب ْح َت فاتَّبِ ْعني‪ ،‬فإ ِّني ْ‬

‫فانط َلقَ َي ْق ُفوه‪ ،‬ح َّتى َد َخل على‬ ‫فإن َم َض ْي ُت فاتَّبِ ْعني ح َّتى َت ُ‬
‫دخ َل َمدْ َخلي‪ ،‬ف َف َعل‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم و َد َخل معه‪ ،‬فس ِم َع ِمن َقولِه‪َ ،‬‬
‫وأس َل َم َمكا َنه))(((؛‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫َ‬ ‫ال َّن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتأ َّنى ولم ُي ِ‬
‫بي‬ ‫ظه ْر ما ُيريدُ ه حتى َي َّ‬
‫تحصل على ُبغيته‪ ،‬وتأنى في البحث عن ال َّن ِّ‬
‫ريش و ُتثن َيه عن هدفِه الذي‬ ‫ِ‬ ‫ص َّلى ُ ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم والسؤال عنه؛ حتى ال َ‬
‫تعلم به ُق ٌ‬

‫والمتاعب‪.‬‬ ‫َّ‬
‫المشاق‬ ‫تحم َل‬ ‫من ِ‬
‫َ‬ ‫أجله َّ‬ ‫ْ‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫التأني يف ِ‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3861‬ومسلم (‪ )2474‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫نألا( وأ يِّنأَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ ‪-‬قال ال َّنابِ ُ‬
‫غة‪:‬‬
‫(((‬
‫َجاحا‬ ‫ِ‬
‫ُـــاق ن َ‬ ‫َأن فـــي ِر ٍ‬
‫فـــق ت‬ ‫فت َّ‬ ‫ـــق ُي ْمـــ ٌن واألَنـــا ُة َســـعاد ٌة‬
‫الر ْف ُ‬
‫ِّ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫الش ُ‬
‫(((‬‫الهـــوى فتَوك ِ‬
‫َّل‬ ‫وإذا َع َز ْم َت على َ‬ ‫ِ‬
‫مـــور َك ك ِّلها‬‫اســـت َْأ ِن تَظ َف ْر فـــي ُأ‬

‫((( ((كتاب العين)) للخليل ( ‪.)401/8‬‬


‫((( ((تهذيب اللغة)) لألزهري (‪.)398/15‬‬
‫‪53‬‬
‫ةيحضتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫التضحية‬

‫معنى َّ‬
‫التضحية‪:‬‬
‫بعمله أو بمالِه‪:‬‬ ‫ضحية مصدَ ر ضحى‪ .‬يقال‪ :‬ضحى ِ‬
‫بنفسه أو ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ال َّتضحي ُة ُلغ ًة‪ :‬ال َّت‬
‫دون ُمقابِل‪ .‬وهي بهذا المعنى ُم ْحدَ ثة(((‪.‬‬
‫وتبرع به َ‬
‫َ‬ ‫َب َذ َل ُه‬
‫المال؛ ألج ِل ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫وألجل‬ ‫غاية َأ ْسمى‬ ‫ِ ْ‬ ‫الوقت أو‬ ‫فس أو‬‫اصطالحا‪َ :‬ب ْذ ُل ال َّن ِ‬
‫ً‬ ‫ال َّتضحي ُة‬
‫ُ‬
‫والمرادف‬ ‫عز َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫َّواب على ذلك ِعندَ ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ِ‬
‫األجر والث ِ‬ ‫هدف َأ ْرجى‪ ،‬مع احتِساب‬ ‫ٍ‬

‫هاد‪.‬‬ ‫ذل ِ‬
‫والج ُ‬ ‫ومن معانيها‪ :‬ال َب ُ‬ ‫الفداء‪ِ ،‬‬
‫لهذا المعنى‪ِ :‬‬
‫ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على التضحية يف القرآن ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ ﯪ ﮊ [آل عمران‪.]140 :‬‬
‫هادة؛ ل َيكونوا ِم ً‬
‫ثال َلغ ِيرهم في‬ ‫بالش ِ‬
‫نكم َّ‬ ‫ناسا ِم ُ‬
‫كر َم ً‬
‫ِ‬
‫مي‪( :‬أي‪ :‬ول ُي ِّ‬
‫ِ‬
‫قال القاس ُّ‬
‫لك ِلمتِه)(((‪.‬‬
‫س شهاد ًة للحقِّ ‪ ،‬واستِمات ًة ُدونه‪ ،‬وإعال ًء َ‬ ‫تضحية ال َّن ْف ِ‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬


‫ﮡ ﮊ [آل عمران‪.]169 :‬‬
‫ِ‬
‫ضحية‪.‬‬ ‫الله هي ِذرو ُة ال َّت‬
‫سبيل ِ‬
‫ِ‬ ‫والشهاد ُة في‬
‫س‪َّ ،‬‬‫ف َب ْذ ُل ال َّن ْف ِ‬
‫الله ع َل ِ‬
‫يه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫الله عنه‪ ،‬عن‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫نان َف َر ِس ِه في‬
‫اس ُلهم‪َ ،‬ر ُج ٌل ُم ْم ِس ٌك ِع َ‬ ‫((من َخ ِير َم ِ‬
‫عاش ال َّن ِ‬ ‫أ َّنه قال‪ِ :‬‬

‫((( ((المعجم الوسيط)) (‪(( ،)535/1‬المعجم الوجيز)) (ص ‪.)377‬‬


‫((( ((تفسير القاسمي)) (‪.)419/2‬‬
‫‪54‬‬
‫ةيحضتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫طار َع َليه؛ َيبتَغي ال َق ْت َل َ‬
‫والم ْو َت‬ ‫أو َف ْزع ًة َ‬ ‫طير على َم ْتنه‪ُ ،‬ك َّلما َسم َع َه ْيع ًة ْ‬ ‫الله‪َ ،‬ي ُ‬
‫واد ِمن‬
‫طن ٍ‬ ‫ف‪ ،‬أو َب ِ‬ ‫الشع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫رأس َش َعفة من َهذه َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫َم َظا َّن ُه‪ ،‬أو َر ُج ٌل في ُغن َْي َم ٍة في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ِ ِ ِ‬
‫ليس‬
‫ين‪َ ،‬‬ ‫الزكا َة‪ ،‬و َيع ُبدُ َر َّب ُه ح َّتى َيأت َي ُه ال َيق ُ‬
‫الصال َة‪ ،‬و ُي ْؤتي َّ‬ ‫يم َّ‬ ‫َهذه األ ْود َية‪ُ ،‬يق ُ‬
‫اس َّإل في َخ ٍير))(((‪.‬‬ ‫ِم َن ال َّن ِ‬

‫أقسام َّ‬
‫التضحية‪:‬‬
‫ضحية بال َّن ْف ِ‬
‫س في سبيل الله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬ال َّتضحية المحمودة (المشروعة)‪ ،‬ومنها‪ :‬ال َّت‬
‫شرعا‪.‬‬
‫ب فيها ً‬ ‫الم َر َّغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضحية بالمال في و ِ‬
‫ُ‬
‫الخير ُ‬ ‫جوه‬ ‫ُ‬ ‫وال َّت‬

‫الجاهلي ِة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ضحية في سبيل‬ ‫المذمومة (غير المشروعة)‪ :‬وهي ال َّت‬ ‫‪2-2‬ال َّتضحي ُة َ‬
‫ِ‬
‫سبيل الله‪.‬‬ ‫صبي ِة‪ ،‬التي هي في َغ ِير‬
‫الع َّ‬
‫ِ ِ‬
‫وميتة َ‬
‫فوائد َّ‬
‫التضحية‪:‬‬
‫‪ُ 1-1‬نصر ٌة للدِّ ين‪.‬‬
‫ِ‬
‫وي منها َّ‬
‫والضعيف‪.‬‬ ‫جتمعِ؛ ال َق ِّ‬ ‫تحقيق ال َّتكا ُف ِل ْبين َط َبقات ُ‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫حقيق َتماس ِكها؛ فيهابها أعداؤُ ها‪ ،‬و ُتصبِح قوي َة الب ِ‬
‫نيان‪،‬‬ ‫األ َّم ِة‪ ،‬و َت ُ‬‫تقوية ُ‬‫‪ُ 3-3‬‬
‫ُ َّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الجانب‪.‬‬ ‫عزيز َة‬
‫اإلسالمي ك ِّله‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫جتم ِع‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫نسيج ُ‬ ‫راح ِم ْبين‬ ‫ُ‬
‫تحقيق ال َّت ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫الع َّز ِة‪.‬‬
‫تحقيق ِ‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫تحقيق الس ِ‬
‫عادة‪.‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪6-6‬‬
‫ِمن ُص َور َّ‬
‫التضحية‪:‬‬
‫ِ‬
‫مراتب ال َّتضحية‪.‬‬ ‫فس‪ ،‬وهي ِمن أعلى‬
‫ضحية بال َّن ِ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬ال َّت‬
‫ُ‬
‫ضحية بالمال‪.‬‬ ‫‪2-2‬ال َّت‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)1889‬‬


‫‪55‬‬
‫ةيحضتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫قت لب ْذ ِل ِ‬
‫ضحية بالو ِ‬
‫العل ِم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪3-3‬ال َّت‬

‫ضحية بنَف ِع ال َبدَ ِن‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪4-4‬ال َّت‬
‫فة َّ‬
‫التضحية‪:‬‬ ‫ساب ِص ِ‬
‫وانع اك ِت ِ‬
‫ِمن َم ِ‬
‫اإلخالص ِ‬
‫لله في العمل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عدم‬
‫‪ُ 1-1‬‬
‫س‪َ ،‬‬
‫واأل َثر ُة‪.‬‬ ‫‪ُ 2-2‬ح ُّب ال َّن ْف ِ‬

‫قر ِ‬
‫ب إليه‪.‬‬ ‫عف ال َّت ِ‬ ‫وض ُ‬ ‫الله‪َ ،‬‬‫عن ِ‬‫‪3-3‬ال ُبعدُ ِ‬
‫عبد وال َّت ُّ‬
‫ُّ‬
‫ف والدَّ َع ِة‪.‬‬ ‫هو وال َّتر ِ‬
‫َ‬ ‫ماس في ال َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫‪4-4‬االنغ ُ‬
‫الظن‪ ،‬وعدَ م ال ِّث ِ‬
‫قة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬إساء ُة َّ ِّ‬
‫ِ‬
‫ضحية بالمال‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنفاق وال َّت‬ ‫قعدُ ه عن‬ ‫اإليمان وال َّتفكير في الرزق ا َّلذي ي ِ‬
‫ِ‬ ‫‪َ 6-6‬ض ُ‬
‫عف‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضحية بال َّن ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد وال َّت‬ ‫عن‬ ‫وف ِم َن الموت ا َّلذي ي ِ‬
‫قعدُ ه ِ‬ ‫والخ ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫فة َّ‬
‫التضحية‪:‬‬ ‫ال َوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب ِص ِ‬
‫ِ‬
‫االنكباب على الدُّ نيا‪.‬‬ ‫‪1-1‬عدَ ُم‬

‫االنهزامي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الروح‬ ‫‪2-2‬ال َّتخ ُّل ُ‬
‫ص من ُّ‬
‫رين‪.‬‬ ‫‪ُ 3-3‬ح ُّب َ‬
‫اآلخ َ‬

‫واإلقدام‪.‬‬ ‫ِ‬
‫جاعة ِ‬ ‫‪4-4‬ال َّتح ِّلي َّ‬
‫بالش‬

‫اله َّم ِة‪.‬‬


‫‪5-5‬ال َّتح ِّلي ُبع ُل ِّو ِ‬

‫‪6-6‬ال َّتح ِّلي بالكر ِم وعدَ ِم ال ُب ِ‬


‫خل‪.‬‬
‫بأنف ِسهم وأموالِهم في سبيل ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ضحين ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صاح ُبة ِ‬
‫َ‬ ‫الم ِّ‬
‫والرفعة ُ‬
‫الخير ِّ‬ ‫أهل‬ ‫‪ُ 7-7‬م َ‬
‫لع ِ‬
‫باده المجاهدين في س ِ‬
‫بيله‪.‬‬ ‫الله ِ‬
‫قين الجازم بما أعدَّ ه ُ‬
‫َ‬ ‫‪8-8‬ال َي ُ‬
‫‪56‬‬
‫ةيحضتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الع ِ‬
‫والمال؛ الستلها ِم ِ‬
‫ِ‬ ‫لف الصالِحِ ‪ ،‬و َتضحياتِهم بال َّن ْف ِ‬
‫أخبار الس ِ‬ ‫‪ِ 9-9‬قراء ُة‬
‫برة‪.‬‬ ‫س‬ ‫ِ َّ‬
‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫مناذج َّ‬
‫للتضحية من حيا ِة َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وكان‬ ‫ِ‬
‫الناس‪ ،‬وكان أجو َد‬ ‫((أحسن‬
‫َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫ ‪-‬كان ص َّلى ُ‬
‫ِ‬ ‫ناس ِق َب َل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فز َع ُ‬ ‫الناس‪ ،‬ولقدْ ِ‬
‫ِ‬
‫الصوت‪،‬‬ ‫ذات ليلة‪ ،‬فانطلقَ ٌ‬ ‫المدينة َ‬ ‫أهل‬ ‫أشجع‬
‫َ‬
‫وت‪ ،‬وهو‬‫الله ع َل ِيه وس َّلم راجعا وقد سب َقهم إلى الص ِ‬ ‫ُ‬
‫رسول الله ص َّلى ُ‬ ‫فتل َّقاهم‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫لم ُت ُ‬
‫راعوا‪ ...‬لم‬ ‫ُ‬
‫يقول‪ْ :‬‬ ‫يف‪ ،‬وهو‬ ‫رس ألبي َط ْل َح َة ُع ْر ٍي‪ ،‬في ُعنقه َّ‬
‫الس ُ‬ ‫على َف ٍ‬
‫فاس ُكنوا‪.‬‬
‫راعوا)) ‪ ،‬أي‪ :‬ال َفزَ ع وال َر ْو َع عليكم؛ ْ‬
‫(((‬
‫ُت ُ‬
‫األ ِ‬
‫نصار‬ ‫قول‪(( :‬كان أبو َط ْلح َة َأك َثر َ‬
‫الله عنه َي ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫َ‬ ‫بن مالك َر َ‬
‫خل‪ ،‬وكان َأحب َأموالِه إليه بيرحاء‪ ،‬وكانت مستقبِل َة الم ِ‬
‫سجد‪،‬‬ ‫مال ِمن َن ٍ‬ ‫بالم ِ‬
‫دينة ً‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫دخ ُلها ويشرب ِمن ٍ‬
‫ماء فيها َط ِّي ٍ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َي ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬
‫ب‪ .‬قال‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫وكان‬
‫اآلية‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﮊ [آل عمران‪:‬‬ ‫َأ َن ٌس‪َّ :‬‬
‫فلما ُأ ِنز َل ْت هذه ُ‬
‫رسول ِ‬
‫الله‪َّ ،‬‬
‫إن‬ ‫َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم فقال‪ :‬يا‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫قام أبو َط ْلح َة إلى‬
‫‪َ ]92‬‬
‫قول‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﮊ [آل عمران‪:‬‬ ‫تبارك وتعالى َي ُ‬‫الل َه َ‬
‫وذ ْخ َرها ِعندَ‬ ‫وإن َأحب َأموالي إلي بيرحاء‪ ،‬وإ َّنها صدَ ٌقة ِ‬
‫لله َأ ْرجو بِ َّرها ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ ُ ُ‬ ‫‪ْ َّ َ َّ ،]92‬‬
‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله‪ .‬قال‪ :‬فقال‬
‫راك ُ‬‫حيث َأ َ‬
‫الله ُ‬‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الله‪َ ،‬‬
‫فض ْعها يا‬
‫رايح]‪ ،‬وقد ِ‬ ‫ٍ‬
‫سم ْع ُت ما‬ ‫مال رابِ ٌح [وفي رواية‪ٌ ِ :‬‬ ‫ذلك ٌ‬ ‫مال رابِ ٌح‪َ ،‬‬‫ذلك ٌ‬ ‫وس َّل َم‪َ :‬ب ٍخ‪َ ،‬‬
‫رسول ِ‬ ‫َ‬
‫الله‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ين‪ .‬فقال أبو َط ْلح َة‪َ :‬أ َ‬
‫فع ُل يا‬ ‫قربِ َ‬
‫جع َلها في األ َ‬ ‫ُق ْل َت‪ ،‬وإ ِّني َأ َرى ْ‬
‫أن َت َ‬
‫ف َق َس َمها أبو َط ْلح َة في َأ ِ‬
‫قاربِه و َبني َع ِّمه))(((‪.‬‬
‫وشع ٌر يف َّ‬
‫التضحية‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫وأقوال ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2908‬ومسلم (‪ )2307‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )1461‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)998‬‬
‫‪57‬‬
‫ةيحضتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫لصديق َك َد َم َك وما َلك‪ ،‬ولمعرفتِ َك ِر ْفدَ ك‬


‫(((‬ ‫ِ‬ ‫الم َق َّفعِ‪( :‬ا ْب ُذ ْل‬‫ابن ُ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫بدينِ َك ِ‬
‫وع ْر ِضك‬ ‫وضن ِ‬ ‫ِ‬
‫ولعدُ ِّو َك َعدْ َلك‪َّ َ ،‬‬ ‫وللعامة بِشْ َر َك و َت َّ‬
‫حيتَك‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫حضرك‪،‬‬
‫َ‬ ‫و َم‬
‫عن ِّ‬
‫كل أحد)(((‪.‬‬

‫ِ‬
‫القليل‬ ‫الكثير إذا ُس ِئ ْل َت‪ ،‬و َت ُ‬
‫ضيق في‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‪( :‬إ َّنك َلت ُ‬
‫َبذ ُل‬ ‫لعبد ِ‬
‫الله ِ‬
‫بن‬ ‫ ‪-‬قيل ِ‬
‫توجر َت؟ فقال‪ :‬إ ِّني َأ ُبذ ُل مالي‪َ ،‬‬
‫وأ َض ُّن بعقلي)(((‪.‬‬ ‫إذا ِ‬
‫ْ‬
‫سلم بن الو ِ‬
‫ليد‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬قال ُم ُ ُ َ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬
‫الجود‬
‫قصى غاية ُ‬‫ـس َأ َ‬
‫والجو ُد بالنَّ ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫س‪ ،‬إ ْذ َضـــ َّن ال َب ُ‬
‫خيل بها‬ ‫َيجو ُد بالنَّ ْف ِ‬

‫الر ْفدُ ‪ ،‬بالكسر‪ :‬العطاء والصلة‪ُ .‬ينظر‪(( :‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)181/3‬‬
‫((( ِّ‬
‫((( ((األدب الصغير واألدب الكبير)) البن المقفع (ص‪ ،)98 :‬و ُينظر‪(( :‬عيون األخبار))‬
‫البن قتيبة (‪.)20/3‬‬
‫((( ((الكامل في اللغة واألدب)) للمبرد (‪.)124/2‬‬
‫((( ((نشوار المحاضرة)) للتنوخي (‪.)20/7‬‬
‫‪58‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫التعاون‬

‫معنى َّ‬
‫التعا ُو ِن‪:‬‬
‫الن ُفال ًنا ِ‬ ‫والمظاهر ُة على ِ‬
‫وبه‪َ :‬ط َلب‬ ‫َعان ُف ٌ‬
‫األمر‪ ،‬واست َ‬ ‫ساعد ُة ُ‬
‫الم َ‬‫عاونُ ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫ال َّت ُ‬
‫وان‪ :‬الحسن الم ِ‬
‫عونة لل َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع َ‬
‫كثيرها(((‪.‬‬
‫اس‪ ،‬أو ُ‬ ‫ون‪ .‬والم ْع ُ َ َ ُ َ‬ ‫منه َ‬
‫األجر ِم َن ِ‬
‫الله ُسبحا َنه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الحقِّ ؛ ابتِغا َء‬
‫المساعد ُة على َ‬
‫َ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫عاون‬‫ال َّت ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫واحلث على التعا ُون من ال ُقرآن ُّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ‬
‫ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ [المائدة‪.]2 :‬‬
‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬
‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮊ [آل‪ ‬عمران‪.]103 :‬‬
‫الله عليه وآلِه وس َّلم‪(( :‬الم ْؤ ِم ُن لِ ْلم ْؤ ِم ِن كا ْلب ْن ِ‬
‫يان؛ َي ُشدُّ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬وقال ال َّن ُّ‬
‫َب ْع ُضه َب ْع ًضا))(((‪.‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عنهما‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫الله ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫مر َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫ابن ُع َ‬
‫حاجة َأ ِخ ِيه‪ ،‬كان‬
‫ِ‬ ‫ظل ُمه‪ ،‬وال ُي ْس ِل ُمه‪ ،‬و َمن كان في‬ ‫((المس ِلم َأ ُخو المس ِل ِم‪ ،‬ال َي ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫الله َع ُنه ُكرب ًة ِمن ُكر ِ‬
‫بات َيو ِم‬ ‫حاجتِه‪ ،‬و َمن َف َّر َج عن ُم ْس ِل ٍم ُك ْر َب ًة‪َ ،‬ف َّر َج ُ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫الله في َ‬ ‫ُ‬

‫((( ((مختار الصحاح)) للرازي (ص‪(( ،)222 :‬لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)298/13‬تاج‬
‫العروس)) للزبيدي (‪(( ،)431/35‬المعجم الوسيط)) (‪.)638/2‬‬
‫((( ((موسوعة األخالق)) لخالد الخراز (ص‪.)441 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)481‬ومسلم (‪ )2585‬من حديث أبي موسى األشعري رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الق ِ‬‫الله يوم ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫يامة))(((‪.‬‬ ‫القيامة‪ ،‬و َمن َست ََر ُم ْس ِل ًما‪َ ،‬ست ََر ُه ُ َ َ‬
‫أقوال ال ُعلما ِء يف التعا ُون‪:‬‬
‫وعي ُشهم في الدُّ نيا ال يتِم َّإل بمعاو ِنة ِ‬
‫بعضهم‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫تيمي َة‪( :‬حيا ُة َبني آ َد َم َ ْ‬
‫ابن َّ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫خبارها‪ ،‬وفي األعمال ً‬
‫أيضا‪.((()...‬‬ ‫وغ ِير َأ ِ‬ ‫خبارها َ‬ ‫ِ‬
‫األقوال؛ َأ ِ‬ ‫ٍ‬
‫لبعض في‬
‫ِ‬ ‫داعية ال ِّت ِ‬ ‫عاو ُن على البِ ِّر‬ ‫ِ‬
‫اآلراء‪ ،‬وا ِّت ُ‬
‫فاق‬ ‫فاق‬ ‫ٌ‬ ‫الحس ِن العام ُّ‬
‫ري‪( :‬ال َّت ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬وقال أبو‬
‫كس ُبة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للوداد)(((‪.‬‬ ‫اآلراء إليجاد َمج َلبة ُ‬
‫المراد‪َ ،‬م َ‬
‫أقسام التعا ُون‪:‬‬
‫ِ‬
‫الحقوق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واستيفاء‬ ‫ِ‬
‫الحدود‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وإقامة‬ ‫كالج ِ‬
‫هاد‬ ‫ِ‬ ‫تعاو ٌن على البِ ِّر وال َّتقوى‪،‬‬
‫‪ُ 1-1‬‬
‫الله به ورسو ُله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وإعطاء المستح ِّقين؛ فهذا َّ‬
‫مما أ َمر ُ‬

‫مال َمعصو ٍم‪،‬‬‫كاإلعانة على َد ٍم َمعصو ٍم‪ ،‬أو أخْ ِذ ٍ‬


‫ِ‬
‫تعاو ٌن على اإلث ِم ُ‬
‫والعدْ وان‪،‬‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الله ورسو ُله(((‪.‬‬
‫حر َمه ُ‬ ‫ونحو ذلك؛ فهذا الذي َّ‬ ‫ِ‬ ‫رب‪،‬‬
‫الض َ‬‫يستحق َّ‬
‫ُّ‬ ‫أو َض ْر ِب َمن ال‬
‫من فوائد َّ‬
‫التعا ُون‪:‬‬
‫رين و َت ِ‬
‫جاربِهم في ش َّتى َمناحي الحياة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خبرات َ‬ ‫فرد ِمن‬
‫كل ٍ‬ ‫‪1-1‬استِفاد ُة ِّ‬
‫اآلخ َ‬
‫ماس ِك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القوة وال َّت ُ‬
‫‪2-2‬إظهار َّ‬
‫الع ِ‬
‫مل‪.‬‬ ‫اإلخالص في َ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 3-3‬يزيدُ في‬
‫الوقت‪ ،‬و َتوفير الج ِ‬
‫ِ‬
‫هد‪.‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُ‬
‫نظيم‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫األ ُخ َّو ِة‬ ‫ِ‬
‫ثمرات ُ‬ ‫‪5-5‬ثمر ٌة ِمن‬

‫((( أخرجه البخاري ( ‪ )2442‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ( ‪.)2580‬‬


‫((( ((الفتاوى الكبرى)) البن تيمية (‪.)364/6‬‬
‫((( ((البصائر والذخائر)) ألبي حيان التوحيدي (‪.)148/9‬‬
‫((( ((السياسة الشرعية)) البن تيمية (ص‪.)40 :‬‬
‫‪60‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عمن و َقع عليه‪.‬‬ ‫‪6-6‬ر ْفع ُّ‬


‫الظل ِم َّ‬
‫ممن َح ْو َله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أخطار ُت ِ‬
‫ٍ‬ ‫‪ُ 7-7‬س ُ‬
‫هولة ال َّتصدِّ ي ِّ‬
‫اإلنسان َّ‬ ‫واج ُه‬ ‫ألي‬
‫ِ‬
‫الكبيرة ا َّلتي ال ُيقدَ ُر عليها ُفرا َدى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األعمال‬ ‫ِ‬
‫إنجاز‬ ‫‪ُ 8-8‬س ُ‬
‫هولة‬
‫ضار َّ‬
‫التعا ُو ِن على اإلثم وال ُعدوان‪:‬‬ ‫َم ُّ‬
‫قلب نِظام المجتمعِ‪ ،‬و ُت ِ‬
‫ساعدُ على فساد ِّ‬
‫الذ َمم‪.‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫‪َ 1-1‬ت ِ ُ‬
‫ُ‬
‫الباطل‪.‬‬ ‫س َمعالِ َم الحقِّ ل َير َت َع‬ ‫ِ‬
‫الش ِّر‪ ،‬و َتطم ُ‬
‫أبواب َّ‬
‫َ‬ ‫‪َ 2-2‬تفت َُح‬
‫ودناءة ن ْف ِسه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ُ 3-3‬ت ْنبِ ُئ عن ِخ َّس ِة صاحبِها‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫المروءة‪.‬‬ ‫كامل على َضعف اإليمان وق َّلة ُ‬ ‫دليل ٌ‬
‫‪ٌ 4-4‬‬

‫وعذاب أليم‪.‬‬‫ٍ‬ ‫بعاقبة و ِخ ٍ‬


‫يمة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ُ 5-5‬ي َّ‬
‫بش ُر صاح ُبها‬
‫َ‬
‫صالحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫المجتم ُع‬
‫َ‬ ‫‪ُ 6-6‬ين َب ُذ صاح ُبها و ُي َ‬
‫هم ُل شأ ُنه إذا كان‬
‫ص له ُّ‬
‫الظ ْل َم‪.‬‬ ‫ساعدُ على ُط ِ‬
‫غيان الحاك ِم و ُت ِّ‬ ‫‪ُ 7-7‬ت ِ‬
‫رخ ُ‬
‫مجتم ٍع كانت سب ًبا في خرابِه‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪8-8‬إذا تح َّق َق ْت في‬
‫لغير أه ِلها وم ِ‬
‫ستح ِّقيها(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الحقوق‪ ،‬و َت ِص ُل ِ ْ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫‪َ 9-9‬تض ُ‬
‫يع‬
‫ِمن ُص َور َّ‬
‫التعا ُو ِن‪:‬‬
‫عاو ُن على َت ِ‬
‫جهيز الغازي‪.‬‬ ‫ ‪-‬ال َّت ُ‬
‫عاو ُن على َد ْف ِع ُّ‬
‫الظ ْل ِم‪.‬‬ ‫ ‪-‬ال َّت ُ‬
‫مس ِك به‪.‬‬
‫عاو ُن في الثَّبات على الحقِّ وال َّت ُّ‬
‫ ‪-‬ال َّت ُ‬
‫عاو ُن في الدَّ عوة إلى الله‪.‬‬
‫ ‪-‬ال َّت ُ‬
‫قيق ِمن ِر ِّق ِهم‪.‬‬
‫عاو ُن في تحرير الر ِ‬
‫َّ‬ ‫ ‪-‬ال َّت ُ‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة من الباحثين (‪.)4209/9‬‬


‫‪61‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اب‪.‬‬‫الع َّز ِ‬ ‫ِ‬


‫تزويج ُ‬ ‫عاو ُن في‬
‫ ‪-‬ال َّت ُ‬
‫فق ِه في الدِّ ين‪.‬‬ ‫طلب ِ‬
‫العل ِم وال َّت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫عاو ُن في‬‫ ‪-‬ال َّت ُ‬
‫ِ‬ ‫ ‪-‬ال َّتعاو ُن لتفريج ُكر ِ‬
‫الم ْع ِو َ‬
‫زين‪.‬‬ ‫وسدِّ حاجات ُ‬
‫المهمومين‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫بات‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫موانع اكتساب َّ‬
‫التعا ُو ِن‪:‬‬
‫‪1-1‬ال َّتعصب ِ‬
‫والح ْز َّبي ُة‪.‬‬ ‫ُّ ُ‬
‫ون‬ ‫ٍ‬
‫أفراد ُد َ‬ ‫ِ‬
‫صالح‬ ‫عاو َن س َي ُ‬
‫كون في‬ ‫والش ِ‬
‫كوك َّ‬ ‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫باع األوها ِم ُّ‬
‫بأن هذا ال َّت ُ‬
‫ٍ‬
‫أفراد‪.‬‬
‫رين‪.‬‬
‫لآلخ َ‬‫الخ ِير َ‬
‫ناني ُة‪ ،‬وعدَ ُم ُح ِّب َ‬ ‫َ‬
‫‪3-3‬األ َّ‬
‫ثرة أعمالِه‪.‬‬
‫وك ِ‬
‫الفرد بانشغالِه َ‬
‫ِ‬ ‫‪َ 4-4‬ت َع ُّذ ُر‬
‫ِ‬
‫األفراد‪.‬‬ ‫س‬ ‫‪َ 5-5‬تنا ُف ُ‬
‫وغ ِيرها ِمن ح ِ‬
‫ظوظ ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫والز ِ‬
‫عامة َ‬ ‫هور والص ِ‬
‫دارة َّ‬ ‫والظ ِ‬
‫ات‪ُّ ،‬‬ ‫الذ ِ‬
‫‪ُ 6-6‬ح ُّب َّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫رين‪.‬‬ ‫َ‬
‫لآلخ َ‬ ‫‪7-7‬الحسدُ‬
‫َ‬
‫باآلخرين‪.‬‬ ‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن‬ ‫‪ُ 8-8‬‬
‫األسباب املُ ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب َّ‬
‫التعا ُون(((‪:‬‬
‫عار ُف‪.‬‬
‫‪1-1‬ال َّت ُ‬
‫معرفة المسل ِم ُ ِ‬
‫المسل ِم عليه‪.‬‬
‫لحقوق ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬
‫األجر‪.‬‬ ‫ساب‬ ‫ِ‬
‫‪3-3‬احت ُ‬
‫الجماعي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الر ِ‬
‫وح‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُ‬
‫نمية ُّ‬
‫قه الواقعِ‪.‬‬‫‪5-5‬فِ ُ‬

‫((( ((الرائد دروس في التربية والدعوة)) لمازن الفريح (‪ )225-223/1‬بتصرف‪.‬‬


‫‪62‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫القلب من األمراض‪.‬‬ ‫‪َ 6-6‬ت ُ‬
‫طهير‬

‫اإلخالص‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬

‫اس‪.‬‬ ‫إحسان االختِ ِ‬


‫الط بال َّن ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪8-8‬‬
‫هلل ع َليهم َّ‬
‫وسل َم‪،‬‬ ‫للتعا ُو ِن ِمن َحيا ِة األنبياء واملرسلني َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫مناذج َّ‬
‫ُ‬
‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬
‫ََّ‬
‫إبراهيم‬ ‫قام‬ ‫ ‪َ -‬لما أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السالم ِ‬
‫ببناء َ ِ‬
‫ُ‬ ‫الكعبة‪َ ،‬‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ َ‬
‫فاصنع‬
‫ْ‬ ‫إن الله أ َم َرني ٍ‬
‫بأمر‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫إسماعيل؛ َّ‬ ‫ألمر الله‪ ،‬وقال البنِه‪(( :‬يا‬
‫استجاب ًة ِ‬

‫بني هاهنا‬ ‫فإن الل َه أ َمرني ْ َ‬


‫وأعينك‪ ،‬قال‪َّ :‬‬ ‫ما أ َمر َك ر ُّبك‪ ،‬قال‪ :‬و ُتعينني؟ قال‪ُ :‬‬
‫أن أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رفعا القواعدَ ِمن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وأشار إلى َأ َكمة ُمرتفعة على ما حو َلها‪ ،‬قال‪ :‬فعند ذلك َ‬ ‫َ‬ ‫َبي ًتا‪،‬‬
‫بالح ِ‬
‫إسماعيل يأتي ِ‬
‫ُ‬ ‫فج َع َل‬ ‫ِ‬
‫وإبراهيم َيبني‪ ،‬ح َّتى إذا ار َت َفع ُ‬
‫البناء‪ ،‬جا َء‬ ‫ُ‬ ‫جارة‬ ‫البيت‪َ ،‬‬
‫وإسماعيل يناو ُله ِ‬ ‫الح ِ‬
‫وهما‬‫الحجار َة‪ُ ،‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫فو َضعه له َ‬
‫فقام عليه‪ ،‬وهو َيبني‬ ‫جر َ‬ ‫بهذا َ‬
‫فج َع َل‬
‫يقوالن‪ :‬ﮋ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﮊ [البقرة‪ .]127 :‬قال‪َ :‬‬
‫البيت وهما َيقوالن‪ :‬ﮋ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫حول‬ ‫دورا‬ ‫ِ‬
‫َيبنيان حتى َي َ‬
‫ﭟ ﮊ [البقرة‪.((())]127:‬‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫بن ِ‬ ‫وعن الب ِ‬


‫راء ِ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عنهما‪ ،‬قال‪(( :‬كان ال َّن ُّ‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫ب َر َ‬ ‫عاز ٍ‬ ‫ ‪َ ِ -‬‬
‫وم َ ِ‬
‫أو اغ َب َّر َب ْطنُه‪َ ،‬ي ُ‬
‫قول‪:‬‬ ‫الخندَ ق ح َّتى َأ َ‬
‫غم َر َب ْطنَه‪ِ ،‬‬ ‫وس َّل َم َي ُنق ُل ال ُّت َ‬
‫راب َي َ‬
‫والله لـــــوال الل ُه مـــــا اهتَدَ ْينا وال ت ََصدَّ ْقنــــــــا وال َص َّل ْينــــــــا‬ ‫ِ‬

‫ـــــت األَقـــــدا َم ْ‬
‫إن ال َق ْينـــــا‬ ‫ِ‬ ‫َفأن ِْز َلــــــ ْن َســــــكين ًة َع َل ْينــــــا و َث ِّب‬
‫إذا َأرا ُدوا فِتْنــــــــــ ًة َأ َب ْينــــــــــا‬ ‫إن األُ َلـــى قـــدْ َب َغ ْ‬
‫ـــوا َع َل ْينـــا‬ ‫َّ‬

‫((( أخرجه البخاري ( ‪ )3364‬من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫و َير َف ُع بها َصو َته‪َ :‬أ َب ْينا َأ َب ْينا))(((‪.‬‬

‫حابة و َتكا ُت ِفهم‬


‫الله عنه صور ًة ِمن َتعاو ِن الص ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مالك َر َ‬ ‫أنس ُ‬ ‫ ‪-‬و َي ُنق ُل ُ‬
‫ندق َح ْو َل‬
‫الخ َ‬ ‫رون واألنصار ي ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫ندق‪ ،‬ف َي ُ‬ ‫الخ ِ‬ ‫في َح ِ‬
‫حف َ‬
‫رون َ‬ ‫ُ َ‬ ‫هاج َ‬ ‫((ج َع َل ُ‬
‫قول‪َ :‬‬ ‫فر َ‬
‫راب على ُم ُتونِهم‪ ،‬و َيقو ُلون‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المدينة‪ ،‬و َي ُنق َ‬
‫لون ال ُّت َ‬
‫علـــى اإلســـا ِم مـــا َب ِقينـــا أ َبدَ ا‬ ‫ن َْحـــ ُن ا َّلذيـــ َن با َي ُعـــوا ُم َّ‬
‫حمـــدَ ا‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ُيجي ُبهم و َي ُ‬
‫قول‪:‬‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫وال َّن ُّ‬
‫األنصـــار والم ِ‬ ‫ال َّلهـــم إنَّه ال َخير َّإل َخيـــر ِ‬
‫هاجر ْه))‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫فبار ْك في‬ ‫اآلخ َر ْه‬
‫(((‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫حابة ِر‬‫ ‪-‬ومنها‪ :‬تعاو ُن الص ِ‬
‫ضوان الله عليهم في بناء مسجد ال َّن ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ع َل ِيه وس َّل َم(((‪.‬‬
‫وصايا يف َ‬
‫احل ِّث على َّ‬
‫التعا ُون‪:‬‬
‫مامة ِم َن‬
‫بض ِ‬ ‫دعا أوال َده ِعندَ موتِه‪ ،‬فاستَدْ عى ِ‬
‫َ‬ ‫في َ‬ ‫بن َص ْي ٍّ‬‫أن َأك َث َم َ‬
‫وي َّ‬
‫ ‪ُ -‬ر َ‬
‫ثم َبدَّ َدها‬ ‫كسرها‪ ،‬فلم ي ِ‬
‫قد ْر أحدٌ على َك ِ‬ ‫واحد ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫السهام‪ ،‬وتقدَّ م إلى ِّ‬
‫سرها‪َّ ،‬‬ ‫ْ َ‬ ‫أن َي َ‬ ‫كل‬ ‫ِّ‬
‫عين؛ لي ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َتقدَّ م إليهم ْ ِ‬
‫عجزَ َمن‬ ‫سرها‪ ،‬فقال‪ُ :‬كونوا ُمجتم َ َ‬ ‫أن َيكسروها‪ ،‬فاست ََه ُّلوا َك َ‬ ‫َ‬
‫جز ُكم(((‪.‬‬ ‫كع ِ‬ ‫سر ُكم َ‬‫ناو َأ ُكم عن َك ِ‬‫َ‬

‫وشع ٌر يف التعا ُون(((‪:‬‬ ‫ٌ‬


‫وأمثال ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫عاون‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الحث على المواساة وال َّت ُ‬ ‫ضر ُب في‬
‫العشيرة‪ُ :‬ي َ‬ ‫الجريرة‪َ ،‬ت ِ‬
‫شتر ُك َ‬ ‫ ‪-‬في َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )4104‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1803‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )2835‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1805‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)428‬ومسلم (‪.)524‬‬
‫((( ((صيد األفكار)) لحسين المهدي (‪.)135/2‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) للنيسابوري (‪ )95/1‬و(‪(( ،)404/2‬الكشكول)) للهمذاني (‪،)289/2‬‬
‫((المعجم الوسيط)) (ص‪(( ،)116 :‬صيد األفكار)) لحسين المهدي (ص‪.)303 :‬‬
‫‪64‬‬
‫نواعتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عاون ِ‬
‫والوفاق‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الحث على ال َّت ُ‬ ‫ضر ُب في‬ ‫ض البازي ِ‬
‫بغير َج ٍ‬
‫ناح؟!‪ُ :‬ي َ‬ ‫ ‪-‬هل َي َنه ُ‬

‫عاض ِدهما‬
‫ساع ِد ِهما و َت ُ‬ ‫الر ُج َل ِ‬
‫ين و َت ُ‬ ‫ِ‬
‫تعاون َّ‬
‫ين َتبطِ ُش َ ِ‬
‫الك َّفان‪ُ :‬ي َ‬
‫ضر ُب في ُ‬
‫ ‪-‬بالس ِ‬
‫اعدَ ِ‬ ‫َّ‬
‫في األمر‪.‬‬
‫ِ‬
‫باألموال‪،‬‬ ‫عاو ُن‬ ‫وفضيلة ال ُّت َّج ِ‬
‫ار ال َّت ُ‬ ‫ُ‬ ‫عاو ُن باألعمال‪،‬‬ ‫ضيلة ال َف َّل َ‬
‫حين ال َّت ُ‬ ‫ ‪َ -‬ف ُ‬
‫ِ‬
‫العلماء ال َّتعاو ُن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫بالحكم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفضيلة‬ ‫عاو ُن باآلراء ِّ‬
‫والسياسة‪،‬‬ ‫وفضيلة الملوك ال َّت ُ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫أرض بع ِ‬ ‫ـــر َف ْت‬ ‫َّعاو ُن ب ْين الن ِ‬
‫مران‬ ‫ُ‬ ‫ن ْف ٌس وال از َد َه َ‬
‫ـــر ْت ٌ‬ ‫َّاس ما َش ُ‬ ‫لوال الت ُ‬
‫ ‪-‬وقال َش ْوقي‪:‬‬
‫جـــال و ُت ْب ِد ُع األَشـــيا َء‬
‫َ‬ ‫الر‬
‫َت ْبنـــي ِّ‬ ‫قـــــو ٌة ُع ْلو َّيـــــ ٌة‬
‫َّ‬ ‫َّعـــــاو َن‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫إن الت‬

‫‪65‬‬
‫ل‬
‫ُضاوَّتا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫التَّواضُع‬

‫الت ُ‬
‫واضع‪:‬‬ ‫معنى َّ‬
‫قال‪َ :‬و َضع ن ْف َسه‪ ،‬أي‪َ :‬أ َذ َّلها‪ .‬و َت َ‬
‫واض َع‬ ‫واضع ُلغ ًة‪ :‬ال َّتذ ُّلل وال َّت ُ‬
‫خاشع‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫الر ُج ُل‪ :‬إذا َت َذ َّل َل‪ ،‬أو َذ َّل و َت َ‬
‫خاش َع(((‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫وكراهية ال َّتعظي ِم‪،‬‬ ‫الخ ِ‬
‫مول‪،‬‬ ‫وإظهار ُ‬
‫ُ‬ ‫س‪،‬‬‫اصطالحا‪ْ :‬تر ُك ال َّترؤُّ ِ‬
‫ً‬ ‫ال َّت ُ‬
‫واض ُع‬
‫المباها َة بما فيه ِمن الفضائل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان ُ‬ ‫والزِّ ياد ُة في اإلكرام‪ْ ،‬‬
‫وأن َيتج َّن َب‬
‫وأن يتحر َز ِم َن اإلعجاب ِ‬
‫والك ْب ِر(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فاخر َة بالجاه والمال‪َّ َ ْ ،‬‬‫والم َ‬‫ُ‬
‫الصفات(((‪:‬‬ ‫الت ُ‬
‫واض ِع وبعض ِّ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي َّ‬ ‫َ‬
‫والت ُّ‬
‫ذل ِل‪:‬‬ ‫ْ َّ ُ‬
‫واضع َّ‬ ‫َ‬
‫••الفرق بي الت ِ‬
‫واضع‪ :‬إظهار ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫أن ال َّتذ ُّل َل‪:‬‬
‫درة‬ ‫ُ‬ ‫جز عن ُمقاومة َمن َيتذ َّل ُل له‪ .‬وال َّت ُ َ‬ ‫إظهار َ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫قال‪ِ :‬‬
‫المل ُك‬ ‫واضع أو ال‪ ،‬أال ترى أ َّنه ُي ُ‬ ‫تواضع له‪ ،‬سواء كان ذا ُق ٍ‬
‫درة على ال َّت ِ‬ ‫َمن ُي َ‬
‫ٌ‬
‫لخدَ ِمه‪ ،‬أي‪ :‬ي ِ‬
‫عام ُلهم ُمعا َمل َة َمن لهم عليه ُقدر ٌة‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫قال‪َ :‬يتذ َّل ُل لهم؛‬ ‫تواض ٌع َ‬ ‫م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قاه ٌر‪ ،‬وليست هذه ِصف َة‬ ‫مة المتذ َّل ِل له وأ َّنه ِ‬‫جز عن مقاو ِ‬‫الع ِ‬ ‫ألن ال َّتذ ُّل َل‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫إظهار َ‬
‫ُ‬
‫المل ِك مع خدَ ِمه‪.‬‬ ‫ِ‬

‫واضع ُ‬
‫واخلشوع‪:‬‬ ‫الت ُ‬
‫••الفرق بني َّ‬
‫قال باعتِ ِ‬
‫بار‬ ‫شوع‪ُ :‬ي ُ‬ ‫الظ ِ‬
‫اهرة والباطنة‪ُ .‬‬
‫والخ ُ‬ ‫ِ‬
‫واألفعال َّ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫واض ُع‪ُ :‬يعت َب ُر باألخالق‬

‫((( ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص‪.)772 ،771 :‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)25 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)216 ،122 :‬‬
‫‪66‬‬
‫ل‬
‫ُضاوَّتا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫تواضع القلب َ ِ‬
‫وارح‪.‬‬
‫الج ُ‬‫خش َعت َ‬ ‫ُ‬ ‫وارح؛ ولذلك قيل‪ :‬إذا َ َ‬
‫الج ِ‬‫َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫الت ُ‬
‫واض ِع من القرآن ُّ‬ ‫واحلث على َّ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫ ‪-‬قال الله تعالى‪ :‬ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﮊ [الفرقان‪:‬‬
‫رين(((‪.‬‬
‫حين وال ُمتك ِّب َ‬ ‫عين‪َ ،‬غ َير َأ ِش َ‬
‫رين وال َم ِر َ‬ ‫‪ ،]63‬أي‪ :‬م ِ‬
‫تواض َ‬ ‫ُ‬
‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮊ [الشعراء‪،]215 :‬‬
‫أي‪ :‬ألِ ْن جان َبك لِ َمن آ َمن بِ َك‪ ،‬و َت َ‬
‫واض ْع لهم(((‪.‬‬
‫قص ْت َصدَ ٌقة ِمن ٍ‬
‫مال‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪(( :‬ما َن َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫وقال‬
‫واضع أحدٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫لله َّإل َر َف َع ُه ُ‬
‫الله))(((‪.‬‬ ‫الله َع ْبدً ا بِ َع ْف ٍو َّإل ع ًّزا‪ ،‬وما َت َ َ َ‬
‫زا َد ُ‬
‫واض ُعوا‪ ،‬ح َّتى ال َي َ‬
‫فخ َر‬ ‫أن َت َ‬
‫إلي ْ‬ ‫َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫((إن الل َه أ ْوحى َّ‬ ‫ ‪-‬وقال ص َّلى ُ‬
‫أح ٍد))(((‪.‬‬ ‫أحدٌ على َ‬‫غي َ‬
‫أحدٌ على ٍ‬
‫أحد‪ ،‬وال َي ْب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الت ُ‬
‫واضع‪:‬‬ ‫لف وال ُعلما ِء يف َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫الع ِ‬‫فض َل ِ‬
‫لون َأ َ‬ ‫الله عنها‪ ،‬قالت‪( :‬إ َّن ُكم َل ُت ِ‬
‫بادة‪ :‬ال َّت ُ‬
‫واض َع)(((‪.‬‬ ‫غف َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة َر َ‬
‫ِ‬
‫اإليمان ح َّتى َي َ‬
‫كون‬ ‫الله عنه‪( :‬ال َيب ُلغُ ْ‬
‫عبدٌ ُذ َرى‬ ‫ضي ُ‬‫بن ج َب ٍل َر َ‬
‫عاذ ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُم ُ‬
‫الش ِ‬
‫رف‪.((()...‬‬ ‫واض ُع َأ َح َّب إ َل ِيه ِم َن َّ‬
‫ال َّت ُ‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن الق ِّيم (‪.)108/3‬‬


‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪.)56/10‬‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫((( أخرجه مسلم (‪ )2588‬من حديث أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫((( أخرجه مسلم (‪ )2865‬من حديث عياض بن حمار َر َ‬
‫((( أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (‪ )11852‬واللفظ له‪ ،‬والبيهقي في ((شعب اإليمان))‬
‫(‪ ،)8148‬من حديث األسود بن يزيد رحمه الله‪ .‬قال أبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪:)282/7‬‬
‫تفرد برفعه ابن المبارك عن مسعر‪ .‬وقال ابن حجر العسقالني في ((األمالي المطلقة)) (‪:)96‬‬
‫حسن غريب‪ ،‬اختلف فيه على ابن المبارك‪ ،‬والمشهور عنه أنه موقوف‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (‪.)52/2‬‬
‫‪67‬‬
‫ل‬
‫ُضاوَّتا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والح ِّر َّي ُة‬ ‫ِ‬ ‫(الش ُ‬


‫رف في ال َّت ُ‬ ‫بن َش ْي َ‬
‫بان‪َّ :‬‬
‫واضع‪ ،‬والع ُّز في ال َّتقوى‪ُ ،‬‬ ‫إبراهيم ُ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫في القناعة)(((‪.‬‬
‫الت ُ‬
‫واضع(((‪:‬‬ ‫أقسام َّ‬
‫المحمود‪:‬‬ ‫ذموم‪ .‬وال َّت ُ‬
‫واض ُع‬ ‫َ‬ ‫عان‪ :‬أحدُ هما‬ ‫واض ِ‬
‫واض ُع َت ُ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫ُ‬ ‫واآلخ ُر َم ٌ‬ ‫محمود‪،‬‬
‫ٌ‬
‫الرب‬ ‫ِ‬
‫لعظمة‬ ‫وتواضعه‬ ‫امتثال‪ ،‬وعند نهيه اجتنا ًبا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أمر ِ‬
‫الله‬ ‫العبد عند ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تواضع‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلزراء‬ ‫باد ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫بريائه‪ .‬و َتر ُك ال َّتطاو ِل على ِع ِ‬ ‫وك ِ‬ ‫لع َّزتِه ِ‬ ‫ضوعه ِ‬ ‫وجاللِه‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وخ ُ‬
‫المرء لِذي الدُّ نيا َر ْغب ًة في ُدنيا ُه‪ ،‬والمهانة‬ ‫ِ‬ ‫المذموم هو‪َ :‬ت ُ‬
‫واض ُع‬ ‫واض ُع‬‫بهم‪ .‬وال َّت ُ‬
‫ُ‬
‫وتواضع‬ ‫ُ‬ ‫وشهواتِها‪،‬‬ ‫س وابتذا ُلها في َن ْيل ُحظوظِها َ‬ ‫ُ‬
‫وبذل ال َّن ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫والخ َّسة‪،‬‬ ‫والدَّ ناء ُة‬
‫ُ‬
‫فالعاقل َيلزَ ُم‬ ‫تواضع؛‬‫عة ال ُ‬ ‫ب ُك ِّل َح ٍّظ لمن يرجو ْني َل َح ِّظه منه؛ فهذا ك ُّله َض ٌ‬ ‫طالِ ِ‬
‫واض َع المحمو َد على‬ ‫واض ِع المذمو ِم على األحوال ك ِّلها‪ ،‬وال ُي ِ‬
‫فار ُق ال َّت ُ‬ ‫فارق َة ال َّت ُ‬‫ُم َ‬
‫ِ‬
‫الجهات ك ِّلها‪.‬‬
‫من آثار ُخ ُل ِق َّ‬
‫الت ُ‬
‫واضع(((‪:‬‬
‫‪َ 1-1‬ير َف ُع المر َء َقدْ ًرا‪ ،‬و ُيعظِ ُم له َ‬
‫خط ًرا‪ ،‬و َيزيدُ ه ُن ْب ًل‪.‬‬
‫ِ‬
‫واالنقياد له‪.‬‬ ‫للحقِّ ‪،‬‬ ‫‪2-2‬يؤ ِّدي إلى ُ‬
‫الخضوع َ‬
‫ٌ‬ ‫واضع هو عين ِ‬
‫الصواب‪.‬‬
‫ورجوع إلى َّ‬
‫ٌ‬ ‫طاعة لله‪،‬‬ ‫العزِّ ؛ أل َّنه‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُ ُ‬
‫الله له‪ ،‬ور ْفع ِ‬
‫الله إ َّياه‪.‬‬ ‫باد ِ‬‫تواضع محب ُة ِع ِ‬
‫يكفي الم ِ‬
‫‪ْ 4-4‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ُ‬
‫ب الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلحة الدِّ ِ‬
‫باهاة‬ ‫ريح من َت َع ِ ُ‬ ‫ين والدُّ نيا‪ ،‬و ُي ُ‬
‫زيل َّ‬
‫الش ْحنا َء‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬فيه َم‬
‫فاخ ِ‬
‫رة‪.‬‬ ‫والم َ‬
‫ُ‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)330/2‬‬


‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪(( ،)59 :‬الروح)) البن الق ِّيم (ص‪.)234 :‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪(( ،)61 :‬فتح الباري)) البن حجر (‪ )341/11‬بتصرف‪،‬‬
‫((األخالق اإلسالمية)) لحسن المرسي (ص‪ ،)209 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫ل‬
‫ُضاوَّتا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الت ُ‬
‫واضع‪:‬‬ ‫ِمن ُص َور َّ‬
‫بأل َي ُظ َّن أ َّنه َأع َل ُم ِمن َغ ِيره‪ ،‬أو أتْقى ِمن َغ ِيره‪،‬‬
‫اإلنسان في ن ْف ِسه‪َّ :‬‬
‫ِ‬ ‫واض ُع‬‫‪َ 1-1‬ت ُ‬
‫أن هناك َمن هو َش ٌّر‬‫ور ًعا ِمن َغ ِيره‪ ،‬أو َأك َث ُر َخشْ ي ًة لله ِمن َغ ِيره‪ ،‬أو َي ُظ َّن َّ‬ ‫أو َأك َث ُر َ‬
‫بالغفران!‪.‬‬ ‫منه‪ ،‬وال َي ُظ َّن أ َّنه قد َأ َخذ َص ًّكا ُ‬
‫دمة ِ‬
‫العل ِم‪ ،‬و َت ُ‬
‫واض ِع‬ ‫وخ ِ‬
‫س‪ِ ،‬‬
‫العل ِم ِبذ َّل ِة ال َّن ْف ِ‬
‫واضع في ال َّتع ُّلم‪ :‬فمن ط َلب ِ‬
‫‪2-2‬ال َّت ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س؛ َأف َل َح‪.‬‬
‫ال َّن ْف ِ‬
‫عظم ن ْفسه وي ِ‬ ‫اس ال َي ْق َبلون َ‬
‫حق ُرهم‪،‬‬ ‫قول َمن ُي ِّ ُ َ َ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫واض ُع مع ال َّناس‪ :‬فال َّن ُ‬
‫وإن كان ما َيقو ُله ح ًّقا‪.‬‬
‫و َير َف ُع ن ْف َسه و َي َض ُعهم‪ْ ،‬‬

‫بس ِ‬
‫بب‬ ‫ِ‬ ‫واضع مع األقران‪ :‬فكثيرا ما َت ُثور بين َ ِ‬
‫‪4-4‬ال َّت ُ‬
‫حاسد؛ َ‬
‫وح ال َّت ُ‬
‫األقران ُر ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ً‬
‫الغ ِ‬
‫يرة‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان مع َمن هو ُدو َنه‪.‬‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫تواض ُع‬

‫الخ ْل ِق لل َّت ُ‬
‫واضعِ؛ َّ‬
‫ألن هذه الن َِّع َم َمدْ عا ٌة‬ ‫صاحب المال؛ فإ َّنه َأ َ‬
‫حو ُج َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫تواض ُع‬
‫كل نِ ٍ‬
‫عمة‪.‬‬ ‫واض ُع على صاحب ِّ‬ ‫نبغي ال َّت ُ‬‫خر‪ .‬وكذلك ي ِ‬ ‫إلى ِ‬
‫الك ْب ِر وال َف ِ‬
‫َ‬
‫واضع لهم كان َأقرب إلى ُن ِ‬ ‫ِ‬
‫فوسهم‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫تواض ُع القائد مع األفراد‪ ،‬وك َّلما َت َ َ‬
‫‪ُ 7-7‬‬
‫حب ًبا إليهم؛ فأطاعوه عن ُح ٍّب وإخالص‪.‬‬
‫وكان أ ْم ُره لهم ُم َّ‬
‫الت ُ‬
‫واضع(((‪:‬‬ ‫األسباب َّاليت ُتع ُ‬
‫ني على َّ‬
‫الله؛ ِ‬
‫فالك ُبر كبير ٌة من الكبائر‪ ،‬وال َي َّت ِص ُف بها ُ‬
‫أهل ال َّتقوى‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫واض ُع‬ ‫‪َ 1-1‬تقوى ِ‬

‫كون في ِ‬
‫أهل ال َّتقوى‪.‬‬ ‫وحتما وال ُبدَّ أ َّنه َي ُ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫األخالق‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حاسن‬ ‫ِمن َم‬

‫والس َّنة الصحيحة)) (ص‪ )32 ،31 :‬سليم الهاللي‪(( ،‬دروس إيمانية‬
‫((( ((التواضع في ضوء القرآن ُّ‬
‫في األخالق اإلسالمية)) (ص‪ )57 :‬لخميس السعيد ‪ -‬بتصرف‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫ل‬
‫ُضاوَّتا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عام ِل ال َّناس بما ُت ِحب أن ي ِ‬


‫عاملوك به‪.‬‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان ن ْف َسه‪َ ،‬ع ِل َم أ َّنه أ َذ ُّل ِمن ِّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬ ‫عرف‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّ‬
‫فك ُر في أصل اإلنسان؛ فإذا َ‬
‫ٍ‬
‫ذليل‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلنسان َقدْ َره؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬ ‫ُ‬
‫معرفة‬‫‪4-4‬‬
‫ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﮊ [اإلسراء‪.]37 :‬‬
‫ِ‬
‫والمصائب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األمراض واألوجا ِع‬ ‫‪َ 5-5‬ت َذ ُّك ُر‬
‫بإذن ِ‬
‫الله تعالى‪.‬‬ ‫العمل ك ُّله ِ‬
‫ُ‬ ‫فالقلب إذا َص َل َح َص َل َح‬ ‫تطهير القلب؛‬ ‫‪6-6‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫لف‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫واضع َّ‬
‫مناذج ِمن ت ِ‬
‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫عنهما‪َ ،‬‬
‫الله ص َّلى‬ ‫قال‪(( :‬كان‬ ‫الله ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي َذ ٍّر وأبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ضي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغريب فال َيدْ ري أ ُّي ُهم هو‬
‫ُ‬ ‫س ْبين َظ ْه َر ْي أصحابِه‪ ،‬ف َي ُ‬
‫جيء‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َيجل ُ‬
‫ُ‬
‫جع َل له َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح َّتى َي َ‬
‫سأل‪َ ،‬‬
‫جل ًسا‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم أن َن َ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫فط َل ْبنا إلى‬
‫الغريب إذا َأتا ُه‪.((())...‬‬
‫ُ‬ ‫عر ُفه‬‫َي ِ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم أ َّنه كان إذا مر على الص ِ‬
‫بيان َس َّلم‬ ‫واض ِعه ص َّلى ُ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫ومن َت ُ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فس َّل َم عليهم‪ ،‬وقال‪ :‬كان‬ ‫ِ ٍ‬ ‫عليهم؛ فعن ٍ‬
‫مر على صبيان َ‬ ‫الله عنه ((أ َّنه َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫أنس َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َي ْف َع ُله))(((‪.‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫ال َّن ُّ‬
‫الشا ِم ومعنا أبو‬ ‫اب إلى َّ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬ ‫هاب‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫(خ َرج ُع َم ُر ُ‬ ‫بن ِش ٍ‬ ‫ِ‬
‫طارق ِ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫وخ َل َع ُخ َّف ِيه‬ ‫وعمر على ٍ‬
‫ناقة له‪ ،‬فنَزَ ل عنها َ‬ ‫ٍ‬
‫اح‪ ،‬فأ َت ْوا على َمخاضة‪ُ ُ ،‬‬
‫الجر ِ َ‬ ‫ُع َبيد َة ُ‬
‫بن َ َّ‬
‫المخاض َة‪ ،‬فقال أبو ُع َبيد َة‪:‬‬ ‫َ‬
‫فخاض بها َ‬ ‫وأ َخ َذ ِبزما ِم نا َقتِه‬
‫فو َض َع ُهما على عاتِقه‪َ ،‬‬
‫َ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ )4698‬واللفظ له‪ ،‬والنسائي (‪.)4991‬‬


‫صححه األلباني في ((صحيح أبي داود)) (‪.)4698‬‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫((( أخرجه البخاري (‪ )6247‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪ )2168‬من حديث أنس َر َ‬
‫‪70‬‬
‫ل‬
‫ُضاوَّتا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫أخ ُذ‬ ‫فع ُل هذا؛ َتخ َل ُع ُخ َّف ْي َك و َت َض ُعهما على عاتِ ِقك‪ ،‬و َت ُ‬ ‫أنت َت َ‬ ‫نين‪َ ،‬‬ ‫المؤ ِم َ‬ ‫أمير ْ‬ ‫يا َ‬
‫َشرفوك‪ .‬فقال‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫المخاض َة؟! ما َي ُس ُّرني َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِبزما ِم ناقتِك‪ ،‬و َت‬
‫أهل البلد است َ‬ ‫خوض بها َ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫محم ٍد ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫كال ُأل َّمة َّ‬ ‫مر‪َّ :‬أو ْه! لو َي ُق ْل ذا َغ ُير َك أبا ُع َبيد َة َج َع ْل ُته َن ً‬ ‫ُع ُ‬
‫ب ِ‬
‫الع َّز َة َبغ ِير ما َأ َع َّزنا ُ‬
‫الله‬ ‫فم ْه َما َنط ُل ِ‬ ‫وس َّل َم! إ َّنا ُك َّنا َأ َذ َّل َقو ٍم َفأ َع َّزنا ُ‬
‫الله باإلسالم‪َ ،‬‬
‫به َأ َذ َّلنا ُ‬
‫الله)(((‪.‬‬

‫ٌ‬
‫خليفة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ‬ ‫ِ‬
‫المسجد وهو‬ ‫ان َي ُ‬
‫قيل في‬ ‫بن َع َّف َ‬ ‫(رأيت ُع َ‬
‫ثمان َ‬ ‫ُ‬ ‫الحسن‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬

‫بجنبِه فنقول‪ :‬هذا ُ‬


‫أمير المؤمنين‪ ،‬هذا أمير المؤمنين!)(((‪.‬‬ ‫الحصى َ‬
‫َ‬ ‫وأثر‬
‫ويقوم ُ‬
‫ُ‬

‫المرقوع؟! فقال‪:‬‬ ‫مرقوع‪ ،‬فقيل له‪َ :‬تل َبس‬ ‫إزار‬ ‫ٍ‬ ‫علي ِ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫طالب ٌ‬ ‫بن أبي‬ ‫و(رئي على ِّ‬
‫ُ‬
‫القلب)(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫المؤمن‪ ،‬و َي َ‬
‫خش ُع به‬ ‫ُ‬ ‫َيقتدي به‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫ذات َليلة في بعض ما َي ُ‬
‫حتاج إليه‪،‬‬ ‫وم َ‬‫العزيز َق ٌ‬ ‫عبد‬ ‫مر ِ‬
‫ ‪-‬و(كان عندَ ُع َ‬
‫المؤ ِم َ‬ ‫ِ َ‬
‫نين‪َ ،‬أل َنكفيك؟ قال‪:‬‬ ‫ِ‬
‫راجه‪ ،‬فقام إ َليه فأص َل َحه‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا َ‬
‫أمير ْ‬ ‫شي س ُ‬ ‫َ‬
‫فغ َ‬
‫ِ‬
‫العزيز)(((‪.‬‬ ‫العزيز‪ ،‬ورجع ُت وأنا ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ِ‬ ‫وما َضرني؟ ُقم ُت وأنا ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬
‫ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫واضع يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫الت ُ‬
‫َّ‬
‫نـــك َأر َف ُع‬‫َ‬ ‫فك َْم تحتَها َقـــو ٌم ُهم ِم‬ ‫ِ‬
‫األرض َّإل ت ُ‬
‫َواض ًعا‬ ‫ـــو َق‬ ‫وال ت ِ‬
‫َمش َف ْ‬
‫ـــم ِم َ‬ ‫فكَم َ ِ‬ ‫يـــر ومن ٍ‬ ‫كنت في ِع ٍّ‬
‫نك َأمن َُع‬ ‫مات من َقو ٍم ُه ُ‬ ‫ْعة‬ ‫وخ ٍ َ‬ ‫ـــز َ‬ ‫ْ‬
‫فـــإن َ‬
‫(((‬
‫ْ‬

‫((( أخرجه الحاكم (‪.)207‬‬


‫صححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي واأللباني في ((سلسلة األحاديث الصحيحة))‬
‫(‪.)117/1‬‬
‫((( ((التبصرة)) البن الجوزي (ص‪.)437 :‬‬
‫((( أخرجه هناد في ((الزهد)) (‪ )368/2‬واللفظ له‪ ،‬وابن أبي الدنيا في ((إصالح المال)) (‪.)394‬‬
‫((( ((سيرة عمر بن عبد العزيز)) البن عبد الحكم (ص‪.)46 :‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)61 :‬‬
‫‪71‬‬
‫ّدوَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫التَّو ُّدد‬

‫ود ِد‪:‬‬ ‫معنى َّ‬


‫الت ُّ‬
‫الخ ِير(((‪.‬‬ ‫كون في جميع م ِ‬ ‫ِ‬
‫داخ ِل َ‬ ‫َ‬ ‫الح ُّب َي ُ‬ ‫ود ُد ُلغ ًة‪ :‬م َن ُ‬
‫الو ِّد‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ال َّت ُّ‬

‫واص ُل‬ ‫األ ْك ِ‬


‫فاء بما ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ط َل ُب َمو َّد ِة َ‬ ‫ود ُد‬
‫واد ُد‪ :‬ال َّت ُ‬
‫يوج ُب ذلك(((‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّت ُ‬ ‫ً‬ ‫ال َّت ُّ‬
‫حبة(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للم َّ‬
‫الجال ُب َ‬
‫احم‪ُ ،‬‬
‫واحل ِّب(((‪:‬‬ ‫والت ُ‬ ‫والت ُ‬
‫عاط ِف َّ‬ ‫التوادِّ‪َّ ،‬‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي َّ‬
‫واد ُد‪:‬‬ ‫يء َ‬‫اإليمان ال بسبب َش ٍ‬
‫ِ‬ ‫بعضا ُبأ ُخ َّو ِة‬‫بعضهم ً‬ ‫رح َم ُ‬ ‫راح ُم‪ْ :‬‬
‫آخ َر‪ .‬وال َّت ُ‬ ‫أن َي َ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫إعانة ِ‬ ‫ال َّتواص ُل الجالِب للم ِ‬
‫بعضهم‬ ‫عاط ُف‪ :‬فهو ُ‬ ‫زاو ِر وال َّتهادي‪َّ .‬‬
‫وأما ال َّت ُ‬ ‫حبة‪ ،‬كال َّت ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُ‬
‫يل ِّ‬ ‫كون في ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطبا ِع‬ ‫يوج ُبه َم ُ‬ ‫والح ُّب َي ُ‬
‫قو َيه‪ُ .‬‬ ‫َّوب ع َليه ل ُي ِّ‬
‫بعضا كما َيعط ُف الث َ‬ ‫ً‬
‫يل ِّ‬
‫الطبا ِع ْ‬
‫فقط‪.‬‬ ‫والو ُّد َم ُ‬ ‫والح ِ‬
‫ِ‬
‫جميعا‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫كمة‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫ود ِد من القرآن ُّ‬ ‫واحلث على َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛﮊ [فصلت‪.]34 :‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ [الروم‪ ،]21 :‬أي‪:‬‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)453/3‬‬


‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪(( ،)71 :‬معجم مقاليد العلوم)) للسيوطي (ص‪.)208 :‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)439/10‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)122 :‬فتح الباري)) البن حجر (‪.)439/10‬‬
‫‪72‬‬
‫ّدوَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وتتواص ُلون ِمن ِ‬


‫أجلها(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ود ًة ُّ‬
‫تتوادون بها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جعل بينكم بالمصاهرة والختونة َم َّ‬
‫َ‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬

‫ﭙ ﮊ [مريم‪ ،]96 :‬أي‪ُ :‬ي ُّ‬


‫حبهم و ُيح ِّب ُبهم إلى المؤمنين(((‪.‬‬
‫رسول ِ‬ ‫عمان ِ ِ‬
‫وعن ال ُّن ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫عنهما قال‪ :‬قال‬ ‫الله ُ‬‫ضي ُ‬ ‫بن َبش ٍير َر َ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫الج َس ِد؛ إذا‬ ‫نين في َتوا ِّد ِهم و َتراح ِم ِهم و َت ُ ِ‬
‫عاطف ِهم‪َ ،‬م َث ُل َ‬ ‫ُ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫ع َل ِيه وس َّل َم‪َ (( :‬م َث ُل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالس َه ِر ُ‬
‫والح َّمى))(((‪.‬‬ ‫الجسد َّ‬ ‫اشت ََكى م ُنه ُع ْض ٌو تَدَ َاعى ُله سائ ُر َ‬

‫إن لي َقراب ًة‬ ‫رسول ِ‬


‫الله‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫رج ًل قال‪ :‬يا‬ ‫الله عنه َّ‬
‫((أن ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫جهلون ع َل َّي‪،‬‬ ‫حس ُن إ َل ِيهم و ُي ِسيئُون إ َلي‪َ ،‬‬
‫وأ ْح ُل ُم ُ‬
‫عنهم و َي َ‬
‫وأ ِ‬ ‫َأ ِص ُل ُهم و َي ْق َط ُعوني‪ُ ،‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫زال َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقال‪َ :‬ل ِئ ْن َ‬
‫معك م َن الله َظ ٌ‬
‫هير‬ ‫الم َّل‪ ،‬وال َي ُ‬
‫كنت كما ُق ْل َت‪ ،‬فكأ َّنما ُتس ُّف ُه ُم َ‬
‫ع َل ِيهم ما ُد ْم َت على َ‬
‫ذلك))(((‪.‬‬

‫ود ِد‪:‬‬
‫الت ُّ‬ ‫لف يف ْ‬
‫مدح َّ‬ ‫والس ِ‬
‫أقوال العلما ِء َّ‬
‫سن ط َل ِ‬
‫ب‬ ‫وح ُ‬ ‫ِ‬
‫العقل‪ُ ،‬‬ ‫ود ُد نِ ُ‬
‫صف‬ ‫الك ِ‬
‫سب‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫قدير نِ ُ‬
‫صف َ‬ ‫الحس ُن‪( :‬ال َّت ُ‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫صف ِ‬
‫العل ِم)(((‪.‬‬ ‫الحاجة نِ ُ‬
‫ِ‬

‫القة الو ِ‬ ‫بن ِم ْه َ‬ ‫ ‪-‬وعن مي ِ‬


‫جه‪ ،‬وال َّت َو ُّد ُد إلى ال َّن ِ‬
‫اس‪،‬‬ ‫(المروء ُة‪َ :‬ط ُ َ‬
‫ران‪ ،‬قال‪ُ :‬‬ ‫مون ِ‬ ‫َْ‬
‫و َقضاء الح ِ‬
‫وائ ِج)(((‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫ود ِد إىل َّ‬
‫الناس‪:‬‬ ‫أنواع َّ‬
‫الت ُّ‬

‫((( ((تفسير الطبري)) (‪.)86/20‬‬


‫((( ((تفسيرمجاهد)) (ص‪.)459 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6011‬ومسلم (‪ )2586‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2558‬‬
‫((( ((البيان والتبيين)) للجاحظ (‪.)65/2‬‬
‫((( ((المروءة)) البن الرزبان (ص‪.)70 :‬‬
‫‪73‬‬
‫ّدوَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ود ُد َن ِ‬
‫وعان‪:‬‬ ‫ال َّت ُّ‬

‫بل‪ ،‬و َذوي‬


‫الفضل وال ُّن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألهل‬ ‫عتد ٍلة‬
‫محمود‪ :‬وهو ما كان ِمن محب ٍة م ِ‬
‫َ َّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫‪َ 1-1‬ت َو ُّد ٌد‬
‫زين ِم َن ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫والمتم ِّي َ‬ ‫قار ُ ِ‬
‫واأل َّبهة‪ُ ،‬‬ ‫الو ِ‬
‫َ‬
‫واألحداث والن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأصاغ ِرهم‪،‬‬ ‫ود ُد إلى َأ ِ‬
‫راذل ال َّن ِ‬
‫ِّساء‪،‬‬ ‫اس‬ ‫ذموم‪ :‬وهو ال َّت ُّ‬ ‫‪َ 2-2‬ت ُّ‬
‫ود ٌد َم ٌ‬
‫الخ ِ‬
‫العة(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأهل َ‬

‫ود ِد إىل َّ‬


‫الناس‪:‬‬ ‫فوائد َّ‬
‫الت ُّ‬
‫موص ٌل للحب ُ ِ‬‫ِ‬
‫ب ْبين‬ ‫قوي َروابِ َط ال َّت ُ‬
‫قار ِ‬ ‫واأل ْلفة؛ َّ‬
‫مما ُي ِّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ود ُد َط ٌ‬
‫ريق‬ ‫‪1-1‬ال َّت ُّ‬
‫األفراد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القات ْبين ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫ني على‬ ‫جتم ٍع ٍّ‬
‫قوي َم ْب ٍّ‬ ‫أساس لبناء ُم َ‬
‫ٌ‬ ‫اس‬ ‫الع‬
‫وتقوية َ‬ ‫ود ُد‬
‫‪2-2‬ال َّت ُّ‬
‫عاون‪.‬‬ ‫الوالء وال َّتناص ِر وال َّت ُ ِ‬
‫عاضد وال َّت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الفاضل ا َّلذي جاء‬
‫َ‬ ‫خالقي‬ ‫والجانب َ‬
‫األ‬ ‫وحي‬ ‫الج َ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الر َّ‬
‫مال ُّ‬ ‫س َ‬ ‫ود ُد َيعك ُ‬
‫‪3-3‬ال َّت ُّ‬
‫عزيزه‪.‬‬ ‫اإلسالم لت ِ‬
‫َكميله و َت ِ‬ ‫ُ‬
‫َقب ِل ما ِعندَ ك‪ْ ،‬‬
‫وأن َي ُ‬
‫أخذوا‬ ‫ِ ِ‬ ‫وكسب م ِ‬ ‫ود ُد لل َّن ِ‬
‫اس َ ْ ُ َ َّ‬
‫حبتهم وث َقتهم َمدْ عا ٌة لت ُّ‬ ‫‪4-4‬ال َّت ُّ‬
‫أقل وبس ٍ‬
‫هولة و ُي ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سر‪.‬‬ ‫بجهد َّ ُ‬ ‫أفكارك أو ما َتدْ عوا إليه ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫صفية ُ‬
‫القلوب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صومات واألحقاد‪ ،‬ويؤ ِّدي إلى َت‬ ‫سبيل إلى َز ِ‬
‫وال ُ‬
‫الخ‬ ‫ود ُد ٌ‬
‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬
‫ود ِد إىل َّ‬
‫الناس‪:‬‬ ‫أساليب َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫ود ِة صاحبِه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والباعث على َم َّ‬ ‫فتاح ُقلوبِهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الخ ُل ِق مع البِ ِ‬
‫شر هو م ُ‬ ‫سن ُ‬‫‪ُ 1-1‬ح ُ‬
‫اس مكا ًنا‪.‬‬ ‫وم َم ِّهدٌ له في ُق ِ‬
‫لوب ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ف ِعندَ ِّ‬
‫ت‪ ،‬وعدَ م ال َّتو ُّق ِ‬
‫الز َّل ِ‬ ‫‪2-2‬ال َّتغا ُف ُل ِ‬
‫فيق‪.‬‬ ‫كل خطأ أو َك ْبوة َي َق ُع فيها َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن َّ‬

‫((( انظر ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)23 :‬‬


‫‪74‬‬
‫ّدوَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫هولة في معام ِ‬
‫سر والس ِ‬ ‫الجانب‪َ ،‬‬ ‫‪3-3‬الر ُ ِ‬
‫أحدُ َأه ِّم‬ ‫لة ال َّن ِ‬
‫اس َ‬ ‫ُ َ‬ ‫خذ بال ُي ِ ُّ‬
‫واأل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ين‬
‫فق ول ُ‬ ‫ِّ‬
‫ود ِد لهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األساليب لل َّت ُّ‬

‫الم ِل َّمات واألحزان‪،‬‬ ‫ِ‬


‫قوف إلى جانبِهم في ُ‬
‫والو ُ‬ ‫ب اإلخوان‪ُ ،‬‬ ‫فريج َك ْر ِ‬
‫‪َ 4-4‬ت ُ‬
‫للو ِّد في قلوبِهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ومواسا ُتهم‬
‫واإلحسان لهم‪ ،‬جال ٌب ُ‬
‫ِ‬
‫الجفاء بين المتو ِّدد‬ ‫ُ‬
‫والسؤال عن اإلخوان‪ ،‬وتج ُّن ُب‬ ‫والتواصل‪،‬‬ ‫‪5-5‬الزِّ يار ُة‬
‫ُ‬
‫وبين َمن َيط ُلب َّ‬
‫وده‪.‬‬

‫الص ْب َ‬
‫يان‪.‬‬ ‫رح َم ِّ‬ ‫الم َ‬
‫شايخ‪ ،‬و َي َ‬ ‫‪6-6‬أن يو ِّق َر َ‬
‫ود ِد إىل َّ‬
‫الناس‪:‬‬ ‫ساب َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫موا ِن ُع اك ِت ِ‬
‫الء‪.‬‬ ‫‪ِ 1-1‬‬
‫الك ْب ُر ُ‬
‫والخ َي ُ‬
‫‪2-2‬العبوس في و ِ‬
‫جوه ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُُ ُ‬
‫ِ‬
‫األلفاظ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بارات‪ ،‬و ُف ْح ُ‬
‫ش‬ ‫ظاظة ِ‬
‫الع‬ ‫لظة في الكالم‪ ،‬و َف ُ‬ ‫‪ِ 3-3‬‬
‫الغ ُ‬

‫الش ُّح وال ُب ُ‬


‫خل‪.‬‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬

‫الطبعِ‪ِّ ،‬‬
‫والشدَّ ُة في ال َّت ُ‬
‫عامل‪.‬‬ ‫‪ِ 5-5‬غ ُ‬
‫لظة َّ‬

‫سائل ا َّلتي َت ُح ُ‬
‫ول ُد َ‬ ‫الو ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫صومات والنِّزاعات‪َ ،‬‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫ون‬ ‫وكثر ُة الخالف م َن َ‬ ‫ُ‬ ‫الخ‬
‫ف‪.‬‬‫صول إلى ال َّتوا ِّد وال َّتآ ُل ِ‬
‫ِ‬ ‫الو‬
‫ُ‬
‫حابة‪،‬‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫التود ِد من َحيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫مناذج على ُّ‬
‫ُ‬
‫الصال وال ُعلماء‪:‬‬
‫ِ‬ ‫والسلف‬
‫َّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم لِمن حو َله ب َتبس ِمه في و ِ‬
‫جوه أصحابِه‬ ‫ود ُده ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُّ‬ ‫ ‪-‬من ذلك َت ُّ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬ما َح َج َبني ال َّن ُّ‬
‫ضي ُ‬ ‫فعن َج ٍ‬
‫رير َر َ‬
‫ُ ِ‬
‫ودعائه لهم‪َ ،‬‬

‫‪75‬‬
‫ّدوَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫نذ َأس َل ْم ُت‪ ،‬وال رآني َّإل َت َب َّس َم في َو ْجهي‪ ،‬ولقد َش َك ْو ُت إ َل ِيه أ ِّني ال‬
‫وس َّل َم ُم ُ‬
‫ِ‬ ‫َأ ْث ُب ُت على َ‬
‫واج َع ْل ُه هاد ًيا‬ ‫فض َرب بيده في َصدْ ري‪ ،‬وقال‪ :‬ال َّل َّ‬
‫هم َث ِّب ْت ُه‪ْ ،‬‬ ‫الخ ِ‬
‫يل‪َ ،‬‬

‫َم ْهد ًّيا))(((‪.‬‬


‫ريصين على أن ي َّت ِصفوا بهذه الص ِ‬
‫فة‬ ‫الله عنهم َح‬
‫ضي ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫ ‪ً -‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حابة َر َ‬ ‫وأيضا كان َّ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫الله عنه يأتي ال َّن َّ‬
‫ضي ُ‬ ‫اس‪ -‬فهذا أبو ُه َرير َة َر َ‬
‫هم ال َّن ُ‬
‫ْ ِ‬
‫‪-‬أن ُيح َّب ُ‬
‫المؤ ِم َ‬
‫نين إليهم‪ ،‬فعن‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين و ُيح ِّب َب ْ‬ ‫وس َّل َم لِيدْ ُع َو له أن ُي َحببه هو ُ‬
‫وأ َّمه إلى ْ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬ا ْد ُع الل َه أن ُي ِّحببني أنا ُ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه قال‪ُ :‬ق ْل ُت‪(( :‬يا‬
‫وأ ِّمي‬ ‫َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين‪ ،‬و ُي َح ِّب َبهم إلينا‪ ،‬قال‪ :‬فقال‬ ‫إلى ِع ِ‬
‫باده ْ‬

‫المؤ ِم َ‬ ‫وأمه إلى ِع ِ‬


‫وح ِّب ْب‬
‫نين‪َ ،‬‬ ‫باد َك ْ‬ ‫هم َح ِّب ْب ُع َب ْيدَ َك هذا ‪-‬يعني‪ :‬أبا ُه َرير َة‪َّ ُ -‬‬
‫ال َّل َّ‬
‫نين‪ .‬فما ُخ ِلقَ ْ ِ‬
‫سم ُع بي وال َيراني َّإل َأ َح َّبني))(((‪.‬‬ ‫مؤم ٌن َي َ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫إليه ُم ْ‬ ‫ِ‬

‫ِ‬ ‫كثير في ترجمة ِ‬ ‫ابن ٍ‬


‫حس َن‬
‫الج ْوز َّية ‪-‬رحمه الله‪( :-‬وكان َ‬‫ابن َق ِّي ِم َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫يؤ ِذيه‪ ،‬وال يستَعيبه‪ ،‬وال ي ِ‬
‫حقدُ‬ ‫حسدُ أحدً ا وال ْ‬ ‫والخ ُل ِق‪ ،‬كثير ال َّت ِ‬ ‫الق ِ‬
‫راءة ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ودد‪ ،‬ال َي ُ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫على أحد)(((‪.‬‬

‫ري‪:‬‬ ‫ناوي‪ ،‬ثم ِ‬


‫القاه ِّ‬ ‫الر ِ‬ ‫بن إبراهيم ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫محمد ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ِّ َّ‬
‫السلمي ُ‬
‫ِّ‬ ‫حمن‬ ‫بن عبد َّ‬ ‫َ‬ ‫ترجمة‬ ‫ ‪-‬وفي‬
‫حب ًبا إليهم)(((‪.‬‬
‫وم َّ‬
‫والعام‪ُ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫الخاص‬
‫ِّ‬ ‫اس‪ُ ،‬م َع َّظ ًما ِعندَ‬
‫ود ِد إلى ال َّن ِ‬ ‫أ َّنه (كان َ‬
‫كثير ال َّت ُّ‬
‫ٌ‬
‫أقوال يف َّ‬
‫التودُّد‪:‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3036 ،3035‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2475‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2491‬‬
‫((( ((البداية والنهاية)) البن كثير (‪.)270/14‬‬
‫((( ((إنباء الغمر بأبناء العمر)) البن حجر (‪.)181/2‬‬
‫‪76‬‬
‫ّدوَّتلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وان‪( :‬ما َأ َفدْ َت في م ِ‬


‫لك َك هذا؟ قال‪َ :‬مو َّد ُة الر ِ‬
‫جال)(((‪.‬‬ ‫الم ِل ِك ِ‬
‫بن َم ْر َ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬قيل لعبد َ‬
‫ني‪َ ،‬ت َو َّد ْد إلى ال َّن ِ‬
‫اس؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وي عن ُل َ‬
‫ود َد إليهم‬
‫فإن ال َّت ُّ‬ ‫قمان أ َّنه قال البنه‪( :‬يا ُب َّ‬ ‫ور َ‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫َأ ْم ٌن‪ُ ،‬‬
‫ومعادا َت ُهم َخ ْو ٌف)(((‪.‬‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫التودُّد يف ِ‬
‫ري‪:‬‬
‫عم ُّ‬‫إبراهيم ال َي ُ‬
‫َ‬ ‫أنشد محمدُ ُ‬
‫بن‬
‫وبالقبيـــح َخفـــا ُء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالجميـــل‬ ‫َمـــا‬ ‫الجميل ِ‬
‫وم ْز به‬ ‫ِ‬ ‫ـــق‬ ‫حافِ ْظ على ُ‬
‫الخ ُل ِ‬
‫ِ (((‬
‫َ‬
‫نـــك إذا َيحيـــ ُن لقا ُء‬‫شـــر ِم‬
‫ِ‬ ‫بالبِ‬ ‫ِ‬
‫صديقك فا ْل َقه‬ ‫إن ضاق ما ُل َك َعـــن‬
‫ْ‬

‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)181 :‬‬


‫((( ((نثر الدر في المحاضرات)) لآلبي (‪.)11/7‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي(ص‪.)64 :‬‬
‫‪77‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والسخاء‪ ،‬والبَذْل‬
‫َّ‬ ‫الجُ ود‪ ،‬والكرَم‪،‬‬

‫والسخاء‪ ،‬وال َب ْذل‪:‬‬ ‫معنى ُ‬


‫اجلود‪ ،‬وال َك َرم‪َّ ،‬‬
‫واد‪ ،‬وهو ا َّلذي ُي ْعطي‬
‫الر ُج ُل‪ ،‬فهو َج ٌ‬
‫المطر الغزير‪ ،‬وجا َد َّ‬
‫ُ‬ ‫ود ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫الج ْو ُد‪:‬‬ ‫الج ُ‬
‫ُ‬
‫لآلخ ِذ ِمن ُذ ِّل الس ِ‬
‫ؤال(((‪.‬‬ ‫سألة؛ ِصيان ًة ِ‬ ‫بال م ٍ‬
‫َ‬
‫ُّ‬
‫لغير ِع َو ٍ‬
‫ض(((‪.‬‬ ‫الخير ِ‬
‫ِ‬ ‫الجو ُد اصطِالحا‪ِ :‬ص َف ٌة َت ِ‬
‫حم ُل صاح َبها على َب ْذ ِل ما َين َبغي ِم َن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كريم(((‪.‬‬
‫كر ًما‪ ،‬فهو ٌ‬ ‫الر ُج ُل َي ُ‬
‫كر ُم َ‬ ‫الكر ُم ُلغ ًة‪ :‬ضدُّ ال ُّل ْؤ ِم‪ُ ،‬‬
‫وكر َم َّ‬ ‫َ‬
‫س فيما َي ُ‬
‫عظ ُم‬ ‫اإلنفاق بطِ ِ‬
‫يب ن ْف ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الكرم اصطِالحا‪ :‬هو اإلعطاء بس ٍ‬
‫هولة(((‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫َُ‬
‫َ‬
‫خط ُره ون ْف ُعه(((‪.‬‬
‫والجمع‪َ :‬أ ْس ُ‬
‫خياء‬ ‫ُ‬ ‫واد‪،‬‬
‫الج ُ‬‫خي‪َ :‬‬‫والس ُّ‬‫ود‪َّ .‬‬ ‫الج ُ‬
‫خاء‪ُ :‬‬ ‫خاو ُة َّ‬
‫والس ُ‬ ‫الس َ‬‫خاء ُلغ ًة‪َّ :‬‬
‫الس ُ‬
‫َّ‬
‫س‬‫خي ال َّن ْف ِ‬ ‫تس َّخى على أصحابِه‪ ،‬أي‪َ :‬يتك َّل ُف َّ‬
‫السخا َء‪ ،‬وإ َّنه َل َس ُّ‬ ‫واء‪ .‬و ُف ٌ‬
‫الن َي َ‬ ‫وس َخ ُ‬
‫ُ‬
‫عنه(((‪.‬‬

‫إعطاء ما َين َبغي لِ َمن َين َبغي‪ ،‬أو‪َ :‬ب ْذ ُل‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ود‪ ،‬أو‪:‬‬‫الج ُ‬‫خاء‪ُ :‬‬ ‫الحا‪َّ :‬‬
‫الس ُ‬ ‫خاء اصط ً‬
‫الس ُ‬‫َّ‬
‫داعية إلى ب ْذ ِل المقتن ِ‬
‫َيات‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لإلنسان ٌ‬ ‫السخا ُء‪َ :‬ه ْي ٌئة‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫المؤ َّمل َق َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ائل‪ .‬وقيل‪َّ :‬‬ ‫بل إلحاف َّ‬ ‫ُ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)461/2‬تاج العروس)) للزبيدي (‪.)527/7‬‬


‫((( ((المعجم الوسيط)) (ص‪.)146 :‬‬
‫((( ((إصالح المنطق)) البن السكيت (ص‪(( ،)51 :‬جمهرة اللغة)) البن دريد (‪.)798/2‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)184 :‬‬
‫((( ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض (‪.)230/1‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)373/14‬‬
‫‪78‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫حص ْل‪ ،‬وذلك ُخ ُل ٌق(((‪.‬‬ ‫حص َل معه ال َب ُ‬


‫ذل أو لم َي ُ‬ ‫َ‬
‫قيض المنعِ‪ُّ ،‬‬
‫وكل َمن طا َب ْت‬ ‫ذل َن ُ‬ ‫الشي َء‪َ :‬أعطا ُه وجا َد به‪ .‬وال َب ُ‬ ‫ال َب ُ‬
‫ذل ُلغ ًة‪َ :‬ب َذ َل َّ‬
‫ورج ٌل َب َّذ ٌال‪ ،‬و َب ُذ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ن ْفسه َ ٍ‬
‫ول؛ إذا ك ُثر َب ْذ ُله للمال(((‪.‬‬ ‫لشيء فهو باذ ٌل‪ُ .‬‬ ‫ُ‬
‫اإلعطاء عن طِ ِ‬
‫يب ن ْف ٍ‬ ‫الحا‪:‬‬‫ِ‬ ‫ال َب ُ‬
‫س(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ذل اصط ً‬

‫واإلنعام(((‪:‬‬ ‫بي ُ‬‫الفرق ْ‬


‫واإلفضال ِ‬
‫ِ‬ ‫اجلو ِد‬
‫اإلفضال َ ِ‬
‫َ‬
‫اإلفضال‬ ‫ص منهما؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫والجود‪ .‬وقيل‪ :‬هو َأ َخ ُّ‬ ‫أع ُّم م َن اإلنعا ِم ُ‬ ‫ُ‬
‫ود‪،‬‬ ‫إن كان ٍ‬ ‫والكر ُم‪ْ :‬‬ ‫ِ‬ ‫وهما ِعبار ٌة عن ُمط َل ِق‬ ‫بع َو ٍ‬ ‫إعطاء ِ‬
‫بمال فهو ُج ٌ‬ ‫َ‬ ‫اإلعطاء‪.‬‬ ‫ض‪ُ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫شجاعة‪.‬‬ ‫وإن كان ب َب ْذ ِل ال َّن ْف ِ‬
‫س فهو‬ ‫القدرة فهو َع ْف ٌو‪ْ ،‬‬ ‫ف َض َر ٍر مع ُ‬ ‫بك ِّ‬‫وإن كان َ‬
‫ْ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫والسخا ِء من القرآن ُّ‬
‫والكر ِم َّ‬ ‫احلث على ُ‬
‫اجلو ِد َ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ [الذاريات‪- 24 :‬‬
‫وعج َل لهم الضياف َة(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السالم فخدَ َمهم بنفسه‪َّ ،‬‬
‫إبراهيم عليه َّ‬
‫ُ‬ ‫أكر َمهم‬
‫‪ ،]26‬أي‪َ :‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﮊ [البقرة‪.]274 :‬‬
‫جواد ي ِحب الجو َد‪ِ ،‬‬
‫ويح ُّب‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َّ :‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫((إن الل َه ٌ ُ ُّ ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬

‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪(( ،)286 :‬التوقيف على مهمات التعاريف))‬
‫للمناوي (ص‪.)192 :‬‬
‫((( ((كتاب العين)) للخليل (‪(( ،)187/8‬معجم ديوان األدب)) للفارابي (‪(( ،)138/2‬تهذيب‬
‫اللغة)) لألزهري (‪(( ،)312/14‬مختار الصحاح)) للرازي (ص‪.)31 :‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)73 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)353 :‬الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪:‬‬
‫‪(( ،)97‬الكليات)) للكفوي (ص‪.)53 :‬‬
‫((( ((تفسير ابن جزي)) (‪.)308/2‬‬
‫‪79‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫كر ُه َسفسا َفها))(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫معالي األخالق‪ ،‬و َي َ‬
‫َ‬
‫والسخاء‪:‬‬ ‫الكرم ُ‬
‫واجلو ِد َّ‬ ‫لف والعلماء يف َ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫حارس َ‬
‫األعراض)(((‪.‬‬ ‫ود‬
‫(الج ُ‬
‫الله عنه‪ُ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫الصدِّ ُ‬ ‫ ‪-‬قال أبو ٍ‬
‫ُ‬ ‫يق َر َ‬ ‫بكر ِّ‬
‫ٍ‬
‫مسألة‬ ‫خاء ما كان ابتِدا ًء‪ ،‬فأ َّما ما كان عن‬
‫(الس ُ‬
‫الله عنه‪َّ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫علي َر َ‬
‫ ‪-‬وقال ٌّ‬
‫ياء و َت َذ ُّم ٌم)(((‪.‬‬
‫فح ٌ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫بعض الح ِ‬
‫الكر ِم َنزاه ُة ال َّن ْف ِ‬
‫س‬ ‫وأصل َ‬ ‫ُ‬ ‫حاسن ك ِّلها َ‬
‫الكر ُم‪،‬‬ ‫الم‬ ‫ُ‬
‫(أصل َ‬ ‫كماء‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُ ُ‬
‫الخ ِير ِمن‬ ‫صال َ‬‫وجميع ِخ ِ‬ ‫ُ‬ ‫والعام‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الخاص‬
‫ِّ‬ ‫عن الحرا ِم‪ ،‬وسخاؤُ ها بما َت ِ‬
‫مل ُك على‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ُف ِ‬
‫روعه)(((‪.‬‬
‫أقسام ُ‬
‫اجلود‪:‬‬
‫ب‪:‬‬ ‫ضر ٍ‬ ‫ُ َ‬
‫خمسة أ ُ‬ ‫ود‬
‫الج ُ‬
‫ُ‬
‫حقاقه‪.‬‬ ‫أحد على َقدْ ِر استِ ِ‬ ‫لكل ٍ‬
‫ذل ِّ‬ ‫اإلله تعالى‪ :‬وهو ال َب ُ‬ ‫ود ِ‬ ‫(ج ُ‬ ‫ُ‬
‫قيرهم‪.‬‬ ‫المال على الع ِ‬
‫فاة؛ َغن ِّي ِهم و َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫لوك‪ :‬وهو َب ْس ُط‬‫ود الم ِ‬
‫ُ‬ ‫َو ُج ُ ُ‬
‫المال للس َّؤ ِ‬
‫ال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الملوك‪ :‬وهو َب ْذ ُل‬ ‫وقة‪ ،‬ا َّلذين ُهم ُدون‬ ‫ود الس ِ‬
‫ُّ‬ ‫وج ُ ُّ‬ ‫ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫والش ْر ِ‬
‫رين َّ‬ ‫ِ‬ ‫عاليك‪ :‬وهو ال َب ُ‬‫ِ‬
‫ذل لل َّندامى والمعاش َ‬ ‫الص‬
‫ود َّ‬ ‫وج ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األقارب)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإلحسان إلى‬ ‫وام ال َّن ِ‬
‫اس‪ :‬وهو‬ ‫ود َع ِّ‬
‫وج ُ‬
‫ُ‬

‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪ ،)27149‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪)10840‬‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫من حديث طلحة بن عبيدالله بن كريز َر َ‬
‫صححه األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)1744‬‬
‫((( ((ربيع األبرار ونصوص األخيار)) للزمخشري (‪.)357/4‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)380/4‬‬
‫((( ((المستطرف في كل فن مستظرف)) لألبشيهي (ص‪.)168 :‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)288 :‬‬
‫‪80‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والسخاء‪:‬‬ ‫الكرم ُ‬
‫واجلو ِد َّ‬ ‫فوائد َ ِ‬
‫وح ِ‬
‫سن اإلسالم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كمال اإليمان‪ُ ،‬‬ ‫والجو َد والعطا َء ِمن‬
‫الكرم ُ‬
‫َ‬ ‫‪َّ 1-1‬‬
‫أن‬

‫الظ ِّن بالله تعالى‪.‬‬ ‫دليل ُح ِ‬


‫سن َّ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫كر في ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫الذ ِ‬
‫الكرامة في الدُّ نيا‪ ،‬ور ْف ُع ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬

‫وقريب ِم َن َ‬
‫الخ ْل ِق َأ َ‬
‫جمعين‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫الخالق الكريم‪،‬‬ ‫حبوب ِم َن‬
‫ٌ‬ ‫الكريم َم‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫ماعي‪ ،‬وال َّتوا ِّد ْبين ال َّن ِ‬‫ِ‬


‫اس‪.‬‬ ‫‪َ 5-5‬ي َبع ُث على ال َّتكا ُف ِل االجت ِّ‬
‫والع ُمر‪.‬‬ ‫الكر ُم َيزيدُ ال َبرك َة في ِّ‬
‫الرزق ُ‬ ‫‪َ 6-6‬‬
‫واأل َث ِ‬
‫المقيتة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫طه ُرها ِمن َر ِ‬ ‫َ‬
‫رة القبيحة‪ُّ ،‬‬
‫والش ِّح‬ ‫ذائل األنانية َ‬ ‫‪ُ 7-7‬يزَ ِّكي األ ُنف َ‬
‫س و ُي ِّ‬
‫َّ‬
‫الذميم‪.‬‬

‫المجتم ِع الواحد‪.‬‬
‫َ‬ ‫الحاجات ِمن أفراد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاجات َذ ِوي‬ ‫ِ‬
‫مشكلة‬ ‫‪ُّ 8-8‬‬
‫حل‬

‫والسخاء(((‪:‬‬ ‫ِمن ص َور الكرم ُ‬


‫واجلو ِد َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان ِمن أشيا َء ُينت َف ُع بها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫متل ُك‬ ‫المال ِمن ِّ‬
‫كل ما َي ِ‬ ‫ِ‬ ‫العطاء ِم َن‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫‪2-2‬العطاء ِم َن ِ‬
‫العل ِم والمعرفة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫نصيحة‬ ‫بخ ُل على أخيه ِّ‬
‫بأي‬ ‫كريم ال َّن ْف ِ‬
‫س؛ ال َي َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الج َو ُاد ُ‬
‫فاإلنسان َ‬ ‫صيحة؛‬ ‫‪3-3‬عطا ُء ال َّن‬
‫َتن َف ُعه في ِدينه أو ُدنيا ُه‪.‬‬

‫وحنانِه‪.‬‬ ‫جاهه‪ ،‬ويعطي ِمن ْ ِ‬


‫عطفه َ‬ ‫ُ‬
‫س؛ فالجو ُاد يعطي ِمن ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫العطاء ِم َن ال َّن ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫واد ُيعطي ِمن خدَ ماتِه‪ ،‬و ُيعطي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العطاء من طاقات الجسد و ُقوا ُه‪َ ،‬‬
‫فالج ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬ومنها‬
‫ِمن ُج ْه ِده‪.‬‬

‫((( ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبدالرحمن الميداني (‪ )363-361/2‬بتصرف واختصار‪.‬‬


‫‪81‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫كالمجاهد‬ ‫ِ‬
‫ضحية بالحياة ك ِّلها؛‬ ‫العطاء ح َّتى َي ِص َل إلى مستوى ال َّت‬ ‫‪6-6‬و َير َتقي‬
‫ُ‬
‫صرة ِدينِه؛ ابتِغاء مر ِ‬
‫ضاة ر ِّبه‪.‬‬ ‫الله و ُن ِ‬
‫مة ِ‬ ‫ِ‬
‫إلعالء َك ِل ِ‬ ‫جود بحياته‬ ‫سبيل ِ‬
‫ِ‬ ‫المقاتِ ِل في‬
‫َ َْ‬ ‫الله َي ُ‬ ‫ُ‬
‫والسخاء‪:‬‬
‫واجلو ِد َّ‬ ‫األسباب املُ ِع ُ‬
‫ينة على الكرم ُ‬
‫‪1-1‬ن ْف ُسه َّ‬
‫الط ِّي ُبة‪.‬‬
‫الخ ِير‪.‬‬
‫عم ِل َ‬
‫‪ُ 2-2‬ح ُّب َ‬
‫ذل وال َّن ِ‬
‫فقة‪.‬‬ ‫توفيق ِ‬
‫الله له بالب ِ‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والعطاء والكرم‪.‬‬ ‫الخير له على ال َّن ِ‬
‫فقة‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 4-4‬ح ُّث ِ‬
‫أهل‬
‫كام ِل؛‬ ‫الم ِل َّح ُة إلى ال َّت ُ‬
‫عاون وال َّت ُ‬ ‫اإلسالمي وحاجا ُته ُ‬
‫ِّ‬ ‫جتم ِع‬
‫الم َ‬
‫يات ُ‬
‫قتض ُ‬‫‪ُ 5-5‬م َ‬
‫وعزيزا‪.‬‬ ‫اإلسالمي بِنا ًء قو ًّيا‬ ‫صاد‬ ‫ِ‬
‫لبناء االقتِ ِ‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫لف‬
‫والس ِ‬
‫والصحابة َّ‬
‫ِ‬ ‫الكرم واجلو ِد والسخا ِء ِمن حيا ِة األنبيا ِء‬
‫مناذج يف ِ‬
‫ُ‬
‫الصال‪:‬‬
‫ِ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم على اإلسال ِم َشيئًا َّإل َأ ْعطا ُه‪،‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫رس ُ‬ ‫ِ‬
‫ ‪((-‬ما ُسئل ُ‬
‫ومه‪ ،‬فقال‪ :‬يا َقو ِم َأ ِ‬ ‫ين‪ ،‬فرجع إلى َق ِ‬
‫سلموا؛‬ ‫رج ٌل َفأ ْعطا ُه َغن ًَما ْبين َج َب َل ِ َ َ‬‫قال‪ :‬فجا َء ُه ُ‬
‫محمدً ا ُي ْعطي َعطا ًء ال َي ْخ َشى الفاق َة))(((‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فإن َّ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫اب رضي الله عنه‪َ :‬‬
‫((أ َم َرنا‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬‫مر ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُع ُ‬
‫وم َأسبِ ُق أبا ٍ‬
‫بكر ْ‬
‫إن س َب ْق ُته‬ ‫فق ْل ُت‪ :‬ال َي َ‬ ‫أن َنتصدَّ َق‪ ،‬فوا َفقَ ذلك ِعندي ً‬
‫مال‪ُ ،‬‬ ‫وس َّل َم ْ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ :‬ما َأب َق ْي َت‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫صف مالي‪ ،‬فقال‬ ‫ئت بنِ ِ‬ ‫فج ُ‬‫َيو ًما‪ ،‬قال‪ِ :‬‬

‫بكر‪ ،‬ما َأب َق ْي َت‬‫بك ِّل ما ِعندَ ه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا ٍ‬ ‫وأتى أبو ٍ‬
‫بكر ُ‬ ‫أله ِل َك؟ ُق ْل ُت‪ِ :‬م ْث َله‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫أله ِل َك؟ قال‪َ :‬أب َقي ُت لهم الله ورسو َله‪ُ ،‬ق ْل ُت‪ :‬ال َأسبِ ُقه إلى َش ٍ‬
‫يء أبدً ا))(((‪.‬‬ ‫ْ ُ ُ َ َ‬ ‫ْ‬

‫((( أخرجه مسلم ( ‪.)2312‬‬


‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)1678‬والترمذي (‪ )3675‬واللفظ له‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وصححه =‬
‫‪82‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ناد الكوف َة على الصدَ ِ‬


‫قات‪َ ،‬ك َّل َم‬ ‫صبيح‪َ ( :‬لما َق ِدم أبو الزِّ ِ‬ ‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫بن‬‫محمدُ ُ‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫بعض أعمالِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َعين في‬ ‫ِ‬
‫رج ٍل ُيك ِّل ُم له أبا الزِّ ناد؛ َيست ُ‬ ‫يمان في ُ‬ ‫بن أبي ُس َل َ‬ ‫رج ٌل َح َّما َد َ‬‫ُ‬
‫ف ِدره ٍم‪،‬‬ ‫صيب معه؟ قال‪ :‬أ ْل َ‬ ‫أن ُي َ‬
‫صاحبك ِمن أبي الزِّ ِ‬
‫ناد ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫كم يؤَ ِّم ُل‬
‫فقال َح َّم ٌاد‪ْ :‬‬
‫بذ ُل َو ْجهي إليه‪ ،‬قال‪ :‬جزاك ُ‬
‫الله‬ ‫آالف ِدره ٍم‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخمسة‬ ‫قال‪ :‬فقد َأ َم ْر ُت له‬
‫ثمان‪ :‬وقال ابن السم ِ‬
‫آخ ُر في‬ ‫اك‪َ :‬‬
‫فك َّل َمه َ‬ ‫ُ َّ َّ‬ ‫ور َجا‪ .‬قال ُع ُ‬ ‫مما َأ َّم َل َ‬‫خيرا‪ ،‬فهذا َأك َث ُر َّ‬ ‫ً‬
‫المع ِّل َم ثالثين‬
‫اب‪ ،‬فقال ل َّلذي ُيك ِّل ُمه‪ :‬إ َّنما ُن ْعطي ُ‬ ‫حو َله ِمن ُك َّت ٍ‬
‫اب إلى ُك َّت ٍ‬ ‫ابنِه ْ‬
‫أن ُي ِّ‬
‫الم َمكا َنه)(((‪.‬‬ ‫جر ْيناها لصاحبِ َك مائ ًة‪َ ،‬د ِع ُ‬
‫الغ َ‬ ‫َ‬ ‫كل َش ٍ‬
‫َّ‬
‫هر‪ ،‬وقد أ َ‬

‫اجلاهلي ِة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫وجو ِدهم يف‬
‫العرب ُ‬
‫ِ‬ ‫كرم‬
‫ِ‬ ‫مناذج ِمن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالجود والكر ِم‪ ،‬حتى صار‬ ‫ِ‬
‫العرب‬ ‫أشهر َمن ُع ِرف عند‬
‫ِ‬ ‫الطائي من‬ ‫حاتم‬
‫ُّ‬ ‫كان ٌ‬
‫مضرب المثل في ذلك‪ ،‬وكان من ِصفاتِه‪ :‬أ َّنه ُّ‬
‫يفك العاني ‪-‬األسير‪ ،-‬و ُيشبع‬ ‫َ‬
‫قط(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حاجة ُّ‬ ‫طالب‬ ‫رد‬
‫َ‬ ‫السالم‪ ،‬ولم َي َّ‬
‫َ‬ ‫الطعام‪ ،‬و ُيفشي‬
‫َ‬ ‫طعم‬
‫الجائع‪ ،‬و ُي ُ‬
‫َ‬
‫وشع ٌر يف الكرم ُ‬
‫واجلود‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫ِ‬
‫جو ِدهم‪:‬‬ ‫ٍ ِ‬
‫يش؛ َض َربوه لثالثة من َأ َ‬ ‫ِ‬
‫أمثال ُق َر ٍ‬ ‫كب‪ :‬وهو ِمن‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ ‪-‬أ ْق َرى من زاد َّ‬
‫الم َّط ِل ِ‬ ‫واألسو ِد ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ِ‬
‫بن‬ ‫بن عبد ُ‬ ‫المغيرة‪َ ْ َ ،‬‬ ‫بن ُ‬‫بن ُأ َم َّي َة‪ ،‬وأبي ُأ َم َّي َة ِ‬ ‫ِبن أبي َع ِ‬
‫مرو ِ‬ ‫مسافر ِ‬
‫كب؛ أل َّنهم كانوا إذا سا َفروا مع َقو ٍم لم َيتَزَ َّودوا‬ ‫الر ِ‬ ‫أس ِد ِ ِ‬
‫الع َّزى‪ُ ،‬س ُّموا زا َد َّ‬ ‫بن عبد ُ‬ ‫َ‬
‫معهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تعر ْ‬
‫ض له‪.‬‬ ‫األسد‪ :‬أل َّنه إذا َشبِع َتجافى َّ‬
‫عما َي ُم ُّر به‪ ،‬ولم َي َّ‬ ‫كر ُم من َ‬
‫ ‪-‬أ َ‬

‫=‪ ‬الحاكم في ((المستدرك)) (‪ )574/1‬وقال‪ :‬على شرط مسلم‪ .‬والنووي في ((المجموع))‬


‫(‪.)236/6‬‬
‫((( ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجالني (ص‪.)57 :‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)359/2‬‬
‫‪83‬‬
‫ْذَبلاو ‪،‬ءاخَّسلاو ‪،‬مَركلاو ‪،‬دوُ لجا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫األنصاري‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫بن ٍ‬
‫بالل‬ ‫ ‪-‬وقال الم ِ‬
‫نتص ُر ُ‬ ‫ُ‬
‫والجو ُد‬ ‫خل ِعندَ ِ‬
‫الله‬ ‫ال َيســـتوي ال ُب ُ‬ ‫ُ‬
‫خـــل َمب َغض ٌة‬ ‫كرمـــ ٌة وال ُب‬
‫ُ‬ ‫الجو ُد َم َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المال َم ٌ‬
‫رزوق و َمحدو ُد‬ ‫َّاس في‬ ‫فيه ُشـــخوص ِ‬
‫والغنى َد َع ٌة‬ ‫وال َفقـــر ِ‬
‫(((‬
‫والن ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)235 :‬‬


‫‪84‬‬
‫ُ‬ ‫نَّظ س‬
‫ا ُن ح‬ ‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ن‬ ‫َّ‬
‫الظ ِّ‬ ‫حُسنُ‬

‫سن ِّ‬
‫الظن‪:‬‬ ‫معنى ُح ِ‬
‫رج ٌل َح َس ٌن‪ ،‬وامرأ ٌة َ‬
‫حسن ٌَة(((‪.‬‬ ‫بح‪ُ ،‬ي ُ‬
‫قال‪ُ :‬‬ ‫قيض ُ‬
‫الق ِ‬ ‫سن َن ُ‬ ‫سن ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫الح ُ‬ ‫الح ُ‬
‫ُ‬
‫بيقين ِع ٍ‬
‫قين تَدَ ُّب ٍر‪َّ ،‬‬
‫فأما‬ ‫يان‪ ،‬إ َّنما هو َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ويقين‪َّ ،‬إل أ َّنه ليس‬
‫ٌ‬ ‫الظ ُّن ُلغ ًة‪َّ :‬‬
‫الظ ُّن َش ٌّك‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ان فال ُي ُ‬ ‫العي ِ‬‫ِ‬
‫الظ ِّن ا َّلذي‬
‫وجمع َّ‬
‫ُ‬ ‫اسما و َمصدَ ًرا‪،‬‬ ‫لم‪ ،‬وهو َي ُ‬
‫كون ً‬ ‫قال فيه َّإل ع ٌ‬ ‫يقين َ‬‫ُ‬
‫االسم‪ُ :‬ظن ٌ‬
‫ُون(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫هو‬

‫ستعم ُل‬
‫قيض‪ .‬و ُي َ‬ ‫اجح مع احتِ ِ‬
‫مال ال َّن ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫الظ ُّن هو االعتِ ُ‬ ‫اصطالحا‪َّ :‬‬ ‫َّ‬
‫الظ ُّن‬
‫قاد َّ‬ ‫ً‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الش ِّك بصفة ُّ‬
‫الر ْجحان(((‪ .‬وقال ابن‬ ‫طر َف ِي َّ‬
‫أحدُ َ‬ ‫والش ِّك‪ .‬وقيل‪َّ :‬‬
‫الظ ُّن َ‬ ‫اليقين َّ‬ ‫في‬
‫ٍّ‬
‫وشك(((‪.‬‬ ‫ين‪َ :‬ي ٍ‬
‫قين‪،‬‬ ‫ين ُم ِ‬
‫ختل َف ِ‬ ‫صحيح‪ ،‬يدُ ُّل على َمع َن َي ِ‬ ‫ون ُأ َص ْي ٌل‬ ‫فارس‪َّ :‬‬
‫الظ ُاء وال ُّن ُ‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬

‫الش ِّر(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الخير على جانب َّ‬ ‫ِ‬
‫جانب‬ ‫رجيح‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ت‬
‫ً‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‬ ‫ُح ُ‬
‫الش ِّك َّ‬
‫والظ ِّن وال َوهم(((‪:‬‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي َّ‬ ‫َ‬
‫الش ُّك‪،‬‬ ‫إن كان على الس ِ‬
‫واء فهو َّ‬ ‫الط َر َف ِ‬
‫ين ْ‬ ‫رد ُد ْبين َّ‬ ‫الش ُّك‪ِ :‬خ ُ‬
‫الف ال َي ِ‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫قين‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫هم‪.‬‬ ‫وإل فالر ِ‬
‫اج ُح َظ ٌّن‪َ ،‬‬ ‫َّ‬
‫رجوح َو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والم‬ ‫َّ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)2099/5‬‬


‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)272/13‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (‪.)187/1‬‬
‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪.)463/3‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)1797/5‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)343 - 342 ،304 :‬‬
‫‪85‬‬
‫ُ‬ ‫نَّظ س‬
‫ا ُن ح‬ ‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫سن َّ‬


‫الظ ِّن من القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على ُح ِ‬ ‫َّ‬
‫التغيب‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﮊ [الحجرات‪.]12 :‬‬
‫الظ َّن َ‬
‫أكذ ُب‬ ‫فإن َّ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬قال‪(( :‬إ َّياكم َّ‬
‫والظ َّن؛ َّ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫وعن ال َّن ِّ‬
‫تحاسدوا‪ ،‬وال َ‬
‫تباغضوا‪،‬‬ ‫تناجشوا‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫تج َّسسوا‪ ،‬وال َ‬ ‫تحسسوا‪ ،‬وال َ‬
‫الحديث‪ ،‬وال َّ‬
‫وال َتدا َبروا‪ ،‬وكونوا عبا َد الله إخوا ًنا))(((‪.‬‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ُح ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫سم ُع ِمن‬ ‫ٍ‬
‫المرئ ُم ْسل ٍم َي َ‬ ‫الله عنه‪( :‬ال َي ِح ُّل‬
‫ضي ُ‬ ‫الخطاب َر َ‬ ‫َّ‬ ‫بن‬
‫مر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬
‫يء ِم َن َ‬ ‫أخيه َك ِلم ًة ي ُظن بها سوءا وهو ي ِجدُ لها في َش ٍ‬
‫خر ًجا‪ .‬وقال ً‬
‫أيضا‪:‬‬ ‫الخ ِير َم َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ ُّ‬
‫ال َينت َِف ُع بن ْف ِسه َمن ال َينت َِف ُع َ‬
‫بظنِّه)(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫رسول‬ ‫بعض إخواني ِمن أصحاب‬ ‫إلي ُ‬ ‫َب َّ‬ ‫ب قال‪َ :‬‬
‫(كت َ‬ ‫الم َس ِّي ِ‬
‫بن ُ‬
‫ِ‬
‫سعيد ِ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫ٍ‬ ‫أن َضع أمر أخيك على َأحسنِه‪ ،‬ما لم َيأتِ َك ما َي ِ‬
‫غل ُبك‪ ،‬وال َت ُظ َّن َّن‬ ‫ِ‬
‫بكلمة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الله‪َ ْ ْ ْ :‬‬
‫حم ًل)(((‪.‬‬ ‫وأنت َت ِجدُ لها في َ‬
‫الخ ِير َم َ‬ ‫شرا‪َ ،‬‬ ‫مسل ٍم ًّ‬ ‫امر ٍئ ْ‬ ‫خر َج ْت ِم ِن ِ‬‫َ‬
‫أقسام َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬
‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الظ ُّن ِمن حيث الحمدُ َّ‬
‫َين َق ِس ُم َّ‬
‫والذ ُّم إلى ق َ‬
‫ظنون به ِعندَ ب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لوغه(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والم‬
‫ان َ‬ ‫‪َ 1-1‬ظ ٍّن محمود‪ :‬وهو ما َس ِل َم معه د ُ‬
‫ين َّ‬
‫الظ ِّ‬

‫الغير ِمن‬
‫وقوعه من ِ‬
‫ُ‬ ‫تخي ُل‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 2-2‬ظ ٍّن مذمومٍ‪ :‬وهو ِضدُّ َّ ِ‬
‫األول المحمود‪ ،‬وهو ما ُي َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6066‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2563‬‬


‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)47/1‬‬
‫((( ((االستذكار)) البن عبد البر (‪.)291/8‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪.)332/16‬‬
‫‪86‬‬
‫ُ‬ ‫نَّظ س‬
‫ا ُن ح‬ ‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اللسان من ِ‬ ‫غير م ٍ‬
‫سو ٍغ‬
‫غير ُم ِّ‬ ‫ُ‬ ‫القلب أو تك َّل َم به‬
‫ُ‬ ‫صمم عليه‬
‫يقيني عليه‪ ،‬وقد َّ‬
‫ٍّ‬ ‫ستند‬ ‫ِ ُ‬
‫شر ًعا(((‪.‬‬
‫نهي عنه ْ‬
‫الم ُّ‬ ‫وء َّ‬
‫الظ ِّن َ‬ ‫شرعي‪ ،‬وهو ُس ُ‬
‫ٍّ‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫فوائد ُح ِ‬
‫المتح ِّلي به‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليمان في ِ‬ ‫ٌ‬
‫قلب ُ‬ ‫عالمة على كمال‬ ‫الظن‬
‫سن ِّ‬‫‪ُ 1-1‬ح ُ‬

‫الرجي ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والش ِّر على َّ‬ ‫الف ِ‬


‫تنة َّ‬ ‫باب ِ‬
‫إغالق ِ‬
‫ُ‬
‫الشيطان َّ‬ ‫‪2-2‬فيه‬
‫ِ‬ ‫حب ِة ْبين‬ ‫يادة ُ ِ‬
‫طريق ِمن ُطر ِق ِز ِ‬
‫المسل ِم‪.‬‬
‫المجتم ِع ْ‬
‫َ‬ ‫أفراد‬ ‫األ ْلفة َ‬
‫والم َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ٌ 3-3‬‬
‫فترى عليها ِ‬
‫بغير‬ ‫الك بالباطل‪ ،‬أو ُي َ‬ ‫لمين ِمن ْ‬
‫أن ُت َ‬ ‫الم ْس َ‬ ‫ِ‬
‫ألعراض ُ‬ ‫ٌ‬
‫حماية‬ ‫‪4-4‬فيه‬
‫حقٍّ ‪.‬‬

‫الرذيلة‪ ،‬وبه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المجتم َع من إشاعة الفاحشة‪ ،‬وانتشار َّ‬ ‫َ‬ ‫نيع َيحمي‬‫صن َم ٌ‬‫‪5-5‬ح ٌ‬
‫صوصياتِهم‪.‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫وأعراضهم ُ‬
‫وخ‬ ‫اس‬ ‫يس َلم المجتمع ِم ِن انتِ ِ‬
‫هاك ُح ِ‬
‫قوق ال َّن ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫وح‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫س‪ِ َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وطهارة ال َّن ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ٌ 6-6‬‬
‫وزكاء ُّ‬ ‫القلب‪،‬‬ ‫دليل على سالمة‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫ِمن ُص َور ُح ِ‬
‫ِ‬
‫بثالثة‬ ‫قبل َموتِه‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َ‬
‫النبي ص َّلى ُ‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن بالله؛ فقد قال ُّ‬ ‫‪ُ 1-1‬ح ُ‬
‫الظن ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫وجل))(((‪.‬‬ ‫عز‬
‫بالله َّ‬ ‫أ َّيا ٍم‪(( :‬ال َيمو َت َّن َأ َحدُ ُكم َّإل َ‬
‫وهو ُيحس ُن َّ َّ‬
‫ِ‬
‫واألمراء‪ :‬فال َينتظِ ُم أ ْم ُر هذه األ َّم ِة َّإل‬ ‫األمور ِمن الع ِ‬ ‫الظن بو ِ‬
‫لماء‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫الة‬ ‫سن َّ ِّ ُ‬ ‫‪ُ 2-2‬ح ُ‬
‫وعام ٍة‪.‬‬
‫وعلما َء َّ‬ ‫عي ٍة‪ُ ،‬‬ ‫ور َّ‬
‫وأمرا َء َ‬ ‫وسين‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أفرادها؛ ُرؤسا َء و َم ْرؤُ‬ ‫ِ‬
‫الحسنة ْبين‬ ‫بالع ِ‬
‫القة‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واألصدقاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باإلخوان‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‬ ‫‪ُ 3-3‬ح ُ‬

‫ين ِمن َ‬
‫أه ِّم الدَّ عائ ِم‬ ‫وج ِ‬
‫الز َ‬ ‫فإحسان َّ‬
‫الظ ِّن ْبين َّ‬ ‫ُ‬ ‫وج ِ‬
‫ين؛‬ ‫الز َ‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن ْبين َّ‬ ‫‪ُ 4-4‬ح ُ‬

‫((( ((روضة العقالء)) ألبي حاتم البستي (ص‪(( ،)127 :‬الزواجر)) للهيتمي (‪.)9/2‬‬
‫((( أخرجه مسلم(‪ )2877‬من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫ُ‬ ‫نَّظ س‬
‫ا ُن ح‬ ‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والمستقر والم ِ‬
‫طمئ ُّن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ائم‬ ‫ا َّلتي ُيبنى عليها ُ‬
‫ُّ ُ‬ ‫البيت الدَّ ُ‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫ساب ُح ِ‬
‫موانع اك ِت ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫أفراده‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫كوك في‬ ‫شار ُّ‬‫ِ‬ ‫وء َّ‬ ‫يش في ُمجتم ٍع َي ِ‬
‫الع ُ‬
‫الظ ِّن‪ ،‬وانت ُ‬ ‫غل ُب عليه ُس ُ‬ ‫َ‬ ‫‪َ 1-1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظ ِّن‪ ،‬و َت ِ‬ ‫نذ الص َغ ِر على س ِ‬
‫السالمة‪.‬‬
‫جانب ال ُّتهمة على َّ‬ ‫غليب‬ ‫وء َّ‬ ‫ُ‬ ‫ربية ُم ُ ِّ‬
‫‪2-2‬ال َّت ُ‬
‫تعاليمه الدَّ ِ‬
‫اعية إلى ُح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين الح ِ‬
‫سن‬ ‫واالبتعاد عن‬
‫ُ‬ ‫نيف‪،‬‬ ‫هل بأحكا ِم الدِّ ِ َ‬
‫الج ُ‬
‫‪َ 3-3‬‬
‫َّ‬
‫الظ ِّن‪.‬‬

‫المجتمعِ‪.‬‬ ‫وآثارها الج ِ‬


‫ميلة في‬ ‫ِ‬ ‫الط ِّي ِبة‬ ‫الجهل بهذه الص ِ‬
‫فة َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫باإلخوان ال َّن ِ‬ ‫فات َتدْ عو إلى س ِ‬
‫وء َّ‬ ‫ِ‬
‫اشئ‬ ‫الظ ِّن‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬الحسدُ والغ ُّل والحقدُ ‪ ،‬وهذه ِّ‬
‫الص ُ‬
‫عن َتمنِّي َّ‬
‫الش ِّر لهم‪.‬‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫ساب ُح ِ‬
‫ينة على اك ِت ِ‬ ‫ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫ٍ‬
‫بقلب سلي ٍم‪.‬‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬واالبتِ ُ‬
‫هال إليه ح َّتى َي ُم َّن عليك‬ ‫ِ‬
‫عاء الله َ‬
‫‪ُ 1-1‬د ُ‬
‫ف األ َّم ِة‬
‫الكرام‪ ،‬وس َل ِ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم‪ ،‬وصحابتِه ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫سول ص َّلى ُ‬ ‫‪2-2‬االقتِدا ُء بالر ِ‬
‫َّ‬
‫ومحافظتِهم‬ ‫عام ِلهم مع اإلشاعات واألكاذيب‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫سن ظنِّهم ببعضهم‪ ،‬و َت ُ‬ ‫الصالحِ في ُح ِ‬
‫َّ‬
‫ود ِة ْبينهم‪.‬‬
‫والم َّ‬ ‫ِ‬
‫على َأواص ِر ُ‬
‫الح ِّب َ‬
‫ظفارهم على ُح ِ‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‪.‬‬ ‫نذ ُن ِ‬
‫عومة َأ ِ‬ ‫الحس ُنة لألبناء ُم ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫ربية‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اني‪ .‬‬ ‫المرء ن ْف َسه َم ِنزل َة َغ ِيره‪ ،‬وهو ع ٌ‬
‫الج ر َّب ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫أن ُي ِنز َل‬
‫‪ْ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫القلب كالحسد‬ ‫ِ‬
‫أمراض‬ ‫ِ‬
‫وعالج‬ ‫بفعل َّ‬
‫الطاعات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان؛‬ ‫ِ‬
‫زيادة‬ ‫ُ‬
‫حاولة‬‫‪ُ 5-5‬م‬
‫ِ‬
‫والغ ِّل‪.‬‬
‫‪6-6‬حم ُل الكال ِم على َأحس ِن م ِ‬
‫حام ِله ما استَطاع إلى ذلك ً‬
‫سبيل‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬

‫‪88‬‬
‫ُ‬ ‫نَّظ س‬
‫ا ُن ح‬ ‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫حابة‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫الن ِّ‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن من حياة َّ‬ ‫مناذج ُ‬
‫حل ِ‬ ‫ُ‬
‫والسلف‪:‬‬
‫َّ‬
‫ضوان ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم أصحا َبه ِر‬ ‫رسول ِ‬
‫سن‬‫الله ع َل ِيهم ُح َ‬ ‫ُ‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪َ -‬ع َّل َم‬
‫اإلنسان ال بدَّ له ِم َن‬
‫َ‬ ‫المة‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫الس ُ‬ ‫األصل في ْ ِ‬
‫المؤم ِن َّ‬ ‫َ‬ ‫وبين لهم َّ‬
‫أن‬ ‫الظ ِّن‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫دخ ُل في‬ ‫والريب َة التي قد َت ُ‬
‫كوك ِّ‬ ‫الش َ‬ ‫طر َد ُّ‬‫أن َي ُ‬‫األعذار لِ َمن َح ْو َله‪ ،‬وعليه ْ‬‫ِ‬ ‫التِ ِ‬
‫ماس‬
‫ِ‬
‫بي ص َّلى‬ ‫رج ٌل جاء إلى ال َّن ِّ‬ ‫حمدُ ُعقباه‪ ،‬فهذا ُ‬ ‫قلبِه ف َيترت َُّب عليها م َن اآلثار ما ال ُي َ‬
‫نون الس ِ‬ ‫َ‬ ‫يبة في امرأتِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وء فيها؛‬ ‫وأحاط ْت به ُظ ُ ُّ‬ ‫الر ُ‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم وقد داخ َل ْته ِّ‬ ‫ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َ‬
‫فأزال ال َّن ُّ‬ ‫أل َّنها ولدَ ْت ُغال ًما َأ ْس َو َد على َغ ِير َلونِه و َلونِها‪،‬‬
‫((ح ْم ٌر‪ .‬قال‪ :‬هل فيها ِمن‬ ‫إبله‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬
‫يبة؛ بسؤالِه عن َل ِ‬
‫ون ِ‬
‫ُ‬
‫ور ٍ‬
‫ما في قلبِه ِمن َظ ٍّن ِ‬

‫َك هذا‬ ‫َأ ْو َر َق؟ قال‪َ :‬نع ْم‪ ،‬قال‪َ :‬فأ َّنى ذلك؟ قال‪ :‬لع َّله َنزَ َع ُه ِع ْر ٌق‪ ،‬قال‪ :‬ف َل َع َّل ابن َ‬
‫َنزَ َع ُه ِع ْر ٌق))(((‪.‬‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن‬ ‫حتذى بهم في ُح ِ‬ ‫ثال ُي َ‬‫الله ع َل ِيهم ِم ً‬
‫ضوان ِ‬
‫ُ‬ ‫حابة ِر‬
‫الص ُ‬ ‫ ‪-‬وقد كان َّ‬
‫نين‪ ،‬فهذا أبو أيوب‪ ،‬خالدُ بن َز ٍ‬
‫وب‪،‬‬ ‫وب‪ :‬يا أبا أيُّ َ‬ ‫قالت له امرأ ُته ُأ ُّم أيُّ َ‬
‫يد‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫بالمؤ ِم َ‬
‫ْ‬
‫أكنت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الك ِذ ُب‪.‬‬
‫اس في عائش َة؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬وذلك َ‬ ‫سم ُع ما َي ُ‬
‫أنت يا‬ ‫قول ال َّن ُ‬ ‫أال َت َ‬
‫ِ‬
‫والله َخ ٌير‬ ‫ُ‬
‫فعائشة‬ ‫فع َله‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫كنت ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫فاعل ًة ذلك؟ قالت‪ :‬ال‬ ‫ُأم أيوب ِ‬
‫ل َ‬ ‫والله ما ُ‬ ‫َّ ُّ َ‬
‫ثم قال‪ :‬ﮋ ﭲ‬ ‫ِ‬ ‫القرآن َذ َكر ُ‬
‫ُ‬ ‫فلما َنزَ َل‬ ‫ِ ِ‬
‫الله َمن قال في الفاحشة ما قال‪َّ ،‬‬ ‫منك‪ .‬قال‪َّ :‬‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ [النور‪،]12 :‬‬
‫وب وصاحب ُته(((‪.‬‬ ‫أي‪ُ :‬‬
‫فقولوا كما قال أبو أ ُّي َ‬

‫وده‪ ،‬فقال‬‫عض إخوانِه َي ُع ُ‬‫الله وأتا ُه َب ُ‬ ‫الشافعي ِ‬


‫رحمه ُ‬ ‫ض اإلمام َّ ُّ‬ ‫مر َ‬‫ ‪-‬وحين ِ‬
‫ِ‬ ‫الشافعي‪ :‬لو قوى َض ِ‬
‫عفي لق َت َلني‪ ،‬قال‪:‬‬
‫والله ما‬ ‫َّ‬ ‫الله َضع َف َك‪ ،‬قال َّ ُّ‬
‫افعي‪َ :‬ق َّوى ُ‬ ‫َّ‬
‫للش ِّ‬
‫((( أخرجه البخاري(‪ )5305‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪ )1500‬من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬
‫((( أخرجه الطبري في ((التفسير)) (‪ ،)129/19‬وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (‪.)15013‬‬
‫‪89‬‬
‫ُ‬ ‫نَّظ س‬
‫ا ُن ح‬ ‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اإلمام‪َ :‬أع َل ُم أ َّنك لو س َب ْبتَني ما َأ َر ْد َت َّإل َ‬


‫الخ َير‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َأ َر ْد ُت َّإل َ‬
‫الخ َير‪ ،‬فقال‬
‫واألمثال ِّ‬
‫والشعر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫األدب‬
‫واحة ِ‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن يف ِ‬ ‫ُح ُ‬
‫بأحد لس ِ‬
‫وء َظنِّه‪،‬‬ ‫حال؟ قال‪ :‬من ال يثِ ُق ٍ‬
‫اس ً‬ ‫ ‪-‬قيل لبعض الع ِ‬
‫لماء‪َ ( :‬من َأ ْس ُ‬
‫وأ ال َّن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وال يثِ ُق به أحدٌ لس ِ‬
‫وء فِ ِ‬
‫عله)‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫المتَنبي‪:‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫وصدَّ َق مـــا َي ْعتـــا ُد ُه ِمـــ ْن ت ََو ُّه ِم‬ ‫عل الم ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫رء ســـا َء ْت ُظنو ُن ُه‬ ‫إذا ســـا َء ف ُ َ‬
‫ْ ِ ِ (((‬
‫ـــك ُمظلم‬ ‫الش ِّ‬ ‫داج ِم َن َّ‬
‫َفأ ْص َب َح في ٍ‬ ‫ـــول ِعداتِ ِ‬
‫ـــه‬ ‫ِ‬ ‫وعـــادى محب ِ‬
‫يـــه ب َق‬ ‫َ ُ ِّ‬

‫((( ((ديوان المتنبي)) (ص‪.)460 - 459 :‬‬


‫‪90‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الحكمة‬
‫ِ‬

‫احلكمة‪:‬‬
‫معنى ِ‬
‫الح ُ‬
‫كمة‬ ‫ساد‪ .‬و ُتطلق ِ‬ ‫عن ال َف ِ‬ ‫األمر‪َ :‬أت َقنَه فاست َ‬
‫َحك َم و َمن ََعه ِ‬ ‫الحكم ُة ُلغ ًة‪َ :‬أ َ‬
‫حك َم‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫لألمور(((‪.‬‬ ‫الم ِتق ُن‬
‫كيم‪ُ :‬‬
‫والح ُ‬ ‫بوة‪ ،‬وغير ذلك‪َ .‬‬
‫والحل ِم‪ ،‬وال ُّن ِ‬
‫َّ‬
‫والعل ِم‪ِ ،‬‬ ‫العدل‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫وض ِعه‪ .‬وفِ ُ‬‫يء في م ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫اس ٌم إلحكا ِم َو ْض ِع َّ‬ ‫الحكم ُة‬ ‫ِ‬
‫عل ما َين َبغي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اصطالحا‪ْ :‬‬
‫ً‬
‫الوقت ا َّلذي َين َبغي(((‪.‬‬‫ِ‬ ‫على الو ِ‬
‫جه ا َّلذي َين َبغي‪ ،‬في‬ ‫َ‬
‫احلكمة(((‪:‬‬
‫ِمن معاني ِ‬
‫عان ِعدَّ ٍة؛ منها ما يلي‪:‬‬
‫كمة على م ٍ‬
‫َ‬
‫ُت ْط َل ُق ِ‬
‫الح ُ‬

‫الشرائعِ؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫ِ‬


‫وبيان َّ‬ ‫الس َّن ِة‬ ‫‪ِ 1-1‬‬
‫الح ُ‬
‫كمة بمعنَى ُّ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮊ [األحزاب‪.]34 :‬‬
‫بو ِة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫الح ُ‬
‫كمة بمعنَى ال ُّن َّ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯝ‬
‫ﯞ ﮊ [البقرة‪.]251 :‬‬
‫للش ِ‬ ‫وح َّج ِة‬
‫ريعة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ‬ ‫ِ‬
‫العقل َوف ًقا َّ‬ ‫الحكمة بمعنَى ال َفه ِم ُ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬

‫((( ((النهاية)) البن األثير (‪(( ،)419/1‬مختار الصحاح)) للرازي (ص‪(( ،)62 :‬لسان العرب))‬
‫البن منظور (‪(( ،)143-140/12‬القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص‪(( ،)1415 :‬المعجم‬
‫الوسيط)) (‪.)19/1‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن الق ِّيم (‪.)449/2‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)1692/5‬‬
‫‪91‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤﮊ [لقمان‪.]12 :‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫احلكمة يف ال ُقرآن الكريم ُّ‬
‫ِ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ‬
‫ِ‬
‫حيحة(((‪.‬‬‫الص‬ ‫بالمقالة الم َ ِ‬
‫ِ‬ ‫ﮯ ﮰ ﮱ ﮊ [النحل‪ ،]125 :‬أي‪:‬‬
‫حكمة َّ‬ ‫ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﮊ [البقرة‪.]269 :‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﮊ [لقمان‪.]12 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬


‫بي ص َّلى ُ‬‫عت ال َّن َّ‬
‫الله عنه قال‪ِ :‬‬
‫سم ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫ابن َمسعود َر َ‬ ‫وعن ِ‬‫ ‪ِ -‬‬
‫ِ‬
‫الحقِّ ‪،‬‬‫فس َّل َط ُه ع َلى َه َل َكته في َ‬ ‫الله ً‬
‫مال َ‬ ‫رج ٌل آ َتا ُه ُ‬
‫َين‪ُ :‬‬ ‫َي ُ‬
‫قول‪(( :‬ال َح َسدَ َّإل في اث َنت ِ‬
‫فه َو َي ْق ِضي بها و ُي َع ِّل ُمها))(((‪.‬‬ ‫ورج ٌل آتاه ُ ِ‬
‫الله ح ْكم ًة ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬

‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عنهما قال‪ :‬قال ال َّن ُّ‬ ‫الله ُ‬‫ضي ُ‬ ‫بن َص ْع َصع َة َر َ‬ ‫مالك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫الر ُج َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪-‬‬ ‫رج ًل ْبين َّ‬ ‫وس َّل َم‪َ (( :‬ب ْينا أنا عندَ ال َبيت ْبين ال َّنائ ِم وال َي ْقظان‪ -‬و َذ َكر ‪-‬يعني‪ُ :‬‬
‫ب م ِلئ ِح ْكم ًة وإِيما ًنا‪ِ ُ ،‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ُفأتِ ُ‬
‫فشقَّ م َن ال َّن ْح ِر إلى َم َر ِّاق ال َب ْط ِن‪َّ ،‬‬
‫ثم‬ ‫يت بِ َط ْست من َذ َه ٍ ُ َ‬
‫ثم ُم ِل َئ ِح ْكم ًة وإِيما ًنا))(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُغس َل ال َب ْط ُن بماء َز ْمزَ َم‪َّ ،‬‬
‫احلكمة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وأقوال العلما ِء يف ِ‬ ‫السلف‬
‫آثا ُر َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لم كال َينابي ِع ف َين َف ُع به ُ‬
‫الله َمن شا َء‪،‬‬ ‫ ‪َ -‬كتَب َس ْل ُ‬
‫مان إلى أبي الدَّ ْرداء‪( :‬إ َّنما الع ُ‬

‫((( ((تفسير القاسمي)) (‪.)422/6‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1409‬ومسلم (‪.)816‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )3207‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)164‬‬
‫‪92‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وح له)(((‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وم َث ُل ِح ٍ‬


‫كمة ال ُيتك َّل ُم بها‬
‫كجسد ال ُر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫هر ُب ِم َن‬
‫مت و َي ُ‬
‫الص َ‬ ‫الر ُج َل ُي ُ‬
‫طيل َّ‬ ‫ِ‬
‫العزيز‪( :‬إذا رأ ْي ُت ُم َّ‬
‫ ‪-‬وقال ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ُ ُ‬
‫اس فاقربوا منه؛ فإ َّنه ي َل َّقى ِ‬
‫الحكم َة)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال َّن ِ ُ‬
‫ول أو‬ ‫اإلتقان في َق ٍ‬
‫ُ‬ ‫اإلحكا ِم‪ ،‬وهو‬ ‫در ِم َن ِ‬ ‫(الح ُ‬
‫كمة َم ْص ٌ‬
‫القرطِبي‪ِ :‬‬
‫ ‪-‬وقال ُ ْ ُّ‬
‫الله ِح ٌ‬
‫كمة‪،‬‬ ‫فكتاب ِ‬
‫ُ‬
‫الجنس‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫كمة ا َّلتي هي ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫وع ِم َن ِ‬‫فكل ما ُذ ِكر فهو َن ٌ‬ ‫عل‪ُّ ،‬‬ ‫فِ ٍ‬
‫كمة‪.‬‬‫فصيل فهو ِح ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وكل ما ُذ ِكر ِم َن ال َّت‬‫كمة‪ُّ ،‬‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ِح ٌ‬
‫وس َّن ُة َنب ِّيه ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫كمة؛ أل َّنه ُيمتن َُع به ِم َن‬ ‫للعل ِم ِح ٌ‬ ‫كمة ما يمتنَع به ِم َن الس َف ِه‪ .‬فقيل ِ‬
‫َّ‬ ‫وأصل الح ُ ُ ُ‬
‫ُ ِ‬

‫بيح‪.((()...‬‬ ‫عل َق ٍ‬‫كل فِ ٍ‬ ‫فه ا َّلذي هو ُّ‬ ‫ناع ِم َن الس ِ‬


‫َّ‬ ‫فه‪ ،‬وبه ُيع َل ُم االمتِ ُ‬
‫الس ِ‬
‫َّ‬
‫احلكمة‪:‬‬
‫أنواع ِ‬
‫ِ‬
‫وعان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الح ُ‬
‫كمة َن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لمي ٌة َن َظر َّي ٌة‪ ،‬وهي ِّ‬ ‫وع األو ُل‪ِ :‬ح ُ ِ‬
‫ومعرفة‬ ‫األشياء‪،‬‬ ‫واطن‬ ‫الع على َب‬
‫االط ُ‬ ‫كمة ع َّ‬ ‫ال َّن ُ َّ‬
‫وشرعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫سبباتِها؛ َخ ْل ًقا وأ ْم ًرا‪َ ،‬قدَ ًرا‬ ‫ِ‬
‫األسباب ُبم َّ‬
‫ِ‬
‫ارتباط‬

‫وض ِعه(((‪.‬‬
‫يء في م ِ‬ ‫الش ِ‬
‫وض ُع َّ‬ ‫عم َّلي ٌة‪ ،‬وهي ْ‬ ‫وع ال َّثاني‪ِ :‬ح ُ‬
‫َ‬ ‫كمة َ‬ ‫ال َّن ُ‬

‫احلكمة‪:‬‬
‫َد َرجات ِ‬
‫الث در ٍ‬
‫جات‪:‬‬ ‫وهي على َث ِ‬
‫َ‬
‫عج َله عن َوقتِه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫عطي َّ‬ ‫الدَّ رج ُة ُ‬
‫كل َشيء ح َّقه‪ ،‬وال تُعدِّ َيه حدَّ ه‪ ،‬وال ُت ِّ‬ ‫أن ُت َ‬‫األولى‪ْ :‬‬
‫دادها‪:‬‬ ‫واألنا ُة‪ .‬وآفا ُتها ْ‬
‫وأض ُ‬ ‫والحلم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫لم‪،‬‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وال تؤَ ِّخ َره عنه‪ .‬ولها‬
‫ُ‬ ‫ثالثة أركان‪ :‬الع ُ‬

‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪ )35811‬واللفظ له‪ ،‬والدارمي (‪ )557‬بنحوه‪.‬‬
‫((( التبصرة البن الجوزي (‪.)289/2‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪.)330/3‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن الق ِّيم (‪.)478/2‬‬
‫‪93‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والع َج ُ‬
‫لة‪.‬‬ ‫يش‪َ ،‬‬ ‫هل‪َّ ،‬‬
‫والط ُ‬ ‫الج ُ‬
‫َ‬

‫لح َظ‬ ‫ِ‬ ‫وع ِده‪ ،‬و َت ِ‬ ‫ِ‬


‫عر َف َعدْ َله في ُحكمه‪ ،‬و َت َ‬ ‫شهدَ َن َظ َر الله في ْ‬
‫أن َت َ‬ ‫الدَّ رج ُة ال َّثاني ُة‪ْ :‬‬
‫عد والو ِ‬
‫عيد‪.‬‬ ‫الحكم َة في الو ِ‬ ‫عر َف ِ‬ ‫نعه‪ ،‬أي‪َ :‬ت ِ‬ ‫بِره في م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫الخ ِ‬
‫الئ ِق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجارية على َ‬ ‫وني ِة‬ ‫رعي ِة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫أحكامه َّ‬ ‫عر َف َعدْ َله في‬‫وكذلك َت ِ‬
‫والك َّ‬ ‫الش َّ‬
‫ِ‬
‫إرشاد َك الحقيق َة‪ ،‬وفي‬ ‫أن َتب ُلغَ في استِداللِ َك ال َبصير َة‪ ،‬وفي‬ ‫الدَّ رج ُة ال َّثالث ُة‪ْ :‬‬
‫إشارتِ َك الغاي َة(((‪.‬‬

‫فوائد احلكمة‪:‬‬
‫قر ٌبة منه‪ ،‬وحينها‬ ‫معرفة ِ‬
‫ِ‬
‫مو ِّص ٌلة إليه‪ُ ،‬م ِّ‬ ‫َّ‬
‫وجل‪َ ،‬‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬ ‫ٌ‬
‫طريق إلى‬ ‫‪1-1‬أ َّنها‬
‫طم ُع في َغ ِيره‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمن سواه‪ ،‬وال َي َ‬‫َينقط ُع العبدُ َّ‬
‫ِ‬ ‫المة للع ِ‬ ‫ِ‬
‫والصالِ َ‬ ‫‪2-2‬أ َّنها ِسم ٌة ِمن ِس ِ‬
‫لين‪،‬‬
‫العام َ‬ ‫لماء‬ ‫وع ٌ ُ‬‫حين‪َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫األنبياء‬ ‫مات‬ ‫َ‬
‫حين‪.‬‬ ‫ومزي ٌة للدُّ ِ‬
‫عاة الم ِ‬
‫صل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫داد في العمل‪.‬‬ ‫اإلصابة في ال َقول‪َّ ،‬‬
‫والس ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫جات و ُت َش ِّر ُفه‪ ،‬و َتزيدُ ِمن َمكانتِه ْبين ال َّن ِ‬
‫اس(((‪.‬‬ ‫اإلنسان در ٍ‬
‫َ َ‬ ‫‪4-4‬أ َّنها َتر َف ُع‬

‫جع ُله قري ًبا ِم َن‬ ‫وع ُلو ْ ِ‬


‫شأنه‪ ،‬وهذا َي َ‬ ‫عقل صاحبِها‪ِّ ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫كمال ِ‬ ‫‪5-5‬فيها َد ٌ‬
‫اللة على‬
‫اس‪ ،‬حبي ًبا ُلقلوبِهم‪.‬‬
‫ال َّن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كاب الس ِ‬
‫وء وال َّت ُّلف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫‪َ 6-6‬تح َف ُظ‬
‫حذورات‪،‬‬ ‫الم‬
‫وارتكاب َ‬ ‫ظ به‪،‬‬ ‫اإلنسان م َن ارت ِ ُّ‬
‫الع ِ‬ ‫ضطره لالعتِ ِ‬ ‫الغ ِير‪َ ،‬‬
‫فو‪ ،‬قال أبو القاس ِم‬ ‫ب َ‬‫ذار وط َل ِ‬ ‫وعم ِل ما َي َ ُّ‬ ‫وال َّتجنِّي على َ‬
‫كل‬‫كمة َت َنهى عن ِّ‬ ‫كمة؟ فقال‪ِ :‬‬
‫(الح ُ‬ ‫الح ُ‬ ‫الجنَيدُ بن محم ٍد‪ ،‬وقد س ِئل عما َتنهى ِ‬
‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪ )452 - 448/2‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((الحث على طلب العلم واالجتهاد في جمعه)) ألبي هالل العسكري (ص‪.)50 :‬‬
‫‪94‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫لمه عن َغ ِيرك‪َ ،‬أ َ‬ ‫ِ‬ ‫أن ُي َ‬


‫حش َم َك ذ ُ‬
‫كره في‬ ‫عتذ َر منه‪ ،‬وعن ِّ‬
‫كل ما إذا غاب ع ُ‬ ‫حتاج ْ‬
‫ما ُي ُ‬
‫ن ْف ِسك)(((‪.‬‬
‫اكتساب احلكمة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وسائل‬
‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحكم ُة ِمن حيث االكتِ ُ‬ ‫ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫وعد ُمه َتنقس ُم إلى ق َ‬
‫ساب َ‬
‫تفض ُل بها على َمن‬ ‫شاء‪ ،‬و َي َّ‬
‫تبارك وتعالى َمن َي ُ‬ ‫الله َ‬
‫يؤتيها ُ‬ ‫كمة فِ ْطر َّي ٍة‪ْ :‬‬
‫ ‪ِ -‬ح ٍ‬
‫ِ‬
‫للعبد فيها(((‪.‬‬ ‫ُيريدُ ‪ ،‬وهذه ال َيدَ‬
‫وتر ِك َموانِ ِعها‪،‬‬ ‫كمة مكتس ٍبة‪ :‬يعالِجها العبدُ ح َّتى ي ِ‬
‫كتس َبها؛ ِبف ِ‬ ‫ ‪ِ -‬ح ٍ‬
‫عل أسبابِها‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ‬
‫ِّقاط ال َّت ِ‬
‫إجمال ُطر ِق اكتِسابِها في الن ِ‬
‫الية‪:‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫انقيادها له‪ ،‬ويمكن‬ ‫ُ‬ ‫سه َل‬
‫ف َي ُ‬
‫أشارت إليه ُ‬
‫اآلية؛ قال تعالى‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الكثير ا َّلذي‬ ‫ين‪ ،‬وهو ِم َن َ‬
‫الخ ِير‬ ‫فق ُه في الدِّ ِ‬
‫‪1-1‬ال َّت ُّ‬
‫ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ‬
‫ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﮊ [البقرة‪.(((]269 :‬‬
‫الط بهم‪ ،‬واالستِفاد ُة منهم‪.‬‬
‫الح‪ ،‬واالختِ ُ‬
‫الص ِ‬ ‫سة ِ‬
‫أهل َّ‬ ‫‪ُ 2-2‬مجا َل ُ‬

‫ثيق به‪ ،‬وال ُبعدُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫المعاصي‪.‬‬
‫عن َ‬ ‫الو ُ‬
‫واالرتباط َ‬ ‫الح َّق ُة لله َ‬
‫تبارك وتعالى‪،‬‬ ‫‪3-3‬العباد ُة َ‬
‫الح ِ‬
‫يل ِ‬ ‫أك ِله ومشربِه وملب ِسه ْ ِ‬ ‫الح ِ‬
‫كمة‬ ‫وشأنه ك ِّله ٌ‬
‫سبب في َن ِ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫الل في َم َ‬ ‫‪َ 4-4‬ت ِّ‬
‫حري َ‬
‫صاف الح ِ‬ ‫ِ‬
‫كماء‪.‬‬ ‫صول إلى َم ِّ ُ‬ ‫والو‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحياة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫درسة‬ ‫ب‪ ،‬واالستِفاد ُة ِمن َم‬ ‫‪َ 5-5‬كثر ُة ال َّت ِ‬
‫جار ِ‬

‫جر ِبة ِمن‬ ‫الخ ِ‬


‫برة وال َّت ِ‬ ‫أن يستَشير َذوي ِ‬
‫َ‬
‫عتمدَ المرء على ِ ِ‬
‫رأي ن ْفسه ُدون ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫‪َّ 6-6‬أل ي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بالعواقب(((‪.‬‬ ‫حين؛ لِ َيزدا َد َبصير ًة‬
‫الصالِ َ‬ ‫ِ‬
‫إخوانه َّ‬

‫((( ((حلية األولياء)) ألبي نعيم (‪.)261/13‬‬


‫((( ((اإلشراف في منازل األشراف)) البن أبي الدنيا (ص‪.)212 :‬‬
‫((( ((هذه أخالقنا حين نكون مؤمنين ح ًّقا)) لمحمود الخزندار (ص‪.)122 :‬‬
‫((( ((الرائد دروس في التربية والدعوة)) مازن الفريح (‪.)44/3‬‬
‫‪95‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫احلكمة‪:‬‬
‫موا ِنع اك ِتساب ِ‬
‫ماء فال َت ُ‬
‫سك ُن ق ْل ًبا فيه‬ ‫كمة َت ِنز ُل ِمن الس ِ‬ ‫ِ‬
‫(الح ُ‬ ‫اص‪:‬‬ ‫إبراهيم َ‬
‫َ َّ‬ ‫الخ َّو ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬قال‬
‫وحسدُ َأخٍ )(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وح ُّب ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫َ‬ ‫ضول‪،‬‬ ‫الف‬ ‫وه ُّم َغد‪ُ ،‬‬ ‫الر ُ‬
‫كون إلى الدُّ نيا‪َ ،‬‬ ‫أربعة‪ُّ :‬‬
‫مور‪ ،‬وتر ُك ال َّتأ ِّني في ا ِّت ِ‬
‫خاذ ال َق ِ‬
‫رار‪.‬‬ ‫عج ُل في ُ‬
‫األ ِ‬
‫ْ‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُّ‬
‫واقب ُ‬
‫األ ِ‬
‫مور‪.‬‬ ‫يق ُ‬
‫األ ُف ِق‪ ،‬وعدَ ُم ال َّت ُّ‬
‫فك ِر في َع ِ‬ ‫‪ِ 3-3‬ض ُ‬
‫مور‪ ،‬في َّت ِ‬
‫خ ُذ َقراره على َظ ِ‬ ‫ِ ُ‬ ‫صيرة الدَّ ا َّل ِة على‬
‫ِ‬
‫واه ِرها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حقائق األ ِ َ‬ ‫‪4-4‬ف ْقدُ ال َب‬
‫الخ ِ‬
‫وأهل ِ‬ ‫الصالِ َ‬
‫برة في ُأ ِ‬
‫موره‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حين‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬عدَ ُم استِ ِ‬
‫عمال َمشورة َّ‬
‫ظر في سياساتِهم مع ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫قين وال َّن ِ‬
‫السابِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫‪6-6‬عدَ ُم االستفادة من خبرات َّ‬
‫ِ‬ ‫‪ِ 7-7‬ق َّل ُة ِّ‬
‫االطال ِع وال َّن ِ‬
‫ظر في ُعلو ِم الدِّ ِ‬
‫نجيه‬ ‫افع هو ا َّلذي ُي ِّ‬
‫حصنُه و ُي ِّ‬ ‫لم ال َّن ُ‬
‫ين؛ فالع ُ‬
‫الش ِ‬
‫دائد‪.‬‬ ‫ِعندَ َّ‬

‫والسلف‪:‬‬
‫والصحابة َّ‬ ‫احلكمة َ‬
‫عند األنبيا ِء َّ‬ ‫فة ِ‬ ‫مناذج َّ‬
‫دال ٌة على ِص ِ‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وس َّلم‪:‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر ِضي ُ‬
‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫إحداهما‪ ،‬فقا َل ْت هذه‬
‫ُ‬ ‫فذ َهب ِ‬
‫بابن‬ ‫الذئ ُْب‪َ ،‬‬
‫ابناهما‪ ،‬جا َء ِّ‬
‫أتان َم َعهما ُ‬ ‫((بينَما امر ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫خرى‪ :‬إ َّنما َذ َهب بابنِ ِك‪ ،‬فت َ‬
‫َحاك َمتا‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لصاح َبتها‪ :‬إ َّنما َذ َهب بابنك أنت‪ ،‬وقا َلت األ َ‬
‫الم‪،‬‬
‫الس ُ‬‫داو َد عليهما َّ‬
‫بن ُ‬ ‫ليمان ِ‬
‫فخ َرجتا على ُس َ‬ ‫للك ْبرى‪َ ،‬‬ ‫داو َد‪ ،‬ف َق َضى به ُ‬‫إلى ُ‬
‫ِ‬ ‫بالس ِّك ِ‬
‫الصغْ َرى‪ :‬ال‪َ ،‬‬
‫يرح ُمك‬ ‫أش ُّقه بينَكما‪ ،‬فقا َلت ُّ‬
‫ين ُ‬ ‫فأخ َبرتاه‪ ،‬فقال‪ :‬ائتوني ِّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫لصغْ َرى))(((‪.‬‬ ‫ال َّل ُه‪ ،‬هو ابنُها‪ ،‬ف َق َضى به ل ُّ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬أ َّنها ْ‬


‫قالت‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنها‪َ ،‬ز ِ‬
‫وج ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة َر َ‬

‫((( ((حلية األولياء)) ألبي نعيم األصفهاني (‪.)326/10‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3427‬ومسلم (‪ )1720‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وم كان َأ َشدَّ ِمن َيو ِم ُأ ُح ٍد؟ قال‪:‬‬ ‫يك َي ٌ‬‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬هل َأ َتى ع َل َ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫لل َّن ِّ‬
‫الع َق ِبة‪ ،‬إ ْذ َع َر ْض ُت‬
‫وم َ‬
‫يت‪ ،‬وكان َأ َشدُّ ما َل ِق ُ ِ‬
‫يت م ُنهم َي َ‬ ‫وم ِك ما َل ِق ُ‬ ‫قيت ِمن َق ِ‬‫لقد َل ُ‬
‫فانط َل ْق ُت وأنا‬‫الل ف َل ْم ُي ِج ْبني إلى ما َأ َر ْد ُت‪َ ،‬‬ ‫بد ُك ٍ‬ ‫بن َع ِ‬ ‫يل ِ‬ ‫بد َيالِ َ‬‫ابن َع ِ‬
‫َن ْفسي على ِ‬
‫فر َف ْع ُت َر ْأسي فإذا أنا‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫فلم َأست َِفقْ َّإل وأنا بِ َق ْر ِن الثَّعالِ ِ‬ ‫موم على َو ْجهي‪ْ ،‬‬ ‫َم ْه ٌ‬
‫ول‬ ‫إن الل َه قدْ َس ِم َع َق َ‬
‫بريل‪ ،‬فناداني‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬ ‫حابة قدْ َأ َظ َّل ْتني‪ ،‬فن ََظ ْر ُت فإذا فيها ِج ُ‬ ‫بس ٍ‬
‫َ‬
‫فيهم‪.‬‬‫ئت ِ‬ ‫َأم َر ُه بما ِش َ‬ ‫الج َ ِ‬
‫بال؛ لت ُ‬ ‫يك َم َل َك ِ‬ ‫يك‪ ،‬وقد َب َع َث إ َل َ‬ ‫لك وما َر ُّدوا َع َل َ‬ ‫وم َك َ‬ ‫َق ِ‬

‫ئت‪ْ ،‬‬
‫إن‬ ‫ذلك‪ ،‬فيما ِش َ‬ ‫حمدُ ‪ ،‬فقال َ‬ ‫ثم قال‪ :‬يا ُم َّ‬ ‫فس َّل َم ع َل َّي‪َّ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫فناداني َم َل ُك الجبال‪َ ،‬‬
‫أن‬‫بل َأ ْرجو ْ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ْ :‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ين؟ فقال ال َّن ُّ‬ ‫خش َب ِ‬‫األ َ‬ ‫ئت أن ُأ ْطبِقَ ع َل ِيهم َ‬
‫ُ‬ ‫ِش َ‬
‫شر ُك ِبه َشيئًا))(((‪.‬‬ ‫الله ِمن َأ ْصالبِ ِهم َمن َيع ُبدُ الل َه َو ْحدَ ُه‪ ،‬ال ُي ِ‬ ‫خر َج ُ‬ ‫ُي ِ‬
‫ثبيت الص ِ‬
‫حابة‬ ‫عنه ِحكمتَه العالي َة في َت ِ‬
‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫الصدِّ ُ‬ ‫ ‪-‬وقد َأث َبت أبو ٍ‬
‫َّ‬ ‫يق َر َ‬ ‫بكر ِّ‬
‫فمن كان‬ ‫تشهدَ وقال‪َّ :‬‬
‫((أما َبعدُ ‪َ ،‬‬ ‫حيث َّ‬‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ُ ،‬‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َل َّما ُت ُو ِّف َي ال َّن ُّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قد‬
‫محمدً ا ص َّلى ُ‬
‫فإن َّ‬‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َّ ،‬‬
‫محمدً ا ص َّلى ُ‬
‫َّ‬ ‫نكم َيع ُبدُ‬ ‫ِم ُ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭳ ﭴ‬
‫موت؛ قال ُ‬ ‫ومن كان َيع ُبدُ الل َه‪َّ ،‬‬
‫فإن الل َه َح ٌّي ال َي ُ‬ ‫مات‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ إلى‪ :‬ﮋ ﮐ ﮊ [آل عمران‪،]144 :‬‬
‫الله‬
‫ضي ُ‬ ‫أن الل َه َأنزَ َلها ح َّتى تالها أبو ٍ‬
‫اس لم َيكونوا َيع َلمون َّ‬ ‫والله َل َّ‬ ‫ِ‬
‫بكر َر َ‬ ‫كأن ال َّن َ‬
‫ِ‬
‫سم ُع َب َش ٌر َّإل َي ْت ُلوها))(((‪.‬‬ ‫عنه‪ ،‬ف َت َل َّقاها م ُنه ال َّن ُ‬
‫اس‪ ،‬فما ُي َ‬
‫ِ‬ ‫المل ِك ومعه ُعمر بن ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫يمان بن ِ‬
‫العزيز‪ ،‬فأصا َبهم َب ْر ٌق‬ ‫عبد‬ ‫ُ ُ‬ ‫وح َّج ُس َل ُ ُ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫ضح ُك‪ ،‬فقال‬ ‫مر وهو َي َ‬ ‫ور ْعدٌ ‪ ،‬ح َّتى كا َد ْت َت ِ‬
‫نخل ُع ُقلو ُبهم‪ ،‬فن ََظر ُس َل ُ‬
‫يمان إلى ُع َ‬ ‫َ‬
‫عت بها؟ فقال‪ :‬يا‬ ‫قط أو ِ‬
‫سم َ‬ ‫هذه ال َّل ِ‬
‫يلة ُّ‬ ‫ثل ِ‬ ‫فص‪ ،‬هل رأ ْي َت ِم َ‬‫يمان‪ :‬يا أبا َح ٍ‬ ‫ُس َل ُ‬
‫عذاب ِ‬
‫الله؟‬ ‫ِ‬ ‫وت‬‫عت َص َ‬‫سم َ‬‫الله‪ ،‬فكيف لو ِ‬ ‫رحمة ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت‬
‫منين‪ ،‬هذا َص ُ‬ ‫المؤ َ‬ ‫أمير ْ‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3231‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1795‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪.)1242‬‬
‫‪97‬‬
‫ ةمكِحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ف ِد َ‬
‫المائة أ ْل ِ‬
‫ُ‬ ‫فقال‪ِ :‬‬
‫أمير‬ ‫ره ٍم‪ ،‬فتَصدَّ ْق بها‪ .‬فقال ُع ُ‬
‫مر‪ :‬أو َخ ٌير من ذلك يا َ‬ ‫هذه‬
‫ظالم ُلهم لم َي ِصلوا َ‬ ‫ِ‬
‫إليك‪،‬‬ ‫وم َصحبوك في َم َ‬ ‫منين؟ قال‪ :‬وما هو؟ قال‪َ :‬ق ٌ‬ ‫المؤ َ‬
‫ْ‬
‫ظالم(((‪.‬‬
‫الم َ‬‫فر َّد َ‬ ‫فج َلس ُس َل ُ‬
‫يمان َ‬ ‫َ‬

‫احلكمة‪:‬‬
‫ِشع ٌر عن ِ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬
‫َقـــول و َق ِّو ِم‬ ‫ٍ‬
‫ُطـــق ما ت‬ ‫وز ْن َق َ‬
‫بـــل ن‬ ‫ِ‬ ‫بح ٍ‬
‫كمة‬ ‫ُّطـــق فانطِ ْق ِ‬
‫َ‬ ‫إذا ما َأر ْد َت الن‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫قل ِعندَ ُه‬ ‫فمن لـــم َي ِز ْن ما قـــال ال َع َ‬
‫الم َح َّك ِم‬‫بـــوزن كالبِنـــاء ُ‬ ‫َ‬ ‫ُطـــق‬
‫ٌ‬ ‫ون‬ ‫َ‬
‫ُحمدْ وتَس َل ِم‬ ‫ِ‬ ‫بح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصمت ت َ‬ ‫سـن َّ‬ ‫َج َّم ْل ُ‬‫ت َ‬ ‫قـــال َحميد ًة‬ ‫فإن لـــم تَجدْ ُط ْر َق َ‬
‫الم‬ ‫ْ‬
‫ـــق يجني ثِ‬ ‫ِ‬ ‫صامت يل َقـــى الم ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ (((‬
‫مـــار التَّندُّ م‬
‫َ‬ ‫وكم ناط ٍ َ ْ‬ ‫دائما‬
‫ً‬ ‫حامدَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فكم‬
‫ْ‬

‫((( ((مناقب عمر)) البن الجوزي (ص‪(( ،)53-52 :‬سير أعالم النبالء)) للذهبي (‪.)121/5‬‬
‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) للسلمان (‪.)341-340/1‬‬
‫‪98‬‬
‫ملِح لا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الحلم‬
‫ِ‬

‫احللم‪:‬‬
‫معنى ِ‬
‫لم ُلغ ًة‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫وح ُل ٌ‬
‫وم(((‪.‬‬ ‫وجم ُعه‪َ :‬أ ْح ٌ‬
‫الم‪ُ ،‬‬ ‫الط ِ‬
‫يش‪ْ ،‬‬ ‫خالف َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والعقل‪ ،‬وهو‬ ‫األنا ُة‬ ‫الح ُ‬
‫ِ‬ ‫والطب ِع عن َهي ِ‬
‫س َّ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ض ُ‬
‫بط ال َّن ْف ِ‬ ‫لم‬ ‫ِ‬
‫الغضب(((‪.‬‬ ‫جان‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الح ُ‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬ ‫لم‬ ‫الفرق ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫احل ِ‬
‫بي ِ‬
‫والصرب‪:‬‬
‫لم َّ‬ ‫الف ْرق ْ‬
‫•• َ‬
‫احل ِ‬
‫بي ِ‬
‫الله تعالى ِ‬
‫عن‬ ‫والحلم ِم َن ِ‬
‫ِ‬ ‫ستحقِّ ‪،‬‬ ‫َأخير ِ‬
‫الع ِ‬ ‫اإلمهال بت ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫الم َ‬‫قاب ُ‬ ‫لم هو‬‫الح ُ‬
‫ِ‬ ‫قوبة ِم َن الن ِ‬ ‫عجيل الع ِ‬ ‫صاة في الدُّ نيا فِ ٌ‬ ‫الع ِ‬
‫والص ُبر‪:‬‬
‫َّ‬ ‫والعافية‪.‬‬ ‫ِّعمة‬ ‫َ ُ‬ ‫عل ُينافي َت‬ ‫ُ‬
‫الجزَ عِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫إظهار َ‬ ‫س ن ْف ِسه عن‬
‫الر ُج ِل‪َ :‬ح ْب ُ‬
‫وص ُبر َّ‬
‫ِ‬
‫المكروه‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫س ل ُمصادفة َ‬
‫حبس ال َّن ْف ِ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضض‪.‬‬ ‫الم‬
‫صاب م َن َ‬
‫الم َ‬ ‫لح ُق ُ‬ ‫إظهار ما َي َ‬
‫ُ‬ ‫والجزَ ُع‪:‬‬
‫َ‬

‫والرفق‪:‬‬ ‫احللم َ‬
‫واألنا ِة ِّ‬ ‫••الفرق ْ‬
‫بي ِ‬
‫قادر فإ َّنه‬
‫غض ٌب وهو ٌ‬ ‫حص َل َ‬ ‫ِ‬
‫الغضب‪ ،‬إذا َ‬ ‫اإلنسان ن ْف َسه ِعندَ‬
‫ُ‬ ‫مل َك‬ ‫أن َي ِ‬
‫لم‪ْ :‬‬ ‫ِ‬
‫الح ُ‬
‫ِ‬ ‫األنا ُة‪ :‬فهي عدَ م الع ِ‬ ‫وأما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور‪،‬‬ ‫جلة في‬ ‫ُ َ‬ ‫بالعقوبة‪َّ .‬‬ ‫عج ُل ُ‬ ‫َيح ُل ُم وال ُيعاق ُب وال َي َ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫يء َق َ‬
‫بل أن َيتأ َّنى فيه‬ ‫حك َم على َّ‬ ‫األمور بظاه ِرها ف َي َّ‬
‫تعج َل و َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫أخ َذ‬ ‫َّ‬
‫وأل َي ُ‬
‫وإن استَح ُّقوا ما ي ِ‬ ‫ون ح َّتى ِ‬ ‫اس باله ِ‬ ‫و َي ُ‬
‫ستح ُّقون‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لة ال َّن ِ َ‬ ‫فق‪ :‬فهو ُمعا َم ُ‬ ‫الر ُ‬‫وأما ِّ‬
‫نظ َر‪َّ .‬‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)93/2‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)145/12‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪.)253 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)575 ،199 ،179 :‬شرح رياض الصالحين)) البن‬
‫عثيمين (‪.)573/3‬‬
‫‪99‬‬
‫ملِح لا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫العقوبة وال َّن ِ‬
‫كال فإ َّنه َير ُف ُق بهم‪.‬‬ ‫ِم َن‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫لم من القرآن ُّ‬ ‫َّ‬
‫احل ِ‬
‫التغيب يف ِصفة ِ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ [آل عمران‪.]134 ،133 :‬‬

‫عز َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ [األعراف‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫‪.]199‬‬
‫الله َص َّلى ال َّل ُه َع َل ْي ِه‬
‫ال َنبِي ِ‬
‫الله عنه‪َ (( :‬ق َ ُّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫وعن َأبِي س ِع ٍ‬
‫يد ا ْل ُخدْ ِر ِّي ِ‬
‫َ‬ ‫ ‪ْ َ -‬‬
‫واألنا ُة))(((‪.‬‬ ‫الحلم‪َ ،‬‬ ‫الله‪ِ :‬‬
‫َين ُي ِح ُّب ُهما ُ‬
‫لخصلت ِ‬ ‫إن َ‬
‫فيك َ‬ ‫س‪َّ :‬‬ ‫أل َش ِّج َع ْب ِد ا ْل َق ْي ِ‬
‫َو َس َّلم َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫سول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة َر ِض َي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال َر ُ‬
‫ب))(((‪.‬‬ ‫مل ُك ن ْف َس ُه ِعندَ َ‬
‫الغ َض ِ‬ ‫الشديدُ ا َّلذي َي ِ‬ ‫الشديدُ بالصر ِ‬
‫عة‪ ،‬إ َّنما َّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫((ليس َّ‬

‫احللم‪:‬‬
‫السلف والعلماء يف ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫الخير أن َيك ُث َر ما ُلك وو َلدُ ك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الله عنه‪( :‬ليس‬ ‫ضي ُ‬‫بن أبي طالب َر َ‬ ‫علي ُ‬
‫ ‪-‬قال ُّ‬
‫ِ‬
‫بعبادة َر ِّبك؛ ْ‬
‫فإن‬ ‫اس‬ ‫ولكن الخير أن يك ُثر ِعلمك وي ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫تباهي ال َّن َ‬
‫َ‬ ‫لمك‪ ،‬وأن‬ ‫عظ َم ح ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫أسأت استغ َف ْر َت الل َه)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أحس ْن َت َح ِمدْ َت الل َه‪ْ ،‬‬
‫وإن‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ليل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫والعقل َدلي ُله‪،‬‬
‫ُ‬ ‫زيره‪،‬‬ ‫لم َو ُ‬ ‫المؤم ِن‪ ،‬والح ُ‬ ‫لم َخ ُ‬ ‫بن ُم َن ِّبه‪( :‬الع ُ‬
‫ ‪-‬وقال َو ْه ُب ُ‬
‫ين َأخو ُه)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والعم ُل ِقيم ُته‪َ َّ ،‬‬
‫فق َأبو ُه‪ ،‬وال ِّل ُ‬
‫والر ُ‬
‫مير ُجنوده‪ِّ ،‬‬ ‫والص ُبر أ ُ‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)18‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6114‬ومسلم (‪.)2609‬‬
‫((( أخرجه الدارقطني في ((المؤتلف والمختلف)) (‪ ،)1062/2‬وأبو نعيم في ((حلية األولياء))‬
‫(‪ )75/1‬واللفظ له موقو ًفا‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن شاهين في ((ال َّترغيب في فضائل األعمال)) (‪ )249‬واللفظ له‪ ،‬وابن عساكر في ((تاريخ‪= ‬‬
‫‪100‬‬
‫ملِح لا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫‪-‬رحمه الله تعالى‪( :-‬ما َأوى َشيء إلى َش ٍ‬


‫يء َأز َي ُن‬ ‫باح ِ‬
‫بن أبي َر ٍ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫عطاء ُ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫ِمن ِحل ٍم إلى ِعل ٍم)(((‪.‬‬

‫لم وفوائدُه‪:‬‬ ‫آثار ُخ ُل ِق ِ‬


‫احل ِ‬
‫فوز ِبرضا ِ‬
‫الله و َثوابِه‪.‬‬ ‫‪1-1‬الحليم َي ُ‬
‫األمر‪ ،‬مرضي ِ‬
‫الف ِ‬
‫عل(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حمود‬ ‫ِ‬
‫المكان‪َ ،‬م‬ ‫فيع‬ ‫‪2-2‬الحليم عظيم َّ ِ‬
‫َ ْ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الشأن‪َ ،‬ر ُ‬ ‫ُ‬
‫در‪ ،‬وامتِ ِ‬
‫الك ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دليل َك ِ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫وسعة َّ‬
‫العقل‪َ ،‬‬ ‫مال‬
‫حب ِة ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫الم َّ‬
‫شر َ‬‫لوب‪ ،‬و َن ِ‬
‫الق ِ‬ ‫‪4-4‬يعم ُل على تآ ُل ِ‬
‫ف ُ‬ ‫َ َ‬
‫لوب‪.‬‬
‫الق َ‬ ‫الحسدَ ‪ ،‬و ُي ُ‬
‫ميل ُ‬ ‫َ‬ ‫زيل ال َبغضا َء ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬و َيمن َُع‬ ‫‪ُ 5-5‬ي ُ‬
‫والجزا َء َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األ ْوفى(((‪.‬‬ ‫الع َلى‪َ ،‬‬
‫‪َ 6-6‬يستح ُّق صاح ُبه الدَّ َرجات ُ‬
‫احللم‪:‬‬
‫بصفة ِ‬ ‫للت ُّ‬
‫خل ِق ِ‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة َّ‬
‫ِ‬ ‫ثرة ِحل ِم ِ‬
‫تذ ُّكر َك ِ‬ ‫ُ‬
‫حليم‪َ ،‬يرى‬
‫ٌ‬ ‫فالله سبحا َنه وتعالى‬
‫العبد‪ُ ،‬‬ ‫الله على‬ ‫األولى‪ُ َ :‬‬
‫ومخا َلفتَه أل ْم ِره ف ُي ِ‬
‫مه ُله؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬ ‫َمعصي َة العاصي ُ‬
‫ﮟﮊ [البقرة‪.]235 :‬‬

‫الله للعافِ َ‬
‫ين ِ‬
‫عن ال َّن ِ‬
‫اس؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ‬ ‫َّواب ِم َن ِ‬ ‫ال َّثانية‪َ :‬‬
‫تذ ُّك ُر الث ِ‬
‫ﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﮊ [آل عمران‪.]134 ،133 :‬‬

‫=‪ ‬دمشق)) (‪.)388/63‬‬
‫((( أخرجه الدارمي (‪ )576‬واللفظ له‪ ،‬والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (‪.)507‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)208 :‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة من العلماء (‪ - )1752/5‬بتصرف‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫ملِح لا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫بالجاهل‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫حمة‬ ‫ال َّثالثة‪َّ :‬‬
‫در‪ ،‬وال ِّث ِ‬
‫قة بال َّن ْف ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرابعة‪ُ :‬‬
‫القدر ُة على‬
‫االنتصار‪ ،‬وهذا نات ٌج عن َسعة َّ‬ ‫َّ‬
‫الله عنه‪.‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ب ِ‬
‫بن أبي َب ْلتَع َة َر َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم عن حاطِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن ذلك َع ْف ُوه ص َّلى ُ‬
‫ثل‪ ،‬وهذا يدُ ُّل على شر ِ‬
‫ف ال َّن ْف ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫عاملة السي ِئة ِ‬
‫بالم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫الخامسة‪ :‬ال َّتر ُّف ُع ِ‬
‫َ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫عن ُ‬
‫اله َّم ِة‪.‬‬
‫وع ُل ِّو ِ‬
‫ُ‬
‫فض ُل على الم ِ‬
‫سيء‪.‬‬ ‫السادسة‪ :‬ال َّت ُّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الصاحل‪:‬‬
‫والسلف َّ‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫مناذج ِمن حلم َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والس َّن ُة ال َّنبو َّي ُة‬
‫فو‪ُّ ،‬‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم غاي َة الحل ِم َ‬‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬لقد ب َلغَ ال َّن ُّ‬
‫ومن ذلك ِق َّص ُة‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم في ِ‬
‫الحل ِم‪ِ ،‬‬
‫َ‬ ‫سول الكري ِم ص َّلى ُ‬ ‫واقف الر ِ‬
‫َّ‬
‫حافِ ٌلة بم ِ‬
‫َ‬
‫أنس ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم ِبر ِ‬
‫بن‬ ‫دائه َج ْبذ ًة شديد ًة‪ ،‬فعن ِ‬ ‫َ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬‫األعرابي ا َّلذي َج َب َذ ال َّن َّ‬
‫ِّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪،‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫((كنت َأ ْمشي مع‬
‫ُ‬ ‫الله عنه أ َّنه قال‪:‬‬
‫ضي ُ‬‫مالك َر َ‬
‫ٍ‬
‫الحاشية‪َ ،‬فأدر َكه أعرابي فجب َذه ِبر ِ‬
‫ِ‬ ‫راني َغ ُ‬ ‫ِ‬
‫دائه َج ْبذ ًة شديد ًة ح َّتى‬ ‫ٌّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ليظ‬ ‫وع َليه ُب ْر ٌد َن ْج ٌّ‬
‫ُ‬
‫حاشية‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قد أ َّث َر ْت بها‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫فحة عاتِ ِق‬‫نظر ُت إلى ص ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫الله ا َّلذي ِعندَ ك! فا ْل َت َف َت‬
‫مال ِ‬‫البر ِد؛ ِمن ِشدَّ ِة َجب َذتِه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا محمدُ ‪ُ ،‬مر لي ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ‬
‫الله ص َّلى الله ع َل ِيه وس َّلم‪ ،‬ثم َض ِحك‪ ،‬ثم َأمر له بع ٍ‬
‫طاء))(((‪.‬‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫إ َل ِيه‬
‫َّ َ ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬

‫للص ِ‬
‫لح‬ ‫فر ْط في َش ْت ِمنا ِ‬
‫وأبق ُّ‬ ‫بن َذ ٍّر‪ ،‬فقال‪( :‬يا هذا‪ ،‬ال ُت ِ‬‫رج ٌل ُع َم َر َ‬‫ ‪َ -‬شتَم ُ‬
‫ِ‬ ‫م ِ‬
‫نكافئ َمن عصى الل َه فينا بأك َث َر من أن ُن َ‬
‫طيع الل َه فيه)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وض ًعا؛ فإ َّنا ال‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(والله َ‬ ‫ِ‬ ‫مرو ِ‬‫رج ٌل َلع ِ‬
‫ألت َف َّر َغ َّن لك‪ ،‬قال‪ :‬هنالك ْ‬
‫وقع َت‬ ‫العاص‪:‬‬ ‫بن‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )5809‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1057‬‬


‫((( أخرجه أبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪ )113/5‬واللفظ له‪ ،‬والبيهقي في ((شعب اإليمان))‬
‫(‪.)8106‬‬
‫‪102‬‬
‫ملِح لا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ألقو َل َّن لك َعشْ ًرا‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫والله ِلئ ْن ق ْل َت لي ِ‬


‫كلم ًة َ‬ ‫ِ‬ ‫غل‪ .‬قال‪ :‬كأ َّنك تُهدِّ ُدني‪،‬‬‫الش ِ‬
‫في ُّ‬
‫والله ِلئ ْن ق ْل َت لي َعشْ ًرا لم أ ُق ْل لك واحد ًة)(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وأنت‬
‫َ‬

‫كنت كاذ ًبا‬ ‫فغ َفر ُ‬


‫الله لي‪ ،‬وإن َ‬ ‫كنت صاد ًقا َ‬
‫إن َ‬‫بي‪ ،‬فقال له‪ْ :‬‬ ‫رج ٌل َّ‬
‫الش ْع َّ‬ ‫ ‪َ -‬شتَم ُ‬
‫فغ َفر ُ‬
‫الله لك(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫احللم‪:‬‬ ‫األمثال ِّ‬


‫والشعر يف ِ‬
‫الشر فا ْقعدْ ‪ .‬أي‪ :‬فاح ُلم وال ُت ِ‬
‫سار ْع إليه(((‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ ‪-‬إذا َنزَ ل بك َّ ُّ ُ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫َريم‬ ‫ِ‬ ‫ُيســـامي بها ِعنـــدَ ال َف‬ ‫إن ِح ْلـــم المـــر ِء َأكبر نِس ٍ‬
‫ـــبة‬ ‫أال َّ‬
‫خـــار ك ُ‬ ‫َُ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ب لي ِم‬
‫أرى الح ْل َم لم َينـــدَ ْم ع َليه َح ُ‬
‫ليم‬ ‫لما فإنَّني‬
‫نـــك ح ً‬ ‫رب َه ْ‬ ‫فيا ِّ‬
‫(((‬

‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)275/2‬‬


‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)276/2‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)40/3‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)104/2‬‬
‫‪103‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الحياء‬

‫معنى َ‬
‫احلياء‪:‬‬
‫ٍ‬
‫واحدة‪ ،‬واست َْحيا‬ ‫َحي ٍ‬
‫بياء‬ ‫قال‪ :‬استَحى يست ِ‬
‫واالنزواء؛ ُي ُ‬ ‫ُ‬
‫االنقباض‬ ‫الحياء ُلغ ًة‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الن َيست َْح ِيي بيا َء ِ‬
‫ين(((‪.‬‬ ‫ُف ٌ‬

‫ِ‬
‫قصير‬ ‫منع ِم َن ال َّت‬
‫بيح‪ ،‬و َي ُ‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬خ ُل ٌق َي َبع ُث صاح َبه على اجتِ ِ‬
‫ناب ال َق ِ‬ ‫ً‬ ‫ياء‬
‫الح ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫اإلنسان من َخوف ما ُي ُ‬
‫عاب‬ ‫وانكسار َيعتَري‬
‫ٌ‬ ‫في حقِّ ذي الحقِّ ‪ .‬وقيل‪ :‬هو َت ُّ‬
‫غي ٌر‬ ‫(((‬

‫جه‪ ،‬و َمن َب ُعه ِم َن ال َق ِ‬


‫لب(((‪.‬‬ ‫به و ُي َذ ُّم‪َ ،‬‬
‫ومح ُّله َ‬
‫الو ُ‬

‫واخلج ِل(((‪:‬‬
‫َ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي احلياء‬ ‫َ‬
‫هاب ُح َّج ٍة‪ ،‬أو ُظ ٍ‬
‫هور‬ ‫القلب ِعندَ َذ ِ‬
‫َ‬ ‫لح ُق‬ ‫ِ‬
‫الوجه َلغ ٍّم َي َ‬ ‫الخج ُل‪ :‬معنًى َي َ‬
‫ظه ُر في َ‬ ‫َ‬
‫بقو ِة‬ ‫ياء‪ :‬هو االرتِ ُ‬
‫داع َّ‬ ‫والح ُ‬
‫يبة‪َ .‬‬ ‫اله ُ‬ ‫يء َت َّ‬
‫تغي ُر به َ‬
‫ٍ‬
‫على ِريبة‪ ،‬وما َأش َب َه ذلك؛ فهو َش ٌ‬
‫خج ُل‬ ‫فع َل كذا‪ ،‬وال ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫قال‪ُ :‬ف ٌ‬ ‫الح ِ‬
‫ياء؛ ولهذا ُي ُ‬
‫قال‪َ :‬ي َ‬ ‫الحال أن َي َ‬ ‫الن َيستَحي في هذا‬ ‫َ‬
‫فالخج ُل َّ‬
‫مما كان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فع َله‪،‬‬ ‫منه َق َ‬
‫بل أن َي َ‬ ‫تغي ُر ُ‬ ‫فع َله في هذه الحال؛ َّ‬
‫ألن َهيئتَه ال َت َّ‬ ‫أن َي َ‬
‫الخج ِل َت ُّ‬
‫وس ًعا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وضع‬
‫ياء َم َ‬ ‫ستعم ُل َ‬
‫الح ُ‬ ‫مما َي ُ‬
‫كون‪ .‬وقد ُي َ‬ ‫والحياء َّ‬
‫ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫واحل ُّث على َ‬


‫احليا ِء ِم َن القرآن ُّ‬ ‫التغيب َ‬
‫َّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)218/14‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)160/1‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)52/1‬‬
‫((( ((التبيان تفسير غريب القرآن)) البن الهائم (ص‪.)61 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) ألبي هالل العسكري (ص‪.)244 :‬‬
‫‪104‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫وي‬
‫ياء‪ ،‬كما ُر َ‬
‫الح ُ‬ ‫ﭿ ﮀ ﮁﮊ [األعراف‪]26 :‬؛ ُف ِّسر ل ُ‬
‫باس ال َّتقوى بأ َّنه َ‬
‫ٍ‬
‫ني(((‪.‬‬ ‫الحس ِن(((‪ ،‬و َمع َبد ُ‬
‫الج َه ِّ‬ ‫َ‬ ‫عن‬

‫ ‪-‬وقال سبحانه‪ :‬ﮋﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬


‫ﮟﮠ ﮡ ﮢﮣﮤ ﮥﮦﮧ ﮨﮩﮪﮫﮬ‬
‫ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬
‫ﯜ ﯝﮊ [األحزاب‪.]53 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫ ‪-‬عن أبي مسعود َر َ‬
‫ئت))(((‪.‬‬ ‫لم َتست َِح فاصن َْع ما ِش َ‬ ‫اس ِمن كال ِم ال ُّن َّ ِ ُ‬
‫بوة األو َلى‪ :‬إذا ْ‬ ‫مما َأ َ‬
‫در َك ال َّن ُ‬ ‫َّ‬
‫((إن َّ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ضي ُ‬
‫ون‪ُ -‬ش ْعب ًة‪َ ،‬أ ْع َلها‪َ :‬ق ْو ُل‪ :‬ال إِ َل َه َّإل‬ ‫بعون ‪-‬أو‪ :‬بِ ْضع ِ‬ ‫ِ‬
‫وس ُّت َ‬ ‫ٌ‬ ‫وس َ‬ ‫يمان بِ ْض ٌع َ‬
‫((اإل ُ‬
‫ياء‬ ‫ريق‪ .‬والحياء ُشع ٌبة ِم َن ِ ِ‬ ‫الط ِ‬ ‫ماطة َ‬
‫األ َذى ِ‬
‫عن َّ‬ ‫الله‪َ .‬‬
‫وأ ْدناها‪ :‬إِ ُ‬
‫فالح ُ‬ ‫اإليمان))(((؛ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان(((‪.‬‬ ‫حج ُزه عنها؛ فصار بذلك ِم َن‬
‫المعاصي‪ ،‬و َي ُ‬
‫عن َ‬ ‫َي َ‬
‫قط ُع صاح َبه ِ‬

‫السلف والعلماء يف احلياء‪:‬‬


‫أقوال َّ‬
‫ضي الل ُه عنه‪َ ( :‬من َق َّل َحياؤُ ه َق َّل َو َر ُعه‪ ،‬و َمن َق َّل َو َر ُعه مات ق ْل ُبه)(((‪.‬‬
‫مر َر َ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬

‫((( ((تفسير اآللوسي)) (‪.)344/4‬‬


‫((( ((تفسير الثعالبي)) (‪.)19/3‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)3484‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)35‬‬
‫((( ((معالم السنن)) للخطابي (‪.)312/4‬‬
‫((( أخرجه الطبراني في ((المعجم األوسط)) (‪ ،)2259‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪)4994‬‬
‫الله عنه‪ .‬قال الطبراني‪ :‬ال يروى هذا الحديث عن عمر إال‬
‫ضي ُ‬‫من حديث األحنف بن قيس َر َ‬
‫بهذا اإلسناد‪ ،‬تفرد به بن عائشة أحمد بن مجاهد القطان‪ .‬وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد))‬
‫(‪ :)305/10‬فيه دويد بن مجاشع ولم أعرفه‪ ،‬وبقية رجاله ثقات‏‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الزهدَ‬
‫وجدَ ا فيه ُّ‬ ‫القلب‪ْ ،‬‬ ‫واألنس يطر ِ‬
‫الحيا َء ُ‬ ‫الس ِر ُّي‪َّ :‬‬
‫فإن َ‬ ‫َ‬ ‫قان‬ ‫َ َ ُ‬ ‫(إن َ‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫والور َع َّ‬
‫وإل َر َح َل)(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫كون فيه قو ُة ُخ ُل ِق الح ِ‬
‫ياء‪ ،‬وق َّل ُة‬ ‫ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫حس ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫القلب َي ُ‬ ‫حياة‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬وعلى َ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ياء َأ َت َّم)(((‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫ياء ِمن م ِ‬
‫القلب َأ ْح َيى كان َ‬
‫الح ُ‬ ‫ُ‬ ‫وح؛ فك َّلما كان‬
‫والر ِ‬ ‫ِ‬
‫القلب ُّ‬ ‫وت‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أقسام َ‬
‫احلياء(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪1-1‬ح ِ‬
‫ياء‬ ‫طري‪ :‬وهو الذي ُيو َلدُ مع اإلنسان ُم ِّ‬
‫تزو ًدا به‪ ،‬ومن أمثلته‪َ :‬ح ُ‬ ‫ياء ف ٌّ‬
‫َ ٌ‬
‫اس‪ ،‬وهذا النوع ِمن الح ِ‬
‫ياء ِم ٌ‬ ‫أمام ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫نحة أعطاها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فل عندما َتنكش ُف َعور ُته َ‬ ‫الط ِ‬
‫لع ِ‬
‫باده‪.‬‬ ‫الله ِ‬
‫ُ‬
‫منعه ِمن فِعل ما‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫المسلم من دينه‪ ،‬ف َي ُ‬
‫ُ‬
‫‪2-2‬حياء مكتَسب‪ :‬وهو الذي ي ِ‬
‫كتس ُبه‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ ُ َ‬
‫حيث أ َمره‪.‬‬ ‫حيث نهاه‪ ،‬أو ي ِ‬
‫فقدَ ه ُ‬ ‫الله ُ‬ ‫شرعا؛ مخاف َة ْ‬
‫أن َيراه ُ‬ ‫ذم ً‬
‫َ‬ ‫ُي ُّ‬
‫ِمن فوائد احليا ِء وفضائِله‪:‬‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫ياء ِمن ِخ ِ‬
‫صال‬ ‫الح ُ‬
‫ ‪َ -‬‬
‫الله سبحا َنه وتعالى‪.‬‬‫عصية خج ًل ِم َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬
‫َ‬ ‫ ‪َ -‬ه ْج ُر َ‬
‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬ ‫بواز ِع الحب ِ‬
‫لله َّ‬ ‫اعة ِ‬ ‫الط ِ‬ ‫اإلقبال على َّ‬ ‫ُ‬
‫ُ ِّ‬ ‫ ‪-‬‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫ضائ ِح الدُّ نيا‬ ‫بعدُ عن َف ِ‬ ‫ ‪-‬ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫ب‬ ‫كل ُش َع ِ‬‫أص ُل ِّ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫يؤذي َمن‬ ‫خ ُّل بالم ِ‬
‫روءة وال َّت ِ‬
‫وقير‪ ،‬وال ْ‬ ‫ ‪-‬ي ْكسو المرء الوقار‪ ،‬فال يفع ُل ما ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫اإلكرام(((‪.‬‬ ‫ي ِ‬
‫ستح ُّق‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه القشيري في ((رسالته)) (‪ )368/2‬عن أبي العباس المؤدب رحمه الله‪.‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)259/2‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لحسن المرسي (ص‪.)146 :‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)1814/5‬‬
‫‪106‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫الله في الدُّ نيا‬ ‫ ‪-‬م ِن استَحى ِم َن ِ‬
‫الله ست ََر ُه ُ‬ ‫َ‬
‫الله ِ‬
‫وعندَ ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫حبوبين ِعندَ ِ‬ ‫الم‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ ‪ُ -‬ي َعدُّ صاح ُبه م َن َ‬
‫كل َقبيحٍ م ٍ‬
‫كروه(((‪.‬‬ ‫حبوب‪ ،‬وال َّتخ ِّلي عن ِّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جميل َم‬ ‫ ‪َ -‬يد َف ُع المر َء إلى ال َّتح ِّلي ِّ‬
‫بكل‬
‫َ‬
‫ِمن ُص َور َ‬
‫احليا ِء‪:‬‬
‫•• ِمن ص َو ِر َ‬
‫احليا ِء احملمو ِد‪:‬‬
‫عل ما َأ َمر‪ ،‬واجتِ ِ‬
‫ناب ما‬ ‫ومراقبتِه‪ ،‬وفِ ِ‬ ‫الله‪ :‬وذلك َ ِ‬
‫بالخوف منه‪ُ ،‬‬
‫ ‪-‬الحياء ِم َن ِ‬
‫َ ُ‬
‫َن َهى عنه‪.‬‬
‫أن المالئك َة معه‪،‬‬ ‫من َّ‬ ‫ِ‬ ‫الئكة‪ :‬وذلك ِعندَ ما َي‬
‫ِ‬ ‫ ‪-‬الح ِ‬
‫المؤ ُ‬‫ستشع ُر ْ‬ ‫الم‬
‫ياء م َن َ‬ ‫َ ُ‬
‫أه َله‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل أوقاتِه‪ ،‬وال ُي ِ‬ ‫ُيرافِقو َنه في ِّ‬
‫فارقونه َّإل عندَ الغائط وعندَ ما يأتي ْ‬
‫من َيستَحي أن‬ ‫ِ‬ ‫دليل على م ِ‬ ‫اس‪ :‬وهو ٌ‬ ‫ياء ِم َن ال َّن ِ‬
‫فالمؤ ُ‬
‫ْ‬ ‫اإلنسان؛‬ ‫روءة‬ ‫ُ‬ ‫الح ُ‬
‫ ‪َ -‬‬
‫بيده‪ ،‬وكذلك يستَحي ِمن أن َت ِ‬
‫نكش َ‬
‫ف َع ْورا ُته‬ ‫رين‪ ،‬سواء ِبلسانِه أو ِ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫اآلخ َ‬ ‫يؤ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫اس‪.‬‬‫ف َي َّطل َع عليها ال َّن ُ‬
‫ِ‬
‫أنظار‬ ‫اإلنسان ُم ِ‬
‫نفر ًدا بعيدً ا عن‬ ‫ُ‬ ‫س‪ :‬وذلك ِعندَ ما َي ُ‬
‫كون‬ ‫ياء ِم َن ال َّن ْف ِ‬
‫الح ُ‬
‫ ‪َ -‬‬
‫نوب واآلثا ِم؛ َحيا ًء ِمن ن ْف ِسه ا َّلتي ْبين َجن َب ِيه‪،‬‬
‫الذ ِ‬ ‫عن اقتِ ِ‬
‫راف ُّ‬ ‫اس‪ ،‬ف َيستَحي ِ‬ ‫ال َّن ِ‬
‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬ ‫وهذا الحياء يثبِ ُت حقيق َة الح ِ‬
‫ياء ِم َن ِ‬
‫الله َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫بإكرامه‪.‬‬ ‫والمبادر ُة‬ ‫ ‪-‬الحياء ِم َن َّ ِ‬
‫الضيف‪ُ ،‬‬ ‫َ ُ‬

‫ُ‬
‫يرفضه اإلسالم‪:‬‬ ‫ذموم الذي‬‫َ‬ ‫َ‬
‫•• ِمن ُص َور اخل َج ِل امل ِ‬
‫ُ‬
‫مدافعة هذا‬ ‫وخاص ًة إذا تع َّلق بأ ْمر ِديني؛ ف َينبغي‬
‫َّ‬
‫لب ِ‬
‫العلم‪:‬‬ ‫الخجل من َط ِ‬
‫ ‪َ -‬‬
‫عوة إلى ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫العلمي أو الدَّ ِ‬ ‫جل ‪-‬الذي يسمى حياء‪ -‬المان ِع من ال َّتحصيل ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫َ‬
‫ُ َّ َ ً‬

‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)491/2‬‬


‫‪107‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫سواء عند الر ِ‬


‫جال أو النِّساء(((‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ِّ‬
‫المسلم‬
‫َ‬ ‫فالحياء ال يمنع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والنهي عن المنكر‪:‬‬ ‫ِ‬
‫األمر بالمعروف‬ ‫جل ِمن‬
‫الخ ُ‬
‫ ‪َ -‬‬
‫ينهى عن المنكر؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯙ ﯚ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن أن َ‬
‫يأمر بالمعروف أو َ‬
‫يقول الحقَّ ‪ ،‬أو َ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝﮊ [األحزاب‪.]53 :‬‬

‫وخوره‬
‫ُ‬ ‫فمن د َف َعه خج ُله‬
‫الشرع؛ َ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬الخجل المؤ ِّدي إلى فِعل ٍ‬
‫أمر َن َهى عنه‬
‫واجب في الدِّ ين بزعم الح ِ‬
‫ياء‪ ،‬فليس‬ ‫ٍ‬ ‫الشرع‪ ،‬أو إلى ْترك‬ ‫إلى فِعل ٍ‬
‫أمر َنهى عنه‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫يتر َك الصال َة‬ ‫ِ‬ ‫َح ِي ًّيا‬
‫شرعا‪ ،‬وإنما هذا ُي َعدُّ ضع ًفا ومهانة؛ فليس من الحياء أن ُ‬
‫ً‬
‫يوف ِعندَ ه حتى فات ْته الصال ُة‪ ،‬وهكذا‪.(((...‬‬
‫بسبب ُض ٍ‬
‫ِ‬ ‫الواجب َة‬

‫احليا ِء‪:‬‬ ‫ظاه ِر َّ‬


‫قل ِة َ‬ ‫ِمن َم ِ‬
‫وف ِمن ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫الخ ِ‬ ‫بالذ ِ‬
‫نوب والمعاصي‪ ،‬وعدَ ُم َ‬ ‫جاهر ُة ُّ‬
‫الم َ‬
‫َ‬ ‫ ‪ُ -‬‬
‫الض ِّيق َة‬
‫األجسام‪ ،‬أو َّ‬ ‫المالبس ا َّلتي َت ِص ُف‬ ‫ِ‬
‫العاريات‬ ‫ِ‬
‫الكاسيات‬ ‫ ‪ُ -‬لبس الن ِ‬
‫ِّساء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫المفتوحة ِم َن األعلى َ‬
‫واأل ِ‬
‫سفل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أو‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رين‪.‬‬ ‫جر ُح َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ ‪-‬ال َّت ُّلف ُظ باأللفاظ ال َبذيئة َّ‬
‫والس ِّيئة ا َّلتي َت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وجي ِة‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ِل مع َغ ِيره‬
‫الخاصة ا َّلتي َت ُ‬
‫حص ُل ْبينه‬ ‫َّ‬ ‫واألمور‬ ‫الز َّ‬
‫باألسرار َّ‬ ‫ ‪َ -‬ك ُ‬
‫الم َّ‬
‫وبين َزوجتِه‪.‬‬
‫ْ‬
‫رات‪.‬‬‫ ‪-‬عدَ م س ِتر العو ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫ساب َ‬
‫احليا ِء‪:‬‬ ‫وانع اك ِت ِ‬
‫ِمن َم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اقص‪( :‬يا َبني ُأ َم َّي َة‪ ،‬إ َّي ُاكم والغنا َء؛ فإ َّنه َي ُنق ُ‬
‫ص‬ ‫الوليد ال َّن ُ‬
‫بن َ‬‫ناء؛ قال َيزيدُ ُ‬
‫ ‪-‬الغ ُ‬

‫((( ((المرأة المسلمة المعاصرة‪ ..‬إعدادها ومسؤوليتها في الدعوة)) ألحمد أبا بطين (ص‪-388 :‬‬
‫‪.)389‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لحسن السعيد (ص‪.)155 :‬‬
‫‪108‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫المروء َة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الحياء‪ ،‬ويزيدُ في َّ ِ‬


‫الشهوة‪ ،‬و َيهد ُم ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحيا َء ا َّلذي هو َّ‬
‫ماد ُة‬ ‫والمعاصي ُتذه ُب َ‬
‫َ‬ ‫نوب‬ ‫فإن ُّ‬
‫الذ َ‬ ‫المعاصي؛ َّ‬ ‫كاب َ‬
‫ ‪-‬ارت ُ‬
‫كل َخ ٍير(((‪.‬‬
‫وأصل ِّ‬
‫ُ‬ ‫لب‪،‬‬ ‫ح ِ‬
‫ياة ال َق ِ‬ ‫َ‬

‫من الوسائل املُ ِع ِ‬


‫ينة على اك ِتساب احليا ِء‪:‬‬
‫شعار‬‫ِ‬ ‫كل ِح ٍ‬
‫ومراقب ُته في ِّ‬ ‫والخ ُ‬ ‫أوامر ِ‬
‫الله سبحا َنه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬ا ِّت ُ‬
‫ين‪ ،‬واست ُ‬ ‫وف منه‪ُ ،‬‬ ‫باع‬
‫َم ِع َّيتِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫باع س َّن ِة ال َّنبي ص َّلى ُ ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪ ،‬واالقت ُ‬
‫داء به‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ ‪-‬ا ِّت ُ ُ‬
‫رين‪.‬‬ ‫الله سبحا َنه وتعالى‪ ،‬وعدَ م َتتب ِع َعو ِ‬
‫رات َ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪َ -‬غ ُّ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ُ ُّ ْ‬ ‫حر َم ُ‬
‫عما َّ‬
‫البصر َّ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ألن الصبر على الب ِ‬
‫عد ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ُبر ِ‬
‫الزمة‬ ‫ين على ُم‬
‫عن المعصية ُيع ُ‬ ‫ُ‬ ‫عن المعصية‪َ َّ َّ :‬‬ ‫ ‪َّ -‬‬
‫الح ِ‬
‫ياء‪.‬‬ ‫َ‬
‫األوالد على الح ِ‬
‫ياء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ ‪ُ -‬‬
‫تربية‬
‫َ‬
‫فة الح ِ‬‫بص ِ‬
‫سة من ي َّت ِص ُف ِ‬
‫ياء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ ‪ُ -‬مجا َل ُ َ َ‬
‫مناذج للحياء‪:‬‬
‫ُ‬
‫ ‪-‬قال الله تعا َلى عن آ َد َم َ‬
‫وح َّوا َء‪ :‬ﮋ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫َ‬
‫اإلنسان‬ ‫ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ‪...‬ﮊ [األعراف‪ ،]22 :‬وهذا يدُ ُّل على َّ‬
‫أن‬
‫طرة‪ ،‬بل هي ِم َن ا ِّتبا ِع َّ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‪.‬‬ ‫للف ِ‬
‫نافية ِ‬ ‫ياء‪ ،‬وأما ِق َّل ُة الح ِ‬
‫ياء فهي ُم ٌ‬ ‫مفطور على الح ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الناس َحيا ًء؛ فقدْ كان َ‬
‫((أشدَّ َحيا ًء‬ ‫الله عليه وس َّل َم أشدَّ‬
‫النبي ص َّلى ُ‬
‫ ‪-‬وكان ُّ‬
‫من الع ِ‬
‫ذراء في ِخ ِ‬
‫درها))(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( ((روح المعاني)) لأللوسي (‪.)68/11‬‬


‫((( ((الجواب الكافي)) البن القيم (ص‪.)68 :‬‬
‫الله عنه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دري رض َي ُ‬
‫الخ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ومسلم (‪ )2320‬من حديث أبي َسعيد ُ‬ ‫خاري (‪،)3562‬‬ ‫((( أخرجه ال ُب‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫‪109‬‬
‫ءايحلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫دخ ُل َبيتي ا َّلذي ُدفِن فيه‬ ‫(كنت َأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫الله عنها؛ قالت‪:‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬ومن َحياء عائش َة َر َ‬
‫قول‪ :‬إ َّنما هو َز ْوجي‬ ‫وأ ُ‬‫وأبي‪َ ،‬فأ َض ُع َثوبي‪َ ،‬‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫فوالله ما َدخ ْل ُت َّإل وأنا َمشْ دود ٌة ع َل َّي ثيابي؛ َحيا ًء‬ ‫معهم‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫فلما ُدفن ُع َم ُر ُ‬
‫وأبي‪َّ ،‬‬
‫مر)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من ُع َ‬
‫َ‬
‫احلياء يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫ولـــم تَســـتَحي فاصن َْع ما تَشـــا ُء‬ ‫ـــش ِ‬
‫عاقبـــ َة ال َّليالـــي‬ ‫إذا لـــم ت ْ‬
‫َخ َ‬
‫قـــي ال ِّلحا ُء‬
‫َ‬ ‫و َيب َقـــى ال ُعو ُد مـــا َب‬ ‫المر ُء مـــا اســـت َْحيا َب ٍ‬
‫خير‬ ‫ُ‬
‫عيـــش َ‬ ‫َي‬
‫فار َقـــ ُه َ‬
‫الحيـــا ُء‬ ‫الوجـــ ُه َ‬
‫إذا مـــا َ‬ ‫المـــر ُء َخ ٌير‬ ‫َ‬
‫عيـــش َ‬ ‫وما فـــي ْ‬
‫أن َي‬

‫ ‪-‬وقال َ‬
‫آخ ُر‪:‬‬
‫ِ‬
‫ضـــل الكَريـــ ِم َحياؤ ُه‬ ‫َيـــدُ ُّل على َف‬ ‫َ‬
‫يـــك فإنَّما‬ ‫َحيـــا َءك فاح َف ْظـــ ُه ع َل‬
‫وال َخيـــر في وج ٍ‬
‫ـــه إذا َق َّ‬ ‫ِ‬
‫جـــه َق َّ‬
‫ماؤ ُه‬
‫ـــل ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ياؤ ُه‬
‫ـــل َح ُ‬ ‫إذا َق َّل مـــا ُء َ‬
‫الو‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ )25660‬واللفظ له‪ ،‬والحاكم (‪ .)4402‬صححه الحاكم على شرط الشيخين‪،‬‬
‫وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ ،)29/8‬واأللباني في ((تخريج المشكاة)) (‪:)1712‬‬
‫رجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الرَّحمة‬

‫محة‪:‬‬
‫الر ِ‬
‫معنى َّ‬
‫الر ُ‬
‫حمة‪،‬‬ ‫راد بها ما َت َق ُع به َّ‬ ‫عط ُف‪ .‬وقد ُتط َل ُق َّ‬
‫الر ُ‬
‫حمة و ُي ُ‬ ‫الرحم ُة ُلغ ًة‪ِّ :‬‬
‫الر َّق ُة وال َّت ُّ‬ ‫َّ‬
‫والغ ِ‬
‫يث(((‪.‬‬ ‫زق َ‬ ‫حمة على الر ِ‬ ‫كإطالق الر ِ‬
‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ستعم ُل تار ًة‬
‫المرحو ِم‪ ،‬وقد ُت َ‬ ‫َ‬
‫اإلحسان إلى َ‬ ‫اصطالحا‪ِ :‬ر َّق ٌة َتقتَضي‬
‫ً‬ ‫الرحم ُة‬ ‫َّ‬
‫الر َّق ِة(((‪ .‬وقيل‪ :‬هي ِر َّق ٌة في‬ ‫جر ِد ِ‬
‫عن ِّ‬
‫ِ‬
‫جردة‪ ،‬وتار ًة في اإلحسان ُ‬
‫الم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر َّقة ُ‬
‫الم َّ‬ ‫في ِّ‬
‫الخ ِير لِ َمن َتتعدَّ ى إليه(((‪.‬‬
‫وق َ‬ ‫فس َت َبع ُث على َس ِ‬‫ال َّن ِ‬

‫محة‪:‬‬
‫الر ِ‬ ‫َ‬
‫مقتضى َّ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حمة ِص ٌ‬
‫(الر ُ‬
‫العبد‬ ‫ِ‬
‫صالح إلى‬ ‫المناف ِع َ‬
‫والم‬ ‫إيصال َ‬ ‫فة َتقتَضي‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪َّ :‬‬
‫قال ُ‬
‫اس بك‬ ‫الحقيقي ُة‪َ ،‬فأ َ‬
‫رح ُم ال َّن ِ‬ ‫َّ‬ ‫الر ُ‬
‫حمة‬ ‫وإن ِ‬
‫كر َه ْتها ن ْف ُسه وش َّق ْت عليها‪ ،‬فهذه هي َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضار عنك)(((‪.‬‬‫الم ِّ‬‫إيصال َمصالح َك ود ْف ِع َ‬ ‫َمن َشقَّ عليك في‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫محة يف ال ُق ِ‬
‫رآن ُّ‬ ‫التغيب َ‬
‫واحل ُّث على َّ‬
‫الر ِ‬ ‫َّ‬
‫تبارك وتعالى‪ :‬ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﮊ‬ ‫الله َ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ين على ِص ِ‬ ‫ين الم ِ‬
‫شتم َل ِ‬
‫فة‬ ‫االسم ِ ُ‬
‫َ‬ ‫بهذ ِ‬
‫ين‬ ‫الله ن ْف َسه َ‬
‫سمى ُ‬ ‫[الفاتحة‪ ،]3 ،2 :‬فقد َّ‬
‫حيم‪ :‬وهو‬ ‫الر ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ِ‬
‫الر ُ‬
‫قيق‪َّ ،‬‬ ‫(الرحمن‪ :‬وهو َّ‬
‫ُ‬ ‫عنهما‪:‬‬
‫الله ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫الرحمة‪ ،‬قال ُ‬
‫َّ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)1929/5‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)498/2‬لسان‬
‫العرب)) البن منظور (‪.)230/12‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (‪.)347/1‬‬
‫((( ( (التحرير والتنوير)) البن عاشور (‪.)21/26‬‬
‫((( ((إغاثة اللهفان)) البن الق ِّيم (‪.)174/2‬‬
‫‪111‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫أحدُ هما َأر ُّق ِمن َ‬


‫اآلخ ِر)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العاطِ ُف على َخ ِ‬
‫لقه بالر ِ‬
‫زق‪ ،‬وهما اسمان رقيقان َ‬ ‫ِّ‬

‫وبة ال َّت ِائ َ‬


‫سيئين؛‬ ‫جاو َز ِ‬ ‫بول َت ِ‬
‫كمال رحمتِه َق َ‬
‫أن ِمن ِ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫ومن ذلك ُ‬
‫بيان َّ‬
‫الم َ‬ ‫عن ُ‬ ‫بين‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉﮊ [البقرة‪،]37 :‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ﮋﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮊ [التوبة‪.]102 :‬‬
‫سول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫الله عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال َر ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بن َب ٍ‬ ‫وعن ال ُّن ِ‬
‫عمان ِ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫‪-‬ر َ‬
‫شير َ‬
‫الج َس ِد؛‬ ‫نين في َتراح ِم ِهم و َتوا ِّد ِهم و َت ُ ِ‬
‫عاطف ِهم َ‬
‫كم َث ِل َ‬ ‫ُ‬ ‫الم ْؤ ِم َ‬ ‫ِ‬
‫ع َليه وس َّل َم‪َ (( :‬ت َرى ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالس َه ِر ُ‬
‫والح َّمى))(((‪.‬‬ ‫داعى ُله سائ ُر َج َسده َّ‬ ‫إذا اشت ََكى ُع ْض ٌو َت َ‬

‫الله عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ِ‬ ‫مرو ِ‬ ‫بن َع ِ‬ ‫عبد ِ‬


‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫‪-‬ر َ‬ ‫العاص َ‬ ‫بن‬
‫أه َل‬ ‫اح َ‬‫الله ع َل ِيه وس َّلم‪(( :‬الر ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫‪ ‬الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫حمن‪ْ ،‬ار َح ُموا ْ‬
‫الر ُ‬
‫رح ُم ُه ُم َّ‬
‫مون َي َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫رض‪ ،‬يرحم ُكم من في الس ِ‬ ‫َ‬
‫ماء))(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫األ ِ َ َ ُ ْ َ‬

‫الرمحة‪:‬‬
‫أقسام َّ‬
‫املدح َّ‬
‫والذ ُّم‪:‬‬ ‫أقسامها ِمن حيث ُ‬
‫•• ُ‬
‫ذموم‪.‬‬ ‫إن في ُخ ُل ِق الر ِ‬
‫َّ‬
‫محمود ‪-‬وهو األصل‪ ،-‬وما هو َم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫حمة ما هو‬ ‫َّ‬
‫وس َّن ِة المصطفى‬ ‫المحمود فهو ما َذ َكرناه آنِ ًفا واستَد َل ْلنا عليه ِمن ِك ِ ِ‬
‫تاب الله ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّأما‬
‫إعادة ِذ ِ‬
‫كره هنا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم بما ُيغني عن‬
‫ص َّلى ُ‬
‫هاو ٌن في َت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫حص َل بسببِه‬
‫طبيق‬ ‫تعطيل لشر ِع الله أو َت ُ‬ ‫ذموم‪ :‬فهو ما َ‬
‫الم ُ‬‫وأما َ‬
‫ ‪َّ -‬‬

‫((( أخرجه البيهقي في ((األسماء والصفات)) (‪.)82‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )6011‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2586‬‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪ )4941‬واللفظ له‪ ،‬والترمذي (‪ ،)1924‬وأحمد (‪ .)6494‬قال الترمذي‪:‬‬
‫حسن صحيح‪ .‬وصححه العراقي في ((األربعون العشارية)) (‪.)125‬‬
‫‪112‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ستح ُّق به حدًّ ا‪ ،‬ف ُي ِ‬‫ارتكب جرما ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫حاو ُل‬ ‫كمن ُيشف ُق على َم ِن َ َ ُ ْ ً َ‬ ‫ُحدوده وأوام ِره‪َ ،‬‬
‫الخ ْل ِق‪ ،‬وليس هو ِم َن الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ذلك ِمن‬
‫حمة في‬ ‫َّ‬ ‫رحمة َ‬ ‫حس ُب َّ‬
‫فو عنه‪ ،‬و َي َ‬ ‫إقا َلتَه َ‬
‫والع َ‬
‫المذنِ ِ‬ ‫َش ٍ‬
‫أفة هي َز ْج ُره عن َغ ِّيه‪َ ،‬‬
‫ور ُّده‬ ‫والر ُ‬
‫ب‪َّ ،‬‬ ‫حمة هي ُ‬
‫إقامة الحدِّ على ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫يء؛ ِ‬
‫بل َّ‬
‫َطبيق حك ِم ِ‬
‫الله فيه‪.‬‬ ‫عن َبغْ ِيه بت ِ ُ‬
‫وه ِ‬
‫الكه‪ ،‬كما‬ ‫المرحو ِم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذمومة ما َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كون سب ًبا في فساد َ‬ ‫الم‬
‫الرحمة َ‬ ‫ ‪-‬وم َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وعقوبتِهم رحم ًة بهم‪َ ،‬‬
‫وعط ًفا‬ ‫رك ِ‬
‫تربية األبناء وتأديبِهم ُ‬ ‫اآلباء ِمن َت ِ‬ ‫كثير ِم َن‬
‫فع ُل ٌ‬‫َي َ‬
‫شعرون‪.‬‬ ‫وه ِ‬ ‫ِ‬
‫فساد ِهم َ‬
‫وهم ال َي ُ‬
‫الكهم ُ‬ ‫تسببون في‬‫عليهم‪ ،‬ف َي َّ‬

‫أقسامها ِمن حيث ال َغريز ُة واالك ِت ُ‬


‫ساب‪:‬‬ ‫•• ُ‬
‫حمة ا َّلتي ي َّت ِص ُف بها العبدُ َنو ِ‬
‫عان‪:‬‬ ‫(والر ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الله َ ِ ِ‬
‫وج َع َل في ُقلوبِ ُ‬
‫هم‬ ‫بعض العباد عليها‪َ ،‬‬ ‫رحمة َغريز َّي ٌة‪ ،‬قد َج َب َل ُ‬
‫ٌ‬ ‫األو ُل‪:‬‬
‫وع َّ‬‫ال َّن ُ‬
‫الخ ْل ِق‪.‬‬
‫نان على َ‬ ‫والرحم َة َ‬
‫والح َ‬ ‫الرأف َة َّ‬‫َّ‬
‫جع ُل ق ْل َبه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كتسبها العبدُ بس ِ‬
‫لوكه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫طريق ووسيلة َت َ‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫رحمة َي ُ‬ ‫وع ال َّثاني‪:‬‬
‫وال َّن ُ‬
‫على هذا الو ِ‬
‫صف)(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫محة وآثا ُرها‪:‬‬ ‫فوائ ُد َّ‬
‫الر ِ‬
‫فأه ُلها َمخصوصون َبرحمتِه؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عر ِ‬
‫ض َلرحمة الله و َمغفرته؛ ْ‬ ‫‪1-1‬أ َّنها ٌ‬
‫سبب لل َّت ُّ‬
‫بخ ْل ِقه‪.‬‬
‫َجزا ًء َلرحمتِهم َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫بخ ُل ٍق َتح َّلى به‬
‫المتح ِّل َي بها َيتح َّلى ُ‬
‫أن ُ‬‫‪َّ 2-2‬‬

‫حب َة ال َّن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِمن ثِ ِ‬


‫اس له‪.‬‬ ‫حب َة الله للعبد‪ ،‬ومن َّ‬
‫ثم َم َّ‬ ‫مارها َم َّ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫سلم م ِ‬
‫متراحما‪.‬‬
‫ً‬ ‫تماس ًكا‬ ‫الم ِ ُ ُ‬
‫المجتمع ُ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫عظيمة َين َبني عليها‬ ‫‪4-4‬أ َّنها َركيز ٌة‬

‫((( ((بهجة قلوب األبرار)) للسعدي (ص‪.)270 :‬‬


‫‪113‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسان ِم َن الر ِ‬


‫حمة َت ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬على َقدْ ِر َح ِّظ‬
‫درج ُته عندَ الله َ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫كون َ‬ ‫َّ‬
‫قول أعداؤُ ه‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫رحمة‪ ،‬ال كما َي ُ‬ ‫دين‬ ‫‪6-6‬في اال ِّت ِ‬
‫صاف بها ٌ‬
‫دليل على َّ‬
‫اإلسالم ُ‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫فك الدِّ ِ‬
‫ماء!‬ ‫نف وس ِ‬‫إ َّنه ِدين يقوم على الع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َ ُ‬
‫ٍ‬
‫قريب‪،‬‬ ‫يوان‪ٍ ،‬‬
‫بعيد أو‬ ‫إنسان أو ح ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الله؛ ِمن‬
‫‪ُ 7-7‬خ ُل ٌق متَعدٍّ إلى جمي ِع َخ ْل ِق ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫غير ُم ِ‬
‫سل ٍم‪.‬‬ ‫سل ٍم أو ِ‬ ‫ُم ِ‬

‫محة‪:‬‬
‫الر ِ‬
‫ِمن ُص َو ِر َّ‬
‫المش َّق َة لهم‪.‬‬ ‫شأنِه ْ ِ‬
‫قة اإلما ِم َبرعيتِه‪ ،‬و َتج ُّن ُب ما ِمن ْ‬
‫‪1-1‬ش َف ُ‬
‫أن َيجل َب َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وإجهادها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلشقاق على ال َّن ْف ِ‬
‫س‬ ‫ِ‬
‫بادات‪ ،‬وعدَ ِم‬ ‫ط في ِ‬
‫الع‬ ‫‪2-2‬األمر بال َّتوس ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلحسان إليها‪.‬‬ ‫الح ُّث على االستيصاء بالمرأة ً‬
‫خيرا‪،‬‬ ‫‪َ 3-3‬‬
‫والح ُ‬
‫زن إذا أصابهم َمكرو ٌه‪.‬‬ ‫والع ُ‬ ‫ِ‬ ‫الش ُ‬
‫‪َّ 4-4‬‬
‫طف عليهم‪ُ ،‬‬ ‫فقة على األوالد‪َ ،‬‬
‫وغ ِيرهم‪.‬‬ ‫والعم ِ‬
‫ال َ‬ ‫ِ‬ ‫حمة بمن ُهم َ ِ ِ‬
‫العبيد والخدَ ِم ُ َّ‬
‫تحت اليد م َن َ‬ ‫الر ُ َ‬‫‪َّ 5-5‬‬
‫الرمحة‪:‬‬ ‫خلق ُ‬
‫خب ُل ِق َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫األسباب املُ ِع ُ‬
‫ينة على َّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬وال َّتد ُّب ُر في َمعالِ ِمها‪،‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سيرة‬ ‫‪1-1‬القراء ُة في‬
‫ف رحمتِه‪.‬‬ ‫واق ِ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم في م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أسي به ص َّلى ُ‬ ‫وال َّت ِّ‬
‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫عاد عن َذوي ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاظة؛‬ ‫لظة وال َف‬ ‫ومخا َلط ُت ُهم‪ ،‬واالبتِ ُ‬ ‫الر َحماء ُ‬ ‫‪ُ 2-2‬مجا َل ُ‬
‫سة ُّ‬
‫سائه طِ َ‬
‫باع ُهم وأخال َق ُهم‪.‬‬ ‫كتسب ِمن ج َل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فالمرء ي ِ‬
‫ُ َ‬
‫حاولة َغ ِ‬ ‫ِ‬
‫رسه في ُقلوبِهم‪ ،‬ومتى‬ ‫ُ‬ ‫الخ ُل ِق َ‬
‫العظي ِم‪ُ ،‬‬
‫وم‬ ‫األبناء على هذا ُ‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫تربية‬
‫جي ًة له‪.‬‬ ‫َت في ق ْلبِه‪،‬‬ ‫اشئ على الر ِ‬
‫حمة َثبت ْ‬ ‫َن َ ِ‬
‫وأصبح ْت َس َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫شأ ال َّن ُ‬
‫حمة ِ‬‫ديرون بر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله ُدون‬ ‫َ َ‬ ‫الرحماء و َثوابِهم‪ ،‬وأ َّنهم ُه ُم َ‬
‫الج‬ ‫ُ‬
‫معرفة جزاء ُّ‬ ‫‪4-4‬‬

‫‪114‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫مما َيد َف ُع‬ ‫ِ‬


‫القاسية؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوبة ِ‬
‫ومعرفة ُع ِ‬
‫ُ‬ ‫َغ ِيرهم‪،‬‬
‫فإن هذا َّ‬ ‫القلوب‬ ‫ألصحاب‬ ‫الله‬
‫عن ال َق ِ‬
‫سوة‪.‬‬ ‫للر ِ‬
‫حمة‪ ،‬و َير َد ُع ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫المتر ِّت ِبة على ال َّتح ِّلي بهذا ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫حماء‬
‫الر ُ‬‫الخ ُلق‪ ،‬وال ِّثمار ا َّلتي َي ْجنيها ُّ‬ ‫اآلثار ُ‬ ‫ُ‬
‫معرفة‬ ‫‪5-5‬‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫بل‬‫في الدُّ نيا َق َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪6-6‬االختِ ُ‬


‫القلب‬
‫َ‬ ‫ساكين و َذوي الحاجة؛ فإ َّنه َّ‬
‫مما ُير ِّق ُق‬ ‫والم‬
‫بالضعفاء َ‬ ‫الط ُّ‬
‫وغ ِيرهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بهؤالء َ‬ ‫والش َف ِ‬
‫قة‬ ‫ويدْ عو إلى الر ِ‬
‫حمة َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬

‫رح ُم‬ ‫عي ورا َء أسبابِها؛ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عر ُ‬


‫تبارك وتعالى ال َي َ‬
‫فالله َ‬ ‫والس ُ‬
‫ض لرحمة الله‪َّ ،‬‬ ‫‪7-7‬ال َّت ُّ‬

‫َّإل ُّ‬
‫الرحما َء‪.‬‬

‫الرمحة‪:‬‬
‫مناذج يف َّ‬
‫ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬أ َّنها قالت‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنها َز ِ‬
‫وج ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة َر َ‬
‫أح ٍد؟ قال‪:‬‬ ‫للنبي ص َّلى الله عليه وس َّلم‪ :‬هل أتى عليك يوم كان َ ِ‬
‫أشدَّ من يو ِم ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫الع َق ِبة‪ ،‬إذ َع َر ُ‬
‫ضت‬ ‫يوم َ‬
‫لقيت منهم َ‬ ‫لقيت‪ ،‬وكان َ‬
‫أشدُّ ما ُ‬ ‫قيت من َق ِ‬
‫ومك ما ُ‬ ‫((لقد َل ُ‬

‫فانطلقت وأنا‬
‫ُ‬ ‫أردت‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الل‪ ،‬فلم ُي ِج ْبني إلى ما‬ ‫بن ِ‬
‫عبد ُك ٍ‬ ‫ياليل ِ‬
‫عبد َ‬ ‫ابن ِ‬
‫نفسي على ِ‬

‫فرفعت رأسي‪ ،‬فإذا أنا‬


‫ُ‬ ‫َّعالب‪،‬‬ ‫مهموم على وجهي‪ ،‬فلم أست َِفقْ َّإل وأنا ب َق ِ‬
‫رن الث ِ‬ ‫ٌ‬
‫إن الل َه قد َس ِم َع َق َ‬
‫ول‬ ‫ُ‬
‫جبريل‪ ،‬فناداني فقال‪َّ :‬‬ ‫فنظرت فإذا فيها‬
‫ُ‬ ‫بس ٍ‬
‫حابة قد أظ َّل ْتني‪،‬‬ ‫َ‬
‫الج ِ ِ‬
‫ردوا عليك‪ ،‬وقد َب َعث إليك َم َل َك ِ‬ ‫ِ‬
‫شئت فيهم‪.‬‬
‫َأم َره بما َ‬
‫بال لت ُ‬ ‫َقومك لك وما ُّ‬

‫محمدُ ‪ ،‬فقال ذلك فيما ِش َ‬


‫ئت‪ ،‬إن‬ ‫فس َّل َم َّ‬
‫علي ثم قال‪ :‬يا َّ‬
‫ِ‬
‫فناداني َم َل ُك الجبال‪َ ،‬‬
‫الله عليه وس َّلم‪ :‬بل أرجو أن‬
‫النبي ص َّلى ُ‬ ‫األخش َب ِ‬
‫ين‪ .‬فقال ُّ‬ ‫َ‬ ‫شئت أن ُأطبِقَ عليهم‬
‫َ‬

‫‪115‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله ِمن أصالبِهم َمن َيع ُبدُ الل َه َوحدَ ه ال ُي ِ‬


‫شر ُك به َشيئًا))(((‪.‬‬ ‫ُي ِ‬
‫خر َج ُ‬

‫َين لها‪،‬‬‫حم ُل ابنت ِ‬ ‫سكينة َت ِ‬


‫ُ‬ ‫الله عنها‪(( :‬جا َءتْني ِم‬ ‫ضي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬و َت ُ‬
‫عائشة َر َ‬ ‫قول‬

‫ور َف َع ْت إلى فِيها َتمر ًة‬ ‫ٍ ِ‬


‫كل واحدة م ُنهما َت ْمر ًة‪َ ،‬‬ ‫عط ْت َّ‬ ‫ثالث َتم ٍ‬
‫رات‪َ ،‬فأ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َفأ َ‬
‫طع ْم ُتها‬

‫أن َت ُأك َلها ْبي ُنهما‪.‬‬ ‫فش َّق ِ‬ ‫لِ ُ‬


‫ت ال َّتمر َة ا َّلتي كانت تُريدُ ْ‬ ‫تأك َلها‪ ،‬فاست َ‬
‫َطع َم ْتها ابنَتاها‪َ ،‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬فقال‪:‬‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫لرسول ِ‬‫ِ‬ ‫فذك ْر ُت ا َّلذي صن ََع ْت‬‫شأ ُنها‪َ ،‬‬‫َفأعج َبني ْ‬

‫ار))(((‪.‬‬‫الج َّن َة‪ .‬أو‪َ :‬أع َت َقها بها ِم َن ال َّن ِ‬


‫وج َب لها بها َ‬ ‫إن الل َه قد َأ َ‬
‫َّ‬

‫الش َ‬
‫يخ ‪َ -‬يعني ا ْب َن‬ ‫أن َّ‬ ‫علي ال َب َّز ُار‪( :‬وحدَّ َثني َمن َأثِ ُق به َّ‬
‫بن ٍّ‬ ‫مر ُ‬ ‫ُ‬
‫الحافظ ُع ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫بعض ُ ِ‬ ‫األ ِز َّق ِة‪ ،‬فدَ َعا له ُ‬
‫بعض َ‬‫ِ‬
‫وعر َف‬ ‫الفقراء‪َ ،‬‬ ‫مارا َيو ًما في‬ ‫الله عنه كان ًّ‬‫ضي ُ‬ ‫تيمي َة‪َ -‬ر َ‬
‫لده و َد َف َعه إليه‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫الشيخِ ما يعطيه‪ ،‬فنَزَ ع َثوبا على ِج ِ‬ ‫يخ حاجتَه‪ ،‬ولم َي ُك ْن مع َّ‬ ‫الش ُ‬‫َّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫حضر ِعندَ ه َشيء ِم َن ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫فقة)(((‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫يس َر وأنف ْق ُه‪ ،‬واعت ََذ َر إليه من َكونه لم َي ُ ْ‬ ‫بِ ْع ُه بما َت َّ‬

‫الرمحة‪:‬‬
‫وشع ٌر عن َّ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال ِ‬
‫ولكن ْبين َلفظِها و َمعناها ِم َن‬‫ْ‬ ‫مة صغير ٌة‪...‬‬ ‫الرحم َة َك ِل ٌ‬ ‫لوطي‪َّ :‬‬
‫(إن َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الم ْن َف‬
‫ ‪-‬قال َ‬
‫اس‬ ‫ِ‬ ‫والش ِ‬ ‫نظرها‪َّ ،‬‬ ‫مس في َم ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ثل ما ْبين َّ‬ ‫ال َف ْر ِق ِم ُ‬
‫تراح َم ال َّن ُ‬
‫مس في حقيقتها؛ لو َ‬
‫المدامعِ‪،‬‬ ‫ت الج ُ ِ‬ ‫ولق َفر ِ‬
‫هضوم‪َ َ ،‬‬ ‫جائع وال َمغْ ٌ‬ ‫َلما كان ْبي ُنهم‬
‫فون م َن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫بون وال َم‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫جتم ِع كما‬ ‫الم َ‬ ‫حمة َّ‬
‫الشقا َء م َن ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫نوب في المضاجعِ‪ ،‬و َل َم َحت َّ‬ ‫الج ُ‬ ‫طمأ َّنت ُ‬ ‫ول َ‬
‫بح ِمدا َد َّ‬
‫الظال ِم)(((‪.‬‬ ‫الص ِ‬
‫سان ُّ‬ ‫َيمحو لِ ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3231‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1795‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2630‬‬
‫((( ((األعالم العلية في مناقب ابن تيمية)) لسراج الدين (ص‪.)65 :‬‬
‫((( ((مؤلفات مصطفى لطفي المنفلوطي الكاملة)) (ص‪.)88 :‬‬
‫‪116‬‬
‫محَّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الحافظ َزين الدِّ ِ ِ‬


‫راقي‪:‬‬
‫ين الع ُّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫المسكين ْ ِ‬ ‫كنت ال تَرحم ِ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫لـــك ال َعدَ ما‬ ‫إن َعدما وال ال َف َ‬
‫قير إذا َي ْشـــكُو‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫إن َ‬
‫ِ (((‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحمـــ ُن َمن َرحما‬ ‫رح ُم َّ‬
‫حمن رحمتَه وإنَّما َي َ‬ ‫فكيف ت َْرجو مـــ َن َّ‬

‫((( ((صيد األفكار)) لحسين بن محمد المهدي (‪.)171/2‬‬


‫‪117‬‬
‫فِّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الرِّفق‬

‫فق‪:‬‬
‫الر ِ‬
‫معنى ِّ‬
‫ف(((‪.‬‬ ‫ورفِقَ ‪َ :‬ل َط َ‬
‫ور ُفقَ َ‬ ‫ِ‬
‫باألمر وله وعليه‪َ ،‬‬
‫فق ُلغ ًة‪ِ :‬ضدُّ الع ِ‬
‫نف‪ُ .‬ي ُ‬
‫قال‪َ :‬ر َفقَ‬ ‫ُ‬ ‫الر ُ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الجانب بال َق ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫باألسهل(((‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫واألخذ‬ ‫والفعل‪،‬‬ ‫ول‬ ‫اصطالحا‪ :‬ل ُ‬
‫ين‬ ‫ً‬ ‫فق‬ ‫ِّ‬
‫األمر َبأحس ِن الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫طف في ِ‬ ‫ِ‬
‫الجانب‪ ،‬وال ُّل ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫جوه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أخذ‬ ‫ين‬ ‫المدارا ُة مع ُّ‬
‫الرفقاء‪ ،‬ول ُ‬ ‫هو ُ‬
‫يس ِرها(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫وأ َ‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫التغيب َ‬
‫واحل ُّث على ِّ‬
‫الرفق يف القرآن ُّ‬ ‫َّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ﮊ [آل عمران‪.]159 :‬‬
‫سول‪ :‬ﮋ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ‬ ‫الر َ‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬وقال سبحا َنه ُمخاط ًبا َّ‬
‫وألِ ْن جان َبك لهم(((‪.‬‬
‫[الشعراء‪ ،]215 :‬أي‪ :‬ار ُفقْ بهم‪َ ،‬‬

‫السالم‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬
‫وسى وهارون عليهما َّ‬ ‫ ‪-‬وقال سبحا َنه ً‬
‫آمرا ُم َ‬
‫فإن ال َق َ‬
‫ول ال َّل ِّي َن‬ ‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮊ [طه‪]44 -43 :‬؛ َّ‬
‫الغليظ ُمن ِّف ٌر عن صاحبِه(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫ول‬ ‫الخ ِ‬
‫شية‪ ،‬وال َق َ‬ ‫للتذك ِر أو َ‬
‫ُّ‬ ‫دا ٍع‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)118/10‬‬


‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)449/10‬‬
‫((( ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (‪.)3170/8‬‬
‫((( ((معالم التنزيل)) للبغوي (‪.)207/6‬‬
‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)506 :‬‬
‫‪118‬‬
‫فِّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪َ (( :‬من‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن َج ٍ‬
‫رير َر َ‬
‫حر ِم َ‬
‫الخ َير))(((‪.‬‬ ‫الر ْفقَ ُي َ‬
‫ُي ْح َر ِم ِّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي الدَّ ْرداء َر َ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫فق فقد ُأعطِ َي َح َّظ ُه ِم َن َ‬‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫فق‬ ‫الخ ِير‪ ،‬و َمن ُح ِر َم َح َّظ ُه م َن ِّ‬ ‫(( َمن أعط َي َح َّظ ُه م َن ِّ‬
‫الخ ِير))(((‪.‬‬‫ُح ِر َم َح َّظ ُه ِم َن َ‬

‫الرفق‪:‬‬
‫السلف وال ُعلما ِء يف ِّ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫عيتِه اشت ََك ْوا ِمن‬ ‫ِ‬
‫أن جماع ًة من َر َّ‬ ‫الله عنه َّ‬
‫ضي ُ‬ ‫اب َر َ‬ ‫الخط ِ‬ ‫َّ‬ ‫بن‬ ‫ ‪َ -‬ب َلغ ُع َ‬
‫مر َ‬
‫َ‬ ‫أن يوا ُفوه‪ ،‬فلما َأ َتوه قام ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم قال‪( :‬أ ُّيها‬ ‫فحمد الل َه وأ ْثنى عليه‪َّ ،‬‬ ‫َّ ْ ُ َ َ‬ ‫ُع َّماله‪ ،‬فأ َم َر ُهم ْ ُ‬
‫الخير‪ ،‬إ َّنه ليس‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والمعاونة على‬ ‫ِ‬
‫بالغيب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫صيحة‬ ‫إن لنا عليكم ح ًّقا‪ :‬ال َّن‬ ‫الر ُ‬
‫عية‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬
‫الرعي ُة‪ ،‬إ َّنه ليس‬ ‫ور ِ‬ ‫فعا ِمن ِحل ِم إما ٍم ِ‬ ‫ِمن ِحل ٍم أحب إلى ِ‬
‫َّ‬ ‫فقه‪ .‬أ ُّيها‬ ‫أع َّم َن ً‬ ‫الله وال َ‬ ‫َ َّ‬
‫الرعي ُة‪ ،‬إ َّنه من‬
‫َّ‬ ‫وخ ْر ِقه‪ .‬أ ُّيها‬‫هل إما ٍم ُ‬ ‫أع َّم َش ًّرا ِمن َج ِ‬‫الله وال َ‬ ‫ض إلى ِ‬ ‫أبغ َ‬‫هل َ‬ ‫ِمن ِج ٍ‬
‫الله العافي َة َمن َفو َقه)(((‪.‬‬ ‫بالعافية لِمن بين ظهرا َنيه يؤتي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يأخذ‬
‫الح ِ‬
‫فق رأس ِ‬ ‫الز َب ِير قال‪( :‬كان ُي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن ُع ْرو َة ِ‬
‫كمة)(((‪.‬‬ ‫الر ُ ُ‬‫قال‪ِّ :‬‬ ‫بن ُّ‬

‫لم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بن ُح ْج ٍر ال َقيسي قال‪( :‬كان ُي ُ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ُح َب ِّي ِ‬


‫اإليمان ُيزَ ِّينُه الع ُ‬ ‫حس َن‬
‫قال‪ :‬ما أ َ‬ ‫ْ ِّ‬
‫فق)(((‪.‬‬‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫العمل ُيزَ ِّينُه ِّ‬ ‫حس َن‬
‫العمل‪ ،‬وما أ َ‬ ‫لم ُيزَ ِّينُه‬‫حس َن الع َ‬ ‫وما أ َ‬
‫الرفق(((‪:‬‬
‫فوائد ِّ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)2592‬‬


‫((( أخرجه الترمذي (‪ )2013‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪ )27553‬بنحوه‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2013‬‬
‫((( أخرجه هناد في ((الزهد)) (‪ ،)602/2‬والطبري في ((التاريخ)) (‪ )578/2‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة (‪ ،)25308‬وأحمد في ((الزهد)) (‪.)274‬‬
‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة (‪.)396/1‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪ )2168/6‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫فِّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الج َّن ِة‪.‬‬‫وصل إلى َ‬ ‫طريق ُم ٌ‬ ‫‪ٌ 1-1‬‬


‫سن اإلسال ِم‪.‬‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫كمال اإليمان‪ُ ،‬‬ ‫دليل‬
‫حب َة ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫حب َة الله‪ ،‬و َم َّ‬ ‫‪ُ 3-3‬يثم ُر َم َّ‬
‫عاو ِن ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫‪4-4‬ينمي روح الم ِ‬
‫حبة وال َّت ُ‬ ‫ُ ِّ ُ َ َ َّ‬
‫سن ُخ ُل ِقه‪.‬‬
‫وح ِ‬ ‫الح العبد‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫دليل على َص ِ‬ ‫‪ٌ 5-5‬‬
‫الغ ِّل والع ِ‬‫نشأ المجتمع سالِما ِم َن ِ‬
‫نف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫فق َي ُ ُ َ ُ‬ ‫بالر ِ‬
‫‪ِّ 6-6‬‬
‫وحكمتِه‪.‬‬ ‫وأناتِه ِ‬ ‫قه صاحبِه‪َ ،‬‬ ‫ليل على فِ ِ‬ ‫‪َ 7-7‬د ٌ‬

‫فق‪:‬‬
‫الر ِ‬
‫ِمن ُص َور ِّ‬
‫س في ِ‬
‫أداء ما ُف ِرض عليه‪.‬‬ ‫فق بال َّن ْف ِ‬
‫الر ُ‬
‫‪ِّ 1-1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس عام ًة؛ ِ‬
‫بل ِ‬
‫عام ُل‬ ‫الجانب‪ ،‬وعدَ ِم الغلظة َ‬
‫والجفاء‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫ين‬ ‫فق مع ال َّن ِ َّ‬
‫الر ُ‬
‫‪ِّ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫ماحة‪.‬‬ ‫بالس‬
‫َّ‬
‫ين؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬
‫عو َ‬
‫بالمدْ ِّ‬
‫فق َ‬ ‫الر ُ‬
‫‪ِّ 3-3‬‬
‫ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮊ [النحل‪.]125 :‬‬

‫عية‪.‬‬
‫بالر َّ‬
‫فق َّ‬‫الر ُ‬
‫‪ِّ 4-4‬‬
‫بالخاد ِم والمم ِ‬
‫لوك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫فق‬
‫َ ْ‬ ‫‪ِّ 5-5‬‬
‫لرج ٍل س َقى َكل ًبا‪،‬‬ ‫بالحيوان؛ ففي ُك ِّل َكبِ ٍد َر ْط ٍبة َأ ْج ٌر‪ ،‬وقد َش َك َر ُ‬
‫الله ُ‬
‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫فق‬ ‫‪ِّ 6-6‬‬
‫فغ َف َر له(((‪.‬‬
‫َ‬

‫هلل ع َلي ِه َّ‬


‫وسل َم وصحابته‪:‬‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫فق َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫َن ُ‬
‫اذج ِمن ِر ِ‬
‫ٍ‬
‫مالك‬ ‫أنس ِ‬
‫بن‬ ‫للجاهل‪ ،‬فعن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعليمه‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم رفي ًقا في‬
‫ ‪-‬كان ص َّلى ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2363‬ومسلم (‪.)2244‬‬


‫‪120‬‬
‫فِّرلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المسجد مع‬ ‫((بينما نحن في‬ ‫الله عنه قال‪ْ :‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫َر َ‬
‫الله ص َّلى‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب‬ ‫ِ‬
‫المسجد‪ ،‬فقال‬ ‫بول في‬‫فقام َي ُ‬ ‫وس َّل َم إ ْذ جا َء‬
‫ُ‬ ‫أعرابي‪َ ،‬‬
‫ٌّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ :‬ال ُت ْز ِر ُمو ُه‪،‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َ :‬م ْه َم ْه‪ .‬قال‪ :‬قال‬ ‫ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َدعا ُه‪ ،‬فقال له‪:‬‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن‬ ‫بال‪َّ .‬‬‫َد ُعو ُه‪ .‬فت ََركوه ح َّتى َ‬
‫لذ ْك ِر ِ‬ ‫ول‪ ،‬وال ال َق َذ ِر‪ ،‬إ َّنما هي ِ‬ ‫لشي ٍء ِمن هذا الب ِ‬ ‫إن هذه َ ِ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المساجدَ ال َتص ُل ُح َ ْ‬ ‫َّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫رآن‪ .‬أو كما قال‬ ‫الق ِ‬ ‫وقرا َء ِة ُ‬
‫الة‪ِ ،‬‬‫َع َّز وج َّل‪ ،‬والص ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫فش َّن ُه عليه))(((‪.‬‬‫ماء َ‬ ‫قال‪َ :‬فأمر رج ًل ِمن ال َقو ِم فجاء بدَ ْل ٍو ِمن ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫كل يو ِم ٍ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬
‫سبت‪،‬‬ ‫العوالي َّ َ‬
‫ذه ُب إلى َ‬
‫الله عنه َي َ‬
‫ضي ُ‬ ‫اب َر َ‬ ‫بن‬
‫مر ُ‬
‫ ‪-‬وكان ُع ُ‬
‫عنه(((‪.‬‬ ‫عم ٍل ال ُي ُ‬
‫طيقه َو َضع ُ‬ ‫عبدً ا في َ‬
‫فإذا َو َجد ْ‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫الر ُ‬
‫فق يف ِ‬ ‫ِّ‬
‫بن ٍ‬
‫بالل‪:‬‬ ‫نتصر ُ‬
‫الم ُ‬‫ ‪-‬قال ُ‬
‫والز َل ُل‬ ‫والخ ْر ُق ِمنـ ُه َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫مما َســـ ْي َلقى ال ُي ْمـــ َن‬
‫نـف َّ‬
‫كون ال ُع ُ‬ ‫ُ‬ ‫صاح ُب ُه‬ ‫الر ْف ُق َّ‬
‫(((‬
‫ِّ‬
‫ ‪-‬وقال ال َّنابِ ُ‬
‫غة‪:‬‬
‫(((‬
‫َجاحا‬ ‫ِ‬ ‫فاســـت َْأ ِن في ِر ْف ٍق ت‬
‫ُـــاق ن َ‬ ‫ْ‬ ‫فـــق ُي ْمـــ ٌن واألَنـــا ُة َســـام ٌة‬
‫الر ُ‬‫ِّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)219‬ومسلم (‪ )285‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه مالك (‪ً )980/2‬‬
‫بالغا‪.‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)215 :‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)202/2‬‬
‫‪121‬‬
‫تَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الستر‬
‫َّ‬

‫رت‪:‬‬ ‫مع َنى َّ‬


‫الس ِ‬
‫وست ًَرا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يء‪ ،‬وهو َمصدَ ُر ست ََر َّ‬ ‫الش ِ‬ ‫الس ُتر ُلغ ًة‪َ :‬ت ُ‬
‫غطية َّ‬
‫الشي َء َيس ُت ُره و َيست ُره َس ْت ًرا َ‬ ‫َّ‬
‫تور‪ ،‬وا َّلذي َتس ُت ُره به ِس ٌتر له(((‪.‬‬ ‫وكل َش ٍ‬
‫يء ست َْر َته َّ‬ ‫أي‪َ :‬غ َّطا ُه أو َأخفا ُه‪ُّ ،‬‬
‫يء َم ْس ٌ‬
‫فالش ُ‬
‫إظهاره‪ ،‬فمن كان معرو ًفا باالستِ ِ‬
‫قامة‬ ‫ِ َ‬ ‫يب‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫الع ِ‬
‫إخفاء َ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الس ُتر‬ ‫َّ‬
‫وستِر عليه(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قوع في المعصية ُنوص َح ُ‬ ‫وحص َل منه ُ‬
‫الو ُ‬ ‫َ‬

‫واحلجاب وال ِغطا ِء(((‪:‬‬


‫السرت ِ‬ ‫رت وال ُغ ِ‬
‫فران‪ ،‬وب َ‬
‫ني ِّ‬ ‫رق ْ‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫الس ِ‬
‫بي َّ‬
‫المؤ ِم ُن‪،‬‬ ‫َّواب‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ستح ُّقه َّإل ْ‬ ‫َ‬ ‫يل الث ِ‬ ‫قاب‪ ،‬و َن َ‬ ‫إسقاط ِ‬
‫الع ِ‬ ‫َ‬ ‫فران‪َ :‬يقتَضي‬‫الغ ُ‬
‫ُ‬
‫أن َيس ُت َر‬ ‫الغ ِ‬
‫فران؛ إ ْذ َي ُ‬
‫جوز ْ‬ ‫ص ِم َن ُ‬
‫والس ُتر‪َ :‬أ َخ ُّ‬ ‫ِ‬
‫البارئ تعالى‪َّ .‬‬ ‫ستعم ُل َّإل في‬
‫وال‪ُ  ‬ي َ‬
‫وال ي ِ‬
‫غف َر‪.‬‬ ‫َ‬
‫جوز أن ُي َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ستور به‪ ،‬و َي ُ‬ ‫ِ‬
‫الم ُ‬ ‫والس ُتر هو َ‬
‫والممنوع به‪ِّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫المانع‬
‫ُ‬ ‫جاب هو‬
‫والح ُ‬
‫ِ‬ ‫الس َتر ال َيمن َُع ِم َن الدُّ‬ ‫وفر ٌق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِحجاب َّ ِ‬
‫خول على‬ ‫آخ ُر‪َّ :‬‬
‫أن ِّ‬ ‫الشيء ما ُقصد َس ُتره‪ْ .‬‬ ‫ُ‬
‫جاب َيمن َُع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫ستور‪ ،‬والح ُ‬ ‫َ‬

‫ملخصا من‪(( :‬المفردات)) للراغب األصفهاني (‪(( ،)396/1‬جمهرة اللغة)) البن دريد (‪،)392/1‬‬
‫ً‬ ‫(((‬
‫((تهذيب اللغة)) لألزهري (‪(( ،)265/12‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)132/3‬المحكم))‬
‫البن سيده (‪(( ،)465/8‬مختار الصحاح)) للرازي (‪(( ،)142/1‬لسان العرب)) البن منظور‬
‫(‪(( ،)343/4‬القاموس المحيط)) للفيروزابادي (‪.)404/1‬‬
‫((( ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (‪(( ،)237/3‬فتح الباري)) البن حجر (‪(( ،)117/5‬فتح‬
‫القوي المتين)) للشيخ عبد المحسن العباد (ص‪.)122 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)288 :‬الكليات)) للكفوي (‪.)666/1‬‬
‫‪122‬‬
‫تَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫رت يف القرآن ُّ‬ ‫التغيب َ‬
‫واحل ُّث على َّ‬
‫الس ِ‬ ‫َّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ختار َ‬
‫ون‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇﮊ [النور‪ ،]19 :‬أي‪َ :‬ي ُ‬
‫ِ‬
‫بالقبيح(((‪.‬‬ ‫ُظ َ‬
‫هور الكال ِم عنهم‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﮊ [الحجرات‪ ،]12 :‬أي‪ُ :‬خ ُذوا ما َظ َهر لكم‪،‬‬
‫الله(((‪.‬‬
‫و َد ُعوا ما َست ََر ُ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫عت‬ ‫ِ‬
‫((سم ُ‬ ‫الله عنه قال‪:‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫عم َل َّ‬
‫الر ُج ُل‬ ‫جاه َر ِة ْ‬
‫أن َي َ‬ ‫الم َ‬ ‫ين‪ِ َّ ،‬‬
‫وإن م َن ُ‬ ‫جاه ِر َ‬‫كل ُأمتي معا ًفى َّإل الم ِ‬
‫ُ‬ ‫وس َّل َم يقول‪ُ َّ ُّ :‬‬
‫الن‪َ ،‬ع ِم ْل ُت ِ‬
‫البارح َة كذا‬ ‫الله ع َل ِيه‪ ،‬ف َي َ‬
‫قول‪ :‬يا ُف ُ‬ ‫ثم ُيصبِ َح وقد َست ََر ُه ُ‬ ‫عم ًل‪َّ ،‬‬ ‫بال َّل ِ‬
‫يل َ‬
‫كش ُف ِس ْتر ِ‬
‫الله عنه))(((‪.‬‬ ‫بات يس ُتره رب ُه‪ ،‬ويصبِح ي ِ‬
‫َ‬ ‫وكذا! وقد َ َ ُ ُ َ ُّ ُ ُ َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫اآلخ ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫عنه ُك ْرب ًة ِمن ُك َر ِ‬ ‫س عن ُم ْؤ ِم ٍن ُك ْرب ًة ِمن ُك َر ِ‬
‫رة‪،‬‬ ‫الله ُ‬
‫س ُ‬ ‫ب الدُّ نيا‪َ ،‬ن َّف َ‬ ‫(( َمن َن َّف َ‬
‫بد‪ ،‬ما كان‬ ‫ون الع ِ‬ ‫والله في َع ِ‬ ‫ُ‬ ‫واآلخ ِ‬
‫رة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الله في الدُّ نيا‬‫و َمن َست ََر على ُم ْس ِل ٍم‪َ ،‬ست ََر ُه ُ‬
‫َ‬
‫خيه))(((‪.‬‬ ‫ون َأ ِ‬ ‫العبدُ في َع ِ‬
‫َ‬
‫رت‪:‬‬
‫الس ِ‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫احلث على َّ‬ ‫أقوال َّ‬
‫أخذت ِ‬
‫شار ًبا ألح َب ْب ُت أن َيس ُت َره‬ ‫الله عنه‪( :‬لو‬
‫ضي ُ‬ ‫الصدِّ ُ‬ ‫ ‪-‬قال أبو ٍ‬
‫ُ‬ ‫يق َر َ‬ ‫بكر ِّ‬
‫أخذ ُت ِ‬
‫سار ًقا ألح َب ْب ُت أن َيس ُت َره ُ‬
‫الله)(((‪.‬‬ ‫الله‪ ،‬ولو ْ‬

‫((( ((تفسير ابن كثير)) (‪.)29/6‬‬


‫((( ((تفسير الطبري)) (‪.)375/21‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )6069‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2990‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2699‬‬
‫مختصرا‪ ،‬وابن أبي شيبة في ((المصنف)) =‬
‫ً‬ ‫((( أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (‪)5783‬‬
‫‪123‬‬
‫تَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫جيش‪ ،‬فقال لج ِ‬ ‫يل بن السم ِ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي َّ ِ‬


‫يشه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ط على‬ ‫الش ْعثاء قال‪( :‬كان ُش َر ْحبِ ُ ُ ِّ ْ‬
‫أرضا كثير َة الن ِ‬
‫صاب منكم حدًّ ا‬‫فمن َأ َ‬‫مر‪َ -‬‬
‫الخ َ‬‫راب ‪-‬يعني‪َ :‬‬‫والش ِ‬ ‫ِّساء َّ‬ ‫إ َّنكم نزَ ْل ُتم ً‬
‫ِ‬
‫أنت ‪-‬ال ُأ َّم‬ ‫اب‪َ ،‬‬
‫فكتَب إليه‪َ :‬‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬
‫مر َ‬ ‫ف ْل َي ْأتنا‪ ،‬فن َُط ِّه َره‪َ ،‬فأتا ُه ٌ‬
‫ناس‪ ،‬ف َب َلغ ذلك ُع َ‬
‫أن يهتِكوا ِستر ِ‬
‫الله ا َّلذي َست ََر ُهم به؟!)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لك‪ -‬ا َّلذي َي ُأم ُر ال َّن َ‬
‫اس ْ َ‬
‫خيه ِستر فال ي ِ‬
‫كش ْف ُه)(((‪.‬‬ ‫ ‪-‬وقال الحسن البصري‪( :‬من كان بينه وبين َأ ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ ُّ َ‬

‫تر َك ِ‬
‫إنكار املن َك ِر‪:‬‬ ‫الس ُ‬
‫رت ال َيعين ْ‬ ‫َّ‬
‫نك ْر َت عليه‬‫وبينه‪ ،‬وإذا َأ َ‬ ‫ِ‬
‫الس ُتر ْتر َك اإلنكار على َمن َتس ُت ُره فيما ْبينك ْ‬ ‫ال َيعني َّ‬
‫الشهاد ُة عليه بذلك كما‬ ‫ت َّ‬ ‫جاز ِ‬
‫جاه َر به‪َ ،‬‬ ‫ثم َ‬ ‫ونصحتَه فلم َينت َِه عن ِ ِ ِ‬
‫قبيح فعله‪َّ ،‬‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬
‫عصية قد‬ ‫واإلنكار في َم‬ ‫ٍ‬
‫عصية قد ان َق َض ْت‪،‬‬ ‫والس ُتر َم َح ُّله في َم‬ ‫َذ َك َر ذلك‬
‫ُ‬ ‫العلماء‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫وإل ر َفعه إلى الحاكم‪ ،‬وليس ِم َن ِ‬ ‫س بها؛ ف َي ِج ُب‬
‫يبة‬ ‫اإلنكار عليه‪َ َ َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫حص َل ال َّت ُّلب ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الواجبة(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صيحة‬ ‫مة‪ ،‬بل ِم َن ال َّن‬ ‫المحر ِ‬
‫ُ َ َّ‬
‫رت‪:‬‬
‫الس ِ‬
‫فوائد َّ‬
‫فة بين ْ ِ‬
‫ُ ِ‬
‫نين‪.‬‬
‫المؤم َ‬ ‫الح ِّب واأل ْل ْ‬
‫شر ُ‬‫‪َ 1-1‬ن ُ‬
‫ِ‬
‫وحا‪،‬‬ ‫تدار َك ن ْف َسه‪ ،‬و َي َ‬
‫توب إلى الله َتوب ًة َن ُص ً‬ ‫‪2-2‬أ َّنه ُي ُ‬
‫عين العاصي على أن َي َ‬
‫وبالعكس‪.‬‬

‫إن بدَ ْت منهم َز َّل ٌة أو َه ْفو ٌة‪،-‬‬ ‫ِ‬


‫الفضل منهم ْ‬ ‫‪-‬وخاص ًة َ‬
‫أهل‬ ‫َّ‬ ‫أن َف ْض َح ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫اس على المعاصي‪.‬‬ ‫وام ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫كثيرا من َع ِّ‬ ‫جر ُئ ً‬ ‫قد ُي ِّ‬

‫=‪ )28664( ‬واللفظ له‪ .‬وصحح إسناده ابن حجر في ((اإلصابة)) (‪.)575/1‬‬


‫((( أخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (‪ ،)9371‬وهناد في ((الزهد)) (‪.)646/2‬‬
‫((( أخرجه الخرائطي في ((مكارم األخالق)) (‪.)441‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪(( ،)97/5‬هذه أخالقنا)) لمحمود الخزندار (ص‪ ،)452 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫تَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫اتر َت ْزكو‪ ،‬و َي ْرضى عنه ُ‬
‫الله‪ ،‬و َيس ُت ُره في الدُّ نيا‬ ‫أن ن ْف َ‬
‫س َّ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬

‫رت‪:‬‬
‫الس ِ‬
‫ِمن ُص َو ِر َّ‬
‫ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫ذك ُر َز َّلته َ‬
‫أمام‬ ‫لق‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫أمام َ‬ ‫‪َ 1-1‬س ُتر المسل ِم َن ْف َسه؛ فال ُي ِّ‬
‫شه ُر خطايا ُه َ‬
‫ؤال ُ‬
‫والف ْتيا(((‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬ولو كانوا أصدقاءه‪َّ ،‬إل على و ِ‬
‫جه الس ِ‬ ‫ال َّن ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫المسل ِم إلخوانِه المسلمين‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪َ 2-2‬س ُتر‬

‫غس َله ورأى فيه َشيئًا َم ِعي ًبا فعليه أن َيس ُت َره و َيك ُت َم أ ْم َره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الم ِّيت؛ فإذا َّ‬
‫‪َ 3-3‬س ُتر َ‬
‫رت ‪:‬‬
‫الس ِ‬
‫فة َّ‬
‫اكتساب ِص ِ‬
‫ِ‬ ‫ال ُوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫الله في الدُّ نيا‬ ‫وأن َمن ستَر أخا ُه الم ِ‬
‫سل َم َست ََره ُ‬ ‫الس ِتر‪َّ ،‬‬ ‫أن َتع َل َم َف َ‬
‫‪ْ 1-1‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ضل َّ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫َشع َر معنَى ُأ ُخ َّو ِة‬
‫أن َتست ِ‬
‫‪ْ 2-2‬‬

‫وز َّل؛ فهل ُت ِح ُّب أن ُت َ‬


‫فض َح ْأم‬ ‫مكان أخيك ا َّلذي َأ َ‬
‫خطأ َ‬ ‫َ‬ ‫أن َت َض َع ن ْف َسك‬
‫‪ْ 3-3‬‬
‫ُتست ََر؟‬

‫بإصالح ن ْف ِسه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫نش ِغ َل العبدُ‬
‫أن َي َ‬
‫‪ْ 4-4‬‬

‫رت يف واحة ِّ‬


‫الشعر‪:‬‬ ‫الس ُ‬
‫َّ‬
‫قال أحمدُ شوقي‪:‬‬
‫الس ِتر‬
‫(((‬ ‫رض م ِ‬ ‫ِ‬
‫تباح الع ِ ُ َ‬
‫نهت َك ِّ‬
‫ِ‬
‫َيع ْش ُم ْس َ‬ ‫ـــترا علـــى َغ ِير ِه‬ ‫ِ ِ‬
‫و َمن لـــم ُيق ْم س ً‬

‫((( ((خلق المؤمن)) لمصطفى مراد (ص‪.)113 :‬‬


‫((( ((ديوان أحمد شوقي)) (ص‪.)262 :‬‬
‫‪125‬‬
‫نيكَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫السَّكينة‬

‫كينة‪:‬‬
‫الس ِ‬‫معنى َّ‬
‫حرك ُته(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحركة؛ َس َك َن َّ‬ ‫السكين ُة ُلغ ًة‪ِ :‬م َن الس ِ‬
‫كون‪ ،‬وهو ِضدُّ‬
‫يء‪ :‬إذا ذه َب ْت َ‬
‫الش ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫بده ِعندَ‬
‫قلب َع ِ‬ ‫قار ا َّلذي ُينز ُله ُ‬
‫الله في ِ‬ ‫والو ُ‬ ‫اصطالحا‪ُّ :‬‬
‫الط َم ُ‬
‫أنينة َ‬ ‫ً‬ ‫السكين ُة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ويوج ُب له زياد َة‬ ‫نزع ُج بعد ذلك لِما َي ِر ُد عليه‪،‬‬
‫ف‪ ،‬فال ي ِ‬
‫َ‬
‫خاو ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اضطرابِه من شدَّ ة َ‬
‫اليقين والث ِ‬
‫َّبات(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقو ِة‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‪َّ ،‬‬
‫السَّنة‪:‬‬ ‫غيب َ‬
‫واحل ُّث على َّ‬
‫السكينة ِمن ُّ‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫عت‬‫سم ُ‬ ‫الله عنه قال‪ِ :‬‬ ‫ضي ُ‬‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير ًة َر َ‬
‫يكم‬ ‫ون وع َل ُ‬ ‫الصال ُة فال َت ْأ ُتوها َتس َع ْو َن‪ْ ،‬‬
‫وأ ُتوها َت ْم ُش َ‬ ‫قول‪(( :‬إذا ُأ ِ‬ ‫وس َّل َم َي ُ‬
‫ْ‬ ‫قيمت َّ‬ ‫َ‬
‫فص ُّلوا‪ ،‬وما فا َت ُكم َفأتِ ُّموا))(((‪.‬‬ ‫كينة‪ ،‬فما َأ َ‬
‫در ْك ُتم َ‬ ‫الس ُ‬ ‫َّ‬
‫ابن عب ٍ ِ‬
‫النبي ص َّلى الله عليه وس َّلم‬
‫اس َرض َي الله عنهما‪(( :‬أ َّنه د َف َع مع ِّ‬ ‫ ‪-‬عن ِ َّ‬
‫يوم َعرف َة‪ِ ،‬‬
‫وصو ًتا‬
‫زجرا شديدً ا وضر ًبا َ‬ ‫الله عليه وس َّلم وراءه ً‬ ‫النبي ص َّلى ُ‬
‫فسم َع ُّ‬‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فإن البِ َّر ليس‬ ‫لإلبِ ِل‪ ،‬فأشار بسوطِه إليهم وقال‪ :‬أيها ال َّناس‪ ،‬عليكم بالس ِ‬
‫كينة؛ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫باإليضاعِ))(((‪.‬‬

‫السكينة‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف َّ‬
‫أقوال َّ‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)323/1‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)88/3‬لسان العرب))‬
‫البن منظور (‪.)211/13‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)503/2‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)908‬ومسلم (‪ )602‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)1671‬‬
‫‪126‬‬
‫نيكَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫وتع َّلموا‬ ‫وع ِّلموه ال َّن َ‬
‫اس‪َ ،‬‬ ‫(تع َّلموا الع َ‬
‫لم َ‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫الخط ِ‬
‫اب َر َ‬ ‫بن َّ‬
‫مر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬
‫والسكين َة)(((‪.‬‬
‫قار َّ‬
‫الو َ‬
‫له َ‬

‫َت إليها‬‫وسكن ْ‬ ‫اط َّ‬


‫مأن بها‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫القلب ْ‬ ‫كينة إذا نزَ َل ْت على‬
‫(الس ُ‬
‫ابن ال َق ِّي ِم‪َّ :‬‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫والح ِ‬
‫كمة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بالص ِ‬
‫واب‬ ‫ت ال ِّل َ‬‫نط َق ِ‬ ‫قار‪َ ،‬‬
‫وأ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫سان َّ‬ ‫الو َ‬
‫وخش َع ْت‪ ،‬واكتَس َبت َ‬ ‫وارح‬
‫الج ُ‬‫َ‬
‫ٍ‬
‫باطل)(((‪.‬‬ ‫واله ْج ِر ِّ‬
‫وكل‬ ‫غو ُ‬ ‫حش وال َّل ِ‬
‫والف ِ‬
‫الخنا ُ‬ ‫وحا َل ْت بينه وبين َق ِ‬
‫ول َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫السكينة‪:‬‬
‫أقسا ُم َّ‬
‫لق‪ ،‬وهي ا َّلتي َي ِجدُ ها العبدُ ِعندَ القيا ِم‬ ‫الخ ِ‬
‫عام َة َ‬ ‫ص َّ‬ ‫‪1-1‬عا َّم ٌة‪ :‬وهي ا َّلتي َت ُخ ُّ‬
‫القلب على‬‫ِ‬ ‫معي َة‬
‫وج َّ‬
‫ضوع‪ُ ،‬‬ ‫والخ َ‬ ‫شوع ُ‬‫الخ َ‬ ‫ور ُث ُ‬ ‫العبود َّي ِة‪ ،‬وهي ا َّلتي ُت ِ‬ ‫ِ‬
‫َبوظائف ُ‬
‫َّ‬
‫وجل(((‪.‬‬ ‫عز‬ ‫الله‪ ،‬بحيث يؤ ِّدي ُعبوديتَه بقلبِه وبدَ نِه قانِ ًتا ِ‬
‫لله َّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪،‬‬ ‫ب ُمتا َبعتِهم‪ ،‬وهي َسكين ُة‬
‫بحس ِ‬
‫الر ُس ِل َ‬ ‫ص َأ َ‬
‫تباع ُّ‬ ‫خاص ٌة‪ :‬وهي ا َّلتي َت ُخ ُّ‬‫‪َّ 2-2‬‬
‫نين‬ ‫الله على ْ ِ‬ ‫والش ِّك؛ ولهذا َأنزَ َلها ُ‬
‫يب َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫القلوب ِ‬ ‫كينة ُت ِّ‬
‫وهي َس ُ‬
‫المؤم َ‬ ‫عن َّ‬ ‫َ‬ ‫سك ُن‬
‫حو َج ما كانوا إليها؛ ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫واطن َأ َ‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫أصعب َ‬‫ِ‬ ‫في‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮊ [الفتح‪:‬‬
‫نود الدَّ ِ‬
‫اخلة فيهم؛ وهي‬ ‫الخارجة عنهم‪ ،‬والج ِ‬
‫ِ‬ ‫عليهم بالج ِ‬
‫نود‬ ‫فذ َكر نعمتَه ِ‬ ‫‪َ ،]4‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واالضطِ ِ‬
‫راب(((‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫القلق‬ ‫كينة ِعندَ‬
‫الس ُ‬‫َّ‬
‫كينة‪:‬‬
‫الس ِ‬‫فوائ ُد َّ‬
‫((( أخرجه البيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)1789‬‬
‫قال البيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (‪ :)153/2‬هذا هو الصحيح عن عمر من قوله‪.‬‬
‫مرفوعا وهو ضعيف‪.‬‬
‫ً‬ ‫وذكر أنه روي‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)504/2‬‬
‫((( ((أعالم الموقعين)) البن القيم (‪.)155/4‬‬
‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫نيكَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫االنفعاالت الثَّائر َة‪.‬‬ ‫القلوب الطائر َة‪ ،‬و ُيهدِّ ُئ‬
‫َ‬ ‫كينة ِر ٌ‬
‫داء َي ِنز ُل ف ُيث ِّب ُت‬ ‫الس ُ‬‫ ‪َّ -‬‬
‫((السكين َة‬
‫َّ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫المتح ِّل َي بها َيمتثِ ُل ِ‬
‫ألمر‬ ‫أن ُ‬‫ ‪َّ -‬‬
‫السكين َة))(((‪.‬‬
‫َّ‬
‫استقام وص َل َح ْت َأحوا ُله‪ ،‬وص َل َح با ُله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الس ُ‬
‫كينة؛‬ ‫ ‪-‬متى نزَ َل ْت على العبد َّ‬
‫عة والر ُ ِ‬
‫يب‬
‫احة وط ُ‬ ‫واألمن والدَّ ُ َّ‬
‫ُ‬ ‫رور‬ ‫رح َل عنه ُّ‬
‫الس ُ‬ ‫الس ُ‬
‫كينة َت َّ‬ ‫ترح َل ْت عنه َّ‬
‫وإذا َّ‬
‫يش(((‪.‬‬‫الع ِ‬
‫َ‬
‫والخشوع في الو ِ‬
‫ضوء‬ ‫السكين َة ُ‬ ‫خش ُع في َصالتِه؛ َّ‬ ‫ ‪-‬المتح ِّلي بالس ِ‬
‫كينة َي َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ألن َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫للخشو ِع في الص ِ‬
‫الة‪.‬‬ ‫مة ُ‬‫ُمقدِّ ٌ‬
‫َّ‬
‫حب َة ال َّن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِمن ثِ ِ‬
‫اس له‪.‬‬ ‫حب َة الله للعبد‪ ،‬ومن َّ‬
‫ثم َم َّ‬ ‫مارها َم َّ‬ ‫ ‪َّ -‬‬
‫ِ‬
‫المصيبة إذا نزَ َل ْت‪.‬‬ ‫حم ِل‬
‫قادرا على َت ُّ‬‫جع ُل العبدَ ً‬‫ ‪َ -‬ت َ‬
‫المواقف الص ِ‬
‫عبة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫غضبِه في‬ ‫ِ‬
‫صاص َ‬ ‫ ‪َ -‬تجع ُل العبدَ قادرا على امتِ‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫كينة‪:‬‬
‫الس ِ‬ ‫خل ِق ُ‬
‫خب ُل ِق َّ‬ ‫الت ُّ‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على َّ‬
‫يكم بالس ِك ِ‬
‫ينة))(((‪.‬‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬ع َل ُ‬ ‫ول الر ِ‬
‫سول ص َّلى ُ‬ ‫‪1-1‬االمتِ ُ‬
‫ثال ل َق ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫((فالم ْر ُء على ِد ِ‬
‫ين َخ ِل ِيله‪ ،‬ف ْل َي ُ‬
‫نظ ْر َأ َحدُ ُكم‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الهاد ِئ؛‬ ‫صاح ُبة َذوي َّ‬
‫الطب ِع‬ ‫‪ُ 2-2‬م َ‬
‫َمن ُيخالِ ُل))(((‪.‬‬

‫يرة ال َّنبو َّي ِة‪.‬‬


‫ب الس ِ‬
‫‪3-3‬القراء ُة في ُك ُت ِ ِّ‬

‫ً‬
‫مطول من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما‪.‬‬ ‫((( أخرجه مسلم (‪)1218‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)207/2‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )1671‬من حديث ابن عباس رضي الله عنهما‪.‬‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4833‬والترمذي (‪ ،)2378‬وأحمد (‪ )8417‬واللفظ له‪ ،‬من حديث‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه‪ .‬قال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ .‬وصحح إسناده النووي في ((رياض‬
‫الصالحين)) (‪ ،)177‬وحسن الحديث ابن حجر في ((األمالي المطلقة)) (‪.)151‬‬
‫‪128‬‬
‫نيكَّسلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫وآثارها‪.‬‬ ‫فوائد الس ِ‬
‫كينة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫معرفة‬ ‫‪4-4‬‬
‫َّ‬
‫بالص ِبر‪.‬‬
‫‪5-5‬ال َّتح ِّلي َّ‬
‫السكينة‪:‬‬
‫مناذج يف َّ‬
‫ُ‬
‫الباعث على اله ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬كان ص َّلى ُ ِ‬
‫يبة وال َّتعظي ِم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الس ُ‬
‫كينة‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم من ُخ ُلقه َّ‬
‫ارتاع ْت‬
‫َ‬ ‫فوس ح َّتى‬‫ِ‬ ‫عظ ِم َم ٍ‬
‫هيب في ال ُّن‬ ‫اعية إلى ال َّتقدي ِم وال َّتسلي ِم‪ ،‬وكان ِمن َأ َ‬
‫الدَّ ُ‬
‫رة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولة َ ِ ِ‬ ‫ارتياضهم بص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُر ُس ُل ِك ْسرى ِمن َهيبتِه حين َأ َت ْوه مع‬
‫لوك‬ ‫ومكا َث ُ‬ ‫األكاسرة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫تعاظ ْم ُبأ ْه ٍبة‪،‬‬
‫وإن لم َي َ‬ ‫عظ َم‪ْ ،‬‬ ‫فوسهم َأ ْه َي َب‪ ،‬وفي َأع ُينِهم َأ َ‬ ‫رة‪ ،‬فكان في ُن ِ‬ ‫الجبابِ ِ‬
‫َ‬
‫وبالو ِ‬
‫طاء َمعرو ًفا(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫واض ِع َموصو ًفا‪،‬‬ ‫ولم يتطاو ْل بس ْط ٍ‬
‫وة‪ ،‬بل كان بال َّت ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫والو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫وذي‪،‬‬ ‫الم ُّر ِّ‬
‫قار‪ ،‬فعن َ‬ ‫بالسكينة َ‬ ‫حنبل ُم َّتص ًفا َّ‬ ‫اإلمام أحمدُ ُ‬
‫بن‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وكان‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َأ َع َّز منه في‬‫جل ٍ‬‫قال‪( :‬لم َأر الفقير في َم ِ‬
‫قص ًرا‬ ‫مجلس أحمدَ ؛ كان مائ ًل إليهم‪ُ ،‬م ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واضعِ‪َ ،‬ت ْع ُلوه‬
‫كثير ال َّت ُ‬ ‫ِ‬ ‫لم‪ ،‬ولم ُ‬ ‫ِ‬ ‫عن ِ‬
‫بالعجول‪ ،‬وكان َ‬ ‫يك ْن َ‬ ‫أهل الدُّ نيا‪ ،‬وكان فيه ح ٌ‬
‫للف ْتيا‪ ،‬ال َيتك َّل ُم ح َّتى ُي َ‬
‫صر ُ‬‫الع ِ‬ ‫كينة والوقار‪ ،‬وإذا ج َلس في م ِ ِ‬
‫سأل‪،‬‬ ‫جلسه بعدَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس ُ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫سج ِده لم َيتصدَّ ْر)(((‪.‬‬‫وإذا َخرج إلى َم ِ‬
‫َ‬

‫((( ((أعالم النبوة)) للماوردي (‪ ،)254/1‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((سير أعالم النبالء)) للذهبي (‪.)218/11‬‬
‫‪129‬‬
‫ل‬
‫دَّصا ُةمالس‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫سالم ُة َّ‬
‫الصدرِ‬
‫در‪:‬‬
‫الص ِ‬ ‫مع َنى َس ِ‬
‫المة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالس ُ‬
‫المة‪:‬‬ ‫عظ ُم بابِه م َن ِّ‬
‫الص َّحة والعافية؛ َّ‬ ‫والميم ُم َ‬
‫ُ‬ ‫ين َّ‬
‫والل ُم‬ ‫السالم ُة ُلغ ًة‪ِّ :‬‬
‫الس ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫العاهة واألذى(((‪.‬‬ ‫اإلنسان ِم َن‬
‫ُ‬ ‫وأن َيس َل َم‬ ‫ُ‬
‫العافية‪ْ ،‬‬
‫وكل ما واجه َك صدْ ر‪ ،‬وصدْ ر ال َق ِ‬
‫ناة‪َ :‬أ ْعالها‪،‬‬ ‫كل ٍ‬
‫شيء‪ُّ ،‬‬ ‫در ُلغ ًة‪ :‬أعلى ُم َقدَّ ِم ِّ‬
‫َ َ َ ٌ َ ُ‬ ‫الص ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األمر‪َّ :‬أو ُله(((‪.‬‬ ‫وصدْ ُر‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غضاء ِ‬ ‫قد ِ‬
‫والغ ِّل وال َب‬ ‫الح ِ‬
‫در اصطالحا‪ :‬السالم ُة من ِ‬‫الص ِ‬
‫أمراض‬ ‫ومن جمي ِع‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫سالم ُة َّ‬
‫عن ِ‬ ‫آفة ُت ِ‬
‫كل ٍ‬ ‫وأد ِ‬
‫الله تعالى(((‪.‬‬ ‫بعدُ ِ‬ ‫وائها‪ ،‬ومن ِّ‬ ‫لوب َ ْ‬
‫الق ِ‬
‫ُ‬

‫غف ِل‪:‬‬ ‫در وال َب َل ِه َّ‬


‫والت ُّ‬ ‫رق ْ‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫الص ِ‬
‫بي سالمة َّ‬
‫الش ِّر بعد معرفتِه‪ ،‬ف َيس َل ُم ق ْل ُبه ِمن إرادتِه‬ ‫ِ‬
‫إرادة َّ‬ ‫كون ِمن عدَ ِم‬ ‫ِ‬
‫القلب َت ُ‬ ‫أن سالم َة‬ ‫َّ‬
‫جهل وق َّل ُة‬ ‫ِ‬
‫والغفلة؛ فإ َّنها ٌ‬ ‫بخالف ال َب َل ِه‬
‫ِ‬ ‫والعل ِم به‪ ،‬وهذا‬ ‫صده‪ ،‬ال ِمن معرفتِه ِ‬ ‫و َق ِ‬

‫اس َمن هو كذلك لسالمتِهم‬ ‫حمدُ ال َّن ُ‬ ‫نقص‪ ،‬وإ َّنما َي َ‬ ‫حمدُ ؛ إ ْذ هو ٌ‬‫معرفة‪ ،‬وهذا ال ُي َ‬
‫ٍ‬

‫مر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بتفاصيل َّ‬ ‫القلب عار ًفا‬ ‫ُ‬
‫والكمال أن َي َ‬
‫سليما من إرادته‪ .‬قال ُع ُ‬ ‫ً‬ ‫الش ِّر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كون‬ ‫منه‪،‬‬
‫الخ ُّب)(((‪.‬‬ ‫بخ ٍّب‪ ،‬وال َي ْخدَ ُعني َ‬ ‫(لست َ‬‫ُ‬ ‫الله عنه‪:‬‬
‫ضي ُ‬ ‫اب َر َ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫ابن‬
‫ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫در من القرآن ُّ‬ ‫التغيب َ‬
‫واحل ُّث على سالمة َّ‬
‫الص ِ‬ ‫َّ‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)90/3‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)289/12‬‬
‫((( ((العين)) للخليل (‪(( ،)94/7‬المحكم)) البن سيده (‪(( ،)282/8‬المعجم الوسيط)) لمجمع‬
‫اللغة العربية (‪.)509/1‬‬
‫((( ((في السلوك اإلسالمي القويم)) البن الشوكاني (ص‪.)121 :‬‬
‫((( ((الروح)) البن القيم (ص‪.)244 - 243 :‬‬
‫‪130‬‬
‫ل‬
‫دَّصا ُةمالس‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦﭧﮊ‬
‫[الحشر‪.]10 :‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﰁ ﰂ ﰃ‬
‫ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﮊ [األعراف‪.]43 :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫خر َج‬ ‫أح ٍد َشيئًا؛ فإ ِّني ُأ ِح ُّب ْ َ‬ ‫ِ‬
‫أحدٌ من َأ ْصحابي عن َ‬
‫ِ‬
‫ع َليه وس َّل َم‪(( :‬ال ُيب ِّل ُغني َ‬
‫أن أ ُ‬
‫الصدْ ِر))(((‪.‬‬
‫ليم َّ‬‫يكم وأنا َس ُ‬ ‫إ َل ُ‬
‫سول ِ‬
‫الله ص َّلى‬ ‫عنهما قال‪(( :‬قيل لر ِ‬ ‫بن َع ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫َ‬ ‫الله ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫مرو َر َ‬
‫وق ال ِّل ِ‬‫لب‪َ ،‬صدُ ِ‬ ‫اس َأ َ‬ ‫ِ‬
‫سان‪.‬‬ ‫فض ُل؟ قال‪ُ :‬ك ُّل َم ْخ ُمو ِم ال َق ِ‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم‪ُّ :‬‬
‫أي ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫موم ال َق ِ‬ ‫دوق ال ِّل ِ‬
‫سان َن ِ‬ ‫قالوا‪َ :‬ص ُ‬
‫إثم‬
‫قي‪ ،‬ال َ‬ ‫لب؟ قال‪ :‬هو ال َّنق ُّي ال َّت ُّ‬ ‫عر ُفه‪ ،‬فما َم ْخ ُ‬
‫ع َل ِيه وال َبغْ َي‪ ،‬وال ِغ َّل وال َح َسدَ ))(((‪.‬‬

‫در‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫السلف والعلما ِء يف سالمة َّ‬
‫أقوال َّ‬
‫عج ًبا‬
‫سليما إذا كان حقو ًدا حسو ًدا ُم َ‬
‫ً‬ ‫القلب‬
‫ُ‬ ‫العربي‪( :‬ال َي ُ‬
‫كون‬ ‫ِّ‬ ‫ابن‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫أل ِ‬‫اإليمان أن ُي ِح َّب َ‬
‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم في‬
‫خيه ما‬ ‫ُمتك ِّب ًرا‪ ،‬وقد َش َر َط ال َّن ُّ‬
‫بي ص َّلى ُ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ )4860‬واللفظ له‪ ،‬والترمذي (‪ ،)3896‬وأحمد (‪.)3759‬‬


‫قال الترمذي‪ :‬غريب من هذا الوجه‪ .‬وقال أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (‪:)286/5‬‬
‫إسناده حسن على األقل‪ .‬وضعفه األلباني في ((ضعيف سنن أبي داود)) (‪.)4860‬‬
‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ )4216‬واللفظ له‪ ،‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)6604‬‬
‫صحح إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (‪ ،)33/4‬والبوصيري في ((زوائد ابن ماجه))‬
‫(‪ ،)325/2‬والعراقي في ((تخريج اإلحياء)) (‪ ،)18/3‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن‬
‫ابن ماجه)) (‪.)4216‬‬
‫‪131‬‬
‫ل‬
‫دَّصا ُةمالس‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ُي ِح ُّب لن ْف ِسه)(((‪.‬‬


‫المحمود هو ا َّلذي ُيريدُ َ‬
‫الخ َير ال‬ ‫ُ‬ ‫ليم‬
‫الس ُ‬ ‫(فالقلب َّ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫شيخ اإلسال ِم‪:‬‬
‫قص‬ ‫عر ُف َّ‬
‫الش َّر فذاك َن ٌ‬ ‫فأما َمن ال َي ِ‬ ‫عر َف َ‬
‫الخ َير َّ‬
‫والش َّر‪َّ ،‬‬ ‫وكمال ذلك بأن َي ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الش َّر‪،‬‬
‫فيه ال ُيمدَ ُح به)(((‪.‬‬
‫در‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫سالمة َّ‬
‫ِ‬ ‫فوائد‬
‫الج َّن ِة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ِ‬
‫خول َ‬ ‫ٌ‬
‫سبيل لدُ‬ ‫‪1-1‬أ َّنها‬
‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ [الشعراء‪.]89 -88 :‬‬
‫فضلي ِة‪.‬‬ ‫الخير َّي ِة‪ ،‬و ُتلبِسه لِ َ َ‬
‫باس األ َّ‬ ‫ُ‬ ‫بح َّل ِة َ‬
‫‪2-2‬أ َّنها َت ْكسو صاح َبها ُ‬
‫الح‪ ،‬فال َي ِجدُ‬ ‫الخ ِير والبِر َّ ِ‬ ‫القلب على َ‬
‫القلب‬
‫ُ‬ ‫والص ِ‬
‫والطاعة َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫‪3-3‬أ َّنها َت َ‬
‫جم ُع‬
‫المؤ ِم ِن َّإل بها‪.‬‬
‫ين ْ‬ ‫راح ًة َّإل فيها‪ ،‬وال َت َق ُّر َع ُ‬
‫فمن َس ِل َم صدْ ُره َ‬
‫وط ُهر ق ْل ُبه‬ ‫الذ ِ‬
‫نوب‪َ ،‬‬ ‫أسباب ُّ‬
‫َ‬ ‫يوب‪ ،‬و َت َ‬
‫قط ُع‬ ‫الع َ‬ ‫‪4-4‬أ َّنها ُت ُ‬
‫زيل ُ‬
‫كل ٍ‬
‫قبيح‪.‬‬ ‫وجوارحه عن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الس ِّي ِئة َع َّف لسا ُنه‬
‫والظنون َّ‬
‫ِ‬
‫الفاسدة ُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرادات‬ ‫ِ‬
‫عن‬

‫در‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫سالمة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِمن ُص َور‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عام ِة ال َّن ِ‬ ‫الص ِ‬
‫اس؛ فال َيحم ُل لهم في قلبِه غ ًّل وال َ‬
‫حسدً ا وال‬ ‫در مع َّ‬ ‫ُ‬
‫سالمة َّ‬ ‫‪1-1‬‬
‫حب ِة‪ ،‬و َت َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واأل ِ‬ ‫األمراض َ‬ ‫َغ َيرهما ِم َن‬
‫قط ُع‬ ‫القلبية ا َّلتي َتقضي على َأواص ِر َ‬
‫الم َّ‬ ‫َّ‬ ‫دواء‬ ‫ِ‬
‫ود ِة‪.‬‬‫الم َّ‬
‫ِ ِ‬
‫صالت َ‬
‫در مع خاص ِة إخوانِه ومقر ِ‬
‫بيه‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ َّ‬ ‫َّ‬ ‫سالمة َّ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ثير ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمر‪ ،‬فال ي ِ‬
‫حم ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫در مع و ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ُ‬
‫عليه ُم‬ ‫عليه ُم الحقدَ ‪ ،‬وال ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫الة‬ ‫ُ‬ ‫سالمة َّ‬ ‫‪3-3‬‬
‫كون َنصوحا لهم‪ ،‬م ِ‬
‫شف ًقا عليهم‪ًّ ،‬‬
‫غاضا‬ ‫اس‪ ،‬و َي ُ‬‫ذك ُر َمثال َبهم ِعندَ ال َّن ِ‬
‫العام َة‪ ،‬وال َي ُ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬

‫((( ((أحكام القرآن)) البن العربي (‪.)459/3‬‬


‫((( ((الفتاوى الكبرى)) البن تيمية (‪.)264/5‬‬
‫‪132‬‬
‫ل‬
‫دَّصا ُةمالس‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫بخ ِير‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫الخ َير عنهم‪ ،‬و َي ْذ ُك ُرهم َ‬
‫نش ُر َ‬ ‫هم ا َّلتي ُي َ‬
‫تجاو ُز عنها‪ ،‬و َي ُ‬ ‫رف عن أخطائ ُ‬‫الط َ‬
‫وصفاتِهم‪.‬‬
‫أعمالِهم ِ‬

‫ص بهم‬ ‫ِ‬ ‫عي ِة‪ ،‬فال ُيكثِ ُر ِم َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫سالمة ُص ِ‬


‫ُ‬
‫الشكوك فيهم‪ ،‬وال َيتر َّب ُ‬ ‫للر َّ‬
‫الوالة َّ‬ ‫دور ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫كون م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو يتجسس عليهم‪ ،‬أو ْ ِ‬
‫شف ًقا عليهم‪،‬‬ ‫يؤذيهم في أموالهم أو ُممتلكاتهم‪ ،‬و َي ُ ُ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ساع ًيا ورا َء راحتِهم‪.‬‬
‫العل ِم ِ‬ ‫وطلبة ِ‬
‫ِ‬ ‫دور الع ِ‬
‫ٍ‬
‫بعض(((‪.‬‬ ‫بعضهم مع‬ ‫لماء‬ ‫سالمة ُص ِ ُ‬‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬

‫در‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫ساب سالمة َّ‬
‫موانع اك ِت ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وإفساد‬ ‫الص ِ‬
‫دور‪،‬‬ ‫حريص على ِ‬ ‫فالش ُ‬ ‫وو ِ‬
‫ساو ُسه؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 1-1‬نزَ ُ‬
‫غات َّ‬
‫إيغار ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫يطان‬ ‫الشيطان َ‬
‫ِ‬
‫القلوب‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لة‪ ،‬ا َّلتي ُت ِ‬
‫الخ ُلقي ِة القاتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫كالحسد‬ ‫القلب؛‬
‫َ‬ ‫فسدُ‬ ‫األمراض ُ َّ‬ ‫ببعض‬ ‫القلب‬ ‫إصابة‬ ‫‪2-2‬‬
‫والح ِ‬
‫قد‪.‬‬ ‫والغ ِّل ِ‬
‫ِ‬

‫‪3-3‬ال َّتنا ُف ُ‬
‫س على الدُّ نيا‪.‬‬

‫َطير‪.‬‬ ‫خطير‪َ ،‬‬ ‫ومر ٌ‬ ‫داء ُع ٌ‬ ‫ِ‬ ‫‪4-4‬حب ُّ ِ‬


‫وش ٌّر ُمست ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ض‬ ‫ضال‪َ ،‬‬ ‫والرياسة‪ ،‬وهي ٌ‬
‫الشهرة ِّ‬ ‫ُ ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دور و ُت َ‬
‫نهي‬ ‫الصفات ا َّلتي من شأنها أن ُتوغ َر ُّ‬
‫الص َ‬ ‫ببعض ِّ‬ ‫‪5-5‬اال ِّت ُ‬
‫صاف‬
‫وغ ِيرها‪.‬‬
‫جب‪َ ،‬‬‫والع ِ‬ ‫راء ِ‬
‫والج ِ‬ ‫الم ِ‬‫وكثرة ِ‬
‫ِ‬ ‫الم ِ‬ ‫سالمتَها؛ َ ِ‬
‫دال‪ُ ،‬‬ ‫زاح‪،‬‬ ‫ككثرة ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب سالمة الصدر‪:‬‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلخالص لله َ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬

‫شفاء لِما في‬


‫ٌ‬ ‫وتعليما؛ فهو‬
‫ً‬ ‫الله تعالى ِقراء ًة وتع ُّل ًما‬
‫تاب ِ‬‫اإلقبال على ِك ِ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫الص ِ‬
‫دور‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫((( ((معالم تربوية لطالبي أسنى الواليات الشرعية)) لمحمد المختار الشنقيطي (ص‪.)64 :‬‬
‫‪133‬‬
‫ل‬
‫دَّصا ُةمالس‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫جع َل‬
‫افع‪ ،‬ف َيدْ عو العبدُ َم ْواله أن َي َ‬
‫واء ال َّن ُ‬ ‫العالج ال َّن ِ‬
‫اج ُع‪ ،‬والدَّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫عاء؛ فهو‬
‫‪3-3‬الدُّ ُ‬
‫ِ‬
‫واألحقاد‪.‬‬ ‫الض ِ‬
‫غائن‬ ‫سليما ِم َن َّ‬ ‫قل َبه‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫المؤ ِم َ‬ ‫واأل ْل ِ‬
‫المحب ِة ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شاشة‬ ‫نين؛ كال َب‬ ‫فة ْبين ْ‬ ‫‪4-4‬ال َّتخ ُّل ُق باألخالق ا َّلتي َتزيدُ م َن َ َّ‬
‫َ‬
‫األخالق َك ٌ‬ ‫وغ ِيرها؛ َّ‬ ‫الهد َّي ِة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيلة‬ ‫فإن هذه‬ ‫السال ِم‪ ،‬وإهداء َ‬ ‫بس ِم‪ ،‬وإفشاء َّ‬ ‫وال َّت ُّ‬
‫الص ِ‬ ‫وأ ِ‬ ‫القلوب‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫بانتِزا ِع َس‬
‫دور‪ ،‬ف ُتصبِ ُح َن َّ‬
‫قي ًة صافي ًة‪.‬‬ ‫عالق ُّ‬ ‫ِ‬ ‫خيمة‬
‫‪ِ 5-5‬رضا ِ‬
‫العبد بما َق َس َمه ُ‬
‫الله(((‪.‬‬

‫والسلف‪:‬‬
‫حابة َّ‬
‫الص ِ‬
‫در من حياة َّ‬
‫الص ِ‬
‫مناذج لسالمة َّ‬
‫ُ‬
‫وج ُهه‬ ‫ٌ‬ ‫بن َأس َل َم‪( ،‬أ َّنه َد َخل على ِ‬
‫ابن أبي ُدجان َة وهو‬ ‫يد ِ‬ ‫ ‪-‬عن َز ِ‬
‫مريض‪ ،‬وكان ْ‬
‫يته َّل ُل‪ ،‬فقال له‪ :‬ما لك يته َّل ُل وجهك؟ قال‪ :‬ما ِمن عم ِل َش ٍ‬
‫يء َأو َث ُق ِعندي ِم َن‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األخرى‪ :‬فكان ق ْلبي‬ ‫وأما ُ‬‫فكنت ال َأتك َّل ُم بما ال َي ْعنيني‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫َين‪َّ :‬أما أحدُ ُهما‬‫اثن ِ‬

‫سليما)(((‪.‬‬ ‫مين‬
‫سل َ‬ ‫للم ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫بعين ِمن أصحابِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُِ‬
‫لس َ‬ ‫الله عنه أ َّنه كان َيدْ عو َ‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وأثر عن أبي الدَّ ْرداء َر َ‬
‫در(((‪.‬‬‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫العمل َع ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المة على سالمة َّ‬ ‫بأسمائهم‪ .‬وفي هذا‬ ‫سميهم‬
‫ُي ِّ‬

‫بن ُم َن ِّب ٍه‪ ،‬فأتا ُه‬


‫ب ِ‬‫(كنت جالِ ًسا مع َو ْه ِ‬
‫ُ‬ ‫اش قال‪:‬‬ ‫الفضل ِ‬
‫بن أبي َع َّي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫الش ُ‬
‫يطان‬ ‫فغ ِض َب‪ ،‬فقال‪ :‬ما َو َجد َّ‬ ‫الن وهو َيش ُت ُم َك‪َ .‬‬ ‫رج ٌل فقال‪ :‬إ ِّني مرر ُت ُبف ٍ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫فس َّل َم على‬ ‫اتم‪َ ،‬‬ ‫رسول َغ َيرك؟! فما َب ِر ْح ُت من عنده ح َّتى جا َءه ذلك َّ‬
‫الر ُج ُل َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ً‬
‫هب‪ ،‬فر َّد عليه‪ ،‬و َمدَّ يدَ ه‪ ،‬وصا َف َحه‪َ ،‬‬
‫وأج َل َسه إلى َجنبِه)(((‪.‬‬ ‫َو ٍ َ‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)201/2‬‬


‫((( أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (‪ ،)4577‬وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (‪.)113‬‬
‫((( ذكره ابن بطال في ((شرح صحيح البخاري)) (‪.)450/2‬‬
‫((( ((صفة الصفوة)) البن الجوزي (‪.)457/1‬‬
‫‪134‬‬
‫ل‬
‫دَّصا ُةمالس‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الصدر يف واحة ِّ‬


‫الشعر‪:‬‬ ‫سالمة َّ‬
‫قال َعنتَر ُة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬
‫الغض ُ‬ ‫وال َي ُ‬
‫نال ال ُعال َمن َدأ ُبـــ ُه َ‬ ‫تب‬ ‫ال َيحم ُل الحقدَ َمـــن َت ْعلو به ُّ‬
‫الر ُ‬
‫(((‬

‫((( ((مجاني األدب في حدائق العرب)) لرزق الله شيخو (‪.)251/5‬‬


‫‪135‬‬
‫سْفَّنلا ةَحام س‬
‫َ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫حة النَّ ِ‬
‫فْس‬ ‫سما َ‬
‫َ‬

‫ماحة‪:‬‬
‫الس ِ‬‫معنى َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ساه ُلة(((‪.‬‬
‫الم َ‬
‫والمسا َمحة‪ُ :‬‬ ‫السماح ُة ُلغ ًة‪ :‬ما َّد ُة (سمح) تدُ ُّل على َسالسة ُ‬
‫وسهولة‪ُ ،‬‬ ‫َّ‬
‫ماحة على َب ْذ ِل ما ال َي ِج ُب َت ُّ‬
‫فض ًل‪ .‬وتأتي‬ ‫الس ُ‬‫اصطالحا‪ُ :‬تط َل ُق َّ‬
‫ً‬ ‫السماح ُة‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ختل ِ‬ ‫ِ‬
‫عامالت الم ِ‬
‫األمور‬ ‫بتيسير‬ ‫كون ذلك‬ ‫فة‪ ،‬و َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ِير في ُ‬
‫الم‬ ‫سام ِح مع َ‬
‫بمعنَى ال َّت ُ‬
‫مين ا َّلتي‬ ‫ِ‬
‫وسماحة الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والم ِ‬
‫الينة فيها ا َّلتي َتتج َّلى في ال َّت ِ‬
‫يسير وعدَ ِم‬
‫سل َ‬ ‫ُ‬ ‫القهر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫المختل ِ‬
‫فة مع ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس(((‪.‬‬ ‫هم‬
‫عامالت ُ‬ ‫َت ْبدو في َت ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫السماحة ِمن ال ُقرآن ُّ‬
‫غيب يف َّ‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﮊ [األعراف‪.]199 :‬‬

‫اس‪ ،‬وما َين َبغي في ُمعاملتِهم)(((‪.‬‬


‫الخ ُل ِق مع ال َّن ِ‬
‫سن ُ‬‫لح ِ‬ ‫قال السعدي‪( :‬هذه اآلي ُة ِ‬
‫جام ٌ‬
‫عة ُ‬ ‫ُّ‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬


‫يسير‬ ‫الله الدَّ ِائ َ‬
‫نين إلى ال َّت ِ‬ ‫فوج َه ُ‬ ‫ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶﮊ [البقرة‪]280 :‬؛ َّ‬
‫الله بذلك َسماح َة ال َّن ِ‬ ‫ينين الم ِ‬ ‫على ِ‬
‫سن ال َّتغاضي‬
‫وح َ‬
‫فس‪ُ ،‬‬ ‫هم ُ‬ ‫فع َّل َم ُ‬
‫رين‪َ ،‬‬
‫عس َ‬ ‫المد َ ُ‬ ‫َ‬
‫عن الم ِ‬
‫رين(((‪.‬‬
‫عس َ‬ ‫ِ ُ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫عنهما‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫جابر ِ ِ ِ‬
‫بن عبد الله َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)99/3‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)99/3‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪(( ،)160 :‬نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)2287/6‬‬
‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)313 :‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)467/2‬‬
‫‪136‬‬
‫سْفَّنلا ةَحام س‬
‫َ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫((ر ِح َم ُ‬
‫الله َر ُج ًل َس ْم ًحا إذا َ‬
‫باع‪ ،‬وإذا اشت ََرى‪ ،‬وإذا اقت ََضى))(((‪.‬‬ ‫وس َّل َم قال‪َ :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫عنه قال‪ :‬قال‬
‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫حر ُم ع َل ِيه ال َّن ُار؟ على‬
‫بمن َت ُ‬ ‫حر ُم على ال َّن ِ‬
‫ار أو َ‬ ‫بمن َي ُ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم‪َ :‬‬
‫((أل ُأخبِ ُر ُكم َ‬
‫ريب هي ٍن سه ٍل))(((‪ ،‬أي‪ :‬سهل في َق ِ‬
‫وائج ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬أو َمعنا ُه‪ :‬أ َّنه َس ْم ُح‬ ‫ضاء َح ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُك ِّل َق ٍ َ ِّ َ ْ‬
‫الش ِ‬
‫راء(((‪.‬‬ ‫ضاء‪ ،‬سمح االقتِ ِ‬
‫ضاء‪َ ،‬س ْم ُح ال َبيعِ‪َ ،‬س ْم ُح ِّ‬ ‫ال َق ِ‬
‫َ ْ ُ‬

‫س(((‪:‬‬ ‫احة َّ ْ‬
‫النف ِ‬ ‫فوا ِئد َس ِ‬
‫وه ِ‬ ‫سط ِم َن الس ِ‬
‫س الهين ال َّلين يغنَم في حياتِه َأكبر ِق ٍ‬
‫ناءة‬ ‫عادة َ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫ ‪َ -‬س ْم ُح ال َّن ْف ِ َ ِّ ُ ِّ ُ َ ُ‬
‫الع ِ‬
‫يش‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فوس‪.‬‬ ‫بالرضا وال َّتسلي ِم مهما كانت َمكروه ًة لل ُّن‬
‫قادير ِّ‬ ‫ ‪-‬و َيستقبِ ُل َ‬
‫الم َ‬
‫اس له‪ ،‬وثِ ِ‬
‫حب ِة ال َّن ِ‬ ‫َ ِ ٍ ِ‬
‫قة ال َّن ِ‬
‫اس به‪.‬‬ ‫ ‪-‬و َيظ َف ُر بأك َب ِر قسط من َم َّ‬
‫اله ِّي َن‬ ‫ِ‬ ‫َسام ِحه؛ َّ‬ ‫جل ُب لن ْف ِسه َ‬
‫ ‪-‬و َي ِ‬
‫المتسام َح َ‬‫حبون ُ‬ ‫اس ُي ُّ‬ ‫ألن ال َّن َ‬ ‫وي بت ُ‬ ‫الخ َير الدُّ ن َي َّ‬
‫بكثرة ُم ِح ِّبيه والواثِ َ‬
‫ِ‬
‫قين به‪.‬‬ ‫عام ِل معه‪ ،‬ف َيك ُث ُر عليه َ‬
‫الخ ُير‬ ‫ال َّل ِّي َن‪ ،‬ف َيميلون إلى ال َّت ُ‬
‫والخير ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جل ُب ل َن ْف ِسه ‪-‬إذا َ‬
‫ ‪-‬و َي ِ‬
‫العظيم‪.‬‬
‫َ‬ ‫روي‬
‫األخْ َّ‬ ‫ابتغى وج َه الله‪ِ -‬رضا الله تعالى َ َ‬
‫السماحة‪:‬‬
‫ِمن ُص َور َّ‬
‫والغ ِ‬
‫لظة في‬ ‫شديد ِ‬
‫ِ‬ ‫كون بعدَ ِم ال َّت‬ ‫عام ِل مع َ‬
‫اآلخرين‪ :‬و َي ُ‬ ‫الس ُ‬
‫ماحة في ال َّت ُ‬ ‫‪َّ 1-1‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)2076‬‬


‫((( أخرجه الترمذي (‪ )2488‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪ .)3938‬قال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ .‬وجود‬
‫إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (‪ ،)26/3‬والبوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة))‬
‫(‪ )285/3‬وقال‪ :‬وله شاهد‪.‬‬
‫((( ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (‪.)3179/8‬‬
‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)443/2‬‬
‫‪137‬‬
‫سْفَّنلا ةَحام س‬
‫َ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫رين ح َّتى ولو كان خاد ًما‪.‬‬ ‫عام ِل مع َ‬


‫اآلخ َ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫والش ِ‬
‫راء‪.‬‬ ‫الس ُ‬
‫ماحة في ال َبي ِع ِّ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫الح ِ‬
‫وائج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الس ُ‬
‫ماحة في قضاء َ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫الم ِ‬
‫دين‪.‬‬ ‫ماحة في اقتِ ِ‬
‫ضاء الدَّ ِ ِ‬ ‫الس ُ‬
‫ين م َن َ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬

‫س(((‪:‬‬ ‫مساحة َّ ْ‬ ‫اكتساب ُخ ُل ِق‬ ‫ُ‬


‫النف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسائل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفوائد‬ ‫ماحة‪ ،‬وفي‬ ‫بخ ُل ِق َّ‬
‫الس‬ ‫الله به ا َّلذين َيتح َّل ْو َن ُ‬
‫‪1-1‬ال َّت ُّأم ُل فيما َر َّغ َب ُ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحياة الدُّ نيا‬ ‫والس ِ‬
‫عادة ا َّلتي َيظ َفرون بها في‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حاذير ا َّلتي َّ‬
‫سيرين‪،‬‬
‫َ‬ ‫الع‬ ‫المتشدِّ َ‬
‫دين َ‬ ‫دين ُ‬
‫الله منها ال َّنك َ‬
‫حذ َر ُ‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُّأم ُل في َ‬
‫الم‬
‫لة‪ ،‬وم ِ‬
‫وآج ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عاجلة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تاع َب‬ ‫َ‬ ‫لوكي ُة من َم َّ‬
‫ضار‬ ‫الس َّ‬ ‫وما َيجل ُبه لهم ُخ ُل ُقهم وظواه ُره ُّ‬
‫سارة ما ِّد َّي ٍة و َم ْعنو َّي ٍة‪.‬‬
‫وخ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كثيرة‪َ ،‬‬ ‫وآال ٍم‬
‫ِ‬
‫بالقضاء وال َقدَ ِر‪.‬‬ ‫اليقيني‬ ‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫‪3-3‬‬
‫ُّ‬
‫والسلف‪:‬‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫مساحة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫مناذج ِمن‬
‫ُ‬
‫ثل‬‫الم ُ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم سم ًحا في َت ُ ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫عامله‪ ،‬وهو َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ ‪-‬كان‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الله‬ ‫الله عنه ما القا ُه م َن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬‫أنس َر َ‬ ‫كم ُل في َّ‬
‫السماحة‪َ ،‬ي ْحكي لنا ٌ‬ ‫األ َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫سن المعام ِ‬
‫لة‪ ،‬ف َي ُ‬
‫قول‪(( :‬خدَ ْم ُت ال َّن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ع َليه وس َّل َم من ُح ِ ُ َ‬
‫ين‪ ،‬فما قال لي‪ُ :‬أ ٍّف‪ ،‬وال‪ :‬لِ َم َصن َْع َت؟ وال‪َ :‬أل َصن َْع َت))(((‪.‬‬
‫َعشْ َر ِسنِ َ‬

‫اس؛ فعن ٍ‬
‫أنس‬ ‫يه وس َّلم‪َ :‬قضاء ح ِ‬
‫وائ ِج ال َّن ِ‬ ‫الله ع َل ِ‬
‫ومن سماحتِه ص َّلى ُ‬
‫ ‪ِ -‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬

‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪ )451/2‬بتصرف‪.‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )6038‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2309‬‬
‫‪138‬‬
‫سْفَّنلا ةَحام س‬
‫َ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫رسول ِ‬ ‫َأخ ُذ ب َي ِد‬ ‫ِ‬ ‫األم ُة ِمن ِ‬ ‫ِ‬


‫الله‬ ‫ِ‬ ‫المدينة َلت ُ‬ ‫إماء ِ‬
‫أهل‬ ‫((إن كانت َ َ‬
‫‪ ‬الله عنه قال‪ْ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم فت َ‬
‫َنط ِل ُق به حيث شا َء ْت))(((‪.‬‬ ‫ص َّلى ُ‬
‫ِ‬ ‫ ‪-‬وفي ِخ ِ‬
‫الفة أبي ٍ‬
‫الله عنه‬
‫ضي ُ‬ ‫الله عنه َكتَب خالدُ ُ‬
‫بن الوليد َر َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بكر َر َ‬
‫(وجع ْل ُت لهم أ ُّيما‬
‫َ‬ ‫بالعراق ‪-‬وكانوا ِم َن ال َّنصارى‪:-‬‬
‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫يرة‬ ‫ألهل ِ‬
‫ِ‬ ‫الذ َّم ِة‬ ‫في َع ِ‬
‫قد ِّ‬

‫وصار‬ ‫ِ‬
‫اآلفات‪ ،‬أو كان َغ ًّنيا فاف َت َقر‬ ‫آفة ِم َن‬
‫العمل‪ ،‬أو أصا َب ْت ُه ٌ‬
‫ِ‬ ‫ف ِ‬
‫عن‬ ‫ضع َ‬ ‫َش ٍ‬
‫َ‬ ‫يخ ُ‬
‫مال الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وع َ ِ‬
‫قون عليه‪ ،‬طرح ُت ِج ْزيتَه‪ِ ،‬‬ ‫أهل ِدينِه َيتصدَّ َ‬
‫مين هو‬
‫سل َ‬ ‫يل من َبيت ِ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬

‫وعيا ُله)(((‪.‬‬‫ِ‬

‫ُ‬
‫(وانظ ْر‬ ‫الله َكتَب إلى َع ِد ِّي ِ‬
‫بن َأ ْرطأ َة‪:‬‬ ‫رحمه ُ‬ ‫العزيز ِ‬
‫ِ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد‬ ‫مر ِ‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬وفي خالفة ُع َ‬
‫ِ‬ ‫وو َّل ْت عنه‬ ‫الذ َّم ِة قد كبِ َر ْت ِس ُّنه‪َ ،‬‬ ‫َمن ِق َب َل َك ِمن ِ‬
‫أهل ِّ‬
‫المكاس ُب‪،‬‬ ‫وض ُع َف ْت َّ‬
‫قو ُته‪َ ،‬‬
‫سلمين ما ي ِ‬
‫صل ُحه)(((‪.‬‬ ‫الم‬ ‫يت ِ‬ ‫َفأج ِر عليه ِمن ب ِ‬
‫َ ُ‬ ‫مال ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫س‪:‬‬ ‫عالمات مسح َّ ْ‬


‫ُ‬
‫النف ِ‬
‫شر‪ ،‬ومشارك ُتهم بالسم ِع ِ‬
‫والف ْك ِر‬ ‫جه‪ ،‬واستِ ُ‬
‫‪1-1‬طالق ُة الو ِ‬
‫ِ‬
‫والقلب‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫اس بالبِ ِ ُ‬
‫قبال ال َّن ِ‬ ‫َ‬

‫المحا َد ِثة‪.‬‬
‫سن ُ‬‫وح ِ‬ ‫ِ‬
‫والمصا َفحة‪ُ ،‬‬
‫والسال ِم‪ُ ،‬‬
‫اس بال َّت ِ‬
‫حية َّ‬‫َّ‬ ‫‪ُ 2-2‬مبا َدر ُة ال َّن ِ‬

‫ِ‬
‫األمور‪.‬‬ ‫رة‪ ،‬وال َّتغاضي وعدَ ُم ال َّتشدُّ ِد في‬
‫عاش ِ‬
‫والم َ‬ ‫ِ‬
‫صاحبة ُ‬
‫الم َ‬
‫سن ُ‬‫‪ُ 3-3‬ح ُ‬
‫السماحة يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫َّ‬

‫ً‬
‫موصول ابن ماجه (‪ ،)4177‬وأحمد‬ ‫((( أخرجه البخاري معل ًقا (‪ )6072‬واللفظ له‪ ،‬وأخرجه‬
‫(‪.)13256‬‬
‫((( ((كتاب الخراج)) ألبي يوسف (ص‪.)157 :‬‬
‫((( ((األموال)) للقاسم بن سالم (ص‪.)56 :‬‬
‫‪139‬‬
‫سْفَّنلا ةَحام س‬
‫َ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الشافعي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫الســـماح ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هـــوال َج ْلدً ا‬‫ـــا على األَ‬
‫رج ً‬
‫والوفـــا ُء‬
‫َ‬ ‫وشـــيمت َُك َّ‬ ‫و ُك ْن ُ‬
‫َّـــار لِل َّظم ِ‬
‫آن مـــا ُء‬ ‫فمـــا فـــي الن ِ‬ ‫الســـماح َة ِمـــن َب ٍ‬
‫خيل‬ ‫َـــر ُج َّ‬
‫وال ت ْ‬
‫(((‬
‫ْ‬

‫((( ((ديوان اإلمام الشافعي)) (ص‪.)17 :‬‬


‫‪140‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َّ‬
‫الشجاع ُة‬

‫جاعة‪:‬‬
‫الش ِ‬‫معنى َّ‬
‫ِ‬
‫البأس(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القلب عندَ‬ ‫الشجاع ُة ُلغ ًة‪ِ :‬شدَّ ُة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الحاجة إلى ذلك‪،‬‬ ‫المكار ِه والمهالِ ِك عندَ‬
‫ِ‬ ‫اإلقدام على‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫الشجاع ُة‬
‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫بالموت(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫واالستهانة‬ ‫ِ‬
‫المخاوف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الجأش عندَ‬ ‫وثبات‬
‫ُ‬
‫الشجاعة و ال َبسا َل ِة ُ‬
‫واجلرأ ِة(((‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي‬ ‫ُ‬
‫رام؛‬ ‫ِ‬
‫المخاوف‪ .‬وال َب ُ‬ ‫واستقراره عندَ‬ ‫القلب‪ ،‬وهي ثبا ُت ُه‬ ‫ِ‬ ‫الشجاعة ِمن‬
‫ُ‬
‫الح ُ‬ ‫سل‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫جاعة‪:‬‬ ‫لشدَّ تِه فيها و ُق َّوتِه‪َّ .‬‬
‫والش‬ ‫بمكروه؛ ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الحرب‬ ‫صاب في‬‫أن ُي َ‬ ‫حرام ْ‬
‫الباسل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫فكأن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرب؛ ضعي ًفا كان أو قو ًّيا‪ُ ،‬‬
‫والجرأ ُة‪:‬‬ ‫الجريء الم ْق ُ‬
‫دام في‬ ‫ُ‬ ‫والشجاع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الجرأ ُة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فالشجاعة ُت ْنبِئ عن الج ِ‬ ‫المكار ِه؛‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رأة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫القلب الدَّ اعي إلى اإلقدا ِم على‬ ‫قو ُة‬‫َّ‬
‫دم ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫إقدام سب ُب ُه ق َّل ُة‬ ‫والجرأ ُة‬ ‫الشدَّ ِة‪.‬‬
‫بئ عن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ظر في‬ ‫وع ُ‬
‫المباالة‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫والبسالة ُت ْن ُ‬
‫ِ‬
‫العارض؛‬ ‫ِ‬
‫مالحظة‬ ‫عرض ًة عن‬ ‫غير موض ِع اإلقدا ِم‪ُ ،‬م ِ‬ ‫النفس في ِ‬ ‫بل ُت ِ‬
‫قد ُم‬ ‫ِ‬
‫العاقبة‪ْ ،‬‬
‫ُ‬
‫وإما لها‪.‬‬
‫فإما عليها‪َّ ،‬‬
‫َّ‬
‫والسَّن ِة‪:‬‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫الشجاعة من‬
‫ِ‬ ‫الرتغيب يف‬
‫ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬

‫ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯰ‬

‫((( ُينظر‪(( :‬الصحاح في اللغة)) للجوهري (‪(( ،)1235/3‬مختار الصحاح)) للرازي (ص‪:‬‬
‫‪(( ،)354‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)173/8‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪ .)27 :‬و ُينظر‪(( :‬التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)125 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)99 :‬الروح)) البن القيم (ص‪ )237 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹﮊ [األنفال‪.]16 ،15 :‬‬


‫ ‪-‬وقال ُسبحانه‪ :‬ﮋﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬

‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬

‫قوي‬
‫بكل ما ُي ِّ‬ ‫أي‪ُ :‬حثَّهم َ‬
‫وأن ِْه ْضهم إليه ِّ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮊ [األنفال‪ْ ،]65 :‬‬
‫ِ‬
‫والترهيب‬ ‫ِ‬
‫األعداء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫قارعة‬ ‫وم‬ ‫رغيب في ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫نش ُط ِه َم َمهم‪ِ ،‬من ال َّت‬
‫عزائمهم‪ ،‬و ُي ِّ‬
‫الجهاد ُ‬ ‫َ‬
‫ذلك من ٍ‬
‫خير في‬ ‫والص ِبر‪ ،‬وما َيترت َُّب على َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ضدِّ ذلك‪ِ ،‬‬
‫وذ ْك ِر‬
‫فضائل الشجاعة َّ‬
‫نقص ِة للدِّ ِ‬
‫ين‬ ‫ُ‬
‫األخالق الر ِ‬
‫ذيلة الم ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الج ِ‬
‫بن‪ ،‬وأ َّنه من‬ ‫مضار ُ‬
‫ِّ‬
‫واآلخرة‪ِ ،‬‬
‫وذ ْك ِر‬ ‫ِ‬ ‫الدُّ نيا‬
‫ِ‬
‫غيره ْم(((‪.‬‬ ‫أو َلى ِمن‬
‫بالمؤمنين ْ‬
‫َ‬ ‫وأن الشجاع َة‬ ‫ِ‬
‫والمروءة‪َّ ،‬‬

‫((المؤمن‬
‫ُ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة قال‪ :‬قال‬
‫المؤمن َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫الله ِمن‬
‫القوي خير وأحب إلى ِ‬
‫الضعيف‪ ،‬وفي ُك ٍّل ٌ‬
‫خير))(((‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ ٌ‬
‫ِ‬ ‫األودي قال‪(( :‬كان سعدٌ ُيع ِّل ُم بنِ ِيه هؤالء‬ ‫بن م ٍ‬ ‫ ‪-‬وعن َع ِ‬
‫الكلمات‬ ‫ِّ‬ ‫يمون‬ ‫مرو ِ َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫لمان ِ‬
‫الكتاب َة‪،‬‬ ‫كما يع ِّلم المع ِّلم ِ‬
‫الغ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫أن ُأ َر َّد‬
‫بك ْ‬‫وأعوذ َ‬
‫ُ‬ ‫الج ِ‬
‫بن‪،‬‬ ‫أعوذ َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الصالة‪ :‬ال َّل ُه َّم إ ِّني‬ ‫يتعو ُذ‬ ‫َ‬
‫بك من ُ‬ ‫منهن ُد َبر‬
‫َّ‬ ‫كان َّ‬
‫ثت‬ ‫عذاب ِ‬
‫القبر‪َ .‬فحدَّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بك من‬‫وأعوذ َ‬
‫ُ‬ ‫بك ِمن فِ ِ‬
‫تنة الدُّ نيا‪،‬‬ ‫وأعوذ َ‬
‫ُ‬ ‫مر‪،‬‬ ‫الع ِ‬ ‫إ َلى ِ‬
‫أرذل ُ‬
‫به ُمصع ًبا‪ ،‬فصدَّ َق ُه))(((‪.‬‬

‫الشجاعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ما ِقيل يف‬

‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)325 :‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2664‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)2822‬‬
‫‪142‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ص على‬ ‫الله عنه‪ِ :‬‬ ‫ِ‬


‫الوليد ِ‬ ‫ِ‬
‫لخالد ِ‬ ‫بكر ِ‬‫ ‪-‬قال أبو ٍ‬
‫(احر ْ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن‬ ‫الله عنه‬ ‫رض َي ُ‬
‫وه ْب َ‬
‫لك الحيا ُة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموت‪ُ ،‬ت َ‬
‫الشجاع َة‬ ‫الله عنه‪ِ ْ :‬‬ ‫اس ِ‬ ‫عب ٍ‬ ‫زياد إلى ِ‬
‫والجبن‬
‫َ‬ ‫(أن ص ْف َ‬
‫لي َّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ابن َّ‬ ‫وكتب ٌ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫تركيب‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫طبائع ُر ِّك َب ْت في‬ ‫كتب َت َت ْسأ ُلني عن‬ ‫ِ‬ ‫والجو َد وال ُب َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فكتب إليه‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫خل‪،‬‬
‫والجبان ِيفر عن ُع ِ‬ ‫عمن ال َي ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫الجوارح‪ ،‬اع َل ْم َّ‬
‫رسه‪َّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫َ ُّ ْ‬ ‫عر ُفه‪،‬‬ ‫الشجاع ُيقات ُل َّ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫مس ُك عن ن ْف ِسه)(((‪.‬‬ ‫البخيل ي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫الجوا َد ُيعطِي َمن ال َيلزَ ُمه‪َّ ،‬‬
‫وأن‬
‫دبير‪ ،‬ولِسا ُنها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫الشجاعة‪ ،‬وقل ُب َها ال َّت ُ‬ ‫الحرب‬ ‫سم‬
‫بعض الحكماء‪( :‬ج ُ‬
‫صر)‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وسائقها ال َّن ُ‬ ‫الر ُ‬
‫فق‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الطاعة‪ ،‬وقائدُ ها ِّ‬ ‫ناحها‬
‫وج ُ‬‫المكيد ُة‪َ ،‬‬
‫الشجاعة(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أقسا ُم‬
‫ب َغ ٍ‬ ‫غضب‪ ،‬و َتط ُّل ِ‬
‫ٍ‬ ‫عية؛ كمن أقدَ م ل َث ِ‬
‫لبة‪.‬‬ ‫وران‬ ‫َ‬ ‫خمسة أنواعٍ‪َ :‬س ُب ٌ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫جاعة‬ ‫َّ‬
‫الش‬
‫ِ‬ ‫وص ًل إلى‬
‫رارا‬
‫حارب م ً‬ ‫َ‬ ‫كمن‬ ‫ٌ‬
‫جريبية؛ َ‬ ‫نكح‪ .‬و َت‬ ‫ٍ‬
‫مأكل أو َم ٍ‬ ‫حارب َت ُّ‬
‫َ‬ ‫كمن‬ ‫هيمي ٌة؛ َ‬
‫و َب َّ‬
‫ين‪.‬‬‫حار ُب َذ ًّبا عن الدِّ ِ‬‫كمن ُي ِ‬ ‫أصل َي ْبني عليه‪ِ .‬‬
‫وجهاديةٌ ؛ َ‬ ‫ذلك ً‬ ‫فجعل َ‬
‫َ‬ ‫فظ ِف َر‪،‬‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫محمودة بقدْ ِر ما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ذلك عن فِ ٍ‬ ‫كل َ‬ ‫تكون في ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وح ٌ‬ ‫ِ‬
‫وهيئة‬ ‫وتمييز‬ ‫كر‬ ‫كمية‪َ ،‬‬
‫وهي ما‬
‫ين ِ‬ ‫كافر غضبا ِ‬ ‫حمدُ َمن أقدَ َم على ٍ‬ ‫يج ُب‪ ،‬وعلى ما ِ‬ ‫ِ‬
‫الله‪ ،‬أو‬ ‫لد ِ‬ ‫ً‬ ‫يج ُب‪َ ،‬أل َترى أ َّنه ُي َ‬
‫إنجاز وع ِد ِ‬ ‫رأى ِمن‬‫أو اعتما ًدا على ما َ‬ ‫ثوابه‪ ،‬أو خو ًفا ِمن عقابِه‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الله‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫طمعا في‬
‫ً‬
‫قصدَ‬ ‫ِ‬
‫جاعة هو َّأل ي ِ‬ ‫حض َّ‬
‫الش‬ ‫وإن َ‬
‫كان َم ُ‬ ‫محمود ْ‬
‫ٌ‬ ‫كل َ‬
‫ذلك‬ ‫فإن َّ‬ ‫ِ‬
‫أوليائه؛ َّ‬ ‫في ُنص ِ‬
‫رة‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫دفع ِع ٍ‬
‫قاب‪.‬‬ ‫ثواب‪ ،‬أو َ‬‫ٍ‬ ‫باإلقدا ِم َ‬
‫حوز‬
‫ٍ‬ ‫غيره‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واحد منهما‬ ‫وكل‬ ‫الشجاعة المحمودة‪ُ :‬مجاهد ُة اإلنسان ن ْف َس ُه‪ ،‬أو َ‬ ‫ومن َّ‬
‫ِ‬
‫الشهوة‪،‬‬ ‫َ‬
‫وذلك بقم ِع‬ ‫ِ‬
‫وبالف ِ‬
‫عل‪،‬‬ ‫َ‬
‫وذلك بالتع ُّل ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالقول‪،‬‬ ‫س‬ ‫َضر ِ‬
‫بان‪ُ :‬مجاهد ُة ال َّن ْف ِ‬ ‫ْ‬

‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)92/1‬‬


‫((( ((نهاية األرب في فنون األدب)) للنويري (‪.)347/3‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)328 :‬‬
‫‪143‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫وبالفعل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وتعليمه‪،‬‬ ‫وذلك بت ِ‬
‫َزيين الحقِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالقول‪،‬‬ ‫ومجاهد ُة ِ‬
‫الغير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحمية‪ُ .‬‬
‫َّ‬ ‫وتهذيب‬
‫ِ‬
‫بالحرب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َعاطيه‬
‫ومت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الباطل ُ‬ ‫دافعة‬ ‫وذلك ُبم‬

‫فوائ ُد الشجاعة وآثا ُر َها(((‪:‬‬


‫الص ِ‬
‫در‪.‬‬ ‫ِ‬
‫النشراح َّ‬ ‫سبب‬ ‫ُ‬
‫جاعة ٌ‬ ‫‪َّ 1-1‬‬
‫الش‬

‫ِ‬
‫الفضائل‪.‬‬ ‫الشجاعة ُ‬
‫أصل‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬
‫األخالق ِّ‬
‫والش َي ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وإيثار معالي‬ ‫جاعة َت ْح ِم ُل صاح َبها على ِع َّز ِة الن ْف ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫الش ُ‬‫‪َّ 3-3‬‬
‫حسن الظن ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الر ُج ُل ُّ‬
‫َّ‬ ‫جاع ُي ُ‬
‫الش ُ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫بالشجاعة‪.‬‬ ‫اإلمارة والس ِ‬
‫ياسة َّإل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫صلحة‬ ‫‪5-5‬ال َتتِ ُّم َم‬
‫ِّ‬
‫لألمور ِ‬
‫الع َظا ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والتأهل‬ ‫الكرائ ِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حم ِل‬ ‫‪ِ 6-6‬ك ْب ُر ال َّن ْف ِ‬
‫ُّ‬ ‫واالقتدار على ْ‬
‫ُ‬ ‫س‪،‬‬
‫المخاوف ح َّتى ال ي ِ‬
‫ِ‬ ‫وهي ثِ ُ‬
‫قة الن ْف ِ‬
‫زع‪.‬‬
‫خام َرها َج ٌ‬ ‫ُ‬ ‫س عندَ‬ ‫‪7-7‬ال َّنجد ُة‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫وح ِ‬ ‫البدن بال َّت ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ستعم ُل‬ ‫قو ٌة للن ْف ِ‬
‫س بها َت‬ ‫ُ‬
‫العادة‪.‬‬ ‫سن‬ ‫مرين ُ‬ ‫احتمال الكدِّ ‪ ،‬وهو َّ‬ ‫‪8-8‬‬

‫الشجاعة(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن ُص َور‬
‫ِ‬
‫بالموت‪.‬‬ ‫ُ‬
‫واالستهانة‬ ‫سبيل ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫الوغى في‬ ‫ِ‬
‫احات َ‬ ‫اإلقدام في َس‬ ‫‪1-1‬‬
‫ُ‬
‫المنك ِر‪ ،‬وب ِ‬
‫يان الحقِّ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪2-2‬الجرأ ُة في إن ِ‬
‫ْكار‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫المخاطر‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫حم ِل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الجأش؛‬ ‫باطة‬ ‫حتاج إلى َت ُّ‬
‫األعمال التي َت ُ‬ ‫جاعة في‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫الش‬
‫وغير ِهم‪.‬‬
‫والممرضين ِ‬ ‫ال المناج ِم‪ ،‬واألطب ِ‬
‫اء‬ ‫المطافئ‪ ،‬وعم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كرجال‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫وعقل‬ ‫ٍ‬
‫حاضر‪،‬‬ ‫هن‬ ‫وثبات‪ِ ،‬‬
‫وذ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الشدائد‪ ،‬ومقابل ُتها بر ٍ‬
‫زانة‬ ‫ِ‬ ‫هن عندَ‬‫الذ ِ‬
‫ضور ِّ‬
‫َ‬ ‫‪ُ 4-4‬ح ُ‬

‫((( ((تهذيب األخالق)) البن مسكويه (ص‪ )18 :‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لجمال نصار (ص‪ )206 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫غير مش َّت ٍ‬
‫ت‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الناس‪ ،‬واالعتِ ُ‬
‫راف‬ ‫ُ‬ ‫وإن تأ َّل َم منه‬ ‫ٍ‬
‫بأدب ْ‬ ‫األدبي ُة‪ ،‬وهي ُ‬
‫قول الحقِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الشجاعة‬ ‫‪5-5‬‬
‫بالخطأِ ْ‬
‫وإن نا َل ْته ُع ٌ‬
‫قوبة‪.‬‬
‫الشجاعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اكتساب ُخ ِ‬
‫لق‬ ‫ِ‬ ‫وسائل‬
‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫والذ ْك ِر‪.‬‬ ‫الله بالدُّ ِ‬
‫عاء ِّ‬ ‫‪1-1‬ال ُّلجوء إ َلى ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالقضاء والقدَ ِر‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لن ُيصي َبه َّإل ما كت َ‬
‫َب‬ ‫َ‬
‫اإلنسان ْ‬ ‫وأن‬ ‫اإليمان‬ ‫عقيدة‬ ‫ُ‬
‫ترسيخ‬‫‪2-2‬‬
‫الله له‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليمان باليو ِم‬ ‫ِ‬
‫عقيدة‬ ‫ُ‬
‫ترسيخ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫سبيل‬ ‫للذين ُيقاتِ َ‬
‫لون في‬ ‫َ‬ ‫الله ِمن ال َّنعي ِم في الج َّن ِة‬ ‫ِ‬
‫اليقين بما أعدَّ ه ُ‬ ‫غرس‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫الله‪.‬‬
‫المواقف الم ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حر َجة التي ال َيتخ َّل ُ‬
‫ص‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان إلى‬ ‫العملي بد ْف ِع‬
‫ُّ‬ ‫التدريب‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫تشج َع‪.‬‬ ‫منها َّإل ْ‬
‫بأن َي َّ‬
‫أوهام ال حقيق َة لها‪.‬‬ ‫الج ِ‬
‫بن ال تعدُ و أ َّنها‬ ‫ِ‬ ‫اإلقناع َّ‬
‫ٌ‬ ‫عظم ُمثيرات ُ‬
‫بأن ُم َ‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫جعان‪ِ ،‬‬
‫وذ ْك ُر َق َص ِصهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الح ُ‬ ‫‪ُ 7-7‬‬
‫مشاهد ُّ‬
‫الش‬ ‫وعرض‬ ‫سنة‪،‬‬ ‫القدو ُة َ‬

‫بعطاءات ما ِّد ٍية(((‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫‪8-8‬إثار ُة دواف ِع ال َّت ِ‬
‫نافس‪ ،‬ومكافأ ُة األشج ِع‬

‫حابة وال ُعلما ِء‪:‬‬


‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫شجاعة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫مناذج من‬
‫ُ‬
‫برسول ِ‬
‫ِ‬ ‫ونحن ُ‬ ‫يوم َبدْ ٍر‬ ‫علي َر ِضي ُ‬
‫الله‬ ‫نلوذ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪(( :‬ل َقدْ رأي ُتنَا َ‬ ‫عن ٍّ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫بأسا))(((‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫العدو‪ ،‬وكان ِمن أشدِّ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ُ‬
‫ص َّلى ُ‬
‫الناس يومئذ ً‬ ‫ِّ‬ ‫وه َو أقر ُبنَا إلى‬

‫((( ‪(( 8 - 2‬األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (‪ )568/2‬بتصرف‪.‬‬


‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)654‬وابن أبي شيبة (‪ .)33281‬جود إسناده العراقي في ((تخريج اإلحياء))‬
‫وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (‪.)64/2‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪،)467/2‬‬
‫‪145‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫أحس َن‬‫الله ع َليه وس َّل َم َ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َ‬
‫((كان ال َّن ُّ‬ ‫أنس رضي الله عنه قال‪:‬‬ ‫وعن ٍ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫ذات ٍ‬
‫ليلة‪ ،‬فانط َلقَ‬ ‫ِ‬
‫المدينة َ‬ ‫فز َع ُ‬
‫أهل‬ ‫الناس‪ ،‬ولقدْ ِ‬
‫ِ‬ ‫وأشج َع‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫الناس‪ ،‬وأجو َد‬‫ِ‬
‫َ‬
‫الناس إلى‬‫َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قدْ س َبقَ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫فاس َت ْق َبلهم ال َّن ُّ‬
‫ِ‬
‫الصوت‪ْ ،‬‬
‫ِ‬
‫الناس ق َب َل َّ‬
‫ُ‬
‫فرس ألبِي طلح َة ُع ْر ٍي‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لن ُتراعوا‪ .‬وهو على‬ ‫وت‪ ،‬وهو ُ‬ ‫الص ِ‬
‫لن ُتراعوا‪ْ ،‬‬ ‫يقول‪ْ :‬‬ ‫َّ‬
‫بحر))(((‪.‬‬ ‫بحرا‪ ،‬أو إ َّن ُه َل ٌ‬
‫وجدْ ُت ُه ً‬ ‫فقال‪ :‬لقدْ َ‬ ‫سيف‪َ ،‬‬ ‫رج‪ ،‬في ُع ِنقه ٌ‬ ‫ما عليه َس ٌ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫أصحاب‬
‫َ‬
‫بن ُعرو َة‪ ،‬عن ِ‬
‫أبيه‪َّ :‬‬
‫(أن‬ ‫ْ‬ ‫وعن ِهشا ِم ِ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫بير يوم الير ِ‬
‫إن َشدَ ْد ُت‬ ‫معك؟ فقال‪ :‬إ ِّني ْ‬ ‫َ‬ ‫تشدُّ ُ‬
‫فنشدَّ‬ ‫موك‪َ :‬أل ُ‬ ‫للز ِ َ َ ْ‬ ‫وس َّل َم قا ُلوا ُّ‬
‫معه‬ ‫فجاو َزهم‪ ،‬وما َ‬ ‫َ‬ ‫فح َم َل عليهم حتى شقَّ ُصفو َفهم‪،‬‬ ‫فع ُل‪َ ،‬‬
‫كذ ْب ُت ْم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال َن َ‬‫َ‬
‫عاتق ِه‪ ،‬بينهما َض ٌ‬
‫ربة‬ ‫فضربوه َضربتَين على ِ‬
‫ْ‬
‫ِ ِِ‬
‫رج َع ُمقبِ ًل َفأ َخذوا بلجامه َ ُ‬ ‫ثم َ‬ ‫أحدٌ ‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫قال عرو ُة‪ِ ُ :‬‬
‫عب وأنا‬ ‫الضربات أ ْل ُ‬ ‫أصابعي في تلك َّ‬ ‫كنت ُأدخ ُل َ‬ ‫بدر‪َ .‬‬ ‫يوم ٍ‬‫ُض ِر َبها َ‬
‫ٍ‬
‫يومئذ‪ ،‬وهو ا ْب ُن عشْ ِر‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫قال عرو ُة‪:‬‬‫صغير‪َ ،‬‬
‫سنين‪،‬‬‫َ‬ ‫بير‬ ‫بن ُّ‬‫معه عبدُ الله ُ‬ ‫وكان َ‬ ‫ٌ‬
‫رجل)(((‪.‬‬‫وك َل به ً‬ ‫فرس َّ‬‫ٍ‬ ‫فح َمله على‬ ‫َ‬

‫الله‪،‬‬ ‫عبد السال ِم ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫ماء العزِّ ِ‬ ‫لطان الع َل ِ‬‫الباجي موق ًفا عن س ِ‬ ‫ ‪-‬و َيحكي ِ‬
‫مه ُ‬ ‫رح ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫لطان في يو ِم ٍ‬ ‫ين مر ًة إلى الس ِ‬
‫فشاهدَ‬ ‫َ‬ ‫القلعة‪،‬‬ ‫عيد إلى‬ ‫ُّ‬ ‫عز الدِّ ِ َّ‬ ‫يخنا ُّ‬ ‫فيقول‪( :‬ط َل َع َش ُ‬
‫العيد ِمن‬ ‫ِ‬ ‫يوم‬ ‫المملكة وما الس ُ ِ‬
‫لطان فيه َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ومجلس‬
‫َ‬ ‫بين يدَ ْيه‪،‬‬
‫ين َ‬ ‫العساكر ُمصط ِّف َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المصرية‪،‬‬ ‫الطين الدِّ ِ‬
‫يار‬ ‫ِ‬ ‫عادة َس‬‫ِ‬ ‫ومه في ِزينتِه على‬ ‫األبه ِة‪ ،‬وقد خرج على َق ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫الشيخ إلى الس ِ‬
‫لطان‬ ‫ُ‬ ‫لطان‪ ،‬فا ْلت َف َت‬‫بين يدَ ي الس ِ‬ ‫َ‬ ‫األمراء ُتق ِّب ُل‬ ‫وأخذ ِ‬
‫َ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫األرض َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يح‬ ‫ثم ُتبِ ُ‬ ‫مصر َّ‬ ‫وب‪ ،‬ما ُح َّج ُتك عندَ الله إذا قال لك‪ :‬أ َل ْم أ ِّبو ْئ لك ُم ْل َك َ‬ ‫ونا َداه‪ :‬يا أ ُّي ُ‬
‫الخمور‪،‬‬‫ُ‬ ‫اع فيها‬ ‫ُ‬
‫الفالنية ُي َب ُ‬ ‫ُ‬
‫الحانة‬ ‫الخمور؟! فقال‪ :‬هل َجرى هذا؟ فقال‪َ :‬نع ْم؛‬ ‫َ‬
‫بأع َلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وغير َها ِمن‬
‫وأنت تتق َّل ُب في نعمة هذه المملكة‪ُ ،‬ينَاديه كذلك ْ‬ ‫المنكرات‪َ ،‬‬ ‫ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6033‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2307‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪.)3975‬‬
‫‪146‬‬
‫ةعاج َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫زمان أبِي‪،‬‬ ‫عم ْل ُته‪ ،‬هذا ِمن‬
‫واقفون‪ ،‬فقال‪ :‬يا سيدي‪ ،‬هذا أنا ما ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫والعساكر‬
‫ُ‬ ‫َصوتِه‪،‬‬
‫يقولون‪ :‬ﮋ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ [الزخرف‪!]22 :‬‬ ‫َ‬ ‫الذين‬
‫َ‬ ‫أنت من‬ ‫فقال‪َ :‬‬
‫الشيخ لما جاء ِمن ِ‬ ‫يقول ِ‬
‫الباج ُّي‪ :‬سأ ْل ُت‬ ‫الحانة‪ُ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ُ‬
‫عند‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫بإبطال تلك‬ ‫لطان‬ ‫فرس َم ُّ‬
‫َ‬
‫رأي ُته في‬‫الحال؟ فقال‪ :‬يا ُبنَي‪َ ،‬‬‫ُ‬ ‫الخبر‪ :‬يا س ِّيدي‪َ ،‬‬
‫كيف‬ ‫لطان وقدْ شاع هذا‬ ‫الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫فقلت‪ :‬يا س ِّيدي‪ ،‬أ َما ِخ ْفتَه؟‬ ‫أن ُأ ِهينَه؛ َّ‬
‫لئل َتك ُب َر ن ْف ُسه ف ُت ْؤذ َيه‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫العظمة فأر ْد ُت ْ‬ ‫َ‬
‫تلك‬
‫لطان قدَّ امي ِ‬
‫كالق ِّط)(((‪.‬‬ ‫الس ُ‬ ‫ضرت َهيب َة ِ‬ ‫ِ‬
‫فصار ُّ‬
‫َ‬ ‫الله تعالى‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والله يا ُبن ََّي‪ ،‬است َْح‬ ‫فقال‪:‬‬

‫الشجاعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ما َّ‬
‫يرتت ُب على‬
‫سبيل ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫ِ‬
‫جاعة في‬ ‫َ‬
‫ستعان َّ‬
‫بالش‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫أن ُي‬

‫جاع في موض ِع اإلقدا ِم‪ ،‬و َي ْث ُب َت‬


‫الش ُ‬ ‫وضعها‪ ،‬ف ُي ْق ِد َم ُّ‬
‫جاعة في م ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫تكون َّ‬
‫الش‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫أن‬
‫حج َم في موض ِع اإلحجا ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫في َموض ِع الثَّبات‪ ،‬و َي ُ‬
‫الصحيح‪.‬‬ ‫أي‬
‫الر ُ‬ ‫ِ‬ ‫أن َي ِ‬
‫قتر َن مع َّ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫ُ‬ ‫الشجاعة َّ‬
‫عر‪:‬‬ ‫واحة ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫ُ‬
‫الشجاعة يف ِ‬
‫لمي‪:‬‬
‫الس ِّ‬ ‫اس ْب ِن ِم ْر ٍ‬
‫داس ُّ‬ ‫العب ِ‬ ‫العرب ُ‬
‫قول َّ‬ ‫ُ‬
‫قيل‪ :‬أشجع ٍ‬
‫بيت قا َله‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َتيبــــة َل ُأ َبالي َأ َحت ِْفــــي َ‬
‫(((‬
‫كان فيها َأ ْم س َ‬
‫ــــواها‬ ‫أشــــدُّ ع َلــــى الك‬

‫((( ((طبقات الشافعية)) للسبكي (‪.)211/8‬‬


‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة الدينوري (‪.)211/2‬‬
‫‪147‬‬
‫ةقفَّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َّ‬
‫الشفق ُة‬

‫فقة‪:‬‬ ‫معنى َّ‬


‫الش ِ‬
‫والخ ُ‬
‫وف عليه؛ يقال‪:‬‬ ‫يء‪َ ،‬‬ ‫الش ِ‬
‫ذر من َّ‬ ‫ِ‬ ‫االسم ِمن‬ ‫الشفق ُة ُلغ ًة‪:‬‬
‫َّ‬
‫الح ُ‬
‫اإلشفاق‪ ،‬وهو َ‬ ‫ُ‬
‫الحريص‬
‫ُ‬ ‫الناصح‬
‫ُ‬ ‫فيق‪:‬‬ ‫وأشفقت عليه‪ ،‬وال يقال‪َ :‬ش ِف ْقت‪َّ .‬‬
‫والش ُ‬ ‫ُ‬ ‫أش َف ْق ُت ُ‬
‫منه‪،‬‬
‫ِ‬
‫المنصوح(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صالح‬ ‫على‬

‫ُ‬
‫يخاف‬ ‫لم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هي ر َّق ُة‬ ‫الشفق ُة‬
‫َّ‬
‫خوف برحمة من الخائف َ‬ ‫الخوف‪ ،‬وهو‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحمة‪ ،‬فإ َّنها أ ْل َط ُف‬ ‫سبة الر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحمة وأر ُّقها(((‪.‬‬ ‫أفة إلى‬ ‫ع َليه‪ ،‬فن ْسب ُته إلى الخوف ن ُ َّ‬
‫المشفقَ ُي ِح ُّب المش َفقَ ع َليه‪ ،‬و َي ُ‬
‫خاف ما‬ ‫ِ‬ ‫بخوف؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ٍ‬ ‫ختل ٌ‬
‫طة‬ ‫وقيل‪ :‬هي ِع ٌ‬
‫ناية ُم ِ‬

‫لح ُقه(((‪.‬‬
‫َي َ‬
‫والر َّق ِة‪:‬‬
‫فقة ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي َّ‬ ‫ُ‬
‫شف ُق ع َليه؛ كا َّلذي َي ِئدُ المؤود َة ف َي ِر ُّق لها ال َمحال َة؛‬
‫اإلنسان لمن ال ي ِ‬
‫ُ َ ْ ُ‬ ‫قدْ َي ِر ُّق‬
‫لو أش َفقَ ع َليها ما َو َأ َدها(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫طب َع اإلنسانية ُيوج ُب ذلك‪ ،‬وال ُيشف ُق عليها؛ أل َّنه ْ‬ ‫ألن ْ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫فقة يف‬
‫الش ِ‬ ‫غيب َ‬
‫واحل ُّث على َّ‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ [التوبة‪ْ ،]128 :‬‬
‫أي‪:‬‬

‫((( ((تهذيب اللغة)) لألزهري (‪(( ،)261/8‬الصحاح)) للجوهري (‪.)1502-1501/4‬‬


‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)514/1‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪.)459-458 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)300 :‬‬
‫‪148‬‬
‫ةقفَّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫صع ُب عليه َع َن ُت ُكم(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬


‫رسول ُمشف ٌق في ح ِّقكم؛ أل َّنه َي ُ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫شير َر ِضي ُ‬
‫الله عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال‬ ‫بن َب ٍ‬ ‫ ‪-‬وعن ال ُّن ِ‬
‫عمان ِ‬
‫ِ‬ ‫عاط ِفهم َم َث ُل‬
‫راح ِمهم و َت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم‪َ (( :‬م َث ُل‬
‫الجسد؛‬ ‫المؤمنين في َتوا ِّدهم و َت ُ‬
‫َ‬
‫والح َّمى))(((‪ .‬وهذا َت ٌ‬ ‫بالس ِ‬ ‫ِ‬ ‫اش َ‬
‫إ َذا ْ‬
‫مثيل‬ ‫هر ُ‬ ‫الجسد َّ‬ ‫عضو َتداعى ُله ُ‬
‫سائر َ‬ ‫ٌ‬ ‫منه‬
‫تكى ُ‬
‫ِ‬
‫والرأفة(((‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫فقة‬ ‫أن يكو ُنوا ع َليه ِمن َّ‬ ‫للمؤمنين بما ِ‬
‫يج ُب ْ‬ ‫َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪(( :‬إذا‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عن أبي ُهرير َة َر ِضي ُ‬
‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫َ‬
‫والمريض‪،‬‬ ‫والض َ‬
‫عيف‪،‬‬ ‫والكبير‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫غير‪،‬‬
‫الص َ‬
‫فإن فيهم َّ‬ ‫الناس ف ْل ُيخ ِّف ْ‬
‫ف؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫َأ َّم أحدُ ُكم‬
‫صل َ‬
‫كيف شاء))(((‪.‬‬ ‫فإذا َص َّلى َو ْحده ف ْل ُي ِّ‬

‫الشفقة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫لف وال ُع َلما ِء يف‬
‫الس ِ‬ ‫ْأق ُ‬
‫وال َّ‬
‫َعمل مو ًلى له ُيدْ عى‪:‬‬ ‫اب َر ِضي ُ‬
‫الله عنه است َ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬
‫عمر َ‬
‫(أن َ‬‫أسلم‪َّ :‬‬‫َ‬ ‫عن‬
‫ ‪ْ -‬‬
‫المسلمين‪ ،‬وات َِّق دعو َة‬ ‫ناحك عن‬ ‫الح َمى‪ ،‬فقال‪ :‬يا ُهن َُّي‪ْ ،‬‬ ‫ُهنَيا على ِ‬
‫َ‬ ‫اض ُم ْم َج َ‬ ‫ًّ‬
‫ناحك) ِك ٌ‬
‫ناية عن‬ ‫ٌ‬
‫ستجابة)(((‪ .‬وقوله‪ْ :‬‬
‫(اض ُم ْم َج َ‬ ‫فإن دعو َة المظلو ِم ُم‬‫المظلو ِم؛ َّ‬
‫ِ‬
‫والشفقة(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الرحمة‬
‫الش ُ‬
‫فقة‬ ‫مملوء إيما ًنا‪ ،‬فعالم ُت ُه َّ‬
‫ٌ‬ ‫(القلوب ُظ ٌ‬
‫روف؛ فق ْل ٌب‬ ‫ُ‬ ‫الخ ِير‪:‬‬
‫ ‪-‬وقال أبو َ‬
‫صالح ُه‬
‫ُ‬ ‫أن يعو َد‬ ‫ومعاون ُتهم على ْ‬
‫همهم‪ُ ،‬‬ ‫واالهتمام بما َي ُّ‬
‫ُ‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫َ‬ ‫على جمي ِع‬
‫والحسدُ )(((‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫والغ ُّل‬ ‫إليهم‪ ،‬وق ْلب مملوء نِفا ًقا‪ ،‬فعالم ُته ِ‬
‫الحقدُ‬
‫والغش َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)1515 :‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6011‬ومسلم (‪ )2586‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( ((صحيح ابن حبان)) (‪.)496/1‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)703‬ومسلم (‪ )467‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)3059‬‬
‫((( ((عمدة القاري)) للعيني (‪.)304/14‬‬
‫((( ((تاريخ دمشق)) البن عساكر (‪.)161/66‬‬
‫‪149‬‬
‫ةقفَّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الشفقة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أقسا ُم‬
‫حص ُل‬ ‫ُ‬
‫ذمومة ما َي ُ‬ ‫والم‬ ‫ُ‬
‫المذمومة‪َ .‬‬ ‫والش ُ‬
‫فقة‬ ‫قة المحمود ُة‪َّ ،‬‬ ‫الش َف ُ‬ ‫ِ‬
‫سمان‪َّ :‬‬‫فقة ِق‬
‫الش ُ‬
‫َّ‬
‫وأوامره؛ كمن ي ِ‬
‫ِ‬ ‫تطبيق ح ِ‬ ‫تعطيل لشر ِع ِ‬
‫شف ُق على‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫دوده‬ ‫ِ ُ‬ ‫هاون في‬‫الله‪ ،‬أو َت ٌ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫بسببِها‬
‫َ‬
‫ارتكب جرما ي ِ‬
‫أن ذلك‬‫حس ُب َّ‬‫والعفو عنه‪ ،‬و َي َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حاول إقالتَه‬ ‫ستح ُّق به حدًّ ا‪ ،‬ف ُي‬ ‫َمن َ َ ُ ً َ‬
‫الط َّل ِ‬
‫ب‬ ‫يء‪ .‬أو كمن ي ِ‬
‫شف ُق على ُّ‬ ‫الخ ْل ِق‪ ،‬وهو ليس منها في َش ٍ‬ ‫ِ‬
‫الشفقة على َ‬ ‫ِمن‬
‫َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫أن َي ْر ُسبوا!‬ ‫ِ‬
‫االمتحان؛ َشفق ًة منه عليهم ْ‬ ‫ف َي ْت ُ‬
‫ركهم َي ُّ‬
‫غشون في‬

‫الشفقة وآثا ُرها‪:‬‬


‫ِ‬ ‫فوائ ُد‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫لق تح َّلى ِبه‬
‫بخ ٍ‬
‫المتح ِّل َي بها َيتح َّلى ُ‬
‫أن ُ‬‫‪َّ 1-1‬‬
‫بخ ِ‬
‫ور ْحمتِهم َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أن أه َلها َم ْخ‬
‫لقه‪.‬‬ ‫صوصون برحمة الله؛ َجزا ًء ل َش َفقتهم َ‬
‫َ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬

‫ومحب ِة ال َّن ِ‬
‫اس له‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫للعب ِد‪،‬‬ ‫يل م ِ ِ‬
‫سبب في َن ِ َ َّ‬
‫حبة الله ْ‬ ‫‪ٌ 3-3‬‬

‫تماسك يعطِ ُف ُ‬
‫بعض ُه على‬ ‫ٌ‬ ‫ظيمة َي ْنبني عليها مجتمع ُم ِ‬
‫سل ٌم ُم‬ ‫ٌ‬ ‫‪4-4‬أ َّنها َركيز ٌة َع ٌ‬
‫ٍ‬ ‫بعض‪ ،‬وي ِ‬
‫بعض‪.‬‬ ‫شف ُق ُ‬
‫بعض ُه على‬ ‫ٍ ُ‬
‫أن َ‬ ‫‪-‬تبارك و َتعا َلى‪ -‬وكري ِم ع ْف ِوه‪ ،‬كما َّ‬ ‫لمغفرة ِ‬
‫ِ‬
‫سبب‬
‫نقيضها ٌ‬ ‫َ‬ ‫الله‬ ‫‪5-5‬أ َّنها ٌ‬
‫سبب‬
‫في َسخطِه وعذابِه‪.‬‬

‫فقة‪:‬‬ ‫ِمن ُص َور َّ‬


‫الش ِ‬
‫جل َب‪ ‬المش َّق َة لهم‪.‬‬ ‫فقة اإلما ِم َبرعيتِ ِه‪ ،‬وتج ُّن ُب ما ِمن شأنِ ِه ْ‬
‫أن َي ِ‬ ‫‪َ 1-1‬ش ُ‬

‫ُ‬
‫والحزن إذا أصا َبهم َمكرو ٌه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والعطف عليهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األبناء‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الشفقة على‬ ‫‪2-2‬‬
‫ين على أو ِ‬
‫الدهما‪.‬‬ ‫فقة الوالدَ ِ‬
‫‪َ 3-3‬ش ُ‬
‫ْ‬
‫فقة على الن ِ‬
‫ِّساء‪.‬‬ ‫الش ُ‬
‫‪َّ 4-4‬‬

‫‪150‬‬
‫ةقفَّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َّ‬
‫الشفق ِة(((‪:‬‬ ‫اكتساب‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫التكب ُر على‬
‫‪ُّ 1-1‬‬
‫رين‪.‬‬ ‫‪2-2‬اإلساء ُة َ‬
‫لآلخ َ‬
‫أن الخ ْلقَ ك َّلهم ِش ٌ‬
‫باع‪.‬‬ ‫ظن َّ‬ ‫الشب ُع؛ أل َّنه إذا ِ‬
‫شب َع‪َّ ،‬‬ ‫‪َ ِّ 3-3‬‬
‫المسلمين‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫فقة على‬ ‫الح َس ِد ِمن ِق َّل ِة َّ‬ ‫عمة ِ‬
‫الله‪ ،‬و َن ُ‬ ‫‪4-4‬الحسدُ ؛ فإ َّنه عدُ و نِ ِ‬
‫َ‬ ‫تيجة َ‬ ‫ُّ‬
‫فقة‪:‬‬ ‫اكتساب َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ِ‬
‫باإلحسان‪.‬‬ ‫‪1-1‬ال َّتح ِّلي‬

‫عدم ِّ‬
‫الش َبعِ‪.‬‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫الحسد‪.‬‬ ‫عدم‬
‫‪ُ 3-3‬‬

‫فإن‬ ‫رأ ِ‬
‫س اليتي ِم؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫الحاجة‪ ،‬ومس ُح ْ‬ ‫والمساكين و َذ ِوي‬
‫ِ‬ ‫بالض ِ‬
‫عفاء‬ ‫ُ‬
‫االختالط ُّ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ْ‬
‫وغ ِيرهم‪.‬‬ ‫والش ِ‬
‫فقة بهؤالء َ‬ ‫ِ‬
‫الرحمة َّ‬ ‫القلب‪ ،‬و َيدْ عو إلى‬ ‫مما ُير ِّق ُق‬
‫َ‬ ‫ذلك َّ‬

‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬ ‫واملرسل َ‬
‫ني َّ‬ ‫َ‬ ‫فقة من األنبيا ِء‬ ‫اذج يف َّ‬
‫الش ِ‬ ‫َن ُ‬
‫ِ‬
‫والرحمة‬ ‫الش ِ‬
‫فقة‬ ‫الله ع َليهم‪ِ -‬من َأ ْس َمى الخ ْل ِق في َّ‬
‫‪-‬صلوات ِ‬
‫ُ‬ ‫األنبياء‬ ‫ ‪-‬كان‬
‫ُ‬
‫عبد ِ‬
‫الله‬ ‫قومهم لهم؛ فعن ِ‬ ‫إيذاء ِ‬ ‫شفقون بِهم بالرغ ِم ِمن ِ‬ ‫والح ْل ِم ب َقو ِمهم‪ ،‬فكانوا ي ِ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫أنظ ُر إلى ال َّن ِّ‬
‫ٍ‬
‫مسعود َر ِضي ُ‬
‫الله عنه قال‪(( :‬كأ ِّني ُ‬ ‫ِ‬
‫ابن‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫وج ِهه‬ ‫ِ‬
‫األنبياء ضر َبه ُ َ‬ ‫نبيا ِم َن‬
‫مس ُح الدَّ َم عن ْ‬
‫قوم ُه‪ ،‬فأ ْد َموه‪ ،‬فهو َي َ‬ ‫َ‬ ‫َي ْحكي ًّ‬
‫رب ْاغ ِفر ل َق ِ‬
‫ومي؛ فإ َّنهم ال َيعلمون))(((‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬

‫والتصب ِر والع ْف ِو‬ ‫الله وسالم ُه َع َليهم‪ِ -‬من ِ‬


‫الحل ِم‬ ‫‪-‬صلوات ِ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وفيه ما كانوا عليه‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫((( ((عيوب النفس)) للسلمي (ص‪(( ،)31 :‬إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)87/3‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )6929‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1792‬‬
‫‪151‬‬
‫ةقفَّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وع ْذ ِرهم في ِجنا َيتِهم‬ ‫والغ ِ‬


‫فران‪ُ ،‬‬ ‫باله ِ‬
‫داية ُ‬ ‫ود ِ‬
‫عائهم لهم ِ‬ ‫ومهم‪ُ ،‬‬ ‫فقة على َق ِ‬‫والش ِ‬
‫َّ‬
‫على أن ِ‬
‫ْفسهم بأ َّنهم ال َي ْعلمون(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫حديث‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال في‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫أنس َر ِضي ُ‬
‫الله عنه‪َّ ،‬‬ ‫وعن ٍ‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫فقة والر ِ‬
‫حمة التي ُو ِص َ‬ ‫الش ِ‬
‫الوص ُف ِمن َّ‬ ‫ِ‬ ‫الشفاعة‪ِ ُ :‬‬
‫ِ‬
‫ف بها‬ ‫َّ‬ ‫((أ َّمتي ُأ َّمتي))(((‪ ،‬وهذ ْ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم(((‪.‬‬
‫ص َّلى ُ‬
‫ٍ‬ ‫الر ِ‬
‫أن ُيك ِّل َم َ‬
‫عمر ْبن‬ ‫عوف ْ‬ ‫بن‬
‫حمن َ‬ ‫الناس عبدَ َّ‬
‫ُ‬ ‫(ك َّلم‬
‫األصمعي‪َ :‬‬
‫ُّ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫هن‪،‬‬ ‫األبكار في ُخ ِ‬
‫دور َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أخاف‬ ‫لهم؛ فإ َّنه قد‬
‫ين ْ‬ ‫أن َي ِل َ‬
‫الله عنه في ْ‬ ‫ضي ُ‬
‫اب َر َ‬‫الخط ِ‬
‫َّ‬

‫الله عنهما‪ ،‬فقال له‪ :‬يا‬


‫ضي ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرحمن‪ ،‬فا ْل َ‬ ‫فك َّل َمه عبدُ‬
‫حمن َر َ‬ ‫عمر إلى عبد َّ‬ ‫تفت ُ‬
‫عندي ِمن‬
‫والله لو أ َّنهم يعلمون ما لهم ِ‬
‫َْ‬
‫ِ‬ ‫أجدُ لهم َّإل َ‬
‫ذلك‪،‬‬ ‫الرحمن‪ ،‬إ ِّني ال ِ‬
‫ِ‬ ‫عبدَ‬
‫ل َخذوا ثوبِي عن َعاتِقي)(((‪.‬‬ ‫والش ِ‬
‫فقة‪َ َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والرحمة َّ‬ ‫الر ِ‬
‫أفة‬ ‫َّ‬
‫األمثال ِّ‬
‫والشعر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فقة يف‬ ‫َّ‬
‫الش ُ‬
‫أشفق ِمن ُأم على ٍ‬
‫ولد(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬يقال‪:‬‬
‫ٍّ‬

‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫والـــد ع َلـــى ِ‬
‫ولد‬ ‫ٍ‬ ‫ـــفق ِمـــن‬
‫ْأش َ‬ ‫وكنـــت َله‬
‫ُ‬ ‫كان لِـــي‬
‫وصاحـــب َ‬
‫ٌ‬
‫ِ (((‬
‫أو كـــذرا ٍع نِي َط ْ‬
‫ـــت إلـــى َع ُضد‬ ‫ٍ‬
‫كســـاق ت َْســـعى بها َقـــدَ ٌم‬ ‫كنَّـــا‬

‫((( ((شرح النووي على مسلم)) (‪.)150/12‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)7510‬ومسلم (‪.)193‬‬
‫((( ((شعب اإليمان)) للبيهقي (‪.)163/2‬‬
‫((( أخرجه أبو بكر الدِّ َينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (‪.)43/4‬‬
‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (ص‪.)538 :‬‬
‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة (‪.)93/3‬‬
‫‪152‬‬
‫ةماه َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َّ‬
‫الشهام ُة‬

‫هامة‪:‬‬
‫الش ِ‬‫معنى َّ‬
‫هم‪ ،‬وهو َّ‬ ‫الذ ِ‬
‫كاء؛ ُيقال‪ٌ :‬‬ ‫تدل على َّ‬‫الشهام ُة ُلغ ًة‪ :‬مادة (شهم) ُّ‬
‫كي‬
‫الذ ُّ‬ ‫رجل َش ٌ‬
‫القيا ِم بما ي ِ‬
‫حم ُل‪ ،‬الذي‬ ‫مول‪ ،‬الجيدُ ِ‬
‫الح ُ‬ ‫ِ‬
‫الفؤاد المتو ِّقدُ ‪ ،‬الج ْلدُ ‪ .‬وقيل‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫هم‪َ :‬‬
‫الش ُ‬
‫ال َت ْلقا ُه َّإل َح ً‬
‫مول‪ ،‬ط ِّي َب الن ْف ِ‬
‫س بما َح َمل(((‪.‬‬
‫األمور الع ِ‬ ‫باش ِ‬ ‫عز ُة ال َّن ِ ِ‬
‫ظيمة؛‬ ‫ِ َ‬ ‫رة‬ ‫رصها على ُم َ‬
‫فس وح ُ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬‬
‫هي َّ‬ ‫ً‬ ‫الشهام ُة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الجميل(((‪.‬‬ ‫للذ ِ‬
‫كر‬ ‫تو ُّق ًعا ِّ‬

‫والسَّن ِة‪:‬‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫والرتغيب فيها ِمن‬
‫ُ‬ ‫الشهامة‬
‫ِ‬ ‫مدح‬
‫ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ‬
‫ﭸ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮁﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ‬
‫الش ِ‬ ‫ُ‬ ‫كت ِ‬
‫هامة‬ ‫عوامل َّ‬ ‫فيه‬ ‫وتحر ْ‬
‫َّ‬ ‫وسى‪،‬‬ ‫ﮉ ﮊ ﮊ [القصص‪َ ( .]24 ،23 :‬ف َ‬
‫ثار ُم َ‬
‫بين ِد َل ِء الر ِ‬
‫جال ح َّتى َش ِر َبت ماشي ُت ُهما)(((‪.‬‬ ‫والر ِ‬
‫جولة‪ ،‬وس َقى ُلهما‪ ،‬وأ ْد َلى بدَ ْل ِوه َ‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه قال‪َّ :‬‬
‫((إن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫ْ‬

‫((( ((كتاب العين)) للخليل (‪(( ،)405/3‬الزاهر في معاني كلمات الناس)) ألبي بكر األنباري‬
‫(‪(( ،)114/1‬معجم ديوان األدب)) للفارابي (‪(( ،)277/2‬مقاييس اللغة)) البن فارس‬
‫(‪(( ،)223/3‬المحكم)) البن سيده (‪(( ،)196/4‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)328/12‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) البن مسكويه (ص‪(( ،)30 :‬المعجم الوسيط)) (ص‪.)498 :‬‬
‫((( ((التفسير الواضح)) للحجازي محمد محمود (‪.)825/2‬‬
‫‪153‬‬
‫ةماه َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫فأخذتْهم َس ٌنة‬
‫ف‪َ ،‬‬ ‫وس َ‬‫سب ٌع كسب ِع ُي ُ‬ ‫هم ْ‬ ‫إدبارا‪ ،‬قال‪ :‬ال َّل َّ‬
‫من ال َّناس ً‬ ‫لما َر َأى َ‬ ‫وس َّل َم َّ‬
‫نظر أحدُ ُهم إلى‬ ‫ِ‬
‫والج َي َ‬ ‫شيء‪ ،‬ح َّتى َأكلوا الجلو َد والميت َة‬ ‫ٍ‬ ‫َح َص ْت َّ‬
‫ف‪ ،‬و َي ُ‬ ‫كل‬
‫َ‬ ‫ان من الجوعِ‪ ،‬فأ َتاه أبو‬ ‫ِ‬
‫السماء‪ ،‬ف َي َرى الدُّ َخ َ‬
‫سفيان‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمدُ ‪ ،‬إ َّنك ُ‬
‫تأم ُر‬
‫فلما جا َءه‬
‫لهم)) ؛ َّ‬
‫(((‬
‫وإن قو َم َك قدْ ه َلكوا‪َ ،‬فا ْد ُع الل َه ْ‬ ‫الر ِح ِم‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫بطاعة الله‪ ،‬وبص َلة َّ‬
‫ِ‬

‫لقه وشهامتِ ِه‪ ،‬ورغبتِه في‬ ‫سن ُخ ِ‬‫لح ِ‬ ‫ض؛ ُ‬ ‫سفيان َيط ُل ُب منه االستسقا َء ْ‬
‫لم َير ُف ْ‬ ‫َ‬ ‫أ ُبو‬
‫ِهدايتِهم‪.‬‬

‫الشهامة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فوائ ُد‬
‫الرجال الع ِ‬ ‫ومن ِص َف ِ‬‫الفاضلة‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫هامة ِمن مكار ِم‬
‫ظماء‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫ات‬ ‫األخالق‬ ‫الش ُ‬ ‫‪َّ 1-1‬‬
‫ِ‬ ‫يل العداو َة بين‬‫فوس‪ ،‬و ُت ِز ُ‬
‫ِ‬ ‫المحب َة في ال ُّن‬ ‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ُ 2-2‬تش ُ‬
‫يع‬
‫األمن في المجتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األعراض‪ ،‬ونشْ ُر‬ ‫‪3-3‬فيها ِح ُ‬
‫فظ‬
‫وش ِ‬
‫رف الن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫اله َّم ِة‪َ ،‬‬
‫لو ِ‬ ‫ٌ‬
‫عالمة على ُع ِّ‬ ‫‪4-4‬‬
‫الشهامة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اكتساب ِص َف ِة‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫‪َ 1-1‬قسو ُة‬

‫واللمباال ُة ُبمعاناتِهم‪.‬‬
‫المسلمين‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫الن‬ ‫األنانية ِ‬
‫وخ ْذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ُ‬
‫والبخل‪.‬‬ ‫الجبن‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫عف الن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫وض ُ‬ ‫ُ‬
‫والهوان َ‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬
‫الذل‬

‫والبغضاء‪.‬‬ ‫‪ِ 5-5‬‬


‫الحقدُ والعداو ُة‬
‫ُ‬
‫للح ِر ِير‪.‬‬ ‫‪ُ 6-6‬لبس الر ِ‬
‫جال َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫جال‪.‬‬ ‫واختالط الن ِ‬
‫ِّساء بالر ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفواحش‪،‬‬ ‫الوقوع في‬‫‪7-7‬‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )1007‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2798‬‬


‫‪154‬‬
‫ةماه َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫هامة(((‪:‬‬
‫الش ِ‬‫اكتساب ِص َف ِة َّ‬
‫ِ‬ ‫ينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ُ‬
‫والشجاعة‪.‬‬ ‫الصبر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫وشرف الن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الهم ِة‬
‫علو َّ‬
‫‪ُّ 2-2‬‬
‫ُ‬
‫واإلنصاف‪.‬‬ ‫ُ‬
‫العدل‬ ‫‪3-3‬‬
‫الشهامة وال َّن ِ‬
‫جدة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صاحبة َذ ِوي‬
‫ُ‬ ‫‪ُ 4-4‬م‬
‫ِ‬
‫بالقضاء وال َقدَ ِر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫‪5-5‬‬

‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫هامة ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫الش ِ‬‫اذج يف َّ‬
‫َن ُ‬
‫َ‬
‫فكان‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم ال َّنصيب األو َفى ِمن هذه الص ِ‬
‫فة؛‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬كان لل َّن ِّ‬
‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫وأشج َع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫اس‪ ،‬وأجو َد‬‫((أحسن ال َّن ِ‬
‫َ‬ ‫وسالم ُه عليه‬
‫ُ‬ ‫‪-‬صلوات الله‬
‫ُ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫أنس‪ :‬و َقدْ َف ِز َع ُ‬
‫الله‬ ‫معوا صو ًتا‪ ،‬قال‪ :‬فتَل َّقاهم ال َّن ُّ‬ ‫أهل المدينة ليل ًة َس ُ‬ ‫قال ٌ‬
‫لم ُت َراعوا‪،‬‬‫وه َو ُمتق ِّلدٌ سي َفه‪ ،‬فقال‪ْ :‬‬ ‫ألبِي طلح َة ُع ْر ٍي‪ُ ،‬‬ ‫رس َ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم على َف ٍ‬
‫ِ‬ ‫سول ِ‬‫ثم قال َر ُ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪ :‬وجدْ ُت ُه َب ً‬
‫حرا‪َ .‬ي ْعني‪:‬‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫لم ُت َراعوا‪َّ ،‬‬
‫ْ‬
‫الفرس))(((‪.‬‬
‫َ‬

‫يوم‬
‫الصف َ‬ ‫ِّ‬ ‫عوف رضي الله عنه قال‪( :‬إ ِّني َل ِفي‬ ‫ٍ‬ ‫حمن ِ‬
‫بن‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫وعن عبد َّ‬‫ ‪ْ -‬‬
‫ِ‬ ‫بدر‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬
‫الس ِّن‪ ،‬فكأ ِّني لم آ َم ْن‬ ‫وعن َيساري َفتيان َحدي َثا ِّ‬
‫عن يميني ْ‬ ‫تفت‪ ،‬فإ َذا ْ‬
‫إذ ا ْل ُّ‬
‫فقلت‪ :‬يا‬‫ُ‬ ‫جهل‪،‬‬‫ٍ‬ ‫عم‪َ ،‬أرنِي أ َبا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫بم َكانهما‪ ،‬إ ْذ قال لي أحدُ ُهما س ًّرا من صاحبِه‪ :‬يا ِّ‬
‫َ‬
‫أموت دو َنه‪ ،‬فقال‬
‫َ‬ ‫أن أق ُت َله أو‬ ‫صنع بِه؟ قال‪ :‬عاهدْ ُت الل َه ْ‬
‫إن رأي ُت ُه ْ‬ ‫ابن َأخي‪ ،‬وما َت ُ‬ ‫َ‬
‫رجلين مكا َنهما‪َ ،‬فأ َش ُ‬
‫رت ُلهما‬ ‫ِ‬ ‫اآلخر ِس ًّرا ِمن صاحبِ ِه ِمث َله‪ ،‬فما َس َّرني أ ِّني َ‬
‫بين‬ ‫ُ‬ ‫لي‬‫َ‬

‫((( ((بريقة محمودية)) للخادمي (‪.)154/3‬‬


‫((( أخرجه البخاري ( ‪ ) 3040‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ( ‪.)2307‬‬
‫‪155‬‬
‫ةماه َّشلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الص ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وه َما ابنَا َع ْفرا َء)(((؛ َش َّبههما َّ‬
‫بالصقر‬ ‫رين ح َّتى َض َربا ُه‪ُ ،‬‬ ‫فشدَّ ا ع َليه مث َْل َّ‬
‫إليه‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اش ُت ِه َر عنه ِمن َّ‬
‫لِ َما ْ‬
‫الشجاعة والشهامة واإلقدا ِم ع َلى الصيد‪ ،‬وأل َّنه إذا َت َّ‬
‫شب َث‬
‫بشي ٍء لم ُي ِ‬
‫فار ْقه ح َّتى َ‬
‫يأخذ ُه(((‪.‬‬ ‫َ ْ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3988‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1752‬‬


‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)308/7‬‬
‫‪156‬‬
‫ربَّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الصبر ُ‬
‫َّ‬

‫رب‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫معنى َّ‬
‫ِ‬
‫المصيبة َي ْصبِ ُر َص ْب ًرا(((‪.‬‬ ‫الجزَ عِ‪ ،‬وقد َص َب َر ٌ‬
‫فالن عندَ‬ ‫الص ُبر ُلغ ًة‪َ :‬ح ْب ُس ال َّن ْف ِ‬
‫س عن َ‬ ‫َّ‬

‫حس ُن‬
‫عل ما ال َي ُ‬ ‫س ُي ْمتن َُع به ِمن فِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أخالق ال َّن ْف ِ‬ ‫فاض ٌل ِمن‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬خ ُل ٌق ِ‬
‫ً‬ ‫الص ُبر‬
‫َّ‬
‫وام أ ْم ِرها(((‪.‬‬ ‫س التي بها صالح ْ ِ ِ‬ ‫قو ٌة ِمن ُقوى ال َّن ْف ِ‬
‫شأنها وق ُ‬ ‫ُ‬ ‫جم ُل‪ ،‬وهو َّ‬ ‫وال َي ُ‬
‫واالحتمال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫واالصطبار‪ ،‬واملُصا َبر ِة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫والتصب‪،‬‬
‫ُّ ِ‬ ‫رب‪،‬‬
‫الص ِ‬ ‫َ‬
‫الف ْر ُق بني َّ‬
‫حس ُن ُخ ُل ًقا له و َملك ًة ُس ِّم َي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫س ن ْفسه وم ْن ُعها عن إجابة داعي ما ال َي ُ‬ ‫حب ُ‬ ‫ْ‬
‫إن كان ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫االصطبار فهو‬
‫ُ‬ ‫وأما‬
‫تصب ًرا‪َّ .‬‬ ‫جر ٍع ل َمرارته ُس ِّم َي ُّ‬ ‫وإن كان بتك ُّلف ُّ‬
‫وتمرن و َت ُّ‬ ‫َص ْب ًرا‪ْ .‬‬
‫ِ‬ ‫االكتساب؛ فال َّتصبر َمب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للص ِبر‬ ‫ٌ‬ ‫صب ِر؛ فإ َّنه‬ ‫ِ‬
‫االصطبار‪،‬‬ ‫دأ‬ ‫ُّ ُ ْ‬ ‫بمنزلة‬ ‫افتعال َّ‬ ‫أبلغُ من ال َّت ُّ‬
‫اصطبارا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تكر ُر ح َّتى َي ِص َير‬
‫صب ُر َي َّ‬ ‫االكتساب‪ ،‬فال َي ُ‬
‫زال ال َّت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫التكس َب ُمقدِّ ُ‬
‫مة‬ ‫ُّ‬ ‫كما َّ‬
‫أن‬
‫فاع ٌلة َت ْستدعي‬ ‫الص ِبر؛ فإ َّنها ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫قاو ُ‬
‫مة َ‬
‫الخص ِم في َميدان َّ‬ ‫المصا َبر ُة فهي ُم َ‬ ‫وأما ُ‬ ‫َّ‬
‫والص ِبر‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫االحتمال‬ ‫ُ‬
‫والفرق بين‬ ‫ضار ِبة‪.‬‬
‫والم َ‬
‫ِ‬
‫كالمشا َتمة ُ‬ ‫اثنين‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫قوعها بين‬ ‫ُو َ‬
‫س ال َّن ْف ِ‬ ‫الغيظ فيه‪ ،‬والصبر على ِّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للشيء ُي ِفيدُ َك ْظ َم‬ ‫َ‬
‫س عن‬ ‫حب َ‬ ‫الشدَّ ة ُيفيدُ ْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫االحتمال‬
‫س عن فِ ِ‬
‫س الن ْف ِ‬ ‫والفعل‪ ،‬والصبر عن َّ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المقاب ِ‬
‫عله(((‪.‬‬ ‫الشيء ُيفيدُ ْ‬
‫حب َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫بالقول‬ ‫لة عليه‬ ‫ُ َ‬
‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫واحلث عليه ِمن‬ ‫رب‬
‫الص ِ‬ ‫ُ‬
‫فضل َّ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)706/2‬‬


‫((( ((عدة الصابرين)) البن القيم (ص‪.)34 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)22 :‬‬
‫‪157‬‬
‫ربَّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ﯲ ﯳ ﮊ [آل عمران‪]200 :‬‬


‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﮊ [الزمر‪.]10 :‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ِ‬
‫األنصار َسألوا‬ ‫ناسا ِمن‬
‫((أن ً‬‫الله عنه‪َّ :‬‬ ‫دري ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫الخ ِّ‬ ‫ٍ‬
‫سعيد ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي‬
‫ثم سألو ُه‬ ‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬
‫فأعطاهم‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ثم َسألو ُه‬
‫فأعطاهم‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫فلن َّأد ِخ َره عنكم‪،‬‬ ‫خير ْ‬ ‫يكون عندي ِمن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫طاهم‪ ،‬ح َّتى َن ِفدَ ما عندَ ُه‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬ ‫فأع ُ‬ ‫ْ‬
‫الله‪ ،‬وما‬ ‫تصب ْر ُيص ِّب ْره ُ‬ ‫الله‪ ،‬و َمن َي ْستغْ ِن ُيغْ نِه ُ‬
‫الله‪ ،‬و َمن َي َّ‬ ‫ف ُي ِع َّف ُه ُ‬ ‫ومن يس ِ‬
‫تعف ْ‬ ‫َ َْ‬
‫الص ِبر))(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫وأوس َع من َّ‬ ‫َ‬ ‫أ ْعط َي أحدٌ عطا ًء ً‬
‫خيرا‬
‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫رض َي ُ‬ ‫هيب ِ‬‫ ‪-‬وعن ُص ٍ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ألحد َّإل‬ ‫ِ‬ ‫((عج ًبا أل ْم ِر‬
‫للمؤمن؛ ْ‬
‫إن أصا َب ْت ُه‬ ‫خير‪ ،‬وليس ذلك‬ ‫إن أ ْم َره ك َّل ُه ٌ‬
‫المؤمن َّ‬ ‫َ‬
‫وإن أصا َب ْت ُه َض َّر ُاء ص َب َر فكان ً‬
‫خيرا له))(((‪.‬‬ ‫خيرا له‪ْ ،‬‬ ‫َس َّر ُاء َ‬
‫شك َر فكان ً‬
‫رب‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫لف والعلما ِء يف َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫بالص ِبر‪،‬‬ ‫أفض َل َع ٍ‬
‫(إن َ‬ ‫الله عنه‪َّ :‬‬ ‫اب ِ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬
‫يش أ ْدركنا ُه َّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن‬‫عمر ُ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫كريما)(((‪.‬‬
‫جال كان ً‬ ‫الصبر كان ِمن الر ِ‬ ‫ولو َّ‬
‫ِّ‬ ‫أن َّ َ‬
‫اإليمان بم ِ‬
‫نزلة‬ ‫ِ‬ ‫الص َبر ِمن‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫(أل َّ‬ ‫طالب ِ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫إن َّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُّ‬
‫ثم ر َف َع صو َته فقال‪َ :‬أل إ َّنه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أس ِمن‬
‫الر ِ‬
‫الجسدُ ‪َّ .‬‬
‫َ‬ ‫أس باد‬ ‫الجسد‪ ،‬فإذا ُقط َع َّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫لمن ال َص ْب َر له)(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ال‪ ‬إيمان َ‬
‫رب‪:‬‬ ‫فوائ ُد َّ‬
‫الص ِ‬
‫وح ِ‬
‫سن اإلسال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫دليل على َك ِ‬
‫‪ٌ 1-1‬‬
‫مال اإليمان ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )1469‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1053‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2999‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (‪.)6‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (‪.)8‬‬
‫‪158‬‬
‫ربَّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ومحب َة ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫‪2-2‬يث ِْمر محب َة ِ‬
‫الله‬
‫َّ‬ ‫ُ ُ َ َّ‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مكين في‬ ‫سبب لل َّت‬
‫‪ٌ 3-3‬‬
‫الفوز بالج َّن ِة وال َّنجا ُة ِمن ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬ ‫جولة الح َّق ِة‪،‬‬
‫مظاهر الر ِ‬ ‫ظهر ِمن‬
‫الخاتمة‪.‬‬ ‫وعالمة على ُح ِ‬
‫سن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ ُّ‬ ‫‪َ 5-5‬م ٌ‬

‫رب‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫مراتب َّ‬
‫ُ‬
‫الص ِبر ٌ‬
‫أربع‪:‬‬ ‫مراتب َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وبالله‪.‬‬ ‫مرتبة أولي العزائ ِم‪ ،‬وهي الصبر ِ‬
‫لله‬ ‫ُ‬ ‫الك ِ‬
‫مال‪ ،‬وهي‬ ‫مرتبة َ‬
‫ُ‬ ‫إحداها‪:‬‬
‫َّ ُ‬
‫المراتب وأر َد ُأ َ‬
‫الخ ْل ِق‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬ ‫أخس‬ ‫َ‬
‫يكون فيه ال هذا وال هذا‪ ،‬فهو ُّ‬ ‫الثاني ُة‪َّ :‬أل‬
‫وح ٍ‬
‫رمان‪.‬‬ ‫ذالن ِ‬
‫بكل ِخ ٍ‬‫جدير ِّ‬‫ٌ‬

‫وقوتِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫توك ٌل على َحوله َّ‬ ‫ستعين ُم ِّ‬
‫ٌ‬ ‫بالله‪ ،‬وهو ُم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مرتبة َمن فيه َص ْب ٌر‬ ‫الثالث ُة‪:‬‬
‫مراد‬
‫لله؛ إذ ليس َص ْب ُره فيما هو ُ‬ ‫متبر ٌئ ِمن حولِه هو وقوتِه‪ ،‬ولكن صبره ليس ِ‬
‫َّ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ولكن ال عاقب َة له‪ ،‬ور َّبما كانت‬ ‫نال َمطلو َب ُه و َيظ َف ُر به‪،‬‬ ‫يني منه‪ ،‬فهذا َي ُ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫الله الدِّ ُّ‬
‫يطاني ِة؛‬
‫الش َّ‬
‫ِ‬
‫األحوال َّ‬ ‫وأرباب‬
‫ُ‬ ‫ار‬‫الك َّف ِ‬
‫فراء ُ‬
‫العواقب‪ ،‬وفي هذا المقا ِم ُخ ُ‬ ‫ِ‬ ‫عاقب ُته َش َّر‬
‫لله وال في ِ‬
‫بالله‪ ،‬ال ِ‬
‫فإن صبرهم ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫َّ َ ْ َ‬

‫وك ِل عليه‪،‬‬‫الص ِبر به وال َّت ُّ‬ ‫ضعيف ال َّن ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫الرابع ُة‪ :‬من فيه صبر ِ‬
‫صيب من َّ‬ ‫لله لك َّنه‬ ‫َ ٌْ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬
‫خذول‬ ‫ضعيف عاجزٌ ‪َ ،‬م‬ ‫ٌ‬ ‫عاقبة َح ِميد ٌة‪ ،‬ولك َّنه‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫واالعتماد عليه؛ فهذا له‬ ‫وال ِّث ِ‬
‫قة به‬
‫ف َنصيبِه ِمن ﮋ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﮊ [الفاتحة‪:‬‬ ‫كثير ِمن مطالِبِه؛ لِ َضع ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫في ٍ‬

‫عيف(((‪.‬‬ ‫الض ِ‬ ‫ِ‬


‫المؤمن َّ‬ ‫بالله‪ ،‬فهذا ُ‬
‫حال‬ ‫الله أ ْقوى ِمن َن ِصيبِه ِ‬‫‪ ،]5‬فن َِصيبه ِمن ِ‬
‫ُ‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)450/2‬‬


‫‪159‬‬
‫ربَّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫رب‪:‬‬
‫بالص ِ‬ ‫الت ِّ‬
‫حلي َّ‬ ‫موانع َّ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫االستعجال‪.‬‬ ‫‪1-1‬‬
‫الغضب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫‪ِ 3-3‬شدَّ ُة الح ِ‬
‫مك ُر به أعداؤُ ه‪.‬‬ ‫والض ِيق َّ‬
‫مما َي ُ‬ ‫زن ِّ‬ ‫ُ‬

‫س‪.‬‬ ‫‪ْ 4-4‬‬


‫اليأ ُ‬

‫رب‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫ينة على َّ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫تأم ٍل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الكريم َو ُ‬ ‫َ‬
‫ينظ َر إلى آياته نظر َة ُّ‬ ‫َ‬ ‫القرآن‬ ‫المر ُء‬ ‫‪ْ 1-1‬‬
‫أن َيتد َّب َر ْ‬
‫أن ما أصاب ُه مقدَّ ر ِمن ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ستعين ِ‬
‫بالله في ُمصابِه‪ ،‬و َيع َل َم َّ‬ ‫‪ْ 2-2‬‬
‫أن َي‬
‫َ ُ ٌ‬ ‫َ‬

‫بل َي ِزيدُ ِمن ُمصابِ ِه‪.‬‬


‫أن َيتج َّن َب الجزَ َع‪ ،‬وأ َّنه ال َين َف ُعه‪ْ ،‬‬
‫‪ْ 3-3‬‬

‫فر ُح بإقبالِها‪ ،‬وال َيحزَ ُن‬ ‫ٍ‬ ‫أن نِ َع َم الدُّ نيا ٌ‬


‫فانية ال َت ُ‬
‫دوم ألحد؛ فال َي َ‬ ‫التيقن َّ‬
‫‪ُّ 4-4‬‬
‫بإ ْد ِ‬
‫بارها‪.‬‬

‫لف‪،‬‬
‫والس ِ‬
‫حابة‪َّ ،‬‬
‫والص ِ‬
‫وسالمه عليهم‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫هلل‬ ‫ُ‬
‫صلوات ا ِ‬ ‫مناذج ِمن َص ْ ِ‬
‫ب األنبيا ِء‬ ‫ُ‬
‫والعلماء‪:‬‬
‫الله‪ ،‬هل أ َتى عليك‬ ‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫الله عنها‪ ،‬أ َّنها قالت‪(( :‬يا‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة ِ‬

‫ومك ما‬ ‫يت ِمن َق ِ‬


‫الله عليه وس َّل َم‪ :‬لقد َل ِق ُ‬
‫يوم كان أشدَّ ِمن يو ِم ُأ ُح ٍد؟ فقال َص َّلى ُ‬ ‫ٌ‬
‫يل‬‫عب ِد َيالِ َ‬ ‫عر ْض ُت َن ْفسي على ِ‬
‫ابن ْ‬
‫ِ‬
‫العقبة؛ إذ َ‬
‫يوم َ‬ ‫يت منهم َ‬ ‫يت‪ ،‬وكان أشدُّ ما َل ِق ُ‬ ‫َل ِق ُ‬
‫ِ ِ‬
‫فلم‬
‫هموم على َو ْجهي‪ْ ،‬‬ ‫فلم ُي ِج ْبني إلى ما أر ْد ُت‪ ،‬فانط َل ْق ُت وأنا َم ٌ‬ ‫ٍ‬
‫ابن َع ْبد ُك َلل‪ْ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بسحابة قد َ‬ ‫َأ ْست َِفقْ َّإل ب َق ْر ِن الث ِ‬
‫َّعالب‪ ،‬فر َف ْع ُت َر ْأسي‪ ،‬فإذا‬
‫أظ َّل ْتني‪ ،‬فن ْ‬
‫َظر ُت فإذا‬
‫ومك لك وما َر ُّدوا عليك‪ ،‬وقد‬ ‫قول َق ِ‬
‫سم َع َ‬‫إن الل َه قد ِ‬ ‫بريل‪ ،‬فناداني فقال‪َّ :‬‬‫فيها ِج ُ‬

‫‪160‬‬
‫ربَّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الج ِ ِ‬


‫َبع َث إليك م َل َك ِ‬
‫َأم َره بما ش ْئ َت فيهم‪ ،‬فناداني َم َل ُك الجبال‪ ،‬فس َّل َم َّ‬
‫علي‪،‬‬ ‫بال لت ُ‬
‫الج ِ‬
‫بال‪ ،‬وقد َب َعثني‬ ‫قول َق ِ‬
‫ومك لك‪ ،‬وأنا َم َل ُك ِ‬ ‫إن الل َه قد َس ِم َع َ‬
‫محمدُ ‪َّ ،‬‬
‫ثم قال‪ :‬يا َّ‬
‫َّ‬
‫ين‪ ،‬فقال‬ ‫إن ِش ْئ َت ْ‬
‫أن ُأ ْطبِقَ عليهم ْ‬
‫األخ َش َب ِ‬ ‫َأم َرني بأ ْم ِرك فما ِش ْئ َت؟ ْ‬ ‫ِ‬
‫ر ُّبك إليك لت ُ‬
‫الله ِمن أصالبِهم َمن‬ ‫أن ُي ِ‬
‫خر َج ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ْ :‬‬
‫بل ْأرجو ْ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫له‬
‫وحدَ ُه ال ُي ِ‬
‫شر ُك به شيئًا))(((‪.‬‬ ‫َيع ُبدُ الل َه تعالى ْ‬
‫‪-‬عم ٌار‪ ،‬وأبوه ياسر‪ُ ،‬‬
‫وأ ُّمه ُس َم َّي ُة‪ -‬على‬ ‫ياسر ِ‬
‫ ‪-‬وقد َصبر آل ٍ‬
‫ٌ‬ ‫الله عنهم َّ‬
‫رض َي ُ‬
‫بن‬
‫عم ُار ُ‬ ‫َ‬
‫إسحاق قال‪(( :‬كان َّ‬ ‫بسبب إيمانِهم؛ فعن ِ‬
‫ابن‬ ‫ِ‬ ‫تعذيب المشركين لهم‬
‫رسول ِ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫أهل ِ‬
‫بيت إسال ٍم‪ ،‬وكان بنو َمخزو ٍم ُي ِّ‬
‫عذبونهم‪ ،‬فقال‬ ‫ياسر وأبو ُه ُ‬
‫وأ ُّمه َ‬ ‫ٍ‬

‫فإن َموعدَ كم الج َّن ُة))(((‪.‬‬ ‫آل ٍ‬


‫ياسر؛ َّ‬ ‫صب ًرا يا َ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪ْ :‬‬
‫َص َّلى ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫حم َل إلى‬ ‫بل في محنة خ ْل ِق القرآن أ َّي َ‬
‫ام المأمون؛ ل ُي َ‬ ‫ ‪-‬وقد ُ(أخ َذ أحمدُ ُ‬
‫بن َح ْن ٍ‬

‫ُ‬
‫المأمون‬ ‫قيد ْي ِن‪ ،‬ومات‬
‫وح ُم َّ‬‫بن ُن ٍ‬ ‫محمدُ ُ‬ ‫أيضا َّ‬ ‫وأ ِخ َذ معه ً‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ببالد الرو ِم‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫المأمون‬
‫الط ِ‬
‫نوح في َّ‬ ‫ِ‬ ‫ْقب َل ْ‬
‫ور َّد أحمدُ‬‫ريق‪ُ ،‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫محمدُ ُ‬ ‫أن َي ْلقاهما‪َ ،‬ف ُر َّدا في أقيادهما‪ ،‬فمات َّ‬
‫بالر َّق ِة‬ ‫ِ‬
‫أهل الحديث َّ‬ ‫اظ ِ‬ ‫بعض ح َّف ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ودخ َل على اإلما ِم أحمدَ‬
‫قيدً ا‪َ .‬‬‫إلى بغدا َد ُم َّ‬
‫ِ‬
‫األحاديث‪ ،‬فقال أحمدُ ‪:‬‬ ‫قي ِة ِمن‬ ‫ِ‬
‫فج َعلوا ُيذاكرونه ما ُي ْروى في ال َّت َّ‬
‫محبوس‪َ ،‬‬‫ٌ‬ ‫وهو‬
‫نشر أحدُ هم ِ‬
‫بالم ْن ِ‬ ‫ِ‬
‫شار‪،‬‬ ‫((إن َمن كان ْقب َلكم كان ُي َ ُ‬ ‫خب ٍ‬
‫اب‪َّ :‬‬ ‫وكيف َت ْصنعون بحديث َّ‬
‫ثم ال َي ُصدُّ ه ذلك عن ِدينِه))(((؟! ف َي ِئسوا منه)‪.‬‬
‫َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3231‬ومسلم (‪ )1795‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه الحاكم (‪ )5646‬واللفظ له‪ ،‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)1515‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )3612‬باختالف يسير من حديث خباب بن األرت رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫ربَّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عر‪:‬‬ ‫واحة ِّ‬


‫الش ِ‬ ‫رب يف ِ‬
‫الص ُ‬
‫َّ‬
‫ ‪-‬قال الشاعر‪:‬‬
‫الض َر ُر‬ ‫مس َ‬ ‫على َّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫أفضل َش‬
‫(((‬
‫ـــك َّ‬ ‫الزمان إذا ما َّ‬ ‫ـــيء ت َْســـتعي ُن به‬ ‫بـــر‬
‫الص ُ‬ ‫َّ‬
‫ ‪-‬وقال َ‬
‫آخ ُر‪:‬‬
‫بـــر عاقبـــ ًة َمحمـــود َة األ َث ِر‬
‫للص ِ‬ ‫َّ‬ ‫إنِّـــي رأ ْي ُت وفـــي األ َّيـــا ِم ت ِ‬
‫َجرب ٌة‬
‫فاز بال َّظ َف ِر‬ ‫ٍ‬
‫ـــيء ُي ِ‬
‫(((‬
‫الص َبر َّإل َ‬
‫ب َّ‬‫ـــتص َح َ‬
‫ْ‬ ‫فاس‬
‫ْ‬ ‫حاو ُله‬ ‫و َق َّ‬
‫ـــل َمن َجـــدَّ في َش‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)161 :‬‬


‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫قدِّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الص ُ‬
‫دق‬ ‫ِّ‬

‫دق ‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫معنى ِّ‬
‫نقيض ِ‬
‫َ‬
‫الحديث‪:‬‬ ‫وصدَّ َقه‪َ :‬قبِ َل قو َله‪َ ،‬‬
‫وصدَ َق ُه‬ ‫الكذ ِ‬
‫ب‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫دق ُلغ ًة‪ِّ :‬‬
‫الصدْ ُق‪:‬‬ ‫الص ُ‬‫ِّ‬
‫بالص ِ‬
‫دق(((‪.‬‬ ‫َأ َ‬
‫نبأ ُه ِّ‬

‫ب(((‪.‬‬ ‫نقيض ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫الش ِ‬
‫يء على ما هو ِبه‪ ،‬وهو ُ‬ ‫الخبر عن َّ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو‬ ‫الص ُ‬
‫دق‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬

‫دق والوفا ِء(((‪:‬‬


‫الص ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ِّ‬
‫كل ِصدْ ٍق وفا ًء؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫فكل ٍ‬
‫وفاء ِصدْ ٌق‪ ،‬وليس ُّ‬ ‫صوص؛ ُّ‬ ‫موم ُ‬
‫وخ‬
‫ٌ‬ ‫قيل‪ْ :‬بينهما ُع ٌ‬
‫نوع ِمن‬ ‫ِ‬
‫القول؛ أل َّنه ٌ‬ ‫دق َّإل في‬
‫الص ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون ِّ‬ ‫ِ‬
‫القول‪ ،‬وال‬ ‫عل َ‬
‫دون‬ ‫يكون ِ‬
‫بالف ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوفا َء قد‬
‫والخبر ٌ‬
‫قول‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الخبر‪،‬‬ ‫أنوا ِع‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫دق ِمن‬
‫الص ِ‬ ‫ُّ‬
‫احلث على ِّ‬
‫الله تعالـى‪ :‬ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ‬
‫ ‪-‬قـال ُ‬
‫[التوبة‪.]119 :‬‬

‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‬


‫ﰉ ﰊ ﰋ ﰌﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﮊ [المائدة‪.]119 :‬‬

‫الله عليه وس َّل َم‪،‬‬


‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ٍ‬
‫مسعود ِ‬ ‫الله ِ‬‫ ‪-‬عن عبد ِ‬
‫الله عنه‪ ،‬عن ال َّن ِّ‬
‫رض َي ُ‬ ‫بن‬
‫جل َل َي ْصدُ ُق‬
‫الر َ‬ ‫وإن البِ َّر َي ْهدي إلى الج َّن ِة‪َّ ،‬‬
‫وإن َّ‬ ‫دق َي ْهدي إلى البِ ِّر‪َّ ،‬‬
‫الص َ‬ ‫قال‪َّ :‬‬
‫((إن ِّ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)193/10‬‬


‫((( ((الواضح في أصول الفقه)) البن عقيل (‪.)129/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)575 :‬‬
‫‪163‬‬
‫قدِّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫جور َي ْهدي إلى‬ ‫وإن ُ‬


‫جور‪َّ ،‬‬‫الف ِ‬ ‫وإن ِ‬
‫الكذ َب َي ْهدي إلى ُ‬ ‫يكون ِصدِّ ي ًقا‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫الف َ‬ ‫ح َّتى‬
‫كذب ح َّتى يكتَب عندَ ِ‬‫ِ‬ ‫ال َّن ِ‬
‫الله َّ‬
‫كذا ًبا))(((‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫جل َل َي ُ‬
‫الر َ‬ ‫ار‪َّ ،‬‬
‫وإن َّ‬

‫دق‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫لف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫دق ٌ‬
‫أمانة‪،‬‬ ‫(‪...‬الص ُ‬ ‫ِ‬
‫للخالفة‪:‬‬ ‫الله عنه ِحينما ُبوي ِ َع‬ ‫يق ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫الصدِّ ُ‬ ‫ ‪-‬قال أبو َب ٍ‬
‫ِّ‬ ‫كر ِّ‬
‫والكذ ُب ِخ ٌ‬
‫يانة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬

‫الله ِمن لِ ٍ‬
‫سان َص ٍ‬
‫دوق‪،‬‬ ‫ضغة أحب إلى ِ‬
‫ياض‪( :‬ما ِمن م ٍ‬
‫بن ِع ٍ‬ ‫الف ُ‬‫ ‪-‬قال ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ضيل ُ‬
‫الله ِمن لِ ٍ‬
‫سان َك ٍ‬
‫ذوب)(((‪.‬‬ ‫ض إلى ِ‬ ‫وما ِمن م ٍ‬
‫ضغة َ‬
‫أبغ َ‬ ‫ُ‬

‫أن صاح َب ُه َيصدُ ُق على َعدُ ِّوه)(((‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫دق َّ‬ ‫ ‪-‬وقيل‪( :‬من َش َرف ِّ‬

‫دق وآثا ُره‪:‬‬ ‫فوائ ُد ِّ‬


‫الص ِ‬
‫المعت َق ِد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫سالمة ُ‬‫‪1-1‬‬

‫ين‪.‬‬ ‫ضحية لِن ِ‬


‫ُصرة الدِّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫البذ ُل وال َّت‬
‫‪ْ 2-2‬‬

‫ادقين‪.‬‬
‫الص َ‬ ‫وص ُ‬
‫حبة َّ‬ ‫الحين ُ‬
‫َ‬ ‫الص‬
‫حب َّ‬
‫‪ُّ 3-3‬‬
‫ِ‬
‫االستقامة‪.‬‬ ‫َّبات على‬
‫‪4-4‬الث ُ‬
‫الر َي ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مواطن ِّ‬ ‫‪5-5‬ال ُبعدُ عن‬
‫‪6-6‬الوفاء بالع ِ‬
‫هود‪.‬‬ ‫ُ ُ‬
‫دق‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫ينة على ِّ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6094‬ومسلم (‪.)2607‬‬


‫ً‬
‫مطول‪.‬‬ ‫((( أخرجه الفسوي في ((المشيخة)) (‪ ،)9‬والطبري في ((التاريخ)) (‪)210/3‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)52 :‬‬
‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة (‪.)26/2‬‬
‫‪164‬‬
‫قدِّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫‪1-1‬مرا َق ُبة ِ‬
‫الله تعالى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الحياء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫ادقين‪.‬‬
‫الص َ‬ ‫‪ُ 3-3‬ص ُ‬
‫حبة َّ‬
‫األ ِ‬
‫سرة‪.‬‬ ‫الص ِ‬
‫دق في ُ‬ ‫ُ‬
‫إشاعة ِّ‬ ‫‪4-4‬‬

‫عاء‪.‬‬
‫‪5-5‬الدُّ ُ‬
‫يد ِ‬
‫عرفة و ِع ِ‬
‫للكذابين وعذابِه ُ‬
‫للم ْف َ‬
‫ترين‪.‬‬ ‫الله َّ‬ ‫‪َ 6-6‬م ُ َ‬

‫دق‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫مناذج ِمن ِّ‬
‫ُ‬
‫وأك َم َلهم ِع ْل ًما‬ ‫الله عليه وس َّل َم أصدَ َق ال َّن ِ‬
‫اس وأ َب َّرهم‪ْ ،‬‬ ‫محمدٌ َص َّلى ُ‬
‫نبينا َّ‬ ‫ ‪-‬كان ُّ‬
‫دق في َق ِ‬ ‫بالص ِ‬
‫يش ُّك في ذلك أحدٌ منهم‪،‬‬ ‫ومه‪ ،‬ال ُ‬ ‫وعم ًل‪ ،‬وإيما ًنا وإيقا ًنا‪َ ،‬معرو ًفا ِّ‬
‫َ‬
‫سأ َل ِه ُ ِ‬ ‫باألمين محم ٍد؛ ولهذا ((لما َ‬ ‫ِ‬ ‫بحيث ال ُيدْ عى ْبينهم َّإل‬
‫الرو ِم أبا‬‫رقل َمل ُك ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪،‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫سأ َلها ِمن ِص َف ِة‬ ‫المسائل التي َ‬‫ِ‬ ‫ُس َ‬
‫فيان عن تلك‬
‫يقول ما قال؟ قال‪ :‬ال‪ .‬فقال‬ ‫َ‬ ‫ب ْقب َل ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫بالكذ ِ‬ ‫كان فيما قال له‪َ :‬أ َو ُكن ُتم َت َّت ِهمونه‬
‫وجل) َ)(((‪.‬‬
‫عز ّ‬ ‫كذب على ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ِ‬ ‫الكذ َب على ال َّن ِ‬ ‫قل‪ :‬فما كان لِيدَ َع ِ‬ ‫ِه َر ُ‬
‫ذهب ف َي َ‬
‫اس و َي َ‬ ‫َ‬
‫الطويل في تخ ُّل ِفه‬
‫ِ‬ ‫دق؛ وفي حديثِه‬ ‫بالص ِ‬
‫رض َي الل ُه عنه ِّ‬ ‫مالك ِ‬‫ ‪-‬وقد نجا كعب بن ٍ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫وط ِف ْق ُت‬
‫وج َه قافِ ًل‪َ ،‬ح َضرني َه ِّمي‪َ ،‬‬‫((‪...‬فلما َب َلغني أ َّنه َت َّ‬
‫َّ‬ ‫كعب‪:‬‬ ‫عن َ‬
‫تبوك‪ ،‬قال ٌ‬
‫خر ُج ِمن َس َخطِه غدً ا؟ واستَع ْن ُت على ذلك ِّ‬
‫بكل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وأقول‪ :‬بماذا أ ُ‬ ‫الك ِذ َب‬
‫أتذ َّك ُر َ‬
‫َ‬
‫الله عليه وس َّل َم قد َّ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫فلما ِقيل‪َّ :‬‬ ‫ذي ْ ِ‬
‫أظل قاد ًما‪،‬‬ ‫إن‬ ‫أهلي‪َّ ،‬‬ ‫رأ ٍي من ْ‬
‫ِ‬ ‫أخرج منه أبدً ا َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫فأج َم ْع ُت‬
‫بشيء فيه كذ ٌب‪ْ ،‬‬ ‫لن ْ ُ َ‬ ‫وعر ْف ُت أ ِّني ْ‬
‫الباطل َ‬ ‫زاح عنِّي‬
‫تعال‪ِ .‬‬
‫ثم قال‪َ :‬‬ ‫غض ِ‬ ‫ِ‬
‫فج ْئ ُت أ ْمشي‬ ‫ب‪َّ ،‬‬ ‫الم َ‬
‫تبس َم ُ‬ ‫فلما س َّل ْم ُت عليه َّ‬
‫تبس َم ُّ‬ ‫صدْ َقه‪َّ ...،‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)7‬ومسلم (‪ .)1773‬و ُينظر‪(( :‬تفسير ابن كثير)) (‪.)604/4‬‬
‫‪165‬‬
‫قدِّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫تك ْن قد ابت َْع َت َظ ْه َرك؟ فق ْل ُت‪:‬‬‫ألم ُ‬ ‫ِ‬


‫ح َّتى ج َل ْس ُت بين َيديه‪ ،‬فقال لي‪ :‬ما خ َّل َفك؟ ْ‬
‫أن‬ ‫الله‪ -‬لو ج َل ْس ُت عندَ َغ ِيرك ِمن ِ‬
‫أهل الدُّ نيا َل ُ‬
‫رأيت ْ‬ ‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫والله ‪-‬يا‬ ‫بلى‪ ،‬إ ِّني‬
‫ِ‬ ‫خر ُج ِمن َس َخطِه ُبع ْذ ٍر‪ ،‬ولقد ُأ ْعطِ ُ‬
‫لئن‬‫يت جدَ ًل‪ ،‬ولكنِّي والله لقد َع ِل ْم ُت ْ‬ ‫سأ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫وش َك َّن ُ‬ ‫ب َتر َضى به عنِّي‪َ ،‬لي ِ‬ ‫َ ِ‬
‫علي‪،‬‬‫أن ُيسخ َطك َّ‬ ‫الله ْ‬ ‫ُ‬ ‫حديث كذ ٍ ْ‬ ‫اليوم‬
‫َ‬ ‫َحدَّ ْث ُتك‬
‫ِ‬
‫والله‬ ‫دق َت ِجدُ علي فيه‪ ،‬إ ِّني َلرجو فيه ع ْفو ِ‬
‫الله‪ ،‬ال‬ ‫حديث ِص ٍ‬ ‫َ‬ ‫ولئن َحدَّ ْث ُتك‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫أيس َر منِّي حين َتخ َّل ْف ُت عنك‪.‬‬ ‫كنت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ما كان لي ِمن ُع ْذ ٍر‪،‬‬
‫قط أ ْقوى وال َ‬ ‫والله ما ُ‬
‫فقم ح َّتى ي ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬
‫قض َي‬ ‫َ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪َّ :‬أما هذا فقد صدَ َق‪ْ ُ ،‬‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫فقال‬
‫وإن ِمن َتوبتي‬
‫دق‪َّ ،‬‬ ‫بالص ِ‬ ‫إن الل َه إ َّنما َّ‬
‫نجاني ِّ‬
‫رسول ِ‬
‫الله‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ‬ ‫الله فيك‪...‬‬
‫ُ‬
‫فوالله ما أع َل ُم أحدً ا ِمن المسلمين أبال ُه ُ‬
‫الله في‬ ‫ِ‬ ‫َّأل ُأ َحدِّ َث َّإل ِصد ًقا ما َب ِق ُ‬
‫يت؛‬
‫لرسول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث ُ‬ ‫ِصدْ ِق‬
‫مما‬ ‫الله عليه وس َّل َم َ‬
‫أحس َن َّ‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ذك ْر ُت ذلك‬‫منذ َ‬
‫الله عليه وس َّل َم إلى َيومي‬ ‫لرسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫منذ َ‬ ‫عمدْ ُت ُ‬
‫ذك ْر ُت ذلك‬ ‫أ ْبالني؛ ما َت َّ‬
‫الله فيما َب ِق ُ‬
‫يت))(((‪.‬‬ ‫هذا ِ‬
‫كذ ًبا‪ ،‬وإ ِّني َل ْرجو ْ‬
‫أن َي ْح َفظني ُ‬

‫دق‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫ِمن ُص َور ِّ‬
‫‪ِ 1-1‬صدْ ُق ال ِّل ِ‬
‫سان‪.‬‬
‫ِ‬
‫واإلرادة‪.‬‬ ‫‪ِ 2-2‬صدْ ُق ال ِّن َّي ِة‬

‫‪ِ 3-3‬صدْ ُق ْ‬
‫العز ِم‪.‬‬
‫ِ‬
‫‪ِ 4-4‬صدْ ُق الوفاء ْ‬
‫بالعز ِم‪.‬‬
‫ِ‬
‫األعمال‪.‬‬ ‫الصدْ ُق في‬
‫‪ِّ 5-5‬‬

‫ين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مقامات الدِّ ِ‬ ‫الص ُ‬
‫دق في‬ ‫‪ِّ 6-6‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)4418‬ومسلم (‪.)2769‬‬


‫‪166‬‬
‫قدِّصلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫دق‪:‬‬ ‫ت ُّل ِّ‬


‫بالص ِ‬ ‫األمو ُر اليت ُ ِ‬
‫الخ ِف ُّي‪.‬‬
‫رك َ‬‫الش ُ‬
‫ياء‪ ،‬وهو ِّ‬
‫الر ُ‬
‫الكذب َ ِ‬
‫الخف ُّي‪ِّ :‬‬ ‫ُ‬
‫‪ِ 1-1‬‬

‫االبتداع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫‪3-3‬كثر ُة الكال ِم‪.‬‬

‫وشهواتِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أهوائها َ‬ ‫س في‬ ‫ُ‬
‫االسترسال مع ال َّن ْف ِ‬ ‫داه ُنة ال َّن ْف ِ‬
‫س‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ُ 4-4‬م َ‬

‫والعم ِل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ض بين ال َق ِ‬
‫ول‬ ‫‪5-5‬ال َّتنا ُق ُ‬

‫دق‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫والشع ُر يف ِّ‬ ‫ُ‬
‫األمثال ِّ‬
‫والك ِذ ُب ُخ ُض ٌ‬
‫وع(((‪.‬‬ ‫الصدْ ُق ِع ٌّز‪َ ،‬‬
‫ ‪ِّ -‬‬

‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫ِ‬ ‫فــالــص ُ‬ ‫ــــــــت‬ ‫َزاوج‬
‫ـاجــا‬
‫ـــهـــا نــتـ َ‬
‫ْـــر ُم َ‬
‫ــدق أك َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫األمــــــــور ت َ‬
‫ُ‬ ‫وإذا‬
‫بـــالـــص ِ‬ ‫ِ‬ ‫فـــوق َر ْأ ِ‬
‫َ‬ ‫ـــدق ي ِ‬
‫تــاجــا‬
‫ـــدق َ‬ ‫ِّ‬ ‫ــلــيــفــه‬‫َح‬ ‫س‬ ‫ــعــقــدُ‬ ‫الـــص ُ َ‬
‫ِّ‬
‫(((‬
‫ـــراجـــا‬
‫َ‬ ‫نــاحــيــة ِس‬
‫ٍ‬ ‫فــي ك ِّ‬
‫ُــــل‬ ‫ــــدق َيــــ ْقــــدَ ُح َزنْــــــدُ ُه‬
‫ُ‬ ‫والــــص‬
‫ِّ‬

‫((( ((مجمع األمثال)) للميداني (ص‪.)408 :‬‬


‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)53 :‬‬
‫‪167‬‬
‫تمَّصل‬
‫ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الصمتُ‬
‫َّ‬

‫مت‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫معنى َّ‬
‫وصما ًتا‪َ :‬س َكت‪ .‬و ُيقال ِ‬
‫لغير‬ ‫مت ُلغ ًة‪َ :‬ص َمت َي ْص ُم ُت َص ْم ًتا ُ‬
‫وصمو ًتا ُ‬ ‫الص ُ‬
‫َّ‬
‫قال‪ِ :‬‬
‫ساك ٌت(((‪.‬‬ ‫صامت‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫ٌ‬ ‫اطق‪:‬‬‫ال َّن ِ‬

‫انقطاع ال ِّل ِ‬
‫سان عندَ‬ ‫ُ‬ ‫بظ ِ‬
‫هور الحقِّ ‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫قوط ال ُّن ِ‬
‫طق ُ‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬س ُ‬ ‫مت‬
‫الص ُ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫يان(((‪.‬‬ ‫هور ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ُظ ِ‬

‫كوت‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫مت ُّ‬
‫الص ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني َّ‬
‫عتبر ٍة في‬
‫غير ُم َ‬ ‫والقدر ُة على ال َّتك ُّل ِم ُ‬
‫الق ِ‬
‫درة عليه‪ُ ،‬‬ ‫رك ال َّتك ُّل ِم مع ُ‬‫كوت هو َت ُ‬
‫الس ُ‬
‫ُّ‬
‫ُ‬
‫يكون‬ ‫ول النِّسبي؛ فمن َضم َش ِ‬
‫فتيه آ ًنا‬ ‫الط ُ‬
‫مت ُيراعى فيه ُّ‬ ‫الص َ‬ ‫الصمت‪ .‬كما َّ‬
‫َّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫أن َّ‬ ‫َّ‬
‫ٌ‬
‫إمساك عن الكال ِم‬ ‫كوت‬
‫والس ُ‬ ‫يكون صام ًتا َّإل إذا طا َل ْت ُمدَّ ُة َّ‬
‫الض ِّم‪ُّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ساك ًتا‪ ،‬وال‬
‫دون الحقِّ (((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الباطل َ‬ ‫إمساك عن ِ‬
‫قول‬ ‫ٌ‬ ‫مت فهو‬
‫الص ُ‬ ‫ح ًّقا كان أو ً‬
‫باطل‪َّ ،‬أما َّ‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫مت ِمن‬
‫الص ِ‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على َّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ [ق‪.]18 :‬‬

‫َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬ ‫عز‬
‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ [اإلسراء‪.]36 :‬‬

‫((( ((المعجم الوسيط)) (ص‪.)522 :‬‬


‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) لزين الدين المناوي (ص‪.)219 :‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة من الباحثين (‪.)2634/7‬‬
‫‪168‬‬
‫تمَّصل‬
‫ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله عليه وس َّل َم قال‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫الله عنه‪ ،‬عن‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة ِ‬

‫خيرا أو لِ َي ْص ُم ْت‪ ،((())...‬وفيه‪ :‬ال َّتأكيد‬ ‫ِ‬


‫اآلخر ف ْل َي ُق ْل ً‬
‫ؤمن ِ‬
‫بالله واليو ِم‬ ‫ِ‬
‫(( َمن كان ُي ُ‬
‫قول الخير َغ ٌ‬
‫نيمة‪،‬‬ ‫ألن َ‬ ‫الصمت؛ َّ‬ ‫أفضل من َّ‬‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الخير‬ ‫ُ‬
‫وقول‬ ‫الصمت‪،‬‬ ‫في لزوم َّ‬
‫السالمة(((‪.‬‬ ‫ُ ِ‬ ‫كوت َس ٌ‬
‫أفضل من َّ‬ ‫المة‪ ،‬والغنيمة‬ ‫والس َ‬
‫ُّ‬
‫مت‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫لف والعلما ِء يف َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫مت كما َتع َّلمون‬ ‫ ‪-‬عن أبي الدَّ ِ‬
‫رداء ِ‬
‫الص َ‬ ‫الله عنه قال‪( :‬تع َّلموا َّ‬
‫رض َي ُ‬
‫ص منك إلى ْ‬
‫أن‬ ‫أح َر َ‬ ‫أن َت َ‬
‫سم َع ْ‬ ‫وكن إلى ْ‬
‫ظيم‪ْ ،‬‬‫مت ُح ْك ٌم َع ٌ‬ ‫الص َ‬ ‫الكالم؛ َّ‬
‫فإن َّ‬ ‫َ‬
‫جب‪ ،‬وال‬ ‫حاكا ِمن ِ‬
‫غير َع ٍ‬ ‫تك ْن ِم ْض ً‬ ‫َتتك َّلم‪ ،‬وال َتتك َّلم في َش ٍ‬
‫يء ال َي ْعنِيك‪ ،‬وال ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب)(((‪.‬‬ ‫َم َّشا ًء إلى ِ‬
‫غير َأر ٍ‬

‫مت‬
‫الص ُ‬ ‫(أربع ال ُي َص ْب َن َّإل َبع َج ٍ‬ ‫بن ٍ‬
‫مالك ِ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫ب‪َّ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫الله عنه قال‪:‬‬‫رض َي ُ‬
‫الش ِ‬ ‫الله‪ِ ،‬‬
‫وذ ْكر ِ‬‫واضع‪ِ ،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يء)(((‪.‬‬ ‫وق َّل ُة َّ‬ ‫ُ‬ ‫وهو َّأو ُل العبادة‪ ،‬وال َّت ُ ُ‬
‫ٍ‬ ‫الله‪ ،‬قال‪( :‬كان يقال‪ِ :‬‬ ‫بن الور ِد ِ‬
‫أجزاء‪:‬‬ ‫عشر ُة‬ ‫الح ُ‬
‫كمة َ‬ ‫ُ‬ ‫مه ُ‬‫رح ُ‬ ‫ب ِ ْ‬ ‫ ‪-‬وعن ُو َه ْي ِ‬
‫زلة ال َّن ِ‬
‫اس)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والعاشر ُة ُع ُ‬ ‫سعة منها في الص ِ‬
‫مت‪،‬‬ ‫فتِ ٌ‬
‫َّ‬
‫مت‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫أقسا ُم َّ‬
‫الغ ِ‬
‫ثل ِ‬
‫الله و َنهى عنه‪ِ ،‬م ُ‬ ‫صم َت عن ِّ‬
‫يبة‬ ‫حر َم ُ‬
‫كل ما َّ‬ ‫أن َت ُ‬
‫محمود‪ ،‬وهو‪ْ :‬‬
‫ٌ‬ ‫صم ٌت‬
‫‪ْ 1-1‬‬
‫ِ‬ ‫ميمة والب ِ‬‫وال َّن ِ‬
‫الم ِ‬
‫باح الذي ُيؤ ِّدي بك‬ ‫مت عن الكال ِم ُ‬
‫الص ُ‬
‫وغيرها‪ ،‬وكذلك َّ‬ ‫ذاءة‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الباطل‪.‬‬ ‫إلى الكال ِم‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6475‬ومسلم (‪.)47‬‬


‫((( ((التمهيد)) البن عبدالبر (‪.)35/21‬‬
‫((( أخرجه الخرائطي في ((مكارم األخالق)) (ص‪.)136 :‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص‪ ،)262 :‬وابن أبي عاصم في ((الزهد)) (ص‪ )36 :‬موقو ًفا‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص‪.)62 :‬‬
‫‪169‬‬
‫تمَّصل‬
‫ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫أن َتتك َّل َم فيها‪،‬‬ ‫ِ‬


‫المواطن التي يتط َّل ُب منك ْ‬ ‫‪2-2‬صم ٌت مذموم‪ :‬كالص ِ‬
‫مت في‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الخير‪ ،‬وك ْت ُم‬ ‫مت عن نشْ ِر‬
‫الص ُ‬ ‫األماكن التي َترى فيها الم َ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِم ُ‬
‫نكرات‪ ،‬وكذلك َّ‬ ‫ُ‬ ‫ثل‬
‫الع ْل ِم‪.‬‬

‫مت‪:‬‬ ‫فوائ ُد َّ‬


‫الص ِ‬
‫وح ِ‬
‫سن اإلسال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫دليل َك ِ‬
‫‪ُ 1-1‬‬
‫مال اإليمان‪ُ ،‬‬

‫س‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وطهارة ال َّن ْف ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫لق‪،‬‬ ‫سن ُ‬‫دليل ُح ِ‬
‫‪ُ 2-2‬‬

‫محب َة ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اس‪.‬‬ ‫محب َة الله‪َّ ،‬‬
‫ثم َّ‬ ‫‪ُ 3-3‬يثم ُر َّ‬
‫باب ال َّت ِ‬
‫وقير‪.‬‬ ‫أس ِ‬ ‫ِ‬
‫‪4-4‬من أقوى ْ‬
‫الح ِ‬
‫كمة‪.‬‬ ‫دليل على ِ‬
‫‪ٌ 5-5‬‬
‫والع ِ‬
‫كر ِ‬
‫والذ ِ‬ ‫ط‪ ،‬والفرا ِغ ِ‬
‫للف ِ‬
‫كر ِّ‬ ‫المة ِمن ال َّل َغ ِ‬
‫داعية للس ِ‬
‫بادة‪.‬‬ ‫‪َّ ٌ 6-6‬‬
‫حابة‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫مت ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫الص ِ‬
‫مناذج يف َّ‬
‫ُ‬
‫هلل عنهم‪:‬‬
‫رض َي ا ُ‬
‫ِ‬
‫الله عليه وس َّلم أك َث َر ِمن‬
‫النبي ص َّلى ُ‬
‫((جالست َّ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬عن جابِ ِر ِ‬
‫بن َس ُمر َة قال‪:‬‬
‫الجاهلي ِة‪ ،‬وهو‬
‫َّ‬ ‫ويتذاكرون أشيا َء ِمن ِ‬
‫أمر‬ ‫َ‬ ‫عر‬ ‫دون ِّ‬
‫الش َ‬ ‫ِم ِئة َم َّر ٍة‪ ،‬فكان أصحا ُبه َ‬
‫يتناش َ‬
‫تبس َم معهم))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ساك ٌت‪ ،‬فر َّبما َّ‬
‫حك‪ُ ،‬ق ْل‬ ‫ُ‬
‫يقول‪َ :‬و ْي َ‬ ‫آخ ٌذ ِبلسانِه وهو‬‫اس ِ‬
‫عب ٍ‬ ‫ابن َّ‬ ‫(رأيت َ‬
‫ُ‬ ‫ابن ُبريد َة‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫وإل فاع َلم أ َّنك س َتندَ م‪ .‬قال‪ِ :‬‬ ‫ٍ‬
‫فقيل له‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫اس ُك ْت عن ُسوء َتس َل ْم‪ْ ْ َّ ،‬‬ ‫خيرا َتغن َْم‪ ،‬أو ْ‬
‫ً‬
‫‪-‬أرا ُه قال‪ -‬ليس على‬ ‫اإلنسان ُ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫تقول هذا؟ قال‪ :‬إ َّنه َب َلغني َّ‬ ‫اس‪ ،‬لِ َم‬
‫عب ٍ‬
‫يا‪ ‬ابن َّ‬
‫َ‬

‫((( أخرجه الترمذي (‪ )2850‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪.)21010‬‬


‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2850‬‬
‫‪170‬‬
‫تمَّصل‬
‫ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش ٍ‬
‫يء ِمن ج ِ‬
‫سده أشدَّ َح َن ًقا أو َغ ً‬
‫يوم القيامة منه على لسانه‪َّ ،‬إل ما قال به ً‬
‫خيرا‪،‬‬ ‫يظا َ‬ ‫َ‬
‫خيرا)(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫أو أ ْملى به ً‬
‫مت‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫اكتساب َّ‬
‫ِ‬ ‫ينة على‬ ‫ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫واالقتداء بهم في َص ْمتِهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الص ِ‬
‫الح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫السلف َّ‬
‫ِ‬
‫ظر في سيرة َّ‬
‫‪1-1‬ال َّن ُ‬
‫والس ِّي ِئة للكال ِم الذي ال فائد َة فيه‪ ،‬والذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العواقب الوخيمة َّ‬ ‫التأم ُل في‬
‫‪ُّ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫الباطل‪.‬‬ ‫ُي ْف ِضي إلى الكال ِم‬

‫يء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫غط ُ‬


‫والف ُ‬ ‫المجالس التي َيك ُث ُر فيها ال َّل ُ‬
‫ِ‬
‫والكالم ال َبذ ُ‬
‫ُ‬ ‫حش‬ ‫االبتعاد عن‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬

‫مت(((‪:‬‬
‫الص ِ‬
‫وشع ٌر يف َّ‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫األدب‪ ،‬فا ْلزَ ِم َّ‬
‫الص ْم َت(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬كان ُيقال‪ :‬إذا فا َت َك‬
‫ِ‬
‫القول(((‪.‬‬ ‫خير ِمن ال َّند ِم على‬ ‫ِ‬
‫السكوت ٌ‬ ‫دم على ُّ‬‫ ‪-‬ال َّن ُ‬
‫يص ِة(((‪.‬‬ ‫قيصة‪ ،‬وأنْفى َ ِ‬
‫للغم َ‬
‫ِ‬ ‫أخفى لل َّن‬‫مت ْ‬
‫الص ُ‬ ‫ ‪َّ -‬‬
‫القرشي‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫جعفر‬ ‫ ‪-‬قال أبو‬
‫ُّ‬
‫مت راحـــ ًة للصم ِ‬‫إن فـــي الص ِ‬ ‫العي ما اســـت َطع َت بصم ٍ‬ ‫ِ‬
‫وت‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫اســـت ُِر َّ‬
‫ْ‬
‫ِ (((‬ ‫ٍ‬
‫الســـكوت‬
‫ُر َّب قـــول جوا ُبه في ُّ‬ ‫يت جوا ًبا‬‫إن َع ِي َ‬
‫مـــت ْ‬
‫َ‬ ‫الص‬
‫ـــل َّ‬‫واج َع ِ‬

‫((( أخرجه أحمد في ((فضائل الصحابة)) (‪ ،)1846‬وأبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪،)327/1‬‬
‫والفاكهي في ((أخبار مكة)) (‪.)270‬‬
‫((( ((األمثال)) ألبي عبيد (ص‪(( ،)44 :‬عيون األخبار)) البن قتيبة (‪(( ،)192/2‬ربيع األبرار))‬
‫الغميزة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مصية بمعنَى َ‬ ‫للزمخشري (‪َ .)134/2‬‬
‫والغ‬
‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة (‪.)192/2‬‬
‫((( ((األمثال)) ألبي عبيد (ص‪.)44 :‬‬
‫((( ((ربيع األبرار)) للزمخشري (‪.)134/2‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (‪.)700‬‬
‫‪171‬‬
‫ُلدعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫العدلُ‬

‫معنى ْ‬
‫العد ِل‪:‬‬
‫األمور‪ ،‬وهو ِضدُّ ا ْل َج ْو ِر(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫العدل ُلغ ًة‪ :‬القصدُ في‬

‫قاديرها‪،‬‬ ‫واضعها‪ ،‬وأوقاتِها‪ ،‬وو ِ‬


‫جوهها‪ ،‬و َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور في َم‬ ‫ُ‬
‫استعمال‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫العدْ ُل‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫غير س ٍ‬
‫رف‪ ،‬وال ت ْق ٍ‬ ‫ِ‬
‫تأخير(((‪.‬‬ ‫صير‪ ،‬وال ت ْقدي ٍم‪ ،‬وال‬ ‫من ِ َ‬
‫واإلنصاف(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫سط‬ ‫الفرق بني ْ‬
‫العد ِل وال ِق ِ‬ ‫ُ‬
‫والميزان ِق ً‬ ‫كيال ِق ً‬ ‫الظاهر‪ ،‬ومنه سمي ِ‬
‫الم ُ‬ ‫ُ‬ ‫الق ُ‬‫ِ‬
‫سطا؛‬ ‫ُ‬ ‫سطا‪،‬‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫العدل الب ِّي ُن َّ ُ‬ ‫سط‪ :‬هو‬
‫ِ‬
‫العدل ما َي ْخفى‪.‬‬ ‫يكون ِمن‬
‫ُ‬ ‫ظاهرا‪ ،‬وقد‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫الوزن ح َّتى ترا ُه‬ ‫َ‬
‫العدل في‬ ‫صو ُر لك‬‫أل َّنه ُي ِّ‬
‫أن‬ ‫يكون في ذلك وفي ِ‬
‫غيره؛ َأل َترى َّ‬ ‫ُ‬ ‫ف‪ ،‬والعدْ ُل‬‫واإلنصاف‪ :‬إعطاء ال َّنص ِ‬
‫ُ‬
‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ارق إذا ُقط َع‪ ،‬قيل‪ :‬إ َّنه عدَ َل عليه‪ ،‬وال يقال‪ :‬إ َّنه َ‬
‫أنص َ‬ ‫الس َ‬‫َّ‬
‫آثا ُر ْ‬
‫العد ِل وفوائدُه‪:‬‬
‫ؤخ ُذ للمظلو ِم ِمن َّ‬
‫الظال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬به ُي َ‬ ‫يزان ِ‬
‫الله في‬ ‫العدل ِم ُ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫‪2-2‬من قام بالعدْ ِل نال محب َة ِ‬
‫الله ُسبحانه؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ﯚ ﮊ [الحجرات‪.]9 :‬‬

‫الوئام ْبين الحاك ِم والمحكو ِم‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪3-3‬بالعدْ ِل َي ُ‬
‫حص ُل‬

‫((( ((الصحاح في اللغة)) للجوهري (‪(( ،)1760/5‬لسان العرب)) البن منظور (‪،)430/11‬‬
‫((المصباح المنير)) للفيومي (‪.)396/2‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)28 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)428 ،80 :‬‬
‫‪172‬‬
‫ُلدعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والم ْل ِك‪.‬‬
‫ول ُ‬ ‫أساس الدُّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫العدل‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫البالد‪.‬‬ ‫‪5-5‬بالعدْ ِل َيستتِ ُّب األ ْم ُن في‬
‫ِ‬
‫فوس‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مأنينة في ال ُّن‬ ‫الط‬ ‫‪6-6‬بالعدْ ِل َت ُ‬
‫حص ُل ُّ‬

‫المسلمين في اإلسال ِم‪.‬‬


‫َ‬ ‫غير‬ ‫ِ‬
‫لدخول ِ‬ ‫سبب‬ ‫ُ‬
‫العدل ٌ‬ ‫‪7-7‬‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫وم ْد ُح َمن يقو ُم به يف‬ ‫األم ُر ْ‬
‫بالعد ِل َ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ [النحل‪.]90 :‬‬

‫ ‪-‬وقال َع َّز ِمن ٍ‬


‫قائل‪ :‬ﮋ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬

‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬

‫ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮊ [النحل‪.]76 :‬‬


‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫بن الص ِ‬
‫امت ِ‬
‫ى‪ ‬الله‬
‫ُ‬ ‫الله َص َّل‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬با َي ْعنا‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن ُعباد َة ِ َّ‬
‫كار ِهنا‪ ،‬وعلى َّأل‬ ‫اعة في ُعس ِرنا و ُيس ِرنا‪ ،‬و َمنشطِنا و َم ِ‬
‫والط ِ‬
‫السم ِع َّ‬
‫عليه وس َّل َم على َّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫نقول بالعدْ ِل أين ك َّنا‪ ،‬ال نخاف في ِ‬
‫الله َلوم َة الئ ٍم))(((‪.‬‬ ‫أن َ‬ ‫أه َله‪ ،‬وعلى ْ‬ ‫ُن ِ‬
‫ناز َع األ ْم َر ْ‬

‫سول الله ص َّلى الله‬ ‫مرو َر ِض َي الله عنهما قال‪ :‬قال َر ُ‬‫بن َع ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬

‫الر ِ‬
‫حمن َع َّز‬ ‫نور‪ ،‬عن ِ‬ ‫طين عندَ الله على منابِ َر ِمن ٍ‬ ‫((إن الم ِ‬
‫عليه وس َّلم‪ُ َّ :‬‬
‫يمين َّ‬ ‫قس َ‬
‫عدلون في ح ِ‬
‫كمهم وأهليهم وما َو ُلوا))(((‪.‬‬ ‫وج َّل‪ ،‬وكلتا يديه يمين؛ الذين ي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه النسائي (‪ ،)4153‬وأحمد (‪.)15653‬‬


‫صححه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (‪ ،)272/23‬وابن العربي في ((عارضة األحوذي))‬
‫َّ‬
‫(‪ ،)91/4‬واأللباني في ((صحيح سنن النسائي)) (‪.)4153‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)1827‬‬
‫‪173‬‬
‫ُلدعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وأعظم؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫ِ‬
‫األمور آكدُ وأولى‬ ‫ٍ‬
‫شيء‪ ،‬لك َّنه في حقِّ والة‬ ‫واجب في ِّ‬
‫كل‬ ‫ُ‬
‫فالعدل‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫الة األمور حص ِ‬
‫لت الفوضى والكراهة لهم؛ ُ‬
‫حيث لم يعدلوا(((‪.‬‬ ‫الظلم إذا و َقع ِمن و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫لف والعلما ِء يف ْ‬
‫العد ِل‪:‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ :‬‬ ‫اب ِ‬
‫الخط ِ‬
‫َّ‬
‫األمثال‪،‬‬ ‫لكم‬ ‫(إن الل َه إ َّنما َ‬
‫ضر َب ُ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن‬
‫عمر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫القلوب م ِّي ٌتة في ُص ِ‬
‫دورها ح َّتى ُي ْح ِي َيها‬ ‫َ‬ ‫القلوب‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ُ‬ ‫القول؛ لِتَح َيا‬
‫َ‬ ‫وصر َف لكم‬
‫َّ‬
‫فالحياء‬ ‫األمارات‪:‬‬ ‫فأما‬ ‫ٍ‬ ‫إن للعدْ ِل‬ ‫الله‪ ،‬من َع ِلم شيئًا ف ْلي ِ‬
‫نتف ْع به؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتباشير؛ َّ‬
‫َ‬ ‫أمارات‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫لكل أ ْم ٍر با ًبا‪،‬‬ ‫جع َل ُ‬
‫الله ِّ‬ ‫فالر ُ‬
‫حمة‪ .‬وقد َ‬ ‫باشير َّ‬
‫وأما ال َّت ُ‬ ‫والهين وال َّل ُ‬
‫ين‪َّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫خاء‬
‫والس ُ‬
‫َّ‬
‫واالعتبار ِذ ْك ُر‬
‫ُ‬ ‫الزهدُ ‪،‬‬
‫ومفتاحه ُّ‬
‫ُ‬ ‫االعتبار‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العدل‬ ‫فباب‬
‫مفتاحا‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫لكل ٍ‬
‫باب‬ ‫ويس َر ِّ‬
‫َّ‬
‫واالستعداد بتَقدي ِم األعمال)(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الموت‬

‫يط َب َع ُه‬ ‫المر ِء ْ‬


‫أن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫(أفضل ن َع ِم الله تعالى على ْ‬ ‫الله‪:‬‬
‫مه ُ‬ ‫حز ٍم ِ‬
‫رح ُ‬ ‫ابن ْ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫وإيثار ِه)(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وح ِّب ِه‪ ،‬وعلى الحقِّ‬
‫على العدْ ِل ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ابن تيمي َة ِ‬
‫كل َشيء‪ ،‬فإذا ُأق َ‬
‫يم أ ْم ُر الدُّ نيا‬ ‫الله‪( :‬العدْ ُل ن ُ‬
‫ظام ِّ‬ ‫مه ُ‬‫رح ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الق‪ .‬ومتى لم ُتق ْم بعدْ ٍل‪،‬‬ ‫اآلخرة ِمن َخ ٍ‬
‫ِ‬ ‫يك ْن لصاحبِها في‬ ‫بعدْ ٍل‪ ،‬قامت ْ‬
‫وإن لم ُ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليمان ما ُي ْجزى به في‬ ‫وإن كان لصاحبِها ِمن‬
‫لم ُتق ْم ْ‬
‫أقسا ُم ْ‬
‫العد ِل‪:‬‬
‫ُ‬
‫العدل إلى قسمين‪:‬‬ ‫ينقسم‬
‫ُ‬

‫((( ((شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪.)641/3‬‬


‫((( أخرجه الطبري في ((تاريخ الرسل والملوك)) (‪ ،)485/3‬وذكره ابن كثير في ((البداية والنهاية))‬
‫(‪.)43/7‬‬
‫((( ((األخالق والسير)) البن حزم (ص‪.)90 :‬‬
‫((( ((مجموع الفتاوى)) (‪.)146/28‬‬
‫‪174‬‬
‫ُلدعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫نسوخا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ِ‬


‫األزمنة َم‬ ‫يكون في َش ٍ‬
‫يء ِمن‬ ‫ُ‬ ‫عدل ُم َ‬
‫طل ٌق‪َ :‬ي ْقتضي الع ْق ُل ُح ْسنَه‪ ،‬وال‬ ‫ٌ‬
‫وكف األذ َّي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أحس َن إليك‪ُّ ،‬‬ ‫نحو‪ :‬اإلحسان إلى َمن َ‬ ‫وص ُف باالعتداء َبو ْجه‪ُ ،‬‬ ‫وال ُي َ‬
‫بالشرعِ‪ ،‬وي ِ‬
‫عر ُف كو ُنه عدْ ًل َّ‬
‫منسوخا‬‫ً‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫مك ُن ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫كف أذا ُه عنك‪ .‬وعدْ ٌل ُي َ‬ ‫عمن َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الجنايات(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫روش‬ ‫صاص ُ‬
‫وأ‬ ‫ِ‬ ‫األزمنة؛ ِ‬
‫كالق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫في‬
‫ِمن ُص َور ْ‬
‫العد ِل‪:‬‬
‫عام ًة‪.‬‬
‫خاص ًة أو َّ‬
‫سواء كانت والي ُته والي ًة َّ‬
‫ٌ‬ ‫‪1-1‬عدْ ُل الوالي‪،‬‬

‫‪2-2‬العدْ ُل في ُ‬
‫الح ْك ِم بين ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫ِ‬
‫وجات‪.‬‬ ‫الز‬ ‫الز ِ‬
‫وجة أو ْبين َّ‬ ‫ُ‬
‫العدل مع َّ‬ ‫‪3-3‬‬

‫واله َب ِة‪.‬‬
‫طي ِة ِ‬
‫الع َّ‬
‫ِ‬ ‫الع ُ‬
‫دل ْبين األوالد في َ‬ ‫‪َ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫القول‪.‬‬ ‫ُ‬
‫العدل في‬ ‫‪5-5‬‬
‫ِ‬
‫والميزان‪.‬‬ ‫العدل في َ‬
‫الك ِ‬
‫يل‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬

‫المسلمين؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬


‫َ‬ ‫العدل مع ِ‬
‫غير‬ ‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﮊ [المائدة‪.]8 :‬‬

‫رض َي‬
‫حابة ِ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫العدل ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫اذج يف ِ‬‫َن ُ‬
‫هلل عنهم‪:‬‬
‫ا ُ‬
‫أه َّمهم ْ‬
‫شأ ُن‬ ‫ريشا َ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫((أن ُق ً‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة ِ‬
‫زوج ال َّن ِّ‬
‫ِ‬
‫غزوة الف ْت ِح‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫الله عليه وس َّل َم في‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫المرأة التي سر َقت في ِ‬ ‫ِ‬
‫عهد ال َّن ِّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الله عليه وس َّل َم؟ فقالوا‪ :‬و َمن َي ِ‬
‫جتر ُئ عليه َّإل‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫َمن ُيك ِّل ُم فيها‬

‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪.)552 :‬‬


‫‪175‬‬
‫ُلدعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى‬ ‫ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ُ .‬فأتِ َي بها‬
‫الله َص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫زيد ِح ُّب‬‫أسامة بن ٍ‬
‫ُ ُ‬
‫الله َص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ ،‬فك َّل َمه فيها‬
‫الله‬ ‫وج ُه‬‫فتلو َن ْ‬‫بن زيد‪َّ ،‬‬ ‫أسامة ُ‬ ‫ُ‬
‫أسامة‪ :‬اس ِ‬ ‫دود ِ‬
‫عليه وس َّلم‪ ،‬فقال‪ :‬أ َتش َفع في حدٍّ ِمن ح ِ‬
‫تغف ْر لي‬ ‫ُ ْ‬ ‫الله؟! فقال له‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فاختط َب‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪،‬‬‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الله‪ .‬فلما كان ِ‬
‫العش ُّي قام‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫يا‬
‫َّ‬
‫ثم قال‪َّ :‬أما بعدُ ‪ ،‬فإ َّنما أه َل َك الذين ِمن ْقب ِلكم‪ :‬أ َّنهم‬
‫أه ُله‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫فأ ْثنى على الله بما هو ْ‬
‫عيف أقاموا عليه الحدَّ ‪،‬‬ ‫الض ُ‬‫سر َق فيهم َّ‬
‫ريف َتركو ُه‪ ،‬وإذا َ‬ ‫سر َق فيهم َّ‬
‫الش ُ‬ ‫كانوا إذا َ‬
‫ٍ‬ ‫وإ ِّني وا َّلذي ن ْفسي ب َي ِده‪ ،‬لو َّ‬
‫ثم أ َم َر‬ ‫سر َقت‪َ ،‬ل ْ‬
‫قطع ُت َيدَ ها‪َّ .‬‬ ‫محمد َ‬
‫بنت َّ‬ ‫أن فاطم َة َ‬
‫فقطِ َعت َيدُ ها))(((‪.‬‬
‫سر َقت ُ‬ ‫ِ‬
‫بتلك المرأة التي َ‬
‫عر‪:‬‬ ‫واحة ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫ال َع ُ‬
‫دل يف ِ‬
‫الزهاوي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫الم ْل ِك ِم ْث ُل ِ‬
‫النارفيال َق ِ‬ ‫األرض َوابِ ُل ُه‬ ‫ِ‬ ‫العدْ ُل كال َغ‬
‫صب‬ ‫وال ُّظ ُ‬
‫لمفي ُ‬ ‫َ‬ ‫يـــث ُي ْحيي‬
‫(((‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3475‬ومسلم (‪.)1688‬‬


‫((( (مجمع الحكم واألمثال في الشعر العربي)) ألحمد قبش (ص‪.)327 :‬‬
‫‪176‬‬
‫ةَّز ِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫العزَّ ُة‬
‫ِ‬

‫معنى ال ِع َّز ِة‪:‬‬


‫الذ ِّل‪ .‬وهو في‬ ‫الع ُّز‪ِ :‬خ ُ‬ ‫ِ‬
‫الع َّز ُة ُلغ ًة‪ِ :‬‬
‫والر ُ‬
‫فعة‪،‬‬ ‫والغ َل ُبة‪ِّ ،‬‬
‫والشدَّ ُة‪َ ،‬‬ ‫القو ُة ِّ‬ ‫ِ‬
‫األصل‪َّ :‬‬ ‫الف ُّ‬

‫يقال‪َ :‬ع َّز َي َع ُّز‪ :‬إذا اشتَدَّ و َق ِو َي‪ ،‬و َي ِع ُّز‪ :‬إذا َق ِو َي وامتن ََع‪،‬‬
‫والح ِم َّي ُة واأل َن َف ُة؛ ُ‬
‫واالمتناع‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫و َي ُع ُّز‪ :‬إذا غ َل َب َ‬
‫وقه َر(((‪.‬‬

‫المذ َّل ِة‪،‬‬ ‫لإلنسان ِمن ْ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن ُيغ َل َب‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّتأبِّي عن ْ‬
‫حم ِل َ‬ ‫حالة ٌ‬
‫مانعة‬ ‫اصطالحا‪ٌ :‬‬
‫ً‬ ‫الع َّز ُة‬
‫ٌ‬
‫ضاضة(((‪.‬‬ ‫لح ُقه َغ‬ ‫وال َّتر ُّف ُع َّ‬
‫عما َت َ‬

‫رف وال ِع َّز ِة‪:‬‬ ‫الفرق بني َّ‬


‫الش ِ‬ ‫ُ‬
‫األصل َش ُ‬
‫رف‬ ‫ِ‬ ‫رف إ َّنما هو في‬ ‫الغ َل ِبة واالمتناعِ‪َّ .‬‬
‫والش ُ‬ ‫تتضم ُن معنى َ‬
‫َّ‬
‫أن ِ‬
‫الع َّز َة‬ ‫َّ‬
‫رفة‬ ‫الش ِ‬
‫يء‪ :‬إذا صار فو َقه‪ ،‬ومنه ِقيل‪ُ :‬ش ُ‬ ‫أش َر َف ٌ‬
‫فالن على َّ‬ ‫المكان‪ ،‬ومنه قو ُلهم‪ْ :‬‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬
‫شريف(((‪.‬‬ ‫ثم اس ُت ْع ِم َل في َكر ِم ال َّن ِ‬
‫سب؛ فقيل للقرشي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫القصر‪َّ ،‬‬
‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫واحلث على ال ِع َّز ِة يف‬
‫ُّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﮊ [فاطر‪.]10 :‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)885/3‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)38/4‬شمس العلوم))‬
‫لنشوان الحميري (‪(( ،)4310/7‬لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)375 ،374/5‬التوقيف‬
‫على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪(( ،)241 :‬تاج العروس)) للزبيدي (‪(( ،)219/15‬معجم‬
‫اللغة العربية المعاصرة)) (‪.)1492/2‬‬
‫((( ((معجم مقاليد العلوم)) للسيوطي (ص‪(( ،)203 :‬تاج العروس)) للزبيدي (‪(( ،)219/15‬المعجم‬
‫الوسيط)) (‪.)598/2‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)2344/6‬‬
‫‪177‬‬
‫ةَّز ِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬


‫ﮛﮊ [المنافقون‪.]8 :‬‬

‫الله عليه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رض َي ُ‬ ‫اري ِ‬
‫ ‪-‬وعن َتمي ٍم الدَّ ِّ‬
‫بيت َمدَ ٍر وال َو َب ٍر‬ ‫هار‪ ،‬وال َي ُتر ُك ُ‬
‫الله َ‬ ‫ُ‬
‫الليل وال َّن ُ‬ ‫األمر ما ب َلغَ‬
‫ُ‬ ‫وس َّل َم‪َ (( :‬ليب ُل َغ َّن هذا‬
‫وذ ًّل‬
‫اإلسالم‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫ليل‪ِ ،‬ع ًّزا ُي ِع ُّز ُ‬
‫الله به‬ ‫ٍ‬
‫عزيز أو ُبذ ِّل َذ ٍ‬ ‫ين‪ِ ،‬‬
‫بعزِّ‬ ‫َّإل أ ْدخ َل ُه ُ‬
‫الله هذا الدِّ َ‬
‫عر ْف ُت ذلك في ِ‬
‫أهل َبيتي؛‬ ‫يقول‪ :‬قد َ‬ ‫اري ُ‬ ‫الك ْف َر)) ‪ .‬وكان ٌ‬
‫تميم الدَّ ُّ‬ ‫(((‬
‫ُي ِذ ُّل ُ‬
‫الله به ُ‬
‫والع ُّز‪ ،‬ولقد أصاب َمن كان منهم‬ ‫رف ِ‬ ‫والش ُ‬ ‫الخير َّ‬ ‫لقد أصاب َمن أس َل َم منهم‬
‫ُ‬
‫غار ِ‬
‫والج ُ‬
‫زية‪.‬‬ ‫الذ ُّل َّ‬
‫والص ُ‬ ‫كافرا ُّ‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫أقوال العلما ِء يف ال ِع َّز ِة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان الذي َبع َث ُ‬
‫الله به‬ ‫ألهل‬ ‫لو إ َّنما هما‬ ‫ابن الق ِّي ِم‪( :‬الع َّز ُة ُ‬
‫والع ُّ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ِ‬
‫وحال‪ ...‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ٌ‬ ‫ُرس َله‪ ،‬وأنزَ َل به ُكت َب ُه‪ ،‬وهو ع ْل ٌم َ‬
‫وعم ٌل‬
‫ِ‬
‫وحقائقه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‬ ‫ب ما معه ِمن‬ ‫بحس ِ‬ ‫ﮗﮊ [المنافقون‪]8 :‬؛ ُ ِ ِ‬
‫فله من الع َّزة َ‬
‫مل‪،‬‬‫وع ً‬‫اإليمان؛ ِع ْل ًما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حقائق‬ ‫لة ما فاته ِمن‬
‫والع َّز ِة‪ ،‬ففي مقاب ِ‬
‫ُ َ‬
‫فاته حظٌّ ِمن العلو ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫فإذا ُ‬
‫ظاهرا وباطنًا)(((‪.‬‬
‫ً‬
‫أقسا ُم ال ِع َّز ِة‪:‬‬
‫رعي ُة‪.‬‬ ‫‪ِ 1-1‬‬
‫الع َّز ُة َّ‬
‫الش َّ‬
‫رعي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪2-2‬الع َّز ُة ُ‬
‫غير َّ‬
‫الش َّ‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ )16957‬واللفظ له‪ ،‬والطبراني (‪ .)1280( )58/2‬صححه الحاكم على شرط‬
‫الشيخين في ((المستدرك)) (‪ ،)477/4‬وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)17/6‬رجاله‬
‫رجال الصحيح‪ .‬وقال األلباني في ((تحذير الساجد)) (‪ :)158‬على شرط مسلم وله شاهد‬
‫على شرط مسلم ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫((( ((إغاثة اللهفان)) البن القيم (‪.)181/2‬‬
‫‪178‬‬
‫ةَّز ِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫رعي ِة‪:‬‬ ‫ور ال ِع َّز ِة َّ‬


‫الش َّ‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫ِ‬
‫االعتزاز بالله َت َ‬
‫بارك وتعالى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ِ‬
‫وشرائعه‪.‬‬ ‫واالعتزاز َبهدْ ِيه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫باالنتساب لإلسال ِم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫االعتزاز‬ ‫‪2-2‬‬
‫الله عليه وس َّل َم‪.‬‬ ‫برسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫االعتزاز‬ ‫‪3-3‬‬
‫للمؤمنين‪.‬‬
‫َ‬ ‫الج ِ‬
‫ناح‬ ‫ض َ‬ ‫والذ َّل ِة وخ ْف ِ‬
‫الكافرين‪ِّ ،‬‬
‫َ‬ ‫الع َّز ِة على‬
‫‪4-4‬إظهار ِ‬
‫ُ‬
‫رعية‪:‬‬
‫الش ِ‬‫غري َّ‬
‫ور ال ِع َّزة ِ‬
‫ِمن ُص ِ‬
‫ومنافقين‪ِ ،‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ار‪ِ :‬من يهو َد‪ ،‬و َنصارى‪،‬‬
‫االعتزاز بالك َّف ِ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ِ‬
‫واألجداد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باآلباء‬ ‫ُ‬
‫االعتزاز‬ ‫‪2-2‬‬
‫بالقبيلة والر ِ‬
‫هط‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫االعتزاز‬ ‫‪3-3‬‬
‫َّ‬
‫بالمال أو العدَ ِد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫سواء كان‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بالكثرة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫االعتزاز‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫واألوثان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االعتزاز باألصنا ِم‬ ‫‪5-5‬‬
‫رعي ِة‪:‬‬ ‫أسباب ال ِع َّز ِة َّ‬
‫الش َّ‬ ‫ُ‬
‫العزيز الذي ال َي ِ‬
‫غل ُبه‬ ‫ُ‬ ‫اليقيني َّ‬
‫بأن الل َه تعالى هو‬ ‫ُ‬
‫واإليمان‬ ‫الجازم‬
‫ُ‬ ‫االعتقاد‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ُّ‬
‫الع َّز ِة و ِ‬
‫واه ُبها‪.‬‬ ‫شيء‪ ،‬وأ َّنه هو مصدر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬
‫واالعتزاز به‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لالنتساب له‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالفخر‬ ‫عور‬ ‫ين‪ُّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫االنتماء لهذا الدِّ ِ‬ ‫‪ِ 2-2‬ص ُ‬
‫والش ُ‬ ‫دق‬
‫المسلمين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أعداء‬ ‫ِ‬
‫واستقواء‬ ‫ِ‬
‫االستضعاف‪،‬‬ ‫ح َّتى ولو كان ذلك في َز ِ‬
‫من‬
‫َ‬

‫الله عليه وس َّل َم في َهدْ ِيه‪ ،‬وطاع ُته في أ ْم ِره‪ ،‬و ُل ُ‬ ‫عة الر ِ‬
‫سول َص َّلى ُ‬
‫زوم‬ ‫‪ُ 3-3‬متا َب ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫العب ِد في الدُّ نيا‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُس َّنتِه؛ فإ َّنه ب َقدْ ِر ذلك‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫وفالحه في‬
‫ُ‬ ‫تكون ع َّز ُة ْ‬
‫وأن دول َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن ِد َ ِ‬
‫األرض‪َّ ،‬‬ ‫مكين في‬
‫لو وال َّت ُ‬ ‫ين الله قد ُكت َب له ُ‬
‫الع ُّ‬ ‫اليقين َّ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ٍ‬
‫وسراب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫باطل‬ ‫زوال؛ أل َّنها ُبنِ َيت على‬
‫ٍ‬ ‫وع َّز َتهم صائر ٌة إلى‬‫الكافرين ِ‬
‫َ‬

‫‪179‬‬
‫ةَّز ِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫هلل عنهم‪:‬‬
‫رض َي ا ُ‬
‫حابة ِ‬ ‫مناذج ِمن ال ِع َّزة يف َّ‬
‫الص ِ‬ ‫ُ‬
‫الشا ِم‪ ،‬ومعنا أبو‬ ‫اب إلى َّ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬
‫عمر ُ‬‫(خر َج ُ‬ ‫هاب‪ ،‬قال‪َ :‬‬‫بن ِش ٍ‬ ‫ِ‬
‫طارق ِ‬ ‫ ‪-‬عن‬
‫خاض ٍة وعمر على ٍ‬
‫ناقة له‪ ،‬فنزَ َل عنها وخ َل َع ُخ َّف ْيه‪،‬‬ ‫اح‪ ،‬فأ َتوا على َم َ‬
‫َُ‬ ‫الجر ِ‬
‫بن َّ‬ ‫ُعبيد َة ُ‬
‫ِ‬ ‫فوض َع ُهما على عاتِ ِقه‪َ ،‬‬
‫خاض َة‪ ،‬فقال أبو ُعبيد َة‪:‬‬ ‫الم َ‬ ‫وأخ َذ ِبزما ِم ناقته‪ ،‬فخاض بها َ‬ ‫َ‬
‫ضعهما على عاتِ ِقك‪ُ ،‬‬
‫وتأخ ُذ‬ ‫فع ُل هذا؛ تخ َل ُع ُخ َّف ْيك و َت ُ‬‫المؤمنين‪ ،‬أنت َت َ‬
‫َ‬ ‫أمير‬
‫يا َ‬
‫اس َتشْ َرفوك‪ ،‬فقال‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫المخاض َة؟! ما َي ُس ُّرني َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِبزما ِم نا َقتِك‪،‬‬
‫أهل البلد ْ‬ ‫وتخوض بها َ‬
‫الله عليه‬‫محم ٍد َص َّلى ُ‬ ‫عمر‪ :‬أوه! لو ُيق ْل ذا غيرك أبا ُعبيد َة‪ ،‬جع ْل ُته َن ً ِ ِ‬
‫كال ُل َّمة َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ ْ‬
‫ب ِ‬
‫الع َّز َة ِ‬ ‫فم ْهما َنط ُل ِ‬ ‫وس َّل َم! إ َّنا ك َّنا َّ‬
‫أع َّزنا‬
‫بغير ما َ‬ ‫الله باإلسال ِم‪َ ،‬‬ ‫أذل قو ٍم‪َ ،‬‬
‫فأع َّزنا ُ‬
‫الله به أ َذ َّلنا ُ‬
‫الله)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وشع ٌر عن ال ِع َّز ِة‪:‬‬
‫كم ِ‬
‫ِح ٌ‬
‫بح ْك ٍم‬ ‫إن الل َه َ‬ ‫ستع َّز ِ‬
‫بع ٍّز َي ْفنى‪َّ .‬‬ ‫يكون لك ِع ٌّز ال ي ْفنى‪ ،‬فال َت ِ‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬إذا أر ْد َت ْ‬
‫حك َم ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫أعز ُه‪ ،‬وال َي ْعص َي ُه أحدٌ َّإل أ َذ َّل ُه(((‪.‬‬‫واألرض‪َّ :‬أل ُيطِ َيعه أحدٌ َّإل َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫موات‬ ‫الس‬‫ْقب َل خ ْل ِق َّ‬
‫الذ ِّل(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحياة في ُّ‬ ‫خير ِمن‬ ‫ِ ِ‬
‫الموت في مقا ِم الع َّزة ٌ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫المتن ِّبي‪:‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ـــق الب ِ‬ ‫ِع ْش‬
‫(((‬
‫نود‬ ‫وخ ْف ِ ُ‬ ‫ب ْين َط ْع ِ‬
‫ـــن ال َقنا((( َ‬ ‫كريم‬
‫ٌ‬ ‫عزيـــزا أو ُم ْت وأنـــت‬
‫ً‬

‫((( أخرجه الحاكم (‪.)207‬‬


‫صححه الحاكم على شرط الشيخين‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ .‬ووافقهما األلباني في ((سلسلة‬
‫األحاديث الصحيحة)) (‪.)118/1‬‬
‫((( ((فيض القدير)) للمناوي (‪.)73/6‬‬
‫((( ((مرزبان نامه)) (ص‪.)120 :‬‬
‫((( القنا‪ :‬جمع قناة وهي الرمح‪(( .‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)203/15‬‬
‫((( ((الوساطة بين المتنبي وخصومه)) للجرجاني (‪ .)351/1‬والبنود‪ :‬جمع بند وهو الع َلم الكبير‪.‬‬
‫((لسان العرب)) البن منظور (‪.)97/3‬‬
‫‪180‬‬
‫ُةميزعاو ُمْزعلا‬
‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫العزْمُ والعزيم ُة‬

‫والعزمية ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫العزم‬
‫معنى ِ‬
‫وع ِزيم ًة‪ .‬وعزَ َم عليه‬ ‫العز ُم والعزيم ُة ُلغ ًة‪ِ :‬‬
‫الجدُّ ؛ َعزَ َم على األ ْم ِر َي ْع ِز ُم َع ْز ًما َ‬ ‫ْ‬
‫َل َيفع َل َّن‪َ :‬‬
‫أقس َم(((‪.‬‬
‫أي‪ ،‬وعدَ م ال َّترد ِد بعدَ تبي ِن الس ِ‬
‫داد(((‪.‬‬ ‫الر ِ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫الع ْز ُم والعزيم ُة‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫إمضاء َّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫اخلري ِمن‬ ‫عل‬ ‫غيب يف ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والعزمية يف ِف ِ‬
‫ِ‬ ‫العز ِم‬ ‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺﮊ [آل عمران‪.]159 :‬‬

‫ ‪-‬وقول تعالى‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬


‫ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﮊ [لقمان‪.]17 :‬‬

‫الله عليه وس َّل َم قال‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫عن أبِي ُهرير َة رضي الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫إن ِش ْئ َت‪ ،‬لِ َي ْع ِز ْم في‬
‫إن ِش ْئ َت‪ ،‬ال َّل ُه َّم ْار َح ْمني ْ‬
‫أحدُ كم‪ :‬ال َّل ُه َّم ْاغ ِف ْر لي ْ‬
‫((ال ُيقو َل َّن َ‬
‫صانع ما شاء ال ُم ْك ِر َه له))(((‪.‬‬ ‫عاء؛ َّ‬
‫فإن الل َه‬ ‫الدُّ ِ‬
‫ٌ‬
‫والعزمية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن أقوال العلما ِء يف ْ‬
‫العز ِم‬ ‫ِ‬
‫((( ((المحكم)) البن سيده (‪.)533/1‬‬
‫((( ((التحرير والتنوير)) البن عاشور (‪.)190/4‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6339‬ومسلم (‪ )2679‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪181‬‬
‫ُةميزعاو ُمْزعلا‬
‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫العز ِم)(((‪.‬‬
‫وط ْ‬ ‫أجود ِمن س ِ‬ ‫أديب‬ ‫الجوزي‪( :‬ليس في ِس ِ‬
‫ياط ال َّت ِ‬ ‫ابن‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫قال ُ‬

‫والعزمية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن فوائ ِد ْ‬
‫العز ِم‬
‫بول الدُّ ِ‬
‫عاء‪.‬‬ ‫‪َ 1-1‬مظِ َّن ُة َق ِ‬

‫ِ‬
‫الفاضلة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯹ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫ِ‬
‫وتحصيل‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫وسيلة لِت‬
‫َهذيب ال َّن ْف ِ‬ ‫ٌ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﮊ [الشورى‪.]43 :‬‬
‫ين على َت ِ‬
‫حقيق ال َّت ْقوى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ُ 3-3‬يع ُ‬

‫ين على َت ْر ِك المعاصي‪.‬‬ ‫ِ‬


‫‪ُ 4-4‬يع ُ‬

‫ووسوستِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ص ِمن َت ِ‬


‫لبيس َّ‬
‫الشيطان َ‬ ‫سيلة لل َّتخ ُّل ِ‬
‫‪َ 5-5‬و ٌ‬

‫ب الع ْل ِم‪.‬‬ ‫خير ُم ِع ٍ‬


‫ين على ط َل ِ‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫العزيمة على ط َل ِ‬
‫ُ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫وجالل‬ ‫ب الحقِّ ُتثم ُر َ‬
‫نور الحقِّ‬ ‫‪7-7‬‬
‫والعزمية ْ‬
‫وتقوي ِتهما‪:‬‬ ‫العزم‬
‫ِ‬ ‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫وانهزامها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عف ال َّن ِ‬
‫فس‬ ‫وض ُ‬ ‫مرض الق ْل ِ‬
‫ب َ‬ ‫‪ُ 1-1‬‬

‫والكس ُل‪.‬‬
‫َ‬ ‫العج ُز‬
‫‪ْ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫باألسباب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخذ‬ ‫سويف وال َّتمنِّي و َت ْر ُك‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّت‬

‫الخوف ِمن َ‬
‫الفش ِل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫األهداف‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضوح‬ ‫رد ُد وعدَ ُم ُو‬
‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬
‫الظن ِ‬
‫بالله ُسبحانه وتعالى‪ْ ،‬‬
‫شاؤمي ُة‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األمل‪ ،‬وال َّنظر ُة ال َّت‬ ‫واليأ ُس و ُف ُ‬
‫قدان‬ ‫وء َّ ِّ‬
‫‪ُ 6-6‬س ُ‬
‫ِ‬
‫للحياة‪.‬‬

‫((( ((صيد الخاطر)) البن الجوزي (ص‪.)67 :‬‬


‫‪182‬‬
‫ُةميزعاو ُمْزعلا‬
‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫النتائج‪.‬‬ ‫ُ‬
‫واستعجال‬ ‫الط ِ‬
‫ريق‪،‬‬ ‫واستطالة َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ِ 7-7‬ق َّل ُة الص ِبر‪ ،‬وعدَ م الث ِ‬
‫َّبات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫الين‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب العزائ ِم‬ ‫‪ُ 8-8‬ص ُ‬
‫والبط َ‬ ‫الخاوية‬ ‫حبة‬

‫والعزمية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وية ْ‬
‫العز ِم‬ ‫ينة على ْ‬
‫تق ِ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫الوصول للهدَ ِ‬
‫ِ‬ ‫وح ْس ُن َّ‬ ‫ِ‬
‫ف؛ قال‬ ‫الظ ِّن به ُسبحانه في‬ ‫وك ُل على الله ُ‬
‫‪1-1‬ال َّت ُّ‬
‫تعالى‪ :‬ﮋﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﮊ [آل عمران‪.]159 :‬‬

‫عاء‪.‬‬
‫‪2-2‬الدُّ ُ‬
‫ِ‬
‫العقيدة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وسالمة‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‪،‬‬ ‫‪ِ 3-3‬صدْ ُق‬

‫ومصاحب ُتهم؛‬ ‫الح والدِّ ِ‬


‫ين ُ‬ ‫الص ِ‬ ‫والعزيمة ِمن ِ‬
‫أهل َّ‬
‫ِ‬ ‫بذ ِوي ْ‬
‫العز ِم‬ ‫االقتداء َ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﮊ [األحقاف‪.]35 :‬‬

‫ِ‬
‫العمل؛ قال‬ ‫رد ِد بعدَ ع ْق ِد ْ‬
‫العز ِم على‬ ‫ِ‬ ‫سار ُ‬
‫عة في ال َّتنفيذ‪ ،‬وعدَ ُم ال َّت ُّ‬ ‫الم َ‬
‫‪ُ 5-5‬‬
‫تعالى‪ :‬ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ [محمد‪.]21 :‬‬

‫ِ‬
‫العمل؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ‬ ‫ِ‬
‫عوبات أثنا َء‬‫الص‬
‫والص ُبر على ُّ‬ ‫‪6-6‬الث ُ‬
‫َّبات َّ‬
‫ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﮊ [لقمان‪.]17 :‬‬

‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬
‫والعزمية يف حيا ِة األنبيا ِء َّ‬
‫ِ‬ ‫قو ِة ْ‬
‫العز ِم‬ ‫مناذج ِمن َّ‬
‫ُ‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷﮊ [الكهف‪.]60 :‬‬
‫وط ِ‬
‫لب الع ْل ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الخير َ‬ ‫وشدَّ ِة َرغبتِه في‬ ‫(يخبِر تعالى عن َنبيه موسى عليه السالم‪ِ ،‬‬
‫َّ ُ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫الش َّق ُة‪ ،‬و َل ِح َق ْتني المش َّق ُة‪ ،‬ح َّتى‬
‫علي ُّ‬ ‫أزال ُمسافِ ًرا ْ‬
‫وإن طا َل ْت َّ‬ ‫لخادم ِه‪ :‬ال ُ‬
‫ِ‬ ‫أ َّنه قال‬
‫َجدُ فيه عبدً ا‬ ‫وحي إليه‪ :‬أ َّنك ست ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أص َل إلى َمجم ِع‬
‫المكان الذي أ َ‬ ‫البحرين‪ ،‬وهو‬
‫الع ْل ِم ما ليس ِعندك‪ ،‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷﮊ‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫باد الله العالمين‪ ،‬عنده ِمن ِ‬‫ِمن ِع ِ‬

‫‪183‬‬
‫ُةميزعاو ُمْزعلا‬
‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫االستمرار‬ ‫جازم‪ ،‬فلذلك أمضا ُه)(((‪ ،‬ولم َيمن َْعه ِمن‬
‫ٌ‬ ‫مساف ًة طويل ًة‪ ،‬وهذا ْ‬
‫عز ٌم منه‬
‫في ِرحلتِه قو ُله‪ :‬ﮋ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﮊ‪ ،‬أي‪َ :‬تع ًبا‪ ،‬وكذلك لم َيث ِْن‬
‫الطريقَ ؛ ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ‬ ‫الله عليه وس َّل َم أ َّنهم أخطؤوا َّ‬
‫عز َمه َص َّلى ُ‬ ‫ْ‬
‫لب‬‫لط ِ‬ ‫حلة نبي ِ‬
‫الله ُموسى َ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﮊ [الكهف‪ .]66-64 :‬وسبب ِر ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ‬
‫هل َتع َل ُم‬ ‫ٌ‬
‫رجل فقال‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫إسرائيل‪ ،‬جاء ُه‬ ‫إل ِمن بني‬
‫(بينما ُموسى في َم ٍ‬ ‫الع ْل ِم‪ :‬أ َّنه ْ‬
‫عبدُ نا‬
‫وجل إلى ُموسى‪ :‬بلى‪ْ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫عز‬ ‫أحدً ا أع َل َم منك؟ قال ُموسى‪ :‬ال‪َ .‬فأوحى ُ‬
‫الله َّ‬
‫الحوت آي ًة‪ ،‬وقيل له‪ :‬إذا ف َقدْ َت‬
‫َ‬ ‫فجع َل ُ‬
‫الله له‬ ‫بيل إليه‪َ ،‬‬ ‫الس َ‬
‫فسأل ُموسى َّ‬ ‫َ‬ ‫َخ ِض ٌر‪،‬‬
‫فار ِج ْع؛ فإ َّنك ستلقا ُه)(((‪.‬‬
‫الحوت ْ‬
‫َ‬

‫وزي‪:‬‬
‫الج ِّ‬ ‫خمدُ ها َّإل‬ ‫رضي الل ُه عنه ال ي ِ‬ ‫ضر ِ‬‫بن ال َّن ِ‬
‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬عزيمة ِ‬
‫ابن َ‬‫الموت‪ ،‬قال ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ولوال ِجدُّ ِ‬
‫أش َهدني‬ ‫لئن ْ‬‫ضر في َت ْرك هوا ُه‪ ،‬وقد سم ْع َت من أ َث ِر َعزمته‪ْ :‬‬ ‫بن ال َّن ِ‬
‫أنس ِ‬

‫عر ْف َّإل ب َبنانِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الله ما أصنَع‪ ،‬فأ ْقب َل ُ ٍ ِ‬


‫يوم أحد ُيقات ُل ح َّتى ُقت َل‪ ،‬فلم ُي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الله َمشْ هدً ا َل َي َّ‬
‫رين ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر َب ِّيعِ)(((‪.‬‬
‫كس ُر س ُّن ُّ‬ ‫انبساط َو ْج ِهه َ‬
‫يوم ح َل َف‪ :‬والله ال ُت َ‬ ‫ُ‬ ‫العز ُم ما كان‬
‫فلوال هذا ْ‬
‫صف َشه ٍر بعزيمة ثابتة‪ ،‬فيقول ِ‬
‫رض َي‬ ‫العبري َة في نِ ِ‬
‫ثابت ِ‬
‫ ‪-‬وقد تعلم َزيدُ بن ٍ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬
‫تاب يهو َد‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫أن أتع َّل َم له ك َ‬
‫الله عليه وس َّل َم ْ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪(( :‬أ َم َرني‬ ‫ُ‬
‫مر بي نِ ُ‬
‫صف َش ْه ٍر ح َّتى َتع َّل ْم ُته له‪.‬‬ ‫تاب‪ ،‬قال‪ :‬فما َّ‬‫والله ما آ َم ُن يهو َد على ِك ٍ‬‫ِ‬ ‫إ ِّني‬
‫َب إلى يهو َد كتَب ُت إليهم‪ ،‬وإذا َكتَبوا إليه ْ‬
‫قرأ ُت له‬ ‫فلما تع َّل ْم ُته كان إذا كت َ‬
‫قال‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫ِكتا َبهم))(((‪.‬‬

‫((( ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان)) السعدي (ص‪.)481-480 :‬‬
‫((( البخاري (‪.)74‬‬
‫((( ((صيد الخاطر)) ابن الجوزي (ص‪.)139 :‬‬
‫ً‬
‫موصول أبو داود (‪ ،)3645‬والترمذي (‪)2715‬‬ ‫((( أخرجه البخاري معل ًقا (‪ ،)7195‬وأخرجه‬
‫وصححه الحاكم في ((المستدرك))‬
‫َّ‬ ‫واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪ .)21618‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫(‪ ،)147/1‬وقال األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪ :)2715‬حسن صحيح‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫ُةميزعاو ُمْزعلا‬
‫ل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫ُ‬
‫والعزمية يف ِ‬ ‫ال َع ْز ُم‬
‫المتن ِّبي‪:‬‬
‫قال ُ‬
‫الم ِ‬
‫كار ُم‬ ‫وتأتي علـــى َقدْ ِر الكـــرا ِم َ‬
‫ْ‬ ‫العـــز ِم ْتأتي ال َع ُ‬
‫زائم‬ ‫ْ‬ ‫على َقدْ ِر ِ‬
‫أهل‬
‫وتَص ُغ ُر في َع ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وتَع ُظ ُم في َع ِ‬
‫يـــن العظي ِم ال َع ُ‬
‫ظائم‬ ‫غارها‬
‫غيـــر ص ُ‬ ‫الص‬
‫ين َّ‬
‫(((‬

‫((( ((ديوان أبي الطيب المتنبي)) (ص‪.)385 :‬‬


‫‪185‬‬
‫ةَّفِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ف ُة‬
‫الع َّ‬
‫ِ‬

‫معنى ال ِع َّف ِة ‪:‬‬


‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫عما ال َي ِح ُّل و َي ْج ُم ُل؛ يقال‪َ :‬ع َّف عن‬ ‫الع َّف ُة ُلغ ًة‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫واألطما ِع‬ ‫المحار ِم‬ ‫الك ُّف َّ‬
‫فاف(((‪.‬‬‫فاف‪ :‬ط َلب الع ِ‬ ‫واالستِ ْع ُ‬ ‫الدَّ نِ َّي ِة‪.‬‬
‫ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضب ُط ال َّن ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َّف ُة‬
‫يم‬ ‫الشهوات‪ ،‬و َق ْص ُرها على االكتفاء بما ُيق ُ‬ ‫س عن َّ‬ ‫اصطالحا‪ْ :‬‬
‫ً‬
‫وقصدُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫رف في جمي ِع‬ ‫فقط‪ ،‬واجتناب الس ِ‬ ‫الجس ِد و َيح َف ُظ ِص َّحتَه ْ‬ ‫أو ِد‬
‫الملذات‪ْ ،‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫االعتدال(((‪.‬‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫األم ُر بال ِع َّف ِة يف‬
‫ْ‬
‫ ‪-‬قال ُسبحانه‪ :‬ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﮊ‬
‫[النور‪.]33 :‬‬
‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬
‫ﮣﮤﮥﮦ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ [البقرة‪.]273 :‬‬
‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه قال‪ :‬قال‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة ِ‬

‫والمكا َت ُب الذي ُي ِريدُ‬ ‫جاهدُ في س ِ ِ‬ ‫الله َعو ُنهم‪ :‬الم ِ‬ ‫حق على ِ‬ ‫ٌ‬
‫بيل الله‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫((ثالثة ٌّ‬
‫قص ُم ظهر‬ ‫األمور الشا َّقة التي َت ِ‬
‫ِ‬ ‫فاف))(((؛ فهذه ِمن‬ ‫اكح الذي ُي ِريدُ َ‬
‫الع َ‬ ‫األدا َء‪ ،‬وال َّن ُ‬

‫((( ((مختار الصحاح)) للرازي (‪(( ،)1405/4‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)253/9‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)21 :‬‬
‫وصححه‪= ‬‬
‫َّ‬ ‫حسنه الترمذي‪،‬‬
‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)1655‬والنسائي (‪ ،)3120‬وابن ماجه (‪َّ .)2518‬‬
‫‪186‬‬
‫ةَّفِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫مع‬ ‫العفاف؛ أل َّنه َق ُ‬


‫ُ‬ ‫يقوم بها‪ ،‬وأصع ُبها‬
‫أن الل َه تعالى ُيعينه عليها ال ُ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬لوال َّ‬
‫ِ‬
‫المركوزة فيه(((‪.‬‬ ‫بلي ِة‬ ‫ِ ِ‬
‫الشهوة الج َّ‬
‫ِ‬
‫األنصار‬ ‫ناسا ِمن‬ ‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه قال‪َّ :‬‬
‫((إن ً‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ري ِ‬‫الخدْ ِّ‬ ‫ٍ‬
‫سعيد ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي‬
‫فأعطاهم‪ ،‬ح َّتى َن ِفدَ‬
‫ُ‬ ‫ثم َسألو ُه‬
‫فأعطاهم‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫َسألوا‬
‫الله‪،‬‬‫ف ُي ِع َّف ُه ُ‬
‫تعف ْ‬‫خير فلن أد ِخره عنكم‪ ،‬ومن يس ِ‬
‫َ َْ‬ ‫يكن عندي من ٍ ْ َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ما عندَ ُه‪ ،‬قال‪ :‬ما ُ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫خير‬‫الله‪ ،‬وما أ ْعط َي أحدٌ من عطاء ٌ‬ ‫الله‪ ،‬و َمن َيصبِ ْر ُيص ِّب ْره ُ‬ ‫و َمن َي ْستغْ ِن ُيغْ نِه ُ‬
‫الص ِبر))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأوس ُع من َّ‬‫َ‬
‫لف والعلما ِء يف ال ِع َّف ِة‪:‬‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫روءتان‪ُ :‬مروء ٌة ظاهر ٌة‪،‬‬ ‫(المروء ُة ُم‬ ‫اب ِ‬
‫الخط ِ‬
‫َّ‬
‫الله عنه‪ُ :‬‬
‫رض َي ُ‬ ‫بن‬
‫عمر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫الع َف ُ‬
‫اف)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الباطنة َ‬ ‫والمروء ُة‬
‫اش‪ُ ،‬‬‫الر َي ُ‬ ‫فالمروء ُة َّ‬
‫الظاهر ُة ِّ‬ ‫ٌ‬
‫باطنة؛ ُ‬ ‫ومروء ٌة‬
‫ُ‬
‫ريش نعدُّ ِ‬ ‫بن عمر ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ْل َم‬ ‫معشر ُق ٍ ُ‬
‫َ‬ ‫الله عنهما‪( :‬نحن‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬قال عبدُ الله ُ َ َ‬
‫المروء َة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المال ُ‬ ‫وإصالح‬ ‫الع َ‬
‫فاف‬ ‫ونعدُّ َ‬
‫السؤد َد‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫والجو َد ُّ‬
‫ُ‬
‫صلتان‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫الع َّف ُة عن‬ ‫َ‬
‫يكون فيه َخ‬ ‫جل ح َّتى‬ ‫ختياني‪( :‬ال َين ُب ُل َّ‬
‫ُّ‬ ‫الس‬
‫وب َّ‬ ‫ ‪-‬قال أ ُّي ُ‬
‫ُ‬
‫جاوز عنهم)(((‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬وال َّت‬ ‫ِ‬
‫أموال ال َّن ِ‬

‫أقسا ُم ال ِع َّف ِة‪:‬‬


‫الع َّف ُة عن المآثِ ِم‪.‬‬
‫الع َّف ُة عن المحار ِم‪ ،‬والثاني‪ِ :‬‬
‫نوعان‪ :‬أحدُ هما‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع َّف ُة‬

‫= ابن العربي في ((عارضة األحوذي)) (‪ ،)5/3‬وحسنه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي))‬


‫(‪.)1655‬‬
‫((( ((تحفة األحوذي)) للمباركفوري (‪.)296/5‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1469‬ومسلم (‪ )1053‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)150/2‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)215/2‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)319 :‬‬
‫‪187‬‬
‫ةَّفِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضب ُط ْ‬
‫الفر ِج عن الحرا ِم‪ ،‬والثاني‪:‬‬ ‫فأ َّما الع َّف ُة عن المحار ِم فنوعان‪ :‬أحدُ هما‪ْ :‬‬
‫ِ‬
‫األعراض‪.‬‬ ‫سان عن‬‫كف ال ِّل ِ‬ ‫ُّ‬

‫رة ُّ‬
‫بالظل ِم‪ ،‬والثاني‪:‬‬ ‫جاه ِ‬
‫الم َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫فنوعان‪ :‬أحدُ هما‪:‬‬ ‫الع َّف ُة عن المآثِ ِم‬
‫وأما ِ‬
‫الكف عن ُ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫بخيانة(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسرار‬ ‫س عن‬ ‫َز ْج ُر ال َّن ْف ِ‬

‫آثا ُر ال ِع َّف ِة وفوائدُها‪:‬‬


‫ِ‬
‫الفواحش‪.‬‬ ‫المجتم ِع ِمن‬ ‫ُ‬
‫سالمة ُ‬ ‫‪1-1‬‬

‫يوم ال ظِ َّل َّإل ظِ ُّله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بعة الذين ُيظِ ُّلهم ُ‬


‫الله في ظ ِّله َ‬
‫العفيف ِمن الس ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫والمضايق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االبتالءات‬ ‫جاة ِمن‬
‫الع َّف ُة سبب لل َّن ِ‬
‫‪ِ 3-3‬‬
‫ٌ‬
‫ُش ُ‬
‫روط ال ِع َّف ِة‪:‬‬
‫انتظارا ألك َث َر منه‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫يء‬ ‫عف ُفه عن َّ‬
‫يكون َت ُّ‬
‫َ‬ ‫‪َّ 1-1‬أل‬
‫ً‬

‫‪2-2‬أو أل َّنه ال ُيوافِ ُقه‪.‬‬

‫مود َشهوتِه‪.‬‬
‫‪3-3‬أو لِج ِ‬
‫ُ‬

‫وف ِمن عاقبتِه‪.‬‬


‫الستشعار َخ ٍ‬
‫ِ‬ ‫‪4-4‬أو‬

‫ناولِه‪.‬‬ ‫‪5-5‬أو أل َّنه مم ٌ ِ‬


‫نوع من َت ُ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫عارف به؛ ُلق ِ‬
‫صوره‪.‬‬ ‫‪6-6‬أو أل َّنه ُ‬
‫غير‬

‫تطب ٌب‪ ،‬أو َم ٌ‬


‫رض‪ ،‬أو َخ ٌ‬
‫رم‪ ،‬أو‬ ‫اصطياد‪ ،‬أو ُّ‬
‫ٌ‬ ‫بع َّف ٍة‪ ،‬بل هو َّإما‬
‫فإن ذلك ك َّله ليس ِ‬
‫َّ‬
‫جه ٌل(((‪.‬‬
‫عجزٌ ‪ ،‬أو ْ‬
‫ْ‬

‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪ )329 :‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪ )319 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪188‬‬
‫ةَّفِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِمن ُص َور ال ِع َّف ِة‪:‬‬


‫عما في أيدي ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫‪1-1‬الع َّف ُة َّ‬
‫ِ‬
‫الله‪.‬‬
‫حر َم ُ‬
‫عما َّ‬‫‪2-2‬الع َّف ُة َّ‬
‫ِ‬
‫األعراض‪.‬‬ ‫كف ال ِّل ِ‬
‫سان عن‬ ‫‪ُّ 3-3‬‬

‫موانع ال ِع َّف ِة وعوائ ُقها‪:‬‬


‫ُ‬
‫ُ‬
‫وسائل اإلعال ِم‪.‬‬‫‪1-1‬‬
‫ُ‬
‫االختالط‪.‬‬ ‫‪2-2‬‬
‫‪3-3‬تبرج الن ِ‬
‫ِّساء‪.‬‬ ‫ُّ ُ‬
‫ِ‬
‫والمعازف‪.‬‬ ‫استماع األغاني‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ال ِع َّف ِة‪:‬‬
‫وعالنيتِه‪.‬‬
‫أن َي َّت ِق َي الل َه في ِس ِّره َ‬
‫‪ْ 1-1‬‬

‫السو َء والفحشا َء‪.‬‬ ‫بأن َي ِ‬


‫صر َف عنه ُّ‬ ‫دع َو الل َه ْ‬ ‫‪ْ 2-2‬‬
‫أن َي ُ‬

‫اإلسالمي ِة‪.‬‬ ‫ربية‬ ‫ِ‬


‫األبناء على ال َّت ِ‬ ‫‪َ 3-3‬ت ُ‬
‫نشئة‬
‫َّ‬
‫واج‪.‬‬
‫الز ُ‬
‫‪َّ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫الفساد‪.‬‬ ‫‪َ 5-5‬سدُّ َّ‬
‫الذرائ ِع التي ُتؤ ِّدي إلى‬
‫إقامة الح ِ‬
‫دود‪.‬‬ ‫‪ُ ُ 6-6‬‬
‫لف‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫مناذج يف ال ِع َّف ِة ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫الع َّف ِة؛ فعن أبي ُهرير َة‬
‫رجات ِ‬ ‫ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم في ْ‬
‫أعلى َد‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬كان ال َّن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فجع َلها في‬ ‫الصدقة‪َ ،‬‬ ‫تم ِر َّ‬ ‫تمر ًة من ْ‬ ‫علي ْ‬
‫بن ٍّ‬‫الحسن ُ‬
‫ُ‬ ‫أخ َذ‬
‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه قال‪َ :‬‬ ‫رض َي ُ‬
‫((ك ْخ ِك ْخ‪ ،‬ار ِم بها‪ ،‬أ َما ِ‬
‫عل ْم َت أ َّنا ال‬ ‫الله عليه وس َّلم‪ِ :‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫فِ ِيه‪ ،‬فقال‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪189‬‬
‫ةَّفِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َن ُأك ُل َّ‬


‫الصدق َة؟))(((‪.‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬سأ ْل ُت‬ ‫بن حزا ٍم ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬عن َحكي ِم ِ‬
‫حكيم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ثم قال‪ :‬يا‬ ‫فأعطاني‪َّ ،‬‬ ‫ثم سأ ْل ُته ْ‬
‫فأعطاني‪َّ ،‬‬ ‫ثم سأ ْل ُته ْ‬ ‫فأعطاني‪َّ ،‬‬ ‫عليه وس َّل َم ْ‬
‫ور َك له فيه‪ ،‬و َمن َ‬ ‫س ُب ِ‬ ‫ِ‬
‫خاوة ن ْف ِ‬ ‫َ ِ‬
‫أخذ ُه‬ ‫بس‬
‫أخذ ُه َ‬ ‫فمن َ‬ ‫المال َخضر ٌة ُح ْلو ٌة‪َ ،‬‬ ‫إن هذا‬ ‫َّ‬
‫خير ِمن ال َي ِد‬ ‫الع ْليا ٌ‬ ‫بار ْك له فيه كالذي َي ُأك ُل وال َيش َب ُع‪ ،‬اليدُ ُ‬ ‫س لم ُي َ‬
‫ِ‬
‫بإشراف ن ْف ٍ‬
‫الله‪ ،‬والذي َبع َثك بالحقِّ ال ْأر َز ُأ أحدً ا‬ ‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫حكيم‪ :‬فق ْل ُت‪ :‬يا‬ ‫السفلى‪ .‬قال‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬
‫كيما إلى‬ ‫بكر ِ‬‫فار َق الدُّ نيا‪ .‬فكان أبو ٍ‬ ‫بعدَ ك شيئًا ح َّتى ُأ ِ‬
‫دعو َح ً‬ ‫الله عنه َي ُ‬ ‫رض َي ُ‬
‫الله عنه دعا ُه لِ ُيعطِ َيه‪ ،‬فأ َبى ْ‬ ‫إن عمر ِ‬ ‫ِ‬
‫العطاء‪ْ ،‬‬
‫قبل‬‫أن َي َ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ثم َّ َ َ‬ ‫أن َيقب َل ُه منه‪َّ ،‬‬
‫فيأبى ْ‬
‫ض‬ ‫أع ِر ُ‬
‫معشر المسلمين على حكي ٍم أ ِّني ْ‬ ‫َ‬ ‫عمر‪ :‬إ ِّني ُأ ِ‬
‫شهدُ كم يا‬ ‫منه شيئًا‪ ،‬فقال ُ‬
‫كيم أحدً ا ِمن ال َّن ِ‬ ‫أن ْيأ ُخ َذه‪ .‬فلم َي َ‬ ‫ِ‬ ‫عليه ح َّقه ِمن هذا‬
‫اس بعدَ‬ ‫رز ْأ َح ٌ‬ ‫الفيء‪ ،‬ف َيأبى ْ‬
‫الله عليه وس َّل َم ح َّتى ُتو ِّف َي))(((‪.‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬

‫للربي ِع ِ‬ ‫تعر َ‬ ‫جمال ِ‬


‫ٍ‬ ‫ ‪-‬عن َس ْعدَ َ‬
‫بن‬ ‫ض َّ‬ ‫أن َت َّ‬‫بار ٍع ْ‬ ‫ذات‬‫قوم امرأ ًة َ‬ ‫ان قال‪( :‬أ َم َر ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أحس َن ما‬‫فع َل ْت ذلك أ ْل َف دره ٍم‪ ،‬ف َلبِ َست َ‬ ‫إن َ‬ ‫وجعلوا لها ْ‬ ‫ُخ َثي ٍم ف َلع َّلها َتفتن ُُه‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قدَ َر ْت عليه ِمن ال ِّث ِ‬
‫خر َج‬‫تعر َضت له حين َ‬ ‫ثم َّ‬ ‫بأطيب ما قدَ َر ْت عليه‪َّ ،‬‬ ‫وتطي َب ْت‬
‫ياب‪َّ ،‬‬
‫بيع‪:‬‬ ‫فراع ُه أ ْم ُرها‪ ،‬فأق َب َل ْت عليه وهي سافر ٌة‪ ،‬فقال لها َّ‬
‫الر ُ‬ ‫فنظ َر إليها‪َ ،‬‬ ‫سج ِده‪َ ،‬‬ ‫ِمن َم ِ‬

‫رت ما أرى ِمن َلونِك و َبهجتِك؟! ْأم‬ ‫فغي ْ‬ ‫ِ ِ‬


‫الح َّمى بجسمك‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫كيف بك لو قد نزَ َلت ُ‬
‫الوتين؟! أم كيف ِ‬
‫بك لو‬ ‫ِ‬ ‫حب َل‬ ‫ِ‬
‫الموت‪َ ،‬‬ ‫كيف ِ‬
‫بك لو قد نزَ َل بك َم ُ‬
‫ْ‬ ‫فقط َع منك ْ‬ ‫لك‬
‫ِ‬ ‫نكر ونكير؟! فصر َخ ْت صرخ ًة‪ ،‬فس َق َط ْت م ِ‬
‫فوالله لقد‬ ‫غش ًّيا عليها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫قد سا َء َلك ُم َ ٌ‬
‫ذع ُم ِ‬
‫حتر ٌق)(((‪.‬‬ ‫يوم ما َت ْت كأ َّنها ِج ٌ‬ ‫ِ‬ ‫أفا َق ْت َ ِ‬
‫وبلغ ْت من عبادة ر ِّبها‪ :‬أ َّنها كانت َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1491‬ومسلم (‪ )1069‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )1472‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1035‬‬
‫((( ((صفة الصفوة)) البن الجوزي (‪.)191/3‬‬
‫‪190‬‬
‫ةَّفِعلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عر‪:‬‬ ‫واحة ِّ‬


‫الش ِ‬ ‫ال َع ُ‬
‫فاف يف ِ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫(((‬‫وأزيـــنُـــه الــتَّــزيــن بــال ـعــفـ ِ‬
‫ـاف‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َْ‬ ‫بــالــمــر ِء َزيـــ ٌن‬
‫ْ‬ ‫وكــــل تَـــز ُّي ٍ‬
‫ـــن‬ ‫ُّ‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)150 :‬‬


‫‪191‬‬
‫ل‬
‫حفَّصلاو ُوْفع ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والصفحُ‬
‫َّ‬ ‫العفْ ُو‬

‫فح‪:‬‬ ‫معنى ْ‬
‫والص ِ‬
‫العف ِو َّ‬
‫وعفوت عن الحقِّ ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫والطمس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫المـحو‬
‫ُ‬ ‫مصدر َعفا َي ْعفو َع ْف ًوا‪ ،‬وأص ُله‬
‫ُ‬ ‫الع ْف ُو ُلغ ًة‪:‬‬

‫أس َقطته‪ ،‬كأ َّنك محو َته عن الذي عليه(((‪.‬‬


‫ْ‬
‫قاب عليه‪َ ،‬‬ ‫ْب و َتر ُك ِ‬
‫الع ِ‬
‫وأص ُله‪َ :‬‬
‫الم ْح ُو‬ ‫الذن ِ ْ‬ ‫جاو ُز عن َّ‬
‫اصطالحا‪ :‬هو ال َّت ُ‬
‫ً‬ ‫الع ْف ُو‬

‫س(((‪.‬‬ ‫َّ‬
‫والط ْم ُ‬

‫والص ُف ُ‬
‫وح‪:‬‬ ‫اح‪َ :‬ع ُف ٌّو‪َّ ،‬‬
‫وص َّف ٌ‬ ‫الذن ِ‬
‫ْب‪ ،‬وهو َص ُف ٌ‬
‫وح َ‬ ‫اإلعراض عن َّ‬
‫ُ‬ ‫الص ْف ُح ُلغ ًة‪:‬‬
‫َّ‬
‫عمن َجنى عليه‪ ،‬واست َْص َف َحه ذ ْن َب ُه‪ :‬استغ َف َر ُه إِ َّياه وط َل َب ْ‬
‫أن‬ ‫الكريم؛ أل َّنه َي ْص َف ُح َّ‬
‫ُ‬
‫َي ْص َف َح له عنه(((‪.‬‬
‫أنيب‪ ،‬وهو أب َلغُ ِمن الع ْف ِو؛ فقد َي ُ‬
‫عفو وال َيص َف ُح(((‪.‬‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو َت ُ‬
‫رك ال َّت ِ‬ ‫ً‬ ‫فح‬
‫الص ُ‬
‫َّ‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫فح ِمن‬ ‫احل ُّث على ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫والص ِ‬
‫العف ِو َّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡﭢﭣﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ [آل عمران‪.]134-133 :‬‬

‫((( ُينظر‪(( :‬لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)72/15‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)419/2‬‬
‫((( ((تحفة األحوذي)) للمباركفوري (‪.)143/6‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)512/2‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)457 :‬‬
‫‪192‬‬
‫ل‬
‫حفَّصلاو ُوْفع ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة ِ‬
‫تواضع أحدٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫دقة ِمن ٍ‬
‫لله‬ ‫عبدً ا َبع ْف ٍو َّإل ع ًّزا‪ ،‬وما َ َ‬‫الله ْ‬
‫مال‪ ،‬وما زاد ُ‬ ‫((ما ن َق َص ْت َص ٌ‬
‫لوب‪ ،‬وزا َد‬‫الق ِ‬
‫وعظم في ُ‬ ‫ِ‬
‫والعفو سا َد ُ‬ ‫ِ‬
‫بالصفح‬ ‫الله))(((‪ ،‬أي‪َ :‬من ُع ِر َف‬
‫عه ُ‬‫َّإل ر َف ُ‬
‫اآلخر ِة ِ‬‫يكون أجره على ذلك في ِ‬ ‫ِع ُّزه‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫وع َّز ُته هناك(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫فح‪:‬‬ ‫لف والعلما ِء يف ْ‬ ‫ُ‬
‫والص ِ‬
‫العف ِو َّ‬ ‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫عفون إذا َقدَ روا؛ ْ‬
‫فاع ُفوا‬ ‫اس؟ فقال‪( :‬الذين َي ُ‬ ‫ ‪ِ -‬قيل ألبي الدَّ رداء‪َ :‬من ُّ‬
‫أعز ال َّن ِ‬
‫ُي ِع َّزكم ُ‬
‫الله تعالى)(((‪.‬‬

‫رجل شتَمني في‬ ‫أن ً‬ ‫الله تعالى عنهما‪( :‬لو َّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن علي ِ‬ ‫الحسن ُ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫ٍّ‬
‫األخرى‪َ ،‬ل َقبِ ْل ُت ُع َ‬
‫ذره)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تذ َر في ُأذني‬ ‫ُأذني هذه‪ْ ،‬‬
‫واع َ‬

‫ٌ‬
‫ثالثة‪ :‬الع ْف ُو في‬ ‫األمور إلى ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫(أحب‬ ‫ِ‬
‫العزيز قال‪:‬‬ ‫بن ِ‬
‫عبد‬ ‫عمر ِ‬
‫ُّ‬ ‫ ‪-‬وعن َ‬
‫ٍ‬
‫بأحد في الدُّ نيا َّإل‬ ‫ِ‬
‫العبادة‪ .‬وما ر َفقَ أحدٌ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫فق في‬ ‫والر ُ‬ ‫القدرة‪ ،‬والقصدُ في الجدَ ة‪ِّ ،‬‬
‫ِ‬
‫القيامة)(((‪.‬‬ ‫يوم‬ ‫ر َفقَ ُ‬
‫الله به َ‬

‫حابة‬
‫والص ِ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ُ‬
‫اهلل عليه َّ‬ ‫الن ِّ‬ ‫مناذج يف ْ‬
‫العف ِو ِمن حيا ِة َّ‬ ‫ُ‬
‫وامللوك‪:‬‬
‫ِ‬ ‫لف‬‫والس ِ‬
‫َّ‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله عليه‬ ‫ُ‬ ‫الله عنهما قال‪(( :‬كان‬
‫رض َي ُ‬ ‫بن ٍ‬
‫زيد ِ‬ ‫ ‪-‬عن ُأسام َة ِ‬
‫الله‪ ،‬و َيصبِرون‬
‫أمر ُهم ُ‬ ‫ِ‬
‫الكتاب كما َ‬ ‫ِ‬
‫وأهل‬ ‫المشركين‬
‫َ‬ ‫وس َّل َم وأصحا ُبه َي ْع ُفون عن‬
‫على األ َذى‪ ،‬قال ُ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﮊ اآلي َة‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)2588‬‬


‫((( ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (‪.)28/8‬‬
‫((( ((نهاية األرب في فنون األدب)) للنويري (‪.)58/6‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)302/1‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)167 :‬‬
‫‪193‬‬
‫ل‬
‫حفَّصلاو ُوْفع ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫[آل‪ ‬عمران‪ ،]186 :‬وقال‪ :‬ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ اآلي َة [البقرة‪:‬‬


‫يتأو ُل في الع ْف ِو عنهم ما أ َم َر ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬
‫الله‬ ‫الله عليه وس َّل َم َّ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫‪ ،]109‬فكان‬
‫به‪.((())...‬‬
‫الله عليه وس َّل َم كان ال َي ْجزي‬
‫الله عنها‪(( :‬أ َّنه َص َّلى ُ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة ِ‬

‫ولكن َي ْع ُفو و َيص َف ُح))(((‪.‬‬


‫ْ‬ ‫بالس ِّي ِئة ِم ْث َلها‪،‬‬
‫َّ‬
‫بن ُأثاث َة ‪-‬وكان َّ‬
‫ممن تك َّل َم‬ ‫الله عنه عن ِم َ‬
‫سط ِح ِ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بكر ِ‬‫ ‪-‬وقد َع َفا أبو ٍ‬

‫يق ‪-‬وكان ُي ِنف ُق‬


‫الصدِّ ُ‬
‫بكر ِّ‬‫الله براء َة عائش َة‪ ،‬قال أبو ٍ‬ ‫فلما أنزَ َل ُ‬ ‫ِ‬
‫في اإلفك‪َّ -‬‬
‫سط ٍح شيئًا أبدً ا‬ ‫ِ‬
‫والله ال ُأ ِنف ُق على ِم َ‬ ‫بن ُأثاث َة؛ ل َقرا َبتِه منه و َف ْق ِره‪:-‬‬ ‫على ِم َ‬
‫سط ِح ِ‬
‫الله‪ :‬ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ إلى‬ ‫بعدَ الذي قال لعائش َة ما قال‪ ،‬فأنزَ َل ُ‬
‫ِ‬
‫والله إ ِّني‬ ‫الصدِّ ُ‬
‫يق‪ :‬بلى‬ ‫قولِه‪ :‬ﮋ ﮒ ﮓ ﮔﮊ [النور‪ .]22 :‬قال أبو ٍ‬
‫بكر ِّ‬
‫سط ٍح ال َّنفق َة التي كان ُي ِنف ُق عليه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫فرج َع إلى ِم َ‬
‫الله لي‪َ ،‬‬
‫أن ي ِ‬
‫غف َر ُ‬ ‫لح ُّب ْ َ‬
‫َُ ِ‬
‫ِ‬
‫والله ال َأ ِنز ُعها منه أبدً ا))(((‪.‬‬
‫خالد ال َقس ِر ِّي‪ ،‬فلما ُأ ِ‬
‫دخ َل عليه‪،‬‬ ‫المل ِك على ٍ‬ ‫عبد ِ‬‫ليمان بن ِ‬ ‫ ‪-‬وقد ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫(غض َب ُس ُ ُ‬
‫ِ‬
‫العقوبة‪ْ ،‬‬
‫فإن‬ ‫القدر َة ُت ِ‬
‫ذه ُب الحفيظ َة‪ ،‬وإ َّنك َت ِج ُّل عن‬ ‫إن ُ‬‫المؤمنين‪َّ ،‬‬ ‫أمير‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬يا َ‬
‫َتع ُف فأه ٌل لذلك أنت‪ِ ْ ،‬‬
‫فأه ٌل لذلك أنا‪َ .‬‬
‫فع َفا عنه)(((‪.‬‬ ‫وإن ُتعاق ْب ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فح‪:‬‬ ‫فوائ ُد ْ‬
‫والص ِ‬
‫العف ِو َّ‬
‫لجانب َض ْع ِفه‬ ‫حمة بالم ِس ِ‬
‫وامتثال أل ْم ِر‬
‫ٌ‬ ‫البشري‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وتقدير‬
‫ٌ‬ ‫يء‪،‬‬ ‫‪1-1‬في الع ْف ِو َر ٌ ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6207‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1798‬‬


‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)2016‬وأحمد (‪ )25417‬واللفظ له‪.‬‬
‫وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2016‬‬
‫َّ‬ ‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)4141‬ومسلم (‪.)2770‬‬
‫((( ((وفيات األعيان)) البن خلكان (‪.)425/2‬‬
‫‪194‬‬
‫ل‬
‫حفَّصلاو ُوْفع ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وغفرانِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الله‪ ،‬وط َل ٌب َلع ْف ِوه ُ‬
‫ِ‬ ‫وثيق للر ِ‬
‫ِ‬
‫الوهن واالنفصا ِم‬ ‫تعر ُ‬
‫ض إلى‬ ‫االجتماعية التي َت َّ‬
‫َّ‬ ‫وابط‬ ‫‪2-2‬في الع ْف ِو َت ٌ َّ‬
‫ٍ‬
‫بعض(((‪.‬‬ ‫بعضهم على‬ ‫ناية ِ‬‫وج ِ‬ ‫الناس إلى ِ‬
‫بعضهم‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إساءة‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬
‫مرضات ِ‬
‫ِ‬ ‫سبب لن ِ‬
‫الله ُسبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫َيل‬ ‫اآلخرين ٌ‬
‫َ‬ ‫فح عن‬ ‫‪3-3‬الع ْف ُو َّ‬
‫والص ُ‬

‫سبب لل َّتقوى؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ‬


‫فح ٌ‬ ‫‪4-4‬الع ْف ُو َّ‬
‫والص ُ‬
‫ﯻ ﯼ ﯽﮊ [البقرة‪.]237 :‬‬

‫قين؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬الع ْفو والص ِ‬


‫الم َّت َ‬
‫فح من صفات ُ‬
‫َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫﮊ‬
‫[آل‪ ‬عمران‪.]134-133 :‬‬

‫فسي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫بالراحة ال َّن َّ‬
‫شع ُر َّ‬ ‫‪َ 6-6‬من َيعفو و َيص َف ُح عن ال َّن ِ‬
‫اس َي ُ‬
‫وشع ٌر يف ْ‬
‫العف ِو‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫أمثال ِ‬
‫ِ‬ ‫فأس ِج ْح‪ .‬أي‪َ :‬ظ ِف ْر َت‬
‫فأحس ْن(((‪.‬‬ ‫ ‪-‬قو ُلهم‪ :‬م َل ْك َت ْ‬
‫إن المقدر َة ُت ِ‬
‫ذه ُب الحفيظ َة(((‪.‬‬ ‫ ‪-‬وقو ُلهم‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫واستكان‬ ‫خض َع‬ ‫ ‪-‬وقو ُلهم‪ :‬إذا ْار َج َح َّن شاص ًيا ْ‬
‫فار َف ْع يدً ا‪ .‬أي‪ :‬إذا رأ ْيتَه قد َ‬
‫فاك ُف ْ‬
‫ف عنه(((‪.‬‬ ‫ْ‬

‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)408/1‬‬


‫((( ((األمثال)) البن سالم (ص‪.)154 :‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) للميداني (‪.)14/1‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)104/3‬‬
‫‪195‬‬
‫ل‬
‫حفَّصلاو ُوْفع ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫َّفاض ُل‬ ‫ـــت ُأكافِ ِ‬
‫يـــه فأيـــ َن الت ُ‬ ‫وق ْل ُ‬ ‫ْب ِمن أخٍ‬
‫الذن ِ‬
‫كنت ال أ ْع ُفو عـــن َّ‬
‫إذا ُ‬
‫وأص َفـــح عمـــا رابنـــي و ُأ ِ‬
‫جام ُل‬ ‫ولكنَّني ُأ ْغضـــي ُجفوني على ال َقذى‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ْ‬
‫يت وحيدً ا ليس لـــي من ُأ ِ‬
‫واص ُل‬ ‫َب ِق ُ‬ ‫كل َع ْث ٍ‬
‫رة‬ ‫اإلخوان فـــي ِّ‬
‫َ‬ ‫متى أ ْق َطـــ ِع‬
‫َ‬
‫َّجاه ُل‬ ‫ْ‬ ‫دار ِ‬
‫يـــه ْ‬ ‫ولكـــ ْن ُأ ِ‬
‫(((‬
‫وإن هـــو أ ْع َيا كان عنـــه الت ُ‬ ‫ـــرني‬
‫فإن َص َّح َس َّ‬

‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)80/3‬‬


‫‪196‬‬
‫َّمِهلا ُّولُع‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫م ِة‬
‫اله َّ‬
‫عل ُّو ِ‬
‫ُ‬

‫اهل َّم ِة‪:‬‬


‫لو ِ‬‫معنى ُع ِّ‬
‫الج َب َل‪ :‬إذا‬ ‫يء ُع ُل ًّوا فهو َع ِل ٌّي‪ .‬و ُيقال‪َ :‬ع َل ٌ‬
‫فالن َ‬ ‫وع َل َّ‬
‫الش ُ‬ ‫االرتفاع‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫لو ُلغ ًة‪:‬‬
‫الع ُّ‬
‫ُ‬
‫فيع‪ .‬و َتعا َلى‪َ :‬ت َر َّفع(((‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫فالن فال ًنا‪ :‬إذا َق َهره‪ِ َ .‬‬
‫والعل ُّي‪َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫َر ِق َي ُه‪َ ،‬ي ْع ُلوه ُع ُل ًّوا‪َ .‬‬
‫وع َل ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اله ِّم‪ ،‬وإِ َّنه‬ ‫وتقول‪ :‬إ َّنه َل َع ُ‬
‫ظيم َ‬ ‫ُ‬ ‫واله َّم ُة‪ :‬ما َه َّم به من َأ ْم ٍر ل َي َ‬
‫فع َل ُه‪،‬‬ ‫اله َّم ُة ِ‬ ‫ِ‬
‫اله َّم ُة ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫اله َّم ِة(((‪.‬‬
‫العظيم ِ‬
‫ُ‬ ‫الم ِل ُك‬
‫واله َم ُام‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫بالفتح‪ُ .‬‬ ‫واله َّم ِة‬ ‫الهم ِة‪ ،‬وإ َّنه َلبعيدُ ِ ِ‬
‫اله َّمة َ‬ ‫َ‬ ‫صغير ِ َّ‬
‫ُ‬ ‫َل‬
‫ِ‬
‫المراتب‬ ‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬وط َل ُب‬ ‫ِّهاية ِمن معالي‬
‫دون الن ِ‬
‫استصغار ما َ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫اله َّم ِة‬
‫لو ِ‬‫ُع ُّ‬
‫ِ‬
‫األمور‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بأوساط‬ ‫ُ‬
‫واالستخفاف‬ ‫العطي ِة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان عندَ‬ ‫ود به‬
‫واستحقار ما َي ُج ُ‬ ‫الس ِ‬
‫امية‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫امتنان‬ ‫لمن َيسأ ُله ِمن ِ‬
‫غير‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هاو ُن بما َيمل ُكه‪ ،‬و َب ْذ ُل ما ُيمكنُه َ‬
‫ِ‬
‫وط َل ُب الغايات‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫ٍ‬
‫اعتداد به(((‪.‬‬ ‫وال‬
‫اهل َّم ِة وا َ‬
‫هل ِّم‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ِ‬
‫فالن ذو ِه َّم ٍة‬
‫اإلنسان‪ ،‬ف ُيقال‪ٌ :‬‬
‫ُ‬ ‫ساع الهم وبعدُ م ِ‬
‫وقعه؛ ولهذا ُيمدَ ُح بها‬ ‫ِ‬
‫اله َّم ُة‪ :‬ا ِّت ُ َ ِّ ُ ْ َ‬
‫واله ُّم‪ :‬هو‬ ‫باألمور ِ‬
‫الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العزيمة‪ ،‬أي‪ :‬إ َّنه ْيهت َُّم‬ ‫اله َّم ِة‬
‫زيمة‪ ،‬و َب ِعيدُ ِ‬
‫وذو َع ٍ‬
‫بار‪َ .‬‬ ‫وكبير‬
‫ُ‬
‫بحاجتي(((‪.‬‬ ‫المحبوب‪ ،‬ومنه ُيقال‪ُ :‬أه ُّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واجتالب‬ ‫ِ‬
‫المكروه‬ ‫الفكر في ِ‬
‫إزالة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)83/15‬‬


‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)28 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)558 :‬‬
‫‪197‬‬
‫َّمِهلا ُّولُع‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫اهل َّم ِة ِمن‬
‫لو ِ‬ ‫ُّ‬
‫احلث على ُع ِّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ِ‬
‫العالية‪.‬‬ ‫باله َّم ِة‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ ﮊ [آل عمران‪ .]133 :‬وهو أمر ِمن ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ٌ‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﮊ [األحقاف‪.]35 :‬‬

‫العز ِم ِمن‬
‫العالية‪ ،‬وفي ُمقدِّ متِهم ُأولو ْ‬
‫ِ‬ ‫أصحاب ِ‬
‫اله َم ِم‬ ‫ِ‬ ‫ناء على‬ ‫ِ‬
‫ففي هذه اآلية َث ٌ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪ ،‬وقد تج َّلت ِه َّم ُتهم‬
‫محمدٌ َص َّلى ُ‬ ‫سل‪ ،‬وعلى ْ ِ‬‫الر ِ‬
‫رأسهم خا َت ُمهم َّ‬ ‫ُّ‬
‫وجل(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫عز‬ ‫هادهم و َدعوتِهم إلى ِ‬
‫الله َّ‬ ‫وج ِ‬ ‫العالية في ُمثا َبرتِهم ِ‬
‫ُ‬
‫واستعن ِ‬‫ِ‬
‫بالله وال‬ ‫ْ‬ ‫((اح ِر ْ‬
‫ص على ما َين َف ُعك‪،‬‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ْ :‬‬
‫ ‪-‬وقال َص َّلى ُ‬
‫َت ِ‬
‫عج ْز))(((‪.‬‬

‫اهل َّم ِة‪:‬‬


‫لو ِ‬‫لف والعلما ِء يف ُع ِّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه قال‪( :‬ال َت ْص ُغ َر َّن ِه َّم ُتكم؛‬
‫رض َي ُ‬ ‫اب ِ‬
‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬ ‫ ‪ُ -‬ر ِو َي عن َ‬
‫عمر ِ‬
‫مات ِمن ِص َغ ِر ِ‬
‫اله َم ِم)(((‪.‬‬ ‫فإ ِّني لم َأر أ ْقعدَ عن المكر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫وكرائمها‪ ،‬وات َِّق رذائ َلها وما‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫بمعالي‬ ‫اإلمام ٌ‬
‫مالك‪( :‬وعليك َ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬و َي ْك َر ُه َس ْفسا َفها)(((‪.‬‬ ‫معالي‬
‫َ‬ ‫فإن الل َه تعالى ُي ِح ُّب‬
‫َس َّف منها؛ َّ‬

‫ٍ‬
‫جميل‪،‬‬ ‫بكل ُخ ٍ‬
‫لق‬ ‫(فمن ع َل ْت ِه َّم ُته َ‬
‫وخش َع ْت ن ْف ُسه‪ ،‬ات ََّص َف ِّ‬ ‫ابن الق ِّي ِم‪َ :‬‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ذيل)(((‪.‬‬ ‫لق َر ٍ‬ ‫بكل ُخ ٍ‬
‫ف ِّ‬ ‫و َمن د َن ْت ِه َّم ُته َ‬
‫وط َغ ْت ن ْف ُسه‪ ،‬ات ََّص َ‬

‫((( ((علو الهمة)) لمحمد إسماعيل المقدم (ص‪.)128 :‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2664‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)319 :‬‬
‫((( ((ترتيب المدارك)) للقاضي عياض (‪.)65/2‬‬
‫((( ((الفوائد)) البن القيم (ص‪.)97 :‬‬
‫‪198‬‬
‫َّمِهلا ُّولُع‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اهل َّم ِة‪:‬‬


‫لو ِ‬ ‫ُ‬
‫درجات ُع ِّ‬
‫غبة في الفاني‪ ،‬و َت ْح ِم ُله‬
‫حشة الر ِ‬
‫َّ‬
‫األولى‪ِ :‬هم ٌة َتصون الق ْلب عن و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫رجة ُ‬
‫‪1-1‬الدَّ ُ‬
‫غبة في الباقي‪ ،‬و ُت َص ِّف ِيه ِمن َكدَ ِر ال َّتواني‪.‬‬ ‫على الر ِ‬
‫َّ‬
‫العم ِل‪،‬‬ ‫باالة ِ‬
‫بالع َل ِل‪ ،‬وال ُّن َ‬ ‫ور ُث أن َف ًة ِمن الم ِ‬ ‫َّانية‪ِ :‬ه َّم ٌة ُت ِ‬
‫رجة الث ُ‬
‫‪2-2‬الدَّ ُ‬
‫زول على َ‬ ‫ُ‬
‫وال ِّثق َة باأل َم ِل‪.‬‬
‫األحوال والمعام ِ‬ ‫َّالثة‪ِ :‬ه َّم ٌة َت َ‬
‫ِ‬
‫باألعواض‬ ‫الت‪ ،‬و َت ْز ِري‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫تصاعدُ عن‬ ‫رجة الث ُ‬
‫‪3-3‬الدَّ ُ‬
‫الذ ِ‬
‫نحو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات(((‪.‬‬ ‫والدَّ رجات‪ ،‬و َت ْنحو عن ال ُّنعوت َ‬
‫اهل َّم ِة‪:‬‬
‫لو ِ‬‫ِمن ُص َور ُع ِّ‬
‫لب الع ْل ِم‪.‬‬‫اله َّم ِة في َط ِ‬ ‫لو ِ‬‫‪ُ 1-1‬ع ُّ‬
‫عوة إلى ِ‬ ‫الهم ِة في الدَّ ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫لو ِ َّ‬ ‫‪ُ 2-2‬ع ُّ‬
‫بيل ِ‬ ‫الج ِ‬‫الهم ِة في ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫هاد في َس ِ‬ ‫لو ِ َّ‬ ‫‪ُ 3-3‬ع ُّ‬
‫الع ِ‬‫الهم ِة في ِ‬
‫بادة‪.‬‬ ‫لو ِ َّ‬ ‫‪ُ 4-4‬ع ُّ‬
‫اهل َّم ِة‪:‬‬
‫لو ِ‬‫اكتساب ُع ِّ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫نوب والمعاصي‪.‬‬ ‫‪ُّ 1-1‬‬
‫الذ ُ‬
‫والهم والحزَ ُن‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الخوف‬ ‫‪2-2‬‬
‫تنة الف ْق ِر أو ِ‬
‫الغنى‪.‬‬ ‫‪3-3‬فِ ُ‬
‫شاؤم‪.‬‬
‫س وال َّت ُ‬ ‫‪ْ 4-4‬‬
‫اليأ ُ‬
‫القاعدين‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ُ 5-5‬مجا َل ُ‬
‫سة‬
‫اإلكثار ِمن َّ‬
‫الطعا ِم وال َّنو ِم والكال ِم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫الكثير بالدُّ نيا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫االنشغال‬ ‫‪7-7‬‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)8 -6/3‬‬


‫‪199‬‬
‫َّمِهلا ُّولُع‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اهل َّم ِة‪:‬‬


‫لو ِ‬‫أسباب ُع ِّ‬
‫ُ‬
‫‪ِ 1-1‬‬
‫الع ْل ُم‪.‬‬
‫ِ‬
‫اآلخر‪.‬‬ ‫‪َ 2-2‬ت ُّ‬
‫ذك ُر اليو ِم‬
‫ِ‬
‫حيحة‪.‬‬ ‫الص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬أ َث ُر‬
‫ورهما في ال َّتربية َّ‬
‫الوالدين و َد ُ‬
‫ِ‬
‫دوات‪.‬‬ ‫والمع ِّلمين ُ‬
‫الق‬ ‫ِ‬
‫ين األفذاذ‪ُ ،‬‬
‫المر ِّب َ‬
‫جود ُ‬
‫‪ُ 4-4‬و ُ‬
‫ابغين‪.‬‬ ‫األبطال والم ِ‬
‫صلحين وال َّن َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫عة ِس َي ِر‬
‫‪ُ 5-5‬مطا َل ُ‬

‫سؤولي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الم‬
‫استشعار َ‬
‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫ِ‬
‫احتقار ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫ومن المبا َل ِ‬
‫غة في‬ ‫رور‪ِ ،‬‬ ‫المة ِمن ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫الس ُ‬
‫ُ‬ ‫‪َّ 7-7‬‬

‫حابة‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫اهل َّم ِة ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫لو ِ‬ ‫مناذج يف ُع ِّ‬
‫ُ‬
‫لف والعلما ِء‪:‬‬ ‫والس ِ‬
‫َّ‬
‫الع ِ‬
‫بادة؛ فعن عائش َة‬ ‫العالية في ِ‬
‫ِ‬ ‫اله َّم ِة‬
‫القدو َة في ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم ُ‬
‫ ‪-‬كان َص َّلى ُ‬
‫يقوم ِمن ال َّل ِ‬
‫يل ح َّتى‬ ‫الله عليه وس َّل َم كان ُ‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫الله عنها قالت‪َّ :‬‬
‫((إن ال َّن َّ‬
‫ِ‬
‫رض َي ُ‬
‫الله لك ما تقدَّ َم ِمن‬ ‫رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬وقد غ َف َر ُ‬ ‫َ‬ ‫تفط َر َقدما ُه‪ ،‬فق ْل ُت له‪ :‬لِ َم َتصن َُع هذا يا‬
‫َت َّ‬

‫عبدً ا َش ً‬
‫كورا))(((‪.‬‬ ‫أفل ُ‬
‫أكون ْ‬ ‫َذنْبِ َك وما َّ‬
‫تأخ َر؟ قال‪َ :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫شغ ُلني عن‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬إ َّنه لم ُ‬
‫يك ْن َي َ‬ ‫رض َي ُ‬‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة ِ‬

‫أط ُل ُب‬‫كنت ْ‬ ‫ِ‬


‫باألسواق‪ ،‬إ ِّني إ َّنما ُ‬ ‫الو ِد ِّي(((‪ ،‬وال َص ْف ٌق‬
‫س َ‬‫الله عليه وس َّل َم َغ ْر ُ‬
‫َص َّلى ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫الله عليه وس َّل َم كلم ًة ُيع ِّل ُمنيها وأكل ًة ُي ْطع ُمنيها‪ ،‬فقال له ُ‬
‫ابن‬ ‫الله َص َّلى ُ‬
‫وأع َل َمنا‬ ‫لرسول ِ‬ ‫ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم ْ‬‫الله َص َّلى ُ‬ ‫كنت أ ْلزَ َمنا‬
‫عمر‪ :‬أنت يا أبا ُهرير َة‪َ ،‬‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )4837‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2819‬‬


‫الو ِد ُّي‪ :‬صغار النخل‪ُ .‬ينظر‪(( :‬النهاية في غريب الحديث واألثر)) البن األثير (‪.)170/5‬‬
‫((( َ‬
‫‪200‬‬
‫َّمِهلا ُّولُع‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫بحديثِه))(((‪.‬‬
‫منذ ِص َغ ِره؛ فكان‬ ‫اله َّم ِة في َط ِ‬
‫لب الع ْل ِم ُ‬ ‫الله عالِ َي ِ‬
‫مه ُ‬ ‫رح ُ‬ ‫ ‪-‬وكان ال َّنووي ِ‬
‫ُّ‬
‫هر ُب منهم و َي ْبكي؛‬‫ب معهم‪ ،‬وهو َي ُ‬‫بيان على ال َّل ِع ِ‬
‫الص ُ‬
‫كر ُه ُه ِّ‬‫نين ُي ِ‬‫ابن عشْ ِر ِس َ‬
‫وهو ُ‬
‫ص عليه‪ ،‬إلى‬ ‫ِ‬ ‫الحالة؛ ُ ِ‬‫ِ‬ ‫الق َ‬‫قر ُأ ُ‬ ‫ِ‬
‫فح َر َ‬
‫فذك َر ذلك لوالده‪َ ،‬‬ ‫رآن في هذه‬ ‫إلكراههم‪ ،‬و َي َ‬
‫االحتالم(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫ناهزَ‬ ‫َ‬
‫القرآن وقد َ‬ ‫ْ‬
‫أن خت ََم‬
‫اهل َّم ِة(((‪:‬‬ ‫ُ‬
‫دالئل عالي ِ‬
‫الزهدُ في الدُّ نيا‪.‬‬
‫‪ُّ 1-1‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سار ُ‬
‫الحات‪.‬‬‫الص‬
‫س في َّ‬ ‫عة في الخيرات‪ ،‬وال َّتنا ُف ُ‬ ‫الم َ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الك ِ‬
‫مال‪ ،‬وال َّتر ُّف ُع عن ال َّن ِ‬
‫قص‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال َّتط ُّل ُع إلى َ‬
‫وكماالتِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األمور َ‬ ‫وصغائرها‪ ،‬ونِشْ ُ‬
‫دان معالي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمور‬ ‫‪4-4‬ال َّتر ُّفع عن مح َّق ِ‬
‫رات‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫األخذ بالعزائ ِم‪.‬‬ ‫‪5-5‬‬
‫الواجبات‪ ،‬وتحم ُل المسؤولي ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أداء‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫إلصالحه‪.‬‬ ‫عي‬ ‫االهتمام بواق ِع األ َّمة‪َّ ،‬‬
‫والس ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬
‫ِ‬
‫األوقات‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إدارة‬ ‫سن‬‫‪ُ 8-8‬ح ُ‬
‫عر‪:‬‬ ‫اهل َّم ِة يف واحة ِّ‬
‫الش ِ‬ ‫لو ِ‬‫ُع ُّ‬
‫األندلسي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ابن ٍ‬
‫هانئ‬ ‫قال ُ‬
‫أجدَ َرا‬ ‫ِ‬
‫بالم ْجد ْ‬
‫أســـ َعى كان َ‬ ‫فمن كان ْ‬‫َ‬ ‫نســـان إِ َّل اب َن َســـ ْع ِيه‬
‫َ‬ ‫أج ِد ِ‬
‫اإل‬ ‫ولم ِ‬
‫ْ‬
‫فمن كان ْأر َقى ِه َّمـــة كان أ ْظ َه َرا‬ ‫ياء َي ْرقـــى إِلى ال ُعال‬ ‫ـــة الع ْل ِ‬
‫وبالهم ِ‬
‫َ‬ ‫ِ َّ‬
‫(((‬
‫َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)118‬ومسلم (‪ ،)2492‬وأحمد (‪ )4453‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( ((طبقات الشافعية الكبرى)) للسبكي (‪.)397-396/8‬‬
‫((( انظر للتوسع‪(( :‬األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبد الرحمن الميداني (ص‪.)508-480 :‬‬
‫((( ((مجمع الحكم واألمثال)) ألحمد قبش (ص‪.)217 :‬‬
‫‪201‬‬
‫ُةريَغلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ال َ‬
‫غير ُة‬

‫معنى ال َغري ِة‪:‬‬


‫ابن ِسيدَ ْه‪:‬‬
‫جل على َأ ْه ِله‪ .‬قال ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫المصدر من َقولك‪َ :‬‬
‫غار َّ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بالفتح‪:‬‬ ‫الغير ُة ُلغ ًة‪:‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫غار َغ ْير ًة َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫امرأتِه‪،‬‬
‫جل على َ‬ ‫الر ُ‬
‫يارا(((‪.‬‬
‫وغارا وغ ً‬
‫ً‬ ‫وغ ْي ًرا‬ ‫والمرأ ُة على َب ْعلها َت ُ‬ ‫وغار َّ‬
‫اشتراك ِ‬
‫غيره فيما هو ُّ‬
‫حقه(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الر ِ‬
‫جل‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ك ُ‬
‫راهة َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الغير ُة‬

‫بوي ِة‪:‬‬ ‫نة َّ‬


‫الن َّ‬ ‫ما و َر َد يف ال َغري ِة ِمن ُّ‬
‫الس ِ‬
‫ِ‬
‫بعض‬ ‫الله عليه وس َّل َم عندَ‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬عن ٍ‬
‫الله عنه قال‪(( :‬كان ال َّن ُّ‬
‫رض َي ُ‬
‫بي‬ ‫فة فيها طعام‪ِ َ ،‬‬ ‫المؤمنين بصح ٍ‬ ‫سائه‪ ،‬فأرس َل ْت إحدى ُأم ِ‬ ‫نِ ِ‬
‫فض َربت التي ال َّن ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫هات‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫فجم َع‬‫حفة‪ ،‬فانف َل َق ْت‪َ ،‬‬ ‫الص ُ‬‫فس َق َطت َّ‬ ‫الله عليه وس َّل َم في َبيتها َيدَ الخاد ِم‪َ ،‬‬
‫َص َّلى ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عام الذي كان‬ ‫الط َ‬ ‫جم ُع فيها َّ‬
‫جع َل َي َ‬
‫ثم َ‬‫الصحفة‪َّ ،‬‬ ‫الله عليه وس َّل َم ف َلقَ َّ‬
‫بي َص َّلى ُ‬‫ال َّن ُّ‬
‫حفة ِمن ِ‬
‫عند‬ ‫ويقول‪ :‬غار ْت أمكم‪ ،‬ثم حبس الخادم ح َّتى أتى بص ٍ‬ ‫ُ‬ ‫في الص ِ‬
‫حفة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫وأمس َك‬
‫َ‬ ‫الصحيح َة إلى التي ُك ِس َرت َص ْح َف ُتها‪،‬‬‫الصحف َة َّ‬
‫ِ‬
‫التي هو في َبيتها‪ ،‬فد َف َع َّ‬
‫بيت التي ُك ِس َرت فيه))(((‪.‬‬ ‫المكسور َة في ِ‬

‫رسول الله ص َّلى الله عليه وس َّلم قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫رضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي هريرة ِ‬

‫والله أشدُّ َغ ًيرا))(((‪.‬‬


‫ُ‬ ‫غار‪،‬‬
‫((المؤمن َي ُ‬
‫ُ‬

‫((( ((مختار الصحاح)) للرازي (ص‪ ،)232 :‬البن منظور ((لسان العرب)) (‪.)34/5‬‬
‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)671 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)5225‬‬
‫((( أخرجه مسلم ( ‪.)2761‬‬
‫‪202‬‬
‫ُةريَغلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫لف والعلما ِء يف ال َغري ِة‪:‬‬


‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫هن‬ ‫وه ْب َن ُ‬ ‫أغار على َّ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة ِ‬
‫أنف َس َّ‬ ‫اللتي َ‬ ‫((كنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنها قالت‪:‬‬‫رض َي ُ‬
‫فلما أنزَ َل‬ ‫ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫لرسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫وأقول‪ :‬و َت َه ُب المرأ ُة ن ْف َسها؟! َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﮊ‬ ‫َّ‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬
‫ُ‬
‫هواك))(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سار ُع لك في‬ ‫والله ما أرى ربك َّإل ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫[األحزاب‪ ،]51 :‬قالت‪ُ :‬ق ْل ُت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ين له؛ َ‬
‫فالغير ُة‬ ‫الغير ُة‪ ،‬و َمن ال َغير َة له ال ِد َ‬ ‫ين َ‬‫أصل الدِّ ِ‬
‫(إن َ‬ ‫ابن الق ِّي ِم‪َّ :‬‬‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫َت ْحمي الق ْل َب‪ ،‬فت َْحمي له‬
‫يرة‬ ‫والفواحش‪ ،‬وعدَ ُم َ‬ ‫َ‬ ‫الجوارح‪ ،‬فتَد َف ُع ُّ‬
‫السو َء‬ ‫َ‬
‫يرة في‬ ‫الغ ِ‬‫الجوارح؛ فال َي ْبقى عندها َد ْف ٌع ا ْلب َّت َة‪ ،‬و َم َث ُل َ‬ ‫يت الق ْل َب‪ ،‬فت ُ‬
‫َموت له‬ ‫ُي ِم ُ‬
‫ُ‬
‫الم ِح َّل‬‫وجدَ الدَّ ُاء َ‬‫القو ُة َ‬
‫ِ‬
‫قاو ُمه‪ ،‬فإذا ذه َبت َّ‬ ‫المرض و ُت ِ‬
‫َ‬ ‫القوة التي َت ُ‬
‫دفع‬ ‫ِ‬
‫ب َم َث ُل َّ‬ ‫الق ْل ِ‬
‫ِ‬
‫الجاموس‬ ‫ُ‬
‫الهالك‪ ،‬وم َث ُلها م َث ُل َصياصي‬ ‫َمك َن‪ ،‬فكان‬ ‫قابل‪ ،‬ولم َي ِجدْ ً‬
‫دافعا‪ ،‬فت َّ‬ ‫ً‬
‫تكس َر ْت َط ِم َع فيه عدُ ُّوه)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫التي َيد َف ُع بها عن ن ْفسه وو َلده‪ ،‬فإذا َّ‬
‫أقسا ُم ال َغري ِة‪:‬‬
‫وغ ٍ‬
‫يرة عليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للمحبوب‪َ ،‬‬ ‫نوعين‪َ :‬غ ٍ‬
‫يرة‬ ‫ِ‬ ‫َت ِ‬
‫نقس ُم َ‬
‫الغير ُة إلى‬

‫ين بح ِّقه وان ُت ِق َص ْت‬


‫اس ُت ِه َ‬ ‫َ‬
‫والغض ُب له إذا ْ‬ ‫الحمي ُة له‬
‫َّ‬ ‫فأما َ‬
‫الغير ُة له‪ :‬فهي‬ ‫‪َّ 1-1‬‬
‫وتأ ُخذه َ‬
‫الغير ُة له‬ ‫الم ِح ُّب و َي ْح َمى‪ْ ،‬‬ ‫وناله َمكرو ٌه ِمن َعدُ ِّوه‪ ،‬ف َي َ‬
‫غض ُب له ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُحر َم ُته‪،‬‬
‫غيير ومحار ِبة من آذاه؛ فهذه َغير ُة المحبين ح ًّقا‪ ،‬وهي ِمن َغ ِ‬ ‫ِ‬
‫يرة‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫بالمبا َدرة إلى ال َّت ِ ُ َ َ‬
‫ُ‬
‫وعصى أ ْم َر ُه‪.‬‬‫حار َمه َ‬ ‫واستح َّل َم ِ‬ ‫أش َر َك به‬
‫ممن ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫سل وأتْباعهم لله َّ‬ ‫ُّ‬
‫أن ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِح ِّب‬ ‫ِ‬
‫شار َكه في‬ ‫وحم َّي ُته ْ‬ ‫المحبوب‪ :‬فهي أن َف ُة ُ‬ ‫وأما َ‬
‫الغير ُة على‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫غيره في َمحبوبِه‪،‬‬‫شار َكه ُ‬ ‫أن ُي ِ‬ ‫الم ِح ِّب ْ‬ ‫ِ‬
‫أيضا نوعان‪َ :‬غير ُة ُ‬ ‫غيره‪ .‬وهذه ً‬ ‫َمحبوبِه ُ‬
‫((( أخرجه البخاري ( ‪ ،)4788‬ومسلم (‪ )1464‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( ((الجواب الكافي)) البن القيم (ص‪.)68 :‬‬
‫‪203‬‬
‫ُةريَغلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫غيره(((‪.‬‬ ‫المحبوب على م ِحبه ْ ِ‬


‫ِ‬ ‫َ‬
‫وغير ُة‬
‫أن ُيح َّب معه َ‬ ‫ُ ِّ‬
‫فوائ ُد ال َغري ِة‪:‬‬
‫اإليمان ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قو ِة‬ ‫الغير ُة ٌ‬
‫‪َ 1-1‬‬
‫دليل على َّ‬
‫ِ‬ ‫صلة ي ِحبها الل ُه سبحانه وتعالى ما دام ْت ِمن أج ِل ِح ِ‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫َ‬ ‫أعراض‬ ‫فظ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ 2-2‬خ ٌ ُ ُّ‬
‫ِ‬ ‫والس ِ‬ ‫الح ِ‬ ‫ماية ِ‬
‫لح ِ‬
‫‪3-3‬هي السياج المعنوي ِ‬
‫واالختالط(((‪.‬‬ ‫فور‬ ‫جاب‪ ،‬ود ْف ِع ال َّت ُّبرجِ ُّ‬ ‫ِّ ُ َ ْ ُّ‬
‫َ‬
‫والفواحش(((‪.‬‬ ‫الجوارح‪ ،‬فتَد َف ُع ُّ‬
‫السو َء‬ ‫َ‬ ‫الغير ُة َت ْحمي الق ْل َب‪ ،‬فت َْحمي له‬
‫‪َ 4-4‬‬
‫رمات ِ‬
‫الله ُت ْنت ََه ُك‪.‬‬ ‫لله إذا رأى ح ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫الغض ِ‬
‫مظاهر َ‬‫ِ‬ ‫ظهر ِمن‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬وهي َم ٌ‬
‫نك ِر‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬ ‫األسباب الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫‪6-6‬وهي ِمن‬
‫إلنكار ُ‬ ‫افعة‬
‫ِ‬
‫الر ِ‬
‫ذائل‪.‬‬ ‫جتمع من َّ‬
‫َ‬ ‫‪ُ 7-7‬ت َط ِّه ُر ُ‬
‫الم‬
‫ِ‬
‫األعراض‪.‬‬ ‫الغير ُة سبب لِص ِ‬
‫ون‬ ‫‪َ 8-8‬‬
‫ٌ َ‬
‫أسباب َض ِ‬
‫عف ال َغري ِة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ضعف‬‫‪1-1‬‬
‫الذ ِ‬
‫نوب‪.‬‬ ‫‪2-2‬كثر ُة ُّ‬
‫الجه ُل بالدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫‪ْ 3-3‬‬
‫‪ِ 4-4‬ق َّل ُة الح ِ‬
‫ياء‪.‬‬ ‫َ‬
‫فسدين‪.‬‬
‫َ‬ ‫والم‬
‫ار ُ‬ ‫‪5-5‬ال َّتقليدُ للك َّف ِ‬
‫ِ‬
‫الفاسدة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وسائل اإلعال ِم‬ ‫‪6-6‬‬
‫نك ِ‬
‫رات‪.‬‬ ‫الم َ‬
‫انتشار ُ‬
‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬

‫((( ((روضة المحبين)) البن القيم (ص‪.)347 :‬‬


‫((( ((حراسة الفضيلة)) بكر أبو زيد (ص‪.)87 :‬‬
‫((( ((الجواب الكافي)) البن القيم (ص‪.)68 :‬‬
‫‪204‬‬
‫ُةريَغلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ينة ل َت ِ‬
‫نمية ال َغري ِة‪:‬‬ ‫ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫باس ِ‬
‫وغيره‪.‬‬ ‫شمة والح ِ‬
‫ياء في ال ِّل ِ‬ ‫الح ِ‬
‫غار على ِ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 1-1‬‬
‫َ‬ ‫تربية البنات ِّ‬
‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالحديث مع‬ ‫جع َل الو َلدَ هو الذي ُ‬
‫يقوم‬ ‫بأن َن َ‬
‫يرة؛ ْ‬ ‫األوالد على َ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫تربية‬
‫ِ‬
‫المرأة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫البنت أو‬ ‫البائعِ‪َ ،‬‬
‫دون‬
‫جل ِ‬
‫ت الهابط َة‬ ‫الم َّ‬ ‫أن ُن ِ‬ ‫ِ‬
‫األسباب التي ُتد ِّم ُر َ‬
‫الغير َة‪ ،‬فال ُبدَّ ْ‬ ‫‪3-3‬عدَ م َت ِ‬
‫خر َج َ‬ ‫رك‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وسائل الهدْ ِم‪.‬‬ ‫وغيرها ِمن‬
‫َ‬
‫ِمن الب ِ‬
‫يوت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فوس ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وغر ُسها في ُن‬
‫ين ْ‬‫جوع إلى ِق َي ِم الدِّ ِ‬
‫الر ُ‬
‫‪ُّ 4-4‬‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫جل‪.‬‬ ‫‪5-5‬ال َّتأكيدُ على َدور َّ‬
‫ِ‬ ‫والخ َط ِ‬ ‫المجتم ِع َتوعي ًة شامل ًة بجمي ِع‬
‫والمحاضرات‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫وسائل اإلعال ِم ُ‬ ‫‪َ 6-6‬توعي ُة ُ‬
‫وضياع(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫هالك‬ ‫المساس بها‬
‫َ‬ ‫وضيح َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األعراض‪ ،‬و َت‬ ‫عظيم قدْ ِر‬
‫‪َ 7-7‬ت ُ‬

‫حابة‪:‬‬ ‫مناذج يف ال َغري ِة ِمن حيا ِة األنبيا ِء َّ‬


‫والص ِ‬ ‫ُ‬
‫بي‬ ‫الله عليه وس َّل َم قال‪(( :‬كان ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة‪َّ ،‬‬
‫داود ال َّن ُّ‬ ‫أن‬
‫أه ِله أحدٌ ح َّتى‬ ‫غل َق ِ‬
‫فيه َغير ٌة شديد ٌة‪ ،‬وكان إذا خرج ُأ ِ‬
‫دخ ْل على ْ‬
‫األبواب‪ ،‬فلم َي ُ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫َ َ‬
‫ت الدَّ ار‪ ،‬فأقب َل ِ‬
‫ت امرأ ُته َت َّط ِل ُع إلى الدَّ ِار‪ ،‬فإذا‬ ‫وغ ِّل َق ِ‬
‫ذات يو ٍم‪ُ ،‬‬
‫فخر َج َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َيرج َع‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫الر ُ‬
‫جل الدَّ َار‪،‬‬ ‫دخ َل هذا َّ‬ ‫البيت‪ِ :‬من أين َ‬ ‫ِ‬ ‫لمن في‬ ‫وسط الدَّ ِار‪ ،‬فقالت َ‬
‫َ‬ ‫قائم‬
‫رجل ٌ‬ ‫ٌ‬

‫وسط الدَّ ِار‪،‬‬


‫َ‬ ‫قائم‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ‬
‫والله َل ُن ْفت ََض َح َّن بداو َد‪ ،‬فجاء ُ‬ ‫والدَّ ُار ُمغ َل ٌ‬
‫جل ٌ‬ ‫داود فإذا َّ‬ ‫قة؟‬
‫ِ‬
‫يء‪،‬‬ ‫الم َ‬
‫لوك‪ ،‬وال َيمتن ُع منِّي َش ٌ‬ ‫داود‪َ :‬من أنت؟ قال‪ :‬أنا الذي ال َأ ُ‬
‫هاب ُ‬ ‫فقال له ُ‬
‫الموت‪ ،‬فمرحبا بأم ِر ِ‬
‫الله‪ ،‬فر َم َل ُ‬
‫داود مكا َنه حيث‬ ‫ِ‬ ‫لك‬ ‫ِ‬
‫والله َم ُ‬ ‫داود‪ :‬أنت‬
‫فقال ُ‬
‫ً ْ‬

‫((( انظر‪(( :‬الغيرة على المرأة)) لعبد الله المانع (ص‪ً )235 :‬‬
‫نقل عن شريط ((الغيرة على األعراض))‬
‫لخالد السبت‪ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫ُةريَغلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫للط ِير‪:‬‬
‫ليمان َّ‬
‫مس‪ ،‬فقال ُس ُ‬ ‫الش ُ‬‫شأنِه وط َل َع ْت عليه َّ‬ ‫فر َغ ِمن ْ‬ ‫وحه ح َّتى َ‬ ‫ُقبِ َض ْت ُر ُ‬
‫األرض‪ ،‬فقال لها‬ ‫ُ‬ ‫لم ْت عليهما‬ ‫أظ َ‬ ‫فأظ َّلت عليه َّ‬
‫الط ُير ح َّتى ْ‬ ‫أظِ ِّلي على داو َد‪َ ،‬‬
‫الله عليه‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫جناحا ‪-‬قال أبو ُهرير َة‪ُ :‬ي ِرينا‬ ‫جناحا‬ ‫ليمان‪ :‬ا ْقبِضي‬
‫ُس ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الله عليه وس َّل َم َيدَ ُه‪ ،‬وغ َل َب ْت‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫ض‬ ‫الط ُير‪ -‬و َق َب َ‬ ‫ت َّ‬ ‫وس َّلم كيف فع َل ِ‬
‫َ‬
‫الم َص ِّر ِح َّي ُة((())(((‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عليه يومئذ ُ‬
‫((أن ن َف ًرا ِمن بني هاش ٍم‬
‫العاص رضي الله عنه‪َّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫بن ِ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫ٍ‬
‫يومئذ‪،‬‬ ‫يق‪ ،‬وهي تحتَه‬ ‫الصدِّ ُ‬ ‫فدخ َل أبو ٍ‬ ‫س‪َ ،‬‬ ‫َد َخلوا على أسماء ِ‬
‫بنت ُع َم ْي ٍ‬
‫بكر ِّ‬ ‫َ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪ ،‬وقال‪ :‬لم َأ َر‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫لرسول ِ‬‫ِ‬ ‫فذك َر ذلك‬‫فك ِر َه ذلك‪َ ،‬‬ ‫فرآهم‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬
‫ثم‬‫إن الل َه قد َّبرأها من ذلك‪َّ .‬‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪َّ :‬‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫خيرا‪ ،‬فقال‬‫َّإل ً‬
‫رجل بعدَ َيومي‬‫دخ َل َّن ٌ‬ ‫الم ْن ِبر فقال‪ :‬ال َي ُ‬‫الله عليه وس َّلم على ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫قام‬
‫َ‬
‫رجل أو ِ‬
‫اثنان))(((‪.‬‬ ‫يبة‪َّ ،‬إل ومعه ٌ‬ ‫هذا على م ِغ ٍ‬
‫ُ‬

‫ُ‬ ‫ِ‬
‫صفة‬ ‫غلبت عليه‬
‫ْ‬ ‫والتاء المصدريتان‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الياء‬ ‫ِ‬
‫صريح‪ ،‬لحقته ُ‬ ‫ٍ‬
‫فاعل من ال َّت‬ ‫الم َص ِّرح َّي ُة‪ُ :‬‬
‫اسم‬ ‫((( ُ‬
‫باإلشارة ِ‬
‫باليد‪ُ .‬ينظر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ويستعين عليه‬ ‫يوضح المرام بالكال ِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫البيان حتى‬ ‫ِ‬
‫واإليضاح في‬ ‫ِ‬
‫صريح‬ ‫ال َّت‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫((حاشية السندي على مسند أحمد)) (‪.)725/2‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ .)9432‬جود إسناده وقواه ووثق رجاله ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (‪،)16/2‬‬
‫وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)209/8‬فيه المطلب بن عبد الله بن حنطب و َّثقه أبو زرعة‬
‫وغيره‪ ،‬وبقية رجاله رجال الصحيح‏‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2173‬‬
‫‪206‬‬
‫ُةعانقلا ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫القناع ُة‬

‫القناعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫معنى‬
‫ِ‬
‫‪-‬بالفتح‪-‬‬ ‫نوعا و َقناع ًة‪ :‬إذا ِ‬
‫رض َي‪ ،‬وقن ََع‬ ‫‪-‬بالك ِ‬
‫سر‪َ -‬يقن َُع ُق ً‬ ‫َ‬ ‫القناع ُة ُلغ ًة‪ِ :‬من َقنِ َع‬
‫سأ َل(((‪.‬‬‫نوعا‪ :‬إذا َ‬ ‫َيقن َُع ُق ً‬
‫ِ‬ ‫الرضا بما َ‬ ‫القناع ُة‬
‫الكفاية‪،‬‬ ‫دون‬ ‫الله‪ .‬وقيل‪ِّ :‬‬
‫الرضا بما أعطى ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هي ِّ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫بالموجود(((‪.‬‬ ‫واالستغناء‬ ‫ِ‬
‫المفقود‪،‬‬ ‫وترك ال َّتشو ِ‬
‫ف إلى‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫القناعة والقص ِد ُّ‬


‫والزه ِد(((‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني‬
‫جميعا‪.‬‬ ‫قتير‬ ‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّت ِ‬ ‫ترك‬ ‫القليل وال َّت ِ‬
‫قتير‪ .‬والقصدُ ‪ :‬هو ُ‬ ‫ِ‬ ‫االقتصار على‬ ‫القناع ُة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫القليل‪،‬‬ ‫هيد‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫االقتصار على َّ‬
‫ُ‬ ‫والزهدُ ‪:‬‬
‫الكفاية‪ُّ .‬‬ ‫دون‬ ‫والقناع ُة‪ِّ :‬‬
‫الرضا بما َ‬

‫اعتبارا‬ ‫والزهدُ ُيقال‬ ‫اعتبارا ِبر َضا ال َّن ِ‬


‫فس‪ُّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫القناعة ُتقال‬ ‫لكن‬ ‫ِ‬
‫تقاربان‪ِ ،‬‬‫وهما َي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫س‪ٍ ُّ ،‬‬ ‫لح ِّظ ال َّن ْف ِ‬ ‫بالم ِ‬
‫حص َل ال عن قناعة فهو ُّ‬
‫تزهدٌ ال ُزهدٌ ‪.‬‬ ‫وكل ُزهد َ‬ ‫تناول َ‬ ‫ُ‬
‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫القناعة يف‬
‫ِ‬ ‫غيب يف‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﮊ [النور‪:‬‬
‫ُ‬
‫القناعة(((‪.‬‬ ‫‪]32‬؛ ِقيل‪ِ :‬‬
‫الغنى هاهنا‪:‬‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)298/8‬‬


‫((( ((مشارق األنوار)) للقاضي عياض (‪(( ،)187/2‬معجم مقاليد العلوم)) للسيوطي (ص‪:‬‬
‫‪.)217 ،205‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)430 :‬الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)225 :‬‬
‫((( ((تفسير البغوي)) (‪.)40/6‬‬
‫‪207‬‬
‫ُةعانقلا ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله عليه‬ ‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫الله عنهما‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫رض َي ُ‬ ‫عمرو ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫الله ِ‬‫عبد ِ‬‫ ‪-‬عن ِ‬

‫ور ِز َق َكفا ًفا‪ ،‬وق َّن َع ُه ُ‬


‫الله بما آتا ُه))(((‪.‬‬ ‫وس َّل َم قال‪(( :‬قد أف َل َح َمن أس َل َم‪ُ ،‬‬
‫القناعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫لف وال ُعلما ِء يف‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫(القناعة ٌ‬
‫مال ال َنفا َد له)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ِ‬
‫اس‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال عبدُ الله ُ‬
‫بن َّ‬
‫ِ‬ ‫اص البنِه‪( :‬يا بنَي‪ ،‬إذا طلب َت ِ‬
‫الغنى فاط ُل ْبه‬ ‫بن أبي و َّق ٍ‬
‫بالقناعة؛‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ ‪-‬وقال سعدُ ُ‬
‫س؛ فإ َّنك لم‬ ‫حاضر‪ ،‬وعليك ْ‬
‫باليأ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مع؛ فإ َّنه ٌ‬
‫فقر‬ ‫والط َ‬ ‫فإ َّنها ٌ‬
‫مال ال َين َفدُ ‪ ،‬وإ َّياك َّ‬
‫الله عنه)(((‪.‬‬ ‫قط َّإل ْ‬ ‫ٍ‬
‫شيء ُّ‬ ‫س ِمن‬ ‫َ‬
‫أغناك ُ‬ ‫تيأ ْ‬
‫وك ُّف ال ِّل ِ‬
‫سان)(((‪.‬‬ ‫القناعة َ‬
‫ُ‬ ‫األكبر‪:‬‬ ‫قه‬ ‫العزيز‪ِ :‬‬
‫(الف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬قال عمر بن ِ‬
‫عبد‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫يأس على ما فا َت ُه َو ُد َع بدَ ُنه [أي‪:‬‬
‫في البنه‪( :‬يا ُبن ََّي‪َ ،‬من لم َ‬ ‫ ‪-‬وقال ْأك َث ُم ُ‬
‫بن َص ْي ٍّ‬
‫َس َك َن]‪ ،‬و َمن َقنِع بما هو فيه َق َّر ْت عينُه)(((‪.‬‬

‫القناعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫مراتب‬
‫ُ‬
‫ض لِ َما سوا ُه‪ ،‬وهذا‬‫عر ِ‬ ‫غة ِمن ُدنيا ُه‪ ،‬و َي ِ‬
‫صر َف ن ْف َسه عن ال َّت ُّ‬
‫أن يقنَع بالب ْل ِ‬
‫األولى‪ُ َ َ ْ :‬‬
‫َ‬
‫الفضول‬ ‫الكفاية‪ ،‬وي ِ‬
‫حذ َف‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫القناعة إلى‬ ‫أن َت ِ‬
‫نته َي به‬ ‫ِ‬
‫القناعة‪ .‬ال َّثانية‪ْ :‬‬ ‫ِ‬
‫منازل‬ ‫أعلى‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الوقوف‬ ‫ُ‬
‫القناعة إلى‬ ‫نته َي به‬ ‫المقتنِعِ‪ .‬ال َّثالث ُة‪ْ :‬‬
‫أن َت ِ‬ ‫أوسط ِ‬ ‫ُ‬ ‫والزِّ ياد َة‪ .‬وهذه‬
‫حال ُ‬
‫يسيرا‪.‬‬
‫وإن كان ً‬ ‫كثيرا‪ ،‬وال َيط ُل ُب ما َّ‬
‫تعذ َر ْ‬ ‫وإن كان ً‬ ‫كر ُه ما أتا ُه ْ‬
‫على ما سن ََح‪ ،‬فال َي َ‬
‫ِ‬
‫القناعة(((‪.‬‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫منازل ِ‬ ‫ُ‬
‫الحال أ ْدنى‬ ‫وهذه‬

‫((( أخرجه مسلم ( ‪.)1054‬‬


‫((( ذكره ابن عبد ربه في ((العقد الفريد)) (‪.)169/3‬‬
‫((( أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (‪.)363/20‬‬
‫((( ((أدب المجالسة وحمد اللسان)) البن عبد البر (ص‪.)87 :‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)149 :‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)127-126 :‬‬
‫‪208‬‬
‫ُةعانقلا ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫القناعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فوائ ُد‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫عالمة َك ِ‬
‫مال‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ِ‬
‫للبركة‪.‬‬ ‫سبب‬
‫‪ٌ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫الحسنات‪.‬‬ ‫نوب والمعاصي التي ُتحبِ ُط‬
‫الذ ِ‬
‫اإلنسان عن ُّ‬
‫َ‬ ‫‪ُ 3-3‬ت ِ‬
‫بعدُ‬

‫يعيش حيا ًة هنيئ ًة ط ِّيب ًة‪.‬‬ ‫َ‬


‫اإلنسان ُ‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُ‬
‫جعل‬

‫والذ ِّل‪.‬‬ ‫س‪ ،‬وبعدُ الم ِ‬ ‫ِ‬


‫هانة ُّ‬ ‫‪5-5‬ع ٌّز لل َّن ْف ِ ُ ْ َ‬
‫الله تعالى على نِ َع ِمه‪.‬‬
‫كر ِ‬ ‫لش ِ‬
‫حقيق ُ‬
‫‪6-6‬فيها َت ٌ‬

‫القناعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اكتساب‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫جم ِعها‪.‬‬
‫هثين ورا َء ْ‬
‫والل َ‬ ‫ِ‬
‫األموال َّ‬ ‫ُ‬
‫جالسة ذوي‬‫‪ُ 1-1‬م‬

‫زو ِد منها‪.‬‬
‫لب الدُّ نيا وال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫هوات َ‬
‫لط ِ‬ ‫الش‬ ‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫باع َّ‬

‫القرآن الكري ِم وتد ُّب ِر آياتِه‪.‬‬


‫ِ‬ ‫‪3-3‬عدَ م ِق ِ‬
‫راءة‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموت والدَّ ِار‬ ‫تذك ِر‬
‫‪4-4‬عدَ ُم ُّ‬

‫القناعة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اكتساب‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫األسباب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالمستقبل‪.‬‬ ‫وعدم االهتما ِم‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان بما ُر ِز َق‪،‬‬ ‫اكتفاء‬‫‪1-1‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وز ْه ِدهم و َقناعتِهم في الدُّ نيا‪ ،‬واالقتدا ُء‬ ‫يرة الس ِ‬
‫لف الصالحِ ُ‬ ‫َّ‬
‫الع على ِس ِ‬ ‫‪ِّ 2-2‬‬
‫االط ُ‬
‫بهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّت ِ‬
‫بذير‪.‬‬ ‫وعدم‬ ‫ِ‬
‫اإلنفاق‪،‬‬ ‫االقتصاد في‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ُ‬
‫الر ُ‬
‫سول َص َّلى‬ ‫‪4-4‬اإللحاح في الدُّ ِ‬
‫فع َل ذلك َّ‬ ‫رز َقه ُ‬
‫الله القناع َة‪ ،‬كما َ‬ ‫عاء ْ‬
‫بأن َي ُ‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪209‬‬
‫ُةعانقلا ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫تموت‬
‫َ‬ ‫أن َيخ ُل َقنا‪ْ ،‬‬
‫ولن‬ ‫َ‬
‫األرزاق ْقب َل ْ‬ ‫َب‬ ‫الجازم َّ‬
‫بأن الل َه قد كت َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫‪5-5‬‬
‫ن ْف ٌس ح َّتى َتستوفِ َي ِرز َقها‪.‬‬

‫نظر إلى َمن هو أعلى‬ ‫أقل منه في الر ِ‬


‫زق‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫المر ُء إلى َمن هو ُّ‬ ‫أن َي ُ‬
‫‪ْ 6-6‬‬
‫ِّ‬ ‫نظ َر ْ‬
‫منه‪.‬‬

‫حابة‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫ناعة ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫الق ِ‬‫مناذج يف َ‬
‫ُ‬
‫لف‪:‬‬‫والس ِ‬
‫َّ‬
‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫الله عنه‪(( :‬دخ ْل ُت على‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬قال عمر ِ‬
‫ُ‬
‫غيره‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إزاره‪ ،‬وليس عليه ُ‬ ‫فجلس ُت‪ ،‬فأ ْدنى عليه َ‬ ‫ْ‬ ‫حصير‪،‬‬ ‫ضطج ٌع على‬ ‫وهو ُم‬
‫الله عليه‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫الحصير قد أ َّثر في ج ْنبِه‪ ،‬فنَظر ُت ببصري في ِخ ِ‬
‫زانة‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شعير نحو الصاعِ‪ِ ،‬‬
‫ومث ِْلها َق َر ًظا في‬ ‫بضة ِمن‬
‫وس َّلم‪ ،‬فإذا أنا ب َق ٍ‬
‫رفة‪ ،‬وإذا‬ ‫ناحية ُ‬ ‫ٍ َ َّ‬ ‫َ‬
‫قلت‪ :‬يا َنبِ َّي‬
‫اب؟ ُ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫عيناي‪ ،‬قال‪ :‬ما ُي ْب ِكيك يا َ‬
‫ابن‬ ‫َ‬ ‫يق ُمع َّل ٌق‪ ،‬قال‪ :‬فا ْبت َ‬
‫َدر ْت‬ ‫َأفِ ٌ‬
‫الحصير قد أ َّث َر في ج ْنبِك‪ ،‬وهذه ِخزان ُتك ال أرى فيها‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الله‪ ،‬وما لي ال أ ْبكي وهذا‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واألنهار‪ ،‬وأنت‬ ‫وكسرى في ال ِّث ِ‬
‫مار‬ ‫َّإل ما أرى‪ ،‬وذاك َقيصر ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫تكون‬ ‫اب‪َ ،‬أل َترضى ْ‬
‫أن‬ ‫الخط ِ‬
‫ابن َّ‬‫عليه وس َّل َم وصفو ُته‪ ،‬وهذه ِخزان ُتك! فقال‪ :‬يا َ‬
‫لنا اآلخر ُة ولهم الدُّ نيا؟ ُ‬
‫قلت‪ :‬بلى‪.((())...‬‬

‫عرفوا منه‬ ‫الخير حين َ‬ ‫((أن س ْل َ‬ ‫عبد ِ‬


‫الله‪َّ :‬‬ ‫بن ِ‬ ‫عامر ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫الموت َ‬‫ُ‬ ‫حضر ُه‬ ‫َ‬ ‫مان‬
‫ِ‬
‫الخير؛‬ ‫ٌ‬
‫سابقة في‬ ‫الله وقد كانت لك‬ ‫عبد ِ‬ ‫جز ُعك يا أبا ِ‬‫بعض الجزَ عِ‪ ،‬قالوا‪ :‬ما ُي ِ‬ ‫َ‬
‫وفتوحا ِعظا ًما؟‬
‫ً‬ ‫مغازي َحسن ًة‪،‬‬
‫َ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‬
‫الله َص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫شهدْ َت مع‬ ‫ِ‬
‫عهدَ إلينا قال‪« :‬لِي ْك ِ‬‫فار َقنا ِ‬ ‫قال‪ُ :‬ي ِ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫الله عليه وس َّل َم حين َ‬‫أن حبي َبنا َص َّلى ُ‬ ‫جز ُعني َّ‬
‫سلمان‪ ،‬فكان ِقيم ُته‬
‫َ‬ ‫فج ِم َع ُ‬
‫مال‬ ‫أجزَ عني‪ُ .‬‬ ‫اكب»‪ ،‬فهذا الذي ْ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫اليوم منكم كزاد َّ‬‫َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)4913‬ومسلم (‪ )1479‬واللفظ له‪.‬‬


‫‪210‬‬
‫ُةعانقلا ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ينارا))(((‪.‬‬ ‫خمس َة َ ِ‬
‫عش َر د ً‬
‫القناعة(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وشع ٌر يف‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫كم‬
‫ِح ٌ‬
‫بالغنى والث ِ‬
‫ظفر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّروة‪.‬‬ ‫رص بال َقناعة َ‬
‫يفي‪َ :‬من باع الح َ‬ ‫ ‪-‬قال ْأك َث ُم ُ‬
‫بن َص ٍّ‬
‫وإن كان ُمقتِ ًرا‪ ،‬و َمن لم َيقن َْع‬
‫غنيا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحكماء‪َّ :‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫إن َمن قن َع كان ًّ‬ ‫بعض‬
‫وإن كان ُمكثِ ًرا‪.‬‬
‫فقيرا ْ‬
‫كان ً‬
‫القناعة ٌ‬
‫مال ال َين َفدُ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫ِ‬
‫الحارث‪:‬‬ ‫بن‬ ‫قال بِ ُ‬
‫شر ُ‬
‫ـــز ِمـــن القناعـــ ْه‬ ‫وال ِع َّ‬
‫ـــز أ َع ُّ‬ ‫ـــــز‬
‫ٍّ‬ ‫أي ِع‬
‫أفا َدتْنـــــا القناعـــــ ُة َّ‬
‫ـــر بعدهـــا التَّقـــوى بِضاع ْه‬ ‫رأس ٍ‬ ‫ِ‬
‫وص ِّي ْ‬
‫َ‬ ‫مال‬ ‫ـــذ منهـــا لن ْفســـك َ‬
‫فخ ْ‬ ‫ُ‬
‫الج ِ‬
‫نان بص ْب ِر ساع ْه‬ ‫وتَســـ َعدُ في ِ‬ ‫ٍ‬
‫بخيل‬ ‫ِ‬
‫حاليـــن ُت ْغنَى عـــن‬ ‫ـــز‬
‫َح ْ‬
‫(((‬
‫ت ُ‬

‫((( أخرجه ابن حبان (‪ ،)706‬والطبراني (‪ .)6182( )268/6‬صححه األلباني في ((صحيح‬


‫الترغيب)) (‪.)3319‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)1273/3‬العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)14/3‬‬
‫((( ((غذاء األلباب في شرح منظومة اآلداب)) للسفاريني (‪.)537/2‬‬
‫‪211‬‬
‫رّسلا ُنامتِك‬
‫ِ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫السر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫كتمانُ‬
‫ِ‬

‫أن َيك ُت َمه‪ ،‬وكا َت َمه ِس َّره(((‪.‬‬


‫واستكت ََم ُه ِس َّره‪ :‬سأ َل ُه ْ‬
‫اإلخفاء‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الكِتمانُ ُلغ ًة‪:‬‬

‫عما‬ ‫س ِضدَّ دواف ِع ال َّت ِ‬


‫ضب ُط الن ْف ِ‬ ‫الكِتمانُ اصطالحا‪ :‬ستر الح ِ‬
‫ديث‪َ .‬‬
‫عبير َّ‬ ‫وقيل‪ْ :‬‬ ‫ً َ ُ َ‬
‫َي ِ‬
‫ختل ُج فيها(((‪.‬‬

‫ورج ٌل ِس ِّر ٌّي‪َ :‬يصن َُع‬ ‫ِ‬


‫والس ِرير ُة م ْث ُله‪ُ ،‬‬
‫رار‪َّ .‬‬
‫أس ٌ‬ ‫الس ُّر ُلغ ًة‪ :‬الذي ُيكت َُم‪َ ،‬‬
‫وج ْم ُعه‪ْ :‬‬ ‫ِّ‬
‫األشيا َء ِس ًّرا(((‪.‬‬
‫الم ْكتت َُم في الن ْف ِ‬
‫س(((‪.‬‬ ‫الح ُ‬
‫ديث ُ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫الس ُّر‬
‫ِّ‬
‫والس ِّر َّ‬
‫والنجوى واالختفا ِء(((‪:‬‬ ‫تمان ِّ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ال ِك ِ‬
‫رفعه عن ِ‬ ‫الخ ِفي الذي ُت ِ‬
‫غيره‪.‬‬ ‫ناجي به صاح َبك‪ ،‬كأ َّنك َت ُ‬ ‫اسم للكال ِم َ ِّ‬ ‫ال َّنجوى‪ٌ :‬‬
‫يك ْن ِس ًّرا‪،‬‬
‫دار لم ُ‬ ‫اختَفى ِ‬
‫بس ٍتر أو ورا َء ِج ٍ‬ ‫س‪ ،‬ولو ْ‬ ‫الش ِ‬
‫يء في الن ْف ِ‬ ‫إخفاء َّ‬ ‫والس ُّر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫فالن‪ُ ،‬ت ِريد ما ُي ْخ ِفيه في ن ْف ِسه ِمن ذلك‪ ،‬وال ُيقال‪َ :‬ن ْجواي‬
‫ٍ‬ ‫و ُيقال‪ِ :‬س ِّري عندَ‬
‫ستعم ُل‬ ‫الك َ‬‫ألن ِ‬ ‫ِ‬
‫واألخبار؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫عنده‪ِ .‬‬
‫والك ُ‬
‫تمان ال ُي َ‬ ‫كاألسرار‬ ‫ختص بالمعاني‬
‫تمان‪َ :‬ي ُّ‬
‫كوت عن المعنى‪.‬‬
‫الس ُ‬ ‫واألعيان‪ِ .‬‬
‫والك ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّإل فيهما‪ .‬والسر‪ :‬يختص بالج ِ‬
‫تمان هو ُّ‬ ‫ثث‬ ‫ُ‬ ‫ِّ ُّ َ ُّ‬
‫الك ِ‬
‫تمان‪.‬‬ ‫غيره؛ فهو أعم ِمن ِ‬
‫يكون في ذلك وفي ِ‬ ‫ُ‬ ‫واإلخفاء‬
‫ُّ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)2329/6‬مختار الصحاح)) للرازي (ص‪.)266 :‬‬


‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)702 :‬األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)343/2‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)356/4‬تاج العروس)) للزبيدي (‪.)5/12‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)193 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)533 ،448 -447 :‬‬
‫‪212‬‬
‫رّسلا ُنامتِك‬
‫ِ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫الس ِّر يف‬
‫تمان ِّ‬
‫ك ِ‬ ‫َ‬
‫احل ُّث على ِ‬
‫للرؤْ يا التي َرآها بأ ْم ٍر ِمن‬
‫الم ُّ‬
‫الس ُ‬
‫ِ‬ ‫ ‪-‬قال َتعالى ِحكاي ًة ِعن ِك ِ‬
‫تمان ُي َ‬
‫وسف عليه َّ‬
‫أبيه‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ﭠ ﮊ [يوسف‪ِ .]5 :‬‬
‫وجدَ و َت َ‬
‫ظه َر(((‪.‬‬ ‫ؤخ ُذ ُ‬
‫األمر بكتمان النِّعمة حتى ُت َ‬ ‫ومن هذا ُي َ‬

‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬ ‫بل ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫بن َج ٍ‬ ‫ ‪-‬عن م ِ‬
‫عاذ ِ‬ ‫ُ‬
‫حسود))(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فإن ُك َّل ِذي نِ ٍ‬
‫عمة َم‬ ‫الحوائج ِ‬
‫بالك ِ‬
‫تمان؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫((است َِعينوا على إن ِ‬
‫ْجاح‬ ‫ْ‬
‫الس ِّر‪:‬‬
‫تمان ِّ‬
‫ك ِ‬ ‫لف والعلما ِء يف ِ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫(س ُّر َك َأ ِس ُير َك‪ ،‬فإِ ْن تك َّل ْم َت ِبه ِص ْر َت‬
‫الله عنه‪ِ :‬‬ ‫طالب ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬
‫ ‪-‬قال ُّ‬
‫ِ‬
‫أس َير ُه)(((‪.‬‬
‫وضع ُت ِسري عندَ ٍ‬
‫أحد أ ْفشا ُه‬ ‫اص ِ‬‫الع ِ‬
‫ِّ‬ ‫الله عنه‪( :‬ما َ ْ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن َ‬ ‫عمرو ُ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫استو َد ْع ُته إ َّيا ُه)(((‪.‬‬ ‫كنت َأ ْضيقَ ِبه ُ‬
‫حيث ْ‬ ‫علي َف ُل ْم ُته؛ أنا ُ‬
‫َّ‬
‫بسر ِ‬
‫أخ َ‬ ‫ِ‬ ‫الخ ِ‬ ‫(إن ِمن ِ‬ ‫الله‪ ،‬قال‪َّ :‬‬ ‫الحسن َر ِح ُ‬
‫ِ‬
‫يك)(((‪.‬‬ ‫أن ُت َحدِّ َث ِّ‬
‫يانة ْ‬ ‫مه ُ‬ ‫ ‪-‬عن‬

‫الس ِّر(((‪:‬‬
‫تمان ِّ‬
‫ك ِ‬ ‫فوائ ُد ِ‬
‫ِ‬
‫المروءة وال ُّن ْب ِل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صفات‬ ‫فة ِمن‬
‫األسرار ِص ٌ‬
‫ِ‬ ‫‪ِ 1-1‬ح ُ‬
‫فظ‬

‫((( ((تفسير ابن كثير)) (‪.)371/4‬‬


‫((( أخرجه الطبراني (‪ ،)183( )94/20‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪ .)6228‬ضعف سنده‬
‫العراقي في ((تخريج اإلحياء)) (‪ ،)1086‬وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)198/8‬فيه‬
‫سعيد بن سالم العطار‪ ،‬قال العجلي‪ :‬ال بأس به‪َّ ،‬‬
‫وكذبه أحمد وغيره‪ ،‬وبقية رجاله ثقات‪ ،‬إال أن‬
‫خالد بن معدان لم يسمع من معاذ‪.‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)306 :‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص‪.)214 :‬‬
‫((( ((الصمت وآداب اللسان)) البن أبي الدنيا (ص‪.)214 :‬‬
‫((( ((الرائد‪ .‬دروس في التربية والدعوة)) لمازن الفريح (ص‪.)217 :‬‬
‫‪213‬‬
‫رّسلا ُنامتِك‬
‫ِ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫األعداء‪.‬‬ ‫أسباب ال َّن ِ‬
‫صر على‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 2-2‬من أعظ ِم‬
‫ِ‬
‫والحسد‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫قد‬ ‫فسدة ِ‬
‫ِ‬ ‫رء َم‬
‫‪َ 3-3‬د ُ‬
‫اإل ِ‬
‫خوة‪.‬‬ ‫الصل َة بين ِ‬
‫قوي ِّ‬ ‫‪ُ 4-4‬ي ِّ‬
‫ِ‬
‫وجين‪.‬‬ ‫قوي ال ِّثق َة بين َّ‬
‫الز‬ ‫‪ُ 5-5‬ي ِّ‬
‫األسرار‪:‬‬
‫ِ‬ ‫تمان‬
‫ك ِ‬ ‫ور ِ‬
‫ِمن ُص ِ‬
‫الط ِ‬
‫اعات؛ قال تعالى‪ :‬ﮋﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮊ [األعراف‪.]55 :‬‬ ‫‪ِ 1-1‬ك ُ‬
‫تمان َّ‬

‫((كل ُأ َّمتِي ُمعا ًفى‬


‫ُّ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الذ ِ‬
‫نوب؛ قال‬ ‫‪ِ 2-2‬ك ُ‬
‫تمان ُّ‬

‫ثم ُيصبِ ُح وقدْ‬ ‫جل بال َّل ِ‬ ‫وإن ِمن الم ِ‬ ‫َّإل الم ِ‬
‫عم ًل‪َّ ،‬‬
‫يل َ‬ ‫عم َل َّ‬
‫الر ُ‬ ‫جانة ْ‬
‫أن َي َ‬ ‫َ‬ ‫رين‪َّ ،‬‬ ‫جاه َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فالن‪ ،‬عم ْل ُت البارح َة كذا وكذا‪ ،‬وقدْ بات َي ُ‬
‫ستره ر ُّبه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فيقول‪ :‬يا‬ ‫الله‪،‬‬
‫ست ََر ُه ُ‬
‫كش ُف ِس ْتر ِ‬
‫الله عنه))(((‪.‬‬ ‫ويصبِح ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َ‬

‫((إن ِمن‬
‫الله عليه وس َّل َم‪َّ :‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫وجي ِة؛ قال‬
‫الز َّ‬ ‫ِ‬
‫األسرار َّ‬ ‫‪ِ 3-3‬ك ُ‬
‫تمان‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القيامة الر َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أشر ال َّن ِ‬
‫جل ُي ْفضي إلى ا ْمرأته و ُت ْفضي إليه َّ‬
‫ثم‬ ‫َّ‬ ‫اس عندَ الله َمنزل ًة َ‬
‫يوم‬ ‫ِّ‬
‫نش ُر ِس َّرها))(((‪.‬‬ ‫َي ُ‬

‫الله عليه وس َّل َم‪ ...(( :‬وإذا‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 4-4‬ك ُ‬
‫الرؤ َيا المكروهة؛ قال ال َّن ُّ‬‫تمان ُّ‬
‫يطان‪ ،‬ف ْل َي ْست َِع ْذ ِمن َش ِّرها‪ ،‬وال َي ْذ ُك ْرها‬
‫الش ِ‬ ‫كر ُه‪ ،‬فإ َّنما هي ِمن َّ‬
‫مما َي َ‬‫غير ذلك َّ‬ ‫رأى َ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ألحد؛ فإ َّنها ال َت ُض ُّره))(((‪.‬‬
‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫الس ِّر ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫تمان ِّ‬
‫ك ِ‬ ‫مناذج يف ِ‬
‫ُ‬
‫وامها ا ْثنَا َ‬ ‫َ ِ‬ ‫الله عليه وس َّل َم َس ِر َّي ًة ِمن‬
‫بي َص َّلى ُ‬
‫عش َر‬ ‫المهاجرين‪ ،‬ق ُ‬ ‫ ‪َ -‬بع َث ال َّن ُّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6069‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪ )2990‬من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪ )1437‬من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )6985‬من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪214‬‬
‫رّسلا ُنامتِك‬
‫ِ‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الرسول َص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫رسالة‪ ،‬أ َمر ُه‬ ‫األسدي‪ ،‬ومعه‬ ‫ِّ‬ ‫بن َج ٍ‬
‫حش‬ ‫عبد الله ِ‬ ‫بقيادة ِ‬
‫ِ‬ ‫رجل‬‫ً‬
‫سيره‪ ،‬فإذا فت ََحها و َف ِه َم ما فيها‪َ ،‬مضى‬ ‫يومين ِمن َم ِ‬ ‫ِ‬ ‫عليه وس َّل َم َّأل َيفت ََحها َّإل بعدَ‬
‫قوتِه على ُمراف َقتِه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستكره أحدً ا من أفراد َّ‬
‫ٍِ‬
‫في َتنفيذها َ‬
‫غير ُم‬ ‫ِ‬

‫حفصة ِمن‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه حين تأ َّي َمت بِن ُته‬ ‫رض َي ُ‬ ‫((أن عمر ِ‬
‫عمر‪َ َّ :‬‬ ‫بن َ‬ ‫الله ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬

‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫همي‪ ،‬وكان ِمن‬ ‫َيس ِ‬ ‫ُخن ِ‬
‫أصحاب‬ ‫الس ِّ‬‫بن ُحذاف َة َّ‬
‫فعر ْض ُت عليه‬ ‫ان‪َ ،‬‬ ‫بن ع َّف َ‬ ‫ثمان َ‬ ‫يت ُع َ‬ ‫عمر‪ :‬ف َل ِق ُ‬ ‫ِ‬
‫شهدَ بدْ ًرا‪ُ ،‬تو ِّف َي بالمدينة‪ ،‬قال ُ‬ ‫قد ِ‬
‫عمر‪ ،‬قال‪ :‬سأن ُْظ ُر في أ ْمري‪ ،‬ف َلبِث ُْت‬ ‫نت َ‬ ‫أنك ْح ُت َك حفص َة بِ َ‬ ‫إن ِش ْئ َت َ‬ ‫فقلت‪ْ :‬‬‫حفص َة‪ُ ،‬‬
‫إن‬‫فقلت‪ْ :‬‬ ‫بكر‪ُ ،‬‬ ‫يت أبا ٍ‬ ‫عمر‪ :‬ف َل ِق ُ‬ ‫أتزو َج َيومي هذا‪ ،‬قال ُ‬ ‫ليالي‪ ،‬فقال‪ :‬قد بدَ ا لي َّأل َّ‬ ‫َ‬
‫فكنت‬
‫ُ‬ ‫إلي شيئًا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بكر‪ ،‬فلم َيرج ْع َّ‬ ‫فصم َت أبو ٍ‬ ‫عمر‪َ ،‬‬ ‫بنت َ‬ ‫أنك ْح ُت َك حفص َة َ‬ ‫ئت َ‬ ‫ِش َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله عليه‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫خط َبها‬‫ثم َ‬ ‫ليالي‪َّ ،‬‬ ‫ثمان‪ ،‬ف َلبِث ُْت َ‬ ‫أوجدَ منِّي على ُع َ‬ ‫عليه َ‬
‫عرض َت‬ ‫علي حين ْ‬ ‫وجدْ َت َّ‬ ‫بكر فقال‪ :‬لع َّلك َ‬ ‫فأنك ْح ُتها إ َّيا ُه‪ ،‬ف َل ِق َيني أبو ٍ‬ ‫وس َّل َم‪َ ،‬‬
‫أن ْأر ِج َع إليك‬ ‫منعني ْ‬ ‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬فإ َّنه لم َي ْ‬ ‫قلت‪ْ :‬‬ ‫علي حفص َة‪ ،‬فلم ْأر ِج ْع إليك؟ ُ‬ ‫َّ‬
‫ذك َرها‪،‬‬ ‫الله عليه وس َّل َم قد َ‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫عل ْم ُت َّ‬
‫أن‬ ‫عرض َت‪َّ ،‬إل أ ِّني قد ِ‬ ‫فيما ْ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪ ،‬ولو َتر َكها َل َقبِ ْل ُتها))(((‪.‬‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫أكن ِ ُل ْف ِش َي ِس َّر‬ ‫فلم ْ‬

‫((( ((سيرة ابن هشام)) (‪.)602/1‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪.)4005‬‬
‫‪215‬‬
‫ِظيَغلا ُمظَ‬
‫ك‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫يظ‬
‫غ ِ‬‫كظمُ ال َ‬
‫َ‬

‫ظم ال َغ ِ‬
‫يظ‪:‬‬ ‫َ‬
‫معنى ك ِ‬
‫ٍ‬ ‫صحيح ُّ‬ ‫والميم ٌ‬ ‫الكاف َّ‬ ‫ُ‬ ‫ظم ُلغ ًة‪:‬‬ ‫َ‬
‫واحد‪ ،‬وهو‬ ‫يدل على معنًى‬ ‫ٌ‬ ‫أصل‬ ‫ُ‬ ‫والظ ُاء‬ ‫الك ُ‬
‫كظم ُت ِ‬
‫القرب َة‪ :‬إذا َم ْ‬ ‫اإلمساك والجمع َّ ِ‬ ‫ُ‬
‫أل ُتها(((‪.‬‬ ‫للشيء‪ ،‬يقال‪ْ َ :‬‬ ‫ْ ُ‬
‫س ِمن ص ْف ٍح أو َغ ٍ‬
‫يظ(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإلمساك على ما في الن ْف ِ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫ْ‬
‫الكظ ُم‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬هو أشدُّ ِمن‬ ‫للعاجز‪ِ .‬‬
‫ِ‬ ‫كامن‬
‫غضب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الغضب‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫يظ ُلغ ًة‪:‬‬‫الغ ُ‬ ‫َ‬
‫وأو ُله(((‪.‬‬ ‫وقيل‪ :‬هو َسور ُته َّ‬
‫اإلنسان ِمن َث ِ‬
‫وران‬ ‫ُ‬ ‫الغضب‪ ،‬وهو الحرار ُة التي َي ِجدُ ها‬
‫ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬أشدُّ‬ ‫الغ ُ‬
‫يظ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫الحن َِق(((‪.‬‬ ‫المحيط َ ِ‬
‫بالكبِد‪ ،‬وهو أشدُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫الغضب‬
‫ُ‬ ‫َد ِم ق ْلبِه‪ .‬وقيل‪ :‬هو‬
‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫إظهاره‬ ‫عدم‬ ‫واحتمال َسببِه َّ‬
‫والص ُبر عليه‪ .‬وقيل‪ُ :‬‬ ‫ُ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ت ُّ‬
‫جر ُعه‬ ‫ً‬ ‫يظ‬ ‫ظم َ‬‫َك ُ‬
‫ِ‬
‫إيقاعه َبعدُ ِّوه(((‪.‬‬ ‫عل مع ُقدرتِه على‬
‫بقول أو فِ ٍ‬
‫ٍ‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ظم ال َغ ِ‬
‫يظ يف‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫احلث على ك ِ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)184/5‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن)) للثعلبي‬
‫(‪(( ،)165/3‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)519/12‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)282 :‬‬
‫((( ((جمهرة اللغة)) البن دريد (‪(( ،)932/2‬الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)1176/3‬النهاية)) البن‬
‫األثير (‪(( ،)402/3‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)450/7‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)282 :‬‬
‫((( ((معجم ديوان األدب)) للفارابي (‪(( ،)186/2‬تفسير القرطبي)) (‪(( ،)206/4‬فتح الباري))‬
‫البن حجر (‪.)179/1‬‬
‫‪216‬‬
‫ِظيَغلا ُمظَ‬
‫ك‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﮊ‬
‫[آل عمران‪.]134-133 :‬‬
‫ِ‬ ‫بن م ِ‬
‫عاذ ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم‬
‫بي َص َّلى ُ‬
‫هني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ال َّن ِّ‬ ‫الج ِّ‬ ‫بن ٍ‬
‫أنس ُ‬ ‫هل ِ ُ‬‫ ‪-‬عن َس ِ‬
‫ِ‬
‫ؤوس‬ ‫ِ‬
‫القيامة على ُر‬ ‫يوم‬ ‫أن ُي ِنف َذه‪ ،‬دعا ُه ُ‬‫ستطيع ْ‬ ‫قال‪َ (( :‬من َ‬
‫كظ َم َغ ً‬
‫الله َ‬ ‫ُ‬ ‫يظا وهو َي‬
‫الح ِ‬
‫ور شاء))(((‪.‬‬ ‫أي ُ‬ ‫ِ‬
‫الخالئق حتى ُيخ ِّي َره في ِّ‬

‫ظم ال َغ ِ‬
‫يظ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لف والعلما ِء يف ك ِ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫كظ ِم َ ِ‬
‫(د ْم على ْ‬ ‫ ‪-‬قال علي ِ‬
‫الغيظ‪ُ ،‬ت َ‬
‫حمدْ عواق ُبك)(((‪.‬‬ ‫الله عنه‪ُ :‬‬
‫رض َي ُ‬ ‫ٌّ‬
‫وس ِل َم ْت‬ ‫كظ َم َغ َ‬
‫البر‪َ ( :‬من َ‬ ‫ِ‬
‫أخزى شيطا َنه‪َ ،‬‬ ‫ور َّد َ‬
‫غض ُبه‪ْ ،‬‬ ‫يظه‪َ ،‬‬ ‫ابن عبد ِّ‬‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫مروء ُته ِ‬
‫ودينُه)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فوائ ُد ْ‬
‫كظ ِم ال َغ ِ‬
‫يظ‪:‬‬
‫هي ٌأ للج َّن ِة‪.‬‬
‫وم َّ‬
‫‪1-1‬صاح ُبه ُم َعدٌّ ُ‬
‫ِ‬
‫العين‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫ور‬ ‫ِ‬
‫خيير من ُ‬
‫‪2-2‬ال َّت ُ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‪.‬‬ ‫‪3-3‬التغ ُّل ُب على َّ‬

‫يظ‪:‬‬ ‫املعينة على ْ‬


‫كظ ِم ال َغ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال َو ُ‬
‫سائل‬
‫خطئين‪.‬‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫المتر ِّت َب على ْ‬
‫كظ ِم َ‬ ‫أن َي ِ‬
‫عر َف‬ ‫‪ْ 1-1‬‬
‫َ‬ ‫والعفو عن ُ‬ ‫يظ‬ ‫األجر ُ‬
‫َ‬ ‫المرء‬
‫ُ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4777‬والترمذي (‪ )2021‬واللفظ له‪ ،‬وابن ماجه (‪ ،)3394‬وأحمد (‪.)15637‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ .‬وذكر المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (‪ )386/3‬أن فيه‬
‫وضعف إسناده ابن الملقن في ((شرح البخاري))‬
‫َّ‬ ‫عبد‪ ‬الرحيم بن ميمون‪ ،‬عن سهل بن معاذ‪.‬‬
‫وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2021‬‬
‫َّ‬ ‫(‪،)490/28‬‬
‫((( ((روض األخيار المنتخب من ربيع األبرار)) (ص‪.)342 :‬‬
‫((( ((التمهيد)) البن عبد البر (‪.)250/7‬‬
‫‪217‬‬
‫ِظيَغلا ُمظَ‬
‫ك‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإخماد ِ‬ ‫الغ ِ‬ ‫داعية ْ‬ ‫المخطِ ِئ َّ‬
‫والشفق َة عليه‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫نار‬ ‫يظ‪،‬‬ ‫لكظ ِم َ‬ ‫ٌ‬ ‫إن رحم َة ُ‬
‫‪َّ 2-2‬‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫در‪.‬‬ ‫المؤمن ن ْف َسه على َسعة َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ْ 3-3‬‬
‫أن ُير ِّب َي‬

‫ومقا َبلتِه فيما َي ُ‬


‫فعل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحياء ِمن ال َّت ُّلب ِ‬
‫خطئ ُ‬ ‫الم‬
‫س بأخطاء ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫وأل َيتمادى في‬ ‫ِ‬


‫الخصومة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫مواقف‬ ‫َ‬
‫والجدل في‬ ‫المالحا َة‬ ‫‪ْ 5-5‬‬
‫المر ُء ُ‬
‫قطع ْ‬‫أن َي َ‬
‫والشتائ ِم‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫باب َّ‬ ‫ِّ‬
‫حابة‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫مناذج يف ْ‬
‫كظ ِم ال َغ ِ‬
‫يظ ِمن ِسري ِة َّ‬
‫والص ِ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫والسلف‪:‬‬
‫ِ‬
‫بي َص َّلى‬ ‫مالك ِ‬‫ٍ‬ ‫أنس ِ‬‫ ‪-‬عن ِ‬
‫((كنت أ ْمشي مع ال َّن ِّ‬
‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن‬
‫أعرابي‪َ ،‬‬
‫فجذ َب ُه َجذب ًة‬ ‫ِ‬
‫الحاشية‪ ،‬فأ ْد َ‬ ‫راني ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم وعليه ُب ٌ‬
‫ٌّ‬ ‫رك ُه‬ ‫غليظ‬ ‫رد َن ْج ٌّ‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم قد أ َّث ْ‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫رت به‬ ‫ظر ُت إلى ص ْفحة عاتق ال َّن ِّ‬ ‫شديد ًة‪ ،‬حتى َن ْ‬
‫الله الذي عندك‪ ،‬فا ْلت َف َت‬ ‫مال ِ‬ ‫داء؛ ِمن شدَّ ِة َجذ َبتِه‪ ،‬ثم قال‪ُ :‬مر لي ِمن ِ‬ ‫حاشية الر ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ٍ‬
‫بعطاء))(((‪.‬‬ ‫فض ِح َك‪ ،‬ثم أ َم َر له‬
‫إليه َ‬

‫بن ُمن ِّب ٍه وجاءه ٌ‬


‫رجل‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫إن‬ ‫وهب َ‬‫دت َ‬ ‫(ش ِه ُ‬
‫الله قال‪َ :‬‬ ‫عبد ِ‬‫بن ِ‬ ‫ ‪-‬عن ُج ِ‬
‫بير ِ‬
‫ِ‬
‫الشيطان أحدً ا َيستخ ُّف به َ‬
‫غيرك؟! قال‪ :‬فما‬ ‫ُ‬ ‫وجدَ‬
‫وهب‪ :‬أ َما َ‬‫فال ًنا ي َق ُع فيك‪ ،‬فقال ٌ‬
‫وأكر َم ُه)(((‪.‬‬ ‫جل‪ ،‬فر َفع َم ِ‬
‫جل َسه ْ‬ ‫َ‬ ‫الر ُ‬ ‫بأسرع ِمن ْ‬
‫أن جاء َّ‬ ‫َ‬ ‫كان‬
‫وشع ٌر يف ْ‬
‫كظ ِم ال َغ ِ‬
‫يظ‪:‬‬ ‫وح َك ٌم ِ‬ ‫ٌ‬
‫أمثال ِ‬
‫لمن َيكظِ ُم َ‬
‫الغ َ‬
‫يظ(((‪.‬‬ ‫ضر ُب َ‬
‫ِ‬
‫ ‪-‬ال َيص ُل ُح رفي ًقا َمن لم َيبتل ْع ِري ًقا‪ُ :‬ي َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3149‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1057‬‬


‫((( ((الورع)) ألحمد رواية المروزي (ص‪.)197 :‬‬
‫((( ((الكشف والبيان)) للثعلبي (‪(( ،)166/3‬مجمع األمثال)) للميداني (‪.)242/2‬‬
‫‪218‬‬
‫ِظيَغلا ُمظَ‬
‫ك‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫العرجي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫َســـم ُع‬ ‫ُبص ْر مـــا ُ‬
‫تقول وت‬ ‫ِ‬
‫للغيـــظ ت ِ‬ ‫كاظما‬ ‫قـــورا‬ ‫ـــت ف ُك ْن َو‬ ‫وإذا ِ‬
‫غض ْب َ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫َيرضى بها عنـــك اإللـــ ُه وتُر َف ُع‬
‫(((‬ ‫ٍ‬
‫ســـاعة‬ ‫فكَفـــى بـــه َشـــر ًفا تص ُّب ُر‬

‫((( ((الكشف والبيان)) للثعلبي (‪.)166/3‬‬


‫‪219‬‬
‫ةَّبحملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫المحبَّ ُة‬

‫معنى َ‬
‫املَّب ِة‪:‬‬
‫والمحب ُة‪ ،‬وهي ُّ‬
‫تدل على ال ُّلزو ِم‬ ‫َّ‬ ‫داد‬ ‫والح ُّب‪ِ :‬‬
‫الو ُ‬ ‫ض‪ُ .‬‬ ‫المحب ُة ُلغ ًة‪َ :‬ن ِق ُ‬
‫يض ال ُبغْ ِ‬ ‫َّ‬
‫والث ِ‬
‫َّبات(((‪.‬‬
‫يل إلى َّ ِ‬
‫الم ُ‬ ‫المحب ُة‬
‫ار(((‪.‬‬
‫الس ِّ‬
‫الشيء َّ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫احلب وال ُو ِّد(((‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ِّ‬
‫يل ِّ‬
‫والو َّد َم ُ‬ ‫ِ‬ ‫يل ِّ‬ ‫يكون فيما ُي ِ‬
‫وج ُبه َم ُ‬
‫الطبا ِع‬ ‫والحكم ُة َجم ًيعا‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫الطبا ِع‬ ‫ُ‬ ‫الحب‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ْ‬
‫فقط‪.‬‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫احملب ِة يف‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على َّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫قلوب المؤمنين ف ُي ِح ُّبونهم(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫محبتَهم في‬ ‫ﭙ ﮊ [مريم‪ ،]96 :‬أي‪َ :‬ي ُ‬
‫جعل َّ‬
‫ ‪-‬قال ُسبحانه‪ :‬ﮋﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮊ [البقرة‪.]165 :‬‬
‫الله عليه وس َّلم‪(( :‬وا َّلذي َن ْفسي بِي ِده‪ ،‬ال ي ِ‬
‫ؤم ُن‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة‪ ،‬قال َص َّلى ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وو َل ِده))(((‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أحب إليه من والده َ‬
‫أكون َّ‬ ‫َ‬ ‫أحدُ كم ح َّتى‬

‫((( ((تهذيب اللغة)) لألزهري (‪(( ،)8/4‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)290/1‬‬
‫((( ((المعجم الوسيط)) (ص‪.)151 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)122 -121 :‬‬
‫((( ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (‪.)640/2‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)14‬‬
‫‪220‬‬
‫ةَّبحملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الم‪،‬‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬جاء ٌ‬ ‫ٍ‬


‫مسعود ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫الس ُ‬ ‫بي عليه َّ‬
‫رجل إلى ال َّن ِّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ابن‬
‫كيف ُ‬ ‫الله‪َ ،‬‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬
‫ولم َي ْل َحقْ بهم؟ فقال ال َّن ُّ‬
‫بي‬ ‫أح َّب َقو ًما ْ‬ ‫ٍ‬
‫رجل َ‬ ‫تقول في‬ ‫فقال‪ :‬يا‬
‫أح َّب))(((‪.‬‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪َ :‬‬
‫الم ْر ُء مع َمن َ‬ ‫َص َّلى ُ‬
‫لف وال ُعلما ِء يف َ‬
‫املَّب ِة‪:‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫كل ٍ‬
‫حال؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫ِ‬
‫المحبوب على ِّ‬ ‫المحب ِة ُمشاهد ُة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫(حقيقة‬ ‫اق‪:‬‬‫الور ُ‬
‫بكر َّ‬ ‫ ‪-‬قال أبو ٍ‬
‫ِ‬ ‫واليقين؛ فإ َّنها يب ِّل ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫رجات‬ ‫غان إلى َد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جاب‪ ،‬وأص ُله ال َّت ُ‬
‫سليم‬ ‫بالغير ح ٌ‬ ‫االشتغال‬
‫الم َّتقين في ج َّن ِ‬
‫ات ال َّنعي ِم)(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫تحاب‬ ‫اس‪ ،‬ولو‬‫مور ال َّن ِ‬ ‫أسباب نِظا ِم ُأ ِ‬


‫ِ‬ ‫دل ِمن‬
‫والع ُ‬
‫حب ُة َ‬ ‫(الم َّ‬‫اغب‪َ :‬‬
‫الر ُ‬
‫َّ‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫هابة؛‬‫أفضل ِمن الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العدل‪ ...‬وهي‬ ‫بالمحب ِة َل ْستغنَوا بها عن‬ ‫اس‪ ،‬وتعا َملوا‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ال َّن ُ‬
‫ِ‬
‫طاعة‬ ‫أفضل ِمن‬
‫ُ‬ ‫المحب ِة‬ ‫ُ‬
‫طاعة‬ ‫والمحب َة ُتؤ ِّل ُف‪ .‬وقد ِقيل‪:‬‬ ‫المهاب َة ُتن ِّف ُر‪،‬‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ألن َ‬
‫ِ‬
‫بزوال‬ ‫خارج‪ ،‬وهي َت ُ‬
‫زول‬ ‫ٍ‬ ‫هبة ِمن‬
‫داخل‪ ،‬وطاع َة الر ِ‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫المحب ِة ِمن‬
‫َّ‬ ‫ألن طاع َة‬ ‫الر ِ‬
‫هبة؛ َّ‬ ‫َّ‬
‫وكل قو ٍم إذا تحابوا تواصلوا‪ ،‬وإذا تواص ُلوا تعاونوا‪ ،‬وإذا تعاونوا ِ‬
‫عم ُلوا‪،‬‬ ‫َسببِها‪ُّ .‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫ور َك لهم)(((‪.‬‬ ‫وإذا ِ‬
‫عم ُلوا َع َّمروا‪ ،‬وإذا َع َّمروا ُع ِّمروا و ُب ِ‬

‫ِ‬
‫األرواح‪ ،‬وليس‬ ‫ذاء‬ ‫ِ ِ‬ ‫(المحب ُة هي حيا ُة‬ ‫ابن ق ِّي ِم الجوز َّي ِة‪:‬‬
‫القلوب وغ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫القلب كان أ َل ُمه‬
‫ُ‬ ‫فالح‪ ،‬وال حيا ٌة َّإل بها‪ ،‬وإذا ف َقدَ ها‬
‫عيم‪ ،‬وال ٌ‬ ‫لذ ٌة‪ ،‬وال َن ٌ‬ ‫ب َّ‬‫للق ْل ِ‬
‫ذن إذا ف َقدَ ت سمعها‪ ،‬واألن ِ‬
‫ْف إذا ف َقدَ‬ ‫واأل ِ‬
‫ورها‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫أعظ َم ِمن أ َل ِم‬
‫َ‬
‫ْ َ‬ ‫العين إذا ف َقدَ ت ُن َ‬
‫ِ‬
‫وبارئه‬ ‫حب ِة فاطِ ِره‬ ‫القلب إذا َ ِ‬
‫ِ‬ ‫شم ُه‪ ،‬وال ِّل ِ‬
‫سان إذا ف َقدَ ُن ْط َقه‪ْ ،‬‬
‫خل من َم َّ‬ ‫فساد‬
‫ُ‬ ‫بل‬ ‫َّ‬
‫األمر ال ُيصدِّ ُق به َّإل‬ ‫الر ِ‬
‫وح‪ ،‬وهذا‬ ‫البدن إذا َ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعظ ُم ِمن‬
‫وإلهه الحقِّ َ‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫خل من ُّ‬ ‫فساد‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6169‬ومسلم (‪.)2640‬‬


‫((( ((بحر الدموع)) البن الجوزي (ص‪.)85 :‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)257 :‬‬
‫‪221‬‬
‫ةَّبحملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫َمن فيه حيا ٌة)(((‪.‬‬

‫احملب ِة‪:‬‬
‫أقسا ُم َّ‬
‫ِ‬
‫أربعة أقسا ٍم‪:‬‬ ‫على‬
‫‪1-1‬محب ُة ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫َّ‬
‫محب ُة ما ُي ِح ُّب ُ‬
‫الله‪.‬‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫‪3-3‬الحب ِ‬
‫لله وفيه‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫الله ال ِ‬
‫وكل من أحب شيئًا مع ِ‬ ‫الش ُ‬
‫المحب ُة ِّ‬ ‫‪4-4‬المحب ُة مع ِ‬
‫لله‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ركية‪َ ُّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫الله‪ ،‬وهي‬ ‫َّ‬
‫محب ُة المشركين‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫فقد ات َ ِ ِ‬ ‫وال ِمن أج ِله‪ ،‬وال فيه؛ ِ‬
‫َّخذ ُه ندًّ ا من دون الله‪ ،‬وهذه َّ‬ ‫ْ‬

‫فوائ ُد َّ‬
‫احملب ِة‪:‬‬
‫وح ِ‬
‫سن اإلسال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اللة على َك ِ‬
‫‪َ 1-1‬د ٌ‬
‫مال اإليمان ُ‬
‫ُ‬
‫العيون‪ ،‬بل إ َّنها هي الحيا ُة‬ ‫والقلوب‪ ،‬وبها ت َق ُّر‬
‫َ‬ ‫األرواح‬
‫َ‬ ‫غذي‬‫المحب ُة ُت ِّ‬
‫َّ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬
‫األموات‪.‬‬ ‫التي يعدُّ من ح ِرمها ِمن ج ِ‬
‫ملة‬ ‫ُ‬ ‫َُ َ ُ َ‬

‫الله ونِ َع ُمه على الدَّ وا ِم‪.‬‬


‫مباركة ِ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬ق ْل ُب صاحبِها تغْ شا ُه‬
‫والك ِ‬ ‫الش ِ‬
‫دائد ُ‬ ‫المحب ِة عندَ َّ‬
‫ربات‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫آثار‬
‫ظهر ُ‬‫‪َ 4-4‬ت ُ‬
‫وس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 5-5‬من ِ‬
‫رورها‪.‬‬ ‫الموص ُل إلى َنعي ِم اآلخرة ُ‬
‫رور في الدُّ نيا ُ‬
‫والس ُ‬
‫عيم ُّ‬
‫المحبة ال َّن ُ‬
‫َّ‬ ‫ثمار‬

‫بة هلا‪:‬‬ ‫للمحب ِة واملُ ِ‬


‫وج ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫اجلالبة‬ ‫األسباب‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫اإلحسان إلى اآلخرين‪.‬‬ ‫‪1-1‬‬
‫الهد َّي ِة لآلخرين‪.‬‬
‫تقديم َ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫((( ((الجواب الكافي)) البن القيم (ص‪.)234-233 :‬‬


‫‪222‬‬
‫ةَّبحملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫واضع لآلخرين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّت‬
‫فة الصم ِ‬
‫ت‪.‬‬ ‫بص ِ‬
‫‪4-4‬ال َّتح ِّلي ِ‬
‫َّ ْ‬
‫ُ‬
‫واالبتسامة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫شاشة‬‫‪5-5‬ال َب‬

‫بالسال ِم‪.‬‬
‫‪6-6‬ال َبدْ ُء َّ‬
‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم‪:‬‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫احملب ِة ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫مناذج يف َّ‬
‫ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫((أن‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بل ِ‬ ‫بن َج ٍ‬ ‫ ‪-‬عن م ِ‬
‫عاذ ِ‬ ‫ُ‬
‫وصيك يا‬ ‫والله إ ِّني َ ُل ِحبك‪ ،‬فقال‪ُ :‬أ ِ‬
‫ِ‬ ‫والله إ ِّني َ ُل ِح ُّبك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫أخ َذ ب َي ِده وقال‪ :‬يا ُ‬
‫معاذ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫وح ِ‬
‫سن‬ ‫كرك ُ‬ ‫تقول‪ :‬ال َّل ُه َّم أعنِّي على ِذ ْك ِرك ُ‬
‫وش ِ‬ ‫الة ُ‬ ‫كل ص ٍ‬
‫دع َّن في ُد ِبر ِّ َ‬ ‫ُم ُ‬
‫عاذ ال َت َ‬
‫ِعبادتِك))(((‪.‬‬

‫الله عليه وس َّل َم النِّسا َء‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫أنس ِ‬‫ ‪-‬وعن ٍ‬
‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬رأى ال َّن ُّ‬
‫رض َي ُ‬
‫الله عليه‬‫بي َص َّلى ُ‬ ‫حس ْب ُت أ َّنه قال‪ِ :‬من ُع ٍ‬
‫رس‪ -‬فقام ال َّن ُّ‬
‫قبلين ‪-‬قال‪ِ :‬‬ ‫بيان ُم َ‬‫والص َ‬ ‫ِّ‬
‫رار))(((‪.‬‬‫ثالث ِم ٍ‬
‫إلي‪ .‬قالها َ‬ ‫أحب ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وس َّل َم ُم ْمث ًل فقال‪ :‬ال َّل ُه َّم أنتم من ِّ‬
‫اس َّ‬
‫ِحكم ٌة يف َّ‬
‫احملب ِة‪:‬‬
‫وإن َ‬ ‫ٍ‬ ‫وس َّل ٌم إلى ِّ‬ ‫وإن َ‬ ‫كل َش ٍ‬
‫ثم ُن ِّ‬
‫عل(((‪.‬‬ ‫شيء ْ‬ ‫كل‬ ‫غل‪ُ ،‬‬ ‫يء ْ‬ ‫المحب ُة َ‬
‫َّ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)1522‬والنسائي (‪ ،)1303‬وأحمد (‪ .)22119‬صححه الحاكم على شرط الشيخين‬
‫وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (‪ ،)486/3‬وابن الملقن‬
‫َّ‬ ‫في ((المستدرك)) (‪،)407/1‬‬
‫في ((اإلعالم)) (‪.)14/4‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )3785‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2508‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) للنيسابوري (‪.)456/2‬‬
‫‪223‬‬
‫ُةارادُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫مدارا ُة‬
‫ال ُ‬

‫معنى املُدارا ِة‪:‬‬


‫ِ‬
‫صومة(((‪.‬‬ ‫الخ‬ ‫ُ‬
‫ومدافعة ُ‬ ‫الشر‪،‬‬
‫قاء ِّ‬ ‫المدارا ُة ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫المال َينَة‪ ،‬وا ِّت ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫وتر ُك‬ ‫ناح لل َّن ِ ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬خ ْف ُ‬ ‫المدارا ُة‬
‫اإلغالظ لهم‬ ‫ين الكال ِم‪ْ ،‬‬
‫اس‪ ،‬ول ُ‬ ‫الج ِ‬
‫ض َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القول(((‪.‬‬ ‫في‬

‫الفرق بني املُدارا ِة واملُ ِ‬


‫داهنة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫المداهن َة ِمن‬
‫أن ُ‬ ‫مة‪ ،‬وال َف ْر ُق بينهما‪َّ :‬‬
‫حر ٌ‬ ‫ُ‬
‫داهنة ُم َّ‬ ‫والم‬
‫ندوب إليها‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫المدارا ُة َم‬‫ُ‬
‫العلماء بأ َّنها ُم َ‬
‫عاشر ُة‬ ‫وفس َرها‬ ‫هان‪ ،‬وهو الذي يظهر على َّ ِ‬ ‫الدِّ ِ‬
‫ُ‬ ‫الشيء و َيس ُت ُر باطنَه‪َّ ،‬‬ ‫َ َُ‬
‫فق‬ ‫الر ُ‬
‫والمداراة هي ِّ‬ ‫إنكار عليه‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الرضا بما هو فيه ِمن ِ‬
‫غير‬ ‫وإظهار ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الفاسق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وتر ِك‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلغالظ عليه حيث‬ ‫بالجاهل في ال َّتعلي ِم‪ ،‬وبالفاسق في ال َّنهي ِعن فعله ْ‬
‫يج إلى‬‫ِ‬ ‫القول والِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ال يظهر ما هو فيه‪ ،‬واإلنكار عليه ب ُل ِ‬
‫سيما إذا احت َ‬
‫فعل‪ ،‬وال َّ‬ ‫طف‬ ‫َ َُ‬
‫ِ‬
‫ونحو ذلك(((‪.‬‬ ‫تأ ُّل ِفه‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫احلث على املُدارا ِة يف‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال ُسبحانه‪ :‬ﮋ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫ﮯ ﮊ [طه‪.]44-43 :‬‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪ )71/1‬و(‪.)255/14‬‬


‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)528/10‬‬
‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫‪224‬‬
‫ُةارادُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫بي َص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫أخبرت ُْه ((أ َّنه استأ َذ َن على ال َّن ِّ‬
‫أن عائش َة َ‬‫بير‪َّ ،‬‬ ‫الز ِ‬
‫بن ُّ‬‫ ‪-‬وعن ُعرو َة ِ‬
‫ِ‬
‫العشيرة ‪-‬أو‬ ‫ابن‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ :‬ائ َْذنوا له‪ ،‬فبِ َ‬
‫ئس ُ‬ ‫رجل‪ ،‬فقال َص َّلى ُ‬ ‫عليه وس َّل َم ٌ‬
‫رسول ِ‬ ‫دخل َأ َ‬ ‫ِ‬
‫قلت ما‬
‫الله‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الكالم‪ ،‬فق ْل ُت له‪ :‬يا‬
‫َ‬ ‫الن له‬ ‫فلما َ‬ ‫ئس أخو العشيرة‪َّ ،-‬‬ ‫بِ َ‬
‫اس منزل ًة عندَ ِ‬ ‫شر ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثم أ َل َ‬
‫‪ ‬الله َمن‬ ‫إن َّ‬ ‫ُ‬
‫عائشة‪َّ ،‬‬ ‫أي‬‫القول؟ فقال‪ْ :‬‬ ‫نت له في‬ ‫ق ْل َت‪َّ ،‬‬
‫َّب‬ ‫ِ‬ ‫أصل في ندْ ِ‬‫حشه))(((‪ .‬وهذا ٌ‬ ‫تر َك ُه ‪-‬أو و َد َع ُه‪ -‬ال َّناس ا ِّتقاء ُف ِ‬
‫المداراة إذا ترت َ‬ ‫ب ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عليها د ْف ُع ُض ٍّر أو ج ْل ُب ن ْف ٍع(((‪.‬‬

‫لف والعلما ِء يف املُدارا ِة‪:‬‬


‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫بالمعروف َمن ال ِ‬
‫يجدُ‬ ‫ ‪-‬قال محمدُ ابن الحنفي ِة‪( :‬ليس بحلي ٍم من لم ي ِ‬
‫عاش ْر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬
‫خرجا)(((‪.‬‬
‫فر ًجا‪ .‬أو قال‪َ :‬م ً‬ ‫الله له َ‬
‫جعل ُ‬‫عاشرتِه ُبدًّ ا‪ ،‬حتى َي َ‬
‫ِمن ُم َ‬

‫فإن ُقبِ َلت‬ ‫نشر ِحكم َة ِ‬ ‫الح ِ‬


‫الله‪ْ ،‬‬ ‫(المؤمن ُيداري وال ُيماري‪َ ،‬ي ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫سن‪:‬‬ ‫ ‪-‬وعن َ‬
‫وإن رد ْت ِ‬ ‫ِ‬
‫حمدَ الل َه)(((‪.‬‬ ‫حمدَ الل َه‪َّ ُ ْ ،‬‬

‫وج ٍه َيس َل ُم لك‬


‫اس على ْ‬
‫داري ال َّن َ‬ ‫(المدارا ُة ْ‬
‫أن ُت َ‬ ‫الط ْر ُط ُّ‬
‫وشي‪ُ :‬‬ ‫ ‪-‬قال أبو ٍ‬
‫بكر ُّ‬
‫ِدينُك)(((‪.‬‬

‫فوائ ُد املُدارا ِة‪:‬‬


‫والمود َة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫زر ُع ُ‬
‫األ ْلف َة‬ ‫‪َ 1-1‬ت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تنافرة‪.‬‬ ‫الم‬
‫القلوب ُ‬ ‫‪َ 2-2‬ت ُ‬
‫جمع بين‬
‫عوة إلى ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫إنجاح الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عوامل‬ ‫‪ِ 3-3‬من‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6054‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2591‬‬


‫للمناوي (‪.)454/2‬‬ ‫((( ((فيض القدير)) ُ‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((مداراة الناس)) (‪.)20‬‬
‫((( ((أخالق العلماء)) لآلجري (ص‪.)58 :‬‬
‫((( ((سراج الملوك)) ألبي بكر الطرطوشي (‪.)36/11‬‬
‫‪225‬‬
‫ُةارادُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الز ِ‬ ‫تحقيق الس ِ‬


‫وجية(((‪.‬‬ ‫عادة َّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫مأنينة للن ْف ِ‬ ‫تحقيق الس ِ‬
‫المة واأل ْم ِن ُّ‬
‫س(((‪.‬‬ ‫والط‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪5-5‬‬
‫والش ِ‬
‫رور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفجور ُّ‬ ‫س ِمن ِ‬
‫أهل‬ ‫‪ِ 6-6‬ص ُ‬
‫يانة الن ْف ِ‬

‫ِمن ُص َور املُدارا ِة‬


‫(((‬

‫‪1-1‬في تعام ِل اإلما ِم مع الر ِ‬


‫عية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫والعج ُز عن ُمقاومتِهم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الخوف ِمن الك َّف ِ‬
‫ار‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫اس والس ِ‬ ‫ِ‬
‫لطان‪.‬‬ ‫‪3-3‬في َدعوة ال َّن ِ ُّ‬
‫ِ‬
‫الوالدين‪.‬‬ ‫المدارا ُة مع‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫الز ِ‬
‫وجية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحياة َّ‬ ‫الز ِ‬
‫وجة ُمحافظ ًة على‬ ‫المدارا ُة مع َّ‬
‫‪ُ 5-5‬‬

‫اكتساب املُدارا ِة‪:‬‬


‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫واالنتصار للن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الغضب‬ ‫وس ُ‬
‫رعة‬ ‫يش‪ُ ،‬‬ ‫لة َّ‬
‫والط ُ‬ ‫العج ُ‬
‫‪َ 1-1‬‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫تفه ِم الواق ِع وطبائ ِع‬
‫دم ُّ‬
‫‪َ 2-2‬ع ُ‬
‫لظة الق ْل ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫وغ ُ‬‫لق ِ‬
‫الخ ِ‬
‫وء ُ‬‫‪ُ 3-3‬س ُ‬

‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الخير لل َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫إرادة‬ ‫وض ُ‬
‫عف‬ ‫‪ِ 4-4‬‬
‫الك ْب ُر َ‬
‫والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فق‪.‬‬ ‫الص ِبر والحل ِم ِّ‬
‫‪5-5‬ق َّل ُة َّ‬
‫الناس ال َمن َي ِ‬
‫عتز ُلهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حتاجها َمن ُيخال ُط َ‬
‫فالمدارا ُة إنما َي ُ‬ ‫ِ‬
‫الناس؛ ُ‬ ‫الع ُ‬
‫زلة عن‬ ‫‪ُ 6-6‬‬

‫((( ((شرح صحيح البخاري)) البن َّ‬


‫بطال (‪.)295/7‬‬
‫((( ((سراج الملوك)) ألبي بكر الطرطوشي (‪.)148/1‬‬
‫((( ((بدائع السلك في طبائع الملك)) البن األزرق (‪.)326/1‬‬
‫‪226‬‬
‫ُةارادُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫اكتساب ِص َف ِة املُدارا ِة(((‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫بخ ِ‬
‫والرحمة‪.‬‬ ‫فق‬ ‫الص ِبر ِّ‬
‫لق َّ‬ ‫‪1-1‬ال َّتح ِّلي ُ‬
‫للمصالح المتر ِّت ِبة على الم ِ‬
‫داراة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ظر‬
‫‪2-2‬ال َّن ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ومعرفة طبائ ِع‬ ‫‪َ 3-3‬ف ُ‬
‫هم الواق ِع‬
‫‪4-4‬احتساب األج ِر في َد ِ‬
‫عوة الخ ْل ِق‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫ِشع ٌر يف املُدارا ِة‪:‬‬


‫الخطابي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫قال أحمدُ‬
‫ِ‬
‫ـــداراة‬ ‫الم‬ ‫فإنَّمـــا أنـــت فـــي ِ‬ ‫النـــاس ك َّلهم‬ ‫ما د ْم َت ح ًّيـــا ِ‬
‫دار ُ‬ ‫َ‬ ‫فدار‬
‫ِ (((‬
‫نديمـــا للنَّدَ امـــات‬ ‫ٍ‬
‫قليـــل ً‬ ‫عما‬
‫َّ‬ ‫دارى و َمن لم َيدْ ِر َسـوف ُيرى‬
‫َمن َيدْ ِر َ‬

‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)453/10‬‬


‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)54/1‬‬
‫‪227‬‬
‫ُةءو رُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫مروء ُة‬
‫ال ُ‬

‫معنى املُروء ِة‪:‬‬


‫ِ‬
‫حاسن‬ ‫الوقوف ِعندَ َم‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان على‬ ‫حم ُل ُمراعا ُتها‬ ‫المروء ُة ُلغ ًة‪ :‬آداب َنفساني ٌة َت ِ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫بالمرو َء ِة‬
‫ف ُ‬ ‫وص َ‬ ‫الن َت َم َّر َأ بالقو ِم‪ ،‬أي‪َ :‬سعى ْ‬
‫أن ُي َ‬
‫ِ‬
‫العادات‪ .‬و ُف ٌ‬ ‫ِ‬
‫وجميل‬ ‫ِ‬
‫األخالق‪،‬‬
‫ِ‬
‫بإكرامهم أو بن ْق ِصهم َ‬
‫وع ْيبِهم(((‪.‬‬
‫ظهر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫األحوال إلى ْ‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬مراعا ُة‬ ‫المروء ُة‬
‫تكون على أفضلها‪ ،‬ح َّتى ال َي َ‬ ‫أن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫باستحقاق(((‪.‬‬ ‫ذم‬ ‫منها قبيح عن ٍ‬
‫توج َه إليها ٌّ‬
‫قصد‪ ،‬وال َي َّ‬
‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫قل(((‪:‬‬ ‫الفرق بني املُروء ِة وال ُف َّ‬
‫تو ِة وال َع ِ‬ ‫ُ‬
‫فالمروء ُة هي ما َيتخ َّل ُق به‬ ‫الف ِ‬ ‫ِ‬
‫َص به‬
‫مما َيخت ُّ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان َّ‬ ‫توة؛ ُ‬ ‫أعم من ُ َّ‬ ‫المروء ُة ُّ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ويكون ُمتعدِّ ًيا إلى‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫تو ُة ما َيتخ َّل ُق به‬
‫الف َّ‬ ‫في ذاتِه أو َيتعدَّ ى إلى ِ‬
‫غيره‪ْ ،‬بينما ُ‬
‫باألجم ِل‪.‬‬
‫َ‬ ‫يأم ُر باألن َفعِ‪ُ ،‬‬
‫والمرو َء ُة ُ‬
‫تأم ُر‬ ‫قل ُ‬‫والع ُ‬
‫غيره‪َ .‬‬‫ِ‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫واحلث على املُروء ِة ِمن‬
‫ُّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﮊ [األعراف‪:‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫‪.]199‬‬

‫دروسا في‬
‫ً‬ ‫يع ُظ ابنَه و ُيعطِيه‬
‫قمان وهو ِ‬ ‫الله َتبارك وتعالى ‪-‬على لِ ِ‬
‫سان ُل َ‬ ‫ ‪-‬قال ُ َ‬
‫روءة‪ :-‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬ ‫القي ِم‪ ،‬ومعالم في الم ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫((( ((المخصص)) البن سيده (‪(( ،)245/1‬المصباح المنير)) (‪(( ،)569/2‬تاج العروس))‬
‫للزبيدي (‪(( ،)427/1‬المعجم الوسيط)) (‪.)860/2‬‬ ‫َّ‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) (ص‪.)325 :‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) (ص‪(( ،)325 :‬مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)340/ 2‬‬
‫‪228‬‬
‫ُةءو رُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ‬
‫ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ [لقمان‪.]19 -17 :‬‬

‫الله عليه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬‫رض َي ُ‬‫سعد ِ‬‫بن ٍ‬‫هل ِ‬‫ ‪-‬عن َس ِ‬
‫كر ُه‬ ‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬و َي َ‬ ‫معالي‬
‫َ‬ ‫الكرما َء‪ ،‬و ُي ِح ُّب‬
‫كريم ُي ِح ُّب ُ‬
‫وجل ٌ‬‫َّ‬ ‫عز‬ ‫وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫((إن الل َه َّ‬
‫َس ْفسا َفها))(((‪.‬‬

‫لف والعلما ِء يف املُروء ِة‪:‬‬


‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫الهوى)(((‪.‬‬ ‫هوات‪ِ ،‬‬
‫وع ُ‬ ‫ِ‬ ‫(المرو َء ُة َت ْر ُك َّ‬ ‫عاو ُية ِ‬
‫ ‪-‬قال ُم ِ‬
‫صيان َ‬ ‫الش‬ ‫الله عنه‪ُ :‬‬
‫رض َي ُ‬

‫جل َضي َف ُه كما خدَ َم ُهم‬


‫الر ِ‬ ‫روءة‪ِ :‬خ ُ‬
‫دمة َّ‬
‫(من َتما ِم الم ِ‬
‫ُ‬
‫سين‪ِ :‬‬
‫الح ِ‬
‫بن ُ‬ ‫علي ُ‬
‫ ‪-‬وقال ُّ‬
‫وأه ِله)(((‪.‬‬ ‫ُ ِ‬
‫الخليل ب َن ْفسه ْ‬ ‫إبراهيم‬
‫ُ‬ ‫أبو َنا‬

‫أقسا ُم املُروء ِة‪:‬‬


‫عمال ما ُي ِح ُّب ُ‬
‫الله والمسلمون‬ ‫عال‪ .‬واستِ ُ‬ ‫سلمون ِمن ِ‬
‫الف ِ‬ ‫الله والم ِ‬
‫كر ُه ُ ُ‬‫ناب ما َي َ‬
‫ِ‬
‫اجت ُ‬
‫الخ ِ‬
‫صال‪.‬‬ ‫ِمن ِ‬

‫ُ‬
‫شروط املُروء ِة‪:‬‬
‫ف [أي‪ :‬و َتتر َّف َع] عن اآلثا ِم‪،‬‬ ‫أن َت ِع َّف عن الحرا ِم‪ ،‬و َتتص َّل َ‬ ‫شرائط الم ِ‬
‫روءة‪ْ :‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫يل‬ ‫ستح ُّق‪ ،‬وال َتستطِ َ‬
‫الظل ِم‪ ،‬وال َتطمع فيما ال َت ِ‬
‫َ َ‬ ‫وتك َّف عن ُّ‬ ‫الحك ِم‪ُ ،‬‬
‫ف في ُ‬ ‫نص َ‬‫و ُت ِ‬
‫عيف‪ ،‬وال ُتؤثِر َدنِيا على َش ٍ‬ ‫ين قويا على َض ٍ‬ ‫ِ‬ ‫على َمن َت ِ‬
‫ريف‪ ،‬وال ُت َس َّر‬ ‫َ ًّ‬ ‫ستر ُّق‪ ،‬وال ُتع َ ًّ‬

‫((( أخرجه الطبراني (‪ ،)5928( )181/6‬والحاكم في ((المستدرك)) (‪.)151‬‬


‫صححه األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)1801‬‬
‫((( ((غذاء األلباب)) للسفاريني (‪.)457/2‬‬
‫((( ((غذاء األلباب في شرح منظومة اآلداب)) (‪.)151/2‬‬
‫‪229‬‬
‫ُةءو رُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫واالسم(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫كر‬ ‫فع َل ما ُيق ِّب ُح ِّ‬
‫الذ َ‬ ‫واإلثم‪ ،‬وال َت َ‬
‫َ‬ ‫زر‬ ‫ما ُي ْع ِق ُب ِ‬
‫الو َ‬

‫واجتناب ما َي ِر ُمها‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الت ِّ‬
‫حلي باملُروء ِة‬ ‫فوائ ُد َّ‬
‫المتنافِسون(((‪.‬‬ ‫والس ِبق إليه ْ‬
‫وإن ك ُث َر عليه ُ‬ ‫ِ‬
‫المطلوب العالي‪َّ ،‬‬ ‫‪ٌ 1-1‬‬
‫سبيل إلى َن ِ‬
‫يل‬

‫هجتِه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مما َي ِزيدُ في ماء ْ‬
‫الوجه و َب َ‬ ‫‪2-2‬ال َّتح ِّلي بها َّ‬

‫لح ُقها ندَ ٌم؛ فهي ُج َّن ٌة‬ ‫ٍ‬ ‫ألم‪ِّ ،‬‬ ‫كل َّ ٍ‬
‫المر َء عن ِّ‬
‫وكل َشهوة َي َ‬ ‫لذة َيت َب ُعها ٌ‬ ‫‪َ 3-3‬ت ُ‬
‫حج ُز ْ‬
‫هل ِ‬
‫كة‪.‬‬ ‫هوات الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذائذ المحر ِ‬
‫مة‪َّ ،‬‬
‫والش‬ ‫عن ال َّل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫دق؛ أل َّنها قد َتمن َُع ِمن فِ ِ‬
‫عل ما‬ ‫الص ِ‬
‫باعثة على ِّ‬‫ب‪ٌ ،‬‬ ‫مانعة ِمن ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫‪4-4‬المروء ُة‬
‫ستك َر ًها‪َ ،‬فأولى ِمن فِ ِ‬
‫عل ما كان ُمستق َب ًحا(((‪.‬‬ ‫كان ُم ْ‬

‫سواء في ذلك َمن كان دو َنه‪ ،‬أو‬ ‫جل لجمي ِع الخ ْل ِق‪،‬‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ٌ 5-5‬‬
‫ٌ‬ ‫داعية إلى إنصاف َّ‬
‫فر ُق ْبين هؤالء وهؤالء‪.‬‬
‫َمن كان فو َقه‪ ،‬ال ُي ِّ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪ ،‬وعدَ ِم‬ ‫ِ‬
‫والمنافسة في َخ ِ‬
‫يري الدُّ نيا‬ ‫لو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ٌ 6-6‬‬
‫والع ِّ‬
‫الرفعة ُ‬ ‫داعية إلى ِّ‬
‫ِ‬
‫الشيء َّإل بأعال ُه وغايتِه‪.‬‬ ‫الرضا ِمن‬
‫ِّ‬
‫ومح َّقراتِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األمور ُ‬
‫ِ‬
‫فاسف‬ ‫‪َ 7-7‬ت ِ‬
‫حم ُل صاح َبها على ال َّتر ُّف ِع عن َس‬

‫ور املُروء ِة ِ‬
‫وآدابها(((‪:‬‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫ِ‬
‫العبارة‪،‬‬ ‫واضح‬ ‫ِ‬
‫البيان‪،‬‬ ‫َ‬
‫ويكون َح َس َن‬ ‫يكون ذا أ َن ٍاة و ُتؤ َد ٍة في َك ِ‬
‫المه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ ‪ْ -‬‬
‫أن‬
‫َ‬

‫((( ((تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخالق الملك)) للماوردي (ص‪.)29 :‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)327 :‬‬
‫((( ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) للماوردي (‪.)372/4‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) البن قيم الجوزية (ص‪.)272 :‬‬
‫((( ((المرو َءة ومظاهرها الصادقة)) لمحمد الخضر حسين‪ ،‬بتصرف‪ً .‬‬
‫نقل عن كتاب ((المرو َءة‬
‫الغائبة)) لمحمد إبراهيم (ص‪ - )123 -120 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫ُةءو رُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫أطايب الث ِ‬
‫َّمر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحديث كما َي ْنتقي‬ ‫أطايب‬ ‫ف والتقع ِر‪ ،‬ي ِ‬
‫نتقي‬ ‫بعيدً ا عن ال َّتك ُّل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ‬
‫َ‬
‫موقف‬ ‫وأن ِيق َ‬
‫ف‬ ‫الفر ِح‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغضب أو َدهشة َ‬
‫أن يضبِ َط ن ْفسه عن هي ِ‬
‫جان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ ‪َ ْ -‬‬
‫والض َّر ِاء‪.‬‬
‫الس َّر ِاء َّ‬ ‫ِ‬
‫االعتدال في حا َل ِي َّ‬
‫راحة والتر ُّف ِع عن الموار ِبة والمجام ِ‬
‫لة والن ِ‬ ‫أن يتح َّلى بالص ِ‬
‫ِّفاق‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ ‪َ ْ -‬‬

‫صفة املُروء ِة (خوار ُم املُروء ِة)‪:‬‬


‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫الفساد فيه)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬الخ َب ُل في الع ْق ِل (أي‪:‬‬
‫قصان الدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ 2-2‬ن‬
‫ِ‬
‫الحياء‪.‬‬ ‫‪3-3‬ق َّل ُة‬

‫اكتساب املُروء ِة‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫مو بالن ْف ِ‬ ‫‪ُ 1-1‬علو ِ ِ‬
‫س وال َّترقي بها إلى المعالي‪.‬‬ ‫اله َّمة‪ ،‬وال َّتط ُّل ُع إلى ُّ‬
‫الس ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫العالية؛ ﮋ ﯢ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫ُ‬
‫سابقة‬ ‫وم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المروءات‪ُ ،‬‬
‫أصحاب ُ‬ ‫نافسة‬ ‫‪ُ 2-2‬م‬

‫ﯣ ﯤ ﯥ ﮊ [المطففين‪.]26 :‬‬
‫س واستعفا ُفها‪ ،‬ونزاه ُتها ِ‬
‫وصيان ُتها‪.‬‬ ‫رف الن ْف ِ‬
‫‪َ 3-3‬ش ُ‬
‫ِ‬ ‫خير ُم ِع ٍ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫روءات‪.‬‬ ‫ين على ُبلو ِغ ُ‬
‫الم‬ ‫الصالح ُ‬
‫ُ‬ ‫المال‬

‫وشع ٌر عن املُروء ِة‪:‬‬


‫أقوال ِ‬
‫غير ٍ‬
‫مال‪:‬‬ ‫كر ُم على ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬قال صاحب َكليل َة ِ‬
‫ود ْمن َة‪َّ :‬‬
‫المروءة قد ُي َ‬‫الرجل ذا ُ‬ ‫(إن‬ ‫ُ‬
‫كثير‬ ‫والغني الذي ال ُمروء َة له ُي ُ‬
‫هان ْ‬ ‫وإن كان ً‬ ‫ِ‬
‫كاألسد الذي ُيهاب ْ‬
‫وإن كان َ‬ ‫َّ‬ ‫رابضا‪،‬‬
‫ِ‬
‫بالذهب)(((‪.‬‬ ‫وخ ْل ِ‬
‫خ َل‬ ‫وإن ُط ِّو َق ُ‬ ‫ِ‬
‫كالكلب ال ُيح َفل به‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫المال‪:‬‬

‫((( ((كليلة ودمنة)) البن المقفع (ص‪.)193 :‬‬


‫‪231‬‬
‫ُةءو رُملا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ ‪-‬قال الشاعر‪:‬‬
‫(((‬ ‫ِ‬
‫األدب الحيا َء فقد ك ََمل‬ ‫وحوى مـع‬
‫َ‬ ‫المـــروء َة والتُّقى‬ ‫وإذا ال َفتـــى َ‬
‫جم َع ُ‬

‫((( ((المروءة)) البن المرزبان (ص‪.)51 :‬‬


‫‪232‬‬
‫ُحازُم ال‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫المُزاحُ‬

‫املزاح‪:‬‬
‫معنى ِ‬
‫ِ‬ ‫نقيض ِ‬
‫الجدِّ ؛ َمزَ َح َي ْمزَ ُح َم ْز ًحا وم ً‬
‫زاحا‬ ‫ُ‬ ‫عابة‪ ،‬وهو‬ ‫زاح ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫الم ْز ُح‪ :‬الدُّ ُ‬ ‫الم ُ‬
‫ُ‬
‫ومزاح ًة(((‪.‬‬
‫زاحا ُ‬
‫وم ً‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫واالستعطاف َ‬ ‫لط ِ‬
‫الغير على ِج َه ِة ال َّت ُّ‬
‫طة إلى ِ‬
‫باس ُ‬
‫دون‬ ‫ف‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬‬
‫الم َ‬ ‫ً‬ ‫المزاح‬
‫ُ‬
‫أذ َّي ٍة(((‪.‬‬
‫ون(((‪:‬‬ ‫الفرق بني املُزاح ْ‬
‫واهلز ِل ُ‬ ‫ُ‬
‫وامل ِ‬ ‫ِ‬
‫والمزاح ال ي ْقتضي‬
‫َ‬ ‫لمن َي ِ‬
‫هز ُل ْبين يدَ ْيه‪،‬‬ ‫الهازل َ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تواض َع‬ ‫َ‬
‫الهزل َي ْقتضي‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫ِ‬
‫الحياء‪.‬‬ ‫الوج ِه وق َّل ُة‬ ‫ُ‬ ‫والم َ‬
‫صالبة ْ‬ ‫جون هو‬ ‫ذلك‪ُ .‬‬
‫املزاح‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث الواردة يف ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنهما قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫عمر َر َ‬
‫ابن َ‬
‫((إ ِّني َلمزَ ُح‪ ،‬وال ُ‬
‫أقول َّإل ح ًّقا))(((‪.‬‬

‫بي َص َّلى ُ‬
‫الله عليه‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ْ :‬‬ ‫ٍ‬
‫مالك ِ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬عن ِ‬
‫((إن كان ال َّن ُّ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫بن‬

‫فع َل ال ُّن ُ‬
‫غير؟))(((‪ ،‬وفيه‬ ‫صغير‪ :‬يا أبا ُع ٍ‬
‫مير‪ ،‬ما َ‬ ‫ٍ‬ ‫وس َّل َم َل ُيخالِ ُطنا‪ ،‬ح َّتى َ‬
‫يقول ألخٍ لي‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)593/2‬تاج العروس)) للزبيدي (‪.)117/7‬‬
‫((( ((تاج العروس)) للزبيدي (‪.)117/7‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)254 :‬التيسير بشرح الجامع الصغير)) للمناوي (‪.)367/1‬‬
‫حسن إسناده الهيثمي في ((مجمع الزوائد))‬
‫((( أخرجه الطبراني في ((المعجم الصغير)) (‪َّ .)779‬‬
‫وصحح الحديث األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)2494‬‬
‫َّ‬ ‫(‪،)92/8‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6129‬ومسلم (‪.)2510‬‬
‫‪233‬‬
‫ُحازُم ال‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫جواز الم َ ِ‬
‫المز ِح(((‪.‬‬ ‫مازحة و َت ُ‬
‫كرير ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫املزاح(((‪:‬‬ ‫ُ‬
‫لف وال ُعلما ِء يف ِ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله عليه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪(( :‬مزَ َح‬ ‫الله عنه‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬كان العباس ِ‬
‫َّ ُ‬
‫وس َّل َم‪ ،‬فصار ْ‬
‫المز ُح ُس َّن ًة))‪.‬‬
‫فيان ِ‬ ‫ِ‬
‫فيمن‬ ‫الش َ‬
‫أن َ‬ ‫ولكن َّ‬
‫َّ‬ ‫بل ُس َّن ٌة‪،‬‬
‫زاح ُه ْج ٌنة؟ فقال‪ْ :‬‬ ‫بن ُعيين َة‪ُ :‬‬
‫(الم ُ‬ ‫لس َ‬ ‫ ‪-‬وقيل ُ‬
‫مواضعه)‪.‬‬ ‫ي ِ‬
‫حسنُه و َي َض ُعه‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالمروءة‬ ‫الزبيدي‪( :‬اإلكثار منه والخروج عن الحدِّ م ِ‬
‫خ ٌّل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المرتضى َّ ُّ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ِ‬ ‫يرة ال َّن ِ‬‫خ ٌّل بالس ِنة والس ِ‬
‫ضم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والو ِ‬
‫المأمور‬ ‫بوية‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬ ‫بالمرة وال َّت ُّقب ُ ُ‬
‫َّ‬ ‫قار‪ ،‬وال َّت ُّنز ُه عنه‬ ‫َ‬
‫أوس ُطها)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫با ِّت ِ‬
‫األمور َ‬ ‫وخير‬
‫ُ‬ ‫واالقتداء‪،‬‬ ‫باعها‬

‫املزاح(((‪:‬‬
‫أقسا ُم ِ‬
‫المزاح إلى قسمين‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ينقسم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫صلحة‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫المحمود‪ :‬الذي َيفع ُله‬ ‫المزاح‬ ‫القسم األول‪:‬‬
‫المرء على ال ُّندرة؛ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ستحب ٌة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ؤانستِه‪ ،‬وهو ُس ٌنة ُم‬
‫وم َ‬ ‫ب ُ‬ ‫الم َ‬
‫خاط ِ‬ ‫س ُ‬ ‫تط ِي ِ‬
‫يب ن ْف ِ‬ ‫ْ‬

‫ور ُث كثر َة‬ ‫داو ُم عليه؛ فإ َّنه ُي ِ‬ ‫ٌ‬


‫إفراط‪ ،‬و ُي َ‬ ‫المذموم‪ :‬الذي فيه‬
‫ُ‬ ‫المزاح‬
‫ُ‬ ‫القسم ال َّثاني‪:‬‬
‫ُ‬
‫ول‬ ‫ين‪ ،‬و َيؤُ ُ‬
‫ات الدِّ ِ‬ ‫كر في م ِهم ِ‬ ‫الله ِ‬
‫والف ِ‬ ‫كر ِ‬‫شغ ُل عن ِذ ِ‬ ‫ِ‬
‫القلب‪ ،‬و َي َ‬ ‫الض ِح ِك وقسو َة‬‫َّ‬
‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليذاء‪ ،‬و ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫كثير ِمن‬
‫في ٍ‬
‫قار‪.‬‬ ‫ور ُث األحقا َد‪ ،‬و ُيسق ُط المهاب َة َ‬
‫والو َ‬ ‫األوقات إلى‬

‫املزاح احملمو ِد‪:‬‬ ‫ُ‬


‫ضوابط ِ‬
‫مور الدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫بش ٍ‬
‫يء ِمن ُأ ِ‬ ‫استهزاء َ‬ ‫َ‬
‫يكون فيه‬ ‫‪َّ 1-1‬أل‬
‫ٌ‬

‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)584/10‬‬


‫((( ((اللطائف والظرائف)) للثعالبي (ص‪.)151 :‬‬
‫((( ((تاج العروس)) للزبيدي (‪.)117/7‬‬
‫((( ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (‪.)3061/7‬‬
‫‪234‬‬
‫ُحازُم ال‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫المزاح ُسخري ًة أو استهزا ًء باآلخرين‪.‬‬


‫ُ‬ ‫يتضم َن‬
‫َّ‬ ‫‪َّ 2-2‬أل‬

‫الكذ َب ِمن ِ‬
‫أجل‬ ‫دخ ُل المازح فيه ِ‬
‫ُ‬
‫بصدْ ٍق‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ُ‬
‫يكون هذا المزاح ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬‫‪ْ 3-3‬‬
‫ِ‬
‫إضحاك َمن حو َله‪.‬‬

‫ِ‬
‫المزاح معه‪.‬‬ ‫بقص ِد‬
‫خص ْ‬‫ِ‬ ‫الش‬ ‫ضرر على َ‬
‫اآلخرين؛ كتَروي ِع َّ‬ ‫‪َّ 4-4‬أل َيترت َ‬
‫َّب عليه ٌ‬

‫فوائ ُد ِ‬
‫املزاح احملمو ِد‪:‬‬
‫الناس‪ ،‬وي ِ‬
‫كس ُبه ُو َّد ُهم‪ ،‬و َيجع ُله مرغو ًبا َمحبو ًبا‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫الشخص إلى‬
‫َ‬ ‫‪ُ 1-1‬يح ِّب ُب‬
‫الس ِ‬
‫رور عليهم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وإدخال ُّ‬ ‫ِ‬
‫األصحاب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ؤانسة‬ ‫‪ُ 2-2‬م‬

‫والسأ ِم عنها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫خفيف عن الن ْف ِ‬


‫ُ‬
‫الماللة َّ‬
‫وإبعاد َ‬
‫ُ‬ ‫س‪،‬‬ ‫‪3-3‬ال َّت‬

‫لف‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫مناذج يف املزاح ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪،‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫تحم َل‬ ‫((أن ً‬
‫مالك‪َّ :‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫‪1-1‬عن ِ‬
‫اس َ‬‫رجل ْ‬
‫ِ‬
‫الناقة؟‬ ‫الله‪ ،‬ما أصنَع بو ِ‬
‫لد‬ ‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫الناقة‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬ ‫حام ُلك على و َل ِد‬
‫فقال‪ :‬إ ِّني ِ‬
‫ُ َ‬
‫اإلبل َّإل ال ُّن َ‬
‫وق؟))(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وهل ِتلدُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ْ :‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقال‬

‫الله عليه وس َّل َم‬


‫بي َص َّلى ُ‬ ‫عبد ِ‬
‫بن ِ‬ ‫‪2-2‬عن ِ‬
‫بكر ِ‬
‫أصحاب ال َّن ِّ‬
‫ُ‬ ‫الله‪ ،‬قال‪( :‬كان‬
‫الر َ‬
‫جال)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الحقائق كانوا هم ِّ‬ ‫َيتبا َد ُحون بالبِ ِّط ِ‬
‫يخ‪ ،‬فإذا كانت‬

‫ص علينا َّإل أبكا َنا‬ ‫بن ُج ٍ‬


‫بير ال َي ُق ُّ‬ ‫السائب‪( :‬كان سعيدُ ُ‬‫ِ‬ ‫بن‬
‫عطاء ُ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬قال‬
‫بم ْز ِحه)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يقوم من َمجلسنا ح َّتى ُيضح َكنا َ‬
‫ِ‬
‫َبوعظه‪ ،‬وال ُ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4998‬والترمذي (‪ )1991‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪.)13817‬‬


‫وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)1991‬‬
‫َّ‬ ‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح غريب‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري في ((األدب المفرد)) (‪.)266‬‬
‫صححه األلباني في ((صحيح األدب المفرد)) (‪.)201‬‬‫َّ‬
‫((( ((اللطائف والظرائف)) للثعالبي (ص‪.)151 :‬‬
‫‪235‬‬
‫ُحازُم ال‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫مجاهد‪:‬‬ ‫ذم المزاحِ ‪ :‬ما روا ُه ُ‬
‫بعضهم عن‬ ‫ور التي ُتب ِّين َّ‬ ‫ومما ُأث َر عنهم من ُّ‬
‫الص ِ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬
‫ٍ‬
‫ماز َح صدي ًقا له بكلمة‪ ،‬فت َ‬
‫َهاجرا ح َّتى ما َتا)(((‪.‬‬ ‫(أ َّنه َ‬

‫ِشع ٌر يف املزاح ‪:‬‬


‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫قال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ام َزح ِ‬
‫ـــوء األ َد ْب‬ ‫ُضاف به إلى ُس‬
‫ُ‬ ‫َم ْز ًحـــا ت‬ ‫ب‬‫قـــدار ال َّطالقـــة واجتَن ْ‬ ‫بم‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫مازحتَـــه‬ ‫أحـــدً ا إذا‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫الغضب‬
‫ْ‬ ‫مـــة‬ ‫زاح على ُمقدِّ‬
‫الم َ‬
‫إن ُ‬ ‫ْ‬ ‫ال تُغض َبـــ ْن َ‬

‫((( ((األمثال)) البن سالم (ص‪.)85 :‬‬


‫((( ((غرر الخصائص الواضحة)) للوطواط (ص‪.)239 ،238 :‬‬
‫‪236‬‬
‫ا‬
‫لبُّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ُ‬
‫النُّبل‬

‫بل‪:‬‬ ‫معنى ُّ‬


‫الن ِ‬
‫ِ‬
‫الحاذق‪ ،‬وهو‬ ‫جابة‪ ،‬وال َّن ُ‬
‫بيل‪ :‬العاقل‪ ،‬أو‬ ‫كاء وال َّن ُ‬ ‫بل ُلغ ًة‪ :‬ال ُّن ْب ُل َّ‬
‫بالض ِّم‪َّ :‬‬ ‫ال ُّن ُ‬
‫الذ ُ‬
‫مور(((‪.‬‬ ‫بإصالح ِعظا ِم ُ‬
‫األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقيل‪ٌ :‬‬
‫رفيق‬ ‫الر ْأ ِي‪ ،‬أي‪ :‬ج ِّيدُ ه‪َ ،‬‬ ‫َن ُ‬
‫بيل َّ‬
‫ِ‬
‫والفضل‬ ‫جابة في ذاتِه‪،‬‬ ‫بالذ ِ‬
‫كاء وال َّن ِ‬ ‫لق حميدٌ يتح َّلى صاح ُبه َّ‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬خ ٌ‬ ‫ال ُّن ُ‬
‫بل‬
‫ً‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫عام ِله مع‬ ‫والر ِ‬
‫ِ‬
‫والعمل(((‪.‬‬ ‫أي‬ ‫الناس‪ ،‬مع ح ْذق في َّ‬
‫الر ِ‬ ‫فق في َت ُ‬ ‫ِّ‬
‫بل‪:‬‬ ‫لف والعلما ِء يف ُّ‬
‫الن ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫رأ ْيتَه ِه ْبتَه‪ ،‬وإذا غاب عنك‬
‫بيل؟ هو الذي إذا َ‬
‫عاوية‪( :‬أتدْ ري َمن ال َّن ُ‬
‫ ‪-‬قال ُم ُ‬
‫ْاغ ْتبتَه)(((‪.‬‬
‫بل؛ فقال‪( :‬مؤاخا ُة َ ِ‬
‫الله عنه عن ال ُّن ِ‬ ‫ ‪ُ -‬س ِئ َل ُم ُ‬
‫عاوية ِ‬
‫األ ْكفاء‪ُ ،‬‬
‫ومداجا ُة‬ ‫ُ‬ ‫رض َي ُ‬
‫ِ‬
‫األعداء)(((‪.‬‬
‫بل لم َي ُض َّرك ال َّت ُّبذ ُل‪ ،‬ومتى لم‬ ‫كنت ِمن ِ‬
‫أهل ال ُّن ِ‬ ‫الجاحظ‪( :‬ومتى َ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫نفعك ال َّت ُّنب ُل)(((‪.‬‬ ‫تكن ِمن ْ ِ‬
‫أهله لم َي ْ‬ ‫ْ‬
‫بل‪:‬‬ ‫فوائ ُد ُّ‬
‫الن ِ‬
‫بل أه ُله َيعيشون ِكرا ًما‪ ،‬و َيموتون ِكرا ًما‪.‬‬
‫‪1-1‬ال ُّن ُ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)640/11‬‬


‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة من المؤلفين (‪.)3471/8‬‬
‫((( ((الرسائل األدبية)) للجاحظ (ص‪.)133 :‬‬
‫((( ((المروءة)) البن المرزبان (ص‪.)42 :‬‬
‫((( ((الرسائل األدبية)) للجاحظ (ص‪.)133 :‬‬
‫‪237‬‬
‫ا‬
‫لبُّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫الفاضلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫بل ِمن مكار ِم‬
‫‪2-2‬ال ُّن ُ‬
‫ظماء والح ِ‬
‫كماء‪.‬‬ ‫فات الع ِ‬
‫بل ِمن ِص ِ‬
‫‪3-3‬ال ُّن ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وش ِ‬
‫رف الن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫اله َّم ِة َ‬
‫لو ِ‬ ‫ٌ‬ ‫‪4-4‬ال ُّن ُ‬
‫عالمة على ُع ِّ‬ ‫بل‬

‫والص ِبر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬ال ُّن ُ‬


‫الحسنة‪ ،‬كالحل ِم َّ‬ ‫األخالق‬ ‫تتفر ُع عنه‬
‫بل َّ‬
‫الحذ ِق في ال َّت ُ‬
‫عام ِل‪.‬‬ ‫‪6-6‬ال ُّن ُ‬
‫بل ُيؤ ِّدي إلى ْ‬

‫بل‪:‬‬ ‫اكتساب ُّ‬


‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫كب ُر وال َّتعالي على الخ ْل ِق‪.‬‬
‫‪1-1‬ال َّت ُّ‬
‫الخ ِ‬
‫لق‪.‬‬ ‫وء ُ‬ ‫‪2-2‬الدَّ ناء ُة ُ‬
‫وس ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫‪ُ 3-3‬ظ ُ‬
‫لم‬

‫خل ُّ‬
‫والش ُّح‪.‬‬ ‫‪4-4‬ال ُب ُ‬
‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫قصان ِ‬ ‫وء ال َّت ِ‬
‫األمور‪.‬‬ ‫كمة في‬ ‫ُ‬ ‫فكير‪ ،‬و ُن‬ ‫وس ُ‬
‫مق ُ‬ ‫التعج ُل ُ‬
‫والح ُ‬ ‫ ‪ُّ -‬‬
‫بل‪:‬‬ ‫اكتساب ُّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫تواضعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫يكون ُم‬ ‫‪ْ 1-1‬‬
‫أن‬

‫حليما‪.‬‬
‫ً‬ ‫صابرا‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫يكون‬ ‫‪ْ 2-2‬‬
‫أن‬

‫كريما‪.‬‬ ‫َ ِ‬ ‫‪ْ 3-3‬‬


‫يكون سخ ًّيا ً‬ ‫أن‬
‫ِ‬
‫األمور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سفاسف‬ ‫يكون ُمتر ِّف ًعا عن‬
‫َ‬ ‫‪ْ 4-4‬‬
‫أن‬

‫لف‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫الصحابة َّ‬
‫ِ‬ ‫بل ِمن‬ ‫مناذج ُّ‬
‫للن ِ‬ ‫ُ‬
‫رجل؛ أل ِّني ال ُأشاتِ ُم‬
‫كنت ً‬ ‫مذ ُ‬ ‫رجل ْ‬ ‫ِ‬
‫العاص‪( :‬ما شا َت ْم ُت ً‬ ‫‪1-1‬قال سعيدُ ُ‬
‫بن‬
‫وإما َل ٌ‬
‫ئيم‪ ،‬فأنا أولى َمن ر َف َع‬ ‫احتم َل ُه‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أحق َمن‬‫كريم‪ ،‬فأنا ُّ‬ ‫ِ‬
‫رجلين‪َّ :‬إما ٌ‬ ‫َّإل أحدَ‬

‫‪238‬‬
‫ا‬
‫لبُّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ن ْف َسه عنه)(((‪.‬‬

‫قلت‪ :‬ما أنت فيه‬ ‫ِ‬


‫المراتب؟ ُ‬ ‫الرشيدُ ‪ :‬ما أن َب ُل‬ ‫بن ْأك َ‬
‫ثم‪( :‬قال َّ‬ ‫‪2-2‬قال يحيى ُ‬
‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬لكنِّي ِ‬
‫أعر ُفه؛‬ ‫أجل منِّي؟ ُ‬ ‫َعر ُف َّ‬‫المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬فت ِ‬
‫َ‬ ‫أمير‬
‫يا َ‬
‫أمير‬ ‫سول ِ‬ ‫فالن‪ ،‬عن َر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪ :‬حدَّ َثنا ٌ‬ ‫في ح ْل ٍ‬
‫قلت‪ :‬يا َ‬ ‫الله‪ .‬قال‪ُ :‬‬ ‫فالن‪ ،‬عن‬ ‫قة‬
‫عه ِد المؤمنين؟! قال‪:‬‬ ‫وولي ْ‬
‫ُّ‬
‫رسول ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫عم‬
‫ابن ِّ‬ ‫خير منك وأنت ُ‬ ‫المؤمنين‪ ،‬أهذا ٌ‬
‫يموت أبدً ا‬ ‫رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬ ‫اسمه ُم ِ‬
‫قتر ٌن باس ِم‬ ‫خير منِّي؛ َّ‬
‫ُ‬ ‫ألن َ‬ ‫نعم‪ ،‬ويلك! هذا ٌ‬ ‫ْ‬
‫هر)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نموت‪ ،‬ون ْفنى‬
‫باقون ما بق َي الدَّ ُ‬ ‫والعلماء‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونحن‬

‫حديث ِمن ج ِّي ِد حديثِه‪ ،‬وكان فيه‬


‫ٍ‬ ‫‪3-3‬وكان أبو عاص ٍم ال َّنبيل يح َف ُظ قدْ ر ِ‬
‫ألف‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نظرون إليه‪،‬‬‫الناس َي ُ‬ ‫فيل ِ‬
‫قد َم البصر َة‪َ ،‬‬ ‫ألن ً‬
‫بيل؛ َّ‬ ‫مزاح‪ ،‬و ُيقال‪ :‬إ َّنما ِقيل له‪ :‬ال َّن ُ‬
‫فذه َب ُ‬ ‫ٌ‬
‫أجدُ منك ِع َو ًضا‪ ،‬قال‪ :‬أنت ٌ‬
‫نبيل(((‪.‬‬ ‫ابن جريجٍ ‪ :‬ما لك ال َتنظر؟ قال‪ :‬ال ِ‬
‫ُ‬ ‫فقال له ُ‬

‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)18/2‬‬


‫((( ((مفتاح دار السعادة)) البن القيم (‪.)170/1‬‬
‫((( ((سير أعالم النبالء)) للذهبي (‪.)482/9‬‬
‫‪239‬‬
‫ةهازَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫النَّزاه ُة‬

‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫معنى َّ‬
‫الخ ُل ِق‬ ‫النزاه ُة ُلغ ًة‪ :‬البعدُ عن الس ِ‬
‫وء؛ َن ُز َه َنزاه ًة و َتن ََّز َه تن َُّز ًها‪ :‬إذا َب ُعدَ ‪ ،‬و َن ْز ُه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫البيوت بن ْف ِسه وال‬
‫َ‬ ‫وحدَ ُه وال ُيخالِ ُط‬ ‫تك ِّر ٌم َي ُح ُّل ْ‬‫عفيف ُم َ‬
‫ٌ‬ ‫و َن ِز ُه ُه ِ‬
‫وناز ُه ال َّن ْف ِ‬
‫س‪:‬‬
‫القبيح‪َ :‬ن َّحاها(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مالِه‪ .‬و َن َّز َه ن ْف َسه عن‬
‫غير م ٍ‬
‫هانة وال ُظل ٍم إلى ِ‬ ‫ال َّنزاه ُة اصطالحا‪ :‬اكتساب ٍ ِ‬
‫الغير‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّتباعدُ‬ ‫مال من ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِمن الدَّ ِ‬
‫ناءة واألوساخِ (((‪.‬‬

‫زاهة وال ِع َّف ِة‪:‬‬


‫الن ِ‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫رق بني َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫المحظور‪ ،‬وال َّنزاه ُة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الع َّف ُة‪:‬‬
‫باح‪ ،‬وفي الع َّفة ٌّ‬
‫ذب‬ ‫الم ِ‬
‫الوقوف عن ُ‬ ‫اإلمساك عن‬
‫فظ للم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫روءة(((‪.‬‬ ‫ين‪ ،‬وفي ال َّنزاهة ح ٌ ُ‬
‫عن الدِّ ِ‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫زاهة يف‬
‫الن ِ‬‫واحلث على َّ‬
‫ُّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ِ‬
‫القلب‪ ،‬وطهار ُة‬ ‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯖ ﯗ ﮊ [المدثر‪ ،]4 :‬وهي َطهار ُة‬
‫والذ ِ‬
‫نوب(((‪.‬‬ ‫ونزاهة ال َّن ْف ِ‬
‫س عن الدَّ نايا واآلثا ِم ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الج ِ‬
‫يب‪،‬‬ ‫َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫َ‬ ‫الله عنهما قال‪ِ :‬‬
‫سم ْع ُت‬ ‫رض َي ُ‬ ‫شير ِ‬ ‫بن َب ٍ‬ ‫ ‪-‬عن ال ُّن ِ‬
‫عمان ِ‬

‫هات ال َيع َل ُمها ٌ‬


‫كثير‬ ‫شب ٌ‬
‫وبينهما ُم َّ‬
‫والحرام ب ِّي ٌن‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫((الحالل ب ِّي ٌن‪،‬‬ ‫عليه وس َّل َم ُ‬
‫يقول‪:‬‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)548/13‬‬


‫((( ((قوت القلوب)) ألبي طالب المكي (‪(( ،)476/2‬التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)240 :‬‬
‫((( ((البصائر والذخائر)) ألبي حيان التوحيدي (‪.)121/5‬‬
‫((( ((االستذكار)) البن عبد البر (‪.)333/1‬‬
‫‪240‬‬
‫ةهازَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫لدينِه ِ‬
‫وع ِ‬ ‫هات استبر َأ ِ‬
‫الناس‪ ،‬فمن اتَّقى المشب ِ‬ ‫ِمن‬
‫طالب له‬
‫ٌ‬ ‫رضه‪ ،((())...‬أي‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ِ َ‬
‫ِ‬
‫البراءة وال َّنزاه َة َّ‬
‫مما ُيد ِّن ُسه و َيش ُ‬
‫ين(((‪.‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى‬ ‫ِ‬ ‫حف ْظ ُت ِمن‬
‫الله عنهما‪ ،‬قال‪ِ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫سن ِ‬
‫الح ِ‬
‫علي َر َ‬
‫بن ٍّ‬ ‫ ‪-‬عن َ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪َ (( :‬د ْع ما َي ِري ُبك إلى ما ال َي ِري ُبك))(((‪.‬‬
‫ُ‬

‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫لف والعلما ِء يف َّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫العزيز‪( :‬إذا كان في القاضي خمس ِخ ٍ‬
‫صال فقد َك َم َل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬قال عمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ُ ُ‬
‫ْ ُ‬
‫ومشاور ُة‬ ‫ِ‬ ‫لم عن َ‬
‫الخص ِم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ونزاهة عن َّ‬
‫ٌ‬ ‫ِع ْل ٌم بما كان ْقب َله‪،‬‬
‫باألئمة‪ُ ،‬‬
‫َّ‬ ‫واقتداء‬
‫ٌ‬ ‫الطمعِ‪ ،‬وح ٌ‬
‫أي)(((‪.‬‬ ‫أهل الع ْل ِم َّ‬
‫والر ِ‬ ‫ِ‬
‫جدة والج ِ‬
‫ود والعدْ ِل‬ ‫ترك ٌبة ِمن ال َّن ِ‬
‫فاضلة ُم ِّ‬
‫ٌ‬ ‫س ِص ٌ‬
‫فة‬ ‫(نزاهة الن ْف ِ‬
‫ُ‬ ‫حز ٍم‪:‬‬
‫ابن ْ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫وال َفهم)(((‪.‬‬
‫ريفة َتط ُلب الصيان َة‪ ،‬و ُتراعي ال َّنزاه َة‪ ،‬و َت ِ‬
‫حتم ُل‬ ‫الش ُ‬‫الماوردي‪( :‬والن ْف ُس َّ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫ُ ِّ‬ ‫ُّ‬
‫ومن ِّ ِ‬ ‫الضر ما احتم َل ْت‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫صو ُنها)(((‪.‬‬ ‫حم ُلها‪ ،‬و َي ُ‬
‫دوم َت ُّ‬ ‫الشدَّ ة ما طا َقت‪ ،‬ف َيبقى َت ُّ‬ ‫من ُّ ِّ‬
‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫أقسا ُم َّ‬
‫زاهة عن المطام ِع الدَّ نِ َّي ِة‪.‬‬
‫ ‪-‬ال َّن ُ‬
‫مواقف الر ِ‬
‫يبة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وال َّن ُ‬
‫زاهة عن‬
‫ِّ‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)52‬ومسلم (‪.)1599‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن رجب (‪.)230-229/1‬‬
‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)2518‬والنسائي (‪.)5711‬‬
‫وصححه ابن الملقن‬
‫َّ‬ ‫وحسنه النووي في ((المجموع)) (‪،)181/1‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪َّ .‬‬
‫في ((شرح البخاري)) (‪ ،)42/14‬واأللباني في ((صحيح سنن النسائي)) (‪.)5711‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)78/1‬‬
‫((( ((رسائل ابن حزم)) (‪.)371/1‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)193 :‬‬
‫‪241‬‬
‫ةهازَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫فوائ ُد َّ‬
‫ومحب ُة‬
‫َّ‬ ‫للعب ِد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫محب ُة الله ْ‬
‫ومن ثِ ِ‬
‫مارها َّ‬
‫لله سبحانه وتعالى‪ِ ،‬‬
‫ُ‬
‫طاعة ِ‬
‫ٌ‬ ‫‪1-1‬ال َّن ُ‬
‫زاهة‬
‫ِ‬
‫الناس له‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبب ِمن‬
‫واالنحراف‪.‬‬ ‫االنزالق‬ ‫س عن‬ ‫أسباب ال َّتقوى‪ ،‬و َتح َف ُظ الن ْف َ‬
‫ِ‬ ‫زاهة ٌ‬ ‫‪2-2‬ال َّن ُ‬
‫ِ‬ ‫لق ي ِ‬
‫ثم ُر أخال ًقا ُأخرى؛‬ ‫‪3-3‬ال َّن ُ‬
‫والورعِ‪.‬‬
‫َ‬ ‫كالقناعة‬ ‫زاهة ُخ ٌ ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪.‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫لق تح َّلى به‬‫بخ ٍ‬ ‫‪4-4‬المتح ِّلي بال َّن ِ‬
‫زاهة يتح َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫ور َّ‬
‫ِمن ُص ِ‬
‫المال المشْ ِ‬
‫بوه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪1-1‬ال َّت ُّنز ُه عن‬
‫يبة؛ من باب ((إ َّنما هي َص ِف َّي ُة ُ‬
‫بنت ُح َي ٍّي))(((‪.‬‬ ‫مواقف الر ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُّنز ُه ِمن‬
‫ِ‬
‫الحالل َمخاف َة الوقو ِع في الحرا ِم‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّنز ُه عن أشيا َء ِمن‬
‫ِ‬
‫القول‪.‬‬ ‫الناس و ُف ِ‬
‫حش‬ ‫ِ‬ ‫‪4-4‬ال َّت ُّنز ُه عن َذ ِّم‬

‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫اكتساب َّ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫مع في الدُّ نيا ونِ ُ‬
‫سيان‬ ‫‪َّ 1-1‬‬
‫الط ُ‬
‫ِ‬ ‫جم ِع‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫األموال‪.‬‬ ‫وس ِع في ْ‬
‫وح ُّب ال َّت ُّ‬
‫الشر ُه ُ‬

‫والذ َّل‪.‬‬ ‫بن؛ أل َّنه ُيو ِّلدُ َ‬


‫المهان َة ُّ‬ ‫الج ُ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫مع‪.‬‬ ‫والش ُّح؛ أل َّنه ُيو ِّلدُ َّ‬
‫الط َ‬ ‫خل ُّ‬‫‪4-4‬ال ُب ُ‬
‫ِ‬
‫هوات‪.‬‬ ‫الش‬ ‫ُ‬
‫االنهماك في َّ‬ ‫‪5-5‬‬

‫زاهة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫اكتساب َّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫عاء‪.‬‬
‫‪1-1‬الدُّ ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2035‬ومسلم (‪.)2175‬‬


‫‪242‬‬
‫ةهازَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الطمعِ‪.‬‬‫القناعة وال ُبعدُ عن َّ‬


‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ود والعدْ ُل‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال َّنجد ُة ُ‬
‫والج ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫الزهدُ َّ‬
‫عما في أيدي‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬
‫والش َر ِه‪.‬‬
‫الطم ِع َّ‬ ‫صاح ِبة ِ‬
‫أهل َّ‬ ‫دم ُم َ‬‫‪َ 5-5‬ع ُ‬

‫والسلف‪:‬‬
‫ِ‬ ‫حابة‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫زاهة ِمن سري ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫للن ِ‬‫مناذج َّ‬
‫ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم قال‪(( :‬إ ِّني‬‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة ِ‬
‫الله عنه‪ ،‬عن ال َّن ِّ‬
‫رض َي ُ‬
‫أخشى‬ ‫فأر َف ُعها ِل ُك َلها‪ ،‬ثم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أهلي‪ ،‬فأجدُ ال َّتمر َة ساقط ًة على فراشي‪ْ ،‬‬
‫َل ِ‬
‫نقل ُب إلى ْ‬
‫تكون َصدق ًة ُفأ ْل ِقيها))(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن‬‫ْ‬

‫أن ُآك َل ِمن مالِكم هذا‪،‬‬ ‫أجدُ ه ِ‬


‫يح ُّل لي ْ‬ ‫الله عنه قال‪( :‬إ َّنه ال ِ‬ ‫ ‪-‬عن عمر ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫َ‬
‫من‪ ،‬قال‪ :‬فكان‬ ‫والس َ‬
‫والخبزَ َّ‬
‫ْ‬ ‫يت‪،‬‬
‫والز َ‬
‫الخبزَ َّ‬
‫لب مالي‪ْ :‬‬ ‫آكل ِمن ُص ِ‬ ‫كنت ُ‬ ‫َّإل كما ُ‬
‫يت‪ ،‬ومما ي ِليه منها سمن‪ ،‬في ِ‬ ‫بالز ِ‬
‫بالج ْف ِنة قد ُصنِ َعت َّ‬
‫عتذ ُر إلى القو ِم‬ ‫ْ ٌ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ر َّبما ُيؤ َتى َ‬
‫يت)(((‪.‬‬ ‫تم ِر ُئ َّ‬
‫الز َ‬ ‫أس ْ‬
‫عربي‪ ،‬ولست ْ‬
‫ٌّ‬ ‫رجل‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪ :‬إ ِّني ٌ‬

‫رز ْق منه شيئًا َّإل‬ ‫العزيز قد ط َّلقَ ن ْفسه عن ال َف ِ‬


‫يء‪ ،‬فلم ُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬كان عمر بن ِ‬
‫عبد‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬إ ِّني ُأ ِريدُ‬
‫ابن أبي زكر َّيا فقال‪ :‬يا َ‬ ‫عطا َءه مع المسلمين‪ ،‬فدَ َخل عليه ُ‬
‫َ‬
‫ثالث‬ ‫العامل ِمن ُع َّمالِك‬
‫َ‬ ‫رز ُق‬ ‫ٍ‬
‫بشيء‪ ،‬قال‪ُ :‬ق ْل‪ ،‬قال‪ :‬قد ب َلغني أ َّنك َت ُ‬ ‫أن ُأك ِّل َمك‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الخيانة‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫أن ُأغنِ َيهم عن‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬ولِ َم ذلك؟ قال‪ :‬أر ْد ُت ْ‬ ‫مائة ِد ٍ‬
‫ِ‬
‫ينار‪ ،‬قال‪ْ :‬‬
‫ابن أبي زكر َّيا‪،‬‬
‫راعه‪ ،‬وقال‪ :‬يا َ‬ ‫فأخ َر َج ِذ َ‬
‫المؤمنين َأولى بذلك‪ ،‬قال‪ْ :‬‬‫َ‬ ‫أمير‬
‫فأنت يا َ‬
‫ولست ُم ِعيدً ا إليه منه شيئًا أبدً ا(((‪.‬‬ ‫إن هذا نب َت ِمن ال َف ِ‬
‫يء‪،‬‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )2432‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1070‬‬


‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (‪.)190‬‬
‫((( ((سيرة عمر بن عبد العزيز)) البن عبد الحكم (‪.)54/15‬‬
‫‪243‬‬
‫ةهازَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عر‪:‬‬ ‫األدب ِّ‬


‫والش ِ‬ ‫واحة ِ‬ ‫الن ُ‬
‫زاهة يف ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الفائدة)(((‪.‬‬ ‫أشر ُف ِمن ُس ِ‬
‫رور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعرابي‪( :‬ع ُّز ال َّنزاهة َ‬
‫ٌّ‬ ‫ ‪-‬قال‬

‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫والســـل ِم أن َْج ُح‬ ‫َ‬ ‫ُأ ِّنزه ن ِ‬
‫َفســـي َعن َأ َذى ال َق ْو ِل‬
‫وإنِّي إلى اإلســـا ِم ِّ‬ ‫والخنا‬ ‫ُ‬
‫أص َف ُح‬ ‫الذ ِ‬ ‫الج ْه ِ‬
‫ـل لكنِّي عن َّ‬ ‫ِ‬
‫نـب ْ‬ ‫عـن َ‬ ‫والحيـــا ُء َي ُر ُّدني‬ ‫وع ْقلـــي ودينـــي َ‬
‫نض ُح‬ ‫ٍ‬
‫نـــاء با َّلـــذي فِ ِ‬‫وكل إِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫يـــه َي َ‬ ‫الهوى‬
‫فشـــتَّان ما ب ْيني و َب ْينـــك في َ‬

‫((( ((األمالي)) للقالي (‪.)167/2‬‬


‫((( ((الضوء الالمع)) للسخاوي (‪.)311-310/4‬‬
‫‪244‬‬
‫ا‬
‫طاشَّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫النَّشاطُ‬

‫شاط‪:‬‬ ‫معنى َّ‬


‫الن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شاط ِضدُّ َ‬ ‫ال َّن ُ‬
‫شاط ُلغ ًة‪ :‬ال َّن ُ‬
‫والم ْن َش ُط‪َ :‬م ْف َع ٌل من ال َّنشاط‪ ،‬وهو ُ‬
‫األمر الذي‬ ‫الك َس ِل‪َ ،‬‬
‫خ ُّف إليه‪ ،‬و ُتؤثِر فِع َله‪ ،‬وهو مصدر بمعنى ال َّن ِ‬
‫شاط(((‪.‬‬ ‫ت ْن َش ُط له و َت ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫األمر و ُيؤثِ َر فِع َله(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان إلى‬ ‫أن ي ِ‬
‫خ َّف‬ ‫اصطالحا‪َ ْ :‬‬
‫ً‬ ‫ال َّن ُ‬
‫شاط‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫شاط يف‬ ‫واحلث على َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ُّ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ [البقرة‪ .]25 :‬وهذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫األعمال بذ ْك ِر جزائها و َثمراتها؛ فإ َّنها بذلك تخ ُّف و َت ُ‬
‫سه ُل(((‪.‬‬ ‫فيه َت ُ‬
‫نشيطهم على‬

‫ِّ‬
‫((لكل‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬
‫الله َص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫عمرو قال‪ :‬قال‬ ‫بن ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬

‫فمن كانت َفتر ُته إلى ُس َّنتي فقد أف َل َح‪ ،‬و َمن كانت‬ ‫ِّ ِ ٍ‬ ‫عم ٍل ِش َّر ٌة‪،‬‬
‫ولكل ش َّرة َف ْتر ٌة‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫شاط ِ‬
‫واله َّمة(((‪.‬‬ ‫والش َّر ٌة‪ :‬ال َّن ٌ‬
‫غير ذلك فقد ه َل َك))(((‪ِّ .‬‬ ‫إلى ِ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)413/7‬‬


‫((( ((النهاية)) البن األثير (‪.)131/5‬‬
‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)46 :‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)6958‬وابن خزيمة (‪ ،)2105‬وابن حبان (‪.)11‬‬
‫وصححه األلباني في‬
‫َّ‬ ‫صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (‪،)159/11‬‬ ‫َّ‬
‫((صحيح الجامع)) (‪.)2152‬‬
‫((( ((الزواجر)) للهيتمي (‪.)165/1‬‬
‫‪245‬‬
‫ا‬
‫طاشَّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫شاط‪:‬‬ ‫ما ِقيل يف َّ‬


‫الن ِ‬
‫والش ِ‬
‫هادة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الغيب‬ ‫وصيكم ب َت ْقوى ِ‬
‫الله في‬ ‫الله عنه‪(ُ :‬أ ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬قال علي ِ‬
‫ٌّ‬
‫والقصد في ِ‬
‫الغنى والف ْق ِر‪ ،‬والعدْ ِل على‬ ‫ِ‬ ‫والغض ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫وكلمة الحقِّ في ِّ‬
‫الرضا‬
‫والكس ِل)(((‪.‬‬ ‫والعمل في ال َّن ِ‬
‫شاط‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫ديق والعدُ ِّو‪،‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫(عالمة الم ِحب دوام ال َّن ِ‬
‫شاط)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ِّ‬ ‫الجنيدُ ‪:‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫وغما وحز ًنا‪ ،‬ليس لهم ٌ‬


‫فرح‬ ‫هما ًّ‬ ‫ِ‬
‫الناس ًّ‬ ‫أكثر‬
‫(الكسالى ُ‬ ‫ابن الق ِّي ِم‪ُ :‬‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ِ‬
‫العمل)(((‪.‬‬ ‫شاط ِ‬
‫والجدِّ في‬ ‫أرباب ال َّن ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بخالف‬ ‫سرور‪،‬‬ ‫وال‬
‫ٌ‬

‫شاط‪:‬‬ ‫أقسا ُم َّ‬


‫الن ِ‬
‫المحمود‪ :‬وهو ما َ‬
‫ذك ْرناه ساب ًقا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ال َّن ُ‬
‫شاط‬
‫اآلخرة‪ ،‬أو كان على وج ِه الر ِ‬
‫ياء؛ قال تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫المذموم‪ :‬وهو ما ال َين َف ُع في‬ ‫ال َّن ُ‬
‫شاط‬
‫ْ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ﮋ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﮊ [لقمان‪.]18 :‬‬

‫شاط‪:‬‬ ‫فوائ ُد َّ‬


‫الن ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪.‬‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫َحل ُ ٍ ِ‬ ‫‪1-1‬المتح ِّلي بال َّن ِ‬
‫شاط ُمت ٍّ‬
‫بخلق من أخالق ال َّن ِّ‬ ‫ُ‬

‫رتف ُع ِذ ْك ُره بينهم‪.‬‬


‫شيط ي ِحبه الناس وي ِ‬
‫ُ َ‬ ‫‪2-2‬ال َّن ُ ُ ُّ‬
‫هن‪ ،‬و َيصدُ ُق‬ ‫‪3-3‬بال َّن ِ‬
‫شاط َي ْصفو ِّ‬
‫واب‪.‬‬ ‫الحس‪ ،‬و َيك ُثر َّ‬
‫الص ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الذ ُ‬

‫مول إلى‬ ‫روج ِمن ُ‬


‫الخ ِ‬ ‫ُ‬
‫وللخ ِ‬ ‫روج ِمن ُّ‬
‫الذ ِّل إلى العزِّ ‪،‬‬ ‫سبب ُ‬
‫للخ ِ‬ ‫‪4-4‬ال َّن ُ‬
‫شاط ٌ‬
‫ال َّن ِ‬
‫باهة‪.‬‬

‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)334/4‬‬


‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫((( ((روضة المحبين)) البن القيم (ص‪.)168 :‬‬
‫‪246‬‬
‫ا‬
‫طاشَّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫شاط‪:‬‬ ‫ور َّ‬


‫الن ِ‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫ضييعه فيما ال ُي ِفيد‪.‬‬
‫ِ‬ ‫دم َت‬ ‫ِ‬
‫الوقت واالستفاد ُة منه‪َ ،‬‬
‫وع ُ‬ ‫استثمار‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ِ‬
‫واالنضباط‪.‬‬ ‫عم ٍل ِجدِّ ٍّي مع االلتزا ِم‬ ‫ُ‬
‫اإلقبال على ِّ‬
‫كل َ‬ ‫‪2-2‬‬
‫األهداف‪ ،‬والسعي إلى َت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حقيقها‪.‬‬ ‫َّ ُ‬ ‫العمل و َت ُ‬
‫نظيمه‪ ،‬وتحديدُ‬ ‫اإلتقان في‬‫‪3-3‬‬
‫الط ِ‬
‫اعات‪.‬‬ ‫اإلقبال على فِ ِ‬
‫عل َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫شاط‪:‬‬ ‫اكتساب َّ‬


‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫أوامر ِه وال ُبعدُ عن طاعتِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫خالفة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪1-1‬ال ُبعدُ عن ذ ْك ِر الله‪ُ ،‬‬
‫وم‬
‫والطير ُة‪ ،‬والبعدُ عن ال َّت ِ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان‪،‬‬ ‫تكاس ُل‬
‫فاؤل؛ حيث إ َّنه بال َّتشاؤُ ِم َي َ‬ ‫ُ‬ ‫شاؤم ِّ َ‬
‫‪2-2‬ال َّت ُ‬
‫ُ‬
‫والحزن‪.‬‬ ‫الهم‬
‫حصل له ُّ‬ ‫و َي ُ‬

‫بالصالحين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االختالط‬ ‫والمث ِّبطين‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫سة ُ‬‫‪ُ 3-3‬مجا َل ُ‬
‫َ‬ ‫الكسالى ُ‬
‫بالمسؤولي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الش ِ‬
‫عور‬ ‫عدم ُّ‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫وزياد ِته(((‪:‬‬
‫شاط ِ‬ ‫اكتساب َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫وامتثال طاعتِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الله‪ ،‬وال َّتذكر ُة بآياتِه‪،‬‬
‫‪ِ 1-1‬ذكر ِ‬
‫ُ‬
‫ورحمتِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بفض ِل الله َ‬
‫الفرح ْ‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫صص السابقين‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّأم ُل في َق‬

‫سن‪.‬‬
‫الح ُ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫الفأل َ‬

‫وعدَ به الصالحين‪.‬‬ ‫‪5-5‬الرجاء لنَعي ِم ِ‬


‫الله وما َ‬ ‫َّ ُ‬
‫هاو ِن بما ُك ِّل َ‬
‫ف به‪.‬‬ ‫دم ال َّت ُ‬ ‫بالمسؤولي ِة‪َ ،‬‬
‫وع ُ‬ ‫َّ‬ ‫عور‬ ‫‪ُّ 6-6‬‬
‫الش ُ‬

‫((( ((علو الهمة)) لمحمد إسماعيل المقدم (ص‪.)361 :‬‬


‫‪247‬‬
‫ا‬
‫طاشَّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والسلف‪:‬‬
‫ِ‬ ‫حابة‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫شاط ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫للن ِ‬ ‫َن ُ‬
‫اذج َّ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪،‬‬ ‫سول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫الله عنها صال َة َر ِ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫عائشة ِ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وص َف ْت‬
‫أه ِله قضى‬ ‫ٌ‬
‫حاجة إلى ْ‬ ‫إن كانت له‬‫آخره‪ ،‬ثم ْ‬ ‫ِ‬
‫الليل و ُي ْحيي َ‬ ‫نام َّأو َل‬
‫فقالت‪( :‬كان َي ُ‬
‫َ‬
‫فأفاض عليه الما َء‪ْ ...‬‬ ‫األو ِل‪ ...‬و َث َب‪...‬‬ ‫ِ‬
‫وإن‬ ‫ينام‪ ،‬فإذا كان عندَ النِّداء َّ‬‫حاجتَه‪ ،‬ثم ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يك ْن ُجنبا َت َّ َ‬
‫لم ُ‬
‫كعتين)(((‪.‬‬ ‫للصالة‪ ،‬ثم ص َّلى َّ‬
‫الر‬ ‫الر ِ‬
‫جل َّ‬ ‫وضأ ُوضو َء َّ‬ ‫ً‬
‫لطاعة ِ‬
‫الله؛‬ ‫ِ‬ ‫أروع األمثلة في ال َّن ِ‬
‫شاط‬ ‫الله عنهم َ‬ ‫ ‪-‬وقد َضر َب األنصار ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مامك حتى ِ‬
‫تص َل إلى‬ ‫الله‪ ،‬إ َّنا برآء ِمن ِذ ِ‬
‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫فحين بايعوه بالع ِ‬
‫قبة‪ ،‬قالوا‪ :‬يا‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫مما َنمن َُع منه أبناءنا ونِساءنا‪...‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وص ْل َت إلينا فأنت في ذ َممنا‪َ ،‬ن ْمن َُعك َّ‬ ‫ِ‬
‫دارنا‪ ،‬فإذا َ‬
‫الحق‪،‬‬‫ئت به هو ُّ‬ ‫أن ما ِج َ‬‫وش ِهدنا َّ‬ ‫وقال له سعدُ بن م ٍ‬
‫عاذ‪ :‬فقدْ آم َّنا بك‪ ،‬وصدَّ ْقناك‪َ ،‬‬ ‫ُ ُ‬
‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬الله‬ ‫والطاعة‪ ،‬فا ْم ِ‬
‫ض يا‬ ‫وأع َطيناك على ذلك ُعهو َدنا و َمواثي َقنا على َّ‬
‫السم ِع‬ ‫ْ‬
‫فخ ْضتَه‪،‬‬ ‫البحر‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫تعرض َت بنا هذا‬ ‫اس ْ‬ ‫ِ‬ ‫لِ َما أ َم َرك ُ‬
‫الله‪ ،‬فوا َّلذي َبع َثك بالحقِّ ‪ ،‬إن ْ‬
‫أن َتلقى بنا َعدُ َّونا غدً ا‪ ،‬إ َّنا‬ ‫كر ُه ْ‬ ‫َل ُخضنا ُه معك‪ ،‬ما َيتخ َّل ُف م َّنا ٌ‬
‫رجل واحدٌ ‪ ،‬وما َن َ‬
‫ولعل الل َه ي ِريك م َّنا ما ت َقر به عينُك‪ِ ،‬‬
‫فس ْر بِنا‬ ‫الحرب‪ ،‬صدُ ٌق عندَ ال ِّل ِ‬ ‫َل ُص ُب ٌر في‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫قاء‪،‬‬ ‫ِ ُ‬
‫ونشطِه ذلك‪،‬‬ ‫بقول س ٍ‬
‫عد‪َ ،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫فس َّر‬ ‫ِ ِ‬
‫على َبركة الله‪ُ .‬‬
‫ِ‬
‫ائفتين‪،‬‬ ‫فإن الل َه قد َو َعدني إحدى َّ‬
‫الط‬ ‫الله وأ ْب ِشروا؛ َّ‬
‫بركة ِ‬ ‫ثم قال‪ِ :‬سيروا على ِ‬
‫َّ‬
‫اآلن ُ‬
‫أنظ ُر إلى مصار ِع القو ِم(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والله َلكأ ِّني َ‬
‫ِ‬
‫الحديث‬ ‫ِ‬
‫طلب‬ ‫ص على‬ ‫ ‪-‬وقال أبو حات ٍم‪ :‬قال لي أبو ُزرع َة‪( :‬ما ُ‬
‫أح َر َ‬
‫رأيت ْ‬
‫حريص‪ ،‬فقال‪َ :‬من أش َب َه أبا ُه فما ظ َل َم‪ .‬قال‬
‫ٌ‬ ‫الرحمن ا ْبني َل‬
‫ِ‬ ‫فقلت له‪َّ :‬‬
‫إن عبدَ‬ ‫منك‪ُ ،‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1146‬ومسلم (‪ )739‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (‪.)400/13‬‬
‫قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (‪ :)261/3‬له شواهد‪.‬‬
‫‪248‬‬
‫ا‬
‫طاشَّنل‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫وسؤاالتِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر َّق ُام‪ :‬فسأ ْل ُت عبدَ‬
‫ألبيه‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫الرحمن عن ا ِّتفاق كثرة َّ‬
‫السما ِع له ُ‬ ‫َّ‬
‫وأقر ُأ عليه‪ ،‬و َي ُ‬
‫دخل‬ ‫دخل َ‬
‫الخال َء َ‬ ‫وأقر ُأ عليه‪ ،‬و َي ُ‬
‫ويمشي َ‬
‫ُ‬
‫يأك ُل وأ ْق َرأ عليه‪ْ ،‬‬
‫ر َّبما ُ‬
‫وأقر ُأ عليه)(((‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫طلب شيء َ‬ ‫البيت في‬
‫َ‬

‫((( ((سير أعالم النبالء)) للذهبي (‪.)250/13‬‬


‫‪249‬‬
‫ل‬
‫ُةرصُّنا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫النُّصر ُة‬

‫معنى ُّ‬
‫النصر ِة‪:‬‬
‫واالسم‪ :‬ال ُّنصر ُة(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ال ُّنصر ُة ُلغ ًة‪َ :‬ن َص َره على َع ِّ‬
‫دوه َي ْن ُصر ُه َن ْص ًرا‪ ،‬أي‪َ :‬أعا َنه و َق َّواه‪،‬‬
‫ِ‬
‫أخيه‬ ‫المسلم لر ْف ِع ُّ‬
‫الظل ِم عن‬ ‫ُ‬
‫اإليمانية التي َتد َف ُع‬ ‫اصطالحا‪َ :‬‬
‫الغير ُة‬ ‫ال ُّنصر ُة‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫المسل ِم المستضع ِ‬
‫ف(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫واإلعانة واملَ ِ‬
‫عونة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫النصر ِة‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ُّ‬
‫ِ‬
‫المشاغ ِ‬
‫ب‪ ،‬واإلعان ُة‬ ‫الم ِ‬ ‫ب َ‬ ‫المناز ِع المغالِ ِ‬
‫ِ‬ ‫تكون َّإل على‬
‫ال ُّنصر ُة ال ُ‬
‫ناوئ‬ ‫والخص ِم ُ‬
‫ونص َره عليه‪،‬‬ ‫تقول‪ :‬أعا َن ُه على َمن غا َل َبه َ‬
‫وناز َعه َ‬ ‫ُ‬ ‫تكون على ذلك وعلى ِ‬
‫غيره؛‬ ‫ُ‬
‫نص َره على‬ ‫ِ‬
‫األحمال‪ ،‬وال ُيقال‪َ :‬‬ ‫وأعا َن ُه على ف ْق ِره‪ :‬إذا أعطا ُه ما ُي ِعينه‪ ،‬وأعا َن ُه على‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األعداء‪،‬‬ ‫بالمعونة على‬ ‫ختص‬ ‫خاص ٌة‪ .‬وال َّن ُ‬
‫صر َي ُّ‬ ‫عام ٌة‪ ،‬وال ُّنصر ُة َّ‬ ‫ُ‬
‫فاإلعانة َّ‬ ‫ذلك؛‬
‫س(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫نص ٍر‬ ‫شيء؛ ُّ‬‫ٍ‬ ‫عام ٌة في ِّ‬ ‫ُ‬
‫معونة وال َينعك ُ‬ ‫فكل ْ‬ ‫كل‬ ‫والمعونة َّ‬
‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫احلث على ُّ‬
‫النصر ِة يف‬ ‫ُّ‬
‫َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋ ﯜ ﯝ ﯞﮊ [الحجرات‪.]10 :‬‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ‬


‫ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﮊ [المائدة‪.]2 :‬‬

‫ملخصا من ((العين)) للخليل (‪(( ،)35/2‬تهذيب اللغة)) لألزهري (‪(( ،)197/4‬لسان العرب))‬
‫ً‬ ‫(((‬
‫البن منظور (‪(( ،)210/5‬المصباح المنير)) للفيومي (‪(( ،)607/2‬القاموس المحيط))‬
‫للفيروزابادي (‪(( ،)621/1‬تاج العروس)) للزبيدي (‪.)3538/1‬‬
‫((( ((هذه أخالقنا)) لمحمود الخزندار (ص‪.)57 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)540 :‬‬
‫‪250‬‬
‫ل‬
‫ُةرصُّنا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬


‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮊ [األنفال‪.]72 :‬‬

‫((انص ْر أخاك ظالِ ًما أو مظلو ًما‪ .‬فقال‬


‫ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ال َّن ُّ‬
‫أنصره؟‬ ‫َ ِ‬ ‫ٌ‬
‫ظالما؛ كيف ُ‬‫رسول الله‪ ،‬أن ُْصره إذا كان مظلو ًما‪ ،‬أفرأ ْي َت إذا كان ً‬ ‫رجل‪ :‬يا‬
‫نص ُره))(((‪.‬‬ ‫الظل ِم؛ َّ‬
‫فإن ذلك ْ‬ ‫حجزه ‪-‬أو َتمن َُعه‪ِ -‬من ُّ‬ ‫قال‪َ :‬ت ُ‬
‫فوائ ُد ُّ‬
‫النصر ِة‪:‬‬
‫الذ ِ‬
‫نوب‪.‬‬ ‫هيرها ِمن َد ِ‬
‫نس ُّ‬ ‫تط ُ‬‫لألم ِة‪ ،‬أي‪ْ :‬‬ ‫ِ‬
‫تقديس الله َّ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫نصر و ُي ِّ‬ ‫َّ ِ‬
‫المظلوم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫مك ُن الدَّ ول َة التي ُي َ‬
‫نص ُر فيها‬ ‫وجل ُيقيم و َي ُ‬ ‫عز‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫أن الل َه َّ‬
‫ْ‬
‫ويأ ُخ ُذ فيها ح َّقه(((‪.‬‬

‫ِ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫نس‬‫والجزاء ِمن ِج ِ‬
‫ُ‬ ‫الله‪،‬‬
‫نص ُره ُ‬
‫المظلوم َي ُ‬
‫َ‬ ‫نص ُر‬
‫أن الذي َي ُ‬‫‪َّ 3-3‬‬
‫وتأخ ْذ على َي ِد‬
‫ُ‬ ‫المظلوم‪،‬‬
‫َ‬ ‫نص ِر َّ‬
‫األم ُة‬ ‫فإن لم َت ُ‬
‫العقاب‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫األم ِة ِمن‬
‫‪َ 4-4‬نجا ُة َّ‬
‫ِ‬ ‫الظال ِم‪ ،‬و َتمن َْعه ِمن ُّ‬
‫َّ‬
‫الجميع‪.‬‬
‫َ‬ ‫قاب‬
‫فس َي ُع ُّم الع ُ‬ ‫الظل ِم‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الله لل َّن ِ‬
‫الله في‬
‫توله ُ‬ ‫اصر َمن يق ُف إلى جانبِه و َي ُ‬
‫نصره في الدُّ نيا‪ ،‬و َي َّ‬ ‫‪ُ 5-5‬ي ِّ‬
‫سخ ُر ُ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬
‫ِمن ُص َور ُّ‬
‫النصر ِة‪:‬‬
‫‪1-1‬ال ُّنصر ُة ْقب َل وقو ِع ُّ‬
‫الظل ِم‪.‬‬

‫صح للظال ِم‪.‬‬


‫‪2-2‬ال ُّنصر ُة بال ُّن ِ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6952‬من حديث أنس رضي الله عنه‪.‬‬


‫((( ((مجموع الفتاوى)) البن تيمية (‪.)146/28‬‬
‫‪251‬‬
‫ل‬
‫ُةرصُّنا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫بالش ِ‬
‫فاعة للمظلو ِم‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال ُّنصر ُة َّ‬
‫‪4-4‬ال ُّنصر ُة بد ْف ِع أذى الس ِ‬
‫لطان عنه‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الجهاد‪.‬‬ ‫‪5-5‬ال ُّنصر ُة في‬
‫صفة ُّ‬
‫النصر ِة‪:‬‬ ‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫املعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫لله ورسولِه‬
‫لله ورسولِه‪ ،‬فبِقدْ ِر حبك ِ‬
‫ُ ِّ‬
‫طاعة ِ‬
‫ٌ‬ ‫أن َتع َل َم َّ‬
‫أن ُنصر َة المظلو ِم هي‬ ‫‪ْ 1-1‬‬
‫ُ‬
‫تكون طاع ُتك لهما‪.‬‬

‫األخو َة اإليماني َة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ستشع َر‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫أن َت‬
‫َّ‬
‫ومعيتَه لك‪ ،‬ف َي َ‬
‫هون عليك أ ْم ُر الظال ِم وال‬ ‫ستحضر عظم َة ِ‬
‫الله و ُقدر َته‬ ‫ِ‬ ‫أن َت‬
‫‪ْ 3-3‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫تخشا ُه‪.‬‬
‫صفة ُّ‬
‫النصر ِة‪:‬‬ ‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫‪َ 1-1‬ض ُ‬
‫عف‬
‫ِ‬
‫اإلخوان‪.‬‬ ‫اإليمان‪ ،‬وينتج ِمن ذلك َعدم ُن ِ‬
‫صرة‬ ‫ِ‬ ‫بأخو ِة‬ ‫الش ِ‬
‫دم ُّ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫عور َّ‬ ‫‪َ 2-2‬ع ُ‬
‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬
‫املظلوم ِمن حيا ِة األنبيا ِء َّ‬
‫ِ‬ ‫مناذج ل ُنصر ِة‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ ‪-‬يتج َّلى ذلك في ِ‬
‫الم ال ُّنصر َة؛‬ ‫جل الذي ط َل َب من ُموسى عليه َّ‬
‫الس ُ‬ ‫الر ِ‬
‫قصة َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬
‫ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮊ [القصص‪.]15 -14 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله عليه وس َّلم ي ِ‬
‫حم ُل َ‬ ‫بي َص َّلى ُ‬
‫نوائب الحقِّ ‪،‬‬ ‫الك َّل‪ ،‬و ُيع ُ‬
‫ين على‬ ‫َ َ‬ ‫ ‪-‬كان ال َّن ُّ‬
‫الجاهلية ِمن أج ِل ُن ِ‬
‫صرة المظلو ِم‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫شهدَ ِحل ًفا في‬
‫نتص ُر للمظلو ِم‪ ،‬وقد ِ‬ ‫وي ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬

‫‪252‬‬
‫ل‬
‫ُةرصُّنا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫طيبِين مع ُعمومتي وأنا‬ ‫الم َّ‬


‫لف ُ‬ ‫((شهدْ ُت ِح َ‬
‫ِ‬ ‫الله عليه وس َّل َم في ذلك‪:‬‬ ‫قال َص َّلى ُ‬
‫ُ‬
‫قبائل‬ ‫داعت‬
‫ْ‬ ‫أن لي ُح ْم َر ال َّن َع ِم وأ ِّني َأن ُْك ُثه))(((‪ .‬وهذا حيث َت‬ ‫غالم‪ ،‬فما ُأ ِح ُّب َّ‬
‫ٌ‬
‫لشرفِه ِ‬
‫وسنِّه‪،‬‬ ‫بن ُج َ‬
‫دعان؛ َ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫دار ِ‬‫فاجتَمعوا له في ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِمن ُق ٍ‬
‫ريش إلى حلف‪ْ ،‬‬
‫دخ َلها‬‫ممن َ‬ ‫ِ‬ ‫بمك َة مظلو ًما ِمن ِ‬
‫وتعاهدوا على َّأل َي ِجدوا َّ‬
‫وغيرهم َّ‬ ‫أهلها‬ ‫َ‬ ‫فتَعاقدوا‬
‫الناس‪َّ ،‬إل قاموا معه‪ ،‬وكانوا على َمن ظ َل َمه حتى ُت َر َّد عليه َمظلم ُته‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫سائر‬
‫ِ‬
‫ضول(((‪.‬‬ ‫ف ُ‬
‫الف‬ ‫ف ِح ْل َ‬ ‫قريش ذلك ِ‬
‫الح ْل َ‬ ‫ٌ‬ ‫فس َّمت‬
‫َ‬

‫العاص‪ :‬أخبِ ْرني‬


‫ِ‬ ‫عمرو ِ‬
‫بن‬ ‫بن ِ‬ ‫لعبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫((قلت ِ‬ ‫ُ‬ ‫الز ِ‬
‫بير‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ ‪-‬عن ُعرو َة ِ‬
‫بن ُّ‬
‫رسول ِ‬
‫‪ ‬الله‬ ‫ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ ،‬قال‪ْ :‬بينا‬
‫الله َص َّلى ُ‬‫برسول ِ‬
‫ِ‬ ‫بأشدِّ ما صن ََع المشركون‬
‫فأخ َذ‬ ‫قبة بن أبي مع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يط‪َ ،‬‬ ‫َُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم ُيص ِّلي بفناء الكعبة‪ ،‬إذ أق َب َل ُع ُ ُ‬‫َص َّلى ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم و َل َوى ثو َبه في ُع ِنقه‪ ،‬فخن ُ‬
‫َقه به خن ًقا‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫نك ِ‬‫بم ِ‬
‫َ‬
‫الله َص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬‫ِ‬ ‫فأخ َذ بم ِ‬
‫نكبِه ود َف َعه عن‬ ‫شديدً ا‪ ،‬فأق َب َل أبو ٍ‬
‫الله عليه‬ ‫بكر‪َ َ ،‬‬
‫وس َّل َم‪ ،‬وقال‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮊ‬
‫[غافر‪]28 :‬؟!))(((‪.‬‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)1655‬والبزار (‪ ،)1000‬من حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه‪.‬‬
‫صححه الطبري في ((التفسير)) (‪ ،)77/1/4‬وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪:)175/8‬‬
‫َّ‬
‫رجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫((( ((سيرة ابن هشام)) (‪.)133 ،134/1‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)4815‬‬
‫‪253‬‬
‫ةحيصَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫النَّصيح ُة‬

‫صيحة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫معنى َّ‬
‫الن‬
‫وغ ِيره‪،‬‬ ‫الشيء‪َ :‬خ َلص‪ ،‬وال َّناصح‪ :‬الخالِ ِ‬
‫الع َس ِل َ‬
‫ص من َ‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال َّنصيح ُة ُلغ ًة‪َ :‬ن َص َح َّ ُ‬
‫نقيض ِ‬ ‫ٍ‬
‫ش(((‪.‬‬‫الغ ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وكل َشيء َخ َل َ‬
‫ص‪ ،‬فقدْ َن َص َح‪ ،‬وال ُّن ْص ُح‬ ‫ُّ‬

‫الفساد(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عما فيه‬
‫هي َّ‬
‫الح‪ ،‬وال َّن ُ‬
‫الص ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬الدُّ ُ‬
‫عاء إلى ما فيه َّ‬ ‫ً‬ ‫ال َّنصيح ُة‬

‫عيري‪:‬‬ ‫صيحة َّ‬


‫والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني َّ‬
‫وأن ِذ ْك َر‬
‫كر ُه ِذ ْك َره‪َّ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل منهما ذ ْك ُر اإلنسان بما َي َ‬ ‫أن ًّ‬ ‫ِ‬
‫شتركان في َّ‬ ‫(أ َّنهما َي‬
‫قص‪،‬‬‫والعيب وال َّن ِ‬
‫ِ‬ ‫مجر َد َّ‬
‫الذ ِّم‬ ‫المقصود منه‬ ‫حر ٌم إذا كان‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫كر ُه ُم َّ‬
‫اإلنسان بما َي َ‬
‫مصلحة لعام ِة المسلمين‪ ،‬خاص ًة ِ‬
‫المقصود منه‬
‫ُ‬ ‫لبعضهم‪ ،‬وكان‬ ‫َّ‬ ‫ٌ َّ‬ ‫إن كان فيه‬ ‫فأما ْ‬
‫َّ‬
‫مندوب إليه)(((‪.‬‬ ‫حر ٍم‪ْ ،‬‬
‫بل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫تحصيل تلك المصلحة؛ فليس ُبم َّ‬
‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫واحلث عليها يف‬ ‫صيحة‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ُ‬
‫فضل َّ‬
‫الم‪ :‬ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫الس ُ‬ ‫ ‪-‬قال تعالى ِحكاي ًة عن ٍ‬
‫نوح عليه َّ‬
‫ﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮊ [األعراف‪.]62-61 :‬‬

‫الم‪ :‬ﮋ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫الس ُ‬ ‫ ‪-‬وكذلك قو ُله ِحكاي ًة عن ُش ٍ‬
‫عيب عليه َّ‬
‫ﯤ ﯥﮊ [األعراف‪.]93 :‬‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)615/2‬‬


‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)241 :‬‬
‫((( ((الفرق بين النصيحة والتعيير)) البن رجب (ص‪ )7 :‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫ةحيصَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رض َي ُ‬‫اري ِ‬
‫ ‪-‬عن َتمي ٍم الدَّ ِّ‬
‫وألئم ِة المسلمين‬‫َّ‬ ‫لله ولكتابِه ولرسولِه‪،‬‬
‫صيحة‪ُ ،‬ق ْلنا‪ :‬لمن؟ قال‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫((الدِّ ُ‬
‫ين ال َّن‬
‫وعامتِهم))(((‪.‬‬ ‫َّ‬
‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬
‫الله عليه‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه قال‪ :‬قال‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة ِ‬
‫رض َي ُ‬
‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس َّل َم‪:‬‬
‫الله؟ قال‪ :‬إذا‬ ‫((حق المسل ِم على المسل ِم س ٌّت‪ ،‬قيل‪ :‬ما َّ‬
‫هن يا‬ ‫ُّ‬
‫فانص ْح له‪ ،‬وإذا َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬‫عط َ‬ ‫تنص َحك َ‬ ‫اس َ‬‫دعاك فأج ْبه‪ ،‬وإذا ْ‬ ‫َلقيتَه َ‬
‫فس ِّل ْم عليه‪ ،‬وإذا‬
‫استشار َك‬ ‫فعدْ ه‪ ،‬وإذا مات فاتَّبِ ْعه))(((‪ ،‬أي‪ :‬إذا‬ ‫فس ِّم ْته‪ ،‬وإذا َم ِر َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ض ُ‬ ‫فحمدَ الل َه َ‬ ‫َ‬
‫كل‬‫نافعا ِمن ِّ‬
‫العمل ً‬‫ُ‬ ‫فإن كان‬‫فانص ْح له بما ُت ِح ُّبه لن ْف ِسك؛ ْ‬
‫األعمال‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫عمل ِمن‬
‫في ٍ‬
‫وض ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فحثَّه على فِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫رر‬ ‫احتَوى على ن ْف ٍع َ‬‫فح ِّذ ْره منه‪ ،‬وإن ْ‬
‫وإن كان ُمض ًّرا َ‬ ‫عله‪ْ ،‬‬ ‫وجه‪ُ ،‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫والمفاسد(((‪.‬‬ ‫وواز ْن بين المصالِ ِح‬
‫فاش َر ْح له ذلك‪ِ ،‬‬ ‫ْ‬

‫صيحة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫السلف يف َّ‬
‫الن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال‬
‫ونه ِيه عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬
‫الله عنهما عن أ ْم ِر ُّ‬
‫السلطان بالمعروف ْ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ ‪ُ -‬سئ َل ُ‬
‫ابن َّ‬
‫وبينه)(((‪.‬‬ ‫كنت ً‬
‫فاعل وال ُبدَّ ‪ ،‬ففيما ْبينك ْ‬ ‫نك ِر‪ ،‬فقال‪ْ :‬‬
‫(إن َ‬ ‫الم َ‬
‫ُ‬
‫فاألمر‬
‫ُ‬ ‫لله‪ِ ،‬قيل‪:‬‬
‫أفضل؟ قال‪( :‬ال ُّنصح ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األعمال‬ ‫أي‬ ‫ِ‬
‫المبارك‪ُّ :‬‬
‫َ‬ ‫وسئ َل ُ‬
‫ابن‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫يأم َر وال َي ْنهى)(((‪.‬‬
‫أن ال ُ‬ ‫المنك ِر؟ قال‪ُ :‬ج ْهدُ ه إذا َ‬
‫نص َح ْ‬ ‫َ‬ ‫هي عن‬
‫بالمعروف وال َّن ُ‬
‫صيحة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فوائ ُد َّ‬
‫الن‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫وجوهر‬ ‫صيحة ُل ُّب الدِّ ِ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬ال َّن‬
‫ُ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)55‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2162‬‬
‫((( ((بهجة قلوب األبرار)) للسعدي (ص‪.)112 :‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪ ،)37307‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)7186‬‬
‫((( ((األمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) البن أبي الدنيا (ص‪.)107 :‬‬
‫‪255‬‬
‫ةحيصَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الش ِّر لهم‪.‬‬ ‫لآلخرين‪ ،‬و ُب ِ‬


‫غض َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الخير‬ ‫حب‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫دليل ِّ‬
‫وتقليل الحس ِ‬
‫اد؛ إذ إ َّنه ال‬ ‫ُ‬ ‫الجانب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األصحاب؛ إذ إ َّنه ُيؤ َم ُن منه‬ ‫تكثير‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫ُي ِح ُّب ِ‬
‫لغيره َّ‬
‫الش َّر والفسا َد‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫ذيلة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الفضيلة‪ ،‬و ُتست َُر فيه َّ‬ ‫المجتمعِ؛ إذ ُتشاع فيه‬
‫صالح ُ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫والو ِ‬ ‫إحالل الر ِ‬
‫حمة ِ‬
‫قاق‪.‬‬ ‫القسوة ِّ‬ ‫َ‬
‫مكان‬ ‫داد‬ ‫ُ َّ‬ ‫‪5-5‬‬
‫‪6-6‬من قام بها على وج ِهها ي ِ‬
‫قريع(((‪.‬‬ ‫اإلكرام ال ال َّل َ‬
‫وم وال َّت َ‬ ‫َ‬ ‫ستح ُّق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫صيحة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن ُص َور َّ‬
‫الن‬
‫صيحة ِ‬
‫لله تعالى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-1‬ال َّن‬
‫ِ‬
‫لكتابه ُسبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫صيحة‬ ‫‪2-2‬ال َّن‬

‫صيحة َلرسولِه َص َّلى ُ‬


‫الله عليه وس َّل َم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّن‬

‫ألئم ِة المسلمين‪.‬‬ ‫ُ‬


‫صيحة َّ‬ ‫‪4-4‬ال َّن‬

‫لعام ِة المسلمين‪.‬‬ ‫ُ‬


‫صيحة َّ‬‫‪5-5‬ال َّن‬

‫صيحة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ُ‬
‫ضوابط يف َّ‬
‫ِ‬
‫صيحة‪.‬‬ ‫اإلخالص في ال َّن‬ ‫‪1-1‬‬
‫ُ‬

‫‪2-2‬الع ْل ُم بما َي َ‬
‫نص ُح به‪.‬‬

‫‪َّ 3-3‬أل َي ْج َه َر بنَصيحتِه‪.‬‬


‫ِ‬
‫المناسبين‪.‬‬ ‫َ‬
‫والمكان‬ ‫الوقت‬
‫َ‬ ‫راعي‬ ‫‪ْ 4-4‬‬
‫أن ُي َ‬
‫ِ‬
‫صيحة‪.‬‬ ‫والر ُ‬
‫فق في ال َّن‬ ‫‪5-5‬ال ِّل ُ‬
‫ين ِّ‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)3507/8‬‬


‫‪256‬‬
‫ةحيصَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫بول‪.‬‬ ‫صيحة على َش ِ‬


‫رط ال َق ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫تكون ال َّن‬ ‫‪َّ 6-6‬أل‬

‫صيحة وأسالي ُبها‪:‬‬


‫ِ‬ ‫الن‬ ‫ُ‬
‫وسائل َّ‬
‫ِ‬
‫صيحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المنصوح‪ ،‬ثم ال َّن‬ ‫ِ‬
‫حاجة‬ ‫ِ‬
‫بقضاء‬ ‫دء‬
‫‪1-1‬ال َب ُ‬

‫ديم الهد َّي ِة‪.‬‬


‫‪2-2‬ت ْق ُ‬
‫بالر ِ‬
‫سائل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫التواصل َّ‬ ‫‪3-3‬‬

‫والخ ُ‬
‫لطة‪.‬‬ ‫الص ُ‬
‫حبة ُ‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬
‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫والتناصح ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫صيحة‬ ‫مناذج يف َّ‬
‫الن‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬
‫َّ‬
‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪َ :‬ب َعثني‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬عن م ٍ‬
‫عاذ ِ‬
‫ُ‬
‫أن ال إل َه َّإل ُ‬
‫الله‬ ‫الكتاب‪ ،‬فاد ُعهم إلى َش ِ‬
‫هادة ْ‬ ‫ِ‬ ‫فقال‪(( :‬إ َّنك تأتي قو ًما ِمن ِ‬
‫أهل‬
‫ْ‬
‫س‬ ‫افتر َ‬ ‫فأع ِل ْمهم َّ‬ ‫الله‪ْ ،‬‬‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫وأ ِّني‬
‫خم َ‬
‫ض عليهم ْ‬ ‫أن الل َه َ‬ ‫فإن هم أطاعوا لذلك ْ‬
‫افتر َ‬
‫ض عليهم‬ ‫فأع ِل ْمهم َّ‬ ‫ٍ‬
‫وليلة‪ْ ،‬‬ ‫كل يو ٍم‬ ‫ٍ‬
‫صلوات في ِّ‬
‫أن الل َه َ‬ ‫فإن هم أطاعوا لذلك ْ‬
‫وكرائم‬ ‫أغنيائهم ف ُترد في ُف ِ‬
‫قرائهم‪ْ ،‬‬
‫فإن هم أطاعوا لذلك فإ َّياك‬ ‫ِ‬ ‫ؤخ ُذ ِمن‬
‫َصدق ًة ُت َ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جاب))(((‪.‬‬ ‫أموالهم‪ ،‬واتَّق دعو َة المظلو ِم؛ فإ َّنه ليس ْبينها ْ‬
‫وبين الله ح ٌ‬

‫األشعري‬ ‫الله عليه وس َّل َم ُمعا ًذا وأبا ُموسى‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونص َح‬
‫َّ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫عس َرا‪ ،‬و َب ِّش َرا وال ُتن ِّف َرا‪ ،‬و َت َ‬
‫طاو َعا‬ ‫ِ‬
‫اليمن‪ ،‬فقال‪َ (( :‬ي ِّس َرا وال ُت ِّ‬ ‫حينما َبع َثهما إلى‬
‫وال َتخت َِل َفا))(((‪.‬‬

‫الله عليه وس َّل َم ْبين َس َ‬


‫لمان وأبي‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُجحيف َة‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫((آخى ال َّن ُّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1395‬ومسلم (‪ )19‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3038‬ومسلم (‪.)1733‬‬
‫‪257‬‬
‫ةحيصَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫شأ ُنك؟‬ ‫تبذ َل ًة‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما ْ‬


‫رداء ُم ِّ‬‫رداء‪ ،‬فرأى ُأم الدَّ ِ‬ ‫سلمان أبا الدَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫الدَّ ِ‬
‫رداء‪ ،‬فزار‬
‫َّ‬
‫حاجة في الدُّ نيا‪ ،‬فجاء أبو الدَّ ِ‬
‫رداء‪ ،‬فصن ََع له‬ ‫ٌ‬ ‫قالت‪ :‬أخوك أبو الدَّ ِ‬
‫رداء ليس له‬
‫فأك َل‪،‬‬
‫تأك َل‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫بآك ٍل حتى ُ‬ ‫طعاما‪ ،‬فقال‪ُ :‬ك ْل‪ ،‬قال‪ :‬فإ ِّني صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا ِ‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫يقوم‪ ،‬فقال‪َ :‬ن ْم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فلما كان ُ‬
‫ذه َب ُ‬ ‫يقوم‪ ،‬قال‪َ :‬ن ْم‪ ،‬فنام‪ ،‬ثم َ‬ ‫ذه َب أبو الدَّ رداء ُ‬ ‫الليل َ‬ ‫َّ‬
‫إن لر ِّبك‬ ‫ُ‬
‫سلمان‪َّ :‬‬ ‫فص َّل َيا‪ ،‬فقال له‬ ‫سلمان‪ُ :‬ق ِم َ‬
‫اآلن‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫يل‪ ،‬قال‬ ‫فلما كان ِمن ِ‬
‫آخر ال َّل ِ‬ ‫َّ‬
‫كل ذي حقٍّ ح َّقه‪.‬‬ ‫ط َّ‬ ‫عليك ح ًّقا‪ ،‬ولن ْف ِسك عليك ح ًّقا‪ ،‬وأله ِلك عليك ح ًّقا‪ ،‬فأع ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫الله عليه وس َّل َم َ‬
‫فذك َر ذلك له‪ ،‬فقال ال َّن ُّ‬ ‫بي َص َّلى ُ‬
‫فأتى ال َّن َّ‬
‫صدَ َق َس ُ‬
‫لمان))(((‪.‬‬

‫صيحة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وشع ٌر يف َّ‬
‫الن‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫كم‬
‫ِح ٌ‬
‫صحه وزانه‪ ،‬و َمن َ‬
‫وعظه َعالني ًة‬ ‫الشافعي‪َ ( :‬من َو َع َظ أخاه ًّ‬
‫سرا فقد َن َ‬ ‫ُّ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫فقد َف َ‬
‫ضحه وشا َنه)(((‪.‬‬
‫ ‪-‬اس َم ْع ممن ال ِ‬
‫يجدُ منك ُبدًّ ا‪ ،‬أي‪ :‬ا ْق َب ْل َنصيح َة َمن َيط ُل ُب ن ْف َعك‪ ،‬يعني‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫بل إلى ن ْف ِسك(((‪.‬‬ ‫نفعا إلى ن ْف ِسه‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ستجل ُب بنُصحك ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األبوين و َمن ال َي‬

‫األصمعي‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫ناصح ن ُْص ًحـــا وال َت ُل ِم‬
‫ٍ‬ ‫َـــر ُد ْد على‬
‫ت ْ‬ ‫الر ُ‬
‫جال فال‬ ‫أرخص ما بـــاع ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُّصح‬
‫الن ُ‬
‫ِ‬
‫األلباب وال َفه ِم‬ ‫على الر ِ‬
‫جـال ذوي‬ ‫َخفـــى م ِ‬
‫ناه ُجها‬ ‫َّصائـــح ال ت ْ‬ ‫َّ‬
‫إن الن‬
‫(((‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الشافعي‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫نس ُب إلى‬
‫ومما ُي َ‬
‫ ‪َّ -‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)1968‬‬


‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)182/2‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) للنيسابوري (‪.)344 ،67/1‬‬
‫((( ((مجمع الحكم واألمثال في الشعر العربي)) ألحمد قبش (ص‪.)510 :‬‬
‫‪258‬‬
‫ةحيصَّنلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الجماع ْه‬ ‫وجنِّ ْبنـــي النَّصيح َة فـــي َ‬


‫َ‬ ‫َعمدْ نــــي بن ُْص ِحك فــــي انفرادي‬
‫ت َّ‬
‫التوبيخ ال َأ ْر َضى اســــتِما َع ْه‬
‫ِ‬ ‫مــــن‬ ‫َوع‬ ‫ِ‬
‫النـــاس ن ٌ‬ ‫ُّصـــح بيـــن‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫فـــإن الن‬
‫(((‬ ‫َ‬
‫ُعـــط طا َع ْه‬
‫َجـــز ْع إذا لم ت‬
‫َ‬ ‫فـــا ت‬ ‫صيـــت قولـــي‬
‫َ‬ ‫وإن خال ْفتَنـــي و َع‬
‫ْ‬

‫((( ((ديوان اإلمام الشافعي)) (ص‪.)9 :‬‬


‫‪259‬‬
‫ل‬
‫ُعَرو ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الور َعُ‬

‫معنى الو َر ِع‪:‬‬


‫‪-‬بكسر الر ِاء‪ :-‬الر ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫والور ُع‬
‫َ‬ ‫المت ََح ِّر ُج‪.‬‬
‫جل ال َّتق ُّي ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫والور ُع‬ ‫الورع ُلغ ًة‪ :‬ال َّت ُّ‬
‫حر ُج‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الم ِ‬
‫باح‬ ‫عن ُ‬‫لكف ِ‬ ‫تع َير لِ ِّ‬‫المحار ِم وال َّتحرج منه‪ُ ،‬ثم اس ِ‬
‫َّ ْ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫الك ُّف عن‬ ‫األصل‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫ِ‬
‫والحالل(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حصيل‪.‬‬‫غير َت‬ ‫ً‬ ‫واء كان َت‬ ‫ِ‬ ‫االجتناب عن ُّ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫الورع‬
‫حصيل أو َ‬ ‫الشبهات‪َ ،‬س ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫القطعي ِة(((‪.‬‬
‫َّ‬
‫الكف عن المحر ِ‬
‫مات‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ستعم ُل بمعنى ال َّتقوى؛ وهو‬
‫و ُي َ‬
‫والورع‪:‬‬ ‫الزه ِد‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ُّ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة(((‪.‬‬ ‫والورع ْتر ُك ما ُي ْخشى َض ُ‬
‫رره في‬ ‫َ‬ ‫اآلخرة‪،‬‬ ‫الزهدَ ْتر ُك ما ال َين َف ُع في‬ ‫َّ‬
‫أن ُّ‬
‫نة‪:‬‬
‫الس ِ‬ ‫ُّ‬
‫واحلث عليه يف ُّ‬ ‫الورع‬ ‫ُ‬
‫فضل ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫اص ِ‬
‫عد بن أبي و َّق ٍ‬‫ ‪-‬عن س ِ‬
‫الله عنه‪ ،‬عن ال َّن ِّ‬
‫رض َي ُ‬ ‫َ‬
‫الورع))(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وخير ِدينِكم‬‫ُ‬
‫الع ِ‬
‫بادة‪،‬‬ ‫فض ِل ِ‬
‫إلي ِمن ْ‬
‫أحب َّ‬‫((فض ُل الع ْل ِم ُّ‬
‫ْ‬ ‫قال‪:‬‬
‫الله عليه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة ِ‬
‫ِ‬
‫الناس))(((‪.‬‬ ‫((يا أبا ُهرير َة‪ُ ،‬ك ْن َو ِر ًعا ُ‬
‫تك ْن أع َبدَ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪ ،)388/8‬و((تاج العروس)) للزبيدي (‪.)313/22‬‬


‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)944 :‬‬
‫((( ((الفوائد)) البن القيم (ص‪.)181 :‬‬
‫((( أخرجه الحاكم (‪ ،)314‬والبيهقي في ((اآلداب)) (‪.)830‬‬
‫صححه األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)4214‬‬ ‫َّ‬
‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ ،)4217‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)5750‬‬
‫حسن إسناده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (‪ ،)240/4‬وصححه األلباني في ((صحيح‪= ‬‬
‫َّ‬
‫‪260‬‬
‫ل‬
‫ُعَرو ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الورع‪:‬‬ ‫ُ‬
‫لف والعلما ِء يف ِ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫أن َي َّت ِقي الل َه العبدُ ‪ ،‬ح َّتى َي َّت ِقيه ِمن ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫ثقال‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬قال أبو الدَّ رداء‪َ ( :‬ت ُ‬
‫مام ال َّتقوى ْ‬
‫يكون حرا ًما‪ِ ،‬حجا ًبا ْبينه‬
‫َ‬ ‫حالل؛ خشي َة ْ‬
‫أن‬ ‫ٌ‬ ‫َذ َّر ٍة‪ ،‬وحتى َي ُتر َك َ‬
‫بعض ما َيرى أ َّنه‬
‫وبين الحرا ِم)(((‪.‬‬
‫والز ِ‬
‫أه ُل الور ِع ُّ‬ ‫ِ‬
‫هد)(((‪.‬‬ ‫لساء الله غدً ا ْ‬
‫(ج ُ‬ ‫ ‪-‬قال أبو ُهرير َة‪ُ :‬‬
‫الز ِ‬
‫أن القناع َة َّأو ُل ِّ‬
‫الرضا)(((‪.‬‬ ‫هد‪ ،‬كما َّ‬ ‫(الور ُع َّأو ُل ُّ‬
‫َ‬ ‫اراني‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال أبو ُس َ‬
‫ليمان الدَّ ُّ‬
‫الورعِ؛ ما حاك في ن ْف ِسك فات ُْر ْكه)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أسه َل من َ‬
‫رأيت َ‬
‫َّوري‪( :‬ما ُ‬ ‫ ‪-‬قال ُس ُ‬
‫فيان الث ُّ‬

‫أقسا ُم الو َر ِع(((‪:‬‬


‫ِ‬
‫والعذاب عندَ‬ ‫يكون سب ًبا َّ‬
‫للذ ِّم‬ ‫َ‬ ‫قاء ما ُيخاف ْ‬
‫أن‬ ‫المشروع‪ ،‬وهو‪ :‬ا ِّت ُ‬
‫ُ‬ ‫الورع‬
‫‪ُ 1-1‬‬
‫ِ‬
‫شتبهات التي ُتشبِ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والم‬
‫أداء الواجبات ُ‬ ‫دخ ُل في ذلك ُ‬ ‫اجح‪ ،‬و َي ُ‬
‫الر ِ‬‫المعارض َّ‬ ‫عد ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرام‪.‬‬
‫َ‬ ‫شتبهات التي ُتشبِ ُه‬ ‫والم‬
‫حرمات ُ‬ ‫وتر ُك ُ‬
‫الم َّ‬ ‫الواجب‪ْ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الواجب‬ ‫والعذاب‪ ،‬وهو فِ ُ‬
‫عل‬ ‫ِ‬ ‫يكون سب ًبا َّ‬
‫للذ ِّم‬ ‫ُ‬ ‫الواجب‪ ،‬وهو‪ :‬ا ِّتقا ُء ما‬
‫ُ‬ ‫الورع‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫حر ِم‪.‬‬ ‫وتر ُك ُ‬
‫الم َّ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اس َت ِنف ُر ن ْف ُسه عن أشيا َء‬
‫كثير ِمن ال َّن ِ‬
‫فيكون‬ ‫ونحوها‪،‬‬ ‫لعادة‬ ‫الورع الفاسدُ ؛ ٌ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫وظ ٍ‬‫بعضهم في أوها ٍم ُ‬ ‫ُ‬
‫ويكون ُ‬
‫نون‬ ‫واشتباهها عنده‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قوي َت َ‬
‫حريمها‬ ‫مما ُي ِّ‬
‫ذلك َّ‬

‫=‪ ‬سنن ابن ماجه)) (‪.)4217‬‬


‫((( أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (‪ ،)19/2‬وأبو نعيم في ((الحلية)) (‪ ،)212/1‬وابن عساكر‬
‫في ((تاريخ دمشق)) (‪.)160/47‬‬
‫((( ((الرسالة القشيرية)) (‪.)236/1‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)24/2‬‬
‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫((( ((مجموع الفتاوى)) البن تيمية (‪.)137/20‬‬
‫‪261‬‬
‫ل‬
‫ُعَرو ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ممن قال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مبناها على الور ِع‬ ‫فتكون تلك ُّ‬
‫الظ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫فيكون صاح ُبه َّ‬ ‫الفاسد‪،‬‬ ‫نون ْ‬ ‫كاذبة‪،‬‬
‫رع‬ ‫الله تعالى فيه‪ :‬ﮋ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﮊ [النجم‪َ ،]23 :‬‬
‫وو ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الباب‪.‬‬ ‫كثير منه ِمن هذا‬ ‫ِ‬
‫أهل البد ِع ٌ‬

‫فوائ ُد ِ‬
‫الورع وآثا ُره‪:‬‬
‫جلب محب َة ِ‬
‫الله ُسبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪َ 1-1‬ي ِ ُ‬
‫الش ِ‬
‫بهات وال ُبعدُ عنها‪.‬‬ ‫‪2-2‬فيه ْتر ُك ُّ‬
‫ِ‬
‫طعم والمشْ ُ‬
‫رب‪.‬‬ ‫الم ُ‬ ‫يب َ‬ ‫‪3-3‬به َيط ُ‬
‫الستجابة الدُّ ِ‬
‫عاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سبب‬‫‪ٌ 4-4‬‬
‫والع ِ‬
‫رض‪.‬‬ ‫ين ِ‬ ‫االستبراء للدِّ ِ‬ ‫‪5-5‬‬
‫ُ‬
‫أسباب َك ِ‬
‫مال ال َّتقوى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سبب ِمن‬
‫الورع ٌ‬
‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬

‫الورع‪:‬‬ ‫ُ‬
‫درجات ِ‬
‫ٍ‬
‫رجات‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ثالث َد‬ ‫الورع على‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القبائح؛ لص ِ‬
‫ون الن ْف ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫وصيانة‬ ‫سنات‬ ‫الح‬
‫وتوفير َ‬ ‫س‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫األولى‪ :‬تج ُّن ُب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثاني ُة‪ِ :‬ح ُ‬
‫وصعو ًدا‬
‫الصيانة وال َّتقوى‪ُ ،‬‬ ‫فظ الحدود عندَ ما ال ْبأ َ‬
‫س به؛ إبقا ًء على ِّ‬
‫ِ‬
‫الحدود‪.‬‬ ‫عن الدَّ ِ‬
‫ناءة‪ ،‬وتخ ُّل ًصا عن اقتحا ِم‬

‫فر ِق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ور ُع عن ِّ‬


‫كل داعية تدْ عو إلى َشتات الوقت‪ ،‬والتع ُّلق بال َّت ُّ‬ ‫ال َّثالث ُة‪ :‬ال َّت ُّ‬
‫الجم ِع(((‪.‬‬
‫حال ْ‬‫ض َ‬ ‫وعارض ُي ِ‬
‫عار ُ‬ ‫ٍ‬

‫ومظاه ِره‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الورع‬
‫ور ِ‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الورع في ال َّن ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم ٍّ‬
‫لعلي رضي الله‬ ‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ظر‪ :‬قال‬ ‫‪ُ 1-1‬‬

‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)22/2‬‬


‫‪262‬‬
‫ل‬
‫ُعَرو ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫عنه‪(( :‬ال ُت ْت ِب ِع ال َّنظر َة ال َّنظر َة؛ َّ‬


‫فإن لك ُ‬
‫األولى‪ ،‬وليست لك اآلخر ُة))(((‪.‬‬

‫السمعِ‪.‬‬
‫الورع في َّ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫الله وهو‬ ‫بكر ِ‬


‫رح َمهما ُ‬ ‫اب على أبي ٍ‬
‫الخط ِ‬
‫بن َّ‬ ‫‪3-3‬الور ُع في ال ِّل ِ‬
‫سان‪َّ :‬‬
‫عمر ُ‬
‫لع ُ‬ ‫اط َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الموار َد؛ َّ‬
‫إن‬ ‫أو َردني‬ ‫ِ ِ‬ ‫يمدُّ لِسا َنه‪ ،‬فقال‪ :‬ما َتصن َُع يا خليف َة‬
‫رسول الله؟ قال‪ :‬هذا ْ‬ ‫ُ‬
‫الجسد َّإل يشْ كو إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫شيء ِمن‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬
‫الله‬ ‫الله عليه وس َّل َم قال‪(( :‬ليس ٌ‬ ‫الله َص َّلى ُ‬
‫سان على ِحدتِه))(((‪.‬‬
‫ال ِّل َ‬

‫الله عليه وس َّل َم‪َّ :‬‬


‫((إن الل َه ط ِّي ٌب ال‬ ‫رسول ِ‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫البط ِن‪ :‬قال‬
‫الورع في ْ‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫رسلين؛ فقال‪ :‬ﮋ ﮡ ﮢ‬
‫الم َ‬ ‫َيق َب ُل َّإل ط ِّي ًبا‪َّ ،‬‬
‫وإن الل َه أ َم َر المؤمنين بما أ َم َر به ُ‬
‫ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮊ [المؤمنون‪ ،]51 :‬وقال‪ :‬ﮋﭽ ﭾ ﭿ‬
‫ِ‬ ‫ثم َ‬
‫أشع َث‬
‫فر َ‬ ‫العبدَ ُيطيل َّ‬
‫الس َ‬ ‫ذك َر ْ‬ ‫ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮊ [البقرة‪َّ ،]172 :‬‬
‫حرام‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫لبسه‬
‫حرام‪ ،‬و َم ُ‬
‫ٌ‬ ‫شر ُبه‬
‫حرام‪ ،‬و َم َ‬
‫ٌ‬ ‫رب‪ْ .‬‬
‫مط َع ُمه‬ ‫رافعا َيدَ يه‪ :‬يا ِّ‬
‫رب يا ِّ‬ ‫أغ َب َر ً‬
‫ستجاب لذلك؟!))(((‪.‬‬‫ُ‬ ‫وغ ِذ َي بالحرا ِم؛ فأ َّنى ُي‬
‫ُ‬

‫ثالث ِم ٍئة‬
‫َ‬ ‫رأيت‬ ‫ِ‬
‫البراء ِ‬ ‫الورع في ال َفتوى‪ :‬عن‬
‫الله عنه‪ ،‬قال‪( :‬لقد ُ‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫أن ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫كف َيه صاح ُبه ال َفتوى)(((‪.‬‬ ‫أهل بدْ ٍر‪ ،‬ما منهم من أحد َّإل وهو ُيح ُّب ْ َ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)2149‬والترمذي (‪ ،)2777‬وأحمد (‪.)22974‬‬


‫صححه الحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (‪ )212/2‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وحسنه‬
‫األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2777‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (‪ ،)13‬وأبو يعلى (‪ ،)5‬والبيهقي في ((شعب اإليمان))‬
‫(‪.)4947‬‬
‫األلباني في ((سلسلة األحاديث الصحيحة)) (‪.)535‬‬
‫ُّ‬ ‫البخاري‬
‫ِّ‬ ‫صحح إسناده على شرط‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)1015‬‬
‫((( أخرجه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (‪.)276/8‬‬
‫‪263‬‬
‫ل‬
‫ُعَرو ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الورع‪:‬‬ ‫ُ‬
‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫وسائل‬
‫ورغبته فِيما له‪ .‬وبت ُّ‬
‫َذك ِره‬ ‫ِ‬
‫َذك ِره منه ل َما عليه‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫بخمسة أشيا َء‪ :‬بالع ْل ِم‪ .‬وبت ُّ‬ ‫ُ‬
‫يكون‬
‫الجب ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الم ِل ِك‬ ‫ِ‬
‫َذك ِره استحيا َءه من َ‬
‫ِ‬
‫عظم َة الله وجال َله‪ ،‬و ُقدر َته ُ‬
‫وسلطا َنه‪ .‬وبت ُّ‬
‫ِ‬
‫الشبه(((‪.‬‬ ‫الله عليه‪ ،‬وبقائه له على‬ ‫ب ِ‬ ‫غض ِ‬ ‫َذك ِره خو َفه ِمن َ‬
‫بت ُّ‬

‫والسلف‪:‬‬
‫ِ‬ ‫حابة‬
‫والص ِ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ُ‬
‫اهلل عليه َّ‬ ‫مناذج يف الورع ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫تكون‬ ‫ٍ‬
‫سقوطة‪ ،‬فقال‪ :‬لوال ْ‬
‫أن‬ ‫الله عليه وس َّلم بتم ٍ‬
‫رة َم‬ ‫بي َص َّلى ُ‬
‫َ ْ‬ ‫((مر ال َّن ُّ‬
‫ ‪َّ -‬‬
‫َصدق ًة َلك ْل ُتها))(((‪.‬‬

‫الله عنهما‬‫رض َي ُ‬‫بن علي ِ‬ ‫الحس َن َ‬ ‫الله عنه‪َّ :‬‬


‫((أن‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُهرير َة ِ‬
‫ٍّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫فجع َلها في فيه‪ ،‬فقال له ال َّن ُّ‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫الصدقة‪َ ،‬‬ ‫تم ِر َّ‬‫تمر ًة من ْ‬ ‫أخ َذ ْ‬
‫َ‬
‫الصدق َة))(((‪.‬‬‫نأك ُل َّ‬ ‫بالفارسي ِة‪ِ :‬ك ْخ‪ِ ،‬ك ْخ؛ أ َما َت ِ‬
‫عر ُف أ َّنا ال ُ‬ ‫َّ‬
‫أجدُ ه ِ‬ ‫الله عنه قال‪( :‬إ َّنه ال ِ‬ ‫بن عمر‪ ،‬عن عمر ِ‬
‫يح ُّل لي ْ‬
‫أن‬ ‫رض َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬عن عاص ِم ِ َ‬
‫والخبزَ‬
‫ْ‬ ‫يت‪،‬‬‫والز َ‬
‫الخبزَ َّ‬ ‫لب مالي‪ْ :‬‬ ‫آكل ِمن ُص ِ‬‫كنت ُ‬ ‫ُآك َل ِمن مالِكم هذا‪َّ ،‬إل كما ُ‬
‫سم ٌن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫من‪ ،‬قال‪ :‬فكان ربما يؤ َتى بالج ْف ِنة قد صنِعت َّ ِ‬
‫ومما َيليه منها ْ‬ ‫بالزيت‪َّ ،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫والس َ‬ ‫َّ‬
‫يت)(((‪.‬‬ ‫الز َ‬‫تم ِر ُئ َّ‬
‫أس ْ‬
‫عربي‪ ،‬ولست ْ‬
‫ٌّ‬ ‫رجل‬ ‫ُ‬
‫ويقول‪ :‬إ ِّني ٌ‬ ‫ف َيعت َِذ ُر إلى القو ِم‬
‫ِ ِ‬ ‫اك قال‪( :‬كان عمر بن ِ‬ ‫ابن السم ِ‬
‫ِ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫العزيز َيقس ُم ُت َّف ً‬
‫احا بين‬ ‫عبد‬ ‫ُ ُ‬ ‫ ‪-‬عن ِ َّ َّ‬
‫فأخ َذ تلك‬ ‫وأخ َذ ُت َّفاح ًة ِمن ذلك ال ُّت َّف ِ‬
‫اح‪ ،‬فو َث َب إليه‪ ،‬ف َف َّك يدَ ُه َ‬ ‫ابن له َ‬
‫فجاء ٌ‬
‫فذه َب إلى ُأ ِّمه ُم ْستغي ًثا‪ ،‬فقالت له‪ :‬ما لك ْ‬
‫أي ُبن ََّي؟‬ ‫اح‪َ ،‬‬ ‫رحها في ال ُّت َّف ِ‬ ‫ال ُّت َّفاح َة‪َ ،‬‬
‫فط َ‬

‫((( ((العقل والهوى)) للحكيم الترمذي (ص‪.)7 -6 :‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )2055‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1071‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )3072‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)1069‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (‪.)190‬‬
‫‪264‬‬
‫ل‬
‫ُعَرو ا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫احا‪ ،‬فأك َل ْت‬ ‫ِ‬ ‫فأخبرها‪ ،‬فأرس َل ْت ِ‬


‫وأطع َم ْته‪ ،‬ور َف َع ْت ل َ‬
‫عمر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫رهمين فاشت ََر ْت ُت َّف ً‬ ‫بد‬ ‫ََ‬
‫اح‪ ،‬فقال‪ِ :‬من أين هذا‬ ‫فأخر َج ْت له طب ًقا ِمن ُت َّف ٍ‬ ‫َ‬ ‫دخ َل إليها‪،‬‬ ‫فر َغ َّ‬
‫مما ْبين يدَ ْيه َ‬ ‫فلما َ‬
‫َّ‬
‫كنت َل ْش ِته ِيه)(((‪.‬‬ ‫إن ُ‬ ‫ِ‬
‫والله ْ‬ ‫رح َم ِك ُ‬
‫الله‪،‬‬ ‫فاطمة؟‪ ،‬فأخبرتْه‪ ،‬فقال‪ِ :‬‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫يا‬

‫عر‪:‬‬ ‫ال َور ُع يف واحة ِّ‬


‫الش ِ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫(((‬
‫الـــور ُع‬
‫َ‬
‫ح ًّقـــا وال ي ِ‬
‫صل ُحـــه َّإل‬ ‫ُ‬ ‫فســـدُ ِدي َن الـــورى َّإل ال َّط َم ُع‬
‫ال ي ِ‬
‫ُ‬
‫آخر‪:‬‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫جمي ًعـــا إلى مـــا ال َي ِري ُبك ت َْســـ َل ِم‬ ‫تـــور ْع و َد ْع ما قـــدْ َي ِري ُبـــك ك َّله‬
‫َّ‬
‫الله في ِّ‬ ‫قوق ِ‬‫ورا ِع ُح َ‬ ‫الســـ ْب ِع ُجمل ًة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وحاف ْظ على أعضائك َّ‬
‫ِ (((‬
‫كل ُمســـلم‬

‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الورع)) (‪.)223‬‬


‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) لعبد العزيز السلمان ( ‪.)43/3‬‬
‫((( ((طبقات صلحاء اليمن)) لعبد الوهاب السكسكي (‪.)301/1‬‬
‫‪265‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الوفاءُ بالعهْ ِد‬

‫معنى الوفا ِء‪:‬‬


‫الع ْهدَ ولم‬ ‫وأ ْو َفى بمعنًى‪ ،‬أي‪َّ :‬‬
‫تم َم َ‬ ‫الغدْ ِر‪ُ ،‬يقال‪َ :‬و َفى َبع ْه ِده َ‬
‫الوفاء ُلغ ًة‪ِ :‬ضدُّ َ‬
‫ُ‬
‫فظه(((‪.‬‬‫ض ِح َ‬ ‫َي ُنق ْ‬
‫ره ُن به لِسا َنه‪،‬‬
‫اإلنسان ِمن ن ْف ِسه و َي َ‬
‫ُ‬ ‫بذ ُله‬
‫الص ُبر على ما َي ُ‬
‫اصطالحا‪ :‬هو َّ‬‫ً‬ ‫الوفاء‬
‫ُ‬
‫وإن كان م ِ‬
‫جح ًفا به(((‪.‬‬ ‫ضمنُه ْ‬
‫ُ‬ ‫مما َي َ‬
‫والخروج َّ‬
‫ُ‬
‫دق‪:‬‬
‫والص ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني الوفا ِء ِّ‬
‫كل ِص ٍ‬
‫دق‪ ،‬وليس ُّ‬ ‫فكل و ٍ‬
‫فاء ِص ٌ‬ ‫ِ‬
‫دق وفا ًء؛ َّ‬
‫فإن الوفا َء‬ ‫وأخص؛ ُّ َ‬
‫ُّ‬ ‫أعم‬
‫قيل‪ :‬هما ُّ‬
‫نوع ِمن أنوا ِع‬ ‫ِ‬
‫القول؛ أل َّنه ٌ‬ ‫دق َّإل في‬
‫الص ُ‬ ‫ُ‬
‫يكون ِّ‬ ‫ِ‬
‫القول‪ ،‬وال‬ ‫عل َ‬
‫دون‬ ‫يكون ِ‬
‫بالف ِ‬ ‫ُ‬ ‫قد‬
‫والخبر ٌ‬
‫قول(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الخبر‪،‬‬

‫ور؛ وذلك‬ ‫والج ِ‬ ‫ِ‬


‫الكذ ِ‬
‫ب‬ ‫دق والعدْ ِل‪ ،‬والغدْ ُر أخو‬ ‫الص ِ‬
‫َ‬ ‫فاء أخو ِّ‬ ‫الو ُ‬
‫وقيل‪َ :‬‬
‫ألن فيه مع ِ‬ ‫عل معا‪ ،‬والغدْ ر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أن الوفا َء ِص ُ‬
‫ب‬ ‫الكذ ِ‬ ‫كذ ٌب بهما؛ َّ‬ ‫َ‬ ‫دق ال ِّلسان والف ِ ً‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإلنسانية‬ ‫فقد انس َل َخ ِمن‬‫باإلنسان؛ فمن ُف ِقدَ فيه ِ‬
‫ِ‬ ‫َص‬ ‫العه ِد‪،‬‬ ‫ن ْق َ‬
‫َ‬ ‫والوفاء َيخت ُّ‬
‫ُ‬ ‫ض ْ‬
‫اس‪،‬‬ ‫وصي َره ِقوا ًما ُأل ِ‬
‫مور ال َّن ِ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪،‬‬ ‫العهدَ ِمن‬
‫الله تعالى ْ‬ ‫جع َل ُ‬
‫دق‪ ،‬وقد َ‬ ‫كالص ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫والوفاء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫العهد‬ ‫ِ‬
‫راعاة‬ ‫عاو ِن‪ ،‬وال يتِ ُّم تعاو ُنهم َّإل ُبم‬ ‫ضطر َ‬
‫ون إلى ال َّت ُ‬ ‫اس ُم ُّ‬ ‫فال َّن ُ‬
‫ُ‬
‫التعايش(((‪.‬‬ ‫القلوب‪ ،‬وارت َف َع‬ ‫ت‬‫ولوال ذلك َلتنا َفر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫((( ((المفردات)) للراغب األصفهاني (ص‪.)878 :‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)24 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)575 :‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب األصفهاني (ص‪.)292 :‬‬
‫‪266‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫األم ُر بالوفا ِء بالعه ِد والوع ِد يف‬
‫ ‪-‬قال ُسبحانه‪ :‬ﮋﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﮊ [اإلسراء‪.]34 :‬‬

‫عز ِمن ٍ‬
‫قائل‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ [الرعد‪.]20-19 :‬‬

‫الله عليه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬


‫الله َص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫رض َي ُ‬ ‫ِ‬
‫الصامت ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ُعباد َة ِ‬
‫بن‬
‫اصدُ قوا إذا حدَّ ْث ُتم‪َ ،‬‬ ‫((اضمنوا لي ِس ًّتا ِمن ُ ِ‬
‫وأوفوا‬ ‫لكم الج َّن َة‪ْ :‬‬
‫أضم ْن ُ‬
‫أنفسكم َ‬ ‫قال‪َ ْ :‬‬
‫ِ‬
‫أبصاركم‪ُ ،‬‬
‫وك ُّفوا‬ ‫َ‬ ‫وغ ُّضوا‬ ‫واح َفظوا ُف َ‬
‫روجكم‪ُ ،‬‬ ‫وعدْ ُتم‪ُّ ،‬‬
‫وأدوا إذا ائ ُتم ْن ُتم‪ْ ،‬‬ ‫إذا َ‬
‫ِ‬
‫أيد َي ُكم))(((‪.‬‬

‫ما ِقيل يف الوفا ِء‪:‬‬


‫األمانة وال ِّث ِ‬
‫قة‪ ،‬كذلك‬ ‫ِ‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫للوديعة ُ‬ ‫توخى‬ ‫ابن ُم ٍ‬
‫فلح‪( :‬كان ُيقال‪ :‬كما ُي َّ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫والش ِ‬
‫كر)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوفاء ُّ‬ ‫أهل‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف ُ‬ ‫َي ْنبغي ْ‬
‫أن ُي َّ‬
‫توخى‬
‫موز ال َّن ِ‬
‫سب)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لإلخوان كان مغْ َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬
‫الحكماء‪( :‬من لم ي ِ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫بعض‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ألن الوفي َ‬ ‫ود وال َّن ِ‬
‫ركب ِمن العدْ ِل والج ِ‬
‫رأى‬ ‫َّ‬ ‫جدة؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫(الوفاء ُم َّ ٌ‬
‫ُ‬ ‫حز ٍم‪:‬‬
‫ابن ْ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫أحس َن إليه‪ ،‬فعدَ َل في ذلك‪ ،‬ورأى ْ‬ ‫ِ‬ ‫قار َ‬‫ور َّأل ُي ِ‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫أن‬ ‫ض َمن وثقَ به‪ ،‬أو َمن َ‬ ‫من َ‬
‫أن َيتج َّلدَ‬ ‫ِّ‬
‫الحظ‪ ،‬فجاد في ذلك‪ ،‬ورأى ْ‬ ‫ِ‬
‫الوفاء ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بعاجل َي ْقتضيه له ُ‬
‫عدم‬ ‫سم َح‬‫َي َ‬
‫ِ‬
‫الوفاء‪َ ،‬‬
‫فش ُج َع في ذلك)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عاقبة‬ ‫لِ َما َيتو َّق ُع ِمن‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)22757‬وابن حبان (‪ ،)271‬والحاكم (‪.)8066‬‬


‫صحح إسناده الحاكم‪ ،‬وقال الذهبي في ((المهذب)) (‪ :)2451/5‬إسناده صالح‪ .‬وحسن‬ ‫َّ‬
‫إسناده ابن كثير في ((جامع المسانيد)) (‪.)5807‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (ص‪.)292 :‬‬
‫((( ((آداب العشرة)) لبدر الدين الغزي (ص‪.)52 :‬‬
‫((( ((األخالق والسير)) البن حزم (ص‪.)145 :‬‬
‫‪267‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫أقسا ُم ْ‬
‫العه ِد‪:‬‬
‫فإن الل َه ُسبحانه وتعالى قال في كتابِه‪:‬‬ ‫َّ‬
‫وجل؛ َّ‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬ ‫ِ‬
‫القسم األو ُل‪ :‬عهدٌ مع ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َّ‬
‫ﮋ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ‬
‫الله العهدَ على ِع ِ‬
‫جميعا ْ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫باده‬ ‫أخ َذ ُ ْ‬ ‫ﭵ ﭶﭷ ﭸﮊ [األعراف‪ ،]172 :‬فقد َ‬
‫شركوا به شيئًا؛ أل َّنه ر ُّبهم وخالِ ُقهم‪.‬‬
‫َيع ُبدوه وال ُي ِ‬

‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫العهود التي ت َق ُع ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪ :‬بين‬ ‫ُ‬ ‫باد ِ‬
‫الله‪ ،‬ومنه‬ ‫ِ‬
‫القسم ال َّثاني‪ :‬العهدُ مع ِع ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المعروفة‪ ،‬فقد‬ ‫ِ‬
‫العهود‬ ‫وغير ذلك ِمن‬ ‫ار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وأخيه المسل ِم‪ ،‬بين المسلمين والك َّف ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وجل‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫َّ‬ ‫عز‬ ‫ِ‬
‫بالوفاء بالع ِ‬
‫هد؛ فقال َّ‬ ‫َ‬ ‫الله تعالى‬
‫أ َم َر ُ‬
‫ﯠ ﯡ ﮊ [اإلسراء‪.(((]34 :‬‬

‫فوائ ُد الوفا ِء ْ‬
‫بالعه ِد وآثا ُره‪:‬‬
‫ِ‬
‫مرات االلتزا ِم‬‫الله‪ ،‬وثمر ٌة ِمن َث‬
‫هد ِ‬ ‫ِ‬
‫الوفاء بع ِ‬ ‫أثر ِمن ِ‬
‫آثار‬
‫َ‬ ‫‪1-1‬ال َّتقوى‪ ،‬وهي ٌ‬
‫بم ِ‬
‫يثاقه؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ِ‬

‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ [البقرة‪.]63 :‬‬

‫ستقيمين على‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪2-2‬محب ُة ِ‬


‫َ‬ ‫الموفين َبع ْهدهم‪ُ ،‬‬
‫للم َّتقين ُ‬
‫محبتَه ُ‬
‫الله َّ‬
‫الله‪ ،‬أث َب َت ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫العهود؛ قال تعالى‪:‬‬ ‫هم على تلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استَقاموا ْ‬
‫ُعهودهم و َمواثيقهم‪ ،‬ح َّتى مع أعدائهم ما ْ‬
‫ﮋﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﮊ [التوبة‪.]7 :‬‬
‫يانة الدِّ ِ‬ ‫حصول األم ِن في الدُّ نيا‪ِ ،‬‬
‫ماء‪.‬‬ ‫وص ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫‪3-3‬‬
‫الطي ُبة‪ ،‬والجزاء الحسن واألجر العظيم عندَ ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫‪4-4‬الحيا ُة َّ ِّ‬

‫((( ((شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪.)45/4‬‬


‫‪268‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫وإدخال الج َّن ِ‬


‫ات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪َ 5-5‬تكفير السي ِ‬
‫ئات‪،‬‬ ‫ُ َّ ِّ‬
‫ِمن ُص َور الوفا ِء‪:‬‬
‫العب ِد ور ِّبه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعهد الذي ْبين ْ‬
‫الوفاء ْ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫‪2-2‬الوفاء في س ِ‬
‫داد الدَّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫روط ع ْق ِد الن ِ‬
‫ِّكاح‪.‬‬ ‫بش ِ‬‫الوفاء ُ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫وجين‪.‬‬ ‫الز‬
‫الوفاء ْبين َّ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫بعم ِله‪.‬‬ ‫ِ‬


‫العامل َ‬ ‫وفاء‬
‫‪ُ 5-5‬‬
‫الوفاء بال َّن ِ‬
‫ذر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫ٍ‬
‫إجارة‪.‬‬ ‫الوفاء بما ا ْلتزَ َم به ِمن َبي ٍع أو‬‫‪7-7‬‬
‫ُ‬
‫والمواثيق في َعالقاتِهم مع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العهود‬ ‫واألمراء ِمن‬
‫ُ‬ ‫الوفاء بما ا ْلتزَ َم به الوال ُة‬
‫ُ‬ ‫‪8-8‬‬
‫الدُّ ِ‬
‫ول‪.‬‬

‫حابة‪:‬‬
‫والص ِ‬ ‫هلل عليه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َصَّلى ا ُ‬ ‫مناذج يف الوفا ِء ِمن حيا ِة َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ديقات َزوجتِه خديج َة‬ ‫ِ‬ ‫الله عليه وس َّل َم أ َّنه كان ُي ِ‬
‫كر ُم َص‬ ‫فائه َص َّلى ُ‬ ‫ ‪ِ -‬من و ِ‬
‫َ‬
‫بن ٍ‬
‫مالك ِ‬ ‫أنس ِ‬ ‫فعن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بي‬ ‫الله عنه قال‪(( :‬كان ال َّن ُّ‬
‫رض َي ُ‬ ‫الله عنها بعدَ موتها؛ ْ‬ ‫رض َي ُ‬
‫ُ‬ ‫بالش ِ‬‫الله عليه وس َّل َم إذا ُأتِ َي َّ‬
‫يقول‪ :‬ا ْذ َهبوا به إلى ُفالن َة؛ فإ َّنها كانت‬ ‫يء‬ ‫َص َّلى ُ‬
‫يت ُفالن َة؛ فإ َّنها كانت ُت ِح ُّب خديج َة))(((‪.‬‬ ‫صديق َة خديج َة‪ ،‬ا ْذ َهبوا به إلى ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫الله عليه وس َّل َم‬


‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫بكر ِ‬
‫فاء أبي ٍ‬ ‫ِ‬
‫الله عنه بديون ال َّن ِّ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬ومن ذلك َو ُ‬

‫((( أخرجه البخاري في ((األدب المفرد)) (‪ ،)232‬وابن حبان (‪ ،)7007‬الحاكم (‪.)7339‬‬


‫وحسنه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (‪ ،)107/4‬واأللباني في‬
‫َّ‬ ‫صحح إسناده الحاكم‪،‬‬
‫َّ‬
‫((صحيح األدب المفرد)) (‪.)172‬‬
‫‪269‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫ِ‬
‫جابر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله‬ ‫الله عنهما‪ ،‬قال‪(( :‬قال لي‬
‫رض َي ُ‬ ‫وعدَ اته؛ ْ‬
‫فعن‬

‫أعط ْي ُتك هكذا وهكذا‪ ،‬ثال ًثا‪،‬‬ ‫البحرين‪ ،‬لقد َ‬ ‫ِ‬ ‫ى‪ ‬الله عليه وس َّل َم‪ :‬لو قدْ جاء ُ‬
‫مال‬ ‫ُ‬ ‫َص َّل‬
‫فلما َق ِد َم على‬
‫الله عليه وس َّل َم‪َّ ،‬‬
‫الله َص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫ض‬‫البحرين ح َّتى ُقبِ َ‬
‫ِ‬ ‫فلم َيقدَ ْم ُ‬
‫مال‬
‫ين أو ِعدَ ٌة‪،‬‬
‫الله عليه وس َّل َم َد ٌ‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫أبي ٍ‬
‫بكر أ َم َر ُمناد ًيا‪ ،‬فنادى‪َ :‬من كان له عندَ ال َّن ِّ‬
‫الله عليه وس َّل َم قال‪:‬‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ئت أبا ٍ‬
‫بكر‪ ،‬فأخ َب ْر ُته َّ‬ ‫ف ْليأتِني‪ .‬قال جابر‪ِ :‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫فج ُ‬ ‫ٌ‬
‫جابر‪:‬‬ ‫أع َط ْي ُتك هكذا وهكذا» ثال ًثا‪ .‬قال‪ْ :‬‬
‫فأعطاني‪ ،‬قال ٌ‬ ‫ِ‬
‫البحرين ْ‬ ‫«لو جاء ُ‬
‫مال‬
‫فلم ُيعطِني‪ ،‬ثم أ َت ْي ُته الثَّالث َة‬ ‫ِ‬ ‫ف َل ِق ُ‬
‫يت أبا ٍ‬
‫بكر بعدَ ذلك‪ ،‬فسأ ْل ُته فلم ُيعطني‪ ،‬ثم أ َت ْي ُته ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فلم ُيعطِني‪،‬‬
‫ثم أ َت ْي ُتك ْ‬
‫فلم‬ ‫فلم ُتعطني‪َّ ،‬‬ ‫ثم أ َت ْي ُتك ْ‬ ‫فقلت له‪ :‬قد أ َتي ُتك ْ‬
‫فلم ُتعطني‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫بخ ُل عنِّي؟ وأي ٍ‬
‫داء‬ ‫بخ َل عنِّي‪ ،‬فقال‪ :‬أق ْل َت‪َ :‬ت َ‬ ‫أن ُتعطِ َيني‪ ،‬وإ َّما ْ‬
‫أن َت َ‬ ‫ُتعطِني‪ ،‬فإ َّما ْ‬
‫ُّ‬
‫أن ُأعطِ َيك))(((‪.‬‬‫مر ٍة َّإل وأنا ُأ ِريدُ ْ‬ ‫ِ‬
‫خل؟! ‪-‬قا َلها ثال ًثا‪ -‬ما َم ْنع ُتك من َّ‬‫أدو ُأ ِمن ال ُب ِ‬
‫َ‬

‫اإلخالف بالعه ِد والوع ِد‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أحوال‬
‫العه ِد‪ ،‬وهو في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ملي عن ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫الحال ُة األولى‪ :‬ال َّتعبير َ ِ‬
‫منذ إعطاء الوعد أو ْ‬ ‫الع ُّ‬ ‫ُ‬
‫ذيلة ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫اإلخالف المستنِ ِد إلى ر ِ‬
‫ِ‬ ‫هذا ي ِ‬
‫حم ُل َرذيل َة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫وعه ٍد‪ ،‬وهذا ُيع ِّب ُر‬ ‫مه وا ْلتزَ م به ِمن ٍ‬


‫وعد ْ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قض لِ َما أ ْب َر ُ‬ ‫الحال ُة ال َّثاني ُة‪ :‬ال َّن ُ‬
‫كث وال َّن ُ‬

‫اآلخرين‬ ‫الكلمة‪ ،‬وثِ ِ‬


‫قة‬ ‫ِ‬ ‫وعد ِم احترا ِم َش ِ‬
‫رف‬ ‫َّبات‪َ ،‬‬‫وعد ِم الث ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة َ‬ ‫عف‬‫عن َض ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ضالء الذين ُيو َث ُق‬ ‫ِ‬
‫جماعة ُ‬ ‫ِ‬ ‫بذ ِمن‬
‫لق ي ْفضي بصاحبِه إلى ال َّن ِ‬ ‫بها‪ ،‬وهذا ُ‬
‫الف‬ ‫مالك‬ ‫الخ ُ ُ‬
‫بهم وبأقوالِهم‪.‬‬

‫ُ‬ ‫أفضل وخير عندَ ِ‬ ‫حو ُل إلى ما هو‬


‫واالنتقال إلى ما هو‬ ‫الله‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫الحال ُة ال َّثالث ُة‪ :‬ال َّت ُّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )4383‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2314‬‬


‫‪270‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫العام ِة التي َت ُ‬
‫دخل فيها‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫العهود‬ ‫ُ‬
‫تكون في‬ ‫أكثر طاع ًة ِ‬
‫لله‪َّ ،‬إل َّ‬
‫أن هذه الحال َة ال‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الناس‪.‬‬ ‫لآلخرين ِمن‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫حقوق ما ِّد ٌية‬ ‫ِ‬
‫العهود التي َترتبِ ُط بها‬ ‫ولي ٌة‪ ،‬وال في‬ ‫ٌ‬
‫حقوق َد َّ‬
‫وبين ِ‬
‫غيره؛‬ ‫فاض ُ‬
‫لة ْبينه ْ‬ ‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬فقد َت ْجري ُ‬ ‫الله في ا ْلتزا ِم أ ْم ٍر ِمن‬
‫أما العهدُ مع ِ‬
‫َّ‬
‫حقيق َمرضاتِه‪.‬‬ ‫طاعة ِ‬
‫الله و َت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقرب إلى‬ ‫ِ‬
‫الختيار ما هو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لسبب ِمن‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الوفاء‪،‬‬ ‫عجزَ عن‬
‫األسباب‪ ،‬و َمن َ‬ ‫الوفاء‬ ‫الرابع ُة‪ْ :‬‬
‫العج ُز عن‬ ‫الحال ُة َّ‬
‫عذور؛ َلعد ِم استطاعتِه‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫دق َرغبته به وحرصه عليه‪ ،‬فهو َم ٌ‬ ‫مع ِص ِ‬

‫وشع ٌر يف الوفا ِء(((‪:‬‬ ‫ٌ‬


‫أمثال ِ‬
‫بن ثعلب َة‪ ،‬كان ِمن َوفائها‪َّ :‬‬
‫أن‬ ‫يس ِ‬‫‪1-1‬أوفى ِمن ُف َك ْي َه َة‪ :‬وهي امرأ ٌة ِمن بني َق ِ‬
‫جماعة ِمن‬
‫ٌ‬ ‫فخر َج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وائل‪ ،‬فلم يجدْ َغفل ًة ي ْلتم ُسها‪َ ،‬‬ ‫بن ٍ‬ ‫بن ُس َلك َة َغزَ ا َ‬
‫بكر َ‬ ‫الس َ‬
‫ليك َ‬ ‫ُّ‬
‫بكر فوجدوا أ َثر قدَ ٍم على ِ‬
‫األثر َل َث ُر قدَ ٍم َ‬
‫ور َد الما َء‪ ،‬ف َق َصدوا‬ ‫إن هذا َ‬ ‫الماء‪ ،‬فقالوا‪َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ َ َ‬
‫فعدَ ا حتى و َل َج ُق َّب َة ُف َكيه َة‪ ،‬فاستجار بها‪ ،‬فأ ْد َخ َل ْته‬
‫فلما وا َفى َح َملوا عليه‪َ ،‬‬
‫له‪َّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فمنَعوهم منها‪.‬‬ ‫فنادت إخو َتها‪ ،‬فجاؤوا عشر ًة‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫تحت درعها‪ ،‬فا ْنتَزعوا خ َ‬
‫مارها‪،‬‬

‫وس‪ ،‬وكان ِمن‬ ‫ابن أبي ُبرد َة ِمن َد ٍ‬ ‫هط ِ‬‫ميل‪ :‬وهي ِمن ر ِ‬
‫َ‬ ‫‪َ 2-2‬أوفى ِمن ُأ ِّم َج ٍ‬
‫رجل ِمن األزْ ِد‪ ،‬فب َلغَ ذلك‬
‫المخزومي قت ََل ً‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫المغيرة‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫الوليد ِ‬ ‫بن‬ ‫هشام َ‬
‫َ‬ ‫َوفائها‪َّ :‬‬
‫أن‬
‫هري لِ َي ْقتلوه‪ ،‬فعدَ ا حتى َ‬
‫دخ َل‬ ‫الف ِّ‬‫اب ِ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬ ‫ِ‬
‫ضرار ِ‬ ‫فو َثبوا على‬ ‫ِ‬
‫بالسراة‪َ ،‬‬
‫قو َمه َّ‬
‫فمنَعوه لها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بيت ُأ ِّم َج ٍ‬
‫ميل وعاذ بها‪ ،‬فقامت في ُوجوههم‪ ،‬و َد َعت قو َمها َ‬ ‫َ‬

‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫ِ‬
‫اإلخالف‬ ‫وال ُّلـــؤ ُم َم ْق ٌ‬
‫رون بـــذي‬ ‫إن الوفـــا َء علـــى الكريـــ ِم فريض ٌة‬
‫َّ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫وتَـــرى الكريم لِمن ي ِ‬
‫عاشـــر م ِ‬
‫ـــب اإلنصاف‬
‫ئيم ُمجان َ‬‫وتَرى ال َّل َ‬ ‫نص ًفا‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ ُ‬

‫((( ((المحاسن واألضداد)) للجاحظ (ص‪.)47 :‬‬


‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)255 :‬‬
‫‪271‬‬
‫ِدْهعلاب ُءافولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫آخر‪:‬‬
‫وقال ُ‬
‫نعـــم‪ ،‬فأتِ َّم ُه‬ ‫ٍ‬
‫واجب‬
‫ُ‬ ‫الح ِّر‬
‫«نعم» َدي ٌن علـــى ُ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬
‫فإن‬ ‫ْ‬ ‫ـــيء‪:‬‬ ‫إذا ق ْل َ‬
‫ـــت في َش‬
‫ِ (((‬
‫الناس‪ :‬إنَّـــك كاذ ُب‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يقـــول‬ ‫لئل‬‫َّ‬ ‫َســـتر ْح وت ُِر ْح بها‬
‫ِ‬ ‫ـــل‪« :‬ال» ت‬ ‫َّ‬
‫وإل ف ُق ْ‬

‫((( ((المستطرف)) لألبشيهي (ص‪.)207 :‬‬


‫‪272‬‬
‫ُراقولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الوقارُ‬

‫الوقار‪:‬‬
‫ِ‬ ‫معنى‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫وقر‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫ورجل ُم ٌ‬ ‫قور‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫ورجل ذو ق َرة‪ ،‬أي‪َ :‬و ٌ‬ ‫والس ُ‬
‫كون‪،‬‬ ‫والر ُ‬
‫زانة ُّ‬ ‫الوقار ُلغ ًة‪ :‬الح ُ‬
‫لم َّ‬ ‫ُ‬
‫جر ٌب(((‪.‬‬
‫ُم َّ‬
‫ِ‬ ‫كات التي ُ‬ ‫س و َثبا ُتها عندَ الحر ِ‬‫كون ال َّن ْف ِ‬
‫اصطالحا‪ُ :‬س ُ‬ ‫قار‬
‫المطالب(((‪.‬‬ ‫تكون في‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫الو ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫والحركة فيما‬ ‫ِ‬
‫اإلشارة‬ ‫ِ‬
‫وكثرة‬ ‫ث‪،‬‬‫ضول الكال ِم والعب ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اإلمساك عن ُف‬ ‫وقيل‪ :‬هو‬‫ِ‬
‫َ‬
‫واإلصغاء عندَ االستفها ِم‪ ،‬وال َّتو ُّق ُف عن‬ ‫ِ‬
‫الغضب‪،‬‬ ‫يستَغنى عن ال َّتحر ِك فيه‪ِ ،‬‬
‫وق َّل ُة‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمور(((‪.‬‬ ‫حف ُظ ِمن ال َّتسرعِ‪ ،‬والم ِ‬
‫باكرة في جمي ِع‬ ‫ِ‬
‫الجواب‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫كينة(((‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫وقري َّ‬ ‫قار َّ‬
‫والت ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ال َو ِ‬
‫ستعم ُل في معنى ال َّتعظي ِم‪ُ ،‬يقال‪ :‬و َّق ْر ُته‪ :‬إذا َّ‬
‫عظ ْمتَه‪.‬‬ ‫وقير ُي َ‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫الهيئة؛‬ ‫والوقار‪ :‬في‬ ‫كات‪ ،‬واجتناب العب ِ‬
‫ث‪،‬‬ ‫كينة‪ :‬هي ال َّتأ ِّني في الحر ِ‬
‫والس ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫وعد ِم اال ْل ِ‬ ‫ض الص ِ‬ ‫ِ‬
‫تفات‪.‬‬ ‫وت‪َ ،‬‬ ‫البصر‪ ،‬وخ ْف ِ َّ‬ ‫ِّ‬
‫كغض‬

‫نة‪:‬‬
‫والس ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫قار يف‬ ‫ُّ‬
‫واحلث على ال َو ِ‬ ‫غيب‬ ‫َّ‬
‫الت ُ‬
‫بارك وتعالى‪ :‬ﮋﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ ‪-‬قال َت َ‬
‫مشون بس ٍ‬
‫كينة‬ ‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﮊ [الفرقان‪ ،]63 :‬أي‪َ :‬ي ُ‬
‫َ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)848/2‬مفردات القرآن)) للراغب (ص‪(( ،)880 :‬لسان‬
‫العرب)) البن منظور (‪(( ،)4891-4889/8‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)668/2‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) لمسكويه (ص‪.)28 :‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)22 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)147 :‬شرح النووي على مسلم)) (‪.)100/5‬‬
‫‪273‬‬
‫ُراقولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫خفقون بنِعالِهم َ‬
‫أش ًرا َ‬
‫وبط ًرا(((‪.‬‬ ‫دامهم‪ ،‬وال ي ِ‬
‫َ‬
‫ضربون بأ ْق ِ‬ ‫وو ٍ‬
‫قار وتواضعٍ‪ ،‬ال َي ِ‬ ‫َ‬
‫بارك وتعالى‪ :‬ﮋﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ ﰐ ﰑ‬ ‫الله َت َ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ِ‬
‫تخي ًل‬ ‫ﰒ ﰓ ﰔ ﰕﮊ [لقمان‪ ،]19 :‬أي‪ :‬ل َي ُك ْن َمشْ ُيك ْ‬
‫قصدً ا‪ ،‬ال ُّ‬
‫كينة‪ ،‬كقولِه‪ :‬ﮋ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﮊ‬ ‫قار والس ِ‬
‫َّ‬ ‫بالو ِ‬
‫ش َ‬ ‫إسراعا‪ .‬وقيل‪ :‬ا ْم ِ‬
‫ً‬ ‫وال‬
‫[الفرقان‪.(((]63 :‬‬
‫الله عليه وس َّلم‬
‫النبي ص َّلى ُ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة ِ‬
‫رأيت َّ‬ ‫الله عنها قالت‪(( :‬ما ُ‬ ‫رض َي ُ‬
‫ضاح ًكا حتى أرى منه َلهواتِه‪ ،‬إ َّنما كان يت َب َّس ُم))(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مست ِ‬
‫َجم ًعا َق ُّط‬ ‫ُ‬
‫عظ ِم أحوالِه‬
‫الله عليه وس َّل َم كان في ُم َ‬ ‫ِ‬
‫األحاديث‪ُّ :‬‬
‫يدل أ َّنه َص َّلى ُ‬ ‫ومجموع‬
‫ُ‬
‫والمكرو ُه ِمن ذلك إ َّنما هو‬ ‫فضح َك‪َ ،‬‬
‫ال ي ِزيدُ على ال َّتبس ِم‪ ،‬وربما زاد على ذلك َ ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫الوقار(((‪.‬‬ ‫اإلفراط فيه؛ أل َّنه ي ِ‬
‫ذه ُب‬ ‫ُ‬ ‫اإلكثار منه أو‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫قار‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫لف والعلما ِء يف مد ِح ال َو ِ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫الص ِ‬
‫غير‪،‬‬ ‫رح ُم على َّ‬ ‫ِ‬
‫الكبير‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫ِ‬
‫الوقار‪َ :‬ت ُ‬
‫عظيم‬ ‫(ثالثة ِمن أعال ِم‬
‫ٌ‬ ‫ ‪-‬قال ذو ال ُّن ِ‬
‫ون‪:‬‬
‫وال َّتح ُّل ُم على الوضيعِ)(((‪.‬‬
‫الله عنه قال‪( :‬تع َّلموا‬
‫رض َي ُ‬ ‫اب ِ‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬ ‫بن‬
‫عمر َ‬
‫أن َ‬ ‫بن ُمسل ٍم‪َّ ،‬‬ ‫ ‪-‬عن ِع ْم َ‬
‫ران ِ‬
‫لمن ُيع ِّل ُمكم‬ ‫َ‬
‫وتواضعوا َ‬ ‫والسكين َة‪،‬‬
‫قار َّ‬ ‫الناس‪ ،‬و َتع َّلموا له َ‬
‫الو َ‬ ‫َ‬ ‫الع ْل َم وع ِّل ُموه‬
‫ِ‬
‫العلماء‪ ،‬فال َيقوم‬ ‫لمن ُتع ِّلمونه الع ْل َم‪ ،‬وال تكونوا َجبابر َة‬ ‫َ‬ ‫الع ْل َم‪،‬‬
‫وتواضعوا َ‬
‫بج ِ‬ ‫ِ‬
‫هلكم)(((‪.‬‬ ‫ع ْل ُمكم َ‬

‫((( ((تفسير الزمخشري)) (‪.)291/3‬‬


‫((( ((تفسير البغوي)) (‪.)289/6‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )6092‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)899‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)505/10‬‬
‫((( ((شعب اإليمان)) للبيهقي (‪.)360/13‬‬
‫=‬ ‫ ‬ ‫((( أخرجه البيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)1789‬‬
‫‪274‬‬
‫ُراقولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الشريع َة ت ْنهى عن‬ ‫(لما َ‬


‫رأ ْينا َّ‬ ‫يل أ َّنه قال‪َّ :‬‬ ‫ابن َع ِق ٍ‬
‫فل ٍح عن ِ‬‫ابن ُم ِ‬
‫ ‪-‬وحكى ُ‬
‫ونهت عن ال َّن ِ‬ ‫َ‬ ‫الط َ‬‫وكس َرت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حريكات ِّ‬ ‫َت‬
‫دب‬ ‫والمعازف‪َ ،‬‬ ‫بول‬ ‫بالرعونات‪َ ،‬‬ ‫الطبا ِع ُّ‬
‫ِ‬
‫الخالعة)(((‪.‬‬ ‫الوقار َ‬
‫دون‬ ‫رع ُي ِريد‬ ‫أن َّ‬ ‫فع ِل ْمنا َّ‬ ‫ِّياحة والمدْ ِح وجر ُ ِ‬ ‫والن ِ‬
‫َ‬ ‫الش َ‬ ‫الخيالء؛ َ‬ ‫َ ِّ‬
‫الوقار‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فوائ ُد‬
‫ِ‬ ‫نتيجة ِمن‬ ‫ِ‬
‫نتائجه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫بل هو‬‫الحياء‪ْ ،‬‬ ‫َ‬
‫اإلنسان ُخلقَ‬ ‫س‬ ‫الوقار ُيلبِ ُ‬
‫ُ‬ ‫‪1-1‬‬
‫ِ‬ ‫الر َ‬
‫جل َهيب ًة وبها ًء‪ ،‬و ُيعطيه ْ‬
‫سم ًتا َحسنًا‪.‬‬ ‫الوقار َي ْكسو َّ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬ ‫والر ِ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫ذائل‪ ،‬واالحتكاك ُيد ِّن ُس ال َّن ْف َ‬ ‫المنكرات َّ‬ ‫العبدَ عن ُ‬ ‫الوقار َي ُصون ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫و ُيق ِّل ُل ِمن َهيبتِها و َمكانتِها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خص الم َّت ِ‬
‫المهاب َة‬ ‫بالوقار‪ ،‬و ُيكس ُبه َ‬ ‫صف‬ ‫للش ِ ُ‬ ‫قلوب اآلخرين َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 4-4‬يط َب ُع ُ‬
‫الح َّب في‬
‫بين ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬
‫بالوقار‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الت ِّ‬
‫حلي‬ ‫املعينة على َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫ِ‬ ‫والصالحين الذين تح َّل ْوا‬ ‫ِ‬ ‫باع ِ‬
‫بالوقار‪.‬‬ ‫آثار األنبياء َّ‬ ‫‪1-1‬ا ِّت ُ‬
‫ِ‬
‫الحات‪.‬‬ ‫الص‬ ‫ِ‬ ‫الط ِ‬
‫الخشوع في َّ‬
‫واإلكثار من َّ‬
‫ُ‬ ‫اعات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫‪3-3‬ط َل ُب الع ْل ِم‪.‬‬
‫الس ُ‬
‫كينة‪.‬‬ ‫‪َّ 4-4‬‬
‫والهيب َة‪.‬‬
‫الوقار َ‬
‫َ‬ ‫يش؛ َّ‬
‫فإن ذلك ُينافي‬ ‫والط ِ‬
‫الغضب َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬ال ُبعدُ عن‬
‫مت وق َّل ِة الكال ِم َّإل فيما يعني‪.‬‬
‫‪6-6‬ا ْلتزام الص ِ‬
‫ُ َّ‬
‫قار‪:‬‬
‫فة ال َو ِ‬
‫اكتساب ِص ِ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫المجاهر ُة بالمعاصي‪.‬‬
‫‪ُ 1-1‬‬

‫= قال البيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (‪ :)153/2‬هذا هو الصحيح عن عمر من‬
‫مرفوعا وهو ضعيف‪.‬‬
‫ً‬ ‫قوله‪ .‬وذكر أنه روي‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)433/2‬‬
‫‪275‬‬
‫ُراقولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫الح ُ‬
‫مق‪.‬‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الغضب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ظهر و ُقبح الص ِ‬ ‫ِ‬
‫ورة‪.‬‬ ‫ُ ُّ‬ ‫الم ِ‬ ‫‪4-4‬ال َبذاذ ُة‪ ،‬ومن ُص َو ِرها‪ُ :‬س ُ‬
‫وء َ‬
‫الوقار؛ فقد قال عمر ِ‬
‫ِ‬ ‫زاح ُتؤ ِّدي إلى س ِ‬
‫الله عنه‪َ ( :‬من‬
‫رض َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫قوط‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬كثر ُة ُ‬
‫الم ِ‬
‫مزَ ح اس ُت ِ‬
‫خ َّف به)(((‪.‬‬ ‫َ ْ‬
‫‪َّ 6-6‬‬
‫الط ُ‬
‫يش‪.‬‬
‫والم ُ‬
‫يل إليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ماع الغناء َ‬
‫‪َ 7-7‬س ُ‬
‫والسلف‪:‬‬
‫ِ‬ ‫حابة‬
‫والص ِ‬
‫قار ِمن حيا ِة األنبيا ِء َّ‬
‫فة ال َو ِ‬
‫لص ِ‬
‫مناذج ِ‬
‫ُ‬
‫صم َت فعليه‬ ‫الله عليه وس َّل َم‪ْ :‬‬‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ُ‬
‫(إن َ‬ ‫ ‪-‬جاء في َو ْصف أ ِّم َمع َبد لل َّن ِّ‬
‫وأحسنُه‬ ‫اس وأبهاه ِمن ٍ‬
‫بعيد‪،‬‬ ‫أجم ُل ال َّن ِ‬ ‫وإن تك َّل َم َسما ُه َ‬
‫الوقار‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫البهاء‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وعال ُه‬ ‫ُ‬
‫كأن َمنطِ َقه َخ َر ُ‬
‫زات‬ ‫صل‪ ،‬ال َن ْز ٌر وال َه َذ ٌر‪َّ ،‬‬
‫نطق‪َ ،‬ف ٌ‬ ‫الم ِ‬ ‫ٍ‬
‫قريب‪ُ ،‬ح ْل ُو َ‬ ‫وأجم ُله ِمن‬
‫َ‬
‫نظ ٍم َيتحدَّ ْر َن‪َ ،‬ر ْب َع ٌة)(((‪.‬‬ ‫ْ‬
‫وأو َل‬ ‫الض َ‬ ‫اس أضاف َّ‬ ‫إبراهيم َّأو َل ال َّن ِ‬ ‫المس ِّي ِ‬ ‫عيد ِ‬ ‫ ‪-‬عن س ِ‬
‫يف‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ب قال‪ :‬كان‬ ‫بن ُ‬ ‫َ‬
‫اس رأى‬ ‫وأو َل ال َّن َ‬
‫اس اختت ََن‪َّ ،‬‬‫وأو َل ال َّن ِ‬
‫واستحدَّ ‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فار ُه‬
‫أظ َ‬‫شار َبه وق َّل َم ْ‬‫ص ِ‬ ‫اس َق َّ‬
‫ال َّن َ‬
‫رب ِز ْدني َو ً‬
‫قارا(((‪.‬‬ ‫قار‪ ،‬قال‪ِّ :‬‬ ‫الو ُ‬‫رب‪ ،‬ما هذا؟ قال‪َ :‬‬ ‫يب‪ ،‬فقال‪ :‬يا ِّ‬ ‫الش َ‬‫َّ‬
‫الله عنه يوم الس ِ‬
‫قيفة أح َل َم‬ ‫رض َي ُ‬‫بكر ِ‬ ‫الله عنه‪( :‬كان أبو ٍ‬
‫رض َي ُ‬ ‫ ‪-‬قال عمر ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ُ‬
‫أع َجبتني في َت ْز ِويري‪َّ ،‬إل قال في َبديهتِه ِمث َلها‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منِّي وأو َق َر‪ ،‬والله ما َتر َك من كلمة ْ‬
‫َ‬
‫الحديث)(((‪.‬‬ ‫أفض َل منها ح َّتى َ‬
‫سك َت‪...‬‬ ‫أو َ‬

‫((( ((الموشى)) للوشاء (ص‪.)13 :‬‬


‫((( أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (‪ ،)4274‬وقال‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (‪.)26997‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )6830‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪ )1691‬من حديث عبد الله بن عباس رضي‬
‫الله عنهما‪.‬‬
‫‪276‬‬
‫ُراقولا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬
‫الهجرة‪:‬‬ ‫إمام ِ‬
‫دار‬ ‫اإلمام ً‬ ‫بار ِك َيمدَ ُح‬
‫مالكا َ‬ ‫َ‬ ‫الم َ‬
‫ابن ُ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ِ‬ ‫ـــع َهيب ًة‬ ‫ْيأبـــى‬
‫األذقـــان‬ ‫نــواكــس‬
‫ُ‬ ‫ـســائــلــون‬
‫فــالـ َّ‬ ‫راج ُ‬‫الجـــواب فما ُي َ‬
‫َ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫الوقـــار ِ‬
‫ِ‬
‫الم ِه ُ‬
‫يب وليس ذا ُســـلطان‬ ‫فهـــو َ‬ ‫ـــلطان التُّقى‬ ‫وع ُّز ُس‬ ‫َهدْ ُي‬

‫الوقار(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫وشع ٌر عن‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫فتح َّل ْم و َت َو َّق ْر‬ ‫عط َ‬
‫ف به ذو الع ْل ِم‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الوقار والح ْل ِم أز َي ُن ما َت َّ‬ ‫إن ِردا َء‬
‫ ‪-‬قالوا‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫جدائلك‪.‬‬ ‫وإن لم َيكو َنا ِمن‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الملوك‬ ‫علماء‬ ‫مل ٍك َتر ًفا‪ ،‬فقال‪ :‬ليس ال َّتاج الذي ي ِ‬
‫فتخ ُر به‬ ‫ ‪-‬ورأى حكيم ِمن ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بجواهر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالبسطة عندَ‬ ‫الملوك‬ ‫وأحم ُق‬
‫َ‬ ‫الحل ِم‪،‬‬ ‫المك َّل ُل‬
‫قار ُ‬ ‫ف َّض ًة وال َذه ًبا‪ ،‬لك َّنه َ‬
‫الو ُ‬
‫ظهور الس ِ‬
‫قطة َمن ات ََّسعت ُقدر ُته‪.‬‬ ‫ِ َّ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫هو الوقار و َقـــر ُن ِ‬
‫الع ْلـــ ِم بال َع َم ِل‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫جال بِ ِه‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫َمـــال الذي ســـا َد ِّ‬ ‫َّ‬
‫إن الك‬
‫ص واأل َم ِل‬ ‫ـــر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫و َق ْل ُبه فـــي ُقيود الح ْ‬ ‫ـــا بمنْطِ ِقه‬
‫عجب ً‬
‫ِ‬
‫لمـــن َي ْزدهي ْ‬ ‫ف ُق ْل َ‬
‫ِ (((‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ســـاه عـــ ْن تال ُعبِكُم‬
‫األجل‬
‫لك َّن َموعدَ كُم فـــي ُمنْتهى َ‬ ‫َم ْه ًل َ‬
‫فما الل ُه‬

‫((( ((من أعالم أهل السنة والجماعة ‪ -‬عبد الله بن المبارك)) للزهراني (‪.)41/1‬‬
‫((( ((مقامات الزمخشري)) (ص‪(( ،)179 :‬محاضرات األدباء)) للراغب (‪.)276/1‬‬
‫((( ((موارد الظمآن)) لعبد العزيز السلمان (‪.)82/4‬‬
‫‪277‬‬
‫ُ‬
‫األخالق‬
‫مذْ موم ُة‬
‫ال َ‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اإلساء ُة‬

‫مع َنى اإلساء ِة‪:‬‬


‫عم َله(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان‪َ ،‬‬
‫وأسا َء َّ‬ ‫اإلساءة ُلغ ًة‪ِ :‬خ ُ‬
‫فسدَ ه ولم ُيحس ْن َ‬
‫الشي َء‪ :‬أ َ‬ ‫الف‬

‫الش ِّر‪ ،‬يترتَّب عليه َغ ٌّم‬


‫مجرى َّ‬
‫جار َ‬ ‫قبيح ٍ‬
‫أمر ٍ‬ ‫اصطالحا‪ :‬اإلساء ُة‪ :‬فِ ُ‬
‫عل ٍ‬ ‫ً‬ ‫اإلساءة‬
‫حيط به‬ ‫ودنياه‪ ،‬سواء أكان ذلك في َبدنِه أو ن ْفسه‪ ،‬أو فيما ُي ُ‬‫أمور ِدينه ُ‬ ‫ٍ‬
‫إلنسان في ِ‬

‫مر في الباطِ ِل(((‪.‬‬


‫الع ِ‬ ‫ُ‬
‫إنفاق ُ‬ ‫لد أو ُق ْن ٍية‪ .‬واإلساء ُة كذلِك‬
‫مال أو و ٍ‬
‫من ٍ َ‬
‫ِ‬

‫الف ْر ُق ْ‬
‫بي اإلساء ِة واملَ َض َّرة(((‪:‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫حس ُن؛ َن َ‬
‫حو‬ ‫كون َم َض َّر ٌة حسن ًة؛ إذا ُقصد بها ْ‬
‫وج ٌه َي ُ‬ ‫قبيحة‪ ،‬وقد َت ُ‬ ‫اإلساء ُة‬
‫َ‬
‫وبالكدِّ لل َّتع ُّل ِم وال َّتعلي ِم‪.‬‬ ‫رب لل َّت ِ‬
‫أديب‪،‬‬ ‫الم َض َّر ِة َّ‬
‫بالض ِ‬ ‫َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ذم اإلساء ِة َّ‬


‫والتحذي ُر منها يف القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮊ [المؤمنون‪ ،]96 :‬أي‪ :‬إذا أسا َء‬
‫ِ‬
‫باإلساءة(((‪.‬‬ ‫عل‪ ،‬فال ُتقابِ ْل ُهم‬ ‫بالقول ِ‬
‫والف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إليك أعداؤُ ك‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕﮊ [اإلسراء‪.]7 :‬‬


‫ِ‬ ‫رجع اإلساء ُة؛ لِما يتوج ُه إليها من ِ‬
‫اإلحسان‪،‬‬ ‫فرغ َب في‬ ‫الع ِ‬
‫قاب‪َّ ،‬‬ ‫َ َّ‬ ‫أي‪ :‬فإليها َت ِ ُ‬

‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪.)441 :‬‬


‫((( ((تفسير الماوردي)) (‪.)301/4‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)43 :‬تفسير الماوردي)) (‪.)301/4‬‬
‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)558 :‬‬
‫‪280‬‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫اإلساءة(((‪.‬‬ ‫وحذ َر ِم َن‬‫َّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َبع َثه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫((أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بن ج َب ٍل َر َ‬
‫ ‪-‬وعن م ِ‬
‫عاذ ِ‬ ‫ُ‬
‫عام‪ ...‬وإذا‬ ‫الم‪ ،‬وا ْب ُذ ِل َّ‬ ‫وصني‪ ،‬قال‪َ :‬أ ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله‪َ ،‬أ ِ‬ ‫َ‬ ‫إلى َقو ٍم فقال‪ :‬يا‬
‫الط َ‬ ‫الس َ‬ ‫فش َّ‬
‫حسن‪ ،‬و ْل ُت ِ‬ ‫ِ‬
‫حس ْن ُخ ُل َقك ما َ‬
‫استط ْع َت))(((‪.‬‬ ‫سأت َفأ ْ‬ ‫َأ َ‬
‫الله‪َ ،‬أ َ‬
‫نؤاخ ُذ‬ ‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫رج ٌل‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ِ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫الله عنه قال‪(( :‬قال ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ابن مسعود َر َ‬
‫يؤاخ ْذ بما َع ِم َل في‬ ‫حس َن في اإلسال ِم لم َ‬ ‫َ‬
‫الجاهلية؟ قال‪َ :‬من أ َ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫بما َع ِم ْلنا في‬
‫ِ‬
‫باإلساءة‪:‬‬ ‫والمراد‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫واآلخ ِر))(((‪.‬‬ ‫باألو ِل‬ ‫الجاه َّلي ِة‪ ،‬و َمن َأسا َء في اإلسال ِم ُأ ِخ َذ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫اإلساءة(((‪.‬‬ ‫فر‪ ،‬وهو ُ‬
‫غاية‬ ‫ُ‬
‫الك ُ‬
‫السلف والعلما ِء يف اإلساءة‪:‬‬
‫أقوال َّ‬
‫الل بن ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬
‫سعد‪،‬‬ ‫اس إلى االستسقاء‪ ،‬فقام فيهم بِ ُ ُ‬ ‫(خرج ال َّن ُ‬ ‫زاعي‪َ :‬‬
‫ ‪-‬قال األ ْو ُّ‬
‫ِ‬ ‫عش َر َمن َح َضر‪ ،‬أ َل ْس ُتم ُم ِق ِّر َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫باإلساءة؟‬ ‫ين‬ ‫ثم قال‪ :‬يا َم َ‬ ‫فحمد الل َه وأ ْثنى عليه‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫قول‪ :‬ﮋ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫سم ُعك َت ُ‬
‫هم إ َّنا َن َ‬‫هم َنعم‪ ،‬قال‪ :‬ال َّل َّ‬ ‫قالوا‪ :‬ال َّل َّ‬
‫ور َفع‬ ‫ِ‬ ‫باإلساءة‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫وارح ْمنا‪ ،‬واسقنا‪َ ،‬‬‫َ‬ ‫فاغف ْر لنا‬ ‫قر ْرنا‬‫ﮧﮊ [التوبة‪ ،]91 :‬وقد أ َ‬
‫ِ‬
‫فسقوا)(((‪.‬‬ ‫ور َفعوا أيد َي ُهم‪ُ ،‬‬ ‫يدَ يه‪َ ،‬‬
‫من َج َمع إحسا ًنا وش َفق ًة‪،‬‬
‫المؤ َ‬
‫(إن ْ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪َّ :‬‬ ‫الحس ِن ال َب ْص ِّ‬
‫ري أ َّنه كان‬ ‫َ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫وعن‬
‫المنافِقَ َج َمع إساء ًة َ‬
‫وأ ْمنًا)(((‪.‬‬ ‫َّ‬
‫وإن ُ‬

‫((( ((تفسير الماوردي)) (‪.)230/3‬‬


‫((( أخرجه البزار في ((المسند)) (‪ .)2642‬وصححه األلباني في ((سلسلة األحاديث الصحيحة))‬
‫(‪.)3559‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6921‬ومسلم (‪.)120‬‬
‫((( ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) للمناوي (‪.)754/2‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي حاتم في ((التفسير)) (‪.)1862/6‬‬
‫((( أخرجه الطبري في ((التفسير)) (‪.)68/17‬‬
‫‪281‬‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫سأ ُت إلى ٍ‬ ‫لف‪( :‬ما َأحس ْن ُت إلى ٍ‬


‫أحد وما َأ ْ‬ ‫بعض الس ِ‬
‫أحد‪ ،‬وإ َّنما‬ ‫ ‪-‬وقال ُ َّ‬
‫َأحس ْن ُت إلى َن ْفسي‪َ ،‬‬
‫وأ ْ‬
‫سأ ُت إلى َن ْفسي)(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫لإلحسان‬ ‫ِ‬
‫لإلساءة َم َض ًضا‪ ،‬لم ُ‬
‫يك ْن‬ ‫عفر‪َ ( :‬من لم َي ِجدْ‬
‫بن َج ٍ‬
‫ ‪-‬وقال موسى ُ‬
‫ِعندَ ه م ِ‬
‫وق ٌع)(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫وأقسامها‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن ُص َور اإلساء ِة‬
‫ِ‬
‫القاصر ُة‪ ،‬وهي ٌ‬ ‫األو ُل‪ :‬اإلساء ُة‬ ‫ِ‬
‫أنواع‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫سم َّ‬‫الق ُ‬
‫سة ِ‬
‫أهل َّ‬
‫الش ِّر‪،‬‬ ‫الجاهل‪ُ ،‬مجا َل ُ‬
‫ِ‬ ‫هاو ُن‪ ،‬تقليدُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫عر ُ‬
‫ض ألذية الله تعالى‪ ،‬ال َّت ُ‬ ‫ال َّت ُّ‬
‫ُ‬
‫األكل‬ ‫بالذ ِ‬
‫هب‪،‬‬ ‫ب‪ ،‬ال َّل ِعب بال َّن ِ‬
‫رد‪ ،‬ال َّتخ ُّت ُم َّ‬ ‫س والك ْل ِ‬‫الجر ِ‬ ‫ال َّتصوير‪ ،‬استِ‬
‫ُ‬ ‫صحاب َ‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والفض ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫هب‬‫الذ ِ‬ ‫في َّ‬

‫علي ُة‪ ،‬وهي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أنواع‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ولي ُة والف َّ‬
‫سم ال َّثاني‪ :‬اإلساء ُة ال َق َّ‬
‫الق ُ‬
‫المستكبِ ُر َّ‬
‫والش ُ‬
‫يخ‬ ‫ُ‬ ‫الف ِ‬ ‫الشيوخِ ‪ِ ،‬‬
‫وك ْب ُر ُ‬ ‫وزنا ُّ‬ ‫كذب الم ِ‬
‫لوك‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والعائل ُ‬ ‫قراء‪،‬‬ ‫ ‪ُ ُ -‬‬
‫زك ِيهم ولهم‬ ‫ِ‬ ‫نظ ُر ِ‬
‫الله وال َي ُ‬
‫عذاب‬
‫ٌ‬ ‫القيامة وال ُي ِّ‬ ‫وم‬
‫إليهم َي َ‬ ‫هم ُ‬ ‫ممن ال ُيك ِّل ُم ُ‬
‫الزاني َّ‬‫َّ‬
‫الم ِل َك‬ ‫ِ‬ ‫لض ِ‬ ‫ِ‬
‫عاصيهم؛ َّ‬
‫فإن َ‬ ‫عف َدواعيهم إلى َم‬ ‫هؤالء؛ َ‬ ‫مت ُذ ُ‬
‫نوب‬ ‫أليم‪ ،‬وإ َّنما َع ُظ ْ‬
‫ٌ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الك ِ‬‫حتاج إلى َ‬
‫الفقير ليس‬
‫َ‬ ‫والعائل‬ ‫يخ ال َتغل ُبه َش َ‬
‫هو ُته على الزِّ نا‪،‬‬ ‫والش َ‬
‫ذب‪َّ ،‬‬ ‫ال َي ُ‬
‫والط ِ‬
‫غيان‪.‬‬ ‫ِعندَ ه أسباب ِ‬
‫الك ْب ِر ُّ‬ ‫ُ‬
‫سول‪ ،‬أذي ُة َأ ِ‬
‫المؤ ِم َ‬ ‫الله‪ ،‬أذ َّي ُة الوالِدَ ِ‬
‫ولياء ِ‬
‫نين‪ ،‬أذ َّي ُة اليتي ِم‪،‬‬ ‫ين‪ ،‬أذ َّي ُة ْ‬ ‫الر ِ َّ‬ ‫َ‬
‫ ‪-‬أذ َّي ُة َّ‬
‫المتصدَّ ِق عليه‪.‬‬ ‫أذ َّي ُة ُ‬
‫الزو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬أذ َّي ُة‬
‫جات‪.‬‬ ‫ضار ُة َّ ْ‬
‫الجار‪ُ ،‬م َّ‬

‫((( ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (‪.)365-364/30‬‬


‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)275/1‬‬
‫‪282‬‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ض الو ِ‬ ‫ُ‬
‫وقطيعة األرحا ِم‪َ ،‬ت ُ‬ ‫إفساد الو ِ‬ ‫ ‪ِ -‬غ ُّش الوالي‪ ،‬تقصير الو ِ‬
‫الة‬ ‫باغ ُ ُ‬ ‫الة‬ ‫ُ ُ‬ ‫الة‪،‬‬ ‫ُ ُ‬
‫عاياهم‪.‬‬
‫ور ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫اإلعانة على‬ ‫ِ‬
‫العدل‪،‬‬ ‫ئم ِة‬
‫عصية َأ َّ‬
‫ُ‬ ‫فاخر وال َّتكا ُثر‪ ،‬ال َّلدَ ُد وكثْر ُة ِ‬
‫الخصا ِم‪َ ،‬م‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬ال َّت ُ ُ‬
‫ِ‬
‫المعصية‪.‬‬

‫وإظهار‬ ‫ِ‬
‫العهد‪ ،‬ال َّت ُّبر ُج‬ ‫ِ‬
‫أيمان‬ ‫الله‪َ ،‬ن ُ‬
‫قض‬ ‫هادة‪ِ ،‬ك ُ‬
‫تمان ما َأنزَ َل ُ‬ ‫الش ِ‬ ‫ ‪ِ -‬ك ُ‬
‫تمان َّ‬
‫ُ‬
‫الزِّ ِ‬
‫ينة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلحسان‪،‬‬ ‫الحك ِم‪ُ ،‬ك ُ‬
‫فر‬ ‫الهوى في ُ‬
‫باع َ‬‫ور وا ِّت ُ‬
‫الج ُ‬
‫والبخل‪َ ،‬‬ ‫الحقوق‪ُّ ،‬‬
‫الش ُّح‬ ‫ ‪َ -‬ب ْخ ُس‬
‫سب ُب إلى َشت ِم األ َب َو ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ال َّت ُّ‬
‫علي ُة‪ ،‬وهي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫سم ال َّث ُ‬ ‫ِ‬
‫أنواع‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫الث‪ :‬اإلساء ُة الف َّ‬ ‫الق ُ‬
‫الم ْط ُل‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫والجار‪َ ،‬‬ ‫ريك‬ ‫وعن َُت َّ‬
‫كار َ‬
‫الح‪ ،‬االحت ُ‬ ‫المسل ِم‪ ،‬اإلشار ُة ِّ‬
‫بالس ِ‬ ‫ ‪َ -‬ه ْج ُر ْ‬
‫مع ال َي ِ‬
‫سار‪.‬‬
‫ِ‬ ‫األرض وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫بالمال‬ ‫الخيانة‪ ،‬ال َّتصدُّ ُق‬
‫ُ‬ ‫دودها)‪،‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫عالمات‬ ‫نار (أي‪:‬‬ ‫ ‪َ -‬ت ُ‬
‫غيير َ‬
‫الحرا ِم‪.‬‬
‫نين‪ ،‬إظهار ِ‬
‫المؤ ِم َ‬
‫الض ِح ُك ِم َن ْ‬
‫الك ْب ِر‪.‬‬ ‫الطر ِ‬
‫ُ‬ ‫قات‪َّ ،‬‬ ‫طر ُح األ َذى على ُّ ُ‬
‫ ‪ْ -‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الكالب‪ ،‬أذ َّي ُة الدَّ ِّ‬
‫واب‪.‬‬ ‫ناء‬
‫الع ْورات‪ ،‬اقت ُ‬
‫ظر إلى َ‬ ‫حر ُ‬
‫مة‪ ،‬ال َّن ُ‬ ‫الخ ْلو ُة ُ‬
‫الم َّ‬ ‫ ‪َ -‬‬

‫ولي ُة‪ ،‬وهي ٌ‬ ‫ِ‬


‫أنواع‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ابع‪ :‬اإلساء ُة ال َق َّ‬
‫الر ُ‬
‫سم َّ‬
‫الق ُ‬
‫ِ‬
‫األنساب‪.‬‬ ‫عن في‬
‫الط ُ‬ ‫ِ‬
‫األسرار‪َّ ،‬‬ ‫إفشاء‬ ‫المسل ِم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المسل ِم‪ُ ،‬م‬
‫ُ‬ ‫شاحنة ْ‬ ‫ ‪َ -‬س ُّب ْ‬
‫ِ‬ ‫نفيق الس َل ِع بالح ِل ِ‬ ‫وكثر ُة ِ ِ‬
‫ ‪-‬ا ْل َم ُّن‪َ ،‬‬
‫الكاذب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫الحلف‪ ،‬و َت ُ ِّ‬
‫َ‬

‫نك ِر‬
‫بالم َ‬ ‫جوز‪ ،‬ال َّتناجي ْ ِ‬ ‫الش ُ‬
‫فاعة فيما ال َي ُ‬ ‫ ‪َّ -‬‬
‫األمر ُ‬
‫المؤذي‪ ،‬ال َّتناجي بالمعاصي‪ُ ،‬‬

‫‪283‬‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخائن‪َ ،‬كثر ُة ال َّل ِ‬


‫ِ‬ ‫المجا َد ُلة ِ‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬
‫المعروف‪َ ،‬ق ُ‬ ‫هي ِ‬
‫عن‪َ ،‬ت ُ‬
‫عيير‬ ‫عن‬ ‫ور‪ُ ،‬‬ ‫ول ُّ‬ ‫عن‬ ‫وال َّن ُ‬
‫بحه ِمن‬ ‫عر ُف ُق ُ‬‫الكالم بما ال ُي َ‬
‫ُ‬ ‫يالء‪،‬‬
‫والخ ُ‬ ‫خر ُ‬ ‫ِ‬
‫الزاني‪َ ،‬مدْ ُح َمن ُتخشى فتن ُته‪ ،‬ال َف ُ‬ ‫َّ‬
‫طالق َض َّرتِها‪َ ،‬م ْن ُع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫المرأة‬ ‫ُ‬
‫سؤال‬ ‫رات‪،‬‬‫الخيانة في المح َّق ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ول ال َب ِش ُع‪،‬‬
‫ُحسنِه‪ ،‬ال َق ُ‬
‫ِ‬
‫الماء‪.‬‬ ‫فض ِل‬ ‫ْ‬

‫ش‪،‬‬ ‫ناج ُ‬ ‫والحسدُ ‪ ،‬وال َّت ُ‬


‫باغ ُ‬ ‫يبة‪ ،‬والسعي بال َّن ِ‬ ‫خرية‪ِ ،‬‬
‫والغ ُ‬ ‫الس ُ‬
‫ض‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫َ‬ ‫ميمة‪،‬‬ ‫َّ ُ‬ ‫ ‪ُّ -‬‬
‫الر ِح ِم‪ ،‬وال َّتدا ُب ُر(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وقطيعة َّ‬ ‫مة‪،‬‬‫ساو ُ‬
‫والم َ‬
‫ِ ِ‬
‫طبة على الخطبة‪ُ ،‬‬
‫والبيع على البيعِ‪ِ ،‬‬
‫والخ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ضارها(((‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫آثا ُر اإلساء ِة َ‬
‫المنافِ َ‬
‫قين‪.‬‬ ‫‪1-‬اإلساء ُة ٌ ِ ِ ِ‬
‫صفة من صفات ُ‬
‫باإلساءة‪َ ،‬ش ِهد على ن ْف ِسه بالر ِ‬
‫داءة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ضي لن ْف ِسه‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫َّ‬ ‫أن َمن َر َ‬
‫ِ‬ ‫أسباب َقس ِ‬ ‫أن اإلساء َة ِمن‬
‫القلب‪.‬‬ ‫وة‬ ‫ِ ْ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫الشفاعة‪.‬‬‫أن اإلساء َة َتمن َُع ِم َن َّ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬

‫اإلنسان إساء ًة‪ ،‬ازدا َد َو ْحش ًة‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪5-5‬أ َّنه ك َّلما ازدا َد‬

‫اس َ‬
‫أشدُّ هم إساء ًة‪.‬‬ ‫أن َأ ْخ َ‬
‫وف ال َّن ِ‬ ‫‪َّ 6-6‬‬
‫ِ‬
‫جتمعِ‪.‬‬ ‫رين ُتس ِّب ُب العداو َة وال َبغضا َء ْبين أفراد ُ‬
‫الم َ‬ ‫‪7-7‬اإلساء ُة إلى َ‬
‫اآلخ َ‬

‫اإلنسان إىل َغ ِ‬
‫ريه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الوقوع يف إساءة‬
‫ِ‬ ‫ِمن أسباب‬
‫ِ‬
‫اإلساءة باإلساءة‪.‬‬ ‫‪ُ 1-‬مقا َب ُ‬
‫لة‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫‪2-2‬قسو ُة‬

‫صاحب ُخ ُل ٍق َذمي ٍم‪.‬‬


‫َ‬ ‫‪َ 3-3‬ك ْو ُنه‬

‫((( ((شجرة المعارف واألحوال)) للعز بن عبد السالم (ص‪ )252-223 :‬بتصرف‪.‬‬
‫((( ((طريق الهجرتين)) البن ال َق ِّي ِم (ص‪.)272 :‬‬
‫‪284‬‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ومن أسباب الوقوع يف إساءة اإلنسان ْ‬


‫لنف ِسه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليأس‪.‬‬
‫‪ُ 1-‬‬
‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن‪.‬‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫األمل‪.‬‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫طول‬
‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك اإلساءة‪:‬‬
‫لم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪1-‬الح ُ‬
‫غفار‪.‬‬‫ِ‬
‫‪2-2‬االست ُ‬
‫فس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلساءة راح َة ال َّن ِ‬ ‫أن في َت ِ‬
‫رك‬ ‫ُ‬
‫معرفة َّ‬‫‪3-3‬‬
‫الظن ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫سن َّ ِّ‬
‫‪ُ 4-4‬ح ُ‬
‫ِ‬
‫األمل‪.‬‬ ‫‪ِ 5-5‬ق َص ُر‬
‫ِ‬
‫اليأس‪.‬‬ ‫‪6-6‬عدَ ُم‬
‫األمثال ِّ‬
‫والشعر(((‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلساء ُة يف‬
‫جل ي ِ‬ ‫َ‬
‫إصالحه ف َيزيدُ ه‬
‫َ‬ ‫ثم يريدُ‬
‫األمر َّ‬
‫َ‬ ‫فسدُ‬ ‫ضر ُب م َث ًل َّ‬
‫للر ِ ُ‬ ‫فس َقى‪ُ :‬ي َ‬
‫ ‪-‬أسا َء َر ْع ًيا َ‬
‫فسا ًدا‪.‬‬

‫األمر فال ُيبالِغُ فيه‪.‬‬


‫ِ‬ ‫كر ُه على‬ ‫للر ِ‬
‫جل ُي َ‬
‫ِ‬ ‫ ‪َ -‬أسا َء ِ‬
‫كار ٌه ما َعم َل‪ُ :‬ي َ‬
‫ضر ُب م َث ًل َّ‬
‫اإلساءة ِ‬
‫بمث ِْلها‪ ،‬أي‪ :‬ا َّلذي ابت َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬
‫َدأ‬ ‫جل ُيجازي على‬ ‫البادئ أظ َل ُم‪َ :‬يقو ُله َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫اإلساء َة َأظ َل ُم‪.‬‬

‫((( ((أمثال العرب)) للمفضل الضبي (‪(( ،)119‬جمهرة األمثال)) للعسكري (ص‪،197 ،112 :‬‬
‫‪.)230‬‬
‫‪285‬‬
‫ةءاسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عنهما‪:‬‬
‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬
‫علي َر َ‬
‫بن ٍّ‬
‫الحس ُن ُ‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫َ‬
‫عليك َشـــهيدُ‬ ‫ـــت في َيو ٍم‬
‫صبح َ‬‫و َأ ْ‬ ‫ـك الماضي شهيدً ا ُمعدَّ ًل‬ ‫مضى َأ ُ‬
‫مس َ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫وأنـــت َحميدُ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫بإحســـان‬ ‫ف َثـــ ِّن‬ ‫ِ‬
‫باألمس اقتر ْف َت إســـاء ًة‬ ‫كنت‬ ‫ْ‬
‫فإن َ‬

‫((( ((الكشف والبيان)) للثعلبي (‪.)167/10‬‬


‫‪286‬‬
‫ذبَّتلاو فارسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اإلسراف والتَّبذير‬

‫بذير‪:‬‬ ‫اإلسراف َّ‬


‫والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫معنى‬
‫سر َف في مالِه‪َ :‬ع ِج َل‬ ‫ِ َ‬
‫جاوز ُة ال َقصد‪ ،‬وأ َ‬
‫والسرف‪ُ :‬م َ‬ ‫ُ‬
‫اإلسراف َّ‬ ‫اإلسراف ُلغ ًة‪:‬‬
‫ُ‬
‫بذير(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫غير َق ٍ‬
‫ِمن ِ‬
‫واإلسراف في ال َّنفقة‪ :‬ال َّت ُ‬ ‫صد‪،‬‬
‫وإن كان ذلك‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‪ْ ،‬‬ ‫فع ُله‬ ‫كل فِ ٍ‬
‫عل َي َ‬ ‫الحدِّ في ِّ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ت ُ‬
‫جاو ُز َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫اإلسراف‬
‫شه َر(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنفاق َأ َ‬ ‫في‬
‫عير ِّ‬
‫لكل‬ ‫إلقاء ال َب ْذ ِر َ‬
‫وط ْر ُحه‪ ،‬فاس ُت َ‬ ‫ُ‬ ‫وأص ُله‪:‬‬
‫فريق‪ْ ،‬‬‫بذير ُلغ ًة‪ :‬ال َّتبذير‪ :‬ال َّت ُ‬
‫ال َّت ُ‬
‫رف(((‪.‬‬ ‫وأن َف َقه في الس ِ‬ ‫ُم َض ِّي ٍع لمالِه‪َّ ،‬‬
‫وبذ َر ما َله‪َ :‬أفسدَ ه َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وص ْر ُف‬ ‫ِ‬
‫المال في ِ‬ ‫ُ‬
‫الشيء فيما ال َينبغي(((‪.‬‬ ‫غير َح ِّقه‪َ ،‬‬ ‫إنفاق‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫بذير‬
‫ال َّت ُ‬
‫اإلسراف َّ‬
‫والتبذير‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫رق ْ َ‬
‫بي‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫بخ ِ‬
‫الف ال َّت ِ‬
‫بذير؛‬ ‫الش ِ‬
‫يء فيما ينبغي زائدً ا على ما ينبغي‪ِ ،‬‬ ‫صر ُف َّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اإلسراف‪ْ :‬‬ ‫ ‪-‬‬
‫الش ِ‬‫صر ُف َّ‬
‫يء فيما ال َينبغي(((‪.‬‬ ‫فإ َّنه ْ‬
‫ُ‬
‫اإلسراف)(((‪.‬‬ ‫غير ح ِّقه‪ ،‬وهو‬ ‫المال ِمن ح ِّقه ْ‬
‫ووض ُعه في ِ‬ ‫مالك‪( :‬ال َّتبذير هو أخْ ُذ ِ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ٌ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)148/9‬‬


‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪.)407 :‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)114 :‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)148/9‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪(( ،)247/10‬التعريفات)) للجرجاني (ص‪ ،)24 :‬و((الكليات)) للكفوي‬
‫(ص‪.)113 :‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)24 :‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪.)147/10‬‬
‫‪287‬‬
‫ذبَّتلاو فارسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫بذير يف القرآن ُّ‬ ‫اإلسراف َّ‬
‫والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال سبحانه‪ :‬ﮋ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ‬
‫ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ [األنعام‪.]141 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ‬


‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﮊ [األعراف‪.]31 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬


‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﮊ [اإلسراء‪:‬‬
‫‪.]27-26‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ُ :‬‬


‫((ك ُلوا ْ‬
‫واش َربوا و َت َصدَّ قوا وا ْل َب ُسوا‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫يلة))(((‪.‬‬ ‫خ ٌ‬‫إسراف‪ ،‬أو م ِ‬
‫ٌ‬ ‫ما لم ُيخالِ ْط ُه‬
‫َ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه أ َّنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫أن َتع ُبدو ُه‬
‫لكم‪ْ :‬‬ ‫لكم ثال ًثا؛ ف َي ْر َضى ُ‬ ‫كر ُه ُ‬ ‫((إن الل َه َي ْرضى ُ‬
‫لكم ثال ًثا‪ ،‬و َي َ‬ ‫وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫يل‬ ‫لكم‪ِ :‬ق َ‬‫كر ُه ُ‬
‫جميعا وال َت َف َّر ُقوا‪ ،‬و َي َ‬
‫ً‬
‫بل ِ‬
‫الله‬ ‫بح ِ‬ ‫ِ‬ ‫شر ُكوا به َشيئًا‪ْ ،‬‬
‫وأن َتعتَصموا َ‬ ‫وال ُت ِ‬
‫ِ‬
‫المال))(((‪.‬‬ ‫وكثر َة الس ِ‬
‫ؤال‪ ،‬وإضاع َة‬ ‫َ‬
‫وقال‪َ ،‬‬
‫ُّ‬
‫ذم اإلسراف َّ‬
‫والتبذير‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫كل ما اشتَهى)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالمرء َس َر ًفا أن َي ُأك َل َّ‬ ‫الله عنه‪( :‬ك َفى‬
‫ضي ُ‬ ‫مر َر َ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬

‫((( أخرجه النسائي (‪ ،)2559‬وابن ماجه (‪ )3605‬واللفظ له‪.‬‬


‫وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند‬
‫َّ‬ ‫حسنه ابن حجر في ((األمالي المطلقة)) (‪،)32‬‬
‫أحمد)) (‪.)78/10‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1477‬ومسلم (‪ )1715‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( ذكره الهيتمي في ((الصواعق المحرقة)) (‪.)298/1‬‬
‫‪288‬‬
‫ذبَّتلاو فارسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫س ما ِش َ‬
‫ئت‪ ،‬ما‬ ‫(ك ْل ما ِش َ‬
‫ئت وا ْل َب ْ‬ ‫عنهما‪ُ :‬‬
‫الله ُ‬‫ضي ُ‬ ‫عب ٍ‬
‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫خ ٌ‬
‫يلة)(((‪.‬‬ ‫تان‪ :‬سر ٌف‪ ،‬أو م ِ‬
‫ْك َخ َّل ِ‬ ‫َأ َ‬
‫خطأت َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬
‫بالبيت‪ ،‬فقال‪ :‬لو‬ ‫جاه ٍد‬
‫طوف مع م ِ‬ ‫(كنت َأ ُ‬ ‫األس ِ‬
‫ود قال‪:‬‬ ‫عثمان ِ َ‬‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بن ْ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫ِ‬ ‫طاعة ِ‬
‫ِ‬ ‫آالف ِدره ٍم في‬
‫عشر َة ِ‬
‫سر ًفا‪ ،‬ولو َأن َفقَ د ً‬
‫رهما واحدً ا في‬ ‫الله ما كان ُم ِ‬ ‫َأن َفقَ َ‬
‫فين)(((‪.‬‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫سر َ‬ ‫معصية الله كان م َن ُ‬

‫ظاه ِره‪:‬‬
‫وم ِ‬‫اإلسراف َ‬
‫ِ‬ ‫ِمن ص َو ِر‬
‫اإلسراف على األن ُف ِ‬
‫س في المعاصي واآلثا ِم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮊ [الزمر‪.]35 :‬‬
‫فر ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِّ‬
‫األكل ِّ‬ ‫ُ‬
‫ط‪.‬‬ ‫والش َب ِع ُ‬ ‫اإلسراف في‬ ‫‪2-2‬‬
‫اإلسراف في الو ِ‬
‫ضوء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ُ‬

‫العام ِة‪.‬‬ ‫الم ِ‬


‫رافق َّ‬ ‫ُ‬
‫اإلسراف في َ‬ ‫‪4-4‬‬

‫بذير(((‪:‬‬ ‫اإلسراف َّ‬


‫والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضار‬
‫َم ُّ‬
‫رين؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ‬ ‫والم ِّ‬ ‫للم ِ‬ ‫‪1-‬عدَ م م ِ ِ‬
‫بذ َ‬ ‫فين ُ‬‫سر َ‬ ‫حبة الله ُ‬
‫ُ َ َّ‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ [األنعام‪.]141 :‬‬

‫ضاقت به‬
‫ْ‬ ‫الم ِ‬
‫سر َف ر َّبما‬ ‫بالكسب الحرا ِم؛ َّ‬
‫ألن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫ِ‬
‫طلب‬ ‫‪ُ 2-2‬ي ْفضي إلى‬
‫ِ‬
‫الكسب الحرا ِم إلشبا ِع هذه‬ ‫ثل ما َألِ َفه‪ ،‬ف ُي ْض َط ُّر إلى‬
‫يعمل ِم َ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ُ‬
‫المعيشة و ُيريدُ ْ‬
‫ِ‬
‫الغريزة‪.‬‬

‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪.)24878‬‬


‫((( ((تفسير القرآن)) ألبي المظفر السمعاني (‪.)235/3‬‬
‫((( ((التحرير والتنوير)) البن عاشور (أ‪.)123/8-‬‬
‫‪289‬‬
‫ذبَّتلاو فارسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫بالبدن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األكل َي ُض ُّر‬ ‫ُ‬
‫اإلسراف في‬ ‫‪3-3‬‬

‫يطان في حياتِه‪.‬‬
‫الش ُ‬ ‫والم َب ِّذ ُر ُي ِ‬
‫شار ُكه َّ‬ ‫الم ِ‬
‫سر ُف ُ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫ياطين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إخوان َّ‬
‫الش‬ ‫اإلسراف وال َّتبذير ِمن ِص ِ‬
‫فات‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫اإلسراف يجر إلى م َذم ٍ‬
‫كثيرة‪.‬‬ ‫ات‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َ ُ ُّ‬ ‫‪6-6‬‬

‫فيم َأن َف َقه؟‬ ‫ِ‬


‫حاس ُب على ماله َ‬
‫‪َ 7-7‬سوف ُي َ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة لرتك اإلسراف َّ‬
‫والتبذير‪:‬‬
‫االعتدال في السر ِ‬
‫ف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫َّ َ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬
‫رين‪.‬‬
‫بذ َ‬‫والم ِّ‬
‫فين ُ‬‫سر َ‬ ‫‪2-2‬ال ُبعدُ عن ُمجا َلسة ُ‬
‫ِ‬ ‫سيرة ال َّنبي ص َّلى ُ ِ‬
‫ِ‬
‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َّ‬
‫والسلف َّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪3-3‬قراء ُة‬

‫عواقب س ِّي ٌئة‪،‬‬ ‫بذير؛ فإذا َع ِل َم أ َّنها‬ ‫ِ‬


‫اإلسراف وال َّت ِ‬ ‫واقب‬ ‫‪4-4‬أن ُي ِّ‬
‫فك َر في َع ِ‬
‫ُ‬
‫تج َّن َب هذا الطريقَ ولم يتما َد فيه‪.‬‬
‫ِ‬
‫اإلسراف‬ ‫عين على َت ْر ِك‬ ‫فإن ذلك من ِ‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة؛ َّ‬ ‫ِ‬
‫الموت والدَّ ِار‬ ‫‪َ 5-5‬ت ُّ‬
‫أكثر ما ُي ُ‬ ‫ذك ُر‬
‫ِ‬
‫الحاجة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزائد عن‬ ‫ِ‬
‫بإنفاق‬ ‫ب إلى ِ‬
‫الله‬ ‫والتقر ِ‬ ‫وال َبذخِ ‪،‬‬
‫ُّ‬
‫بذير‪:‬‬ ‫اإلسراف َّ‬
‫والت ِ‬ ‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬
‫منهي عنه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الش ِ‬
‫ريعة‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫الجهل بأحكا ِم َّ‬
‫اإلسراف ٌّ‬ ‫وأن‬ ‫‪1-‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اإلسراف س ُيحاكي و ُيق ِّلدُ‬
‫ُ‬ ‫عيش في بِيئة َي ُ‬
‫نتشر فيها‬ ‫بالبيئة؛ فالذي َي ُ‬ ‫‪2-2‬ال َّتأ ُّث ُر‬
‫أهل بِيئتِه‪.‬‬
‫َ‬

‫فينقلب‬ ‫التوس ُط؛‬ ‫صعب عليه‬ ‫الض ِيق؛ ف َثم ِص ٌ ِ‬ ‫الس ُ‬


‫عة بعد ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫نف من الناس َي ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬

‫‪290‬‬
‫ذبَّتلاو فارسإلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫على ال َّن ِ‬
‫قيض تما ًما(((‪.‬‬
‫الغفلة ِ‬
‫عن اآلخرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫رين؛ قال‬ ‫والم ِّ‬
‫بذ َ‬ ‫فين ُ‬ ‫سر َ‬‫الم ِ‬
‫صاح ُبة ُ‬
‫‪ُ 5-5‬م َ‬
‫نظ ْر أحدُ ُكم َمن ُيخالِ ُل))(((‪.‬‬ ‫((الر ُج ُل على ِد ِ‬
‫ين َخ ِ‬
‫ليله‪ ،‬ف ْل َي ُ‬ ‫َّ‬

‫((( ((آفات على الطريق)) للسيد محمد نوح‪.‬‬


‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4833‬والترمذي (‪ )2378‬واللفظ لهما‪ ،‬وأحمد (‪ )8417‬من حديث أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه‪.‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ .‬وصحح إسناده النووي في ((رياض الصالحين)) (‪ ،)177‬وحسن‬
‫الحديث ابن حجر في ((األمالي المطلقة)) (‪.)151‬‬
‫‪291‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫االفتراء والبهتان‬

‫معنى االفرتاء‪:‬‬
‫بالعج ِ‬
‫ب‬ ‫الن َي ْفري ال َف ِر َّي‪ ،‬إذا كان يأتي‬
‫الكذ ُب واالختالق‪ .‬و ُف ٌ‬ ‫االفتِراء ُلغ ًة‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫يت‪َ :‬د ِهشْ ُت ِ‬
‫وح ْر ُت(((‪.‬‬ ‫في ِ‬
‫عمله‪ .‬و َف ِر ُ‬

‫العظيم ِمن‬
‫ُ‬
‫الغير بما ال ير َت ِ‬
‫ضيه‪ .‬وقيل‪ :‬هو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الك ِذ ُب في حقِّ‬
‫اصطالحا‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫االفتِراء‬
‫َ‬
‫يكون(((‪.‬‬ ‫يصح ْ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫واختالق ما ال ُّ‬ ‫ُ‬
‫وافتعال‬ ‫ِ‬
‫الكذب‪،‬‬
‫ِ‬
‫وباهتَه‪ :‬استَق َب َله‬
‫فع ْل ُه‪َ .‬‬‫الر ُج َل‪ ،‬أي‪ :‬قال عليه ما لم َي َ‬ ‫ال ُبهتان ُلغ ًة‪ :‬االفت ُ‬
‫راء‪َ ،‬ب َه َت َّ‬
‫جل َأ َبه ُته َب ْه ًتا‪ ،‬إذا‬ ‫ٍ ِ‬
‫ريء‪ ،‬ال َيع َل ُمه‪ ،‬ف َي َبه ُت منه‪ .‬و َب َه ُّت َّ‬
‫الر َ‬ ‫بأمر َيقذ ُفه به وهو منه َب ٌ‬
‫ِ‬
‫ب‪ .‬و َب ِه َت و ُب ِه َت إذا َت َّ‬
‫حي َر(((‪.‬‬ ‫بالكذ ِ‬ ‫قا َب ْلتَه‬
‫وجه المكاب ِ‬
‫الك ِذب ا َّلذي يواج ُه به صاحبه على ِ‬
‫رة له‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ال ُبهتان‬
‫بريء(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بذنب وهو منه‬ ‫اإلنسان ب َق ْذفِه‬
‫ِ‬ ‫أو استِ ُ‬
‫قبال‬

‫ور‪:‬‬ ‫هتان ُّ‬ ‫الفرق ْ‬


‫والز ِ‬ ‫بي ال ُب ِ‬
‫حس َب أ َّنه ِص ٌ‬ ‫الظ ِ‬
‫وحس َن في َّ‬ ‫ِ‬
‫دق‪.‬‬ ‫اهر؛ ل ُي َ‬ ‫ِّ‬ ‫ور‪ :‬هو الكذ ُب ا َّلذي قد ِّ‬
‫سو َي‬ ‫الز ُ‬
‫ُّ‬

‫اإلنسان بما لم ُي ِح َّبه وقد َب َهتَه(((‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫مواجهة‬ ‫وال ُبهتانُ ‪ :‬هو‬

‫((( انظر ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)154/15‬‬


‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)449 :‬الكليات)) للكفوي (‪.)449/1‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)13 -12/2‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)450 :‬تفسير القرطبي)) (‪.)381/5‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)47 :‬‬
‫‪292‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هتان يف القرآن ُّ‬
‫ذم االفرتا ِء وال ُب ِ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ‬

‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮊ [العنكبوت‪.]68 :‬‬

‫فعلوه‪ :‬ﮋ ﮐ‬ ‫ِ‬ ‫فيمن َي ُنق ُل ِ‬


‫منين والمؤمنات ما لم َي َ‬
‫المؤ َ‬
‫عن ْ‬ ‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه َ‬
‫ﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮊ‬
‫[األحزاب‪.]58 :‬‬

‫أن َيدَّ ِع َي‬ ‫عظ ِم ِ‬


‫الف َرى ْ‬ ‫((إن ِمن َأ َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َّ :‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫قول على‬‫لم َت َر‪ ،‬أو َي َ‬ ‫الرج ُل إلى َغ ِير َأ ِ‬
‫ري َعينَه ما ْ‬
‫بيه‪ ،‬أو ُي َ‬ ‫َّ ُ‬
‫والفرى‪ :‬جمع‪ :‬فِر ٍية‪ ،‬وهي ِ‬
‫الكذ ُب وال َب ْه ُت(((‪.‬‬ ‫ع َل ِيه وس َّلم ما لم ي ُق ْل))(((‪ِ .‬‬
‫ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫كر ُه‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫الله ورسو ُله َأع َل ُم‪ ،‬قال‪ِ :‬ذ ْك ُر َك َأ َ‬
‫خاك بما َي َ‬ ‫يبة؟ قالوا‪ُ :‬‬ ‫ون ما ِ‬
‫الغ ُ‬ ‫َ‬
‫((أ َتدْ ُر َ‬
‫قول فقد اغت َْبت َُه‪ْ ،‬‬
‫وإن لم‬ ‫إن كان فيه ما َت ُ‬ ‫قول؟ قال‪ْ :‬‬ ‫إن كان في أخي ما َأ ُ‬ ‫أ َف َرأ ْي َت ْ‬
‫يك ْن فيه فقد َب َه َّت ُه))(((‪.‬‬ ‫ُ‬

‫هتان‪:‬‬
‫ذم االفرتا ِء وال ُب ِ‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ذك َر ِمن أخيك َشيئًا‬
‫يبة‪ :‬أن َت ُ‬ ‫عنه‪ِ :‬‬
‫(الغ ُ‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬قال عبدُ الله ُ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫َتع َل ُمه منه‪ ،‬فإذا َذ َك ْر َته بما ليس فيه‪ ،‬فذلك ال ُب ُ‬
‫هتان)(((‪.‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)3509‬‬


‫((( ((عمدة القاري)) للعيني (‪ )80/16‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2589‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (‪ ،)211‬وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة))‬
‫(‪ :)70/6‬إسناده رجاله ثقات موقوف‪ .‬وله شاهد‪.‬‬
‫‪293‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وهم؛ فإ َّنهم‬ ‫َ‬
‫فاحذ ُر ُ‬ ‫يل‪( :‬في آخ ِر الزِّ مان َق ٌ‬
‫وم َب َّهاتون‪َ ،‬ع َّيابون‪،‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُف َض ٌ‬
‫رتفع لهم إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫الله‬ ‫أشرار‪ ،‬ال َي ُ‬
‫ٌ‬ ‫نور اإلسال ِم‪ُ ،‬‬
‫وهم‬ ‫أشرار الخ ْل ِق‪ ،‬ليس في ُقلوبِهم ُ‬
‫ُ‬
‫عم ٌل)(((‪.‬‬
‫َ‬

‫ور‪ ،‬و َمن َس ِل َم ِم َن‬ ‫يبة َس ِل َم ِم َن ُّ‬


‫الز ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫الله‪( :‬من س ِلم ِم َن ِ‬
‫َ َ َ‬
‫عبد ِ‬‫ ‪-‬وقال سه ُل بن ِ‬
‫ْ ُ‬
‫ور س ِلم ِم َن الب ِ‬
‫هتان)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الز ِ َ َ‬‫ُّ‬

‫هتان‪:‬‬
‫أنواع االفرتا ِء وال ُب ِ‬
‫ِ‬
‫نوعان‪:‬‬ ‫أشدُّ أنوا ِع الب ِ‬
‫هتان‪ ،‬وهو‬ ‫‪1-‬االفتِراء على ِ‬
‫الله‪ ،‬وهو َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الله كذا‪ .‬وهو ي ِ‬ ‫األو ُل‪ :‬أن َ‬
‫الله شيئًا‪.‬‬
‫كذ ُب؛ ما قال ُ‬ ‫َ‬ ‫يقول‪ :‬قال ُ‬ ‫وع َّ‬‫ال َّن ُ‬

‫الله؛ َّ‬
‫ألن المقصو َد‬ ‫بغير ما أراد ُ‬ ‫وع ال َّثاني‪ :‬أن يفسر ‪-‬متعمدً ا‪ -‬كالم ِ‬
‫الله ِ‬ ‫وال َّن ُ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫كاذب على ِ‬
‫الله‪ِ ،‬‬
‫شاهدٌ‬ ‫الله بكذا كذا وكذا‪ ،‬فهو ِ‬
‫من الكال ِم َمعنا ُه‪ ،‬فإذا قال‪ :‬أراد ُ‬
‫ٌ‬
‫وجل‪.‬‬‫َّ‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬ ‫على ِ‬
‫الله بما لم ُي ِر ْد ُه ُ‬

‫األو ُل‪ :‬بأن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االفتراء على الر ِ‬


‫الله ع َليه وس َّل َم‪ ،‬وهو نوعان‪َّ :‬‬ ‫سول ص َّلى ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬ ‫لكن َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ‬
‫حديث‬ ‫تفسير‬
‫ُ‬ ‫كذ َب عليه‪ .‬ال َّثاني‪:‬‬ ‫رسول الله كذا‪ ،‬ولم َي ُق ْل ُه‪ْ ،‬‬ ‫يقول‪ :‬قال‬
‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫متعمدً ا‪ ،‬فقد َ‬ ‫ِ‬ ‫رسول ِ‬
‫ِ‬
‫الله‬ ‫كذ َب على‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم بغير َمعنا ُه ِّ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم(((‪.‬‬
‫ص َّلى ُ‬
‫ٍ ِ‬
‫لمين ما لم َي ُق ْل ُه‪ ،‬أو‬ ‫تقو َل على أحد م َن ْ‬
‫المس َ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين‪ ،‬كأن َي َّ‬ ‫االفتراء على ْ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ريء‪ ،‬أو أن َيغتا َبه بما ليس فيه‪.‬‬ ‫ي ِ‬
‫قذ َفه بذن ٍ‬
‫ْب وهو منه َب ٌ‬ ‫َ‬

‫((( ((التوبيخ والتنبيه)) ألبي الشيخ األصبهاني (ص‪.)106 ،96 :‬‬


‫((( ((شعب اإليمان)) للبيهقي (‪ )122/9‬برقم (‪.)6364‬‬
‫((( انظر ((شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪.)156/6‬‬
‫‪294‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫لبي ُة لالفرتاء وال ُب ِ‬


‫هتان‪:‬‬ ‫الس َّ‬
‫اآلثا ُر َّ‬
‫الظالِ َ‬
‫مين‪.‬‬ ‫والم ِ‬ ‫‪-‬سبحا َنه وتعالى‪َ -‬أ َ‬
‫عظ ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫جر َ‬ ‫مين ُ‬ ‫فتري على الله ُ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫كل ٍ‬
‫كافر؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫هتان ِس َم ُة ِّ‬
‫االفتراء وال ُب ُ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﮊ [النحل‪.]105 :‬‬
‫الش ِ‬
‫رك والبِدَ عِ‪.‬‬ ‫‪3-3‬يؤ ِّدي للوقو ِع في ِّ‬
‫ِ‬
‫الهداية‪.‬‬ ‫الحرمان ِم َن‬
‫ِ‬ ‫سبب في‬
‫‪ٌ 4-4‬‬

‫سبب في عد ِم الفالحِ ؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ‬


‫‪ٌ 5-5‬‬
‫ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ [يونس‪.]69 :‬‬
‫الذ ِّل والم ِ‬
‫هانة‪.‬‬ ‫‪6-6‬يؤ ِّدي إلى ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫العذاب في الدُّ نيا‪.‬‬ ‫سبب في وقو ِع‬
‫‪ٌ 7-7‬‬

‫الوقوع يف االفرتاء وال ُبهتان(((‪:‬‬


‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬
‫رك ِ‬
‫بالله ُسبحا َنه وتعالى‪.‬‬ ‫الش ُ‬
‫‪ِّ 1-‬‬
‫بغير ِعل ٍم‪.‬‬
‫الله ورسولِه ِ‬
‫القول على ِ‬‫‪ُ 2-2‬‬

‫فر ُق وال َّت ُّ‬


‫حز ُب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االختالف وال َّت ُّ‬ ‫‪3-3‬‬
‫عص ُب وال َّتقليدُ األعمى‪.‬‬
‫‪4-4‬ال َّت ُّ‬
‫والك ُ‬
‫راهية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والحقدُ َ‬ ‫‪ِ 5-5‬‬
‫الك ْب ُر والحسدُ‬
‫ٍ‬
‫فائدة‪.‬‬ ‫‪6-6‬كثر ُة الكال ِم بال‬
‫يبة وال َّن ِ‬
‫ميمة‪.‬‬ ‫والغ ِ‬
‫ب ِ‬‫الك ِذ ِ‬
‫مراء َ‬‫ِ‬
‫‪7-7‬است ُ‬

‫((( ((اإلبانة الكبرى)) البن بطة (‪.)271 -270/1‬‬


‫‪295‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫هتان‪:‬‬
‫قصص يف االفرتاء وال ُب ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫(شكا ُ‬ ‫بن َس ُمر َة‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫‪1-‬عن ِ‬
‫جابر ِ‬
‫الله‬
‫ضي ُ‬ ‫مر َر َ‬ ‫أهل الكوفة سعدً ا إلى ُع َ‬
‫فش َكوا ح َّتى َذ َكروا أ َّنه ال ي ِ‬
‫حس ُن ُيص ِّلي!‬ ‫واستعم َل ِ‬ ‫فعزَ َله‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ارا‪ْ َ ،‬‬ ‫عم ً‬‫عليهم َّ‬ ‫َ‬ ‫عنه‪َ ،‬‬
‫حس ُن ُتص ِّلي‪،‬‬‫زعمون أ َّنك ال ُت ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إسحاق‪َّ ،‬‬ ‫فأرس َل إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا‬
‫إن هؤالء َي ُ‬ ‫َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫كنت ُأص ِّلي بهم َصال َة‬ ‫والله فإ ِّني ُ‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫إسحاق‪َّ :‬أما أنا‬ ‫قال أبو‬
‫وأ ِخ ُّف في‬ ‫الع ِ‬
‫شاء‪َ ،‬فأ ُ‬ ‫خرم عنها؛ ُأص ِّلي صال َة ِ‬ ‫ِ‬
‫ين ُ‬ ‫ركدُ في ُ‬
‫األو َل َي ِ‬ ‫َ‬ ‫ع َليه وس َّل َم‪ ،‬ما َأ ِ ُ‬
‫جال إلى‬‫رج ًل أو ِر ً‬ ‫فأرس َل معه ُ‬ ‫إسحاق‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ين‪ ،‬قال‪ :‬ذاك َّ‬
‫الظ ُّن بك يا أبا‬ ‫خر َي ِ‬ ‫ُ‬
‫األ َ‬
‫ْنون معرو ًفا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الكوفة‪ ،‬ولم َيدَ ْع َمسجدً ا َّإل َسأل عنه‪ ،‬و ُيث َ‬ ‫فسأل عنه َ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬
‫الكوفة‪َ ،‬‬
‫بن َقتاد َة‪ُ ،‬ي ْكنى أبا‬ ‫ُ‬
‫أسامة ُ‬ ‫رج ٌل منهم ُي ُ‬
‫قال له‬ ‫س‪ ،‬فقام ُ‬ ‫ح َّتى َد َخل َمسجدً ا ل َبني َع ْب ٍ‬

‫بالسو َّي ِة‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬


‫بالسر َّية‪ ،‬وال َيقس ُم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فإن سعدً ا كان ال َيس ُير َّ‬ ‫َس ْعد َة‪ ،‬قال‪َّ :‬أما إ ْذ َن َشدْ َتنا َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ َ‬ ‫عد ُل في ال َق ِ‬ ‫ي ِ‬
‫عبدُ ك هذا‬ ‫إن كان ْ‬ ‫هم ْ‬ ‫ضية‪ ،‬قال سعدٌ ‪ :‬أ َما والله أل ْد ُع َو َّن بثالث‪ :‬ال َّل َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وعر ْض ُه ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ِ‬
‫بالفت َِن‪ ،‬وكان بعدُ إذا‬ ‫وس ْمع ًة‪ ،‬فأط ْل ُع ُم َره‪ ،‬وأط ْل َف ْق َره‪ِّ َ ،‬‬ ‫قام ِريا ًء ُ‬‫كاذ ًبا‪َ ،‬‬
‫الم ِل ِك ‪-‬راوي ِ‬
‫األثر‬ ‫ٍ‬
‫تون‪ ،‬أصا َب ْتني َدعو ُة سعد‪ .‬قال عبدُ َ‬ ‫كبير َم ْف ٌ‬
‫شيخ ٌ‬‫يقول‪ٌ :‬‬‫ُس ِئل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫عن َس ُمر َة‪ :-‬فأنا رأ ْي ُته بعدُ ‪ ،‬قد س َق َط حاجبا ُه على َعينَيه م َن الك َب ِر‪ ،‬وإ َّنه َل َي َّ‬
‫تعر ُ‬
‫الطر ِق ي ِ‬
‫غم ُز ُه َّن)(((‪.‬‬ ‫للجواري في ُّ ُ َ‬ ‫َ‬

‫عت أصحا َبنا‬ ‫سم ُ‬ ‫طاهر‪ِ :‬‬


‫ٍ‬ ‫ابن‬ ‫َّانية َذكرها َّ‬
‫القص ُة الث ُ‬
‫بي؛ قال‪( :‬قال ُ‬ ‫الذ َه ُّ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫بعض َقدَ ماتِه اجت ََمع‬
‫ِ‬ ‫الن َهرا َة في‬‫لطان أ ْل ُب َأ ْر ِس ُ‬
‫الس ُ‬ ‫ِ‬
‫َبه َرا َة يقولون‪َ :‬ل َّما َقدم ُّ‬
‫وس َّلموا عليه‪ ،‬وقالوا‪َ :‬و َرد‬ ‫َ‬ ‫ورؤساؤُ ه و َد َخلوا على أبي‬ ‫ِ‬ ‫َم ُ‬
‫إسماعيل َ‬ ‫شايخ البلد ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خر َج و ُنس ِّل َم عليه‪ ،‬فأح َب ْبنا أن َنبدأ َّ‬
‫بالسال ِم عليك‪،‬‬ ‫أن َن ُ‬
‫ونحن على َعز ِم ْ‬‫ُ‬ ‫الس ُ‬
‫لطان‬ ‫ُّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )755‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)453‬‬


‫‪296‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وج َعلوه‬
‫صغيرا‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حاس‬ ‫صنما ِمن ُن‬
‫ً‬ ‫حملوا معهم‬ ‫واطؤوا على أن َ‬ ‫وكانوا قد َت َ‬
‫وخ َرجوا‪ ،‬وقام إلى َخ ْل َوتِه‪ ،‬و َد َخلوا على‬ ‫يخ‪َ ،‬‬ ‫حراب تحت سج ِ‬
‫ادة َّ‬
‫الش ِ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِ‬ ‫في ِ‬
‫الم‬
‫ِ‬ ‫الس ِ‬
‫األنصاري‪ ،‬وأ َّنه ُم َج ِّس ٌم‪ ،‬وأ َّنه َي ُتر ُك في محرابِه ً‬
‫صنما‬ ‫ِّ‬ ‫لطان‪ ،‬واستَغا ُثوا من‬ ‫ُّ‬
‫فع ُظم ذلك على‬ ‫لطان َي ِجدْ ُه‪َ .‬‬
‫الس ُ‬ ‫اآلن ُّ‬‫إن َب َعث َ‬ ‫أن الل َه على صورتِه‪ْ ،‬‬ ‫زع ُم َّ‬
‫َي ُ‬
‫حراب‪،‬‬ ‫جماعة‪ ،‬فدَ َخلوا الدَّ ار‪ ،‬و َقصدوا ِ‬
‫الم‬ ‫ٌ‬ ‫الس ِ‬
‫لطان‪ ،‬و َب َعث ُغال ًما ومعه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫نصاري‪،‬‬
‫َّ‬ ‫حضر َ‬
‫األ‬ ‫َ‬
‫لطان َمن أ َ َ‬ ‫الس ُ‬
‫بالصن ِم‪ ،‬ف َب َعث ُّ‬
‫الم َّ‬ ‫ور َجع ُ‬
‫الغ ُ‬ ‫نم‪َ ،‬‬ ‫َفأ َخذوا َّ‬
‫الص َ‬
‫الس ُ‬
‫لطان له‪ :‬ما‬ ‫لطان قد اشتَدَّ َ‬ ‫والس َ‬ ‫َفأ َتى‪َ ،‬‬
‫غض ُبه؛ فقال ُّ‬ ‫والعلما َء‪ُّ ،‬‬
‫نم ُ‬ ‫الص َ‬
‫فرأى َّ‬
‫لست عن ذا َأسأ ُلك‪،‬‬ ‫فر‪ِ ،‬شب َه ال ُّل ِ‬‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫عبة؛ قال‪ُ :‬‬ ‫عم ُل م َن ُّ‬
‫هذا؟ قال‪ :‬هذا صن ٌَم ُي َ‬
‫زعمون أ َّنك َتع ُبدُ هذا‪ ،‬وأ َّنك َت ُ‬ ‫ِ‬
‫قول‪:‬‬ ‫إن هؤالء َي ُ‬ ‫الس ُ‬
‫لطان؟ قال‪َّ :‬‬ ‫فع َّم َيسأ ُلني ُّ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ري‪ُ :‬سبحا َنك هذا‬ ‫ولة وص ٍ‬
‫وت َج ْه َو ٍّ‬ ‫األنصاري بص ٍ‬ ‫إن الل َه على صورتِه‪ ،‬فقال َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُّ َ‬
‫خر َج إلى ِ‬ ‫قلب الس ِ‬
‫لطان أ َّنهم َك َذبوا عليه‪َ ،‬فأ َمر به ُفأ ِ‬
‫داره‬ ‫عظيم! فوقع في ِ ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُب ٌ‬
‫هتان‬
‫الر ُج ِل في َب ِل َّي ٍة‬ ‫ِ‬
‫نحن في يد هذا َّ‬ ‫وهدَّ َدهم‪ ،‬فقالوا‪ُ :‬‬ ‫اصدُ قوني‪َ ،‬‬ ‫كر ًما‪ ،‬وقال لهم‪ْ :‬‬
‫ُم َّ‬
‫ٍ‬
‫واحد‬ ‫ووك َل ِّ‬
‫بكل‬ ‫قط َع َش َّره ع َّنا‪َ ،‬فأ َم َر بهم‪َّ ،‬‬
‫فأر ْدنا أن َن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫بالعامة‪َ ،‬‬
‫َّ‬ ‫استيالئه علينا‬
‫منهم‪ ،‬وصا َد َر ُهم‪ ،‬وأها َن ُهم)(((‪.‬‬
‫هتان يف األمثال ِّ‬
‫والشعر(((‪:‬‬ ‫االفرتاء وال ُب ُ‬
‫لف ِ ِ‬
‫يكة‪:‬‬ ‫ ‪َ -‬قو ُلهم‪ :‬يا َل ْ َ‬
‫اإلفك‪ ،‬وهو ِ‬
‫الكذ ُب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عيلة ِم َن‬
‫وهي َف ُ‬
‫ ‪-‬وقو ُلهم‪ :‬يا َل ْلب ِه ِ‬
‫يتة‪ :‬وهي ال ُب ُ‬
‫هتان‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( ((سير أعالم النبالء)) (‪(( ،)512/18‬تذكرة الحفاظ)) للذهبي (‪.)252 -251/3‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) ألبي الفضل الميداني (‪.)412/2‬‬
‫‪297‬‬
‫اتهبلاو ءارتفالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫بعض الح ِ‬
‫كماء‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال ُ ُ‬
‫بيح و ُي ِ‬
‫ظه ُر اإلحســـانَا‬ ‫ُي ْخفـــي ال َق َ‬ ‫َقضــــــى ُو ُّد ُه‬
‫الكريــــــم إذا ت َّ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫ــــر ال ُبهتانَا‬
‫(((‬
‫ظه ُ‬ ‫ميل و ُي ِ‬
‫الج َ‬
‫ُي ْخفي َ‬ ‫َصـــر َم َح ْب ُل ُه‬
‫َّ‬ ‫ئيـــم إذا ت‬
‫َ‬ ‫وتـــرى ال َّل‬
‫َ‬

‫((( ((قوت القلوب)) ألبي طالب المكي (‪.)362/2‬‬


‫‪298‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫السر ِّ‬
‫إفشاء ِّ‬

‫الس ِّر‪:‬‬
‫معنى إفشا ِء ِّ‬
‫يء‪ ،‬أي‪ :‬ات ََّس َع‪َ ،‬‬
‫وظ َهر(((‪.‬‬ ‫واالنتشار‪ ،‬و َت َف َّشى َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ُ‬ ‫يوع‬ ‫اإلفشاء ُلغ ًة‪ُّ :‬‬
‫الذ ُ‬
‫شخص ائ ُت ِم َن عليه في ِ‬
‫ٍ‬ ‫بس ٍّر ِمن‬ ‫ِ‬
‫اإلفضاء ِ‬
‫غير‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو ُّ‬
‫تعمدُ‬ ‫ً‬ ‫اإلفشاء‬
‫ُ‬
‫اإلسالمي ُة اإلفضا َء أو ُت ِج ُيزه(((‪.‬‬
‫َّ‬ ‫الش ُ‬
‫ريعة‬ ‫األحوال ا َّلتي ِ‬
‫توج ُب فيها َّ‬ ‫ِ‬

‫إسرارا‪،‬‬ ‫سر ْر ُت َّ‬


‫الشي َء‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس ُّر ُلغ ًة‪ :‬هو ما ُيكت َُم‪ ،‬وهو‬
‫ً‬ ‫خالف اإلعالن‪ ،‬يقال‪ :‬أ َ‬ ‫ِّ‬
‫بالس ِّر؛ من حيث إ َّنه ُيخ َفى(((‪.‬‬ ‫وكنِّي ِ‬
‫عن الن ِ‬
‫ِّكاح ِّ‬ ‫الف َأع َل ْن ُته‪ُ .‬‬‫ِخ ُ‬

‫ِ‬
‫األمور ا َّلتي َعزَ م عليها(((‪.‬‬ ‫المرء في ن ْف ِسه ِمن‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ما ُي ِس ُّره‬
‫ً‬ ‫الس ُّر‬
‫ِّ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫الس ِّر‪َّ ،‬‬
‫والن ُ‬ ‫ذم إفشا ِء ِّ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊ [النساء‪.]83 :‬‬

‫ذاعوا به‪َ :‬أ ْف َشوه و َبثُّوه في ال َّن ِ‬


‫اس)(((‪.‬‬ ‫(أ ُ‬‫َ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)2455/6‬مقاييس ال ُّلغة)) البن فارس (‪.)69/3‬‬


‫((( ((كتمان السر وإفشاؤه في الفقه اإلسالمي)) لشريف بن أدول (ص‪.)20 :‬‬
‫((( ((مقاييس اللُّغة)) البن فارس (‪(( ،)504/4‬مفردات القرآن الكريم)) للراغب (‪،)404/1‬‬
‫((الكليات)) للكفوي (ص‪.)415 :‬‬
‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)415 :‬‬
‫((( ((تفسير الطبري)) (‪.)252/7‬‬
‫‪299‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬


‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮊ [التحريم‪.]3 :‬‬

‫مما َأ َت ْت‬ ‫ُ ِ‬ ‫غضبِه لنَب ِّيه‪،‬‬


‫مي‪( :‬أشار تعالى إلى َ‬ ‫ِ‬
‫صلوات الله عليه‪َّ ،‬‬ ‫ ‪-‬قال القاس ُّ‬
‫وأن ذلك‬ ‫قل ُق راحتَه‪َّ ،‬‬‫ومن ُمظاهرتِهما على ما ي ِ‬ ‫إفشاء السر إلى صاحبتِها‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫به ِمن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ذن ٌْب َت ِج ُب ال َّت ُ‬
‫وبة منه)(((‪.‬‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬‫ضي ُ‬ ‫ري َر َ‬ ‫سعيد ُ‬
‫الخدْ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ ‪-‬عن أبي‬
‫امرأتِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الر ُج َل ُي ْفضي إلى َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫((إن ِمن َأ َشر ال َّن ِ ِ‬
‫اس عندَ الله َم ِنزل ًة َي َ‬
‫وم القيامة‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وس َّل َم‪َّ :‬‬
‫نش ُر ِس َّرها))(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و ُت ْفضي إ َليه‪َّ ،‬‬
‫ثم َي ُ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عنهما‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫الله ُ‬‫ضي ُ‬ ‫جابر ِ ِ ِ‬
‫بن َعبد الله َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬

‫مانة))(((‪.‬‬‫ثم ا ْل َت َف َت‪ ،‬فهي َأ ٌ‬ ‫َ‬


‫الحديث َّ‬ ‫الر ُج ُل‬
‫قال‪(( :‬إذا َحدَّ ث َّ‬
‫الس ِّر‪:‬‬
‫ذم إفشا ِء ِّ‬
‫لف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫أحد َّإل َأعق َبني َ‬ ‫فشي ُت ِسري إلى ٍ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬قال ُم ُ‬
‫طول‬ ‫ِّ‬ ‫الله عنه‪( :‬ما أ َ ْ‬ ‫ضي ُ‬ ‫عاوية َر َ‬
‫ِ‬
‫أضالعي‪َّ ،‬إل‬ ‫فح َك ْم ُته ْبين ْ‬
‫وانح صدْ ري َ‬‫ودع ُته َج َ‬ ‫ال َّند ِم‪ ،‬وشدَّ َة األسف‪ ،‬وال َأ ْ‬
‫وسنا ًء ِ‬
‫ورفع ًة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫كس َبني َمجدً ا وذ ْك ًرا‪َ ،‬‬
‫أ َ‬
‫رج ًل ِس ًّرا َفأفشا ُه‬
‫الله عنه‪ :‬ما استَو َد ْع ُت ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫ِ‬
‫العاص َر َ‬ ‫بن‬
‫مرو ُ‬ ‫ ‪-‬و(قال َع ُ‬

‫((( ((محاسن التأويل)) للقاسمي (‪.)274/9‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)1437‬‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4868‬والترمذي (‪ ،)1959‬وأحمد (‪ .)14514‬حسنه الترمذي‪ ،‬واأللباني‬
‫في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)1959‬‬
‫((( ((المحاسن واألضداد)) للجاحظ (ص‪.)46 :‬‬
‫‪300‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫صدرا منه حيث استَو َد ْع ُته إ َّيا ُه)(((‪.‬‬


‫ً‬ ‫كنت َأ ْضيقَ‬
‫ف ُل ْم ُت ُه؛ أل ِّني ُ‬
‫(إن ِسرك ِمن ِ‬
‫ريقه)(((‪.‬‬ ‫دمك‪ُ ،‬‬
‫فانظ ْر أين ُت ُ‬ ‫في‪َّ َّ :‬‬ ‫ ‪-‬وقال َأ ْك َث ُم ُ‬
‫بن َص ْي ٍّ‬
‫الس ِّر‪:‬‬
‫أنواع إفشا ِء ِّ‬
‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ‬
‫الس ِّر إلى ق َ‬
‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫نقس ُم‬ ‫َ‬
‫القسم األول‪ :‬اإلفشاء المحمود‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫إفشاء‬ ‫لألفراد أو المجتم ِ‬
‫عات‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مصلحة‬ ‫الس ِّر ا َّلذي يؤ ِّدي إلى‬ ‫ِ‬ ‫ِم ُ‬
‫ُ َ‬ ‫ثل إفشاء ِّ‬
‫ِ‬
‫وغ ِيرها ِم َن األشياء ا َّلتي َي ُ‬
‫عود ن ْف ُعها ومصلح ُتها على‬ ‫الم َ‬
‫نك ُر‪َ ،‬‬ ‫غي ُر ُ‬ ‫الس ِّر ا َّلذي به ُي َّ‬
‫ِّ‬
‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والم َ‬
‫الفرد ُ‬
‫القسم ال َّثاني‪ :‬اإلفشاء المذموم‬
‫ُ‬
‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المذموم َينقس ُم إلى ق َ‬
‫ُ‬ ‫واإلفشاء‬
‫ُ‬
‫صبره‪.‬‬ ‫اإلنسان ِسر ن ْف ِسه‪ ،‬وهذا يدُ ُّل على ِ‬
‫فشله وعد ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫إفشاء‬
‫ُ‬ ‫أ‪-‬‬
‫َّ‬
‫وأخطر ِمن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الخيانة‪ ،‬وهو أشدُّ‬ ‫غيره‪ ،‬وهذا ُيعت َب ُر ِم َن‬
‫اإلنسان ِس َّر ِ‬
‫ِ‬ ‫إفشاء‬
‫ُ‬ ‫ب‪-‬‬
‫اإلنسان ِس َّر ن ْف ِسه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إفشاء‬

‫الس ِّر‪:‬‬
‫ِمن ُص َور إفشا ِء ِّ‬
‫الس ِّر املذموم‪:‬‬
‫•• ِمن ُص َور إفشا ِء ِّ‬
‫وجي ِة‪.‬‬
‫الز َّ‬ ‫ِ‬
‫األسرار َّ‬ ‫إفشاء‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫أسرار الدَّ ِ‬
‫ولة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إفشاء‬ ‫‪2-2‬‬
‫ُ‬

‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة (‪ ،)98/1‬و((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)62/1‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)275-174/2‬‬
‫‪301‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫نوب ا َّلتي ي ِ‬
‫رتك ُبها‪.‬‬ ‫الذ ِ‬
‫وإعالن ُّ‬
‫ُ‬ ‫إفشاء‬ ‫‪3-3‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫المس ِل َ‬
‫مين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إفشاء أسرار ْ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫الس ِّر َ‬
‫املمو ِد‪:‬‬ ‫•• ِمن ُص َور إفشا ِء ِّ‬
‫هادة ِعندَ القاضي‪.‬‬
‫الش ِ‬‫أداء َّ‬
‫‪ُ 1-‬‬
‫سك َت‬ ‫س؛ فال َي ِح ُّق له ْ‬
‫أن َي ُ‬ ‫جس ٍ‬ ‫ب ِمن الم َ ِ‬
‫نكرات دون َت ُّ‬ ‫ُ‬
‫‪2-2‬ما يظهر للم ِ‬
‫حتس ِ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫تغييرها وإزال ُتها‪.‬‬
‫يجب عليه ُ‬ ‫ض َّ‬
‫الط ْر َف عنها‪ ،‬بل ُ‬ ‫أو َي ُغ َّ‬

‫العام ُة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫صلحة َّ‬ ‫الم‬
‫األسرار لإلخوان؛ لما فيه َ‬ ‫إفشاء‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬

‫الس ِّر‪:‬‬
‫أضرا ُر إفشا ِء ِّ‬
‫ِ‬ ‫هو عن ي َق ِ‬
‫والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األذكياء‪.‬‬ ‫ظة‬ ‫فط ِن العقالء‪َّ ،‬‬
‫الغفلة عن َت ُّ‬ ‫الس ِّر ُ‬
‫دليل‬ ‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫للعهد‪.‬‬ ‫ض‬ ‫ِ‬
‫لألمانة‪ ،‬ون ْق ٌ‬ ‫ٌ‬
‫خيانة‬ ‫الس ِّر‬
‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫للخط ِر‪.‬‬
‫َ‬ ‫عر ٌ‬ ‫ارتكاب َ ِ‬
‫ض‬ ‫للغ َرر‪ ،‬و َت ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫الس ِّر فيه‬‫إفشاء ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫وفساد الم ِ‬
‫روءة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الطبعِ‪،‬‬ ‫دليل على ُل ْؤ ِم َّ‬ ‫الس ِّر ٌ‬
‫ُ‬ ‫إفشاء ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫در‪.‬‬ ‫الص ِبر‪ ،‬وض ِيق َّ‬ ‫دليل على ق َّلة َّ‬ ‫الس ِّر ٌ‬ ‫إفشاء ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫س صاحبِه‪.‬‬ ‫دم والحسر َة في ن ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-‬خاص ًة ِعندَ‬
‫الغضب‪ُ -‬يعق ُب ال َّن َ‬ ‫َّ‬ ‫الس ِّر‬ ‫إفشاء ِّ‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫وإفساد للص ِ‬
‫داقة‪ ،‬و َمدْ عا ُة لل َّتنا ُف ِر(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالمروءة‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫إخالل‬ ‫ِ‬
‫األسرار‬ ‫إفشاء‬ ‫‪7-7‬‬
‫ٌ َّ‬ ‫ُ‬
‫احلاالت الَّيت يَوزُ فيها إفشا ُء ِّ‬
‫الس ِّر‪:‬‬
‫ٍ‬
‫محدودة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫أحوال‬ ‫ِ‬
‫الواجب كتما ُنه َّإل في‬ ‫الس ِّر‬ ‫ال َي ُ‬
‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫جوز‬
‫الس ِّر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫انقضاء حالة كتمان ِّ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة باحثين (‪.)229-228/1‬‬


‫‪302‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الس ِّر‪.‬‬ ‫ِ‬


‫صاحب ِّ‬ ‫موت‬
‫ ‪ُ -‬‬
‫بالض ِ‬
‫رر‪.‬‬ ‫ ‪َّ -‬أل َيعو َد عليه َّ‬
‫ِ‬
‫اإلفشاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضرر‬ ‫ضرر َأب َلغَ ِمن‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫الكتمان إلى‬ ‫ ‪-‬أن يؤ ِّد َي‬

‫الخط ِر(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫دفع‬
‫ ‪ُ -‬‬
‫الس ِّر‪:‬‬
‫تر ِك إفشا ِء ِّ‬ ‫األسباب املُ ِع ُ‬
‫ينة على ْ‬
‫سان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خطورة ال ِّل ِ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫إدراك‬

‫الس ِّر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 2-2‬ت ُّ‬


‫ذك ُر عاقبة كشف ِّ‬
‫الص ِبر‪.‬‬ ‫‪3-3‬تعويدُ ال َّن ْف ِ‬
‫س على َّ‬
‫ِ‬
‫األسرار‪.‬‬ ‫طيق ِم َن‬ ‫أن ال َن ِ‬
‫حم َل ما ال ُن ُ‬ ‫‪ْ 4-4‬‬

‫الت َ‬
‫الية‪:‬‬ ‫مينة َّ‬
‫الث َ‬‫نس الوصايا َّ‬
‫ال َت َ‬
‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َ :‬‬ ‫بكل ما ِ‬
‫إثما‬ ‫((ك َفى َ‬
‫بالمرء ً‬ ‫عت؛ قال ص َّلى ُ‬
‫سم َ‬ ‫‪1-‬ال ُت َحدِّ ْث ِّ‬
‫بك ِّل ما َس ِم َع))(((‪.‬‬
‫أن ُي َحدِّ َث ُ‬
‫ْ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم‪ِ :‬‬
‫((من ُح ِ‬ ‫ِ‬
‫األسرار؛ قال ص َّلى ُ‬ ‫بح ْث ِ‬
‫سن إسال ِم‬ ‫َ‬ ‫عن‬ ‫‪2-2‬ال َت َ‬
‫الم ِ‬
‫رء َت ْر ُكه ما ال َي ْعنِ ِيه))(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪(( :‬ال َيس ُت ُر ْ‬
‫عبدٌ ْ‬
‫عبدً ا في‬ ‫واجب؛ قال ص َّلى ُ‬
‫ٌ‬ ‫المسل ِم‬
‫‪َ 3-3‬س ُتر ْ‬

‫((( ((الرؤية اإلسالمية لبعض الممارسات الطبية)) لمجموعة باحثين (ص‪ )101-99 :‬بتصرف‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم في المقدمة في (باب النهي عن الحديث بكل ما سمع)‪.‬‬
‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)2317‬وابن ماجه (‪ )3976‬من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪ .‬قال‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫الترمذي‪ :‬غريب ال نعرفه من حديث أبي سلمة‪ ،‬عن أبي ُه َرير َة‪ ،‬عن ال َّن ِّ‬
‫وصححه األلباني في ((صحيح‬ ‫َّ‬ ‫إال من هذا الوجه‪ .‬وحسنه النووي في ((األذكار)) (‪،)502‬‬
‫سنن الترمذي)) (‪.)2317‬‬
‫‪303‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الق ِ‬‫الله يوم ِ‬


‫يامة))(((‪.‬‬ ‫الدُّ نيا‪َّ ،‬إل َست ََر ُه ُ َ َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬إذا‬


‫أمانات؛ فال َت ُخ ْن َم ِن ائت ََمنَك‪ :‬قال ص َّلى ُ‬
‫ٌ‬ ‫األسرار‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫فهي َأ ٌ‬
‫مانة))(((‪.‬‬ ‫ثم ا ْل َت َف َت‪َ ،‬‬ ‫الح َ‬
‫ديث َّ‬ ‫الر ُج ُل َ‬
‫َحدَّ َث َّ‬
‫(س ُّرك َأ ِس ُيرك‪ْ ،‬‬
‫فإن َتك َّل ْم َت‬ ‫الله عنه‪ِ :‬‬
‫ضي ُ‬‫علي َر َ‬
‫ِ‬
‫سير س ِّر َك؛ قال ٌّ‬
‫‪5-5‬ال ُ َ‬
‫تك ْن أ َ‬
‫سيره)(((‪.‬‬ ‫به ِص َ َ‬
‫رت أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عين؛ َّ‬ ‫‪َ 6-6‬‬
‫اإلشاعة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وطريق‬ ‫اإلذاعة‪،‬‬ ‫كثر َتهم ُ‬
‫سبب‬ ‫فإن َ‬ ‫احذ ْر كثر َة ُ‬
‫المستو َد َ‬

‫وش ْع ٌر يف إفشا ِء ِّ‬


‫الس ِّر‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫ ‪-‬صدْ رك َأوسع ِ‬
‫لس ِّرك‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫سبب ح ْت ِفك)(((‪.‬‬
‫كون َ‬ ‫قال‪ :‬ر َّبما َأ َ‬
‫فش ْيتَه ف َي ُ‬ ‫(سرك ِمن ِ‬
‫دمك؛ ُي ُ‬ ‫ِ‬
‫ ‪ُّ -‬‬
‫الخيار‬ ‫الخيار إليه‪ ،‬و َمن َأفشا ُه كان‬ ‫ِ‬
‫األدباء‪َ :‬من َكتَم ِس َّره كان‬ ‫ ‪(-‬قال ُ‬
‫بعض‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عليه‪.‬‬
‫سرك‪ ،‬ما كت َْم َت ِس َّرك!‬ ‫ِ َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫بعض ال ُبلغاء‪ :‬ما أ َّ‬
‫ٌ‬
‫مكشوف ضائع)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صحاء‪ :‬ما لم ُتغ ِّي ْبه األضالِع‪ ،‬فهو‬ ‫بعض ُ‬
‫الف‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫َ‬ ‫األسرار‪َ ِّ ،‬‬
‫ِ‬ ‫(القلوب َأ ُ‬
‫فاتيحها‪ ،‬ف ْل َيح َف ْظ ٌّ‬
‫كل‬ ‫والشفا ُه أقفا ُلها‪ ،‬واأل ُ‬
‫لس ُن َم ُ‬ ‫وعية‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫فاتيح ِس ِّره)(((‪.‬‬
‫منكم َم َ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪ )2590‬من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4868‬والترمذي (‪ ،)1959‬وأحمد (‪ )14514‬من حديث جابر بن‬
‫عبد‪ ‬الله رضي الله عنهما‪ .‬حسنه الترمذي‪ ،‬واأللباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)1959‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)306 :‬‬
‫((( ((األمثال)) البن سالم (ص‪.)57 :‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)307-306 :‬‬
‫((( ((غذاء األلباب في شرح منظومة اآلداب)) للسفاريني (‪.)117/1‬‬
‫‪304‬‬
‫رِّسلا ءاشفإ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ ‪-‬قال أنس بن ٍ‬
‫أسيد‪:‬‬ ‫ُ ُ‬
‫َصيحـــا‬ ‫ٍ‬
‫َصيـــح ن َ‬ ‫ِّ‬
‫لـــكل ن‬ ‫َّ‬
‫فـــإن‬ ‫ــــــر َك َّإل َ‬
‫إليك‬ ‫َّ‬ ‫ُفــــــش ِس‬
‫ِ‬ ‫وال ت‬
‫صحيحا‬
‫(((‬
‫َ‬ ‫تركـــون َأ ً‬
‫ديمـــا‬ ‫َ‬ ‫ِل ال َي‬ ‫الرجـــا‬
‫رأيـــت ُوشـــا َة ِّ‬
‫ُ‬ ‫فإنِّـــي‬

‫((( ((الحيوان)) للجاحظ (‪(( ،)101/5‬أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)307 :‬‬
‫‪305‬‬
‫اقتنالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫االنتقام‬

‫االنتقام‪:‬‬
‫ِ‬ ‫مع َنى‬
‫األمر و َن ِق ْم ُته‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الله منه‪ ،‬أي‪ :‬عا َق َبه‪ .‬و َن َق ُ‬
‫مت‬ ‫قوبة؛ ُيقال‪ :‬ان َت َقم ُ‬ ‫االنتقام ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫الع ُ‬

‫مع‪َ :‬ن ِق ٌ‬
‫مات‪،‬‬ ‫واالسم منه‪ :‬ال ِّن ْق ُ‬ ‫راهة لس ِ‬
‫وء فِ ِ‬ ‫الك ِ‬ ‫إذا ِعبتَه وكرهتَه أشدَّ َ‬
‫والج ُ‬
‫مة‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫عله‪،‬‬ ‫ُ‬
‫و َن ِق ٌم(((‪.‬‬
‫تصل إلى حدِّ الس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إنزال الع ِ‬
‫خط‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫بكراهية‬ ‫قوبة َمصحو ًبا‬ ‫ُ ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫االنتقام‬
‫ِ‬
‫بالعذاب(((‪.‬‬ ‫وس ْلب الن ِ‬
‫ِّعمة‬ ‫َ ُ‬

‫قاب(((‪:‬‬ ‫الفرق ْ‬
‫االنتقام وال ِع ِ‬
‫ِ‬ ‫بي‬
‫ِ‬
‫بالعذاب؛ َّ‬
‫ألن‬ ‫الجر ِم‬ ‫ِ‬ ‫االنتقام س ْلب الن ِ‬
‫جزاء على ُ‬
‫ٌ‬ ‫والعقاب‬
‫ُ‬ ‫بالعذاب‪.‬‬ ‫ِّعمة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫نقيض اإلنعا ِم‪.‬‬ ‫واالنتقام‬ ‫نقيض الث ِ‬
‫َّواب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫قاب‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الع َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫االنتقام َّ‬


‫والتحذي ُر منه يف القرآن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮊ [البقرة‪.]194 :‬‬

‫فوس ‪-‬في الغالب‪ -‬ال َت ِق ُف على حدِّ ها إذا ُر ِّخص‬


‫السعدي‪( :‬و َل َّما كانت ال ُّن ُ‬
‫ُّ‬ ‫قال‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)2045/5‬لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)590/12‬المصباح‬
‫المنير)) للفيومي (‪.)623/2‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)77 :‬نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)4007/9‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)77 ،43 :‬‬
‫‪306‬‬
‫اقتنالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫االنتقام‪َ ،-‬أ َمر تعالى ب ُلزو ِم َت ْقوا ُه‪ ،‬ا َّلتي هي‬ ‫ِ‬
‫المعاقبة؛ لط َلبِها ال َّتش ِّف َي ‪-‬أي‪:‬‬ ‫لها في‬
‫َ‬
‫وأخ َب َر تعالى أ َّنه ﮋﮝ ﮞ ﮟﮊ [البقرة‪:‬‬ ‫جاو ِزها‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫الوقوف عندَ حدوده‪ ،‬وعدَ ُم َت ُ‬
‫صر‪ ،‬وال َّت ِ‬
‫أييد‪ ،‬وال َّت ِ‬
‫وفيق)(((‪.‬‬ ‫ون‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫‪ ]194‬أي‪ :‬بالع ِ‬
‫َ‬

‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮊ [الشورى‪.]37 :‬‬


‫ ‪-‬وقال ُ‬

‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬


‫ُ‬
‫الله‬ ‫الله عنها أ َّنها قالت‪(( :‬ما ُخ ِّي َر‬ ‫ضي ُ‬‫ ‪-‬وعن عائش َة َر َ‬
‫إثما كان َأ َبعدَ‬
‫إثما‪ ،‬فإن كان ً‬ ‫يكن ً‬ ‫يس َر ُه َما‪ ،‬ما لم ُ‬
‫أخ َذ أ َ‬ ‫ع َل ِيه وس َّل َم ْبين أ ْم َر ِ‬
‫ين َّإل َ َ‬

‫نته َك ُح ُ‬
‫رمة‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم لن ْف ِسه‪َّ ،‬إل ْ‬
‫أن ُت َ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫اس منه‪ ،‬وما ان َت َقم‬ ‫ال َّن ِ‬
‫نتقم ِ‬
‫لله بها))(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله‪ ،‬ف َي َ‬
‫نتهك ح ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫رمة الله‪ ،‬أي‪ُ :‬تر َت َ‬
‫كب‪،‬‬ ‫ألج ِل َح ِّظ ن ْفسه َّإل أن ُت َ ُ‬
‫أي‪ :‬ما انت َق َم من أحد ْ‬
‫بسبب تِلك الح ِ‬
‫رمة(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫في ِ‬
‫عاق َب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الر ُج ُل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ ‪-‬وعن ِع ِ‬
‫ياض ِ‬
‫نبي الله‪َّ ،‬‬ ‫الله عنه قال‪ُ :‬ق ْل ُت‪(( :‬يا َّ‬‫ضي ُ‬‫بن حمار َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َ ِ‬
‫من َقومي َيش ُت ُمني وهو ُدوني‪ ،‬أفأنتق ُم منه؟ فقال ال َّن ُّ‬
‫ِ‬
‫ران ويتكا َذ ِ‬
‫بان))(((‪.‬‬ ‫يطانان‪ ،‬يتها َت ِ‬
‫ِ‬ ‫المستَب ِ‬
‫ان َش‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َّ‬
‫السلف وال ُعلما ِء يف االنتقام‪:‬‬
‫أقوال َّ‬
‫ ‪-‬قال م ُ ِ‬
‫ني وال َّتش ِّف َي َّ‬
‫ممن ال‬ ‫ضرب ُغال ًما له‪( :‬إ َّياك يا ُب َّ‬
‫عاوية البنه‪ ،‬وقد رآه َ‬ ‫ُ‬
‫وبين َذوي تِراتِه‪ ،‬ولهذا قيل‪:‬‬ ‫القدر ُة ْبين أبيك ْ‬
‫ِ‬
‫حالت ُ‬ ‫ِ‬
‫فوالله لقد‬ ‫َيمتنِ ُع منك‪،‬‬

‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)89 :‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )3560‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2327‬‬
‫((( ((مرقاة المفاتيح)) لعلي القاري (‪.)3716/9‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)17524‬وابن حبان (‪ )5726‬واللفظ له‪ ،‬والطبراني (‪.)1001( )365/17‬‬
‫صححه األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)9179‬‬
‫َّ‬
‫‪307‬‬
‫اقتنالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الح ِفيظ َة)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫القدر ُة ُتذه ُب َ‬
‫قط َّإل َأع َق َبه ذلك َندام ًة)(((‪.‬‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬فما ان َت َقم أحدٌ لن ْف ِسه ُّ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ِ‬ ‫سرعة االنتقا ِم‪ ،‬وال ِمن‬‫ُ‬ ‫عادة ِ‬
‫لغاء‪( :‬ليس ِمن ِ‬ ‫بعض الب ِ‬
‫شروط‬ ‫الكرا ِم‬ ‫ ‪-‬وقال ُ ُ‬
‫الكر ِم ُ‬
‫إزالة النِّع ِم)(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫قام‪:‬‬
‫أقسا ُم االن ِت ِ‬
‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ي ِ‬
‫االنتقام إلى ق َ‬
‫ُ‬ ‫نقس ُم‬ ‫َ‬
‫شيء ِمن َمحار ِم‬ ‫االنتقام إذا ان ُت ِه َك‬ ‫األو ُل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫المحمود‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬ ‫االنتقام‬
‫ُ‬ ‫سم َّ‬‫الق ُ‬
‫ِ‬
‫الله‪.‬‬
‫أج ِل ال َّن ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫سم ال َّثاني‪:‬‬ ‫ِ‬
‫والهوى‪.‬‬
‫س َ‬ ‫االنتقام من ْ‬
‫ُ‬ ‫المذموم‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬ ‫االنتقام‬
‫ُ‬ ‫الق ُ‬
‫قام‪:‬‬
‫آثا ُر االن ِت ِ‬
‫ِ‬ ‫نتق ِم ن ْف ِسه‪ِ ،‬‬
‫عود على الم ِ‬‫وآثار س ِّي ٌئة َت ُ‬
‫اآلثار‪:‬‬ ‫ومن هذه‬ ‫ُ‬ ‫ضار ٌ‬ ‫لالنتقا ِم َم ُّ‬
‫والش َ‬
‫رف‪.‬‬ ‫السياد َة َّ‬ ‫صاحب هذه الص ِ‬
‫فة ال َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪َّ 1-‬‬
‫نال ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كره‪.‬‬‫حمدُ ذ ُ‬ ‫كره‪ ،‬وال ُي َ‬‫المنتق َم ال َيج ُب ُش ُ‬ ‫أن ُ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬

‫عق ُبه ال َّن ُ‬


‫دامة‪.‬‬ ‫االنتقام َي ُ‬
‫َ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫أن‬

‫غائن‪.‬‬
‫والض َ‬ ‫يو ِّلدُ ْبين ال َّن ِ‬
‫اس األحقا َد َّ‬ ‫‪َ 4-4‬‬
‫قوع يف االنتقام‪:‬‬
‫ِمن أسباب ال ُو ِ‬
‫والص ِبر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪1-‬عدَ ُم ال َّتح ِّلي بالحل ِم َّ‬

‫((( ((التذكرة الحمدونية)) (‪.)138/2‬‬


‫((( ((مدارج السالكين)) البن ال َق ِّي ِم (‪.)303/2‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (‪.)320/1‬‬
‫‪308‬‬
‫اقتنالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والص ِ‬
‫فح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعفو َّ‬ ‫‪2-2‬عدَ ُم ال َّتح ِّلي‬
‫الغ ِ‬
‫يظ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القدرة على َكظ ِم َ‬ ‫‪3-3‬عدَ ُم‬

‫هم ٍة‪،‬‬ ‫وع َّز َة ن ْف ٍ ِ‬


‫س وك َب َر َّ‬
‫ال االنتِقام شجاع ًة ورجول ًة ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الج َّه ِ‬
‫بعض ُ‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫تسمية‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬ ‫وجهل؛ ح َّتى َت َ‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫المحمودة َغباو ًة‬ ‫ِ‬
‫ستحسنَه‪.‬‬ ‫س إليه و َت‬ ‫ميل ال َّن ْف ُ‬ ‫باأللقاب‬ ‫و َتلقي ُبه‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫افتراضي ِم َن َّ‬ ‫نتق ِم إلى أ ًذى حقيقي ِ‬ ‫ض الم ِ‬
‫قام‬
‫خص المراد االنت ُ‬ ‫الش‬ ‫ٍّ‬ ‫أو‬ ‫ٍّ‬ ‫عر ُ ُ‬ ‫‪َ 5-5‬ت ُّ‬
‫منه‪.‬‬
‫خص ح َّقه‪ ،‬مما ُي ِ‬
‫لجئُه إلى االنتقا ِم‬ ‫للش ِ‬ ‫أخ ُذ َّ‬
‫وجود َمن َي ُ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العدالة‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫ياب‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫‪6-6‬غ ُ‬
‫أخ َذ َأك َث َر ِمن ح ِّقه‪.‬‬
‫ا َّلذي بدَ ْو ِره قد يؤ ِّدي إلى أن َي ُ‬

‫من الوسائل املُ ِ‬


‫عينة على َت ِ‬
‫رك االنتقام(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫الله ِمن ِ‬
‫ذكر انتِقا ِم ِ‬
‫عاصيه‪.‬‬ ‫أهل َم‬ ‫‪َ 1-‬ت ُّ ُ‬
‫فح‪.‬‬
‫والص ُ‬
‫العفو َّ‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫الغ ِ‬
‫يظ‪.‬‬ ‫‪ْ 3-3‬‬
‫كظ ُم َ‬
‫خرية واالستِ ِ‬
‫هزاء‪.‬‬ ‫‪َ 4-4‬تج ُّنب الس ِ‬
‫ُ ُّ‬
‫المصالِ ِح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القلب‪ ،‬و َفوت َ‬ ‫فر ِق‬
‫والع ُم ِر‪ ،‬و َت ُّ‬
‫الخوف ِمن َضيا ِع َّ ِ‬
‫الزمان ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫ِ‬ ‫فكير َّ‬
‫الخصومة‪.‬‬ ‫بأن في االنتقا ِم زياد َة ِّ‬
‫شر‬ ‫‪6-6‬ال َّت ُ‬
‫كر فيه‪.‬‬ ‫االشتغال به‪ِ ،‬‬
‫والف ِ‬ ‫ِ‬ ‫القلب ِم َن‬
‫ِ‬ ‫‪ُ 7-7‬‬
‫فراغ‬
‫وقت ِ‬
‫وح ٍ‬
‫ين‪.‬‬ ‫كل ٍ‬‫واإلخالص له‪ ،‬وذلك في ِّ‬ ‫اإلقبال على ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪8-8‬‬
‫ُ‬

‫الغضب‪ ،‬وال يأتي َّإل ِعندَ َه َيجانِه‪.‬‬


‫ُ‬ ‫‪9-9‬‬

‫((( ((جامع المسائل)) البن تيمية (‪.)170/1‬‬


‫‪309‬‬
‫اقتنالا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والشع ُر يف االنتقام(((‪:‬‬ ‫ُ‬


‫واألمثال ِّ‬ ‫احل َك ُم‬
‫ِ‬
‫أعمال الم ِ‬ ‫ ‪َ -‬أ ْ َ‬
‫االنتقام‪.‬‬
‫ُ‬ ‫رين‬
‫قتد َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ل ُم‬

‫قد ُر ِم َن االنتقا ِم َّإل على ِص ٍ‬


‫ياح‪.‬‬ ‫ ‪َ -‬ض َغا ِمنِّي وهو َض َغاء‪ :‬يضرب لِمن ال ي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫العفو أشدُّ أنوا ِع االنتقا ِم‪.‬‬
‫ ‪ُ -‬‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫الش ُ‬
‫وإن َأن َعمـــوا َأن َعمـــوا باكتِتـــا ِم‬
‫ْ‬ ‫إذا انـ َتـ َقــمــوا َأ ْعــ َلــنــوا أ ْم َ‬
‫ــر ُهــم‬
‫وتَق ُعــــدُ َهيبت ُُهــــم بالقيــــا ِم‬
‫(((‬
‫َيــقــو ُم الــ َقــعــو ُد إذا َأق ـ َبــلــوا‬

‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (ص‪(( ،)494 :‬مجمع األمثال)) للميداني (‪(( ،)421/1‬معجم‬
‫ال ُّلغة العربية المعاصرة)) ألحمد مختار (‪.)309/1‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)203 :‬‬
‫‪310‬‬
‫حُّشلاو لخب لا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫البخل والشُّحُّ‬

‫خل ُّ‬
‫والش ِّح‪:‬‬ ‫معنى ال ُب ِ‬
‫تين‪:-‬‬‫‪-‬بضم ِ‬
‫َّ‬ ‫البخل ُلغ ًة‪ :‬ال ُب ْخ ُل‪ ،‬وال َب ْخ ُل بالفتح‪ ،‬وال َب َخ ُل ‪-‬بفتحتين‪ -‬وال ُب ُخ ُل‬
‫قتنيات َعما ال ي ِح ُّق حبسها عنه‪ .‬وقد ب ِ‬
‫خ َل‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ك ُّله بمعنًى‬
‫َ‬ ‫َُْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫إمساك ُ‬ ‫واحد‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫بكذا‪ :‬أي َض َّن بما ِعندَ ه ولم َي ُجدْ (((‪.‬‬
‫البخل اصطالحا‪ :‬م ْنع ما يط َلب مما يقتَنى‪ ،‬وشره ما كان طالبه م ِ‬
‫ستح ًّقا‪،‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ً َ ُ ُ ُ َّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫سؤول(((‪.‬‬ ‫الم‬ ‫غير ِ‬
‫مال َ‬ ‫إن كان ِمن ِ‬
‫وال‪ ‬سيما ْ‬
‫َّ‬
‫تقول‪َ :‬ش ِح ْح ُت ‪-‬بالكسر‪َ -‬ت َش ُّح‪َ ،‬‬
‫وش َح ْح َت‬ ‫ُ‬ ‫خل مع ِح ٍ‬
‫رص‪.‬‬ ‫الش ُّح ُلغ ًة‪ :‬ال ُب ُ‬
‫ُّ‬
‫وأ ِش َّح ٌة(((‪.‬‬
‫حاح َ‬ ‫ِ‬
‫ور ُج ٌل َش ٌ‬
‫حيح‪ ،‬و َق ْو ٌم ش ٌ‬
‫ِ‬
‫أيضا َت ُش ُّح و َتش ُّح‪َ .‬‬
‫ً‬

‫ُ‬
‫اإلفراط‬ ‫رص على ما ليس له(((‪ .‬أو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خل ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال ُب ُ‬ ‫ُّ‬
‫الش ُّح‬
‫الحقوق‪ ،‬والح ُ‬ ‫بأداء‬ ‫ً‬
‫الش ِ‬
‫يء(((‪.‬‬ ‫الح ِ‬
‫رص على َّ‬ ‫في ِ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫البخل ُّ‬


‫والش ِّح يف القرآن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َذ ُّم‬
‫الله تبارك وتعالى‪ :‬ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫((( ((المفردات)) للراغب (‪(( ،)109/1‬مختار الصحاح)) للرازي (‪(( ،)73/1‬المعجم الوسيط))‬
‫(‪.)42 -41/1‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)457/10‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)378/1‬‬
‫((( ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (‪.)222/16‬‬
‫((( ((تفسير الطبري)) (‪.)282/9‬‬
‫‪311‬‬
‫حُّشلاو لخب لا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉﰊ ﰋ ﰌ ﰍ‬
‫ﰎﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﮊ [آل عمران‪( .]180 :‬أي‪ :‬يجع ُل ما ب ِ‬
‫خلوا به‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫أعناقهم‪ُ ،‬ي َّ‬
‫عذبون به)(((‪.‬‬ ‫َطو ًقا في‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆﮊ [الحشر‪.]9 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬كان ال َّن ُّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بن مالك َر َ‬
‫ٍ‬ ‫نس ِ‬ ‫ ‪-‬وعن َأ ِ‬
‫والج ِ‬ ‫َ‬ ‫والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫عوذ َ ِ‬ ‫هم إ ِّني َأ ُ‬ ‫ُ‬
‫بن‬ ‫ُ‬ ‫والك َس ِل‪،‬‬ ‫جز‬ ‫والحزَ ن‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫اله ِّم‬
‫بك م َن َ‬ ‫يقول‪(( :‬ال َّل ُّ‬
‫جال))(((‪.‬‬ ‫وغ َل ِبة الر ِ‬ ‫ين‪َ ،‬‬ ‫وض َل ِع الدَّ ِ‬
‫خل‪َ ،‬‬ ‫وال ُب ِ‬
‫ِّ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬‫َ‬ ‫عنهما‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫جابر ِ ِ ِ‬
‫بن عبد الله َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫الق ِ‬
‫مات يوم ِ‬
‫الش َّح؛‬ ‫يامة‪ ،‬وات َُّقوا ُّ‬ ‫الظ ْل َم ُظ ُل ٌ َ َ‬ ‫فإن ُّ‬‫والظ ْل َم؛ َّ‬ ‫وس َّل َم قال‪(( :‬إ َّي ُاكم ُّ‬
‫أن َس َفكوا ِدما َء ُهم‪ ،‬واست ََح ُّلوا‬ ‫الش َّح َأه َل َك َمن كان َق ْب َل ُكم‪َ ،‬ح َم َل ُهم على ْ‬ ‫فإن ُّ‬‫َّ‬
‫حار َم ُهم))(((‪.‬‬‫َم ِ‬

‫ذم البخل ُّ‬


‫والش ِّح‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫(البخل ِج ْلباب المس َك ِنة‪ ،‬وربما َد َخل السخي بس ِ‬
‫خائه‬ ‫ُ‬ ‫ضي الل ُه عنه‪:‬‬
‫َّ ُّ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫علي َر َ‬
‫ ‪-‬قال ٌّ‬
‫الج َّن َة)(((‪.‬‬
‫الر ُج ُل‬ ‫ِ‬ ‫عنهما ِ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫البخل‪ ،‬فقال‪( :‬هو أن َي َرى َّ‬ ‫عن‬ ‫ضي الل ُه ُ‬
‫علي َر َ‬ ‫بن ٍّ‬ ‫الحس ُن ُ‬
‫وسئل َ‬ ‫ُ‬
‫ما ي ِنف ُقه َت َل ًفا‪ ،‬وما ي ِ‬
‫مس ُكه َش َر ًفا)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الش َّح‬ ‫لؤ ٍم؛ َّ‬
‫ألن ُّ‬ ‫وسبب ِّ‬
‫لكل ْ‬ ‫لكل َذ ٍّم‪،‬‬
‫أصل ِّ‬
‫والش ُّح ٌ‬
‫رص ُّ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫دي‪( :‬الح ُ‬ ‫الماو ْر ُّ‬
‫ ‪-‬قال َ‬

‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)158 :‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )6369‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2706‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2578‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)310/3‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)299/3‬‬
‫‪312‬‬
‫حُّشلاو لخب لا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يمنَع ِمن ِ‬


‫قوق)(((‪.‬‬ ‫الحقوق‪ ،‬و َي َبع ُث على القطيعة ُ‬ ‫أداء‬ ‫َ ُ‬
‫خل ُّ‬
‫والش ِّح(((‪:‬‬ ‫آثا ُر ال ُب ِ‬
‫الخ ِير‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أبواب َ‬ ‫ِ‬
‫اإلنفاق في‬ ‫المتر ِّت ِ‬
‫ب على‬ ‫ِ‬
‫األجر ُ‬ ‫رمان ِم َن‬
‫الح ُ‬‫‪ِ 1-‬‬

‫الظن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اإليمان ْ ِ‬


‫ِ‬ ‫‪2-2‬سبب في َض ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫واضمحالله؛ لما فيه من سوء َّ ِّ‬ ‫عف‬ ‫ٌ‬

‫اس إليه‪ ،‬كزوجتِه‬ ‫ب ال َّن ِ‬ ‫أقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬


‫بغوض َمكرو ٌه ح َّتى من َ‬ ‫كراهية ال َّن ِ‬
‫اس له‪ ،‬فهو َم‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تم َّن ْوا َمو َته؛ ح َّتى‬ ‫وأبنائه وأ ْقربائه‪ ،‬بل قد َيص ُل ُ‬
‫بهم الحدُّ إلى أن َيدْ عوا عليه‪ ،‬و َي َ‬
‫ٍ‬
‫أموال‪.‬‬ ‫حر َمهم منه ِمن‬
‫َيستَطيعوا ال َّت ُّنع َم بما َ‬
‫وسعتِه‪َّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫زق َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫زيادة الر ِ‬ ‫سبب في‬ ‫َ‬
‫اإلنفاق ٌ‬ ‫أن‬ ‫ِّ‬
‫لح ِ‬
‫رمان الر ِ‬
‫زق‪ ،‬فكما َّ‬ ‫‪4-4‬سبب ِ‬
‫ٌ‬
‫والشح سبب في َت ِ‬ ‫َ‬
‫ضييقه‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫البخل ُّ َّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نعه لِما َي ِج ُب عليه ِمن‬
‫بسبب م ِ‬
‫وواجبات‪.‬‬ ‫حقوق‬ ‫ِ َ‬ ‫الوقوع في اإلث ِم؛‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫ِ‬
‫المباحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لذائذ الدُّ نيا‬ ‫ولغيره ِمن‬
‫ِ‬ ‫حيح لن ْف ِسه‬ ‫ِ‬
‫البخيل َّ‬
‫الش ِ‬ ‫‪ِ 6-6‬ح ُ‬
‫رمان‬

‫وإظهارها للخ ْل ِق‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عيوب‬ ‫ِ‬
‫لكشف‬ ‫سبب‬
‫‪ٌ 7-7‬‬

‫البخل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫جات‬ ‫ُّ‬
‫أشد د َر ِ‬
‫اإلنسان على ن ْف ِسه مع‬
‫ُ‬ ‫بخ َل‬
‫أن َي َ‬ ‫خل ْ‬ ‫ِ‬
‫رجات ال ُب ِ‬ ‫(وأشدُّ َد‬‫ابن ُقدام َة‪َ :‬‬
‫قال ُ‬
‫َ‬ ‫مس ُك‬‫بخيل ي ِ‬ ‫فكم ِمن‬ ‫ِ‬
‫الشهو َة‬
‫تداوى‪ ،‬و َيشتَهي َّ‬ ‫ض فال َي َ‬ ‫مر ُ‬
‫المال‪ ،‬و َي َ‬ ‫ٍ ُ‬ ‫الحاجة‪ْ ،‬‬
‫الحاجة‪ ،‬و َمن ُي ْؤثِ ُر على‬
‫ِ‬ ‫بخ ُل على ن ْف ِسه مع‬ ‫فكم ْبين َمن َي َ‬ ‫ُ‬
‫البخل‪ْ .‬‬ ‫ف َيمن َُعه منها‬
‫شاء)(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن ْف ِسه مع‬
‫وجل حيث َي ُ‬ ‫عز‬‫الله َّ‬
‫ضعها ُ‬ ‫فاألخالق عطا َيا َي ُ‬ ‫الحاجة‪،‬‬

‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)224 :‬‬


‫((( ((التفسير المنير)) للزحيلي (‪.)180/4‬‬
‫((( ((مختصر منهاج القاصدين)) (ص‪.)265 :‬‬
‫‪313‬‬
‫حُّشلاو لخب لا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِمن ُص َور البخل ُّ‬


‫والش ِّح‪:‬‬
‫اإلنسان بمالِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َيات‪ :‬وهذا بدَ و ِره ي ِ‬ ‫بالمال والمقتن ِ‬
‫نقس ُم إلى‪ُ :‬ب ِ‬
‫خل‬ ‫ْ َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫خل‬‫‪1-‬ال ُب ُ‬
‫غيره‪ ،‬وهو َأقبح الث ِ‬
‫َّالثة(((‪.‬‬ ‫بمال ِ‬‫وبخله على ن ْف ِسه ِ‬ ‫ِ‬ ‫غيره على َغ ِيره‪.‬‬ ‫بمال ِ‬‫وبخله ِ‬ ‫ِ‬
‫َُ‬
‫سبيل ِ‬
‫الله رخيص ًة‪ ،‬وذلك‬ ‫ِ‬ ‫بخ ُل بن ْف ِسه أن ُيقدِّ َمها في‬
‫كمن َي َ‬ ‫ُ‬
‫البخل بال َّن ْف ِ‬
‫س‪َ :‬‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للموت(((‪.‬‬ ‫رصا عليها‪ ،‬وكراهي ًة‬ ‫تع ُّل ًقا منه بالدُّ نيا وح ً‬

‫صل ُح إن ُط ِلب منه‬


‫فاعة‪ ،‬وال ي ِ‬
‫الش ُ‬ ‫إن ُط ِل ْ‬
‫بت منه َّ‬ ‫ِ‬
‫بالجاه‪ :‬فال َيش َف ُع ْ‬ ‫ُ‬
‫البخل‬ ‫‪3-3‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الحاجة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سكين وذي‬ ‫عيف ِ‬
‫والم‬ ‫الض ِ‬ ‫ِ‬
‫حاجة َّ‬ ‫سعى في‬
‫لح‪ ،‬وال َي َ‬
‫الص ُ‬
‫ُّ‬
‫صاحب‬ ‫وأ ِ‬
‫قبحها‪ ،‬بحيث َيك ُت ُم‬ ‫البخل َ‬
‫ِ‬ ‫البخل ِ‬
‫بالعلمِ‪ :‬وهو ِمن َأ ْسوأِ أنوا ِع‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫الله تعالى‪:‬‬
‫يو ِّج ُه‪ ،‬قال ُ‬ ‫نص ُح وال َ‬‫حتاجه‪ ،‬فال ُيع ِّل ُم وال َي َ‬
‫عمن َي ُ‬ ‫العل ِم ع ْل َمه َّ‬
‫ﮋﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﮊ [النساء‪.]37 :‬‬
‫أسباب ال ُوقوع يف ال ُبخل ُّ‬
‫والش ِّح‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫البخيل‪ ،‬وسوء ظنِّه ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إيمان‬ ‫‪َ 1-‬ض ُ‬
‫عف‬
‫ُ‬
‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لحقوق َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ٌ‬
‫تعطيل‬ ‫نتج عنه‬ ‫‪ُّ 2-2‬‬
‫الظ ْل ُم؛ حيث َي ُ‬
‫جي َة ال َقبيح َة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المال وال َّتع ُّل ُق به ِ‬
‫الصف َة الدَّ نيئ َة‪َّ ،‬‬
‫والس َّ‬ ‫يور ُث هذه ِّ‬ ‫‪ُ 3-3‬ح ُّب‬
‫الحس ِن‪.‬‬
‫َ‬ ‫الذ ِ‬
‫كر‬ ‫الهم ِة‪ُّ ،‬‬
‫والزهدُ في ِّ‬ ‫عف َّ‬ ‫‪َ 4-4‬ض ُ‬
‫ِ‬
‫ألمور الدُّ نيا‪.‬‬ ‫طنة وال َّت ِ‬
‫دبير‬ ‫والف ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫كاء ِ‬ ‫نوع ِم َن َّ‬ ‫َ‬ ‫‪َّ 5-5‬‬
‫الظ ُّن َّ‬
‫البخل ٌ‬ ‫بأن‬

‫جيم‪.‬‬
‫الر ُ‬ ‫الش ُ‬
‫يطان َّ‬ ‫الفقر ا َّلذي َي ِعدُ به َّ‬
‫واله َل ُع ِم َن ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫الخوف م َن المستق َب ِل وما فيه‪َ ،‬‬ ‫‪6-6‬‬

‫((( ((فيض القدير)) للمناوي (‪.)496/5‬‬


‫((( ((مفتاح دار السعادة )) البن ال َق ِّي ِم (ص‪.)114-113 :‬‬
‫‪314‬‬
‫حُّشلاو لخب لا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وص َف ُهم‬ ‫ِ‬


‫األبناء وعلى ُمستق َب ِلهم‪،‬‬
‫بخ ٌلة َم ْج َب ٌنة كما َ‬
‫فاألبناء َم َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الخوف على‬ ‫‪7-7‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة‪.‬‬ ‫وم‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫شعار ما َينتظِ ُر‬
‫‪8-8‬عدَ ُم استِ ِ‬
‫البخيل م َن العقوبة َي َ‬
‫ِ‬
‫الواجبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالحقوق‬ ‫ِ‬
‫اإلنفاق وال َب ْذ ِل والقيا ِم‬ ‫المتر ِّت ِبة على‬ ‫عن ُ‬
‫األ ِ‬ ‫فلة ِ‬
‫الغ ُ‬
‫‪َ 9-9‬‬
‫جور ُ‬
‫ِ‬
‫بالحياة‪.‬‬ ‫شب ُث‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 1010‬‬
‫األمل‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫طول‬
‫خل ُّ‬
‫والش ِّح(((‪:‬‬ ‫ينة على َت ْر ِك ال ُب ِ‬ ‫ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫ِ‬ ‫وجل‪ ،‬و ْل َيع َل ْم َّ‬
‫أن الل َه ا َّلذي أ َم َره‬ ‫الظن ِ‬ ‫‪1-‬أن ي ِ‬
‫باإلنفاق‬ ‫َّ‬ ‫عز‬
‫بالله َّ‬ ‫المرء َّ َّ‬
‫ُ‬ ‫حس َن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمعبود)‪.‬‬ ‫ظن‬‫سوء ٍّ‬ ‫الجود‪ُ ،‬‬ ‫قد َتك َّف َل له بالزِّ يادة‪ .‬وقد قيل‪( :‬ق َّل ُة ُ‬
‫ثقيل على م ِن اتَّصف بهذه الص ِ‬
‫فة‪.‬‬ ‫وإن كان ذلك ً‬ ‫‪2-2‬اإلكثار ِم َن الص ِ‬
‫دقة‪ْ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬

‫وعدَ‬
‫وأن ْ‬ ‫وعدٌ َش ْي ٌّ‬
‫طاني‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫خويف منه إ َّنما هو ْ‬ ‫ِ‬
‫بالفقر وال َّت‬ ‫أن اإليحا َء‬ ‫ُ‬
‫معرفة َّ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫الفضل‪.‬‬ ‫نوب‪ ،‬وزياد ُة‬‫للذ ِ‬ ‫ِ‬
‫الله هو المغفر ُة ُّ‬

‫ِ‬
‫البخل‪.‬‬ ‫بالله ِم َن‬
‫‪4-4‬االستِعاذ ُة ِ‬

‫ِ‬
‫األقران‪.‬‬ ‫ظر في ِ‬
‫موت‬ ‫ِ‬
‫الموت‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫باإلكثار ِمن ِذ ِ‬
‫كر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمل‬ ‫جة ِ‬
‫طول‬ ‫‪5-5‬معا َل ُ‬

‫ِ‬
‫والحرص عليه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫ِ‬
‫البخالء ا َّلذين َت ِعبوا في جم ِع‬ ‫‪6-6‬ال َّت ُّأم ُل في ِ‬
‫حال‬
‫طاعة ِ‬
‫ِ‬ ‫ور َّبما اس َتخدَ موه في ِ‬ ‫ِ‬
‫الله؛ فكان َو ً‬
‫بال‬ ‫غير‬ ‫الور ُثة‪ُ ،‬‬ ‫ثم َترك ِهم له َي َ‬
‫تقاس ُمه َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫عليهم‪.‬‬
‫واحل َكم ِّ‬
‫والشعر‪:‬‬ ‫ال ُبخل ُّ‬
‫األمثال ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫والش ُّح يف‬
‫رج ٌل َب َلغ ِمن ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪ُ -‬ي ُ َ‬
‫خله أ َّنه َك َوى‬ ‫ُ‬ ‫قال‪ :‬أ ْب َخ ُل من َص ٍّ‬
‫بي ومن َكسع‪ :‬قالوا‪ :‬هو ُ‬

‫((( ((عدة الصابرين )) البن ال َق ِّي ِم (‪.)6/22‬‬


‫‪315‬‬
‫حُّشلاو لخب لا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫يف(((‪.‬‬ ‫اس َت ك ْلبِه ح َّتى ال َي ْن َب َح ف َيدُ َّل عليه َّ‬


‫الض َ‬ ‫ْ‬
‫آخر‪ :‬الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫رة‪ :‬وهذا م ٌ ِ‬ ‫بخ ُل ِمن ِذي مع ِذ ٍ‬‫قال‪َ :‬أ َ‬
‫ ‪-‬و ُي ُ‬
‫عذر ُة‬ ‫أخوذ من َقولهم في م َث ٍل َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫البخل(((‪.‬‬ ‫َط َر ٌف ِم َن‬

‫ف نال‬ ‫نال َثال ًثا‪ :‬من ب ِر َئ ِم َن السر ِ‬


‫الث َ‬ ‫ِ‬
‫الحكماء‪ :‬من ب ِر َئ ِمن َث ٍ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫بعض‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫الشر َف‪ ،‬ومن ب ِر َئ ِم َن ِ‬
‫الك ْب ِر نال َ‬
‫الكرام َة(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الع َّز‪ ،‬و َمن َب ِر َئ ِم َن‬
‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫البخل نال َّ َ‬
‫ورثتِه(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وخاز ُن َ‬ ‫س نِعمتِه‪،‬‬ ‫البخيل ِ‬
‫حار ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال َ‬
‫آخ ُر‪:‬‬

‫الله عنه‪:‬‬
‫ضي ُ‬ ‫طالب َر َ‬ ‫ٍ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬‫ ‪-‬قال ُّ‬
‫علـــى الن ِ‬ ‫إِذا جاد ِ‬
‫ـــرا إنَّهـــا تَتق َّل ُ‬
‫ب‬ ‫َّاس ُط ًّ‬ ‫فجدْ بها‬ ‫َ‬
‫عليـــك ُ‬ ‫ت الدُّ نيا‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫وال الب ُ ِ‬ ‫هـــي َأق َب َل ْت‬ ‫الجـــو ُد ُيفنِيها إذا‬
‫َذه ُ‬
‫خل ُيبقيهـــا إذا هي ت َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فال ُ‬

‫((( ((مجمع األمثال)) للميداني (‪.)120/1‬‬


‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)114/1‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)224 :‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (ص‪.)185 :‬‬
‫‪316‬‬
‫ُةيهارَكلاو ُضغُبلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والكراهي ُة‬
‫َ‬ ‫البُغضُ‬

‫غض وال َك ِ‬
‫راهية‪:‬‬ ‫مع َنى ال ُب ِ‬
‫ِ‬
‫شديد‪َ -‬فأ َبغ ُضوه‪.‬‬ ‫الله تعالى لل َّن ِ‬
‫اس ‪-‬بال َّت‬ ‫الح ِّب‪ ،‬و َبغَّ َضه ُ‬ ‫غض ُلغ ًة‪َ :‬ن ُ‬
‫ال ُب ُ‬
‫قيض ُ‬
‫ض ُ‬
‫بعضهم‬ ‫القوم‪َ :‬أ َبغ َ‬
‫ُ‬ ‫ض‬ ‫والبغضاء‪ِ :‬شدَّ ُة ال ُب ِ‬
‫غض‪ .‬و َت َ‬
‫باغ َ‬ ‫ُ‬ ‫غضة ‪-‬بالكسر‪-‬‬ ‫والبِ ُ‬
‫ً‬
‫بعضا(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫يء ا َّلذي ُي َ‬ ‫س ِ‬‫فور ال َّن ْف ِ‬ ‫ال ُب ُ‬
‫الح ِّب(((‪.‬‬
‫رغ ُب عنه‪ ،‬وهو ضدُّ ُ‬ ‫عن َّ‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬ن ُ‬
‫ً‬ ‫غض‬

‫كر ُهه‬ ‫َ‬ ‫حب ِة؛ ُيقال‪َ :‬ك ِر ُ‬


‫هت َّ‬
‫الشي َء أ َ‬ ‫والم َّ‬
‫الرضا َ‬ ‫راهية ِخ ُ‬
‫الف ِّ‬ ‫الك ُ‬ ‫َ‬
‫الكراهية ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫نقيض‬ ‫كريها‪:‬‬
‫الشي َء َت ً‬ ‫المش َّق ُة‪َّ .‬‬
‫وكر ْه ُت إليه َّ‬ ‫َّ‬
‫‪-‬بالض ِّم‪َ :‬‬ ‫وكراه َي ًة‪ُ .‬‬
‫والك ْر ُه‬ ‫َكراه ًة َ‬
‫َح َّب ْب ُته إليه(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫الكراهة ا َّلتي‬ ‫أخوذ ِم َن‬ ‫ِ‬
‫المحبوب‪َ ،‬م ٌ‬ ‫اصطالحا‪ :‬المكرو ُه هو ِضدُّ‬ ‫َ‬
‫الكراهي ُة‬
‫ً‬
‫حب ِة(((‪.‬‬
‫الم َّ‬
‫ِ‬
‫هي ضدُّ َ‬
‫فور َّ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي ال َك ِ‬ ‫َ‬
‫الطبع(((‪:‬‬ ‫غض واإلبا ِء و ُن ِ‬
‫راهية وال ُب ِ‬
‫إبائه‪ .‬وقد َي َّت ِس ُع بال ُب ِ‬
‫غض‬ ‫قدر على ِ‬‫ِ‬ ‫كر ُه َّ‬
‫الشي َء َمن ال َي ُ‬
‫ِ‬
‫اإلباء هو أن َيمتن َع‪ ،‬وقد َي َ‬
‫ُ‬
‫ض إكرا َمه ون ْف َعه‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫ض َزيدً ا‪ ،‬أي‪ُ :‬أ ِ‬
‫بغ ُ‬ ‫بالكراهة‪ ،‬فقيل‪ُ :‬أ ِ‬
‫بغ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ما لم َي َّت ِس ْع‬

‫((( ((المخصص)) البن سيده (‪(( ،)84/4‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)56/1‬‬


‫((( ((التوقيف على مهمات التعريف)) للمناوي (ص‪.)81 :‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)2247/6‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪.)173/5‬‬
‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)1408 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)451 ،104 ،8 :‬‬
‫‪317‬‬
‫ُةيهارَكلاو ُضغُبلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ستعم ُل فيه‬
‫ستعم ُل فيما ال ُي َ‬ ‫فإن الكراه َة ُت َ‬ ‫كر ُهه‪ ،‬بهذا المعنى‪ ...‬ومع هذا َّ‬ ‫َ‬
‫أ َ‬
‫بغ ُضه‪.‬‬ ‫قال‪ُ :‬أ ِ‬
‫عام‪ ،‬وال ُي ُ‬ ‫كر ُه هذا َّ‬ ‫غض‪ ،‬في ُ َ‬
‫الط َ‬ ‫قال‪ :‬أ َ‬ ‫ال ُب ُ ُ‬
‫الش ِ‬ ‫الطب ِع ِضدُّ َّ‬‫فور َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫رب‬ ‫اإلنسان ُش َ‬
‫ُ‬ ‫هوة‪ ،‬وقد ُيريدُ‬ ‫والكراهة ضدُّ اإلرادة‪ ،‬و ُن ُ‬
‫ِ‬ ‫الطب ِع كراه ًة َلما اجت ََمع مع‬
‫فور َّ‬ ‫فور ِ‬‫الم ِّر مع ُن ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلرادة‪.‬‬ ‫طبعه منه‪ ،‬ولو كان ُن ُ‬ ‫ْ‬ ‫الدَّ واء ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫رآن ُّ‬ ‫غض وال َك ِ‬
‫راهية يف ال ُق ِ‬ ‫عن ال ُب ِ‬
‫هي ِ‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬

‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﮊ [المائدة‪.]91 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪(( :‬إ َّي ُاكم‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ِ‬ ‫الظ َّن َأ َ‬
‫فإن َّ‬ ‫َّ‬
‫والظ َّن؛ َّ‬
‫كذ ُب الحديث‪ ،‬وال َت َح َّس ُسوا‪ ،‬وال َت َج َّس ُسوا‪ ،‬وال َت َ‬
‫حاسدُ وا‪،‬‬
‫وكونوا ‪-‬عبا َد ِ‬
‫الله‪ -‬إخوا ًنا))(((‪.‬‬ ‫وال َت َ‬
‫باغ ُضوا‪ ،‬وال َتدا َبروا‪ُ ،‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫الع َّوا ِم َر َ‬
‫بن َ‬‫الز َب ِير ِ‬
‫ ‪-‬وعن ُّ‬
‫قول‪َ :‬ت ِ‬
‫حل ُق‬ ‫قة‪ ،‬ال َأ ُ‬ ‫هي الحالِ ُ‬
‫غضاء‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الحسدُ وال َب‬
‫َ‬
‫داء ُ‬
‫األ َم ِم َق ْب َل ُكم‪:‬‬ ‫يكم ُ‬‫(( َد َّب إ َل ُ‬

‫الج َّن َة ح َّتى ُت ْؤ ِمنوا‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬


‫ين‪ .‬وا َّلذي َن ْفسي ب َيده ال َتدْ ُخلوا َ‬ ‫ولكن َت ِ‬
‫حل ُق الدِّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫الش َع َر‪،‬‬
‫الم َب ْي ُ‬ ‫ُت ْؤ ِمنوا ح َّتى َتحا ُّبوا‪ ،‬أفال ُأ َنبئ ُُكم بما ُي َثب ُت ذلك ُ َ‬
‫نكم))(((‪.‬‬ ‫الس َ‬‫لكم؟ أ ْف ُشوا َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬

‫الكراهة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫السلف وال ُعلما ِء يف‬
‫أقوال َّ‬
‫اس‪ ،‬وال ِ‬ ‫دين‪ ،‬ف ْلي ِ‬ ‫بعض الص ِ‬
‫يوق ْع‬ ‫صل ْح ْبين ال َّن ِ‬ ‫فض َل العابِ َ ُ‬
‫حابة‪َ ( :‬من أرا َد ْ‬ ‫ ‪-‬قال ُ َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6064‬ومسلم (‪.)2563‬‬


‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)2510‬وأحمد (‪ .)1412‬قال الترمذي‪ :‬اختلفوا في روايته‪ .‬وجود إسناده‬
‫المنذري في ((ال َّترغيب والترهيب)) (‪ ،)31/4‬والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪،)33/8‬‬
‫وحسنه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2510‬‬
‫‪318‬‬
‫ُةيهارَكلاو ُضغُبلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫العداو َة وال َبغضا َء)(((‪.‬‬


‫نهم َ‬
‫ْبي ُ‬
‫كل ٍ‬
‫ترك و َمبدؤُ ه)(((‪.‬‬ ‫أصل ِّ‬
‫والكراهة ُ‬
‫ُ‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬ال ُب ُ‬
‫غض‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫األ ْلف َة ثمر ُة حس ِن الخ ُل ِق‪ ،‬والتفر َق ثمر ُة ِ‬
‫سوء الخ ُل ِق‪،‬‬ ‫أن ُ‬
‫زالي‪( :‬اع َل ْم َّ‬ ‫ ‪-‬قال َ‬
‫َّ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫الغ ُّ‬
‫ض‬ ‫باغ َ‬ ‫ف وال َّتوا ُفقَ ‪ ،‬وسوء الخ ُل ِق ي ِ‬
‫ثم ُر ال َّت ُ‬ ‫حاب وال َّتآ ُل َ‬ ‫سن الخ ُل ِق ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يوج ُب ال َّت َّ‬ ‫فح ُ‬
‫ُ‬
‫ثم ُر َمحمو ًدا كانت الثَّمر ُة َمحمود ًة)(((‪.‬‬ ‫وال َّتحاسدَ وال َّتدابر‪ ،‬ومهما كان الم ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬

‫أقسام ال َبغضا ِء والكراهية‪:‬‬


‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َت ِ‬
‫البغضاء ق َ‬
‫ُ‬ ‫نقس ُم‬
‫ِ‬
‫البحث‪.‬‬ ‫المقصود بهذا‬
‫ُ‬ ‫مذموم‪ ،‬وهو‬
‫ٌ‬ ‫حر ٌم‬ ‫األو ُل‪َ :‬م ٌّ‬
‫نهي عنه‪ُ ،‬م َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الباطل وكراهي ُته‪ ،‬و ُبغض‬ ‫صو ِره‪ُ :‬ب ُ‬
‫غض‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثاني‪:‬‬
‫ثاب صاح ُبه‪ ،‬ومن َ‬‫مأمور به‪ُ ،‬م ٌ‬
‫ٌ‬
‫والفس ِ‬ ‫الك َّف ِ‬
‫والمجرمين وكراهي ُتهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫اق‬ ‫ار ُ َّ‬
‫والكراهية‪:‬‬
‫ِ‬ ‫غض‬
‫آثار ال ُب ِ‬
‫حام ِل عليهم ِعندَ‬ ‫ِ‬
‫االفتراء والب ِ‬
‫هتان على ال َّن ِ‬ ‫سبب في الوقو ِع في‬
‫اس‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪ٌ -‬‬
‫ِ‬
‫صومة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الخ‬
‫ِ‬ ‫ ‪-‬يتو َّلدُ عنه ِ‬
‫الحقدُ َّ‬
‫بغوض‪.‬‬ ‫الشديدُ َ‬
‫للم‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جتم ِع‬ ‫االجتماعية الخطيرة ا َّلتي َتفت ُك ُ‬
‫بالم َ‬ ‫َّ‬ ‫األمراض‬ ‫بعض‬ ‫انتشار‬ ‫تسب ُب في‬‫ ‪َ -‬ي َّ‬
‫س ِ‬
‫غير‬ ‫حاس ِد وال َّتنا ُف ِ‬ ‫اإلشاعات الم ِ ِ‬
‫غرضة‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كانتشار‬ ‫ماس َكه؛‬
‫وتُهدِّ ُد ُل ْح َمتَه و َت ُ‬
‫ِ‬
‫المحمود‪.‬‬

‫((( ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص‪.)521 :‬‬


‫((( ((الجواب الكافي)) البن ال َق ِّي ِم (ص‪.)192 :‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)157/2‬‬
‫‪319‬‬
‫ُةيهارَكلاو ُضغُبلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬سبب في ُف ِ‬


‫الم َ‬‫األمن واألمان في ُ‬ ‫قدان‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الواحدة‪.‬‬ ‫العائلة‬ ‫الواحد‪ ،‬بل في‬ ‫المجتم ِع‬
‫الح ِّب في ُ‬‫تسب ُب في ُفقدان ُ‬ ‫ ‪َ -‬ي َّ‬
‫كاد َت ِجدُ أحدً ا يثِ ُق في ٍ‬ ‫ِ‬
‫أحد‪.‬‬ ‫َ‬ ‫المجتمعِ‪ ،‬فال َت ُ‬‫قة ْبين أفراد ُ‬ ‫ ‪-‬بسببِه َت ُ‬
‫ضيع ال ِّث ُ‬

‫ض‪.‬‬ ‫العدل في المجتم ِع الم ِ‬


‫تباغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاء‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬انت ُ‬
‫غض يتسبب إلى ِ‬
‫سوء الخ ُل ِق‪ .‬‬ ‫ ‪-‬ال ُب ُ َ َّ ُ‬

‫قوع يف ال ُبغض وال َك ِ‬


‫راهية(((‪:‬‬ ‫أسباب ال ُو ِ‬
‫ُ‬
‫يبة وال َّن ُ‬
‫ميمة‪.‬‬ ‫‪ِ 1-‬‬
‫الغ ُ‬
‫الكذب ِ‬
‫والغ ُّش‪.‬‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫ُ‬
‫لظة وال َف ُ‬
‫ظاظة‪.‬‬ ‫القلب‪ِ ،‬‬
‫والغ ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬قسو ُة‬
‫ِ‬
‫غض والكراه َة‪.‬‬ ‫الغير ُة في َغ ِير َموضعها؛ فإ َّنها َت َّ‬
‫تضم ُن ال ُب َ‬ ‫‪َ 4-4‬‬
‫أسباب ال ُب ِ‬
‫غض‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سبب من‬ ‫ِ‬
‫العدل عمو ًما ٌ‬ ‫‪5-5‬عدَ ُم‬

‫بأي َنو ٍع ِم َن أنوا ِع ال َّتعدِّ ي‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اإلنسان ِّ‬ ‫ِ‬
‫حقوق‬ ‫‪6-6‬ال َّتعدِّ ي على‬
‫إعطائها لِمن ي ِ‬
‫ستح ُّقها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ئثار بالمنافعِ‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫‪7-7‬االست ُ‬
‫ِ‬
‫األمانة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الخيانة وعدَ ُم‬‫‪8-8‬‬
‫وهم ي ِ‬
‫بغضونه‪.‬‬ ‫غض؛ فالمتكبر ي ِ‬
‫بغ ُ‬ ‫أسباب ال ُب ِ‬
‫ِ‬ ‫قوي ِمن‬ ‫ِ‬
‫اس ُ ُ‬
‫ض ال َّن َ‬ ‫ِّ ُ ُ‬ ‫سبب ٌّ‬
‫‪9-9‬الك ْب ُر ٌ‬
‫غض ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األسباب ا َّلتي ُت ُ‬
‫ثير ال ُب َ‬ ‫‪1010‬الحسدُ ؛ فهو ِمن ِ‬
‫أكثر‬

‫غض والكراهية‪:‬‬
‫جتن ِب ال ُب ِ‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ُّ‬
‫ُ‬
‫اإلحسان؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬ ‫‪1-‬‬

‫((( ((الصواعق المرسلة)) البن ال َق ِّي ِم (‪.)1497/4‬‬


‫‪320‬‬
‫ُةيهارَكلاو ُضغُبلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮊ [فصلت‪.]43 :‬‬
‫الحقد والكراه َي ِة؛ لت َُح َّل َمح َّلها ِص ُ‬
‫فات‬ ‫ِ‬ ‫فات‬ ‫ِ‬
‫فباإلنصاف ُتنتزَ ُع ِص ُ‬ ‫ُ‬
‫اإلنصاف‪:‬‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬ ‫والح ِّب وال َّتنا ُف ِ‬
‫الخيرات‪.‬‬ ‫س في‬ ‫االحترا ِم ُ‬
‫المحب َة ُ‬
‫واأل ْلف َة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فوس ِم َن َّ‬
‫الش ِّر والكراهية‪ ،‬و َتزيدُ َ َّ‬ ‫فالمعا َت ُبة ُتن ِّقي ال ُّن َ‬
‫المعا َت ُبة‪ُ :‬‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫األ ِ‬
‫دباء‪ :‬بالص ِبر على مواق ِع ُ ِ‬ ‫بعض ُ‬
‫ظوظ)(((‪.‬‬ ‫در ُك ُ‬
‫الح ُ‬ ‫الكره ُت َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الص ُبر‪( :‬قال ُ‬
‫‪َّ 4-4‬‬
‫ِ‬ ‫كل ما ِمن شأنِه ْ‬
‫‪5-5‬ال ُبعدُ عن ِّ‬
‫بالكراهية؛‬ ‫فوس‬
‫شح َن ال ُّن َ‬
‫فو‪ ،‬و َي َ‬ ‫أن ُيكدِّ َر َّ‬
‫الص َ‬
‫ِ‬
‫واألمراض‪.‬‬ ‫األ ِ‬
‫دواء‬ ‫وغ ِيرها ِم َن َ‬ ‫ِ‬
‫والحسد‪َ ،‬‬ ‫يبة‪ ،‬وال َّن ِ‬
‫ميمة‪،‬‬ ‫والغ ِ‬
‫والشت ِم‪ِ ،‬‬
‫دال‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫كالج ِ‬

‫المؤ ِم َ‬
‫الت‪ ،‬و ُتح ِّب ُب ْ‬ ‫القات‪ ،‬وترس ُخ الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالوسائل ا َّلتي ِّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫نين‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫توطدُ َ‬
‫الع‬ ‫اإلتيان‬ ‫‪6-6‬‬
‫وغ ِيرها‪.‬‬ ‫عاو ِن‪ ،‬وال َّتكا ُف ِل‪َ ،‬‬ ‫السال ِم‪ ،‬وال َّتهادي ْبين ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫إلى بعضهم؛ كإفشاء َّ‬
‫ِ‬
‫غضاء‬ ‫ِ‬
‫أسباب ال َب‬ ‫الفانية؛ فإ َّنه ِمن ِ‬
‫أكبر‬ ‫ِ‬ ‫س المذمو ِم على الدُّ نيا‬ ‫‪7-7‬ال ُبعدُ ِ‬
‫عن ال َّتنا ُف ِ‬
‫ِ‬
‫والكراهية‪.‬‬
‫والكراهية(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫والشع ُر يف ال ُبغض‬ ‫ُ‬
‫األمثال ِّ‬
‫الغنَى مع البِ ِ‬
‫غضة‪.‬‬ ‫الحاجة مع المحب ِة‪َ ،‬خير ِمن ِ‬ ‫ُ‬
‫ٌ َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ ‪-‬‬
‫غض‪.‬‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫الك ْب ُر قائدُ ال ُب ِ‬
‫تاب‪ِ ،‬‬
‫توج ُب ال َبغضا َء‪.‬‬ ‫الع ِ‬‫ ‪-‬كثر ُة ِ‬

‫اعر‪:‬‬ ‫وقال َّ‬


‫الش ُ‬
‫الباغي تَـــدُ ور الدَّ ِ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أه َل ُه‬ ‫قضى الل ُه َّ‬
‫وائ ُر‬
‫(((‬
‫وأن على‬ ‫صر ُع ْ‬
‫غـــض َي َ‬
‫َ‬ ‫أن ال ُب‬ ‫َ‬

‫((( ((تسهيل النظر)) للماوردي (ص‪.)26 :‬‬


‫((( ((األدب الصغير)) البن المقفع (ص‪(( ،)38 :‬التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص‪،)444 :‬‬
‫((المستطرف في كل فن مستظرف)) لألبشيهي (ص‪.)37 :‬‬
‫((( ((السحر الحالل في الحكم واألمثال)) للهاشمي (ص‪.)68 :‬‬
‫‪321‬‬
‫ُّسجَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫التَّجسُّسُ‬

‫س‪:‬‬
‫جس ِ‬ ‫مع َنى َّ‬
‫الت ُّ‬
‫الخ َب َر‪ ،‬أي‪َ :‬‬ ‫س َ‬ ‫ٌ ِ‬ ‫س ُلغ ًة‪:‬‬
‫س‪:‬‬ ‫جس ُ‬‫ص‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫وفح َ‬‫بحث عنه َ‬ ‫مأخوذ م َن َج َّ‬ ‫جس ُ‬ ‫ال َّت ُّ‬
‫س‬ ‫قال في َّ‬ ‫وأكثر ما ُي ُ‬ ‫بواطن ُ‬
‫األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫تج َّس ُ‬‫ين َي َ‬
‫الع ُ‬
‫وس‪َ :‬‬ ‫والجاس ُ‬
‫ُ‬ ‫الش ِّر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مور‪،‬‬ ‫فتيش عن‬
‫ِ‬
‫الخير(((‪.‬‬ ‫سر‬‫صاحب ِّ‬
‫ُ‬ ‫اموس‬
‫ُ‬ ‫صاحب ِس ِّر َّ‬
‫الش ِّر‪ ،‬وال َّن‬ ‫ُ‬ ‫ثم َيأتي بها‪ ،‬وهو‬ ‫األخبار َّ‬
‫َ‬
‫والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫حث ِ‬
‫وكشْ ُف ما ست ََره ال َّن ُ‬
‫اس(((‪.‬‬ ‫عايب‪َ ،‬‬ ‫الع ْورات َ‬
‫عن َ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال َب ُ‬
‫ً‬ ‫جس ُس‬
‫ال َّت ُّ‬
‫س(((‪:‬‬ ‫س َّ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي َّ‬
‫حس ِ‬
‫والت ُّ‬ ‫جس ِ‬
‫الت ُّ‬
‫س ‪-‬بالجي ِم‪ِ -‬مث ُله؛‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫‪-‬بالحاء‪ :-‬ط َل ُب َّ‬
‫جس ُ‬
‫بالحاسة‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫َّ‬ ‫يء‬ ‫س‬‫حس ُ‬‫ال َّت ُّ‬
‫رات الن ِ‬ ‫البحث عن َعو ِ‬ ‫ُ‬
‫ِّساء‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫س ‪-‬بالجيم‪:-‬‬ ‫جس ُ‬‫قيل‪َ :‬معناهما واحدٌ ‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّت ُّ‬
‫عنهما ُس ِئل‬
‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫اس َر َ‬ ‫عب ٍ‬‫ابن َّ‬
‫أن َ‬ ‫االستماع لح ِ‬
‫ديث ال َقو ِم‪ .‬و ُيروى َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫وبالحاء‪:‬‬
‫الخ ِير‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س في َ‬ ‫اآلخ ِر‪ :‬ال َّت ُّ‬
‫حس ُ‬ ‫عن َ‬ ‫الفرق ْبي ُنهما‪ ،‬فقال‪( :‬ال َي ُبعدُ أحدُ هما ِ‬ ‫ِ‬
‫عن‬
‫األخبار بن ْف ِسك‪،‬‬ ‫ستم َع‬ ‫ِ‬
‫‪-‬بالحاء‪ :-‬أن َت ِ‬ ‫س‬ ‫س في َّ‬
‫َ‬ ‫حس ُ‬ ‫الش ِّر)‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّت ُّ‬ ‫جس ُ‬‫وال َّت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص عنها ِ‬
‫أخباره‬ ‫طلب‬
‫س ‪-‬بالحاء‪ :-‬هو ُ‬ ‫حس ُ‬ ‫بغيرك‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّت ُّ‬ ‫تفح َ‬ ‫وبالجي ِم‪ :‬أن َت َّ‬
‫سن حالِه‪،‬‬
‫وح ِ‬ ‫ِ‬
‫أخباره ُ‬ ‫َطيب ن ْف ُسه لطِ ِ‬
‫يب‬ ‫ً‬
‫واحتياطا‪ ،‬فت ُ‬ ‫تش عنه؛ شفق ًة و ُن ً‬
‫صحا‬ ‫وال َف ُ‬
‫س‪ :‬أن ُتفت َ‬
‫ِّش‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أو لِ ُيرفِدَ ه ْ‬
‫إن كان في أ ْم ِره خ َل ٌل؛ بن ٍ‬
‫جس ُ‬
‫ُصح واحتياط و َمعونة‪ .‬وال َّت ُّ‬

‫((( انظر ((تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪(( ،)242/10‬لسان العرب)) البن منظور(‪(( ،)38/6‬تاج‬
‫للزبيدي (‪.)499/15‬‬‫العروس)) َّ‬
‫((( ((التفسير المنير)) للزحيلي (‪.)247/26‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)118 :‬تنبيه الغافلين)) البن النحاس (ص‪.)46 -45 :‬‬
‫‪322‬‬
‫ُّسجَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أخبار م ٍ‬


‫تور‪،‬‬ ‫َ‬ ‫مكروهة أن تع َل َم بها‪ ،‬فت‬
‫َستخرجها ب َفتش َك؛ َلهتك ُّ‬ ‫غطية‬ ‫ٍ ُ‬ ‫عن‬
‫عن العو ِ‬ ‫ِ‬
‫رات والمساوي‪.‬‬ ‫والكشف ِ َ ْ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫س َّ‬
‫والن ُ‬ ‫جس ِ‬ ‫ذم َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫ُّ‬
‫تبارك وتعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ ‪-‬قال َ‬
‫ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ [الحجرات‪.]12 :‬‬

‫قين وعن ِصفاتِهم‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ‬‫ِ‬ ‫ ‪-‬وقال تعالى وهو َيتحدَّ ُث ِ‬


‫عن المناف َ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ‬
‫ﯪ ﯫ ﯬ ﮊ [التوبة‪.]47 :‬‬

‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ِ‬
‫الحديث‪ ،‬وال َت َح َّس ُسوا‪ ،‬وال َت َج َّس ُسوا‪،‬‬ ‫الظ َّن َأ َ‬
‫كذ ُب‬ ‫فإن َّ‬ ‫وس َّل َم‪(( :‬إ َّي ُاكم َّ‬
‫والظ َّن؛ َّ‬
‫‪-‬عبا َد ِ‬ ‫وكونوا ِ‬ ‫حاسدُ وا‪ ،‬وال َت َ‬
‫باغ ُضوا‪ ،‬وال َتدا َب ُروا‪ُ ،‬‬
‫الله‪-‬‬ ‫وال َتنا َف ُسوا‪ ،‬وال َت َ‬
‫إخوا ًنا))(((‪.‬‬
‫ْ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫مي َر َ‬
‫َ‬
‫ ‪-‬وعن أبي َب ْرز َة األ ْس َل ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫مين‪،‬‬ ‫المس ِل َ‬‫اإليمان َق ْل َبه‪ ،‬ال َتغتا ُبوا ْ‬‫ُ‬ ‫دخ ِل‬ ‫ولم َي ُ‬
‫عش َر َمن آ َم َن بلسانه ْ‬ ‫وس َّل َم‪(( :‬يا َم َ‬
‫وال َت َّتبِعوا َع ْوراتِ ِهم؛ فإ َّنه َم ِن ا َّت َبع َع ْوراتِهم َي َّتبِ ِع ُ‬
‫الله َع ْو َر َته‪ ،‬و َمن َي َّتبِ ِع ُ‬
‫الله َع ْو َر َت ُه‬
‫َي ْف َض ْح ُه في َبيتِه))(((‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جس ِ‬ ‫ذم َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6064‬ومسلم (‪.)2563‬‬
‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4880‬وأحمد (‪ .)19776‬جود إسناده العراقي في ((تخريج اإلحياء))‬
‫(‪ ،)175/3‬وقال األلباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪ :)4880‬حسن صحيح‪.‬‬
‫‪323‬‬
‫ُّسجَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫حج ٍن‬ ‫الله عنه‪ ،‬حدِّ ث َّ ِ‬ ‫الخط ِ‬


‫َّ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ِقالب َة‪َّ ،‬‬
‫(أن أبا م َ‬ ‫ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اب َر َ‬ ‫بن‬
‫مر َ‬
‫أن ُع َ‬
‫مر ح َّتى َد َخل عليه‪ ،‬فإذا‬ ‫مر في بيتِه هو وأصحا ُبه‪َ ،‬‬
‫فانط َلق ُع ُ‬ ‫الخ َ‬‫في َش ِرب َ‬ ‫ال َّث َق َّ‬
‫إن هذا ال َي ِح ُّل‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين‪َّ ،‬‬ ‫حج ٍن‪ :‬يا َ‬
‫أمير ْ‬ ‫ِ‬
‫رج ٌل واحدٌ ‪ ،‬فقال له أبو م َ‬
‫ِ‬
‫ليس عندَ ه َّإل ُ‬
‫يقول هذا؟ فقال َزيدُ بن ٍ‬
‫ثابت‬ ‫ُ‬ ‫مر‪ :‬ما‬ ‫جس ِ‬ ‫الله ِ‬
‫ُ‬ ‫س‪ ،‬فقال ُع ُ‬ ‫عن ال َّت ُّ‬ ‫لك؛ قد نهاك ُ‬
‫المؤ ِم َ‬ ‫وعبدُ ِ‬
‫الله ُ َ‬
‫مر‬ ‫س‪ .‬قال‪َ :‬‬
‫فخ َرج ُع ُ‬ ‫جس ُ‬
‫نين‪ ،‬هذا ال َّت ُّ‬ ‫بن األر َق ِم‪َ :‬صدَ َق يا َ‬
‫أمير ْ‬
‫و َت َر َكه)(((‪.‬‬
‫س ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ ‪-‬وقال َقتاد ُة في‬
‫أو‬ ‫تفسير قوله‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞﮊ‪( :‬هل َتدْ رون ما ال َّت ُّ‬
‫جس ُ‬
‫تط ِل َع على ِس ِّره)(((‪.‬‬
‫أخيك؛ لِ َّ‬
‫َ‬ ‫يب‬ ‫ِ‬
‫جسيس؟ هو أن َت َّتب َع‪ ،‬أو َت َ‬
‫بتغي َع َ‬ ‫ُ‬ ‫ال َّت‬

‫املمنوع(((‪:‬‬ ‫س‬
‫جس ِ‬ ‫آثار َّ‬
‫الت ُّ‬
‫ِ‬
‫آثاره‪ ،‬فهو متو ِّلدٌ عن‬ ‫وأثر ِمن ِ‬ ‫سوء َّ‬‫ِ‬ ‫ظه ٌر ِمن َم ِ‬
‫الظ ِّن‪ٌ ،‬‬ ‫ظاهر‬ ‫س َم َ‬ ‫جس ُ‬ ‫‪1-‬ال َّت ُّ‬
‫ُ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الحنيف‪.‬‬ ‫صفة مذمومة س ِّيئة َن َهى عنها الدِّ ُ‬
‫ين‬

‫وق َّل ِة المرا َق ِبة‪،‬‬


‫عف ال َّتدي ِن‪ِ ،‬‬
‫ُّ‬
‫وض ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‪َ ،‬‬ ‫عف‬ ‫‪2-2‬ال َّتجسس صور ٌة ِمن صو ِر َض ِ‬
‫َ‬ ‫ُّ ُ‬
‫ٍ‬
‫دناءة ال َّن ْف ِ‬ ‫لوكي فهو يدُ ُّل على‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫والس ُّ‬ ‫األخالقي ُّ‬
‫ُّ‬ ‫يني‪َّ ،‬أما‬‫الجانب الدِّ ِّ‬ ‫هذا على‬
‫األمور عن َمعاليها وغاياتِها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫افه ِم َن‬‫عف ِهمتِها‪ ،‬وانشغالِها بال َّت ِ‬
‫َّ‬
‫وض ِ‬ ‫وخ َّستِها‪َ ،‬‬ ‫ِ‬

‫هور الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبيل إلى قط ِع الص ِ‬


‫داء‬ ‫وظ ِ َ‬ ‫القات‪ُ ،‬‬ ‫الع‬ ‫ِ‬
‫قويض َ‬ ‫الت‪ ،‬و َت‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫س‬‫جس ُ‬‫‪3-3‬ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫اإلخوان‪.‬‬ ‫الف ِ‬
‫رقة ْبين‬ ‫حب ِة‪ ،‬و َب ِّث ُ‬ ‫َ‬
‫ْبين األ َّ‬
‫كوك وال َّتخو ِ‬
‫فات‪،‬‬ ‫بالش ِ‬ ‫ِ‬
‫الحياة‪ ،‬ف ُتصبِ ُح مليئ ًة ُّ‬ ‫ِ‬
‫فساد‬ ‫س يؤ ِّدي إلى‬
‫ُّ‬ ‫جس ُ‬
‫‪4-4‬ال َّت ُّ‬
‫ُ‬ ‫ظه َر لل َّن ِ‬ ‫اإلنسان على خصوصياتِه ِمن أن َت ِ‬
‫نكش َ‬ ‫ُ‬
‫يعيش‬ ‫اس‪ ،‬بل‬ ‫ف أو َت َ‬ ‫َّ‬ ‫فال َيأ َم ُن‬

‫((( أخرجه الثعلبي في ((الكشف والبيان)) (‪.)83/9‬‬


‫((( ((جامع البيان)) للطبري (‪.)304/22‬‬
‫((( ((التحرير والتنوير)) لمحمد الطاهر بن عاشور (‪.)254 -253/26‬‬
‫‪324‬‬
‫ُّسجَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫حالة ِم َن َّ‬
‫الش ِّك ا َّلذي ال َينتهي‪.‬‬ ‫المرء في ٍ‬
‫ُ‬
‫شخص ما َّ‬
‫أن‬ ‫ودافع إلى االنتقا ِم‪ ،‬فإذا َع ِلم‬ ‫ِ‬
‫الكراهية‪،‬‬ ‫س ٌ‬
‫سبيل إلى‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫جس ُ‬
‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬
‫سعى هو ِمن جانبِه إلى‬ ‫س عليه و ُيريدُ أن َيهتِ َك ِس ْت َره و َي َ‬
‫فض َح أ ْم َره َ‬ ‫ُفال ًنا َي َّ‬
‫تجس ُ‬
‫وفض ِحه وهكذا‪.‬‬ ‫س عليه ْ‬ ‫جس ِ‬‫ال َّت ُّ‬
‫وانتشار الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وء ْبي ُنهم‪،‬‬ ‫ِ ُّ‬ ‫لمين‪،‬‬
‫المس َ‬
‫سبيل إلى إشاعة الفاحشة ْبين ْ‬ ‫جس ُس ٌ‬ ‫‪6-6‬ال َّت ُّ‬
‫وإظهار لِما َخفي ِم َن السو ِ‬
‫ءات‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الفضائح‪،‬‬ ‫نشر لِما اس ُتتِ َر ِم َن‬
‫حص ُل ِمن ٍ‬
‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫وذلك بما َي ُ‬
‫الطوي ِة‪ ،‬وعلى نِ ٍ‬
‫ش في‬ ‫فاق ُي ِّ‬
‫عش ُ‬ ‫واضح على سوء َّ َّ‬‫ٌ‬ ‫س َد ٌ‬
‫ليل ب ِّي ٌن‬ ‫جس ُ‬
‫‪7-7‬ال َّت ُّ‬
‫وإن َتز َّيا‬
‫عن ال َّتقوى ْ‬ ‫اإليمان ِ‬
‫وإن َّادعا ُه‪َ ،‬ق ِص ٌّي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأن صاح َبه بعيدٌ ِ‬
‫عن‬ ‫القلب‪َّ ،‬‬‫ِ‬
‫ِبل ِ‬
‫باسها‪.‬‬
‫عر ِ‬
‫داره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العورة‪ ،‬ح َّتى ولو كان في َق ِ‬ ‫وك ِ‬
‫شف‬ ‫ِ‬
‫بالفضيحة َ‬ ‫توعدٌ‬ ‫‪َّ 8-8‬‬
‫أن صاح َبه ُم َّ‬
‫الله واستِ ِ‬
‫حقاق‬ ‫لغضب ِ‬
‫ِ‬ ‫ض ن ْف َسه‬
‫عر ُ‬ ‫جس ِ‬
‫س ُسو ًءا َّ‬
‫أن صاح َبه ُي ِّ‬ ‫وحس ُب ال َّت ُّ‬
‫‪ْ 9-9‬‬
‫بغوضا ِم َن ال َّن ِ‬
‫اس‪،‬‬ ‫مكروها َم ً‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة‪َّ ،‬أما في الدُّ نيا ف َيبقى‬ ‫ِ‬
‫العذاب األلي ِم‪ ،‬هذا في‬
‫ِ‬
‫بحضوره‪.‬‬ ‫يبة‪ ،‬ال َيأ َنسون به‪ ،‬وال َيرتاحون‬ ‫محل ِر ٍ‬‫دائما في ِّ‬
‫فهو ً‬
‫س‪:‬‬
‫جس ِ‬ ‫ِمن ُص َور َّ‬
‫الت ُّ‬
‫س املمنوع‪:‬‬
‫جس ِ‬ ‫•• ِمن ص َو ِر َّ‬
‫الت ُّ‬
‫الع على َع ْوراتِهم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫واالط ُ‬ ‫لمين‪،‬‬
‫المس َ‬ ‫ِ‬
‫س على بيوت ْ‬
‫جس ُ‬
‫ ‪-‬ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫بالمعصية‪،‬‬ ‫سين‬ ‫وات بحج ِة َض ِ‬ ‫والخ َل ِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫بط َمن فيها ُمتل ِّب َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫البيوت‬ ‫اقتحام‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫رع وال َي ْق َب ُله‪.‬‬ ‫بيحه َّ‬
‫الش ُ‬ ‫مما ال ُي ُ‬
‫أن هذا َّ‬ ‫َّ‬
‫وال‪ ‬شك َّ‬
‫ٍ‬ ‫والبحث عن َم ٍ‬
‫عاص وس ِّيئات اق ُتر َف ْت في الماضي‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫جس ُس على‬ ‫ُ‬ ‫قصي‬‫ ‪-‬ال َّت ِّ‬
‫أصحابِها لمعرفتِها‪.‬‬
‫‪325‬‬
‫ُّسجَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وهم له ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫كار َ‬
‫هون‪.‬‬ ‫حديث َقو ٍم ُ‬ ‫المرء إلى‬ ‫استماع‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬

‫ين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أعداء الدِّ ِ‬ ‫ِ‬
‫لصالح‬ ‫لمين‬
‫المس َ‬
‫س على ْ‬
‫جس ُ‬
‫ ‪-‬ال َّت ُّ‬
‫س املشروع‪:‬‬
‫جس ِ‬ ‫••ص َو ُر َّ‬
‫الت ُّ‬
‫وع ِ‬
‫تاد ِهم‪.‬‬ ‫لمعرفة ِ‬
‫ِ‬ ‫األم ِة؛‬ ‫ِ‬
‫عددهم َ‬ ‫س على أعداء َّ‬
‫جس ُ‬
‫ ‪-‬ال َّت ُّ‬
‫الر َي ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وأهل ِّ‬ ‫الخطِ َ‬
‫رين‬ ‫المجرمين َ‬
‫َ‬ ‫ ‪َ -‬ت ُّتب ُع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رعيتِه؛‬ ‫ِ‬ ‫ ‪َ -‬ت ُّ‬
‫وتأمين‬ ‫حتاجين‪،‬‬
‫َ‬ ‫والم‬
‫المظلومين ُ‬
‫َ‬ ‫لمعرفة‬ ‫فقدُ الوالي ألحوال َّ‬
‫احتياجاتِهم؛ إ ْذ ُهم ٌ‬
‫أمانة في ُعن ُِق الوالي(((‪.‬‬

‫املمنوع‪:‬‬ ‫س‬
‫جس ِ‬ ‫أسباب َّ‬
‫الت ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الم ُ‬
‫حض‪.‬‬ ‫الف ُ‬
‫ضول َ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫ِ‬
‫والفضيحة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليذاء‬ ‫‪َ 2-2‬قصدُ‬
‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن‪.‬‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫شخصا ما‬ ‫س عليه َّ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫والمعاملة ِ‬
‫بالم ِ‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫تجس ُ‬
‫الم َّ‬
‫ثل‪ :‬وذلك إذا َعلم ُ‬ ‫االنتقام‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫خصوصياتِه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫س على‬ ‫تتب ُع َع ْور َته و َي َّ‬
‫تجس ُ‬ ‫َي َّ‬
‫ِ‬
‫بمقابل‬ ‫قصي‬ ‫جس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ً ِ‬ ‫المادي‪ :‬بأن َي َ‬
‫س وال َّت ِّ‬ ‫مدفوعا من جهة ما لل َّت ُّ‬ ‫كون‬ ‫ُّ‬ ‫افع‬
‫‪5-5‬الدَّ ُ‬
‫ٍ‬
‫إغراء ما ِّد ٍّي‪.‬‬

‫س‪:‬‬
‫جس ِ‬
‫الت ُّ‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أليم عقابِه‪َّ ،‬‬
‫وقو َة‬ ‫كل شيء‪ ،‬و َيخشى َ‬ ‫تبارك وتعالى َ‬
‫قبل ِّ‬ ‫‪1-‬أن ُيراق َب الل َه َ‬
‫ِ‬
‫انتقامه‪.‬‬

‫((( ((عقوبة اإلعدام)) لمحمد بن سعد الغامدي (ص‪.)469 :‬‬


‫‪326‬‬
‫ُّسجَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فتيش واالستطال ِع على َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫اإلنسان ُفضو َله ُ‬
‫وح َّبه لل َّت‬ ‫ُ‬ ‫‪ 2-2‬أن َي ُتر َك‬
‫َ‬
‫والخوف‬ ‫لمين و َترا ُبطِهم‪،‬‬
‫المس َ‬ ‫ِ‬
‫الحرص على َوحدة ْ‬ ‫َ‬ ‫نم َي في ن ْف ِسه‬ ‫‪ 3-3‬أن ُي ِّ‬
‫ِ‬
‫األواصر ْبينهم‪.‬‬ ‫فك ِكهم و َت ُّ‬
‫قط ِع‬ ‫ِمن َت ُّ‬
‫وآثار الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لف‬ ‫صوص القرآنية واألحاديث ال َّنبو َّية ِ َّ‬‫ِ‬ ‫خص في ال ُّن‬‫الش ُ‬ ‫‪4-4‬أن َيتد َّب َر َّ‬
‫وعالجا ِ‬ ‫حذر ِمن هذه الص ِ‬
‫ناج ًعا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫رادعا قو ًّيا‪،‬‬
‫فإن في ذلك ً‬ ‫فة؛ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ا َّلتي ُت ِّ ُ‬
‫ِ‬
‫المقاييس‪َّ ،‬‬
‫وأن أذ َّيت َُهم ال‬ ‫لمين ِّ‬
‫بكل‬ ‫للمس َ‬
‫ْ‬ ‫فع ُله هو أذ َّي ٌة‬
‫أن ما َي َ‬ ‫‪5-5‬أن َي ِ‬
‫عر َف َّ‬
‫شرعا‪.‬‬ ‫َت ُ‬
‫جوز ً‬
‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪6-6‬أن يخشى المتجس ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫وعدَ بها‬ ‫س م َن الفضيحة ا َّلتي َت َّ‬ ‫ُ ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫فض ُحهم ولو في ِ‬
‫قعر‬ ‫وأن الل َه س َي َ‬‫اس‪َّ ،‬‬ ‫ع َل ِيه وس َّلم ا َّلذين يتتبعون َعو ِ‬
‫رات ال َّن ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ُد ِ‬
‫ورهم‪.‬‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫س يف ِ‬
‫جس ُ‬ ‫َّ‬
‫‪ ‬الت ُّ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫ـــترا ِمن َمساويكَا‬‫َّاس س ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َيهت َك الن ُ‬ ‫َلتم ْس ِمن َمساوي الن ِ‬
‫َّاس ما َستَروا‬ ‫ال ت ِ‬

‫ـــب أحدً ا َع ْي ًبا بمـــا فيكَا‬ ‫ِ‬ ‫حاســـ َن ما فيهم إذا ُذ ِكروا‬
‫واذكُر م ِ‬
‫(((‬
‫وال تَع ْ‬ ‫ْ َ‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان البستي (ص‪.)128 :‬‬


‫‪327‬‬
‫يسعَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫التَّعسير‬

‫عسري‪:‬‬
‫الت ِ‬‫مع َنى َّ‬
‫ذات ِ‬‫نقيض اليس ِر‪ .‬والعسر ُة‪ِ :‬ق َّل ُة ِ‬ ‫الع ْس ِر‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫اليد‪ .‬وكذلك‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫عسير ُلغ ًة‪ :‬من ُ‬
‫ال َّت ُ‬
‫والعسرى‪ُ :‬‬ ‫ِ‬
‫مور ا َّلتي َت ُ‬
‫عس ُر وال َت َّ‬
‫تيس ُر‪ ،‬وال ُي ْسرى‪ :‬ما است َْي َس َر منها(((‪.‬‬ ‫األ ُ‬ ‫سار‪ْ ُ .‬‬
‫اإل ْع ُ‬
‫ين؛ بالزِّ ِ‬ ‫غيره في ِ‬
‫أمر الدِّ ِ‬ ‫اإلنسان على ن ْف ِسه أو ِ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬أن ُيشدِّ َد‬ ‫عسير‬
‫يادة‬ ‫ً‬ ‫ال َّت ُ‬
‫يس ِر ما لم َي ُك ْن ً‬
‫إثما(((‪.‬‬ ‫ِ َ‬ ‫على المشروعِ‪ ،‬أو في ِ‬
‫أمر الدُّ نيا؛ بترك األ َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عنه من ال ُق ِ‬


‫رآن ُّ‬ ‫عسري َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم َّ‬
‫الت ِ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﮊ [الطالق‪.]6 :‬‬
‫عاتبة لألم على المعاس ِ‬
‫رة‪ ،‬كما َت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫قول‬ ‫ُ َ‬ ‫إسماعيل ح ِّقي رحمه الله‪( :‬فيه ُم ٌ ِّ‬ ‫قال‬
‫قضي ٍة َ‬
‫فأنت‬ ‫ِ‬
‫ل َمن َتستَقضيه حاج ًة ف َيتَوا َنى‪ :‬س َيقضيها َغ ُيرك‪ ،‬تُريدُ أن َتبقى َ‬
‫غير َم َّ‬
‫لوم)(((‪.‬‬
‫َم ٌ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫بن مالك َر َ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫وس َّل َم‪َ (( :‬ي ِّس ُروا وال ُت َع ِّس ُروا‪ ،‬و َب ِّش ُروا وال ُت َن ِّف ُروا))(((‪.‬‬

‫((( ((العين)) للفراهيدي (‪(( ،)327/1‬تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪.)48/2‬‬


‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)4209/9‬‬
‫((( ((تفسير روح البيان)) إلسماعيل حقي (‪.)29/10‬‬
‫((( أخرجه البخاري(‪ ،)69‬ومسلم (‪.)1734‬‬
‫‪328‬‬
‫يسعَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عسري‪:‬‬
‫الت ِ‬‫ذم َّ‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ُ‬
‫ويقول‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قارورة‪،‬‬ ‫بول في‬ ‫ِ‬
‫البول‪ ،‬و َي ُ‬ ‫الله عنه ُي َشدِّ ُد في‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪((-‬كان أبو موسى َر َ‬
‫قاريض‪ ،‬فقال ُح َذ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أحدهم َب ٌ‬ ‫إسرائيل كان إذا أصاب ِج ْلدَ ِ‬ ‫َ‬
‫يفة‬ ‫ول َق َر َضه َ‬
‫بالم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن َبني‬
‫َ‬
‫ورسول‬ ‫أن صاح َب ُكم ال ُيشدِّ ُد هذا ال َّتشديدَ ؛ فلقد رأ ْي ُتني أنا‬ ‫الله عنه‪َ :‬ل َو ِد ْد ُت َّ‬
‫ضي ُ‬ ‫َر َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قوم‬
‫فقام كما َي ُ‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َنتماشى‪َ ،‬فأتى ُسباط ًة َخ ْل َف حائط‪َ ،‬‬ ‫الله ص َّلى ُ‬
‫ئت‪ُ ،‬فق ْم ُت ِعندَ َع ِقبِه ح َّتى َف َر َغ))(((‪.‬‬
‫فج ُ‬‫فأشار إلي‪ِ ،‬‬
‫َ َّ‬ ‫فبال‪ ،‬فانت َب ْذ ُت منه‪،‬‬‫أحدُ ُكم‪َ ،‬‬
‫رة فنَظِر ٌة إلى ميس ٍ‬
‫الله‪( :‬من كان ذا ُعس ٍ‬ ‫الضح ُ ِ‬
‫رة‪ ،‬وكذلك‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اك رحمه ُ َ‬ ‫ ‪-‬وقال َّ َّ‬
‫ِ‬
‫أخيه َيع َل ُم منه ُع ْسر ًة أن‬ ‫ِ‬ ‫كل َد ٍ‬
‫ين على‬ ‫المسل ِم‪ ،‬فال َيح ُّل ْ‬
‫لمسل ٍم له َد ٌ‬ ‫ين على ْ‬ ‫ُّ‬
‫الله عليه)(((‪.‬‬ ‫سجنَه‪ ،‬وال َيط ُل َبه ح َّتى ُي ِّ‬
‫يس َره ُ‬ ‫َي ُ‬
‫ِ‬
‫والله‬ ‫الله‪َ ( :‬من لم َي ُك ْن له َّإل َم َ‬
‫سك ٌن فهو‬ ‫العزيز ِ‬
‫رحمه ُ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ُعمر بن ِ‬
‫عبد‬ ‫ُ ُ‬
‫ِ‬
‫بإنظاره)(((‪.‬‬ ‫الله‬
‫ممن أ َم َر ُ‬ ‫ِ‬
‫ُمعس ٌر‪َّ ،‬‬

‫يني ِة و َي ُتر ُك‬ ‫ِ‬


‫تعم ُق أحدٌ في األعمال الدِّ َّ‬
‫الله‪( :‬ال َي َّ‬
‫رحمه ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ابن حج ٍر ِ‬
‫ُ َ‬
‫الرفقَ َّإل َع َجز وان َق َطع ف ُيغ َل ُب)(((‪.‬‬
‫ِّ‬
‫عسري‪:‬‬
‫الت ِ‬‫ِمن ُص َور َّ‬
‫قدرتِه‪ ،‬وعدَ ُم‬
‫ين لعدَ ِم م ِ‬ ‫ِ‬
‫قضاء الدَّ ِ‬ ‫تأخ ِره عن‬ ‫الم ِد ِ‬
‫ين عند ُّ‬
‫َ‬ ‫عسير على َ‬
‫‪1-‬ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫إنظاره(((‪.‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)225‬ومسلم (‪ )273‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( ((الدر المنثور)) للسيوطي (‪.)113/2‬‬
‫((( ((تفسير ابن أبي حاتم)) (‪.)552/2‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)117/1‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2287‬ومسلم (‪.)1564‬‬
‫‪329‬‬
‫يسعَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫أهله‪ ،‬إذا كان هذا باختِ ِ‬


‫ياره‬ ‫إنفاق الر ُج ِل على ِ‬ ‫‪2-2‬ال َّتعسير في ال َّن ِ‬
‫فقة‪ ،‬وهي ق َّل ُة ِ‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫اإلنفاق بج ٍ‬ ‫قدرتِه على‬ ‫مع م ِ‬
‫ود‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫َ‬
‫كامل أو بب ِ‬
‫خسه‪ .‬‬ ‫ِ‬
‫إعطائه ح َّقه ً‬ ‫‪3-3‬ال َّتعسير مع َ‬
‫األ ِ‬
‫جير؛ بعدَ ِم‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واشتراط‬ ‫هور الن ِ‬
‫ِّكاح‪ ،‬بل‬ ‫‪4-4‬ال َّتعسير على من أرا َد النِّكاح؛ بالم ِ‬
‫غاالة في ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الط ِ‬
‫اقة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حدود َّ‬ ‫ِ‬
‫الخارجة عن‬ ‫الش ِ‬
‫روط‬ ‫ِ‬
‫بعض ُّ‬

‫غني شيئًا‪ ،‬ف َيط ُل َب‬ ‫ِ‬ ‫كأن َيط ُل َب‬


‫حتاج؛ ْ‬ ‫والم ِ‬ ‫عسير على ال َف ِ‬
‫الفقير من ٍّ‬
‫ُ‬ ‫قير ُ‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُ‬
‫فع ُلها ح َّتى ُيجي َبه لِ َمط َلبِه‪.‬‬
‫أمورا عسير ًة َي َ‬
‫الغني قبل ذلك ً‬ ‫ُّ‬ ‫منه‬
‫ِ‬
‫العوائق‬ ‫تلبية حاجاتِهم‪ ،‬أو وض ِع‬
‫األمور على الرعي ِة؛ بعدَ ِم ِ‬
‫َّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪6-6‬تعسير و ِ‬
‫الة‬ ‫ُ ُ‬
‫للحصول على تلك الحاجي ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكثيرة‬
‫َّ‬
‫نك ِر‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫هي ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫غيره في الدَّ ِ‬ ‫ِ‬
‫المرء على ِ‬
‫عن ُ‬ ‫واألمر‬ ‫عوة‪،‬‬ ‫تعسير‬
‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬
‫ِ‬
‫العبادة‪ ،‬وهذا عاد ًة ما‬ ‫باألخذ بأعلى در ِ‬
‫جات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرء على ن ْف ِسه‬ ‫تعسير‬‫‪8-8‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جعل المر َء َيتر ُك العباد َة ِمن ِ‬
‫تور قد َي ُ‬
‫أصلها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عق ُبه ُف ٌ‬
‫َي ُ‬

‫عسري‪:‬‬
‫الت ِ‬‫ضار َّ‬
‫َم ُّ‬
‫األفعال المحر ِ‬
‫مة؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫وحرج قد َيد َف ُعهم إلى‬
‫ٍ‬ ‫اس في ِض ٍيق‬ ‫ِ‬
‫بعض ال َّن ِ‬ ‫وضع‬
‫َّ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫لدف ِع ذلك ال َّت ِ‬
‫عسير الواق ِع عليهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫عس ِر والواق ِع عليه ذلك ال َّت ُ‬
‫عسير‪.‬‬ ‫الم ِّ‬ ‫ظهور ال ُب ِ‬
‫غض والعداوة ْبين ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫والر ِ‬ ‫أواصر الم ِ‬
‫يبحث َّإل َّ‬
‫عما‬ ‫ُ‬ ‫المرء ال‬
‫ُ‬ ‫اس؛ ف ُيصبِ ُح‬
‫فق ْبين ال َّن ِ‬ ‫حبة ِّ‬ ‫ِ َ َّ‬ ‫‪ْ 3-3‬نز ُع‬
‫عين‪.‬‬
‫جم َ‬ ‫اس َأ َ‬
‫ضر بال َّن ِ‬ ‫َ‬
‫وحدَ ه ولو أ َّ‬ ‫َين َف ُعه ْ‬
‫الش ِ‬ ‫وعبادة ِ‬
‫الله‪ ،‬ود ْف ُعهم إلى ُط ُر ِق َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس ِمن‬
‫نفير ال َّن ِ‬
‫يطان‪.‬‬ ‫الخير‬ ‫طريق‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُ‬

‫‪330‬‬
‫يسعَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫إنهاك بدنِه وإتعابِه‬


‫ِ‬ ‫والشدَّ ِة َيد َف ُع المر َء إلى‬ ‫ِ‬
‫بالعزيمة ِّ‬ ‫ِ‬
‫األخذ‬ ‫المغاال ُة في‬
‫‪ُ 5-5‬‬
‫وج ِه حقٍّ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بغير ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعسيره‬ ‫تور بعد‬ ‫عس َر على ن ْفسه ال َيب ُلغُ فيما يرجوه‪ ،‬بل ُ‬
‫يقع عاد ًة ُف ٌ‬ ‫الم ِّ‬‫أن ُ‬ ‫‪َّ 6-6‬‬
‫العبادة بالك ِّل َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َيجع ُله َيمتنِ ُع ِم َن‬

‫ين َينقطِ ُع‪.‬‬ ‫كل ُم ِّ‬


‫تنط ٍع في الدِّ ِ‬ ‫أن َّ‬
‫‪َّ 7-7‬‬

‫أسباب الوقوع يف َّ‬


‫التعسري‪:‬‬
‫عن ال َّت ِ‬ ‫اآلم ِر بالب ِ‬
‫عد ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم ِ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫‪1-‬مخا َل ُ‬
‫عسير‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فة هدْ ِي ال َّن ِّ‬
‫أفضل ال َّن ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫وإظهار أ َّنه‬ ‫ثل هذا ال َّت ِ‬ ‫ِ‬
‫للمرء ِم َ‬ ‫الش ِ‬‫تزيين َّ‬
‫اس عندَ ِّ‬
‫رب‬ ‫ُ‬ ‫عسير‪،‬‬ ‫يطان‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫العا َل َ‬
‫مين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ألسباب ُدنيو َّي ٍة َو‬
‫ٍ‬ ‫عسير على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضيعة‪.‬‬ ‫غيره‬ ‫جع ُل المر َء يوق ُع ال َّت َ‬ ‫‪َ 3-3‬ض ُ‬
‫عف اإليمان َي َ‬
‫أواصر الم ِ ُ ِ‬
‫لمين‪.‬‬
‫المس َ‬ ‫ِ َ َّ‬
‫حبة واأل ْلفة ْبين ْ‬ ‫‪َ 4-4‬ض ُ‬
‫عف‬
‫صين ا َّلذين َيع َلمون ويؤَ ِّصلون في ال َّن ِ‬ ‫هين الم ِ‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫خل َ‬ ‫والموج َ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ين‬ ‫‪5-5‬ق َّل ُة ُ‬
‫المر ِّب َ‬
‫ُأ َ‬
‫صول الدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬
‫للشر ِع الح ِ‬
‫نيف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اعتبار َّ‬ ‫بغير‬ ‫االنهماك في الدُّ نيا‪ ،‬واإلكثار ِمن جم ِع ح ِ‬
‫طامها ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫العمل‬ ‫ِ‬
‫العمل ح َّتى لو كان‬ ‫ِ‬
‫بكثرة‬ ‫أن اال ِّت َ‬
‫باع‬ ‫الشرعِ‪ ،‬في ِ‬
‫عتقدُ َّ‬ ‫ِ‬
‫بحقيقة َّ‬ ‫ُ‬
‫الجهل‬ ‫‪7-7‬‬
‫َ‬
‫لم ُيشْ َر ْع‪.‬‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬
‫التعسري‪:‬‬
‫ويوم عليك‪ ،‬وقد‬ ‫أن األ َّي َام ُد َو ٌل؛ ٌ‬
‫يوم لك ٌ‬ ‫عس ُر على ِ‬
‫غيره َّ‬ ‫‪1-‬أن َيع َل َم ذلك ُ‬
‫الم ِّ‬
‫الكأس ن ْف ِسه الذي س َق ْيتَه أخاك‪.‬‬
‫ِ‬ ‫شر ُب ِم َن‬
‫َت َ‬

‫‪331‬‬
‫يسعَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫العبادة‪.‬‬ ‫االقتصاد في‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫عام َل المرء غيره بما ي ِحب أن ي ِ‬
‫أن ي ِ‬
‫عاملوه به‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪ُ ْ 3-3‬‬
‫غير أن‬‫غيره ِمن ِ‬
‫ألجل نف ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫المرء ما َله‬
‫ُ‬
‫أن ِمن معالِ ِم الج ِ‬
‫ود والكر ِم أن َيد َف َع‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬
‫لكن َم ِدينَه‬
‫أخ ُذ ما َله َّ‬‫بمن ُيعطِي و َيع َل ُم أ َّنه س َي ُ‬ ‫كورا‪ ،‬فكيف َ‬
‫ِ‬
‫َينتظ َر منهم جزا ًء أو ُش ً‬
‫سق ْط عنه المال‪.‬‬ ‫بإنظاره‪ ،‬بل َأولى أن ي َضع عنه ِمن َدينِه إن لم ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫عس َر‪ ،‬فهو َأ ْولى‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫أ َ‬
‫ري يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫َّ‬
‫التعس ُ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫كنت ذا ُع ِ‬
‫سـر‬ ‫فأصبح َت ذا ُي ٍ‬
‫سـر وقد َ‬ ‫ْ‬ ‫الرحم ُن أعطـــاك َثرو ًة‬ ‫فإن َيك ِ‬
‫ُـــن َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الفقر‬ ‫ـــز ْد َك وتأ َم ْن يا أخي ِمـــ َن‬
‫َي ِ‬ ‫ـــكرا مع ال َّثنا‬
‫ً‬ ‫وش‬‫حمدً ا ُ‬ ‫ِ‬
‫فتاب ْع لـــه ْ‬
‫ِ (((‬
‫قريب وذي عسر‬‫ٍ‬ ‫لِ َمن كان ذا ٍ‬
‫فقر‬ ‫الله منهـــا م ِ‬
‫باد ًرا‬ ‫لحـــق ِ‬
‫ِّ‬ ‫و َأ ِ‬
‫خر ْج‬
‫ُ‬

‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) لعبد العزيز السلمان (‪.)48/3‬‬


‫‪332‬‬
‫يفنَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫التَّنفير‬

‫معنى َّ‬
‫التنفري‪:‬‬
‫فر ُق‪ ،‬وأص ُله َيدُ ُّل‬ ‫ِ‬
‫والح ُ‬ ‫ِ‬ ‫نفير ُلغ ًة‪َّ :‬‬
‫رود‪ ،‬وال َّن ْف ُر‪ :‬ال َّت ُّ‬ ‫ران ُّ‬
‫والش ُ‬ ‫رار‬
‫هاب والف ُ‬
‫الذ ُ‬ ‫ال َّت ُ‬
‫فارا إذا َف َّر َو َذ َه َب(((‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتباع ٍد؛ ُي ُ‬ ‫على َت ٍ‬
‫قال‪َ :‬ن َف َر َي ْنفر ُن ُف ً‬
‫ورا ون ً‬ ‫ُ‬ ‫جاف‬

‫مما‬ ‫ِ‬
‫ونحو ذلك َّ‬ ‫والشدَّ ِة‬ ‫بالغ ِ‬
‫لظة ِّ‬ ‫اس أو معامل ُتهم ِ‬
‫قاء ال َّن ِ ُ‬
‫ِ‬
‫اصطالحا‪ :‬هو ل ُ‬
‫ً‬ ‫ال َّتنفير‬
‫المباحات و َمصالِح الدُّ نيا‬
‫ِ‬ ‫نفير ِمن‬ ‫فور ِم َن اإلسال ِم والدِّ ِ‬
‫ين‪ ،‬وال َّت ِ‬ ‫ي ِ‬
‫حم ُل على ال ُّن ِ‬ ‫َ‬
‫تبذير(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫إسراف أو‬ ‫التي ليس فيها‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه من القرآن ُّ‬ ‫نفري َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم َّ‬
‫الت ِ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬

‫ﭧ ﮊ [آل عمران‪.]159 :‬‬


‫نفر ُهم و ُي َب ِّغ ُضهم‪.‬‬
‫ألن هذا ُي ِّ‬ ‫ﮋﭥ ﭦ ﭧ ﮊ؛ َّ‬
‫رسول ِ‬
‫‪ ‬الله‬ ‫ِ‬ ‫رج ٌل إلى‬ ‫ٍ‬
‫سعود َ‬
‫الله عنه قال‪(( :‬جاء ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫نصاري َر َ‬
‫ِّ‬ ‫األ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي َم‬
‫الغ ِ‬ ‫تأخر عن ص ِ‬ ‫ِ ََ‬ ‫َ ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫ص َّلى ُ‬
‫داة‬ ‫الة َ‬ ‫َ‬ ‫رسول الله‪ ،‬إ ِّني والله ل َّ ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َق ُّط‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫رأيت ال َّن َّ‬
‫طيل بنا فيها‪ ،‬قال‪ :‬فما ُ‬ ‫مما ُي ُ‬ ‫ٍ‬
‫أج ِل ُفالن؛ َّ‬
‫ِ‬
‫من ْ‬
‫رين‪َ ،‬فأ ُّي ُكم‬ ‫إن ِم ُ‬
‫نكم ُم َن ِّف َ‬ ‫اس‪َّ ،‬‬ ‫ثم قال‪ :‬يا أ ُّيها ال َّن ُ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أشدَّ غض ًبا في َموعظة منه َيو َمئذ‪َّ ،‬‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)833/2‬مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)459/5‬لسان العرب))‬
‫البن منظور (‪.)227/5‬‬
‫((( ((نضرة النعيم)) (‪.)4297/9‬‬
‫‪333‬‬
‫يفنَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫فإن ِ‬
‫فيه ُم َ‬ ‫اس ف ْلي ِ‬
‫الحاجة))(((‪ ،‬يعني‪:‬‬ ‫عيف وذا‬ ‫والض َ‬‫َّ‬ ‫بير‬
‫الك َ‬ ‫وج ْز؛ َّ‬ ‫ما َص َّلى بال َّن ِ ُ‬
‫ين ِ‬ ‫اس عن ِد ِ‬
‫الله(((‪.‬‬ ‫ُين ِّفرون ال َّن َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬‫ري َر َ‬ ‫شع ِّ‬ ‫ ‪-‬عن أبي موسى َ‬
‫األ َ‬
‫اليم ِن‪ ،‬فقال‪َ (( :‬ي ِّس َرا وال ُت َع ِّس َرا‪ ،‬و َب ِّش َرا وال ُت َن ِّف َرا‪ ،‬و َت َ‬
‫طاو َعا وال‬ ‫ومعا ًذا إلى َ‬
‫َب َع َثه ُ‬
‫َتخت َِل َفا))(((‪.‬‬
‫ذم َّ‬
‫التنفري‪:‬‬ ‫السلف والعلماء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫بالرخصة من ث َقة‪َّ ،‬‬
‫فأما ال َّتشديدُ‬ ‫‪1-‬عن َم ْع َم ٍر قال‪( :‬إ َّنما الع ُ‬
‫لم أن َت َ‬
‫سم َع ُّ‬
‫كل ٍ‬
‫أحد)(((‪.‬‬ ‫في ِ‬
‫حسنُه ُّ‬ ‫ُ‬
‫اس‬
‫فاجر؛ هذا َيدْ عو ال َّن َ‬
‫ٌ‬ ‫ناس ٌك‪ ،‬وعالِ ٌم‬
‫جاهل ِ‬‫ٌ‬ ‫فسدَ ال َّن َ‬
‫اس‬ ‫ٌ َ‬
‫حكيم‪( :‬أ َ‬ ‫‪2-2‬قال‬
‫لمه ِبف ِ‬
‫سقه)(((‪.‬‬ ‫إلى جه ِله بنُس ِكه‪ ،‬وهذا ين ِّفر ال َّناس عن ِع ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫سول ِ‬ ‫ف َر ِ‬‫‪3-3‬جاء في وص ِ‬
‫صدرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫اس‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم‪َ :‬أ َ‬
‫وس ُع ال َّن ِ‬ ‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫وألينُهم جانبا‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫اس وال ُين ِّف ُرهم‪،‬‬ ‫كرمهم عشر ًة‪ ،‬يؤ ِّل ُف ال َّن َ‬‫وأ ُ‬ ‫ً‬ ‫قول‪َ ،‬‬ ‫وأصد ُقهم ً‬
‫ْ‬
‫جليس نصي َبه‪،‬‬‫ٍ‬ ‫عليهم‪َ ،‬يتف َّقدُ أصحا َبه‪ ،‬و ُيعطِي َّ‬
‫كل‬ ‫كل َقو ٍم‪ ،‬ويو ِّل ِيه ِ‬
‫كريم ِّ‬ ‫و ُي ِ‬
‫كر ُم َ‬
‫َ‬ ‫ح َّتى ال ي ِ‬
‫جليسه أحدً ا أ َ‬
‫كر َم عليه منه(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حس ُب‬ ‫َ‬
‫نفري املذموم(((‪:‬‬
‫الت ِ‬‫من صور َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)702‬ومسلم (‪.)466‬‬


‫((( ((شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪.)617/3‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3038‬ومسلم (‪.)1733‬‬
‫((( ((جامع بيان العلم وفضله)) البن عبد البر (‪.)1468‬‬
‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) للسلمان (‪.)17/2‬‬
‫((( ((المرجع السابق)) (‪.)566/5‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪(( ،)169 /2‬صيد الخاطر)) البن الجوزي (ص‪(( ،)350 :‬أجنحة‬
‫المكر الثالثة)) لحبنكة الميداني (ص‪(( ،)47-46 :‬الضياء الالمع من الخطب الجوامع))‬
‫للعثيمين (‪(( ،)215 /2‬األخالق الفاضلة قواعد ومنطلقات الكتسابها)) للرحيلي (ص‪.)160 :‬‬
‫‪334‬‬
‫يفنَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وأخ ُذهم‬
‫لو في ذلك‪ْ ،‬‬ ‫ين‪ ،‬وال َّتشدُّ ُد فيه‪ُ ،‬‬
‫والغ ُّ‬ ‫أخ ِذ ال َّن ِ‬
‫اس بالدِّ ِ‬ ‫‪1-‬المبا َل ُ‬
‫غة في ْ‬
‫تبارك وتعالى‬ ‫ص تخفي ًفا عليهم‪ ،‬مع َّ‬
‫أن الل َه َ‬ ‫الر َخ ِ‬
‫وخي ُّ‬ ‫بالعزائ ِم ً‬
‫دائما‪ ،‬وعدَ ُم َت ِّ‬
‫عزائمه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تؤ َتى ُر َخ ُصه‪ ،‬كما ُي ِح ُّب أن ْ‬
‫تؤ َتى‬ ‫ُي ِح ُّب أن ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قنيط ال َّن ِ ِ‬
‫‪َ 2-2‬ت ُ‬
‫راء‬
‫يئيسهم م َن ال َّتوبة‪ ،‬وازد ُ‬ ‫تبارك وتعالى‪ ،‬و َت ُ‬
‫اس من رحمة الله َ‬
‫بالشت ِم واألذ َّي ِة البدَ َّني ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لالعتداء عليهم َّ‬ ‫ُ‬
‫الحال‬ ‫َ‬
‫وصل‬ ‫المذنِ َ‬
‫بين و َن ْب ُذهم‪ ،‬ور َّبما‬ ‫ْ‬

‫ِ‬
‫تذكير ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫ِ‬
‫والعقاب‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫ِ‬
‫بالعذاب‬ ‫ِ‬
‫خويف‬ ‫ِ‬
‫الوعيد وال َّت‬ ‫ِ‬
‫مواعظ‬ ‫اإلكثار ِمن‬ ‫‪3-3‬‬
‫ُ‬
‫الج ِ‬
‫زيل‪.‬‬ ‫وخ ِيره َ‬ ‫وفض ِله َ‬
‫العمي ِم‪َ ،‬‬ ‫وع ِده‪ْ ،‬‬ ‫وح ِ‬
‫سن ْ‬ ‫تبارك وتعالى‪ُ ،‬‬
‫ِ ِ‬
‫بسعة رحمة الله َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ِ‬
‫المتك ِّل َ‬
‫مين‬ ‫وأقوال ُ‬ ‫قهاء‬ ‫كاالختالفات ْبين ُ‬ ‫تحملو َنه؛‬ ‫خاطبة ال َّن ِ‬
‫اس بما ال َي َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ 4-4‬م‬
‫فهمونها على‬ ‫ُ‬
‫البعض أو َي َ‬ ‫ِ‬
‫األمور ا َّلتي قد ال َيستَوع ُبها‬ ‫وغيرها ِم َن‬
‫دات ِ‬ ‫في المعت َق ِ‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬
‫الص ِ‬
‫حيح‪.‬‬ ‫غير َفهمها َّ‬
‫بح ْم ِلهم على جمي ِع ِ‬
‫أمور الدِّ ِ‬
‫ين َدفع ًة واحد ًة‪،‬‬ ‫عوة ِ‬‫‪5-5‬ال َّتنفير في َد ِ‬
‫لمين؛ َ‬‫المس َ‬
‫غير ْ‬ ‫ُ‬
‫عن المحر ِ‬ ‫ِ‬
‫مات‪.‬‬ ‫رائض وال ُبعد ِ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫طيقون من ال َف‬
‫َ‬ ‫التدر ِج معهم بما ُي‬
‫دون ُّ‬

‫در و َي ُصدُّ عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الص َ‬
‫نفير من ال َّنصيحة؛ كال َّنصيحة على المأل‪ ،‬وبما ُيوغر َّ‬
‫‪6-6‬ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫صيحة‪.‬‬ ‫َق ِ‬
‫بول ال َّن‬

‫المساج ِد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إتيان‬ ‫كتنفيرهم ِمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطاعة؛‬ ‫ِ‬
‫وأعمال‬ ‫الخ ِير‬ ‫ِ‬
‫األطفال عن َ‬ ‫تنفير‬
‫‪ُ 7-7‬‬
‫الخ ِير‪.‬‬ ‫لظة في َت ِ‬
‫عليمهم و َتدريبِهم على َ‬ ‫والغ ِ‬
‫ِ‬

‫المباحات الدُّ نيو َّي ِة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬


‫ِ‬ ‫العوام ِمن‬
‫ِّ‬ ‫إكثار ِ‬
‫تنفير‬ ‫‪ُ 8-8‬‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﮊ [األعراف‪.]32 :‬‬

‫التنفري‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أنوا ُع‬
‫أكثر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ويكون بالكال ِم الس ِّيئ ال َبذيء‪،‬‬ ‫القولي‪:‬‬ ‫التنفير‬
‫والترهيب َ‬ ‫وكالتخويف‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫‪335‬‬
‫يفنَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫والترغيب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االطمئنان‬ ‫ِ‬
‫استعمال‬ ‫ِمن‬

‫الناس‬ ‫كأن َيل َقى‬


‫المجتمع‪ْ ،‬‬ ‫بالع ِ‬
‫مل ُ‬
‫بخلق َمذمو ٍم في‬ ‫ُ‬ ‫التنفير ِ‬
‫الفعلي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ويكون َ‬
‫ً‬ ‫غش ويخدَ َع وي ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫أفعال ُتنافي‬ ‫كذ َب و َيصن ََع‬ ‫َ‬ ‫بغلظة وشدَّ ة‪ ،‬فينفرون منه‪ ،‬أو َي َّ َ‬
‫الح َسن‪.‬‬ ‫اإلسالم ُ‬
‫والخلق َ‬ ‫َ‬
‫ِمن آثار َّ‬
‫التنفري‪:‬‬
‫بسبب ال َّت ِ‬
‫نفير‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعبادات‬ ‫وهج ُرهم‬ ‫مس َك بأحكا ِم الدِّ ِ‬ ‫‪ْ 1-‬تر ُك ال َّن ِ‬
‫ين‪ْ ،‬‬ ‫اس ال َّت ُّ‬
‫ين بك ِّل َّيتِه‪.‬‬ ‫اإليمان‪ -‬إلى ِ‬
‫ترك الدِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحال ‪-‬مع َض ِ‬
‫عف‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بل قد َيص ُل ُ‬
‫بهم‬

‫َصو ِرهم أ َّنها تُشدِّ ُد عليهم‬ ‫اس في تعالي ِم الدِّ ِ‬


‫ين‪ ،‬و ُبعدُ هم عنها؛ لت ُّ‬ ‫‪ُ 2-2‬زهدُ ال َّن ِ‬
‫في حياتِهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫األرض‪.‬‬ ‫والخ ِير‪ ،‬ولو كانت ألع َل ِم ِ‬
‫أهل‬ ‫كر َ‬ ‫الذ ِ‬
‫لمجالس ِّ‬
‫ِ‬ ‫العام ِة‬ ‫‪ِ 3-3‬ه ُ‬
‫جران َّ‬
‫وال مغفرتِه‪،‬‬
‫ويأ ُسهم ِمن َن ِ‬
‫تبارك وتعالى‪ْ ،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫اس من رحمة الله َ‬
‫نوط ال َّن ِ ِ‬
‫‪ُ 4-4‬ق ُ‬
‫ِ‬
‫المعصية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واالنخراط في‬ ‫الط ِ‬
‫اعة‪،‬‬ ‫حم ُلهم على ِ‬
‫ترك َّ‬ ‫وذلك ي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫طريق‬ ‫حو ِل ِم َن الحقِّ إلى‬ ‫كل َمن َح َم َله ُ‬
‫تنفيره على ال َّت ُّ‬ ‫المن ِّف َر ِو ُ‬
‫زر ِّ‬ ‫لح ُق ُ‬
‫‪َ 5-5‬ي َ‬
‫ِ‬
‫الباطل‪.‬‬
‫ور ُث ُكره المجتم ِع لصاحبِها‪ ،‬وإفسا َد ِ‬
‫ذات ال َب ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫‪ُ 6-6‬ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الف ِ‬
‫تنة‪.‬‬ ‫وقع صاحبه وغيره في ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ُ 7-7‬ي ُ‬
‫نفري‪:‬‬
‫الت ِ‬‫أسباب الوقوع يف َّ‬
‫ُ‬
‫تبارك وتعالى‪ ،‬وعدم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لة ِ‬‫‪ِ 1-‬ق ُ‬
‫ومبادئ الدعوة إلى الله َ‬ ‫الشريعة‬ ‫بأصول‬ ‫العلم‬
‫ِ‬
‫بالمعروف وال َّن ِ‬
‫هي عن المنكر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫اإللما ِم ِ‬
‫بفقه‬

‫‪336‬‬
‫يفنَّتلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫طبائعهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واختالف‬ ‫اس‬ ‫ِ‬
‫أحوال ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫مراعاة‬ ‫عدم‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫الصواب َبعينِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أن ما َيفع ُله هو‬
‫وظ ُّنه َّ‬ ‫‪3-3‬اغترار المن ِّف ِر ِبف ِ‬
‫عله‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بأنفسهم‪ ،‬وظ ُّنهم أ َّنهم‬ ‫واغترارهم‬ ‫ِ‬
‫الدعوة‬ ‫المحسوبين على‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫‪َ 4-4‬تعالِي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫خير ِمن غيرهم‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫بس ِ‬
‫بب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المواعظ وال ُّن ِ‬ ‫المبا َلغُ فيه ِمن‬
‫صح؛ مما يدفع إلى ال ُّنفرة َ‬ ‫اإلكثار ُ‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫الم َل ِل والس ِ‬
‫آمة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وجفاء َّ‬
‫الطبعِ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الخ ُلق‪،‬‬
‫سوء ُ‬
‫‪ُ 6-6‬‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬
‫التنفري‪:‬‬
‫ِ‬
‫لقلوب‬ ‫ِ‬
‫وتأليفه‬ ‫الله صلى عليه وسلم في دعوتِه‬
‫رسول ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بطريقة‬ ‫أسي‬
‫‪1-‬ال َّت ِّ‬
‫ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬

‫اله ِّي ِن ال َّل ِّي ِن‪ ،‬ا َّلذي‬ ‫ِ‬ ‫اس إلى الدَّ ِ‬
‫اعية حاج َة ال َّن ِ‬
‫ستشع َر الدَّ ُ‬‫ِ‬
‫البصير‪َ ،‬‬ ‫اعية‬ ‫‪2-2‬أن َي‬
‫يقربهم ِم َن ِ‬
‫الله‪ ،‬و ُيح ِّب ُبهم إليه‪.‬‬ ‫ُ ِّ ُ‬
‫اعية وعدَ م َت ِ‬
‫تواضع الدَّ ِ‬
‫عاليه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ ُ 3-3‬‬
‫عن الدِّ ِ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وإبعادهم ِ‬ ‫ِ‬
‫ضالل ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫اعية ِمن أن َي َ‬
‫كون سب ًبا في‬ ‫خوف الدَّ ِ‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫تبارك وتعالى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عر ُضه‬ ‫ِ‬
‫الغليظ‪َّ ،‬‬ ‫تعام ِله ِّ‬ ‫ِ‬
‫لعقاب الله َ‬ ‫وأن ذلك قد ُي ِّ‬ ‫الفظ‬ ‫بسبب ُ‬
‫ِ‬
‫وانتقامه‪.‬‬

‫نك ِر‪ ،‬ف َيقوموا بهذا‬


‫الم َ‬ ‫هي ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف وال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬أن ي ِلم الدُّ عا ُة ِبف ِ‬
‫عن ُ‬ ‫األمر‬ ‫قه‬ ‫ُ َّ‬
‫بصيرة ِ‬
‫وعل ٍم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الواجب على‬
‫اله ِ‬
‫داية‪ ،‬فإذا امت َث ْل َت‬ ‫لنقل تلك ِ‬ ‫ٌ‬
‫واسطة ِ‬ ‫بأن الل َه هو الهادي‪ ،‬وأ َّنك‬ ‫لم َّ‬ ‫ِ‬
‫‪6-6‬الع ُ‬
‫الهداية على يدَ ْيك‪َّ ،‬‬
‫وإل فال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫الله وأمر رسولِه َتح َّق َق ِ‬
‫أمر ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬
‫‪337‬‬
‫ُنْبُجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الجُبْنُ‬

‫نب‪:‬‬ ‫معنى ُ‬
‫اجل ِ‬
‫كل‬ ‫بان ِم َن الر ِ‬
‫جال‪ :‬ا َّلذي َي ُ‬
‫هاب ال َّتقدُّ َم على ِّ‬ ‫والج ُ‬ ‫ِ‬
‫الشجاعة‪َ ،‬‬‫بن ُلغ ًة‪ِ :‬ضدُّ َّ‬
‫الج ُ‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫ٍ‬
‫شيء‪َ ،‬ل ًيل كان أو َن ً‬
‫هارا(((‪.‬‬
‫مما ال َينبغي أن ُي َ‬
‫خاف منه(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الخوف َّ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الج ْبن‬
‫ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫نب يف القرآن ُّ‬ ‫ذم ُ‬
‫اجل ِ‬ ‫ُّ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﮊ [األنفال‪.]16 ،15 :‬‬

‫ِ‬
‫الحروب‬ ‫أمام‬ ‫المنافِ َ‬
‫قين بأ َّنهم ُج َبنا ُء‪ ،‬وأ َّنهم ال َي ُ‬
‫صمدون َ‬ ‫ووص َف ُ‬
‫الله سبحا َنه ُ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫والمعارك‪ ،‬فقال‪ :‬ﮋﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ِ‬

‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ‬
‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﮊ [األحزاب‪.]20 ،19 :‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)84/13‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) البن مسكويه (ص‪.)23 :‬‬
‫‪338‬‬
‫ُنْبُجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وج ْبنُه‬ ‫بن خال ٌع))(((‪ ،‬أي‪ُ :‬ش ُّحه ُم ْل ٍق له في َ‬
‫اله َلع‪ُ ،‬‬ ‫((ش ُّر ما في َر ُج ٍل ُش ٌّح هال ٌع‪ُ ،‬‬
‫وج ٌ‬ ‫َ‬
‫نفع بمالِه‪ ،‬وال ببدنِه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قد َخ َلع ق ْل َبه من َمكانه؛ فال سماح َة وال شجاع َة‪ ،‬وال َ‬
‫ذم اجلنب‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الط ِير‪ ،‬ك َّلما‬ ‫ِ‬
‫كقلوب َّ‬ ‫لله خ ْل ًقا‪ُ ،‬قلو ُبهم‬‫(إن ِ‬ ‫الله عنها‪َّ :‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ُ‬
‫عائشة َر َ‬ ‫ ‪-‬قالت‬
‫ناء‪ُ ،‬أ ٍّف للج ِ‬
‫بناء)(((‪.‬‬ ‫ت الريح خ َف َقت معها‪ُ ،‬فأ ٍّف للجب ِ‬ ‫َخ َف َق ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ ُ‬
‫الجاهلي ِة‬
‫َّ‬ ‫(حض ْر ُت كذا وكذا َز ْح ًفا في‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ِ‬
‫بن الوليد َر َ‬ ‫ ‪-‬وقال خالدُ ُ‬
‫ضربة بس ٍ‬ ‫موضع َّإل وفيه َط ٌ‬
‫يف‪ ،‬وها‪ ‬أنا‪ ‬ذا‬ ‫ٌ َ‬ ‫عنة ُبر ٍ‬
‫مح‪ ،‬أو‬ ‫ٌ‬ ‫واإلسال ِم‪ ،‬وما في جسدي‬
‫موت على فِراشي؛ فال نامت َأعين الج ِ‬
‫بناء)(((‪.‬‬ ‫ْ ُُ ُ‬ ‫َأ ُ‬
‫ِ‬
‫بالمال‬ ‫خل َق ِ‬
‫رينان؛ أل َّنهما عدَ ُم ال َّنف ِع‬ ‫بن وال ُب ُ‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪:‬‬
‫(والج ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫حات‬ ‫فر ٌ‬ ‫وم ِ‬ ‫حبوبات ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الج َ‬
‫بان َتفو ُته َم‬ ‫ألن َ‬ ‫أسباب األل ِم؛ َّ‬ ‫ِ‬ ‫وه َما ِمن‬ ‫ِ‬
‫والبدن‪ُ ،‬‬
‫أيضا‪،‬‬ ‫حول ْبينه ُدو َنها ً‬ ‫والبخل َي ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جاعة‪،‬‬ ‫ذل َّ‬
‫والش‬ ‫نال َّإل بالب ِ‬ ‫عظيمة ال ُت ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ذوذات‬
‫ٌ‬ ‫و َم ْل‬
‫َ‬
‫أسباب اآلال ِم)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫قان ِمن أعظ ِم‬ ‫الخ ُل ِ‬ ‫ِ‬
‫فهذان ُ‬
‫ضاره(((‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫اجلنب َ‬
‫ِ‬ ‫آثا ُر‬
‫وغ ِيرهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األنذال َ‬ ‫ِ‬
‫طبقات‬ ‫وطم ُع‬ ‫الع ِ‬ ‫إهانة ال َّن ْف ِ‬
‫‪ُ 1-‬‬
‫يش‪َ ،‬‬ ‫وسوء َ‬
‫ُ‬ ‫س‪،‬‬
‫ِ‬ ‫والص ِبر في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّبات‪.‬‬
‫جب فيها الث ُ‬‫المواطن ا َّلتي َي ُ‬ ‫‪2-2‬ق َّل ُة الثَّبات َّ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)2511‬وأحمد (‪.)8010‬‬


‫وصحح إسنا َده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند‬
‫َّ‬ ‫صححه األلباني في ((صحيح سنن أبي داود))‪،‬‬
‫أحمد)) (‪.)164/15‬‬
‫((( ((عدة الصابرين)) البن ال َق ِّي ِم (ص‪.)275 :‬‬
‫((( ذكره النويري في ((نهاية األرب)) (‪.)318/3‬‬
‫((( أخرجه الواقدي في ((المغازي)) (ص‪ ،)884 :‬وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (‪.)273/16‬‬
‫((( ((بدائع الفوائد)) البن ال َق ِّي ِم (‪.)433/2‬‬
‫((( ملخص من كتاب ((تهذيب األخالق)) البن مسكويه (ص‪.)171-170 :‬‬
‫‪339‬‬
‫ُنْبُجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ٍ‬ ‫سبب ِّ‬ ‫سل ومحب ِة الر ِ‬


‫احة ال َّل َذ ِ‬ ‫سبب َ‬
‫رذيلة‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ين ُه َما ُ‬ ‫للك ِ َ َّ َّ‬ ‫‪3-3‬أ َّنه ٌ‬
‫وضي ٍم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫رذيلة َ‬ ‫للرضا ِّ‬
‫بكل‬ ‫سبب ِّ‬
‫‪ٌ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫والمال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألهل‬ ‫س‬ ‫ٍ‬
‫فضيحة في ال َّن ْف ِ‬ ‫تحت ِّ‬
‫كل‬ ‫خول َ‬‫‪5-5‬الدُّ ُ‬
‫ِ‬
‫الكبائر‬ ‫الله هو ِم َن‬
‫سبيل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الجهاد في‬ ‫رار في‬ ‫يوجبه الجبن ِم َن ِ‬
‫الف ِ‬ ‫أن ما ِ ُ ُ ُ‬ ‫‪َّ 6-6‬‬
‫الموج ِبة لل َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬

‫ِعالج ُ‬
‫اجلنب‪:‬‬
‫إزالة ِع َّلتِه‪ِ ،‬‬
‫وع َّل ُته؛‬ ‫عالجه ُ‬ ‫ِ‬ ‫خص جبا ًنا‪ ،‬و َيلزَ ُم في‬ ‫أسباب َت ُ‬
‫جعل َّ‬
‫الش َ‬ ‫ٌ‬ ‫بن له‬ ‫الج ُ‬
‫ُ‬
‫مر ًة بعدَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عف ف َي ُ‬ ‫وإما َض ٌ‬ ‫زول بال َّت ِ ِ‬
‫جهل ف َي ُ‬‫َّإما ٌ‬
‫المخوف َّ‬ ‫الفعل َ‬ ‫بارتكاب‬ ‫زول‬ ‫جربة‪َّ ،‬‬
‫وطبعا(((‪.‬‬ ‫صير ذلك له عاد ًة‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫أخرى‪ ،‬ح َّتى َي َ‬
‫نب‪:‬‬ ‫والشع ُر يف ُ‬
‫اجل ِ‬ ‫األمثال ِّ‬
‫بان ح ْت ُفه ِمن َف ِ‬ ‫الج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقه)‬ ‫الج َ َ‬ ‫بن‪َّ :‬‬
‫(إن َ‬ ‫ ‪-‬من أمثالهم في ُ‬
‫حذره وجبنَه ليس بداف ٍع عنه المني َة إذا َنزَ ل به َقدَ ر ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫أن َّ َ ُ‬
‫أي‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫(ع َصا الجبان َأ َ‬
‫طو ُل)‪.‬‬ ‫ ‪-‬وقو ُلهم‪َ :‬‬

‫أن طو َلها أشدُّ‬ ‫فعل هذا؛ أل َّنه ِمن َ‬


‫فش ِله َيرى َّ‬ ‫حس ُبه إ َّنما َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫قال أبو ُع َبيد‪( :‬وأ َ‬
‫ترهي ًبا لعدُ ِّوه ِمن ِق َص ِرها)(((‪.‬‬

‫المتن ِّبي‪:‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫وحـــدَ ُه والن َ‬
‫ِّزال‬
‫(((‬
‫ط َل َ‬
‫ب ال َّطعـــ َن ْ‬ ‫ٍ‬
‫بأرض‬ ‫ُ‬
‫الجبـــان‬ ‫وإذا مـــا َخ َ‬
‫ـــا‬

‫((( ((مشارع األشواق إلى مصارع العشاق)) البن النحاس (‪ )954/2‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((األمثال)) البن سالم (ص‪.)318 ،316 :‬‬
‫((( ((ديوان المتنبي)) (ص‪.)411 :‬‬
‫‪340‬‬
‫ءارِملاو لادجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الجدال والمِ راء‬

‫اجلدل واملِراء‪:‬‬
‫ِ‬ ‫معنى‬
‫بالح َّج ِة؛‬ ‫ِ‬
‫الح َّجة ُ‬ ‫لة ُ‬ ‫ومقا َب ُ‬ ‫ِ‬
‫الخصومة‪ ،‬والقدر ُة عليها‪ُ ،‬‬ ‫الج ُ‬
‫دل ُلغ ًة‪ :‬هو ال َّلدَ ُد في ُ‬ ‫َ‬
‫صومة لشدَّ تِه(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وس ِّم َي ُ‬
‫بالخ‬ ‫مة؛ ُ‬‫خاص ُ‬ ‫ناظر ُة ُ‬
‫والم َ‬ ‫الم َ‬
‫والمجا َد ُلة‪ُ :‬‬
‫ُ‬
‫والمغا َل ِبة(((‪.‬‬
‫نازعة ُ‬
‫بيل الم َ ِ‬
‫ضة على َس ِ ُ‬ ‫المفاو ُ‬
‫َ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو‬ ‫ً‬ ‫الج ُ‬
‫دل‬ ‫َ‬
‫الش ِّك والر ِ‬ ‫ِ‬ ‫المجا َد ُلة على‬ ‫الج ُ‬‫راء ُلغ ًة‪ِ :‬‬ ‫ِ‬
‫يبة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫مذهب َّ‬ ‫والممارا ُة‪ُ :‬‬
‫دال‪ ،‬وال َّتماري ُ‬ ‫الم ُ‬
‫ناظ ِ‬
‫رة‪ُ :‬ممارا ٌة(((‪.‬‬ ‫للم َ‬ ‫و ُي ُ‬
‫قال ُ‬
‫ِ‬ ‫لبيان غ َلطِه‬
‫خص؛ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫والباعث‬ ‫وإفحامه‪،‬‬ ‫للش‬‫الحاة َّ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو َكثر ُة ُ‬
‫الم‬ ‫ً‬ ‫راء‬
‫الم ُ‬
‫على ذلك ال َّتر ُّف ُع(((‪.‬‬

‫دال‪:‬‬
‫للج ِ‬ ‫ٌ‬
‫ألفاظ ُمرا ِدف ٌة ِ‬
‫ٍ‬ ‫ين ي ِ‬ ‫الم َ‬
‫تصحيح‬
‫َ‬ ‫واحد منهما‬ ‫قصدُ ُّ‬
‫كل‬ ‫شخص ِ َ‬
‫َ‬ ‫ناظر ُة‪ :‬هي ُّ‬
‫ترد ُد الكال ِم ْبين‬ ‫ُ‬
‫كل منهما في ُظ ِ‬
‫هور الحقِّ ‪.‬‬ ‫قول صاحبِه‪ ،‬مع ِ‬
‫رغبة ٍّ‬ ‫وإبطال ِ‬
‫َ‬ ‫َقولِه‪،‬‬

‫ضرب‬
‫ٌ‬ ‫جاو ُب‪ ،‬وهي‬
‫حاو ُر‪ ،‬أي‪ :‬ال َّت ُ‬ ‫ُ‬
‫المراجعة في الكال ِم‪ ،‬ومنه ال َّت ُ‬ ‫حاور ُة‪ :‬هي‬
‫الم َ‬
‫ُ‬
‫سلوب ِمن أساليبِه(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫األدب الرفيعِ‪ُ ،‬‬
‫وأ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِم َن‬

‫((( ((مجمل ال ُّلغة)) البن فارس (‪(( ،)179/1‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)105/11‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب األصفهاني (ص‪.)189 :‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)278/15‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)569/2‬‬
‫((( ((التعريفات االعتقادية)) لسعد آل عبد اللطيف (ص‪.)265 :‬‬
‫((( ((مناهج الجدل في القرآن الكريم)) لزاهر األلمعي (ص‪.)25 :‬‬
‫‪341‬‬
‫ءارِملاو لادجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫واحلجاج(((‪:‬‬
‫اجلدال واملِرا ِء ِ‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي‬
‫ِ‬
‫خاص ٌ‬ ‫واحد‪ ،‬غير َّ ِ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫والج ُ‬ ‫ِ‬
‫مة في‬ ‫ذموم؛ أل َّنه ُم َ‬
‫أن المرا َء َم ٌ‬ ‫َ‬ ‫دال بمعنًى‬ ‫راء‬
‫الم ُ‬
‫بخ ِ‬
‫الف‬ ‫اعتراضا‪ِ ،‬‬
‫ً‬ ‫راء َّإل‬ ‫دال‪ .‬وال ي ُ ِ‬ ‫هوره‪ ،‬وليس كذلك ِ‬
‫الج ُ‬ ‫الحقِّ بعد ُظ ِ‬
‫كون الم ُ‬ ‫َ‬
‫كون ابتدا ًء واعتِ ً‬
‫راضا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الج ِ‬
‫دال؛ فإ َّنه َي ُ‬
‫جوع ِ‬
‫عن‬ ‫الر ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫والمطلوب بالجدال‪ُّ :‬‬
‫ُ‬ ‫الح َّج ِة‪.‬‬ ‫جاج هو ُظ ُ‬
‫هور ُ‬
‫والمطلوب ِ‬
‫بالح ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المذهب‪.‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫دال واملِرا ِء يف ال ُق ِ‬


‫رآن ُّ‬ ‫َذ ُّم ِ‬
‫اجل ِ‬
‫ ‪-‬قال سبحا َنه‪ :‬ﮋﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ﭸ ﭹ ﮊ [الحج‪.]8 :‬‬

‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫جل شأ ُنه‪ :‬ﮋﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫ِ‬
‫الجدال‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮊ [البقرة‪ ،]204 :‬أي‪ :‬شديدُ‬
‫لمين(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫للمس َ‬
‫والعداوة ْ‬
‫والخصومة َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ُ‬
‫ ‪-‬وعن أبي أمام َة َر َ‬
‫رسول ِ‬ ‫ِ‬
‫الله ص َّلى‬ ‫ُ‬ ‫قرأ‬
‫ثم َ‬ ‫وم َبعدَ ُهدً ى كانوا ع َليه َّإل ُأو ُتوا َ‬
‫الجدَ َل‪َّ .‬‬ ‫((ما َض َّل َق ٌ‬
‫هذه اآلي َة‪ :‬ﮋ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﮊ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم ِ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫[الزخرف‪.((())]58 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنها‪ ،‬قالت‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة َر َ‬

‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)159 -158 :‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)569/2‬‬
‫((( ((عمدة القاري)) للعيني (‪.)114/18‬‬
‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)3253‬وابن ماجه (‪ ،)48‬وأحمد (‪ .)22164‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫وحسنه األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)5633‬‬
‫َّ‬
‫‪342‬‬
‫ءارِملاو لادجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ً‬ ‫الخ ِص ُم))(((؛ وذلك أل َّنه َل َّما كان ال َّلدَ ُد‬


‫األ َلدُّ َ‬ ‫جال إلى ِ‬
‫الله َ‬ ‫ض الر ِ‬ ‫َّ َ‬
‫حامل‬ ‫((إن أ َبغ َ ِّ‬
‫جوهها‪ ،‬وال َّلي بها عن م ِ‬
‫ستح ِّقيها‪،‬‬ ‫عريج بها عن و ِ‬ ‫ِ‬
‫بالحقوق‪ ،‬وال َّت ِ‬ ‫الم ْط ِل‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫على َ‬
‫وأليم عقابِه(((‪.‬‬ ‫فاعل ذلك بِغض َة ِ‬‫ُ‬ ‫أه ِلها؛‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫الله‬ ‫استحقَّ‬
‫َ‬ ‫وظ ْل ِم ْ‬

‫دال واملِراء‪:‬‬
‫اجل ِ‬
‫ذم ِ‬
‫السلف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫مار أخاك؛ َّ ِ‬
‫عنهما قال‪( :‬ال ُت ِ‬ ‫عب ٍ‬ ‫عن ِ‬
‫ ‪ِ -‬‬
‫فإن المرا َء ال ُت َ‬
‫فه ُم‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫تؤمن ِ‬
‫غائل ُته‪.((()...‬‬ ‫ِ‬
‫حكم ُته‪ ،‬وال ْ َ ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان ح َّتى‬ ‫رج ٌل َحقيق َة‬
‫صيب ُ‬‫عنهما‪( :‬ولن ُي َ‬ ‫الله ُ‬‫ضي ُ‬‫مر َر َ‬ ‫ابن ُع َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫الكذب في الم ِ‬ ‫صادق‪ ،‬ويتر َك ِ‬ ‫المرا َء وهو َيع َل ُم أ َّنه‬ ‫يتر َك ِ‬
‫زاحة)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الض ِ‬
‫غائ َن)(((‪.‬‬ ‫القلوب‪ِ ،‬‬
‫ويور ُث َّ‬ ‫قسي‬ ‫ِ‬ ‫بن ٍ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫َ‬ ‫راء ُي ِّ‬
‫أنس‪( :‬الم ُ‬ ‫مالك ُ‬
‫جهل العالِ ِم‪ ،‬وبها َيبتغي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ساعة‬ ‫سار‪( :‬إي ُاكم ِ‬
‫والمرا َء؛ فإ َّنها‬ ‫بن َي ٍ َّ‬ ‫لم ُ‬ ‫مس ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ْ‬
‫يطان َز َّلتَه)(((‪.‬‬
‫الش ُ‬
‫َّ‬
‫اجلدال‪:‬‬
‫أقسام ِ‬
‫سم ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الج ُ‬ ‫ي ِ‬
‫نقس ُم ِ‬
‫دال إلى ق َ‬ ‫َ‬
‫القسم األول‪ِ :‬‬
‫الجدال المحمود‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫راهين على‬ ‫بإقامة األد َّل ِة وال َب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وإظهاره؛‬ ‫قوم على َت ِ‬
‫قرير الحقِّ‬ ‫وهو ا َّلذي َي ُ‬
‫ألن فيه الدَّ عو َة إلى ِ‬
‫الله‪َّ ،‬‬ ‫لمين؛ َّ‬ ‫ِ ِ‬
‫والذ َّب عن‬ ‫للمس َ‬ ‫وعز ٌة ْ‬
‫خير لإلسال ِم‪َّ ،‬‬
‫صدقه‪ .‬وفيه ٌ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2457‬ومسلم (‪.)2668‬‬


‫((( ((شرح صحيح البخاري)) البن بطال (‪.)259/8‬‬
‫((( ((جامع األصول)) البن األثير (‪.)1262( )753/2‬‬
‫((( ((الزهد)) ألحمد بن حنبل (ص‪.)269 :‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪.)117/3‬‬
‫((( ((أخالق العلماء)) لآلجري (ص‪.)57 :‬‬
‫‪343‬‬
‫ءارِملاو لادجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫بإظهار‬ ‫الج ِ‬
‫دال‪ ،‬وهي ا َّلتي َتتع َّل ُق‬ ‫تأمر بهذا ال َّنو ِع ِم َن ِ‬ ‫جاءت ُن‬ ‫دينِه‪ ،‬وقد‬
‫صوص ُ ُ‬‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫لمين‬ ‫لح ُق باإلسال ِم‬ ‫اللة عليه‪ ،‬والدَّ ِ‬
‫عوة إليه‪ ،‬و َتد َف ُع َّ‬ ‫الحقِّ ‪ ،‬والدَّ ِ‬
‫والمس َ‬
‫ْ‬ ‫كل ما َي َ‬
‫ٍ‬
‫باطلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وإلصاق ُت َه ٍم‬ ‫ِمن أ ًذى‬
‫القسم ال َّثاني‪ِ :‬‬
‫الجدال المذموم‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الباطل‪ ،‬وط َل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ويقوم على‬ ‫ُ‬ ‫والجاه‪،‬‬ ‫المال‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫تقرير‬ ‫الجدال ا َّلذي ُ‬
‫يقوم على‬ ‫هو‬
‫الغيبي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشه ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقوق‪ ،‬و َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الز ِ‬
‫ات‬ ‫والش ُبهات‪ ،‬وال َّتشكيك في َ َّ‬
‫وات ُّ‬ ‫شر َّ َ‬ ‫وإضاعة‬ ‫ور‪،‬‬ ‫ُّ‬
‫وأسماء ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫الو ِ‬
‫حي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫باإليمان بها وال َّتسلي ِم وال َّت‬ ‫ا َّلتي ُأ ِم ْرنا‬
‫كأخبار َ‬ ‫صديق؛‬
‫شور والج َّن ِة وال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والبعث وال ُّن ِ‬ ‫وصفاتِه‪،‬‬ ‫ِ‬

‫َين وأضرا ُرهما‪:‬‬ ‫دال واملِرا ِء غري َ‬


‫املمود ِ‬ ‫اجل ِ‬
‫آثا ُر ِ‬
‫ِ‬
‫ضول الكال ِم ا َّلذي ُي ُ‬
‫عاب عليه صاح ُبهما‪.‬‬ ‫‪ِ -‬من ُف‬
‫ِ‬
‫تفسيقهم‪.‬‬ ‫رين أو‬ ‫ِ‬
‫تكفير َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬قد يؤ ِّدي الجدَ ُل‬
‫اآلخ َ‬ ‫الباطل إلى‬

‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وتوريث ِّ ِ‬


‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تذ ُ‬‫‪ْ -‬‬
‫الم َ‬
‫الشقاق ْبين أفراد ُ‬ ‫العداوة‪،‬‬ ‫كية‬
‫قودان صاحبهما إلى ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -‬ي‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األلفاظ‪.‬‬ ‫اللسان في ب ِ‬
‫ذيء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إطالق‬ ‫‪ -‬يؤ ِّد ِ‬
‫يان إلى‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫‪ -‬يؤ ِّد ِ‬
‫إنكار الحقِّ َ‬
‫ور ِّده‪.‬‬ ‫يان إلى‬

‫دال احملمو ِد‪:‬‬


‫اجل ِ‬
‫آداب ِ‬
‫ِمن ِ‬
‫الله تعالى‪ ،‬و َتر ُك الر ِ‬
‫ين ِ‬ ‫عوة إلى ِد ِ‬
‫صرة الحقِّ والدَّ ِ‬
‫دق النية في ُن ِ‬ ‫ِ‬
‫ياء‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫‪1-‬ص ُ َّ‬
‫الجاه والر ِ‬
‫فعة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والس ِ‬
‫معة وط َل ِ‬
‫ب‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬

‫‪344‬‬
‫ءارِملاو لادجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ومن ُس َّن ِة رسولِه‬


‫الله تعالى‪ِ ،‬‬
‫تاب ِ‬‫ستفاد ِمن ِك ِ‬
‫ِ‬ ‫الم‬ ‫الص ِ‬
‫حيح ُ‬
‫ِ‬
‫‪2-2‬ال َّتح ِّلي بالعل ِم َّ‬
‫الح‪.‬‬ ‫هذه ُ ِ‬ ‫سلف ِ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬وما كان عليه ُ‬
‫ص َّلى ُ‬
‫الص ُ‬
‫األ َّمة َّ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬


‫وس َّن ِة رسولِه ص َّلى ُ‬ ‫الف إلى ِك ِ ِ‬
‫تاب الله ُ‬
‫‪3-3‬رد االختِ ِ‬
‫َ ُّ‬

‫وظنونِه‪.‬‬
‫العقل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صوصه على‬ ‫تقديم ال َّن ِ‬
‫قل و ُن‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫هذ ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫الم َّ‬ ‫ِ‬
‫القول ُ‬ ‫دال؛ ِم َن‬ ‫ِ‬
‫العالية أثنا َء ِ‬
‫الج ِ‬ ‫اإلسالمي ِة‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫باألخالق‬ ‫‪5-5‬ال َّتح ِّلي‬
‫األشخاص أو َلم ِزهم واالستِ ِ‬
‫هزاء بهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الط ِ‬
‫عن في‬ ‫رين‪ ،‬وعدَ ِم َّ‬ ‫واحترا ِم َ‬
‫ْ‬ ‫اآلخ َ‬

‫ِ‬
‫الباطل‬ ‫عن‬ ‫ِ‬
‫االبتعاد ِ‬ ‫وإقناع ال َّن ِ‬
‫اس به‪ ،‬مع‬ ‫َ‬ ‫إظهار الحقِّ ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الغاية‬ ‫أن َت َ‬
‫كون‬ ‫‪َّ 6-6‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وتلبيسه على ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬

‫ِح َك ٌم وأمثال ِ‬
‫وشع ٌر يف اجلدال واملِراء(((‪:‬‬
‫لؤ ٌم‪.‬‬
‫راء ْ‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬الم ُ‬

‫يؤ ِذيك‪.‬‬
‫والسفي َه ْ‬ ‫ِ‬
‫الحكيم َيغل ُبك‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫فيها؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫كيما وال َس ً‬ ‫قال‪ :‬ال ُت ِ‬
‫مار َح ً‬ ‫ ‪ُ -‬ي ُ‬

‫مل ْك لسا َنه يندَ م‪ ،‬ومن يكثِ ِر ِ‬


‫قمان‪ :‬يا بني‪َ ،‬من ال َي ِ‬
‫المرا َء ُيشت َْم‪ ،‬و َمن‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫ ‪-‬قال ُل ُ ُ َّ‬
‫الح َيغن َْم‪.‬‬ ‫وء ال يس َلم‪ ،‬ومن ي ِ‬
‫صاح ِ‬ ‫صاحب صاحب الس ِ‬‫ي ِ‬
‫الص َ‬
‫ب َّ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫الع ْر َز ُّ‬
‫مي‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َ‬
‫ب‬
‫واج ُ‬‫وذلك َح ٌّق فـــي المـــو َّد ِة ِ‬ ‫ُـــك فيمـــا ُق ْلتُـــ ُه و َذك َْر ُت ُه‬
‫َصحت َ‬
‫ن ْ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال تَر َكنَـــن إلـــى ِ‬
‫ب‬ ‫ـــر َد َّعا ٌء ولل َغ ِّ‬
‫ـــي جال ُ‬ ‫إلى َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫ـــراء فإنَّـــ ُه‬ ‫الم‬ ‫َّ‬

‫((( ((مكارم األخالق)) للخرائطي (ص‪(( ،)295 :‬األمثال المولدة)) للخوارزمي (ص‪،)123 :‬‬

‫((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)18/1‬‬


‫‪345‬‬
‫ءارِملاو لادجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫يادي‪:‬‬‫اإل ُّ‬ ‫ب ِ‬‫بن ُجندُ ٍ‬


‫ ‪-‬وقال َزيدُ ُ‬
‫ب‬‫الجـدِّ بال َّل ِع ِ‬
‫وخ ْل ُط ِ‬
‫ـدال َ‬ ‫ول ِ‬
‫الج ِ‬ ‫ُط ُ‬ ‫ناســـا علـــى ِد ٍ‬
‫يـــن ف َف َّر َقنا‬ ‫كنَّـــا ُأ ً‬
‫ُ َ ِ (((‬ ‫غناهم ِ‬ ‫الج ِ‬
‫ـدال و َأ ُ‬ ‫عن ِ‬
‫ِ‬ ‫ما كان َأغنَى ِر ً‬
‫عن الخطب‬ ‫جال َض َّل َســـ ْع ُي ُ‬
‫هم‬

‫((( ((البيان والتبيين)) للجاحظ (‪.)58/1‬‬


‫‪346‬‬
‫عَزَجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫جزَع‬
‫ال َ‬

‫معنى اجلزع‪:‬‬
‫الوادي‪ ،‬إذا قطعته عرضا‪ ،‬وهو‬
‫َ‬ ‫الص ِبر‪ ،‬مصدر َجزَ ْع ُت‬‫قيض َّ‬ ‫الجزَ ُع ُلغ ًة‪َ :‬ن ُ‬ ‫َ‬
‫الم َّن ِة عن َح ْم ِل ما َنزَ ل(((‪.‬‬
‫انقطاع ُ‬
‫ُ‬
‫والغ ِّم‪ .‬وقيل‪ٌ :‬‬
‫ض َ‬ ‫الم َض ِ‬ ‫ِ‬
‫حزن‬ ‫صاب م َن َ‬
‫الم َ‬ ‫لح ُق ُ‬ ‫إظهار ما َي َ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الجزَ ع‬
‫َ‬
‫بصدَ ِده‪ ،‬و َي َ‬
‫قط ُعه عنه(((‪.‬‬ ‫عما هو َ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان َّ‬ ‫َي ِ‬
‫صر ُف‬

‫ور َّق ِة ِ‬
‫القلب(((‪:‬‬ ‫الفرق بني َ‬
‫اجل َزع َ‬
‫والف َزع ِ‬
‫مما َيعتَري ِم َن‬ ‫يء الم ِ‬ ‫الش ِ‬
‫اإلنسان ِم َن َّ‬
‫َ‬ ‫ال َفزَ ُع‪ :‬ما َيعتَري‬
‫والجزَ ُع‪َّ :‬‬
‫َ‬ ‫خيف‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ً‬
‫حاصل‬ ‫ارة و َد ٍ‬
‫اللة‪ ،‬أو‬ ‫عار ًضا عن أم ٍ‬
‫سواء كان ِ‬ ‫عام‪،‬‬ ‫المؤلِ ِم‪ ،‬وال َفزَ ُع ٌ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫لفظ ٌّ‬ ‫الشيء ْ‬
‫ال عن ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫والحرص‪،‬‬ ‫الطم ِع‬ ‫ِ‬
‫القلب‪َ ،‬ي ُمدُّ ه شدَّ ُة َّ‬ ‫وف في‬ ‫وخ ٌ‬
‫س‪َ ،‬‬ ‫عف في ال َّن ْف ِ‬
‫والجزَ ُع َض ٌ‬
‫َ‬
‫القلب فإ َّنها ِم َن الر ِ‬
‫حمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان بال َقدَ ِر‪َّ ...‬أما ِر َّق ُة‬ ‫ويتو َّلدُ ِمن َض ِ‬
‫عف‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عنه يف ال ُق ِ‬
‫رآن ُّ‬ ‫ذم اجل َزع َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫أهل ِ‬
‫النار‪ :‬ﮋ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬ ‫ ‪-‬قال تعالى حكاي ًة عن ِ‬
‫ﮊ ﮋ ﮊ [إبراهيم‪.]21 :‬‬

‫((( ((تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪(( ،)221/1‬الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)1196/3‬مقاييس ال ُّلغة))‬
‫البن فارس (‪.)453/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)200 :‬المفردات)) للراغب (ص‪.)195-194 :‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪(( ،)234 :‬الروح)) البن ال َق ِّيم (ص‪.)250 :‬‬
‫‪347‬‬
‫عَزَجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬


‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ [المعارج‪.]22 - 19 :‬‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن جندُ ِب ِ ِ ِ‬
‫بن عبد الله َر َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫فج ِز َع‪َ ،‬فأ َخ َذ س ِّكينًا َ‬
‫فح َّز بها َيدَ ُه‪ ،‬فما‬ ‫فيم ْن كان َق ْب َل ُكم ُ‬
‫رج ٌل به ُج ْر ٌح‪َ ،‬‬ ‫وس َّل َم‪(( :‬كان َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َر َق َأ الدَّ ُم ح َّتى َ‬
‫الله تعالى‪ :‬با َد َرني َع ْبدي ب َن ْفسه‪َ ،‬ح َّر ْم ُت ع َليه َ‬
‫الج َّن َة))(((‪.‬‬ ‫مات‪ ،‬قال ُ‬
‫السلف والعلما ِء يف َ‬
‫اجل َزع‪:‬‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫لألشع ِ‬
‫إن َص َب ْر َت‬ ‫ث ِ‬
‫بن َق ٍ‬
‫يس‪( :‬إ َّنك ْ‬ ‫الله عنه َ َ‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫طالب َر َ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬
‫ ‪-‬قال ُّ‬
‫زور)(((‪.‬‬ ‫مأ ٌ‬‫وأنت ْ‬
‫القلم َ‬ ‫جرى عليك ُ‬ ‫عت َ‬ ‫وإن ِ‬
‫جز َ‬ ‫مأجور‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫القلم وأنت‬
‫جرى عليك ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ولكن‬ ‫القلب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ين و َيحزَ َن‬ ‫أن َتد َم َع َ‬
‫الع ُ‬ ‫بن ُع َم ٍير‪( :‬ليس َ‬
‫الجزَ ُع ْ‬ ‫ ‪-‬قال ُع َبيدُ ُ‬
‫الس ِّي ُئ)(((‪.‬‬ ‫الس ِّي ُئ َّ‬
‫والظ ُّن َّ‬ ‫ُ‬
‫القول َّ‬ ‫الجزَ ُع‬
‫َ‬
‫كنت َتجزَ ُع على ما فات ِمن ِ‬ ‫بعض الح ِ‬
‫يدك‪ ،‬فاجزَ ْع على‬ ‫كماء‪ْ :‬‬
‫(إن َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ ُ‬
‫ما ال َي ِص ُل إ َليك)(((‪.‬‬
‫أقسام َ‬
‫اجل َزع‪:‬‬
‫الر ُج ُل إليها‪.‬‬
‫الجزَ ع في الخطايا؛ بأن َيجزَ َع َّ‬
‫‪َ 1-‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪2-2‬الجزَ ع في المصائب‪ :‬وهو َّأل َيحتس َبها العبدُ عندَ الله وال َي َ‬
‫رجو َثوا َبها‪،‬‬
‫ين منه َّإل‬ ‫فع ُل ذلك وهو ُمتج ِّلدٌ ال َيبِ ُ‬‫الجزَ ُع‪ ،‬و َي َ‬ ‫ويرى أ َّنه ٌ‬
‫سوء أصا َبه‪ ،‬فذلك َ‬ ‫َ‬
‫الص ُبر(((‪.‬‬
‫َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )3463‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)113‬‬


‫((( ((أدب الدنيا والدِّ ين)) للماوردي (ص‪.)288 :‬‬
‫((( ((عدة الصابرين)) البن ال َق ِّي ِم (ص‪.)99 :‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدِّ ين)) للماوردي (ص‪.)289 :‬‬
‫((( ُينظر‪(( :‬الصبر والثواب)) البن أبي الدنيا (ص‪.)129 :‬‬
‫‪348‬‬
‫عَزَجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ضاره(((‪:‬‬
‫وم ُّ‬ ‫آثا ُر َ‬
‫اجل َزع َ‬
‫عاء على ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫‪1-‬الدُّ ُ‬
‫يور ُث الحسر َة‪.‬‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫‪3-3‬بقاء ال َّن ِ‬
‫دامة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫األجر‪.‬‬ ‫فوات‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫المصيبة‪.‬‬ ‫ضاع ُف‬
‫‪َ 5-5‬ت ُ‬
‫ِ‬
‫البالء‪.‬‬ ‫‪6-6‬زياد ُة‬
‫ِمن ص َو ِر َ‬
‫اجل َزع‪:‬‬
‫ِ‬
‫الموت‪.‬‬ ‫‪َ 1-‬تمنِّي‬
‫الخ ِ‬
‫دود‪.‬‬ ‫ضر ُب ُ‬
‫‪ْ 2-2‬‬
‫‪َ 3-3‬ش ُّق ال ِّث ِ‬
‫ياب‪.‬‬
‫الش ِ‬
‫عور‪.‬‬ ‫‪َ 4-4‬نشْ ُر ُّ‬
‫يل والث ِ‬
‫ُّبور‪.‬‬ ‫بالو ِ‬
‫عاء َ‬
‫‪5-5‬الدُّ ُ‬
‫أسباب ال ُوقوع يف َ‬
‫اجل َزع(((‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫ِ‬
‫عز ُب عنه‪ ،‬وال َي ِجدُ ِم َن‬ ‫ِ‬
‫المصاب ح َّتى ال َيتناسا ُه‪ ،‬و َت ُّ‬
‫صو ُره ح َّتى ال َي ُ‬ ‫‪َ 1-‬ت ُّ‬
‫ذك ُر‬
‫صو ِر تعزي ًة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َّت ْذ ِ‬
‫كار َس ْلو ًة‪ ،‬وال َيخل ُط مع ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫لمفقوده‬ ‫الحسرة‪ ،‬فال َي َرى ِمن ُمصابِه َخ َل ًفا‪ ،‬وال َي ِجدُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األسف وشدَّ ُة‬ ‫‪2-2‬‬
‫ِ‬
‫وبالحسرة َه َل ًعا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باألسف َو َل ًها‪،‬‬ ‫بدَ ًل؛ ف َي ُ‬
‫زداد‬

‫((( ((فيض القدير)) للمناوي (‪.)330/1‬‬


‫((( ((أدب الدنيا والدِّ ين)) للماوردي (ص‪.)298 :‬‬
‫‪349‬‬
‫عَزَجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الش ْكوى‪ ،‬و َب ُّث َ‬


‫الجزَ عِ‪.‬‬ ‫‪3-3‬كثر ُة َّ‬
‫ِ‬
‫المكروه‪.‬‬ ‫س على ُوقو ِع‬ ‫ِ‬
‫وطين ال َّن ْف ِ‬ ‫‪4-4‬عدَ ُم َت‬
‫ِ‬ ‫قتر ُن بح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫اإلياس‪ ،‬فال‬ ‫الحادثة ُق ُ‬
‫نوط‬ ‫زن‬ ‫اليأس من َج ِبر ُمصابِه‪ ،‬وطالبِه‪ ،‬ف َي ِ ُ‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫صبر‪ ،‬وال َي َّت ِس ُع لهما صدْ ٌر‪.‬‬
‫َيب َقى معهما ٌ‬
‫ِ‬
‫المصيبة‪.‬‬ ‫االستعانة ِ‬
‫بالله في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫‪َ 6-6‬ض ُ‬
‫عف‬

‫ترك َ‬
‫اجل َزع(((‪:‬‬ ‫ينة على ِ‬ ‫ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫قو ُة‬
‫‪َّ 1-‬‬
‫‪ِ 2-2‬ذكر ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫كروه‪.‬‬ ‫‪3-3‬أن َيصبِ َر على ما َنزَ ل به ِمن َم‬
‫ِ‬
‫المصائب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حدوث‬ ‫‪َ 4-4‬تو ُّق ُع‬

‫قدور ال حيل َة في د ْف ِعه‪.‬‬ ‫ُ‬


‫ومعرفة َّ‬ ‫ِ‬
‫الم َ‬‫أن َ‬ ‫بالقضاء‪،‬‬ ‫الرضا‬
‫‪ِّ 5-5‬‬
‫سوء األصدقا َء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لم َّ‬ ‫ِ‬
‫بأن الجزَ َع ُيشم ُت األعدا َء‪ ،‬و َي ُ‬ ‫‪6-6‬الع ُ‬
‫الش َ‬
‫يطان‪.‬‬ ‫بأن الجزَ َع ي ِ‬
‫غض ُب الل َه‪ ،‬و َي ُس ُّر َّ‬ ‫لم َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪7-7‬الع ُ‬
‫والشع ُر يف َ‬
‫اجل َزع‪:‬‬ ‫األمثال ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ستحك َم ما َيجزَ ُع‬ ‫للر ِ‬
‫جل َيجزَ ُع قبل أن َي‬ ‫ ‪(-‬هذا و َل َّما َت َرى تهام َة)‪ُ :‬ي َ‬
‫ضر ُب م َث ًل َّ‬
‫منه(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضر ُب ِعندَ‬ ‫وم ِم َن َّ‬
‫فساده‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫األمر بعد‬ ‫ِ‬
‫صالح‬ ‫الش ِّر َظ َل َم)‪ُ :‬ي َ‬ ‫ ‪َ (-‬من َج ِز َع ال َي َ‬

‫((( ((زاد المعاد)) البن ال َق ِّي ِم (‪ ،)192/4‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (‪.)364/2‬‬
‫‪350‬‬
‫عَزَجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وم(((‪.‬‬
‫شر ُيجزَ ُع منه ال َي َ‬
‫ال َّ‬
‫الشافعي ِ‬
‫الله‪:‬‬
‫رحمه ُ‬ ‫اإلمام َّ ُّ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫َـــم ال َقضا ُء‬ ‫ِ‬ ‫َد ِع األ َّيـــا َم تَف َع ُ‬
‫ب َن ْف ًســـا إذا َحك َ‬‫وط ْ‬ ‫ـــل مـــا تَشـــا ُء‬
‫ِ‬
‫لحـــوادث الدُّ نيـــا َبقـــا ُء‬ ‫فمـــا‬ ‫ِ‬
‫لحادثـــة ال َّليالـــي‬ ‫َجـــز ْع‬
‫َ‬ ‫وال ت‬
‫وليـــس َيزيدُ فـــي الـــر ِ‬
‫زق ال َعنا ُء‬ ‫ـــك ليـــس َين ُق ُصـــ ُه التَّأنِّي‬ ‫ور ْز ُق َ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫بـــؤ ٌس عليـــك وال َرخـــا ُء‬
‫(((‬
‫وال ْ‬ ‫ـــرور‬
‫ُ‬ ‫ـــز ٌن َيـــدو ُم وال ُس‬
‫وال ُح ْ‬

‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (‪.)318/2‬‬


‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي المهدي (‪.)147/1‬‬
‫‪351‬‬
‫ءافجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الجفاء‬

‫معنى َ‬
‫اجلفاء‪:‬‬
‫فاء‪ِ :‬خ ُ‬ ‫عن َّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫أصل الج ِ‬
‫الف‬ ‫والج ُ‬
‫الشيء‪َ .‬‬ ‫يء ِ‬ ‫فاء ُّ‬
‫يدل على ُن ُب ِّو َّ‬ ‫الجفاء ُلغ ًة‪َ ُ :‬‬
‫قاق الج ِ‬ ‫ِ‬
‫فاء(((‪.‬‬ ‫يل‪ ،‬ومنه اشت ُ َ‬ ‫الس ُ‬‫فاء‪ :‬ما نفا ُه َّ‬ ‫البِ ِّر‪ُ ،‬‬
‫والج ُ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬
‫الغ َل ُظ في ِ‬
‫الجفاء اصطالحا‪ِ :‬‬
‫فق في‬ ‫وتر ُك ِّ‬
‫رق في المعا َملة‪ْ ،‬‬ ‫والخ ُ‬
‫شرة‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫األمور(((‪.‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه من القرآن الكريم ُّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم َ‬
‫اجلفا ِء َّ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﮊ [آل عمران‪.]159 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم بما َأو َد َع‬


‫الله على رسولِه ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫الكريمة َيمت َُّن ُ‬ ‫ففي هذه ِ‬
‫اآلية‬
‫والغ ِ‬
‫لظة‬ ‫فاء ِ‬ ‫والعطف على المؤ ِمنين‪ ،‬وأ َّنه لو كان مت ِص ًفا بالج ِ‬ ‫ِ‬ ‫في قلبِه ِم َن الر ِ‬
‫حمة‬
‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ‬
‫القلب لن َي ِجدَ ممن َح ْو َله أحدً ا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫و َق ِ‬
‫سوة‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫ ‪-‬عن أبي مسعود َر َ‬
‫ين‪،‬‬ ‫لوب في ال َفدَّ ِ‬
‫الق ِ‬ ‫بيده إلى اليم ِن‪ ،-‬والجفاء ِ‬
‫وغ َل ُظ ُ‬ ‫((اإليمان هاهنا ‪-‬وأشار ِ‬
‫ُ‬
‫اد َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وم َض َر))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الشيطان في َربيع َة ُ‬ ‫حيث َيط ُل ُع َق ْر ُن َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلبل‪ُ ،‬‬ ‫ذناب‬ ‫ِ‬
‫صول َأ ِ‬ ‫ِعندَ ُأ‬

‫((( ((مقاييس ال ُّلغة)) البن فارس (‪(( ،)465/1‬النهاية في غريب الحديث واألثر)) البن األثير‬
‫(‪(( ،)281 ،280 /1‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)147 /14‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)128 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)4387‬ومسلم (‪.)51‬‬
‫‪352‬‬
‫ءافجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ياء‬
‫((الح ُ‬
‫َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬‫كر َة َر َ‬
‫ ‪-‬وعن أبي َب َ‬
‫فاء في ال َّن ِ‬
‫ار))(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫واإليمان في الج َّن ِة‪ ،‬والب ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬
‫والج ُ‬‫الجفاء‪َ ،‬‬ ‫ذاء م َن َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اإليمان‪،‬‬

‫ذم َ‬
‫اجلفاء‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫أنس‪( :‬ما َق َّل ِ‬
‫األهواء‪ ،‬وإذا‬
‫ُ‬ ‫اآلثار في َقو ٍم َّإل ك ُث َر ْت ُ‬
‫فيهم‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫بن ٍ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫مالك ُ‬
‫فاء)(((‪.‬‬ ‫العلماء َظ َهر في ال َّن ِ‬ ‫َق َّل ِ‬
‫الج ُ‬
‫اس َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬

‫صح ْب َّإل‬ ‫ِ‬ ‫ومجا َلس َة ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ُس ُ‬


‫الجفاء‪ ،‬وال َت َ‬ ‫أهل َ‬ ‫ري‪( :‬وإ َّياك ُ‬
‫فيان الث َّْو ُّ‬
‫الفاجر وال ُتجالِ ْس ُه)(((‪.‬‬
‫َ‬
‫مؤ ِمنًا‪ ،‬وال ي ُأك ْل طعامك َّإل َتقي‪ ،‬وال ُت ِ‬
‫صاح ِ‬
‫ب‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫(أربعة ُتعدُّ ِمن الج ِ‬ ‫بن ُج َب ٍير قال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫سعيد ِ‬
‫الر ِ‬
‫جل المسجدَ‬ ‫دخول َّ‬ ‫فاء‪:‬‬ ‫ٌ َ َ َ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫ِ‬
‫مؤخ ِره و َيدَ ُع أن َيتقدَّ َم في ُمقدَّ مه؛ و َي ُم ُّر َّ‬
‫الر ُج ُل ْبين يدَ ِي َّ‬
‫الر ِ‬
‫جل وهو‬ ‫ُيص ِّلي في َّ‬

‫أهل‬ ‫جل مع ِ‬
‫غير ِ‬ ‫الر ِ‬
‫لة َّ‬ ‫َ‬
‫ومؤاك ُ‬ ‫قضي َصال َته؛‬ ‫جل جبهتَه َ‬
‫قبل أن َي َ‬ ‫ُيص ِّلي؛ و َم ْس ُح َّ‬
‫الر ِ‬

‫ِدينِه)(((‪.‬‬

‫حب ِة ال َيزيدُ ها البِ ُّر‪ ،‬وال َي ُنق ُصها‬


‫الم َّ‬ ‫ُ‬
‫(حقيقة َ‬ ‫الله‪:‬‬ ‫عاذ ِ‬
‫رحمه ُ‬ ‫ ‪-‬قال يحيى بن م ٍ‬
‫ُ ُ‬
‫فاء)(((‪.‬‬
‫الج ُ‬
‫َ‬

‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ ،)4184‬وابن حبان (‪ ،)5704‬والطبراني في ((المعجم األوسط)) (‪.)5055‬‬
‫قال البخاري في ((العلل الكبير)) (‪ :)315‬محفوظ‪ .‬وصححه الحاكم في ((المستدرك))‬
‫(‪ )118/1‬وقال‪ :‬على شرط الشيخين‪ .‬واأللباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (‪.)4184‬‬
‫((( أخرجه الخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) (‪ )383/1‬عن ابن أبي أويس‪.‬‬
‫((( أخرجه أبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪.)47/7‬‬
‫((( أخرجه البيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)9380( )42/7‬‬
‫((( ذكره الراغب األصفهاني في ((محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء)) (‪.)411/2‬‬
‫‪353‬‬
‫ءافجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫من ص َو ِر َ‬
‫اجلفاء(((‪:‬‬
‫والم َّط ِل ُع عليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فاء العبد مع ر ِّبه‪ ،‬وهو َم ْوال ُه ُ‬
‫‪َ 1-‬ج ُ‬

‫ومن ذلك أ َّنه ال ُيص ِّلي عليه إذا ُذ ِكر ِعندَ ه‪.‬‬
‫‪2-2‬الجفاء مع َنبيه‪ِ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫َ ُ‬
‫القول لهما‪ ،‬أو َق ِ‬
‫طع ِهما و َن ِ‬
‫حوه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ظ‬ ‫وغ َل ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ين‪ ،‬بال َّتأ ُّف ِ‬
‫فاء مع الوالدَ ِ‬
‫الج ُ‬
‫‪َ 3-3‬‬
‫العقوق َبع ْينِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأشدِّ ه‪ ،‬بل هو‬ ‫فاء َ‬‫عظ ِم الج ِ‬
‫وهذا ِمن َأ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وأبنائه‪.‬‬ ‫جل مع زوجتِه‬
‫الر ِ‬
‫فاء َّ‬
‫‪َ 4-4‬ج ُ‬
‫ِ‬
‫األسباب‪.‬‬ ‫كائن ِم َن‬
‫سبب ٍ‬‫ألي ٍ‬ ‫الص ِ‬
‫ديق ِّ‬ ‫فاء مع َّ‬
‫الج ُ‬
‫‪َ 5-5‬‬

‫حسنوا إليك وأعا ُنوك ِعندَ حاجتِك‪.‬‬ ‫َ‬


‫فاء مع َمن أ َ‬
‫الج ُ‬
‫‪َ 6-6‬‬
‫آثا ُر َ‬
‫اجلفا ِء‪:‬‬
‫عام ِل ْبينهم‪.‬‬ ‫َ‬
‫األصل في ال َّت ُ‬ ‫خاص ًة إذا كان هذا هو‬ ‫‪1-‬ال َّتنا ُف ُر ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪َّ ،‬‬
‫الش ِ‬
‫دائد‪.‬‬ ‫اس له ِعندَ َّ‬ ‫ِ‬
‫إعانة ال َّن ِ‬ ‫حر َم الجافي ِمن‬
‫‪2-2‬أن ُي َ‬
‫بالعذاب في ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األخرو َّي ِة‬ ‫ِ‬
‫بالعقوبة ُ‬ ‫توعدُ ه‬
‫‪ُّ 3-3‬‬
‫س ِعندَ الو ِ‬
‫حشة‪.‬‬ ‫ديق المؤانِ ِ‬
‫الص ِ‬
‫َ‬ ‫غياب َّ‬
‫‪ُ 4-4‬‬

‫رهم ِمن ُمخا َلطتِه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫المعامالت؛ إ ْذ إ َّنه َن َّف ُ‬ ‫ابتعاد ال َّن ِ‬
‫اس عنه في‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫أسباب الوقوع يف َ‬
‫اجلفاء‪:‬‬
‫اإليمان‪ ،‬وق َّل ُة ِ‬
‫العل ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 1-‬ض ُ‬
‫عف‬

‫رين‪.‬‬
‫اآلخ َ‬ ‫القو ِة ا َّلتي َينبغي َت ُ‬
‫عاهدُ ها مع َ‬ ‫َ ِ‬
‫الفعل هو م َن َّ‬ ‫بأن هذا‬ ‫الش ِ‬
‫يطان له َّ‬ ‫تزيين َّ‬
‫‪ُ 2-2‬‬

‫((( ((عدة الصابرين)) البن ال َق ِّي ِم (‪.)50/1‬‬


‫‪354‬‬
‫ءافجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ويوس ُع ال َّن ْفر َة ْبينهم‪.‬‬ ‫دين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬الحسدُ قد يو ِّلدُ الجفا َء ْبين‬
‫ِّ‬ ‫المتحاس َ‬

‫جماعي ٍة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫أضرار‬ ‫بالمنفعة الفرد َّي ِة‪ ،‬ولو َّأد ْت إلى‬
‫ِ‬ ‫االهتمام‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بالحسنى‬
‫والمعاتبة ُ‬ ‫انعدام َشعيرة ال ُّنصحِ وال َّتوجيه ل َمن ات ََّصف بهذه ِّ‬
‫الصفة‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫وي‪.‬‬
‫ح َّتى َي ْر َع َ‬
‫ِ ِ‬ ‫الشخص على هذه الص ِ‬
‫جتم ِع‬
‫الم َ‬ ‫الص َغ ِر‪ ،‬أو َيكتس َبها م َن ُ‬ ‫فة ُ‬
‫منذ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪6-6‬أن َيتر َّبى َّ ُ‬
‫صع َب عليه َت ْر ُكها‪.‬‬ ‫نشأ عليها‪ ،‬و َت َّ‬
‫تجذ َر فيه‪ ،‬ف َي ُ‬ ‫ا َّلذي َحو َله؛ في َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 7-7‬‬
‫الك ْب ُر ا َّلذي َي َق ُع في‬
‫اس‬ ‫الجفاة‪ ،‬و َيد َف ُعهم إلى أن ُيعاملوا ال َّن َ‬
‫بعض ُ‬ ‫قلوب‬
‫بالج ِ‬
‫فاء‪.‬‬ ‫َ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك اجلفاء‪:‬‬
‫ِ‬
‫بترقيق َّ‬
‫الطبعِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫فيالن‬ ‫باإليمان‪ ،‬وال َّتض ُّلع ِمن ِ‬
‫العل ِم ال َّنافعِ؛ فإ َّنهما َك‬ ‫ِ‬ ‫زو ُد‬
‫ُ َ‬ ‫‪1-‬ال َّت ُّ‬
‫الخ ُل ِق‪.‬‬
‫وتحسين ُ‬‫ِ‬

‫كيفي ِة ُمعا َملتِه‬ ‫ِ‬


‫الله ع َليه وس َّل َم في َّ‬
‫جمعين ص َّلى ُ‬
‫َ‬ ‫قتدي بس ِّي ِد الخ ْل ِق َأ‬
‫‪2-2‬أن َي َ‬
‫ور ِ‬
‫فقه بهم‪.‬‬ ‫رصه عليهم‪ِ ،‬‬ ‫وح ِ‬‫اس‪ِ ،‬‬
‫لل َّن ِ‬

‫الخ ُل ِق‪ ،‬وك َّلما‬ ‫آخر ِ‬


‫لترك هذا ُ‬ ‫ُ‬
‫االختالط بال َّن ِ‬
‫سبب َ ُ‬
‫أذاهم ٌ‬ ‫والص ُبر على ُ‬ ‫اس‪َّ ،‬‬ ‫‪3-3‬‬
‫جمعاتِهم َغ ُل َظ َط ْب ُعه‪ ،‬و َقسى قل ُبه‪.‬‬ ‫عن ال َّن ِ‬
‫اس و َت ُّ‬ ‫اإلنسان ِ‬
‫ُ‬ ‫َب ُعدَ‬

‫الجفا َء‪.‬‬ ‫فيل بأن ُي ِّ‬


‫بالحسنى َك ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هذ َب َ‬ ‫تاب ْبينهم ُ‬
‫ناص ُح ْبين اإلخوان‪ ،‬والع ُ‬
‫‪4-4‬ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫والعذاب إن‬ ‫للعقوبة‬ ‫ض ن ْف َسه‬ ‫لي بهذا الخ ُل ِق أ َّنه قد ُي ِّ‬
‫عر ُ‬ ‫‪5-5‬أن َيع َل َم َم ِن اب ُت َ‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫سوء الخ ُل ِق و َق ِ‬
‫سوة‬ ‫داوم على ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪6-6‬أن َيع َل َم أ َّنه ُم َّت ِص ٌف‬
‫تبارك‬
‫الله َ‬ ‫ارين ا َّلذين ُيبغ ُض ُ‬
‫هم ُ‬ ‫الجب َ‬
‫ببعض صفات َّ‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫‪355‬‬
‫ءافجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫رب على َ‬
‫اجلفا ِء‪:‬‬ ‫الص ُ‬
‫َّ‬
‫قدر عليك وال َت ِ‬
‫قد ُر عليه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عمن َي ُ‬
‫‪َ 1-‬ص ٌبر َّ‬
‫قدر عليه وال ي ِ‬
‫ِ‬
‫قد ُر عليك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عمن َت ُ‬
‫وصبر َّ‬
‫ٌ‬ ‫‪2-2‬‬
‫قدر عليه وال ي ِ‬
‫ِ‬
‫قد ُر عليك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عمن ال َت ُ‬
‫وصبر َّ‬
‫ٌ‬ ‫‪3-3‬‬
‫الفضائل‪ ،‬والر ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫هانة‪ ،‬وليس ِم َن‬‫فاألو ُل ُذ ٌّل و َم ٌ‬
‫مما‬‫شي ما هو أشدُّ َّ‬‫أي ل َمن َخ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقيقة‪،‬‬ ‫لم على‬‫فضل وبِ ٌّر‪ ،‬وهو الح ُ‬ ‫ٌ‬ ‫باعد ُة‪ .‬والثَّاني‪:‬‬
‫والم َ‬
‫كة ُ‬ ‫تار ُ‬ ‫َيصبِ ُر عليه ُ‬
‫الم َ‬
‫سم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ضالء‪ .‬والث ُ‬
‫َّالث َينقس ُم ق َ‬ ‫ُ‬ ‫الف‬ ‫وهو ا َّلذي َ‬
‫يوص ُف به ُ‬
‫ِ‬
‫سبيل الغلط‪ ،‬و َيع َل ُم ُق َ‬
‫بح ما‬ ‫ِ‬ ‫ممن لم َي َق ْع منه َّإل على‬
‫فاء َّ‬
‫الج ُ‬ ‫‪َّ 1-‬إما أن َي َ‬
‫كون َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقيقة‪.‬‬ ‫لم على‬ ‫ٌ‬
‫وفرض‪ ،‬وهو ح ٌ‬ ‫فالص ُبر عليه ٌ‬
‫فضل‬ ‫َأتى به‪ ،‬و َيندَ ُم عليه‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫ستطيل به فال َيندَ ُم‬ ‫قدار ن ْف ِسه و َي ُظ ُّن َّ‬
‫أن لها ح ًّقا َي‬ ‫ِ‬
‫وأما َمن كان ال َيدري م َ‬
‫‪َّ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫صبور عليه؛ أل َّنه َيزيدُ‬ ‫للم‬
‫وإفساد َ‬
‫ٌ‬ ‫للص ِ‬
‫ابر‪،‬‬ ‫فالص ُبر عليه ُذ ٌّل َّ‬
‫ف منه‪َّ ،‬‬‫على ما س َل َ‬
‫واب إعالمه بأ َّنه كان ممكنًا أن ي ِ‬
‫نتص َر‬ ‫ضة له ُس ٌ‬
‫قار ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫والص ُ‬
‫َّ‬ ‫خف‪،‬‬ ‫والم َ‬‫استشرا ًء‪ُ ،‬‬
‫زاد على‬ ‫رذال له فقط‪ ،‬وصيان ًة عن مراجعتِه‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫منه‪ ،‬وأ َّنه إ َّنما َت َرك ذلك استِ ً‬
‫وحدَ ه(((‪.‬‬ ‫ذلك‪ ،‬وأما جفاء الس ِ‬
‫فلة فليس جزاؤُ ه َّإل ال َّن َ‬
‫كال ْ‬ ‫َّ َ ُ ِّ‬
‫األمثال(((‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫اجلفا ُء يف‬
‫الظ ِّن بإخوانِه نصي ًبا‪ ،‬أراح ق ْل َبه‪.‬‬ ‫ ‪َ -‬من َج َعل لن ْف ِسه ِمن ُح ِ‬
‫سن َّ‬
‫إخوان الص ِ‬
‫ِ‬ ‫عن الج ِ‬
‫فاء‪ ،‬فذلك ِمن‬ ‫ِ‬
‫فاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ ‪َ -‬من َتح َّلى بالوفاء‪ ،‬و َتخ َّلى ِ َ‬

‫((( ((األخالق والسير في مداواة النفوس)) البن حزم (ص‪.)27 -26 :‬‬
‫((( ((تنبيه الغافلين)) للسمرقندي (ص‪(( ،)371 :‬غرر الخصائص الواضحة)) للوطواط (ص‪:‬‬
‫‪(( ،)42‬مجمع الحكم واألمثال)) ألحمد قبش (ص‪.)7 :‬‬
‫‪356‬‬
‫ءافجلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ٍ‬ ‫لبعض الح ِ‬


‫كماء‪َ :‬أ ْو ِصني‬
‫جف‬‫بشيء‪ .‬قال‪ :‬ال َت ْج ُف ر َّبك‪ ،‬وال َت ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ ‪-‬وقيل‬
‫بخدمة َغ ِيره ِم َن‬
‫ِ‬ ‫جف ن ْفسك؛ أما الجفاء بربك فأن َت ِ‬
‫شتغ َل‬ ‫َ ُ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الخ ْلقَ ‪ ،‬وال َت ُ‬ ‫َ‬
‫فاء‬ ‫ٍ‬ ‫ذك َرهم ِعندَ ال َّن ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫لق فأن َت ُ‬ ‫فاء مع َ‬
‫الج ُ‬‫وأما َ‬ ‫بسوء‪َّ ،‬‬
‫اس ُ‬ ‫الج ُ‬ ‫وأما َ‬
‫المخلوقين‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫بفرائض ِ‬‫ِ‬ ‫تهاو َن‬ ‫مع ال َّن ْف ِ‬
‫الله تعالى‪.‬‬ ‫س فأن َت َ‬

‫‪357‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الحسد‬

‫معنى احلسد‪:‬‬
‫تحو َل إليه نِعم ُته وفضيل ُته‪ ،‬أو ُيس َل َب ُهما(((‪.‬‬
‫حسدُ ه‪ :‬أي‪َ :‬تم َّنى أن َت َّ‬ ‫الحسدُ ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫حسدَ ه َي ُ‬
‫ِ‬
‫الحاسد(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المحسود إلى‬ ‫وال ِ‬
‫نعمة‬ ‫اصطالحا‪َ :‬تمنِّي َز ِ‬ ‫الحسد‬
‫ً‬
‫واملنافسة واملسابقة(((‪:‬‬ ‫ني وال ِغ ْبطة‬ ‫بي َ‬‫الفرق ْ‬
‫ِ‬ ‫احلس ِد وال َع ِ‬
‫خبيث َّ‬
‫الطبعِ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اظر‬ ‫ِ‬
‫الحسد‪ ،‬و َي ُ‬ ‫شيء ِم َن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كون ال َّن ُ‬ ‫نظر باستحسان قد َيشو ُبه ٌ‬
‫ين ٌ‬‫الع ُ‬
‫َ‬
‫من لزَ والِها عن‬ ‫ثل ا َّلتي َأعج َب ْت ُه‪ِ ،‬من ِ‬
‫غير َت ٍّ‬ ‫نعمة ِم ِ‬
‫للحصول على ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغ ُ‬
‫بطة َت َم ٍّن‬
‫صاحبِها‪.‬‬
‫إباحة المنا َف ِ‬
‫سة قو ُله‬ ‫ِ‬ ‫غة مشت َّق ٌة ِم َن ال َّن ِ‬
‫فاسة‪ ،‬وا َّلذي يدُ ُّل على‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫المنافسة في ال ُّل ُ‬
‫ُ‬
‫المسا َب ُ‬
‫قة‬ ‫تعالى‪ :‬ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﮊ [المطففين‪ ،]26 :‬وإ َّنما ُ‬
‫ِ‬ ‫ين يتساب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والهما‪ ،‬إ ْذ َيجزَ ُع ُّ‬
‫كل‬ ‫خدمة َم ُ‬ ‫قان إلى‬ ‫عندَ َخوف ال َفوت؛ وهو كالعبدَ ِ َ َ‬
‫ٍ‬
‫بمنزلة ال َي َ‬
‫حظى هو بها‪.‬‬ ‫واحد أن َيسبِ َقه صاح ُبه ف َيحظى ِعندَ َموال ُه‬
‫ٍ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫ذم احلسد َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬

‫((( ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص‪.)277 :‬‬


‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)87 :‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪(( ،)190/3‬كشف المشكل من حديث الصحيحين)) البن‬
‫الجوزي (‪(( ،)445/2‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)359/7‬‬
‫‪358‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻ ﭼﭽﭾﭿ ﮊ‬


‫[الفلق‪.]5 - 1 :‬‬
‫ ‪-‬وقال سبحا َنه‪ :‬ﮋﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ [النساء‪.]54 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مالك َر َ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬عن ِ‬
‫الله‪ -‬إخوا ًنا))(((‪.‬‬ ‫‪-‬عبا َد ِ‬
‫وكونوا ِ‬
‫حاسدُ وا‪ ،‬وال َتدا َب ُروا‪ُ ،‬‬ ‫قال‪(( :‬ال َت َ‬
‫باغ ُضوا‪ ،‬وال َت َ‬
‫ذم َ‬
‫احلس ِد‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫أستطيع أن ُأرض َيه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(كل ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫عنهما‪ُّ :‬‬
‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫فيان َر َ‬‫بن أبي ُس َ‬ ‫ ‪-‬قال ُم ُ‬
‫عاوية ُ‬
‫َّإل حاسدَ نِ ٍ‬
‫عمة؛ فإ َّنه ال ي ِ‬
‫رضيه َّإل َزوا ُلها)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫شيء ِمن أ ْم ِر الدُّ نيا؛ أل َّنه ْ‬‫ٍ‬
‫إن كان‬ ‫ابن ِس َ‬
‫يرين‪( :‬ما َح َسدْ ُت أحدً ا على‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫وإن كان ِمن‬‫حسدُ ه على الدُّ نيا وهي حقير ٌة في الج َّن ِة؟! ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫أهل الج َّنة فكيف أ ُ‬
‫ار؟!)(((‪.‬‬ ‫صير إلى ال َّن ِ‬ ‫حسدُ ه على ِ‬ ‫َ‬ ‫أهل ال َّن ِ‬
‫ِ‬
‫أمر الدُّ نيا وهو َي ُ‬ ‫ار فكيف أ ُ‬
‫ٍ‬ ‫بمظلو ٍم ِمن‬ ‫ِ‬
‫حاسد؛ ن َف ٌس‬ ‫صري‪( :‬ما رأ ْي ُت ظال ًما َأ ْش َب َه َ‬ ‫الحس ُن ال َب ُّ‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫وغ ٌّم ال َين َفدُ )(((‪.‬‬ ‫وحزن ِ‬
‫الز ٌم‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫دائم‪،‬‬
‫ٌ‬
‫أقسا ُم َ‬
‫احلس ِد‪:‬‬
‫بوج ٍه ما؛ ال بقلبِه وال بلسانِه وال ب َي ِده‪،‬‬ ‫ِ‬
‫‪1-‬حسدٌ ُيخفيه وال ُير ِّت ُب عليه َأ ًذى ْ‬
‫عاج ُل أخا ُه َّإل بما ُي ِح ُّب ُ‬
‫الله‪.‬‬ ‫بل َي ِجدُ في ق ْلبِه شيئًا ِمن ذلك‪ ،‬وال ُي ِ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6065‬ومسلم (‪.)2558‬‬


‫((( أخرجه الدِّ ينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (‪ ،)50/3‬وابن عساكر في ((تاريخ دمشق))‬
‫(‪.)200/59‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪.)189/3‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)170/2‬‬
‫‪359‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الله ِ‬
‫لعبده نعم ًة‪ ،‬بل‬ ‫كر ُه أن ُي ْح ِد َث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 2-2‬تمنِّي استِ‬
‫صحاب عدَ ِم النِّعمة‪ ،‬فهو َي َ‬
‫عن ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫عفه‪ ،‬أو َش ِ‬
‫تات قلبِه ِ‬ ‫قره‪ ،‬أو َض ِ‬ ‫ي ِحب أن َيبقى على حالِه؛ ِمن ِ‬
‫جهله‪ ،‬أو َف ِ‬ ‫ُ ُّ‬
‫أو ق َّل ِة ِدينِه‪.‬‬
‫غير أن َت َ‬
‫زول‬ ‫المحسود‪ِ ،‬من ِ‬
‫ِ‬ ‫ثل ِ‬
‫حال‬ ‫كون له ِم ُ‬ ‫الغ ِ‬
‫بطة؛ وهو َتمنِّي أن َي َ‬ ‫‪3-3‬حسدُ ِ‬
‫ِّعمة عنه‪ ،‬فهذا ال بأس به‪ ،‬وال يعاب صاحبه‪ ،‬بل هذا قريب ِم َن المنا َف ِ‬
‫سة(((‪.‬‬ ‫الن ُ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫حص ْل فال ُي ِح ُّب َزوا َلها عنه‪ ،‬وهذا هو‬ ‫شتهي لن ْف ِسه ِمث َلها‪ْ ،‬‬
‫فإن لم َت ُ‬ ‫َ‬ ‫‪4-4‬أن َي‬
‫إن كان في الدِّ ِ‬
‫ين(((‪.‬‬ ‫ندوب إليه ْ‬
‫ُ‬ ‫والم‬ ‫الم ْع ُف ُّو عنه ْ‬
‫إن كان في الدُّ نيا‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫مساوي َ‬
‫احلس ِد‪:‬‬
‫ِ‬
‫الجسد‪.‬‬ ‫قام في‬
‫وس ٌ‬
‫رات َ‬ ‫حس ٌ‬ ‫‪1-‬الحسدُ َ‬
‫اس عنه‪ ،‬و ُن ِ‬
‫فورهم منه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النحراف ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫المرتبة؛‬ ‫ُ‬
‫وانحطاط‬ ‫ِ‬
‫المنزلة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫انخفاض‬ ‫‪2-2‬‬
‫وقد قيل في م ِ ِ‬
‫سود‪.‬‬
‫سود ال َي ُ‬ ‫الح ُ‬ ‫نثور الح َك ِم‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫اس له‪ ،‬حتى ال َي ِجدَ فيهم ُم ِح ًّبا‪ ،‬وعداو ُتهم له‪ ،‬حتى ال َيرى فيهم‬ ‫‪َ 3-3‬م ْق ُت ال َّن ِ‬
‫زجورا‪.‬‬ ‫قت َم‬‫بالعداوة مأثورا‪ ،‬وبالم ِ‬
‫ِ‬ ‫صير‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َو ًّليا‪ ،‬ف َي َ‬
‫األوزار في ُمخا َلفتِه؛ إ ْذ ليس‬
‫ِ‬ ‫ناء‬‫ِ‬
‫عارضته‪ ،‬واجت ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫إسخاط الله تعالى في ُم َ‬ ‫‪4-4‬‬
‫أهل(((‪.‬‬ ‫الله عدْ ًل‪ ،‬وال لِنِ َع ِمه ِم َن ال َّن ِ‬
‫اس ً‬ ‫يرى َقضاء ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أسباب الوقوع يف َ‬
‫احلس ِد(((‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫غضاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬العداو ُة وال َب‬

‫((( ((بدائع الفوائد)) البن القيم (‪ )237/2‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪ )192/3‬بتصرف‪.‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدِّ ين)) للماوردي (‪ )274-273/1‬بتصرف‪.‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪ )194-192/3‬بتصرف‪.‬‬
‫‪360‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عز ُز‪ :‬وهو أن َي ُثق َل عليه أن َيتر َّف َع عليه ُ‬


‫غيره‪.‬‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُّ‬
‫الخ ِ‬
‫لقة‪،‬‬ ‫تفض َل عليه من هو ِمث ُله في ِ‬
‫عج ُب‪ :‬ف َيجزَ ُع الحاسدُ ِمن أن َي َّ‬
‫َ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫األسباب‪.‬‬ ‫آخ َر ِمن ِ‬
‫سائر‬ ‫سبب َ‬ ‫ٍ‬
‫عداوة‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رياسة‪ ،‬و َتقدُّ ِم‬ ‫ِ‬
‫وطلب‬ ‫كب ٍر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ال‪ ‬عن قصد َت ُّ‬
‫ِ‬
‫المقاصد‪.‬‬ ‫وت‬‫الخوف ِمن َف ِ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫‪ِ 5-5‬‬
‫الك ْب ُر‪.‬‬
‫ِ‬
‫الجاه‪.‬‬ ‫‪6-6‬حب الر ِ‬
‫ياسة‪ ،‬وط َل ُب‬ ‫ُ ُّ ِّ‬
‫لعباد ِ‬
‫الله تعالى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالخير‬ ‫بث ال َّن ْف ِ‬
‫س‪ُ ،‬‬
‫وش ُّحها‬ ‫‪ُ 7-7‬خ ُ‬

‫من الوسائل املُ ِع ِ‬


‫ينة على َت ْرك َ‬
‫احلس ِد‪:‬‬
‫قه َر ن ْف َسه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جل وعال‪ ،‬ف َي ُتر َك ما نها ُه ُ‬ ‫‪1-‬أن ي َّت ِبع أمر ِ‬
‫الله َّ‬
‫الله عنه م َن الحسد‪ ،‬و َي َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫عن هذا ُّ‬
‫الظ ْل ِم‪.‬‬

‫لح ْك ِمه‪ ،‬فهو ا َّلذي ُيعطي الن َِّع َم و َيس ُل ُبها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬


‫الرضا بقضاء الله وقدَ ِره‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫سليم ُ‬ ‫‪ِّ 2-2‬‬
‫واقبه الو ِ‬
‫خيمة عليه وعلى َمن َح ْو َله‪.‬‬ ‫الحسد‪ ،‬وال َّنظر في َع ِ‬
‫ِ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّ‬
‫فك ُر في ِ‬
‫نتائج‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فور ال َّن ِ‬
‫اس منه‪ ،‬و ُبعدَ هم عنه‪ ،‬و ُب َ‬
‫غضهم له‪.‬‬ ‫‪ 4-4‬أن َي َ‬
‫حذ َر ُن َ‬
‫ِ‬
‫بنقيض ما َي ُأم ُره به الحسدُ ‪.‬‬ ‫عم َل‬
‫‪5-5‬أن َي َ‬
‫رضاة ِ‬
‫الله تعالى(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صر َف شهو َة قلبِه في َم‬ ‫‪ 6-6‬أن َي ِ‬

‫شر احلاسد عن احملسود(((‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬


‫ينة على دفع ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سميع‬
‫ٌ‬ ‫والله تعالى‬
‫ُ‬ ‫حص ُن به‪،‬‬
‫جوء وال َّت ُّ‬ ‫عو ُذ بالله تعالى من ِّ‬
‫شره‪ ،‬وال ُّل ُ‬ ‫‪1-‬ال َّت ُّ‬

‫((( انظر ((أدب الدنيا والدِّ ين)) للماوردي (‪(( ،)270-269/1‬إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي‬
‫(‪(( ،)199-196/3‬التبيان في أقسام القرآن)) البن القيم (ص‪.)415 :‬‬
‫((( ((بدائع الفوائد)) البن القيم (ص‪ )245-238 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪361‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ُ‬
‫ستعيذ منه‪.‬‬ ‫عليم بما َي‬ ‫ِ ِ‬
‫الستعاذته‪ٌ ،‬‬
‫ولم‬ ‫الله ِح َ‬
‫فظه‪ْ ،‬‬ ‫فم ِن اتَّقى الل َه َتو َّلى ُ‬ ‫فظه ِعندَ أ ْم ِره و َن ِ‬
‫هيه؛ َ‬
‫الله‪ِ ،‬‬
‫وح ُ‬ ‫‪2-2‬تقوى ِ‬
‫َ‬
‫غيره‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﮊ‬ ‫َي ِك ْل ُه إلى ِ‬
‫[آل‪ ‬عمران‪.]120 :‬‬
‫شكوه‪ ،‬وال ُيحدِّ َث ن ْف َسه َبأذا ُه ً‬ ‫ِ‬
‫أصل‪،‬‬ ‫وأل ُيقات َله‪ ،‬وال َي َ‬
‫الص ُبر على عدُ ِّوه‪َّ ،‬‬
‫‪َّ 3-3‬‬
‫وك ِل على ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫الص ِبر عليه‪ ،‬وال َّت ُّ‬ ‫حاس ِده وعدُ وه ِ‬
‫بم ِ‬ ‫إنسان على ِ‬ ‫ٌ‬ ‫فما ُن ِص َر‬
‫ثل َّ‬ ‫ِّ‬
‫محو ُه ِمن بالِه‬ ‫ِ‬ ‫االشتغال به ِ‬
‫والف ِ‬
‫كر فيه‪ ،‬وأن َيقصدَ أن َي َ‬ ‫ِ‬ ‫القلب ِم َن‬
‫ِ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫فراغ‬
‫ك َّلما َخ َطر له‪.‬‬
‫ِ‬ ‫حبتِه و َت َر ِّض ِيه‬ ‫اإلقبال على ِ‬‫ُ‬
‫واإلنابة إليه في‬ ‫وجع ُل َم َّ‬
‫واإلخالص له‪ْ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الله‪،‬‬ ‫‪5-5‬‬
‫خواطر ن ْف ِسه وأمانيها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫محل‬
‫الله ِم َن ُّ‬
‫الذ ِ‬
‫نوب‪.‬‬ ‫وبة إلى ِ‬
‫‪6-6‬تجريدُ ال َّت ِ‬
‫ِ‬
‫البالء‪ ،‬ودف ِع‬ ‫تأثيرا عجي ًبا في دف ِع‬ ‫واإلحسان ما َأ َ‬
‫مكنَه؛ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الص ُ‬
‫فإن لذلك ً‬ ‫دقة‬ ‫‪َّ 7-7‬‬
‫ِ‬
‫الحاسد‪.‬‬ ‫وشر‬ ‫الع ِ‬
‫ين ِّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫باإلحسان إليه‪.‬‬ ‫والمؤذي‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الحاسد والباغي‬ ‫إطفاء ِ‬
‫نار‬ ‫‪8-8‬‬
‫ُ‬
‫مناذج من ُ‬
‫احل َّساد‪:‬‬ ‫ُ‬
‫إبليس‪:‬‬
‫َ‬ ‫••حس ُد‬
‫جل وعال آدم ‪-‬عليه السالم‪ -‬وشر َفه وكرمه‪ ،‬وأمر المالئك َة بالس ِ‬
‫جود‬ ‫خ َلقَ ُ‬
‫الله َّ‬
‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬
‫نزلة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯝ ﯞ‬
‫له‪ ،‬ولكن إبليس َتكبر وب َغى وحسدَ ه على هذه الم ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦﯧﯨ ﯩ ﯪﯫﯬﯭ ﭑﭒ‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﮊ [األعراف‪:‬‬
‫الم‪ -‬ما َأعطا ُه ِم َن‬
‫الس ُ‬
‫إبليس آ َد َم ‪-‬عليه َّ‬
‫ُ‬
‫‪ ،]12 ،11‬قال َقتاد ُة‪( :‬حسدَ عدُ و ِ‬
‫الله‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬

‫‪362‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله‬
‫صي ُ‬ ‫(أو ُل ما ُع َ‬
‫عطي َة‪َّ :‬‬
‫يني) ‪ ،‬وقال ابن َّ‬
‫ناري‪ ،‬وهذا ط ٌّ‬
‫الكرامة‪ ،‬وقال‪ :‬أنا ٌّ‬
‫(((‬

‫إبليس)(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫وظ َهر ذلك ِمن‬ ‫ِ‬
‫بالحسد‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫هابيل‪:‬‬ ‫•• َحس ُد َ‬
‫قابيل ألخيه‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬

‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﮊ [المائدة‪ .]30 - 27 :‬قال‬


‫ِ‬
‫أوالده‬ ‫الم‪َ -‬ل َّما ُب ِعث إلى‬ ‫(وأيضا َّ‬
‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫سراج الدِّ ِ‬
‫الس ُ‬
‫فإن آ َد َم ‪-‬عليه َّ‬ ‫عادل‪:‬‬ ‫ابن‬
‫ين ُ‬ ‫ُ‬
‫اختالف في الدِّ ِ‬
‫ين‪ ،‬إلى أن َقتَل ُ‬ ‫ٌ‬ ‫كانوا ُم ِ‬
‫قابيل‬ ‫طيعين‪ ،‬ولم َيحدُ ْث ْبي ُ‬
‫نهم‬ ‫َ‬ ‫مين ُم‬
‫سل َ‬
‫ِ‬
‫الحسد وال َب ِ‬
‫غي)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بسبب‬ ‫َ‬
‫هابيل؛‬
‫َ‬
‫يوسف‪:‬‬ ‫••حس ُد إخو ِة‬
‫قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉﮊﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮗﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮊ [يوسف‪- 7 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫راعاة‬ ‫يعقوب قد َكلف بهما؛ لموت ُأ ِّم ِهما‪ ،‬وزاد في ُ‬
‫الم‬ ‫ُ‬ ‫دي‪( :‬كان‬
‫الماو ْر ُّ‬
‫َ‬ ‫‪ .]9‬قال‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ليوسف‪ ،‬فكان الحسدُ له‬ ‫حسدهم ُلهما‪ ،‬وكان شديدَ ُ‬
‫الح ِّب‬ ‫سبب َ‬‫لهما‪ ،‬فذلك ُ‬
‫الرؤيا فصار الحسدُ له َ‬ ‫َ‬
‫أشدَّ )(((‪.‬‬ ‫أك َث َر‪َّ ،‬‬
‫ثم رأى ُّ‬
‫((( ((تفسير ابن ٍ‬
‫كثير)) (‪.)231/1‬‬
‫((( ((المحرر الوجيز)) (‪.)469/3‬‬
‫((( ((اللباب في علوم الكتاب)) (‪.)501/3‬‬
‫((( ((النكت والعيون)) (‪.)9/3‬‬
‫‪363‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫•• َحس ُد اليهو ِد َّ‬


‫والنصارى‪:‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬


‫بمحم ٍد ص َّلى ُ‬‫َّ‬ ‫الك ِ‬
‫تاب ا َّلذين َك َفروا‬ ‫أهل ِ‬‫أن َ‬ ‫الله تعالى َّ‬
‫َّبي َن ُ‬
‫مك َة َأ ْهدى ِم َن‬ ‫ار َّ‬
‫أن ك َّف َ‬
‫فضله‪ ،‬ح َّتى إ َّنهم َز َعموا َّ‬‫ِ‬ ‫الله ِمن‬
‫حسدُ وه على ما آتا ُه ُ‬ ‫َ‬
‫الله ع َل ِ‬ ‫ِ‬
‫يه وس َّل َم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين برسالة ال َّن ِّ‬ ‫ْ‬
‫ﯹﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰁﰂ ﰃ‬

‫ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬

‫ﭝ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪﭫ ﭬﭭ‬

‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼﮊ‬

‫[النساء‪.]54 - 51 :‬‬

‫كالم ال ُبلغا ِء ُ‬
‫واحلكما ِء ُّ‬ ‫َ‬
‫والشعرا ِء‪:‬‬ ‫احلس ُد يف َ ِ‬
‫أعدائك ال ُت ِح ُّب أن َيعو َد لك َصدي ًقا؟ قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أي‬ ‫ِ‬ ‫ ‪ُ -‬س ِئل ُ‬
‫الحكماء‪ُّ :‬‬ ‫بعض ُ‬
‫وال نِعمتي)(((‪.‬‬‫ودتي َّإل َز ُ‬
‫(الحاسدُ ا َّلذي ال َي ُر ُّده إلى َم َّ‬
‫ديق على الن ِ‬
‫للص ِ‬ ‫(من ِص َغ ِر ِ ِ‬
‫ ‪-‬وقيل‪ِ :‬‬
‫ِّعمة)(((‪.‬‬ ‫اله َّمة‪ ،‬الحسدُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شم َت‬ ‫ ‪-‬وقيل‪( :‬من عالمات الحاسد أن َيتم َّلقَ إذا َش ِهد‪ ،‬و َي َ‬
‫غتاب إذا غاب‪ ،‬و َي َ‬
‫بالم ِ‬
‫صيبة إذا نز َل ْت)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الو َّر ُ‬
‫اق‪:‬‬ ‫محمود َ‬
‫ٌ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫الــحــســو َد فــإنَّــه َأ ْعــيــانــي‬ ‫َّإل‬ ‫كل الن ِ ِ‬
‫أعط ْي ُت َّ‬
‫َ‬ ‫َّاس من ن ْفسـي ِّ‬
‫الرضا‬

‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)171/2‬‬


‫((( ((سراج الملوك)) للطرطوشي (ص‪.)58 :‬‬
‫((( ((روح البيان)) إلسماعيل حقي (‪.)51/2‬‬
‫‪364‬‬
‫دسحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن لـــي ذ ْنبـــا لدَ ِ‬


‫يـــه َع ِل ْمتُـــه‬
‫حمـــن‬ ‫الر‬
‫ـــر نعمـــة َّ‬ ‫َّإل ت ُ‬
‫َظاه َ‬ ‫ً‬ ‫ال َّ‬
‫ـــل ِ‬
‫بيان‬ ‫وفض َ‬‫كمـــال ِغنًى ْ‬
‫َ‬ ‫ِعندي‬ ‫َي ْطوي على َحن ٍَق َحشـــا ُه ِل ْن رأى‬
‫وذهـــاب َأ ْموالي وق ْط ُع لِســـاني‬
‫(((‬
‫ُ‬ ‫يرضيـــه َّإل ِذ َّلتـــي‬
‫ِ‬ ‫مـــا ْ‬
‫إن َأرى‬

‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) لعبد العزيز السلمان (‪.)574/4‬‬


‫‪365‬‬
‫دقِحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الحقد‬
‫ِ‬

‫معنى احلقد‪:‬‬
‫وإمساك الع ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقدُ ُلغ ًة‪ِ :‬‬
‫والجمع‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ص‪،‬‬ ‫داوة في ال َق ِ‬
‫لب وال َّتر ُّب ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫الح ْقدُ ‪ِّ :‬‬
‫الضغْ ُن‪،‬‬
‫َأ ْح ٌ‬
‫قاد(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ألج ِل‬ ‫ِ‬ ‫الظ ِّن في ال َق ِ‬
‫وء َّ‬ ‫ِ‬
‫الحقدُ‬
‫وإضمار‬
‫ُ‬ ‫العداوة(((‪،‬‬ ‫الخالئق ْ‬ ‫لب على‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬س ُ‬
‫ً‬
‫الف ِ‬ ‫ِ‬
‫إمكان ُ‬ ‫الشر إلى ِ‬
‫رصة(((‪.‬‬ ‫وقت‬ ‫َّ ِّ‬
‫ْ‬
‫واحلقد‪:‬‬ ‫الفرق بي املَ ِ‬
‫وجد ِة ِ‬
‫ٌ‬
‫كمال‪.‬‬ ‫س في ر ْف ِعه؛ فهو‬
‫وتحر ُك ال َّن ْف ُ‬
‫ُّ‬ ‫لم به‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالمؤل ِم‪ ،‬والع ُ‬
‫ْ‬ ‫اإلحساس‬
‫ُ‬ ‫الو ْجدُ ‪:‬‬
‫َ‬
‫فيمن َو َجدْ َت عليه‪ ،‬فال ُي ُ‬
‫زايل‬ ‫ٍ‬ ‫الش ِّر‪ ،‬و َتو ُّق ُعه َّ‬
‫إضمار َّ‬ ‫وأما ِ‬
‫الحقدُ فهو‬
‫كل وقت َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫القلب أ َث ُره‪.‬‬
‫َ‬
‫فالم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أن الم ِ ِ‬
‫وجد ُة‬ ‫وجد َة لما َينا ُل َك منه‪ ،‬والحقدَ لما َينا ُله منك‪َ ،‬‬ ‫آخ ُر‪ :‬وهو َّ َ‬ ‫وفر ٌق َ‬
‫ْ‬
‫َو ْجدُ ما نا َلك ِمن َأذا ُه(((‪.‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫احلق ِد يف القرآن ُّ‬
‫ذم ِ‬‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇﮈ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)466/2‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)154/3‬‬


‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)91 :‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)33 :‬‬
‫((( ((الروح)) البن ال َق ِّي ِم (ص‪.)251 :‬‬
‫‪366‬‬
‫دقِحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ [البقرة‪.]205 ،204 :‬‬

‫َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ‬ ‫عز‬
‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﮊ [الحجر‪.]48 ،47 :‬‬

‫أي‬ ‫َ ِ‬ ‫بن َع ٍ‬ ‫عبد ِ‬


‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫رسول الله‪ُّ ،‬‬ ‫عنهما قال‪(( :‬قيل‪ :‬يا‬ ‫الله ُ‬‫ضي ُ‬ ‫مرو َر َ‬
‫دوق ال ِّل ِ‬
‫سان‬ ‫سان‪ ،‬قيل‪َ :‬ص ُ‬ ‫وق ال ِّل ِ‬‫القلب َصدُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فض ُل؟ قال‪ُّ :‬‬
‫كل َم ْخ ُمو ِم‬ ‫اس َأ َ‬‫ال َّن ِ‬
‫إثم فيه وال َبغْ َي‪ ،‬وال ِغ َّل‬
‫قي‪ ،‬ال َ‬ ‫قي ال َّن ُّ‬
‫القلب؟ قال‪ :‬هو ال َّت ُّ‬ ‫ِ‬ ‫عر ُفه‪ ،‬فما َم ْخ ُ‬
‫موم‬ ‫َن ِ‬
‫وال َح َسدَ ))(((‪.‬‬

‫ذم احلقد‪:‬‬
‫لف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫مريض‪ ،‬وكان‬ ‫ٌ‬ ‫(د ِخل على أبي ُدجان َة وهو‬
‫الله‪ُ :‬‬ ‫رحمه ُ‬‫ ‪-‬قال َزيدُ بن َأس َلم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫جهك يته َّل ُل؟ فقال‪ :‬ما ِمن عم ِل َش ٍ‬
‫يء َأو َث ُق ِعندي ِم َن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وج ُهه َيته َّل ُل‪ ،‬فقيل له‪ :‬ما ل َو ِ َ‬
‫ْ‬
‫سليما)(((‪.‬‬ ‫كنت ال َأتك َّلم فيما ال َيعنيني‪ ،‬أما األخرى فكان ق ْلبي للم ِ‬ ‫اثنت ِ‬
‫مين ً‬ ‫سل َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َين‪ُ :‬‬

‫ِ‬
‫نتائج‬ ‫والحقدُ ِمن‬
‫ِ‬ ‫الح ِ‬
‫قد‪،‬‬ ‫نتائج ِ‬
‫ِ‬ ‫َمي‪( :‬الحسدُ ِمن‬ ‫حج ٍر َ‬
‫اله ْيت ُّ‬ ‫ابن َ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫الغض ِ‬
‫ب)(((‪.‬‬ ‫َ‬

‫الش َّر في قلبِه َأن َب َت له نبا ًتا‬ ‫ان‪ِ :‬‬‫ابن ِح َّب َ‬


‫الش ِّر‪ ،‬و َمن َأ َ‬
‫ضم َر َّ‬ ‫ُ‬
‫أصل َّ‬ ‫(الحقدُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫الغ ُ‬
‫يظ‪ ،‬وثمر ُته ال َّن ُ‬
‫دم)(((‪.‬‬ ‫ُم ًّرا َمذا ُقه‪َ ،‬نماؤُ ه َ‬

‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ )4216‬واللفظ له‪ ،‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)6604‬‬
‫صحح إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (‪ ،)33/4‬والبوصيري في ((زوائد ابن‬
‫ماجه)) (‪ ،)325/2‬والعراقي في ((تخريج اإلحياء)) (‪ ،)18/3‬وصححه األلباني في ((صحيح‬
‫سنن ابن ماجه)) (‪.)4216‬‬
‫((( أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (‪ ،)557/3‬وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص‪.)95 :‬‬
‫((( ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) (‪.)83/1‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) (ص‪.)134 :‬‬
‫‪367‬‬
‫دقِحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫احلق ِد َ‬
‫آثا ُر ِ‬
‫وال الن ِ‬‫حم َلك الحقدُ على أن َتتم َّنى َز َ‬ ‫ثمر الحسدَ ‪ ،‬وهو أن ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّعمة‬ ‫َ‬ ‫‪(1-‬الحقدُ ُي ُ‬
‫إن نزَ َل ْت به‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمصيبة ْ‬ ‫إن َأصا َبها‪ ،‬و ُت َس َّر‬ ‫ٍ‬
‫بنعمة ْ‬ ‫َغتم‬
‫عنه‪ ،‬فت َّ‬
‫صغارا له‪.‬‬ ‫الحاقد استِ‬
‫ِ‬ ‫واإلعراض ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫قاط ُ‬
‫عة‪،‬‬ ‫والم َ‬ ‫اله ُ‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫ً‬ ‫جران ُ‬
‫تك ِس ٍتر‪،‬‬
‫وه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ح ُّل؛ ِمن ِ‬
‫كذ ٍ‬ ‫‪3-3‬ال َّتك ُّلم فيه بما ال ي ِ‬
‫سر‪َ ،‬‬ ‫ب‪ ،‬وغيبة‪ ،‬وإفشاء ٍّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وغيره)(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ظاهر د ُنو الهم ِة‪ ،‬فهو ال يصدُ ر ِمن الن ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعقالء(((‪.‬‬ ‫بالء‪ ،‬وال َي ُ‬
‫ليق‬ ‫َ ُ َ ُّ‬ ‫‪4-4‬الحقدُ من َم ِ ُ ِّ َّ‬
‫رات‪ ،‬والهمزَ وال َّلمزَ ‪ِ ،‬‬
‫الظن‪ ،‬و َتتبع العو ِ‬
‫والغيب َة وال َّنميم َة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُّ َ َ ْ‬ ‫‪ُ 5-5‬ينبِ ُت سو َء َّ ِّ‬
‫‪6-6‬جحدُ الحقِّ ‪ ،‬وعدَ م ا ِّت ِ‬
‫باعه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫عالج احلقد‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وسائل ِ‬
‫عاء‪.‬‬
‫‪1-‬الدُّ ُ‬
‫الص ِ‬
‫در‪.‬‬ ‫ُ‬
‫سالمة َّ‬ ‫‪2-2‬‬
‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫واض ُع‪.‬‬
‫والغ َّل ال ي ِ‬
‫جتم ِ‬ ‫األخو َة اإليماني َة ِ‬ ‫اإليماني ِة؛ َّ‬ ‫خو ِة‬ ‫تنمية ِ‬
‫عان في‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫فإن ُ َّ‬ ‫َّ‬
‫رابط ُ‬
‫األ َّ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قلب‬
‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الخير َ‬ ‫ِ‬ ‫بالمحب ِة‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 5-5‬م ْل ُء‬
‫لآلخ َ‬ ‫وإرادة‬ ‫َّ‬ ‫القلب‬
‫أل ِ‬
‫خيه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المرء َ‬ ‫اعتذار‬ ‫‪6-6‬‬
‫ُ‬
‫الهد َّي ِة‪.‬‬
‫تقديم َ‬
‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬

‫((( انظر ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪.)181/3‬‬


‫((( ((الهمة العالية)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص‪.)55 :‬‬
‫‪368‬‬
‫دقِحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ْ 8-8‬تر ُك‬


‫لألحقاد‪.‬‬ ‫الغضب ا َّلذي هو ٌ‬
‫سبب‬

‫أسباب احلق ِد‪:‬‬


‫ُ‬
‫والمنا َف ُ‬
‫سة‪.‬‬ ‫الممارا ُة ُ‬
‫‪ُ 1-‬‬
‫ُ‬
‫صومة‪.‬‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الخ‬
‫غرس ِ‬
‫ِ‬
‫القلوب‪.‬‬ ‫الحقدَ في‬ ‫خر ُج عن حدِّ ه َي ِ ُ‬
‫زاح ا َّلذي َي ُ‬
‫الم ُ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫غض الع ِ‬
‫نيف‪.‬‬ ‫الشديد ُة إلى حدِّ ال ُب ِ َ‬
‫‪4-4‬الكراه َي ُة َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُ‬
‫كر ُهه الحاقدُ (((‪.‬‬
‫بمن َي َ‬ ‫غبة باالنتقا ِم‪ ،‬وبإنزال ُّ‬
‫السوء َ‬ ‫‪َّ 5-5‬‬
‫ُ‬
‫أحوال َ‬
‫املقو ِد عليه‪:‬‬
‫ُ‬
‫العدل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫قصان‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬
‫زيادة أو ُن‬ ‫ستح ُّقه ِمن ِ‬
‫غير‬ ‫أحدُ ها‪ :‬أن يستوفي ح َّقه ا َّلذي ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫الفضل‪.‬‬ ‫بالعفو والص ِ‬
‫لة‪ ،‬وذلك هو‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثاني‪ :‬أن ي ِ‬
‫حس َن إليه‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الث‪ :‬أن َي ِ‬
‫ال َّث ُ‬
‫األراذل‪،‬‬ ‫اختيار‬
‫ُ‬ ‫ور‪ ،‬وهو‬ ‫ظل َمه بما ال َيستح ُّقه‪ ،‬وذلك هو َ‬
‫الج ُ‬
‫ِ‬
‫الحين(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫الص‬
‫درجات َّ‬‫واألو ُل هو ُمنتهى َ‬
‫َّ‬ ‫الصدِّ َ‬
‫يقين‪،‬‬ ‫اختيار ِّ‬
‫ُ‬ ‫والثَّاني هو‬

‫احلقد‪:‬‬ ‫احل َك ُم واألمثال ِّ‬


‫والشع ُر يف ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبِ ِد(((‪.‬‬ ‫وغ ِ‬
‫لظة َ‬ ‫قد ِ‬
‫بالح ِ‬
‫ ‪َ -‬أح َقدُ ِمن جم ٍل‪ .‬العرب َت ِص ُف البعير ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫الح ِ‬
‫قد(((‪.‬‬ ‫باطن ِ‬
‫ِ‬ ‫خير ِمن‬ ‫ظاهر ِ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫تاب ٌ‬ ‫ ‪ُ -‬‬

‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)723/1‬‬


‫((( ((إحياء علوم الدِّ ين)) للغزالي (‪.)181/3‬‬
‫((( ((المستقصى من أمثال العرب)) للزمخشري (‪.)69/1‬‬
‫((( ((المستطرف)) لألبشيهي (ص‪.)37 :‬‬
‫‪369‬‬
‫دقِحلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخ ُل ِق(((‪.‬‬
‫وسوء ُ‬ ‫يش‪ِ :‬‬
‫الحقدُ ‪ ،‬والحسدُ ‪،‬‬ ‫ثالثة ال َي ُ‬
‫هنأ لصاحبِها َع ٌ‬ ‫قال‪ٌ :‬‬‫ ‪-‬و ُي ُ‬
‫ُ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫ـــس ِ‬
‫بالع َل ِل‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫هـــول َملي ُء النَّ ْف‬ ‫َّإل َج‬ ‫الحقـــدُ داء دفيـــن ليـــس ي ِ‬
‫حم ُل ُه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ َ‬
‫الح َي ِ‬‫إذن ل َغبـــي فاقـــدُ ِ‬ ‫إنِّـــي ْ‬ ‫قد يشـــقيني و َأ ِ‬
‫حم ُل ُه‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ـــل‬ ‫ٌّ‬ ‫ما لـــي وللح ُ‬
‫الم ْج ِد َأ ْحلى لـي ِم َن َّ‬
‫الز َل ِل‬ ‫ـب َ‬
‫ِ‬
‫و َمرك ُ‬ ‫ب لي‬ ‫رح ُ‬ ‫الص ِ‬
‫در َأ ُ‬
‫هنأ لـي و َأ َ‬ ‫سلام ُة َّ‬

‫((( ((المستطرف)) لألبشيهي (ص‪.)221 :‬‬


‫‪370‬‬
‫ثبُخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخُبث‬

‫معنى اخلبث‪:‬‬
‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫وخ ُب َث َّ‬ ‫زق والو َل ِد وال َّن ِ‬
‫اس‪َ .‬‬ ‫ب ِم َن الر ِ‬
‫ِّ‬ ‫بيث ِضدُّ َّ‬
‫الط ِّي ِ‬ ‫الخ ْب ُث ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫الخ ُ‬ ‫ُ‬
‫بث(((‪.‬‬ ‫والم ْخبِ ُث‪ :‬ا َّلذي ُيع ِّل ُم ال َّن َ‬
‫اس ُ‬
‫الخ َ‬ ‫ديء‪ُ ...‬‬ ‫ُخب ًثا فهو َخ ٌ‬
‫بيث‪ ،‬أي‪َ :‬خ ٌّب َر ٌ‬
‫ِ‬
‫المكر‬ ‫الخير له‪ ،‬واستِ ُ‬
‫عمال‬ ‫ِ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫للغير‪،‬‬ ‫إضمار َّ‬
‫الش ِّر‬ ‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫بث‬ ‫ُ‬
‫الخ ُ‬
‫والخديعة في المعام ِ‬
‫الت(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫بث يف القرآن ُّ‬ ‫در‪ ،‬و َذ ُّم ُ‬
‫اخل ِ‬ ‫الص ِ‬
‫المة َّ‬ ‫َ‬
‫احل ُّث على َس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫واألنصار‪:‬‬ ‫رين‬ ‫الم ِ‬
‫هاج َ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين ا َّلذين جاؤُ وا من بعد ُ‬ ‫ ‪-‬قال تعالى ُمثْنِ ًيا على ْ‬
‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮊ [الحشر‪.]10 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِْ ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫والفاجر َخ ٌّب َلئ ٌ‬
‫يم))(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كريم‪،‬‬
‫((المؤم ُن غ ٌّر ٌ‬ ‫ ‪-‬قال ص َّلى ُ‬

‫بث‪:‬‬ ‫ذم ُ‬
‫اخل ِ‬ ‫ما قيل يف ِّ‬
‫ٌ‬
‫إخوان‬ ‫لكم ِعبا َد ِ‬
‫الله ال َتحا ُّبون وأنتم‬ ‫الله عنه‪( :‬ما ُ‬ ‫ِ‬
‫ضي ُ‬‫ ‪-‬قال أبو الدَّ ْرداء َر َ‬
‫ِ‬
‫سرائر ُكم)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أهوائكم َّإل ُخ ُ‬
‫بث‬ ‫على الدِّ ين؟! ما َّ‬
‫فرق ْبين‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)141/2‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)33 :‬‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4790‬والترمذي (‪ )1964‬من حديث أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫حسنه األلباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)4790‬‬
‫((( أخرجه بنحوه ابن أبي الدنيا في ((ذم الدنيا)) (‪.)427‬‬
‫‪371‬‬
‫ثبُخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫القلب َّإل‬ ‫لم ا َّلذي هو عباد ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صح الع ُ‬ ‫ابن َجماع َة الك ُّ‬
‫ناني‪( :‬ال َي ُّ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ورديئِها)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق َ‬ ‫ث َمساوي‬ ‫فات‪ ،‬وحدَ ِ‬
‫بث الص ِ‬
‫ِّ‬
‫بطهارتِه عن ُخ ِ‬

‫عم ُله)(((‪.‬‬
‫عم ُله‪ ،‬و َمن خ ُب َث ْت ن ْف ُسه َخ ُبث َ‬ ‫طابت ن ْف ُسه َ‬
‫طاب َ‬ ‫ْ‬ ‫ ‪-‬وقيل‪َ ( :‬من‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫بث َ‬ ‫آثا ُر ُ‬
‫اخل ِ‬
‫والف ِ‬
‫حش‪.‬‬ ‫سان ُ‬ ‫بث سبب لب ِ‬
‫ذاءة ال ِّل ِ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫الخ ُ‬
‫ٌ َ‬
‫ِ‬
‫للحسد‪.‬‬ ‫سبب‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الخ ُ‬
‫بث ٌ‬
‫لهم َّ‬
‫الش َّر‬ ‫ِ‬ ‫الخير ِ‬ ‫س ال ُي ِح ُّب‬
‫خبيث ال َّن ْف ِ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫الخير‪ ،‬و ُيح ُّب ُ‬
‫َ‬ ‫لهم‬
‫كر ُه ُ‬
‫لغيره‪ ،‬ف َي َ‬ ‫َ‬
‫واأل َذى‪.‬‬

‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬


‫الخ ُ‬
‫الم َ‬
‫للعداوات ْبين أفراد ُ‬
‫سبب َ‬
‫بث ٌ‬

‫دائما‪.‬‬
‫غموم ً‬
‫هموم َم ٌ‬ ‫راحة ِ‬
‫البال‪ ،‬فهو َم ٌ‬ ‫ُ‬ ‫خبيث ال َّن ْف ِ‬
‫س ليس له‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫ِ‬
‫وأخطائهم‪.‬‬ ‫اس‬ ‫منشغ ٌل بتَتب ِع َعو ِ‬
‫رات ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الخبيث‬ ‫‪6-6‬‬
‫ُّ ْ‬
‫س‪:‬‬ ‫بث َّ ْ‬
‫ص ِمن ُخ ِ‬ ‫الت ُّ‬ ‫‏ال َو ُ‬
‫سائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على َّ‬
‫النف ِ‬ ‫خل ِ‬
‫الله عنه هذا الخ ُلقَ َّ‬
‫الس ِّي َئ‪.‬‬ ‫عاء له بأن َير َف َع ُ‬
‫‪1-‬الدُّ ُ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األجر والث ِ‬
‫در‪.‬‬ ‫بسبب سالمة َّ‬ ‫َّواب ا َّلذي َي ُ‬
‫حص ُل‬ ‫الر ُ‬
‫غبة في‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫ِ‬ ‫‪3-3‬أن ي ِ‬
‫جاهدَ ن ْف َسه على أن َي َ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫كون َن َّ‬
‫قي‬ ‫ُ‬
‫كل ٍ‬
‫شهر‪:‬‬ ‫ثالثة أ َّيا ٍم ِمن ِّ‬
‫ِ‬ ‫وم‬
‫‪َ 4-4‬ص ُ‬
‫كل ٍ‬
‫شهر‪،‬‬ ‫وثالثة أ َّيا ٍم ِمن ِّ‬
‫ُ‬ ‫الص ِبر‪،‬‬ ‫وم َش ِ‬
‫هر َّ‬
‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪َ :‬‬
‫((ص ُ‬ ‫قال ص َّلى ُ‬

‫((( ((تذكرة السامع والمتكلم)) البن جماعة الكناني (ص‪.)34 :‬‬


‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)87 :‬‬
‫‪372‬‬
‫ثبُخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الص ِ‬
‫در))(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُيذه ْب َن َو َح َر َّ‬
‫ِ‬
‫الخير لل َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫الص َغ ِر على ُح ِّب‬ ‫ربية ُ‬
‫منذ ِّ‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫الفاضلة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫ِ‬
‫الخير‪ ،‬و َذوي‬ ‫صاح ُبة ِ‬
‫أهل‬ ‫‪ُ 6-6‬م َ‬
‫األمثال ِّ‬
‫والشعر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ضر ِب‬
‫بث يف َم ِ‬ ‫ُ‬
‫اخل ُ‬
‫رارة ُخ ٍ‬
‫بث‪.‬‬ ‫الن ُعصار ُة ُل ْؤ ٍم‪ ،‬في َق ِ‬
‫ ‪ُ -‬ف ٌ‬
‫ئب و َقع في ِ‬ ‫الخ ِ‬
‫بث ِّ‬ ‫ ‪-‬و ُي ُ‬
‫الم ْعزَ ى(((‪.‬‬ ‫كالذ ِ َ‬ ‫قال‪ :‬هو في ُ‬

‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫فيكم آســـي‬
‫ُ‬
‫ولم َيكُـــ ْن ِ‬
‫لجراحي‬ ‫بث َأن ُف ِســـكُم‬
‫َل َّما بـــدَ ا لي منكُم ُخ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـــر كا ْل َي ِ‬
‫اس‬ ‫للح ِّ‬
‫ولن ت ََرى طـــار ًدا ُ‬ ‫كم‬
‫أســـا ُمبينًا مـــن نَوال ُ‬‫َأ ْز َم ْع ُت َي ً‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)23077‬وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪.)37790‬‬


‫حسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (‪.)55/2‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) للميداني (‪.)283/1‬‬
‫‪373‬‬
‫عادخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخداع‬
‫ِ‬

‫معنى اخلداع‪:‬‬
‫المكرو َه ِمن‬ ‫داعا‪ ،‬أي‪َ :‬خ َت َله َ‬ ‫داع ُلغ ًة‪َ :‬خدَ َعه ي ْخدَ ُعه َخدْ ًعا‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الخ ُ‬
‫وأرا َد به َ‬ ‫وخ ً‬ ‫َ‬
‫إظهار ِخ َ‬
‫الف ما ُتخفيه(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حيث ال َيع َل ُم‪َ ،‬‬
‫والخدْ ُع‪:‬‬ ‫ُ‬

‫إبطان ِخالفِه؛‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخير مع‬ ‫ِ‬
‫بإظهار‬ ‫راو ُ‬
‫غة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫داع‬
‫الخ ُ‬‫ِ‬
‫والم َ‬
‫االحتيال ُ‬ ‫ً‬
‫مقصود الم ِ‬
‫خاد ِع(((‪.‬‬ ‫حص َل‬
‫ُ ُ‬ ‫ل َي ُ‬

‫داع وال ُغرور وال َكيد(((‪:‬‬ ‫الفرق ْ‬


‫اخل ِ‬
‫بي ِ‬
‫ِ‬ ‫اإلنسان على فِ ِ‬
‫َ‬ ‫الغرور إيهام ي ِ‬
‫حم ُل‬
‫وج َه‬
‫داع‪ :‬أن َيس ُت َر عنه ْ‬
‫والخ ُ‬ ‫عل ما َي ُض ُّره‪.‬‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ٍ‬
‫كروه‪.‬‬ ‫واب‪ِ ،‬‬
‫فيوق َعه في َم‬ ‫الص ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونظر‪ .‬وقيل‪َ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫كون َّإل بعد تد ُّب ٍر وفِ ْك ٍر‬ ‫َ‬
‫والكيدُ ال َي ُ‬
‫المكروه‬ ‫لفعل‬ ‫الكيدُ ٌ‬
‫اسم‬
‫هر‪ ،‬بل ْ‬
‫بأن ُير َيه بأ َّنه‬ ‫بالغير ِمن ِ‬
‫غير َق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المكروه‬ ‫ِ‬
‫لفعل‬ ‫اسم‬ ‫ُ‬
‫والخديعة‪ٌ :‬‬ ‫هرا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالغير َق ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ديعة في المعام ِ‬ ‫َين َف ُعه‪ ،‬ومنه ُ‬
‫الخ ُ‬
‫إظهار ما ُيبط ُن خال َفه؛ أرا َد اجت َ‬
‫الب‬ ‫ُ‬ ‫داع‬
‫والخ ُ‬ ‫لة‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫ونظر وفِ ْك ٍر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كون بعد َتد ُّب ٍر‬ ‫ن ْف ٍع أو د ْف َع ُض ٍّر‪ ،‬وال َيقتَضي أن َي َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عنه من ال ُق ِ‬


‫رآن ُّ‬ ‫اخلداع َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم ِ ِ‬‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)165/1‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)63/8‬‬


‫((( ((إغاثة اللهفان)) البن ال َق ِّي ِم (‪.)340/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)383 ،258 :‬‬
‫‪374‬‬
‫عادخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ﮁ ﮂ ﮊ [البقرة‪.]9 :‬‬
‫ِ‬ ‫ظين ِمن ِخدا ِع‬
‫نين ح َّتى َيكونوا َي ِق َ‬
‫والمؤ ِم َ‬
‫األعداء لهم‪:‬‬ ‫نبيه‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ ‪-‬وقال تعالى ُمخاط ًبا َّ‬
‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞﮊ‬
‫[األنفال‪.]62 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫كريم‪ ،‬والفاج ٌر َخ ٌّب َل ٌ‬
‫ئيم))(((‪.‬‬ ‫((الم ْؤم ُن غ ٌّر ٌ‬
‫ُ‬
‫داع‪:‬‬
‫اخل ِ‬
‫ذم ِ‬
‫السلف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫األمر‬ ‫ميا‪ ،‬لو َأ َت ُوا‬ ‫عون الل َه كأ َّنما ي ِ‬
‫خاد َ‬ ‫الله‪( :‬ي ِ‬
‫خاد َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫عون آ َد ًّ‬ ‫ُ‬ ‫وب رحمه ُ ُ‬ ‫ ‪-‬قال ُّأي ُ‬
‫علي)(((‪.‬‬ ‫ِعيا ًنا كان َأ ْه َ‬
‫ون َّ‬
‫باطل ال َي ِح ُّل)(((‪.‬‬
‫داع ٌ‬ ‫خائ ٌن‪ ،‬وهو ِخ ٌ‬
‫آك ُل ِربا ِ‬
‫ً‬
‫اج ُش ِ‬
‫ابن أبي َأ ْوفى‪( :‬ال َّن ِ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬

‫داع‪:‬‬
‫اخل ِ‬
‫أقسا ُم ِ‬
‫فإن كان بحقٍّ فهو‬‫وخدا ٍع َمذمو ٍم؛ ْ‬‫محمود‪ِ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫ين‪ِ :‬خدا ٍع‬
‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫نقسم ِ‬ ‫ِ‬
‫داع إلى ق َ‬‫الخ ُ‬ ‫َي ُ‬
‫ِ‬
‫حمود‪َ :‬قو ُله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حمود‪ْ ،‬‬
‫الله تعالى‬ ‫ذموم‪ .‬وم َن ال َّنو ِع َ‬
‫الم‬ ‫بباطل فهو َم ٌ‬ ‫وإن كان‬ ‫ٌ‬ ‫َم‬
‫عة))(((‪.‬‬‫((الح ْر ُب َخدْ ٌ‬
‫َ‬ ‫ع َل ِيه وآلِ ِه وس َّل َم‪:‬‬
‫الله عنه‪ ،‬ا َّلذي‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن حمار َر َ‬ ‫ياض ِ‬‫حديث ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫المذمو ِم‪َ :‬قو ُله في‬
‫وم َن ال َّنو ِع َ‬
‫ِ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4790‬والترمذي (‪ ،)1964‬وأحمد (‪ )9107‬من حديث أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ضي‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫ُ‬
‫حسنه األلباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)4790‬‬
‫((( أخرجه البخاري معل ًقا بصيغة الجزم قبل حديث (‪ .)6964‬قال ابن حجر في ((تغليق التعليق))‬
‫(‪ :)264/5‬قال وكيع في مصنفه‪ :‬ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بهذا‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري معل ًقا بصيغة الجزم قبل حديث (‪.)2142‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3030‬ومسلم (‪.)1739‬‬
‫‪375‬‬
‫عادخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫رج ًل ال ُيصبِ ُح وال‬ ‫ِ‬ ‫((أه ُل ال َّن ِ‬


‫مسة‪َ ...‬ذ َكر م ُنهم ُ‬
‫ار َخ ٌ‬ ‫مسلم في صحيحه‪ْ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫رواه‬
‫أه ِل َك ومالِ َك))‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُي ْمسي َّإل وهو ُيخاد ُع َك عن ْ‬
‫و َقو ُله تعالى‪ :‬ﮋﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁﮂ ﮊ [البقرة‪ ،]9 :‬و َقو ُله تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗﮊ [األنفال‪.]62 :‬‬
‫داع املذموم‪:‬‬
‫اخل ِ‬
‫ِمن ص َو ِر ِ‬
‫ِ‬
‫للكفر‪.‬‬ ‫بإظهارهم لإلسال ِم‪ ،‬وإبطانِهم‬
‫ِ‬ ‫المنافِ َ‬
‫قين لل َّناس؛‬ ‫‪ِ 1-‬خ ُ‬
‫داع ُ‬
‫والش ِ‬
‫راء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المالية؛ كال َبي ِع ِّ‬ ‫داع في المعام ِ‬
‫الت‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫ُ َ‬ ‫الخ ُ‬
‫ِ‬
‫وإطرائه بما ليس فيه‪.‬‬ ‫داع الرعي ِة للراعي؛ بم ِ‬
‫دحه‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪3-3‬خ ُ َّ َّ َّ‬
‫إعطائهم ما ي ِ‬
‫ستح ُّقونه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بظ ِ‬
‫لمهم‪ ،‬وبعدَ ِم‬ ‫عي ِة؛ ُ‬ ‫‪ِ 4-4‬خ ُ‬
‫َ‬ ‫للر َّ‬
‫الراعي َّ‬
‫داع َّ‬
‫قين في ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 5-5‬خ ُ‬
‫ألج ِل ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫عملهم ْ‬
‫َ‬ ‫فهم ُيشابِهون ُ‬
‫المناف َ‬ ‫باألعمال؛ ُ‬ ‫رائين‬
‫الم َ‬ ‫داع ُ‬
‫ضر ِة به‪.‬‬
‫الم َّ‬
‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫ديق؛ إللحاق َ‬ ‫‪ِ 6-6‬خ ُ‬
‫داع َّ‬
‫ِ‬
‫األعمال‬ ‫تكليفهم ِم َن‬
‫ِ‬ ‫الم َّت َفقَ عليه‪ ،‬أو‬
‫هم ُ‬
‫ِ‬ ‫العم ِ‬
‫ال؛ بعدَ ِم إعطائهم ْ‬
‫أج َر ُ‬ ‫‪ِ 7-7‬خ ُ‬
‫داع ُ َّ‬
‫فوق طاقتِهم‪.‬‬
‫َ‬
‫اخلداع‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك ِ‬
‫جل وعال‪.‬‬ ‫مل ِ‬
‫لله َّ‬ ‫الع ِ‬
‫إخالص َ‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫الشر ِع الحنِ ِ‬
‫يف‪.‬‬ ‫وااللتزام بأحكا ِم َّ‬ ‫ِ‬
‫الفاضلة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُ‬
‫ربية على‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شعار ُمراقبتِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬ال ِّث ُ ِ‬
‫قة بالله‪ ،‬واست ُ‬
‫المرء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ناعة بما ُر ِزق‬
‫‪4-4‬ال َق ُ‬
‫فقة الص ِ‬‫سة الر ِ‬
‫الحة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ُ 5-5‬مجا َل ُ ُّ‬

‫‪376‬‬
‫عادخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫خاد ُع؛ لِر ِ‬


‫دعه عن ذلك‪.‬‬ ‫‪6-6‬معا َق ُبة من ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫اخلدا ُع يف األمثال ِّ‬
‫والشعر‪:‬‬ ‫ِ‬
‫جيء إلى‬ ‫َلط ًفا‪ ،‬وأص ُله‪َّ :‬‬
‫الر ُج ُل َي ُ‬ ‫الن ُي َق ِّر ُد ُفال ًنا؛ إذا خا َد َعه ُمت ِّ‬
‫ ‪-‬قو ُلهم‪ُ :‬ف ٌ‬
‫القرا َد ‪-‬وهو ُد َو ْي َب ٌة‬ ‫كب منها َب ِع ًيرا‪ ،‬ف َي ُ‬
‫خاف أن َي ْر ُغ َو‪ ،‬ف َي ْن ِز ُع منه ُ‬ ‫ِ‬
‫اإلبل َل ًيل؛ ل َي ْر َ‬
‫ِ‬
‫ثم َي ْخطِ ُمه(((‪.‬‬ ‫س إليه‪َّ ،‬‬
‫اإلبل‪ -‬حتى ي ْ ِ‬
‫ستأن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫ٌ‬
‫عروفة َت َع ُّ‬ ‫َم‬

‫ناع(((‪.‬‬ ‫ف ِ‬
‫الق َ‬ ‫كش َ‬
‫داع‪َ ،‬من َ‬ ‫ ‪-‬وقو ُلهم‪ :‬تر َك ِ‬
‫الخ َ‬ ‫َ‬
‫ ‪-‬وقو ُلهم‪َ :‬أخدَ ُع ِمن َض ٍّب(((‪.‬‬

‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫ـــش ُي ِ‬
‫داجيني‬ ‫ـــح َأ ْم على ِغ ٍّ‬ ‫ِ‬
‫أناص ٌ‬ ‫لســـت َأ ْدري ِمـــن َت َل ُّونِ ِه‬
‫ُ‬ ‫ُق ْل لِ َّلذي‬
‫ـــج و ُأخرى ِم َ‬ ‫ِ‬
‫نك ت َْأ ُســـوني‬ ‫َيدٌّ ت َُش ُّ‬ ‫عج ًبا‬
‫ـــمتَني َ‬ ‫ممـــا ُس ْ‬ ‫إنِّـــي َلُكث ُر َّ‬
‫عنـــك َي ْأتيني‬
‫َ‬ ‫وكل‬‫آخريـــ َن ٌّ‬‫فـــي َ‬ ‫َت ْغتا ُبني ِعنـــدَ َأقـــوا ٍم وتَمدَ ُحني‬
‫(((‬
‫ف لسـان ََك عن َذ ِّمـي وت َْزييني‬
‫فاك ُف ْ‬ ‫ـــو ِن ب ْينِهما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هـــذان أ ْمران َشـــتَّى َب ْ‬

‫((( ((األمثال)) البن سالم (‪(( ،)12/1‬تاج العروس)) للزبيدي (‪.)27/9‬‬


‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)119/7‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)165/1‬‬
‫((( ((الصداقة والصديق)) ألبي حيان التوحيدي (ص‪.)198 :‬‬
‫‪377‬‬
‫الذخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخذالن‬
‫ِ‬

‫اخلذالن‪:‬‬
‫معنى ِ‬
‫ِ‬
‫الخذالنُ ُلغ ًة‪َ :‬خ َذ َل ُه ِخ ْذال ًنا‪ ،‬إذا َتر َك َع ْو َنه و ُنصر َته‪ .‬وال َّت‬
‫خذيل‪َ :‬ح ْم ُل َّ‬
‫الر ُج ِل‬ ‫ُ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذالن صاحبِه‪ ،‬و َت ُ‬ ‫على ِخ ِ‬
‫نهز ُم(((‪.‬‬ ‫ثبيطه عن ُنصرته‪ .‬والخاذ ُل‪ُ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صر َته‪ ،‬و َت ْر ُك‬ ‫ِ‬
‫واإلغاثة(((‪.‬‬ ‫العون‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ت ْر ُك َمن ُي َظ ُّن به أن َي ُ‬
‫نص َر ُن َ‬ ‫ً‬ ‫الخذالن‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ذالن َّ‬


‫والتحذي ُر منه يف القرآن ُّ‬ ‫اخل ِ‬
‫ذم ِ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قــال تعالــى‪ :‬ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮊ‬
‫[اإلســراء‪.]22 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬


‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﮊ [الفرقان‪.]29-27 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬


‫الله ص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫حق ُره))(((‪.‬‬ ‫خذ ُله‪ ،‬وال ي ِ‬ ‫((المسلم َأ ُخو المس ِل ِم‪ ،‬ال َي ِ‬
‫ظل ُمه‪ ،‬وال َي ُ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عت ال َّن َّ‬
‫الله عنه قال‪ِ :‬‬
‫سم ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بن ُق َّر َة َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ُمعاوي َة ِ‬
‫الله‪ ،‬ال َي ُض ُّر ُهم َمن َخ َذ َل ُهم وال َمن‬ ‫بأمر ِ‬
‫قائمة ِ‬
‫ٌ‬ ‫زال ِمن ُأ َّمتي ُأ َّم ٌة‬
‫يقول‪(( :‬ال َي ُ‬
‫ُ‬

‫((( ((تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪(( ،)140/7‬الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)1683/4‬لسان العرب))‬
‫البن منظور (‪.)202/11‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)277 :‬فتح القدير)) للشوكاني (‪ )451/1‬و(‪.)85/4‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2564‬‬
‫‪378‬‬
‫الذخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وهم على ذلك))(((‪.‬‬ ‫خا َل َفهم‪ ،‬ح َّتى يأتيهم أمر ِ‬


‫الله ُ‬ ‫َ َُ ُْ‬ ‫ُ‬

‫اخلذالن‪:‬‬
‫لف وال ُعلما ِء يف ِ‬
‫الس ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫ُ ِ ِ‬ ‫لمحم ِد ِ‬
‫عالمة الخذالن؟ قال‪( :‬أن َيستقبِ َح َّ‬
‫الر ُج ُل‬ ‫ظي‪ :‬ما‬
‫الق َر ِّ‬ ‫بن ٍ‬
‫كعب ُ‬ ‫َّ‬ ‫ ‪-‬قيل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حسنًا‪ ،‬و َيستحس َن ما كان عندَ ه ً‬
‫قبيحا)(((‪.‬‬ ‫ما كان عنده َ‬
‫(العقل والهوى ِضدَّ ِ‬
‫ُ‬
‫وفيق‪ ،‬و َق ُ‬
‫رين‬ ‫ِ‬
‫العقل ال َّت ُ‬ ‫ان‪ ،‬فمؤ َّيدُ‬ ‫َ‬ ‫بن عبيد َة‪:‬‬ ‫علي ُ‬
‫ ‪-‬وقال ُّ‬
‫كانت في َح ِّي ِزه)(((‪.‬‬ ‫س ْبي ُنهما‪ ،‬فأ ُّي ُهما َظ ِفر ْ‬ ‫الهوى ِ‬
‫الخ ُ‬
‫ذالن‪ ،‬وال َّن ْف ُ‬ ‫َ‬
‫فون على َّ‬
‫أن ال َّتوفيقَ‬ ‫ِ‬
‫العار َ‬ ‫فين‪َ :‬أ َ‬
‫جم َع‬ ‫ِ‬
‫العار َ‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬قال ُ‬
‫بعض‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫أن ِ‬ ‫الله إلى ن ْف ِسك‪َ ،‬‬
‫أن ال َي ِك َلك ُ‬
‫ذالن أن ُيخ ِّل َي ْبينك ْ‬
‫وبين‬ ‫الخ َ‬ ‫جمعوا على َّ‬‫وأ َ‬
‫ن ْف ِسك)(((‪.‬‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫ذالن َ‬
‫اخل ِ‬‫آثار ِ‬
‫الذ ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫وح ِّب َّ‬ ‫ِ‬
‫انتشار عدْ َوى األنانية ُ‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫العام ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخاصة على المصلحة َّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫المصلحة‬ ‫وتقديم‬
‫ُ‬
‫‪2-2‬إيثار الر ِ‬
‫احة‪،‬‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬انعدام َّ ِ‬
‫نكوب‪.‬‬‫الم‬ ‫الشهامة‪ ،‬و َنجدة َ‬
‫الملهوف‪ ،‬وإغاثة َ‬ ‫ُ‬
‫األ ِ‬
‫لمين‪.‬‬
‫المس َ‬ ‫انقطاع ُع َرى ُ َّ‬
‫خوة ْبين ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫الهزيمة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أسباب‬ ‫ذالن ِمن‬
‫الخ ُ‬‫‪ِ 5-5‬‬

‫عار ي َق ُع على صاحبِه‪.‬‬ ‫‪ِ 6-6‬‬


‫الخ ُ‬
‫ذالن ٌ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3641‬ومسلم (‪.)1037‬‬


‫((( ((البيان والتبيين)) للجاحظ (‪.)199/2‬‬
‫((( ((تسهيل النظر)) للماوردي (ص‪.)14 :‬‬
‫((( ((مفتاح دار السعادة)) البن ال َق ِّي ِم (‪.)132/1‬‬
‫‪379‬‬
‫الذخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اخلذالن‪:‬‬
‫من ص َو ِر ِ‬
‫القدرة على ُنصرتِه(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذالن المظلو ِم مع‬‫‪ِ 1-‬خ ُ‬
‫ف عن ُظ ِ‬
‫لمه‪.‬‬ ‫صحه بال َّتو ُّق ِ‬
‫الظال ِم بعدَ ِم ُن ِ‬ ‫‪ِ 2-2‬خ ُ‬
‫ذالن َّ‬
‫فة ِمن ِص ِ‬
‫فات‬ ‫الجهاد‪ ،‬وعدَ ُم ُنصرتِهم‪ ،‬وهذه ِص ٌ‬ ‫ِ‬ ‫لمين في‬ ‫‪ِ 3-3‬خ ُ‬
‫المس َ‬‫ذالن ْ‬
‫المنافِ َ‬
‫قين‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اخلذالن‪:‬‬
‫الوقوع يف ِ‬
‫ِ‬ ‫من أسباب‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫‪1-‬البعدُ عن ِخ ِ‬
‫الل‬ ‫ُ‬
‫بغير ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫االستعانة ِ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫والمنافِ َ‬
‫قين‪.‬‬ ‫الكافرين ُ‬
‫َ‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫طاعة‬
‫اإلخوة في ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فار ُ‬
‫قة‬ ‫‪ُ 4-4‬م َ‬

‫الظالِ َ‬
‫مين‪.‬‬ ‫كون إلى َّ‬
‫الر ُ‬
‫‪ُّ 5-5‬‬
‫ب الر ِ‬ ‫واإلغراق في ال َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫احة‪.‬‬ ‫هو وط َل ِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الموت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وكراهية‬ ‫‪6-6‬ال َّتكا ُل ُب على الدُّ نيا‪،‬‬

‫جب‪.‬‬
‫الع ُ‬
‫‪ُ 7-7‬‬
‫الر ِ‬
‫أي‪.‬‬ ‫وسوء َّ‬
‫ُ‬ ‫بن‪،‬‬
‫الج ُ‬
‫‪ُ 8-8‬‬
‫ِ‬
‫بالقضاء وال َقدَ ِر‪.‬‬ ‫‪9-9‬عدَ ُم ِّ‬
‫الرضا‬

‫اخلذالن‪:‬‬ ‫من الوسائل املُ ِع ِ‬


‫ينة على اجتناب أسباب ِ‬
‫صو ِره‪.‬‬
‫بكل َ‬ ‫اإلحسان إلى ال َّن ِ‬
‫اس ِّ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫االستعانة ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫((( ((الزواجر)) للهيتمي (‪.)189/2‬‬


‫‪380‬‬
‫الذخلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫واالفتقار ِ‬
‫ِ‬ ‫الذ َّل ِة‬
‫وإظهار ِّ‬ ‫الع ِ‬
‫لله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫جب‪،‬‬ ‫‪3-3‬عدَ ُم ُ‬
‫بواجب ال ُّن ِ‬
‫صرة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الخوف ِم َن القيا ِم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالقضاء والقدَ ِر‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫الرضا‬
‫‪ِّ 4-4‬‬
‫لة األرحا ِم وال َق ِ‬
‫رابة‪.‬‬ ‫‪ِ 5-5‬ص ُ‬

‫اخلذالن‪:‬‬ ‫احل َك ُم واألمثال ِّ‬


‫والشع ُر يف ِ‬ ‫ِ‬
‫ماس ًكا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خاذ ًل‪ ،‬ومع الق َّلة َت ُ‬
‫الكثرة َت ُ‬ ‫ ‪َّ -‬‬
‫إن مع‬

‫وق َّلتِه(((‪.‬‬
‫يش ِ‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫يعني‪ :‬في كثرة َ‬
‫فاز بالسه ِم َ‬
‫األخ َي ِ‬ ‫ٍ‬
‫ب‪.‬‬ ‫فاز ُبفالن‪َّ َ ،‬‬
‫ ‪َ -‬من َ‬
‫ِ‬
‫الحاجة(((‪.‬‬ ‫خذ ُل في ِ‬
‫وقت‬ ‫لِ َمن ُي َ‬

‫نبري‪:‬‬
‫الع ُّ‬
‫ ‪-‬قال عبد َ‬
‫اله َوى والتَّخا ُذ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بيلــــة‬ ‫إذا مــــا َأرا َد اللــــ ُه ُذ َّل َق‬
‫(((‬
‫ماها بتَشـــتيت َ‬
‫َر َ‬

‫((( ((مجمع األمثال)) للميداني (‪.)61/1‬‬


‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)144/7‬‬
‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي حسين المهدي (‪.)136/2‬‬
‫‪381‬‬
‫ةنايخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخيانة‬

‫معنى اخليانة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫والخ ْو ُن ْ‬ ‫ِ‬
‫األمانة‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الخيان ُة ُلغ ًة‪:‬‬
‫اإلنسان فال َي ْن َص ُح(((‪.‬‬ ‫أن ُي ْؤ َت َ‬
‫من‬ ‫نقيض‬

‫ٌ‬
‫شاملة لجمي ِع‬ ‫الس ِّر‪ ،‬وهي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬مخا َل ُ‬
‫فة الحقِّ‬ ‫الخيانة‬
‫بنقض العهد في ِّ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫األموال‬ ‫اإلنسان عليه ِم َن‬
‫ُ‬ ‫يؤ َت ُ‬
‫من‬ ‫رعي ِة‪ .‬وقيل‪ :‬هي االستِ ُ‬
‫بداد بما ْ‬ ‫ِ‬
‫كاليف َّ‬
‫الش َّ‬ ‫ال َّت‬
‫ود ِعه(((‪.‬‬‫واألعراض والحر ِم‪ ،‬و َتم ُّل ُك ما يستَو َد ُع‪ ،‬ومجاحد ُة م ِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ُ َ‬
‫والس ِرقة ِّ‬
‫والنفاق(((‪:‬‬ ‫يانة َّ‬
‫اخل ِ‬ ‫رق ْ‬
‫بي ِ‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫وج ٍه كان‪ُ ،‬ي ُ‬
‫قال‪:‬‬ ‫بأي ْ‬‫سر َقك ِس ًّرا ِّ‬ ‫والس ُ‬
‫ارق َمن َ‬ ‫الخائن ا َّلذي ائ ُت ِم َن َ‬
‫فأخ َذ‪َّ .‬‬ ‫ُ‬
‫جاه َرك ولم َيستَتِ ْر‪،‬‬
‫والغاصب‪ :‬ا َّلذي َ‬
‫ُ‬ ‫سار ٍق خائنًا‪.‬‬
‫كل ِ‬‫سار ٌق‪ ،‬وليس ُّ‬ ‫خائن ِ‬
‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫كل‬
‫صب‪.‬‬‫والغ ِ‬ ‫ِ‬
‫الخيانة َ‬ ‫قة ُدون‬ ‫والقطع في الس ِر ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واألمانة‪ ،‬والن َ‬
‫ِّفاق‬ ‫ِ‬
‫بالعهد‬ ‫بارا‬‫الخيان َة ُت ُ ِ‬
‫أن ِ‬‫ِّفاق واحدٌ ‪َّ ،‬إل َّ‬
‫يانة والن ُ‬ ‫ِ‬
‫والخ ُ‬
‫قال اعت ً‬
‫بارا بالدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ي ُ ِ‬
‫قال اعت ً‬ ‫ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫يانة َّ‬
‫والتحذي ُر منها يف القرآن ُّ‬ ‫اخل ِ‬
‫ذم ِ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ‬
‫ﰊﰋﮊ [الحج‪.]38 :‬‬

‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)305 :‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)144 /13‬‬
‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (‪(( ،)31‬مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (‪.)229/8‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)228 :‬المفردات)) للراغب (ص‪.)305 :‬‬
‫‪382‬‬
‫ةنايخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ‬


‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ [األنفال‪.]58 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عنهما‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫مرو َر َ‬ ‫بن َع ٍ‬
‫الله ِ‬‫عبد ِ‬
‫ ‪-‬عن ِ‬

‫كانت‬
‫ْ‬ ‫صلة ِم ُنه َّن‬ ‫كانت ِ‬
‫فيه َخ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫فيه كان ُمنافِ ًقا خالِ ًصا‪ ،‬و َمن‬
‫((أربع من ُكن ِ‬
‫َّ‬ ‫قال‪َ ٌ َ َ :‬‬
‫ِّفاق ح َّتى َيدَ َعها‪ :‬إذا اؤْ ُت ِم َن َ‬
‫خان‪ ،‬وإذا َحدَّ َث َك َذ َب‪ ،‬وإذا َ‬
‫عاهدَ‬ ‫صلة ِم َن الن ِ‬
‫فيه َخ ٌ‬

‫َغدَ َر‪ ،‬وإذا َ‬


‫خاص َم َف َج َر))(((‪.‬‬

‫اخليانة(((‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِ‬
‫أقوال َّ‬
‫البيت ِخ ٌ‬
‫يانة‪ ،‬ذه َب ْت‬ ‫ِ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪( :‬إذا كانت في‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أنس ِ‬
‫بن مالك َر َ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫منه ال َب َر ُ‬
‫كة)‪.‬‬
‫ِ‬
‫األعمال أن ال َّ‬
‫تؤخ َر ُعقوب ُته‬ ‫(إن ِمن َأجدَ ِر‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫عي قال‪ :‬كان ُي ُ‬‫الر َب ِّ‬
‫ٍ‬
‫ ‪-‬وعن خالد َّ‬
‫واإلحسان ُيك َف ُر)‪.‬‬
‫َ‬ ‫والر ِح َم ُت َ‬
‫قط ُع‪،‬‬ ‫خان‪َّ ،‬‬‫عج َل عقوب ُته‪ :‬األمان َة ُت ُ‬
‫أو ُي َّ‬
‫ِ‬
‫أخالق‬ ‫ار‪ ،‬وليس ِمن‬ ‫يانة في ال َّن ِ‬ ‫ديعة ِ‬
‫والخ ُ‬ ‫والخ ُ‬ ‫كر َ‬ ‫(الم ُ‬
‫ٍ‬
‫ ‪-‬وعن ُمجاهد‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫الخ ُ‬
‫يانة)‪.‬‬ ‫المؤ ِم ِن المكر وال ِ‬
‫ْ‬
‫َ ُ‬
‫ضارها‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫اخليانة َ‬
‫ِ‬ ‫آثا ُر‬
‫وجل على ِ‬
‫العبد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫سخ ُط الل َه َّ‬
‫عز‬ ‫‪ُ 1-‬ت ِ‬

‫هيم ورا َء‬ ‫وج َعله َو ً‬ ‫ِ‬ ‫جر َده ِمن‬ ‫ِ‬ ‫داء َو ٌ‬
‫حشا َي ُ‬ ‫إنسانيته‪َ ،‬‬
‫َّ‬ ‫َشرى باإلنسان َّ‬ ‫بيل إذا است َ‬ ‫‪ٌ 2-2‬‬
‫لذاتِه‪.‬‬
‫َم َّ‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫العار في الدُّ نيا‪ ،‬وال َّن ِ‬
‫ار في‬ ‫موص ٌل إلى ِ‬ ‫طريق ِ‬ ‫‪ٌ 3-3‬‬
‫ُ‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫أسوأ ما ُيبطِ ُن‬
‫‪ُ 4-4‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )34‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)58‬‬


‫((( ((مكارم األخالق)) للخرائطي (‪.)155 ،72 ،71‬‬
‫‪383‬‬
‫ةنايخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عالمات اضمحاللِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الخيانة في المجتم ِع ِمن‬


‫ِ‬ ‫انتشار‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫ِ‬
‫الخيانة(((‪.‬‬ ‫ش؛ أل َّنها ك َّلها ِم َن‬ ‫شوة والم ْط ِل ِ‬
‫والغ ِّ‬ ‫لول والر ِ‬ ‫الغ ِ‬‫انتشار ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪7-7‬فِ ُ‬
‫جتمعِ‪.‬‬ ‫قدان ال ِّثقة ْبين أفراد ُ‬
‫الم َ‬
‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أواص ِر المحب ِة وال َّت ِ‬
‫فك ِك ِ‬ ‫‪َ 8-8‬ت ُّ‬
‫الم َ‬ ‫عاون ْبين أفراد ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫والذ َّل لصاحبِها‪.‬‬
‫المهان َة ُّ‬
‫‪9-9‬أ َّنها ُتس ِّب ُب َ‬
‫ِمن ص َو ِر اخليانة(((‪:‬‬
‫الله ورسولِه‪.‬‬ ‫يانة ِ‬ ‫‪ِ 1-‬خ ُ‬

‫نوب ما ال َي َّط ِل ُع عليه َّإل ُ‬


‫الله‪ ،‬و َي َ‬
‫خون به‬ ‫كب ِم َن ُّ‬
‫الذ ِ‬ ‫س‪ِ ْ ،‬‬
‫بأن َيرت َ‬ ‫‪ِ 2-2‬خ ُ‬
‫يانة ال َّن ْف ِ‬
‫فع ِل‪.‬‬ ‫الله تعالى َّ‬‫أمر ِ‬
‫بأل َي َ‬ ‫َْ‬
‫يؤ َت َم ُن‬ ‫ِ‬
‫المال ا َّلذي ْ‬ ‫ِ‬
‫المال‪ :‬و َتتمث َُّل في ِ‬
‫أكل‬ ‫أنواع؛ في‬
‫اس‪ ،‬وهي ٌ‬ ‫‪ِ 3-3‬خ ُ‬
‫يانة ال َّن ِ‬
‫صيحة‪.‬‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والخيانة في ال َّن‬ ‫الس ِّر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وإفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫عليه‬
‫الزوجي ُة بالس ِر ِ‬
‫قة والزِّ نا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َّ‬ ‫الخيانة َّ َّ‬ ‫‪4-4‬‬

‫أوج ُه ُورو ِد اخليانة يف القرآن الكريم‪:‬‬


‫ُ‬
‫أوج ٍه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الخيانة في القرآن الكري ِم على خمسة ُ‬
‫ِ‬
‫وردت‬
‫ين والدِّ ِ‬
‫يانة‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭﮊ [األنفال‪.]27 :‬‬ ‫األو ُل‪ :‬في الدِّ ِ‬
‫َّ‬
‫المال والن ِ‬
‫ِّعمة‪ :‬ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶﮊ [النساء‪.]105 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َّثاني‪ :‬في‬

‫والس َّن ِة‪ :‬ﮋﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﮊ [األنفال‪:‬‬ ‫الث‪ :‬في َّ‬


‫الشر ِع ُّ‬ ‫ال َّث ُ‬
‫ِ‬
‫الفريضة‪.‬‬ ‫إن َت َركوا األمان َة في ُّ‬
‫الس َّنة فقد َتر ُكوها فى‬ ‫‪ ،]71‬أي‪ْ :‬‬

‫((( من ‪ 6 -1‬من كتاب ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)4479/10‬‬


‫((( ((أخالق المنافقين)) ليعقوب المليجي (ص‪ .)84 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪384‬‬
‫ةنايخلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الزنا‪ :‬ﮋ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﮊ [يوسف‪]52 :‬‬ ‫ُ‬


‫الخيانة بمعنَى ِّ‬ ‫ابع‪:‬‬
‫الر ُ‬
‫َّ‬
‫انين‪.‬‬
‫الز َ‬‫أي‪َّ :‬‬
‫العهد والبي ِ‬
‫عة‪ :‬ﮋﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮊ [األنفال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الخامس‪ :‬بمعنَى َن ْق ِ‬
‫ض‬
‫َْ‬ ‫ُ‬
‫ض ٍ‬
‫عهد(((‪.‬‬ ‫‪ ]58‬أي‪َ :‬ن ْق َ‬

‫اخليانة ِمن صفات اليهود‪:‬‬


‫ِ‬
‫يانة؛ فقال تعالى لرسولِه ص َّلى‬
‫أهل ِخ ٍ‬ ‫الله اليهو َد َّإل ً‬
‫قليل منهم بأ َّنهم ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫(وص َ‬
‫َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ :‬ﮋ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‪...‬ﮊ [المائدة‪.]13 :‬‬ ‫ُ‬

‫حين‬ ‫ِ‬
‫اليهود ْبين ٍ‬ ‫الخيان َة ِمن الص ِ‬
‫فات ا َّلتي َت ُبر ُز في‬ ‫أن ِ‬ ‫اآلية تدُ ُّل على َّ‬
‫فهذه ُ‬
‫َ ِّ‬
‫لة ال َّن ِ‬ ‫شأ ُنهم و َديدَ ُنهم‪ ،‬وطريق ُتهم في معام ِ‬
‫يانة ْ‬ ‫وآخر؛ ِ‬
‫فالخ ُ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬وقد كان ْبينه‬ ‫اغتيال الر ِ‬
‫سول ص َّلى ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ِ‬
‫فمن خيانتهم‪ُ :‬محاو َل ُت ُ‬
‫هم‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬
‫أمان‪.‬‬ ‫وبينَهم عهدُ‬
‫ْ‬
‫األحزاب‪ ،‬وقد كان بينَهم وبين الر ِ‬
‫سول عهدٌ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ومن خيانتِهم‪ُ :‬‬
‫تواطؤُ هم مع‬ ‫ِ‬

‫ٌ‬
‫وأمان)(((‪.‬‬
‫اخليانة يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫اعر‪:‬‬
‫الش ُ‬‫قال َّ‬
‫ِ‬
‫وادث‬ ‫ريـــع َح‬ ‫أن ال ُيـــرى َّإل َص‬ ‫ضي الخيان َة ِشـــيم ًة‬ ‫َأ ِ‬
‫َ‬ ‫بمن َر َ‬ ‫ـــق َ‬
‫خل ْ‬
‫ِ (((‬ ‫ـــة أو ِ‬
‫بغـــاد ِر ذم ٍ‬
‫ِ‬
‫ناكـــث‬ ‫َّ‬ ‫أبـــدً ا‬ ‫ـــت األَ ْرزا ُء ُت ْل ِح ُق ُب ْؤ َســـها‬
‫ما زا َل ِ‬

‫((( ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (‪.)152/2‬‬


‫((( ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)614/1‬‬
‫((( ((نهاية األرب في فنون األدب)) للنويري (‪.)364/3‬‬
‫‪385‬‬
‫ا‬
‫لُّذل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الذُّلُّ‬

‫الذ ِّل‪:‬‬
‫تعريف ُّ‬
‫وض َر َع‪ ،‬وا َّت َقى وات ََّضع‪،‬‬ ‫وخ َضع‪ ،‬واست َ‬
‫َخذى َ‬ ‫الذ ُّل ُلغ ًة‪ِ :‬من َذ َّل َ‬
‫وخ َشع‪ ،‬واست َ‬
‫َكان َ‬ ‫ُّ‬
‫وخن ََع‪ ،‬وامت ََه َن واستَس َل َم(((‪.‬‬
‫و َب َخ َع َ‬

‫س واستِ ٌ‬
‫كانة‪،‬‬ ‫ضوع في ال َّن ْف ِ‬
‫وخ ٌ‬ ‫الضع ِ‬
‫ف عن المقاومة‪َ ،‬‬ ‫الذ ُّل ِّ‬
‫والذ َّلة‪ْ َّ :‬‬ ‫اصطالحا‪ُّ :‬‬
‫ً‬ ‫الذ ُّل‬
‫ُّ‬
‫عن الدَّ ف ِع(((‪.‬‬‫جز ِ‬‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من َج َّراء َ‬

‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬ ‫الذ ِّل‬ ‫الف ْر ُق ْ‬
‫بي ُّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫زي‪:‬‬ ‫الذ ِّل ِ‬ ‫••الفرق ْ‬
‫بي ُّ‬
‫واخل ِ‬
‫حياء؛‬ ‫ِ‬ ‫والخ ُ‬
‫الفعل‪َ ،‬‬‫ِ‬ ‫ماع؛ ُلقبحِ‬ ‫الخ ْز ُي‪ُ :‬ذ ٌّل مع افتِضاحٍ ‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ِ‬ ‫ِ‬
‫زاية‪ :‬االست ُ‬ ‫االنق ُ‬
‫ُ‬
‫اإلقامة‬ ‫َويه‪ِ :‬‬
‫الخ ْز ُي‪:‬‬ ‫يب‪ .‬قال ابن َدرست ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫عن َّ ِ ِ‬ ‫انقماع ِ‬ ‫أل َّنه‬
‫ُ َ ْ‬ ‫الشيء؛ لما فيه م َن َ‬ ‫ٌ‬
‫عله أو ُف ِعل به قيل‪َ :‬خ ِز َي‬ ‫وء‪َ ،‬خ ِزي يخزَ ى ِخزيا‪ ،‬وإذا استَحيا ِمن ِ‬
‫سوء فِ ِ‬ ‫على الس ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ًْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ‬
‫ألن اإلقام َة على الس ِ‬
‫وء‬ ‫ٍ‬
‫بشيء؛ َّ‬ ‫واحد‪ ،‬وليس ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫َي ْخزَ ى َخزاي ًة؛ أل َّنهما في معنًى‬
‫ُّ‬
‫ٍ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫واالستِحياء ِمن الس ِ‬
‫وء ليسا بمعنًى‬ ‫َ َ ُّ‬
‫واإلهانة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫اإلذالل‬ ‫••الفرق ْ‬
‫بي‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ره‪ ،‬أو في حك ِم الم ِ‬
‫الك ِ‬
‫جع َله ُمنقا ًدا على ُ‬ ‫ُ‬
‫واإلذالل‬ ‫نقاد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫للر ُج ِل‪ :‬أن َي َ‬
‫الر ُج ِل َّ‬
‫إذالل َّ‬
‫((( ((األلفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة)) البن ٍ‬
‫مالك الطائي (‪.)125/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)251 :‬تفسير ابن عاشور)) (‪.)119/9‬‬
‫((( ) ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)251-248 :‬‬
‫‪386‬‬
‫ا‬
‫لُّذل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وأن‬ ‫أخوذ ِمن َت ِ‬


‫هوين ال َقدْ ِر‪ْ ،‬‬ ‫وان؛ َم ٌ‬‫اله ُ‬
‫لأل ْدنى‪ .‬واإلهانة َ‬ ‫كون َّإل ِمن األعلى َ‬
‫ال َي ُ‬
‫ظير‪.‬‬ ‫كون ِم َن ال َّن ِ‬
‫ظير لل َّن ِ‬ ‫األمر ال ُيبا َلى به‪ .‬واالستِ ُ‬
‫هانة َت ُ‬ ‫غير ِ‬ ‫المرء َص َ‬
‫ُ‬ ‫جع َل هذا‬
‫ُي َ‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫الذ ِّل يف ال ُق ِ‬
‫رآن ُّ‬ ‫ذم ُّ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫ﯻ ﯼ ﮊ [البقرة‪.]61 :‬‬

‫ ‪-‬وقال سبحا َنه‪ :‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬


‫ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮊ [األعراف‪.]152 :‬‬

‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫عت‬
‫سم ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ِ :‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن َتمي ٍم الدَّ ِّ‬
‫اري َر َ‬
‫هار‪ ،‬وال َي ُتر ُك ُ‬ ‫ِ‬
‫يت‬
‫الله َب َ‬ ‫يل وال َّن ُ‬ ‫األمر ما َب َلغَ ال َّل ُ‬
‫ُ‬ ‫ع َليه وس َّل َم يقول‪َ (( :‬ليب ُل َّ‬
‫غن هذا‬
‫ليل؛ ِع ًّزا ُي ِع ُّز ُ‬
‫الله به‬ ‫ٍ‬
‫عزيز أو بِ ُذ ِّل َذ ٍ‬ ‫ين‪ِ ،‬‬
‫بعزِّ‬ ‫دخ َله ُ‬
‫الله هذا الدِّ َ‬ ‫َمدَ ٍر وال َو َب ٍر َّإل َأ َ‬
‫ُ‬
‫يقول‪:‬‬ ‫الله عنه‬
‫ضي ُ‬ ‫اري َر َ‬ ‫فر))‪ .‬وكان َت ٌ‬
‫ميم الدَّ ُّ‬ ‫الك َ‬ ‫وذ ًّل ُي ِذ ُّل ُ‬
‫الله به ُ‬ ‫اإلسالم‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫رف ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫والع ُّز‪،‬‬ ‫والش ُ‬ ‫نهم َ‬
‫الخ ُير َّ‬ ‫أهل َب ْيتي؛ لقد َأ َ‬
‫صاب َمن أس َل َم م ُ‬ ‫عر ْف ُت ذلك في ِ‬ ‫(قد َ‬
‫زية)(((‪.‬‬ ‫غار ِ‬
‫والج ُ‬ ‫الذ ُّل َّ‬
‫والص ُ‬ ‫كافرا ُّ‬
‫أصاب َمن كان منهم ً‬ ‫َ‬ ‫ولقد‬

‫الذ ِّل‪:‬‬
‫أقسام ُّ‬
‫ٍ‬
‫محمود ومذمومٍ‪:‬‬ ‫الذ ُّل إلى‬ ‫ي ِ‬
‫نقس ُم ُّ‬ ‫َ‬

‫ذموم‪:‬‬
‫الم ُ‬‫الذ ُّل َ‬
‫ُّ‬

‫((( ) أخرجه أحمد (‪ )16957‬واللفظ له‪ ،‬والطبراني (‪.)1280( )58/2‬‬


‫صححه الحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (‪ ،)477/4‬وقال الهيثمي في ((مجمع‬
‫الزوائد)) (‪ :)17/6‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬وقال األلباني في ((تحذير الساجد)) (‪:)158‬‬
‫على شرط مسلم وله شاهد على شرط مسلم ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪387‬‬
‫ا‬
‫لُّذل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والذ َّل ِة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫واالنكسار ِّ‬ ‫والص ِ‬
‫غار‬ ‫وان َّ ِ‬
‫والضعف َّ‬
‫الله على وج ِه اله ِ‬
‫ْ َ‬
‫لغير ِ‬
‫وهو ال َّتذ ُّل ُل ِ‬

‫المحمود‪:‬‬
‫ُ‬ ‫الذ ُّل‬
‫ُّ‬

‫فمحمود؛‬
‫ٌ‬ ‫اإلنسان ن ْف ِسه لن ْف ِسه‬
‫ِ‬ ‫(الذ ُّل متى كان ِمن ِ‬
‫جهة‬ ‫هاني‪ُّ :‬‬ ‫قال الر ُ َ‬
‫اغب األص َف ُّ‬ ‫َّ‬
‫نحو َقولِه تعالى‪ :‬ﮋ ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ [المائدة‪.((()]54 :‬‬ ‫َ‬
‫المحمود‪:‬‬
‫ُ‬ ‫شم ُل ُّ‬
‫الذ ُّل‬ ‫و َي َ‬
‫صر في الدُّ نيا‬ ‫والش ِ‬
‫رف وال َّن ِ‬ ‫عنوان ِ‬
‫العزِّ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الذ ُّل‬ ‫الذ َّل ِ‬
‫لله ُسبحا َنه وتعالى‪ :‬وهذا ُّ‬ ‫‪ُّ 1-‬‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬
‫واض ِع والع ِ‬
‫طف‪ ،‬وليس بمعنَى‬ ‫َ‬ ‫راح ِم وال َّت ُ‬ ‫للمؤمنِ َ‬
‫ين‪ :‬وهو بمعنَى ال َّت ُ‬ ‫الذ َّل ْ‬
‫‪ُّ 2-2‬‬
‫والخ َو ِر‪.‬‬
‫عف َ‬ ‫الض ِ‬‫وج ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ال َّتذ ُّل ِل‬
‫واالنكسار على ْ‬
‫الذ َّل للوالِدَ ِ‬
‫ين‪ :‬قال تعالى‪ :‬ﮋﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫‪ُّ 3-3‬‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﮊ [اإلسراء‪.]24 :‬‬

‫للذ ِّل‪:‬‬
‫لبي ُة ُّ‬
‫الس َّ‬
‫اآلثار َّ‬
‫وهوا ُنها‪.‬‬
‫س َ‬‫عف ال َّن ْف ِ‬
‫‪َ 1-‬ض ُ‬

‫بالذ ِ‬
‫ليل‪.‬‬ ‫قار‪ ،‬واالستِ ُ‬
‫هانة َّ‬ ‫ِ‬
‫رين‪ ،‬واالحت ُ‬ ‫ضعاف ِم َن َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪2-2‬االستِ‬

‫الذ ِ‬
‫ليلة‪.‬‬ ‫واألم ِة َّ‬ ‫ليل‬ ‫ِ‬
‫باإلنسان َّ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫والعار‬ ‫حوق ِ‬
‫الخ ِ‬
‫زي‬ ‫‪ُ 3-3‬ل ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الحقوق‪.‬‬ ‫‪َ 4-4‬ض ُ‬
‫ياع‬
‫باغ ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫دوث ال َّتنا ُف ِر والو ِ‬
‫حشة وال َّت ُ‬ ‫‪ُ 5-5‬ح ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫والهزيمة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األعداء‪،‬‬ ‫‪َ 6-6‬تغ ُّل ُب‬

‫((( ) ((المفردات)) للراغب (ص‪.)330 :‬‬


‫‪388‬‬
‫ا‬
‫لُّذل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عن الرقي والر ِ‬ ‫ِ‬


‫يادة‪.‬‬ ‫عف اإلرادة‪ ،‬وال َّتخ ُّل ُف ِ ُّ ِّ ِّ‬
‫‪َ 7-7‬ض ُ‬

‫الذ ِّل‪:‬‬
‫أسباب الوقوع يف ُّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫سويف ال َّت ِ‬
‫وبة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مراء المعاصي‪ ،‬و َت‬‫ِ‬
‫‪1-‬است ُ‬

‫بالله تعالى‪ ،‬واالبتِ ُ‬


‫داع في الدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫اإلشراك ِ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫فة أ ْم ِر ِهما‪.‬‬
‫ومخا َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حار ُبة الله ورسوله‪ُ ،‬‬
‫‪ُ 3-3‬م َ‬
‫بغير ِ‬
‫الله سبحا َنه وتعالى‪.‬‬ ‫ِّفاق‪ ،‬واالعتِ ُ‬
‫زاز ِ‬ ‫‪4-4‬الن ُ‬
‫فة عن َق ِ‬
‫بول الحقِّ ‪.‬‬ ‫الكبر َ‬
‫واأل َن ُ‬ ‫ِ‬
‫‪ُ ْ 5-5‬‬
‫الهوى‪.‬‬
‫باع َ‬‫‪6-6‬ا ِّت ُ‬

‫لمين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫فار ُ‬


‫المس َ‬
‫قة جماعة ْ‬ ‫‪ُ 7-7‬م َ‬
‫ِ‬
‫الموت‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وكراهية‬ ‫وح ُّب الدُّ نيا‪،‬‬ ‫‪8-8‬تر ُك ِ ِ‬
‫الجهاد‪ُ ،‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫بالباطل‪.‬‬ ‫اس‬ ‫ِ‬
‫أموال ال َّن ِ‬ ‫وأك ُل‬
‫الربا‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫البخل‪ُ ،‬‬
‫يوع ِّ‬
‫وش ُ‬ ‫‪9-9‬‬
‫ِ‬
‫القلوب‪.‬‬ ‫فر ُق و َتنا ُف ُر‬
‫حز ُب وال َّت ُّ‬
‫‪1010‬ال َّت ُّ‬

‫الذ ِّل‪:‬‬
‫ص ِم َن ُّ‬ ‫الت ُّ‬
‫خل ِ‬ ‫من الوسائل املُ ِع ِ‬
‫ينة على َّ‬
‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫داو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫العمل َّ‬ ‫مة على‬ ‫والم َ‬
‫اإليمان بالله‪ُ ،‬‬ ‫‪1-‬‬

‫وتطبيق شريعتِه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بدينِه‪،‬‬
‫بالله‪ ،‬وال َّتمس ُك ِ‬
‫ُّ‬
‫االعتزاز ِ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫صول ِ‬
‫ِ‬
‫العزِّ ‪.‬‬ ‫الذ ِّل‪ُ ،‬‬
‫وح‬ ‫عاء بارتفا ِع ُّ‬
‫‪3-3‬الدُّ ُ‬

‫المؤ ِم َ‬ ‫الله ورسولِه‬


‫نين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وصالح ْ‬ ‫‪4-4‬مواال ُة ِ‬
‫ُ‬
‫هوى ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫‪ُ 5-5‬مخا َل ُ‬
‫فة َ‬

‫‪389‬‬
‫ا‬
‫لُّذل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والزهدُ في الدُّ نيا‪.‬‬ ‫‪6-6‬ال َق ُ‬


‫ناعة ُّ‬
‫ِ‬
‫الفات‪.‬‬ ‫بذ ِ‬
‫الخ‬ ‫الله‪ ،‬و َن ِ‬
‫بحبل ِ‬
‫ِ‬ ‫االعتصام‬ ‫‪7-7‬‬
‫ُ‬
‫والقو ِة‪.‬‬
‫َّ‬
‫باألسباب الما ِّدي ِة والمعنوي ِة ِ‬
‫للعزِّ‬ ‫َ ْ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األخذ‬ ‫‪8-8‬‬

‫الذ ِّل‪:‬‬
‫وشع ٌر يف ُّ‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال ِ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال‬
‫ٍ‬
‫خلوق َذ َّل)(((‪.‬‬ ‫الحكيم‪َ ( :‬م ِن اعت ََّز َ‬
‫بم‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬

‫مل فاس َت ْن َو َق‪ .‬أي‪َ :‬‬


‫صار ناق ًة‪.‬‬ ‫ ‪-‬كان َج ً‬

‫ناصرا(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫ ‪ُ -‬ذ ٌّل لو َأ ِجدُ‬

‫ ‪-‬وقال المتنبي‪:‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫كر ِم‬ ‫الذ َّل َ‬
‫غير ُم َّ‬ ‫ت َُم ْت وتُقاســـي ُّ‬ ‫كر ًما‬
‫الســـيوف ُم َّ‬
‫تحت ُّ‬
‫َ‬ ‫وإل ت َُم ْت‬
‫(((‬

‫((( ((معاني األخبار)) للكالباذي (‪.)136/1‬‬


‫ناصرا َل َما َقبِ ْلتُه‪ُ .‬ينظر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫المثل‪ :‬هذا ُذ ٌّل لو أجدُ‬
‫ِ‬ ‫وتقدير‬ ‫((( ) ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)32/3‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫((مجمع األمثال)) للميداني (‪.)280 /1‬‬
‫((( ((العود الهندي)) للسقاف (‪.)416/1‬‬
‫‪390‬‬
‫زهِتسالاو ةيرخُّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫السُّ خرية واالس ِتهزاء‬

‫السخرية واالس ِتهزاء‪:‬‬


‫معنى ُّ‬
‫السخري ُة ُلغ ًة‪ :‬االستهزاء‪ ،‬مصدر س ِ‬
‫خ َر منه وبه‪ ،‬أي‪َ :‬ه ِز َئ به(((‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ‬
‫نبيه‬
‫حقير‪ ،‬وال َّت ُ‬ ‫قل معنًى‪ .‬وقيل‪ :‬االستِ ُ‬
‫هانة وال َّت ُ‬ ‫الع ِ‬ ‫زراء َ‬
‫ِ‬
‫اصطالحا‪ :‬است ُ‬
‫ً‬ ‫السخري ُة‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫حاكاة في‬ ‫بالم‬ ‫ضح ُك منه‪ ،‬وقد َي ُ‬ ‫قائص‪ ،‬على ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬
‫كون ذلك ُ‬ ‫وجه ُي َ‬ ‫ْ‬ ‫يوب وال َّن‬ ‫على ُ‬
‫ِ‬
‫واإليماء(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باإلشارة‬ ‫ِ‬
‫والفعل‪ ،‬وقد َي ُ‬
‫كون‬ ‫ِ‬
‫القول‬
‫ستهز ُئ‪ ،‬أي‪ :‬س ِ‬
‫هزاء ُلغ ًة‪َ :‬مصدَ ُر َقولِهم‪ :‬استَهزَ َأ َي ِ‬‫ِ‬
‫خر منه(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫االست ُ‬
‫اله ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خرية؛ وهو َح ْم ُل‬
‫الس ُ‬ ‫ِ‬
‫زل‬ ‫واألفعال على َ‬ ‫األقوال‬ ‫اصطالحا‪ُّ :‬‬
‫ً‬ ‫هزاء‬
‫االست ُ‬
‫اس هو ا َّلذي َي ُذ ُّم ِصفاتِهم‬‫سخ ُر بال َّن ِ‬ ‫الجدِّ والح ِ‬
‫قيقة‪ ،‬فا َّلذي َي َ‬ ‫َ‬ ‫ب‪ ،‬ال على ِ‬ ‫وال َّل ِع ِ‬
‫درجة االعتِ ِ‬
‫بار(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذما ُي ِ‬
‫خر ُجها عن‬ ‫ِ‬
‫وأفعالهم ًّ‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬
‫ِ‬ ‫خرية‬
‫والس ِ‬
‫رق بني االس ِتهزاء ُّ‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫والسخرية‪:‬‬
‫ني االس ِتهزاء ُّ‬ ‫•• َ‬
‫الف ْر ُق ب َ‬
‫عل يستهزَ ُأ به ِمن ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يقع ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫والس ْخ ُر‪:‬‬
‫أجله‪ُّ .‬‬
‫ْ‬ ‫غير أن َيسبِقَ م َن اإلنسان ف ٌ ُ‬ ‫هزاء ُ‬
‫االست ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يدُ ُّل على فِ ٍ‬
‫سخور منه‪.‬‬ ‫عل َيسبِ ُق م َن َ‬
‫الم‬

‫((( ((تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪(( ،)77/7‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)352/4‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (ص‪(( ،)192 :‬التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي‬
‫(ص‪.)192 :‬‬
‫((( ((تاج العروس)) للزبيدي (‪ )509/1‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫((( ((الفتاوى الكبرى)) البن تيمية (‪.)22/6‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)493 ،275 ،50 :‬‬
‫‪391‬‬
‫زهِتسالاو ةيرخُّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫السخرية َّ‬
‫والل ِعب‪:‬‬ ‫••الفرق بني ُّ‬
‫كون َّإل ِبذي ٍ‬ ‫نقاصا لِ َمن ُي َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حياة‪ .‬وأ َّما‬ ‫سخ ُر به‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫السخرية‪َ :‬خديع ًة واست ً‬ ‫َّ‬
‫أن في ُّ‬
‫ماد؛ ولذلك َأس َندَ سبحا َنه السخري َة إلى الك َّف ِار بالن ِ‬
‫كون بج ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِّسبة إلى‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ال َّلع ُب‪ :‬فقد َي ُ َ‬
‫األنبياء‪ ،‬كقولِه ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﮊ [هود‪.]38 :‬‬ ‫ِ‬

‫زاح واالس ِتهزاء‪:‬‬‫ُ‬


‫••الفرق بني امل ِ‬
‫ماز ُحه‪ ،‬وال اعتِقا َد ذلك‪ ،‬أال َترى َّ‬
‫أن ال َّتابِ َع‬ ‫تحقير َمن ُي ِ‬
‫َ‬ ‫زاح ال يقتَضي‬
‫الم َ‬
‫أن ُ‬‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مازح الم َ ِ‬
‫حقيرهم وال اعتقا َد‬ ‫الرؤساء والملوك وال َيقتَضي ذلك َت َ‬ ‫تبوع م َن ُّ‬ ‫ُي ِ ُ َ‬
‫المستهزَ َأ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحقير ُ‬
‫َ‬ ‫هزاء‪َ :‬يقتَضي‬
‫ئناس بهم‪ .‬واالست ُ‬ ‫ولكن َيقتَضي االست َ‬
‫ْ‬ ‫تحقيرهم‪،‬‬
‫به‪ ،‬واعتقا َد َت ِ‬
‫حقيره‪.‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫السخرية واالس ِتهزا ِء يف القرآن ُّ‬
‫هي عن ُّ‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ‬
‫ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﮊ [الحجرات‪.]11 :‬‬

‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬


‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ [الهمزة‪.]4 - 1 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنها قالت‪ :‬ق ْل ُت لل َّن ِّ‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة َر َ‬
‫ت َك ِلم ًة لو ُم ِز َج ْت‬ ‫((حسب َك ِمن صفي َة كذا وكذا‪ .‬تعني‪ :‬قصير ًة‪ .‬فقال‪ :‬لقد ُق ْل ِ‬
‫َ َّ‬ ‫َ ُْ‬
‫وحك ْي ُت له إنسا ًنا‪ ،‬فقال‪ :‬ما ُأ ِح ُّب أ ِّني َح َك ْي ُت إنسا ًنا‬
‫قالت‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫بماء ال َب ِ‬
‫حر َل َمزَ َج ْت ُه‪ْ .‬‬
‫َّ‬
‫وأن لي كذا وكذا))(((‪.‬‬

‫=‬ ‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4875‬والترمذي (‪ .)2502‬‬


‫‪392‬‬
‫زهِتسالاو ةيرخُّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫راك‪ ،‬وكان‬‫األ ِ‬‫واكا ِم َن َ‬


‫الله عنه‪(( ،‬أ َّنه كان َيجتَني ِس ً‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ِ‬ ‫ ‪ِ -‬‬
‫ابن مسعود َر َ‬
‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫فض ِحك‬ ‫ِ‬
‫الله ص َّلى‬ ‫القوم منه‪ ،‬فقال‬ ‫ُ‬ ‫يح َت ْك َفؤُ ه‪َ ،‬‬ ‫فج َع َلت ِّ‬
‫الر ُ‬ ‫ين‪َ ،‬‬ ‫السا َق ِ‬
‫دقيقَ َّ‬
‫الله‪ِ ،‬من ِد َّق ِة سا َق ِيه‪ ،‬فقال‪ :‬وا َّلذي‬
‫كون؟ قالوا‪ :‬يا َنبي ِ‬
‫َّ‬ ‫ضح َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪ :‬م َّم َت َ‬
‫ُ‬
‫يزان ِمن ُأ ُح ٍد))(((‪.‬‬
‫الم ِ‬ ‫ن ْفسي بي ِده‪َ ،‬لهما َأث َق ُل في ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫السخرية واالس ِتهزاء‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ُّ‬
‫أقوال َّ‬
‫شيت‬
‫لخ ُ‬ ‫خ ْر ُت ِمن ٍ‬
‫كلب‪َ ،‬‬ ‫الله عنه قال‪( :‬لو س ِ‬
‫َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫آخ ٍ‬
‫فار ًغا ليس في عم ِل ِ‬
‫كر ُه أن َأرى الر ُج َل ِ‬ ‫ََ‬ ‫أن َأ َ‬
‫رة وال ُدن َيا)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫كون كل ًبا‪ ،‬وإ ِّني ل َ‬
‫رج ًل َي َ‬
‫رض ُع شا ًة في‬ ‫الله عنه‪( :‬لو رأ ْي ُت ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وقال أبو موسى َ‬
‫ري َر َ‬‫شع ُّ‬‫األ َ‬
‫رض َعها)(((‪.‬‬ ‫خ ْر ُت منه‪ِ ،‬خ ْف ُت أن ال َأ َ‬
‫موت ح َّتى َأ َ‬ ‫ريق فس ِ‬
‫الط ِ َ‬‫َّ‬
‫رطبي‪( :‬من َل َّقب أخاه أو س ِ‬
‫ٌ‬
‫فاسق)(((‪.‬‬ ‫خر منه فهو‬ ‫ُ َ‬ ‫الق ُ ُّ َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬

‫كل َم ِن افت ََخر على إخوانِه‪ ،‬واح َت َقر أحدً ا ِمن أقرانِه‬ ‫(إن َّ‬ ‫الس َّف ُّ‬
‫اريني‪َّ :‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫المبين)(((‪.‬‬
‫زر ُ‬ ‫المؤ ِمنين؛ فقد با َء باإلث ِم ِ‬
‫والو ِ‬ ‫بأحد ِم َن ْ‬
‫َهزأ ٍ‬ ‫خر أو است َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫وأخدانه‪ ،‬أو َس َ‬
‫ضارها(((‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫خرية َ‬
‫الس ِ‬‫آثار ُّ‬
‫= صححه ابن دقيق العيد في ((االقتراح)) (‪ ،)118‬واأللباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)4875‬‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)3991‬وابن حبان (‪.)7069‬‬
‫قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)292/9‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬وصحح إسناده أحمد‬
‫شاكر في تحقيق ((المسند)) (‪ ،)39/6‬وصححه األلباني في ((سلسلة األحاديث الصحيحة))‬
‫(‪ )2750‬بطرقه الكثيرة‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪ ،)35704‬وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (‪)170/33‬‬
‫واللفظ له‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪.)26057‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪.)328/16‬‬
‫((( ((غذاء األلباب)) للسفاريني (ص‪.)134 :‬‬
‫((( مستفاد من كتاب ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)223/2‬‬
‫‪393‬‬
‫زهِتسالاو ةيرخُّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫األ ِ‬
‫راح ِم‪.‬‬ ‫االجتماعي َة القائم َة على ُ َّ‬
‫خوة وال َّتوا ِّد وال َّت ُ‬ ‫َّ‬ ‫الر َ‬
‫وابط‬ ‫‪ُ 1-‬ت ِّ‬
‫قط ُع َّ‬
‫ِ‬ ‫بذر بذور الع ِ‬
‫غضاء‪.‬‬‫داوة وال َب‬ ‫‪َ 2-2‬ت ُ ُ ُ َ َ‬

‫‪3-3‬تو ِّلدُ َّ‬


‫الرغب َة باالنتقا ِم‪.‬‬
‫لغضب ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ض ن ْف َسه‬
‫عر ْ‬ ‫سخ ْر بال َّن ِ‬
‫‪َ 4-4‬من َي َ‬
‫اس ُي ِّ‬
‫اآلخ ِ‬
‫رة‪.‬‬ ‫سران حسناتِه في ِ‬
‫ِ‬ ‫المسل ِم قد تؤ ِّدي به إلى ُخ‬ ‫‪5-5‬الس ُ ِ‬
‫خرية م َن ْ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫‪6-6‬الس ُ ِ‬
‫قار‪ ،‬و ُتسق ُط عنه ُ‬
‫المروء َة‪.‬‬ ‫الو َ‬
‫اخر َ‬ ‫خرية ُتفقدُ َّ‬
‫الس َ‬ ‫ُّ‬
‫السخرية واالس ِتهزاء‪:‬‬
‫ِمن ُص َور ُّ‬
‫مز وال َّل ُ‬
‫مز‪.‬‬ ‫اله ُ‬
‫‪َ 1-‬‬
‫ِ‬
‫باأللقاب‪.‬‬ ‫‪2-2‬ال َّتنا ُب ُز‬

‫عيير وال َّت ُّ‬


‫هك ُم‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫السخرية واالس ِتهزاء(((‪:‬‬
‫أسباب ُّ‬
‫ُ‬
‫الز ُمه َب َط ُر الحقِّ َ‬
‫وغ ْم ُط ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكب ُر ا َّلذي ُي ِ‬
‫‪ْ 1-‬‬
‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مكانة َ‬ ‫الر ُ‬
‫غبة بتحطي ِم‬
‫اآلخ َ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حساب آال ِم َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫والض ِح ُك على‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫سلية َّ‬

‫بائ ِعهم‪ ،‬أو ُأ َس ِرهم‪،‬‬


‫رين وأعمالِ ِهم‪ ،‬أو ِخلقتِهم‪ ،‬أو َط ِ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ِ‬
‫بأقوال َ‬ ‫‪4-4‬االستِ ُ‬
‫هانة‬
‫أو أنسابِهم‪ ،‬إلى ِ‬
‫غير ذلك‪.‬‬

‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إضحاك َ‬ ‫ُ‬
‫اآلخ َ‬ ‫وح ُّب‬
‫الفراغ‪ُ ،‬‬ ‫‪5-5‬‬

‫((( مستفاد من كتاب ((األخالق اإلسالمية)) لعبد الرحمن الميداني (‪.)223/2‬‬


‫‪394‬‬
‫قمُح ل وا ُهفَّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫حمقُ‬
‫السفهُ وال ُ‬
‫َّ‬

‫السف ِه‪:‬‬
‫معنى َّ‬
‫والحركة‪ .‬و َتس َّف ْه ُت ُفال ًنا عن مالِه‪ ،‬إذا‬
‫ُ‬ ‫الحل ِم‪ ،‬وأص ُله‪ِ :‬‬
‫الخ َّف ُة‬ ‫ْ‬
‫الس َف ُه ُلغ ًة‪ِ :‬ضدُّ ِ‬
‫َّ‬
‫خدَ ْعتَه عنه(((‪.‬‬
‫ِ‬
‫األمور‪،‬‬ ‫يش ِمن ِ‬
‫يسير‬ ‫والط ُ‬ ‫ِ‬
‫الغضب‪َّ ،‬‬ ‫رعة‬ ‫قيض ِ‬
‫الحل ِم‪ ،‬وهو ُس ُ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ن ُ‬
‫ً‬ ‫السف ُه‬
‫َّ‬
‫الجزَ ِع‬ ‫ِ‬ ‫والس ُ‬ ‫طش‪ ،‬واإليقا ِع‬‫والمبا َدر ُة في ال َب ِ‬
‫وإظهار َ‬
‫ُ‬ ‫العقوبة‪،‬‬ ‫رف في‬ ‫بالمؤذي‪َّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ َ‬
‫ُ‬
‫الفاحش(((‪.‬‬ ‫ضر ٍر‪َّ ،‬‬
‫والس ُّب‬ ‫من أ ْدنى َ‬
‫ِ‬
‫العقل(((‪.‬‬ ‫مق ُلغ ًة‪ِ :‬ق َّل ُة‬
‫الح ُ‬
‫ُ‬
‫العل ِم ُبق ِ‬
‫وض ِعه‪ ،‬مع ِ‬
‫غير م ِ‬ ‫وضع َّ ِ‬
‫بحه(((‪.‬‬ ‫الشيء في ِ َ‬ ‫اصطالحا‪ُ ْ :‬‬
‫ً‬ ‫الح ُ‬
‫مق‬ ‫ُ‬

‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬
‫ِ‬ ‫السفه واحلمق‬
‫الفرق بني َّ‬
‫هل‪:‬‬ ‫مق َ‬
‫واجل ِ‬ ‫ني ُ‬
‫احل ِ‬ ‫•• َ‬
‫الف ْرق ب َ‬
‫بصورة الم ِ‬
‫مك ِن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الممتنِ َع‬ ‫وفيه وج ِ‬
‫ُ‬ ‫أن األحمقَ هو ا َّلذي َي َّ‬
‫تصو ُر ُ‬ ‫هان‪ :‬أحدُ هما‪َّ :‬‬ ‫ْ‬
‫والوج ُه الثَّاني‪َّ :‬‬
‫أن األحمقَ‬ ‫عر ُف الممتنِع ِم َن الم ِ‬
‫مك ِن‪.‬‬ ‫والجاهل هو ا َّلذي ال َي ِ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)2235-2234/6‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)29 :‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)1465-1464/4‬‬
‫((( ((النهاية)) البن األثير(‪.)442/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)278 :‬تسهيل النظر)) للماوردي (ص‪(( ،)5 :‬الكليات))‬
‫للكفوي (ص‪.)1021 :‬‬
‫‪395‬‬
‫قمُح ل وا ُهفَّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫واب‪،‬‬
‫الص َ‬ ‫والجاهل هو ا َّلذي ال َي ِ‬
‫عر ُف َّ‬ ‫َ‬ ‫عم ُل به‪،‬‬
‫واب وال َي َ‬ ‫عر ُف َّ‬
‫الص َ‬ ‫هو ا َّلذي َي ِ‬
‫ولو عر َفه ِ‬
‫لعم َل به‪.‬‬ ‫َ‬
‫يش‪:‬‬ ‫السفه َّ‬
‫والط ِ‬ ‫••الفرق بني َّ‬
‫قال‪َ :‬س ِف َه عليه؛ إذا‬
‫بيح‪ ،‬ف ُي ُ‬
‫ستعار في الكال ِم ال َق ِ‬
‫ُ‬
‫الح ِ‬
‫كمة‪ ،‬و ُي‬ ‫نقيض ِ‬ ‫ُ‬ ‫الس َف ُه‪:‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الفعل‪.‬‬ ‫يش‪ِ :‬خ َّف ٌة معها َ‬
‫خط ٌأ في‬ ‫فيه‪َّ .‬‬
‫والط ُ‬ ‫ِ‬
‫للجاهل‪َ :‬س ٌ‬ ‫بيح‪ ،‬و ُي ُ‬
‫قال‬ ‫َأ َ‬
‫سم َعه ال َق َ‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عنهما يف ال ُق ِ‬
‫رآن ُّ‬ ‫مق َّ‬
‫والن ُ‬ ‫السف ِه ُ‬
‫واحل ِ‬ ‫ذم َّ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮊ [البقرة‪.]282 :‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮊ [األنعام‪.]140 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫كذ ُب فيها‬ ‫ِ‬
‫الكاذ ُب‪ ،‬و ُي َّ‬ ‫اعة‪ُ ،‬ي َصدَّ ُق فيها‬ ‫اس ِسن َ‬
‫ُون َخدَّ ٌ‬ ‫((إ َّنها ست َْأتي على ال َّن ِ‬
‫الر َو ْيبِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخائ ُن‪ ،‬و ُي َخو ُن فيها َ‬ ‫اد ُق‪ْ ،‬‬
‫ويؤ َت َم ُن فيها‬ ‫الص ِ‬
‫ضة‪ .‬قيل‪:‬‬ ‫مين‪ ،‬و َينط ُق فيها ُّ‬
‫األ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫العام ِة))(((‪.‬‬ ‫ضة؟ قال‪ِ :‬‬
‫السف ُيه َيتك َّل ُم في أ ْم ِر َّ‬
‫َّ‬ ‫الر َو ْيبِ ُ‬
‫وما ُّ‬
‫السفه ُ‬
‫واحلمق‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف َّ‬
‫أقوال َّ‬
‫رج ٌل فقال‪ :‬إ َّنه َط َّلقَ امرأ َته‬ ‫عب ٍ‬
‫اس‪ ،‬فجا َءه ُ‬ ‫(كنت ِعندَ ِ‬
‫ابن َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫مجاهد قال‪:‬‬ ‫ ‪-‬عن‬
‫ُ‬ ‫ثال ًثا‪ ،‬فس َك َت ح َّتى َظن ْن ُت أ َّنه سير ُّدها إليه‪ ،‬فقال‪َ :‬ي ِ‬
‫رك ُب األحموق َة َّ‬
‫ثم‬ ‫نطلقُ أحدُ ُكم ف َي َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫إن الله قال‪ :‬ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮊ‬ ‫اس! َّ‬‫عب ٍ‬ ‫ابن َّ‬
‫اس‪ ،‬يا َ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ابن َّ‬ ‫ُ‬
‫يقول‪ :‬يا َ‬

‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ ،)4036‬وأحمد (‪.)7912‬‬


‫ابن كثي ٍر في ((نهاية البداية‬
‫صحح إسناده الحاكم في ((المستدرك)) (‪ ،)557/4‬وجود إسناده ُ‬
‫والنهاية)) (‪ ،)214/1‬وحسن إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (‪ )37/15‬وقال‪:‬‬
‫ومتنه صحيح‪.‬‬
‫‪396‬‬
‫قمُح ل وا ُهفَّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َ ِ‬
‫وبانت‬
‫ْ‬ ‫عص ْي َت ر َّبك‪،‬‬ ‫[الطالق‪ ،]2 :‬وإ َّنك لم َت َّت ِق الل َه‪ ،‬فال أجدُ لك َم َ‬
‫خر ًجا‪َ ،‬‬
‫منك امرأ ُتك)(((‪.‬‬

‫(اهج ِر األحمقَ ؛‬
‫ُ‬ ‫الصحاب َة‪ ،-‬قال‪:‬‬
‫أدرك َّ‬
‫مرو ‪-‬وكان قد َ‬ ‫بن َع ٍ‬
‫ ‪-‬عن ُي َس ْي ِر ِ‬
‫لألحمق َخ ٌير ِمن ِهجرانِه)(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فليس‬

‫السف ِه‪:‬‬
‫أقسام َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األموال بال َّت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلسراف‪،‬‬ ‫بذير‬ ‫‪َ 1-‬س َف ٌه في األمور الدُّ نيو َّية‪ ،‬وهو ال َّت ُّ‬
‫صر ُف في‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﮊ [النساء‪.]5 :‬‬
‫قال ُ‬
‫‪2-2‬س َف ٌه في الدِّ ِ‬
‫ين‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﮊ [البقرة‪ ،]13 :‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬ﮋﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﮊ [البقرة‪،]142 :‬‬
‫ِ‬
‫لسان ِ‬
‫الج ِّن‪ :‬ﮋ ﭴ‬ ‫الك َّف ُار والمنافِ َ‬
‫قون‪ .‬وقال ُسبحا َنه على‬ ‫والمراد بالس ِ‬
‫فهاء هنا‪ُ :‬‬ ‫ُ َّ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ [الجن‪.]4 :‬‬

‫السفي ِه‪:‬‬
‫عالمات َّ‬
‫ِ‬ ‫من‬
‫‪ُّ 1-‬‬
‫الش ُّح‪.‬‬

‫وء الخ ُل ِق‪.‬‬


‫‪ُ 2-2‬س ُ‬
‫الحوائج إلى ال َّن ِ‬
‫اس(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 3-3‬كثر ُة ط َل ِ‬
‫ب‬
‫وج ِه ال َّت ِ‬
‫بذير‪ ،‬وفيما ال َين َبغي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المال على ْ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫إنفاق‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)2197‬والبيهقي (‪.)15338‬‬


‫صحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (‪ ،)275/9‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن‬
‫أبي داود)) (‪.)2197‬‬
‫((( أخرجه ابن حبان في ((روضة العقالء)) (ص‪.)118 :‬‬
‫((( ((مجمع األمثال)) للنيسابوري (‪.)459/2‬‬
‫‪397‬‬
‫قمُح ل وا ُهفَّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫حش وبذاء ُة ال ِّل ِ‬ ‫‪ُ 5-5‬‬


‫سان‪.‬‬ ‫الف ُ َ‬
‫من عالمات األمحق‪:‬‬
‫والف ِ‬
‫جور‪.‬‬ ‫والغ ِ‬
‫رور ُ‬ ‫والخ َّف ِة والج ِ‬
‫فاء ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪1-‬ال َّتخ ُّل ُق بالعج ِ‬
‫لة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والظل ِم َّ‬
‫والضياعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والخيانة ُّ‬ ‫ِ‬
‫بالجهل وال َّتواني‬ ‫‪2-2‬ال َّتخ ُّل ُق‬
‫ِ‬
‫والغفلة‪.‬‬ ‫‪3-3‬ال َّتخ ُّل ُق بال َّت ِ‬
‫فريط‬
‫والم ِ‬
‫كر‪.‬‬ ‫والف ِ‬ ‫بالخ ِ‬
‫يالء ُ‬ ‫‪4-4‬ال َّتخ ُّل ُق ُ‬
‫جر َ‬
‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫آثار احلمق َ‬
‫اس‪.‬‬ ‫توه ُم أ َّنه َأ ُ‬
‫عقل ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫األحمق َي َّ‬ ‫‪1-‬‬
‫ض في ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫األحمق ُمبغَّ ٌ‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫ٌ‬
‫مجهول في الدُّ نيا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫األحمق‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ ِ‬ ‫محمود ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحين(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫األمر عندَ الله وعندَ َّ‬
‫الص‬ ‫العمل‪ ،‬وال‬ ‫ضي‬
‫غير َم ْر ِّ‬ ‫ُ‬
‫األحمق ُ‬ ‫‪4-4‬‬

‫عادات(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الحم َقى ِعبادا ُتهم‬
‫‪َ 5-5‬‬

‫داء ال شفا َء له(((‪.‬‬


‫مق ٌ‬‫الح ُ‬
‫‪ُ 6-6‬‬
‫دليل على ِ‬
‫سوء الخ ُل ِق‪.‬‬ ‫مق ٌ‬ ‫والح ُ‬
‫فه ُ‬ ‫الس ُ‬
‫‪َّ 7-7‬‬
‫ِ‬
‫المروءة‪.‬‬ ‫مق ِمن َخوار ِم‬
‫والح ُ‬
‫فه ُ‬‫الس ُ‬
‫‪َّ 8-8‬‬
‫ِ‬
‫وأعراض ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫الغ ِ‬
‫يبة‬ ‫فيه يقع في ِ‬
‫الس ُ َ ُ‬
‫‪َّ 9-9‬‬

‫((( انظر ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)123 :‬‬


‫((( ((مفتاح دار السعادة)) البن القيم (‪.)164/1‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)202 :‬‬
‫‪398‬‬
‫قمُح ل وا ُهفَّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫سان‪.‬‬ ‫فيه ِ‬
‫بذيء ال ِّل ِ‬ ‫الس ُ‬
‫ُ‬ ‫‪َّ 1010‬‬
‫السف ِه ُ‬
‫واحلمق‪:‬‬ ‫أسباب الوقوع يف َّ‬
‫جب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والع ُ‬
‫‪1-‬الك ْب ُر ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫جه ُل ُع ِ‬
‫يوب ال َّن ْف ِ‬ ‫‪ْ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫بالمال‪.‬‬ ‫جب‬
‫الع ُ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫سوء الخ ُل ِق‪.‬‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫السف ِه واحلمق‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬
‫‪1-‬ال َّتح ِّلي ِ‬
‫بالحل ِم‪.‬‬

‫واالنكسار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُ‬
‫واض ُع‬
‫ِ‬
‫األمور‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ُ‬
‫االعتدال وال َّتأ ِّني في‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫الجواب‪.‬‬ ‫أ‪ -‬ال َّتأ ِّني في‬

‫الض ِح ِك‪.‬‬ ‫ِ‬


‫اإلفراط في َّ‬ ‫ب‪ -‬عدَ ُم‬
‫ِ‬
‫باألشرار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االختالط‬ ‫ج‪ -‬عدَ ُم‬
‫ِ‬
‫األخيار(((‪.‬‬ ‫احترام‬
‫ُ‬ ‫د‪-‬‬

‫السفه واحلمق(((‪:‬‬
‫والشعر يف َّ‬ ‫ُ‬
‫واألمثال ِّ‬ ‫احل َكم‬
‫ِ‬
‫وصديقه عق ُله‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الر ُج ِل ُح ْم ُقه‪،‬‬
‫ ‪-‬عدُ ُّو َّ‬
‫ِ‬
‫األحمق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صادقة‬ ‫خير ِمن ُم‬ ‫ِ‬ ‫ ‪ُ -‬معادا ُة‬
‫العاقل ٌ‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪ )119 :‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫((( ((األمثال)) البن سالم (ص‪.)125 :‬‬
‫‪399‬‬
‫قمُح ل وا ُهفَّسلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الر ُ‬
‫احة‪،‬‬ ‫السفه ال َّن َص ُب‪ ،‬و َق ُ‬
‫صر الحل ِم َّ‬ ‫كتوب في الحكمة‪َ :‬ق ْص ُر َّ‬ ‫ٌ‬ ‫وه ٌب‪َ ( :‬م‬
‫ ‪-‬قال ْ‬
‫الظ َفر‪ .‬و َقصر َّ ِ‬
‫الشيء و ُقصارا ُه‪ :‬غاي ُته َ‬
‫وثمر ُته)(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الص ِبر َّ ُ‬ ‫و َق ُ‬
‫صر َّ‬
‫زاعي‪:‬‬
‫الخ ُّ‬ ‫ ‪-‬قال ِد ْعبِ ٌل ُ‬
‫ِ‬
‫األحمق‬ ‫حص ْلتَهـــا ِمـــن ُخ َّل ِ‬
‫ـــة‬ ‫خــيــر إذا‬ ‫ِ‬
‫الــعــاقــل‬ ‫َعــــــداو ُة‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫خر ِق‬ ‫عن ِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فلـــم َي َ‬
‫ْ‬ ‫لمه اســـت َْح َيى‬ ‫ـــز ْع‬
‫العقـــل إذا لـــم َي َ‬ ‫ألن ذا‬
‫(((‬
‫يـــــــن وال ُو ٍّد وال َيت َِّقـــــــي‬
‫ٍ‬ ‫ِد‬ ‫األحمـــق ُيبقي على‬
‫َ‬ ‫تـــرى‬
‫َ‬ ‫ولن‬

‫((( ((عدة الصابرين)) البن القيم (ص‪.)95 :‬‬


‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي المهدي (‪.)60/1‬‬
‫‪400‬‬
‫نَّظلا ءوس‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ن‬ ‫سوء َّ‬


‫الظ ِّ‬
‫معنى سو ِء َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬
‫قيض‪َ :‬س َّر ُه(((‪.‬‬ ‫وء ُلغ ًة‪ :‬سا َءه َيسوؤُ ه سو ًءا َ‬
‫وسوا ًء‪َ :‬ف َعل به ما َ‬
‫يكره‪َ ،‬ن ُ‬ ‫الس ُ‬
‫ُّ‬
‫مة‪ِ َّ .‬‬ ‫َّهم ُته‪ِّ .‬‬ ‫الظ ُّن ُلغ ًة‪َ :‬ظ َن ْن ُت ذلك َ‬
‫الم َّت َه ُم‬
‫ين‪ُ :‬‬
‫والظن ُ‬ ‫والظ َّن ُة‪ :‬ال ُّت َه ُ‬ ‫وظنن ُته َظ ًّنا‪ :‬ات ْ‬ ‫َّ‬
‫ا َّلذي ُت َظ ُّن به ال ُّت َه ُ‬
‫مة(((‪.‬‬

‫ِ‬ ‫خو ُن‬ ‫الظ ِّن اصطالحا‪ :‬عدَ م ال ِّث ِ‬


‫قة َبمن هو لها ْأه ٌل‪ .‬وقيل‪ :‬ال ُّت َه ُ‬ ‫وء َّ‬
‫لألهل‬ ‫مة وال َّت ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُس ُ‬
‫اس في ِ‬
‫غير مح ِّله(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألقارب وال َّن ِ‬

‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬
‫ِ‬ ‫الفرق بني سو ِء َّ‬
‫الظ ِّن‬
‫واالحرتاز‪:‬‬
‫ِ‬ ‫••الفرق بني سوء َّ‬
‫الظ ِّن‬
‫األسباب ا َّلتي بها َينجو ِم َن‬
‫ِ‬ ‫وأخ ِذ‬
‫عداد ْ‬‫ب واالستِ ِ‬ ‫أه ِ‬ ‫الم ِ‬
‫حتر َز َي ُ‬
‫كون مع ال َّت ُّ‬ ‫أن ُ‬‫َّ‬
‫الس ِّي ِئة بال َّن ِ‬
‫اس ح َّتى َيط َف َح‬ ‫الظ ِّن فهو امتِالء قلبِه ُّ ِ‬
‫بالظنون َّ‬ ‫ُ‬ ‫سوء َّ‬
‫وأما ُ‬
‫ِ‬
‫المكروه‪َّ ...‬‬ ‫َ‬
‫يب وال ُب ِ‬ ‫والع ِ‬ ‫والط ِ‬ ‫مز َّ‬ ‫مز وال َّل ِ‬
‫اله ِ‬ ‫على لسانِه وج ِ ِ‬
‫غض‪.‬‬ ‫عن َ‬ ‫فهم معه أبدً ا في َ‬ ‫وارحه‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫راسة وسو ِء َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫••الفرق بني ال ِف ِ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وس ْمتَه ِمن‬ ‫َّ ِ‬
‫شاهد َيبدُ و منه‪ ،‬أو‬ ‫ظه ُر لك‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫بدليل َي َ‬ ‫أخيك؛‬ ‫أن الفراس َة ما َت َّ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪ )96 -95/1‬بتصرف يسير‪.‬‬


‫((( ((المصدر السابق)) ( ‪.)273/13‬‬
‫للماو ْردي (‪(( ،)186/1‬تفسير ابن كثير)) (‪.)377/7‬‬
‫َ‬ ‫((( ((أدب الدنيا والدين))‬
‫((( ((قوت القلوب)) ألبي طالب المكي (‪(( ،)371/2‬الروح)) البن القيم (‪)238 -237/1‬‬
‫بتصرف‪.‬‬
‫‪401‬‬
‫نَّظلا ءوس‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ظه ُره‬ ‫س ِمن ذلك فيه‪ ،‬وال َتنطِ ُق به ْ‬


‫إن كان سو ًءا‪ ،‬وال ُت ِ‬ ‫َتفر ُ‬
‫ٍ‬
‫عالمة َت َ‬
‫شهدُ ها فيه‪ ،‬فت َّ‬
‫الظن ما ظ َننتَه ِمن ِ‬
‫سوء ِ‬ ‫حك ُم عليه وال َت َ‬
‫وال َت ُ‬
‫رأيك فيه‪ ،‬أو‬ ‫ْ‬ ‫قط ُع به فتَأ َث ُم‪ ،‬وسو َء َّ ِّ‬
‫عر ُفها ِمن‬ ‫بث ٍ‬
‫حال فيك‪َ ،‬ت ِ‬ ‫كون‪ ،‬أو ُخ ِ‬ ‫ِ‬
‫لسوء َّني ٍة َت ُ‬ ‫قد في ن ْف ِسك عليه‪ ،‬أو‬ ‫ألجل ِح ٍ‬
‫ِ‬
‫سوء َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ْف ِسك فت ِ‬
‫َحم ُل َ‬
‫واإلثم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الظ ِّن‬ ‫أخيك عليها و َتق ُ‬
‫يسه بك‪ ،‬فهذا هو ُ‬ ‫حال‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم سوء َّ‬
‫الظ ِّن َّ‬ ‫ُّ‬
‫ُ ِ‬ ‫الظ ِّن بمن ِ‬ ‫ِ‬
‫لمين‪ :‬ﮋ ﭑ‬
‫المس َ‬
‫العدالة م َن ْ‬ ‫ظاه ُره‬ ‫ذم سوء َّ َ‬ ‫ ‪-‬قال ُسبحا َنه في ِّ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ‬
‫[الحجرات‪.]12 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ِ‬
‫الحديث))(((‪.‬‬ ‫الظ َّن َأ َ‬
‫كذ ُب‬ ‫فإن َّ‬ ‫((إ َّي ُاكم َّ‬
‫والظ َّن؛ َّ‬

‫ذم سوء َّ‬


‫الظ ِّن(((‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الز ِ‬
‫مان‬ ‫الح على َّ‬ ‫ٍ‬
‫الص ُ‬
‫الله عنه‪( :‬إذا است َْولى َّ‬
‫ضي ُ‬ ‫طالب َر َ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬
‫ ‪-‬قال ُّ‬
‫ظه ْر منه ِخ ٌ‬
‫زية؛ فقد َظ َلم)‪.‬‬ ‫برج ٍل لم َت َ‬ ‫رج ٌل َّ‬
‫الظ َّن ُ‬ ‫ثم أسا َء ُ‬ ‫ْ ِ‬
‫وأهله‪َّ ،‬‬
‫ِ‬
‫بالقلب)‪.‬‬ ‫الظ ِّن ِغ ٌ‬
‫يبة‬ ‫(سوء َّ‬
‫ُ‬ ‫زالي‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال َ‬
‫الغ ُّ‬
‫نشأ َأك َث ِر ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫(الظ ُّن َم ُ‬
‫ابي‪َ :‬‬
‫ب)‪.‬‬ ‫الخ َّط ُّ‬
‫ ‪-‬وقال َ‬
‫ئة لسوء َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬ ‫الس ِّي ُ‬
‫اآلثار َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)5143‬ومسلم (‪.)2563‬‬


‫((( ُينظر‪(( :‬إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪(( ،)177/2‬ربيع األبرار ونصوص األخيار)) للزمخشري‬
‫(‪(( ،)257/3‬عمدة القاري)) للعيني (‪.)232/23‬‬
‫‪402‬‬
‫نَّظلا ءوس‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والض ِ‬
‫الل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والبدعة َّ‬ ‫الش ِ‬
‫رك‬ ‫سبب للوقو ِع في ِّ‬
‫‪ٌ 1-‬‬

‫الله تعالى‪.‬‬
‫هم ُ‬ ‫حب ُ‬ ‫‪ِ 2-2‬ص ُ‬
‫فة َمن ال ُي ُّ‬
‫وغضبِه‪.‬‬ ‫لعنة ِ‬
‫الله َ‬ ‫حقاق ِ‬
‫سبب في استِ ِ‬
‫‪ٌ 3-3‬‬

‫الس ِّيئ َة‪.‬‬ ‫َ‬


‫األخالق َّ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان‬ ‫‪ِ 4-4‬‬
‫يور ُث‬
‫َ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫‪َ 5-5‬من َأسا َء َّ‬
‫الظ َّن أسا َء‬
‫ِ‬
‫والعداوة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األحقاد‬ ‫ِ‬
‫وجود‬ ‫سبب في‬
‫‪ٌ 6-6‬‬
‫ِمن ُص َور سو ِء َّ‬
‫الظ ِّن‪:‬‬
‫فكل ال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫حص ُرها؛ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫لسوء َّ‬
‫عديدة في ش َّتى أقسامه‪ ،‬ال ُيمك ُن ْ‬ ‫صو ٌر‬
‫الظ ِّن َ‬
‫‪-‬إل‪ ‬من ِ‬
‫واقع فيها‪.‬‬
‫الله‪ٌ -‬‬‫رح َم ُ‬ ‫َّ َ‬

‫غير الحقِّ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪َ ،‬يظ ُّن َ‬ ‫ابن ال َقي ِم‪َ :‬‬
‫(أك َث ُر الخ ْل ِق‪ ،‬بل ك ُّلهم َّإل َمن شا َء ُ‬
‫ون بالله َ‬ ‫قال ُ ِّ‬
‫ِّ‬
‫الحظ‪ ،‬وأ َّنه‬ ‫ناقص‬ ‫بخوس الحقِّ ‪،‬‬ ‫فإن غالِب بني آدم ي ِ‬
‫عتقدُ أ َّنه َم‬ ‫وء؛ َّ‬ ‫َظن الس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َّ‬
‫قول‪َ :‬ظ َلمني ربي ومنَعني ما َأ ِ‬
‫ستح ُّقه!‬ ‫ولسان حالِه َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫وق ما َأعطا ُه ُ‬
‫الله‪،‬‬ ‫ي ِ‬
‫ستح ُّق َف َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫صريح به‪ ،‬و َمن‬ ‫ِ‬ ‫شهدُ عليه بذلك‪ ،‬وهو بلسانه ُينك ُره‪ ،‬وال َي َ‬
‫تجاس ُر على ال َّت‬ ‫ون ْف ُسه َت َ‬
‫مون ال َّن ِ‬
‫ار‬ ‫وطواياها رأى ذلك فيها ِ‬
‫كامنًا ُك َ‬ ‫دفائنِها َ‬
‫معرفة ِ‬
‫ِ‬ ‫ش ن ْف َسه و َتغ ْل َغ َل في‬‫َف َّت َ‬
‫ئت ينبِ ْئ َك َشراره عما في ِز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناده‪ ،‬ولو ف َّتشْ َت َمن ف َّتشْ تَه‬ ‫ُ َّ‬ ‫في الزِّ ناد‪ ،‬فاقدَ ْح ِزنا َد َمن ش َ ُ‬
‫جرى به‪ ،‬وأ َّنه‬ ‫واقتراحا عليه ِخ َ‬
‫الف ما َ‬ ‫ً‬ ‫لرأيت ِعندَ ه َتع ُّت ًبا على القدَ ِر‪ ،‬و َمالم ًة له‪،‬‬
‫َ‬

‫ِّش ن ْف َسك هل أنت ٌ‬


‫سالم‬ ‫ومستكثِ ٌر‪ ،‬وفت ْ‬ ‫ِ‬
‫فمستق ٌّل ُ‬ ‫كون كذا وكذا‪ُ ،‬‬ ‫كان َين َبغي أن َي َ‬
‫اصح لن ْف ِسه بهذا الموضعِ)(((‪.‬‬
‫بيب ال َّن ُ‬‫من ذلك‪ ...‬فل َيعت َِن ال َّل ُ‬
‫ِ‬

‫((( ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) البن القيم (‪.)211/3‬‬


‫‪403‬‬
‫نَّظلا ءوس‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫أسباب الوقوع يف سوء َّ‬


‫الظ ِّن(((‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫القصد وال َفه ِم‪.‬‬ ‫وسوء‬ ‫ُ‬
‫الجهل‪،‬‬‫‪1-‬‬
‫ُ‬
‫وتعميم األحكا ِم على ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الهوى‪،‬‬
‫باع َ‬‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫ِ‬
‫والفجور‪.‬‬ ‫سق‬ ‫أهل ِ‬
‫الف ِ‬ ‫صاح ُبة ِ‬
‫‪ُ 3-3‬م َ‬
‫والر َي ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مواطن ال ُّت َه ِم ِّ‬ ‫ضور في‬
‫الح ُ‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظنون به‪.‬‬ ‫‪5-5‬الحقدُ والحسدُ على َ‬
‫الم‬
‫الغ ِ‬
‫يرة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإلسراف في َ‬ ‫‪6-6‬‬
‫ينة على ترك سوء َّ‬
‫الظ ِّن(((‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫الظ ِ‬
‫نون‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسال في ُّ‬‫عن االستِ‬ ‫‪1-‬االستعاذ ُة ِ‬
‫بالله‪ ،‬وال َّتو ُّق ُف ِ‬

‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وصفاتِه على‬
‫الله ِ‬ ‫ِ‬
‫أسماء ِ‬ ‫ُ‬
‫السلف َّ‬
‫منهج َّ‬ ‫معرفة‬ ‫‪2-2‬‬
‫سيء َّ‬
‫الظ َّن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫الخوف من عقوبة َمن ُي ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫قصير‪.‬‬ ‫الظ ِّن بال َّن ْف ِ‬
‫س‪ ،‬وا ِّت ُ‬
‫هامها بال َّت‬ ‫سوء َّ‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫س‪ ،‬واالستِ ِ‬
‫غفار‪.‬‬ ‫حاس ِبة ال َّن ْف ِ‬ ‫ُ‬
‫المداومة على ُم َ‬ ‫‪5-5‬‬
‫معرفة حك ِم ِ‬
‫سوء َّ‬
‫بالمسل ِم‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الظ ِّن‬ ‫ُ ُ‬ ‫‪6-6‬‬

‫الس ِّي ِئة‪.‬‬ ‫حق ِق ِم َن ُّ ِ‬


‫الظنون َّ‬ ‫‪ُ 7-7‬‬
‫ترك ال َّت ُّ‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان ال ُبستي (‪(( ،)100/1‬قوت القلوب)) ألبي طالب المكي (‪،)371/2‬‬
‫((إحياء علوم الدين)) ألبي حامد الغزالي (‪(( ،)119/2‬ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث))‬
‫لمحمد عبد الحكيم (‪.)202-201/1‬‬
‫((( ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) البن القيم (‪.)211-206/3‬‬
‫‪404‬‬
‫نَّظلا ءوس‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫الط ِّي ِ‬
‫ب‪:‬‬ ‫قال أبو َّ‬
‫ِ‬ ‫ســـاءت ُظنو ُن ُه‬ ‫ِ‬ ‫إذا سا َء فِ ُ‬
‫وصـــدَّ َق ما َيعتـــا ُد ُه مـــن ت ُّ‬
‫َوه ِم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫المرء‬ ‫عل‬
‫ْ ِ ِ (((‬
‫يـل ِم َن َّ‬
‫الش ِّ‬
‫ـك ُمظلم‬ ‫ـح في َل ٍ‬ ‫و َأص َب َ‬ ‫بقـــول ِعداتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫وعـــادى محب ِ‬
‫يـــه‬ ‫َ ُ ِّ‬

‫((( ((العزلة)) للخطابي (ص‪.)31 :‬‬


‫‪405‬‬
‫تامَّشلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َّ‬
‫الشماتة‬

‫معنى َّ‬
‫الشماتة‪:‬‬
‫الشمات ُة ُلغ ًة‪ :‬الفرح بِ َب َّلي ِة العدُ ِّو(((‪.‬‬
‫َّ‬
‫سرور ال َّن ْف ِ‬
‫س‬ ‫َ‬
‫عاديك(((‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫الشمات ُة اصطالحا‪ :‬الفرح ببلي ِة من ُت ِ‬
‫عاديه و ُي‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ َ َّ َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حص ُل ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫غيرها ِم َن‬
‫والحسد(((‪.‬‬ ‫العداوة‬ ‫األضرار‪ ،‬وإ َّنما َت ُ‬ ‫صيب َ‬
‫بما ُي ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنها يف القرآن ُّ‬ ‫ماتة َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﮊ [األعراف‪.]150 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﮊ‬


‫[آل عمران‪ .]120 :‬وهذا الفرح شماتة‪ ،‬والحسد والشماتة متالزمان(((‪.‬‬
‫((أن ال َّنبي ص َّلى ُ ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم كان َي َّ‬
‫تعو ُذ‬ ‫َّ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬‫ضي ُ‬‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫الء))‪.‬‬‫هد الب ِ‬
‫ومن ج ِ‬ ‫ِ‬
‫األعداء‪ِ ،‬‬ ‫ومن َش ِ‬
‫ماتة‬ ‫الش ِ‬
‫قاء‪ِ ،‬‬ ‫ومن َد َر ِك َّ‬
‫ضاء‪ِ ،‬‬‫وء ال َق ِ‬
‫ِمن س ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أش ُّك أ ِّني ِز ُ‬
‫دت واحد ًة منها(((‪.‬‬ ‫مرو في حديثِه‪ :‬قال ُس ُ‬
‫فيان‪ُ :‬‬ ‫قال َع ٌ‬
‫ذم َّ‬
‫الشماتة‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهرى (‪.)366/1‬‬
‫((( ((المفردات)) للراغب (‪.)552/1‬‬
‫((( ((التحرير والتنوير)) البن عاشور (‪.)299/8‬‬
‫((( ((تفسير الرازي)) (‪.)215/3‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6347‬ومسلم (‪ )2707‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪406‬‬
‫تامَّشلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بن ِ‬


‫العزيز‪( :‬ما رأ ْي ُت ظال ًما َأش َب َه َبمظلو ٍم م َن الحاسد؛ َغ ٌّم ٌ‬
‫دائم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عبد‬ ‫مر ِ‬ ‫ ‪-‬عن ُع َ‬
‫رأى الحاسدُ نعم ًة ُب ِه َت‪ ،‬وإذا رأَى َعثْر َة َش ِم َت)(((‪.‬‬ ‫تتاب ٌع)‪ .‬وقيل‪( :‬إذا َ‬ ‫ون َفس ُم ِ‬
‫ٌ‬
‫وزي‪:‬‬
‫الج ِّ‬‫ابن َ‬ ‫فلس ُت)‪ .‬قال ُ‬ ‫ِ َ‬
‫باإلفالس‪ ،‬فأ ْ‬ ‫رج ًل‬
‫(ع َّي ْر ُت ُ‬ ‫ابن ِس َ‬
‫يرين‪َ :‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫عر ُفه‪ ،‬ح َّتى‬ ‫آفة وال َغ ٌّم وال ِض ُ‬
‫يق صدْ ٍر َّإل بزَ َل ٍل َأ ِ‬ ‫كثير‪ ،‬وما نز َل ْت بي ٌ‬ ‫ِ‬
‫و(م ُ‬
‫ثل هذا ٌ‬
‫العقوب َة)(((‪.‬‬ ‫تأو ْل ُت ً‬ ‫يء ُ‬ ‫بالش ِ‬ ‫مكنُني أن َ‬
‫أقول‪ :‬هذا َّ‬ ‫ي ِ‬
‫فأرى ُ‬ ‫تأويل فيه ُبعدٌ َ‬ ‫الني‪ ،‬ور َّبما َّ‬
‫الف ِّ‬ ‫ُ‬
‫ضارها‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫ماتة َ‬
‫الش ِ‬‫آثا ُر َّ‬
‫الذن ِ‬
‫ْب(((‪.‬‬ ‫عظ ُم ِمن ْارتِ ِ‬
‫كاب َّ‬ ‫نب َأ َ‬
‫بالذ ِ‬
‫عيير َّ‬ ‫ماتة بال َّت ِ‬
‫الش ُ‬ ‫‪َّ 1-‬‬
‫الم ُ‬ ‫ِ‬
‫صيبة عليه(((‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫امت قد َتنعك ُ‬ ‫‪َّ 2-2‬‬
‫الش ُ‬
‫ِ‬ ‫الش ُ‬
‫جتمعِ‪.‬‬
‫الم َ‬‫ماتة ُتر ِّبي الحقدَ والحسدَ والعداو َة ْبين أفراد ُ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الش ُ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬
‫والم َ‬
‫سلبي على الفرد ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫تأثير‬
‫ماتة لها ٌ‬
‫ِ‬
‫والبغضاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العداوة‬ ‫ِ‬
‫بالمصيبة تؤ ِّدي إلى‬ ‫الش ُ‬
‫ماتة‬ ‫‪َّ 5-5‬‬
‫أسباب الوقوع يف آفة َّ‬
‫الشماتة‪:‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬ ‫منهج الر ِ‬
‫سول الكري ِم ص َّلى ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫االبتعاد عن‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫‪َ 2-2‬ض ُ‬
‫عف‬
‫‪ُ 3-3‬ح ُّب ال َّتش ِّفي في ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬

‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بمصائب ال َّن ِ‬ ‫الفرح‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫‪5-5‬نِ ُ‬
‫سيان‬

‫((( ((بريقة محمودية)) ألبي سعيد الخادمي (‪.)365/3‬‬


‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)341/1‬‬
‫((( ((مدارج السالكين)) البن القيم (‪.)177/1‬‬
‫((( ((بريقة محمودية)) للخادمي (‪.)378/3‬‬
‫‪407‬‬
‫تامَّشلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫‪ُ 6-6‬ح ُّب الدُّ نيا‪ ،‬وال َّتع ُّل ُق بها‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 7-7‬ت ُ‬
‫الله ُسبحا َنه(((‪.‬‬ ‫الم ْفضية إلى استحالل ما َّ‬
‫حر َمه ُ‬ ‫عاظ ُم العداوة ُ‬
‫ُ‬
‫والكراهية(((‪.‬‬ ‫‪8-8‬الحقدُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬
‫الشماتة‪:‬‬
‫الخ ِ‬
‫يرات‪.‬‬ ‫اعات‪ ،‬وفِ ِ‬
‫عل َ‬ ‫بالط ِ‬
‫وجل َّ‬
‫َّ‬ ‫عز‬ ‫‪1-‬ال َّتقرب إلى ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ُّ ُ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬ ‫منهج الر ِ‬


‫سول الكري ِم ص َّلى ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫باع‬

‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫مصائب ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫الحزن على‬‫‪3-3‬‬
‫بأن الدُّ نيا ٌ‬
‫زائلة‪.‬‬ ‫واليقين َّ‬ ‫ِ‬
‫اآلخرة‪،‬‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُّ‬
‫ذك ُر‬
‫ُ‬

‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الخير لل َّن ِ‬ ‫‪ُ 5-5‬ح ُّب‬

‫‪6-6‬عدَ ُم ال َّتع ُّل ِق بالدُّ نيا‪.‬‬

‫وأصحابه‪:‬‬
‫ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫ني َّ‬
‫بالن ِّ‬ ‫مشاتة املُنا ِفق َ‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الشمات َة بال َّن ِّ‬ ‫والمنافِ َ‬
‫قون َّ‬ ‫اليهود ُ‬
‫ُ‬ ‫ظه َر‬ ‫ِ ٍ‬
‫ ‪-‬في غزوة ُأ ُحد َأ َ‬
‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم المدين َة ‪-‬بعد‬
‫غزوة‬ ‫وص َل ص َّلى ُ‬ ‫وس َّل َم وأصحابِه‪ :‬فحينما َ‬
‫ِ‬ ‫ظهرون َأق َب َح‬ ‫ٍ‬
‫القول‪،‬‬ ‫وصاروا ُي ِ‬ ‫ُ‬ ‫رور‪،‬‬
‫والس َ‬‫الشمات َة ُّ‬
‫واليهود َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫نافقون‬ ‫الم‬
‫ظه َر ُ‬ ‫ُأ ُحد‪َ -‬أ َ‬
‫صيب في بدَ نِه‬ ‫قط؛ ُأ َ‬ ‫نبي ُّ‬ ‫ثل هذا ٌّ‬
‫لك‪ ،‬ما ُأصيب ِ‬
‫بم ِ‬ ‫َ‬
‫ومنه‪ :‬ما محمدٌ َّإل طالب م ٍ‬
‫ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫منكم ِعندَ نا ما ُقتِل‪ .‬واستَأ َذ َنه‬ ‫قولون‪ :‬لو كان َمن ُقتِل ُ‬ ‫َ‬ ‫صيب في أصحابِه! و َي‬ ‫وأ َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المنافِ َ‬
‫قين‪ ،‬فقال‪ :‬أليس ُي ِ‬ ‫ص َّلى ُ ِ‬
‫رون َشهاد َة‬ ‫ظه َ‬ ‫قتل هؤالء ُ‬ ‫مر في ِ‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم ُع ُ‬
‫يف‪ ،‬فقد َ‬
‫بان‬ ‫الله؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬ولكن َتعو ًذا ِم َن الس ِ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله وأ ِّني‬
‫‪ ‬إل ُ‬ ‫أن ال‪ ‬إل َه َّ‬
‫َّ‬ ‫ْ ُّ‬

‫((( ((تحفة الذاكرين)) للشوكاني (ص‪.)443 :‬‬


‫((( ُينظر‪(( :‬أخالق المنافقين)) ليعقوب المليجي (ص‪.)76 :‬‬
‫‪408‬‬
‫تامَّشلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫يت عن‬‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ُ :‬ن ِه ُ‬


‫الله تعالى َأضغا َنهم‪ ،‬فقال ص َّلى ُ‬‫أ ْم ُرهم‪ ،‬وأبدَ ى ُ‬
‫الله‪ -‬يوب ُخ ابنَه عبدَ ِ‬
‫الله‬ ‫ِّ‬ ‫‪-‬لعنَه ُ‬
‫لول َ‬ ‫ابن ُأ َب ٍّي ُ‬
‫ابن َس َ‬ ‫ظه َر ذلك‪ ،‬وصار ُ‬ ‫تل َمن َأ َ‬
‫َق ِ‬
‫الله لرسولِه‬
‫راحة‪ ،‬فقال له ابنُه‪ :‬ا َّلذي َصنَع ُ‬ ‫الله تعالى عنه‪ ،‬وقد َأثب َت ْته ِ‬
‫الج ُ‬ ‫َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫َر َ‬
‫لمين َخ ٌير(((‪.‬‬
‫والمس َ‬
‫ْ‬
‫وشع ٌر يف َّ‬
‫الشماتة‪:‬‬ ‫أقوال وأمثال ِ‬
‫لؤ ٌم(((‪.‬‬ ‫الش ُ‬
‫ماتة ْ‬ ‫ ‪َّ -‬‬
‫ماتة بالجاني على ن ْف ِسه(((‪.‬‬ ‫الش ِ‬
‫ضر ُب في َّ‬ ‫وذ ْق‪ُ :‬ي َ‬ ‫فاح ِ‬
‫س ُ‬ ‫طب َخه ْ‬ ‫أنت أجدْ َت ْ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫ِ‬
‫الر ُج ُل بصاحبِه إذا َز َّل ْت‬
‫شم َت َّ‬‫في‪( :‬ليس م َن الكر ِم أن َي َ‬
‫بن َص ْي ٍّ‬‫ ‪-‬وقال َأك َث ُم ُ‬
‫به ال َّن ُ‬
‫عل‪ ،‬أو َنزَ ل به أ ْم ُر)(((‪.‬‬

‫ ‪-‬قال َن ْه َش ُل ُ‬
‫بن َح ِّري‪:‬‬
‫ِ‬ ‫عـــر َة يـــو ٍم ال ت‬ ‫ـــر باألقـــوا ِم َيو ًمـــا َي َر ْو َن ُه‬
‫كواك ُبه‬ ‫ُـــوازى‬
‫َ‬ ‫َم َّ‬ ‫و َمن َي َ‬
‫ِ‬
‫شـــار ُبه‬ ‫أنت ال ُبدَّ‬
‫كأس َ‬ ‫َ‬
‫ســـيأتيك ٌ‬ ‫جاه ًل‬ ‫الشـــمات َة ِ‬ ‫ف ُق ْل لِ َّلذي ُيبدي َّ‬

‫((( ((السيرة الحلبية)) لعلي بن إبراهيم الحلبي (‪.)549/2‬‬


‫((( ((المستقصى في أمثال العرب)) للزمخشري (‪.)327/1‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)379/1‬‬
‫((( ((األمثال)) البن سالم (‪.)29/1‬‬
‫‪409‬‬
‫َمَّطل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫مع‬ ‫َّ‬
‫الط َ‬

‫معنى َّ‬
‫الطمع‪:‬‬
‫حريص(((‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لط ِم ٌع‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الط َم ُع ُلغ ًة‪َ :‬طم َع َط َم ًعا فهو طام ٌع‪ ،‬وأ ْط َم َعه ُ‬
‫غيره‪ ،‬وإ َّنه َ‬ ‫َّ‬

‫ِ‬ ‫نشأ ِم َن‬ ‫الش ِ‬


‫يء؛ َشهو ًة له‪ .‬وقيل‪ُ :‬ذ ٌّل َي ُ‬ ‫زوع ال َّن ْف ِ‬ ‫َّ‬
‫الحرص‬ ‫س إلى َّ‬ ‫اصطالحا‪ُ :‬ن ُ‬
‫ً‬ ‫الط َم ُع‬
‫بحكمة الباري(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والجهل‬ ‫والب ِ‬
‫طالة‬ ‫َ‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬ ‫مع‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الفرق بني الط ِ‬
‫احل ْرص َّ‬
‫والطمع‪:‬‬ ‫••الفرق بني ِ‬
‫رص أشدُّ َّ‬
‫الط َمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قيل‪ :‬الح ُ‬
‫األمل َّ‬
‫والط َمع‪:‬‬ ‫••الفرق بني َ‬
‫فإن َمن َعزَ م على ٍ‬
‫سفر إلى‬ ‫ستبعدُ ُحصو ُله؛ َّ‬ ‫ُ‬
‫األمل فيما ُي َ‬ ‫ستعم ُل‬
‫قيل‪ :‬أك َث ُر ما ُي َ‬
‫عت) َّإل إذا ُ‬
‫قر َب منه؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫(ط ِم ُ‬
‫يقول‪َ :‬‬
‫صول إليه) وال ُ‬‫الو َ‬ ‫يقول‪َ :‬‬
‫(أ َّم ْل ُت ُ‬
‫بلد ٍ‬
‫بعيد ُ‬ ‫ٍ‬
‫األمل بمعنَى َّ‬
‫الطمعِ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قر َب ُحصو ُله‪ .‬وقد َي ُ‬
‫كون‬ ‫كون َّإل فيما ُ‬ ‫مع ال َي ُ‬
‫الط َ‬‫َّ‬

‫الرجاء َّ‬
‫والطمع‪:‬‬ ‫••الفرق بني َّ‬
‫أن َظ َّنه‬
‫الش ُّك فيه‪َّ ،‬إل َّ‬ ‫ِ‬
‫الخير ا َّلذي َيعتري صاح َبه َّ‬ ‫الرجا َء هو َّ‬
‫الظ ُّن ُبوقو ِع‬ ‫َّ‬
‫أن َّ‬
‫سبب َيدْ عو‬‫ٍ‬ ‫كون ِمن ِ‬
‫غير‬ ‫مع ما َي ُ‬ ‫العل ِم‪َّ ...‬‬
‫والط َ‬
‫بيل ِ‬
‫فيه َأغ َل ُب‪ ،‬وليس هو ِمن َق ِ‬

‫((( ((كتاب العين)) للخليل (‪.)27/2‬‬


‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)524 :‬التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)228 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)248 ،73 :‬‬
‫‪410‬‬
‫َمَّطل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫غير أن َي َ‬
‫كون هناك‬ ‫الش ِ‬
‫يء فكأ َّنك حدَّ ْث َت ن ْف َسك به ِمن ِ‬ ‫إليه‪ ،‬فإذا َط ِم َ‬
‫عت في َّ‬
‫سبب َيدْ عو إليه‪.‬‬
‫ٌ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫مع يف ال ُق ِ‬
‫رآن ُّ‬ ‫ُّ َّ‬
‫ذم الط ِ‬
‫طم ًعا‬ ‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮊ [البقرة‪ .]41 :‬أي‪ :‬ال َت ُ‬
‫أخذوا َ‬
‫َّمن هو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫الط َم ُع(((‪.‬‬ ‫قليل و َتك ُتموا َ‬
‫اسم الله‪ ،‬وذلك الث ُ‬

‫جل في ُعال ُه‪ :‬ﮋ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﮊ [ص‪.]24 :‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬


‫ِ‬
‫باألموال ا َّلتي‬ ‫وح ِّب ال َّتكا ُث ِر‬ ‫الطم ِع ِ‬
‫والح ِ‬ ‫ِ‬
‫بسائق َّ‬ ‫أي‪ :‬ﮋ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﮊ‪:‬‬
‫رص ُ‬
‫الله ب ُل ِ‬ ‫بذ ِويها إلى‬ ‫َت ِم ُ‬
‫يل َ‬
‫طفه(((‪.‬‬ ‫هم ُ‬ ‫الباطل إن لم َيتو َّل ُ‬
‫ِ‬

‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫نصاري َر َ‬‫ِّ‬ ‫األ‬ ‫ٍ‬
‫مالك َ‬ ‫كعب ِ‬
‫بن‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬عن‬
‫والش ِ‬ ‫ِ‬ ‫رص الم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ ُِ ِ‬
‫رف‬ ‫المال َّ‬ ‫رء على‬ ‫فسدَ لها من ح ِ َ‬ ‫وس َّل َم‪(( :‬ما ذئْبان أرس َل في َغ َن ٍم‪ ،‬بأ َ‬
‫لض ِ‬ ‫الم َش َّب ِه َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لدينِه))(((‪.‬أي‪ِ َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫عفه‪،‬‬ ‫بالغن ِم؛ َ‬ ‫رص المرء ع َل ِيهما َأك َث ُر فسا ًدا لدينه ُ‬ ‫(أن ح َ‬
‫الذئ َب ِ‬
‫ين للغ َن ِم)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إفساد ِّ‬ ‫رصه ِمن‬
‫نب ِح ِ‬
‫بج ِ‬
‫َ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ِ‬
‫الصامت َر َ‬ ‫ ‪-‬عن ُعباد َة ِ‬
‫بن َّ‬
‫الله ولم َي ْن ِو َّإل ِع ً‬
‫قال‪ ،‬ف َل ُه ما َن َوى))(((‪.‬‬ ‫سبيل ِ‬‫ِ‬ ‫وس َّل َم‪َ (( :‬من َغزَ ا في‬

‫((( ((تفسير القرآن العظيم)) البن أبي حاتم (‪.)97/1‬‬


‫((( ((بيان المعاني)) للعاني (‪.)304/1‬‬
‫وصححه األلباني‬
‫َّ‬ ‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)2376‬وأحمد (‪ .)15794‬قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2376‬‬
‫((( ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (‪.)3243/8‬‬
‫((( أخرجه النسائي (‪ ،)3138‬وأحمد (‪.)22692‬‬
‫صححه الشوكاني في ((الفتح الرباني)) (‪ ،)6233/12‬وحسنه األلباني في ((صحيح سنن النسائي))‬
‫(‪.)3138‬‬
‫‪411‬‬
‫َمَّطل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ذم َّ‬
‫الطمع‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫اليأس‬
‫َ‬ ‫وأن‬ ‫أن َّ‬
‫الط َم َع َف ٌ‬
‫قر‪َّ ،‬‬ ‫علم َّن َّ‬
‫الله عنه‪َ ( :‬ت َ‬
‫ضي ُ‬ ‫الخط ِ‬
‫اب َر َ‬ ‫َّ‬ ‫بن‬
‫مر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬
‫ِغنًى)(((‪.‬‬
‫روق الم ِ‬
‫تحت ُب ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫طامعِ)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قول َ‬ ‫(أك َث ُر َمصار ِع ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫علي َر َ‬
‫ ‪-‬وقال ٌّ‬
‫ساده َّ‬
‫الط َم ُع)(((‪.‬‬ ‫الور ُع‪ ،‬و َف ُ‬
‫ين َ‬ ‫الح الدِّ ِ‬
‫(ص ُ‬‫صري‪َ :‬‬
‫الحس ُن ال َب ُّ‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫أنواع َّ‬
‫الطمع‪:‬‬
‫والطم ِع في‬ ‫ِ‬
‫لإلنسان‪َّ ،‬‬ ‫مغفرة ِ‬
‫الله‬ ‫ِ‬ ‫كالطم ِع في ط َل ِ‬
‫ب‬ ‫المحمود‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫األول‪َّ :‬‬
‫الط َم ُع‬ ‫َّ‬
‫والطم ِع في كر ِم ِ‬
‫الله تعالى‪.‬‬ ‫دخول الج َّن ِة‪َّ ،‬‬
‫ِ‬

‫والطم ِع في‬ ‫ِ‬


‫المال‪َّ ،‬‬ ‫وجم ِع‬ ‫ِ‬
‫طلب الدُّ نيا‬ ‫المذموم‪َّ :‬‬
‫كالطم ِع في‬ ‫ُ‬ ‫مع‬ ‫ال َّثاني‪َّ :‬‬
‫الط ُ‬
‫ْ‬
‫ات‪.‬‬ ‫لذ ِ‬
‫والم َّ‬ ‫شر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‪َّ ،‬‬
‫والطم ِع في‬ ‫نص ٍ‬ ‫س ٍ‬
‫لطة أو م ِ‬
‫ب َ‬ ‫والم َ‬
‫المأكل َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫مع َ‬ ‫َّ‬
‫آثا ُر الط ِ‬
‫ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫جتمعِ‪ ،‬و ُيصبِ ُح خ ُل ًقا ُم َ‬
‫توار ًثا ْبين ال َّن ِ‬ ‫الم َ‬
‫‪َ 1-‬ينتش ُر في ُ‬
‫ائم‪ ،‬وال َّت َع ُب ا َّلذي ال َينقطِ ُع‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االنشغال الدَّ ُ‬ ‫‪2-2‬‬

‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دام َمبدأِ ال َب ْذ ِل وال َّت‬ ‫ِ‬


‫الم َ‬
‫واإليثار ْبين أفراد ُ‬ ‫ضحية‬ ‫‪3-3‬انع ُ‬
‫الظن ِ‬ ‫ِ‬
‫بالله تعالى‪.‬‬ ‫دليل على سوء َّ ِّ‬
‫‪ٌ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫وق َّل ِة‬
‫بالله‪ِ ،‬‬
‫قة ِ‬ ‫عف ال ِّث ِ‬
‫دليل على َض ِ‬
‫‪ٌ 5-5‬‬

‫((( أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (‪ ،)354/1‬ووكيع في ((الزهد)) (ص‪ ،)426 :‬وأحمد في‬
‫((الزهد)) (ص‪.)97 :‬‬
‫((( ((المستطرف)) لألبشيهي (ص‪.)83 :‬‬
‫((( ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (‪.)3304/8‬‬
‫‪412‬‬
‫َمَّطل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ار‪.‬‬ ‫طريق ِ‬
‫موص ٌل إلى ال َّن ِ‬ ‫‪ٌ 6-6‬‬

‫رين‪.‬‬
‫اآلخ َ‬ ‫‪7-7‬يجع ُل صاحبه حقيرا في ُع ِ‬
‫يون َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِّية إىل َّ‬
‫الطمع‪:‬‬ ‫األسباب املؤد ُ‬
‫الس ِّي ِئة َّ‬
‫للط َمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باآلثار َّ‬ ‫ُ‬
‫الجهل‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫الموت‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وكراهية‬ ‫‪ُ 2-2‬ح ُّب الدُّ نيا‪،‬‬
‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫‪َ 3-3‬ض ُ‬
‫عف‬

‫س وتهذيبِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بتزكية ال َّن ْف ِ‬ ‫‪4-4‬عدَ ُم االهتِما ِم‬

‫ناصب‪ِ ،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫أموال‪ ،‬و َم‬ ‫يات؛ ِمن‬
‫غر ِ‬‫الم ِ‬ ‫ُ‬
‫االنجراف ورا َء ُ‬‫‪5-5‬‬

‫أهل َّ‬
‫الطم ِع ُ‬
‫ومصاح َب ُتهم‪.‬‬ ‫‪ُ 6-6‬مجا َل ُ‬
‫سة ِ‬
‫ين الح ِ‬ ‫غير ُم ِ‬ ‫ٍ‬
‫فاسد ِ‬ ‫ِ‬
‫نيف‪.‬‬ ‫لتز ٍم بتعالي ِم الدِّ ِ َ‬ ‫جتم ٍع‬ ‫‪ُ 7-7‬ن ُ‬
‫شوء الفرد في ُم َ‬
‫ينة على ترك َّ‬
‫الطمع‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫الط ِ‬‫الص ِبر في َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بتهذيب ال َّن ْف ِ‬
‫اعات‪.‬‬ ‫س و َترويضها على َّ‬ ‫االهتمام‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫العواقب الو ِ‬
‫خيمة ا َّلتي َتن ُت ُج ِ‬
‫عن َّ‬
‫الطمعِ‪.‬‬ ‫ِ َ‬ ‫‪2-2‬ال َّت ُّأم ُل في‬

‫كره عليها‪.‬‬ ‫ختل ِ‬


‫فة‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الكثيرة والم ِ‬ ‫‪3-3‬ال َّتأم ُل في نِع ِم ِ‬
‫وش ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫يل إلى َّ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪4-4‬ال َّتح ِّلي‬
‫الطمعِ‪.‬‬ ‫بالور ِع عندَ َ‬
‫َ‬

‫الله وقدَ ِره‪.‬‬ ‫ِ‬


‫بقضاء ِ‬ ‫سليم‬
‫‪5-5‬ال َّت ُ‬
‫اآلخ ِ‬
‫الله ِمن نعي ٍم في الدَّ ِار ِ‬
‫الطمع في الج َّن ِة وما ِعندَ ِ‬
‫رة‪.‬‬ ‫‪ُ َّ 6-6‬‬

‫‪413‬‬
‫َمَّطل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الطمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االبتعاد ِ‬
‫عن َّ‬ ‫الله‪ ،‬واالستِ ُ‬
‫عانة به في‬ ‫‪7-7‬ال ُّلجوء إلى ِ‬
‫ُ‬
‫وشع ٌر يف َّ‬
‫الطمع‪:‬‬ ‫ِح َك ٌم وأمثال ِ‬
‫ِ‬
‫طم ُع من َأ َ‬
‫شع َب(((‪.‬‬ ‫ ‪-‬هو َأ َ‬
‫أعناق الر ِ‬ ‫ ‪َ -‬ق َطع‬
‫طامع‪.‬‬
‫الم ُ‬‫جال َ‬ ‫َ ِّ‬
‫ئب ِعندَ َّ‬
‫الط َمع(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ ‪َ -‬ع ٌ ِ‬
‫تود عندَ ال َفزَ ع‪ ،‬ذ ٌ‬

‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫الـــر َدى ِبزمـــا ِم‬ ‫َحـــو‬ ‫َيقتـــا ُد ُه ن‬ ‫يا ويـــح من جعـــل الم ِ‬
‫طام َع قائدً ا‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِ (((‬ ‫ٍ‬ ‫َيو ًمـــا ب َع ِ‬ ‫ـــع لم َي ُف ْز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وســـام‬ ‫ســـرة َ‬ ‫َّ‬ ‫يش َم‬ ‫المطام َ‬
‫َمن كان قائـــدُ ُه َ‬

‫((( ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) لألنباري (‪.)216/2‬‬


‫((( ((القناعة والتعفف)) البن أبي الدنيا (ص‪.)79 :‬‬
‫((( ((بيان المعاني)) لعبد القادر العاني (‪.)466/4‬‬
‫‪414‬‬
‫مْلُّظلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الظُّ لْمُ‬

‫الظ ْل ِم‪:‬‬
‫مع َنى ُّ‬
‫غير م ِ‬
‫وضعه؛ يقال‪َ :‬ظ َلمه َي ِ‬ ‫وضع َّ ِ‬
‫ظل ُمه َظ ْل ًما ُ‬
‫وظ ْل ًما‬ ‫َ‬ ‫الشيء في ِ َ‬ ‫الظ ْل ُم ُلغ ًة‪ُ ْ :‬‬
‫ُّ‬
‫و َم ِ‬
‫ظلم ًة(((‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ُقصان أو‬ ‫َص به؛ َّإما بن‬ ‫ِ‬ ‫يء في ِ‬ ‫الش ِ‬
‫وض ُع َّ‬
‫اصطالحا‪ْ :‬‬ ‫ُّ‬
‫الظ ْل ُم‬
‫المخت ِّ‬
‫غير َموضعه ُ‬ ‫ً‬
‫عن الحقِّ‬ ‫دول عن وقتِه أو َمكانِه‪ .‬وقيل‪ :‬هو ِعبار ٌة ِ‬
‫عن ال َّتعدِّ ي ِ‬ ‫وإما ُبع ٍ‬
‫بزيادة؛ َّ‬
‫ٍ‬

‫جاوز ُة الحدِّ (((‪.‬‬ ‫لك ِ‬ ‫الباطل‪ ،‬وهو الجور‪ .‬وقيل‪ :‬هو ال َّتصر ُف في م ِ‬
‫ِ‬
‫وم َ‬ ‫الغير‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫إلى‬

‫هل ْضم)(((‪:‬‬
‫(اجل ْور ‪ -‬ا َ‬ ‫الظ ْل ِم ُ‬
‫ومرتادفا ِته َ‬ ‫ي ُّ‬‫الف ْر ُق َب ْ َ‬
‫َ‬
‫عق ُب ِع ً‬
‫وضا‪،‬‬ ‫ستحق وال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ضر ٌر ال ُي‬
‫لم َ‬ ‫الحك ِم‪ُّ .‬‬
‫والظ ُ‬
‫ِ‬ ‫ور ِخ ُ‬
‫الف االستقامة في ُ‬ ‫الج ُ‬
‫َ‬
‫سواء كان ِمن س ٍ‬
‫لطان أو حاك ٍم أو ِ‬
‫غيرهما‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫جميع ح ِّقه‪ :‬قد ُه ِضم‪،‬‬


‫ُ‬ ‫قال لِ َمن ُأ ِخذ‬
‫بعض الحقِّ ‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫قصان‬ ‫ضم ُن‬
‫واله ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القرآن‪ :‬ﮋ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﮊ‬ ‫البعض ُ‬
‫والك ِّل‪ ،‬وفي‬ ‫ِ‬ ‫لم َي ُ‬
‫كون في‬ ‫ُّ‬
‫والظ ُ‬
‫العربي ِة‪:‬‬
‫َّ‬ ‫الهض ِم في‬ ‫ُ‬
‫وأصل َ‬ ‫بعض ح ِّقه‪.‬‬‫[طه‪ ،]112 :‬أي‪ :‬ال ُيمن َُع ح َّقه وال َ‬
‫هضام‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫والجمع‪َ :‬أ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األرض‪َ :‬ه ْض ٌم‪،‬‬ ‫نخفض ِم َن‬
‫ِ‬ ‫للم‬ ‫ُ‬
‫قصان‪ ،‬ومنه قيل ُ‬ ‫ال ُّن‬

‫((( ((المصباح المنير)) للفيومي (ص‪.)146 :‬‬


‫((( ((المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)537 :‬التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)186 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)557 ،385 :‬‬
‫‪415‬‬
‫مْلُّظلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عن ُّ‬


‫الظلم يف القرآن ُّ‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﮊ [غافر‪ ،]31 :‬وقال‪ :‬ﮋ ﰗ ﰘ‬
‫ﰙ ﰚ ﰛ ﮊ [فصلت‪ ،]46 :‬وقال‪ :‬ﮋ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﮊ‬
‫[آل عمران‪.]108 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﮊ [سبأ‪:‬‬


‫‪ ،]42‬وقال الل ُه تعالى‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ [غافر‪.]18 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪(( :‬قال‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي َذ ٍّر َر َ‬
‫وج َع ْل ُته ْبي ُ‬ ‫الله تبارك وتعالى‪ :‬يا ِع ِ‬
‫بادي‪ ،‬إ ِّني َح َّر ْم ُت ُّ‬
‫نكم‬ ‫الظ ْل َم على َن ْفسي‪َ ،‬‬ ‫قال ُ َ‬
‫ُم َح َّر ًما؛ فال َتظا َل ُموا‪.((())...‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ضي ُ‬ ‫جابر َر َ‬‫ٍ‬ ‫ ‪-‬وعن‬
‫الش َّح َأه َل َك َمن‬ ‫الق ِ‬
‫مات يوم ِ‬
‫يامة‪ ،‬وات َُّقوا ُّ‬
‫الش َّح؛ َّ‬
‫فإن ُّ‬ ‫الظ ْل َم ُظ ُل ٌ َ َ‬
‫فإن ُّ‬ ‫((ات َُّقوا ُّ‬
‫الظ ْل َم؛ َّ‬
‫كان َقب َل ُكم‪َ ،‬ح َم َل ُهم على أن َس َفكوا ِدما َء ُهم‪ ،‬واست ََح ُّلوا َم ِ‬
‫حار َم ُهم))(((‪.‬‬
‫ذم ُّ‬
‫الظلم‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ناصرا‬
‫ً‬ ‫الله عنه‪( :‬إ ِّني لستَحي أن أظل َم َمن ال َيجدُ َّ‬
‫علي‬ ‫ضي ُ‬ ‫معاوية َر َ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫َّإل الل َه)(((‪.‬‬
‫الظالم ال َي ِ‬
‫ظل ُم َّإل ن ْف َسه‪،‬‬ ‫(إن َّ َ‬‫الله عنه‪َّ :‬‬ ‫ضي ُ‬‫رج ٌل عند أبي ُه َرير َة َر َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫َموت في‬ ‫بارى َلت ُ‬ ‫الح َ‬
‫إن ُ‬‫س أبي ُه َرير َة ب َي ِده‪َّ ،‬‬ ‫فقال أبو ُه َرير َة‪َ :‬‬
‫كذ ْب َت‪ ،‬وا َّلذي ن ْف ُ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)2577‬‬


‫((( أخرجه مسلم (‪.)2578‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)30/1‬‬
‫‪416‬‬
‫مْلُّظلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َو ْك ِرها ِمن ُظ ْل ِم َّ‬


‫الظال ِم)(((‪.‬‬
‫بعض ُعمالِه ي ِ‬
‫ستأذ ُنه في‬ ‫ُ‬ ‫الله‬
‫رحمه ُ‬ ‫العزيز ِ‬
‫ِ‬ ‫بن ِ‬
‫عبد‬ ‫مر ِ‬ ‫ ‪َ -‬‬
‫َّ َ‬ ‫(وكتَب إلى ُع َ‬
‫بالعدل‪ ،‬و َنقِّ ُط ُر َقها ِم َن ُّ‬
‫الظ ْل ِم)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تحصين َمدينتِه‪ ،‬فكتب إليه‪َ :‬ح ِّص ْنها‬
‫ِ‬

‫ضاره‪:‬‬ ‫الظ ْل ِم َ‬
‫وم ُّ‬ ‫آثا ُر ُّ‬
‫اله ِ‬
‫داية‪.‬‬ ‫عن ِ‬
‫صروف ِ‬
‫ٌ‬ ‫الم َم‬ ‫‪َّ 1-‬‬
‫الظ ُ‬
‫الظالم ال ي ِ‬
‫فل ُح أبدً ا‪.‬‬ ‫‪ُ ُ َّ 2-2‬‬
‫عنة ِم َن ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫الم عليه ال َّل ُ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫الظ ُ‬
‫الش ِ‬
‫فاعة‪.‬‬ ‫حر ُم ِم َن َّ‬ ‫‪َّ 4-4‬‬
‫الم ُي َ‬
‫الظ ُ‬
‫المظلو ِم وال ُتخطِئُه‪.‬‬
‫‪ُ 5-5‬تصي ُبه َدعو ُة َ‬
‫بالظ ْل ِم ي ِ‬
‫األمن‪.‬‬
‫ُ‬ ‫رتف ُع‬ ‫‪َ ُّ 6-6‬‬
‫قاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للبالء ِ‬
‫والع ِ‬ ‫سبب‬ ‫‪ُّ 7-7‬‬
‫لم ٌ‬‫الظ ُ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خول ال َّن ِ‬ ‫الم بدُ‬ ‫وعدَ َّ‬
‫‪ُ 8-8‬ت ِّ‬
‫الظ ُ‬
‫لم‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫ِمن ُص َور الظ ِ‬
‫لم العب ِد ْ‬
‫نف َسه‬ ‫أ‪ُ -‬ظ ُ‬
‫رك ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫الش ُ‬ ‫‪َ 1-‬أ َ‬
‫عظ ُمه‪ِّ :‬‬
‫حدود ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪2-2‬ال َّتعدِّ ي على‬
‫اسمه‪.‬‬ ‫مساجد ِ‬
‫الله أن ُي َ‬ ‫ِ‬
‫ذك َر فيها ُ‬ ‫الصدُّ عن‬
‫‪َّ 3-3‬‬

‫ري في ((التفسير)) (‪.)231/17‬‬ ‫((( أخرجه ابن أبي الدنيا في ((العقوبات)) (‪َّ ،)269‬‬
‫والط َب ُّ‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه (‪.)31/1‬‬
‫‪417‬‬
‫مْلُّظلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الش ِ‬
‫هادة‪.‬‬ ‫‪َ 4-4‬ك ْت ُم َّ‬
‫ِ‬
‫أحكامها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بتعطيل‬ ‫آيات ِ‬
‫الله‬ ‫اإلعراض عن ِ‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫الكذب على ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫‪ِ 6-6‬‬
‫ُ‬

‫لبعض‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫بعضهم‬ ‫ب ‪ُ -‬ظ ُ‬
‫لم ال ِعبا ِد ِ‬
‫نقسم إلى ُظل ٍم َقولي‪ِ ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫وظل ٍم ف ٍّ‬
‫علي‪:‬‬ ‫ٍّ‬ ‫و َي ُ‬
‫صو ِر ُّ‬ ‫ِ‬
‫الظل ِم ال َق ِّ‬
‫ولي‪:‬‬ ‫من َ‬
‫والشت ِم‪ ،‬واالحتِ ِ‬
‫قار‪ ،‬وال َّتنا ُب ِز‬ ‫باب َّ‬ ‫والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض إلى ال َّن ِ ِ ِ‬
‫اس بالغيبة‪ ،‬وال َّنميمة‪ِّ ،‬‬ ‫عر ُ‬
‫ال َّت ُّ‬
‫بالباطل‪ِ ...‬‬
‫وغيرها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والقذف واال ِّتها ِم‬ ‫خرية واالستِ ِ‬
‫هزاء‪،‬‬ ‫باأللقاب‪ ،‬والس ِ‬‫ِ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫صور ُّ‬ ‫ِ‬
‫الظل ِم الف ِّ‬
‫علي‪:‬‬ ‫من َ‬
‫القتل ِ‬
‫بغير حقٍّ ‪.‬‬ ‫‪ُ 1-‬‬

‫وس ِجنوا‪.‬‬ ‫لمين بسبب ِدينِهم‪ ،‬ا َّلذين ُقتِّلوا‪ُ ،‬‬


‫وش ِّردوا‪ُ ،‬‬ ‫المس َ‬
‫الواقع على ْ‬
‫ُ‬ ‫لم‬ ‫‪ُّ 2-2‬‬
‫الظ ُ‬
‫ٍ‬
‫شيء منها‪.‬‬ ‫الغ ِير أو‬ ‫ِ‬
‫أرض َ‬ ‫أخ ُذ‬
‫‪ْ 3-3‬‬
‫قوقهما‪ُ ،‬‬
‫وظل ِم‬ ‫األوالد لوالِ ِديهم بع ِ‬
‫ِ‬ ‫ثل‪ُ :‬ظل ِم‬ ‫األ َس ِر؛ ِم ُ‬
‫الواقع في ُ‬ ‫لم‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الظ ُ‬
‫قصير ِه َّن في‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ألزواج ِه َّن في َت‬ ‫ِ‬
‫وجات‬ ‫وظل ِم َّ‬
‫الز‬ ‫األزواج لزَ وجاتِهم في ح ِّق ِه َّن‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫األوالد‪ ،‬وال َق ِ‬
‫سوة في‬ ‫ِ‬ ‫واج‪ ،‬والدُّ ِ‬
‫عاء على‬ ‫الز ِ‬ ‫ضل ِه َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫البنات َبع ِ‬ ‫ح ِّقهم‪ُ ،‬‬
‫وظل ِم‬
‫عن َّ‬
‫ٍ‬
‫بعض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫األوالد على‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫فضيل‬ ‫عام ِل معهم‪ ،‬و َت‬‫ال َّت ُ‬
‫تاب ِ‬‫بذ ِك ِ‬ ‫ثل‪َ :‬ن ِ‬
‫ناصب؛ ِم ُ‬ ‫ِ‬ ‫أصحاب ِ‬
‫الله‪ ،‬و َتحكي ِم‬ ‫ِ‬ ‫والم‬
‫الواليات َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 5-5‬ظ ُ‬
‫لم‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عي ِة حقو َقهم‪ ،‬وتقدي ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال َق ِ‬
‫وظيفة ما‬ ‫شخص في‬ ‫ضعية‪ ،‬وعدَ ِم إعطاء َّ‬
‫الر َّ‬ ‫الو َّ‬ ‫وانين َ‬
‫ِ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫ناس َأك َف ُأ منه َ‬
‫وأقدَ ُر على‬ ‫وهناك ُأ ٌ‬

‫‪418‬‬
‫مْلُّظلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫بخ َسه حقو َقه‪،‬‬ ‫عم ًل وال ُيعط َيه ْ‬


‫أج َره‪ ،‬أو أن َي َ‬ ‫عم َل له َ‬ ‫ال؛ ِم ُ‬
‫ثل‪ :‬أن َي َ‬ ‫العم ِ‬
‫‪ُ 6-6‬ظ ُ‬
‫لم ُ َّ‬
‫ٍ‬
‫بأمور لم َتجر‬ ‫غير ما ات ُِّفقَ عليها معه‪ ،‬أو‬
‫مور ِ‬ ‫يؤخرها عن وقتِها‪ ،‬أو َت ِ‬
‫كليفه ُبأ ٍ‬ ‫أو أن ِّ َ‬
‫بتكليف ِم ِثله بها‪...‬‬
‫ِ‬ ‫العاد ُة‬
‫ِ‬
‫أموال‬ ‫وأك ِل‬ ‫ِ‬
‫بالباطل‪ْ ،‬‬ ‫اس‬ ‫ِ‬
‫أموال ال َّن ِ‬ ‫ثل‪ْ :‬أك ِل‬ ‫بغير حقٍّ ؛ ِم ُ‬
‫الغير ِ‬
‫ِ‬ ‫‪ْ 7-7‬أك ُل ِ‬
‫مال‬
‫ش في المعام ِ‬
‫الت‪،‬‬ ‫شوة‪ِ ،‬‬
‫والغ ِّ‬ ‫قة‪ ،‬والر ِ‬ ‫وأك ِل الربا‪ ،‬والس ِر ِ‬ ‫الض ِ‬
‫عفاء كال َيتامى‪ْ ،‬‬ ‫ُّ‬
‫ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫والم ْي ِس ِر‪.‬‬
‫َ‬

‫ظال‪:‬‬ ‫ُّ َ‬
‫رد امل ِ ِ‬
‫ِ‬
‫بأخذ ٍ‬ ‫الظل ِم وال َّتس ُّل ِ‬ ‫ٍ‬
‫بشيء ِم َن ُّ‬
‫مال‪ ،‬أو‬ ‫سواء كان‬
‫ٌ‬ ‫ط على ال َّن ِ‬
‫اس؛‬ ‫َم ِن اب ُت َ‬
‫لي‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بغيره ِمن أنوا ِع ُّ‬‫ِ‬
‫الظل ِم‪ ،‬ف ْل َيتح َّل ْل منه في هذه الدُّ نيا الفانية؛ فليس في اآلخرة د ٌ‬
‫ينار‬
‫وإن‬ ‫ظلمتِه و ُي َ‬
‫عطى للمظلو ِم‪ْ ،‬‬ ‫يؤخ ُذ منه ب َقدْ ِر َم ِ‬
‫صالح َ‬ ‫ٌ‬ ‫عم ٌل‬
‫رهم‪ ،‬وإ َّنما هو َ‬
‫وال د ٌ‬
‫ِ‬
‫رسول ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫الم؛ قال‬ ‫وحم َلها َّ‬
‫الظ ُ‬ ‫صالح ُأخذ من َس ِّيئات المظلو ِم َ‬
‫ٌ‬ ‫عم ٌل‬‫لم َي ُك ْن له َ‬
‫يتح َّل ْله‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ِ ِ ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم‪َ (( :‬من كانت له َم ِ‬
‫مة ألحد من عرضه أو َشيء‪ ،‬ف ْل َ‬ ‫ظل ٌ‬ ‫َ‬ ‫ص َّلى ُ‬
‫صالح ُأ ِخ َذ منه ب َق ِ‬
‫در‬ ‫ٌ‬ ‫رهم؛ إن كان له َع َم ٌل‬ ‫ِ‬
‫ينار وال د ٌ‬
‫َ ِ‬
‫يكون د ٌ‬ ‫اليوم قبل َّأل‬
‫َ‬ ‫منه‬
‫فح ِم َل عليه))(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تكن له حس ٌ ِ ِ‬
‫نات ُأخ َذ من َس ِّيئات صاحبِه ُ‬ ‫ظلمتِه‪ْ ،‬‬
‫وإن لم ُ ْ َ َ‬
‫َم ِ‬

‫وع ٌ‬
‫ظات‪:‬‬ ‫ب ِ‬
‫لم‪ِ ...‬ع َ ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ ُ‬
‫قصة يف الظ ِ‬
‫((أن َأ ْر َوى بِ َ‬
‫نت ُأ َو ْي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫س‬ ‫الله عنه؛ ففي الصحيح‪َّ :‬‬‫ضي ُ‬ ‫قص ُة سعيد بن َزيد َر َ‬ ‫َّ‬
‫بن‬ ‫وان ِ‬‫فخاص َم ْت ُه إلى َم ْر َ‬
‫َ‬ ‫يد أ َّنه َأ َخذ شيئًا ِمن ِ‬
‫أرضها‪،‬‬ ‫بن َز ٍ‬ ‫ِ‬
‫سعيد ِ‬ ‫َّاد َع ْت على‬
‫ِ‬
‫رسول‬ ‫عت ِمن‬‫سم ُ‬‫أرضها شيئًا بعد ا َّلذي ِ‬
‫آخ ُذ ِمن ِ‬‫كنت ُ‬ ‫الح َك ِم‪ .‬فقال سعيدٌ ‪ :‬أنا ُ‬
‫َ‬
‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬
‫‪ ‬الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫عت ِمن‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم؟! قال‪ :‬وما ِ‬
‫سم َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )2449‬من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪419‬‬
‫مْلُّظلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫قول‪َ :‬من َأ َخ َذ ِش ًبرا ِم َن‬


‫الله ع َل ِيه وس َّل َم َي ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫عت‬ ‫سم ُ‬ ‫وس َّلم؟ قال ِ‬
‫َ‬
‫وان‪ :‬ال َأسأ ُل َك َب ِّين ًة بعدَ هذا‪.‬‬
‫ضين‪ .‬فقال له َم ْر ُ‬ ‫األرض ُظ ْل ًما‪ُ ،‬ط ِّو َق ُه إلى َس ْب ِع َأ َر َ‬
‫ِ‬
‫بصرها‪ ،‬واق ُت ْلها في ِ‬ ‫ِ‬
‫ماتت ح َّتى‬‫أرضها‪ .‬قال‪ :‬فما ْ‬ ‫إن كانت كاذب ًة َ‬
‫فع ِّم َ َ‬ ‫هم ْ‬ ‫فقال‪ :‬ال َّل َّ‬
‫أرضها إ ْذ و َقع ْت في ح ٍ‬
‫بصرها‪ ،‬ثم بينَا هي تمشي في ِ‬
‫فماتت))(((‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فرة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َذ َهب َ ُ‬
‫لم يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫الظ ُ‬
‫تاه ِية‪:‬‬
‫قال أبو الع ِ‬
‫َ‬
‫المســـي ُء هـــو ال َّظلو ُم‬ ‫ومـــا َ‬ ‫ـــــم ُل ْؤ ٌم‬‫إن ال ُّظ ْل‬ ‫ِ‬
‫واللـــــه َّ‬ ‫أ َمـــــا‬
‫زال ُ‬ ‫َ‬
‫الخصو ُم‬ ‫ـــع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يـــن نَمضي‬ ‫ِ‬ ‫إلـــى دي ِ‬
‫ان َيـــو ِم الدِّ‬
‫وعنـــدَ اللـــه تَجتم ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غدً ا عنـــدَ اإللـــه َم ِن َ‬
‫الم ُلـــو ُم‬ ‫ِ‬
‫الحســـاب إذا ا ْل َت َق ْينَا‬ ‫ســـتَع َل ُم في‬
‫(((‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3198‬ومسلم (‪ )1610‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( ((ديوان أبي العتاهية)) (ص‪.)398 :‬‬
‫‪420‬‬
‫ل‬
‫ُبْجُع ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫العُجْبُ‬

‫مع َنى ال ُع ِ‬
‫جب‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ْم ِق َ‬
‫صرفها صاح ُبها‬ ‫جب‪َ :‬ف ْض ٌلة م َن ُ‬
‫الع ُ‬ ‫جب ُلغ ًة‪َّ :‬‬
‫الز ْه ُو والك ْب ُر‪ .‬وقيل‪ُ :‬‬ ‫الع ُ‬
‫ُ‬
‫الع ِ‬
‫جب(((‪.‬‬ ‫إلى ُ‬
‫كون م ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬تصو ُر استِ ِ‬
‫ستح ًّقا لها(((‪.‬‬ ‫خص ُرتب ًة ال َي ُ ُ‬ ‫حقاق َّ‬
‫الش‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫جب‬
‫الع ُ‬
‫ُ‬
‫سيان إضافتِها إلى الم ِ‬
‫نع ِم(((‪.‬‬ ‫كون إليها‪ ،‬مع نِ ِ‬
‫والر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫عظام النِّعمة‪ُّ ،‬‬
‫وقيل‪ :‬هو است ُ‬
‫ب ْ‬ ‫ُ ْ‬
‫واإلدالل)(((‪:‬‬ ‫جب ومرادفا ِته (ال ِك ْ ِ‬
‫الفرق بي ال ُع ِ‬
‫الع ِ‬
‫جب؛ َّ‬
‫فإن‬ ‫نفص ُل ِ‬
‫الك ْب ُر ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبر يستَدعي متكبرا عليه ومتكبرا به‪ ،‬وبه ي ِ‬
‫عن ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫ُْ َ‬
‫اإلنسان َّإل ْ‬
‫وحدَ ه ُت ِّ‬
‫صو َر‬ ‫ُ‬ ‫ب‪ ،‬بل لو لم ُيخ َل ِق‬ ‫الم ِ‬
‫عج ِ‬ ‫غير ُ‬
‫جب ال َيستَدعي َ‬
‫الع َ‬
‫ُ‬
‫عج ُب‬
‫والم َ‬ ‫كون مع ِ‬
‫غيره‪ُ .‬‬ ‫كون ُمتك ِّب ًرا َّإل أن َي َ‬ ‫تصو ُر أن َي َ‬ ‫كون ُمعج ًبا‪ ،‬وال ُي َّ‬ ‫أن َي َ‬
‫ُيصدِّ ُق ن ْف َسه فيما َي ُظ ُّن بها َو ْه ًما‪ ،‬وال َّت ِائ ُه ُيصدِّ ُقها َق ْط ًعا‪.‬‬

‫فيرى َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ْج ِ‬ ‫ُ‬


‫أن‬ ‫بعمله أو علمه‪َ ،‬‬
‫عج َب َ‬‫ب‪ ،‬وهو أن ُي َ‬ ‫واإلدالل معنًى زائدٌ في ُ‬
‫رجا المغفر َة مع‬ ‫عمله‪ْ ،‬‬ ‫َّواب على ِ‬ ‫ِ‬ ‫له ِعندَ ِ‬
‫الله َقدْ ًرا‬
‫فإن َ‬ ‫عظيما قد استَحقَّ به الث َ‬
‫ً‬
‫ٌ‬
‫إدالل‪.‬‬ ‫وف ذلك فهو‬ ‫وإن زا َي َل َ‬
‫الخ ُ‬ ‫ً‬
‫إدالل‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫الخوف لم َي ُك ْن‬

‫للزبيدي (‪.)318/3‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪ ،)582/1‬و((تاج العروس)) َّ‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)147 :‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)371/3‬‬
‫((( ((الرعاية لحقوق الله)) للمحاسبي (ص‪(( ،)344-343 :‬إحياء علوم الدين)) للغزالي‬
‫للزبيدي (‪.)318/3‬‬
‫(‪(( ،)341/3‬تاج العروس)) َّ‬
‫‪421‬‬
‫ل‬
‫ُبْجُع ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫ذم ال ُع ْجب َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫تبارك وتعالى‪ :‬ﮋﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ‬
‫الله َ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﮦﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﮊ [التوبة‪.]25 :‬‬

‫تبارك وتعالى‪ :‬ﮋ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ‬


‫الله َ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗﮊ [اإلسراء‪:‬‬
‫‪.]38 ،37‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬‫ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫قال‬ ‫الله عنه َ‬ ‫ ‪َ -‬عن أبي ُهرير َة َر َضي ُ‬
‫ٍ‬
‫الله به‪،‬‬‫ف ُ‬ ‫رجل َيمشي في ُح َّلة‪ُ ،‬تعج ُبه ُ‬
‫نفسه‪ُ ،‬م َر ِّج ٌل ُج َّمت َُه‪ ،‬إذ َخ َس َ‬ ‫ٌ‬ ‫((بينما‬
‫ِ‬
‫القيامة))(((‪.‬‬ ‫تج ْل َج ُل‪ ‬إلى يو ِم‬
‫فهو‪َ  ‬ي َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬لو‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ضي ُ‬‫أنس َر َ‬ ‫ ‪-‬وعن ٍ‬
‫جب))(((‪.‬‬ ‫الع ُ‬ ‫يكم ما هو َأك َب ُر منه؛ ُ‬
‫يت ع َل ُ‬ ‫لخ ِش ُ‬
‫لم ُت ْذنِبوا‪َ ،‬‬‫ْ‬
‫ذم ال ُعجب‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫فجع ْل ُت َأ ُ‬
‫نظ ُر إليه‪،‬‬ ‫رعا جديدً ا‪َ ،‬‬ ‫مر ًة ِد ً‬
‫ست َّ‬ ‫الله عنها‪َ ( :‬لبِ ُ‬
‫ضي ُ‬ ‫ُ‬
‫عائشة َر َ‬ ‫ ‪-‬قالت‬
‫الله عنه‪ :‬أما َع ِلم ِ‬ ‫عج ُب به‪ ،‬فقال أبو ٍ‬ ‫َ‬
‫جب‬
‫الع ُ‬ ‫أن العبدَ إذا َد َخ َله ُ‬
‫ت َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بكر َر َ‬ ‫وأ َ‬
‫بِ ِ‬
‫زينة الدُّ نيا َم َقتَه ر ُّبه ح َّتى ُي ِ‬
‫فار َق َ‬
‫فتصدَّ ْق ُت به‪ .‬فقال أبو‬ ‫تلك الزِّ ين َة؟ قالت‪ :‬فن ْ‬
‫َزع ُته َ‬
‫أن يك ِّفر ِ‬ ‫الله عنه‪ :‬عسى َ‬ ‫ٍ‬
‫عنك)(((‪.‬‬ ‫ذلك ْ ُ َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بكر َر َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)5789‬ومسلم (‪.)2088‬‬


‫((( أخرجه البزار كما في ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (‪ ،)358/3‬والقضاعي في ((مسند‬
‫الشهاب)) (‪.)1447‬‬
‫جود إسناده المنذري‪ ،‬وحسنه لغيره األلباني في ((صحيح الترغيب)) (‪.)2921‬‬
‫َّ‬
‫((( أخرجه أبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪.)37/1‬‬
‫‪422‬‬
‫ل‬
‫ُبْجُع ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫هلكوا فيه ُ‬
‫ثالث‬ ‫يكم أن َت ِ‬‫خاف ع َل ُ‬ ‫خو ُف ما َأ ُ‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫(أ َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫مر َر َ‬‫ ‪-‬وقال ُع ُ‬
‫ِ‬
‫المرء بن ْف ِسه)(((‪.‬‬ ‫ِخ ٍ‬
‫وإعجاب‬
‫ُ‬ ‫وه ًوى ُم َّت َب ٌع‪،‬‬ ‫الل‪ُ :‬ش ٌّح ُم ٌ‬
‫طاع‪َ ،‬‬
‫ابن المبار ِك‪ :‬ما ِ‬ ‫ ‪-‬وقال أبو َو ٍ‬
‫ري‬‫أن َتز َد َ‬‫الك ْب ُر؟ قال‪ْ :‬‬ ‫َ‬ ‫روزي‪( :‬سأ ْل ُت َ‬‫ُّ‬ ‫الم‬
‫هب َ‬
‫أن ِعندَ ك شيئًا ليس ِعندَ َغ ِيرك‪ ،‬ال َأع َل ُم‬ ‫جب؟ قال‪ :‬أن َت َرى َّ‬ ‫الع ِ‬ ‫اس‪ .‬فسأ ْل ُته ِ‬
‫عن ُ‬ ‫ال َّن َ‬
‫ِ‬
‫جب)(((‪.‬‬‫الع ِ‬ ‫ين شيئًا َش ًّرا م َن ُ‬ ‫المص ِّل َ‬
‫في ُ‬
‫جب‪:‬‬
‫آثار ال ُع ِ‬
‫‪1-‬أ َّنه يدْ عو إلى ِ‬
‫الك ْب ِر؛ أل َّنه أحدُ أسبابِه(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫وازد ِ‬
‫راء‬ ‫ِّيه‪ِ ،‬‬
‫ديئة؛ كالت ِ‬
‫فات الر ِ‬
‫األخالق السي ِئة‪ ،‬والص ِ‬
‫ِ‬ ‫الكثير ِم َن‬ ‫‪2-2‬أ َّنه يتو َّلدُ عنه‬
‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ُ‬
‫رين(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫اآلخ َ‬

‫نوب ونِسيانِها‪ ،‬فال ُي ْح ِد ُث العبدُ بعد ذلك َتوب ًة(((‪.‬‬


‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫إهمال ُّ‬ ‫‪َ 3-3‬يدْ عو إلى‬
‫الله ِبف ِ‬
‫علها‪.‬‬ ‫جعل العبدَ يستعظِم أعما َله وطاعاتِه‪ ،‬ويمن على ِ‬
‫َ ُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫‪َ 4-4‬ي ُ‬
‫ُ‬
‫وبرأيه‪ ،‬ويأمن م ْكر ِ‬ ‫االغترار بن ْف ِسه‬
‫ِ‬
‫الله وعذا َبه‪ ،‬و َي ُظ ُّن أ َّنه‬ ‫ِ َ َ ُ َ َ‬ ‫‪َ 5-5‬يدْ عو العبدَ إلى‬
‫واع ٍ‬
‫ناصح‪ ،‬وال وع َظ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫سم ُع ُن َ‬
‫صح‬ ‫عندَ الله بمكان‪ ،‬وال َي َ‬
‫أهل ِ‬
‫العل ِم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سؤال ِ‬ ‫منعه من‬
‫‪َ 6-6‬ي ُ‬
‫ريح(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فاز‪ ،‬وأ َّنه ِ‬ ‫عي؛ َ‬
‫لظنِّه أ َّنه قد َ‬ ‫الس ِ‬ ‫‪ُ 7-7‬يفت ُِّره ِ‬
‫الص ُ‬
‫الهالك َّ‬ ‫قد استَغنَى‪ ،‬وهو‬ ‫عن َّ‬

‫((( أخرجه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (‪.)960( )568/1‬‬
‫((( ((سير أعالم النبالء)) للذهبي (‪.)407/8‬‬
‫((( ((الرعاية في حقوق الله)) للمحاسبي (ص ‪.)337‬‬
‫((( ((غذاء األلباب شرح منظومة اآلداب)) للسفاريني (‪.)223/2‬‬
‫((( ((الرعاية في حقوق الله)) للمحاسبي (ص‪.)337 :‬‬
‫((( ((البحر الرائق في الزهد والرقائق)) ألحمد فريد (ص‪ )153 :‬بتصرف‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫ل‬
‫ُبْجُع ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫جب‪:‬‬
‫ِمن ُص َو ِر ال ُع ِ‬
‫والذ ِ‬
‫كاء(((‪.‬‬ ‫اجح‪َّ ،‬‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعقل َّ‬ ‫‪-1‬اإلعجاب‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫فو ِق على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األقران فيه‪.‬‬ ‫اإلعجاب بالعل ِم‪ ،‬وغزارته‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫ِ‬
‫والبأس‪.‬‬ ‫والقو ِة‪،‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫جاعة‪ ،‬واإلقدا ِم‪،‬‬ ‫‪-3‬اإلعجاب َّ‬
‫بالش‬ ‫ُ‬
‫الم ِ‬
‫ظهر‪.‬‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سن َ‬ ‫الصورة‪ُ ،‬‬
‫بجمال ُّ‬ ‫‪-4‬اإلعجاب‬
‫ُ‬
‫والمال ِ‬
‫والغنَى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نصب‪ ،‬والر ِ‬
‫ئاسة وال َّتصدُّ ِر‪،‬‬ ‫والم ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫‪-5‬اإلعجاب بالجاه َ‬
‫ُ‬
‫والط ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعبادة َّ‬ ‫اإلعجاب‬ ‫‪-6‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫ومنفعة لل َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫‪-7‬اإلعجاب بما ُيقدِّ ُمه ِمن َخ ٍير‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أو الع ِ‬ ‫ب َّ ِ‬
‫والقبيلة‪.‬‬ ‫شيرة‬ ‫والشرف‪َ ِ ،‬‬ ‫اإلعجاب بال َّن َس ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-8‬‬
‫ِ‬
‫األبناء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بكثرة‬ ‫اإلعجاب‬ ‫‪-9‬‬
‫ُ‬

‫جب(((‪:‬‬
‫أسباب ال ُع ِ‬
‫ُ‬
‫بحقيقة ن ْف ِسه‪ ،‬وغفل ُته عنها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرء‬ ‫‪-1‬جه ُل‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫الوجه‪.‬‬ ‫واإلطراء في‬ ‫َّناء‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬المدح والث ُ‬
‫ُ‬
‫اس َه ْل َكى‬ ‫والفضل‪ ،‬واعتِ ُ‬
‫قاده َّ‬
‫أن ال َّن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫ِ‬
‫‪-3‬مقار َن ُته لن ْفسه َ‬
‫بمن هو ُدو َنه في‬ ‫َ‬
‫بغيره‪.‬‬ ‫كبير إذا ِ‬
‫قور َن ِ‬ ‫خير ٍ‬‫نوب والمعاصي‪ ،‬وأ َّنه على ٍ‬ ‫بالذ ِ‬
‫ُّ‬
‫جب ِ‬
‫والك ْب ِر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ربية؛ فقد َي ُ‬
‫الع ِ‬
‫بع ُ‬‫اإلنسان في بيئة َغ َلب عليها َط ُ‬
‫ُ‬ ‫نشأ‬ ‫‪-4‬ال َّنشأ ُة وال َّت ُ‬
‫بع منها‪ ،‬و َيتأ َّث ُر ُبمحيطِه و َمن َح ْو َله‪.‬‬ ‫أخ ُذ هذا َّ‬
‫الط َ‬ ‫ف َي ُ‬

‫((( ((البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء األمصار)) البن المرتضى (‪.)491/6‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪(( ،)239 :‬مدارج السالكين)) البن القيم (‪،)192/1‬‬
‫((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (‪.)121-118/1‬‬
‫‪424‬‬
‫ل‬
‫ُبْجُع ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫سيان ِذ ِ‬
‫كون إليها‪ ،‬مع نِ ِ‬
‫والر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المنع ِم َ‬
‫تبارك وتعالى‪.‬‬ ‫كر ُ‬ ‫رار بالنِّعمة‪ُّ ،‬‬
‫‪-6‬االغت ُ‬
‫ِ‬
‫وغير‬ ‫ٍ‬
‫إشراف‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫إدارة‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫قضاء‪ ،‬أو‬ ‫المناصب القيادي ِة؛ ِمن س ٍ‬
‫لطة‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -7‬تو ِّلي‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ات‪.‬‬‫ذلك ِم َن المسؤولي ِ‬
‫َّ‬
‫جب‪:‬‬
‫عالمات ال ُع ِ‬
‫فع ِمن شأنِها‪.‬‬
‫والر ُ‬ ‫تزكية ال َّن ْف ِ‬
‫س‪َّ ،‬‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫ِ‬
‫واإلرشاد‪.‬‬ ‫صيحة‪ ،‬واالستِعصاء على ال َّت ِ‬
‫وجيه‬ ‫ِ‬ ‫‪2-2‬عدَ ُم سما ِع ال َّن‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫األقران‪.‬‬ ‫خاص ًة‬
‫رين‪َّ ،‬‬
‫اآلخ َ‬ ‫الفر ُح بسما ِع ُع ِ‬
‫يوب َ‬ ‫‪َ 3-3‬‬
‫لداع ِيه‪.‬‬
‫االستجابة ِ‬
‫ِ‬ ‫رد الحقِّ ‪ ،‬وال َّتر ُّف ُع ِ‬
‫عن‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬
‫صعير َ‬
‫الخدِّ لهم‪.‬‬ ‫قار ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬و َت‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬احت ُ‬
‫ِ‬
‫ضالء‪.‬‬ ‫شارة الع ِ‬
‫قالء ُ‬
‫والف‬ ‫عن استِ ِ‬ ‫‪6-6‬االستِ ُ‬
‫نكاف ِ‬
‫ُ‬
‫الم ِ‬
‫شي‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االختيال وال َّتبخ ُت ُر في َ‬ ‫‪7-7‬‬
‫والم َّن ُة على ِ‬
‫الله بها‪.‬‬ ‫اعة واستِكثارها‪ِ ،‬‬
‫الط ِ‬
‫عظام َّ‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪8-8‬است ُ‬
‫والجدَ ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪9-9‬المباها ُة ِ‬
‫وجع ُله وسيل ًة ُ‬
‫للمماراة َ‬ ‫بالعل ِم‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫فاخ ُر به‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال ُعجب‪:‬‬
‫عاما‬ ‫الع ِ‬
‫جب‪ ،‬ف َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫يتك َّلم اإلمام ابن حز ٍم ِ‬
‫عالجا ًّ‬
‫ً‬ ‫جعل له‬ ‫عالج ُ‬ ‫الله عن‬
‫رحمه ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫كم ُن‬
‫العالج َي ُ‬
‫ُ‬ ‫القاتلة‪ ،‬وهذا‬ ‫واآلفة‬ ‫ضال‪،‬‬ ‫كل َمن ُأ َ‬
‫صيب بهذا الدَّ اء ُ‬ ‫تداوى به ُّ‬
‫َي َ‬
‫الله‬
‫رحمه ُ‬ ‫قول ِ‬ ‫عفها‪ ،‬ف َي ُ‬‫وض ِ‬ ‫ظر إلى ن ْق ِصها َ‬
‫س‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫فك ِر في ُع ِ‬
‫يوب ال َّن ْف ِ‬ ‫في ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫بفضائ ِله ف ْل ُيفت ْ‬ ‫فإن ُأ ِ‬
‫فك ْر في ُعيوبِه‪ْ :‬‬‫جب ف ْل ُي ِّ‬ ‫ِ‬
‫ِّش‬ ‫عج َب‬ ‫بالع ِ‬ ‫تعالى‪َ ( :‬م ِن ام ُتحن ُ‬
‫فإن َخ ِف ْ‬
‫يت عليه ُعيو ُبه جمل ًة ح َّتى َي ُظ َّن أ َّنه ال َع َ‬
‫يب‬ ‫األخالق الدَّ َّني ِة‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ما فيه ِم َن‬

‫‪425‬‬
‫ل‬
‫ُبْجُع ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وأ ُ‬‫عظم ُهم عيو ًبا‪َ ،‬‬ ‫نقصا‪َ ،‬‬ ‫أتم ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫فيه‪ ،‬ف ْل َيع َل ْم أ َّنه‬
‫ضعف ُهم‬ ‫وأ ُ‬ ‫اس ً‬ ‫مصيبة لألبد‪ ،‬وأ َّنه ُّ‬
‫ِ‬
‫اإلعجاب بها‬ ‫غال بذلك ِ‬
‫عن‬ ‫بالبحث عن عيوبِه‪ ،‬واالشتِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدار ْك ن ْف َسه‬
‫تمييزا‪ ...‬ف ْل َي َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪...‬‬ ‫يوب ِ‬
‫غيره ا َّلتي ال َت ُض ُّره ال في الدُّ نيا وال في‬ ‫وعن ُع ِ‬
‫ِ‬ ‫ب‪ِ :‬‬ ‫عج ِ‬ ‫ثم ُ‬
‫ارج ْع إلى ن ْفسك‪ ،‬فإذا َم َّي ْز َت ُعيو َبها فقد َ‬
‫داو ْي َت ُعج َبك‪،‬‬ ‫للم َ‬
‫تقول ُ‬ ‫َّ‬
‫الر َ‬ ‫ِ‬ ‫وبين َمن هو َأك َث ُر منها عيو ًبا فت‬ ‫ِ‬
‫ذائل‪،‬‬ ‫َستسه َل َّ‬ ‫وال ُتم ِّي ُل [توازن] ْبين ن ْفسك ْ‬
‫ِ‬
‫ألهل َّ‬
‫الش ِّر)(((‪.‬‬ ‫كون مق ِّلدً ا‬
‫و َت َ‬

‫ال ُعجب عند احلكماء واألدباء ُّ‬


‫والشعراء‪:‬‬
‫ِ‬
‫العقل)(((‪.‬‬ ‫جب ُ‬
‫آفة‬ ‫المق َّفعِ‪ُ :‬‬
‫(الع ُ‬ ‫ابن ُ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬

‫غيره‪ ،‬ف َيدَّ عيها لن ْف ِسه)(((‪.‬‬


‫فضيلة يراها صاح ُبها في ِ‬
‫ٌ‬ ‫جب‬
‫(الع ُ‬ ‫ٌ‬
‫فيلسوف‪ُ :‬‬ ‫ ‪-‬وقال‬

‫الر ُج ِل ن ْف َسه َأ َ‬
‫صو ُب)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ومعرفة َّ‬ ‫جب َأ َ‬
‫كذ ُب‪،‬‬ ‫الع ُ‬
‫ ‪-‬وقيل‪ُ ( :‬‬
‫الش ِ‬
‫عراء‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال أحدُ ُّ‬
‫ِ‬
‫َـــمـــاديـــه‬ ‫ُ‬
‫طـــــول ت‬ ‫ــــــــر ُه‬ ‫و َغ‬ ‫جـــب والت ِ‬
‫ِّيه‬ ‫ِ‬ ‫يـــا َمن َغال فـــي ال ُع‬
‫َّ‬
‫ِ (((‬
‫ـــب َمعاصيه‬ ‫َخ ْ ِ‬ ‫ولـــم ت َ‬ ‫فــبــار ْزتَــ ُه‬ ‫َأ ْمـــ َلـــى لــك الــلــ ُه‬
‫ـــف غ َّ‬ ‫َ‬

‫((( ((رسائل ابن حزم)) (‪.)387/1‬‬


‫((( ((األدب الصغير واألدب الكبير)) البن المقفع (ص‪.)35 :‬‬
‫((( ((البصائر والذخائر)) ألبي حيان (‪.)200/1‬‬
‫((( ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص‪.)444 :‬‬
‫((( ((الجامع ألحكام القرآن)) للقرطبي (‪.)246/19‬‬
‫‪426‬‬
‫ناودُعلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫العدوان‬
‫ُ‬

‫مع َنى ال ُعدوان‪:‬‬


‫واعتَدى ك ُّله بمعنًى(((‪.‬‬
‫اح‪ ،‬وقد َعدا عليه‪ ،‬و َت َعدَّ ى عليه‪ْ ،‬‬
‫الص َر ُ‬ ‫العدوانُ ُلغ ًة‪ُّ :‬‬
‫الظ ْل ُم ُّ‬ ‫ُ‬
‫الذ ِ‬
‫نوب(((‪.‬‬ ‫جاوز ُة الحدِّ في ُّ‬ ‫المتعدِّ ي إلى ِ‬
‫الغير‪ ،‬أو‪ُ :‬م َ‬ ‫اصطالحا‪ُّ :‬‬
‫الظ ْل ُم ُ‬ ‫ً‬ ‫العدوانُ‬
‫ُ‬

‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني ال ُعدوان‬
‫رق بني ال ُعدوان ُّ‬
‫والطغيان‪:‬‬ ‫•• َ‬
‫الف ُ‬
‫الم ِ‬
‫قدار‬ ‫دوان‪ :‬تجاو ُز ِ‬
‫والع ُ‬ ‫تجاو ُز الحدِّ ا َّلذي كان عليه ِمن َق ُ‬ ‫ُّ‬
‫الطغيانُ ‪ :‬هو‬
‫ُ‬ ‫بل‪ُ .‬‬ ‫ُ‬
‫قوف ِعندَ ه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫باالنتهاء إليه والو ِ‬ ‫ِ‬
‫المأمور به‬
‫ُ‬

‫غي‪:‬‬ ‫•• َ‬
‫الف ُ‬
‫دوان وال َب ِ‬
‫رق بني ال ُع ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬‫العدوانُ ‪ :‬تجاو ُز ِ‬
‫والوقوف عندَ ه‪ ...‬وال َب ُ‬
‫غي‪:‬‬ ‫المأمور به باالنتهاء إليه ُ‬ ‫قدار‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫المتك ِّب ِر‪.‬‬ ‫جاو ِز قدْ ِر االستِ ِ‬
‫ط َل ُب َت ُ‬
‫ستعم ُل في ُ‬ ‫جاو َزه أو لم َي َ‬
‫تجاوزْ ُه‪ ،‬و ُي َ‬ ‫حقاق‪َ ،‬ت َ‬

‫والظ ْلم‪:‬‬
‫رق بني ال ُعدوان ُّ‬ ‫•• َ‬
‫الف ُ‬
‫ِ‬ ‫الظ ْل َم ما كان ِ‬ ‫الظ ْل ِم والع ِ‬
‫الع ُ‬
‫دوان‬ ‫بغير حقٍّ بالك ِّل َّية‪ .‬وأ َّما ُ‬ ‫بأن ُّ‬
‫دوان َّ‬ ‫ُ‬ ‫فر ُق ْبين ُّ‬
‫وقد ُي َّ‬
‫ِ‬
‫أص ُله ُم ٌ‬
‫باح‪.‬‬ ‫جاوز ُة الحدود و َتعدِّ يها فيما ْ‬ ‫فهو ُم َ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)2421 /6‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)31/15‬‬
‫((( ((فتح القدير)) للشوكاني (‪.)64/2‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)16 :‬المفردات)) للراغب (ص‪(( ،)64 :‬شرح حديث‬
‫لبيك)) البن رجب (ص‪.)103 :‬‬
‫‪427‬‬
‫ناودُعلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫العدوان َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ِ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴﯵ ﯶﮊ [المائدة‪.]2 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ‬


‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﮊ [المائدة‪.]62 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َ‬


‫الله عنها‪ ،‬قالت‪(( :‬أ َتى ال َّن َّ‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن عائش َة َر َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫عائشة‪:‬‬ ‫يكم‪ .‬قالت‬ ‫الس ُام عليك يا أبا القاس ِم‪ .‬قال‪ :‬وع َل ُ‬ ‫ُأ ٌ‬
‫ناس م َن اليهود‪ ،‬فقالوا‪َّ :‬‬
‫ُ‬
‫عائشة‪،‬‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ :‬يا‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫الس ُام َّ‬
‫والذ ُام‪ .‬فقال‬ ‫ُق ْل ُت‪ :‬بل ُ‬
‫عليك ُم َّ‬
‫عليه ُم‬‫عت ما قالوا؟ فقال‪َ :‬أوليس قد َر َد ْد ُت ِ‬ ‫ال‪َ  ‬تكوني فاحش ًة‪ .‬فقالت‪ :‬ما ِ‬
‫سم َ‬
‫ِ‬
‫الجواب)(((‪.‬‬ ‫حش‪ُ :‬ع ُ‬
‫دوان‬ ‫ُ‬
‫(والف ُ‬ ‫ا َّلذي قالوا؟ ُق ْل ُت‪ :‬وع َل ُ‬
‫يكم))(((‪.‬‬
‫رجل إلى َر ِ‬
‫سول الله ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه قال‪(( :‬جاء ٌ‬
‫الله‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُهرير َة َر َ‬
‫أخ َذ مالي؟ قال‪ :‬فال‬ ‫أرأيت إن جاء ٌ‬
‫رجل ُيريدُ ْ‬ ‫َ‬ ‫رسول ِ‬
‫الله‪،‬‬ ‫َ‬ ‫عليه وس َّلم فقال‪ :‬يا‬
‫أرأيت إن ق َت َلني؟ قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫أرأيت إن قا َت َلني؟ قال‪ :‬قاتِ ْله‪ .‬قال‪:‬‬‫َ‬ ‫ُت ْعطِه ما َلك‪ .‬قال‪:‬‬
‫أرأيت إن ق َت ْل ُته؟ قال‪ :‬هو في ال َّن ِ‬
‫ار))(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فأنت َشهيدٌ ‪ .‬قال‪:‬‬

‫السلف والعلما ِء يف ال ُعدوان‪:‬‬


‫أقوال َّ‬
‫كيل َك ًيل‪ ،‬كأ َّنه َيعتَدي فيه‪ ،‬فقال له‪:‬‬ ‫برج ٍل َي ُ‬‫مر ُ‬‫ابن ُع َ‬
‫وب قال‪َ ( :‬م َّر ُ‬
‫ ‪-‬عن أ ُّي َ‬
‫عن الع ِ‬ ‫ِ‬
‫دوان)(((‪.‬‬ ‫مر‪ :‬و َنهى ِ ُ‬ ‫ابن ُع َ‬
‫الله بالوفاء‪ .‬قال ُ‬ ‫َو ْي َحك‪ ،‬ما هذا؟! فقال له‪ :‬أ َم َر ُ‬
‫الذ ِ‬ ‫يقول‪َ :‬أن َف ُع َّ‬
‫افعي ُ‬ ‫عن الربي ِع قال‪ِ :‬‬
‫خائر ال َّتقوى‪َ ،‬‬
‫وأض ُّرها‬ ‫عت َّ‬
‫الش َّ‬ ‫(سم ُ‬ ‫ ‪َّ ِ -‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6401‬ومسلم (‪.)2165‬‬


‫((( ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص‪.)600 :‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)140‬‬
‫((( أخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (‪.)67/8‬‬
‫‪428‬‬
‫ناودُعلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الع ُ‬
‫دوان)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الع ُ‬
‫دوان على‬ ‫المعاد‪ُ :‬‬
‫الز ُاد إلى َ‬ ‫عامل له‪( :‬بِ َ‬
‫ئس َّ‬ ‫ٍ‬ ‫بن يحيى إلى‬ ‫ُ‬
‫الفضل ُ‬ ‫ ‪َ -‬كتَب‬
‫الع ِ‬
‫باد)(((‪.‬‬ ‫ِ‬

‫أقسام ال ُعدوان‪:‬‬
‫الع ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل‪ :‬على‬ ‫ِ‬
‫حر ُم‪.‬‬
‫الم َّ‬
‫داون ُ‬ ‫سبيل االبتداء‪ ،‬وهو ُ‬ ‫سم َّ‬‫الق ُ‬
‫ِ‬ ‫الع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سم ال َّثاني‪ :‬على‬ ‫ِ‬
‫الجائز‪.‬‬ ‫دوان‬ ‫المجازاة‪ ،‬وهو ُ‬
‫سبيل ُ‬ ‫والق ُ‬
‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫دوان َ‬
‫آثا ُر ال ُع ِ‬
‫ِ‬
‫العاجلة في الدُّ نيا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للعقوبة‬ ‫بب‬ ‫الع ُ‬
‫دوان َس ٌ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خول ال َّن ِ‬ ‫‪ُ 2-2‬ت ِّ‬
‫وعدَ ُ‬
‫المعتدي بدُ‬
‫والق ِ‬
‫رب منه‪.‬‬ ‫‪3-3‬المعتدي بعيدٌ عن محب ِة ِ‬
‫الله ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِمن ص َور ال ُعدوان‪:‬‬
‫س ِ‬
‫بغير حقٍّ ‪.‬‬ ‫‪1-‬ق ْت ُل ال َّن ْف ِ‬

‫الغير ِ‬
‫بغير حقٍّ ‪.‬‬ ‫أكل ِ‬
‫مال ِ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫ِ‬
‫القول‪.‬‬ ‫الع ُ‬
‫دوان في‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫ِ‬
‫األعراض‪.‬‬ ‫الع ُ‬
‫دوان على‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫الط ِ‬
‫هور‪.‬‬ ‫دوان في ُّ‬
‫الع ُ‬‫‪ُ 5-5‬‬

‫((( أخرجه أبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪ ،)123/9‬والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى))‬
‫(‪.)415/1‬‬
‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)177/3‬‬
‫‪429‬‬
‫ناودُعلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫دوان في الدُّ ِ‬
‫عاء‪.‬‬ ‫الع ُ‬‫‪ُ 6-6‬‬
‫الوقوع يف ال ُعدوان‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫أوامر ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪1-‬مخا َل ُ‬
‫فة‬
‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫باع الهوى‪.‬‬
‫ومخا َلف ُتهم‪.‬‬
‫الر ُس ِل ُ‬
‫تكذيب ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫الموت‪.‬‬ ‫الغفلة ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعداوة ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫الميس ِر ٌ‬
‫سبب‬ ‫‪َ 5-5‬لع ُب َ‬
‫والبغضاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الكراهية‬‫‪6-6‬‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال ُعدوان‪:‬‬
‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬ ‫أوامر ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫طاعة‬
‫وز َّل ِ‬
‫ت ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫الهوى‪َ ،‬‬ ‫‪2-2‬ال ُبعدُ ِ‬
‫عن َ‬
‫ِ‬
‫والعاقبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموت‬ ‫‪َ 3-3‬ت ُّ‬
‫ذك ُر‬

‫عاء‪.‬‬
‫ضر ُع والدُّ ُ‬
‫‪4-4‬ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫األمور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ساوس في جمي ِع‬ ‫الو‬
‫عن َ‬ ‫‪5-5‬ال ُبعدُ ِ‬
‫الش ِ‬
‫ريفة‪.‬‬ ‫سة ِ‬
‫غير َّ‬ ‫عن المنا َف ِ‬
‫‪6-6‬ال ُبعدُ ِ‬
‫ِ‬
‫والحسد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والحقد‬ ‫ِ‬
‫الكراهية‬ ‫‪َ 7-7‬تج ُّن ُب‬

‫صب األع ُي ِن‪.‬‬ ‫اإلسالمي ِة‪ْ ،‬‬


‫ووض ُعها ُن َ‬ ‫َّ‬ ‫خو ِة‬ ‫عور ُ‬
‫باأل َّ‬ ‫‪ُّ 8-8‬‬
‫الش ُ‬
‫والشعر يف ال ُعدوان‪:‬‬ ‫ُ‬
‫واألمثال ِّ‬ ‫احل َكم‬
‫ِ‬
‫الحي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ ‪-‬أعدَ ى م َن َّ‬
‫‪430‬‬
‫ناودُعلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وأعدَ ى ِم َن ِّ‬
‫الذ ِ‬
‫ئب(((‪.‬‬ ‫ ‪َ -‬‬

‫ ‪-‬وقيل‪َ :‬من طال ُعدْ وا ُنه؛ َ‬


‫زال ُسلطا ُنه‪.‬‬

‫ُ‬
‫اإلخوان(((‪.‬‬ ‫الع ُ‬
‫دوان‪َ ،‬جنَح عليه‬ ‫ ‪-‬وقيل‪َ :‬من َج َمح به ُ‬
‫ِ‬
‫القادر‪:‬‬ ‫الله بن علي آل ِ‬
‫عبد‬ ‫ ‪-‬وقال عبدُ ِ‬
‫ُ ٍّ‬
‫َنس ُع ْقبا ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخيـــر َأق َب َل ْن‬ ‫ونـــاد م ٍ‬
‫باغي ال ُعـــدوان ال ت َ‬
‫َ‬ ‫ويا‬ ‫باغـــي‬
‫َ‬ ‫ناد‬ ‫َ ُ‬

‫ابن َوكي ٍع ال ِّتن ُّ‬


‫ِّيسي‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫وف ِمـــن الع ِ‬
‫دوان‬ ‫و ُكن على َخ ٍ‬ ‫ال تَجمـــ ِع اإلثـــم مـــع الب ِ‬
‫هتان‬
‫(((‬
‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (‪.)66/2‬‬


‫((( ((ربيع األبرار)) للزمخشري (‪.)311/3‬‬
‫((( ((يتيمة الدهر)) للثعالبي (‪.)438/1‬‬
‫‪431‬‬
‫ُرْدَغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ال َ‬
‫غدْرُ‬

‫مع َنى ِ‬
‫الغدر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتر ُكه‪ ،‬وهو ِضدُّ‬ ‫اإلخالل َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫در ُلغ ًة‪:‬‬ ‫َ‬
‫بالعهد(((‪.‬‬ ‫الوفاء‬ ‫بالشيء ْ‬ ‫الغ ُ‬
‫وتر ُكه(((‪.‬‬ ‫واإلخالل َّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ن ْق ُ‬ ‫در‬ ‫َ‬
‫بالشيء ْ‬ ‫العهد‪،‬‬ ‫ض‬ ‫ً‬ ‫الغ ُ‬
‫َ‬
‫الف ُ‬
‫رق بني املكر وال َغدر‪:‬‬
‫كون ابتِدا ًء ِمن ِ‬
‫غير‬ ‫والمكر‪ :‬قد َي ُ‬
‫َ‬ ‫الوفاء به‪.‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العهد ا َّلذي َي ِج ُب‬ ‫در‪ :‬ن ْق ُ‬
‫ض‬ ‫أن َ‬
‫الغ َ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫عقد(((‪.‬‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫الغدر َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم ِ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮊ [النحل‪.]91 :‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ [اإلسراء‪.]34 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬
‫قال‪ِ :‬‬
‫هذه َغدْ ر ُة ُف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الن))(((‪.‬‬ ‫القيامة‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫وم‬ ‫قال‪(( :‬ل ُك ِّل غاد ٌر ل ٌ‬
‫واء َي َ‬

‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫رسول ِ‬
‫ُ‬ ‫عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال‬ ‫بن َع ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫الله ُ‬‫ضي ُ‬ ‫مرو َر َ‬
‫صلة ِم ُنه َّن‬
‫كانت فيه َخ ٌ‬
‫ْ‬ ‫((أر َب ٌع َمن ُك َّن فيه كان ُمنافِ ًقا خالِ ًصا‪ ،‬و َمن‬
‫ع َل ِيه وس َّل َم‪َ :‬‬

‫((( ((تاج العروس)) للزبيدي (‪.)203/13‬‬


‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)250 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)509-508 :‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3186‬ومسلم (‪ )1736‬واللفظ له‪.‬‬
‫‪432‬‬
‫ُرْدَغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عاهدَ َغدَ َر‪ ،‬وإذا‬ ‫صلة ِم َن الن ِ‬


‫ِّفاق ح َّتى َيدَ َعها‪ :‬إذا َحدَّ َث َك َذ َب‪ ،‬وإذا َ‬ ‫كانت فيه َخ ٌ‬‫ْ‬
‫خاص َم َف َج َر))(((‪.‬‬
‫ف‪ ،‬وإذا َ‬ ‫َو َعدَ َأخ َل َ‬

‫ذم الغدر‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫كر ُك ٌ‬
‫فر)(((‪.‬‬ ‫والم ُ‬
‫كر‪َ ،‬‬
‫در َم ٌ‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫(الغ ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫علي َر َ‬
‫ ‪-‬قال ٌّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫در‪ ،‬وهو ا َّلذي ال َيحتم ُله أحدٌ ‪ ،‬وال ُيغضي عليه ٌ‬
‫كريم‪،‬‬ ‫ابن حز ٍم‪َ :‬‬
‫(الغ ُ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫وج ٍه كان‪ ،‬ناس ًيا أو ُمتص ِّب ًرا‪ِ ،‬‬
‫بل‬ ‫أي ْ‬ ‫السالي عنه على ِّ‬ ‫المسال ُة ح ًّقا وال ُي ُ‬
‫الم َّ‬ ‫وهو َ‬
‫قة لِ َمن َص َبر عليه)(((‪.‬‬ ‫مة ِ‬
‫الح ٌ‬ ‫الل ِئ ُ‬
‫َّ‬

‫وضاقت عليه ِمن‬


‫ْ‬ ‫بشيهي‪( :‬وكم َأو َقع القدَ ر في المهالِك ِمن ِ‬
‫غادر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫األ ِ‬
‫ ‪-‬قال َ‬

‫غير‬ ‫وق ِخ ٍ‬
‫زي فهو على َف ِّكه ُ‬ ‫وط َّو َقه َغدْ ُره َط َ‬ ‫سيحات الم ِ‬
‫صادر‪َ ،‬‬ ‫ُ َ‬
‫وارد اله َل ِ‬
‫كات َف‬ ‫َ‬
‫م ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫قادر)(((‪.‬‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫الغدر َ‬
‫آثا ُر ِ‬
‫سين به‬
‫المتل ِّب َ‬ ‫َّأو ًل‪ُ :‬‬
‫آثاره على ُ‬
‫والض ُ‬
‫الل‪.‬‬ ‫الغ ُ‬
‫واية َّ‬ ‫‪َ 1-‬‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫‪َ 2-2‬قسو ُة‬
‫ِ‬ ‫يبة‪ ،‬و َت ُ‬‫روءة‪ ،‬و َذهاب اله ِ‬ ‫ياع الم ِ‬
‫األعداء‪.‬‬ ‫سليط‬ ‫ُ َ‬ ‫‪َ 3-3‬ض ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫المتر ِّت ِ‬ ‫ِ‬
‫الغدر‪.‬‬ ‫ب على‬ ‫حم ُل الجزاء ُ‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُّ‬
‫ِ‬
‫الغدر‪.‬‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ِمن ِ‬
‫أهل‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫‪5-5‬براء ُة ال َّن ِّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )2459‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)58‬‬


‫((( أخرجه الطبري في ((التفسير)) (‪.)43/17‬‬
‫((( ((طوق الحمامة)) البن حزم (ص‪.)253 :‬‬
‫((( ((المستطرف)) لألبشيهي (ص‪.)216 :‬‬
‫‪433‬‬
‫ُرْدَغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫الغادر‪ِ ،‬م َن ِ‬ ‫لول ال َّل ِ‬


‫عين‪.‬‬
‫جم َ‬‫اس َأ َ‬
‫والمالئكة‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫الله‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عنة على‬ ‫‪ُ 6-6‬ح ُ‬

‫المنافِ َ‬
‫قين‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ظام في سلك ُ‬ ‫‪7-7‬االنت ُ‬
‫ِ‬
‫األشهاد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ؤوس‬ ‫ُ‬
‫ضيحة على ُر‬ ‫‪8-8‬ال َف‬
‫اإلسالمي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫العمل‬ ‫آثاره على‬
‫ثان ًيا‪ُ :‬‬
‫رقة‪.‬‬ ‫القطيعة ُ‬
‫والف ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫كاليف‪.‬‬ ‫الط ِ‬
‫ريق‪ ،‬وكثر ُة ال َّت‬ ‫‪ُ 2-2‬ط ُ‬
‫ول َّ‬

‫الوقوع يف الغدر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تحميل اإلنسان ن ْف َسه م َن األعمال َأك َث َر َّ‬
‫مما ُت ُ‬
‫طيق‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫‪ُ 2-2‬ح ُّب الك َّف ِ‬
‫ار ومواال ُتهم‪.‬‬
‫ِ‬
‫بالغدر‪.‬‬ ‫حبة ا َّلذين اش ُت ِهروا‬
‫‪ُ 3-3‬ص ُ‬
‫اإليمان ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 4-4‬ض ُ‬
‫عف‬
‫ِ‬
‫للغدر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خيمة‬ ‫الو‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬عدَ ُم ال َّت ُّأم ِل في‬
‫العواقب َ‬

‫لذاتِها‪.‬‬
‫هث ورا َء الدُّ نيا و َم َّ‬
‫‪6-6‬ال َّل ُ‬

‫الشر ِع الحكي ِم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫بآداب َّ‬ ‫ملتز ٍ‬
‫مة‬ ‫غير ِ‬ ‫الفرد في ُأ ٍ‬
‫سرة ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪7-7‬نشأ ُة‬

‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك الغدر‪:‬‬
‫اإليمان ِ‬
‫لله ُسبحا َنه وتعالى‪ ،‬وتقوي ُته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إخالص‬ ‫‪1-‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األعمال ما ال ُت ُ‬
‫طيق‪.‬‬ ‫اإلنسان ن ْف َسه ِم َن‬
‫ُ‬ ‫حم َل‬
‫‪2-2‬أن ال ُي ِّ‬

‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّأم ُل في‬


‫والم َ‬
‫للغدر على الفرد ُ‬ ‫خيمة‬ ‫الو‬
‫اآلثار َ‬

‫‪434‬‬
‫ُرْدَغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫الوفاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الغدر وعدَ ِم‬ ‫حذ َر ْت ِم َن‬
‫القرآني ِة ا َّلتي َّ‬ ‫ِ‬
‫اآليات‬ ‫‪4-4‬تد ُّب ُر‬
‫َّ‬
‫الطم ِع وال َّل ِ‬
‫هث ورا َء الدُّ نيا‪.‬‬ ‫‪ْ 5-5‬تر ُك َّ‬
‫والص ِ‬ ‫ِ‬
‫دق‪.‬‬ ‫س‪ ،‬وتربي ُتها على ال َّتح ِّلي بالوفاء ِّ‬
‫مجاهد ُة ال َّن ْف ِ‬
‫‪َ 6-6‬‬

‫الص ِ‬ ‫سة ِ‬‫ومجا َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الح‪.‬‬ ‫أهل َّ‬ ‫‪7-7‬ال ُبعدُ عن أصدقاء ُّ‬
‫السوء‪ُ ،‬‬
‫ْ‬
‫غد ُر اليهو ِد ْ‬
‫باملسلمني‪:‬‬
‫قو ْت ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫بعدما ُأ ِبر ْ‬
‫دولة اإلسال ِم‬ ‫الرسول واليهود بعد الهجرة‪ ،‬و َت َّ‬
‫وثيقة ْبين َّ‬ ‫مت‬

‫لمين‪ ،‬فكان َّأو َل َمن غدَ َر‬ ‫بالمس َ‬ ‫ِ‬


‫للغدر‬ ‫ص‬ ‫تحينون ُ‬
‫الف َر َ‬ ‫اليهود َي َّ‬
‫ُ‬ ‫و َت َّ‬
‫جذ َر ْت‪ ،‬بدأ‬
‫ْ‬
‫وك َشفوا‬ ‫وقهم‪َ ،‬‬ ‫لمة في س ِ‬ ‫امرأة مس ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫حجاب‬ ‫ُقاع؛ ِعندَ ما اعتَدْ وا على‬
‫منهم‪َ :‬بنو َق ْين َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫بجيش ِم َن‬
‫ٍ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫حاص َرهم‬‫َ‬
‫عن َعورتِها‪ِ ،‬‬
‫وعندَ ها‬ ‫ْ‬
‫در ِهم‬ ‫وأبعدَ هم إلى ِ‬ ‫ِ‬
‫الشا ِم؛ جزا َء َغ ِ‬‫بالد َّ‬ ‫عن المدينة‪َ َ ،‬‬ ‫الهم ِ‬ ‫لمين‪ ،‬ح َّتى َأ ْج ُ‬‫المس َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫للعهد‪.‬‬ ‫وخيانتِهم‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغتيال‬ ‫ضير؛ ِعندَ ما َد َّبروا مؤامر ًة‬ ‫ِ‬
‫الغدر بنو ال َّن ِ‬ ‫تالهم في‬
‫ثم ُ‬ ‫َّ‬
‫جالس في ُد ِ‬
‫ورهم ُيك ِّل ُمهم و َيتحدَّ ُث إليهم‪ ،‬فدَ َّبروا ُخ َّط ًة‬ ‫ٌ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم وهو‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫طح‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫بجيش‬ ‫فحاص َرهم‬
‫َ‬ ‫فك َشف ُ‬
‫الله له أ ْم َر ُهم‪،‬‬ ‫الس ِ‬
‫إللقاء صخرة عليه من أعلى َّ‬
‫الشا ِم كذلك‪.‬‬ ‫لمين‪ ،‬ح َّتى تم إجالؤُ هم إلى ِ‬
‫بالد َّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫المس َ‬
‫م َن ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحزاب؛ حيث َت َّ‬
‫جم َع على‬ ‫األكبر من َبني ُق َريظ َة َ‬
‫يوم‬ ‫ُ‬ ‫الغدر‬
‫ُ‬ ‫وأخيرا كان‬
‫ً‬
‫اليهود ِّ‬
‫الضيقَ‬ ‫فلما َ‬
‫رأى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رك ِم َن‬
‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫طوائف ِّ‬
‫ُ‬ ‫العربية‪َّ ،‬‬‫َّ‬ ‫القبائل‬ ‫سائر‬
‫ُ‬ ‫لمين‬
‫المس َ‬‫ْ‬
‫حام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأع َلنوا ن ْق َ‬‫لمين اه َتبلوها ُفرص ًة‪َ ،‬‬
‫ض العهد‪ ،‬وااللت َ‬ ‫بالمس َ َ‬
‫ْ‬ ‫والحر َج قد است َبدَّ‬
‫َ‬

‫‪435‬‬
‫ُرْدَغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ُ‬ ‫فر َغ لهم‬ ‫ِ‬ ‫الله ْ‬ ‫المشركين‪َ ،‬‬


‫وك َشف ُ‬
‫رسول‬ ‫األحزاب َت َّ‬
‫ُ‬ ‫انهزَ م‬
‫ثم بعد أن َ‬
‫مك َرهم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫مع‬

‫وكانت َنهاي ُتهم أن ُقتِل‬


‫ْ‬ ‫وأد َب بهم َمن َخ ْل َفهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪َّ ،‬‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬

‫وسبِ َي ْت َذرار ُّيهم وأموا ُلهم(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫ُمقات َل ُتهم‪ُ ،‬‬

‫ِح َك ٌم وأمثال ِ‬
‫وشع ٌر يف الغدر(((‪:‬‬
‫والغدر ِمن ِه َم ِم ال ِّلئا ِم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الوفاء ِمن ِش َي ِم الكرا ِم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫ِ‬
‫الوفاء و َمدْ ِحه‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫الغدر‪ :‬و ُت ُ‬
‫الحث على‬ ‫قال في‬ ‫ ‪ -‬ال َتل َب ْ‬
‫س ثيا َبك على‬
‫ِ‬ ‫بالغدر مغلول‪ ،‬وال َّن ِ‬
‫قوت َم ْخذول)‪.‬‬
‫للعهد َم ْم ٌ‬ ‫اك ُث‬ ‫ِ َ‬ ‫(الغالب‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قالوا‪:‬‬
‫ليد ال ُّن ِ‬
‫صرة)‪.‬‬ ‫ثرة‪ ،‬قاطع ِ‬
‫ضامن الع ِ‬
‫ ‪-‬وقالوا‪( :‬الغدر ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ثابت ُق ْطنَة‪:‬‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫تَر َّق ْت بـــه األقدام يومـــا َفز َّل ِ‬
‫ت‬ ‫ُ َ ً‬ ‫ال تَحســـ َب َّن ال َغ َ‬
‫در َحز ًمـــا ُفر َّبما‬
‫(((‬

‫((( ((حوار الحضارات)) لموسى إبراهيم اإلبراهيم‪( ،‬ص‪ً )193-192 :‬‬


‫نقل عن سيرة ابن هشام‪ .‬بتصرف‪.‬‬
‫((( ((محاضرات األدباء ومحاورات ُّ‬
‫الشعراء)) للراغب (‪(( ،)351/1‬نهاية األرب في فنون األدب))‬
‫للنويري (‪.)364/3‬‬
‫((( ((تاريخ الطبري)) (‪.)459/6‬‬
‫‪436‬‬
‫ّشِغ ا‬
‫ل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الغشُّ‬
‫ِ‬
‫مع َنى ال ِغ ِّ‬
‫ش‪:‬‬
‫صح‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫صح‪َ .‬‬ ‫ِ‬
‫الغ ُّش ُلغ ًة‪:‬‬
‫ظه َر له‬ ‫وأ َ‬ ‫وغ َّشه َي ُغ ُّشه غ ًّشا‪ :‬لم َي َ‬
‫مح ْضه ال ُّن َ‬ ‫نقيض ال ُّن ِ‬ ‫ُ‬
‫الف ما َأ َ‬
‫ضم َره(((‪.‬‬ ‫ِخ َ‬
‫بتاع َك ِر َهه‪ .‬وقيل‪ :‬أن يع َلم ُذو الس ِ‬
‫لعة‬ ‫الم ُ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ك ْت ُم ِّ‬ ‫ِ‬
‫الغ ُّش‬
‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫كل ما لو َعل َمه ُ‬ ‫ً‬
‫أخ ِذها ما َأ َخ َذها بذلك‬ ‫اط َلع عليه ُمريدُ ْ‬ ‫لو َّ‬ ‫نحو بائ ٍع أو ُمشت ٍَر فيها شيئًا ِ‬ ‫ِمن ِ‬
‫المقابِ ِل(((‪.‬‬
‫ُ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫ش َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم ال ِغ ِّ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬ﮋﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﮊ [الحشر‪.]10 :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العداو ُة‪،‬‬ ‫دي‪( :‬في الغ ِّل ْ‬
‫وجهان‪ :‬أحدُ هما‪ :‬الغ ُّش‪ ،‬قاله ُمقات ٌل‪ .‬الثَّاني‪َ :‬‬ ‫الماو ْر ُّ‬
‫قال َ‬
‫ش)(((‪.‬‬ ‫عم ُ‬ ‫قاله َ‬
‫األ َ‬
‫ ‪-‬قو ُله تعالى‪ :‬ﮋﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﮊ [النساء‪.]58 :‬‬
‫الودائ ِع إلى أربابِها‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫العبد مع ال َّن ِ ِ‬
‫قال المراغي‪( :‬أمان َة ِ‬
‫رد َ‬‫اس‪ ،‬ومن ذلك ُّ‬ ‫َ‬
‫ونحو ذلك)(((‪.‬‬ ‫الس ِّر‪،‬‬ ‫ش‪ِ ،‬‬
‫وح ُ‬ ‫ِ‬
‫الغ ِّ‬
‫ُ‬ ‫فظ ِّ‬

‫((( ((النهاية)) البن األثير (‪(( ،)369/3‬لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)323/6‬تاج العروس))‬
‫للزبيدي (‪.)290-289/17‬‬
‫((( ((الذخيرة)) للقرافي (‪(( ،)172/5‬الزواجر)) للهيتمي (‪.)396/1‬‬
‫((( ((النكت والعيون)) (‪.)507/5‬‬
‫((( ((تفسير المراغي)) (‪.)70/5‬‬
‫‪437‬‬
‫ّشِغ ا‬
‫ل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الله ص َّلى ُ ِ‬ ‫رسول ِ‬


‫َ‬
‫مر على‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َّ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫صاح َب‬ ‫ِ‬ ‫أصابعه َب َل ًل‪ ،‬فقال‪(( :‬ما هذا يا‬ ‫دخ َل يدَ ه فيها‪ ،‬فنا َل ْت‬ ‫صب ِ‬
‫رة طعا ٍم‪َ ،‬فأ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ ْ‬
‫وق َّ‬
‫الطعا ِم َك ْي َيرا ُه‬ ‫رسول ِ‬
‫الله‪ .‬قال‪ :‬أفال َج َع ْلتَه َف َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ماء يا‬
‫الس ُ‬‫الطعا ِم؟ قال‪ :‬أصا َب ْت ُه َّ‬
‫ش فليس ِمنِّي))(((‪.‬‬ ‫اس؟ َمن َغ َّ‬‫ال َّن ُ‬
‫الله عنه‪(( :‬ما‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫حديث م ِ‬
‫عق ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم في‬
‫ ‪-‬وقال ص َّلى ُ‬
‫بن َيسار َر َ‬ ‫َ‬
‫عيتِه؛ َّإل َح َّر َم ُ‬
‫الله‬ ‫موت وهو ٌّ‬
‫غاش َلر َّ‬ ‫وم َي ُ‬ ‫عي ًة‪َ ،‬ي ُ‬
‫موت َي َ‬ ‫َرع ِيه ُ‬
‫الله َر َّ‬
‫بد يست ِ‬ ‫ٍ‬
‫من َع َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫عليه الج َّن َة))(((‪.‬‬
‫ذم ال ِغ ِّ‬
‫ش‪:‬‬ ‫السلف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫زداد في ِص َّح ِة ِ‬
‫رأيه ما‬ ‫الر ُ‬
‫جل َي ُ‬ ‫الله عنهما‪( :‬ال َي ُ‬
‫زال َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫عب ٍ‬
‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫الله ُن َ‬
‫صحه ورأ َيه)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ستشيره‪ ،‬فإذا َغ َّشه َس َل َبه ُ‬ ‫َن َصح ُ‬
‫لم‬

‫بيعها َب َّصر‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫السلعة َي ُ‬
‫قام إلى ِّ‬
‫الله عنه إذا َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫بن عبد الله َر َ‬‫رير ُ‬ ‫ ‪(-‬وكان َج ُ‬
‫ئت فات ُْر ْك‪ .‬فقيل له‪ :‬إ َّنك إذا‬ ‫وإن ِش َ‬
‫فخ ْذ‪ْ ،‬‬ ‫ئت ُ‬‫إن ِش َ‬
‫ثم َخ َّي َره‪ ،‬وقال‪ْ :‬‬ ‫ُعيو َبها‪َّ ،‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫ثل هذا لم َين َف ْذ لك َب ٌ‬
‫يع‪ ،‬فقال‪ :‬إ َّنا با َي ْعنا‬ ‫فع ْل َت ِم َ‬
‫َ‬
‫صح ِّ‬
‫لكل ُم ْسل ٍم)(((‪.‬‬ ‫على ال ُّن ِ‬
‫ ‪-‬وقال ابن حج ٍر الهيتَمي‪( :‬ولهذه القبائحِ ‪-‬أي‪ِ :‬‬
‫الغ ِّش‪ -‬ا َّلتي ار َتكَبها ال ُّت َّج ُار‬ ‫ُ َ َ ْ ُّ‬
‫الظ َلم َة‪َ ،‬فأ َخذوا أموا َلهم‪،‬‬ ‫عليه ُم َّ‬ ‫الح َر ِف والبضائ ِع َس َّلط ُ‬
‫الله ِ‬ ‫بون وأرباب ِ‬
‫ُ‬ ‫والمتس ِّب َ‬
‫ُ‬
‫ذاقوه ُم‬
‫ُ‬ ‫ار َفأ َسروهم واستَعبدوهم‪َ ،‬‬
‫وأ‬ ‫وس َّلط ِ‬
‫عليه ُم الك َّف َ‬ ‫ريمهم‪ ،‬بل َ‬
‫وه َتكوا َح َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)102‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)7150‬ومسلم (‪ )142‬واللفظ له‪.‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)211 :‬‬
‫الصحابة)) (ص‪ ،)803 :‬والطبراني (‪)359/2‬‬
‫((( أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى‪ -‬متمم َّ‬
‫(‪.)2510‬‬
‫‪438‬‬
‫ّشِغ ا‬
‫ل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫واله َ‬
‫وان ألوا ًنا)(((‪.‬‬ ‫العذاب َ‬
‫َ‬
‫ِمن أنواع ال ِغ ِّ‬
‫ش وص َو ِره‪:‬‬ ‫ِ‬
‫المالي ِة‪.‬‬ ‫وغيرها ِم َن المعام ِ‬
‫الت‬ ‫راء ِ‬‫والش ِ‬ ‫‪ِ 1-‬‬
‫الغ ُّش في البي ِع ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬

‫للراعي‪.‬‬ ‫وغ ُّش الر ِ‬


‫‪ِ 2-2‬غ ُّش الراعي للرعي ِة‪ِ ،‬‬
‫عية َّ‬
‫َّ َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ‬
‫بش ٍ‬
‫هادة فيها‬ ‫شهدُ َ‬ ‫اهد َّ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫إدالء َّ‬ ‫القول؛ وذلك ِعندَ‬
‫ِ‬ ‫‪ِ 3-3‬‬
‫الغ ُّش في‬
‫بالشهادة‪ ،‬ف َي َ‬
‫هتان ِ‬ ‫ور و ُب ٌ‬
‫وكذ ٌب‪.‬‬ ‫ُز ٌ‬
‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلخالص فيها‪.‬‬ ‫دق‬ ‫‪4-4‬الغ ُّش في ال َّنصيحة؛ بعدَ ِم ِّ‬
‫الغ ُّش في َتع ُّل ِم ِ‬
‫العل ِم‪.‬‬ ‫‪ِ 5-5‬‬

‫ِ‬
‫بالعقود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوفاء‬ ‫‪6-6‬عدَ ُم‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬ ‫آثار ال ِغ ِّ‬
‫ش َ‬
‫جريمة ِ‬
‫الغ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مرتك ِ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ِمن‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫ش‪.‬‬ ‫ب‬ ‫‪َ 1-‬براء ُة ال َّن ِّ‬
‫عن ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬بعيدٌ ِ‬ ‫عن ال َّن ِ‬ ‫الغاش بعيدٌ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫‪2-2‬‬
‫قين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫المناف َ‬ ‫الغاش في عداد ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫الهم ِة‪.‬‬
‫نيء َّ‬‫حصيل‪َ ،‬د ُ‬ ‫ِ‬ ‫قليل ال َّت‬‫الغاش ُ‬
‫ُّ‬ ‫‪4-4‬‬
‫بنظر ِ‬
‫الله إليه‪.‬‬ ‫تهاو ٌن ِ‬ ‫الغاش ُم ِ‬ ‫ُّ‬ ‫‪5-5‬‬
‫الكبائر المحر ِ‬ ‫مرتك ٌب كبير ًة ِم َن‬ ‫ِ‬
‫مة‪.‬‬ ‫ِ ُ َّ‬ ‫الغاش‬ ‫ُّ‬ ‫‪6-6‬‬
‫محوق البر ِ‬
‫كة‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫الغاش َم‬ ‫ُّ‬ ‫‪7-7‬‬
‫بح ْم ِلها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫لألمانة ا َّلتي ُك ِّلف‬ ‫ٌ‬ ‫الغ ُّش‬ ‫‪ِ 8-8‬‬
‫اإلنسان َ‬ ‫خيانة‬

‫((( ((الزواجر)) (‪.)400/1‬‬


‫‪439‬‬
‫ّشِغ ا‬
‫ل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫اإليمان‪.‬‬ ‫دليل َض ِ‬
‫عف‬ ‫‪ِ 9-9‬‬
‫الغ ُّش ُ‬
‫أسباب ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫سبب ِمن‬ ‫ِ‬
‫لمين‪.‬‬
‫المس َ‬
‫الفرقة ْبين ْ‬ ‫‪1010‬الغ ُّش ٌ‬
‫ِّية إىل ِّ‬
‫الغش‪:‬‬ ‫األسباب املؤد ُ‬
‫الخ ِ‬
‫وف منه‪.‬‬ ‫اإليمان ِ‬
‫بالله‪ ،‬وق َّل ُة َ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 1-‬ض ُ‬
‫عف‬
‫ِ‬
‫الكبائر‪.‬‬ ‫ش‪ ،‬وأ َّنه ِم َن‬ ‫رمة ِ‬
‫الغ ِّ‬ ‫الفرد بح ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫جهل‬
‫ِ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫اإلخالص ِ‬
‫لله في‬ ‫ِ‬ ‫‪3-3‬عدَ ُم‬
‫ٍ‬
‫طريق كان‪.‬‬ ‫األموال ِمن ِّ‬
‫أي‬ ‫ِ‬ ‫وجم ِع‬ ‫‪4-4‬ال َّل ُ‬
‫هث ورا َء الدُّ نيا َ‬
‫ِ‬
‫جريمة ِّ‬
‫الغش‪.‬‬ ‫تطبيق األحكا ِم لمعا َق ِبة م ِ‬
‫رتكبي‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬عدَ ُم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الس ِّي ُئة‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫فقة َّ‬ ‫‪ُّ 6-6‬‬
‫اإلسالمي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫واآلداب‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫ربية غير الس ِ‬
‫ليمة‪ ،‬ا َّلتي َتتنا َفى مع‬ ‫‪7-7‬ال َّت ُ ُ َّ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القناعة بما َق َسم ُ‬ ‫انعدام‬ ‫‪8-8‬‬
‫ُ‬
‫اآلخ ِ‬
‫رة‪.‬‬ ‫الموت والدَّ ِار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ذك ِر‬
‫‪9-9‬عدَ ُم َت ُّ‬

‫األسباب املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك ِّ‬
‫الغش‪:‬‬
‫ِ‬
‫حرامه‪.‬‬ ‫الله بحاللِه عن‬ ‫ِ‬ ‫االبتهال وال َّتضر ُع إلى ِ‬ ‫ُ‬
‫الله بالدُّ عاء بأن ُيغن َيه ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪1-‬‬
‫وعال‪.‬‬ ‫جل َ‬‫لله َّ‬ ‫العمل ِ‬ ‫ِ‬ ‫إخالص‬ ‫‪2-2‬‬
‫ُ‬
‫نك ِر‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫هي ِ‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫عن ُ‬ ‫األمر‬ ‫فريضة‬ ‫تفعيل‬ ‫‪3-3‬‬
‫نيف وآدابِه‪.‬‬‫الشر ِع الح ِ‬ ‫الفرد على االلتزا ِم بأحكا ِم َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫تربية‬
‫َ‬
‫شعار ُمراقبتِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تقوية ال ِّثقة بالله‪ ،‬واست ُ‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫الموت واليو ِم ِ‬
‫اآلخ ِر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذك ُر‬ ‫ِ‬
‫القبور‪ ،‬و َت ُّ‬ ‫‪6-6‬زيار ُة‬
‫َ‬
‫بالوسائل الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫تحصيل الر ِ‬
‫باحة‪.‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫الحالل‬ ‫زق‬ ‫ِ ِّ‬ ‫الص ُبر في‬ ‫‪َّ 7-7‬‬
‫‪440‬‬
‫ّشِغ ا‬
‫ل‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫فقة الص ِ‬
‫سة الر ِ‬
‫الحة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ُ 8-8‬مجا َل ُ ُّ‬
‫موقف َت ٌّ‬
‫ربوي‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫مر ِ‬ ‫َ‬ ‫عن َز ِ‬
‫يد ِ َ‬
‫اب‬‫الخط ِ‬
‫بن َّ‬ ‫بن أس َل َم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جدِّ ه أس َل َم‪ ،‬قال‪َ ( :‬ب ْينَا أنا مع ُع َ‬
‫دار في ج ِ‬
‫وف‬ ‫جانب ِج ٍ‬‫ِ‬ ‫َّكأ إلى‬ ‫الله عنه وهو َي ُعس المدين َة‪ ،‬إ ْذ َع ِيي‪ ،‬فات َ‬ ‫ضي ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َر َ‬
‫ِ‬
‫بالماء‪.‬‬ ‫تقول البنتِها‪ :‬يا ابنَتاه‪ُ ،‬قومي إلى ذلك ال َّلب ِن فام ُذ ِ‬
‫قيه‬ ‫ُ‬ ‫يل‪ ،‬فإذا امرأ ٌة‬ ‫ال َّل ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬
‫المؤ ِم َ‬
‫قالت‪:‬‬‫وم؟ ْ‬ ‫زمة ِ‬ ‫ت ما كان ِمن َع ِ‬ ‫فقالت لها‪ :‬يا ُأماه‪ ،‬أو ما َع ِلم ِ‬
‫نين ال َي َ‬ ‫أمير ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫شاب ال َّل َب ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالماء‪.‬‬ ‫وما كان من َعزمته يا ُب َّني ُة؟ قالت‪ :‬إ َّنه أ َم َر ُمناد َيه فنا َدى‪ :‬أن ال ُي َ‬
‫بالماء؛ فإ َّنك بموض ٍع ال ي ِ‬
‫راك‬ ‫ِ‬ ‫فقالت لها‪ :‬يا بني ُة‪ُ ،‬قومي إلى ذلك ال َّلب ِن فام ُذ ِ‬
‫قيه‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كنت ُأل َ‬
‫طيعه في‬ ‫والله ما ُ‬ ‫الص َّبي ُة ُأل ِّمها‪ :‬يا ُأ َّمتا ُه‪،‬‬
‫مر‪ ،‬فقالت َّ‬ ‫مر وال ُمنادي ُع َ‬‫ُع ُ‬
‫الخ ِ‬
‫الء)(((‪.‬‬ ‫وأعص َيه في َ‬ ‫الم ِ‬
‫أل َ‬ ‫َ‬
‫ُّ‬
‫الغش يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫اعر‪:‬‬
‫الش ُ‬ ‫قال َّ‬
‫الح ِّق َيف ُل ُج‬
‫حوض و ُذو َ‬ ‫و ُذو ال َّط ُ‬
‫يش َمدْ ٌ‬ ‫ُّصح ِآم ٌن‬
‫رهوب و ُذو الن ِ‬
‫ٌ‬
‫و ُذو ِ‬
‫الغ ِّش َم‬
‫على ُطر ِ‬ ‫الص ِ‬
‫عو ُج‬‫الحـــق وال َغب ُن َأ َ‬
‫ِّ‬ ‫قات‬ ‫ُ‬ ‫قائم‬ ‫ُ‬
‫والعدل ٌ‬ ‫يرتاب‬
‫ُ‬ ‫دق ال‬ ‫و ُذو ِّ‬

‫((( أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (‪.)253/70‬‬


‫‪441‬‬
‫بضغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الغضب‬

‫الغضب‪:‬‬
‫ِ‬ ‫مع َنى‬
‫ِ‬
‫الص ْل ُبة‪ .‬قالوا‪ :‬ومنه اشتُقَّ َ‬
‫الغ َض ُب؛‬ ‫والغ ْض ُبة‪َّ :‬‬
‫الصخر ُة ُّ‬ ‫الر َضا‪َ ،‬‬ ‫الغضب ُلغ ًة‪ :‬ضدُّ ِّ‬
‫ُ‬
‫داد الس ِ‬ ‫ِ‬
‫خط(((‪.‬‬ ‫أل َّنه اشت ُ ُّ‬
‫خشية و ِ‬
‫قوعه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫القلب؛ ط َل ًبا لدف ِع ْ‬
‫المؤذي عندَ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬غ َل ُ‬
‫يان َد ِم‬ ‫الغضب‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫أو طلبا لالنتقا ِم ممن حصل له منه األذى بعدَ و ِ‬
‫قوعه(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫عض ِّ‬
‫ضب و َب ِ‬ ‫َ‬
‫الف ْر ُق بني ال َغ ِ‬
‫والسخط‪:‬‬
‫الغضب ُّ‬
‫ِ‬ ‫•• ُ‬
‫الفرق بني‬
‫والس َ‬
‫خط‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكبير‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫أن الغضب ي ُ ِ‬ ‫َّ‬
‫غير‪ُّ .‬‬ ‫الكبير على َّ‬ ‫وم َن‬ ‫غير على‬ ‫كون م َن َّ‬ ‫َ َ‬
‫الحاجب‪ ،‬وال‪ُ  ‬ي ُ‬ ‫خ َط‬‫قال‪ :‬س ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫كون َّإل ِم َن‬
‫قال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫األمير على‬
‫ُ‬ ‫غير‪ُ ،‬ي ُ َ‬ ‫الكبير على َّ‬ ‫ال َي ُ‬
‫خط إذا عدَّ ْيتَه بن ْف ِسه‬
‫والس ُ‬
‫الغضب فيهما‪ُّ .‬‬‫ُ‬ ‫ستعم ُل‬ ‫ِ‬
‫األمير‪ .‬و ُي َ‬ ‫الحاجب على‬
‫ُ‬ ‫خط‬ ‫س ِ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ر ِضيه وس ِ‬
‫خ َطه‪ ،‬وإذا عدَّ ْيتَه بعلى فهو بمعنَى‬ ‫فهو ِخ ُ‬
‫ِ‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫الرضا‪ُ ،‬ي ُ َ َ َ‬
‫الف ِّ‬
‫الغضب وال َغيظ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫•• ُ‬
‫الفرق بني‬
‫غض َب عليها؛ وذلك َّ‬
‫أن‬ ‫جوز أن َي َ‬‫غتاظ ِمن ن ْف ِسه‪ ،‬وال َي ُ‬
‫جوز أن َي َ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان َي ُ‬ ‫َّ‬
‫أن‬
‫رر لن ْف ِسه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان َّ‬
‫الض َ‬ ‫جوز أن ُيريدَ‬ ‫ِ‬
‫للمغضوب عليه‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫الض ِ‬
‫رر‬ ‫الغضب إراد ُة َّ‬
‫َ‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)428/4‬لسان العرب)) البن منظور (‪(( ،)648/1‬تاج‬
‫العروس)) لمرتضى الزبيدي (‪. ،)485/3‬‬
‫((( ((جامع العلوم والحكم)) البن رجب (‪.)396/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)391 ،386 ،54 :‬‬
‫‪442‬‬
‫بضغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الغ ِّم‪.‬‬ ‫قر ُب ِمن ِ‬


‫باب َ‬ ‫والغ ُ‬
‫يظ َي ُ‬ ‫َ‬

‫بوية‪:‬‬ ‫السَّنة َّ‬


‫الن َّ‬ ‫الغضب يف ُّ‬
‫ِ‬ ‫هي عن‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫رج ًل قال لل َّن ِّ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫((أن ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫غض ْب))(((‪.‬‬ ‫رارا‪ ،‬قال‪ :‬ال َت َ‬ ‫ِ‬ ‫َأ ْو ِصني‪ ،‬قال‪ :‬ال َت َ‬
‫فر َّد َد م ً‬
‫غض ْب‪َ .‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يمان ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ُس َل َ‬
‫رجالن عندَ ال َّن ِّ‬
‫بي‬ ‫َب ُ‬
‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬است َّ‬
‫ضي ُ‬
‫بن ُص َرد َر َ‬
‫غض ًبا قد‬ ‫جلوس‪ ،‬وأحدُ هما َي ُس ُّب صاح َبه ُم َ‬
‫ٌ‬ ‫ونحن ِعندَ ه‬
‫ُ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫ص َّلى ُ‬
‫لذ َهب‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم‪ :‬إ ِّني َ َ‬
‫لع َل ُم َك ِلم ًة لو قالها َ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫َ‬ ‫وج ُهه‪ ،‬فقال ال َّن ُّ‬ ‫احم َّر ْ‬
‫َ‬
‫جل‪َ :‬أل َت َ‬
‫سم ُع ما‬ ‫للر ِ‬ ‫الرجي ِم‪ .‬فقالوا َّ‬
‫ِ‬
‫الشيطان َّ‬ ‫بالله ِم َن َّ‬
‫عوذ ِ‬ ‫عنه ما َي ِجدُ ؛ لو قال‪َ :‬أ ُ‬

‫جنون))(((‪.‬‬‫ٍ‬ ‫بم‬
‫لست َ‬‫الله ع َل ِيه وس َّل َم؟ قال‪ :‬إ ِّني ُ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َي ُ‬
‫قول ال َّن ُّ‬
‫ذم الغضب(((‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ ‪-‬قال ُعمر بن ِ‬
‫والطمعِ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والغضب‪َّ ،‬‬ ‫العزيز‪( :‬قد َأف َل َح َمن ُعص َم م َن َ‬
‫الهوى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عبد‬ ‫ُ ُ‬

‫وحرمه على‬
‫َّ‬
‫الش ِ‬
‫يطان‪،‬‬ ‫الله ِم َن َّ‬ ‫(أربع َمن ُك َّن فيه َ‬
‫عص َمه ُ‬ ‫ٌ‬ ‫الحس ُن‪:‬‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫والش ِ‬ ‫غبة‪ ،‬والر ِ‬‫ار‪ :‬من م َلك ن ْفسه ِعندَ الر ِ‬
‫ِ‬
‫والغضب)‪.‬‬ ‫هوة‪،‬‬ ‫هبة‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ال َّن ِ َ َ‬

‫شر)‪.‬‬ ‫فتاح ِّ‬ ‫ِ‬ ‫محم ٍد‪:‬‬


‫كل ٍّ‬ ‫(الغضب م ُ‬
‫ُ‬ ‫بن َّ‬
‫جعفر ُ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬

‫الغضب‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أقسا ُم‬
‫ِ‬
‫األحاديث ا َّلتي ور َد ْت‪ ،‬وهو‬ ‫وذ َّم في‬ ‫ذموم‪ :‬ا َّلذي ُن َ‬
‫هي عنه ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫الغضب َ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫لإلنسان مع ذلك‬ ‫ين ِمن سياستِهما‪ ،‬فال َيبقى‬ ‫َ‬
‫العقل والدِّ َ‬ ‫لق َس ِّي ٌئ؛ (أل َّنه ُي ِ‬
‫خر ُج‬ ‫ُخ ٌ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)6116‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ )6115‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2610‬‬
‫((( ((جامع العلوم والحكم)) البن رجب (‪.)368 ،363/1‬‬
‫‪443‬‬
‫بضغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اختيار)(((‪.‬‬ ‫كر وال‬‫ِ‬ ‫َ‬


‫ٌ‬ ‫نظ ٌر وال ف ٌ‬
‫نته ُك ُح ُرما ُته‪،‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫كون ِ‬‫المحمود‪َ :‬ي ُ‬
‫والغضب‬
‫ُ‬ ‫وجل عندَ ما ُت َ‬ ‫عز‬
‫لله َّ‬ ‫ُ‬ ‫الغضب‬
‫ُ‬ ‫‪2-2‬‬
‫قين ُّ ِ‬ ‫والمنافِ َ‬ ‫أعدائه ِم َن الك َّف ِ‬
‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والمتج ِّب َ‬
‫والطغاة ُ‬ ‫ار ُ‬ ‫على‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫ذموم َ‬‫ِ َ‬
‫الغضب امل ِ‬ ‫آثا ُر‬
‫ِ‬ ‫وشدَّ ُة ِر ِ‬ ‫ون‪ِ ،‬‬
‫اهر‪َ :‬تغير ال َّل ِ‬ ‫(ومن ِ‬ ‫ِ‬
‫وخروج‬
‫ُ‬ ‫األطراف‪،‬‬ ‫عدة‬ ‫الظ ِ ُّ ُ‬ ‫ِ‬
‫الغضب في َّ‬ ‫آثار هذا‬
‫األ ِ‬
‫الز َبدُ على َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األفعال ِ‬
‫شداق‪،‬‬ ‫واضطراب الحركة والكال ِم‪ ،‬ح َّتى َي َ‬
‫ظه َر َّ‬ ‫ُ‬ ‫عن االنتظا ِم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ستحيل ِ‬
‫الخ ُ‬ ‫َ‬ ‫ناخ ُر‪ ،‬و َت‬‫نقلب الم ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغضبان‬ ‫لقة‪ ،‬ولو َيرى‬ ‫و َتشتَدَّ ُحمر ُة األحداق‪ ،‬و َت َ َ‬
‫حالة ِخلقتِه‪،‬‬
‫بح صورتِه الستِ ِ‬ ‫لس َكن غض ُبه؛ حيا ًء ِمن ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في حال غضبِه صور َة ن ْفسه َ‬
‫الباطن‪ ،‬إ ْذ ُقب ُح ذاك إ َّنما َ‬
‫نشأ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫اهر ُع ُ‬
‫نوان‬ ‫ظاه ِره؛ َّ‬
‫فإن َّ‬
‫الظ َ‬
‫بح ِ‬ ‫عظ ُم ِمن ُق ِ‬
‫بح باطنِه َأ َ‬ ‫و ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الباطن‪ .‬هذا أ َث ُره في‬ ‫غي ِر‬ ‫الظ ِ‬ ‫َغي ُر َّ‬ ‫عن ُق ِ‬
‫الجسد‪.‬‬ ‫اهر ثمر ُة َت ُّ‬ ‫بح هذا‪ ،‬فت ُّ‬
‫وأما أ َثره في ال ِّل ِ‬
‫وغ ِيرهما َّ‬
‫مما‬ ‫حش‪َ ،‬‬‫والف ِ‬ ‫كالشت ِم‪ُ ،‬‬
‫بالقبائح؛ َّ‬
‫ِ‬ ‫سان‪ :‬فانطال ُقه‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫العقول ُم ْطل ًقا‪ ،‬وقائ ُله ِعندَ ُف ِ‬
‫ِ‬ ‫ي ِ‬
‫تور غضبِه‪ ،‬على أ َّنه ال َينتظ ُم ُ‬
‫كالمه‪،‬‬ ‫ستحي منه َذ ُوو‬ ‫َ‬
‫لفظه‪.‬‬‫رب ُ‬ ‫تخب ُط َن ْظ ُمه‪ ،‬و َي ْض َط ُ‬
‫بل َي َّ‬
‫مك ِن‪ْ ،‬‬
‫فإن َع َجز‬ ‫القتل عند ال َّت ُّ‬
‫ِ‬ ‫رب فما َفو َقه إلى‬ ‫ِ‬
‫األعضاء‪َّ :‬‬ ‫وأما أ َث ُره في‬
‫فالض ُ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫الحيوان‬ ‫وغيره‪ ،‬ح َّتى‬
‫َ‬ ‫وض َرب ن ْف َسه‬ ‫فم َّز َق َثو َبه‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫عن ال َّتش ِّفي َر َجع غض ُبه عليه َ‬
‫جنون الح ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يران‪ ،‬ور َّبما‬ ‫َ‬ ‫والم‬
‫السكران‪َ ،‬‬ ‫وعدَ ا َعدْ َو الواله َّ‬
‫وغيره‪َ ،‬‬ ‫بالكسر‬ ‫والجما َد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شية؛ لشدَّ ِة‬
‫الغ ِ‬ ‫الحركة‪ ،‬واعتَرا ُه ِم ُ‬
‫ِ‬ ‫وع َجز ِ‬
‫الغضب عليه‪.‬‬ ‫استيالء‬ ‫ثل َ‬ ‫عن‬ ‫َس َقط َ‬
‫الش ِ‬
‫ماتة‬ ‫وإظهار َّ‬ ‫وحسدُ ه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المغضوب عليه‬ ‫ِ‬
‫القلب‪ :‬فالحقدُ على‬ ‫وأما أ َث ُره في‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إفشاء ِسره‪ِ ِ َ ،‬‬ ‫بس ِ‬ ‫ِ‬
‫وهتك س ِتره‪ ،‬واالست ُ‬
‫هزاء‬ ‫ِّ‬ ‫والعزم على‬
‫ُ‬ ‫روره‪،‬‬ ‫والح ُ‬
‫زن ُ‬ ‫بمساءته‪ُ ،‬‬ ‫َ‬

‫((( ((مختصر منهاج القاصدين)) البن قدامة (ص‪.)232 :‬‬


‫‪444‬‬
‫بضغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫القبائح)(((‪.‬‬ ‫وغير ذلك ِم َن‬
‫ُ‬ ‫به‪،‬‬

‫والسلف‬
‫حابة َّ‬
‫والص ِ‬ ‫هلل ع َلي ِه َّ‬
‫وسل َم َّ‬ ‫يب َّ‬
‫صلى ا ُ‬ ‫مناذج ِمن هدي َّ‬
‫الن ِّ‬ ‫ُ‬
‫عند الغضب‪:‬‬
‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله عنه عن صفات ال َّن ِّ‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪ُ -‬يحدِّ ُث ِهندُ ُ‬
‫ابن أبي هال َة َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم أ َّنه‪ ...(( :‬ال ُت ِ‬
‫غض ُبه الدُّ نيا وما‬ ‫ذك ُر ِمن ِصفاتِه ص َّلى ُ‬
‫وس َّل َم‪ ،‬ف َي ُ‬
‫َ‬
‫عر ْف ُه أحد‪ ،‬ولم ي ُقم لغضبِه َشيء ح َّتى ي ِ‬
‫نتص َر له‪،‬‬ ‫عوطي الحقَّ لم َي ِ‬ ‫كان لها‪ ،‬وإذا ُت‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫غضب لن ْف ِسه وال ي ِ‬
‫نتص ُر لها‪.((())...‬‬ ‫َ‬ ‫وال‪َ  ‬ي َ ُ‬
‫ِ‬ ‫الخ َّط ِ‬ ‫الله عنه‪ِ :‬‬
‫فوالله ما‬ ‫اب!‬ ‫ابن َ‬
‫(ه ْي يا َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫رج ًل قال ُلع َ‬
‫مر َر َ‬ ‫وي َّ‬
‫أن ُ‬ ‫ ‪ُ -‬ر َ‬
‫دل! َ ِ‬
‫بالع ِ‬ ‫الج ْز َل‪ ،‬وال َت ُ‬
‫الح ُّر‪:‬‬
‫فغض َب ُع َم ُر حتى َه َّم به‪ ،‬فقال له ُ‬ ‫حك ُم بيننا َ‬ ‫ُتعطينا َ‬
‫الله عليه وس َّلم‪ :‬ﮋﭵ ﭶ ﭷ‬
‫إن الله تعالى قال لنب ِّيه ص َّلى ُ‬
‫أمير المؤمنين‪َّ ،‬‬
‫يا َ‬
‫لين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجاه َ‬ ‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ [األعراف‪َّ .]199 :‬‬
‫وإن هذا من‬
‫كتاب ِ‬
‫الله)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جاو َزها ُع َم ُر حين تالها عليه‪ ،‬وكان و َّقا ًفا عند‬ ‫ِ‬
‫والله ما َ‬

‫الله‪:-‬‬
‫مهما ُ‬ ‫ِ‬ ‫العزيز‪ ،‬فقال له ابنُه عبدُ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫(غ ِضب يوما ُعمر بن ِ‬‫ ‪َ -‬‬
‫الملك ‪-‬رح ُ‬ ‫عبد‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ً‬
‫ضب؟ فقال‬
‫الغ َ‬ ‫وفض َلك به َت َ‬
‫غض ُب هذا َ‬ ‫الله َّ‬ ‫َ‬
‫أعطاك ُ‬ ‫المؤ ِم َ‬
‫نين مع ما‬ ‫أمير ْ‬
‫أنت يا َ‬
‫َ‬

‫((( ((الزواجر)) البن حجر الهيتمي (‪ )95/1‬بتصرف‪.‬‬


‫((( أخرجه الطبراني (‪ ،)414( )155/22‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)1362‬‬
‫قال ابن حبان في ((الثقات)) (‪ :)145/2‬إسناده ليس له في القلب وقع‪ .‬وقال العراقي في ((تخريج‬
‫اإلحياء)) (‪ ،)442/2‬والهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)276/8‬فيه من لم يسم‪ .‬وضعفه جدًّ ا‬
‫األلباني في ((مختصر الشمائل)) (‪.)6‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)4642‬‬
‫‪445‬‬
‫بضغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الم ِل ِك‪ :‬وما ُيغْ ني عنِّي َس ُ‬


‫عة َجوفي إذا‬ ‫غضب يا عبدَ ِ ِ‬
‫الملك؟ فقال عبدُ َ‬
‫َ‬ ‫له‪َ :‬أو ما َت َ ُ‬
‫لم َأ ْر ُد ْد فيه؟!)(((‪.‬‬

‫أسباب الغضب‪:‬‬
‫والض ُيم‪ ،‬واالستِهزا ُء‪،‬‬
‫زاح‪ ،‬والتِّي ُه‪َّ ،‬‬
‫والم ُ‬
‫جاج‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫واالفتخار‪ ،‬والمرا ُء‪ ،‬وال َّل ُ‬
‫ُ‬ ‫جب‪،‬‬
‫(الع ُ‬
‫ُ‬
‫در‪ ،‬وشدَّ ُة‬ ‫(والمضا َّد ُة‪َ ،‬‬
‫والغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وط َل ُب ما فيه ال َّتنا ُف ُس‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫حاسدُ ‪ ،‬وشهو ُة االنتقا ِم)(((‪،‬‬

‫شرعا)(((‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ذمومة ً‬ ‫ديئة َم‬ ‫ٌ‬
‫أخالق َر ٌ‬ ‫ِ‬
‫والجاه‪ ،‬وهذه‬ ‫ِ‬
‫المال‬ ‫ِ‬
‫ضول‬ ‫ِ‬
‫الحرص على ُف‬

‫عالج الغضب‪:‬‬
‫ضوء‪.‬‬
‫الو ُ‬
‫‪ُ 1-‬‬

‫واالضطِ ُ‬
‫جاع إن كان قاعدً ا(((‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قائما‪،‬‬ ‫عود ْ‬
‫إن كان ً‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الق ُ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم في ذلك‪(( :‬ال َت َ‬


‫غض ْب))(((‪.‬‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫بوصية ال َّن ِّ‬
‫َّ‬ ‫‪3-3‬أن َي ِ‬
‫لتز َم‬
‫ِ‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫س ِ‬
‫عن االندفا ِع عند‬ ‫‪4-4‬أن َيضبِ َط ال َّن ْف َ‬
‫الرجي ِم(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بالله ِم َن َّ‬
‫الشيطان َّ‬
‫‪5-5‬االستعاذ ُة ِ‬

‫كوت‪.‬‬
‫الس ُ‬
‫‪ُّ 6-6‬‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫ذم ال َغ ِ‬
‫ضب يف ِ‬ ‫ُّ‬

‫((( ((جامع العلوم والحكم)) البن رجب (‪.)366/1‬‬


‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪.)346 :‬‬
‫((( ((مختصر منهاج القاصدين)) البن قدامة (ص‪.)233 :‬‬
‫((( ((اآلداب الشرعية)) البن مفلح (‪.)261/2‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)6116‬‬
‫((( ((زاد المعاد)) البن القيم (‪.)463/2‬‬
‫‪446‬‬
‫بضغلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫األدب‬ ‫ـــح َّإل على‬ ‫ولم َأ َر ً‬ ‫ٍ‬
‫ـــيمة‬ ‫فض ًل تَـــم َّإل ِ‬
‫بش‬ ‫ولـــم َأ َر ْ‬
‫عقل َص َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫المرء َأعْدَ ى ِم َن الغضب‬
‫ِ (((‬ ‫عدُ ًّوا ِ‬
‫لعقل‬ ‫ِ‬
‫األعـــداء حين اخت َْبرت ُُهم‬ ‫ولم َأ َر في‬

‫((( ((روضة العقالء ونزهة الفضالء)) للبستي (ص‪.)139 :‬‬


‫‪447‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الغيبة‬
‫ِ‬

‫مع َنى ال ِغ ِ‬
‫يبة‪:‬‬
‫واغتا َبه ْاغتِيا ًبا‪َ :‬و َق َع فيه(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قيعة في ال َّن ِ‬
‫اس‪ْ ،‬‬ ‫الو ُ‬‫الغيب ُة ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫يب‪ .‬وقيل‪ :‬التك ُّل ُم َخ ْل َ‬‫الغ ِ‬‫هر َ‬ ‫بظ ِ‬‫كر ُهه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغيب ُة‬
‫ف‬ ‫اصطالحا‪ :‬ذ ُ‬
‫كر المرء بما َي َ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫فإن كان ِصد ًقا ُس ِّم َي ِغيب ًة‪ْ ،‬‬
‫ستور بما َي ُغ ُّمه لو َس ِمعه‪ْ ،‬‬
‫إنسان َم ٍ‬‫ٍ‬
‫وإن كان َكذ ًبا ِّ‬
‫سم َي‬
‫ُبهتا ًنا(((‪.‬‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬ ‫الف ْر ُق ْ‬
‫بي ال ِغيبة‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫واإلفك وال ُبهتان‪:‬‬
‫ِ‬ ‫يبة‬ ‫الفرق ْ‬
‫بي ال ِغ ِ‬ ‫•• ُ‬
‫اإلفك فأن َت َ‬
‫قول فيه ما َب َل َغك‬ ‫ُ‬ ‫وأما‬ ‫َ‬ ‫يبة هي أن َت َ‬ ‫ِ‬
‫الغ ُ‬
‫أخيك ما هو فيه‪َّ .‬‬ ‫قول في‬
‫هتان فأن َت َ‬
‫قول فيه ما ليس فيه‪.‬‬ ‫وأما ال ُب ُ‬
‫عنه‪َّ .‬‬
‫مز َّ‬ ‫الفرق ْ‬
‫•• ُ‬
‫مز‪:‬‬
‫والل ِ‬ ‫ميمة وال َغ ِ‬ ‫يبة َّ‬
‫والن ِ‬ ‫بي ال ِغ ِ‬
‫شخص ِ‬
‫ٍ‬ ‫ميمة‪ :‬ن ْق ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغ ُ ِ‬
‫ِ‬
‫لغيره على‬ ‫حال‬ ‫كر اإلنسان في َغيبته بما َي َ‬
‫كر ُه‪ .‬وال َّن ُ‬ ‫يبة‪ :‬ذ ُ‬
‫فسدة ِ‬
‫إلقاء‬ ‫ِ‬ ‫لمه؛ لِما فيها ِمن َم‬
‫بغير ِع ِ‬
‫لمه ْأم ِ‬ ‫بع ِ‬
‫بغير ِرضاه‪ ،‬سواء كان ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلفساد ِ‬ ‫ِج ِ‬
‫هة‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫يبة‪.‬‬ ‫اإلفساد‪ ،‬وال يشتر ُط ذلك في ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقصد‬ ‫ت ال َّن ُ‬
‫ميمة‬ ‫فامتاز ِ‬
‫َ‬ ‫اس؛‬ ‫ِ‬
‫غضاء ْبين ال َّن ِ‬ ‫ال َب‬
‫ُ َ‬
‫يأخ ُذ ما َلك في ِ‬
‫وقت كذا‪،‬‬ ‫أن ُفال ًنا ي ِ‬
‫قصدُ ق ْت َلك في موض ِع كذا‪ ،‬أو ُ‬ ‫و ُيستثنَى منها َّ‬
‫َ‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪.)403/4‬‬


‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)196/1‬فتح الباري)) البن حجر (‪.)469/10‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪(( ،)335/16‬الذخيرة)) للقرافي (ص‪(( ،)241 :‬تطهير العيبة من دنس‬
‫الغيبة)) البن حجر الهيتمي (ص‪.)45 :‬‬
‫‪448‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫الواجبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صيحة‬ ‫ونحو ذلك؛ أل َّنه ِم َن ال َّن‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالعكس‪.‬‬ ‫مز َبغيبتِه‪ .‬وقيل‬ ‫بح ِ‬
‫ضوره‪ .‬وال َّل ُ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان ُ‬ ‫مز‪ :‬أن َت َ‬
‫عيب‬ ‫َ‬
‫والغ ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنها يف ال ُقرآن ُّ‬ ‫ذم ال ِغيبة َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ‬
‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﮊ [الحجرات‪.]12 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﮊ [الهمزة‪ .]1 :‬يعني‪َّ :‬‬


‫الط َّع َ‬
‫ان‬
‫جل اغتابه ِمن َخ ْل ِفه(((‪.‬‬ ‫غتاب ا َّلذي إذا غاب عنه َّ‬
‫الر ُ‬ ‫الم َ‬‫ُ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬‫الله عنها قالت‪ُ :‬ق ْل ُت لل َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة َر َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪(( :‬لقد‬
‫في َة كذا وكذا ‪-‬تعني‪ :‬قصير ًة‪ ،-‬فقال ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫َح ْس ُب َك من َص َّ‬
‫ت َك ِلم ًة لو م ِزجت ِ‬
‫بماء ال َب ِ‬
‫حر َل َمزَ َج ْت ُه))(((‪.‬‬ ‫ُق ْل ِ‬
‫ُ َ ْ‬

‫ذم ال ِغيبة‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫أخاك إذا غاب عنك بما ُت ِح ُّب أن‬
‫َ‬ ‫عنهما‪ُ :‬‬
‫(اذك ْر‬ ‫الله ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اس َر َ‬ ‫عب ٍ‬‫ابن َّ‬‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ذك َرك به‪ ،‬و َد ْع منه ما ُت ِح ُّب أن َيدَ َع منك)(((‪.‬‬
‫َي ُ‬

‫ِ‬ ‫غل مي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مرو ِ‬ ‫ ‪-‬وعن َع ِ‬


‫لبعض‬ ‫ت‪ ،‬فقال‬ ‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه َم َّر على َب ٍ َ ِّ‬
‫ضي ُ‬ ‫العاص َر َ‬ ‫بن‬
‫ِ‬ ‫الر ُج ُل ِمن هذا ح َّتى َي َ‬ ‫ََ‬
‫خير له من أن َي ُأك َل َ‬
‫لحم‬ ‫مأل بطنَه‪ٌ ،‬‬ ‫أصحابِه‪( :‬ل ْن َي ُأك َل َّ‬

‫((( ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (‪.)837/4‬‬


‫((( أخرجه أبو داود (‪ )4875‬واللفظ له‪ ،‬والترمذي (‪.)2502‬‬
‫صححه ابن دقيق العيد في ((االقتراح)) (‪ ،)118‬واأللباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)4875‬‬
‫((( ((العقد الفريد)) البن عبد ربه األندلسي (‪ ،)336-335/2‬بتصرف‪.‬‬
‫‪449‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫رج ٍل ْ‬
‫مسل ٍم)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫كرا لخطايا‬ ‫َ‬ ‫(إن َأك َث َر ال َّن ِ‬
‫اس َخطا َيا أ ُ‬
‫كثر ُهم ذ ً‬ ‫بن ِس َ‬
‫يرين أ َّنه قال‪َّ :‬‬ ‫محم ِد ِ‬
‫ ‪-‬وعن َّ‬
‫ال َّن ِ‬
‫اس)(((‪.‬‬
‫أقسام ال ِغيبة‪:‬‬
‫كر ُه‪َ ،‬بع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يب فيه‬ ‫لم في َغيبته بما َي َ‬ ‫الم ْس َ‬
‫أخاك ُ‬ ‫كرك‬‫حرم ُة‪ :‬وهي ذ ُ‬
‫الم َّ‬ ‫‪1-‬الغيب ُة ُ‬
‫لقه‪ ،‬في ِدينِه أو ُدنيا ُه‪ ،‬وال َّ‬
‫بشيء في ِخلقتِه أو ُخ ِ‬‫ٍ‬ ‫سواء ِعبتَه‬
‫شك أ َّنه ُم َّ‬
‫حر ٌم‬ ‫ٌ‬ ‫خفي‪،‬‬
‫َم ٍّ‬
‫ِ‬
‫الباب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الواردة س َل ًفا في هذا‬ ‫والس َّن ِة واإلجماعِ؛ لألد َّل ِة‬ ‫في ِ‬
‫الك ِ‬
‫تاب ُّ‬
‫ِ‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫الغيب ُة الواجب ُة‪ :‬هي ِ‬
‫حمدُ ُعقبا ُه‬ ‫حص ُل للفرد نجا ٌة َّ‬
‫مما ال ُي َ‬ ‫يبة ا َّلتي بها َي ُ‬
‫الغ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوقو ِع به‪ِ ،‬م ُ‬
‫ثل ا َّلتي ُتط َل ُب لل َّن‬ ‫ٍ‬
‫اإلقبال على‬ ‫صيحة عندَ‬ ‫أو ُمصيبة كانت ُمحتمل َة ُ‬
‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫حذ ًرا له ِمن‬
‫آلخ َر ُم ِّ‬
‫شخص َ‬‫ٌ‬ ‫كأن َي َ‬
‫قول‬ ‫وج‪ ،‬أو ْ‬
‫الز ِ‬ ‫حال َّ‬ ‫ِ‬
‫لمعرفة ِ‬ ‫الز ِ‬
‫واج‬ ‫َّ‬
‫الفالني‪ ،‬أو يريدُ س ِرق َة مالِ َك في الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫شر ٍير‪َّ :‬‬
‫اعة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫إن ُفال ًنا ُيريدُ ق ْت َلك في المكان ُ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫صيحة‪.‬‬ ‫الني ِة‪ ،‬وهذا ِمن ِ‬
‫باب ال َّن‬ ‫ُ‬
‫الف َّ‬
‫الو ُ‬ ‫ِ‬ ‫لغر ٍ‬ ‫(الغ ُ‬ ‫‪ِ 3-3‬‬
‫الغيب ُة المباح ُة‪ِ :‬‬
‫صول إليه‬ ‫صحيح َش ٍّ‬
‫رعي ال ُيمك ُن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ض‬ ‫يبة ُت ُ‬
‫باح َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫أبواب‪:‬‬ ‫َّإل بها‪ ،‬وهو س َّت ُة‬
‫ٌ‬
‫والية أو قدر ٌة على‬ ‫مما له‬ ‫ِ‬ ‫األو ُل‪ :‬ال َّتظ ُّلم إلى الس ِ‬
‫وغيرهما َّ‬ ‫لطان والقاضي‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫قول‪َ :‬ظ َل َمني ُف ٌ‬
‫الن كذا‪.‬‬ ‫إنصافِه ِمن ظالِ ِمه‪ ،‬ف َي ُ‬

‫لمن‬ ‫واب‪ ،‬ف َي ُ‬


‫قول َ‬ ‫الص ِ‬‫ور ِّد العاصي إلى َّ‬ ‫نك ِر‪َ ،‬‬‫الم َ‬ ‫عانة على ِ‬
‫تغيير ُ‬ ‫ال َّثاني‪ :‬االستِ ُ‬
‫عم ُل كذا‪ ،‬فازْ ُج ْر ُه عنه‪.‬‬ ‫نك ِر‪ُ :‬ف ٌ‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫الن َي َ‬ ‫َيرجو ُقدر َته على إزالة ُ‬

‫((( ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (‪.)329/3‬‬


‫للدينَوري (‪.)86/6‬‬
‫((( ((المجالسة وجواهر العلم)) ِّ‬
‫‪450‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫للمفتي‪َ :‬ظ َل َمني أبي أو أخي أو َز ْوجي أو ُف ٌ‬ ‫فتاء‪ ،‬ف َي ُ‬‫ِ‬ ‫ال َّث ُ‬
‫الن بكذا‪.‬‬ ‫قول‪ُ :‬‬ ‫الث‪ :‬االست ُ‬
‫لمين ِم َن َّ‬
‫الش ِّر‪ ،‬ونصيح ُتهم‪.‬‬ ‫المس َ‬
‫تحذير ْ‬
‫ُ‬ ‫ابع‪:‬‬
‫الر ُ‬
‫َّ‬
‫مر ومصا َد ِ‬ ‫سقه أو بِدعتِه‪ ،‬كالم ِ‬
‫جاهرا ِبف ِ‬
‫كون م ِ‬
‫رة‬ ‫الخ ِ ُ‬
‫رب َ‬ ‫جاه ِر ُ‬
‫بش ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الخامس‪ :‬أن َي َ ُ‬
‫ُ‬
‫وغ ِيرها‪.‬‬
‫كس َ‬‫الم ِ‬ ‫اس ْ ِ‬
‫ال َّن ِ‬
‫وأخذ َ‬
‫ِ‬
‫واألعرج‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كاألعمش‪،‬‬ ‫ب‪،‬‬ ‫اإلنسان معرو ًفا بل َق ٍ‬
‫ُ‬ ‫عريف‪ ،‬فإذا كان‬ ‫ادس‪ :‬ال َّت ُ‬
‫الس ُ‬‫َّ‬
‫ُ‬
‫تعريفهم بذلك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األلقاب‪َ ،‬‬
‫جاز‬ ‫ونحو ذلك ِم َن‬
‫ِ‬ ‫حو ِل‪،‬‬
‫واأل َ‬ ‫واألصم‪ ،‬واألعمى‪َ ،‬‬
‫َ ِّ‬
‫ِ‬
‫نقيص)(((‪.‬‬ ‫ويحرم إطال ُقه على ِ‬
‫جهة ال َّت‬ ‫َ ُُ‬
‫تم ِع‪:‬‬ ‫يبة على الفرد ُ‬
‫وامل َ‬ ‫أضرا ُر ال ِغ ِ‬
‫••أضرا ُرها على الفرد‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 1-‬‬
‫الغ ُ‬
‫الحسنات‪.‬‬ ‫رصيد‬ ‫الس ِّيئات‪ ،‬و َت ُنق ُ‬
‫يبة َتزيدُ في رصيد َّ‬
‫ِ‬
‫القيامة‪.‬‬ ‫يوم‬ ‫الغ ِ‬
‫يبة ُم ِ‬ ‫‪2-2‬صاحب ِ‬
‫فل ٌس َ‬ ‫ُ‬
‫يبة ُتس ِّب ُب َه ْج َر صاحبِها‪.‬‬ ‫‪ِ 3-3‬‬
‫الغ ُ‬
‫‪ِ 4-4‬‬
‫الغ ُ‬
‫وم‪.‬‬
‫الص َ‬ ‫يبة َت َ‬
‫جر ُح َّ‬
‫وف ْبيتِه‪.‬‬
‫فضحه ولو في ج ِ‬
‫َ‬ ‫الم ِ‬
‫غتاب‪ ،‬و َي َ ُ‬ ‫الله َعور َة ُ‬
‫تتب ُع ُ‬
‫‪َ 5-5‬ي َّ‬
‫أهل ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ون ُهم في ِع ِ‬
‫داد ِ‬ ‫المغتا ُب َ‬
‫‪ُ 6-6‬‬
‫الج ِ‬
‫يفة‪.‬‬ ‫يبة َأنت َُن ِم َن ِ‬ ‫‪ِ 7-7‬‬
‫الغ ُ‬

‫تم ِع‪:‬‬ ‫••أضرا ُرها على ُ‬


‫امل َ‬
‫شر ُعيوبِهم‪ ،‬واالستِ ُ‬
‫هانة بها‪.‬‬ ‫رين‪ ،‬و َن ُ‬
‫‪1-‬كشْ ُف َعو ِ‬
‫رات َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ْ‬

‫((( ((رياض الصالحين)) للنووي (‪ )182/2‬بتصرف‪.‬‬


‫‪451‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫أن ِمن اغتِيب قد يد َفعه غضبه إلى ِغ ِ‬


‫يبة َم ِن‬ ‫الغ ِ‬
‫يبة‪ ،‬أي‪َّ :‬‬ ‫يبة تؤ ِّدي إلى ِ‬ ‫‪ِ 2-2‬‬
‫الغ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫صع ُب استِئصا ُله‪.‬‬
‫ضال‪َ ،‬ي ُ‬ ‫ميمة‪ ،‬و ُتصبِ ُح َ‬
‫مر ًضا ُع ً‬ ‫فة َّ‬
‫الذ ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫ِ‬
‫اغتا َبه‪ ،‬وبهذا َتنتش ُر هذه ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جتمعِ‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫‪َ 3-3‬ن ُ‬
‫شر الحقد والحسد والكراهية وال َبغضاء ْبين أفراد ُ‬
‫بالض ِ‬
‫غائن‬ ‫ِ‬
‫القلوب َّ‬ ‫اإليماني ِة‪ ،‬و َم ْل ُء‬
‫َّ‬ ‫خو ِة‬
‫األ َّ‬
‫وقطع ِ‬
‫أواص ِر ُ‬ ‫إفساد الم ِ‬
‫ودات‪ُ ْ ،‬‬
‫ُ َ َّ‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫داوات‪.‬‬ ‫والع‬
‫َ‬
‫يبة‪:‬‬
‫قوع يف ال ِغ ِ‬
‫أسباب ال ُو ِ‬
‫ُ‬
‫تحو َل‬ ‫بإظهار كراهيتِه؛ َّ‬
‫لئل َت َّ‬ ‫ِ‬ ‫غتاب‪ ،‬مع عدَ ِم رغبتِه‬ ‫ُ ِ‬
‫الباطنة ل َمن َي ُ‬ ‫‪1-‬كراهي ُته‬
‫ٍ‬
‫ظاهرة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عداوة‬ ‫إلى‬
‫ِ‬
‫عر َف عنه الحسدُ ‪.‬‬
‫سود ال ُيح ُّب أن ُي َ‬ ‫سة ا َّلتي و َّلدَ ْت حسدً ا‪َ ،‬‬
‫والح ُ‬ ‫‪2-2‬المنا َف ُ‬
‫ِ‬ ‫نظ ِر ال َّن ِ‬
‫غتاب في َ‬
‫عايب و َق َ‬
‫بائح‪،‬‬ ‫اس ما َع َرفوه عنه من َم َ‬ ‫الم ُ‬ ‫الر ُ‬
‫غبة بأن ُي ِّبر َر ُ‬ ‫‪َّ 3-3‬‬
‫وقبائ ِحه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫والقبائح ِم َ‬
‫ثل ُعيوبِه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العيوب‬ ‫بأن له ِم َن‬ ‫فإذا َذ َكر أما َمهم َمن َي ِ‬
‫حترمونه َّ‬
‫إنكارهم عليه)(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َخ َّف‬
‫سبب ُيه ِّي ُج َغ َ‬
‫يظه‪ ،‬فك َّلما‬ ‫ٍ‬
‫إنسان في حقِّ َ‬
‫آخ َر ٌ‬ ‫جري ِمن‬ ‫ِ‬
‫الغيظ؛ ْ‬
‫بأن َي َ‬ ‫‪َ 4-4‬تش ِّفي‬
‫بغ ِ‬
‫يبة صاحبِه‪.‬‬ ‫هاج غضبه َتش َّفى ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الغ ِ‬ ‫لة الر ِ‬
‫فقاء‪ ،‬ومساعد ُتهم على ِ‬ ‫ِ‬
‫يبة‪ ،‬فإ َّنه َيخشى‬ ‫ُ‬ ‫ومجا َم ُ ُّ‬ ‫‪5-5‬موا َف ُ‬
‫قة األقران‪ُ ،‬‬
‫نكر عليهم أن ي ِ‬ ‫ْ َ‬
‫ستثقلوه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫إن أ َ َ‬
‫همه َر ٌ‬
‫كيك!‬ ‫ٌ‬
‫جاهل‪ ،‬و َف ُ‬ ‫غيره‪ ،‬ف َي ُ‬
‫قول‪ُ :‬ف ٌ‬
‫الن‬ ‫ِ‬ ‫‪6-6‬إراد ُة ر ْف ِع ن ْف ِسه بت‬
‫َنقيص ِ‬
‫ِ‬ ‫واله ُ‬ ‫ِ‬
‫حاكاة‪.‬‬ ‫ضح ُك له على سبيل ُ‬
‫الم‬ ‫غيره بما ُي َ‬ ‫زل‪ ،‬ف َي ُ‬
‫ذك ُر َ‬ ‫‪7-7‬ال َّلع ُب َ‬

‫((( ((األخالق اإلسالمية وأسسها)) لعبدالرحمن حبنكة الميداني (ص‪.)231 :‬‬


‫‪452‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وعيوبِهم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫والشعور بالم َل ِل والسأ ِم‪ ،‬في ِ‬


‫شتغ ُل بال َّن ِ‬
‫وأعراضهم ُ‬ ‫اس‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫‪8-8‬كثر ُة الفراغِ‪ُ ُّ ،‬‬

‫فوائ ُد ِ‬
‫ترك ال ِغيبة‪:‬‬
‫لمين‪.‬‬
‫المس َ‬ ‫ِ‬
‫أفضل ْ‬ ‫يبة ِمن‬
‫الغ ِ‬
‫تارك ِ‬
‫‪ُ 1-‬‬
‫يبة ي ِ‬
‫دخ ُل الج َّن َة‪.‬‬ ‫‪ِ ِ ُ 2-2‬‬
‫ترك الغ ُ‬
‫عالمات ال َّت ِ‬
‫وبة(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يبة ِمن‬
‫الغ ِ‬
‫‪َ 3-3‬قطع ِ‬
‫ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال ِغيبة‪:‬‬
‫األعمال الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪1-‬ال َّتقرب إلى ِ‬
‫الحة‪ ،‬وتقدي ِم ِرضا ُه‬ ‫ِ َّ‬ ‫بكثرة‬ ‫الله ُسبحا َنه وتعالى‬ ‫ُّ ُ‬
‫خلوقين‪.‬‬
‫َ‬ ‫على ِر َضا َ‬
‫الم‬

‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإليمان‪ ،‬و َتقوي ُته ِ‬
‫بالعل ِم ال َّنافعِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪2-2‬زياد ُة‬
‫والعمل َّ‬ ‫رصيد‬
‫ِ‬
‫بالبحث عن ُعيوبِه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان‬ ‫‪3-3‬أن ي ِ‬
‫نشغ َل‬ ‫َ‬
‫حبة الص ِ‬
‫الحة‪.‬‬ ‫‪4-4‬اختيار الص ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ ُّ‬

‫اإلسالمي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اآلداب وال َّتعالي ِم‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُ‬
‫ربية على‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫استغالل وقت الفراغِ‪ ،‬بما َين َف ُع الفر َد و ُي ِّ‬
‫قوي إيما َنه‪.‬‬ ‫‪6-6‬‬

‫كره على هذه الن َِّع ِم‪.‬‬ ‫الله‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬


‫اإلنسان بما َر َز َقه ُ‬ ‫‪ُ 7-7‬‬
‫وش ُ‬ ‫قناعة‬

‫يب؛ لِ َيجدَ أ َّنه لن َيرضى‬‫ِ‬ ‫ِ‬


‫خص ا َّلذي اغت َ‬ ‫َ‬
‫مكان َّ‬
‫الش‬ ‫ُ‬
‫اإلنسان ن ْف َسه‬ ‫‪8-8‬أن َي َض َع‬
‫هذا لن ْف ِسه‪.‬‬
‫ِ‬
‫الغضب‪.‬‬ ‫والص ُبر على‬ ‫‪َ 9-9‬كظم َ ِ‬
‫الغيظ‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬

‫((( ((المجالسة وجواهر العلم)) للدِّ ينَوري (‪.)197/4‬‬


‫‪453‬‬
‫ةبيغلا‬
‫ِ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ال ِغيبة يف واحة ِّ‬


‫الشعر‪:‬‬
‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫ســـاويكَا‬ ‫ف َيهتِ َك الل ُه ِســـت ًْرا ِمن َم‬ ‫ال ت َْهتِ َك ْن ِمن َمساوي الن ِ‬
‫َّاس ما َس ُتروا‬
‫(((‬
‫منهم بمـــا فِيكَا‬
‫ـــب أحدً ا ُ‬
‫ِ‬
‫وال تَع ْ‬ ‫اســـ َن ما فيهم إذا ُذ ِكروا‬
‫واذكُر مح ِ‬
‫ْ َ‬

‫((( ((روضة العقالء ونزهة الفضالء)) للبستي (ص‪.)128 :‬‬


‫‪454‬‬
‫روتُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الفُ تور‬

‫مع َنى ال ُف ِ‬
‫تور‪:‬‬
‫تارا؛ َس َكن بعد ِحدَّ ٍة‪،‬‬ ‫عف‪ُ ،‬ي ُ‬
‫قال‪َ :‬فت ََر َيف ُت ُر ُف ً‬
‫تورا و ُف ً‬ ‫والض ُ‬
‫االنكسار َّ‬
‫ُ‬ ‫تور ُلغ ًة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الف ُ‬
‫والن بعد شدَّ ٍة(((‪.‬‬‫َ‬

‫والحيو َّي ِة(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫باطؤُ بعد ِ‬


‫الجدِّ وال َّنشاط َ‬ ‫الكسل وال َّتراخي‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬هو‬
‫ً‬ ‫ال ُف ُ‬
‫تور‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫الفتور يف القرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫المالئكة‪ :‬ﮋﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖﮊ [األنبياء‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال تعالى عن‬
‫الل(((‪.‬‬ ‫تور َ‬
‫والك ُ‬ ‫هم ُ‬
‫الف ُ‬ ‫لح ُق ُ‬
‫‪ ،]20‬أي‪ :‬ال َي َ‬

‫الم‪ :‬ﮋﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫الس ُ‬
‫ ‪-‬وقال تعالى عن موسى عليه َّ‬
‫قصير(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫تور وال َّت‬ ‫الو َنى‪ُ :‬‬
‫الف ُ‬ ‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮊ [طه‪َ .]43-42 :‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم كان‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫الله عنها‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة َر َ‬
‫ِ‬ ‫هم إ ِّني َأ ُ‬
‫غر ِم))(((‪.‬‬ ‫والم ْأ َث ِم َ‬
‫والم َ‬ ‫الكس ِل َ‬
‫واله َر ِم‪َ ،‬‬ ‫عوذ بك م َن َ‬ ‫تعو ُذ و َي ُ‬
‫قول‪(( :‬ال َّل َّ‬ ‫َي َّ‬

‫السلف والعلما ِء يف ال ُفتور‪:‬‬


‫أقوال َّ‬
‫ويور ُث ِ‬
‫الك ْب َر‬ ‫تور‪ِ ،‬‬ ‫(المدح ِ‬
‫يوج ُب ُ‬ ‫الخط ِ‬
‫بن َّ‬
‫الف َ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪:‬‬
‫ضي ُ‬ ‫اب َر َ‬ ‫مر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬

‫((( انظر ((لسان العرب)) البن منظور (‪ ،)43/5‬و((تاج العروس)) للزبيدي (‪.)293/13‬‬
‫((( انظر ((الفتور المظاهر األسباب العالج)) لناصر العمر (ص‪.)22 :‬‬
‫((( ((غرائب القرآن)) للنيسابوري (‪.)9/5‬‬
‫((( ((الكشاف)) للزمخشري (‪.)65/3‬‬
‫((( أخرجه البخاري ( ‪ )6368‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ( ‪.)589‬‬
‫‪455‬‬
‫روتُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫جب)(((‪.‬‬
‫والع َ‬
‫ُ‬
‫الله عنه‪( :‬ال ُتغالِبوا هذا ال َّل َ‬
‫يل؛ فإ َّن ُكم لن ُتطيقو ُه‪،‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫ابن مسعود َر َ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫نصر ْف إلى فِ ِ‬
‫راشه؛ فإ َّنه َأس َل ُم له)(((‪.‬‬ ‫س أحدُ ُكم ف ْل َي ِ‬
‫فإذا َن َع َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بعض الس ِ‬
‫والعمل على‬ ‫جاء‪،‬‬
‫الر ُ‬
‫المخافة قد ُيغ ِّي ُره َّ‬
‫العمل على َ‬ ‫لف‪:‬‬ ‫ ‪-‬و(قال ُ َّ‬
‫تور)(((‪.‬‬
‫الف ُ‬ ‫حب ِة ال َي ُ‬
‫دخ ُله ُ‬ ‫الم َّ‬
‫َ‬

‫أقسام ال ُف ِ‬
‫تور‪:‬‬
‫ره لها‪ ،‬وعدَ ِم ر ٍ‬
‫اعات‪ ،‬مع ُك ٍ‬
‫الط ِ‬ ‫عام في جمي ِع َّ‬
‫غبة فيها‪ ،‬وهذه‬ ‫َ‬ ‫تور ٌّ‬‫كس ٌل و ُف ٌ‬
‫‪َ 1-‬‬
‫فورا‪.‬‬ ‫اس ً‬
‫كسل و ُف ً‬
‫تورا و ُن ً‬ ‫المنافِ َ‬
‫قين؛ فإ َّنهم من أشدِّ ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫حال ُ‬
‫ون ُك ٍ‬ ‫صاحبه عدَ م ٍ‬
‫اعات‪ ،‬ي ِ‬
‫الط ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض َّ‬
‫ره لها‪ ،‬أو‬ ‫رغبة فيها ُد َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كس ٌل و ُف ٌ‬
‫تور في‬ ‫‪َ 2-2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حال ٍ ِ‬ ‫غبة مع و ِ‬
‫جودها‪ ،‬وهذه ُ‬ ‫عف في الر ِ‬ ‫َض ٌ‬
‫وأصحاب‬ ‫لمين‬
‫المس َ‬ ‫كثير من ُف َّساق ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫هوات‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الش‬

‫حب َة‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ٌ 3-3‬‬


‫الرغب َة في العبادة‪َ ،‬‬
‫والم َّ‬ ‫قلبي؛ فتَجدُ عندَ ه َّ‬
‫ني ال ٌّ‬ ‫عام سب ُبه بدَ ٌّ‬ ‫كسل و ُف ٌ‬
‫تور ٌّ‬
‫ستمر في ِ‬
‫كسله و ُف ِ‬ ‫ِ‬
‫توره‪ ،‬فقد َت ُم ُّر عليه‬ ‫للقيا ِم بها‪ ،‬وقد َيحزَ ُن إذا فا َت ْت ُه‪ ،‬ولك َّنه ُم ٌّ‬
‫حال‬‫وانتباهه‪ ،‬وهذه ُ‬‫ِ‬ ‫فع ُل مع استيقاظِه‬ ‫يل‪ ،‬ولك َّنه ال َي َ‬ ‫قيام ال َّل ِ‬
‫ال َّليالي وهو يريدُ َ‬
‫ناس صالِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫وآخ ُ‬
‫رون‬ ‫حون‪َ ،‬‬ ‫لمين ا َّلذين ُيصابون بهذا الدَّ اء‪ ،‬ومنهم ُأ ٌ‬ ‫المس َ‬
‫كثير م َن ْ‬
‫سق‪.‬‬‫والف ِ‬‫هوة ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب َّ‬ ‫ِمن‬

‫((( ذكره الغزالي في ((إحياء علوم الدين)) (‪.)160/3‬‬


‫((( أخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (‪ ،)4223‬وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪،)35708‬‬
‫والطبراني (‪ )8554( )110/9‬واللفظ له‪.‬‬
‫قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (‪ :)263/2‬رجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫((( ((جامع العلوم والحكم)) البن رجب (‪.)341/2‬‬
‫‪456‬‬
‫روتُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وآخر‪ ،‬ولك َّنه ال ي ِ‬ ‫اإلنسان ْبين ٍ‬ ‫‪ٌ 4-4‬‬


‫ستم ُّر‬ ‫َ‬ ‫حين َ َ‬ ‫ُ‬ ‫شع ُر به‬ ‫ٌ‬
‫عارض َي ُ‬ ‫تور‬‫كسل و ُف ٌ‬
‫ٍ‬
‫طاعة‪ .‬وهذا ال َيس َل ُم‬ ‫خر ُج عن‬ ‫ٍ‬
‫معصية‪ ،‬وال ُي ِ‬ ‫طول مدَّ ُته‪ ،‬وال ِ‬
‫يوق ُع في‬ ‫معه‪ ،‬وال َت ُ‬
‫ب أو‬ ‫كتع ٍ‬‫ض؛ َ‬ ‫أيضا‪ ،‬وسب ُبه غال ًبا أ ْم ٌر ِ‬
‫عار ٌ‬ ‫َ‬
‫تفاوتون فيه ً‬ ‫اس َي‬ ‫منه أحدٌ ‪َّ ،‬إل َّ‬
‫أن ال َّن َ‬
‫ِ‬
‫ونحوها(((‪.‬‬ ‫مر ٍ‬
‫ض‬ ‫ٍ‬
‫انشغال أو َ‬
‫آثار الفتور‪:‬‬
‫الهم ِة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪1-‬يدُ ُّل على َضعف َّ‬
‫ِ‬
‫العبادات‪.‬‬ ‫‪2-2‬ال َّتثا ُق ُل في‬

‫ماعي ِة‪.‬‬‫ِ‬ ‫لألزمات ال َّن ْف ِ‬


‫سية واالجت َّ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫عر ُ‬
‫ض‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫الفرائض‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫‪4-4‬يؤ ِّدي به إلى ِ‬
‫ترك‬

‫كون س ِّيئ ًة إذا لم َي ُت ْب‪.‬‬


‫‪5-5‬عاقب ُته َت ُ‬
‫وخاص ًة إذا كان ُقدو ًة ِ‬
‫لغيره‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪6-6‬تأ ُّث ُر َمن َح ْو َله به‪،‬‬

‫يني ِة والدُّ نيو َّي ِة‪.‬‬ ‫ِ‬


‫المصالح الدِّ َّ‬ ‫فوات‬
‫‪ُ 7-7‬‬

‫ِمن ُص َور ال ُفتور‪:‬‬


‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫‪1-‬قسو ُة‬
‫الط ِ‬
‫اعة‪.‬‬ ‫تكاس َل ِ‬
‫عن َّ‬ ‫‪2-2‬أن َي َ‬
‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الجليس َّ‬ ‫االبتعاد ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ِ‬
‫اإلفادة منه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوقت‪ ،‬وعدَ ُم‬ ‫(ضياع‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫عمل ِجدِّ ٍّي‪.‬‬
‫كل ٍ‬‫هر ُب ِمن ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪5-5‬عدَ ُم االستعداد لاللتزا ِم بشيء‪ ،‬وال َّت ُّ‬

‫((( انظر ((الفتور)) لناصر العمر (ص‪.)24 :‬‬


‫‪457‬‬
‫روتُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫‪6-6‬ال َف ْو َضو َّي ُة في‬
‫ِ‬
‫باالنشغال وهو ٌ‬
‫فارغ)(((‪.‬‬ ‫‪ِ 7-7‬خدَ ُاع ال َّن ْف ِ‬
‫س؛‬
‫حارم ِ‬
‫الله(((‪.‬‬ ‫الغضب إذا ان ُت ِه َك ْت َم ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫‪8-8‬عدَ ُم‬
‫بالمسؤولي ِة(((‪.‬‬
‫َّ‬ ‫عور‬‫الش ِ‬ ‫‪9-9‬عدَ ُم ُّ‬

‫أسباب الفتور‪:‬‬
‫كر ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫الغفلة عن ِذ ِ‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫العبادة‪.‬‬ ‫‪2-2‬ال َّتشدُّ ُد في‬
‫ِ‬
‫باألشخاص‪ ،‬وال َّتع ُّل ُق بهم‪.‬‬ ‫داء‬‫ِ‬
‫‪3-3‬االقت ُ‬
‫‪4-4‬ال َّتع ُّل ُق بالدُّ نيا وزينتِها‪.‬‬
‫ِ‬
‫اآلخرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموت والدَّ ِار‬ ‫ذك ِر‬
‫‪5-5‬ق َّل ُة َت ُّ‬
‫عف في ال َّت ِ‬
‫ربية(((‪.‬‬ ‫الض ُ‬
‫‪َّ 6-6‬‬

‫عالج ال ُفتور‪:‬‬
‫وسائل ِ‬
‫‪1-‬الدُّ عاء بالث ِ‬
‫َّبات على الدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والمساء‪.‬‬ ‫الص ِ‬
‫باح‬ ‫ِ‬ ‫مع االلتزا ِم‬ ‫ِ‬
‫بأذكار َّ‬ ‫ذكر الله‪َ ،‬‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫الص ُ‬
‫الحة‪.‬‬ ‫الر ُ‬
‫فقة َّ‬ ‫‪ُّ 3-3‬‬
‫ِ‬
‫االستغفار‪.‬‬ ‫‪4-4‬كثر ُة‬

‫((( ((الفتور)) لناصر العمر (ص‪.)39 :‬‬


‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)169/3‬‬
‫((( ((الفتور)) لناصر العمر (ص‪.)37 :‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (ص‪.)71 :‬‬
‫‪458‬‬
‫روتُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اإلكثار ِم َن ال َّن ِ‬
‫وافل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬

‫تور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خاتمة َمن أصا َبه ُ‬ ‫الع َظ ُة ِمن‬
‫‪ِ 6-6‬‬
‫الف ُ‬
‫ِ‬
‫القيامة‪.‬‬ ‫‪7-7‬ال َّت ُّ‬
‫فك ُر في يو ِم‬

‫‪459‬‬
‫روجُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الفُجور‬

‫مع َنى ال ُفجور‪:‬‬


‫والفاجر‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫الفسق َ ِ‬
‫ِ‬
‫المائ ُل(((‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يل‪.‬‬ ‫وأص ُله َ‬
‫الم ُ‬ ‫والكذب‪ْ .‬‬ ‫جور ُلغ ًة‪ْ :‬‬ ‫ُ‬
‫الف ُ‬
‫ٍ‬ ‫االنبعاث في المعاصي ِ‬
‫ُ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫جور‬ ‫ُ‬
‫جامع‬
‫ٌ‬ ‫اسم‬
‫بغير اكتراث‪ .‬وقيل‪ٌ :‬‬ ‫ً‬ ‫الف ُ‬
‫ِ‬
‫واالنطالق إلى المعاصي(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الفساد‪،‬‬ ‫يل إلى‬‫الم ِ‬ ‫ِّ‬
‫شر‪ ،‬أي‪َ :‬‬
‫لكل ٍّ‬
‫سق وال ُفجور‪:‬‬ ‫ُ ْ‬
‫الفرق بي ال ِف ِ‬
‫ُ‬
‫االنبعاث في المعاصي‬ ‫جور‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫بكبيرة‪ُ ،‬‬ ‫طاعة ِ‬
‫ِ‬ ‫الخروج ِمن‬ ‫ِ‬
‫الف ُ‬
‫والف ُ‬ ‫الله‬ ‫ُ‬ ‫سق هو‬
‫وس ُع فيها(((‪.‬‬
‫وال َّت ُّ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عنه يف ال ُق ِ‬


‫رآن ُّ‬ ‫ذم الفجور َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ [ص‪.]28 :‬‬

‫عز َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮊ [االنفطار‪:‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫‪.]14 ،13‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ ‪-‬وعن عبد الله َر َ‬
‫وإن البِ َّر َي ْهدي إلى الج َّن ِة‪،‬‬
‫دق َي ْهدي إلى البِ ِّر‪َّ ،‬‬
‫الص َ‬ ‫دق؛ َّ‬
‫فإن ِّ‬ ‫بالص ِ‬ ‫((ع َل ُ‬
‫يكم ِّ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)34/2‬‬


‫((( ((النهاية)) البن األثير (‪.)413/3‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)397 :‬‬
‫‪460‬‬
‫روجُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫دق ح َّتى يكتَب ِعندَ ِ‬


‫الله ِصدِّ ي ًقا‪ .‬وإ َّي ُاكم‬ ‫الص َ‬ ‫وما َي ُ‬
‫ُ َ‬ ‫الر ُج ُل َيصدُ ُق و َي َّ‬
‫تحرى ِّ‬ ‫زال َّ‬
‫ار‪ ،‬وما َي ُ‬
‫زال‬ ‫جور َي ْهدي إلى ال َّن ِ‬ ‫وإن ُ‬ ‫الف ِ‬
‫جور‪َّ ،‬‬ ‫فإن ِ‬
‫الكذ َب َي ْهدي إلى ُ‬ ‫ِ‬
‫والكذ َب؛ َّ‬
‫الف َ‬
‫الكذب ح َّتى يكتَب ِعندَ ِ‬
‫الله َك َّذا ًبا))(((‪.‬‬ ‫كذب ويتحرى ِ‬‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫الر ُج ُل َي ُ َ َ َّ‬
‫َّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم إذا اجت ََهد‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪(( :‬كان ال َّن ُّ‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن ٍ‬
‫أنس َر َ‬
‫َ‬
‫صومون‬ ‫قومون ال َّل َ‬
‫يل و َي‬ ‫َ‬ ‫يكم َصال َة َقو ٍم َأبرار‪َ ،‬ي‬ ‫الله ع َل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ألحد في الدُّ عاء قال‪َ :‬ج َعل ُ‬
‫ال َّنهار‪َ ،‬ل ْيسوا َبأ َث َم ٍة وال ُف َّجار))(((‪.‬‬

‫ضار الفجور‪:‬‬
‫َم ُّ‬
‫ار‪.‬‬ ‫الموص ِ‬
‫لة إلى ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫رق‬ ‫جور ِم َن ُّ‬
‫الط ِ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫الف ُ‬
‫س ودناءتِها‪.‬‬ ‫دليل على ِخ َّس ِة ال َّن ْف ِ‬ ‫جور ٌ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الف ُ‬
‫ِ‬
‫لكراهية صاحبِه‪.‬‬ ‫جور خ ُل ٌق َيدْ عو‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫الف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫جتمعِ‪.‬‬ ‫جور قد ُتلح ُق األ َذى باألفراد ُ‬
‫والم َ‬ ‫داعيات ُ‬
‫ُ‬ ‫‪َ 4-4‬ت‬

‫السلف والعلما ِء يف الفجور‪:‬‬


‫أقوال َّ‬
‫الح ِ‬
‫مق‬ ‫حم ُق ُ‬ ‫س ال ُّت َقى‪َ ،‬‬
‫وأ َ‬ ‫عنهما‪(َ :‬أك َي ُس َ‬
‫الك ْي ِ‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬
‫علي َر َ‬
‫بن ٍّ‬
‫الحس ُن ُ‬
‫‪1-‬قال َ‬
‫جور)(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الف ُ‬
‫المؤ ِم َن َي َرى ُذنو َبه كأ َّنه قاعدٌ‬
‫(إن ْ‬‫الله عنه موقو ًفا‪َّ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وعن ِ‬
‫ابن مسعود َر َ‬ ‫‪ِ 2-2‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6094‬ومسلم (‪ )2607‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( أخرجه عبد بن حميد في ((المسند)) (‪ ،)1358‬والبزار كما في ((مجمع الزوائد)) (‪،)187/10‬‬
‫وأبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪ ،)34/2‬والضياء في ((األحاديث المختارة)) (‪.)1700‬‬
‫صحح إسناده على شرط مسلم البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (‪ ،)440/6‬واأللباني‬
‫في ((سلسلة األحاديث الصحيحة)) (‪ ،)1810‬وصحح الحديث الوادعي في ((الصحيح‬
‫المسند)) (‪.)97‬‬
‫((( ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص‪.)30 :‬‬
‫‪461‬‬
‫روجُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫باب مر على ِ‬ ‫خاف أن َي َق َع ع َل ِيه‪َّ ،‬‬


‫أنفه فقال‬ ‫كذ ٍ َ َّ‬ ‫الفاجر َيرى ُذنو َبه ُ‬
‫َ‬ ‫وإن‬ ‫تحت ج َب ٍل َي ُ‬‫َ‬
‫به هكذا) أي‪ :‬ب َي ِده َ‬
‫فذ َّب ُه عنه(((‪.‬‬
‫الجاهل‪ ،‬وفِ ِ‬
‫تنة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العابد‬ ‫بالله ِمن فِ ِ‬
‫تنة‬ ‫قال‪َ ( :‬تعو ُذوا ِ‬
‫فيان قال‪ :‬كان ُي ُ‬ ‫‪3-3‬وعن ُس َ‬
‫َّ‬
‫كل م ٍ‬
‫فتون)(((‪.‬‬ ‫فإن فِتنتَهما فِ ُ‬
‫تنة ِّ َ‬ ‫ِ‬
‫الفاجر؛ َّ‬ ‫العالِ ِم‬

‫أسباب الوقوع يف الفجور‪:‬‬


‫بالف ِ‬
‫جور‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموصوف ُ‬ ‫قلب‬ ‫ِ‬
‫اإليمان في ِ‬ ‫ُ‬
‫شاشة‬ ‫‪َ 1-‬ه‬

‫كأن َي َ‬
‫كون‬ ‫ِ‬
‫الفجور؛ ْ‬ ‫قوع في‬
‫الو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الظواه ِر‬ ‫‪2-2‬قد ُتس ِّب ُب ُ‬
‫االجتماعية ُ‬
‫َّ‬ ‫بعض‬
‫نشئة وال َّت ُ‬
‫ربية هي‬ ‫كون ال َّت ُ‬
‫الشرعِ‪ ،‬وقد َت ُ‬ ‫ِ‬
‫بضوابط َّ‬ ‫المجتمع مجتمعا غير منضبِ ٍ‬
‫ط‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ ُ َ ً‬
‫الظ ِ‬
‫اهرة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ظهور هذه َّ‬ ‫بب في‬
‫الس َ‬
‫َّ‬
‫نك ِر‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف‪ ،‬وال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هي عن ُ‬ ‫األمر‬ ‫فريضة‬ ‫غياب‬
‫‪ُ 3-3‬‬

‫غيرة‪ ،‬واستِمراؤُ ها‪.‬‬


‫ساه ُل بالمعاصي الص ِ‬
‫َّ‬ ‫‪4-4‬ال َّت ُ‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على اج ِتناب ال ُف ِ‬
‫جور‪:‬‬
‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬ ‫‪1-‬تقوى ِ‬
‫الله َّ‬ ‫َ‬

‫الف َّج ِار‪.‬‬ ‫نك ِر‪ ،‬واالحتِ ِ‬


‫ساب على ُ‬ ‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫بالمعروف‪ ،‬وال َّن ِ‬
‫هي عن ُ‬ ‫األمر‬ ‫ِ‬
‫فريضة ِ‬ ‫قيام‬
‫‪ُ 2-2‬‬

‫ار؛ ِمن ُمناصحتِهم‪،‬‬


‫الف َّج ِ‬
‫عام ِل مع هؤالء ُ‬
‫بوي في ال َّت ُ‬ ‫اله ِ‬
‫دي ال َّن ِّ‬ ‫خدام َ‬
‫ِ‬
‫‪3-3‬است ُ‬
‫وه ِ‬
‫جرهم‪ ،‬و َتج ُّنبِهم‪.‬‬ ‫َ‬

‫وش ْع ٌر يف ال ُفجور‪:‬‬ ‫ٌ‬


‫وأمثال ِ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )6308‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم (‪.)2744‬‬


‫((( أخرجه أبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪ ،)36/7‬والبيهقي في ((شعب اإليمان)) (‪.)1896‬‬
‫‪462‬‬
‫روجُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫فتر ِ‬
‫قان أبدً ا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫واثنان ال َي ِ‬ ‫نوع‪ ،‬والحسدُ ‪.‬‬ ‫عان‪ُ :‬‬
‫الق ُ‬ ‫(اثنان ال ي ِ‬
‫جتم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬كان ُي ُ‬
‫قال‪:‬‬
‫َ‬
‫جور)(((‪.‬‬ ‫رص‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والف ُ‬ ‫الح ُ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة في‬ ‫وشر الدُّ نيا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واآلخرة في َخصلت ِ‬
‫َين‪ :‬ال ُّتقى والغنَى‪ُّ .‬‬ ‫(خير الدُّ نيا‬
‫ ‪ُ -‬‬
‫ِ‬
‫والفقر)(((‪.‬‬ ‫الف ِ‬
‫جور‪،‬‬ ‫َخصلت ِ‬
‫َين‪ُ :‬‬

‫تفر ُع ال َّن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬


‫الحس ُب‬
‫ذالة‪َ :‬‬ ‫(عشْ ُر خصال ُت ْزري‪ ،‬ومنها َت َّ‬ ‫األدب‪َ :‬‬ ‫أهل‬
‫بن‪،‬‬
‫والج ُ‬
‫س‪ُ ،‬‬ ‫الفعل‪ ،‬ودناء ُة ال َّن ْف ِ‬
‫ِ‬ ‫وسوء‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫العقل‪،‬‬ ‫نيء‪ ،‬وق َّل ُة‬‫ديء‪ ،‬والخ ُل ُق الدَّ ُ‬
‫الر ُ‬ ‫َّ‬
‫قيعة فيهم)(((‪.‬‬‫والو ُ‬ ‫والكذب‪ِ ،‬‬
‫والغ ُّش لل َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫خل‪ُ ،‬‬ ‫وال ُب ُ‬
‫اس َ‬ ‫ُ‬ ‫جور‪،‬‬
‫والف ُ‬
‫الله تعالى عنه‪:‬‬
‫ضي ُ‬ ‫يل َر َ‬ ‫بن َع ِ‬
‫مرو ِ‬
‫بن ُن َف ٍ‬ ‫ ‪-‬قال زيدُ ُ‬
‫جـــور‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫جـــال كان شـــأن َُه ُم ال ُف‬‫ِر‬ ‫بـــأن اللـــ َه َأفنَـــى‬
‫َّ‬ ‫ألـــم تَع َل ْ‬
‫ـــم‬

‫الح َك ِم‪:‬‬
‫بن َ‬ ‫ ‪-‬وقال َم ْر ُ‬
‫وان ُ‬
‫(((‬
‫األصابع‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫جـــور‬‫ُشـــير إليهم بال ُف‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫بســـلبِ ِهم‬ ‫عر َ‬
‫فون َ‬ ‫ٌ‬
‫أهـــل ُي َ‬ ‫ـــر‬ ‫َّ‬
‫وللش ِّ‬

‫((( ((البصائر والذخائر)) للتوحيدي (‪.)132/9‬‬


‫((( ((نثر الدر في المحاضرات)) لآلبي(‪(( ،)136/4‬التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)62/1‬‬
‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)203/1‬‬
‫((( ((تعليق من أمالي ابن دريد)) البن دريد األزدي (ص‪.)136 :‬‬
‫‪463‬‬
‫ل‬
‫ةءاذَباو ُشحُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الفُ حشُ والبَذاءة‬

‫مع َنى ال ُف ِ‬
‫حش والبذاءة‪:‬‬
‫ِ‬
‫والفاح ُ‬
‫شة‪:‬‬ ‫حشاء‬‫حش وال َف‬ ‫فاحش(((‪ُ ،‬‬
‫والف ُ‬ ‫ٌ‬ ‫جاو َز حدَّ ُه فهو‬ ‫ٍ‬ ‫حش ُلغ ًة‪ُّ :‬‬
‫ال ُف ُ‬
‫ُ‬ ‫كل شيء َ‬
‫ِ‬
‫الفواح ُ‬
‫ش(((‪.‬‬ ‫وج ْم ُعها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القبيح ِم َن‬
‫والفعل‪َ ،‬‬ ‫القول‬ ‫ُ‬
‫اهرة‪ ،‬كما ي ِ‬
‫الظ ِ‬ ‫ِ‬
‫األعمال َّ‬ ‫ِ‬ ‫بع ِمن‬ ‫كر ُهه َّ‬ ‫الف ُ‬ ‫ُ‬
‫نك ُره‬ ‫ُ‬ ‫رذائل‬ ‫الط ُ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ما َي َ‬
‫ً‬ ‫حش‬
‫ِ‬
‫والعقل‬ ‫َّالث‪ِ ،‬م َن َّ‬
‫الشر ِع‬ ‫آيات ِ‬
‫الله الث ُ‬ ‫كمه ُ‬ ‫رع؛ في َّت ِف ُق في ح ِ‬
‫ُ‬ ‫الش ُ َ‬‫العقل‪ ،‬و َيستخبِ ُثه َّ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫الفعل(((‪.‬‬ ‫فح ُ‬
‫ش‬ ‫َّ‬
‫والطبعِ‪ ،‬وبذلك َي ُ‬
‫سان‪ ،‬والمرأ ُة ب ِذي ٌة‪ِ ...‬من الب ِ‬
‫الن ب ِذ ُّي ال ِّل ِ‬ ‫ال َبذاء ُة ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫الكالم‬
‫ُ‬ ‫ذاء‪ ،‬وهو‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫حش‪ .‬و ُف ٌ َ‬
‫الف ُ‬
‫القبيح(((‪.‬‬
‫ُ‬
‫بارات الص ِ‬
‫ِ‬ ‫حة‪ِ ،‬‬‫األمور المستقب ِ‬
‫ريحة(((‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫بالع‬ ‫ِ ُ َ‬ ‫عبير ِ‬
‫عن‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال َّت ُ‬
‫ً‬ ‫ال َبذاء ُة‬

‫تم(((‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫الفرق ْ‬


‫بي ال ُف ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫بح والش ِ‬
‫حش والق ِ‬
‫رد قبيح الص ِ‬ ‫القبح في الصو ِر‪ ،‬في ُ ِ‬
‫ورة‪،‬‬ ‫قال‪ :‬الق ُ ُ ُّ‬ ‫ُّ َ ُ‬ ‫ستعم ُل ُ ُ‬
‫بح‪ ،‬و ُي َ‬ ‫الشديدُ ُ‬
‫الق ِ‬ ‫ُ‬
‫الفاحش‪َّ :‬‬
‫ول‪ُّ ،‬‬‫الط ِ‬
‫فاحش ُّ‬
‫ُ‬ ‫فاحش ُ‬
‫ُ‬ ‫ش الص ِ‬
‫ورة‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫وال ُي ُ‬
‫وكل‬ ‫بح‪ ،‬وهو‬ ‫الق ِ‬ ‫قال‪ :‬هو‬ ‫قال‪ :‬فاح ُ ُّ‬

‫((( ((مختار الصحاح)) للرازي (ص‪.)234 :‬‬


‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)325/6‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعريف)) للمناوي (ص‪.)257 :‬‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)69/14‬‬
‫((( ((الكليات)) للكفوي (ص‪.)243 :‬‬
‫((( ((مفيد العلوم ومبيد الهموم)) للخوارزمي (ص‪(( ،)225 :‬الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)367 :‬‬
‫‪464‬‬
‫ل‬
‫ةءاذَباو ُشحُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫القبيح‪.‬‬ ‫فاحش‪ ،‬وليس كذلك‬‫ٌ‬ ‫جاوز ًة شديد ًة فهو‬ ‫ِ‬ ‫جاو َز حدَّ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫االعتدال ُم َ‬ ‫شيء َ‬
‫والشتم أن ي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عن الم َ ِ ِ ٍ‬
‫نس َب واحدً ا إلى‬ ‫َ‬ ‫باشرة بعبارة قبيحة‪ُ َّ ،‬‬ ‫حش أن ُيع ِّب َر ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫والف ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ذم ال ُف ِ‬
‫حش وال َبذاء ِة يف القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﮊ [النساء‪.]148 :‬‬
‫عز ِمن ٍ‬
‫قائل‪ :‬ﮋﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮊ‬
‫[األعراف‪.]33 :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬
‫الله‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫ش‪ ،‬وال الب ِ‬ ‫ِ‬
‫الفاح ِ‬ ‫ان‪ ،‬وال ال َّلع ِ‬
‫بالطع ِ‬ ‫ع َل ِيه وس َّلم‪(( :‬ليس ْ ِ‬
‫ذيء))(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ان‪ ،‬وال‬ ‫َّ‬ ‫المؤم ُن َّ َّ‬ ‫َ‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬ ‫ِ‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي الدَّ ْرداء َر َ‬
‫وإن الل َه َلي ِ‬
‫يامة ِمن ُخ ُل ٍق َح َس ٍن‪َّ ،‬‬ ‫الق ِ‬
‫المؤ ِم ِن يوم ِ‬ ‫ِ‬
‫ض‬‫بغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يء َأث َق ُل في ميزان ْ َ َ‬ ‫((ما َش ٌ‬
‫ِ‬
‫الفاح َ‬
‫ش ال َبذي َء))(((‪.‬‬

‫ذم ال ُف ِ‬
‫حش وال َبذاء ِة(((‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫المؤ ِم ِن‪ُ :‬‬
‫الف ُ‬
‫حش)‪.‬‬ ‫(أ ْ َ‬
‫ل ُم ُخ ُل ِق ْ‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬قال عبدُ الله ُ‬
‫بن مسعود َر َ‬

‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)1977‬وابن حبان (‪ .)192‬قال الترمذي‪ :‬حسن غريب‪ .‬وصححه على‬
‫شرط الشيخين الحاكم في ((المستدرك)) (‪ ،)57/1‬وصحح إسناده العراقي في ((تخريج‬
‫اإلحياء)) (ص‪.)1010 :‬‬
‫((( أخرجه من طرق أبو داود (‪ ،)4799‬والترمذي (‪ )2002‬واللفظ له‪.‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)2002‬‬
‫((( ((الصمت)) البن أبي الدنيا (ص‪.)185 ،89 :‬‬
‫‪465‬‬
‫ل‬
‫ةءاذَباو ُشحُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫حش والبذا َء ِم َن الن ِ‬


‫ِّفاق‪،‬‬ ‫الف َ‬‫إن ُ‬ ‫الله قال‪َ :‬‬
‫(أل َّ‬ ‫رحمه ُ‬ ‫الله ِ‬ ‫عبد ِ‬ ‫بن ِ‬ ‫ ‪-‬وعن َع ِ‬
‫ون ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫مما َي ِز ْد َن في الدُّ نيا و َي ُنق ْص َن في اآلخرة‪ ،‬وما َي ُنق ْص َن في اآلخرة َأك َث ُر َّ‬
‫مما‬ ‫وه َّن َّ‬
‫ُ‬
‫َي ِز ْد َن في الدُّ نيا)‪.‬‬

‫دوأِ الدَّ ِاء؟ ال ِّل ُ‬


‫سان‬ ‫خبر ُكم َبأ َ‬
‫(أو َل ُأ ِ‬
‫الله‪َ :‬‬
‫يس ِ‬
‫رحمه ُ‬ ‫بن َق ٍ‬ ‫ ‪-‬وقال َ‬
‫األحن ُ‬
‫َف ُ‬
‫والخ ُل ُق الدَّ ُ‬
‫نيء)‪.‬‬ ‫ذيء‪ُ ،‬‬
‫ال َب ُ‬
‫ضار ُهما‪:‬‬
‫وم ُّ‬ ‫آثا ُر ال ُف ِ‬
‫حش وال َبذا ِء َ‬
‫ِ‬
‫واآلخرة‪.‬‬ ‫ستح ُّق العقوب َة ِمن ِ‬
‫الله في الدُّ نيا‬ ‫حش أو قائ ُله ي ِ‬
‫الف ِ‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫فاعل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫شر لسانِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اس؛ خو ًفا من ِّ‬
‫‪َ 2-2‬يتحاشا ُه ال َّن ُ‬
‫ِّفاق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عالمات الن ِ‬ ‫حش ِمن‬ ‫ذاء ُ‬
‫والف ُ‬ ‫‪3-3‬ال َب ُ‬
‫ذاء‪.‬‬ ‫الف ُ‬
‫حش وال َب ُ‬
‫ِ‬
‫اإليمان ُ‬ ‫ِ‬
‫الكامل‬ ‫المؤ ِم ِن‬
‫فات ْ‬‫‪4-4‬ليس ِمن ِص ِ‬

‫شي ِ‬
‫بغ ُضه ُ‬
‫الله‪.‬‬ ‫تفح ُ ُ‬
‫الم ِّ‬ ‫ُ‬
‫الفاحش ُ‬ ‫‪5-5‬‬

‫اس‪.‬‬ ‫الله‪ِ ،‬‬


‫وم َن ال َّن ِ‬ ‫كون بعيدً ا ِم َن ِ‬
‫الفاحش َي ُ‬
‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على َت ْرك الفحش وال َبذاء ِة‪:‬‬
‫كر ِ‬
‫الله تعالى‪.‬‬ ‫‪1-‬أن ُيكثِ َر ِمن ِذ ِ‬

‫مت‪.‬‬
‫الص َ‬
‫‪2-2‬أن َيلزَ َم َّ‬
‫ِ‬
‫الجميل‪.‬‬ ‫‪3-3‬تعويدُ ال ِّل ِ‬
‫سان على الكال ِم‬
‫وإن كانت ِصد ًقا‪ ،‬و َي ْكني ً‬
‫بدل‬ ‫المستق َبح َة ْ‬ ‫َ‬
‫األلفاظ ُ‬ ‫‪4-4‬أن َيتج َّن َب في عباراتِه‬
‫عنها(((‪.‬‬

‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)284 :‬‬


‫‪466‬‬
‫ل‬
‫ةءاذَباو ُشحُفلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫‪5-5‬أن ال َيتحدَّ َث فيما ال َيعنِ ِيه‪.‬‬


‫ِ‬
‫واألماكن‪.‬‬ ‫‪6-6‬أن ال َيعتا َد َل ْع َن الدَّ ِّ‬
‫واب‬
‫ِ‬
‫الحياء‪.‬‬ ‫بخ ِ‬
‫لق‬ ‫‪7-7‬ال َّتخ ُّل ُق ُ‬

‫ومجا َلس ُتهم‪.‬‬ ‫ِ‬


‫األخيار ُ‬ ‫صاح ُبة‬
‫‪ُ 8-8‬م َ‬

‫بة لل ُف ِ‬
‫حش وال َبذا َءة(((‪:‬‬ ‫األسباب اجلا ِل ُ‬
‫ُ‬
‫بث وال ُّل ُ‬
‫ؤم‪.‬‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫الخ ُ‬
‫ِ‬
‫اإليذاء‪.‬‬ ‫قصدُ‬
‫‪ْ 2-2‬‬
‫الفس ِ‬ ‫ِ‬
‫اق‪.‬‬ ‫االعتياد على ُمخا َلطة ُ َّ‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬‬

‫َذ ُّم ال ُف ِ‬
‫حش وال َبذاء ِة يف ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫يد ِ‬ ‫لحة بن ُعب ِ‬
‫الله‪:‬‬ ‫قال َط ُ ُ َ‬
‫ٍ‬
‫أحـــد ب ُظ ْل ٍم‬ ‫َعج ْ‬
‫خيـــم‬
‫ُ‬ ‫فـــإن ال ُّظ ْل َ‬
‫ـــم َمر َت ُعـــ ُه َو‬ ‫َّ‬ ‫ـــل علـــى‬ ‫فال ت َ‬
‫ُ (((‬
‫َ‬
‫حـــش لو ُم‬ ‫فـــإن ال ُف‬
‫َّ‬ ‫على ٍ‬
‫أحد‬ ‫وإن ُم ِّل ْئ َ‬
‫ـــت َغي ًظـــا‬ ‫وال ُت ْف ِح ْ‬
‫ـــش ْ‬

‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪(( ،)284 :‬آفات اللسان)) إلبراهيم المشوخي‬
‫(ص‪.)109 -108 :‬‬
‫((( ((الحلم)) البن أبي الدنيا (ص‪.)73 :‬‬
‫‪467‬‬
‫ةظاظَفلاو ُةظلِغلاو ُةوسَقلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والغلظ ُة وال َ‬
‫فظاظة‬ ‫ِ‬ ‫ال َ‬
‫قسو ُة‬

‫ظاظة‪:‬‬
‫ِ‬ ‫لظة َ‬
‫والف‬ ‫مع َنى َ‬
‫القسو ِة وال ِغ ِ‬
‫ٍ‬
‫شيء‪ .‬و َق َسا قل ُبه َقسو ًة و َقساو ًة و َقسا ًء‪ ،‬وهي ِغ َل ُظ‬ ‫البة في ِّ‬
‫كل‬ ‫الص ُ‬‫ال َقسو ُة ُلغ ًة‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫القلب وشدَّ ُته(((‪.‬‬
‫ين والر ِ‬
‫حمة ُ‬
‫والخشو ِع منه(((‪.‬‬ ‫هاب ال ِّل ِ َّ‬
‫اصطالحا‪َ :‬ذ ُ‬
‫ً‬ ‫ال َقسو ُة‬
‫ِ‬ ‫الر َّق ِة في ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يش(((‪.‬‬ ‫والمنط ِق َ‬
‫والع ِ‬ ‫ِ‬
‫والفعل َ‬ ‫لق َّ‬
‫والطب ِع‬ ‫الخ ِ‬ ‫الغلظ ُة ُلغ ًة‪ :‬الغ َل ُظ ضدُّ ِّ‬
‫ِ‬
‫للخير(((‪.‬‬ ‫إشفاقه‪ ،‬وعدَ ُم انفعالِه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القلب‪ ،‬وق َّل ُة‬ ‫اصطالحا‪َ :‬قساو ُة‬ ‫ِ‬
‫الغلظ ُة‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫جه ٌم‪ ،‬وال َف ُ‬
‫ظاظة‬ ‫ال َفظاظ ُة ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫رج ٌل َف ٌّظ ُذو َفظاظة‪ :‬أي‪ :‬فيه غ َل ٌظ في َمنطقه و َت ُّ‬
‫وال َف َظ ُظ‪ُ :‬خ ُ‬
‫شونة الكال ِم(((‪.‬‬
‫الخ ِش ُن الكال ِم(((‪.‬‬ ‫الخ ِ‬
‫لق‪ ،‬القاسي َ‬ ‫الس ِّي ُئ ُ‬ ‫ِ‬
‫الجانب‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫الغليظ‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال َف ُّظ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ال َفظاظ ُة‬
‫الصفات(((‪:‬‬
‫وبعض ِّ‬
‫ِ‬ ‫لظة َ‬
‫والفظاظة‬ ‫َ‬
‫الف ْر ُق بني ال ِغ ِ‬
‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪.)180/15‬‬
‫((( ((المصدر السابق))‪.‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)449/7‬‬
‫((( ((فتح القدير)) للشوكاني (‪.)451/1‬‬
‫((( ((العين)) للخليل (‪.)153/8‬‬
‫((( ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص‪.)697 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪(( ،)429 :‬طلبة الطلبة)) للنسفي (‪(( ،)316/3‬زاد المسير))‬
‫البن الجوزي (ص‪(( ،)340 :‬تفسير الرازي)) (‪(( ،)407/9‬تفسير ابن عبد السالم)) لعز الدين‬
‫ابن عبد السالم (ص‪(( ،)697 :‬الروح)) البن القيم (‪.)241/1‬‬
‫‪468‬‬
‫ةظاظَفلاو ُةظلِغلاو ُةوسَقلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الف ْر ُق بني ال ِغلظة َ‬


‫والفظاظة‪:‬‬ ‫•• َ‬

‫السال ِم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬


‫البعض أ َّنهما بمعنًى واحد‪ ،‬كما قال الع ُّز ُ‬
‫بن عبد َّ‬ ‫َيرى‬
‫فان ِمن و ٍ‬
‫جوه‪:‬‬ ‫ختل ِ‬
‫رون أ َّنهما َي ِ‬
‫آخ َ‬‫ويرى َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الله عنهما‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫عب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫القول‪ِ ،‬‬
‫والغلظ َة في‬ ‫ِ‬ ‫أن ال َفظاظ َة في‬
‫َّ‬
‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫الفعل‪ ،‬كما قال ُ‬
‫ٍ‬
‫شيء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫القلب‪ :‬هو ا َّلذي ال َيتأ َّث ُر قل ُبه عن‬ ‫ُ‬
‫وغليظ‬ ‫ال َف ُّظ‪ :‬هو س ِّي ُئ الخ ُل ِق‪،‬‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫لظة‪َ :‬قسو ُة‬ ‫القلب‪ِ ،‬‬
‫والغ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫خشونة‬ ‫ال َف ُ‬
‫ظاظة‪:‬‬

‫البة‪:‬‬
‫والص ِ‬
‫القسو ِة َّ‬ ‫•• َ‬
‫الف ُ‬
‫رق بني َ‬

‫وإن لم َي ُك ْن‬
‫القلب ْ‬
‫ُ‬ ‫يوص ُف بها‬
‫العالج؛ ولهذا َ‬
‫َ‬ ‫ستعم ُل فيما ال َيق َب ُل‬
‫ال َقسو ُة‪ُ :‬ت َ‬
‫ُصل ًبا‪.‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫ظاظة يف ال ُقرآن ُّ‬
‫ِ‬ ‫لظة َ‬
‫والف‬ ‫َذ ُّم َ‬
‫القسو ِة وال ِغ ِ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ [البقرة‪.]74 :‬‬
‫ُ‬
‫الموعظة(((‪.‬‬ ‫عدي‪ :‬ﮋﮗ ﮘﮊ أي‪ :‬اشتَدَّ ْت وغ ُل َظ ْت‪ْ ،‬‬
‫فلم تؤ ِّث ْر فيها‬ ‫الس ُّ‬
‫ ‪-‬قال َّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧﭨ ﭩ ﭪﮊ [آل عمران‪.]159 :‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم ِ‬
‫بيده‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫أشار ال َّن ُّ‬
‫الله عنه قال‪َ :‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي مسعود َر َ‬
‫وغ َل َظ ُ‬
‫الق ِ‬
‫لوب في‬ ‫وإن ال َقسو َة ِ‬
‫ين‪َ ،-‬أل َّ‬ ‫‪-‬مر َت ِ‬ ‫ُ‬ ‫نحو ال َي ِ‬
‫هاهنا َّ‬
‫((اإليمان ُ‬ ‫من‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫َ‬

‫((( ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان)) للسعدي (ص‪.)55 :‬‬
‫‪469‬‬
‫ةظاظَفلاو ُةظلِغلاو ُةوسَقلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫ِ‬ ‫ادين ‪-‬حيث َيط ُل ُع َق ْر َنا َّ‬


‫ال َفدَّ َ‬
‫الشيطان‪ -‬ربيع َة ُ‬
‫وم َض َر))(((‪.‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫الله عنه‪ ،‬أ َّنه سمع ال َّن َّ‬
‫ضي ُ‬ ‫هب َر َ‬ ‫بن َو ٍ‬‫ ‪-‬وعن حارث َة ِ‬
‫ف‪ ،‬لو َأقسم على ِ‬ ‫تضع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أهل الج َّن ِة؟ ُّ‬ ‫((أل َأ ُد ُّل ُكم على ِ‬
‫يقول‪َ :‬‬
‫ُ‬
‫الله‬ ‫َ َ‬ ‫كل َضعيف ُم َ ِّ‬
‫كل جو ٍ‬
‫اظ ُع ُت ٍّل ُمستكبِ ٍر))(((‪.‬‬ ‫أهل ال َّن ِ‬ ‫ََ‬
‫ل َب َّر ُه‪ .‬وقال‪ُ :‬‬
‫ار ُّ َ َّ‬
‫للخ ِ‬
‫لق)(((‪.‬‬ ‫الغليظ‪ ،‬ا َّلذي ال َي ِل ُ‬
‫ين للحقِّ ‪ ،‬وال َ‬ ‫ُ‬ ‫(فالع ُت ُّل‪َّ :‬‬
‫الشديدُ‬ ‫ثيمين‪ُ :‬‬
‫ابن ُع َ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫السلف والعلما ِء يف القسوة‪:‬‬
‫من أقوال َّ‬
‫الع ِ‬
‫ين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫قاوة‪َ :‬قسو ُة‬ ‫(أر َب ٌع ِمن عل ِم َّ‬
‫دينار‪َ :‬‬
‫بن ٍ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫مود َ‬‫وج ُ‬‫القلب‪ُ ،‬‬ ‫مالك ُ‬
‫رص على الدُّ نيا)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األمل‪ ،‬والح ُ‬ ‫وطول‬
‫ِ‬
‫قسوة قلبِه)(((‪.‬‬ ‫عظ َم عليه ِمن‬ ‫ٍ‬
‫بمصيبة َأ َ‬ ‫لي أحدٌ‬ ‫ ‪-‬وقال ُح ُ‬
‫شي‪( :‬ما اب ُت َ‬‫الم ْر َع ُّ‬
‫ذيفة َ‬
‫عد ِ‬
‫عن‬ ‫القلب‪ ،‬والب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قسوة‬ ‫عظ َم ِمن‬ ‫ٍ‬
‫بعقوبة َأ َ‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬ما ُض ِرب عبدٌ‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫القلوب ِمن ِ‬ ‫ِ‬
‫القاسية‪َ ،‬أ َبعدُ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪ُ ،‬خ ِل َق ِ‬
‫ِ‬
‫القلب القاسي)(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الله‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬
‫القلوب‬ ‫إلذابة‬ ‫ت ال َّن ُار‬

‫لظة َ‬
‫والفظاظة(((‪:‬‬ ‫باح ِم َن القسوة وال ِغ ِ‬
‫ما ُي ُ‬
‫ِ‬
‫الجهاد‪.‬‬ ‫‪1-‬في‬
‫أهل ِ‬
‫الك ِ‬
‫تاب‪.‬‬ ‫عتدي ِمن ِ‬
‫الظال ِم الم ِ‬
‫‪ُ 2-2‬مجاد َل ُة َّ‬
‫ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3302‬ومسلم (‪.)51‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6657‬ومسلم (‪.)2853‬‬
‫((( ((كتب ورسائل ابن عثيمين)) مجالس شهر رمضان (ص‪.)155 :‬‬
‫((( ((الزهد وصفة الزاهدين)) البن األعرابي (‪.)47/1‬‬
‫((( ((حلية األولياء)) ألبي نعيم (‪.)168/10‬‬
‫((( ((الفوائد)) البن القيم (‪.)97/1‬‬
‫((( بتصرف من‪(( :‬األذكار)) للنووي (‪(( ،)280/1‬من صفات الداعية مراعاة أحوال المخاطبين))‬
‫لفضل إلهي (ص‪.)180 :‬‬
‫‪470‬‬
‫ةظاظَفلاو ُةظلِغلاو ُةوسَقلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫للض ِ‬
‫رورة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لألجانب َّ‬ ‫ِ‬
‫المرأة‬ ‫‪ُ 3-3‬م َ‬
‫خاط ُبة‬
‫ِ‬
‫الحدود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إقامة‬ ‫‪ِ 4-4‬عندَ‬
‫ناد واالستِ ِ‬
‫هزاء بالدِّ ِ‬
‫ين‪.‬‬ ‫الع ِ‬‫ظهور ِ‬
‫ِ‬ ‫‪5-5‬عند‬
‫دور مخا َل ِ‬
‫الشر ِع لدَ ى َمن ال ُيتو َّق ُع منه ذلك‪.‬‬
‫فة َّ‬ ‫‪6-6‬عند ُب ِ ُ‬
‫لظة(((‪:‬‬
‫لب وال ِغ ِ‬ ‫عالمات َقسو ِة َ‬
‫الق ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫بالقرآن الكري ِم‪.‬‬ ‫‪1-‬عدَ ُم ال َّتأ ُّث ِر‬
‫خشية ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ين‪ ،‬وق َّل ُة د ْم ِعها ِمن‬
‫الع ِ‬
‫مود َ‬
‫‪ُ 2-2‬ج ُ‬
‫ِ‬
‫القبور‪.‬‬ ‫والض ِح ُك ِعندَ‬ ‫ِ‬
‫بالموت‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫االعتبار‬ ‫‪3-3‬عدَ ُم‬

‫القلب القاسي ال َيق َب ُل الحقَّ ْ‬


‫وإن ك ُث َر ْت‬ ‫بول الحقِّ ؛ ِ‬
‫(إذ‬ ‫ِ‬
‫الكبر‪ ،‬وعدَ ُم َق ِ‬
‫ُ‬ ‫‪ُ ْ 4-4‬‬
‫َدالئ ُله)(((‪.‬‬
‫اآلخ َ ِ‬
‫رين من أ ًذى‪َّ ،‬‬
‫والسعاد ُة بذلك‪.‬‬ ‫‪5-5‬عدَ ُم االهتما ِم بما ُي ُ‬
‫صيب َ‬

‫لظة َ‬
‫والفظاظة(((‪:‬‬ ‫آثار قسو ِة القلب وال ِغ ِ‬
‫القصد‪ِ ،‬‬
‫وكالهما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسوء‬ ‫واض ِعه‪ ،‬وذلك ِمن ِ‬
‫سوء ال َفه ِم‬ ‫الك ِل ِم عن م ِ‬
‫تحريف َ‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قسوة‬ ‫ناشئ عن‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪2-2‬نِ ُ‬
‫وعم ًل‪.‬‬ ‫سيان ما ُذ ِّكر به‪ ،‬وهو ْتر ُك ما ُأمر به ع ً‬
‫لما َ‬
‫ِ‬
‫والهالك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المصائب وال ِّن َق ِم‬ ‫ُ‬
‫ونزول‬ ‫‪َ 3-3‬ز ُ‬
‫وال الن َِّع ِم‪،‬‬

‫قوعا‬
‫وو ً‬ ‫ِ‬ ‫وأسرعها َق ً‬
‫بول ُّ‬ ‫ِ‬
‫القلوب إيما ًنا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫للشبهات‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أضعف‬ ‫القلب القاسي‬
‫‪ُ 4-4‬‬

‫((( ُينظر‪(( :‬إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪(( ،)484/4‬فيض القدير)) للمناوي (‪ )122/1‬و(‪.)482/4‬‬
‫((( ((فيض القدير)) للمناوي (‪.)122/1‬‬
‫((( انظر ((شفاء العليل)) البن القيم (‪.)106/1‬‬
‫‪471‬‬
‫ةظاظَفلاو ُةظلِغلاو ُةوسَقلا‬ ‫األخالق المحمودة‬

‫والض ِ‬
‫الل‪.‬‬ ‫الف ِ‬
‫تنة َّ‬ ‫في ِ‬

‫وعقابِه‪.‬‬‫الله وسخطِه ِ‬ ‫لعنة ِ‬


‫واستحقاق ِ‬
‫ِ‬ ‫الل‪،‬‬ ‫الض ِ‬
‫سبب في َّ‬
‫َ‬ ‫‪ٌ 5-5‬‬
‫ِ‬
‫بالمعروف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫وتر ُك‬ ‫ِ‬ ‫عن َّ ِ‬ ‫تور ِ‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫حرمات‪ْ ،‬‬ ‫الم َّ‬
‫قوع في ُ‬ ‫والو ُ‬
‫الطاعة‪ُ ،‬‬ ‫الف ُ‬
‫نك ِر‪.‬‬
‫الم َ‬‫عن ُ‬ ‫هي ِ‬ ‫وال َّن ِ‬
‫ُ‬
‫والكآبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوجه‪،‬‬ ‫بوس‬ ‫ُ‬ ‫الو ُ‬
‫وع ُ‬
‫ائم‪ُ ،‬‬‫والخوف الدَّ ُ‬ ‫حشة‪،‬‬ ‫‪َ 7-7‬‬
‫ِ‬
‫والبغضاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الكراهية‬ ‫يوع‬ ‫القلوب‪ُ ،‬‬‫ِ‬ ‫‪8-8‬ال َّتنا ُف ُر ْبين‬
‫وش ُ‬
‫لظة َ‬
‫والفظاظة(((‪:‬‬ ‫القلب وال ِغ ِ‬
‫أسباب قسو ِة ِ‬
‫ُ‬
‫وني ِة‪.‬‬ ‫القرآن‪ ،‬وال َّت ُّأم ِل في آياتِه َ‬
‫الك َّ‬
‫ِ‬ ‫كر ِ‬
‫الله‪ ،‬وتد ُّب ِر‬ ‫الغفلة عن ِذ ِ‬
‫ُ‬ ‫‪1-‬‬
‫‪2-2‬كثر ُة المعاصي‪.‬‬
‫هاك المحر ِ‬‫ِ‬
‫مات‪.‬‬ ‫الفرائض‪ ،‬وانت ُ ُ َّ‬
‫ِ‬ ‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫فريط في‬
‫واالنهماك في ط َلبِها والمنا َف ِ‬
‫سة عليها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫االنشغال بالدُّ نيا‪،‬‬ ‫‪4-4‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األمل وال َّتمنِّي‪.‬‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫طول‬
‫ِ‬
‫المباحات‪.‬‬ ‫ذموم في‬
‫الم ُ‬ ‫وس ُع َ‬ ‫‪6-6‬ال َّت ُّ‬
‫ٍ‬
‫صلحة‪.‬‬ ‫اس في ِ‬
‫غير َم‬ ‫‪7-7‬كثر ُة مخا َل ِ‬
‫طة ال َّن ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واإلحسان إليهم‪.‬‬ ‫بالخ ِ‬
‫لق‪،‬‬ ‫حمة َ‬ ‫‪8-8‬عدَ م الر ِ‬
‫ُ َّ‬
‫لظة وال َفظاظة‪:‬‬ ‫ص ِمن َقسو ِة ال َق ِ‬
‫لب وال ِغ ِ‬ ‫الت ُّ‬
‫خل ِ‬ ‫ال َوسائل املُ ِعين ُة على َّ‬
‫عاء‪.‬‬
‫‪1-‬الدُّ ُ‬
‫القرآن‪ ،‬و َتد ُّب ُر آياتِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪2-2‬قراء ُة‬

‫((( ُينظر‪(( :‬إحياء علوم الدين)) ألبي حامد الغزالي‪(( ،‬عمدة القاري)) للعيني (‪(( ،)274/15‬فيض‬
‫القدير)) للمناوي (‪(( ،)417/5‬بريقة محمودية)) ألبي سعيد الخادمى (‪.)97/4‬‬
‫‪472‬‬
‫ةظاظَفلاو ُةظلِغلاو ُةوسَقلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬‫كر ِ‬ ‫اإلكثار ِمن ِذ ِ‬ ‫‪3-3‬‬
‫ُ‬
‫االستغفار وال َّت ِ‬
‫وبة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلكثار ِم َن‬ ‫‪4-4‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القبور‪.‬‬ ‫الموت‪ ،‬وزيار ُة‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 5-5‬ت ُّ‬
‫ذك ُر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫ومجا َلس ُتهم‪ ،‬وقراء ُة س َي ِر َّ‬
‫السلف َّ‬ ‫حين‪ُ ،‬‬ ‫الصالِ َ‬ ‫صاح ُبة َّ‬ ‫‪ُ 6-6‬م َ‬
‫الض ِ‬
‫عفاء‪.‬‬ ‫اإلحسان إلى ُّ‬ ‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬
‫لظة َ‬
‫والفظاظة‪:‬‬ ‫َق ٌ‬
‫صص يف َ‬
‫القسوة وال ِغ ِ‬
‫صديق له قد مات‬ ‫ٍ‬ ‫بن ُخ َثي ٍم إذا َو َجد في ق ْلبِه َقسو ًة َأ َتى َ‬
‫منزل‬ ‫بيع ُ‬
‫الر ُ‬
‫ ‪(-‬كان َّ‬
‫يقول‪َ :‬ل ْي َت ِشعري‪ ،‬ما‬
‫ثم ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن ُفالن‪َّ ،‬‬
‫بن ُف ٍ‬
‫الن‪ ،‬يا ُف ُ‬
‫الن ُ‬ ‫الن ُ‬ ‫في ال َّل ِ‬
‫يل‪ ،‬فنادى‪ :‬يا ُف ُ‬
‫عر ُف ذاك فيه إلى ِم ِثلها)(((‪.‬‬‫موعه‪ ،‬ف ُي َ‬ ‫ثم َيبكي ح َّتى َت َ‬
‫سيل ُد ُ‬ ‫ِ‬
‫فع ْل َت؟ وما ُفعل بك؟ َّ‬ ‫َ‬
‫نكد ِر سيدَ القر ِاء‪ ،‬وكان كثير الب ِ‬
‫كاء عند‬ ‫مالك‪( :‬كان محمدُ بن الم ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ٌ‬
‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ ُ ُ‬
‫نظ ُر إليه‪ ،‬فأت َِّع ُظ به)(((‪.‬‬‫وجدْ ُت ِمن ن ْفسي َقسو ًة آتِ ِيه َفأ ُ‬
‫وكنت إذا َ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‪،‬‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ظاظة يف ِ‬ ‫لظة َ‬
‫والف‬ ‫القسوة وال ِغ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫اإلحسان واإلنعا ِم‪:‬‬ ‫الش ِ‬
‫كر على‬ ‫اعر في عدَ ِم ُّ‬ ‫قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫غليـــظ ال َّطب ِع لـــم َين َف ْعـــ ُه َو ْع ُظ‬
‫ُ‬ ‫و َمن لـــم َيشـــك ُِر النَّعمـــا َء َف ُّظ‬
‫ُّ (((‬ ‫ِ‬
‫بالعجـــز َحظ‬ ‫ـــت ال َفتى‬‫ولم ي ُف ِ‬ ‫ُ‬
‫فـــظ‬ ‫ـــكر لإلنعـــا ِم ِح‬ ‫الش‬ ‫َّ‬
‫ألن ُّ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫((( ((شعب اإليمان)) للبيهقي (‪.)19/7‬‬


‫((( ((التمهيد)) البن عبد البر(‪.)222/12‬‬
‫((( ((حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر)) لعبد الرزاق البيطار(ص‪.)1291 :‬‬
‫‪473‬‬
‫ُرْب ِكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الكبْر ُ‬
‫ِ‬

‫مع َنى ال ِك ِ‬
‫رب‪:‬‬
‫اسم ِمن َك ُب َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والذن ُْب ُك ًبرا؛ إذا َع ُظ َم‪.‬‬
‫األمر َّ‬
‫ُ‬ ‫كب ِر‪ ،‬وقيل‪ :‬الك ْب ُر ٌ‬ ‫الك ْب ُر ُلغ ًة‪ :‬م َن ال َّت ُّ‬
‫غالب ُته ُمغا َلب ًة وعا َندْ ُته(((‪.‬‬ ‫الع َظ ُ‬ ‫ِ‬
‫مة‪ ،‬وكا َب ْر ُته ُمكا َبر ًة‪ْ :‬‬ ‫والكبرياء‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫والك ْب ُر‬

‫ِ‬
‫الفضائل‪،‬‬ ‫حسان ما فيه ِم َن‬‫ُ‬ ‫اإلنسان ن ْفسه‪ ،‬واستِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اصطالحا‪ :‬است ُ‬
‫عظام‬ ‫ً‬ ‫الكِ ُبر‬
‫صغارهم‪ ،‬وال َّتر ُّف ُع على َمن َي ِج ُب ال َّت ُ‬
‫واض ُع له(((‪.‬‬ ‫اس‪ ،‬واستِ‬ ‫واالستِ ُ‬
‫هانة بال َّن ِ‬
‫ُ‬
‫اجل َبوت َ‬
‫واجل ْب َّية)(((‪:‬‬ ‫(الزهو ‪ -‬الكربياء ‪َ -‬‬
‫ومرادفا ِته َّ‬
‫رب ُ‬ ‫ال َف ُ‬
‫رق بني ال ِك ِ‬
‫هو‬ ‫فوق االستِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫خاص ًة ر ْف ُع ال َّن ْف ِ‬ ‫الكبر‪ :‬إظهار ِع َظ ِم َّ ِ‬‫ِ‬
‫والز ُ‬
‫حقاق‪َّ ،‬‬ ‫الشأن‪ ،‬وهو فينا َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫مال أو ٍ‬
‫جاه وما َأش َب َه ذلك‪.‬‬ ‫شيء إ َّياها؛ ِمن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫االستعمال‪ :‬ر ْف ُع‬ ‫على ما يقت ِ‬
‫َضيه‬ ‫َ‬
‫الك ْب ِر‪.‬‬ ‫الك ِبر في ٍ‬
‫شيء‪ ،‬وأما ال َّتكبر فهو إظهار ِ‬ ‫لك‪ ،‬وليست ِمن ِ‬
‫والم ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫والكبرياء الع ُّز ُ‬
‫خامة ل ْفظِها‪،‬‬
‫روت؛ ويدُ ُّل على هذا َف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والج ْبر َّي ُة َأب َلغُ م َن الك ْب ِر‪ ،‬وكذلك َ‬
‫الج َب ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جرى‪.‬‬ ‫وفخامة ال َّلفظ تدُ ُّل على فخامة المعنى فيما َيجري هذا َ‬
‫الم َ‬ ‫ُ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫ب َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم ال ِك ْ ِ‬
‫ُّ‬
‫آلدم‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ‬ ‫ِ‬ ‫إبليس ِ‬ ‫سبب امتنا ِع‬
‫السجود َ‬
‫عن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬قال الل ُه تعالى مب ِّينًا َ‬
‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔﮊ [البقرة‪.]34 :‬‬

‫((( ((المصباح المنير)) للفيومي (‪.)523/2‬‬


‫((( ((تهذيب األخالق)) للجاحظ (ص‪.)32 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)445 ،155 - 154 :‬‬
‫‪474‬‬
‫ُرْب ِكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫تبارك وتعالى‪ :‬ﮋﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ‬


‫الله َ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﭽ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚﮛﮊ [األعراف‪.]146 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪،‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عن ال َّن ِّ‬‫الله عنه‪ِ ،‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مسعود َر َ‬
‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬عن ِ‬

‫الر ُج َل‬
‫إن َّ‬‫ْقال َذ َّر ٍة ِمن ِك ْب ٍر‪ .‬فقال َر ُج ٌل‪َّ :‬‬‫الج َّن َة َمن كان في َقلبِه ِمث ُ‬ ‫دخ ُل َ‬ ‫قال‪(( :‬ال َي ُ‬
‫الج َ‬ ‫إن الل َه ج ٌ ِ‬ ‫ُي ِح ُّب أن َي َ‬
‫مال‪،‬‬ ‫ميل ُيح ُّب َ‬ ‫َ‬ ‫حسن ًة؟ قال‪َّ :‬‬ ‫حسنًا‪ ،‬و َن ْع ُله َ‬ ‫كون َثو ُبه َ‬
‫ِ‬
‫اس))(((‪.‬‬ ‫الك ْب ُر‪َ :‬ب َط ُر َ‬
‫الحقِّ ‪َ ،‬و َغ ْم ُط ال َّن ِ‬

‫الله ع َل ِيه‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫عن ال َّن ِّ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫اعي َر َ‬ ‫الخزَ ِّ‬ ‫ب ُ‬ ‫بن َو ْه ٍ‬‫ ‪-‬عن حارث َة ِ‬
‫ف؛ لو َأقسم على ِ‬
‫الله‬ ‫تضاع ٍ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ضعيف ُم‬ ‫بأهل الج َّن ِة؟ ُك ُّل‬
‫وس َّل َم قال‪(( :‬أال ُأخبِ ُر ُكم ِ‬
‫َ َ‬
‫اظ ُمستكبِ ٍر))(((‪.‬‬ ‫ار؟ ُك ُّل ُع ُت ٍّل جو ٍ‬ ‫ل َب َّر ُه‪َ .‬أل ُأخبِ ُر ُكم ِ‬
‫بأهل ال َّن ِ‬ ‫ََ‬
‫َ َّ‬

‫واملتكب َ‬
‫ين‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫السلف والعلما ِء يف ال ِك ْ ِ‬
‫ب‬ ‫أقوال َّ‬
‫تواضع ِ‬
‫لله ر َف َع ُ‬ ‫الله عنه‪َّ :‬‬ ‫الخط ِ‬
‫َّ‬
‫الله‬ ‫(إن العبدَ إذا َ َ‬ ‫ضي ُ‬‫اب َر َ‬ ‫بن‬ ‫مر ُ‬ ‫ ‪-‬قال ُع ُ‬
‫حقير‪ ،‬وفي َأع ُي ِن ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ح َكمتَه‪ ،‬وقال له‪ِ :‬‬
‫كبير‪،‬‬
‫اس ٌ‬ ‫ش َن َع َش ُك الله‪ ،‬فهو في ن ْفسه ٌ‬ ‫انتع ْ‬ ‫َ‬
‫الله‪ ،‬فهو في ن ْف ِسه‬ ‫أك ُ‬ ‫اخس ْأ َخ َس َ‬ ‫ِ‬
‫األرض‪ ،‬وقال له‪َ :‬‬ ‫الله إلى‬
‫وعتَا َو َه َص ُه ُ‬ ‫وإذا َت َّ‬
‫كب َر َ‬
‫نزير)(((‪.‬‬‫الخ ِ‬ ‫كون ِعندَ هم َأح َقر ِم َن ِ‬
‫حقير‪ ،‬ح َّتى َي َ‬ ‫كبير‪ ،‬وفي َأع ُي ِن ال َّن ِ‬
‫اس‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫البن آ َد َم َيتكبر وقد خر َج ِمن َمجرى الب ِ‬
‫ول‬ ‫(عج ًبا ِ‬ ‫بن ٍ‬
‫قيس‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫األحنف ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)91‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)4918‬ومسلم (‪.)2853‬‬
‫((( أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (‪ ،)34461‬وأبو داود في ((الزهد)) (ص‪.)85 :‬‬
‫صحح إسناده موقو ًفا ابن حجر في ((األمالي المطلقة)) (‪.)88‬‬
‫‪475‬‬
‫ُرْب ِكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫مر َت ِ‬
‫ين!)(((‪.‬‬ ‫َّ‬
‫امرئ شيء ِم َن ِ‬
‫الك ْب ِر ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫علي‪( :‬ما َد َخل ق ْل َب‬ ‫سين ِ‬
‫الح ِ‬
‫قط‬ ‫ٌ‬ ‫بن ٍّ‬ ‫بن ُ‬ ‫محمدُ ُ‬‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫عقله ب َقدْ ِر ما َد َخل ِمن ذلك‪َ ،‬ق َّل أو َك ُث َر)(((‪.‬‬
‫َّإل َن َقص ِمن ِ‬

‫أقسام ال ِك ْ ِ‬
‫ب‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بعض‪ ،‬وإن كانت ك ُّلها مذموم ًة‬ ‫بعضها أشدُّ ِمن‬ ‫الكبر إلى ِ‬
‫ثالثة أقسا ٍم‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫نقسم ِ‬
‫ِ‬
‫َي ُ‬
‫جميعا‪:‬‬
‫ً‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم وال َّن ِ‬
‫اس‬ ‫الله ورسولِه ص َّلى ُ‬
‫ِعندَ ِ‬

‫َ‬ ‫الكب ِر‪ .‬كتَكب ِر فِ‬


‫ِ‬ ‫أفح ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫رعون‬ ‫ُّ‬ ‫أنوا ِع ْ‬
‫ش َ‬ ‫الكبر على الله تعالى‪ :‬وهو َ‬
‫ُ‬ ‫األول‪:‬‬ ‫القسم‬
‫ُ‬
‫بوبي َة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫الر َّ‬
‫واد َع َيا ُّ‬
‫ين له تعالى‪َّ ،‬‬ ‫حيث است َ‬
‫َنك َفا أن َيكو َنا َعبدَ ِ‬ ‫و ُن ْم ُرو َد؛ ُ‬
‫ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﮊ [غافر‪:‬‬
‫رين‪ .‬ﮋﮏ ﮐ ﮑﮊ اآلي َة [النساء‪.]172 :‬‬ ‫ِ‬
‫صاغ َ‬ ‫أي‪:‬‬
‫‪ْ ،]60‬‬
‫ِ‬
‫االنقياد‬ ‫الكبر على رسولِه ص َّلى الل ُه عليه وس َّلم‪ْ :‬‬
‫بأن َيمتنِ َع ِم َن‬ ‫ُ‬ ‫القسم ال َّثاني‪:‬‬
‫ُ‬
‫وغ ِير ِهم ِم َن ُ‬
‫األ َم ِم‪.‬‬ ‫مك َة َ‬ ‫الله ذلك عن ُك َّف ِ‬
‫ار َّ‬ ‫وعنا ًدا‪ ،‬كما َ‬ ‫جهل ِ‬
‫كب ًرا‪ً ،‬‬
‫حكى ُ‬ ‫له َت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬
‫القسم ال َّثالث‪ :‬الكبر على ِ‬
‫غيره و َيز َدر َيه‪،‬‬‫بأن َيستعظ َم ن ْف َسه‪ ،‬و َيحتق َر َ‬ ‫باد‪ْ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ف ِمن ُمساواتِه(((‪.‬‬ ‫االنقياد له‪ ،‬أو َيتر َّف َع ع َل ِيه‪ ،‬و َيأ َن َ‬
‫ِ‬ ‫ف َيأ َبى على‬

‫وأضراره‪:‬‬
‫ِ‬ ‫رب‬
‫آثار ال ِك ِ‬
‫ِمن ِ‬
‫ِ‬
‫واالعتبار‪.‬‬ ‫رمان ِم َن ال َّن ِ‬
‫ظر‬ ‫الح ُ‬‫‪ِ 1-‬‬
‫ْ ِ‬
‫راب ال َّن ْف ُّ‬
‫سي‪.‬‬ ‫واالضط ُ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫القلق‬
‫ِ‬
‫قائص‪.‬‬ ‫ِ‬
‫للعيوب وال َّن‬ ‫ُ‬
‫المالزمة‬ ‫‪3-3‬‬

‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪ .)338/3‬‬


‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)339/3‬‬
‫((( ((الزواجر)) للهيتمي (‪.)118/1‬‬
‫‪476‬‬
‫ُرْب ِكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫العذاب في ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حقاق‬‫رمان ِم َن الج َّن ِة‪ ،‬واستِ‬
‫الح ُ‬‫‪ِ 4-4‬‬
‫والشعور بالع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬ق َّل ُة‬
‫زلة‪.‬‬ ‫مز ُق‪ُ ُ ُّ ،‬‬
‫رقة وال َّت ُّ‬ ‫األنصار‪ ،‬بل ُ‬
‫والف ُ‬ ‫كسب‬
‫اإللهي(((‪.‬‬ ‫ون وال َّت ِ‬
‫أييد‬ ‫رمان ِم َن الع ِ‬ ‫‪ِ 6-6‬‬
‫الح ُ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬

‫أسباب ال ِك ْ ِ‬
‫ب‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫يور ُث ِ‬
‫جب؛ فهو ِ‬
‫كب َر‬
‫الباطن‪ ،‬والك ْب ُر ُيثم ُر ال َّت ُّ‬
‫َ‬ ‫الك َبر‬ ‫المتك ِّب ِر‪ :‬وهو ُ‬
‫الع ُ‬ ‫سبب في ُ‬
‫‪ٌ 1-‬‬
‫ِ‬
‫واألحوال‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألقوال‬ ‫ِ‬
‫األعمال‬ ‫اهر في‬ ‫َّ‬
‫الظ َ‬
‫‪2-2‬وسبب في المتكب ِر عليه‪ :‬وهو ِ‬
‫الحقدُ والحسدُ ‪.‬‬ ‫ُ َّ‬ ‫ٌ‬

‫ياء(((‪.‬‬ ‫وسبب فيما َيتع َّل ُق بغيرهما‪ :‬وهو ِّ‬


‫الر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫‪3-3‬‬

‫كب؟‬ ‫يكون َّ‬


‫الت ُّ ُ‬ ‫مباذا ُ‬
‫َعظم ن ْفسه‪ ،‬وال يستَعظِمها َّإل وهو ي ِ‬
‫عتقدُ لها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تكب ُر َّإل َم ِن است َ َ َ‬
‫(اع َل ْم أ َّنه ال َي َّ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكمال‪ِ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِصف ًة ِمن ِص ِ‬
‫نيوي‪ ،‬فالدِّ ُّ‬
‫يني‬ ‫يني أو ُد ٍّ‬
‫ماع ذلك َيرج ُع إلى كمال د ٍّ‬ ‫وج ُ‬ ‫فات‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والج ُ‬ ‫ِ‬
‫األنصار‪،‬‬ ‫والمال وكثر ُة‬ ‫والقو ُة‬
‫َّ‬ ‫مال‬ ‫والعم ُل‪ ،‬والدُّ ُّ‬
‫نيوي هو ال َّن َس ُب َ‬ ‫َ‬ ‫لم‬
‫هو الع ُ‬
‫ٍ‬
‫أسباب)(((‪.‬‬ ‫فهذه َس ُ‬
‫بعة‬

‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال ِك ْ ِ‬
‫ب‪:‬‬
‫واآلثار المتر ِّت ِبة على ال َّتكب ِر‪ ،‬سواء كانت ِ‬
‫عواق َب‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫بالعواقب‬ ‫ذكير ال َّن ْف ِ‬
‫س‬ ‫‪َ 1-‬ت ُ‬
‫وسواء كانت ُدنيو َّي ًة أو ُأخرو َّي ًة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اإلسالمي‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫بالعمل‬ ‫ذاتي ًة أو ُم َّت ِصل ًة‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم َ‬
‫الجنائز‪،‬‬ ‫وأهل البالء‪ ،‬و َت ُ‬
‫شييع‬ ‫رين‬
‫حتض َ‬ ‫شاهد ُة ُ‬‫وم َ‬
‫المرضى‪ُ ،‬‬ ‫‪2-2‬عياد ُة َ‬

‫((( ((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (‪ )175/1‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي بتصرف (‪.)353/3‬‬
‫((( ((المصدر السابق)) (‪.)347/3‬‬
‫‪477‬‬
‫ُرْب ِكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫القبور‪.‬‬ ‫وزيار ُة‬

‫عين‬ ‫ِ‬
‫أحضان الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫تواض َ‬ ‫ُ‬ ‫واالرتماء في‬
‫ُ‬ ‫رين‪،‬‬
‫المتك ِّب َ‬
‫االنسالخ من ُصحبة ُ‬ ‫‪3-3‬‬
‫الم ْخبِ َ‬
‫تين‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫العاهات منهم‪.‬‬ ‫اس و ُف ِ‬
‫قرائ ِهم‪ ،‬و َذوي‬ ‫سة ِض ِ‬
‫عاف ال َّن ِ‬ ‫‪ُ 4-4‬مجا َل ُ‬

‫حيط به ِمن َأعال ُه‬


‫كل الن َِّع ِم ا َّلتي ُت ُ‬ ‫الك ِ‬
‫ون‪ ،‬بل وفي ِّ‬ ‫س‪ ،‬وفي َ‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُّ‬
‫فك ُر في ال َّن ْف ِ‬
‫إلى َأدنا ُه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاروا؟‬
‫أي شيء ُ‬
‫وأخبارهم‪ ،‬كيف كانوا؟ وإلى ِّ‬ ‫رين‬ ‫ظر في س َي ِر ُ‬
‫المتك ِّب َ‬ ‫‪6-6‬ال َّن ُ‬
‫خرية أو استِ ٍ‬
‫ذر لِمن َتعا َلى و َتطاو َل عليهم بس ٍ‬
‫هزاء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الع ِ َ‬‫التماس ُ‬
‫ُ‬ ‫‪7-7‬‬

‫رب واملُ ِّ‬


‫تكب َ‬
‫ين‪:‬‬ ‫والشعرا ِء يف َذ ِّم ال ِك ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال األدبا ِء ُّ‬
‫ ‪ِ -‬‬
‫الك ْب ُر قائدُ ال ُب ِ‬
‫غض‪.‬‬

‫كب ِر ُذ ٌّل(((‪.‬‬
‫عز ُز بال َّت ُّ‬
‫ ‪ -‬ال َّت ُّ‬
‫كب َر على ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وكان ُي ُ‬
‫ور َجا‬
‫اس َ‬ ‫دام له إخاؤُ ه‪ ،‬و َمن َت َّ‬
‫عرف حقَّ أخيه َ‬
‫قال‪َ :‬من َ‬
‫صديق فقد َغ َّر ن ْف َسه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أن َي َ‬
‫كون له‬

‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫ــهــ َلــ ُه‬ ‫ِ‬
‫ـــتـــواضـــ ٍع‬ ‫ٍ‬
‫ـــع َج ْ‬
‫َّـــواض ُ‬
‫ُ‬ ‫َـــر الـــت‬
‫َســـت َ‬ ‫جــــاهــــل ُم‬ ‫كـــــم‬
‫ْ‬
‫فــضــ َلــ ُه‬
‫ـــر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ــــز فــــي ِع‬
‫ــــمــــ َّي ٍ‬
‫هــــــدَ َم الـــتَّـــكـــ ُّب ُ‬ ‫ــلــمــه‬ ‫و ُم َ‬
‫أهــــ َلــــ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ــر مــا َحـ ِـيــيـ َ‬
‫ــــب ْ‬
‫وال تُــــصــــاح ْ‬ ‫ـت‬ ‫فــــدَ ِع الــتَّــكــ ُّب َ‬
‫ـــح فِـــعـــ َلـــ ُه‬ ‫ـــيـــب لــل ـ َف ـ َتــى‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫أبــــــدً ا ُيـــ َقـــ ِّب ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ــبــر َع‬
‫ُ‬ ‫فــالــك‬

‫((( ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص‪.)445-444 :‬‬


‫((( ((معجم األدباء)) لياقوت الحموي (‪.)518/2‬‬
‫‪478‬‬
‫َ‬
‫بِذكل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َ‬
‫الك ِذب‬

‫مع َنى ال َك ِذ ِب‪:‬‬


‫ب‪.‬‬ ‫بت الرج َل؛ إذا َنسبتَه إلى ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫قول‪َّ :‬‬ ‫الصدْ ِق‪َ .‬ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الكذ ُب ُلغ ًة‪:‬‬
‫ْ‬ ‫كذ ُ َّ ُ‬ ‫نقيض ِّ‬
‫أن ا َّلذي ُيحدِّ ُث به َك ِذ ٌب(((‪.‬‬
‫وأ ْك َذ ْب ُته؛ إذا َأخ َب ْر َت َّ‬
‫َ‬

‫عمدً ا‬ ‫الف ما هو ع َل ِيه‪،‬‬‫يء على ِخ ِ‬ ‫بالش ِ‬


‫اإلخبار َّ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الكذ ُب‬
‫سواء كان ْ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫خطأ(((‪.‬‬‫ْأم ً‬

‫(االفتاء وال ُبهتان‬ ‫فة‬


‫وبعض األلفاظ املرتا ِد ِ‬ ‫الكذ ِب‬
‫بي ِ‬ ‫الفرق ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬اإلفك)(((‪:‬‬
‫قاد المخبِ ِر لهما على ِخ ٍ‬
‫الف‬ ‫الخبر للواقعِ‪ ،‬أو العتِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طابقة‬ ‫ِ‬
‫الكذ ُب‪ :‬هو عدَ ُم ُم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫بخ ِ‬ ‫ضيه‪ِ ،‬‬ ‫الغير بما ال ير َت ِ‬ ‫ِ‬
‫الف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الكذ ُب في حقِّ‬ ‫ص منه؛ أل َّنه‬ ‫واالفتراء‪َ :‬أ َخ ُّ‬
‫ُ‬
‫وأيضا قد يحسن ِ‬ ‫ً‬ ‫المتك ِّل ِم ن ْف ِسه‪،‬‬ ‫ب؛ فإ َّنه قد َي ُ‬ ‫ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫الكذ ُب على‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫كون في حقِّ ُ‬
‫بخ ِ‬ ‫وجة‪ِ ،‬‬‫الز ِ‬
‫وعدَ ِة َّ‬
‫ين‪ِ ،‬‬ ‫وإصالح ِ‬
‫ذات ال َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعض الو ِ‬
‫الف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحرب‪،‬‬ ‫ب في‬‫كالكذ ِ‬ ‫جوه؛‬ ‫ِ ُ‬
‫وجه المكاب ِ‬‫صاحبه على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫االفتِ ِ‬
‫رة له‪.‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫يواج ُه به‬‫هتان‪ :‬فهو الكذ ُب ا َّلذي َ‬ ‫راء‪ .‬وأ َّما ال ُب ُ‬

‫الله ورسولِه‪ ،‬أو على‬ ‫ب على ِ‬ ‫ثل ِ‬


‫الكذ ِ‬ ‫بح؛ ِم ُ‬ ‫الفاحش ُ‬
‫الق ِ‬ ‫ُ‬ ‫واإلفك‪ :‬هو ِ‬
‫الكذ ُب‬ ‫ُ‬
‫رآن على‬ ‫الق ِ‬
‫بحه‪ .‬وجاء في ُ‬ ‫ش ُق ُ‬ ‫فح ُ‬ ‫مما َي ُ‬ ‫وغير ذلك َّ‬ ‫حص ِنة‪ِ ،‬‬ ‫الم َ‬‫قذف ُ‬
‫ثل ْ ِ‬ ‫القرآن‪ِ ،‬‬
‫وم ُ‬ ‫ِ‬

‫((( ((لسان العرب)) البن منظور (‪ )704/1‬بتصرف‪.‬‬


‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)201/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)450 -449 :‬‬
‫‪479‬‬
‫َ‬
‫بِذكل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫والكذ ُب‪:‬‬ ‫الله تعالى‪ :‬ﮋﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [الجاثية‪.]7 :‬‬ ‫الوج ِه؛ قال ُ‬
‫هذا ْ‬
‫ش‬ ‫الكذب ِ‬
‫فاح َ‬ ‫للخبر ا َّلذي ال مخبِر له على ما هو به‪ ،‬وسواء كان ِ‬
‫ِ‬ ‫موضوع‬
‫ٌ‬ ‫اسم‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٌ‬
‫بح‪.‬‬ ‫فاحش ُ‬
‫الق ِ‬ ‫ِ‬ ‫غير‬ ‫ُ‬
‫الق ِ‬
‫بح أو َ‬
‫والسَّنة‪:‬‬
‫ذم الكذب يف القرآن ُّ‬
‫ُّ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼﮊ [النحل‪.]105 :‬‬
‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [الجاثية‪.]7 :‬‬

‫اب في َمقالِه‪َ ،‬أثي ٍم في فِعالِه)(((‪.‬‬


‫كذ ٍ‬
‫(أي‪َّ :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪ ،‬قال‪:‬‬


‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪ِ ،‬‬
‫عن ال َّن ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫ف‪ ،‬وإذا ا ْئ ُت ِم َن َ‬
‫خان))(((‪.‬‬ ‫المنافِ ِق َث ٌ‬
‫الث‪ :‬إذا حدَّ َث َك َذ َب‪ ،‬وإذا َو َعدَ َأخ َل َ‬ ‫ُ‬
‫((آية ُ‬
‫السلف والعلما ِء يف الكذب‪:‬‬
‫أقوال َّ‬
‫دق ‪-‬و َق َّلما َي َض ُع‪-‬‬
‫الص ُ‬ ‫الله عنه‪َ َ :‬‬
‫(ل ْن َي َ‬
‫ضعني ِّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫الخط ِ‬
‫بن َّ‬
‫اب َر َ‬ ‫مر ُ‬
‫ ‪-‬قال ُع ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫إلي من أن َير َف َعني الكذ ُب‪ ،‬و َق َّلما َي َ‬
‫فع ُل)(((‪.‬‬ ‫أ َح ُّب َّ‬
‫الخطايا ِ‬ ‫الله عنه‪َ :‬‬
‫(أ َ‬
‫عظ ُم َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الكذ ُب‪ ،‬و َمن‬ ‫ضي ُ‬ ‫بن مسعود َر َ‬ ‫ ‪-‬وقال عبدُ الله ُ‬
‫الله عنه)(((‪.‬‬
‫عف ُ‬ ‫عف َي ُ‬
‫َي ُ‬
‫حر‪،‬‬ ‫(الكذب ُفجور‪ ،‬وال َّن ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫عنهما ُ‬ ‫عب ٍ‬
‫ميمة س ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫الله ُ‬
‫ضي ُ‬‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫ ‪-‬وكان ُ‬
‫فمن َك َذب فقد َف َجر‪ ،‬و َمن َن َّم فقد َس َحر)(((‪.‬‬
‫َ‬

‫((( ((تفسير السعدي)) (ص‪.)775 :‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)33‬ومسلم (‪.)59‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (‪.)263/1‬‬
‫((( أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (‪.)138/1‬‬
‫((( ((عيون األخبار)) البن قتيبة (‪.)31/2‬‬
‫‪480‬‬
‫َ‬
‫بِذكل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬إ َّي َ‬


‫المعلومات على‬ ‫اك والكذ َب؛ فإ َّنه ُيفسدُ عليك َت ُّ‬
‫صو َر‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫وتعليمها لل َّن ِ‬
‫اس)(((‪.‬‬ ‫صويرها‬ ‫فسدُ عليك َت‬ ‫ما هي عليه‪ ،‬وي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫باح ِم َن ِ‬
‫الكذ ِب‪:‬‬ ‫ما ُي ُ‬
‫حاالت يباح فيها ِ‬
‫الكذ ُب‪ ،‬وهي‬ ‫لكن هنالك‬ ‫ِ‬ ‫ب عدَ ُم‬ ‫األصل في ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫ُ‬
‫ٌ ُ ُ‬ ‫الجواز؛ ْ‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫ِ‬
‫األعداء‪،‬‬ ‫ومقتَضيا ُتها َتستَدعي ال َّتموي َه على‬ ‫الحرب َخدْ ٌ‬ ‫ِ‬
‫الحرب؛ َّ‬
‫عة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ألن‬ ‫‪(1-‬في‬
‫فسي ِة ما‬ ‫ِ‬
‫الحرب ال َّن َّ‬ ‫ِ‬
‫أساليب‬ ‫كون موجود ًة‪ ،‬واستِ َ‬
‫عمال‬ ‫وإيها َمهم بأشيا َء قد ال َت ُ‬
‫قة‪.‬‬‫بصورة ذكي ٍة َلبِ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ولكن‬ ‫َأ َ‬
‫مك َن‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫إن ذلك َيستَدعي أحيا ًنا أن ُي ِ‬
‫حاو َل‬ ‫ين؛ حيث َّ‬ ‫تخاصم ِ‬
‫َ‬ ‫الم‬
‫لح ْبين ُ‬ ‫الص ِ‬ ‫‪2-2‬في ُّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِ‬
‫أسباب‬
‫َ‬ ‫طرف وأقوا َله بما ُيح ِّق ُق ال َّت ُ‬
‫قار َب‪ ،‬و ُي ُ‬
‫زيل‬ ‫أعمال ِّ‬
‫كل َ‬ ‫تبرير‬
‫َ‬ ‫صل ُح‬ ‫ُ‬
‫الحسنة في حقِّ صاحبِه ما لم َي ُق ْل ُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األقوال‬ ‫كل ِم َن‬
‫نس ُب إلى ٍّ‬‫قاق‪ ،‬وأحيا ًنا ي ِ‬ ‫الش ِ‬
‫ِّ‬
‫َ‬
‫والخصا ِم‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخالف‬ ‫لح و َيزيدُ ُش َّق َة‬ ‫بعض ما قاله؛ وهو ما َي ُ‬ ‫و َينفي عنه َ‬
‫الص َ‬
‫عوق ُّ‬
‫الز ُ‬
‫وجة‬ ‫الزوجي ِة؛ حيث يحتاج األمر أحيا ًنا إلى أن َت ِ‬
‫كذ َب َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪3-3‬في الحياة َّ َّ‬
‫اآلخ ِر ما‬
‫عن َ‬ ‫كل منهما ِ‬‫وج على َزوجتِه‪ ،‬و ُيخفي ٌّ‬‫الز ُ‬
‫وجها‪ ،‬أو ي ِ‬
‫كذ َب َّ‬ ‫َ‬ ‫على َز ِ‬

‫قاق ْبين‬ ‫والش َ‬ ‫ِّزاع ِّ‬ ‫يوغر الصدور‪ ،‬أو يو ِّلدَ ال ُّنفور‪ ،‬أو يثير ِ‬
‫الفت ََن والن َ‬ ‫ِمن شأنِه أن ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫الح َّب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القول ما َيزيدُ ُ‬ ‫ِ‬
‫معسول‬ ‫لآلخ ِر ِمن‬
‫كل منهما َ‬ ‫جوز أن َي ُز َّف ٌّ‬
‫وجين‪ ،‬كما َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫الز‬
‫َّ‬
‫الر َ‬ ‫قال ِ‬‫جم ُل الحيا َة بينهما‪ ،‬وإن كان ما ُي ُ‬
‫باط‬ ‫ألن هذا ِّ‬ ‫كذ ًبا؛ َّ‬ ‫س‪ ،‬و ُي ِّ‬ ‫و َي ُس ُّر ال َّن ْف َ‬
‫الخطير ي ِ‬
‫الجهدُ الكافي ل َي َظ َّل قو ًّيا‬‫بذ َل ُ‬
‫ستح ُّق أن ُيهت ََّم به غاي َة االهتما ِم‪ ،‬وأن ُي َ‬ ‫َ َ‬
‫جميل م ِ‬
‫ثم ًرا)(((‪.‬‬ ‫ً ُ‬

‫((( ((الفوائد)) البن القيم (ص‪.)135 :‬‬


‫((( ((الرائد دروس في التربية والدعوة)) لمازن الفريح (‪.)264/3‬‬
‫‪481‬‬
‫َ‬
‫بِذكل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ضاره‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫الكذ ِب َ‬
‫آثار ِ‬
‫لدمار صاحبِه ُأ َم ًما وأفرا ًدا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫وسيلة‬ ‫‪ِ 1-‬‬
‫الكذ ُب‬
‫‪2-2‬الكذب سراب يقرب البعيد ويبعد القريب‪.‬‬
‫والج َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مال وال َبها َء‪.‬‬ ‫المروء َة َ‬ ‫‪3-3‬الكذ ُب ُيذه ُب ُ‬
‫هان ٌ‬
‫ذليل‪.‬‬ ‫‪ِ 4-4‬‬
‫الكاذ ُب ُم ٌ‬
‫ِ‬ ‫مصيرها ِم َن الدَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والهالك‪.‬‬ ‫مار‬ ‫َ‬ ‫‪5-5‬األ َم ُم ا َّلتي َك َّذ َبت ُّ‬
‫الر ُس َل ال َق ْت‬
‫ين والدُّ نيا‪.‬‬ ‫يور ُث َفسا َد الدِّ ِ‬‫‪ِ 6-6‬‬

‫س ودناءتِها‪.‬‬
‫دليل على ِخ َّس ِة ال َّن ْف ِ‬
‫‪ٌ 7-7‬‬

‫قار ال َّن ِ‬
‫اس له‪ ،‬و ُب ْعدُ هم عنه(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪8-8‬احت ُ‬
‫الكذب(((‪:‬‬
‫من ص َو ِر ِ‬
‫عظم أنوا ِع ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫‪1-‬الكذ ُب على الله تعالى ورسوله‪ ،‬وهذا أ َ ُ‬
‫اس‪.‬‬‫الكذ ُب على ال َّن ِ‬ ‫‪ِ 2-2‬‬

‫اس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحديث ْبين ال َّن ِ‬ ‫الكذ ُب في‬ ‫‪ِ 3-3‬‬
‫الش ِ‬
‫عوب‪.‬‬ ‫الح َّكا ِم على ُّ‬ ‫ِ‬
‫‪4-4‬كذ ُب ُ‬
‫ِ‬
‫إلضحاك ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫الكذ ُب‬ ‫‪ِ 5-5‬‬
‫ِ‬
‫األوالد‪.‬‬ ‫الكذ ُب على‬ ‫‪ِ 6-6‬‬
‫الز ِ‬
‫ور‪.‬‬ ‫‪َ 7-7‬شهاد ُة ُّ‬
‫بيان ِسلعتِه‪.‬‬
‫اجر في ِ‬ ‫‪ِ 8-8‬‬
‫كذ ُب ال َّت ِ‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة من الباحثين (‪.)5430/11‬‬


‫((( ((شرح رياض الصالحين)) البن عثيمين (‪ )158-156/6‬بتصرف‪(( ،‬الكذب مظاهره ‪-‬‬
‫عالجه)) لمحمد الحمد‪.‬‬
‫‪482‬‬
‫َ‬
‫بِذكل ا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الوقوع يف الكذب‪:‬‬
‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫الب ال َّنفعِ‪ ،‬واستِ ُ‬
‫دفاع ُّ‬
‫الض ِّر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ ‪-‬اجت ُ‬
‫ستظر ًفا‪ ،‬فال َي ِجدُ ِصد ًقا َي ُ‬
‫عذ ُب‬ ‫َ‬ ‫وكالمه ُم‬
‫ُ‬ ‫ستعذ ًبا‪،‬‬ ‫يؤثِ َر أن َي َ‬
‫كون حدي ُثه ُم َ‬ ‫ ‪-‬أن ْ‬
‫عوز ًة‪ ،‬وال َظ ُ‬
‫رائفه‬ ‫ليست غرائ ُبه ُم ِ‬
‫ْ‬ ‫وال حدي ًثا يستظر ُف‪ ،‬فيستحلي ِ‬
‫الكذ َب ا َّلذي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُم ِ‬
‫عجز ًة‪.‬‬

‫ختر ُعها عليه‪ ،‬و َي ِص َفه‬


‫بقبائح َي ِ‬
‫َ‬ ‫عدوه‪ ،‬ف َي ِس َمه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالكذ ِ‬
‫ب ال َّتش ِّف َي من ِّ‬
‫ ‪-‬أن ي ِ‬
‫قصدَ‬ ‫َ‬
‫بفضائح ي ِ‬
‫نس ُبها إليه‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫ب قد تراد َف ْت عليه ح َّتى َألِ َفها‪ ،‬فصار ِ‬
‫الكذ ُب له‬ ‫كون َدواعي ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫ ‪-‬أن َت َ‬
‫عاد ًة‪ ،‬ون ْف ُسه إليه ُمنقا َد ًة(((‪.‬‬
‫واحل َك ُم ِّ‬
‫والشع ُر يف الكذب‪:‬‬ ‫األمثال ِ‬
‫جل ُيعر ُف ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ثم‬
‫بالصدق َّ‬ ‫للر ِ َ‬ ‫ضر ُب م َث ًل َّ‬ ‫الص ُ‬
‫ادق‪ُ :‬ي َ‬ ‫ ‪-‬عندَ ال َّن َوى َيكذ ُبك َّ‬
‫يحتاج إلى ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫ب(((‪.‬‬ ‫َ ُ‬
‫ص َي ِ‬ ‫(الك َّذ ِ‬ ‫ ‪-‬قيل في م ِ ِ‬
‫اب‬ ‫َّ‬
‫والكذ َ‬ ‫سر ُق ما َلك‪،‬‬ ‫ألن ال ِّل َّ‬
‫ص؛ َّ‬ ‫نثور الح َك ِم‪ُ َ :‬‬
‫اب ل ٌّ‬ ‫َ‬
‫َي ِ‬
‫سر ُق عق َلك)(((‪.‬‬

‫اعر‪:‬‬ ‫قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫ِ‬
‫األدب‬ ‫ِ‬
‫ـــوء أو ِمن ِق َّل ِة‬‫الس‬ ‫ِ‬ ‫كـــذ ُب المر ُء َّإل ِمـــن َمهانتِ ِه‬
‫ِ‬ ‫ال َي‬
‫أو عادة ُّ‬
‫َ ِ ِ (((‬
‫المرء في ِجـدٍّ وفي لعب‬ ‫ِ‬ ‫ِمـن ك ِ‬
‫َذبة‬ ‫ٍ‬
‫رائحة‬ ‫خيـــر‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫جيفـــة ك ْل ٍ‬ ‫َل َع ُّض‬
‫ُ‬

‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)264 :‬‬


‫((( ((جمهرة األمثال)) للعسكري (‪.)35/2‬‬
‫((( ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص ‪.)261‬‬
‫((( ((المستطرف)) لألبشيهي (ص‪.)258 :‬‬
‫‪483‬‬
‫لَسكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الكسل‬
‫َ‬

‫الكسل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫مع َنى‬
‫الكس ُل ُلغ ًة‪ :‬ال َّتثا ُق ُل َّ‬
‫عما ال َين َبغي أن ُيتثا َق َل عنه(((‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الق ِ‬ ‫الكس ُل‬
‫انبعاث‬ ‫درة‪ ،‬أو هو عدَ ُم‬ ‫اصطالحا‪ :‬ال َّتثا ُق ُل وال َّتراخي َّ‬
‫عما َين َبغي مع ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الخير(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لفعل‬ ‫ال َّن ْف ِ‬
‫س‬

‫والكس ِل‪:‬‬
‫َ‬ ‫الفرق بني ْ‬
‫العج ِز‬
‫الق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترك َّ ِ‬
‫درة(((‪.‬‬ ‫عم ِله‪َ ،‬‬
‫والع ْجزُ ‪ :‬عدَ ُم ُ‬ ‫الشيء مع القدرة على األخذ في َ‬ ‫الكس ُل‪ُ :‬‬
‫َ‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ذم ال َك ِ‬
‫سل يف القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫َّ‬
‫وجل‪ :‬ﮋ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫عز‬
‫الله َّ‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋﮊ [النساء‪.]142 :‬‬

‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬


‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮊ [التوبة‪.]38 :‬‬

‫كون فيها(((‪.‬‬ ‫األرض والدَّ ِ‬


‫عة والس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي‪ :‬تكاس ْل ُتم‪ِ ،‬‬
‫وم ْل ُتم إلى‬
‫ُّ‬ ‫َ‬

‫((( ((العين)) للخليل (‪(( ،)310/5‬تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪(( ،)37/10‬لسان العرب)) البن‬
‫منظور (‪.)587/11‬‬
‫((( ((زاد المسير في علم التفسير)) البن الجوزي (‪(( ،)489/1‬فيض القدير)) للمناوي (‪.)154/2‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)36/6‬‬
‫((( ((تفسير السعدي)) (‪.)337/1‬‬
‫‪484‬‬
‫لَسكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم قال‪:‬‬


‫الله ص َّلى ُ‬‫رسول ِ‬ ‫َ‬ ‫الله عنه‪ ،‬أن‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬
‫كل‬ ‫ضر ُب َّ‬ ‫ثالث ُع َق ٍد‪َ ،‬ي ِ‬
‫َ‬ ‫رأس أحد ُكم إذا هو َ‬
‫نام‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫قافية‬ ‫يطان على‬ ‫الش ُ‬
‫عقدُ َّ‬‫((ي ِ‬
‫َ‬
‫وض َأ‬ ‫فذ َكر الل َه انح َّل ْت ُع ْقد ٌة‪ْ ،‬‬ ‫طويل فار ُقدْ ‪ِ .‬‬
‫فإن استَي َق َظ َ‬ ‫يك َل ٌ‬ ‫ُع ْق ٍ‬
‫دة‪ :‬ع َل َ‬
‫فإن َت َّ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫يل‬
‫وإل َأص َب َح‬ ‫فإن ص َّلى انح َّل ْت ُع ْقد ٌة؛ َفأص َب َح َن ً‬
‫شيطا َط ِّي َب ال َّن ْف ِ‬
‫س‪َّ ،‬‬ ‫انح َّل ْت ُع ْقد ٌة‪ْ ،‬‬
‫الن))(((‪.‬‬ ‫خبيث ال َّن ْف ِ‬
‫س َك ْس َ‬ ‫َ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬كان‬
‫ضي ُ‬ ‫ٍ‬
‫بن مالك َر َ‬ ‫أنس ِ‬
‫ ‪-‬عن ِ‬
‫والج ِ‬ ‫الع ْج ِز‪،‬‬ ‫عوذ َ ِ‬
‫هم إ ِّني َأ ُ‬ ‫ُ‬
‫واله َر ِم‪،‬‬
‫بن‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫والكس ِل‪،‬‬
‫َ‬ ‫بك م َن َ‬ ‫يقول‪(( :‬ال َّل َّ‬ ‫وس َّل َم‬
‫ِ‬
‫والممات))(((‪.‬‬ ‫الم ْح َيا‬ ‫عذاب ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫عوذ بك ِمن‬ ‫وأ ُ‬ ‫خل‪َ ،‬‬
‫وال ُب ِ‬
‫القبر‪ ،‬ومن فتنة َ‬
‫ذم الكسل‪:‬‬
‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫خاب أ َم ُله)(((‪.‬‬
‫كس ُله؛ َ‬
‫ ‪-‬قال الخلوتي‪( :‬قيل‪َ :‬من دام َ‬
‫والس َه ِر‪ ،‬فكان‬ ‫الحرب ْبين ال َّنو ِم َّ‬
‫ُ‬ ‫يل و َقع‬ ‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬إذا َج َّن ال َّل ُ‬ ‫ُ‬
‫ويقول ُ‬ ‫ ‪-‬‬
‫ِ‬ ‫عسكر الي ِ‬ ‫وف في مقدِّ ِ‬
‫كتيبة‬ ‫الكس ُل وال َّتواني في‬ ‫َ‬ ‫قظة‪ ،‬وصار‬ ‫ِ َ‬ ‫مة‬ ‫ُ‬ ‫والخ ُ‬‫َ‬ ‫الش ُ‬
‫وق‬ ‫َّ‬
‫فح َصل َّ‬
‫الظ َف ُر‬ ‫الف ِ‬
‫ريم حمل ًة صادق ًة َهزَ م ُجنو َد ُ‬ ‫ِ‬
‫الغفلة‪ ،‬فإذا َح َمل َ‬
‫تور وال َّنو ِم؛ َ‬ ‫الغ ُ‬
‫مان وما ِعندَ ال َّن َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ائمين َخ َب ٌر)(((‪.‬‬ ‫جر َّإل وقد ُقس َمت ُّ‬
‫الس ْه ُ‬ ‫والغنيمة‪ ،‬فما َيط ُل ُع ال َف ُ‬
‫ُ‬

‫الصنائعِ‪،‬‬ ‫بح‪ُ ،‬‬


‫وآفة َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫الكس ُل َمز َل ُ‬
‫قة ِّ‬ ‫السلمان‪( :‬وقد قيل‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫العزيز َّ‬ ‫ ‪-‬قال عبدُ‬
‫ِ‬ ‫س في فِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫الغفلة عن‬ ‫الكسل استَغر َقها َن ُ‬
‫وم‬ ‫ِ‬ ‫راش‬ ‫ضة البضائعِ‪ ،‬وإذا َر َقدَ ت ال َّن ْف ُ‬
‫وأ َر ُ‬
‫ِ‬
‫العمل)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صالح‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)1142‬‬


‫((( البخاري (‪ ،)2823‬ومسلم (‪.)2706‬‬
‫((( ((روح البيان)) (‪.)448/3‬‬
‫((( ((بدائع الفوائد)) البن القيم (‪.)232/3‬‬
‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) لعبد العزيز السلمان (‪.)35/3‬‬
‫‪485‬‬
‫لَسكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الكسل(((‪:‬‬
‫أقسام َ‬
‫ره لها‪ ،‬وعدَ ِم ٍ‬ ‫اعات‪ ،‬مع ُك ٍ‬
‫الط ِ‬ ‫عام في جمي ِع َّ‬
‫رغبة فيها‪ ،‬وهذه‬ ‫تور ٌّ‬ ‫كس ٌل و ُف ٌ‬‫‪َ 1-‬‬
‫كس ًل و ُف ً‬
‫تورا و ُن ً‬
‫فورا‪.‬‬ ‫قين؛ فإ َّنهم ِمن أشدِّ ال َّن ِ‬
‫اس َ‬ ‫المنافِ َ‬ ‫ُ‬
‫حال ُ‬
‫ون ُك ٍ‬ ‫صاحبه عدَ م ٍ‬ ‫اعات‪ ،‬ي ِ‬
‫الط ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض َّ‬
‫ره لها‪ ،‬أو‬ ‫رغبة فيها‪ُ ،‬د َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كس ٌل و ُف ٌ‬
‫تور في‬ ‫‪َ 2-2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حال ٍ ِ‬ ‫جودها‪ ،‬وهذه ُ‬ ‫غبة مع و ِ‬ ‫عف في الر ِ‬ ‫َض ٍ‬
‫وأصحاب‬ ‫لمين‬
‫المس َ‬ ‫كثير من ُف َّساق ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫هوات‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الش‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حب َة‬ ‫الرغب َة في العبادة‪َ ،‬‬
‫والم َّ‬ ‫بي؛ فتَجدُ عندَ ه َّ‬‫ني ال ق ْل ٌّ‬
‫عام سب ُبه بدَ ٌّ‬ ‫كس ٌل و ُف ٌ‬
‫تور ٌّ‬ ‫‪َ 3-3‬‬
‫حال ٍ‬ ‫كس ِله و ُف ِ‬
‫توره‪ ،‬وهذه ُ‬ ‫ِ‬
‫كثير‬ ‫للقيا ِم بها‪ ،‬وقد َيحزَ ُن إذا فا َت ْت ُه‪ ،‬ولك َّنه ُمستم ٌّر في َ‬
‫رون ِمن‬ ‫ناس صالِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وآخ ُ‬
‫حون‪َ ،‬‬ ‫لمين ا َّلذين ُيصا ُبون بهذا الدَّ اء‪ ،‬ومنهم ُأ ٌ‬ ‫المس َ‬‫م َن ْ‬
‫سق‪.‬‬ ‫هوة ِ‬
‫والف ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫أصحاب َّ‬
‫وآخر‪ ،‬ولك َّنه ال ي ِ‬ ‫اإلنسان ْبين ٍ‬
‫ستم ُّر‬ ‫َ‬ ‫حين َ َ‬ ‫ُ‬ ‫شع ُر به‬ ‫ٌ‬
‫عارض َي ُ‬ ‫كس ٌل و ُف ٌ‬
‫تور‬ ‫‪َ 4-4‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫معصية‪ ،‬وال ُي ِ‬ ‫طول مدَّ ُته‪ ،‬وال ِ‬
‫طاعة‪ .‬وهذا ال َيس َل ُم‬ ‫خر ُج عن‬ ‫يوق ُع في‬ ‫معه‪ ،‬وال َت ُ ُ‬
‫ب ِ‬
‫أو‬ ‫عارض؛ كت ََع ٍ‬
‫ٌ‬ ‫تون فيه ً‬
‫أيضا‪ ،‬وسب ُبه ‪-‬غال ًبا‪ -‬أ ْم ٌر‬ ‫تفاو َ‬
‫اس َي َ‬ ‫منه أحدٌ ‪َّ ،‬إل َّ‬
‫أن ال َّن َ‬
‫ِ‬
‫ونحوها‪.‬‬ ‫مر ٍ‬
‫ض‬ ‫ٍ‬
‫انشغال أو َ‬
‫ضار الكسل‪:‬‬
‫َم ُّ‬
‫قل أثناء ِ‬‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بادات َّ‬ ‫عن ِ‬‫كاس ُل ِ‬
‫أدائها‪.‬‬ ‫والطاعات‪ ،‬مع َضعف وث ٍ َ‬ ‫الع‬ ‫‪1-‬ال َّت ُ‬
‫ورانت‬ ‫ِ‬
‫والمواعظ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بالقرآن‬ ‫وخشونتِه‪ ،‬فلم َي ُعدْ َيتأ َّث ُر‬ ‫ِ‬
‫القلب ُ‬ ‫ِ‬
‫بقسوة‬ ‫عور‬ ‫‪ُّ 2-2‬‬
‫ْ‬ ‫الش ُ‬
‫نوب والمعاصي‪.‬‬ ‫عليه ُّ‬
‫الذ ُ‬
‫ِ‬ ‫قاة على عاتِ ِقه‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫استشعار المسؤولي ِة الم ْل ِ‬
‫ِ‬
‫باألمانة‬ ‫ساه ُل وال َّت ُ‬
‫هاو ُن‬ ‫َّ ُ‬ ‫‪3-3‬عدَ ُم‬

‫((( هذه األقسام من كتاب ((الفتور)) للدكتور ناصر العمر (ص‪ )26 -23 :‬باختصار‪.‬‬
‫‪486‬‬
‫لَسكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫حم َله ُ‬
‫الله إ َّياها‪.‬‬ ‫ا َّلتي َّ‬
‫َ‬
‫األجيال‪.‬‬ ‫األم َة‪ ،‬و َين َف ُع‬
‫عم ٍل ُيفيدُ َّ‬ ‫‪4-4‬كثر ُة الكال ِم ُد َ‬
‫ون َ‬

‫الم ِه ِّم‪ُّ ،‬‬ ‫وتقديم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫عور‬
‫والش ُ‬ ‫الم ِه ِّم على ُ‬
‫غير ُ‬ ‫ُ‬ ‫اإلفادة منه‪،‬‬ ‫الوقت وعدَ ُم‬ ‫‪َ 5-5‬ض ُ‬
‫ياع‬
‫ِ‬
‫األوقات‪.‬‬ ‫بالفرا ِغ الروحي والو ْقتي‪ ،‬وعدَ م الب ِ‬
‫ركة في‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ ِّ َ ِّ‬
‫عم ٍل ِجدِّ ٍّي؛ َخو ًفا ِمن‬ ‫هر ُب ِمن ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫كل َ‬ ‫‪6-6‬عدَ ُم االستعداد لاللتزا ِم بشيء‪ ،‬وال َّت ُّ‬
‫األولى‪.‬‬ ‫أن َيعو َد إلى حياتِه ُ‬

‫أسباب الوقوع يف الكسل‪:‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّفاق ِ‬
‫اآليات‪.‬‬ ‫الكس َل في العبادة ال َمحال َة‪ ،‬كما َس َبق ذ ُ‬
‫كر ذلك في‬ ‫يور ُث َ‬ ‫‪1-‬الن ُ‬
‫ِ‬
‫جنود‬ ‫إن (سوف) جندٌ ِمن‬ ‫ض َق َّت ٌ‬
‫ال‪ ،‬إذ َّ‬ ‫ومر ٌ‬ ‫داء ُع ٌ‬ ‫ُ‬
‫ضال‪َ ،‬‬ ‫سويف‪ :‬وهو ٌ‬ ‫‪2-2‬ال َّت‬
‫إبليس‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫البطن‪.‬‬ ‫‪ِ 3-3‬ش َب ُع‬
‫الة ِعندَ االستِ ِ‬
‫يقاظ‪.‬‬ ‫كر‪ ،‬والو ِ‬
‫ضوء‪ ،‬والص ِ‬ ‫الذ ِ‬
‫‪4-4‬عدَ ُم ِّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ب‪ ،‬وعدَ ُم د ْف ِعه‪.‬‬
‫تح ال َف ِم ِعندَ ال َّتثاؤُ ِ‬
‫‪َ 5-5‬ف ُ‬
‫ألن َقدَ َر‬ ‫ِ‬
‫للعمل‪َّ ،‬‬ ‫اس أ َّنه ال حاج َة‬ ‫ِ‬
‫بعض ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب َفه ِم‬ ‫واك ُل؛ وذلك‬
‫‪6-6‬ال َّت ُ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫والكسل‪.‬‬ ‫جز‬ ‫واك ُل إلى َ‬
‫فأدى بهم هذا ال َّت ُ‬‫عم ْل‪َّ ،‬‬ ‫سواء َعمل ْأم لم َي َ‬
‫ٌ‬ ‫ماض‬ ‫الله‬
‫الط ِ‬
‫اعات‬ ‫الحقوق فيه ِم َن َّ‬
‫ُ‬ ‫عما َت ِج ُب‬ ‫الكس َل بال َّن ِ‬ ‫‪7-7‬السهر بال َّل ِ ِ‬
‫هار َّ‬ ‫يل يوج ُب َ‬ ‫َّ ُ‬
‫صالح الدُّ نيا والدِّ ِ‬
‫ين(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫و َم‬
‫عة‪ ،‬وإيثار الب ِ‬
‫طالة‪.‬‬ ‫احة والدَّ ِ‬
‫‪8-8‬حب الر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ ُّ َّ‬

‫((( ((إكمال المعلم)) للقاضي عياض (‪.)612/2‬‬


‫‪487‬‬
‫لَسكلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك الكسل‪:‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله باالستِ ِ‬
‫عاذة‪ ،‬كما ورد ِ‬
‫عن ال َّن ِّ‬
‫‪1-‬ال ُّلجوء إلى ِ‬
‫ُ‬
‫الع ِ‬ ‫ِ‬ ‫هم إ ِّني َأ ُ‬
‫والكس ِل))(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫جز‬ ‫عوذ بك م َن َ‬ ‫((ال َّل َّ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫طي ِة؛ َّ‬
‫نهج حياة؛ لذا ُوص َف ْت بها َّ‬
‫األم ُة‪.‬‬ ‫سطي َة َم ُ‬
‫الو َّ‬
‫فإن َ‬ ‫الو َس َّ‬ ‫‪2-2‬ا ِّت ُ‬
‫باع َ‬
‫والمسا َب ُ‬
‫قة إليها‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫سار ُ‬
‫عة إلى الخيرات‪ُ ،‬‬ ‫الم َ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫والس ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ُ 4-4‬مجا َل ُ‬
‫عي‪.‬‬ ‫أرباب الجدِّ َّ‬ ‫سة‬

‫الص ِ‬
‫الح‬ ‫ِ‬
‫والعمل َّ‬ ‫العل ِم ال َّنافِ ِع‬
‫عرفون قيم َة ِ‬
‫ين ا َّلذين َي ِ‬ ‫ِ‬
‫المجتهد َ‬
‫ِ‬
‫ظر في س َي ِر ُ‬
‫‪5-5‬ال َّن ُ‬
‫ِ‬
‫والوقت(((‪.‬‬

‫الكس ُل(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫بعض ال َّن ِ‬


‫ِ‬
‫والرياض َة؛ ح َّتى ال َيغل َب عليه َ‬
‫شي والحرك َة ِّ‬
‫الم َ‬
‫هار َ‬ ‫‪ُ 6-6‬ي َع َّو ُد في‬
‫الكسل يف واحة ِّ‬
‫الشعر‪:‬‬
‫بكر ُ ِ‬‫قال أبو ٍ‬
‫الخوارزْ ُّ‬
‫مي‪:‬‬
‫فســـدُ‬
‫آخ َر َي ُ‬
‫ِ‬
‫بفســـاد َ‬ ‫ٍ‬
‫صالح‬ ‫كـــم‬
‫ْ‬ ‫َســـان في حاالتِه‬
‫َ‬ ‫ب الك‬ ‫َصح ِ‬
‫ال ت َ‬
‫خمدُ‬ ‫ِ‬ ‫ليد إلى الج ِ‬
‫ليد ســـريع ٌة‬ ‫عَدْ وى الب ِ‬
‫الرمـاد ف َي ُ‬‫يوض ُع في َّ‬
‫مـر َ‬
‫والج ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(((‬

‫الله عنه‪.‬‬
‫ضي ُ‬ ‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)2823‬ومسلم (‪ )2706‬من حديث أنس بن مالك َر َ‬
‫((( ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) لعبد العزيز السلمان (‪.)34/3‬‬
‫المؤ ِمنين)) لجمال الدين القاسمي (‪.)185/1‬‬
‫((( ((موعظة ْ‬
‫((( ((روح البيان)) إلسماعيل حقي الخلوتي (‪.)449/3‬‬
‫‪488‬‬
‫ؤُّللا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اللُّؤم‬

‫مع َنى ُّ‬


‫اللؤم‪:‬‬
‫ٍ َ َ‬
‫جل إ ْلئا ًما؛ إذا‬
‫الر ُ‬ ‫‪-‬بالض ِّم‪ُ -‬ل ْؤ ًما‪ ...‬قال ُ‬
‫ابن ُد َريد‪ :‬أأل َم َّ‬ ‫َّ‬ ‫ؤم ُلغ ًة‪َ :‬لؤُ َم َّ‬
‫الر ُ‬
‫جل‬ ‫ال ُّل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لئيما‪ ،‬قال‪ :‬والم ْل ُم‪ :‬ا َّلذي ُيعذ ُر ال ِّل َ‬
‫ئام(((‪.‬‬ ‫اس عليه ً‬‫َصنَع ما َيدْ عوه ال َّن ُ‬

‫ؤم ِضدُّ الكر ِم(((‪.‬‬ ‫ِ‬


‫المهانة‪ ،‬وال ُّل ُ‬ ‫الش ُّح و َدناء ُة ال َّن ْف ِ‬
‫س مع َ‬ ‫اصطالحا‪ُّ :‬‬
‫ً‬ ‫ال ُّل ُ‬
‫ؤم‬

‫ؤم وال ُبخل‪:‬‬ ‫الف ُ ْ ُّ‬


‫َ‬
‫رق بي الل ِ‬
‫ِ‬
‫الر ُج ُل‬ ‫اآلباء‪ْ ،‬‬
‫فإن كان َّ‬ ‫سيس‬
‫الخ ُ‬ ‫س‪َ ،‬‬ ‫الم ِه ُ‬
‫ين ال َّن ْف ِ‬ ‫حيح‪َ ،‬‬‫الش ُ‬ ‫ِ‬
‫العرب‪َّ :‬‬ ‫ال َّل ُ‬
‫ئيم عند‬
‫جتمع فيه هذه ِ‬ ‫شحيحا ولم َت ِ‬
‫قال ِّ‬
‫لكل‬ ‫بخيل‪ ،‬ولم ُي َق ْل له‪َ :‬ل ٌ‬
‫ئيم‪ُ .‬ي ُ‬ ‫ٌ‬ ‫صال قيل له‪:‬‬‫الخ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫ِ‬ ‫قال ِّ‬‫بخيل‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫ٌ‬
‫سوي بينهما(((‪.‬‬ ‫والعام ُة ُتخط ُئ فيهما ف ُت ِّ‬
‫َّ‬ ‫لئيم‪،‬‬
‫بخيل ٌ‬‫ٍ‬ ‫لكل‬ ‫لئي ٍم‪:‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنه يف القرآن ُّ‬ ‫ذم اللؤم َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫الله تعالى‪ :‬ﮋ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﮊ [القلم‪.]13 :‬‬
‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ٍ‬
‫الفاحش ال َّل ُ‬
‫ئيم‪ ،‬قاله‬ ‫ُ‬ ‫َّامن‪ :‬هو‬
‫الوج ُه الث ُ‬
‫أوجه‪ْ ...‬‬ ‫ُ‬
‫تسعة ُ‬ ‫دي‪( :‬وفيه‬
‫الماو ْر ُّ‬
‫َ‬ ‫قال‬
‫عم ٌر)(((‪.‬‬
‫َم َ‬
‫الله ع َل ِيه وآلِه وس َّل َم قال‪:‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫الله عنه‪َّ ،‬‬
‫أن ال َّن َّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن أبي ُه َرير َة َر َ‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)2025/5‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)530/12‬‬


‫((( انظر ((المصباح المنير)) للفيومي (‪.)560/2‬‬
‫((( ((الزاهر)) ألبي بكر األنباري (‪.)58/2‬‬
‫دي)) (‪.)64/6‬‬
‫الماو ْر ِّ‬
‫َ‬ ‫((( ((تفسير‬
‫‪489‬‬
‫ؤُّللا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِْ ِ‬
‫كريم‪ ،‬والفاج ُر َخ ٌّب َل ٌ‬
‫ئيم))(((‪.‬‬ ‫((المؤم ُن غ ٌّر ٌ‬
‫غول في‬ ‫والو َ‬
‫الخ َّب والدَّ ها َء ُ‬ ‫الفاجر َمن كانت عاد ُته َ‬ ‫َ‬ ‫ابي‪َّ ...( :‬‬
‫إن‬ ‫الخ َّط ُّ‬
‫قال َ‬
‫الش ِّر‪ ،‬وليس ذلك منه ع ْق ًل‪ ،‬لك َّنه َخ ٌّب و ُل ْؤ ٌم)(((‪.‬‬ ‫ِ‬
‫معرفة َّ‬
‫الله ع َل ِيه‬ ‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫عت‬ ‫سم ُ‬‫الله عنه قال‪ِ :‬‬ ‫ضي ُ‬ ‫كعب َر َ‬ ‫ٍ‬ ‫ ‪-‬عن ُأ َب ِّي ِ‬
‫بن‬
‫الع َجب‪...‬‬ ‫الله ع َلينا وعلى موسى‪ ،‬لوال أ َّنه َع ِج َل َ‬ ‫رحمة ِ‬‫ُ‬ ‫وس َّل َم ُ‬
‫لرأى َ‬ ‫ْ‬ ‫يقول‪...(( :‬‬
‫قرية لِئا ًما))(((‪.‬‬
‫أهل ٍ‬ ‫فانط َل َقا ح َّتى إذا َأ َت َيا َ‬
‫َ‬

‫بدليل َقولِه تعالى‪ :‬ﮋ ﭳ‬ ‫ِ‬ ‫الضياف َة؛‬ ‫(والمراد به هنا‪ :‬أ َّنهما َس َأل ِّ‬
‫ُ‬ ‫بي‪:‬‬ ‫الق ُ‬
‫رط ُّ‬ ‫قال ُ‬
‫ِ‬
‫أهل القرية أن ُي َذ ُّموا و ُي َ‬
‫نسبوا إلى ال ُّلؤ ِم‬ ‫ﭴ ﭵﮊ [الكهف‪]77 :‬؛ فاستَحقَّ ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم)(((‪.‬‬
‫نبينا ص َّلى ُ‬ ‫وص َفهم بذلك ُّ‬ ‫كما َ‬
‫ؤم‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ ُّ‬
‫ذم الل ِ‬ ‫أقوال َّ‬
‫دخ َل‬
‫كريما و َت ُ‬
‫كون ً‬‫ابن آ َد َم‪ ،‬أ َم َرك ر ُّبك أن َت َ‬ ‫بن َأس َل َم ُ‬
‫يقول‪( :‬يا َ‬ ‫ ‪-‬كان زيدُ ُ‬
‫دخ َل ال َّن َ‬
‫ار)(((‪.‬‬ ‫لئيما و َت ُ‬
‫كون ً‬‫الج َّن َة‪ ،‬ونهاك أن َت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تباعدُ‬
‫ممن َي َ‬
‫تقر َب َّ‬ ‫(ط ِبع ُ‬
‫ابن آ َد َم على ال ُّلؤ ِم‪ ،‬فمن َشأنه أن َي َّ‬ ‫افعي‪ُ :‬‬ ‫ ‪-‬وقال َّ‬
‫الش ُّ‬
‫تقر ُب منه)(((‪.‬‬ ‫تباعدَ َّ‬
‫ممن َي َّ‬ ‫منه‪ ،‬و َي َ‬
‫ف َّ‬‫عر ِ‬
‫ابن ال َق ِّي ِم‪َ ( :‬من لم َي ِ‬
‫تعر ْفها‪ ،‬فهذا هو ال َّل ُ‬
‫ئيم‬ ‫الطريقَ إلى ر ِّبه ولم َي َّ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4790‬والترمذي (‪ ،)1964‬وأحمد (‪.)9107‬‬


‫وكاني في ((الفتح الرباني)) (‪ ،)5507/11‬وحسن الحديث األلباني في‬
‫ُّ‬ ‫وثق رجال إسناده َّ‬
‫الش‬
‫((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)4790‬‬
‫((( ((معالم السنن)) للخطابي (‪.)108/4‬‬
‫((( حديث طويل أخرجه مسلم (‪.)2380‬‬
‫((( ((المفهم)) للقرطبي (‪.)207/6‬‬
‫((( أخرجه أبو بكر الدينوري في ((المجالسة وجواهر العلم)) (‪.)44/7‬‬
‫((( ((الزهد الكبير)) للبيهقي (ص‪.)105 :‬‬
‫‪490‬‬
‫ؤُّللا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ا َّلذي قال ُ‬
‫الله تعالى فيه‪ :‬ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮊ [الحج‪.((()]18 :‬‬

‫ضاره(((‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫ؤم َ‬ ‫ُّ‬
‫آثار الل ِ‬
‫ود ًة‪َ ،‬‬ ‫‪ِ َّ 1-‬‬
‫سرع ُهم َعداو ًة‪.‬‬
‫وأ ُ‬ ‫اس َأبطؤُ ُهم َم َّ‬
‫ئام ال َّن ِ‬
‫أن ل َ‬

‫ئيم ال َيقضي الحاج َة ديان ًة وال ُمروء ًة‪ ،‬وإ َّنما َيقضيها إذا َقضاها ط َل ًبا‬‫‪2-2‬ال َّل ُ‬
‫كر والمحم ِ‬
‫دة في ال َّن ِ‬
‫اس‪.‬‬ ‫للذ ِ َ َ‬ ‫ِّ‬

‫صبرا في‬
‫اس ً‬ ‫وش َهواتِهم‪ُّ ،‬‬
‫وأقل ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫أهوائهم َ‬ ‫ِ‬
‫طاعة‬ ‫ئام َأص َب ُر ال َّن ِ‬
‫اس في‬ ‫‪3-3‬ال ِّل ُ‬
‫ِ‬
‫طاعة ر ِّبهم‪.‬‬
‫عن الحس ِ‬
‫واإلعراض ِ‬
‫ُ‬ ‫باع اله َف ِ‬
‫نات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وات‪،‬‬ ‫‪4-4‬ا ِّت ُ َ‬
‫حش والسب وب ِ‬
‫ذاءة ال ِّل ِ‬
‫سان‪.‬‬ ‫الف ِ َّ ِّ َ‬ ‫‪5-5‬ال ُّل ُ‬
‫ؤم يؤ ِّدي إلى ُ‬
‫قيق الم ِ‬
‫روءة‪.‬‬ ‫‪6-6‬ال َّل ُ‬
‫ئيم َر ُ ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان إلى َأخ َبث َ‬
‫المطامعِ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سوق‬ ‫‪7-7‬ال ُّل ُ‬
‫ؤم َي ُ‬

‫ؤم(((‪:‬‬ ‫ُّ‬
‫ِمن ُص َور الل ِ‬
‫‪ُ 1-‬ظ ْلم ال َق ِ‬
‫رابة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪2-2‬السب وبذاء ُة ال ِّل ِ‬
‫سان‪.‬‬ ‫َّ ُّ َ‬
‫‪3-3‬ال ُب ُ‬
‫خل‪.‬‬

‫((( ((طريق الهجرتين)) البن القيم (ص‪.)177 :‬‬


‫((( ((المجالسة وجواهر العلم)) ألحمد بن مروان الدينوري (‪(( ،)452/4‬روضة العقالء)) البن‬
‫حبان (ص‪(( ،)249 ،174 :‬أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪(( ،)193 :‬إحياء علوم الدين))‬
‫للغزالي (‪ )231/2‬و(‪(( ،)121/3‬عدة الصابرين)) البن القيم (ص‪.)53-52 :‬‬
‫((( ((أدب الكاتب)) البن قتيبة (ص‪(( ،)30 :‬العقد الفريد)) البن عبدربه (‪(( ،)227/7‬أدب الدنيا‬
‫والدين)) للماوردي (ص‪(( ،)194 :‬إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)157 ،132/3‬‬
‫‪491‬‬
‫ؤُّللا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الس ِّر‪.‬‬
‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫‪4-4‬‬
‫بالص ِ‬
‫دق‪.‬‬ ‫‪5-5‬ال َّن ُ‬
‫ميمة ولو ِّ‬

‫دعى إليه‪.‬‬ ‫للطعا ِم ِمن ِ‬


‫غير ْ‬
‫أن ُي َ‬ ‫ض َّ‬‫عر ُ‬ ‫‪6-6‬ال َّت ُ‬
‫طفيل‪ ،‬وهو ال َّت ُّ‬
‫‪ُ 7-7‬كفر الن ِ‬
‫ِّعمة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أسباب الوقوع يف ُّ‬
‫اللؤم(((‪:‬‬ ‫ِ‬
‫عاشر ُة ال ِّلئا ِم‪.‬‬
‫‪ُ 1-‬م َ‬
‫والك ِذب‪ِ ،‬‬
‫والغ ُ‬
‫يبة‪.‬‬ ‫خل‪ُ َ ،‬‬ ‫‪2-2‬الحسدُ ‪ ،‬وال ُب ُ‬
‫عف الح ِ‬
‫ياء‪.‬‬ ‫‪َ 3-3‬ض ُ َ‬
‫ِ‬
‫بالخديعة‪.‬‬ ‫عام ُل‬
‫‪4-4‬ال َّت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫هوات‪.‬‬ ‫األهواء َّ‬
‫والش‬ ‫يطان‪ ،‬وا ِّت ُ‬
‫باع‬ ‫طاعة َّ‬
‫ينة على ترك ُّ‬
‫اللؤم‪:‬‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫‪1-‬مصاح ُبة ِ‬
‫الكرا ِم(((‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫حوائج ال َّن ِ‬
‫اس ديان ًة ُ‬
‫ومروء ًة(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫قضاء‬
‫والشع ُر يف ُّ‬
‫اللؤم(((‪:‬‬ ‫األمثال ِّ‬
‫بمنًى كان ُمتعالِ ًما بال ُّلؤ ِم‪.‬‬
‫ابن َقرصعٍ‪ :‬هو رج ٌل ِ‬
‫ُ‬
‫ ‪َ -‬أ ْ َ ِ‬
‫ل ُم م َن ِ ْ َ‬

‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪(( ،)73 ،58 :‬عدة الصابرين)) البن القيم (ص‪،)53-52 :‬‬
‫((صيد األفكار)) للقاضي حسين المهدي (‪.)604/1‬‬
‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي حسين المهدي (‪.)609/1‬‬
‫((( ((روضة العقالء)) البن حبان (ص‪.)249 :‬‬
‫((( ((المستقصى)) للزمخشري (‪.)298/1‬‬
‫‪492‬‬
‫ؤُّللا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫راسان ِجباي ًة لم َي ْجبِها‬ ‫ ‪َ -‬أ ْ َ ِ‬


‫َ‬ ‫أهل ُخ‬ ‫ل ُم من َأس َل َم‪ :‬هو َأس َل ُم ُ‬
‫بن ُزرع َة‪َ ،‬ج َبى َ‬
‫ِ ِ‬ ‫أن ُ‬‫ثم َب َل َغه َّ‬
‫َخرج‬
‫القبور واست َ‬ ‫َ‬ ‫رس كانت َت َض ُع في َف ِم الميت د ً‬
‫رهما‪ ،‬ف َن َبش‬ ‫الف َ‬ ‫أحدٌ ‪َّ ،‬‬
‫راهم‪.‬‬
‫الدَّ َ‬
‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬
‫الش ُ‬
‫ئيـــــم‬ ‫ـــــر ُه ال َّل‬ ‫ـــــه وي ِ‬
‫نك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لصاحبِ‬ ‫الكريم‬ ‫الحـــق َي ِ‬
‫عر ُفـــ ُه‬ ‫َّ‬ ‫ـــت‬
‫رأ ْي ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫كريـــم‬
‫ُ‬ ‫فـــك ُُّل فعالـــه َ‬
‫حســـ ٌن‬ ‫كريمـــا‬
‫ً‬ ‫حســـنًا‬
‫إذا كان الفتَـــى َ‬
‫ئيـــم‬ ‫ـــمج َل‬ ‫فـــكل فِعالِ ِ‬
‫ـــه َس‬ ‫ُّ‬ ‫لئيمـــــا‬ ‫إذا َأ ْل َف ْيتَـــــ ُه َس‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ـــــمجا ً‬
‫ً‬
‫(((‬

‫((( ((صيد األفكار)) للقاضي حسين المهدي (‪.)604/1‬‬


‫‪493‬‬
‫َ‬
‫كلاو ُركملا‬‫ُدي‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َ‬
‫والكي ُد‬ ‫مكر ُ‬
‫ال َ‬

‫مع َنى املَ ِ‬


‫كر وال َكي ِد‪:‬‬
‫ُ‬
‫والخديعة(((‪.‬‬ ‫ُ‬
‫االحتيال‬ ‫كر ُلغ ًة‪:‬‬
‫الم ُ‬
‫َ‬
‫الف ما يقت َِضيه ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ظاه ُره(((‪.‬‬ ‫اصطالحا‪ :‬ما َيقصدُ فاع ُله في باطنه خ َ َ‬
‫ً‬ ‫كر‬
‫الم ُ‬
‫َ‬
‫وكل ٍ‬
‫شيء ُتعالِ ُجه فأنت َتكيدُ ه(((‪.‬‬ ‫وكذلِ َك المكا َيد ُة‪ُّ .‬‬
‫والم ْك ُر‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫الكيدُ ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫الخ ْب ُث َ‬
‫ضر ِة َ‬
‫الغ ِير ُخ ْفي ًة(((‪.‬‬ ‫اصطالحا‪ :‬إراد ُة َم َّ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫الكيدُ‬

‫واحل َي ِل وال َغ ْد ِر(((‪:‬‬ ‫الفرق ْ‬


‫بي املَكر وال َكي ِد ِ‬
‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫أن َ‬ ‫كون َّإل مع تد ُّب ٍر وفِ ٍ‬
‫كر‪َّ ،‬إل َّ‬ ‫الك ِيد في أ َّنه ال َي ُ‬
‫ثل َ‬‫كر ِم ُ‬
‫كر‪.‬‬ ‫الكيدَ َ‬
‫أقوى م َن َ‬ ‫الم ُ‬
‫َ‬
‫كر‪ ،‬وهو أن يقدِّ ر َنفع ِ ِ‬‫بم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫وج ِهه‪ ،‬ف ُي َّ‬
‫سمى ذلك‬ ‫الغير ال من ْ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫أن م َن الح َي ِل ما ليس َ‬
‫ِ‬
‫فعا‪.‬‬ ‫كر ال َي ُ‬
‫كون َن ً‬ ‫والم ُ‬
‫فعا‪َ ،‬‬‫حيل ًة مع َكونه َن ً‬

‫وج ِهه أو ال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الغير ِمن ِ‬


‫غير أن َيع َل َم به‪،‬‬ ‫ضر ِر ِ‬
‫وسواء كان من ْ‬ ‫ٌ‬ ‫تقدير َ‬
‫ُ‬ ‫والمكر‬
‫ُ‬
‫كرا في‬ ‫وعدَ به الك َّف َ‬
‫ار َم ً‬ ‫الله تعالى ما َت َّ‬
‫وسمى ُ‬ ‫وج ِهه‪َّ ،‬‬ ‫كون ِمن ِ‬
‫غير ْ‬ ‫والحيل ُة ال َت ُ‬
‫قولِه تعالى‪ :‬ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮊ [األعراف‪]99 :‬؛‬

‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪.)819/2‬‬


‫((( ((معجم مقاليد العلوم)) للسيوطي (ص‪.)207 :‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)533/2‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)383/3‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)227 :‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)509 ،260 -259 :‬‬
‫‪494‬‬
‫َ‬
‫كلاو ُركملا‬‫ُدي‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫سبيل‬ ‫مكور به حيث ال َيع َل ُم‪َّ ،‬‬
‫فلما كان هذا‬ ‫بالم‬
‫المكرو َه َ‬ ‫أن الماك َر ُي ِنز ُل َ‬
‫وذلك َّ‬
‫كرا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العذاب َس َّما ُه َم ً‬ ‫وعدَ هم به ِم َن‬
‫ما َت َّ‬
‫كون ابتِدا ًء ِمن ِ‬
‫غير‬ ‫كر‪ :‬قد َي ُ‬
‫والم ُ‬
‫الوفاء به‪َ .‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫العهد ا َّلذي َي ِج ُب‬ ‫در َن ُ‬
‫قض‬ ‫َ‬
‫والغ ُ‬
‫َع ٍ‬
‫قد‪.‬‬

‫املكر وال َكي ِد يف القرآن ُّ‬


‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ذم ِ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﯺ‪   ‬ﯻﮊ [فاطر‪.]43 :‬‬

‫ ‪-‬وقال ُسبحا َنه‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ‬


‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﮊ [يوسف‪.]5 :‬‬
‫اص‪ ،‬قالت‪ِ :‬‬‫بن أبي و َّق ٍ‬ ‫نت س ِ‬
‫عد ِ‬ ‫ ‪-‬وعن عائش َة بِ ِ‬
‫الله عنه‬
‫ضي ُ‬‫عت سعدً ا َر َ‬
‫سم ُ‬ ‫َ‬
‫يقول‪(( :‬ال يكيدُ أه َل الم ِ‬
‫دينة أحدٌ َّإل‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ُ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫قال‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عت ال َّن َّ‬
‫سم ُ‬
‫ِ‬
‫الماء))(((‪.‬‬ ‫لح في‬ ‫انماع كما ي ُ ِ‬
‫نماع الم ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الله تعالى في ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫يني‪( :‬ا َّلذي َيكيدُ َ‬
‫صاص‪،‬‬‫الر‬ ‫ار َذ َ‬
‫وب َّ‬ ‫المدينة ُيذي ُبه ُ‬ ‫أهل‬ ‫الع ُّ‬
‫قال َ‬
‫ِ‬
‫عظيما)(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذاب َّإل عن ارتكابِه ً‬
‫إثما‬ ‫الع َ‬
‫وال َيستح ُّق هذا ذاك َ‬

‫ذم املَ ِ‬
‫كر وال َكيد‪:‬‬ ‫لف وال ُعلما ِء يف ِّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫ٍ‬ ‫ُ ِ‬ ‫بن ٍ‬
‫(ثالث خصال َمن ُك َّن فيه ُك َّن عليه‪ :‬ال َب ُ‬
‫غي‪،‬‬ ‫ظي‪:‬‬ ‫كعب ُ‬
‫الق َر ُّ‬ ‫محمدُ ُ‬
‫ ‪-‬قال َّ‬
‫كر‪ .‬وقرأ‪( :‬ﮋ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﮊ [فاطر‪ ،]43 :‬ﮋ‪  ‬ﮠ‬ ‫وال َّن ْك ُث‪َ ،‬‬
‫والم ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1877‬ومسلم (‪.)1387‬‬


‫((( ((عمدة القاري)) للعيني (‪.)241/10‬‬
‫‪495‬‬
‫َ‬
‫كلاو ُركملا‬‫ُدي‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮊ [يونس‪ ،]23 :‬ﮋ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﮊ‬


‫[الفتح‪.((()]10 :‬‬

‫أن َمن كاد َغ َيره‬


‫نبيه على َّ‬
‫الم َت ٌ‬
‫الس ُ‬ ‫َ‬
‫يوسف عليه َّ‬ ‫قص ِة‬
‫ابن ال َق ِّي ِم‪( :‬في َّ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫فإن الل َه ُسبحا َنه وتعالى ال بدَّ أن َيكيدَ ه‪ ،‬وأ َّنه ال بدَّ أن َيكيدَ للمظلو ِم‬ ‫َكيدً ا ُم َّ‬
‫حر ًما َّ‬
‫كائ ِده و َت َّ‬
‫لط َ‬
‫ف به)(((‪.‬‬ ‫يد ِ‬‫إذا صبر على َك ِ‬
‫َ َ‬
‫املكر(((‪:‬‬
‫أقسام ِ‬
‫وإخفاء ِخالفِه؛‬
‫ُ‬ ‫إظهار أ ْم ٍر‬
‫ُ‬ ‫فإن حقيقتَه‬ ‫ٍ‬
‫محمود و َمذمو ٍم؛ َّ‬ ‫المكر ي ِ‬
‫نقس ُم إلى‬ ‫َ ُ َ‬
‫الم ِ‬
‫كر؛ مقا َبل ًة لهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المحمود‪َ :‬م ْك ُره تعالى‬ ‫راده؛ ِ‬
‫ليتوص َل به إلى م ِ‬
‫بأهل َ‬ ‫فم َن‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫عم ِل ِهم؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ‬ ‫بج ِ‬ ‫علهم‪ ،‬وجزا ًء لهم ِ‬ ‫ِبف ِ‬
‫نس َ‬
‫ﮠ ﮡ ﮢ ﮊ [األنفال‪ ،]30 :‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫بي إذا ام َتنَع ِمن‬ ‫فع ُل َّ‬
‫بالص ِّ‬ ‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮊ [النمل‪ ،]50 :‬وكما ُي َ‬
‫اس واألكثر‪ ،-‬وذلك أن ي ِ‬
‫قصدَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األشهر ِعندَ ال َّن ِ‬
‫ُ‬
‫َتع ُّل ِم خير‪ِ .‬‬
‫وم َن المذمو ِم ‪-‬وهو‬
‫بالمخدوعِ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فاع ُله َ‬
‫إنزال َمكروه َ‬
‫أقسام ال َكي ِد(((‪:‬‬
‫ين‪:‬‬ ‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكيدُ ً‬ ‫وي ِ‬
‫نقس ُم َ‬
‫أيضا إلى ق َ‬ ‫َ‬
‫‪1-‬محمود‪ :‬وهو ما ُق ِصد به َ‬
‫الخ ُير‪.‬‬
‫‪2-2‬مذموم‪ :‬وهو ما ُق ِصد به َّ‬
‫الش ُّر‪.‬‬

‫((ذم البغي)) البن أبي الدنيا (‪.)88/1‬‬


‫((( ُّ‬
‫((( ((إغاثة اللهفان)) البن القيم (‪.)119/2‬‬
‫((( ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب (ص‪(( ،)255 :‬إغاثة اللهفان)) البن القيم (‪.)388/1‬‬
‫((( ((إغاثة اللهفان)) البن القيم (‪.)388/1‬‬
‫‪496‬‬
‫َ‬
‫كلاو ُركملا‬‫ُدي‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫وسائل َّ‬
‫النجا ِة من كيد الكائدين‪:‬‬
‫الص ُبر وال َّتقوى‪.‬‬
‫‪َّ 1-‬‬
‫دين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الله بها عن َأع ُي ِن‬ ‫‪2-2‬إخفاء الن ِ‬
‫ِّعمة ا َّلتي َ‬
‫رز َقك ُ‬
‫الحاس َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وإخالص‪.‬‬ ‫دق‬ ‫وجل ِ‬
‫بص ٍ‬ ‫َّ‬ ‫عز‬ ‫‪3-3‬دعاء ِ‬
‫الله َّ‬ ‫ُ‬
‫َّ‬
‫وجل‪.‬‬ ‫عز‬ ‫وك ُل على ِ‬
‫الله َّ‬ ‫‪4-4‬ال َّت ُّ‬

‫والشع ُر يف املكر‪:‬‬ ‫ُ‬


‫واألمثال ِّ‬ ‫احل َكم‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الحديد!(((‪.‬‬ ‫وأنت في‬ ‫ ‪ُ -‬‬
‫امك ْر َ‬

‫ ‪ُ -‬ر َّب حيلة‪ ،‬كانت على صاحبِها َوبِيلة‪.‬‬

‫اللي‪:‬‬
‫اله ُّ‬‫ين ِ‬ ‫قي الدِّ ِ‬
‫ ‪-‬قال َت ُّ‬
‫ِ‬
‫الغدر َيســـ ُق ُط في البِ ِئر‬ ‫وحافر ِ‬
‫بئر‬ ‫ُ‬ ‫بأه ِل ِه‬
‫كـــر َّإل ْ‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫يـــق َ‬‫وليس َي ِح ُ‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫حافر َلحـــدً ا لِ َيدفِـــ َن َغ َير ُه‬‫وكـــم ٍ‬
‫فر‬ ‫على ن ْفســـه قد ُج َّر في ذلك َ‬
‫ِ (((‬ ‫بذاك السه ِم في ُث ِ‬
‫غرة النَّحر‬ ‫صيب َ َّ‬ ‫ُأ َ‬ ‫ـــهما ل َيصطـــا َد َغ َير ُه‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫رائش َس‬ ‫وكم‬

‫((( ((األمثال)) البن سالم (ص‪.)102 :‬‬


‫((( ((أتوعد سنات الرسول بمحوها)) لمحمد تقي الدين الهاللي (ص‪.)23 :‬‬
‫‪497‬‬
‫دهَعلا ضْقن‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫عهد‬
‫نقْض ال َ‬

‫ض ال َعهد‪:‬‬ ‫مع َنى ْ‬


‫نق ِ‬
‫قال‪:‬‬ ‫كث ٍ‬
‫شيء(((‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫أصل صحيح‪ ،‬يدُ ُّل على َن ِ‬
‫والضاد ٌ‬ ‫ُ‬
‫والقاف‬ ‫قض ُلغ ًة‪ :‬ال ُّن ُ‬
‫ون‬ ‫ال َّن ُ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫والح َبل والعهدَ (((‪.‬‬ ‫َن َ‬
‫قض البنا َء َ‬
‫بل أو ٍ‬
‫عهد(((‪.‬‬ ‫قض اصطالحا‪ :‬إفساد ما َأبرمتَه ِمن بِ ٍ‬
‫ناء أو َح ٍ‬ ‫ال َّن ُ‬
‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫باألمان‪:‬‬ ‫دخ ُل‬
‫ربي َي ُ‬
‫للح ِّ‬ ‫والموثِ ُق ِّ‬
‫والذ َّم ُة‪ ،‬ومنه قيل َ‬ ‫ُ‬
‫واألمان َ‬ ‫صي ُة‬
‫الو َّ‬ ‫العهدُ ُلغ ًة‪َ :‬‬
‫ٍ‬
‫عاهدٌ (((‪.‬‬
‫وم َ‬ ‫ُذو عهد‪ُ ،‬‬
‫خد َم‬‫حال‪ .‬هذا أص ُله‪ ،‬ثم اس ُت ِ‬
‫حال بعد ٍ‬‫ومراعا ُته ً‬ ‫فظ َّ ِ‬ ‫اصطالحا‪ِ :‬ح ُ‬ ‫العهدُ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫الشيء ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الموثِ ِق ا َّلذي َيلزَ ُم مراعا ُته(((‪.‬‬‫في َ‬
‫رق ب َ‬
‫ني ال َعه ِد وال َوع ِد‪:‬‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫فوعدٌ ‪ ،‬ون ْق ُضه ُخ ُ‬
‫لف‬ ‫ٍ‬
‫جانب ْ‬ ‫كون ِمن‬
‫وأما ما َي ُ‬ ‫كون ِم َن الجان َب ِ‬
‫ين‪َّ ،‬‬ ‫العهدُ ما َي ُ‬
‫ٍ‬
‫وعد(((‪.‬‬
‫يانة‪:‬‬
‫واخل ِ‬
‫قض ِ‬ ‫الفرق بني َّ‬
‫الن ِ‬
‫كون ِسرا وجهرا‪ِ ،‬‬ ‫العهد ِس ًّرا‪َّ ،‬أما ال َّن ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ومن‬ ‫قض فإ َّنه َي ُ ًّ َ ً‬ ‫الخيانة َتقتَضي َ‬
‫نقض‬

‫((( ((مقاييس ال ُّلغة)) البن فارس (‪.)470/5‬‬


‫((( ((الصحاح تاج ال ُّلغة)) للجوهري (‪.)1110/3‬‬
‫((( ((تفسير القرطبي)) (‪.)246/1‬‬
‫((( ((الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)515/2‬المصباح المنير)) للفيومي (‪.)435/2‬‬
‫((( ((التعريفات)) للجرجاني (ص‪.)159 :‬‬
‫((( ((بريقة محمودية)) للخادمي (‪.)281/2‬‬
‫‪498‬‬
‫دهَعلا ضْقن‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫األمانة‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الغدر‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قض َ ِ‬ ‫َث َّم َي ُ‬
‫وضدُّ‬ ‫الخيانة‪:‬‬ ‫وضدُّ‬ ‫أع َّم م َن الخيانة‪ ،‬و ُيراد ُفه َ ُ‬ ‫كون ال َّن ُ‬
‫اإلبرام(((‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ال َّن ِ‬
‫قض‪:‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫نقض العهد يف القرآن ُّ‬
‫هي عن ِ‬ ‫َّ‬
‫الن ُ‬
‫ ‪-‬قو ُله تعالى‪ :‬ﮋ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮊ [البقرة‪.]27 :‬‬
‫قال السعدي‪( :‬وهذا يعم العهدَ ا َّلذي بينهم وبينه‪ ،‬وا َّلذي بينهم وبين ِع ِ‬
‫باده‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ُّ‬ ‫َّ ُّ‬
‫ِ‬
‫واإللزامات)(((‪.‬‬ ‫بالمواثيق الث ِ‬
‫َّقيلة‬ ‫ِ‬ ‫ا َّلذي َّأكدَ ه عليهم‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫بخ ٍ‬
‫مس‪ ،‬قيل‪ :‬يا‬ ‫مس َ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪َ :‬‬
‫((خ ٌ‬
‫رسول ِ‬
‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫الله ع َل ِيهم َعدُ َّو ُهم‪،‬‬
‫العهدَ َّإل َس َّل َط ُ‬ ‫بخ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض َق ٌ‬
‫وم َ‬ ‫مس؟ قال‪ :‬ما َن َق َ‬ ‫مس َ‬‫الله‪ ،‬وما َخ ٌ‬
‫فيهم ال َفقر‪ ،‬وما َظهر ِ‬ ‫بغير ما َأنزَ َل ُ‬
‫وما َح َكموا ِ‬
‫الفاحشة فيهم َّإل‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫الله َّإل َف َشا ِ ُ‬
‫نين‪ ،‬وال َمنَعوا‬ ‫يل َّإل منِعوا ال َّن َ ُ ِ‬ ‫وت‪ ،‬وال َط َّف ُفوا َ‬
‫الك َ‬ ‫َف َشا ِ‬
‫بالس َ‬ ‫بات وأخذوا ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬
‫فيه ُم َ‬
‫طر))(((‪.‬‬
‫الم ُ‬
‫عنه ُم َ‬
‫س ُ‬ ‫الزكا َة َّإل ُحبِ َ‬
‫َّ‬
‫ذم ْ‬
‫نقض ال َعهد‪:‬‬ ‫ُ‬
‫أقوال العلما ِء يف ِّ‬
‫بي ص َّلى‬ ‫ِ‬ ‫ض ُق َر ٍ‬‫عاقبة ن ْق ِ‬ ‫حج ٍر‪( :‬كان‬
‫يش العهدَ مع ُخزاع َة ُحلفاء ال َّن ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ابن َ‬ ‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ِ‬
‫طلب‬ ‫واض ُط ُّروا إلى‬ ‫مك َة‪ْ ،‬‬ ‫لمون ح َّتى َفتَحوا َّ‬
‫الم ْس َ‬ ‫أن َغ ُ‬
‫زاهم ُ‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّل َم ْ‬
‫ُ‬
‫هن‪ ،‬إلى أن َد َخلوا في اإلسال ِم‪،‬‬ ‫الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع َّز ِة‬
‫األمان‪ ،‬وصاروا بعد ِ‬ ‫ِ‬
‫والقوة في غاية َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫وأك َث ُرهم لذلك ِ‬
‫كار ٌه)(((‪.‬‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة باحثين (‪.)5633/11‬‬


‫((( ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان)) (ص‪.)47 :‬‬
‫((( أخرجه الطبراني (‪.)10992( )45/11‬‬
‫حسنه األلباني في ((صحيح الجامع)) (‪.)3240‬‬
‫((( ((فتح الباري)) البن حجر (‪.)285/6‬‬
‫‪499‬‬
‫دهَعلا ضْقن‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫نقض العهد‪:‬‬
‫آثار ِ‬
‫ض عهدَ ِ‬
‫الله‪.‬‬ ‫‪ُ 1-‬ك ْف ُر َمن ن َق َ ْ‬
‫بعه ِده‪ ،‬و َن َقض ِميثا َقه‪.‬‬
‫عاقبة َمن َن َك َث ْ‬
‫ُ‬ ‫الخ ُ‬
‫سران‬ ‫‪ُ 2-2‬‬

‫بع عليها‪.‬‬
‫والط ُ‬ ‫ِ‬
‫القلوب َّ‬ ‫‪3-3‬ال َّل ُ‬
‫عن وقسو ُة‬
‫ِ‬
‫والبغضاء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالعداوة‬ ‫اإلغراء‬ ‫‪4-4‬‬
‫ُ‬
‫الجناية على ال َّن ْف ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬

‫نقض العه ِد‪:‬‬


‫ِمن ُص َور ِ‬
‫الله و َيرضا ُه ِم َن‬
‫عل ما ُي ِح ُّبه ُ‬ ‫الله به خ ْل َقه؛ ِمن فِ ِ‬ ‫وصى ُ‬ ‫ِ‬
‫ض العهد ا َّلذي َّ‬ ‫‪1-‬ن ْق ُ‬
‫ِ‬
‫واألفعال‪ ،‬وا َّلذي‬ ‫ِ‬
‫األقوال‬ ‫الله وال َيرضا ُه ِم َن‬ ‫وتر ِك ما ال ُي ِح ُّبه ُ‬ ‫ِ‬
‫األقوال واألفعال‪ْ ،‬‬
‫ِ‬

‫ض هذا‬ ‫الم‪ ،‬ومعنَى ن ْق ِ‬ ‫الصال ُة َّ‬


‫والس ُ‬ ‫عليه ُم َّ‬‫الم َّنز ُلة‪ ،‬وب َّل َغه ُر ُس ُله ِ‬ ‫ضم َن ْته ُك ُتبه ُ‬‫َت َّ‬
‫ِ‬
‫العمل به‪.‬‬ ‫العهد‪ْ :‬تر ُك‬ ‫ِ‬

‫الط ِ‬ ‫لمين؛ ِمن ُو ِ‬ ‫ِ‬


‫اعة في‬ ‫جوب َّ‬ ‫المس َ‬ ‫نقض العهد ا َّلذي لإلما ِم ونائبِه على ْ‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫شرعي َيقتَضي ذلك‪.‬‬ ‫ون ُم ِّبر ٍر‬ ‫َّ‬
‫وجل‪ُ ،‬د َ‬ ‫عز‬ ‫ين ِ‬
‫الله َّ‬ ‫صرة ِد ِ‬ ‫المعروف‪ ،‬و ُن ِ‬
‫ِ‬
‫ٍّ‬
‫بين ِمن ِ‬
‫أهل‬ ‫الم ِ‬
‫حار َ‬ ‫غير ُ‬‫الحكيم للك َّف ِار ِ‬
‫ُ‬ ‫ارع‬
‫الش ُ‬ ‫ِ‬
‫العهد ا َّلذي َأعطا ُه َّ‬ ‫‪ُ 3-3‬‬
‫نقض‬
‫ٍ‬ ‫نين‪ ،‬وكذلك الم ِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫رعي َيقتضي ذلك؛ قال‬ ‫ون ُم ِّبرر َش ٍّ‬ ‫دين‪ُ ،‬د َ‬‫عاه َ‬ ‫ُ‬ ‫والمستأ َم َ‬
‫الذ َّمة ُ‬
‫وذ َّم ُة َرسولِه فقد‬
‫الله ِ‬
‫عاهد ًة ُله ِذم ُة ِ‬
‫َّ‬
‫((أل من َقتَل َن ْفسا م ِ‬
‫ً ُ‬
‫ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم‪َ َ :‬‬ ‫ص َّلى ُ‬
‫وإن ِريحها َل ُتوجدُ ِمن م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫عين َخري ًفا))(((‪.‬‬
‫سيرة َس ْب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الج َّنة‪َ َّ ،‬‬ ‫َأخ َف َر بِذ َّمة الله فال َي َر ْح رائح َة َ‬
‫رعه والس ِير على َم ِ‬
‫نهجه‪.‬‬ ‫لش ِ‬ ‫ِ‬
‫تطبيق ِهم َ‬ ‫الة عهدَ ِ‬
‫الله؛ بعدَ ِم‬ ‫الحكا ِم والو ِ‬‫نقض َّ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬

‫((( أخرجه الترمذي (‪ ،)1403‬وابن ماجه (‪.)2687‬‬


‫قال الترمذي‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وصححه األلباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (‪.)1403‬‬
‫‪500‬‬
‫دهَعلا ضْقن‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الوقوع يف نقض العهد‪:‬‬


‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫اإليمان ِ‬
‫بالله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 1-‬ض ُ‬
‫عف‬
‫‪2-2‬الن ُ‬
‫ِّسيان‪.‬‬
‫المصالح الدُّ نيو َّي ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫رص على‬ ‫ِ‬
‫‪3-3‬الح ُ‬
‫ِ‬
‫العهد‪ ،‬كما حصل مع َقو ِم موسى عليه‬ ‫ِ‬
‫نقض‬ ‫تسب ُب في‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫طول األمد قد َي َّ‬
‫الم‪.‬‬
‫الس ُ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫بالعهد‪.‬‬ ‫اآلخ ِر‬
‫رف َ‬ ‫الط ِ‬ ‫‪5-5‬عدَ م ِ‬
‫وفاء َّ‬ ‫ُ‬
‫وتعظيمه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫غير خالِ ِقه‪،‬‬
‫اإلنسان ِمن ِ‬
‫ِ‬ ‫‪َ 6-6‬خ ُ‬
‫وف‬
‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة على ترك نقض العهد‪:‬‬
‫اإليمان ِ‬
‫لله ُسبحا َنه وتعالى‪ ،‬و َتقوي ُته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إخالص‬ ‫‪1-‬‬
‫ُ‬

‫جتمعِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِّي ِئة‬ ‫ِ‬ ‫تأم ُل‬
‫والم َ‬
‫لنقض العهد على الفرد ُ‬ ‫اآلثار َّ‬ ‫‪ُّ 2-2‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالعهد‪.‬‬ ‫بالوفاء‬ ‫جتم ِع‬ ‫‪َ 3-3‬تح ِّلي أفراد ُ‬
‫الم َ‬
‫ِ‬
‫والميثاق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العهد‬ ‫ِ‬
‫نقض‬ ‫حذ َر ْت ِمن‬
‫رآني ِة ا َّلتي َّ‬ ‫ِ‬
‫اآليات ُ‬ ‫تأم ُل‬
‫الق َّ‬ ‫‪ُّ 4-4‬‬
‫الطم ِع وال َّل ِ‬
‫هث ورا َء الدُّ نيا‪.‬‬ ‫‪ْ 5-5‬تر ُك َّ َ‬
‫ِ‬
‫بالعهد‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بالوفاء‬ ‫س وتربي ُتها على ال َّتح ِّلي‬
‫جاهد ُة ال َّن ْف ِ‬
‫‪ُ 6-6‬م َ‬

‫ِح َك ٌم ِ‬
‫وشع ٌر يف نقض العهد(((‪:‬‬
‫خير ِعندَ ه‪.‬‬
‫عهدَ ه‪ ،‬و َمنَع ِر ْفدَ ه‪ ،‬فال َ‬
‫ض ْ‬‫ ‪-‬قالوا‪َ :‬من ن َق َ‬
‫ٌ‬
‫خذول‪.‬‬ ‫مقوت َم‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫للعهد َم‬ ‫غلول‪ ،‬وال َّن ِ‬
‫اك ُث‬ ‫ِ‬
‫بالغدر َم ٌ‬ ‫ ‪-‬وقالوا‪ :‬الغالِ ُب‬

‫((( ((نهاية األرب في فنون األدب)) للنويري (‪.)364/3‬‬


‫‪501‬‬
‫دهَعلا ضْقن‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اعر‪:‬‬ ‫ ‪-‬قال َّ‬


‫الش ُ‬
‫ـن‬ ‫ِ‬
‫ـــحـــار َم الـ َّـرحــمـ ِ‬ ‫مــســتـ ِ‬
‫ـحـ ٌّـل َم‬ ‫ِ‬
‫باألمان‬ ‫ـــس‬ ‫ِ ِ‬ ‫ن َِق ُ‬
‫ُ‬ ‫ـــض العهـــد خائ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ــــروان‬ ‫فــاع ـ َت ـ َل ـ ْيــنــا بــه َبــنــو َم‬ ‫ســـ َل َبتْنا الوفـــا َء والح َ‬
‫لـــم َطو ًعا‬
‫بـــل األماني‬ ‫ــــش َطلي ًقا َأ ُج ُّر َح َ‬ ‫ِ‬ ‫ـــب ال َعيـ‬
‫حس َ‬ ‫كنـــت فيهم َ‬
‫ُ‬ ‫َل ْيتَني‬
‫(((‬
‫فبِ َســــيفي َجنَ ْيتُــــه ولِســــاني‬ ‫ِ‬
‫نيــــه ال َّليالــــي‬‫ُعير‬ ‫ٍ‬
‫تــــب ت ُ‬‫كل َع‬‫ُّ‬

‫((( ((أشعار أوالد الخلفاء وأخبارهم)) للصولي (ص‪.)308 :‬‬


‫‪502‬‬
‫ميمَّنلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫النَّميمة‬

‫ميمة‪:‬‬
‫الن ِ‬‫مع َنى َّ‬
‫ات‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ب‪ .‬و ُي ُ‬
‫قال لل َّن َّما ِم‪ :‬ال َق َّت ُ‬ ‫ِ‬
‫بالكذ ِ‬ ‫زيين َ‬ ‫ال َّنميم ُة ُلغ ًة‪:‬‬
‫قال‪:‬‬ ‫الكال ِم‬ ‫اإلغراء‪ ،‬و َت ُ‬ ‫ُ‬
‫ميمة‪ ،‬و َن َّم ٌام ُمبا َل ٌ‬
‫غة(((‪.‬‬ ‫مشى بال َّن ِ‬ ‫َق َّت؛ إذا َ‬
‫جهة اإل ْف ِ‬
‫ساد‬ ‫الحديث ور ْفعه ِمن َقو ٍم إلى قو ٍم على ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصطالحا‪َ :‬ن ْق ُل‬ ‫ال َّنميم ُة‬
‫َ ُ‬ ‫ً‬
‫كر ُه َكشْ ُفه(((‪.‬‬ ‫الس ِتر َّ‬
‫عما ُي َ‬ ‫وه ْت ُك ِّ‬
‫الس ِّر‪َ ،‬‬
‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والش ِّر‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫ات َّ‬
‫والن َّم ِام‪:‬‬ ‫الق َّت ِ‬
‫بي َ‬‫الفرق ْ‬
‫ٍ‬
‫جماعة َيتحدَّ ثون‬ ‫كون مع‬ ‫ٍ‬
‫واحد‪ .‬وقيل‪ :‬ال َّن َّم ُام ا َّلذي َي ُ‬ ‫ال َق َّت ُ‬
‫ات وال َّن َّم ُام بمعنًى‬
‫ثم َينِ ُّم(((‪.‬‬ ‫وهم ال َيع َل َ‬
‫مون َّ‬ ‫تسم ُع عليهم ُ‬ ‫حدي ًثا ف َينِ ُّم عليهم‪ .‬وال َق َّت ُ‬
‫ات‪ :‬ا َّلذي َي َّ‬

‫والسَّنة‪:‬‬
‫هي عنها يف القرآن ُّ‬ ‫ذم النميمة َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﮊ [القلم‪.]13 - 10 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﮊ [الهمزة‪.]1 :‬‬


‫الكالم إلى ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬وهو ال َّن َّم ُام)(((‪.‬‬ ‫َ‬ ‫«اله َمز ُة» فا َّلذي َينِ ُّم‬ ‫ِ‬
‫قال ُمقات ٌل‪َّ :‬‬
‫(فأما ُ‬

‫((( ((النهاية)) البن األثير (‪(( ،)256/5‬المصباح المنير)) للفيومي(‪.)626/2‬‬


‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪(( ،)156/3‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)592/12‬‬
‫((( ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (‪.)323/3‬‬
‫((( ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (‪.)839/4‬‬
‫‪503‬‬
‫ميمَّنلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬وعن ُح َذيف َة َر َ‬
‫ٍ‬
‫رواية‪َ (( :‬ق َّت ٌ‬
‫ات))(((‪.‬‬ ‫دخ ُل َ‬
‫الج َّن َة َن َّم ٌام))(((‪ ،‬وفي‬ ‫((ال َي ُ‬

‫الله ع َل ِيه‬ ‫بي ‪-‬ص َّلى ُ‬ ‫الله عنهما قال‪َ (( :‬م َّر ال َّن ُّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اس َر َ‬ ‫عب ٍ‬ ‫بن َّ‬
‫عبد ِ‬
‫الله ِ‬ ‫ ‪-‬وعن ِ‬

‫أحدُ ُهما‪ :‬فكان ال‬ ‫بان في َك ٍ‬ ‫عذ ِ‬ ‫بان‪ ،‬وما ُي َّ‬‫عذ ِ‬‫ين‪ ،‬فقال‪ :‬إ َّن ُهما َل ُي َّ‬‫وس َّل َم‪ -‬ب َق َبر ِ‬
‫بير؛ َّأما َ‬
‫فش َّقها‬ ‫يمة‪َ .‬فأخَذَ جَريدةً رَطْب ًة‪َ ،‬‬ ‫َمشي بالن َِّم ِ‬ ‫َول‪ ،‬وأما اآلخَرُ‪ :‬فكان ي ِ‬ ‫يَستَتِرُ ِمنَ الب ِ‬
‫َّ‬
‫الله‪ ،‬لِ َم َف َع ْل َت هذا؟ قال‪َ :‬ل َع َّل ُه‬ ‫رسول ِ‬
‫َ‬ ‫واحد ًة‪ ،‬فقا ُلوا‪ :‬يا‬ ‫فغر َز في ُك ِّل َق ٍبر ِ‬
‫ين‪َ َ ،‬‬ ‫نِص َف ِ‬
‫لم َي ْي َب َسا))(((‪.‬‬ ‫ُي َخ َّف ُف ُ‬
‫عنهما ما ْ‬
‫ذم َّ‬
‫النميمة‪:‬‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫نين‪َ ،‬‬ ‫الله عنه‪( :‬يا أمير ْ ِ‬ ‫الخط ِ‬‫َّ‬ ‫مر ِ‬
‫احذ ْر‬ ‫المؤم َ‬ ‫َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اب َر َ‬ ‫بن‬ ‫رج ٌل ُلع َ‬‫ ‪-‬قال ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالحديث‬ ‫اإلمام‬
‫َ‬ ‫قات َل الثَّالثة‪ ،‬قال‪َ :‬و ْي َلك‪َ ،‬من قات ُل الثَّالثة؟! قال‪َّ :‬‬
‫الر ُج ُل يأتي‬
‫كون قد قت ََل ن ْف َسه‪،‬‬
‫اب؛ ل َي َ‬‫الكذ ِ‬ ‫ِ‬
‫بحديث هذا َّ‬ ‫الر ُج َل‬ ‫ب‪ ،‬ف َيق ُت ُل‬ ‫ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫اإلمام ذلك َّ‬
‫ُ‬
‫وصاح َبه‪ ،‬وإما َمه)(((‪.‬‬
‫الحس ُن‪َ ( :‬من َن َّم إليك‪َ ،‬ن َّم عليك)(((‪.‬‬
‫َ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ِ‬
‫سوسة‪،‬‬‫بالو‬ ‫عم َل َّ‬
‫الشيطان َ‬ ‫يطان؛ َّ‬
‫فإن َ‬ ‫(عم ُل ال َّن َّما ِم َأ َض ُّر من َ‬
‫عم ِل َّ‬ ‫ ‪-‬و ُي ُ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫هة)(((‪.‬‬ ‫وعم َل ال َّنما ِم بالمواج ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وطبيعة ٍ‬
‫لئيمة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سقيمة‪،‬‬ ‫الذ ِ‬
‫ميمة‪ ،‬تدُ ُّل على ن ْف ٍ‬
‫س‬ ‫صال َّ‬ ‫ميمة ِم َن ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫ ‪-‬وقيل‪( :‬ال َّن ُ‬

‫((( أخرجه مسلم (‪.)105‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6056‬ومسلم (‪.)105‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)6052‬ومسلم (‪.)292‬‬
‫((( أخرجه الخرائطي في ((مساوئ األخالق)) (ص‪ ،)107 :‬والبيهقي في ((السنن الكبرى))‬
‫(‪.)16677( )289/8‬‬
‫((( ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (‪.)156/3‬‬
‫((( ((الزواجر)) البن حجر الهيتمي(‪.)571/2‬‬
‫‪504‬‬
‫ميمَّنلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬
‫األسرار)(((‪.‬‬ ‫وك ِ‬
‫شف‬ ‫ِ‬
‫األستار‪َ ،‬‬ ‫شغوفة به ِ‬
‫تك‬ ‫ٍ‬ ‫َم‬
‫َ‬
‫أقسام َّ‬
‫النميمة‪:‬‬
‫حرمة‪:‬‬ ‫‪ -1‬ال َّنميم ُة ُ‬
‫الم َّ‬
‫كر‬ ‫رين‪ ،‬وذلك ِ‬
‫بذ ِ‬ ‫َ‬ ‫كون الكالم فيها سلبيا ي ِ‬
‫لح ُق َّ‬ ‫وهي ا َّلتي َي ُ‬
‫باآلخ َ‬ ‫رر‬
‫الض َ‬ ‫ًّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ساويهم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فضائح ِهم و َم‬ ‫وس ْر ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الخاصة‪َ ،‬‬
‫َّ‬ ‫هم‬
‫أسرار ُ‬
‫‪ -2‬ال َّنميم ُة الواجبة‪:‬‬

‫الش ِّر؛‬ ‫ٍ‬


‫إنسان ما‪ ،‬ف ُيخبِ ُر بذلك َّ‬ ‫شر واق ٍع على‬ ‫ِ ِ‬ ‫وهي ا َّلتي َت ُ‬
‫حذير من ٍّ‬ ‫كون لل َّت‬
‫ل َي َ‬
‫حذ َره‪.‬‬

‫‪ -3‬ال َّنميم ُة المباحة‪:‬‬

‫ِ‬
‫اإلصالح‬ ‫ميمة‪( :‬فأما إذا كانت على ِ‬
‫وجه‬ ‫عن ال َّن ِ‬ ‫ابن ٍ‬
‫كثير وهو َيتحدَّ ُث ِ‬
‫َّ‬ ‫قال ُ‬
‫اب َمن‬ ‫بالكذ ِ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الحديث‪(( :‬ليس‬ ‫لمين‪ ،‬كما جاء في‬ ‫المس ِ‬ ‫بين ال َّن ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫اس وائْتالف كلمة ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫الكفرة‪ ،‬فهذا أ ْم ٌر‬ ‫خذيل وال َّت ِ‬
‫فريق ْبين ُجمو ِع‬ ‫ِ‬ ‫كون على ِ‬
‫وجه ال َّت‬ ‫َينِ ُّم َخ ًيرا))(((‪ ،‬أو َي ُ‬
‫رب َخدْ ٌ‬
‫عة))((()(((‪.‬‬ ‫((الح ُ‬
‫َ‬ ‫مطلوب‪ ،‬كما جاء في الحديث‪:‬‬
‫ٌ‬
‫أسباب الوقوع يف َّ‬
‫النميمة‪:‬‬
‫والوقيعة ْبين ال َّن ِ‬
‫اس‪ ،‬ف ُيحاكيها و َيتأ َّث ُر‬ ‫ُ‬ ‫ميمة‬ ‫الفرد في ٍ‬
‫بيئة َد ْأ ُبها ال َّن ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬أن َي َ‬
‫نشأ‬
‫بها‪.‬‬

‫((( ((بريقة محمودية)) ألبي سعيد الخادمي (‪.)193/3‬‬


‫الله‬
‫ضي ُ‬ ‫((( أخرجه بمعناه البخاري (‪ ،)2692‬ومسلم (‪ )2605‬من حديث أم كلثوم بنت عقبة َر َ‬
‫عنها‪.‬‬
‫الله عنهما‪.‬‬
‫ضي ُ‬‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)3030‬ومسلم (‪ )1739‬من حديث جابر بن عبد الله َر َ‬
‫((( ((تفسير ابن كثير)) (‪.)371/1‬‬
‫‪505‬‬
‫ميمَّنلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ِ‬ ‫دواني ِة في‬ ‫ِ‬


‫قلوب‬ ‫الع َّ‬‫وإيقاع اإليذاء بهم‪ ،‬وهذه شهو ُة ُ‬
‫ُ‬ ‫رين‪،‬‬ ‫‪2-2‬اإلساء ُة َ‬
‫لآلخ َ‬
‫ِ‬
‫األشرار‪.‬‬
‫وكس ِ‬
‫ب ُو ِّده‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حكي له‪ْ ،‬‬
‫الم ِّ‬‫بمحبة َ‬
‫َّ‬ ‫ظاه ُر‬
‫‪3-3‬ال َّت ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫رويح ِ‬
‫عن ال َّن ْف ِ‬ ‫ِ‬
‫الحديث؛ لل َّت ِ‬ ‫ِ‬
‫ضول‬ ‫ِ‬
‫الباطل‪ ،‬و ُف‬ ‫ُ‬
‫الخوض في‬ ‫‪4-4‬‬
‫ِ‬
‫حساب‬ ‫بطريقة س ْل َّبي ٍة على‬
‫ٍ‬ ‫رين‪ ،‬لك َّنها‬ ‫اجتماعي ٍة مع َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫روابط‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫إقامة‬
‫اآلخ ِ‬
‫رين‪.‬‬ ‫معة َ‬‫س ِ‬
‫ُ‬
‫وزج ِره‪ ،‬بل استِ‬
‫عم ِله ُ‬
‫ومساير ُته‪.‬‬ ‫حسان َ‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬عدَ ُم َرد ِع ال َّن َّما ِم َ ْ‬
‫كر‬ ‫رين ِ‬
‫وذ ِ‬ ‫بالحديث عن َ‬ ‫ِ‬ ‫شغ ُل و ْقتَه‬ ‫ِ‬
‫الفرد‪ ،‬ف َي َ‬ ‫ِ‬ ‫جود الفرا ِغ في‬
‫اآلخ َ‬ ‫حياة‬ ‫‪ُ 7-7‬و ُ‬
‫ِ‬
‫ساويهم‪.‬‬ ‫َم‬
‫وتشويه ُسمعتِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫شخص ما‪،‬‬‫ٍ‬ ‫الغضب لالنتقا ِم ِمن‬ ‫ُ‬ ‫‪8-8‬‬
‫وح ُّب ِّ‬
‫االطال ِع عليها‪.‬‬ ‫‪َ 9-9‬تتبع َعو ِ‬
‫رات ال َّن ِ‬
‫اس‪ُ ،‬‬ ‫ُّ ُ ْ‬
‫ٍ‬
‫شبوهة‪.‬‬ ‫هات َم‬‫أفراد أو ِج ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫لصالح‬ ‫ُ‬
‫العمل‬ ‫‪1010‬‬
‫ِ‬
‫عذاب‬ ‫الله‪ ،‬ونِ ُ‬
‫سيان‬ ‫وف ِم َن ِ‬‫الخ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإليمان في ِ‬
‫قلب ال َّن َّما ِم‪ ،‬وعدَ ُم َ‬ ‫عف‬ ‫‪َ 1111‬ض ُ‬
‫وعذاب ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القبر‬
‫ِ‬ ‫بالعواقب السي ِئة لل َّن ِ‬
‫جتمعِ‪.‬‬
‫والم َ‬ ‫ميمة ا َّلتي َت ُ‬
‫عود على الفرد ُ‬ ‫ِ َّ ِّ‬ ‫‪ُ 1212‬‬
‫جهل ال َّن َّما ِم‬
‫ِ‬
‫الخير لهم‪.‬‬ ‫رين‪ ،‬وعدَ ُم ُح ِّب‬ ‫َ‬
‫لآلخ َ‬ ‫‪1313‬الحسدُ‬

‫ضارها‪:‬‬
‫وم ُّ‬
‫ميمة َ‬
‫الن ِ‬‫آثا ُر َّ‬
‫وصل إلى ال َّن ِ‬
‫ار‪.‬‬ ‫طريق ُم ٌ‬‫‪ٌ 1-‬‬

‫المتآلِ َ‬ ‫ِ‬
‫فين‪.‬‬ ‫نار العداوة ْبين ُ‬ ‫‪ُ 2-2‬ت ْذكي َ‬
‫ِ‬ ‫وتؤلِم‪ ،‬و َت ِ‬
‫فور‪.‬‬
‫صام وال ُّن َ‬
‫جل ُب الخ َ‬ ‫ضر‪ُ ْ ،‬‬ ‫تؤذي و َت ُّ‬
‫‪ْ 3-3‬‬

‫‪506‬‬
‫ميمَّنلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫سن الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ورة‪.‬‬ ‫‪4-4‬تدُ ُّل على سوء الخاتمة‪ ،‬و َت َ‬
‫مس ُخ ُح َ ُّ‬
‫ِّفاق‪.‬‬ ‫والك ِ‬
‫يد‪ ،‬والم َل ِق‪ ،‬والن ِ‬ ‫س‪َ ،‬‬ ‫بن‪ِ َّ ،‬‬
‫والج ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 5-5‬ع ُ‬
‫َ‬ ‫والضعف‪ ،‬والدَّ ِّ‬ ‫نوان الدَّ ناءة‪ُ ،‬‬
‫كل مود ٍة وتآ ُل ٍ‬ ‫كل محب ٍة‪ِ ،‬‬ ‫‪ُ 6-6‬م ٌ‬
‫ف وتآخٍ (((‪.‬‬ ‫ومبعد ٌة َّ َ َّ‬
‫زيلة َّ َ َّ ُ‬
‫وسام ِعها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪7-7‬عار على ِ‬
‫قائ ِلها‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫جس ِ‬ ‫ِ‬
‫رين‪.‬‬ ‫أخبار َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫س‪ ،‬و َت ُّتب ِع‬ ‫‪َ 8-8‬تحم ُل على ال َّت ُّ‬
‫رين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أرزاق َ‬
‫اآلخ َ‬ ‫‪9-9‬تؤ ِّدي إلى َقط ِع‬
‫عات الم ِ‬
‫لتئم َة‪.‬‬ ‫‪ُ 1010‬تفر ُق و ُتمزِّ ُق المجتم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ِّ‬
‫ترك َّ‬
‫النميمة‪:‬‬ ‫فوائد ِ‬
‫ضي الل ُه عنه قال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ :‬يا‬‫لمين؛ عن أبي موسى َر َ‬ ‫المس َ‬ ‫ِ‬
‫أفضل ْ‬ ‫ميمة ِمن‬
‫تارك ال َّن ِ‬
‫ ‪ُ -‬‬
‫لمون ِمن لِسانِ ِه و َي ِده))(((‪.‬‬
‫الم ْس َ‬ ‫ِ‬
‫فض ُل؟ قال‪َ (( :‬من َسل َم ُ‬ ‫لمين َأ َ‬
‫المس َ‬‫أي ْ‬
‫َ ِ‬
‫رسول الله‪ُّ ،‬‬
‫رسول ِ‬
‫‪ ‬الله‬ ‫ِ‬ ‫الله عنه‪ ،‬عن‬
‫ضي ُ‬ ‫سهل ِ ٍ‬ ‫دخ ُل الج َن َّة؛ عن ِ‬‫ميمة ي ِ‬ ‫ترك ال َّن ِ‬
‫ ‪ُ -‬‬
‫بن سعد َر َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َّلى ُ ِ‬
‫ضم ْن لي ما ْبين َل ْح َي ْيه‪ ،‬وما ْبين ِر ْج َليه؛ َأ َ‬
‫ضم ْن‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم قال‪َ (( :‬من َي َ‬
‫الج َّن َة))(((‪.‬‬
‫ُله َ‬
‫عالج َّ‬
‫النميمة‪:‬‬
‫بخطورة ال َّن ِ‬
‫ميمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫توعية ال َّن َّما ِم‬ ‫‪1-‬‬
‫ِ‬
‫الكبائر‪.‬‬ ‫المعصية‪ ،‬وأ َّنها ِم َن‬
‫ِ‬ ‫‪2-2‬استِشعار َع َظ ِ‬
‫مة هذه‬ ‫ُ‬
‫رين‪.‬‬ ‫رات َ‬‫ميمة‪ ،‬وعدَ م َتتب ِع َعو ِ‬‫عن ال َّن ِ‬ ‫فظ ال ِّل ِ‬
‫سان ِ‬ ‫‪ِ 3-3‬ح ُ‬
‫اآلخ َ‬ ‫ُ ُّ ْ‬

‫((( ((نضرة النعيم)) لمجموعة مؤلفين (‪.)5671/11‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)11‬ومسلم (‪.)42‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪.)6474‬‬
‫‪507‬‬
‫ميمَّنلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫األ ِح َّب ِة‪.‬‬ ‫ْ‬


‫للقلوب‪ ،‬و َت ِ‬
‫فريقه بين َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بإفساده‬ ‫قتر ُفها؛‬ ‫خطر الم ِ‬
‫صيبة ا َّلتي َي ِ‬ ‫صو ُر ِ ُ‬ ‫‪َ 4-4‬ت ُّ‬
‫األعمال الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪5-5‬ال َّتقرب إلى ِ‬
‫الحة‪ ،‬وتقدي ِم ِرضا ُه‬ ‫ِ َّ‬ ‫بكثرة‬ ‫الله ُسبحا َنه وتعالى‬ ‫ُّ ُ‬
‫خلوقين‪.‬‬
‫َ‬ ‫على ِر َضا َ‬
‫الم‬
‫كون سب ًبا في ُدخولِه الج َّن َة‪.‬‬ ‫عن ال َّن ِ‬
‫ميمة َي ُ‬ ‫سان ِ‬ ‫أن ِح َ‬
‫فظ ال ِّل ِ‬ ‫ِ‬
‫الفرد َّ‬ ‫استشعار‬
‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬

‫الص ِ‬
‫الح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اإليمان ِ‬
‫بالعل ِم ال َّنافعِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ 7-7‬‬
‫والعمل َّ‬ ‫تقوية‬

‫رين‪.‬‬
‫اآلخ َ‬ ‫السما ِع لكال ِم ال َّن َّما ِم ا َّلذي َينِ ُّم به ِ‬
‫عن َ‬ ‫‪8-8‬عدَ ُم َّ‬
‫اإلسالمي ِة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫اآلداب وال َّتعالي ِم‬ ‫إسالمي ًة سليم ًة‪ ،‬قائم ًة على‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫الفرد تربي ًة‬ ‫‪ُ 9-9‬‬
‫تربية‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقعت عليه ال َّن ُ‬
‫ميمة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫حاسن ا َّلذي‬ ‫إحراج ال َّن َّما ِم بأن ُيط َل َب منه ذ ُ‬
‫كر َم‬ ‫ُ‬ ‫‪1010‬‬

‫ِح َك ٌم وأمثال ِ‬
‫وشع ٌر يف َّ‬
‫النميمة(((‪:‬‬
‫ميمة ُأر َث ُة الع ِ‬
‫داوة)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ ‪-‬في المثل‪( :‬ال َّن ُ ْ‬
‫سيف ٌ‬
‫قاتل)‪.‬‬ ‫ميمة ٌ‬ ‫نثور ِ‬
‫الح َك ِم‪( :‬ال َّن ُ‬ ‫ ‪-‬وقيل في َم ِ‬

‫ٍ‬
‫واش)‪.‬‬ ‫شر ِمن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األدباء‪( :‬لم َي ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫ماش‪ٌّ ،‬‬ ‫مش‬ ‫بعض‬
‫يكون صدَ َق؛‬
‫َ‬ ‫َين َقبيحت ِ‬
‫َين‪َّ :‬إما أن‬ ‫(الساعي ْبين َمنزلت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫بعض الحكماء‪َّ :‬‬
‫المروء َة)‪.‬‬
‫ف ُ‬ ‫كون قد َك َذب؛ فخا َل َ‬‫وإما أن َي َ‬‫فقد خان األمان َة‪َّ ،‬‬
‫الش ِ‬
‫عراء‪:‬‬ ‫قال أحدُ ُّ‬
‫أج ِ‬
‫ـــر‬ ‫كل ْ‬ ‫َّـــم ُيحبِ ُ‬
‫ـــط َّ‬ ‫َّ‬
‫فـــإن الن َّ‬ ‫َّميمـــة واجتَنِ ْبهـــا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عـــن الن‬ ‫َنـــح‬
‫ت َّ‬
‫للخالئـــق َّ ِ‬
‫ِ‬ ‫وي ِ‬ ‫شـــر‬ ‫ِ‬
‫َّميمـــة َّ‬
‫كل‬ ‫ثيـــر َأخـــو الن‬
‫ـــر‬
‫كل س ِّ‬ ‫ـــف‬
‫كش ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ُي ُ‬
‫(((‬ ‫ِ‬
‫أفعـــال ُح ِّر‬ ‫وليـــس الن َُّّم ِمـــن‬ ‫ِ‬ ‫و َيقت ُ‬
‫ُـــل ن ْف َســـ ُه وســـوا ُه ُظ ً‬
‫لمـــا‬

‫((( ((مقاييس اللغة)) البن فارس (‪(( ،)93/1‬أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص‪.)268 :‬‬
‫((( ((موارد الظمآن)) لعبد العزيز السلمان (‪.)10/5‬‬
‫‪508‬‬
‫نْهولا‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ال َوهْن‬

‫مع َنى ال َو ْه ِن‪:‬‬


‫الع ْظ ُم َي ِه ُن َو ْهنًا‪ ،‬أي‪َ :‬ض ُع َ‬
‫ف(((‪.‬‬ ‫الو ْه ُن ُلغ ًة‪َ :‬و َه َن َ‬
‫َ‬
‫والخ ُلقُ (((‪.‬‬
‫الخ ْلقُ ُ‬ ‫عف ِمن ُ‬
‫حيث َ‬ ‫الض ُ‬ ‫الع ِ‬
‫مل‪ .‬وقيل‪َّ :‬‬ ‫الض ُ‬
‫عف في َ‬ ‫اصطالحا‪َّ :‬‬
‫ً‬ ‫هن‬
‫الو ُ‬
‫َ‬
‫عف وال َو ْهن‪:‬‬ ‫الف ْر ُق ْ‬
‫بي َّ‬
‫الض ِ‬ ‫َ‬
‫عل ِ‬
‫الله‪َ ،‬ت ُ‬
‫قول‪:‬‬ ‫القو ِة ِمن فِ ِ‬ ‫الله تعالى‪ ،‬كما َّ‬ ‫عل ِ‬
‫القو ِة‪ ،‬وهو ِمن فِ ِ‬ ‫الض ُ ِ‬ ‫َّ‬
‫أن َّ‬ ‫عف ضدُّ َّ‬
‫الض ِ‬ ‫اإلنسان فِ َ‬
‫عيف‪،‬‬ ‫عل َّ‬ ‫ُ‬ ‫هن‪ :‬هو أن َي َ‬
‫فعل‬ ‫الله ضعي ًفا‪ ،‬أو‪َ :‬خ َل َقه قو ًّيا‪َ ،‬‬
‫والو ُ‬ ‫َخ َل َقه ُ‬
‫الض ِ‬ ‫األمر ي ِه ُن و ْهنًا‪ ،‬وهو ِ‬
‫واه ٌن؛ إذا َأ َخ َذ فيه ْ‬
‫عيف(((‪.‬‬ ‫أخ َذ َّ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َت ُ‬
‫قول‪َ :‬و َه َن في‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫هي عنه يف ال ُق ِ‬


‫رآن ُّ‬ ‫هن َّ‬
‫والن ُ‬ ‫ذم ال َو ِ‬
‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﮊ [آل عمران‪.]146 :‬‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﮊ‬


‫[آل‪ ‬عمران‪.]139 :‬‬

‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪:‬‬ ‫رسول ِ‬


‫الله ص َّلى ُ‬ ‫ُ‬ ‫الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫ضي ُ‬ ‫ ‪-‬عن َث َ‬
‫وبان َر َ‬
‫صعتِها‪ .‬فقال ٌ‬
‫قائل‪:‬‬ ‫لة إلى َق َ‬ ‫داعى َ‬
‫األ َك ُ‬ ‫داعى ع َل ُ‬
‫يكم‪ ،‬كما َت َ‬ ‫أن َت َ‬
‫األ َم ُم ْ‬ ‫ِ‬
‫((يوش ُك ُ‬

‫((( ((تهذيب ال ُّلغة)) لألزهري (‪(( ،)377/2‬الصحاح)) للجوهري (‪(( ،)297/2‬مقاييس اللغة))‬
‫البن فارس (‪(( ،)149/6‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)453/13‬‬
‫((( ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (‪.)1617/1‬‬
‫((( ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)331 :‬‬
‫‪509‬‬
‫نْهولا‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الس ِ‬
‫يل‪،‬‬ ‫ومن ِق َّل ٍة نحن يوم ِئ ٍذ؟ قال‪ :‬بل أنتم يوم ِئ ٍذ كثير‪ ،‬ولكن ُكم ُغثاء ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫كغثاء َّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫نكم‪ ،‬و َلي ِ‬
‫المهاب َة ِم ُ‬ ‫الله ِمن ُص ِ‬
‫و َل َي ِنز َع َّن ُ‬
‫الو ْه َن‪.‬‬ ‫الله في ُقلوبِ ُ‬
‫كم َ‬ ‫قذ َف َّن ُ‬ ‫َ‬ ‫دور عدُ ِّو ُك ُم َ‬
‫راهية الم ِ‬ ‫هن؟ قال‪ُ :‬ح ُّب الدُّ نيا‪َ ،‬‬ ‫َ ِ‬ ‫فقال ٌ‬
‫وت))(((‪.‬‬ ‫وك ُ َ‬ ‫الو ُ‬
‫رسول الله‪ ،‬وما َ‬ ‫قائل‪ :‬يا‬

‫هن‪:‬‬
‫أسباب ال َو ِ‬
‫بالذ ِّل‪.‬‬
‫والرضا ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 1-‬ض ُ‬
‫الهوان‪ِّ ،‬‬
‫سبب الستمراء َ‬
‫عف اإليمان؛ فهو ٌ‬

‫وشهواتِها‪.‬‬
‫لذاتِها َ‬
‫واالنغماس في َم َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫‪ُ 2-2‬ح ُّب الدُّ نيا‪ ،‬وال َّتع ُّلقُ بها‪ ،‬والح ُ‬
‫رص عليها‪،‬‬

‫وك ِس َي ْت‬ ‫حياة كانت‪ ،‬ح َّتى لو ُغ ِم ْ‬


‫ست ُبذ ٍّل‪ُ ،‬‬ ‫أي ٍ‬ ‫رصا على ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫كراهية الموت؛ ح ً‬ ‫‪3-3‬‬
‫ٍ‬
‫بعار‪.‬‬
‫قلب‬ ‫والض ِ‬
‫عف في ِ‬ ‫الو ِ‬
‫هن َّ‬ ‫ِ‬
‫أسباب ِّ‬ ‫قوي ِمن‬ ‫ناز ُع واالختِ ُ‬
‫‪4-4‬ال َّت ُ‬
‫بث َ‬ ‫سبب ٌّ‬
‫الف ٌ‬
‫األ َّم ِة‪.‬‬
‫ُ‬

‫السو َّي ِة‪.‬‬


‫غير َّ‬ ‫الس ِّي ُئة‪ ،‬وال َّت ُ‬
‫نشئة ُ‬ ‫‪5-5‬ال َّت ُ‬
‫ربية َّ‬
‫واق ِعها ِم َن‬
‫نوط ِمن ِ‬
‫والق ُ‬ ‫عيشه ُ‬
‫األ َّم ُة‪ُ ،‬‬ ‫الم ِ‬
‫رير ا َّلذي َت ُ‬ ‫ِ‬
‫اليأس م َن الوض ِع َ‬ ‫‪ُ 6-6‬‬
‫عف ِ‬‫وض ِ‬
‫اله َم ِم‪.‬‬ ‫العزائ ِم‪َ ،‬‬‫األسباب ا َّلتي تؤ ِّدي إلى َو ْه ِن َ‬
‫ِ‬

‫فين‪.‬‬
‫رج َ‬‫للم ِ‬ ‫لين‪ ،‬واالستِ ُ‬
‫ماع ُ‬ ‫خذ َ‬‫الم ِّ‬
‫صاح ُبة ُ‬
‫‪ُ 7-7‬م َ‬

‫هن‪:‬‬
‫أضرا ُر ال َو ِ‬
‫غض رسولِه‬ ‫غض ِ‬
‫الله ُسبحا َنه وتعالى‪ ،‬و ُب ِ‬ ‫ض ل ُب ِ‬
‫عر ِ‬ ‫ِ‬
‫أسباب ال َّت ُّ‬ ‫سبب ِمن‬ ‫‪ٌ 1-‬‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم‪.‬‬
‫ص َّلى ُ‬

‫هب َخيراتِها‪،‬‬
‫األم ِة‪ ،‬و َتكا ُلبِه عليها‪ ،‬وإذاللِها‪ ،‬و َن ِ‬ ‫ِ‬
‫سبب لتَس ُّلط العدُ ِّو على َّ‬
‫‪ٌ 2-2‬‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ )4297‬واللفظ له‪ ،‬وأحمد (‪.)22397‬‬


‫صححه األلباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (‪.)4297‬‬
‫‪510‬‬
‫نْهولا‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫لمقدَّ ساتِها‪.‬‬
‫ض ُ‬‫عر ِ‬
‫وال َّت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سه ُل َه َ‬ ‫هن َيق ُت ُل َ‬
‫صاب‬
‫األعراض‪ ،‬واغت َ‬ ‫تك‬ ‫هو ُن أ ْم َرها‪ ،‬و ُي ِّ‬
‫الغير َة‪ ،‬و ُي ِّ‬ ‫الو ُ‬
‫‪َ 3-3‬‬
‫ِ‬
‫واألموال‪.‬‬ ‫الح َر ِم‬ ‫ِ‬
‫الحقوق‪ ،‬وال َّتعدِّ ي على ُ‬
‫أبنائها‪ ،‬واختِ ِ‬
‫الف‬ ‫يحها‪ ،‬و َتفر ِق ِ‬
‫هاب ِر ِ‬
‫شرذ ِمها‪ ،‬و َذ ِ‬ ‫سبب في ضيا ِع األ َّم ِة‪ ،‬و َت ُ‬
‫ُّ‬ ‫‪ٌ 4-4‬‬
‫قادتِها‪.‬‬
‫وإهالك الح ِ‬
‫رث وال َّن ِ‬
‫سل؛‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمورة‪،‬‬‫الم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وخراب َ‬ ‫األرض‪،‬‬ ‫لدمار‬ ‫سبب‬
‫هن ٌ‬ ‫الو ُ‬
‫‪َ 5-5‬‬
‫وطغيانِهم‪.‬‬
‫رين ُ‬
‫المتج ِّب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بسبب َتس ُّلط ُ‬ ‫وذلك‬

‫هن‪:‬‬
‫عالج ال َو ِ‬
‫قلب ْ ِ‬
‫فاإليمان َجذو ٌة َت َّت ِقدُ في ِ‬ ‫ِ‬
‫المؤم ِن؛ فت ُ‬
‫َطر ُد منه‬ ‫ُ‬ ‫اإليمان وزياد ُته؛‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫تقوية‬
‫زمه وعزيمتِه‪.‬‬ ‫وتشدُّ ِمن َع ِ‬
‫هن‪ُ ،‬‬‫الو َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫المسافر؛ فذلك‬ ‫الزهدُ في الدُّ نيا‪ ،‬وعدَ م ال َّتع ُّل ِق بها‪ ،‬وال َّتزو ُد منها ِ‬
‫بزاد‬ ‫‪ُّ 2-2‬‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫هن‪.‬‬
‫الو َ‬ ‫القلب‪ ،‬و ُيبعدَ عنه َ‬‫َ‬ ‫قو َي‬
‫حري أن ُي ِّ‬
‫ٌّ‬
‫ين‪ ،‬و َذبا عن ِح ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ياضه‪،‬‬ ‫دفاعا عن الدِّ ِ ًّ‬
‫واإلقبال عليه إذا كان ً‬ ‫بالموت‪،‬‬ ‫رحيب‬
‫ُ‬ ‫‪3-3‬ال َّت‬
‫وحماي ًة ل َبيضتِه‪.‬‬
‫َصر ِ‬
‫الله‬ ‫واليقين بن ِ‬ ‫ِ‬
‫االبتالء‪،‬‬ ‫والص ُبر على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استعجال ال َّن ِ‬ ‫‪4-4‬عدَ ُم‬
‫ُ‬ ‫مكين‪َّ ،‬‬ ‫صر وال َّت‬
‫ِ‬ ‫نده‪ ،‬وتمكينِه‬ ‫وإعزازه لج ِ‬
‫ألوليائه‪.‬‬ ‫ِ ُ‬
‫أن ما أصاب‬ ‫ُ‬
‫ومعرفة َّ‬ ‫ِ‬
‫األعداء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بأحوال‬ ‫ِ‬
‫واالبتالء‬ ‫ِ‬
‫اإلصابة‬ ‫الحال ِعندَ‬
‫ِ‬ ‫‪ُ 5-5‬م ُ‬
‫قارنة‬
‫ساويهم مع‬ ‫نين ِعندَ َت ِ‬
‫المؤ ِم َ‬
‫أن ْ‬ ‫لمين ِم َن األل ِم قد أصاب األعدا َء ِمث ُله‪َّ ،‬إل َّ‬
‫المس َ‬
‫ْ‬
‫الظ َف ِر‬ ‫ِ‬
‫وانتظار َّ‬ ‫بل م ِ‬ ‫ِ‬ ‫عون ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سلكهم‪،‬‬ ‫بقوة إيمانهم‪ ،‬و ُن ِ َ‬ ‫أعدائهم في درجة األل ِم‪َ ،‬يتم َّت َ َّ‬
‫أو الج َّن ِة؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﮊ [النساء‪.]104 :‬‬ ‫ِ‬

‫‪511‬‬
‫نْهولا‬
‫َ‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫أله ِله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اليقين ُبع ُل ِّو هذا الدِّ ِ‬


‫ين؛ ُع ُل ًّوا بنُصرة الله له‪ ،‬وتمكينه ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪6-6‬‬
‫ٌ‬
‫وأمثال عن ال َوهن‪:‬‬ ‫أقوال‬
‫عم َلك‬ ‫بالش ِّك؛ فيفسدَ عليك العزم‪ ،‬وال ِ‬
‫توق ْ‬ ‫قال‪( :‬ال َت ِ‬
‫خل ْط يقينَك َّ‬ ‫ ‪ُ -‬ي ُ‬
‫ف َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫هن)(((‪.‬‬ ‫دخ َل عليك َ‬
‫الو ُ‬ ‫الش ِّك؛ ف َي ُ‬
‫على َّ‬

‫ور‪ .‬وما َله‬ ‫الواه ِن َّ ِ‬


‫ومن أمثالِهم في ِ‬
‫ ‪ِ -‬‬
‫الضعيف قو ُلهم‪( :‬ما َله ُب ْذ ٌم‪ .‬وما َله َص ُّي ٌ‬
‫قو ٌة)(((‪.‬‬
‫رأي وال َّ‬ ‫ُأ ْك ٌل؛ ْ‬
‫أي‪ :‬ليس له ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هن‪ ،‬وال َيحتم ُل الدَّ َ‬
‫هن)(((‪.‬‬ ‫(رأس ال َّلئي ِم َيحتم ُل َ‬
‫الو َ‬ ‫ ‪ُ -‬‬

‫((( ((التذكرة الحمدونية)) البن حمدون (‪.)380/1‬‬


‫((( ((األمثال البن سالم)) (‪.)21/1‬‬
‫((( ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (‪.)62/1‬‬
‫‪512‬‬
‫طونُقلاو سأيلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫اليأس والقُنوط‬

‫مع َنى ِ‬
‫اليأس وال ُقنوط‪:‬‬
‫ِ‬ ‫قيض الر ِ‬
‫جاء‪ .‬أو‪ْ :‬‬ ‫اليأس ُلغ ًة‪ُ :‬‬
‫الق ُ‬
‫األمل(((‪.‬‬ ‫قط ُع‬ ‫اليأس َن ُ َّ‬
‫ُ‬ ‫نوط‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫يء(((‪.‬‬ ‫الطم ِع ِم َن َّ‬
‫انقطاع َّ‬ ‫اصطالحا‪:‬‬ ‫اليأس‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫َّ‬
‫‪-‬بالض ِّم‪:-‬‬ ‫والقن ُ‬
‫ُوط‬ ‫الش ِ‬
‫يء‪ُ .‬‬ ‫س ِم َن َّ‬
‫اليأ ِ‬ ‫اليأ ُس ِم َن َ‬
‫الخ ِير‪ .‬وقيل‪َ :‬أشدُّ ْ‬ ‫نوط ُلغ ًة‪ْ :‬‬
‫ال ُق ُ‬
‫المصدَ ُر)(((‪.‬‬
‫َ‬
‫نوط اصطالحا‪ :‬اليأس ِم َن الر ِ‬
‫حمة(((‪.‬‬ ‫الق ُ‬
‫ُ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫يبة‪:‬‬
‫واخل ِ‬ ‫رق ْ‬
‫بي اليأس َ‬ ‫َ‬
‫الف ُ‬
‫كون َ‬
‫قبل‬ ‫واليأس‪ :‬قد َي ُ‬
‫ُ‬ ‫يل ما ُأ ِّم َل‪.‬‬ ‫أمل؛ أل َّنها امتِ ُ‬
‫ناع َن ِ‬ ‫كون َّإل بعد ٍ‬ ‫الخ ُ‬
‫يبة ال َت ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األمل‪ ،‬وقد َي ُ‬
‫كون َبعدَ ه(((‪.‬‬

‫والسَّنة‪:‬‬ ‫ذم اليأس وال ُق ِ‬


‫نوط يف القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ ‪-‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ‬
‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﮊ [الزمر‪.]53 :‬‬

‫((( ((جمهرة ال ُّلغة)) البن دريد (‪ )238/1‬بتصرف يسير‪(( ،‬لسان العرب)) البن منظور (‪259/6‬‬
‫‪(( ،)260 -‬القاموس المحيط)) للفيروزابادي (‪.)582/1‬‬
‫((( ((معجم الفرووق اللغوية)) للعسكري (ص‪.)436 :‬‬
‫((( انظر‪(( :‬لسان العرب)) البن منظور (‪.)386/7‬‬
‫((( ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص‪.)275 :‬‬
‫دي (‪.)422/1‬‬
‫للماو ْر ّ‬
‫َ‬ ‫((( انظر ((الفروق اللغوية)) للعسكري (‪(( ،)245/1‬النكت والعيون))‬
‫‪513‬‬
‫طونُقلاو سأيلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ ‪-‬وقال تعالى‪ :‬ﮋ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬


‫ﮉﮊ ﮊ [فصلت‪.]49 :‬‬
‫رسول ِ‬
‫الله‪ ،‬ما‬ ‫َ‬ ‫رج ًل قال‪ :‬يا‬ ‫الله عنهما أ َّنه قال‪َّ :‬‬ ‫عب ٍ‬ ‫عن ِ‬‫ ‪ِ -‬‬
‫((إن ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫اس َر َ‬ ‫ابن َّ‬
‫حمة ِ‬
‫الله))(((‪.‬‬ ‫نوط ِمن ر ِ‬
‫والق ُ‬ ‫وح ِ‬
‫الله‪ُ ،‬‬ ‫واإلياس ِمن َر ِ‬ ‫رك ِ‬
‫بالله‪،‬‬ ‫الش ُ‬
‫الكبائر؟ قال‪ِّ :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اليأس وال ُقنوط‪:‬‬
‫ذم ِ‬ ‫السلف والعلما ِء يف ِّ‬
‫من أقوال َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫حق ال َفقيه‪َ :‬من لم ُيقنِّط ال َّن َ‬
‫اس‬ ‫الله عنه‪( :‬ال َف ُ‬
‫قيه ُّ‬ ‫ضي ُ‬ ‫طالب َر َ‬ ‫بن أبي‬
‫علي ُ‬
‫ ‪-‬قال ُّ‬
‫عذاب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الله‪ ،‬ولم يؤَ ِّم ْن ُهم ِمن‬
‫رخص لهم في معاصي ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الله)(((‪.‬‬ ‫من رحمة الله‪ ،‬ولم ُي ِّ ْ‬
‫والع ِ‬
‫جب)(((‪.‬‬ ‫َين‪ِ ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫(الهالك في اثنت ِ‬ ‫ٍ‬
‫القنوط‪ُ ،‬‬ ‫الله عنه‪:‬‬
‫ضي ُ‬ ‫ابن مسعود َر َ‬
‫ ‪-‬وقال ُ‬
‫رحمة ِ‬
‫الله تعالى)(((‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫نوط ِمن‬ ‫ ‪-‬وقال محمدُ بن ِسيرين‪( :‬اإللقاء إلى ال َّته ُل ِ‬
‫كة هو ال ُق ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫رحمة ِ‬
‫الله‪ ،‬أو ُيقن ُِّط ن ْف َسه؛‬ ‫ِ‬ ‫اس ِمن‬
‫بن ُع َيين َة‪َ ( :‬من َذ َهب ُيقن ُِّط ال َّن َ‬ ‫ُ‬
‫سفيان ُ‬ ‫ ‪-‬وقال‬
‫َ‬
‫أخطأ)(((‪.‬‬ ‫فقد‬

‫ضار ُهما(((‪:‬‬
‫وم ُّ‬ ‫اليأس وال ُق ِ‬
‫نوط َ‬ ‫آثا ُر ِ‬
‫((( أخرجه البزار كما في ((كشف األستار)) (‪.)106‬‬
‫حسن إسناده العراقي في ((تخريج اإلحياء)) (ص‪ ،)1352 :‬واأللباني في ((سلسلة األحاديث‬
‫الصحيحة)) (‪.)2051‬‬
‫((( أخرجه الدارمي (‪ ،)305‬وأبو داود في ((الزهد)) (ص‪.)115 :‬‬
‫((( ((الزواجر)) للهيتمي (‪.)121/1‬‬
‫((( ((تفسير البغوي)) (‪.)217/1‬‬
‫((( ((تفسير ابن أبي حاتم)) (‪ )2268/7‬برقم (‪.)12406‬‬
‫((( ((تفسير البغوي)) (‪ )217/1‬و(‪(( ،)579/3‬تفسير ابن عطية)) (‪(( ،)338/4‬تفسير القرطبي))‬
‫(‪(( ،)160/5‬مدارج السالكين)) البن القيم (‪(( ،)133/1‬صالح األمة في علو الهمة)) لسيد‬
‫العفاني (‪.)673/5‬‬
‫‪514‬‬
‫طونُقلاو سأيلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫ين‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬ ‫ِ‬ ‫نوط ِمن ِص ِ‬


‫والق ُ‬
‫اليأس ُ‬
‫الكافر َ‬ ‫فات‬ ‫‪ُ 1-‬‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﮊ [يوسف‪.]78 :‬‬

‫المؤ ِم َ‬
‫نين‪.‬‬ ‫فات ْ‬‫نوط ليسا ِمن ِص ِ‬
‫والق ُ‬
‫اليأس ُ‬
‫‪ُ 2-2‬‬
‫لله ولرسولِه‪.‬‬
‫نوط فيهما تكذيب ِ‬
‫ٌ‬ ‫والق ُ‬
‫اليأس ُ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫أدب مع ِ‬
‫الله ُسبحا َنه وتعالى‪.‬‬ ‫سوء ٍ‬
‫اليأس فيه ُ‬
‫‪ُ 4-4‬‬
‫الذ ِ‬
‫نوب والمعاصي‪.‬‬ ‫االستمرار في ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪5-5‬‬
‫الله ومغفرتِه‪.‬‬
‫رحمة ِ‬
‫ِ‬ ‫الحرمان ِمن‬
‫ِ‬ ‫سبب في‬
‫‪ٌ 6-6‬‬
‫ِ‬
‫القلب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لفساد‬ ‫سبب‬
‫‪ٌ 7-7‬‬

‫اليأس وال ُقنوط‪:‬‬


‫ِمن ُص َور ِ‬
‫للذ ِ‬
‫نوب‪.‬‬ ‫مغفرة ِ‬
‫الله ُّ‬ ‫ِ‬ ‫نوط ِمن‬
‫والق ُ‬
‫اليأس ُ‬
‫‪ُ 1-‬‬
‫ِ‬
‫لألفضل‪.‬‬ ‫اليأس ِم َن ال َّت ِ‬
‫غيير‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫وتفريج ُ‬
‫الك ِ‬
‫روب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫دائد‬ ‫ِ‬
‫زوال َّ‬ ‫نوط ِمن‬
‫والق ُ‬
‫اليأس ُ‬
‫‪ُ 3-3‬‬
‫لمين‪.‬‬ ‫الذ ِّل والم ِ‬
‫هانة ِ‬ ‫اليأس ِمن َن ِ‬
‫صر اإلسال ِم‪ ،‬وارتفا ِع ُّ‬
‫المس َ‬
‫عن ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ُ 4-4‬‬
‫ِ‬
‫بالمعروف وال َّن ِ‬
‫هي‬ ‫ِ‬
‫األمر‬ ‫خذيل ِ‬
‫عن‬ ‫ُ‬ ‫توبة الع ِ‬
‫صاة‪ ،‬وال َّت‬ ‫نوط ِمن ِ‬
‫والق ُ‬
‫اليأس ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ُ 5-5‬‬
‫نك ِر‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫ِ‬
‫عن ُ‬
‫اليأس وال ُقنوط(((‪:‬‬
‫أسباب ِ‬
‫الجهل ِ‬
‫بالله ُسبحا َنه وتعالى‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1-‬‬

‫((( ((تفسير الرازي)) (‪(( ،)323-322/17‬مدارج السالكين)) البن القيم (‪(( ،)371/2‬تفسير‬
‫ابن عادل)) (‪(( ،)471/11‬فيض القدير)) للمناوي (‪(( ،)296/2‬الهمة العالية)) لمحمد بن‬
‫إبراهيم الحمد (‪.)50/1‬‬
‫‪515‬‬
‫طونُقلاو سأيلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫الخوف ِم َن ِ‬
‫الله ُسبحا َنه وتعالى‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لو في‬ ‫‪ُ 2-2‬‬
‫الغ ُّ‬

‫سين والقانِ َ‬
‫ِّطين‪.‬‬ ‫‪3-3‬مصاح ُبة ِ‬
‫والمقن َ‬
‫طين ُ‬ ‫اليائ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫باألسباب‪.‬‬ ‫‪4-4‬ال َّتع ُّل ُق‬
‫ِ‬
‫المشروعة‪.‬‬ ‫بالر َخ ِ‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪5-5‬ال َّتشدُّ ُد في الدِّ ِ‬
‫وترك األخذ ُّ‬ ‫ين‪،‬‬
‫ُ‬
‫واستعجال ال َّن ِ‬
‫تائج‪.‬‬ ‫الص ِبر‪،‬‬
‫‪6-6‬ق َّل ُة َّ‬
‫عف الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غبة في ال َّتغيير‪.‬‬ ‫وض ُ َّ‬
‫سالم للواقعِ‪َ ،‬‬
‫الهمة‪ ،‬واالست ُ‬
‫‪ُ 7-7‬د ُّنو َّ‬
‫ص من اليأس والقنوط(((‪:‬‬ ‫للت ُّ‬
‫خل ِ‬ ‫الوسائل املُ ِع ُ‬
‫ينة َّ‬
‫وصفاتِه‪.‬‬
‫الله ِ‬ ‫ِ‬
‫بأسماء ِ‬ ‫ُ‬
‫اإليمان‬ ‫‪1-‬‬

‫ورجاء رحمتِه‪.‬‬
‫ُ‬
‫الظن ِ‬
‫بالله‪،‬‬ ‫سن َّ ِّ‬
‫‪ُ 2-2‬ح ُ‬
‫القلب ِ‬
‫بالله‪ ،‬وال ِّث ُ‬
‫قة به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ 3-3‬تع ُّل ُق‬
‫الخوف والر ِ‬
‫جاء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حال ِ‬
‫العبد ْبين‬ ‫كون ُ‬
‫‪4-4‬أن َي َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫البالء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حدوث‬ ‫الص ُبر عند‬
‫‪َّ 5-5‬‬
‫ِ‬
‫باإلجابة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإليقان‬ ‫عاء مع‬
‫‪6-6‬الدُّ ُ‬
‫قصص يف اليأس وال ُقنوط‪:‬‬
‫ٌ‬
‫الصال ُة‬ ‫يوسف ِ‬
‫عليهما َّ‬ ‫َ‬ ‫الم ِعندَ ف ْق ِد ابنِه‬
‫الس ُ‬
‫يعقوب عليه َّ‬
‫َ‬
‫ ‪-‬قص ُة نبي ِ‬
‫الله‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫البالء‪،‬‬ ‫والص ِبر على‬ ‫ِ‬ ‫سن َّ‬ ‫وح ِ‬ ‫ِ‬ ‫والسالم درس عظيم في ِ‬
‫الظ ِّن بالله‪َّ ،‬‬ ‫اليأس‪ُ ،‬‬ ‫ترك‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ ُ‬
‫مواضع؛ منها‪:‬‬ ‫الله؛ في عدَّ ِة‬ ‫ِ‬
‫ورجاء الفر ِج ِم َن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫الس َّقاف (‪(( ،)36/1‬الهمة العالية))‬


‫والس َّنة)) لعلوي َّ‬ ‫عز َّ‬
‫وجل الواردة في الكتاب ُّ‬ ‫((( ((صفات الله َّ‬
‫لمحمد الحمد (‪.)50/1‬‬
‫‪516‬‬
‫طونُقلاو سأيلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫َ‬ ‫ِ‬ ‫عي َأ َح ِّب‬ ‫ِ‬


‫الم‪ ،‬وهذا‬ ‫الصال ُة َّ‬
‫والس ُ‬ ‫يوسف عليه َّ‬ ‫أوالده إليه‬ ‫ ‪-‬عندَ ما جا َءه َن ُ‬
‫بالص ِبر‬ ‫فقدْ صوابه‪ ،‬وقاب َل َقدَ ر ِ‬
‫الله ال َّن َ‬ ‫األب‪ ،‬لم ي ِ‬‫قلب ِ‬ ‫المصائب على ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأ َ‬
‫ازل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عظ ُم‬
‫الله ُسبحا َنه في ر ْف ِعه‪ .‬ﮋﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫كانة وال َّتضر ِع إلى ِ‬
‫ُّ‬
‫والحل ِم واالستِ ِ‬ ‫عانة‪ِ ،‬‬
‫واالستِ ِ‬

‫ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ [يوسف‪.]18 :‬‬
‫ُ ِ ِ‬ ‫عظم ِ‬
‫الفر ِج‬ ‫صبره‪ُ ،‬‬
‫وعظ َم رجاؤُ ه في َ‬ ‫المصيبة بفقد ابنه الثاني ازدا َد ُ‬ ‫ت‬ ‫ ‪-‬و َل َّما ُ َ‬
‫ألبنائه‪ :‬ﮋ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن ِ‬
‫الله ُسبحا َنه‪ ،‬فقال‬
‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﮊ [يوسف‪.]83 :‬‬
‫الز ِ‬
‫مان‪ ،‬وانقطا ِع‬ ‫الم بعد ِ‬
‫طول َّ‬ ‫الصال ُة َّ‬
‫والس ُ‬ ‫َ‬
‫يوسف عليه َّ‬ ‫ ‪-‬حين ُعوتِ َب في َت ُّ‬
‫ذك ِر‬
‫وعد ِ‬
‫‪ ‬الله برف ِع‬ ‫الواثق في ِ‬
‫ِ‬ ‫المؤ ِم ِن‬ ‫ِ‬
‫بلسان ْ‬ ‫اليأس في ر ِ‬
‫جوعه‪ ،‬قال‬ ‫ِ‬ ‫وح ِ‬
‫صول‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫األمل‪ُ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الم ْض َط ِّر َ‬
‫ين‪ :‬ﮋ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬ ‫ابرين‪ ،‬وإجابة دعوة ُ‬
‫الص َ‬ ‫البالء ِ‬
‫عن َّ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﮊ [يوسف‪.]86 :‬‬
‫ِ‬
‫ألبنائه‪:‬‬ ‫َ‬
‫يوسف وأخيه‪ ،‬فقال‬ ‫ِ‬
‫والبحث عن‬ ‫الس ِ‬
‫عي‬ ‫ِ‬ ‫‪َ -‬‬
‫وأ َخذ‬
‫باألسباب في َّ‬
‫ﮋﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﮊ [يوسف‪.]87 :‬‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫تسخ ْط؛ قال تعالى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ‬
‫ضي ولم َي َّ‬
‫ور َ‬ ‫العاقبة ل َمن َص َبر وأ َّم َل َ‬ ‫فكانت‬ ‫ ‪-‬‬
‫َ‬ ‫القريب ﮋ ﭕﮊ‬ ‫ِ‬ ‫بشرا بال ِّل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﭓ ﭔﮊ ِمن ِ‬
‫يوسف‬ ‫قميص‬
‫َ‬ ‫قاء‬ ‫الحبيب ُم ِّ ً‬ ‫عند‬
‫وحصل‬
‫َ‬ ‫الكرب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫البصر‪ ،‬وبلغ األمل‪ ،‬وزال‬
‫ُ‬ ‫فرجع‬
‫َ‬ ‫ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﮊ‬
‫وأناب ﮋ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫ضي‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ور َ‬
‫َّواب ل َمن َص َبر َ‬
‫الث ُ‬
‫ﭥ ﭦ ﮊ [يوسف‪.]96 :‬‬

‫وشع ٌر يف اليأس وال ُقنوط‪:‬‬ ‫ٌ‬


‫كلمات ِ‬
‫ووعدَ سبحا َنه بأ َّنه ي ِ‬
‫غف ُر‬ ‫ِ‬ ‫فإن ْ ِ‬
‫تيأس وال َتقن َْط؛ َّ‬
‫َ‬ ‫توب‪ُ َ ،‬‬‫المؤم َن ُيذن ُب و َي ُ‬ ‫ ‪-‬ال ْ‬
‫‪517‬‬
‫طونُقلاو سأيلا‬ ‫األخالق المذمومة‬

‫تاب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ل َمن َ‬
‫عذ َب‪ ،‬بل لِ ُيصط َفى و ُي َّ‬
‫هذ َب‪.‬‬ ‫ ‪-‬ليس َدو ًما ُيبت َلى العبدُ لِ ُي َّ‬

‫َ‬
‫فاحذ ْر‪.‬‬ ‫ ‪َ -‬ي ِئس َمن َقب َلك فضاع ُع ُم ُره‪ ،‬و َف َسد قل ُبه‪ ،‬و َت َّ‬
‫نكدَ ْت حيا ُته؛‬

‫بالخير َت ِجدْ ُه‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ ‪-‬تفا َء ْل‬
‫الخط ِ َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الفاروق‪.‬‬ ‫ثم كان‬ ‫اب ألس َل َم ُع ُ‬
‫مر‪َّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫قال‪ :‬لو َأس َل َم ح ُ‬
‫مار‬ ‫ ‪-‬وكان ُي ُ‬

‫ٍ‬
‫طريق إلى إما ٍم في الدِّ ِ‬ ‫يل بن ِع ٍ ِ ِ‬ ‫تحو ُل ُ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ص قاط ِع‬
‫ياض من ل ٍّ‬ ‫الف َض ُ ُ‬ ‫ ‪-‬و َي َّ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ ‪-‬قال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ناز ٍ‬
‫ـــر َّب ِ‬
‫خر ُج‬ ‫َذ ْر ًعا وعنـــدَ الله منهـــا َ‬
‫الم َ‬ ‫ضيق بهـــا ال َفتى‬
‫لـــة َي ُ‬ ‫و َل ُ‬
‫(((‬
‫ُف ِر َج ْ‬
‫ـــت وكان َي ُظنُّهـــا ال ت َ‬
‫ُفر ُج‬ ‫فلما اســـتَحك ََم ْت َح َلقاتُها‬
‫ك ََم َل ْت َّ‬

‫((( ((تفسير ابن كثير)) (‪.)433 -432/8‬‬


‫‪518‬‬
‫الفهرس‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫فهرس الموضوعات‬

‫ِّ‬
‫مقدمة ������������������������������������������������������������‪7‬‬
‫اإلسالمي ِة�����������������������������������‪10‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫مات في‬ ‫ِّ‬
‫مقد ٌ‬
‫معنَى األخالق ��������������������������������������������������������‪10‬‬
‫وموضوعه ��������������������������������������‪10‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫تعريف ِعل ِم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األخالق �����������������������������������������������������‪10‬‬ ‫موضوع‬
‫ُ‬
‫أهمي ُة األخالق �������������������������������������������������������‪10‬‬
‫َّ‬
‫َّمرات المستفا َد ُة من ِد ِ‬
‫راسة األخالق ��������������������������������‪11‬‬ ‫الث ُ ُ‬
‫الغاية من االلتِزا ِم باألخالق �������������������������������������������‪11‬‬
‫ُ‬

‫اإلسالمي ِة ��������������������������������������������‪12‬‬
‫َّ‬ ‫صادر األخالق‬
‫ُ‬ ‫َم‬
‫األخالق باعتِبار َعالقاتِها ���������������������������������������‪12‬‬
‫ِ‬ ‫تقسيم‬
‫ِ‬
‫األخالق ������������������������������������������������‪12‬‬ ‫ُ‬
‫ضائل َمكار ِم‬ ‫َف‬

‫المس ِل َ‬
‫مين�����������������������������������������‪13‬‬ ‫ْ‬ ‫األخالق ِعندَ‬
‫ِ‬ ‫َأ ُ‬
‫صالة‬
‫اإلسالمية�������������������������������������������‪13‬‬
‫َّ‬ ‫اكتِساب األخالق‬
‫األخالق الح ِ‬ ‫وسائل اكتِ ِ‬
‫ميدة �������������������������������������‪13‬‬ ‫ِ َ‬ ‫ساب‬ ‫ُ‬

‫اإلسالمي ِة �����������������������������‪14‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫االنح ِ‬
‫راف عن‬ ‫ِ‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬
‫الحس ِن��������������������������������������‪15‬‬
‫َ‬ ‫َح ُّث اإلسال ِم على الخ ُل ِق‬
‫اإلسالمي ِة ������������������������‪15‬‬ ‫ِ‬
‫األخالق‬ ‫لمين من‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫المس َ‬
‫موقف أعداء ْ‬

‫‪521‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ُ‬
‫األخالق المحمو َدة‬

‫اإلحسان �������������������������������������������������������‪19‬‬
‫معنى اإلحسان ��������������������������������������������������������‪19‬‬
‫ِ‬
‫اإلحسان واإلنعام�������������������������������������������‪19‬‬ ‫ال َفرق بين‬
‫والس َّنة �����������������������‪19‬‬
‫رغيب فيه من القرآن ُّ‬
‫األمر باإلحسان وال َّت ُ‬
‫ُ‬
‫والعلماء في اإلحسان �����������������������������������‪20‬‬
‫السلف ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫آثار اإلحسان وفوائدُ ه �������������������������������������������������‪20‬‬
‫ُ‬
‫ِمن ُص َور اإلحسان ����������������������������������������������������‪21‬‬
‫األمثال ِّ‬
‫والشعر في اإلحسان�������������������������������������������‪21‬‬
‫ُ‬
‫األ ْلفة ����������������������������������������������������������‪23‬‬
‫معنى ُ‬
‫األلفة �����������������������������������������������������������‪23‬‬
‫والس َّنة�������������������������‪23‬‬ ‫والحث على ُ‬
‫األ ْلفة من ُ‬ ‫ُّ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫لف والع ِ‬
‫لماء في ُ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫األلفة ��������������������������������������‪24‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫فوائدُ األلفة �����������������������������������������������������������‪24‬‬
‫أسباب ُ‬
‫األ ْلفة����������������������������������������������������������‪24‬‬
‫ُ‬
‫األ ْلفة في واحة ِّ‬
‫الشعر �������������������������������������������������‪25‬‬
‫األمانة����������������������������������������������������������‪26‬‬
‫معنى األمانة�����������������������������������������������������������‪26‬‬
‫والس َّنة �����������������������������‪26‬‬ ‫األمانة ِمن ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫الترغيب في َأ ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫داء‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫‪522‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِ‬
‫والعلماء في األمانة��������������������������������������‪27‬‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫فوائد األمانة�����������������������������������������������������������‪27‬‬
‫ِمن ُص َور األمانة �������������������������������������������������������‪27‬‬
‫الله عليه وس َّلم واألمم الماضية ��‪29‬‬
‫النبي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نماذج في األمانة من َحياة ِّ‬
‫ُ‬
‫األمانة في واحة ِّ‬
‫الشعر�������������������������������������������������‪30‬‬
‫اإليثار ����������������������������������������������������������‪31‬‬
‫معنى اإليثار�����������������������������������������������������������‪31‬‬
‫ِ‬
‫والجود ������������������������������������‪31‬‬ ‫ال َف ْرق بين اإليثار َّ‬
‫والسخاء ُ‬
‫والس َّنة ������������������������‪31‬‬ ‫ُّ‬
‫والحث على اإليثار من القرآن ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫أقسام اإليثار ����������������������������������������������������������‪32‬‬
‫فوائد اإليثار�����������������������������������������������������������‪34‬‬
‫اكتساب صفة اإليثار ��������������������������������������������‪34‬‬‫ِ‬ ‫موانع‬
‫اإليثار املتع ِّل ِق باخلالق �������������������������������‪34‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اكتساب‬ ‫موانع‬
‫اكتساب اإليثار املتع ِّل ِق باخلَ ْلق ��������������������������������‪35‬‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ينة على اكتِساب اإليثار ����������������������������������‪35‬‬ ‫الم ِع ُ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫اإليثار املتع ِّل ِق باخلالق ������������������‪35‬‬
‫ِ‬ ‫الوسائل ا ُمل ِعين ُة عىل اكتساب‬
‫ِ‬
‫اإليثار املتع ِّلق باخلَ ْلق �������������������‪36‬‬ ‫الوسائل ا ُمل ِعينة عىل اكتِساب‬
‫حابة والس ِ‬
‫لف‬ ‫يه وس َّلم والص ِ‬ ‫الله ع َل ِ‬
‫النبي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫حياة‬ ‫نماذج لإليثار من‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫والع ِ‬
‫لماء ��������������������������������������������������������������‪36‬‬ ‫ُ‬
‫وحكم ِ‬
‫وشعر في اإليثار �����������������������������������������‪37‬‬ ‫أقوال ِ‬
‫ٌ‬
‫‪523‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫البِ ُّر ������������������������������������������������������������‪38‬‬


‫معنى البِ ِّر �������������������������������������������������������������‪38‬‬
‫الفرق بين البِ ِّر والخير �������������������������������������������������‪38‬‬
‫والحث على البِ ِّر في القرآن ُّ‬
‫والس َّنة ���������������������������‪38‬‬ ‫ُّ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫لف والع ِ‬
‫لماء في البِ ِّر ����������������������������������������‪39‬‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫وآثاره�����������������������������������������������‪40‬‬
‫ُ‬ ‫َفضل البِ ِّر وفوائدُ ه‬
‫أقسام البر �������������������������������������������������������������‪40‬‬
‫ِمن ُص َور البِ ِّر ����������������������������������������������������������‪40‬‬
‫موانع فِ ِ‬
‫عل البِ ِّر ��������������������������������������������������������‪41‬‬ ‫ُ‬
‫ينة على فِعل البِ ِّر �����������������������������������������‪41‬‬
‫الم ِع ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫والشعر في البِ ِّر ���������������������������������������‪42‬‬ ‫ِ‬
‫الح َكم واألمثال ِّ‬

‫ال َبشاش ُة ��������������������������������������������������������‪43‬‬


‫معنى البشاشة ���������������������������������������������������������‪43‬‬
‫شاش ِة والبِشر ����������������������������������‪43‬‬
‫واله َ‬
‫الفرق بين ال َبشاشة َ‬
‫والس َّنة �������������������������‪43‬‬ ‫وط ِ‬
‫القة الوجه في ُ‬ ‫دح ال َبشاشة َ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫َم ُ‬
‫ِ‬
‫الوجه ���������������������‪44‬‬ ‫وط ِ‬
‫القة‬ ‫ِ‬
‫شاشة َ‬ ‫أقوال السلف والع ِ‬
‫لماء عن ال َب‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وطالقة الوجه ������������������������������������������‪44‬‬ ‫فوائد ال َبشاشة‬
‫موانع اكتِ ِ‬
‫ساب ال َبشاشة������������������������������������������������‪45‬‬ ‫ُ‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب ال َبشاشة���������������������������������‪45‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫َ‬

‫‪524‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫حياة ال َّنبي ص َّلى ُ ِ‬


‫نماذج ِمن البشاشة من ِ‬
‫الله ع َليه وس َّل َم َّ‬
‫والسلف �������‪45‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وطالقة الوجه ������������������������‪46‬‬ ‫وأمثال ِ‬
‫وشعر عن ال َبشاشة‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال‬

‫ال َّتأ ِّني أو (األناة) ������������������������������������������������‪47‬‬


‫معنى ال َّتأ ِّني �����������������������������������������������������������‪47‬‬
‫الصفات ��������������������������������������‪47‬‬‫وبعض ِّ‬‫ِ‬ ‫ال َف ْرق بين األناة‬
‫ال َفرق ْبي األناة والت َُّؤدة ��������������������������������������������‪47‬‬
‫األناة ِ‬
‫واحللم���������������������������������������������‪47‬‬ ‫ِ‬ ‫الفرق بني‬

‫والحث على ال َّتأ ِّني من القرآن ُّ‬


‫والس َّنة�������������������������‪48‬‬ ‫ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫لف والع ِ‬
‫لماء في ال َّتأ ِّني ��������������������������������������‪48‬‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫فوائد ال َّتأ ِّني �����������������������������������������������������������‪49‬‬
‫ِمن ُص َور التأ ِّني��������������������������������������������������������‪49‬‬
‫الوقو ِع في عد ِم ال َّتأ ِّني������������������������������������������‪50‬‬
‫أسباب ُ‬
‫ُ‬
‫ينة على اكتساب ِ‬
‫صفة ال َّتأ ِّني������������������������������‪51‬‬ ‫الم ِع ُ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫ياة األنبياء والص ِ‬
‫حابة ����������������������������‪51‬‬ ‫نماذج في ال َّتأ ِّني من ح ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الشعر �������������������������������������������������‪52‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫التأ ِّني في‬

‫التضحية��������������������������������������������������������‪54‬‬
‫معنى ال َّتضحية ��������������������������������������������������������‪54‬‬
‫والس َّنة ����������������������‪54‬‬ ‫ُّ‬
‫والحث على التضحية في القرآن ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫أقسام ال َّتضحية ��������������������������������������������������������‪55‬‬

‫‪525‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫فوائد ال َّتضحية ��������������������������������������������������������‪55‬‬


‫ِمن ُص َور ال َّتضحية�����������������������������������������������������‪55‬‬
‫ساب ِص ِفة ال َّتضحية ��������������������������������������‪56‬‬
‫ِمن َموان ِع اكتِ ِ‬

‫ينة على اكتساب ِص ِفة ال َّتضحية���������������������������‪56‬‬


‫الم ِع ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫َ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة ��������‪57‬‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نماذج لل َّتضحية من حياة ال َّن ِّ‬
‫ُ‬
‫عر في ال َّتضحية���������������������������������������‪57‬‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫وأقوال وش ٌ‬
‫التعاون ���������������������������������������������������������‪59‬‬
‫عاو ِن����������������������������������������������������������‪59‬‬
‫معنى ال َّت ُ‬
‫والس َّنة �����������������������‪59‬‬ ‫التعاون من ُ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على‬ ‫ال َّترغيب‬
‫التعاون ����������������������������������������������‪60‬‬ ‫أقوال الع ِ‬
‫لماء في‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫التعاون ���������������������������������������������������������‪60‬‬
‫ُ‬ ‫أقسام‬
‫عاون������������������������������������������������������‪60‬‬
‫من فوائد ال َّت ُ‬
‫والعدوان ������������������������������������‪61‬‬ ‫مضار ال َّت ِ‬
‫عاون على اإلثم ُ‬
‫ُ‬ ‫َ ُّ‬
‫عاو ِن ������������������������������������������������������‪61‬‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور ال َّت ُ‬
‫عاو ِن ������������������������������������������������‪62‬‬
‫موانع اكتساب ال َّت ُ‬
‫عاون���������������������������������‪62‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب ال َّت ُ‬ ‫األسباب ُ‬
‫الله ع َليهم وس َّل َم‪،‬‬ ‫نماذج لل َّتعاو ِن ِمن ح ِ‬
‫ياة األنبياء والمرسلين ص َّلى ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والص ِ‬
‫حابة �������������������������������������������������������������‪63‬‬ ‫ََّ‬
‫عاون �����������������������������������������‪64‬‬
‫الح ِّث على ال َّت ُ‬
‫وصايا في َ‬

‫‪526‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫التعاون ����������������������������������������‪64‬‬ ‫عر في‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬


‫ُ‬ ‫وأمثال وش ٌ‬
‫ال َّت ُ‬
‫واضع ��������������������������������������������������������‪66‬‬
‫واضع���������������������������������������������������������‪66‬‬
‫معنى ال َّت ُ‬
‫الصفات �����������������������������������‪66‬‬‫واض ِع وبعض ِّ‬ ‫ال َفرق ْبين ال َّت ُ‬
‫َّواض ِع والتَّذ ُّل ِل ����������������������������������������‪66‬‬
‫ال َفرق ْبي الت ُ‬
‫َّواضع واخلُشوع ���������������������������������������‪66‬‬
‫الفرق بني الت ُ‬
‫والس َّنة ����������������������‪67‬‬ ‫والحث على ال َّت ُ‬
‫واض ِع من القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫لف والع ِ‬
‫أقوال الس ِ‬
‫واضع������������������������������������‪67‬‬
‫لماء في ال َّت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫واضع ��������������������������������������������������������‪68‬‬
‫أقسام ال َّت ُ‬
‫من آثار ُخ ُل ِق ال َّت ُ‬
‫واضع �������������������������������������������������‪68‬‬
‫ِمن ُص َور ال َّت ُ‬
‫واضع �����������������������������������������������������‪69‬‬
‫واضع��������������������������������������‪69‬‬ ‫األسباب ا َّلتي ُت ُ‬
‫عين على ال َّت ُ‬
‫حابة والس ِ‬
‫لف ������‪70‬‬ ‫الله ع َل ِيه وس َّلم والص ِ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫نماذج ِمن َت ُ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫واض ِع ال َّن ِّ‬ ‫ُ‬
‫واضع في واحة ِّ‬
‫الشعر�����������������������������������������������‪71‬‬ ‫ال َّت ُ‬

‫ودد ����������������������������������������������������������‪72‬‬
‫ال َّت ُّ‬
‫ود ِد �����������������������������������������������������������‪72‬‬
‫معنى ال َّت ُّ‬
‫والح ِّب������������������������‪72‬‬ ‫الفرق بين ال َّتوا ِّد‪ ،‬وال َّت ُ ِ‬
‫راحم‪ُ ،‬‬
‫عاطف وال َّت ُ‬ ‫ْ‬
‫والس َّنة ������������������������‪72‬‬ ‫والحث على ال َّت ِ‬
‫ُّ‬
‫ودد من القرآن ُّ‬
‫ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫ود ِد ���������������������������������‪73‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والسلف في مدْ ح ال َّت ُّ‬
‫أقوال العلماء َّ‬

‫‪527‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ود ِد إلى ال َّناس ������������������������������������������������‪73‬‬


‫أنواع ال َّت ُّ‬
‫ود ِد إلى ال َّناس ������������������������������������������������‪74‬‬
‫فوائد ال َّت ُّ‬
‫ود ِد إلى ال َّناس ������������������������������������������‪74‬‬ ‫ِ‬
‫أساليب ال َّت ُّ‬ ‫ِمن‬
‫ود ِد إلى ال َّناس ���������������������������������������‪75‬‬ ‫موانِ ُع اكتِ ِ‬
‫ساب ال َّت ُّ‬
‫ِ‬ ‫ياة ال َّنبي ص َّلى ُ ِ‬
‫نماذج على التود ِد من ح ِ‬
‫والسلف‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َّ‬
‫والصحابة‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫والعلماء ������������������������������������������������������‪75‬‬ ‫ِ‬
‫الصالح ُ‬
‫ودد �������������������������������������������������������‪76‬‬ ‫ٌ‬
‫أقوال في ال َّت ُّ‬
‫الشعر �������������������������������������������������‪77‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫التودد في‬
‫ُّ‬

‫والسخاء‪ ،‬وال َب ْذل ��������������������������������‪78‬‬


‫والكرم‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫الجود‪،‬‬
‫ُ‬
‫والسخاء‪ ،‬وال َب ْذل �������������������������������‪78‬‬ ‫الجود‪َ ،‬‬
‫والك َرم‪َّ ،‬‬ ‫معنى ُ‬
‫ِ‬
‫واإلفضال ِ‬
‫واإلنعام�����������������������������������‪79‬‬ ‫الفرق بين الج ِ‬
‫ود‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫والس َّنة������������������‪79‬‬ ‫ِ‬ ‫الحث على الج ِ‬
‫والكر ِم َّ‬
‫والسخاء من القرآن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ود‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫والسخاء���������������������‪80‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والجود َّ‬
‫الكرم ُ‬
‫السلف والعلماء في َ‬
‫أقوال َّ‬
‫الجود�����������������������������������������������������������‪80‬‬
‫أقسام ُ‬
‫والسخاء������������������������������������������‪81‬‬ ‫ِ‬
‫الكر ِم ُ‬
‫والجود َّ‬ ‫فوائد َ‬
‫والسخاء ��������������������������������������‪81‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صور الكر ِم ُ‬
‫والجود َّ‬ ‫من َ‬
‫والسخاء �������������������������‪82‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫والجود َّ‬
‫ينة على الكرم ُ‬ ‫األسباب ُ‬
‫والصحابة والس ِ‬
‫لف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫ِ‬
‫حياة‬ ‫ِ‬
‫والسخاء ِمن‬ ‫ِ‬
‫والجود‬ ‫نماذج في الكر ِم‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الصالِح ���������������������������������������������������������������‪82‬‬

‫‪528‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الجاهلي ِة ��������������������������‪83‬‬
‫َّ‬
‫العرب وج ِ‬
‫ودهم في‬ ‫ِ ُ‬ ‫نماذج ِمن كر ِم‬
‫ُ‬
‫والجود����������������������������������‪83‬‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫عر في الكر ِم ُ‬
‫وأمثال وش ٌ‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن �����������������������������������������������������‪85‬‬ ‫ُح ُ‬
‫الظن������������������������������������������������������‪85‬‬
‫سن ِّ‬‫معنى ُح ِ‬

‫والوهم ���������������������������������������‪85‬‬ ‫الش ِّك َّ‬


‫والظ ِّن َ‬ ‫ال َفرق ْبين َّ‬
‫والس َّنة �������������������‪86‬‬
‫الظ ِّن من القرآن ُّ‬ ‫والحث على ُح ِ‬
‫سن َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ال َّترغيب‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن ���������������������������������‪86‬‬ ‫ِ‬
‫والعلماء في ُح ِ‬ ‫السلف‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫أقسام َّ‬
‫الظ ِّن������������������������������������������������������������‪86‬‬
‫فوائد ُح ِ‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن������������������������������������������������������‪87‬‬
‫ِمن ُص َور ُح ِ‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن ��������������������������������������������������‪87‬‬
‫سن َّ‬
‫الظ ِّن ��������������������������������������������‪88‬‬ ‫موانع اكتِ ِ‬
‫ساب ُح ِ‬ ‫ُ‬
‫الظ ِّن�����������������������������‪88‬‬ ‫ينة على اكتِ ِ‬
‫ساب ُح ِ‬
‫سن َّ‬ ‫الم ِع ُ‬ ‫الو ُ‬
‫سائل ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والسلف ��‪89‬‬ ‫بي ص َّلى الل ُه ع َليه وس َّل َم َّ‬
‫والصحابة َّ‬ ‫الظ ِّن من حياة ال َّن ِّ‬ ‫لح ِ‬
‫سن َّ‬ ‫نماذج ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫واألمثال ِّ‬
‫والشعر��������������������������‪90‬‬ ‫ِ‬
‫األدب‬ ‫ِ‬
‫واحة‬ ‫سن َّ‬
‫الظ ِّن في‬ ‫ُح ُ‬
‫ِ‬
‫الحكمة ��������������������������������������������������������‪91‬‬
‫معنى ِ‬
‫الحكمة ���������������������������������������������������������‪91‬‬
‫ِمن معاني ِ‬
‫الحكمة�����������������������������������������������������‪91‬‬
‫والس َّنة��������������������������������������‪92‬‬ ‫ِ‬
‫الحكمة في ُ‬
‫القرآن الكريم ُّ‬
‫الحكمة ��������������������������������‪92‬‬ ‫ِ‬
‫العلماء في ِ‬ ‫ُ‬
‫وأقوال‬ ‫السلف‬
‫آثار َّ‬
‫ُ‬

‫‪529‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫أنواع ِ‬
‫الحكمة ���������������������������������������������������������‪93‬‬
‫َدرجات ِ‬
‫الحكمة ������������������������������������������������������‪93‬‬ ‫َ‬
‫فوائد الحكمة ���������������������������������������������������������‪94‬‬
‫ِ‬
‫اكتساب الحكمة�����������������������������������������������‪95‬‬ ‫وسائل‬
‫موانِع اكتِساب ِ‬
‫الحكمة ������������������������������������������������‪96‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫والسلف ���������‪96‬‬ ‫نماذج دا َّل ٌة على صفة الحكمة عندَ األنبياء َّ‬
‫والصحابة َّ‬ ‫ُ‬
‫ِشعر عن ِ‬
‫الحكمة������������������������������������������������������‪98‬‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫الحلم ����������������������������������������������������������‪99‬‬
‫معنى ِ‬
‫الحلم �����������������������������������������������������������‪99‬‬
‫الصفات �������������������������������������‪99‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َفرق بين ِ‬
‫الحل ِم‬
‫وبعض ِّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ال َف ْرق ْبي احلل ِم َّ‬
‫والصرب ��������������������������������������������‪99‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الفرق ْبي احللم واألَناة ِّ‬
‫والرفق �������������������������������������‪99‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال َّترغيب في صفة الحل ِم من القرآن ُّ‬
‫والس َّنة���������������������������‪100‬‬
‫أقوال السلف والعلماء في ِ‬
‫الحلم ������������������������������������‪100‬‬ ‫َّ‬
‫آثار ُخ ُل ِق ِ‬
‫الحل ِم وفوائدُ ه���������������������������������������������‪101‬‬
‫بصفة ِ‬
‫الحلم ��������������������������������‪101‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة لل َّتخ ُّل ِق ِ‬
‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالح ��‪102‬‬
‫والسلف َّ‬ ‫بي ص َّلى الل ُه ع َليه وس َّل َم َّ‬
‫والصحابة َّ‬ ‫نماذج من حلم ال َّن ِّ‬
‫ُ‬
‫والشعر في ِ‬
‫الحلم �������������������������������������������‪103‬‬ ‫األمثال ِّ‬

‫الحياء���������������������������������������������������������‪104‬‬

‫‪530‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الحياء���������������������������������������������������������‪104‬‬
‫معنى َ‬
‫والخج ِل�������������������������������������������‪104‬‬
‫َ‬ ‫ال َفرق ْبين الحياء‬
‫والس َّنة ����������������������‪104‬‬ ‫ِ ِ‬
‫والح ُّث على َ‬
‫الحياء م َن القرآن ُّ‬ ‫ال َّترغيب َ‬
‫السلف والعلماء في الحياء������������������������������������‪105‬‬
‫أقوال َّ‬
‫الحياء ��������������������������������������������������������‪106‬‬
‫أقسام َ‬
‫ِ‬
‫وفضائله ��������������������������������������������‪106‬‬ ‫ِ‬
‫الحياء‬ ‫ِمن فوائد‬
‫ِمن صور الح ِ‬
‫ياء �����������������������������������������������������‪107‬‬ ‫ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫املحمود ������������������������������������������‪107‬‬ ‫ِمن صو ِر احل ِ‬
‫ياء‬ ‫َ َ‬
‫ِمن ُص َور اخلَ َج ِل ا َملذمو ِم الذي ُ‬
‫يرفضه اإلسالم ��������������������‪107‬‬
‫ظاه ِر ق َّل ِة الح ِ‬
‫ياء ������������������������������������������������‪108‬‬ ‫ِمن م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ساب الح ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ياء ��������������������������������������������‪108‬‬ ‫من َموان ِع اكت ِ َ‬
‫ِ‬
‫الحياء �����������������������������‪109‬‬ ‫ينة على اكتِساب‬
‫من الوسائل الم ِع ِ‬
‫ُ‬
‫نماذج للحياء��������������������������������������������������������‪109‬‬
‫ُ‬
‫الحياء في واحة ِّ‬
‫الشعر�����������������������������������������������‪110‬‬ ‫َ‬

‫الرحمة ��������������������������������������������������������‪111‬‬
‫َّ‬
‫معنى الر ِ‬
‫حمة ��������������������������������������������������������‪111‬‬ ‫َّ‬
‫مقتضى الر ِ‬
‫حمة �����������������������������������������������������‪111‬‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫والس َّنة ���������������������‪111‬‬ ‫ال َّترغيب والح ُّث على الر ِ‬
‫حمة في ُ ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الرحمة �������������������������������������������������������‪112‬‬
‫أقسام َّ‬

‫‪531‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫املدح َّ‬
‫والذ ُّم ������������������������������������‪112‬‬ ‫ِ‬
‫أقسا ُمها من حيث ُ‬
‫ساب ����������������������������‪113‬‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أقسا ُمها من حيث ال َغريز ُة واالكت ُ‬
‫وآثارها������������������������������������������������‪113‬‬ ‫فوائدُ الر ِ‬
‫حمة‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِمن صو ِر الر ِ‬
‫حمة ����������������������������������������������������‪114‬‬ ‫ُ َ َّ‬
‫بخ ُلق َّ‬
‫الرحمة �������������������������‪114‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ال َّتخ ُّلق ُ ِ‬ ‫األسباب ُ‬
‫الرحمة���������������������������������������������������‪115‬‬
‫نماذج في َّ‬
‫ُ‬
‫الرحمة���������������������������������������������‪116‬‬ ‫ٌ ِ‬
‫عر عن َّ‬
‫أقوال وش ٌ‬
‫الرفق ���������������������������������������������������������‪118‬‬
‫ِّ‬
‫الر ِفق����������������������������������������������������������‪118‬‬
‫معنى ِّ‬
‫والس َّنة �����������������������‪118‬‬ ‫والح ُّث على ِّ‬
‫الرفق في القرآن ُّ‬ ‫ال َّترغيب َ‬
‫الرفق�������������������������������������‪119‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والعلماء في ِّ‬
‫السلف ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫الرفق����������������������������������������������������������‪119‬‬
‫فوائد ِّ‬
‫الر ِفق ������������������������������������������������������‪120‬‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور ِّ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم وصحابته�����������������‪120‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫َن ُ ِ ِ ِ‬
‫ماذج من رفق ال َّن ِّ‬
‫الشعر������������������������������������������������‪121‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫الر ُ‬
‫فق في‬ ‫ِّ‬
‫الستر����������������������������������������������������������‪122‬‬
‫َّ‬
‫الس ِتر ����������������������������������������������������������‪122‬‬
‫معنَى َّ‬
‫والغ ِ‬
‫والحجاب ِ‬
‫وبين الستر ِ‬ ‫رق بين الس ِتر ُ ِ‬
‫طاء �����������‪122‬‬ ‫والغفران‪ِّ َ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫ال َف ُ ْ‬
‫الس ِتر في القرآن ُّ‬
‫والس َّنة �����������������������‪123‬‬ ‫والح ُّث على َّ‬
‫ال َّترغيب َ‬

‫‪532‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الس ِتر �������������������������‪123‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬


‫الحث على َّ‬ ‫والعلماء في‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫المنك ِر ��������������������������������������‪124‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إنكار‬ ‫الس ُتر ال َيعني ْتر َك‬
‫َّ‬
‫الس ِتر ����������������������������������������������������������‪124‬‬
‫فوائد َّ‬
‫ِ‬
‫من ُص َو ِر َّ‬
‫الس ِتر ������������������������������������������������������‪125‬‬
‫الس ِتر ���������������������������‪125‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫اكتساب صفة َّ‬ ‫ينة على‬ ‫الوسائل ُ‬
‫ُ‬
‫الس ُتر في واحة ِّ‬
‫الشعر������������������������������������������������‪125‬‬ ‫َّ‬
‫السكينة �������������������������������������������������������‪126‬‬
‫َّ‬
‫معنى الس ِ‬
‫كينة �������������������������������������������������������‪126‬‬ ‫َّ‬
‫الس َّنة �����������������������������‪126‬‬ ‫ِ‬
‫والح ُّث على َّ‬
‫السكينة من ُّ‬ ‫رغيب َ‬
‫ال َّت ُ‬
‫السكينة ����������������������������������‪126‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في َّ‬
‫أقوال َّ‬
‫السكينة�������������������������������������������������������‪127‬‬
‫أقسام َّ‬
‫ُ‬
‫فوائدُ الس ِ‬
‫كينة �������������������������������������������������������‪127‬‬ ‫َّ‬
‫بخ ُل ِق الس ِ‬
‫كينة ��������������������������‪128‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ال َّتخ ُّل ِق ُ‬
‫َّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫السكينة���������������������������������������������������‪129‬‬
‫نماذج في َّ‬
‫ُ‬
‫الص ِ‬
‫در ��������������������������������������������������‪130‬‬ ‫سالم ُة َّ‬
‫الص ِ‬
‫در �������������������������������������������������‪130‬‬ ‫ِ‬
‫معنَى َسالمة َّ‬
‫در وال َب َل ِه وال َّت ُّ‬
‫غف ِل������������������������������‪130‬‬ ‫الص ِ‬ ‫ال َف ُ‬
‫رق ْبين سالمة َّ‬
‫والس َّنة���������������‪130‬‬ ‫الص ِ‬
‫در من القرآن ُّ‬ ‫والح ُّث على سالمة َّ‬
‫ال َّترغيب َ‬
‫الص ِ‬
‫در ����������������������������‪131‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في سالمة َّ‬
‫أقوال َّ‬

‫‪533‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الص ِ‬
‫در �������������������������������������������������‪132‬‬ ‫ِ‬
‫فوائد سالمة َّ‬
‫الص ِ‬
‫در����������������������������������������������‪132‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور سالمة َّ‬
‫الص ِ‬
‫در ����������������������������������������‪133‬‬ ‫موانع اكتِ ِ‬
‫ساب سالمة َّ‬ ‫ُ‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على اكتساب سالمة الصدر�������������������������‪133‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫والسلف ��������������������‪134‬‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫الصحابة َّ‬
‫در من حياة َّ‬ ‫نماذج لسالمة َّ‬
‫ُ‬
‫الصدر في واحة ِّ‬
‫الشعر���������������������������������������‪135‬‬ ‫سالمة َّ‬
‫ماحة ال َّن ْف ِ‬
‫س �������������������������������������������������‪136‬‬ ‫َس َ‬
‫ِ‬
‫ماحة ������������������������������������������������������‪136‬‬ ‫الس‬
‫معنى َّ‬
‫والس َّنة������������������������������‪136‬‬ ‫السماحة ِمن ُ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫رغيب في َّ‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫ماحة ال َّن ْف ِ‬
‫س �������������������������������������������������‪137‬‬ ‫ِ‬
‫فوائد َس‬
‫السماحة���������������������������������������������������‪137‬‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور َّ‬
‫ِ‬
‫سماحة ال َّن ْف ِ‬
‫س ���������������������������������‪138‬‬ ‫اكتساب ُخ ُل ِق‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وسائل‬
‫ِ‬ ‫سماحة ال َّنبي ص َّلى ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫نماذج ِمن‬
‫والسلف����‪138‬‬ ‫الله ع َليه وس َّل َم َّ‬
‫والصحابة َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫عالمات سمح ال َّن ْف ِ‬
‫س �����������������������������������������������‪139‬‬ ‫ُ‬
‫السماحة في واحة ِّ‬
‫الشعر ��������������������������������������������‪139‬‬ ‫َّ‬
‫الشجاع ُة ������������������������������������������������������‪141‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫جاعة ������������������������������������������������������‪141‬‬ ‫معنى َّ‬
‫الش‬
‫الشجاعة و البسا َل ِة والج ِ‬
‫رأة �������������������������������‪141‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق ْبين‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫والس َّن ِة �����������������������������‪141‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الترغيب في الشجاعة من القرآن ُّ‬
‫ُ‬

‫‪534‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِ‬
‫الشجاعة��������������������������������������������������‪142‬‬ ‫ما ِقيل في‬
‫ِ‬
‫الشجاعة ������������������������������������������������������‪143‬‬ ‫أقسام‬
‫ُ‬
‫وآثار َها ����������������������������������������������‪144‬‬
‫ُ‬ ‫فوائدُ الشجاعة‬
‫ِ‬
‫الشجاعة���������������������������������������������������‪144‬‬ ‫ِمن ُص َور‬
‫ِ‬
‫الشجاعة �����������������������������������‪145‬‬ ‫اكتساب ُخ ِ‬
‫لق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وسائل‬ ‫ِمن‬
‫حابة والع ِ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم والص ِ‬ ‫ِ‬
‫لماء ���‪145‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫بي ص َّلى ُ‬
‫نماذج من شجاعة ال َّن ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشجاعة ���������������������������������������������‪147‬‬ ‫ما يترت َُّب على‬
‫الش ِ‬
‫عر ��������������������������������������������‪147‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫ُ‬
‫الشجاعة في‬

‫الشفق ُة ��������������������������������������������������������‪148‬‬
‫َّ‬
‫الش ِ‬
‫فقة ��������������������������������������������������������‪148‬‬ ‫معنى َّ‬
‫والر َّق ِة ���������������������������������������������‪148‬‬ ‫الفرق بين َّ ِ‬
‫الشفقة ِّ‬ ‫ُ ْ‬
‫والس َّنة����������������������‪148‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َّترغيب والح ُّث على َّ ِ‬
‫الشفقة في القرآن ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫لف والع َل ِ‬
‫وال الس ِ‬
‫الشفقة �����������������������������������‪149‬‬ ‫ماء في‬ ‫ُ‬ ‫أ ْق ُ َّ‬
‫ِ‬
‫الشفقة ��������������������������������������������������������‪150‬‬ ‫أقسام‬
‫ُ‬
‫وآثارها ������������������������������������������������‪150‬‬ ‫ِ‬
‫الشفقة‬ ‫فوائدُ‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫فقة�����������������������������������������������������‪150‬‬ ‫ِمن ُص َور َّ‬
‫اكتساب الشف َّق ِة �����������������������������������������������‪151‬‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫فقة ��������������������������������‪151‬‬ ‫ِ‬
‫اكتساب َّ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫لين والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِ‬
‫حابة ������������������‪151‬‬ ‫َّ‬ ‫والمرس َ‬
‫َ‬ ‫األنبياء‬ ‫فقة من‬ ‫َن ُ‬
‫ماذج في َّ‬

‫‪535‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫والشعر�������������������������������������������‪152‬‬ ‫ِ‬
‫األمثال ِّ‬ ‫الش ُ‬
‫فقة في‬ ‫َّ‬

‫الشهام ُة �������������������������������������������������������‪153‬‬
‫َّ‬
‫الش ِ‬
‫هامة �������������������������������������������������������‪153‬‬ ‫معنى َّ‬
‫والس َّن ِة �����������������������‪153‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والترغيب فيها من القرآن ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشهامة‬ ‫مدح‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الشهامة �������������������������������������������������������‪154‬‬ ‫فوائدُ‬
‫ِ‬
‫الشهامة�����������������������������������������‪154‬‬ ‫اكتساب ِص َف ِة‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫هامة �������������������������‪155‬‬ ‫اكتساب ِص َف ِة َّ‬
‫ِ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة ����‪155‬‬ ‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫َنماذج في َّ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الشهامة من حياة ال َّن ِّ‬ ‫ُ‬

‫الص ُبر ���������������������������������������������������������‪157‬‬


‫َّ‬
‫الص ِبر ���������������������������������������������������������‪157‬‬
‫معنى َّ‬
‫ِ‬ ‫واالصطبار‪ ،‬والمصاب ِ‬
‫ِ‬ ‫والتصب ِر‪،‬‬ ‫الص ِبر‪،‬‬
‫واالحتمال ����‪157‬‬ ‫رة‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ال َف ْر ُق بين َّ‬
‫والس ِنة ��������������������������‪157‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫والحث عليه من القرآن ُّ‬ ‫الص ِبر‬ ‫ُ‬
‫فضل َّ‬
‫الص ِبر ������������������������������������‪158‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫السلف والعلماء في َّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الص ِبر ���������������������������������������������������������‪158‬‬
‫فوائدُ َّ‬
‫الص ِبر ��������������������������������������������������������‪159‬‬
‫مراتب َّ‬
‫ُ‬
‫بالص ِبر ������������������������������������������������‪160‬‬
‫موانع ال َّتح ِّلي َّ‬
‫ُ‬
‫الص ِبر �����������������������������������������‪160‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على َّ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫حابة‪ ،‬والس ِ‬
‫لف‪،‬‬ ‫الله وسالمه عليهم‪ ،‬والص ِ‬
‫صلوات ِ‬ ‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫نماذج ِمن َص ْب ِر‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والعلماء ������������������������������������������������������������‪160‬‬

‫‪536‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الش ِ‬
‫عر �����������������������������������������������‪162‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫الص ُبر في‬
‫َّ‬
‫الص ُ‬
‫دق ��������������������������������������������������������‪163‬‬ ‫ِّ‬
‫الص ِ‬
‫دق �������������������������������������������������������‪163‬‬ ‫معنى ِّ‬
‫ِ‬
‫والوفاء �������������������������������������������‪163‬‬ ‫الص ِ‬
‫دق‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين ِّ‬
‫والس ِنة��������������������������������‪163‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصدق من القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫الحث على ِّ‬
‫الص ِ‬
‫دق�����������������������������������‪164‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والعلماء في ِّ‬
‫السلف ُ‬‫أقوال َّ‬
‫وآثاره �������������������������������������������������‪164‬‬
‫ُ‬ ‫الص ِ‬
‫دق‬ ‫فوائدُ ِّ‬
‫الص ِ‬
‫دق ����������������������������������������‪164‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ِّ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫الص ِ‬
‫دق ���������������������������������������������������‪165‬‬ ‫ِ‬
‫نماذج من ِّ‬
‫ُ‬
‫الص ِ‬
‫دق ����������������������������������������������������‪166‬‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور ِّ‬
‫بالص ِ‬ ‫ِ‬
‫دق �������������������������������������������‪167‬‬ ‫األمور التي ُتخ ُّل ِّ‬
‫ُ‬
‫الص ِ‬
‫دق ������������������������������������������‪167‬‬ ‫عر في ِّ‬ ‫ُ‬
‫األمثال ِّ‬
‫والش ُ‬
‫مت �������������������������������������������������������‪168‬‬
‫الص ُ‬
‫َّ‬
‫معنى الص ِ‬
‫مت �������������������������������������������������������‪168‬‬ ‫َّ‬
‫مت والس ِ‬
‫كوت ���������������������������������������‪168‬‬ ‫الفرق بين الص ِ‬
‫ُ‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫والس ِنة ��������������������‪168‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصمت من القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على َّ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في الص ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫مت ����������������������������������‪169‬‬ ‫َّ‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫أقسام الص ِ‬
‫مت ������������������������������������������������������‪169‬‬ ‫ُ َّ‬
‫فوائدُ الص ِ‬
‫مت �������������������������������������������������������‪170‬‬ ‫َّ‬

‫‪537‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الله‬ ‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬


‫حابة ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الصمت من حياة ال َّن ِّ‬
‫نماذج في َّ‬
‫ُ‬
‫عنهم����������������������������������������������������������������‪170‬‬
‫اكتساب الص ِ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫مت ������������������������������‪171‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫ينة على‬ ‫الو ُ‬
‫سائل ُ‬ ‫َ‬
‫وشعر في الص ِ‬
‫مت �������������������������������������‪171‬‬ ‫وأمثال ِ‬
‫ٌ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫ُ‬
‫العدل ���������������������������������������������������������‪172‬‬
‫معنى العدْ ِل ���������������������������������������������������������‪172‬‬
‫ِ‬
‫واإلنصاف ��������������������������������‪172‬‬ ‫والق ِ‬
‫سط‬ ‫الفرق بين العدْ ِل ِ‬
‫ُ‬

‫آثار العدْ ِل وفوائدُ ه ��������������������������������������������������‪172‬‬


‫ُ‬
‫والس ِنة ��������������������‪173‬‬ ‫ِ‬
‫األمر بالعدْ ِل و َمدْ ُح َمن ُ‬
‫يقوم به في القرآن ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في العدْ ِل ������������������������������������‪174‬‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫أقسام العدْ ِل���������������������������������������������������������‪174‬‬
‫ُ‬
‫ِمن ُص َور العدْ ِل �����������������������������������������������������‪175‬‬
‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة ِ‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الله‬
‫رض َي ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َن ُ‬
‫ماذج في العدل من حياة ال َّن ِّ‬
‫عنهم����������������������������������������������������������������‪175‬‬
‫الش ِ‬
‫عر �����������������������������������������������‪176‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫الع ُ‬
‫دل في‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الع َّز ُة ����������������������������������������������������������‪177‬‬
‫الع َّز ِة ����������������������������������������������������������‪177‬‬
‫معنى ِ‬

‫والع َّز ِة ��������������������������������������������‪177‬‬


‫رف ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين َّ‬
‫والس ِنة������������������������‪177‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على الع َّزة في القرآن ُّ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬

‫‪538‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الع َّز ِة ����������������������������������������������‪178‬‬ ‫ِ‬


‫العلماء في ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال‬
‫الع َّز ِة����������������������������������������������������������‪178‬‬
‫أقسام ِ‬
‫ُ‬
‫رعي ِة ����������������������������������������������‪179‬‬ ‫الع َّز ِة َّ‬
‫الش َّ‬
‫ور ِ‬‫ِمن ُص ِ‬
‫الش ِ‬
‫رعية������������������������������������������‪179‬‬ ‫ور ِ‬
‫الع َّزة ِ‬
‫غير َّ‬ ‫ِمن ُص ِ‬

‫رعي ِة������������������������������������������������‪179‬‬ ‫الع َّز ِة َّ‬


‫الش َّ‬
‫أسباب ِ‬
‫ُ‬
‫الله عنهم ������������������������‪180‬‬ ‫الع َّزة في الص ِ‬
‫حابة ِ‬
‫رض َي ُ‬ ‫نماذج ِمن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫الع َّز ِة �����������������������������������������������‪180‬‬
‫وشعر عن ِ‬
‫ٌ‬
‫ِحكم ِ‬
‫ٌ‬

‫العز ُم والعزيم ُة �������������������������������������������������‪181‬‬


‫ْ‬
‫ِ‬
‫والعزيمة ������������������������������������������������‪181‬‬ ‫معنى العز ِم‬
‫والس ِنة ���������‪181‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الخير من القرآن ُّ‬ ‫والعزيمة في فِ ِ‬
‫عل‬ ‫ِ‬ ‫العز ِم‬
‫رغيب في ْ‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫والعزيمة ���������������������������������‪181‬‬ ‫العز ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫أقوال العلماء في ْ‬
‫ِ‬
‫والعزيمة���������������������������������������������‪182‬‬ ‫العز ِم‬ ‫ِ‬
‫فوائد ْ‬ ‫ِمن‬
‫والعزيمة وت ْقويتِهما ����������������������������‪182‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اكتساب العز ِم‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعزيمة���������������������������‪183‬‬ ‫العز ِم‬
‫وية ْ‬‫ينة على ت ْق ِ‬
‫الم ِع ُ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬
‫األنبياء والص ِ‬ ‫والعزيمة في ِ‬
‫ِ‬
‫حابة�������������‪183‬‬ ‫َّ‬ ‫حياة‬ ‫قو ِة ْ‬
‫العز ِم‬ ‫ِ‬
‫نماذج من َّ‬
‫ُ‬
‫الشعر ��������������������������������������‪185‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫ُ‬
‫والعزيمة في‬ ‫الع ْز ُم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الع َّف ُة ����������������������������������������������������������‪186‬‬
‫الع َّف ِة ����������������������������������������������������������‪186‬‬
‫معنى ِ‬

‫والس ِنة����������������������������������������‪186‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫األ ْم ُر بالع َّفة في القرآن ُّ‬

‫‪539‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الع َّف ِة �������������������������������������‪187‬‬ ‫ِ‬


‫والعلماء في ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫الع َّف ِة����������������������������������������������������������‪187‬‬
‫أقسام ِ‬
‫ُ‬
‫الع َّف ِة وفوائدُ ها ��������������������������������������������������‪188‬‬
‫آثار ِ‬
‫ُ‬
‫الع َّف ِة ��������������������������������������������������������‪188‬‬
‫روط ِ‬
‫ُش ُ‬

‫الع َّف ِة ������������������������������������������������������‪189‬‬


‫ِمن صور ِ‬
‫ُ َ‬
‫ُ‬
‫وعوائقها ������������������������������������������������‪189‬‬ ‫الع َّف ِة‬
‫موانع ِ‬
‫ُ‬
‫الع َّف ِة ������������������������������������������‪189‬‬
‫ينة على ِ‬
‫الم ِع ُ‬ ‫الو ُ‬
‫سائل ُ‬ ‫َ‬
‫حابة والس ِ‬
‫لف ��‪189‬‬ ‫حياة ال َّنبي ص َّلى الل ُه عليه وس َّلم والص ِ‬
‫الع َّف ِة ِمن ِ‬
‫نماذج في ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫عر����������������������������������������������‪191‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫الع ُ‬
‫فاف في‬ ‫َ‬

‫فح �������������������������������������������������‪192‬‬ ‫الع ْف ُو َّ‬


‫والص ُ‬
‫فح�������������������������������������������������‪192‬‬ ‫معنى الع ْف ِو َّ‬
‫والص ِ‬
‫والس ِنة ������������������������‪192‬‬ ‫ِ‬ ‫الح ُّث على الع ْف ِو والص ِ ِ‬
‫فح من القرآن ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فح����������������������������‪193‬‬ ‫السلف والعلماء في الع ْف ِو َّ‬
‫والص ِ‬ ‫ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫حابة والس ِ‬
‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لف‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نماذج في الع ْف ِو من حياة ال َّن ِّ‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والملوك ������������������������������������������������������������‪193‬‬
‫فح�������������������������������������������������‪194‬‬ ‫فوائدُ الع ْف ِو َّ‬
‫والص ِ‬
‫عر في الع ْف ِو������������������������������������������������‪195‬‬ ‫ٌ ِ‬
‫أمثال وش ٌ‬
‫اله َّم ِة �����������������������������������������������������‪197‬‬
‫لو ِ‬‫ُع ُّ‬
‫اله َّم ِة �����������������������������������������������������‪197‬‬
‫لو ِ‬‫معنى ُع ِّ‬

‫‪540‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫واله ِّم�����������������������������������������������‪197‬‬ ‫الفرق بين ِ ِ‬


‫ُ‬
‫اله َّمة َ‬
‫والس ِنة �����������������������������‪198‬‬ ‫ِ‬ ‫الحث على ُعلو ِ ِ ِ‬
‫اله َّمة من القرآن ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫اله َّم ِة ��������������������������������‪198‬‬
‫لو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫السلف والعلماء في ُع ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫اله َّم ِة ��������������������������������������������������‪199‬‬
‫لو ِ‬‫درجات ُع ِّ‬
‫ُ‬
‫اله َّم ِة��������������������������������������������������‪199‬‬
‫لو ِ‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور ُع ِّ‬
‫اله َّم ِة ��������������������������������������������‪199‬‬
‫لو ِ‬ ‫ِ‬
‫اكتساب ُع ِّ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫اله َّم ِة����������������������������������������������������‪200‬‬
‫لو ِ‬‫أسباب ُع ِّ‬
‫ُ‬
‫حابة والس ِ‬
‫لف‬ ‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫نماذج في ُعلو ِ ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫اله َّمة من حياة ال َّن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء ������������������������������������������������������������‪200‬‬
‫اله َّم ِة ���������������������������������������������������‪201‬‬
‫دالئل عالي ِ‬
‫ُ‬

‫عر �������������������������������������������‪201‬‬ ‫اله َّم ِة في واحة ِّ‬


‫الش ِ‬ ‫لو ِ‬‫ُع ُّ‬
‫َ‬
‫الغير ُة ���������������������������������������������������������‪202‬‬
‫الغ ِ‬
‫يرة ���������������������������������������������������������‪202‬‬ ‫معنى َ‬

‫الس ِنة ال َّنبو َّي ِة ������������������������������������‪202‬‬ ‫ما ور َد في َ ِ ِ‬


‫الغيرة من ُّ‬ ‫َ‬
‫الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫يرة ������������������������������������‪203‬‬ ‫والعلماء في َ‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫الغ ِ‬
‫يرة ���������������������������������������������������������‪203‬‬ ‫أقسام َ‬
‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫يرة ���������������������������������������������������������‪204‬‬ ‫فوائدُ َ‬
‫الغ ِ‬
‫يرة ������������������������������������������������‪204‬‬ ‫أسباب َض ِ‬
‫عف َ‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫يرة ����������������������������������������‪205‬‬ ‫ينة لت ِ‬
‫َنمية َ‬ ‫الم ِع ُ‬ ‫الو ُ‬
‫سائل ُ‬ ‫َ‬

‫‪541‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫حابة��������������������������‪205‬‬ ‫ِ‬
‫األنبياء والص ِ‬ ‫يرة ِمن ِ‬
‫حياة‬ ‫الغ ِ‬
‫نماذج في َ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬

‫القناع ُة ��������������������������������������������������������‪207‬‬
‫ِ‬
‫القناعة ��������������������������������������������������������‪207‬‬ ‫معنى‬
‫والز ِ‬
‫هد �����������������������������������‪207‬‬ ‫ِ‬
‫والقصد ُّ‬ ‫ِ‬
‫القناعة‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين‬
‫والس ِنة��������������������������������‪207‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رغيب في القناعة في القرآن ُّ‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬ ‫لف والع ِ‬
‫أقوال الس ِ‬
‫القناعة �����������������������������������‪208‬‬ ‫لماء في‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫ِ‬
‫القناعة �������������������������������������������������������‪208‬‬ ‫مراتب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القناعة ��������������������������������������������������������‪209‬‬ ‫فوائدُ‬
‫ِ‬
‫القناعة �����������������������������������������������‪209‬‬ ‫ِ‬
‫اكتساب‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫القناعة �������������������������������‪209‬‬ ‫ِ‬
‫اكتساب‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫األسباب‬
‫ُ‬
‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫حابة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نماذج في ال َقناعة من حياة ال َّن ِّ‬
‫ُ‬
‫لف �������������������������������������������������������‪210‬‬ ‫والس ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫القناعة ���������������������������������������‪211‬‬ ‫عر في‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمثال وش ٌ‬ ‫كم‬
‫ح ٌ‬
‫ِ‬
‫كتمانُ ِّ‬
‫الس ِّر ����������������������������������������������������‪212‬‬
‫ِ‬
‫واالختفاء �����������������������‪212‬‬ ‫والس ِّر وال َّنجوى‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين الكتمان ِّ‬
‫والس ِنة ����������������������������‪213‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الح ُّث على كتمان ِّ‬
‫الس ِّر في القرآن ُّ‬ ‫َ‬
‫الس ِّر �������������������������������‪213‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫السلف والعلماء في كتمان ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الس ِّر ����������������������������������������������������‪213‬‬ ‫ِ ِ‬
‫فوائدُ كتمان ِّ‬
‫ِ‬
‫األسرار ���������������������������������������������‪214‬‬ ‫ور ِك ِ‬
‫تمان‬ ‫ِمن ُص ِ‬

‫‪542‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬


‫حابة ��‪214‬‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الس ِّر من حياة ال َّن ِّ‬
‫نماذج في كتمان ِّ‬
‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫يظ ����������������������������������������������������‪216‬‬ ‫َك ُ‬
‫ظم َ‬
‫الغ ِ‬
‫يظ ����������������������������������������������������‪216‬‬ ‫معنى َكظ ِم َ‬

‫والس ِنة ����������������������������‪216‬‬ ‫ِ‬ ‫الحث على َكظ ِم َ ِ‬


‫الغيظ في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫يظ �������������������������������‪217‬‬ ‫والعلماء في َكظ ِم َ‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫الغ ِ‬
‫يظ ����������������������������������������������������‪217‬‬ ‫فوائدُ ْ‬
‫كظ ِم َ‬
‫الغ ِ‬
‫يظ ������������������������������������‪217‬‬ ‫المعينة على ْ‬
‫كظ ِم َ‬ ‫ُ‬ ‫الو ُ‬
‫سائل‬ ‫َ‬
‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫كظ ِم َ ِ ِ ِ ِ‬‫نماذج في ْ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫الغيظ من سيرة ال َّن ِّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والسلف ������������������������������������������������������������‪218‬‬
‫الغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ِ‬
‫يظ�����������������������������������‪218‬‬ ‫كظ ِم َ‬ ‫أمثال وح َك ٌم وش ٌ‬
‫عر في ْ‬

‫المحب ُة ��������������������������������������������������������‪220‬‬
‫َّ‬
‫حب ِة ��������������������������������������������������������‪220‬‬
‫الم َّ‬
‫معنى َ‬
‫والو ِّد ����������������������������������������������‪220‬‬
‫الحب ُ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين‬
‫والس ِنة����������������������‪220‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المحبة في القرآن ُّ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫حب ِة �����������������������������������‪221‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الم َّ‬
‫والعلماء في َ‬
‫السلف ُ‬‫أقوال َّ‬
‫المحب ِة��������������������������������������������������������‪222‬‬
‫َّ‬ ‫أقسام‬
‫ُ‬
‫المحب ِة ��������������������������������������������������������‪222‬‬
‫َّ‬ ‫فوائدُ‬
‫والم ِ‬
‫وج ُبة لها�������������������������������‪222‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫للمحبة ُ‬
‫َّ‬ ‫الجالبة‬ ‫األسباب‬
‫ُ‬
‫الله عليه وس َّل َم ���������������‪223‬‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫المحبة من حياة ال َّن ِّ‬
‫َّ‬ ‫نماذج في‬
‫ُ‬

‫‪543‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫المحب ِة����������������������������������������������������‪223‬‬
‫َّ‬ ‫ِح ٌ‬
‫كمة في‬

‫المدارا ُة �������������������������������������������������������‪224‬‬
‫ُ‬
‫معنى الم ِ‬
‫داراة �������������������������������������������������������‪224‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫داهنة ����������������������������������������‪224‬‬ ‫والم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المداراة ُ‬
‫الفرق بين ُ‬
‫والس ِنة �������������������������������‪224‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المداراة في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫الحث على ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في الم ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫داراة ����������������������������������‪225‬‬ ‫ُ‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫فوائدُ الم ِ‬
‫داراة �������������������������������������������������������‪225‬‬ ‫ُ‬
‫ِمن صور الم ِ‬
‫داراة ��������������������������������������������‪226‬‬ ‫ُ َ ُ‬
‫اكتساب الم ِ‬
‫داراة ����������������������������������������������‪226‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫اكتساب ِص َف ِة الم ِ‬
‫داراة �������������������������‪227‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫ُ‬
‫ِشعر في الم ِ‬
‫داراة ����������������������������������������������������‪227‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫المروء ُة �������������������������������������������������������‪228‬‬
‫ُ‬
‫معنى الم ِ‬
‫روءة �������������������������������������������������������‪228‬‬ ‫ُ‬
‫والف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والع ِ‬
‫قل �����������������������������������‪228‬‬ ‫توة َ‬‫المروءة ُ َّ‬
‫الفرق بين ُ‬
‫والس ِنة���������������������‪228‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫المروءة من القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على ُ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في الم ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫روءة ����������������������������������‪229‬‬ ‫ُ‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫أقسام الم ِ‬
‫روءة �������������������������������������������������������‪229‬‬ ‫ُ ُ‬
‫شروط الم ِ‬
‫روءة������������������������������������������������������‪229‬‬ ‫ُ ُ‬
‫واجتناب ما َي ِ‬
‫خر ُمها ��������������������������‪230‬‬ ‫ِ‬ ‫فوائدُ ال َّتح ِّلي بالم ِ‬
‫روءة‬ ‫ُ‬

‫‪544‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ور الم ِ‬ ‫ِ‬


‫روءة وآدابِها ��������������������������������������������‪230‬‬ ‫من ُص ِ ُ‬
‫روءة (خوارم الم ِ‬
‫روءة)�����������������������‪231‬‬ ‫صفة الم ِ‬
‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اكتساب الم ِ‬
‫روءة �������������������������������‪231‬‬ ‫ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫وشعر عن الم ِ‬
‫روءة ��������������������������������������������‪231‬‬ ‫أقوال ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫زاح ��������������������������������������������������������‪233‬‬
‫الم ُ‬
‫ُ‬
‫المزاح ��������������������������������������������������������‪233‬‬
‫ِ‬ ‫معنى‬
‫والهز ِل والم ِ‬
‫جون ���������������������������������‪233‬‬ ‫الم ِ‬
‫زاح‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الفرق بين ُ‬
‫المزاح ����������������������������������������‪233‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫األحاديث الوارد ُة في‬
‫لف والع ِ‬
‫أقوال الس ِ‬
‫المزاح �����������������������������������‪234‬‬
‫ِ‬ ‫لماء في‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫المزاح ��������������������������������������������������������‪234‬‬
‫ِ‬ ‫أقسام‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫المحمود ��������������������������������������������‪234‬‬ ‫ِ‬
‫المزاح‬ ‫ُ‬
‫ضوابط‬
‫ِ‬
‫المحمود ����������������������������������������������‪235‬‬ ‫ِ‬
‫المزاح‬ ‫فوائدُ‬
‫حابة والس ِ‬
‫لف ��‪235‬‬ ‫حياة ال َّنبي ص َّلى الل ُه عليه وس َّلم والص ِ‬
‫نماذج في المزاحِ ِمن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫عر في المزاح �����������������������������������������������������‪236‬‬ ‫ِ‬
‫ش ٌ‬
‫ال ُّن ُبل ����������������������������������������������������������‪237‬‬
‫معنى ال ُّن ِ‬
‫بل ����������������������������������������������������������‪237‬‬
‫ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫والعلماء في ال ُّن ِ‬
‫بل �������������������������������������‪237‬‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫فوائدُ ال ُّن ِ‬
‫بل ����������������������������������������������������������‪237‬‬
‫بل �������������������������������������������������‪238‬‬ ‫ِ‬
‫اكتساب ال ُّن ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬

‫‪545‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِ‬
‫اكتساب ال ُّن ِ‬
‫بل ����������������������������������‪238‬‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫الصحابة والس ِ‬
‫لف�����������������������������������‪238‬‬ ‫ِ‬ ‫بل ِمن‬
‫نماذج لل ُّن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬

‫ال َّنزاه ُة ��������������������������������������������������������‪240‬‬


‫معنى ال َّن ِ‬
‫زاهة ��������������������������������������������������������‪240‬‬
‫والع َّف ِة���������������������������������������������‪240‬‬
‫زاهة ِ‬
‫رق بين ال َّن ِ‬
‫ال َف ُ‬

‫والس ِنة ����������������������‪240‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬


‫والحث على ال َّنزاهة في القرآن ُّ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في ال َّن ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫زاهة �����������������������������������‪241‬‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫أقسام ال َّن ِ‬
‫زاهة ��������������������������������������������������������‪241‬‬ ‫ُ‬
‫فوائدُ ال َّن ِ‬
‫زاهة ��������������������������������������������������������‪242‬‬
‫ور ال َّن ِ‬
‫زاهة�����������������������������������������������������‪242‬‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫اكتساب ال َّن ِ‬
‫زاهة �����������������������������������������������‪242‬‬ ‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫اكتساب ال َّن ِ‬
‫زاهة ��������������������������������‪242‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫ِ‬
‫والسلف ��‪243‬‬ ‫سيرة ال َّنبي ص َّلى الل ُه عليه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة‬ ‫ِ‬ ‫زاهة ِمن‬
‫نماذج لل َّن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫والش ِ‬
‫عر��������������������������������������‪244‬‬ ‫ِ‬
‫األدب ِّ‬ ‫ِ‬
‫واحة‬ ‫ال َّن ُ‬
‫زاهة في‬
‫ال َّن ُ‬
‫شاط ��������������������������������������������������������‪245‬‬
‫معنى ال َّن ِ‬
‫شاط ��������������������������������������������������������‪245‬‬
‫والس ِنة ���������������������‪245‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على ال َّنشاط في القرآن ُّ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫ما ِقيل في ال َّن ِ‬
‫شاط ���������������������������������������������������‪246‬‬
‫أقسام ال َّن ِ‬
‫شاط��������������������������������������������������������‪246‬‬ ‫ُ‬

‫‪546‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫فوائدُ ال َّن ِ‬
‫شاط ��������������������������������������������������������‪246‬‬
‫ور ال َّن ِ‬
‫شاط ����������������������������������������������������‪247‬‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫اكتساب ال َّن ِ‬
‫شاط �����������������������������������������������‪247‬‬ ‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫وزيادتِه �����������������������‪247‬‬ ‫اكتساب ال َّن ِ‬
‫شاط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫ِ‬
‫والسلف ��‪248‬‬ ‫حياة ال َّنبي ص َّلى الل ُه عليه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة‬ ‫شاط ِمن ِ‬
‫َنماذج لل َّن ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬

‫ال ُّنصر ُة ��������������������������������������������������������‪250‬‬


‫معنى ال ُّن ِ‬
‫صرة ��������������������������������������������������������‪250‬‬
‫واإلعانة والم ِ‬
‫عونة ���������������������������������‪250‬‬ ‫ِ‬ ‫الفرق بين ال ُّن ِ‬
‫صرة‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫والس ِنة ��������������������������������‪250‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫الحث على ال ُّنصرة في القرآن ُّ‬
‫فوائدُ ال ُّن ِ‬
‫صرة ��������������������������������������������������������‪251‬‬
‫ِمن صور ال ُّن ِ‬
‫صرة�����������������������������������������������������‪251‬‬ ‫ُ َ‬
‫صفة ال ُّن ِ‬
‫صرة ��������������������������‪252‬‬ ‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫المعينة على‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫صفة ال ُّن ِ‬
‫صرة������������������������������������������‪252‬‬ ‫اكتساب ِ‬
‫ِ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬
‫حابة ��������������������‪252‬‬ ‫ِ‬
‫األنبياء والص ِ‬ ‫ُصرة المظلو ِم ِمن ِ‬
‫حياة‬ ‫نماذج لن ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬

‫ال َّنصيح ُة�������������������������������������������������������‪254‬‬


‫ِ‬
‫صيحة ������������������������������������������������������‪254‬‬ ‫معنى ال َّن‬
‫عيير �����������������������������������������‪254‬‬ ‫ِ‬
‫صيحة وال َّت ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين ال َّن‬
‫والس ِنة ����������������������‪254‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫والحث عليها في القرآن ُّ‬
‫ِ‬
‫صيحة‬ ‫ُ‬
‫فضل ال َّن‬
‫ِ‬
‫صيحة �������������������������������������������‪255‬‬ ‫ِ‬
‫السلف في ال َّن‬ ‫ُ‬
‫أقوال‬

‫‪547‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِ‬
‫صيحة ������������������������������������������������������‪255‬‬ ‫فوائدُ ال َّن‬
‫ِ‬
‫صيحة ���������������������������������������������������‪256‬‬ ‫ِمن ُص َور ال َّن‬
‫ِ‬
‫صيحة�������������������������������������������������‪256‬‬ ‫ُ‬
‫ضوابط في ال َّن‬
‫ِ‬
‫صيحة وأسالي ُبها�������������������������������������������‪257‬‬ ‫ُ‬
‫وسائل ال َّن‬
‫الله عليه وس َّل َم‬
‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والتناص ِح من حياة ال َّن ِّ‬
‫ُ‬ ‫صيحة‬ ‫نماذج في ال َّن‬
‫ُ‬
‫حابة �������������������������������������������������������‪257‬‬ ‫والص ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫صيحة �������������������������������������‪258‬‬ ‫عر في ال َّن‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫وأمثال وش ٌ‬ ‫كم‬
‫ح ٌ‬

‫الور ُع ���������������������������������������������������������‪260‬‬
‫َ‬
‫الور ِع ���������������������������������������������������������‪260‬‬
‫معنى َ‬
‫الز ِ‬
‫هد والور ِع ���������������������������������������������‪260‬‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين ُّ‬
‫الس ِنة�����������������������������������‪260‬‬ ‫ُّ‬
‫والحث عليه في ُّ‬ ‫ُ‬
‫فضل الور ِع‬
‫ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫والعلماء في الور ِع ������������������������������������‪261‬‬ ‫لف‬ ‫ُ َّ‬
‫الور ِع ���������������������������������������������������������‪261‬‬
‫أقسام َ‬
‫ُ‬
‫وآثاره���������������������������������������������������‪262‬‬
‫ُ‬ ‫فوائدُ الور ِع‬
‫درجات الورعِ�������������������������������������������������������‪262‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ومظاه ِره ��������������������������������������������‪262‬‬ ‫ِمن ُص ِ‬
‫ور الور ِع‬
‫ِ‬
‫اكتساب الور ِع �����������������������������������������������‪264‬‬ ‫ُ‬
‫وسائل‬
‫ِ‬
‫والسلف ��‪264‬‬ ‫حياة ال َّنبي ص َّلى الل ُه عليه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة‬ ‫نماذج في الور ِع ِمن ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫الش ِ‬
‫عر �����������������������������������������������‪265‬‬ ‫رع في واحة ِّ‬
‫الو ُ‬
‫َ‬

‫‪548‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫بالعه ِد���������������������������������������������������‪266‬‬
‫الوفاء ْ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوفاء ���������������������������������������������������������‪266‬‬ ‫معنى‬
‫والص ِ‬
‫دق �������������������������������������������‪266‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين الوفاء ِّ‬
‫والس ِنة������������������������‪267‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمر بالوفاء بالعهد والوعد في القرآن ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوفاء �����������������������������������������������������‪267‬‬ ‫ما ِقيل في‬
‫العه ِد ���������������������������������������������������������‪268‬‬
‫أقسام ْ‬
‫ُ‬
‫وآثاره��������������������������������������������‪268‬‬ ‫بالعه ِد‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فوائدُ الوفاء ْ‬
‫ِ‬
‫الوفاء������������������������������������������������������‪269‬‬ ‫ِمن ُص َور‬
‫الله عليه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة ������‪269‬‬ ‫بي َص َّلى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نماذج في الوفاء من حياة ال َّن ِّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والوعد �������������������������������������‪270‬‬ ‫ِ‬
‫بالعهد‬ ‫ِ‬
‫اإلخالف‬ ‫ُ‬
‫أحوال‬
‫ِ‬
‫الوفاء �����������������������������������������������‪271‬‬ ‫عر في‬ ‫ٌ ِ‬
‫أمثال وش ٌ‬
‫الوقار ���������������������������������������������������������‪273‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوقار ���������������������������������������������������������‪273‬‬ ‫معنى‬
‫وقير والس ِ‬ ‫الو ِ‬
‫كينة ����������������������������������‪273‬‬ ‫قار وال َّت ِ َّ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين َ‬
‫والس ِنة�����������������������‪273‬‬ ‫ِ‬ ‫الو ِ‬
‫قار في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫والحث على َ‬ ‫رغيب‬
‫ال َّت ُ‬
‫الو ِ‬
‫قار �������������������������������‪274‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫السلف والعلماء في مدْ ِح َ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫الوقار ���������������������������������������������������������‪275‬‬ ‫فوائدُ‬
‫ِ‬
‫بالوقار ���������������������������������‪275‬‬ ‫المعينة على ال َّتح ِّلي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الوسائل‬
‫الو ِ‬
‫قار�������������������������������������������‪275‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اكتساب صفة َ‬ ‫موانع‬
‫ُ‬

‫‪549‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِ‬
‫والسلف��������������‪276‬‬ ‫حابة‬ ‫ِ‬
‫األنبياء والص ِ‬ ‫قار ِمن ِ‬
‫حياة‬ ‫الو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َّ‬ ‫نماذج لصفة َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الوقار ���������������������������������������‪277‬‬ ‫عر عن‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫وأمثال وش ٌ‬

‫الم ْذموم ُة‬ ‫ُ‬


‫األخالق َ‬
‫اإلساء ُة �����������������������������������������������������������‪280‬‬
‫ِ‬
‫اإلساءة��������������������������������������������������������‪280‬‬ ‫معنَى‬
‫ِ‬
‫ال َف ْر ُق ْبين اإلساءة َ‬
‫والم َض َّرة �����������������������������������������‪280‬‬
‫والس َّنة ��������������������������‪280‬‬ ‫ِ‬
‫حذير منها في القرآن ُّ‬
‫ُ‬ ‫اإلساءة وال َّت‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في اإلساءة�����������������������������������‪281‬‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫وأقسامها ������������������������������������������‪282‬‬ ‫ِ‬
‫اإلساءة‬ ‫ِمن ُص َور‬
‫ضارها �����������������������������������������������‪284‬‬ ‫ِ‬
‫آثار اإلساءة و َم ُّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان إلى َغ ِيره �����������������������‪284‬‬ ‫ِمن أسباب الوقو ِع في إساءة‬
‫اإلنسان لن ْف ِسه�������������������������‪285‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن أسباب الوقو ِع في إساءة‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك اإلساءة �����������������������������������‪285‬‬ ‫ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫والشعر ������������������������������������������‪285‬‬ ‫ِ‬
‫األمثال ِّ‬ ‫اإلساء ُة في‬

‫اإلسراف وال َّتبذير �������������������������������������������������‪287‬‬


‫بذير ���������������������������������������������‪287‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّت ِ‬ ‫معنى‬
‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّتبذير�����������������������������������������‪287‬‬ ‫ال َف ُ‬
‫رق ْبي َن‬
‫والس َّنة ������������������������������‪288‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّت ِ‬
‫بذير في القرآن ُّ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫ذم اإلسراف وال َّتبذير ���������������������‪288‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬

‫‪550‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِ‬
‫اإلسراف وم ِ‬
‫ظاه ِره�����������������������������������������‪289‬‬ ‫صو ِر‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫من َ‬
‫بذير ���������������������������������������������‪289‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّت ِ‬ ‫ضار‬
‫َم ُّ‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة لترك اإلسراف وال َّتبذير �����������������������������‪290‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫بذير��������������������������������������������‪290‬‬ ‫ِ‬
‫اإلسراف وال َّت ِ‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬

‫االفتراء والبهتان���������������������������������������������������‪292‬‬
‫معنى االفتراء��������������������������������������������������������‪292‬‬
‫والز ِ‬
‫ور ��������������������������������������������‪292‬‬ ‫الفرق بين الب ِ‬
‫هتان ُّ‬ ‫ْ ُ‬
‫والس َّنة��������������������������������‪293‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذم االفتراء وال ُبهتان في القرآن ُّ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫االفتراء والب ِ‬
‫هتان �����������������������‪293‬‬ ‫ذم‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫هتان �����������������������������������������������‪294‬‬ ‫ِ‬
‫االفتراء والب ِ‬ ‫أنواع‬
‫ُ‬
‫اآلثار السلبي ُة لالفتراء والب ِ‬
‫هتان���������������������������������������‪295‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َّ َّ‬
‫أسباب الوقو ِع في االفتراء وال ُبهتان ����������������������������������‪295‬‬
‫ُ‬
‫قصص في االفتراء والب ِ‬
‫هتان �����������������������������������������‪296‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫االفتراء وال ُب ُ‬
‫هتان في األمثال ِّ‬
‫والشعر ���������������������������������‪297‬‬
‫الس ِّر ��������������������������������������������������������‪299‬‬
‫إفشاء ِّ‬
‫الس ِّر ����������������������������������������������������‪299‬‬ ‫ِ‬
‫معنى إفشاء ِّ‬
‫والس َّنة�������������������������‪299‬‬ ‫ِ‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬
‫الس ِّر‪ ،‬وال َّن ُ‬
‫ذم إفشاء ِّ‬
‫ُّ‬
‫الس ِّر ����������������������������‪300‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ذم إفشاء ِّ‬
‫والعلماء في ِّ‬
‫السلف ُ‬‫أقوال َّ‬
‫الس ِّر�����������������������������������������������������‪301‬‬ ‫ِ‬
‫أنواع إفشاء ِّ‬

‫‪551‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الس ِّر�������������������������������������������������‪301‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫من ُص َور إفشاء ِّ‬
‫الس املذموم��������������������������������������‪301‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور إفشاء ِّ ِّ‬
‫ِ‬
‫حمود �������������������������������������‪302‬‬ ‫الس ا َمل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور إفشاء ِّ ِّ‬
‫الس ِّر ���������������������������������������������������‪302‬‬ ‫ِ‬
‫أضرار إفشاء ِّ‬
‫ُ‬
‫الس ِّر ���������������������������������‪302‬‬
‫إفشاء ِّ‬
‫ُ‬ ‫الحاالت ا َّلتي َي ُ‬
‫جوز فيها‬
‫الس ِّر �������������������������������‪303‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ْترك إفشاء ِّ‬ ‫األسباب ُ‬
‫َنس الوصايا ال َّثمين َة التَّالي َة �������������������������������������‪303‬‬ ‫ال ت َ‬
‫الس ِّر �����������������������������������‪304‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ِح َك ٌم‬
‫وأمثال وش ْع ٌر في إفشاء ِّ‬
‫االنتقام������������������������������������������������������������‪306‬‬
‫معنَى االنتقا ِم ��������������������������������������������������������‪306‬‬
‫الفرق بين االنتقا ِم ِ‬
‫والع ِ‬
‫قاب������������������������������������������‪306‬‬ ‫ْ‬
‫والس َّنة ���������������������������‪306‬‬
‫حذير منه في القرآن ُّ‬
‫ُ‬ ‫ذم االنتقا ِم وال َّت‬
‫ُّ‬
‫أقوال السلف والع ِ‬
‫لماء في االنتقام�����������������������������������‪307‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أقسام االنتِقا ِم �������������������������������������������������������‪308‬‬
‫ُ‬
‫آثار االنتِقا ِم ���������������������������������������������������������‪308‬‬
‫ُ‬
‫الوقو ِع في االنتقام ���������������������������������������‪308‬‬ ‫ِ‬
‫من أسباب ُ‬
‫عينة على َت ِ‬
‫رك االنتقام��������������������������������‪309‬‬ ‫من الوسائل الم ِ‬
‫ُ‬
‫عر في االنتقام ���������������������������������‪310‬‬ ‫ُ‬
‫واألمثال ِّ‬ ‫ِ‬
‫الح َك ُم‬
‫والش ُ‬
‫البخل ُّ‬
‫والش ُّح �����������������������������������������������������‪311‬‬

‫‪552‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫والش ِّح �������������������������������������������������‪311‬‬


‫خل ُّ‬‫معنى ال ُب ِ‬

‫والس َّنة ����������������������������������‪311‬‬ ‫ِ‬


‫البخل ُّ‬
‫والش ِّح في القرآن ُّ‬ ‫َذ ُّم‬
‫والش ِّح �������������������������‪312‬‬
‫ذم البخل ُّ‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫والش ِّح ���������������������������������������������������‪313‬‬
‫خل ُّ‬‫آثار ال ُب ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫البخل �������������������������������������������������‪313‬‬ ‫أشدُّ در ِ‬
‫جات‬ ‫َ‬
‫ِمن ُص َور البخل ُّ‬
‫والش ِّح ����������������������������������������������‪314‬‬
‫والش ِّح�������������������������������������‪314‬‬
‫الوقو ِع في ال ُبخل ُّ‬
‫أسباب ُ‬
‫ُ‬
‫والش ِّح �����������������������������‪315‬‬
‫خل ُّ‬‫ينة على َت ْر ِك ال ُب ِ‬
‫الم ِع ُ‬ ‫الو ُ‬
‫سائل ُ‬ ‫َ‬
‫والشعر���������������������������‪315‬‬ ‫األمثال ِ‬
‫والح َك ِم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُبخل ُّ‬
‫والش ُّح في‬
‫غض َ‬
‫والكراهي ُة �������������������������������������������������‪317‬‬ ‫ال ُب ُ‬
‫والك ِ‬
‫راهية ���������������������������������������������‪317‬‬ ‫غض َ‬
‫معنَى ال ُب ِ‬
‫فور َّ‬
‫الطبع ��������������������‪317‬‬ ‫ِ‬
‫واإلباء و ُن ِ‬ ‫الك ِ‬
‫راهية وال ُب ِ‬
‫غض‬ ‫ال َفرق ْبين َ‬

‫والس َّنة �����������������������‪318‬‬ ‫والك ِ‬


‫راهية في ُ ِ‬ ‫غض َ‬ ‫هي ِ‬
‫عن ال ُب ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ال َّن ُ‬
‫ِ‬
‫الكراهة ����������������������������������‪318‬‬ ‫أقوال السلف والع ِ‬
‫لماء في‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫غضاء والكراهية ��������������������������������������������‪319‬‬‫أقسام ال َب‬
‫ِ‬
‫والكراهية �����������������������������������������������‪319‬‬ ‫آثار ال ُب ِ‬
‫غض‬
‫والك ِ‬
‫راهية���������������������������������‪320‬‬ ‫الوقو ِع في ال ُبغض َ‬
‫أسباب ُ‬
‫ُ‬
‫ب ال ُب ِ‬
‫غض والكراهية�����������������������‪320‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على تج ُّن ِ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬
‫والكراهية ��������������������������������‪321‬‬ ‫عر في ال ُبغض‬ ‫ُ‬
‫األمثال ِّ‬
‫والش ُ‬

‫‪553‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫س ����������������������������������������������������������‪322‬‬
‫جس ُ‬
‫ال َّت ُّ‬
‫جس ِ‬
‫س ������������������������������������������������������‪322‬‬ ‫معنَى ال َّت ُّ‬
‫حس ِ‬
‫س ��������������������������������������‪322‬‬ ‫جس ِ‬
‫س وال َّت ُّ‬ ‫الفرق ْبين ال َّت ُّ‬
‫والس َّنة ���������������������������‪323‬‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬ ‫جس ِ‬
‫س وال َّن ُ‬ ‫ذم ال َّت ُّ‬
‫ُّ‬
‫جس ِ‬
‫س ������������������������������‪323‬‬ ‫ِ‬
‫ذم ال َّت ُّ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫جس ِ‬
‫س الممنوعِ�����������������������������������������������‪324‬‬ ‫آثار ال َّت ُّ‬
‫جس ِ‬
‫س ��������������������������������������������������‪325‬‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫س املمنوع ���������������������������������������‪325‬‬ ‫صو ِر الت ُّ‬
‫َّجس ِ‬ ‫من َ‬
‫َّجس ِ‬
‫س املرشوع ������������������������������������������‪326‬‬ ‫صو ُر الت ُّ‬
‫َ‬
‫جس ِ‬
‫س الممنو ِع �������������������������������������������‪326‬‬ ‫أسباب ال َّت ُّ‬
‫ُ‬
‫جس ِ‬
‫س����������������������������������‪326‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال َّت ُّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫الشعر �������������������������������������������‪327‬‬ ‫ِ‬
‫واحة ِّ‬ ‫س في‬
‫جس ُ‬
‫‪ ‬ال َّت ُّ‬
‫ال َّتعسير �����������������������������������������������������������‪328‬‬
‫معنَى ال َّت ِ‬
‫عسير��������������������������������������������������������‪328‬‬
‫والس َّنة�����������������������������‪328‬‬ ‫عسير وال َّنهي عنه من ُ ِ‬
‫ذم ال َّت ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ذم ال َّت ِ‬
‫عسير��������������������������������‪329‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِمن ُص َور ال َّت ِ‬
‫عسير ����������������������������������������������������‪329‬‬
‫ضار ال َّت ِ‬
‫عسير �������������������������������������������������������‪330‬‬ ‫َم ُّ‬
‫أسباب الوقوع في ال َّتعسير�������������������������������������������‪331‬‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال َّتعسير �����������������������������������‪331‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫‪554‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫عسير في واحة ِّ‬


‫الشعر����������������������������������������������‪332‬‬ ‫ال َّت ُ‬
‫ال َّتنفير�������������������������������������������������������������‪333‬‬
‫معنى ال َّتنفير ���������������������������������������������������������‪333‬‬
‫والس َّنة ������������������������������‪333‬‬
‫هي عنه من القرآن ُّ‬ ‫ذم ال َّت ِ‬
‫نفير وال َّن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ذم ال َّتنفير���������������������������������‪334‬‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫من صور ال َّت ِ‬
‫نفير المذموم ��������������������������������������������‪334‬‬
‫ِ‬
‫التنفير ���������������������������������������������������������‪335‬‬ ‫أنواع‬
‫ُ‬
‫ِمن آثار ال َّتنفير�������������������������������������������������������‪336‬‬
‫أسباب الوقوع في ال َّت ِ‬
‫نفير ��������������������������������������������‪336‬‬ ‫ُ‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال َّتنفير�������������������������������������‪337‬‬ ‫الوسائل ُ‬

‫الج ْب ُن �������������������������������������������������������������‪338‬‬
‫ُ‬
‫الج ِ‬
‫بن ���������������������������������������������������������‪338‬‬ ‫معنى ُ‬
‫والس َّنة ������������������������������������������‪338‬‬ ‫الج ِ‬
‫بن في القرآن ُّ‬ ‫ذم ُ‬
‫ُّ‬
‫ذم الجبن���������������������������������‪339‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ضاره��������������������������������������������������‪339‬‬ ‫ِ‬
‫الجبن و َم ُّ‬ ‫آثار‬
‫ُ‬
‫الجبن���������������������������������������������������������‪340‬‬ ‫ِ‬
‫عالج ُ‬
‫الج ِ‬
‫بن �������������������������������������������‪340‬‬ ‫عر في ُ‬ ‫األمثال ِّ‬
‫والش ُ‬
‫الجدال ِ‬
‫والمراء ���������������������������������������������������‪341‬‬
‫الجدل ِ‬
‫والمراء ������������������������������������������������‪341‬‬ ‫ِ‬ ‫معنى‬

‫‪555‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ألفاظ م ِ‬
‫راد ٌفة ِ‬
‫للج ِ‬
‫دال ������������������������������������������������‪341‬‬ ‫ٌ ُ‬
‫راء ِ‬
‫والحجاج ��������������������������������‪342‬‬ ‫والم ِ‬
‫الجدال ِ‬
‫ِ‬ ‫الفرق ْبين‬
‫والس َّنة���������������������������������‪342‬‬ ‫والم ِ‬
‫راء في ُ ِ‬ ‫دال ِ‬ ‫َذ ُّم ِ‬
‫الج ِ‬
‫القرآن ُّ‬
‫دال ِ‬
‫والمراء �����������������������‪343‬‬ ‫ذم ِ‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫والعلماء في ِّ‬
‫السلف ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫أقسام ِ‬
‫الجدال �������������������������������������������������������‪343‬‬
‫وأضرارهما ��������������������‪344‬‬ ‫المحمو َد ِ‬
‫ين‬ ‫الج ِ ِ ِ‬ ‫آثار ِ‬
‫ُ‬ ‫دال والمراء غير َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المحمود ������������������������������������������‪344‬‬ ‫الج ِ‬
‫دال‬ ‫ِمن ِ‬
‫آداب ِ‬
‫وشعر في الجدال ِ‬
‫والمراء ������������������������������‪345‬‬ ‫ِح َكم وأمثال ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫الجزَ ع ������������������������������������������������������������‪347‬‬
‫َ‬
‫معنى الجزع���������������������������������������������������������‪347‬‬
‫ِ‬
‫القلب ��������������������������������‪347‬‬ ‫ور َّق ِة‬
‫الجزَ ع وال َفزَ ع ِ‬
‫الفرق بين َ‬
‫والس َّنة ������������������������������‪347‬‬ ‫ذم الجزَ ِع وال َّنهي عنه في ُ ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫الجزَ ع������������������������������������‪348‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫السلف والعلماء في َ‬
‫أقوال َّ‬
‫الجزَ ع ��������������������������������������������������������‪348‬‬
‫أقسام َ‬
‫ضاره��������������������������������������������������‪349‬‬
‫الجزَ ع و َم ُّ‬
‫آثار َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫صو ِر َ‬
‫الجزَ ع �����������������������������������������������������‪349‬‬ ‫من َ‬
‫الجزَ ع ����������������������������������������‪349‬‬
‫الوقو ِع في َ‬ ‫ِ‬
‫أسباب ُ‬ ‫ِمن‬
‫الجزَ ع ������������������������������������‪350‬‬ ‫ِ‬ ‫الم ِع ُ‬ ‫الو ُ‬
‫ينة على ترك َ‬ ‫سائل ُ‬ ‫َ‬
‫الجزَ ع �������������������������������������������‪350‬‬
‫عر في َ‬ ‫األمثال ِّ‬
‫والش ُ‬

‫‪556‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الجفاء ������������������������������������������������������������‪352‬‬
‫الجفاء���������������������������������������������������������‪352‬‬
‫معنى َ‬
‫والس َّنة ����������������������‪352‬‬ ‫ِ‬
‫هي عنه من القرآن الكريم ُّ‬
‫الجفاء وال َّن ُ‬
‫ذم َ‬‫ُّ‬
‫الجفاء ��������������������������������‪353‬‬ ‫ِ‬
‫ذم َ‬‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫صو ِر َ‬
‫الجفاء�����������������������������������������������������‪354‬‬ ‫من َ‬
‫آثار الج ِ‬
‫فاء ����������������������������������������������������������‪354‬‬ ‫ُ َ‬
‫الجفاء��������������������������������������������‪354‬‬
‫أسباب الوقوع في َ‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك الجفاء ������������������������������������‪355‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫الصبر على الج ِ‬
‫فاء ���������������������������������������������������‪356‬‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫ِ‬
‫األمثال ���������������������������������������������������‪356‬‬ ‫فاء في‬
‫الج ُ‬
‫َ‬

‫الحسد ������������������������������������������������������������‪358‬‬
‫معنى الحسد ��������������������������������������������������������‪358‬‬
‫ِ‬
‫والمنافسة والمسابقة ��������������‪358‬‬ ‫ين ِ‬
‫والغ ْبطة‬ ‫والع ِ‬ ‫ِ‬
‫الحسد َ‬‫الفرق ْبين َ‬
‫والس َّنة������������������������������‪358‬‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬
‫ذم الحسد وال َّن ُ‬
‫ُّ‬
‫سد ��������������������������������‪359‬‬ ‫ِ‬
‫والعلماء في ذم الح ِ‬ ‫السلف‬
‫ِّ َ‬ ‫أقوال َّ‬
‫أقسام الح ِ‬
‫سد ��������������������������������������������������������‪359‬‬ ‫ُ َ‬
‫مساوي الح ِ‬
‫سد ������������������������������������������������������‪360‬‬ ‫َ‬
‫أسباب الوقو ِع في الح ِ‬
‫سد �������������������������������������������‪360‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ينة على َترك الح ِ‬
‫سد ��������������������������������‪361‬‬ ‫من الوسائل الم ِع ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫شر الحاسد عن المحسود �����������������‪361‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على دفع ِّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫‪557‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الح َّساد ���������������������������������������������������‪362‬‬


‫نماذج من ُ‬
‫ُ‬
‫إبليس������������������������������������������������������‪362‬‬
‫َ‬ ‫حسدُ‬
‫قابيل ألخيه َ‬
‫هابيل ������������������������������������������‪363‬‬ ‫َحسدُ َ‬
‫يوسف �����������������������������������������������‪363‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إخوة‬ ‫حسدُ‬
‫ِ‬
‫اليهود والنَّصارى ������������������������������������������‪364‬‬ ‫َحسدُ‬
‫والش ِ‬
‫عراء �������������������������‪364‬‬ ‫لغاء والح ِ‬
‫كماء ُّ‬ ‫الحسدُ في َكال ِم الب ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الحقد�������������������������������������������������������������‪366‬‬
‫معنى الحقد���������������������������������������������������������‪366‬‬
‫دة ِ‬
‫والحقد �����������������������������������������‪366‬‬ ‫وج ِ‬
‫الم ِ‬
‫الفرق ْبين َ‬
‫والس َّنة ������������������������������������������‪366‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ذم الحقد في القرآن ُّ‬
‫ُّ‬
‫ذم الحقد���������������������������������‪367‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫والعلماء في ِّ‬
‫السلف ُ‬‫أقوال َّ‬
‫ضاره��������������������������������������������������‪368‬‬ ‫ِ ِ‬
‫آثار الحقد و َم ُّ‬
‫ُ‬
‫عالج الحقد �������������������������������������������������‪368‬‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وسائل‬
‫ِ‬
‫الحقد �������������������������������������������������������‪369‬‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫حقود عليه ������������������������������������������������‪369‬‬ ‫الم‬ ‫ُ‬
‫أحوال َ‬
‫والشعر في ِ‬ ‫ِ‬
‫الحقد ����������������������������������‪369‬‬ ‫الح َك ُم واألمثال ِّ ُ‬
‫ُ‬
‫الخبث������������������������������������������������������������‪371‬‬
‫معنى الخبث ��������������������������������������������������������‪371‬‬
‫والس َّنة ������������‪371‬‬ ‫در‪ ،‬و َذم ُ ِ‬
‫الص ِ‬ ‫ِ‬
‫الخبث في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫الح ُّث على َسالمة َّ‬
‫َ‬

‫‪558‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الخ ِ‬
‫بث ������������������������������������������������‪371‬‬ ‫ذم ُ‬
‫ما قيل في ِّ‬
‫ضاره�������������������������������������������������‪372‬‬ ‫آثار ُ ِ‬
‫الخبث و َم ُّ‬ ‫ُ‬
‫ص ِمن ُخ ِ‬
‫بث ال َّن ْف ِ‬
‫س ����������������������‪372‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ال َّتخ ُّل ِ‬ ‫‏الو ُ‬
‫سائل ُ‬ ‫َ‬
‫والشعر ����������������������������������‪373‬‬ ‫ِ‬
‫األمثال ِّ‬ ‫ب‬ ‫بث في َم ِ‬
‫ضر ِ‬ ‫ُ‬
‫الخ ُ‬
‫ِ‬
‫الخداع������������������������������������������������������������‪374‬‬
‫معنى الخداع��������������������������������������������������������‪374‬‬
‫والغرور َ‬
‫والكيد�����������������������������������‪374‬‬ ‫الفرق بين ِ‬
‫الخدا ِع ُ‬ ‫ْ‬
‫والس َّنة �����������������������������‪374‬‬ ‫ذم ِ‬
‫الخدا ِع وال َّنهي عنه من ُ ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫أقوال السلف والع ِ‬
‫لماء في ذم ِ‬
‫الخدا ِع ��������������������������������‪375‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫أقسام ِ‬
‫الخدا ِع �������������������������������������������������������‪375‬‬ ‫ُ‬
‫ِمن صو ِر ِ‬
‫الخدا ِع المذموم �������������������������������������������‪376‬‬ ‫َ‬
‫ينة على ترك ِ‬
‫الخداع������������������������������������‪376‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫داع في األمثال ِّ‬
‫والشعر ������������������������������������������‪377‬‬ ‫ِ‬
‫الخ ُ‬
‫ِ‬
‫الخذالن ����������������������������������������������������������‪378‬‬
‫معنى ِ‬
‫الخذالن ������������������������������������������������������‪378‬‬
‫والس َّنة��������������������������‪378‬‬ ‫الخ ِ‬‫ذم ِ‬
‫حذير منه في القرآن ُّ‬
‫ُ‬ ‫ذالن وال َّت‬ ‫ُّ‬
‫الخذالن ���������������������������������‪379‬‬ ‫لف والع ِ‬
‫لماء في ِ‬ ‫أقوال الس ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ضاره �����������������������������������������������‪379‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آثار الخذالن و َم ُّ‬
‫من صو ِر ِ‬
‫الخذالن���������������������������������������������������‪380‬‬ ‫َ‬

‫‪559‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫من أسباب الوقو ِع في ِ‬


‫الخذالن ��������������������������������������‪380‬‬
‫ينة على اجتناب أسباب ِ‬
‫الخذالن �������������������‪380‬‬ ‫من الوسائل الم ِع ِ‬
‫ُ‬
‫والشعر في ِ‬ ‫ِ‬
‫الخذالن��������������������������������‪381‬‬ ‫الح َك ُم واألمثال ِّ ُ‬
‫الخيانة ������������������������������������������������������������‪382‬‬
‫معنى الخيانة ��������������������������������������������������������‪382‬‬
‫والس ِرقة والنِّفاق ����������������������������������‪382‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال َف ُ‬
‫رق ْبين الخيانة َّ‬
‫والس َّنة ��������������������������‪382‬‬ ‫الخ ِ‬‫ذم ِ‬
‫حذير منها في القرآن ُّ‬
‫ُ‬ ‫يانة وال َّت‬ ‫ُّ‬
‫الخيانة �����������������������������������‪383‬‬ ‫ِ‬
‫والعلماء في ِ‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫ضارها������������������������������������������������‪383‬‬ ‫ِ‬
‫آثار الخيانة و َم ُّ‬
‫ُ‬
‫صو ِر الخيانة�����������������������������������������������������‪384‬‬ ‫ِ‬
‫من َ‬
‫أوج ُه و ِ‬
‫رود الخيانة في القرآن الكريم ��������������������������������‪384‬‬ ‫ُ ُ‬
‫الخيانة ِمن صفات اليهود��������������������������������������������‪385‬‬
‫ِ‬

‫الخيانة في واحة ِّ‬


‫الشعر ����������������������������������������������‪385‬‬
‫الذ ُّل ��������������������������������������������������������������‪386‬‬
‫ُّ‬
‫الذ ِّل���������������������������������������������������������‪386‬‬
‫تعريف ُّ‬

‫الصفات�������������������������������������‪386‬‬ ‫ِ‬
‫وبعض ِّ‬ ‫الذ ِّل‬
‫ال َف ْر ُق ْبين ُّ‬
‫زي ������������������������������������������‪386‬‬ ‫الذ ِّل ِ‬
‫واخل ِ‬ ‫الفرق ْبي ُّ‬
‫ِ‬
‫واإلهانة ���������������������������������������‪386‬‬ ‫ِ‬
‫اإلذالل‬ ‫الفرق ْبي‬
‫والس َّنة �������������������������������������������‪387‬‬ ‫الذ ِّل في ُ ِ‬
‫ذم ُّ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬

‫‪560‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الذ ِّل ����������������������������������������������������������‪387‬‬


‫أقسام ُّ‬

‫للذ ِّل ��������������������������������������������������‪388‬‬


‫لبي ُة ُّ‬
‫الس َّ‬
‫اآلثار َّ‬
‫الذ ِّل ����������������������������������������������‪389‬‬
‫أسباب الوقو ِع في ُّ‬
‫ُ‬
‫ص ِم َن ُّ‬
‫الذ ِّل ��������������������������‪389‬‬ ‫من الوسائل الم ِع ِ‬
‫ينة على ال َّتخ ُّل ِ‬ ‫ُ‬
‫الذ ِّل�����������������������������������������‪390‬‬
‫عر في ُّ‬ ‫ٌ ِ‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال وش ٌ‬ ‫أقوال‬

‫السخرية واالستِهزاء�����������������������������������������������‪391‬‬
‫ُّ‬
‫السخرية واالستِهزاء�������������������������������������������‪391‬‬
‫معنى ُّ‬
‫الصفات ���������������������‪391‬‬ ‫ِ‬ ‫رق بين االستِهزاء والس ِ‬ ‫ال َف ُ‬
‫وبعض ِّ‬ ‫خرية‬ ‫ُّ‬
‫والسخرية�����������������������������������‪391‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َف ْر ُق َ‬
‫بني االستهزاء ُّ‬
‫السخرية وال َّل ِعب ��������������������������������������‪392‬‬
‫الفرق بني ُّ‬
‫زاح واالستِهزاء ��������������������������������������‪392‬‬
‫الفرق بني ا ُمل ِ‬
‫والس َّنة���������������������‪392‬‬ ‫ِ ِ‬
‫السخرية واالستهزاء في القرآن ُّ‬
‫هي عن ُّ‬
‫ال َّن ُ‬
‫السخرية واالستِهزاء����������������������‪393‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ُّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ضارها ����������������������������������������������‪393‬‬ ‫ِ‬
‫السخرية و َم ُّ‬
‫آثار ُّ‬
‫السخرية واالستِهزاء ���������������������������������������‪394‬‬ ‫ِ‬
‫من ُص َور ُّ‬
‫السخرية واالستِهزاء �����������������������������������������‪394‬‬
‫أسباب ُّ‬
‫ُ‬

‫والح ُ‬
‫مق ����������������������������������������������������‪395‬‬ ‫السف ُه ُ‬
‫َّ‬
‫معنى الس ِ‬
‫فه����������������������������������������������������������‪395‬‬ ‫َّ‬
‫الصفات���������������������������‪395‬‬ ‫ِ‬
‫وبعض ِّ‬ ‫السفه والحمق‬
‫الفرق بين َّ‬

‫‪561‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫جل ِ‬
‫هل �����������������������������������������‪395‬‬ ‫حل ِ‬
‫مق وا َ‬ ‫ال َف ْرق َ‬
‫بني ا ُ‬
‫السفه وال َّط ِ‬
‫يش �����������������������������������������‪396‬‬ ‫الفرق بني َّ‬
‫والس َّنة �������������������‪396‬‬ ‫مق وال َّنهي عنهما في ُ ِ‬
‫والح ِ‬ ‫ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫السفه ُ‬‫ذم َّ‬
‫ُّ‬
‫والحمق ���������������������������‪396‬‬ ‫ِ‬
‫السفه ُ‬
‫السلف والعلماء في َّ‬
‫أقوال َّ‬
‫أقسام الس ِ‬
‫فه ���������������������������������������������������������‪397‬‬ ‫َّ‬
‫عالمات الس ِ‬
‫فيه ��������������������������������������������������‪397‬‬ ‫ِ‬ ‫من‬
‫َّ‬
‫من عالمات األحمق ������������������������������������������������‪398‬‬
‫ضاره �������������������������������������������������‪398‬‬
‫آثار الحمق و َم ُّ‬
‫والحمق������������������������������������‪399‬‬ ‫ِ‬
‫السفه ُ‬‫أسباب الوقوع في َّ‬
‫ينة على ترك الس ِ‬
‫فه والحمق ����������������������������‪399‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫َّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫السفه والحمق ��������������������������‪399‬‬ ‫ُ‬
‫واألمثال ِّ‬ ‫ِ‬
‫الح َكم‬
‫والشعر في َّ‬
‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن���������������������������������������������������������‪401‬‬
‫معنى ِ‬
‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن �����������������������������������������������������‪401‬‬
‫الصفات�������������������������������‪401‬‬ ‫ِ‬ ‫الفرق بين ِ‬
‫سوء َّ‬
‫وبعض ِّ‬ ‫الظ ِّن‬
‫ِ‬
‫واالحرتاز�����������������������������������‪401‬‬ ‫الفرق بني سوء ال َّظ ِّن‬
‫ِ‬
‫وسوء ال َّظ ِّن������������������������������������‪401‬‬ ‫الف ِ‬
‫راسة‬ ‫الفرق بني ِ‬

‫والس َّنة ��������������������������‪402‬‬


‫هي عنه في القرآن ُّ‬ ‫ذم سوء َّ‬
‫الظ ِّن وال َّن ُ‬ ‫ُّ‬
‫ذم سوء َّ‬
‫الظ ِّن �����������������������������‪402‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الس ِّي ُئة لسوء َّ‬
‫الظ ِّن ���������������������������������������������‪402‬‬ ‫اآلثار َّ‬

‫‪562‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ِمن صور ِ‬
‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن �������������������������������������������������‪403‬‬ ‫ُ َ‬
‫أسباب الوقو ِع في سوء َّ‬
‫الظ ِّن ����������������������������������������‪404‬‬
‫الظ ِّن���������������������������������‪404‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك سوء َّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫سوء َّ‬
‫الظ ِّن في واحة ِّ‬
‫الشعر�������������������������������������������‪405‬‬
‫َّ‬
‫الشماتة �����������������������������������������������������������‪406‬‬
‫الشماتة��������������������������������������������������������‪406‬‬
‫معنى َّ‬
‫والس َّنة����������������������������‪406‬‬ ‫ذم َّ ِ‬
‫هي عنها في القرآن ُّ‬
‫الشماتة وال َّن ُ‬ ‫ُّ‬
‫الشماتة �������������������������������‪406‬‬
‫ذم َّ‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ضارها �����������������������������������������������‪407‬‬ ‫آثار َّ ِ‬
‫الشماتة و َم ُّ‬ ‫ُ‬
‫الشماتة ���������������������������������������‪407‬‬
‫أسباب الوقوع في آفة َّ‬
‫الشماتة �����������������������������������‪408‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫الله ع َل ِيه وس َّل َم وأصحابِه���������������‪408‬‬
‫بي ص َّلى ُ‬
‫قين بال َّن ِّ‬
‫ِ‬
‫المناف َ‬
‫شماتة ُ‬
‫الشماتة��������������������������������������‪409‬‬
‫عر في َّ‬ ‫ِ‬
‫أقوال وأمثال وش ٌ‬
‫َّ‬
‫الط َمع�������������������������������������������������������������‪410‬‬
‫معنى َّ‬
‫الطمع���������������������������������������������������������‪410‬‬
‫الصفات �����������������������������������‪410‬‬ ‫ِ‬
‫وبعض ِّ‬ ‫الفرق بين َّ‬
‫الطم ِع‬
‫الفرق بني ِ‬
‫احل ْرص وال َّطمع ���������������������������������������‪410‬‬
‫الفرق بني األ َمل وال َّط َمع �����������������������������������������‪410‬‬
‫الرجاء وال َّطمع ����������������������������������������‪410‬‬
‫الفرق بني َّ‬

‫‪563‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫والس َّنة������������������������������������������‪411‬‬ ‫الطم ِع في ُ ِ‬


‫ذم َّ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ذم َّ‬
‫الطمع���������������������������������‪412‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫أنواع َّ‬
‫الطمع ���������������������������������������������������������‪412‬‬
‫ضاره��������������������������������������������������‪412‬‬ ‫آثار َّ‬
‫الطم ِع و َم ُّ‬ ‫ُ‬
‫األسباب المؤ ِّد ُية إلى َّ‬
‫الطمع �����������������������������������������‪413‬‬
‫الطمع�������������������������������������‪413‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك َّ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َك ٌم وأمثال وش ٌ‬
‫عر في َّ‬
‫الطمع ���������������������������������������‪414‬‬
‫ُّ‬
‫الظ ْل ُم �������������������������������������������������������������‪415‬‬
‫معنَى ُّ‬
‫الظ ْل ِم ���������������������������������������������������������‪415‬‬
‫ِ‬ ‫ال َف ْر ُق َب ْي َن ُّ‬
‫اله ْضم)�����������������������‪415‬‬
‫(الج ْور ‪َ -‬‬ ‫الظ ْل ِم ُ‬
‫ومترادفاته َ‬
‫والس َّنة �����������������������������������‪416‬‬ ‫هي عن ُّ‬
‫الظلم في القرآن ُّ‬ ‫ال َّن ُ‬
‫ذم ُّ‬
‫الظلم ���������������������������������‪416‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ضاره ��������������������������������������������������‪417‬‬ ‫آثار ُّ‬
‫الظ ْل ِم و َم ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِمن ُص َور ُّ‬
‫الظل ِم ������������������������������������������������������‪417‬‬
‫أ‪ُ -‬ظلم ِ‬
‫العبد ن ْف َسه ����������������������������������������‪417‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لبعض ����������������������������������‪418‬‬ ‫بعضهم‬ ‫الع ِ‬
‫باد ِ‬ ‫ب ‪ُ -‬ظلم ِ‬
‫ُ‬
‫المظالِ ِم ����������������������������������������������������������‪419‬‬
‫رد َ‬‫ُّ‬
‫ظات ��������������������������������������‪419‬‬
‫وع ٌ‬‫الظل ِم‪ِ ...‬عبر ِ‬
‫قص ُة في ُّ‬
‫ٌَ‬ ‫َّ‬
‫لم في واحة ِّ‬
‫الشعر �����������������������������������������������‪420‬‬ ‫ُّ‬
‫الظ ُ‬

‫‪564‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الع ْج ُب �����������������������������������������������������������‪421‬‬
‫ُ‬
‫الع ِ‬
‫جب��������������������������������������������������������‪421‬‬ ‫معنَى ُ‬
‫جب ومرادفاتِه ِ‬
‫(الك ْب ِر واإل ْدالل)�����������������������‪421‬‬ ‫الع ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق ْبين ُ‬
‫والس َّنة�����������������������������‪422‬‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬
‫الع ْجب وال َّن ُ‬
‫ذم ُ‬‫ُّ‬
‫العجب �������������������������������‪422‬‬ ‫ِ‬
‫ذم ُ‬‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الع ِ‬
‫جب ���������������������������������������������������������‪423‬‬ ‫آثار ُ‬
‫ِ‬
‫من ُص َو ِر ُ‬
‫الع ِ‬
‫جب ����������������������������������������������������‪424‬‬
‫الع ِ‬
‫جب ������������������������������������������������������‪424‬‬ ‫أسباب ُ‬
‫ُ‬
‫الع ِ‬
‫جب ����������������������������������������������������‪425‬‬ ‫عالمات ُ‬
‫العجب �����������������������������������‪425‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ُ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫والشعراء �����������������������������‪426‬‬
‫العجب عند الحكماء واألدباء ُّ‬
‫ُ‬

‫العدوان �����������������������������������������������������������‪427‬‬
‫ُ‬
‫العدوان �������������������������������������������������������‪427‬‬
‫معنَى ُ‬
‫الصفات ���������������������������������‪427‬‬
‫وبعض ِّ‬‫ِ‬ ‫العدوان‬ ‫ُ‬
‫الفرق بين ُ‬
‫رق بني ال ُعدوان وال ُّطغيان �������������������������������������‪427‬‬
‫ال َف ُ‬
‫غي ����������������������������������������‪427‬‬ ‫رق بني الع ِ‬
‫دوان وال َب ِ‬ ‫ال َف ُ‬
‫ُ‬
‫رق بني ال ُعدوان وال ُّظ ْلم����������������������������������������‪427‬‬
‫ال َف ُ‬

‫والس َّنة ����������������������������‪428‬‬ ‫ِ‬


‫هي عنه في القرآن ُّ‬
‫ذم العدوان وال َّن ُ‬
‫ُّ‬
‫العدوان ����������������������������������‪428‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ُ‬
‫أقوال َّ‬
‫العدوان�������������������������������������������������������‪429‬‬
‫أقسام ُ‬
‫‪565‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫ضاره������������������������������������������������‪429‬‬ ‫ِ‬
‫العدوان و َم ُّ‬
‫آثار ُ‬
‫ُ‬
‫العدوان ���������������������������������������������������‪429‬‬ ‫ِ‬
‫صور ُ‬
‫من َ‬
‫العدوان ������������������������������������������‪430‬‬
‫أسباب الوقو ِع في ُ‬
‫العدوان�����������������������������������‪430‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ُ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫العدوان���������������������������������‪430‬‬ ‫ُ‬
‫واألمثال ِّ‬ ‫ِ‬
‫الح َكم‬
‫والشعر في ُ‬
‫َ‬
‫الغدْ ُر �������������������������������������������������������������‪432‬‬
‫ِ‬
‫الغدر����������������������������������������������������������‪432‬‬ ‫معنَى‬
‫ال َف ُ‬
‫رق بين المكر َ‬
‫والغدر���������������������������������������������‪432‬‬
‫والس َّنة �������������������������������‪432‬‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬ ‫ِ‬
‫ذم الغدر وال َّن ُ‬
‫ُّ‬
‫ذم الغدر ���������������������������������‪433‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ضاره ��������������������������������������������������‪433‬‬ ‫ِ‬
‫الغدر و َم ُّ‬ ‫آثار‬
‫ُ‬
‫أسباب الوقو ِع في الغدر���������������������������������������������‪434‬‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك الغدر �������������������������������������‪434‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫بالمسلمين ����������������������������������������������‪435‬‬ ‫ِ‬
‫اليهود‬ ‫غدْ ُر‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َك ٌم وأمثال وش ٌ‬
‫عر في الغدر ����������������������������������������‪436‬‬
‫ِ‬
‫الغ ُّش �������������������������������������������������������������‪437‬‬
‫معنَى ِ‬
‫الغ ِّش ���������������������������������������������������������‪437‬‬
‫والس َّنة�������������������������������‪437‬‬ ‫ذم ِ‬
‫الغ ِّ‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬
‫ش وال َّن ُ‬ ‫ُّ‬
‫أقوال السلف والع ِ‬
‫لماء في ذم ِ‬
‫الغ ِّش ���������������������������������‪438‬‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫‪566‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫وصو ِره ���������������������������������������������‪439‬‬ ‫ِمن أنوا ِع ِ‬


‫الغ ِّ‬
‫ش‬
‫َ‬
‫ضاره ��������������������������������������������������‪439‬‬ ‫آثار ِ‬
‫الغ ِّ‬
‫ش و َم ُّ‬
‫األسباب المؤ ِّد ُية إلى ِّ‬
‫الغش �����������������������������������������‪440‬‬
‫الغش ������������������������������������‪440‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ِّ‬ ‫األسباب ُ‬
‫ربوي �������������������������������������������������������‪441‬‬ ‫ٌ‬
‫موقف َت ٌّ‬
‫الغش في واحة ِّ‬
‫الشعر �����������������������������������������������‪441‬‬ ‫ُّ‬

‫الغضب �����������������������������������������������������������‪442‬‬
‫ِ‬
‫الغضب �������������������������������������������������������‪442‬‬ ‫معنَى‬
‫الصفات����������������������������������‪442‬‬
‫عض ِّ‬‫ضب و َب ِ‬
‫الغ ِ‬
‫ال َف ْر ُق بين َ‬
‫والسخط��������������������������������������‪442‬‬ ‫ِ‬
‫الغضب ُّ‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني‬
‫ِ‬
‫الغضب وال َغيظ����������������������������������������‪442‬‬ ‫ُ‬
‫الفرق بني‬
‫الس َّنة ال َّنبو َّية ����������������������������������‪443‬‬ ‫ِ‬
‫الغضب في ُّ‬ ‫هي عن‬
‫ال َّن ُ‬
‫ذم الغضب �������������������������������‪443‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫الغضب�������������������������������������������������������‪443‬‬ ‫أقسام‬
‫ُ‬
‫ضاره���������������������������������������‪444‬‬
‫المذمو ِم و َم ُّ‬ ‫ِ‬
‫الغضب َ‬ ‫آثار‬
‫ُ‬
‫والسلف عند‬ ‫يه وس َّلم والص ِ‬
‫حابة‬ ‫الله ع َل ِ‬
‫بي ص َّلى ُ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نماذج من هدي ال َّن ِّ‬
‫ُ‬
‫الغضب ���������������������������������������������������������‪445‬‬
‫أسباب الغضب �����������������������������������������������������‪446‬‬
‫عالج الغضب�������������������������������������������������������‪446‬‬

‫‪567‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الشعر ������������������������������������������‪446‬‬ ‫ِ‬


‫واحة ِّ‬ ‫الغ ِ‬
‫ضب في‬ ‫ذم َ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫الغيبة �������������������������������������������������������������‪448‬‬
‫الغ ِ‬
‫يبة����������������������������������������������������������‪448‬‬ ‫معنَى ِ‬

‫الصفات ������������������������������������‪448‬‬ ‫ِ‬ ‫ال َفر ُق بين ِ‬


‫وبعض ِّ‬ ‫الغيبة‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫الفرق بي ِ‬
‫واإلفك وال ُبهتان���������������������������������‪448‬‬ ‫يبة‬ ‫ُ ْ‬
‫مز وال َّل ِ‬ ‫يبة والن ِ‬
‫َّميمة وال َغ ِ‬ ‫الغ ِ‬
‫الفرق بي ِ‬
‫مز ��������������������������‪448‬‬ ‫ُ ْ‬
‫والس َّنة ������������������������������‪449‬‬ ‫هي عنها في ُ‬ ‫ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ذم الغيبة وال َّن ُ‬
‫ُّ‬
‫الغيبة����������������������������������‪449‬‬ ‫ِ‬
‫والعلماء في ذم ِ‬ ‫السلف‬
‫ِّ‬ ‫أقوال َّ‬
‫أقسام ِ‬
‫الغيبة ���������������������������������������������������������‪450‬‬
‫جتمعِ�����������������������������������‪451‬‬ ‫ِ ِ‬
‫والم َ‬
‫أضرار الغيبة على الفرد ُ‬
‫ُ‬
‫أرضارها عىل الفرد �����������������������������������������������‪451‬‬
‫ُ‬
‫أرضارها عىل ا ُمل َ‬
‫جتم ِع ��������������������������������������������‪451‬‬ ‫ُ‬
‫الغ ِ‬
‫يبة ���������������������������������������������‪452‬‬ ‫أسباب الوقو ِع في ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ترك ِ‬
‫الغيبة �����������������������������������������������������‪453‬‬ ‫فوائدُ ِ‬
‫ينة على ترك ِ‬
‫الغيبة �������������������������������������‪453‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬
‫الغيبة في واحة ِّ‬
‫الشعر������������������������������������������������‪454‬‬
‫ُ‬
‫الفتور�������������������������������������������������������������‪455‬‬
‫الف ِ‬
‫تور ���������������������������������������������������������‪455‬‬ ‫معنَى ُ‬

‫والس َّنة ������������������������������������������‪455‬‬ ‫ِ‬


‫الفتور في القرآن ُّ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬

‫‪568‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الفتور ������������������������������������‪455‬‬ ‫ِ‬


‫والعلماء في ُ‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫الف ِ‬
‫تور���������������������������������������������������������‪456‬‬ ‫أقسام ُ‬

‫آثار الفتور�����������������������������������������������������������‪457‬‬
‫ِمن ُص َور ُ‬
‫الفتور �����������������������������������������������������‪457‬‬
‫أسباب الفتور �������������������������������������������������������‪458‬‬
‫عالج ُ‬
‫الفتور �������������������������������������������������‪458‬‬ ‫ِ‬ ‫وسائل‬

‫ُ‬
‫الفجور �����������������������������������������������������������‪460‬‬
‫معنَى ُ‬
‫الفجور��������������������������������������������������������‪460‬‬
‫الفرق بين ِ‬
‫الف ِ‬
‫سق ُ‬
‫والفجور�������������������������������������������‪460‬‬ ‫ُ ْ‬
‫والس َّنة �����������������������������‪460‬‬ ‫ذم الفجور وال َّنهي عنه في ُ ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ضار الفجور �������������������������������������������������������‪461‬‬
‫َم ُّ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في الفجور�����������������������������������‪461‬‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫أسباب الوقوع في الفجور �������������������������������������������‪462‬‬
‫ينة على اجتِناب ُ‬
‫الف ِ‬
‫جور ��������������������������������‪462‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫وأمثال ِ‬
‫وش ْع ٌر في ُ‬
‫الفجور��������������������������������������‪462‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أقوال‬

‫ُ‬
‫الف ُ‬
‫حش وال َبذاءة���������������������������������������������������‪464‬‬
‫الف ِ‬
‫حش والبذاءة�����������������������������������������������‪464‬‬ ‫معنَى ُ‬

‫والشت ِم �����������������������������������‪464‬‬
‫بح َّ‬ ‫حش ُ‬
‫والق ِ‬ ‫الف ِ‬ ‫ُ‬
‫الفرق ْبين ُ‬

‫والس َّنة��������������������������������‪465‬‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬


‫ذم ُ‬
‫حش وال َبذاءة في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬

‫‪569‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫حش والب ِ‬ ‫ِ‬


‫ذاءة �����������������������‪465‬‬ ‫الف ِ َ‬
‫ذم ُ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫ضار ُهما��������������������������������������‪466‬‬ ‫ِ‬ ‫الف ِ‬
‫آثار ُ‬
‫حش وال َبذاء و َم ُّ‬ ‫ُ‬
‫ينة على َترك الفحش والب ِ‬
‫ذاءة���������������������������‪466‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫حش وال َبذا َءة �����������������������������������‪467‬‬ ‫األسباب الجالِ ُبة ُ‬
‫للف ِ‬ ‫ُ‬
‫حش والب ِ‬
‫ذاءة في ِّ‬
‫الشعر ���������������������������������������‪467‬‬ ‫الف ِ َ‬
‫َذ ُّم ُ‬
‫ال َقسو ُة ِ‬
‫والغلظ ُة وال َفظاظة������������������������������������������‪468‬‬
‫ِ‬
‫ظاظة �������������������������������������‪468‬‬ ‫والغ ِ‬
‫لظة وال َف‬ ‫سوة ِ‬
‫معنَى ال َق ِ‬

‫الصفات�������������������������‪468‬‬ ‫ِ‬ ‫الغ ِ‬


‫لظة وال َفظاظة‬ ‫ال َفر ُق بين ِ‬
‫وبعض ِّ‬ ‫ْ‬
‫ال َفر ُق بني ِ‬
‫الغلظة وال َفظاظة���������������������������������������‪469‬‬ ‫ْ‬
‫سوة والص ِ‬
‫البة ��������������������������������������‪469‬‬ ‫رق بني ال َق ِ‬
‫ال َف ُ‬
‫َّ‬
‫والس َّنة ����������������������‪469‬‬ ‫ِ‬
‫ظاظة في ُ‬ ‫والغ ِ‬
‫لظة وال َف‬ ‫سوة ِ‬
‫َذم ال َق ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في القسوة��������������������������������‪470‬‬ ‫السلف‬
‫من أقوال َّ‬
‫والغ ِ‬
‫لظة وال َفظاظة ��������������������������������‪470‬‬ ‫ما يباح ِم َن القسوة ِ‬
‫ُ ُ‬
‫والغ ِ‬
‫لظة ���������������������������������������‪471‬‬ ‫لب ِ‬ ‫عالمات َق ِ‬
‫سوة ال َق ِ‬ ‫ُ‬
‫والغ ِ‬
‫لظة وال َفظاظة����������������������������������‪471‬‬ ‫قسوة القلب ِ‬
‫ِ‬ ‫آثار‬
‫والغ ِ‬
‫لظة وال َفظاظة ������������������������������‪472‬‬ ‫القلب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قسوة‬ ‫أسباب‬
‫ُ‬
‫والغ ِ‬
‫لظة وال َفظاظة ���‪472‬‬ ‫لب ِ‬ ‫ص ِمن َق ِ‬
‫سوة ال َق ِ‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ال َّتخ ُّل ِ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫َ‬
‫والغ ِ‬
‫لظة وال َفظاظة ��������������������������������‪473‬‬ ‫َقصص في ال َقسوة ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫واحة ِّ‬
‫الشعر ���������������������������‪473‬‬ ‫لظة وال َف ُ‬
‫ظاظة في‬ ‫ال َقسوة ِ‬
‫والغ ُ‬

‫‪570‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الكِ ْب ُر ��������������������������������������������������������������‪474‬‬
‫معنَى ِ‬
‫الك ِبر ����������������������������������������������������������‪474‬‬
‫والج ْبر َّية) �‪474‬‬
‫الج َبروت َ‬ ‫ومرادفاتِه َّ‬
‫(الزهو ‪ -‬الكبرياء ‪َ -‬‬
‫ِ‬
‫رق بين الك ِبر ُ‬
‫ال َف ُ‬
‫ِ‬
‫والس َّنة �������������������������������‪474‬‬ ‫ذم الك ْب ِر وال َّن ُ‬
‫هي عنه في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في ِ‬
‫الك ْب ِر والمتك ِّب َ‬
‫رين�������������������������‪475‬‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫أقسام ِ‬
‫الك ْب ِر ���������������������������������������������������������‪476‬‬
‫ِ‬
‫وأضراره ����������������������������������������������‪476‬‬ ‫آثار ِ‬
‫الك ِبر‬ ‫ِمن ِ‬
‫أسباب ِ‬
‫الك ْب ِر ��������������������������������������������������������‪477‬‬ ‫ُ‬
‫كب ُر؟ �������������������������������������������‪477‬‬ ‫ُ‬
‫يكون ال َّت ُّ‬ ‫بماذا‬
‫ينة على ترك ِ‬
‫الك ْب ِر��������������������������������������‪477‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬ ‫األدباء ُّ ِ‬
‫ِ‬
‫رين ����������������������‪478‬‬ ‫والشعراء في َذ ِّم الك ِبر ُ‬
‫والمتك ِّب َ‬ ‫ُ‬
‫أقوال‬

‫الك ِذب������������������������������������������������������������‪479‬‬
‫َ‬

‫الك ِذ ِب ��������������������������������������������������������‪479‬‬
‫معنَى َ‬

‫المتراد ِفة (االفتِراء وال ُبهتان ‪ -‬اإلفك)��‪479‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبعض األلفاظ‬ ‫الفرق بين ِ‬
‫الكذ ِب‬ ‫ُ ْ‬
‫والس َّنة�����������������������������������������‪480‬‬
‫ذم الكذب في القرآن ُّ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫والعلماء في الكذب�����������������������������������‪480‬‬ ‫السلف‬
‫أقوال َّ‬
‫ما يباح ِم َن ِ‬
‫الكذ ِب ��������������������������������������������������‪481‬‬ ‫ُ ُ‬
‫ضاره�������������������������������������������������‪482‬‬ ‫آثار ِ‬
‫الكذ ِ‬
‫ب و َم ُّ‬
‫من صو ِر ِ‬
‫الكذب ����������������������������������������������������‪482‬‬ ‫َ‬
‫أسباب الوقو ِع في الكذب �������������������������������������������‪483‬‬
‫‪571‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫عر في الكذب ���������������������������������‪483‬‬ ‫األمثال ِ‬


‫والح َك ُم ِّ‬
‫والش ُ‬
‫الكسل ������������������������������������������������������������‪484‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الكسل ��������������������������������������������������������‪484‬‬ ‫معنَى‬
‫والكس ِل �������������������������������������������‪484‬‬
‫َ‬ ‫العج ِز‬
‫الفرق بين ْ‬
‫والس َّنة �����������������������������������������‪484‬‬
‫سل في القرآن ُّ‬ ‫ذم َ‬
‫الك ِ‬ ‫ُّ‬
‫ذم الكسل ��������������������������������‪485‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫الكسل��������������������������������������������������������‪486‬‬
‫أقسام َ‬
‫ضار الكسل��������������������������������������������������������‪486‬‬
‫َم ُّ‬
‫أسباب الوقوع في الكسل �������������������������������������������‪487‬‬
‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك الكسل������������������������������������‪488‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫الكسل في واحة ِّ‬
‫الشعر ����������������������������������������������‪488‬‬
‫ال ُّلؤم��������������������������������������������������������������‪489‬‬
‫معنَى ال ُّلؤم ����������������������������������������������������������‪489‬‬
‫رق ْبين ال ُّلؤ ِم وال ُبخل ���������������������������������������������‪489‬‬
‫ال َف ُ‬

‫والس َّنة �������������������������������‪489‬‬


‫هي عنه في القرآن ُّ‬
‫ذم اللؤم وال َّن ُ‬
‫ُّ‬
‫ذم ال ُّلؤ ِم ����������������������������������‪490‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫آثار ال ُّلؤ ِم و َم ُّ‬
‫ضاره���������������������������������������������������‪491‬‬
‫ِمن ُص َور ال ُّلؤ ِم ������������������������������������������������������‪491‬‬
‫أسباب الوقو ِع في ال ُّلؤم ���������������������������������������������‪492‬‬

‫‪572‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك ال ُّلؤم��������������������������������������‪492‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫عر في ال ُّلؤم���������������������������������������������‪492‬‬ ‫األمثال ِّ‬
‫والش ُ‬
‫كر َ‬
‫والكيدُ ������������������������������������������������������‪494‬‬ ‫الم ُ‬
‫َ‬
‫والك ِيد��������������������������������������������������‪494‬‬
‫كر َ‬ ‫الم ِ‬
‫معنَى َ‬
‫والغدْ ِر �����������������������������‪494‬‬ ‫يد ِ‬
‫والح َي ِل َ‬ ‫والك ِ‬
‫المكر َ‬
‫الفرق ْبين َ‬
‫والس َّنة�����������������������������������‪495‬‬ ‫المكر َ ِ‬
‫ِ‬
‫والكيد في القرآن ُّ‬ ‫ذم‬
‫ُّ‬
‫كر َ‬
‫والكيد��������������������������‪495‬‬ ‫الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ذم َ‬‫والعلماء في ِّ‬
‫السلف ُ‬‫أقوال َّ‬
‫ِ‬
‫المكر���������������������������������������������������������‪496‬‬ ‫أقسام‬
‫الك ِيد ���������������������������������������������������������‪496‬‬
‫أقسام َ‬
‫وسائل ال َّن ِ‬
‫جاة من كيد الكائدين ��������������������������������������‪497‬‬
‫عر في المكر�����������������������������������‪497‬‬ ‫ُ‬
‫واألمثال ِّ‬ ‫ِ‬
‫الح َكم‬
‫والش ُ‬

‫ن ْقض َ‬
‫العهد �������������������������������������������������������‪498‬‬
‫العهد ���������������������������������������������������‪498‬‬
‫ض َ‬ ‫معنَى ن ْق ِ‬
‫هد والو ِ‬
‫عد ���������������������������������������������‪498‬‬ ‫بين الع ِ‬ ‫ال َف ُ‬
‫َ‬ ‫رق َ َ‬
‫والخ ِ‬
‫يانة ������������������������������������������‪498‬‬ ‫ِ‬ ‫الفرق بين ال َّن ِ‬
‫قض‬
‫والس َّنة �����������������������������‪499‬‬ ‫ِ‬
‫نقض العهد في القرآن ُّ‬ ‫هي عن‬
‫ال َّن ُ‬
‫العهد�������������������������������������‪499‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ذم ن ْقض َ‬
‫أقوال العلماء في ِّ‬
‫ِ‬
‫نقض العهد �����������������������������������������������������‪500‬‬ ‫آثار‬
‫ِ‬
‫العهد ������������������������������������������������‪500‬‬ ‫ِ‬
‫نقض‬ ‫ِمن ُص َور‬

‫‪573‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫أسباب الوقو ِع في نقض العهد���������������������������������������‪501‬‬


‫الم ِع ُ‬
‫ينة على ترك نقض العهد �������������������������������‪501‬‬ ‫الوسائل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َك ٌم وش ٌ‬
‫عر في نقض العهد �����������������������������������������‪501‬‬
‫ال َّنميمة������������������������������������������������������������‪503‬‬
‫معنَى ال َّن ِ‬
‫ميمة ��������������������������������������������������������‪503‬‬
‫الفرق بين ال َق َّت ِ‬
‫ات وال َّن َّما ِم ��������������������������������������������‪503‬‬ ‫ْ‬
‫والس َّنة ����������������������������‪503‬‬
‫هي عنها في القرآن ُّ‬
‫ذم النميمة وال َّن ُ‬
‫ُّ‬
‫ذم ال َّنميمة��������������������������������‪504‬‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫أقوال َّ‬
‫أقسام ال َّنميمة��������������������������������������������������������‪505‬‬
‫أسباب الوقوع في ال َّنميمة �������������������������������������������‪505‬‬
‫ضارها �����������������������������������������������‪506‬‬ ‫ِ‬
‫آثار ال َّنميمة و َم ُّ‬
‫ُ‬
‫فوائد ِ‬
‫ترك ال َّنميمة ���������������������������������������������������‪507‬‬
‫عالج ال َّنميمة��������������������������������������������������������‪507‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ح َك ٌم وأمثال وش ٌ‬
‫عر في ال َّنميمة ��������������������������������������‪508‬‬
‫الو ْهن�������������������������������������������������������������‪509‬‬
‫َ‬
‫الو ْه ِن ���������������������������������������������������������‪509‬‬
‫معنَى َ‬
‫والو ْهن ������������������������������������������‪509‬‬ ‫ال َفر ُق بين َّ ِ‬
‫الضعف َ‬ ‫ْ ْ‬
‫والس َّنة ������������������������������‪509‬‬ ‫هن وال َّنهي عنه في ُ ِ‬
‫الو ِ‬
‫القرآن ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ذم َ‬
‫ُّ‬
‫الو ِ‬
‫هن �������������������������������������������������������‪510‬‬ ‫أسباب َ‬

‫‪574‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الو ِ‬
‫هن��������������������������������������������������������‪510‬‬ ‫أضرار َ‬
‫ُ‬
‫الو ِ‬
‫هن ��������������������������������������������������������‪511‬‬ ‫عالج َ‬
‫الوهن ���������������������������������������������‪512‬‬ ‫ٌ‬
‫وأمثال عن َ‬ ‫أقوال‬

‫اليأس ُ‬
‫والقنوط ����������������������������������������������������‪513‬‬
‫والقنوط ������������������������������������������������‪513‬‬ ‫ِ‬
‫اليأس ُ‬ ‫معنَى‬
‫والخ ِ‬
‫يبة ��������������������������������������������‪513‬‬ ‫ال َف ُ‬
‫رق ْبين اليأس َ‬

‫والس َّنة ���������������������������������‪513‬‬ ‫ذم اليأس ُ ِ‬


‫والقنوط في القرآن ُّ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫اليأس ُ‬
‫والقنوط ��������������������‪514‬‬ ‫ذم‬ ‫ِ‬
‫السلف والعلماء في ِّ‬
‫من أقوال َّ‬
‫ضار ُهما��������������������������������������‪514‬‬ ‫اليأس ُ ِ‬
‫ِ‬
‫والقنوط و َم ُّ‬ ‫آثار‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اليأس ُ‬
‫والقنوط ��������������������������������������������‪515‬‬ ‫ِمن ُص َور‬
‫والقنوط ����������������������������������������������‪515‬‬ ‫ِ‬
‫اليأس ُ‬ ‫أسباب‬
‫ص من اليأس والقنوط������������������������‪516‬‬ ‫الم ِع ُ‬
‫ينة لل َّتخ ُّل ِ‬ ‫الوسائل ُ‬
‫قصص في اليأس ُ‬
‫والقنوط�������������������������������������������‪516‬‬ ‫ٌ‬
‫عر في اليأس ُ‬
‫والقنوط������������������������������������‪517‬‬ ‫ٌ ِ‬
‫كلمات وش ٌ‬
‫الفهرس ���������������������������������������������������������������‪519‬‬

‫‪575‬‬
‫مت الصف واإلخراج يف‬
‫مؤسسة الدرر السنية‬
‫‪nashr@dorar.net‬‬
‫هاتف‪0138680123‬‬
‫فاكس‪0138682848‬‬
‫جوال‪0556980280‬‬

You might also like