You are on page 1of 23

‫جامعة فيالدلفيا‬

‫كلية اآلداب والفنون‬

‫المؤتمر الدولي الثالث عشر لكلية األداب والفنون‬


‫"ثقافة الحب و الكراهية"‬

‫بحث بعنوان‬

‫الرمز في الفن الشعبي التشكيلي بمصر و استخدام رموز الحب و الكراهية‬


‫في تصميم المنسوجات‬

‫مقدم من‬

‫األستاذ الدكتور‪ :‬منى محمد أنور عبد هللا‬


‫أستاذ تصميم المنسوجات بكلية الفنون التطبيقية‬
‫جامعة حلوان ج‪.‬م‪.‬ع‬

‫أكتوبر ‪2008‬‬
‫مدخل‬

‫يعتبر الفن الشعبي حصيلة الثقافة الشعبية المتراكمة على مدى عمر اإلنسانية و ما أنج‪-‬زه الش‪-‬عب‬
‫على مر العصور‪ -،‬و هو يتميز باألصالة التي لها صفة االستمرارية ألنه نتاج لتفاعل الشعب ووحدت‪--‬ه‬
‫و مسايرته للتاريخ على طول و تنوع مظاهر حضارته‪.‬‬
‫إن الق‪--‬ائمين على دراس‪--‬ته الفن الش‪--‬عبي و رم‪--‬وزه و معتقدات‪--‬ه إنم‪--‬ا يقوم‪--‬ون على دراس‪--‬ة ج‪--‬وهر‬
‫اإلنسانية المتكامل الحيوي الناتج من تفاعل الفرد و إطاره اإلجتماعى‪.‬‬
‫الفن الشعبي ليس فن لألميين أو الريفيين من أبناء الشعب‪ ،‬و ليس من إنتاج شخص بعينه أو أناس‬
‫بذاتهم‪ ،‬بل هو من إنتاج أفراد ذائبين في المجتمع يشعرون بكل ما هو كائن ح‪--‬ولهم‪ ،‬ينفعل‪--‬ون بك‪--‬ل م‪--‬ا‬
‫في المجتمع من ثقافة و لغة و فكر و نشاط إنساني‪ ،‬و يخرجون لن‪--‬ا الفن‪--‬ون الش‪--‬عبية ال‪--‬تي تعت‪--‬بر بح‪--‬ق‬
‫مرآة صادقة تعكس صورة هذا المجتمع دون افتعال أو زيف‪،‬هو فن ملك للجماعة و هويت‪--‬ه هي هوي‪--‬ة‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫مفهوم الرمز و أهميته‬ ‫‪.1‬‬

‫هناك تعريفات متعددة توضح مفهوم الرمز منها‪-:‬‬


‫الرمز شكل يدل على شيء ما له وجود قائم بذاته يمثله و يح‪-‬ل محل‪-‬ه أي أن‪-‬ه ش‪-‬كل ي‪-‬دل على‬ ‫‪-‬‬

‫شيء غيره‪.‬‬
‫الرمز يعد أحد صور التمثيل غير المباشر الذي ال يس‪-‬مى الش‪-‬يء باس‪-‬مه‪ ،‬و يس‪-‬تخدم كوس‪-‬يلة‬ ‫‪-‬‬

‫من وسائل التعبير عن طريق اإليحاء بالمعنى المراد عنه (دون أن يفصح عن‪--‬ه) و ه‪--‬و يق‪--‬وم‬
‫(‪)1‬‬
‫بدور التجسيد المادي في حين يكون مغزاه المضمون‬
‫للرمز عالقة بالفكرة التي يعبر عنها و هي عالقة سببية حيث أن الفكرة هي السبب في وجود‬ ‫‪-‬‬

‫الرمز‪ ،‬و هي ما يثيره الرمز في األذهان‪ ،‬فالرمز في حد ذاته ليس له مدلول إن لم يكن هناك‬
‫خلفية شائعة لمفهوم هذا الرمز‬
‫و ترجع أهمية دراسة الرموز‪ -‬إلى معرفة جذور هذة الرموز‪ -‬و معرفة نمط تفكير ش‪--‬عب م‪--‬ا ع‪--‬بر‬
‫الزمن(‪ )2‬ألن اإلنسان ينفرد بقدرته على إدراك الرموز‪ -‬و صياغتها لذا فالس‪--‬لوك الرم‪--‬زي س‪--‬لوك‬
‫إنساني(‪.)3‬‬

‫نشأة الرموز و تطورها‪-:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫من المؤكد أن نشأة الرموز‪ -‬قد بدأت مع نشأة الحضارة و الفن‪ ،‬أي إبان العصور الحجرية المبكرة‬
‫حيث كانت أغلب الجماعات البدائية تعيش على صيد الحيوانات و تتخذ منها طعاما ً و ش‪--‬رابا ً و كس‪--‬ا ًء‬
‫(عصر اإلنسان الصياد)‪ ،‬و قد انعكس ذلك على فنون له‪--‬ا قيمته‪--‬ا الش‪--‬كلية تمت‪-‬از بالحساس‪--‬ية و الدق‪--‬ة‪،‬‬
‫كما ظهرت تخطيطات هندسية بسيطة ترمز‪ -‬إلى الظواهر المحيطة ب‪--‬ه ال‪--‬تي ك‪--‬ونت عقائ‪--‬ده‪ ،‬فق‪--‬د ك‪--‬ان‬
‫يعبد ما يخشاه تارة‪ ،‬و ما يرى فيه منفعتة تارة أخرى كالوعول و الثيران‪...‬و كان يج‪--‬د في تس‪--‬جيلها و‬
‫رسمها على جدران الكهف و سقفه نوعا ً من العبادة‪ ،‬و في ذلك انتصارا و تقربا ً إلى المعب‪--‬ود‪ ،‬و خ‪--‬ير‬
‫دليل على ذلك الكهوف‪ -‬التي كش‪--‬فت في أس‪--‬يا و جن‪--‬وب فرنس‪-‬ا‪ -‬وتوس‪--‬كانيا‪ -،‬و ك‪--‬ذلك في أث‪--‬ار الب‪--‬دارى‬
‫و صحراء الالهون و نقادة و طريق‪ -‬السويس‪ ،‬حيث وجدت سلع يرجع تاريخها‪ -‬إلى العه‪--‬ود‪ -‬الحجري‪--‬ة‬
‫(‪)4‬‬
‫المختلفة‪ ،‬و منها األدوات القاطعة و الفؤوس الحجرية‬
‫فمثال عثر على أواني فخارية من حضارة البدارى و قد زخ‪--‬رفت بخط‪--‬وط‪ -‬هندس‪--‬ية و به‪--‬ا رم‪--‬وز‪-‬‬
‫لحي‪--‬وان في الغ‪--‬الب ف‪--‬رس النه‪--‬ر‪ ،‬و من حض‪--‬ارة نق‪--‬ادة األولى ع‪--‬ثر على أني‪--‬ة فخاري‪--‬ة به‪--‬ا زخ‪--‬ارف‬
‫و صور‪ -‬رجال و رموز حيواني‪--‬ة و طي‪--‬ور مائي‪--‬ة و ق‪--‬وارب‪ ،‬و ق‪--‬د ك‪--‬انت زخ‪--‬ارف نق‪--‬ادة األولى ش‪--‬به‬
‫هندس‪--‬ية حيث ك‪--‬انت العناص‪-‬ر‪ -‬البش‪--‬رية مرس‪--‬ومة بحيث تظه‪--‬ر به‪--‬ا الص‪--‬فات الجوهري‪--‬ة لإلنس‪--‬ان في‬
‫خطوط قليلة و تفاصيل موجزة‪ ،‬كما ك‪-‬ان هن‪-‬اك رس‪-‬وم‪ -‬لعناص‪-‬ر حيواني‪-‬ة و من‪-‬اظر من الطبيع‪-‬ة‪ ،‬أم‪-‬ا‬
‫حضارة نقادة الثانية فكان يندر فيها استعمال األشكال الهندسية و تكثر فيه‪--‬ا ص‪--‬ور الكائن‪--‬ات الطبيعي‪--‬ة‬
‫(‪)5‬‬
‫و لم يعتمد الفنان فيها على الخط المستقيم بل كان يستخدم الخط المموج و الحلزوني‬
‫و من المثير في الرسوم القديمة أنه‪--‬ا تتعم‪--‬د ص‪--‬ياغة األش‪--‬كال في ق‪--‬الب زخ‪--‬رفي هندس‪--‬ي‪ ،‬فق‪--‬د تم‬
‫التعب‪--‬ير عن الطي‪--‬ور‪ -‬و الحيوان‪--‬ات بطريق‪--‬ة مبس‪--‬طة يغلب عليه‪--‬ا الط‪--‬ابع الس‪--‬حري أو الط‪--‬وطمى‪،‬‬
‫و غالبيته‪--‬ا تب‪--‬دو كم‪--‬ا ل‪--‬و ك‪--‬انت مرس‪--‬ومة بواس‪--‬طة أقالم‪ ،‬فهي تعتم‪--‬د على الخط‪--‬وط و قلم‪--‬ا تتخلله‪--‬ا‬
‫مساحات لونية‪ ،‬و قد تم التعبير عن المساحات اللونية بشبكة من الخطوط المتقاطعة‪.‬‬
‫لقد كانت النزعة الزخرفية عند إنسان العصر الحجري تتجلى في زخرف‪--‬ة بعض اآلني‪--‬ة الفخاري‪--‬ة‬
‫بوحدات مثل الخطوط الحلزونية التي يرمز به‪--‬ا إلى ت‪--‬دفق المي‪--‬اه‪ ،‬و الخط‪-‬وط‪ -‬المتعرج‪-‬ة للدالل‪-‬ة على‬
‫سريان الماء‪ ،‬كما رسم نوعا ً من النبات يشبه نبات أم الشعور‪ ،‬يرمز إلى نوع من النبات يج‪--‬دد حيوي‪--‬ة‬
‫اإلنسان‪ ،‬و نراه يرسم‪ -‬المربعات و المثلثات ليعبر عن رموز أخرى ترتبط بالزراع‪--‬ة‪ ....‬و هك‪--‬ذا‪ ،‬أم‪--‬ا‬
‫الحيوانات و الطيور‪ -‬كالتمساح و فرس النهر و البجع فكان تصويرها موجزاً عبارة عن نقوش خطي‪--‬ة‬
‫ذات طابعا ً زخرفياً‪-.‬‬
‫و هذه الرسوم‪ -‬و الرموز‪ -‬التي كانت ترسم‪ -‬على األحجار تارة و الفخار تارة أخ‪--‬رى‪ ،‬نراه‪--‬ا تختفي‬
‫تدريجيا عند بداية عصر األسرات الفرعونية لتتخذ ش‪--‬كالً اص‪-‬طالحيا‪ -‬قلم‪-‬ا تغ‪-‬ير‪ ،‬فكأنم‪-‬ا‪ -‬أص‪-‬بح لك‪-‬ل‬
‫حيوان أو رمز نباتي شكل اصطلح علي‪-‬ه يك‪-‬اد ال يتغ‪-‬ير(‪ ،)6‬فق‪-‬د حلت الطق‪-‬وس الديني‪-‬ة مح‪-‬ل الطق‪-‬وس‬
‫السحرية التي كان يتبعها اإلنسان البدائي‪ ،‬وتظهر التمائم و الرم‪--‬وز‪ -‬المقدس‪--‬ة ليعتم‪--‬د الفن على الفك‪--‬رة‬
‫الدينية و تجسيدها في رموز و زخارف متنوعة حيث أن األصول الرمزية تعتبر األساس عن‪--‬د الفن‪--‬ان‬
‫المصري القديم‪ ،‬فكل رمز له معنى و أس‪--‬طورة له‪--‬ا عالق‪--‬ة بحي‪--‬اة المص‪--‬ري‪ -‬و معتق‪--‬د ينم عن أس‪--‬لوب‬
‫حياة و تكوين شخصي له‪ ،‬فقد كانت الرموز‪ -‬هي حياة المصري بكل ما بها من عل‪--‬وم و فن‪--‬ون و حي‪--‬اه‬
‫و ما بعد الحياة‬
‫ف‪--‬الفن المص‪--‬ري الفرع‪--‬وني فن رم‪--‬زي لك‪--‬ل ش‪--‬يء فاألعم‪--‬دة و تيجانه‪--‬ا و الحوائ‪--‬ط و النواف‪--‬ذ‪-‬‬
‫و البوابات العالية كلها إشكال ذات مغزى تشير إلى موضوعات رمزي‪--‬ة أس‪--‬طورية أيض‪--‬ا ح‪--‬تى قط‪--‬ع‬
‫األثاث كل قطعة لها معنى و محملة بالمعاني‪ -‬الرمزية(‪.)5‬‬
‫إن خير مث‪--‬ال للرمزي‪--‬ة في حي‪--‬اة المص‪--‬ري الق‪--‬ديم ه‪--‬و الكتاب‪--‬ة الهيروغليفي‪--‬ة و حروفه‪--‬ا األبجدي‪--‬ة‬
‫المستمدة من عناصر البيئة سواء كانت أشكال إلنسان أو حيوان أو أدوات يعرفها الناس‪ ،‬و يبل‪--‬غ ع‪--‬دد‬
‫الرس‪--‬وم‪ -‬ال‪--‬تي تكتب به‪--‬ا أك‪--‬ثر من س‪--‬بعمائة ش‪--‬كل من أش‪--‬كال األش‪--‬ياء ال‪--‬تي عرفه‪--‬ا المص‪--‬ري الق‪--‬ديم‪،‬‬
‫و يرجح أن هذه الكتاب‪--‬ة ع‪--‬رفت قب‪--‬ل عص‪--‬ر األس‪--‬رات المص‪--‬رية حيث نج‪--‬د اس‪--‬م المل‪--‬ك مين‪--‬ا مؤس‪--‬س‬
‫األسرة األولى محفوراً على صالبته (صالبة الملك مينا) بحروف‪ -‬من الكتابة الهيروغليفية‪ ،‬كم‪--‬ا ع‪--‬ثر‬
‫على بعض اآلثار ترجع إلى عصر ما قبل األسرات و عليها كتابة هيروغليفية(‪.)7‬‬
‫هذا و ال نجد في مجال الرموز الديني‪--‬ة حض‪--‬ارة ق‪--‬د بلغت من العم‪--‬ق و الق‪--‬وة م‪--‬ا بلغت‪--‬ه الحض‪--‬ارة‬
‫الفرعونية حيث نجد رموزاً ديني‪-‬ة و جنائزي‪-‬ة و م‪-‬ا تش‪-‬مله من ص‪-‬ور‪ -‬لآلله‪-‬ة و مثاليته‪-‬ا ك‪-‬التي تتعل‪-‬ق‬
‫بالحكمة‪ ،‬و العدل‪ ،‬و الخير‪ ،‬و الجمال‪...‬الخ(‪ ،)5‬فنجد من اآلله‪--‬ة من ل‪--‬ه جس‪--‬م إنس‪--‬ان و راس ط‪--‬ائر‪ -‬أو‬
‫راس حي‪--‬وان‪...‬الخ‪ ،‬و ل‪--‬ه من المع‪--‬نى م‪--‬ا اص‪--‬طلحت علي‪--‬ه الجماع‪--‬ة و تناقلت‪--‬ه ع‪--‬بر الحقب الزمني‪--‬ة‬
‫المتتالية‪ ،‬ه‪--‬ذا و نج‪--‬د نم‪--‬اذج من االله‪--‬ة األخ‪--‬رى لطي‪--‬ور‪ -‬و حيوان‪--‬ات و زواح‪--‬ف‪...‬الخ‪ ،‬مس‪--‬توحاة من‬
‫عناصر الطبيعة باإلضافة إلى العناصر النباتية و الشمس و النجوم‪...‬الخ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعصر القبطي فنجد أن تأثير الفن المص‪--‬ري‪ -‬الفرع‪--‬وني ق‪--‬د اس‪--‬تمر لف‪--‬ترة ال ب‪--‬اس به‪--‬ا‬
‫حيث استمد الفن القبطي كثير من الرموز و العناصر الزخرفية الفرعونية حتى تكونت شخصيتة التي‬
‫تتميز بسمات الدين المسيحي‪ ،‬إال أن هناك كثير من العناصر‪ -‬و الرموز‪ -‬الفرعونية ق‪--‬د اس‪--‬تمرت و من‬
‫أبرزها رمز الحياة (عالم‪-‬ة عنخ) الفرعوني‪--‬ة ال‪-‬تي تش‪-‬به الص‪-‬ليب (و لكن الج‪--‬زء العل‪--‬وي منه‪-‬ا يأخ‪-‬ذ‬
‫الشكل البيضاوي)‪ ،‬فنجدها‪ -‬قد حلت محل الصليب في الديانة المسيحية حيث رسم و حولها أول و أخر‬
‫حرف من حروف الكتابة القبطية رم‪--‬زاً للس‪--‬يد المس‪--‬يح‪ ،‬كم‪--‬ا نج‪--‬د ش‪--‬كل حي‪--‬وان األرنب الموج‪--‬ود‪ -‬في‬
‫الكتابة الهيروغليفية و قد استخدم كعنصر زخرفي في زخرفة المنسوجات‪ ،‬و من المؤكد أن له مع‪--‬نى‬
‫رمزي في القطع النسجية‪.‬‬
‫هذا و قد تعرض الفن القبطي لكثير من المؤثرات‪ -‬نتيجة للفتوحات اإلغريقية و الروماني‪--‬ة لمص‪--‬ر‬
‫تارة و للعالقات السياسية و االقتصادية و التجارية للبلدان المجاورة تارة أخرى‪ ،‬فنج‪--‬د هن‪--‬اك رم‪--‬وزاً‬
‫من القص‪--‬ص األس‪--‬طوري‪ -‬لبالد اإلغري‪--‬ق و الروم‪--‬ان‪ ،‬و رم‪--‬وزاً‪ -‬من قص‪--‬ص البطول‪--‬ة و الص‪--‬راع‪،‬‬
‫و نماذج من الحيوان‪--‬ات المجنح‪--‬ة و ط‪--‬ائر الط‪--‬اووس‪ ...‬من الفن الساس‪--‬انى إلى أن تبل‪--‬ورت العناص‪-‬ر‪-‬‬
‫الرمزية للدين المسيحي‪ -‬عند نهاية القرن الرابع و بداي‪--‬ة الخ‪--‬امس الميالدي ‪،‬و من أمثل‪--‬ة تل‪--‬ك الرم‪--‬وز‬
‫الصليب و الحمام و السمك و نب‪--‬ات العنب(‪ ،)8‬و اس‪--‬تخدمت الكتاب‪--‬ة القبطي‪--‬ة في الزخرف‪--‬ة مثلم‪--‬ا ك‪--‬انت‬
‫الكتابة الهيروغليفية‪.‬‬
‫و من المالح‪--‬ظ أن معظم‪ -‬الرم‪--‬وز ال‪--‬تي اس‪--‬تخدمت للكناي‪--‬ة عن الديان‪--‬ة المس‪--‬يحية مرتبط‪--‬ة بالس‪--‬يد‬
‫المسيح‪ ،‬و السيدة الع‪--‬ذراء‪ ،‬و ي‪--‬وم القيام‪--‬ة‪ ،‬و رم‪--‬ز النق‪--‬اء‪ ،‬و رم‪--‬ز الق‪--‬وة‪ ،‬و تض‪--‬حية الس‪--‬يد المس‪--‬يح‪،‬‬
‫و طهر السيدة العذراء‪ ،‬و منها أيض‪--‬ا م‪--‬ا يرم‪--‬ز إلى والتش‪--‬اؤم‪ -‬كط‪--‬ائر الب‪--‬وم‪ ،‬و إلى الش‪--‬ر و الكراهي‪--‬ة‬
‫(‪)5‬‬
‫و الشيطان كالحية‪.‬‬
‫هذا و قد استمر الفن القبطي مزدهرا‪ -‬بعد الفتح العربي لمصر (‪640‬م) قراب‪--‬ة ق‪--‬رنين من الزم‪--‬ان‪،‬‬
‫و كل ما أجراه العرب من تغيير هو منع الرس‪--‬وم الديني‪--‬ة و الرم‪--‬وز‪ -‬المس‪--‬يحية و إبق‪--‬اء م‪--‬ا ع‪--‬دا ذل‪--‬ك‪،‬‬
‫و أض‪--‬افوا من الزخ‪--‬ارف م‪--‬ا يثبت س‪--‬لطانهم‪ -‬على البالد(‪ ،)8‬حيث أض‪--‬افوا‪ -‬الكتاب‪--‬ة العربي‪--‬ة و أن ب‪--‬دت‬
‫مسطحة و غير متقنة في أول األمر نظراً الن القبط لم يكونوا‪ -‬يعرفوا معنى الكلمات العربية آنذاك‪.‬‬
‫و من أهم اآلثار اإلسالمية التي تتضح فيها الرموز هي التي تحمل أشكال الرن‪--‬وك (ش‪--‬ارات ك‪--‬ان‬
‫يس‪--‬تخدمها‪ -‬الممالي‪--‬ك كعالم‪--‬ات مم‪--‬يزة)و هي عب‪--‬ارة عن رس‪--‬م لش‪--‬يء معين ط‪--‬ائر أو حي‪--‬وان أو أداة‬
‫متداولة كالسيف‪ ،‬و الكأس‪ ،‬و الدواة‪ ،‬و عصا البولو‪...‬الخ‪ ،‬و قد يتألف من وحدة واحدة أو وح‪--‬دتين أو‬
‫أكثر‪ ،‬و كانت هذه الشارات توضع على المنازل و القصور و األشياء المصنعة المنسوبة إلى صاحب‬
‫هذا الرنك كالسيوف‪ ،‬و الدروع‪ ،‬و األق‪--‬واس‪ ،‬و المش‪--‬غوالت المعدني‪--‬ة‪ ،...‬و ق‪--‬د وج‪--‬دت مجموع‪--‬ة من‬
‫الرنوك على شكل طيور‪ -‬أو حيوانات مثل األسد الذي اتخذه الس‪--‬لطان الظ‪--‬اهر بي‪-‬برس رنك‪-‬ا ً ل‪-‬ه و ه‪-‬و‬
‫يعبر عما يتصف به األمير من صفات هذا الرمز(‪.)5‬‬
‫هذا و بمكن تصنيف الرموز‪ -‬التي وصلتنا‪ -‬من العصر اإلسالمي إلى ثالثة أنواع رئيسية وهى أم‪--‬ا‬
‫رموز دينية‪ ،‬أو رم‪--‬وز سياس‪--‬ية‪ ،‬أو رم‪--‬وز‪ -‬اجتماعي‪-‬ة‪ ،‬فمن الرم‪--‬وز‪ -‬السياس‪--‬ية ال‪--‬تي اس‪--‬تخدمت ط‪--‬ائر‬
‫الصقر حيث يرى فيه العلماء انه رمز اس‪--‬تعمل للمل‪--‬وك و األم‪--‬راء‪ ،‬و ك‪--‬ذلك رم‪--‬ز األس‪--‬د ال‪--‬ذي يع‪--‬نى‬
‫الق‪------‬وة‪ ،‬و من الرم‪------‬وز‪ -‬االجتماعي‪------‬ة رم‪------‬ز األرنب ال‪------‬ذي ارتب‪------‬ط بالح‪------‬ظ الس‪------‬عيد‪.‬‬
‫وليس مع‪--‬نى أن هن‪--‬اك تص‪--‬نيفا للرم‪--‬وز‪ -‬ان‪--‬ه يوج ‪-‬د‪ -‬انفص‪--‬ال ق‪--‬ائم بينه‪--‬ا إذ يالح‪--‬ظ أن بعض الرم‪--‬وز‬
‫السياسية و االجتماعية منبثقة من مفهوم ديني و ذلك نظراً لسطوة ال‪--‬دين و تمكن‪--‬ه من قل‪--‬وب الن‪--‬اس و‬
‫عقولها(‪.)1‬‬
‫الرمز في الفن الشعبي‪-:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫الرم‪--‬ز من الناحي‪--‬ة الفني‪--‬ة لغ‪--‬ة تش‪--‬كيلية أص‪--‬يلة يس‪--‬تخدمها‪ -‬الفن‪--‬ان الش‪--‬عبي للتعب‪--‬ير عن أحاسيس‪--‬ه‬
‫و أحاسيس أهل بيئته و انفعاالتهم نحو ما يهز مشاعرهم من أحداث أو معتق‪--‬دات أو أفك‪--‬ار(‪ ،)9‬ف‪--‬الرمز‪-‬‬
‫إذا تلخيص بلغة األشكال لفكر و عقيدة الفنان‪ ،‬و تعب‪--‬ير عن أحاسيس‪--‬ه نح‪--‬و بيئت‪--‬ه‪ ،‬و هي ع‪--‬ادة تمث‪--‬ل‬
‫أحاسيس و انفعاالت و أفكار و عقائد ووجهات نظر الجماعة‪.‬‬
‫إن األشكال ال ترتقي إلى رموز‪ -‬إال إذا كانت محملة بالقيم االجتماعي‪--‬ة و الثقافي‪--‬ة و الفكري‪--‬ة للبيئ‪--‬ة‬
‫الن الرمز ليس مجرد شكال في حد ذات‪--‬ه‪ ،‬ب‪--‬ل يتص‪--‬ل بموض‪--‬وع‪ -‬في حي‪--‬اة الفن‪--‬ان الش‪--‬عبي و عادات‪--‬ه و‬
‫تقاليده و مجتمعه‪ ،‬و المجتمع هو الذي يحدد قيمة الرمز و يضفى على األشياء المادي‪--‬ة مع‪--‬نى فتص‪--‬بح‬
‫رموزاً(‪.)10‬‬
‫إذا فالرمز‪ -‬جزء يمثل الكل‪ ،‬والبد إن يحمل الجزء (وهو الرمز) قيم الكل (و هي البيئة) (‪.)9‬‬
‫إن الفنان الشعبي يتجه إلى الرمزية دون تخطيط‪ -‬مسبق‪ ،‬فهو‪ -‬عن‪--‬دما يخت‪--‬ار رم‪--‬زه الف‪--‬ني يق‪--‬وم بعملي‪--‬ة‬
‫تجريد للشكل و يحوله إلى خط ‪ ،‬أو مجموعة من الخطوط‪ ، -‬أو شكل هندسي بسيط‪ ،...‬و عندما ينفع‪--‬ل‬
‫بحادثة معينة أو موقف ما يبتكر شكال يرم‪-‬ز‪ -‬ب‪-‬ه إلى ه‪--‬ذا الموق‪--‬ف و تتع‪--‬ارف علي‪--‬ه الجماع‪-‬ة فيص‪--‬بح‬
‫رمزاً يعيش على مر السنين(‪.)10‬‬

‫الرموز و المعتقدات‪-:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫س‪--‬ارت رم‪--‬وز الفن الش‪--‬عبي و معتقدات‪--‬ه جنب ‪-‬ا ً إلى جنب م‪--‬ع رم‪--‬وز الفن‪--‬ون التاريخي‪--‬ة المختلف‪--‬ة‬
‫و استعارت منها ما استعارته‪ ،‬و احتفظت لنفسها برموزها الخاصة المحملة بالقيم و المعاني‪.‬‬
‫و من الرم‪--‬وز المرتبط‪--‬ة ارتباط‪-‬ا ً وثيق‪-‬ا ً بالمعتق‪--‬دات م‪--‬ا يع‪--‬رف ب‪--‬الرموز‪ -‬الطوطمي‪--‬ة حيث ك‪--‬انت‬
‫تتخذها العشائر في الشعوب البدائية (كما في بعض مناطق من إفريقيا و استراليا) رموزاً‪ -‬و ألقاب‪--‬ا له‪--‬ا‬
‫و لجميع أفرادها و تعتقد إنها تؤلف معه وحدة اجتماعية و تنزله منزلة التقديس‪ ،‬و تقوم جميع عقائدها‬
‫(‪.)11‬‬
‫الدينية و طقوسها على أساس هذا التقديس‬
‫و المعتقدات التي تكمن خلف هذا الطوطم‪ -‬أساطير‪ -‬يرجع بعضها‪ -‬إلى إن أفراد من الطوطم‪ -‬النباتي‬
‫أو الحيواني‪ -‬قد تحولت إلى أناس و انحدرت منهم العش‪--‬يرة‪ ،‬و البعض األخ‪--‬ر ي‪--‬رى عكس ذل‪--‬ك أي أن‬
‫أفراد الطوطم‪ -‬هم الذين كانوا في األصل أن‪-‬اس ثم تح‪-‬ول بعض‪-‬هم إلى حي‪-‬وان أو نب‪-‬ات و بقى بعض‪-‬هم‬
‫(‬
‫محتفظا ً بصورته اإلنسانية‪ ،‬و هذا التحول حدث بصورة تلقائية مثل دودة القز التي تتحول إلى فراشة‬
‫‪.)11‬‬
‫و تتألف الرموز‪ -‬الطوطمية من عدة أنواع‪ ،‬منها ما ينتمي إلى فصائل حيوانية و نباتية كال‪--‬ذئب و‬
‫الثعلب و النمر‪ ،‬و الكنغر و الحمام و الطاووس‪ -‬و فصائل شجر البلوط و الموز و المط‪--‬اط و منه‪--‬ا م‪--‬ا‬
‫يمث‪--‬ل الجم‪--‬اد ك‪--‬النجم‪ ،‬أو مظه‪--‬ر من مظ‪--‬اهر الطبيع‪--‬ة كالس‪--‬ماء‪ ،‬و الش‪--‬مس‪ ،‬و القم‪--‬ر‪ ،‬و الك‪--‬واكب‪،‬‬
‫و الص‪--‬يف‪ ،‬و الخري‪--‬ف‪ ،‬و الس‪--‬حاب‪ ،‬و المط‪--‬ر‪ ،‬و الري‪--‬اح‪ ،‬و الن‪--‬ار‪ ،‬و ال‪--‬دخان‪ ،‬و الم‪--‬اء‪ ،‬و البح‪--‬ار‪،‬‬
‫و أحيانا يك‪--‬ون الرم‪--‬ز عب‪--‬ارة عن أش‪--‬كال هندس‪--‬ية‪ ،‬أو مجموع‪--‬ة خط‪--‬وط ليس فيه‪--‬ا ش‪--‬يء من ص‪--‬ورة‬
‫الطوطم و إنما يصطلح عليها اصطالحا‪ -‬على اتخاذها رمزاً (و يكثر هذا الن‪--‬وع في العش‪--‬ائر‪ -‬المت‪--‬أخرة‬
‫في ميادين الرسم و التصوير كعشائر‪ -‬سكان استراليا األصليين)‪ ،‬و أحيانا أخرى يكون الرم‪--‬ز ص‪--‬ورة‬
‫الطوطم نفسه مرسوما‪ -‬أو مجسما‪ (،‬و يكثر هذا النوع و تدق أشكاله في العشائر التي تقدمت في ميدان‬
‫الرسم و التصوير كعشائر‪ -‬الهنود الحمر) (‪.)11‬‬
‫و هن‪--‬اك رم‪--‬وز م‪--‬أخوذة من الرم‪--‬وز الهيروغليفي‪--‬ة ك‪--‬ان المص‪--‬ريون يص‪--‬نعون منه‪--‬ا األحجي‪--‬ة‬
‫و التعاويذ‪ -‬ال‪-‬تي ك‪-‬انوا يلبس‪-‬ونها‪ -،‬و يعتق‪-‬دون بأنه‪-‬ا ذات ق‪-‬وة س‪-‬حرية يمكن إن تحميهم من المخلوق‪-‬ات‪-‬‬
‫الخط‪--‬يرة كالتماس‪--‬يح‪ ،‬و الثع‪--‬ابين‪ ،‬و العق‪--‬ارب‪ ،‬و يمكن إن تقيهم ش‪--‬ر التقلب‪--‬ات الجوي‪--‬ة كالعواص ‪-‬ف‪-‬‬
‫و الفيضانات‪ ،‬و تجنبهم الحوادث و األمراض و الجوع‪ ،...‬مثال ذل‪--‬ك عالم‪--‬ة عين (أوج‪--‬ات) أي عين‬
‫حورس الواقية و هي مزيج من عين الحور و عين اإلنسان‪ ،‬و توج‪--‬د تحت ه‪--‬ذه العين ريش‪--‬ة س‪--‬وداء‪.‬‬
‫و هذه التعويذة كانت تستعمل للوقاية من الظلم و من أي ضرر أو خس‪--‬ارة يمكن إن تص‪--‬يب اإلنس‪--‬ان‪،‬‬
‫(شكل ‪ ،)1‬و يستخدم شكل عين اإلنس‪--‬ان في الفن الش‪--‬عبي للوقاي‪--‬ة من عين الحس‪--‬ود و العين الش‪--‬ريرة‬
‫التي تسبب األذى و الضرر‬

‫شكل ‪ – 1‬رمز عين أوجات – من الكتابة الهيروغليفية‬


‫وأيضا من األمثلة المأخوذة من الرموز‪ -‬الهيروغليفية عالمة عنخ وتعنى الحي‪--‬اة‪،‬وهى تعوي‪--‬ذة له‪--‬ا‬
‫قوة سحرية في جلب الحظ والبهجة في الحياتين ال‪--‬دنيا واآلخ‪--‬رة ‪،‬وق‪--‬د اس‪--‬تخدمت كرم‪-‬ز‪ -‬للص‪--‬ليب في‬
‫بداية العصر القبطي للداللة على الدين المسيحي‪( -‬شكل ‪.)2‬‬

‫شكل ‪ – 2‬عالمة عنخ (مفتاح الحياة) – رمز الحياة من الكتابة الهيروغليفية‬

‫كما توجد عالمة على شكل يد اإلنسان في الرموز الهيروغليفية‪،‬حيث كانوا يعتقدون إنها تساعد‬
‫على تجميع جسم اإلنسان بعد موته لتعمل في الحياة األخرى‪ ،‬و م‪-‬ا زالت تس‪-‬تعمل ح‪-‬تى الي‪-‬وم كرم‪-‬ز‬
‫(‪.)7‬‬ ‫لصد عين الحسود (خمسة و خميسة) ممثلة في الكف الشعبي (شكل‪ 3‬أ‪ ،‬ب)‬

‫(ب)‬ ‫(أ)‬

‫شكل ‪ 3‬أ – يوضح رمز اليد في الكتابة الهيروغليفية‬


‫شكل ‪3‬ب – يوضح رمز الكف في الفن الشعبي‬
‫و من الرموز التي كانت موجودة منذ العصر الفرع‪-‬وني التمس‪-‬اح‪،‬و ك‪-‬انوا يخافون‪-‬ه و يقدس‪-‬ونه اتق‪-‬اء‬
‫شره‪ ،‬حيث كانوا يعتقدون إن قوته تطرد األرواح الشريرة‪،‬و قد بقي هذا االعتق‪--‬اد س‪--‬ائدا ح‪--‬تى اآلن ف‪--‬نرى‬
‫نماذج لتماسيح معلقة على أبواب المنازل و الحوانيت و خاصة في بالد النوبة (شكل ‪.)12( )4‬‬

‫شكل ‪ – 4‬يوضح رمز التمساح في الفن الشعبي‬

‫و هناك رموز ش‪--‬اع اس‪--‬تخدامها في العص‪--‬ر القبطي و اإلس‪-‬المي‪ -‬و م‪--‬ازالت مس‪--‬تخدمة ح‪--‬تى اآلن‬
‫كالديك الذي يرمز إلى السهر و اليقظة و اآلالم السيد المس‪--‬يح في العص‪--‬ر القبطي(‪ ،)5‬بينم‪--‬ا يرم‪--‬ز إلى‬
‫األذان و بخاصة أذان الفجر في العصر اإلسالمي‪ ،‬و هناك ربط بين عرائس الجوامع و عرف الديك‪،‬‬
‫و يرون إن هذه العرائس أعلى المسجد تشير إلى السمو الذي يلجأ له الديك بأعلى مكان حينما يريد إن‬
‫يرتل صياحه كالمؤذن(‪ ،)1‬و نجد إن الديك في الفن الشعبي له مدلول رمزي لدى البدو فه‪--‬و يرم‪--‬ز إلى‬
‫بزوغ الفجر و إشراقة الصباح‪ ،‬كم‪--‬ا يرم‪-‬ز‪ -‬إلى الرجول‪--‬ة و يرم‪--‬ز أيض‪--‬ا إلى الس‪--‬خاء و الك‪--‬رم و ذل‪--‬ك‬
‫(‪)13‬‬
‫لنقرة الحبوب ألنثاه (شكل ‪.)5‬‬

‫شكل ‪ – 5‬يوضح رمز الديك في الفن الشعبي‬


‫الرمز في التصوير الشعبي‬ ‫‪.5‬‬

‫الرمز من أهم عناصر التصوير و الرسوم‪ -‬الشعبية فهو موج‪--‬ود‪ -‬في مض‪--‬مون اللوح‪--‬ة‪ ،‬فن‪--‬ادراً‪ -‬م‪--‬ا‬
‫يكون عمالً تشكيليا شعبيا ً إال و الرمز متمثال في‪--‬ه يقرب‪--‬ه إلى ذوق العام‪--‬ة‪ ،‬و الص‪--‬ورة في التص‪--‬وير‪ -‬و‬
‫رسوم القصص الشعبي تمثل نص معروف يردده العامة و يحفظه الناس‪،‬ليس فقط تمجي‪--‬داً لألبط‪--‬ال و‬
‫لكن تمسكا ً بالمبادئ التي يتحلون بها و دفعها إلى االستمرار‪ ،‬كالمبادئ التي تهتم باألخالق الحمي‪--‬دة‪،‬و‬
‫الفروسية‪،‬و البطولة‪،‬و الكرم‪،‬و حسن الضيافة‪،‬و حب الخير‪،‬و مقاومة الشر‪،‬و السعي وراء العدالة‪،‬‬
‫و نجد أن موضوعات التصوير الشعبي تنقسم إلى اربعة اقسام أساسية هي‪:‬‬
‫رسوم موضوعات السير الشعبية مثل قصص عنترة‪ ،‬و الزير سالم‪ ،‬و بنى هالل‪..‬الخ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫رسوم الموضوعات الدينية التي ترتب‪-‬ط‪ -‬بالديان‪--‬ة اإلس‪--‬المية و المس‪--‬يحية مث‪--‬ل قص‪--‬ص الق‪--‬ران ‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫موضوعات الحج‪ ،‬قصص األنبياء و الص‪--‬الحين‪ ،‬قص‪--‬ة ادم و ح‪--‬واء و الش‪--‬يطان‪ ،‬إال أن موض‪--‬وعات‬
‫الديانة المسيحية تعتبر محدودة للغاية متمثلة في السيد المس‪--‬يح و الس‪--‬يدة الع‪--‬ذراء (بع‪--‬د انتش‪--‬ار الديان‪--‬ة‬
‫اإلسالمية)‬
‫و‬ ‫‪.3‬رسوم‪ -‬الموضوعات األسطورية (الميثولوجيا) و هي رس‪--‬وم مرتبط‪--‬ة بع‪--‬الم الغيب و ال‪--‬روح‬
‫الجن و الشياطين و دورهم‪ -‬في حياة الناس على األرض‪ ،‬و المالئكة و دورها في حياة األنبي‪--‬اء (و ل‪--‬و‬
‫أن المضمون في األساطير‪ -‬الشعبية اختلف عما كان موجودا في أساطير‪ -‬ما قبل الديانات الس‪--‬ماوية إال‬
‫أن هناك بعض األساطير‪ -‬الخرافية و المعتقدات التي لم يتم التخلص منها)‬
‫رسوم الموضوعان التاريخية‪ ،‬مثل تلك ال‪--‬تي تص‪--‬ور البط‪--‬والت‪ ،‬و الفتوح‪--‬ات‪ ،‬و أمج‪--‬اد الق‪--‬ادة‬ ‫‪.4‬‬
‫المسلمون(‪.)14‬‬
‫و من المالحظ في هذه الرسوم االستعانة ببعض الكتابات التي توض‪--‬ح أس‪--‬ماء األش‪--‬خاص أو تس‪--‬تكمل‬
‫باقي أجزاء القصة‪.‬‬

‫خصائص رموز الفن الشعبي‪-:‬‬ ‫‪.6‬‬

‫بما أن رموز الفن الشعبي من ابتكار‪ -‬فنان يميل إلى الفطرة ‪،‬بعيد عن الدراس‪--‬ة األكاديمي‪--‬ة و يق‪--‬وم‬
‫بتسجيل عناصره و أشكاله الممتزجة بمشاعره ووجدانه يعبر فيها عن مشاعر ووجدان الجماعة ال‪--‬تي‬
‫يشاركها أفراحها‪ -‬و أحزانها و ردود أفعالها حيال أمور و مناحي الحي‪--‬اة‪ ،‬ل‪--‬ذا س‪--‬نجد أن كث‪--‬ير من ه‪--‬ذه‬
‫الرموز تشترك‪ -‬أحيانا في خصائصها مع فنون اإلنسان البدائي و في أحيان أخرى تش‪--‬ترك م‪--‬ع رس‪--‬وم‬
‫األطفال‪ ،‬و من هذه الخصائص‪:‬‬
‫وجود بعض المالمح السحرية و العقائدية التي تحكم التعبير‬ ‫‪.1‬‬
‫البساطة و االختزال و النزعة الزخرفية‬ ‫‪.2‬‬
‫التأثر الواضح بالتراث القديم و السير الشعبية التي تتضح في لغة األشكال‬ ‫‪.3‬‬
‫التسطيح و الرؤية الممتزجة بالخيال و النظر إلى مكنونات األشياء(‪.)4‬‬ ‫‪.4‬‬
‫االنطالقة في التعبير‪ -‬و البعد عن الرسوم المقننة للفنون األكاديمية‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫شيوع الوحدات الهندسية و النزعة التجريدية الهندسية النابعة من البيئة(‪.)9‬‬ ‫‪.6‬‬
‫التحريف في بعض األشكال أما بالتكبير‪ -‬أو التض‪--‬خيم أو التص‪--‬غير أو الح‪--‬ذف من اج‪--‬ل إكس‪--‬اب‬ ‫‪.7‬‬
‫األشكال معاني تستثير الوجدان(‪.)3‬‬
‫التأثر بالبيئة بمفهوم العين المجردة غير الناقلة‬ ‫‪.8‬‬

‫رموز الحب و الكراهية في الفن الشعبي التشكيلي‪:‬‬ ‫‪.7‬‬

‫هناك الكثير من الرموز التي رسمها الفنان الشعبي للتعبير عن معاني إنس‪--‬انية معين‪--‬ة أو قيم‪--‬ة من‬
‫القيم األخالقية سواء االيجابية منها كمعاني‪ -‬الحب‪،‬و الخير‪،‬و الشهامة‪،‬و البطولة‪،...‬أو السلبية كمع‪--‬اني‬
‫الكراهية‪،‬أو الحقد‪،‬أو الشر‪...‬الخ‪.‬‬
‫و نجد أن كثير من الرموز‪ -‬ذات المعاني االيجابية يقابلها القليل من الرموز‪ -‬ذات المع‪--‬اني الس‪--‬لبية‪،‬‬
‫كما نجد أن الفنان الشعبي كان يرسم الرموز‪ -‬التي تمث‪--‬ل الش‪--‬ر اتق‪--‬اء لش‪--‬رها (هي معتق‪--‬دات اق‪--‬رب إلى‬
‫السحر و الوثنية عنه‪--‬ا إلى ال‪--‬ديانات الس‪--‬ماوية ال‪--‬تي وهبن‪--‬ا هللا إياه‪--‬ا لنهت‪--‬دي به‪--‬ا‪ ،‬ف‪--‬رغم ق‪--‬وة األدي‪--‬ان‬
‫السماوية و وضوحها إال أن هناك بعض المعتقدات لم يستطع الفنان الشعبي أن يتخلص منها)‬
‫و الحب من المعاني االيجابية ذات التأثير البناء‪،‬و دائما ما يرتب‪--‬ط بحب الخ‪--‬ير‪،‬و الرعاي‪--‬ة‪،‬و دف‪--‬ع‬
‫البالء‪،‬و الحماية‪،‬و نصرة الحق‪،‬و التف‪-‬اؤل‪،‬و ك‪-‬ل م‪-‬ا يحق‪-‬ق الخ‪-‬ير للمجتم‪-‬ع و البش‪-‬رية‪ ،‬بينم‪-‬ا ترتب‪-‬ط‪-‬‬
‫الكراهية بالشر‪،‬و الحقد‪،‬و األذى‪،‬و جلب الشقاء‪،‬و مواقف العداء‪.‬‬
‫و هناك من الرموز الشعبية ما يعبر مباشرة عن معاني الحب‪،‬مثل القلب الذي يعتبر رم‪-‬ز المحب‪--‬ة‬
‫العتقاد الناس بأنه موضع الحب‪ ،‬و كثيرا ما ن‪--‬راه مرس‪--‬وما‪ -‬على العرب‪--‬ات و الم‪--‬راجيح س‪--‬واء بش‪--‬كله‬
‫البسيط أو مرشوقا بالسهم‪( -‬شكل ‪)6‬‬
‫شكل ‪ – 6‬رمز القلب في الفن الشعبي‬

‫و من رموز‪ -‬الحب التي نجدها في الفن الشعبي‪ ،‬رمز الحمام‪--‬ة فهي رم‪--‬ز ع‪--‬المي للحب و الس‪--‬الم‬
‫(شكل ‪.)7‬‬

‫شكل ‪ – 7‬رمز الحمامة في الفن الشعبي‬

‫و اليمامة تعتبر‪ -‬أيضا من رموز الحب و السالم‪ ،‬فاليمامة هنا ترتبط‪ -‬بقصة سيدنا‪ -‬نوح عليه السالم‬
‫عندما أرسل الغ‪--‬راب وقت الطوف‪--‬ان للبحث عن ب‪--‬ر األم‪--‬ان و لكن‪--‬ه ط‪--‬ار و لم يع‪--‬د‪ ،‬ثم أرس‪--‬ل اليمام‪--‬ة‬
‫فعادت تحمل في منقارها غصن الزيت‪--‬ون‪ ،‬عندئ‪--‬ذ أدرك س‪--‬يدنا ن‪--‬وح أن الماء ق‪--‬د انحس‪--‬ر و أن ش‪--‬اطئ‬
‫السالم بات قريبا‪ ،‬كما يقال أن سيدنا محمد صلى هللا عليه و سلم دعا لهذا الطائر‪ -‬فمنح‪--‬ه هللا البرك ‪-‬ة و‬
‫أصبح بعد ذلك رمزا للمحبة و السالم (شكل ‪.)8‬‬
‫شكل ‪ - 8‬رمز اليمامة في الفن الشعبي‬

‫و من رموز‪ -‬الحب و المودة و الفرح و السرور‪ ،‬الزهور و باق‪--‬ات ال‪--‬ورود‪،‬و نج‪--‬دها على أش‪--‬كال‬
‫كثيرة سواء كانت منفردة‪،‬أو داخل أصيص أو مزهري‪--‬ة‪،‬أو مقترن‪--‬ة برس‪--‬وم‪ -‬لفتي‪--‬ات‪ ،‬أو مقترن‪--‬ة برس‪--‬م‬
‫لسمكتين متقابلتين‪،‬أو برسم طائرين متقابلين (شكل ‪)9‬‬

‫شكل ‪ – 9‬نماذج مختلفة من الزهور رمز المحبة و المودة‬

‫أم‪-‬ا العص‪-‬فور األخض‪-‬ر‪ -‬ال‪-‬ذي ن‪-‬راه في الرس‪-‬وم‪ -‬الش‪-‬عبية فالن‪-‬اس تتف‪-‬اءل ب‪-‬ه وتعت‪-‬بره رم‪-‬زا للف‪-‬أل‬
‫الحسن‪ ،‬و ذلك يرجع إلى أسطورة إي‪--‬زيس و أوزوريس‪ -‬المص‪--‬رية القديم‪--‬ة‪،‬و هي أس‪--‬طورة تع‪--‬بر عن‬
‫الحياة و تفس‪--‬ير لب‪--‬دء الخليق‪--‬ة‪ ،‬و العص‪--‬فور هن‪--‬ا يرم‪--‬ز إلى الخ‪--‬ير و الحب (حب إي‪--‬زيس ألوزوريس)‪-‬‬
‫(شكل ‪.)13( )10‬‬

‫شكل ‪ – 10‬نماذج مختلفة من العصافير رمز الحب و الخير و الفأل الحسن‬


‫و من القصص الشعبي نجد أن قصة عنتروعبلة من السير الشعبية التي يظهر من خاللها المعان‪--‬اة‬
‫التي عاناها أبو الفوارس عنتر حتى يستطيع أن يتزوج محبوبته و ابنه عم‪--‬ه عبل‪--‬ة‪ ،‬و توج‪--‬د كث‪--‬ير من‬
‫الصور التي تمثل هذه القصة (من قصص الحب الشعبية)‪.‬‬
‫أما بالنسبة لرسوم الفتيات فنجد أن هناك كثير من الصور‪ -‬و الرسوم‪ -‬الشعبية التي تظهر‪ -‬بها الفت‪--‬اه‬
‫أو المرأة (و هي منتشرة أكثر في الوش‪--‬م الش‪--‬عبي) بأوض‪--‬اع مختلف‪--‬ة‪ ،‬س‪--‬واء و هي ممس‪--‬كة بس‪--‬يف أو‬
‫سيفين‪ ،‬اوثعبان‪ ،‬أو زهور‪ ،‬أو اسماك‪ ،‬أو عصفور‪ ،‬أو أباريق‪ ،‬أو ممتطي‪--‬ة غ‪--‬زال‪ ،‬أو تق‪--‬ف م‪--‬ع ف‪--‬تى‬
‫أحالمها‪ ،‬و ك‪-‬ثرة وج‪--‬ود رس‪--‬وم الفتي‪--‬ات في الوش‪-‬م‪ -‬الش‪-‬عبي ي‪--‬دل على منزلته‪-‬ا‪ -‬في قلب الرج‪-‬ل وحب‪-‬ة‬
‫(‪)13‬‬
‫الشديد لها (شكل‪)11‬‬

‫شكل ‪ – 11‬نماذج من صور‪ -‬الفتاه في الوشم الشعبي‬

‫أما مشاعر الكراهية في رسوم الفن الشعبي و رموزه فنجدها‪ -‬تظه‪--‬ر من خالل قص‪--‬ة ادم و ح‪--‬واء‬
‫(و هي من القصص الديني) عندما اعد إبليس خطة لخروجهم‪-‬ا من الجن‪--‬ة و س‪--‬اعدته األفعى في تنفي‪--‬ذ‬
‫الخطة(‪ ،)14‬لذا فيعتبر الشيطان و األفعى هما مثال للكراهية في رموز‪ -‬الفن الشعبي‪ ،‬و أحيانا يشار إلى‬
‫أن األفعى‪( -‬أو الحية) هي رمز للشيطان و الشر و العداوة و الكراهية‪،‬حيث هن‪--‬اك حكاي‪--‬ات تش‪--‬ير‪ -‬إلى‬
‫توحد الشيطان و األفعى إلغواء ادم و حواء باألكل من الشجرة المحرمة عندما تسلل إبليس إلى الجنة‬
‫داخل أفعى‪ ،‬و على هذا فاألفعى‪ -‬و الشيطان وجهان لعملة واحدة‪ ،‬و الفنان الشعبي رسم هذا الرمز في‬
‫مواجهه مع اإلبطال‪،‬و األسود‪،‬و‪ -‬النس‪--‬ور‪،‬و‪ -‬يظه‪--‬ره دائم‪--‬ا مهزوما‪ ،)13(-‬و أحيان‪--‬ا يص‪--‬وره منف‪--‬ردا على‬
‫شكل خط حل‪--‬زوني ل‪--‬ه راس و ذي‪--‬ل‪ ،‬أو يرس‪--‬مه مض‪--‬فورا ح‪--‬ول نفس‪--‬ه (ش‪--‬كل ‪( )12‬على ال‪--‬رغم مم‪--‬ا‬
‫تتصف به األفعى من شر إال أنها كانت مقدسة في الحضارة الفرعونية)‪.‬‬
‫شكل ‪ – 12‬رمز األفعى (الحية) في الفن الشعبي‬

‫و من رموز‪ -‬الكراهية والشر أيضا العقرب ألنها دائما ما تس‪--‬بب األذى و الض‪--‬رر لإلنس‪--‬ان‪،‬و ه‪--‬و‬
‫في الديانة المسيحية رمز للغدر و الخيانة‪ ،‬و قد صورها الفنان الشعبي على مداخل و حوائط المن‪--‬ازل‬
‫اتقاء لش‪-‬رها و خوف‪-‬ا من ض‪-‬ررها‪ ،‬و أحيان‪-‬ا ترس‪-‬م لتخوي‪-‬ف ال‪-‬داخل أو للفت نظ‪-‬ره اتق‪-‬اء لش‪-‬ر العين‬
‫الحاسدة (شكل ‪)13‬‬

‫شكل ‪ – 13‬رمز العقرب في الفن الشعبي‬

‫و التمساح يعتبر صورة من صور الكراهية والشر‪ -‬في رسوم و رم‪--‬وز‪ -‬الفن الش‪--‬عبي نظ‪--‬را لقوت‪--‬ه‬
‫المهلكة و شراسته تجاه الكائنات‪ ،‬و يرسمونه اتقاء لشره‪ ،‬و يرسمه الفن‪--‬ان الش‪--‬عبي مبس‪--‬طا خ‪--‬الي من‬
‫التفاصيل‪ ،‬و يستخدم كتعويذه ضد العين الحاسدة ليبعدها عما بداخل المنزل (أحيانا يرم ‪-‬ز‪ -‬إلي‪--‬ه ب‪--‬القوة‬
‫والخصب ) (شكل ‪)4‬‬
‫و من رموز‪ -‬الكراهية والشر لإلنسان‪ ،‬الجن‪ ،‬و يفترض المعتقد الشعبي أن الج‪--‬ان اس‪--‬بق خلق‪--‬ا من‬
‫بنى ادم‪ ،‬و إنها كانت كائنات وسطي بين اإلنسان و المالئكة‪ ،‬وهي تستطيع أن تتشكل بأشكال أدمية و‬
‫حيوانية‪ ،‬و يسود االعتق‪--‬اد بأنه‪--‬ا تس‪--‬كن األم‪--‬اكن المهج‪--‬ورة كالص‪--‬حراء و ال‪--‬بيوت المهدم‪--‬ة‪ ،‬و الفن‪--‬ان‬
‫الش‪--‬عبي س‪--‬مع كث‪--‬ير من قص‪--‬ص الج‪--‬ان و األس‪--‬اطير‪ -‬الخرافي‪--‬ة عن قواه‪--‬ا الخارق‪--‬ة في تحقي‪--‬ق األذى‬
‫و رسمها‪ -‬على شكل إنسان له قرون‪ ،‬و ينتهي بذيل كالحيوان‪ ،‬و بالطبع فان الفنان الشعبي يخاف مث‪--‬ل‬
‫هذه الكائن‪-‬ات بس‪-‬بب ش‪-‬رها و مهاجمته‪-‬ا لإلنس‪-‬ان و أفعاله‪-‬ا الض‪-‬ارة الش‪-‬ريرة‪ ،‬و غالب‪-‬ا م‪-‬ا يص‪-‬ورها‬
‫(‪)13‬‬
‫مهزومة مضرجة بالدماء تعبيرا عن انهزام الشر و العدوان (شكل ‪)14‬‬

‫شكل ‪ – 14‬رمز الجن في الفن الشعبي‬

‫و من المالحظ أن الفنان الشعبي كان دائما يبرز عنصر الس‪--‬يف كرم‪--‬ز من رم‪--‬وز‪ -‬محارب‪--‬ة الش‪--‬ر‬
‫و قد صوره في رس‪--‬وم‪ -‬كث‪--‬يرة لمواجه‪--‬ة الش‪--‬ياطين و األش‪--‬رار‪،‬و‪ -‬يك‪--‬ثر اس‪--‬تخدامه في رس‪--‬وم قص‪--‬ص‬
‫البطولة و السير و المالحم‪.‬‬
‫و من خالل ما سبق يتضح أن الفنان الشعبي على مر العصور يميل بطبيعت‪--‬ه إلى المع‪--‬اني النبيل‪--‬ة‬
‫من حب و خير و عطاء و سالم ووئام و صدق ووفاء‪،‬و يتمنى أن يعيش محفوفا‪ -‬به‪--‬ا‪ ،‬و يبغض الش‪--‬ر‬
‫و األذى و الضرر و المعاني المرتبطة بكراهي‪--‬ة اآلخ‪--‬رين‪ ،‬و ظ‪--‬ل على م‪--‬دى س‪--‬نوات عم‪--‬ره و عم‪--‬ر‬
‫اإلنسانية يرمز‪ -‬لهذه المعاني برموز مختلفة‪ ،‬و من المؤكد أن ثقاف‪--‬ة الحب و المع‪--‬اني اإلنس‪--‬انية النبيل‪--‬ة‬
‫هي حلم كل منا و سنظل نبحث عنها و ندعمها ابدآ ما حيينا‪.‬‬

‫الرموز في تصميم المنسوجات‪-:‬‬ ‫‪.8‬‬

‫كثير من الوحدات الزخرفية التي يستخدمها المصمم‪ -‬اآلن في تص‪--‬ميم المنس‪--‬وجات هي في الواق‪--‬ع‬
‫مستمدة من تراث متراكم على مدى عمر اإلنسانية‪ ،‬و هناك من يعتقد بان الوح‪--‬دات الزخرفي‪--‬ة نش‪--‬أت‬
‫خطوة بخطوة مع الحرف بغرض ال‪-‬تزيين و ت‪-‬درجت إلى وح‪-‬دات زخرفي‪-‬ة أولي‪-‬ة‪ ،‬كم‪-‬ا أن هن‪-‬اك من‬
‫يؤكد أن نشأتها‪ -‬بدأت مع الرموز العقائدية‪ ،‬و أيا كان فكالهما يستخدم اآلن في تصميم‪ -‬المنسوجات مع‬
‫مالحظ‪--‬ة أن طبيع‪--‬ة المنتج تف‪--‬رض على المص‪--‬مم اخ‪--‬تزال بعض األش‪--‬كال و تطويره‪--‬ا م‪--‬ع االحتف‪--‬اظ‬
‫بمالمحها األساسية‪.‬‬
‫و إذا أردنا تتبع استخدام الرموز‪ -‬في تصميم المنسوجات نجدها في قميص الملك ت‪--‬وت عنخ آم‪--‬ون‬
‫ب‪-‬المتحف‪ -‬المص‪-‬ري بالق‪--‬اهرة و ق‪-‬د زخ‪-‬رفت‪ -‬رقبت‪-‬ه بش‪-‬كل مفت‪-‬اح الحي‪-‬اة (عنخ)‪،‬كم‪--‬ا توج‪--‬د كث‪-‬ير من‬
‫العناصر النباتية و الهندسية بالقميص‪ ،‬و نجد أيضا الزخارف‪ -‬الهندسية البسيطة من خطوط منكسرة و‬
‫مربعات و معينات في فوطة وبرية بنفس المتحف‪ ،‬و نجد الرموز‪ -‬الهيروغليفية في قطعة نسيج تحمل‬
‫اسم الملك امنحتب الرابع داخل خرطوش‪ -‬في المتحف المصري‪ -‬بالقاهرة‬
‫هذا و هناك الكثير من الرموز التي استخدمت بالحضارات المصرية المتتالية و ما زالت تس‪--‬تخدم‬
‫حتى اآلن في زخرفة أقمشة المفروشات‪ -‬و السجاد و الكليم و المعلقات مثل زهرة الل‪--‬وتس‪،‬و الخط‪-‬وط‪-‬‬
‫المنكسرة‪،‬و األشكال الهندسية المعقدة (كالشبكيات الهندسية اإلسالمية)‪،‬و الكتابات العربية‪،‬و العناصر‪-‬‬
‫الحيوانية و الطيور المحورة و المجردة‪...‬‬
‫أما بالنسبة للتصميم المعاصر فانه يتم استخدام‪ -‬كثير من الرموز‪ -‬مع صبغها بطابع حديث‪ ،‬محوره‬
‫أحيانا بشكل يتالءم و متطلبات العصر مع االحتف‪-‬اظ بس‪-‬ماتها‪ -‬األساس‪-‬ية‪ ،‬أو بتنميقه‪-‬ا و اإلض‪-‬افة إليه‪-‬ا‬
‫(حس‪--‬ب الغ‪--‬رض ال‪--‬وظيفي للمنتج النس‪--‬جي) في أحي‪--‬ان أخ‪--‬رى‪ ،‬و ذل‪--‬ك به‪--‬دف الوص‪--‬ول إلى ابتك‪--‬ار‬
‫تصميمات تتميز باألصالة و المعاصرة تحمل فكر و سمات الفنان المصري‪ -‬و ثقافت‪--‬ه‪ ،‬و يتض‪--‬ح منه‪--‬ا‬
‫مدى تفاعله داخل مجتمعه و مدى تأثره بتراثه‪ ،‬و كيف سيؤثر‪ -‬في هذا التراث‪.‬‬

‫تصميمات البحث‪-:‬‬ ‫‪.9‬‬

‫التصميم األول‪:‬‬
‫تصميم لمعلق نسجى به رموز تحمل معاني الحب والخير‪ -‬مثل القلب‪ ،‬ومزهرية الورد‪، -‬وأنصاف‬
‫األوراق النباتية ذات اللون األصفر المضئ ‪،‬وبالتصميم أيضا رمز للكراهي ة والشر وهو الثعبان الذي‬
‫يأخذ اللون األصفر واألحمر‪،‬ويحتل مساحتين متجاورتين بحيث يتبادل لونه في ك‪-‬ل مس‪--‬احه م‪--‬ع ل‪-‬ون‬
‫المساحة المجاورة لها ‪.‬‬
‫واأللوان المستخدمة في التصميم لها معاني رمزيه في الفن الش‪--‬عبي‪ ،‬حيث يع‪--‬بر الل‪--‬ون األخض‪-‬ر‪-‬‬
‫عن الجنة كما ورد في القرآن الكريم ‪،‬ويعبر اللون األحم‪--‬ر عن‪،‬ال‪--‬دم‪ ،‬والن‪--‬ار‪ ،‬والجن‪ ،‬والحب أيض‪--‬ا‪،‬‬
‫أم‪--‬ا الل‪--‬ون األص‪--‬فر( الليم‪--‬وني من‪--‬ة يع‪--‬بر عن الخبث والم‪--‬رض)‪ ،‬بينم‪--‬ا الل‪--‬ون األص‪--‬فر المائ‪--‬ل إلى‬
‫اآلحمريعبر‪ -‬عن الدفء‪ ،‬وقد تم في التصميم‪ -‬تب‪-‬ادل أل‪-‬وان الش‪-‬كل واألرض‪-‬ية في كث‪--‬ير من المس‪--‬احات‬
‫للدالل‪---‬ة على تس‪---‬اويها في األهمي‪---‬ة‪ ،‬ويمكن تنفي‪---‬ذ ه‪---‬ذا التص‪---‬ميم بأس‪---‬لوب ال‪---‬وبره الي‪---‬دوي ‪Hand‬‬
‫‪،Tufting‬أو أسلوب السجاد اليدوي المعقود ‪،‬أو أسلوب السجاد الميكانيكي‪. -‬‬

‫التصميم األول‬

‫التصميم الثاني‬
‫تصميم لس‪--‬جادة ‪،‬وه‪--‬و نفس التص‪--‬ميم األول م‪--‬ع تغي‪--‬ير بعض العناص‪-‬ر‪، -‬حيث تم تش‪--‬كيل عنص‪--‬ر‬
‫القلب على هيئة طائر ل‪-‬ه رأس وجس‪-‬م‪ -‬ب‪-‬اللون األخض‪--‬ر وجناح‪--‬ان ب‪-‬اللون األص‪-‬فر‪ ،‬وتم توزي‪-‬ع ه‪--‬ذا‬
‫القلب على شكل كنار زخرفي حول السجادة ‪،‬وقد احتل اللون األحمر مساحه كبيرة في التصميم‪. -‬‬
‫يمكن تنفيذ هذا التصميم بأسلوب الوبر ه اليدوي‪ ،‬وأسلوب السجاد اليدوي المعقود أو الميكانيكي‪. -‬‬

‫التصميم الثاني‬
‫التصميم الثالث‬
‫تصميم لمعلق نسجى به رمز العقرب والحية وهى رم‪-‬وز‪ -‬للكراهي‪-‬ة والش‪-‬ر نظ‪--‬را لم‪-‬ا تس‪-‬ببة من‬
‫ضرر وأذى ‪،‬ويتضح في التصميم الصراع بين الكراهية والشر الممثل‪--‬ة في العق‪--‬رب والحي‪--‬ات وب‪--‬بين‬
‫الطبيعة والبيئة ال‪--‬تي تمث‪--‬ل ق‪--‬وى الحب والخ‪--‬ير‪ ،‬وق‪--‬د تم اس‪--‬تخدام اللون األخض‪-‬ر‪ -‬في خلفي‪--‬ة التص‪--‬ميم‬
‫للتعبير عن الكون الخير‪،‬واللون اصفر الليموني للعقرب والحيات للتعبير عن الخبث والم‪--‬رض ‪ ،‬وق‪--‬د‬
‫تم اإلشارة للرمال ب‪-‬اللون األص‪--‬فر المائ‪-‬ل للبرتق‪-‬الي‪،‬واإلش‪--‬ارة إلى الري‪-‬اح ب‪-‬اللون األص‪-‬فر الليم‪--‬وني‬
‫للداللة على الشدة والضراوة‪.‬‬
‫يفضل تنفيذ هذا التصميم بأسلوب السجاد الميكانيكي‪ -‬نظرا لوجود تفاصيل دقيقة بة‪،‬والكمبيوتر س‪--‬وف‬
‫يساعد على إظهار التفاصيل بدقه‬

‫التصميم الثالث‬

‫التصميم الرابع‬
‫تصميم لمعلق نسجى اوسجادة ‪،‬ب‪-‬ه رم‪-‬وز‪ -‬للحب والخ‪-‬ير متمثل‪-‬ه في العص‪-‬افير‪ -‬والنبات‪-‬ات والعين‬
‫الحارسة ‪ ،‬ورموز للكراهية والشر‪ -‬متمثلة في التمس‪--‬اح ال‪--‬ذي يأخ‪--‬ذ ذيل‪--‬ه ش‪--‬كل ذي‪--‬ل العق‪--‬رب‪ ،‬اى أن‪--‬ة‬
‫يجمع بين شر التمساح والعقرب معا‪ ،‬والعناصر المس‪--‬تخدمة في التص‪--‬ميم به‪--‬ا هيئ‪--‬ة الرسوم البدائي‪--‬ة‪،‬‬
‫وقد تم تمثيل رموز‪ -‬الحب والخير في أعلى التصميم ‪،‬للتعبير عن مكانته‪-‬ا‪ -‬العالي‪--‬ة في نفوس‪--‬نا‪ ،‬وتمثي‪--‬ل‬
‫رموز الكراهة والشر‪ -‬بأسفل كناية عن مكانتها ال‪--‬دنيا ‪،‬وتم تك‪--‬رار رأس التمس‪--‬اح والنبات‪--‬ات كناي‪--‬ه عن‬
‫الك‪--‬ثرة‪ ،‬والتص‪--‬ميم‪ -‬مل‪--‬ون بل‪--‬ونين فق‪--‬ط وتم تب‪--‬ادل األل‪--‬وان والمس‪--‬احات‪ -‬بحيث يح‪--‬دث ت‪--‬وازن ت‪--‬ام في‬
‫التصميم‪.‬‬
‫يمكن تنفيذ التصميم‪ -‬بأسلوب الو برة اليدوي‪ -‬أو أسلوب السجاد اليدوي المعقود أو السجاد الميكانيكي‪-.‬‬

‫التصميم الرابع‬

‫النتائج و التوصيات‬

‫من خالل الدراسة أتضح االتى‪:‬‬


‫‪ )1‬أن الرم‪--‬وز كله‪--‬ا محمل‪--‬ة ب‪-‬القيم‪ ،‬وان الرم‪-‬وز‪ -‬ذات القيم االيجابي‪--‬ة تف‪-‬وق في الع‪--‬دد و األهمي‪-‬ة‬
‫الرموز ذات القيم السلبية‪.‬‬
‫‪ )2‬أن الفن الشعبي يهتم بشكل اساسى باألخالقيات‪ -‬وإظهار القيم النبيلة والتأكي‪-‬د‪ -‬عليه‪--‬ا ويكرره‪--‬ا‬
‫في القصص والرسوم‪ -‬و األغاني وكل أنم‪--‬اط الفن ح‪--‬تى أن‪--‬ة ابتك‪--‬ر له‪--‬ا إش‪--‬كاال ومص‪--‬طلحات‬
‫متعارف عليها في شكل رموز‪.‬‬
‫‪ )3‬أن الرموز‪ -‬تعتبر لغة مشتركة بين أفراد الشعب الواحد وتعبر عن مدى تواصل هذا الش‪--‬عب‪،‬‬
‫لذا يجب دراسة الرموز المشتركة بين شعوب المنطقة العربي‪--‬ة للتع‪--‬رف على م‪--‬دى التواص‪--‬ل‬
‫فيما بينها‪.‬‬
‫المراجع‬

‫‪ .1‬عب‪--‬د الناص‪--‬ر ياس‪--‬ين (دكت‪--‬ور) – الرمزي‪--‬ة الديني‪--‬ة في الزخرفي‪--‬ة اإلس‪--‬المية – مكتب‪--‬ة زه‪--‬راء‬
‫الشرق – القاهرة – طبعة أولى – ‪.2006‬‬
‫‪ .2‬نفين حسن محمد – التراث الشعبي المصري و ارتباطه بالتراث الشعبي العالمي و االس‪--‬تفادة‬
‫منه في ابتكار‪ -‬تصميمات نسجية – رسالة ماجستير – جامعة حلوان – كلية الفن‪--‬ون التطبيقي‪--‬ة‬
‫– القاهرة – ‪– 2005‬‬
‫‪ .3‬محسن محمد عطية (دكتور) – الفن و عالم الرمز – دار المعارف‪ -‬بمصر – الطبعة الثانية –‬
‫‪.1996‬‬
‫‪ .4‬محمود النبوي الشال – الفنون البدائية و العالقة بينها و بين الفنون الش‪--‬عبية – مقال‪--‬ة ‪ -‬مجل‪--‬ة‬
‫الفنون الشعبية – القاهرة – العدد ‪ – 37‬سبتمبر ‪.1992‬‬
‫‪ .5‬هبه مصطفى حسين – الرمزية في فنون المسطحات التشكيلية في مصر و االستفادة منها في‬
‫تصميم طباعة أقمشة المفروشات‪ – -‬رسالة ماجستير‪ – -‬جامعة حلوان – كلية الفنون التطبيقي‪--‬ة‬
‫– القاهرة – ‪. 1993‬‬
‫‪ .6‬سعد الخادم – تصويرنا الشعبي خالل العصور – المكتبة الثقافي‪--‬ة – وزارة الثقاف‪--‬ة – الق‪--‬اهرة‬
‫– أكتوبر ‪.1963‬‬
‫‪ .7‬محم‪--‬د حم‪--‬اد (دكت‪--‬ور) – تعلم الهيروغليفي‪--‬ة – الهيئ‪--‬ة المص‪--‬رية العام‪--‬ة للكت‪--‬اب – الق‪--‬اهرة –‬
‫‪.1991‬‬
‫‪ .8‬عبد الرحمن عبد العال عمار (دكتور) – تاريخ فن النسيج المصري‪ – -‬مكتبة نهضة مص‪--‬ر –‬
‫القاهرة – ‪.1974‬‬
‫‪ .9‬حسين على ش‪-‬ريف‪ – -‬الرم‪-‬ز في الفن الش‪--‬عبي التش‪-‬كيلي‪ – -‬مقال‪-‬ة – مجل‪--‬ة الفن‪--‬ون الش‪--‬عبية –‬
‫القاهرة – العدد الثاني – ابريل ‪.1965‬‬
‫‪.10‬منى محمد أنور (دكتور) – الفن الشعبي و الط‪--‬ابع الق‪--‬ومي للمعلق‪--‬ات النس‪--‬جية – بحث – مجل‪--‬ة‬
‫علوم و فنون دراسات و بحوث – جامعة حل‪--‬وان – الق‪--‬اهرة – الع‪--‬دد الث‪--‬الث – المجل‪--‬د الح‪--‬ادي‬
‫عشر – يوليو‪.1999 -‬‬
‫‪ .11‬سوسن عامر – الرسوم‪ -‬التعبيرية في الفن الشعبي – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة –‬
‫‪.1981‬‬
‫‪ .12‬وليم نظير – العادات المصرية بين األمس و اليوم – دار الكتاب العربي – القاهرة – ‪.1967‬‬
‫‪ .13‬احم‪--‬د عب‪--‬ده خلي‪--‬ل – الرم‪--‬وز و المعتق‪--‬دات عن‪--‬د الفن‪--‬ان الش‪--‬عبي المص‪--‬ري‪ -‬كمص‪--‬در‪ -‬البتك‪--‬ار‬
‫تص‪--‬ميمات للمعلق‪--‬ات النس‪--‬جية الحديث‪--‬ة – رس‪--‬الة ماجس‪--‬تير – جامع‪--‬ة حل‪--‬وان – كلي‪--‬ة الفن‪--‬ون‬
‫التطبيقية – القاهرة – ‪.2001‬‬
‫‪ .14‬أكرم قنصو (دكتور) – التصوير الشعبي العربي – ع‪--‬الم المعرف‪--‬ة – الع‪--‬دد ‪ – 203‬الك‪--‬ويت –‬
‫نوفمبر‪.1995 – -‬‬

You might also like