You are on page 1of 10

‫‪1‬‬

‫كلية العلوم الشرعية والعربية‬


‫مادة مصطلح الحديث‬
‫الفرقة االولى‬
‫من كتاب‬
‫[البداية في مصطلح الحديث]‬
‫شرح الشيخ محمد بن طه‬

‫️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦‬

‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وبعد‪:‬‬
‫فهذه هي المحاضرة األولى من شرح متن البداية في علم مصطلح الحديث‬

‫️♦ أوال‪ :‬تعريف علم الحديث‪:‬‬

‫🔺قال الحافظ بن حجر رحمه هللا ‪" :‬وأولى تعريف العلم الحديث معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي " ‪.‬‬

‫🔺وقال الحافظ السيوطي رحمه هللا في ألفيته‪:‬‬

‫علم الحديث ذو قوانين ت ُ َحد ‪..‬‬


‫أضرابها أحوالها متن وسند‬

‫فذلك الموضوع والمقصودُ ‪..‬‬


‫أن يعرف المقبول والمردودُ‬

‫‪ -‬أي أن موضوع علم الحديث هو معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال السند والمتن‪:‬‬
‫‪ -‬أي الراوي‬
‫‪ -‬والمروي ‪.‬‬

‫️▪وأما غاية علم الحديث ومقصوده وثمرته فمعرفة المقبول من الحديث فيُعمل به والمردود فال يُعمل به ‪.‬‬

‫️♦ ثانيا‪ :‬أهمية علم الحديث ‪:‬‬

‫🔺 يقول العالمة ابن الصالح رحمه هللا‪" :‬هذا وإن علم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة وأنفع الفنون النافعة‪ ،‬يحبه ذكور الرجال وفحولتهم‪ .‬ويعنى به‬
‫محققو العلماء وكمالتهم‪ .‬وال يكرهه من الناس إال رذالتهم وسفلتهم‪ .‬وهو من أكثر العلوم تول ًجا في فنونها ال سيما الفقه الذي هو لسان عيونها‪.‬‬
‫‪ -‬قال‪ :‬ولذلك كثر غلط العاطلين منهم من مصنفي الفقهاء وظهر الخلل في كالم المخلين به من العلماء" ‪.‬‬

‫🔺يقول الحافظ بن حجر رحمه هللا معلقا على كالم العالمة ابن الصالح قال‪:‬‬

‫‪ -‬قوله‪ :‬وهو من أكثر العلوم تولجا‪:‬‬


‫أي دخوال في فنونها‪.‬‬
‫‪ -‬قال‪ :‬والمراد بالعلوم هنا الشرعية وهي التفسير والحديث والفقه‪ .‬وإنما صار أكثر االحتياج لكل من العلوم الثالثة إليه‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫أما حديث فصادق وإما التفسير فإن أولى ما فسر به كالم هللا تعالى ما ثبت عن نبيه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -‬قال‪ :‬ويحتاج النظر في ذلك إلى معرفة ما ثبت مما لم يثبت‪.‬‬

‫‪ -‬وأما الفقه فاحتياج الفقيه إلى االستدالل بما ثبت من الحديث دون ما لم يثبت‪.‬‬
‫‪ -‬قال‪ :‬وال يتبين ذلك إال بعلم الحديث ‪.‬‬

‫🔺وقال الحافظ العراقي رحمه هللا مبينًا أهمية علم الحديث‪ " :‬علم الحديث خطير وقعه‪ ،‬كثير نفعه‪ ،‬عليه مدار أكثر األحكام وبه يعرف الحالل والحرام‬
‫ألهله اصطالح‪ ،‬ال بد للطالب من فهمه فلهذا ندب إلى تقديم العناية بكتاب في علمه‪.‬‬

‫‪ -‬ولذلك يا أخي الكريم علم الحديث من األهمية بمكان فيحتاج إليه كل من تكلم في العلوم الشرعية سواء من تكلم في العقيدة أو تكلم في الفقه أو تكلم في‬
‫التفسير أو في غيرها من العلوم الشرعية فإنه يحتاج إلى هذا العلم الشريف‪.‬‬
‫‪ -‬فإنك قد تجد فقيها يبني مسألة وهذه المسألة مبنية على حديث ضعيف‪.‬‬

‫🔺 لذلك يقول اإلمام الشافعي رحمه هللا‪" :‬مثل الذي يطلب العلم بال إسناد مثل حاطب ليل لعل فيها أفعى تلدغه وهو ال يدري"‪.‬‬

‫🔺 وقال االمام عبد هللا بن المبارك رحمه هللا‪" :‬اإلسناد من الدين‪ .‬ولوال اإلسناد لقال من شاء ما شاء"‪.‬‬

‫‪ -‬واإلسناد أخي الكريم خصيصة من خصائص هذه األمة‪.‬‬

‫🔺 يقول اإلمام أبو حاتم الرازي رحمه هللا‪" :‬لم يكن في أمة من األمم منذ خلق هللا آدم أمة يحفظون آثار نبيهم غير هذه األمة"‪.‬‬

‫فقال رجل‪ :‬يا أبا حاتم أهل الحديث ربما رووا حديثا ال أصل له‪.‬‬
‫فقال أبو حاتم‪ :‬علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم‪ .‬فروايتهم للحديث الواهي للمعرفة يتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا اآلثار وحفظوها ‪.‬‬

‫🔺 وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪" :‬واإلسناد من خصائص هذه األمة وهو من خصائص اإلسالم‪ .‬ثم هو في اإلسالم من خصائص أهل السنة‪.‬‬
‫والرافضة من أقل الناس به عناية" ‪.‬‬

‫️♦ ثالثًا‪ :‬حكم تعلم علم الحديث‪:‬‬

‫🔺قال الحافظ بن حجر رحمه هللا‪ :‬ولكون اإلسناد يعلم به الموضوع من غيره كانت معرفته من فروض الكفاية‪ .‬وفرض الكفاية هو ما إذا قام به من يكفي‬
‫سقط اإلثم عن الباقين‪.‬‬
‫وذلك علم الحديث كغيره من العلوم الشرعية ال بد أن يقوم به من يكفي في األمة‪.‬‬
‫والحقيقة فإن الناظر في واقع األمة اليوم يعلم أنه لم يقم بهذا العلم من يكفي‪ .‬لذلك وجب على كل من يستطيع أن يطلب هذا العلم‪ ،‬وجب عليه أن يطلبه‬
‫وأن يجتهد فيه‪.‬‬

‫️♦ الباب األول من هذا المتن‪:‬‬

‫(باب الصحيح )‬

‫🔻🔻وفيه ضابط واحد‪:‬‬

‫‪ ¤‬الصحيح قسمان ‪:‬‬


‫‪3‬‬
‫● صحيح لذاته‪:‬‬
‫وهو ما اتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ وال علة‬

‫● صحيح لغيره‪:‬‬
‫وهو الحسن لذاته‪ ،‬إذا روي من طرق أخرى ولو واحدة مثله في القوة أو أقوى منه‪.‬‬

‫‪ ¤‬فقوله‪ :‬الصحيح ‪:‬‬


‫أي الحديث الذي صحت نسبته إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ ¤‬قوله‪ :‬صحيح لذاته‪:‬‬


‫وهو ما اتصل إسناده بنقل عدل ضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ وال علة‪.‬‬

‫️◾ وهذه الشروط الخمسة اشترط العلماء توافرها في الحديث لكي يحكموا عليه بالصحة‪:‬‬

‫️▪ الشرط األول‪:‬‬


‫(اتصال) اإلسناد‪ .‬ومعناه أن يكون كل راو من رواة الحديث قد أخذ الحديث عن شيخه وتحمله بطريقة من الطرق التحمل المعتبرة‪:‬‬
‫‪ -‬كالسماع من الشيخ‬
‫‪ -‬أو القراءة عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫تفصيال إن شاء هللا‪.‬‬ ‫وهذا سيأتي بيانه‬

‫ً‬
‫احترازا من الحديث الذي سقط من إسناده راو أو أكثر‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم العلم بعين الراوي‬ ‫واعلم أخي الكريم أن العلماء اشترطوا شرط (االتصال)‬
‫الساقط من اإلسناد‪ ،‬وبالتالي عدم العلم بحاله‪ ،‬هل هو ثقة أم غير ثقة؟‬
‫فقد يكون هذا الراوي الساقط غير ثقة فينسب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما لم يقُله‪،‬‬
‫‪ -‬سواء عن قصد لقلة دين‬
‫‪ -‬أو عن غير قصد لسوء حفظ‪.‬‬

‫وهذا الشرط أخي الكريم خرج به الحديث الذي في إسناده سقط‪.‬‬


‫هذا الحديث ال يقبل كما ذكرنا لعدم العلم بعين الراوي‪.‬‬

‫️▪ الشرط الثاني‪:‬‬


‫(عدالة) الراوي‪ :‬فال بد أن يكون راوي الحديث الصحيح ( ً‬
‫عدال)‪.‬‬

‫عرف العلماء (العدل) بأنه‪:‬‬


‫وقد َّ‬
‫من كانت له ملكة تحمله على مالزمة التقوى والمروءة‪ .‬والمقصود أن يكون أغلب أحواله الطاعة وليس المقصود أن ال يقع في الخطأ أبدا‪ ،‬ألنه بشر‬
‫والبشر ليسوا معصومين من الخطأ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫🔺يقول اإلمام الشافعي رحمه هللا‪:‬‬

‫‪ -‬فإذا كان األغلب الطاعة فهو (العدل)‬


‫المجرح)‬
‫َّ‬ ‫‪ -‬وإن كان األغلب المعصية فهو (‬
‫وقد اشترط العلماء هذا الشرط احترازا من تعمد الكذب على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ألن غير العدل قد ال يتورع عن الكذب على رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا الشرط خرج به الكذاب والمتهم بالكذب والفاسق والمجهول فهؤالء ال يقبل حديثهم‪.‬‬

‫️▪ الشرط الثالث‪:‬‬

‫(ضبط) الراوي‪ :‬فال بد أن يكون راوي الحديث الصحيح (ضابطا)‪ .‬وقد اشترط العلماء هذا الشرط احترازا من أن ينسب الراوي إلى رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ما لم يقله‪ ،‬فإنه وإن كان عدال في نفسه‪ ،‬إال أنه قد ينسب إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ما لم يقله لغفلته وعدم ضبطه‪.‬‬
‫◇ و(الضبط) عند المحدثين ضبطان‪ :‬ضبط كتاب وضبط صدر‪.‬‬

‫‪ -‬ضبط الصدر‪ :‬معناه أن يثبت الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء‪.‬‬
‫‪ -‬ضبط الكتاب‪ :‬هو أن يصون الراوي كتابه عن تطرق الخلل إليه من حين أن يسمع ويكتب في الكتاب إلى حين أن يؤدي‪.‬‬
‫يحفظ كتابه فال يتركه ألحد يضع فيه ما ليس منه‪ .‬ألن بعض الرواة كان يكتب في كتاب ثم يترك كتابه فيأتي من يتعمد الكذب على رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم فيقلد خطه ويضع في الكتاب ما ليس منه‪ .‬فهذا ال يقبل منه ما كتب في كتابه‪.‬‬
‫‪ -‬إذن عرفنا بذلك أن من الرواة من رزق قوة الحفظ فهؤالء يعتمد على ما يرونه من حفظهم وهؤالء حفظهم حفظ صدر‬
‫‪ -‬وهناك من لم يرزقوا نعمة حفظ الصدر وإنما كتبوا أحاديثهم في كتب وحفظوا هذه الكتب من التالعب وصانوها من إدخال شيء فيها‪ ،‬فهؤالء إن‬
‫اعتمدوا على كتبهم المصححة المنقحة ورووا منها فحينئذ تكون روايتهم مقبولة‪.‬‬
‫‪ -‬وشرط الضبط خرج به غير الضابط فال يصح حديثه‪.‬‬
‫‪ -‬إذن العدالة والضبط من شروط الحديث الصحيح فال بد أن يكون راوي الحديث الصحيح عدال ضابطا‪.‬‬

‫☆ و َمن جمع بين صفة (العدالة) وصفة (الضبط) فهو‪( :‬الثقة)‪.‬‬

‫فإذا قيل‪ :‬هذا راو ثقة‪ ،‬أي جمع بين الضبط والعدالة‪.‬‬

‫️▪ الشرط الرابع‪:‬‬


‫هو أال يكون الحديث (شاذًا)‪.‬‬
‫بمعنى أن ال يكون الحديث مخالفا لألحاديث الصحيحة الثابتة‪ .‬فإن كان راوي الحديث قد خالف من هم أوثق منه فروايته حينئذ شاذة غير مقبولة‪ .‬وسيأتي‬
‫معنا إن شاء هللا عز وجل مبحث (الشاذ) بتوسع‪.‬‬

‫️▪ الشرط الخامس‪ :‬هو أال يكون الحديث (معلوال)‪.‬‬

‫و(العلة) هي سبب خفي يقدح في الحديث مع أن ظاهر الحديث الصحة‪.‬‬


‫وسيأتي معنا أيضا مبحث العلة بتوسع وتفصيل إن شاء هللا عز وجل‪.‬‬

‫️⚫ قال بعد ذلك‪:‬‬

‫‪ ¤‬الصحيح لغيره والحسن لذاته‪ :‬إذا روي من طرق أخرى ولو واحدة مثله في القوة أو أقوى منه‪.‬‬
‫فالحديث الحسن لذاته كما سيأتي فهو الحديث الذي توفرت فيه كل شروط الصحة ولكن خفضت لراويه فحينئذ ينزل الحديث من رتبة الصحيح إلى رتبة‬
‫الحسن لما يخشى من خفة ضبط راويه‬
‫فقد يكون أخطأ في روايته للحديث‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ -‬فهذا الحديث إذا روي من الطرق األخرى مثله في القوة أو أقوى منه أعطت هذه الطرق قوة للحديث فيرتفع الحديث من درجة الحسن إلى درجة‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وإنما سمي (صحي ًحا لغيره) ألن صحته لم تنبع من ذاته وإنما من انضمام غيره إليه فصارت الصحة وصفًا للمجموع ال لألفراد‪.‬‬

‫🔺قال العالمة ابن الصالح رحمه هللا‪ :‬إذا كان راوي الحديث متأخرا عن درجة أهل الحفظ واإلتقان ويرى أنه من المشهورين بالصدق والستر وروي مع‬
‫ذلك حديثه من غير وجه‪.‬‬
‫فقد اجتمعت له قوة من جهتين‪ .‬وذلك يرقي حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح‪.‬‬

‫️♦الباب الثاني‪:‬‬

‫🔻🔻 (الحديث الحسن )‬

‫وفيه ضابط واحد‪:‬‬


‫الحسن قسمان‪:‬‬
‫️▪ حسن لذاته‪:‬‬

‫وهو ما توفرت فيه شروط الصحيح ولكن خف ضبط أحد رواته‪.‬‬


‫️▪ حسن لغيره‪ :‬وهو ما ضعف إسناده ضعفا هينا لسوء حفظ أو إرسال أو نحوه إذا ُروي من طرق أخرى مثل القوة‪ ،‬أو أقوى منه‪.‬‬

‫‪ -‬قوله‪( :‬حسن لذاته)‪:‬‬


‫وهو ما توفرت فيه شروط الصحيح ولكن خف ضبط أحد رواته‪ ،‬فالحديث الحسن لذاته ال بد أن تتوفر فيه نفس شروط الحديث الصحيح من اتصال‬
‫اإلسناد وعدالة الرواة وضبطهم وسالمته من الشذوذ والعلة‪.‬‬
‫ولكنه يفارق الحديث الصحيح لذاته في أن راوي الحديث الحسن وإن كان متصفا بالضبط إال أنه أخف ضبطا من راوي الحديث الصحيح‪.‬‬

‫‪ -‬قوله (حسن لغيره)‪:‬‬


‫وهو ما ضعف إسناده ضعفا هينا لسوء حفظ راويه أو إرسال أو نحو ذلك‪.‬‬
‫إذا روي من الطرق األخرى مثله في القوة أو أقوى منه‪ ،‬وذلك أنه لما كانت الروايات التي منع من االحتجاج بها سوء حفظ الراوي أو كان بها انقطاع‬
‫ونحوه تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ‪.‬‬
‫‪ -‬فقد يكون سيء الحفظ قد أخطأ‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يكون حفظ الرواية فلما كان األمر كذلك محتمال للصواب والخطأ ثم وجد ما يشهد لهذه الرواية ويوافقها ترجح لدينا جانب اإلصابة فيها على جانب‬
‫الخطأ‪ .‬وذلك بشرط أن تكون الرواية األخرى مثلها في القوة أو أقوى منها‪.‬‬
‫وأما إذا كانت أقل منها قوة كأن تكون فيها كذاب أو متهم أو مفسق ونحو ذلك فال تتقوى بها‪.‬‬

‫🔺 قال الحافظ بن حجر رحمه هللا‪ :‬ومتى تُوبِ َع سيء الحفظ بمعتبر وكذلك المسطور المرسل والمدلس‪ ،‬صار حديثهم حسنا ال لذاته بل بالمجموع من‬
‫المتابع والمتابَع‪ ،‬ألن مع كل واحد منهم احتمال كون روايته صوابا أو غير صواب على حد سواء‪ .‬فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة ألحدهم رجح‬
‫أحد الجانبين من االحتمالين المذكورين‪ .‬ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول وهللا أعلم‪.‬‬

‫️♦الباب الثالث‪:‬‬

‫( الحديث الضعيف) ‪:‬‬


‫‪6‬‬
‫🔻🔻وفيه ضابطان‪:‬‬

‫■ الضابط األول‪:‬‬
‫‪ ¤‬الضعيف‪ :‬هو ما فقد شرطا أو أكثر من شروط الحديث المقبول‪.‬‬

‫نحن قد بينا أنواع األحاديث المقبولة التي يحتج بها وهي‪:‬‬


‫‪ -‬الصحيح بقسميه‬
‫‪ -‬والحسن بقسميه ‪.‬‬

‫وذكرنا أن شروط القبول خمسة وهي‪:‬‬


‫‪ -‬اتصال اإلسناد‬
‫‪ -‬وعدالة الرواة‬
‫‪ -‬وضبطهم‬
‫‪ -‬والسالمة من الشذوذ‬
‫‪ -‬وسالمته من العلة‪.‬‬
‫فمتى فقد الحديث شرطا من الشروط الخمسة ولم يجد العاضد الذي يقويه فهو الحديث الضعيف الذي يرده العلماء وال يحتجون به‪.‬‬

‫️◾الضابط الثاني‪:‬‬

‫◇ الحديث المردود ومنه‪:‬‬


‫‪ -‬الموضوع‬
‫‪ -‬والمتروك‬
‫‪ -‬والمنكر‬
‫‪ -‬والمدرج‬
‫‪ -‬والمطلوب‬
‫‪ -‬والمضطرب‪.‬‬
‫فكل هذه األقسام غير مقبولة‪.‬‬

‫️♦ فأما (الموضوع) ‪:‬‬

‫فهو الحديث الكذب المختلق المصنوع سواء عن عمد أو عن خطأ‪.‬‬


‫يعني الحديث الذي وضع على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سواء تعمد راويه وضعه أو أخطأ في ذلك فهو الحديث الموضوع‪.‬‬

‫🔺 قال الحافظ السيوطي رحمه هللا‪ :‬الموضوع قسمان ‪:‬‬

‫‪ -‬قسم تعمد واضعه وهذا شأن الكذابين‬


‫‪ -‬وقسم وقع غل ً‬
‫طا ال عن قصد وهذا شأن المخلطين والمضطربين في الحديث‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫وقال في الفيته‪:‬‬
‫وغالب الموضوع مما اختلق ‪...‬‬
‫واضعه وبعضهم قد لفق‬

‫كالم بعض الحكام ومنه ما‬


‫وقوعه من غير قصد وهما‪.‬‬

‫‪ ¤‬ومثال الموضوع عمدا‪:‬‬


‫ما رواه الخطيب البغدادي رحمه هللا بإسناده إلى محمود بن غيالن قال‪ :‬سمعت المؤمل ذكر عنده الحديث الذي روي عن أبي عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم في فضل القرآن فقال‪ :‬لقد حدثني رجل ثقة سماه‪ ،‬قال‪ :‬حدثني رجل ثقة سماه أيضا قال‪ :‬أتيت المدائن فلقيت الرجل الذي يروي هذا الحديث‪ .‬فقلت‬
‫له‪ :‬حدثني فإني أريد أن آتي البصرة‪ .‬فقال هذا الرجل الذي سمعناه منه‪ :‬هو بواسط‪ .‬قال‪ :‬فأتيت واسطا فلقيت الشيخ‪ .‬فقلت‪ :‬إني كنت بمدائن فدلني عليك‬
‫الشيخ وإني أريد أن آتي البصرة‪ .‬قال‪ :‬إن هذا الذي سمعت منه هو بالكالء (اسم المكان)‪ .‬قال‪ :‬فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكالء فقلت له‪ :‬حدثني فإني‬
‫أريد أن آتي عبادان‪ .‬وقال إن الشيخ الذي سمعناه منه هو بعبادان‪ .‬قال‪ :‬فأتيت عبادان فلقيت الشيخ فقلت له اتق هللا ما حال هذا الحديث؟ أتيت المدائن‬
‫فقصصت عليه ما حدث معي‪ ،‬ثم واسطا ثم البصرة‪ .‬قال‪ :‬فدللت عليك وما ظننت إال أن هؤالء كلهم قد ماتوا فأخبرني بقصة هذا الحديث‪ .‬فقال‪ :‬إنا‬
‫اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه وأخذوا في هذه األحاديث فقعدنا فوضعنا لهم هذه الفضائل حتى يرغبوا فيه‪.‬‬

‫☆ فهؤالء وضعوا أحاديث على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم متعمدين لذلك‪ .‬وال بد أن تعلم أن هذا ال يعفيهم من اإلثم بل هم آثمون حتى ولو كانت‬
‫هذه نيتهم‬

‫س َّر‬
‫‪ ¤‬أيضا من أمثلة الحديث الموضوع عمدا ما روي أن عليا بن أبي طالب أقبل فتزحزح له أبو بكر حتى قعد بينه وبين النبي صلى هللا عليه وسلم‪ .‬ف ُ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم وقال‪( :‬يا أبا بكر إنما يعرف الفض َل ألهل الفض ِل ذوي الفضل)‪.‬‬
‫‪ -‬فهذا الحديث روي عن أنس وعن عائشة رضي هللا عنها وفي إسناده محمد بن زكريا الغالبي وهو كذاب وضَّاع معروف بأنه كذاب وضاع‪.‬‬

‫‪ -‬فالحديث يعرف بكونه وضع عن قصد بأحد أمرين‪:‬‬


‫□ األمر األول‪ :‬اعتراف الراوي له بأنه تعمد وضعه كالمثال األول‪.‬‬
‫□ األمر الثاني‪ :‬أن يكون في إسناده كذاب كالمثال الثاني‪.‬‬

‫● فنحن إذا رأينا في اإلسناد كذابا وضاعا علمنا أن هذا الحديث قد وضع عن عمد‪.‬‬
‫مغفال أو مخل ً‬
‫طا أو ما شابه ذلك من الرواة المعروفين بالصدق ولكنه يؤتون من‬ ‫ً‬ ‫● ويعرف بكونه وضع عن غير قصد وعن غير عمد إذا كان في إسناده‬
‫قبل سوء حفظهم‪.‬‬

‫‪ ¤‬ومن أمثلة الموضوع عن غير قصد‪:‬‬


‫ما روي من طريق ثابت بن موسى الزاهد عن شريك بن عبد هللا القاضي عن األعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي هللا عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬من كثرت صالته بالليل حسن وجهه بالنهار ‪.‬‬

‫🔺 قال حافظ السيوطي رحمه هللا‪ :‬فإنهم أطبقوا (أي أن علماء الحديث أجمعوا) على أنه موضوع‪ ،‬وأن واضعه لم يتعمد وضعه‪ .‬وقصته في ذلك‬
‫مشهورة‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وقصته كما ذكرها المزي رحمه هللا في تهذيب الكمال‪ :‬أن ثابتا دخل على شريك وكان شريك يقول‪( :‬حدثنا األعمش عن أبي سفيان عن جابر عن‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم) ‪..‬‬
‫‪8‬‬
‫ثم التفت شريك فرأى ثابتا فقال يمازحه‪ :‬من كثرت صالته بالليل حسن وجهه بالنهار‪.‬‬
‫فظن ثابت لغفلته أن هذا الكالم الذي قاله شريك هو متن اإلسناد الذي قرأه فأخذ يرويه هكذا‪ :‬يقول‪ :‬حدثنا شريك قال‪ :‬حدثنا األعمش عن أبي سفيان عن‬
‫جابر عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪ :‬من كثرت صالته بالليل حسن وجهه بالنهار‪.‬‬
‫وفي الحقيقة أن هذا الكالم من كالم شريك ال من كالم النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫☆ وقد يقول قائل‪ :‬لماذا يضع هؤالء الرجال األحاديث على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ أي الذين يتعمدون ذلك لماذا يفعلون ذلك؟‬

‫◇ ذكر أهل العلم لذلك أسبابا‪:‬‬

‫‪ -‬منها أن من هؤالء من كان عدوا لدين هللا عز وجل وإنما دخل في هذا الدين ليفسده على أهله فكان يتعمد الوضع لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ومنهم من حمله تعصبه لمذهب معين أو لشخص معين على أن يضع حديثا في فضل هذا المذهب أو في فضل هذا الشخص أو أن يضع أحاديث في‬
‫مثالب من يخالفون هذا المذهب أو من يخالفون هذا الشخص‪.‬‬

‫إذن هناك أحاديث وضعت على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم سواء عن قصد أو عن غير قصد وهللا سبحانه وتعالى قيض ألحاديث نبيه صلى هللا عليه‬
‫وسلم علماء كبار جهابذة ينقحون وينقون هذه األحاديث مما ُوضع فيها‪.‬‬

‫🔺كما قال تعالى { إِنا نَحنُ ن ََّزلنَا الذِك َر َوإِنَّا لَهُ لَ َحافِظُونَ }‪.‬‬

‫واألحاديث من الذكر‪.‬‬

‫🔺وقد قيل البن المبارك رحمه هللا‪ :‬هذه األحاديث المصنوعة كيف تصنعون فيها؟‬

‫قال‪ :‬يعيش لها الجهابذة‪.‬‬

‫🔺وقال اإلمام ابن الجوزي رحمه هللا سنة نبينا صلى هللا عليه وسلم مأثورة بنقلها خلف عن سلف ولم يكن هذا ألحد من األمم قبلها‪.‬‬

‫ولما لم يمكن ألحد أن يدخل في القرآن شيئا ليس منه أخذ أقوام يزيدون في حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وينقصون ويبدلون ويضعون عليه ما لم‬
‫عصرا من العصور‪.‬‬
‫ً‬ ‫يقل‪ ،‬فأنشأ هللا عز وجل علماء يذُبُّون عن النقل ويوضحون الصحيح ويفضحون القبيح‪ ،‬وما يُخلي هللا عز وجل منهم‬

‫🔺وقال الحافظ بن رجب رحمه هللا‪ :‬وأما سنة النبي صلى هللا عليه وسلم فإنها كانت في األمة تُحفظ في الصدور كما يحفظ القرآن‪ .‬وكان من العلماء من‬
‫يكتبها كالمصحف ومنهم من ينهى عن كتابتها‪.‬‬

‫🔺قال‪ :‬وال ريب أن الناس يتفاوتون في الحفظ والضبط تفاوتا كثيرا‪ .‬ثم حدث بعد عصر الصحابة قوم من أهل البدع والضالل أدخلوا في الدين ما ليس‬
‫منه وتعمدوا الكذب على النبي صلى هللا عليه وسلم فأقام هللا تعالى لحفظ السنة أقواما ميزوا ما دخل فيها من الكذب والوهم والغلط‪ ،‬وضبطوا ذلك غاية‬
‫الضبط وحفظوه أشد الحفظ‪.‬‬
‫إذن علم الحديث من األهمية بمكان‪ ،‬فعلينا أن نجتهد في هذا العلم حتى نستطيع أن نذب الكذب عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫️♦ وأما الحديث (المتروك)‪:‬‬

‫فهو الحديث الذي تركه العلماء حيث تبين لهم خطأه‪.‬‬

‫🔺وذكره السيوطي رحمه هللا في ألفيته واشترط له شروطا فقال رحمه هللا‪:‬‬

‫ب ‪...‬‬
‫وسم بالمتروك فردا تص ِ‬
‫ِ‬
‫‪9‬‬
‫راوي له متهم بالكذب‬

‫أو عرفوه منه في غير األثر ‪...‬‬


‫أو فسق أو غفلة أو وهم كثر‬

‫☆ فالحديث لكي يسمى (متروكا) فال بد أن‪:‬‬

‫‪ -‬يتفرد به راو متهم بالكذب في حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬أو عُرف عنه ذلك في كالم الناس‬
‫‪ -‬أو أن يكون ظاهره الفسق بفعل أو قول‬
‫‪ -‬أو أن يكون كثير الغفلة‬
‫‪ -‬أو أن يكون كثير الوهم‪.‬‬

‫️♦ وأما الحديث (المنكر)‪:‬‬

‫فقد عرفه الحافظ بن حجر رحمه هللا بأنه‪ :‬الحديث الذي يرويه راو ضعيف يخالف فيه الثقات‪.‬‬

‫🔺 قال السيوطي رحمه هللا في ألفيته‪:‬‬

‫غير الثقة ‪...‬‬


‫المنكر الذي روى ُ‬
‫مخالفا في نخبة قد حققه‬
‫‪ -‬أي في نخبة الفكر قد حققه الحافظ بن حجر‪.‬‬

‫قابله المعروف والذي رأى ‪...‬‬


‫ترادف المنكر والشاذ نأى‬

‫‪ -‬والمعنى أن الضعيف إذا خالف الثقة‪،‬‬


‫منكرا)‬
‫️▪ فرواية الضعيف تسمى ( ً‬
‫️▪ ورواية الثقة تسمى (معروفًا)‬

‫‪ -‬وأما أن كانت المخالفة من ثقة لثقة آخر ولكنه أقوى منه‪:‬‬


‫️▪ فرواية األعلى تسمى (محفوظة)‬
‫️▪ ورواية األدنى تسمى (شاذة)‪.‬‬

‫ومن رأى أن المنكر يُطلق على مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه فقد نأى عن الصواب‪.‬‬
‫هذا هو معنى كالم الحافظ السيوطي رحمه هللا وهكذا حققه الحافظ بن حجر رحمه هللا في نخبته حيث قال رحمه هللا‪ :‬وزيادة راويهما (أي راوي الصحيح‬
‫والحسن) مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ -‬فإذا خولف بأرجح‪ ،‬فالراجح (المحفوظ) ومقابله (الشاذ)‪.‬‬
‫‪ -‬ومع األضعف فالراجح (المعروف)‪ ،‬ومقابله (المنكر)‪.‬‬

‫قلت‪ :‬فعلى هذا القول فإنه يشترط في الحديث كي يسمى (منكرا) أن يتوفر فيه شرطان‪:‬‬
‫‪ -‬الشرط األول‪ :‬المخالفة‬
‫‪ -‬الشرط الثاني‪ :‬أن تكون هذه المخالفة من ضعيف لثقة‪.‬‬
‫وأما مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه فهذه تسمى (شاذة)‬

‫‪ ¤‬ومن أمثلة المنكر‪:‬‬


‫ما رواه الطبراني من طريق حبيب بن حبيب عن أبي إسحاق عن العزار بن حريث عن ابن عباس رضي هللا عنهما عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬
‫من أقام الصالة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة‪.‬‬

‫فقد رواه حبيب عن أبي إسحاق هكذا مرفوعا فخالف معمر الذي رواه عن أبي إسحاق موقوفا‪.‬‬
‫وحبيب ضعيف‪ ،‬ومعمر ثقة‪.‬‬

‫🔺 قال ابو زرعة الرازي رحمه هللا‪ :‬هذا حديث منكر‪ .‬إنما هو عن ابن عباس موقوفا‪.‬‬

‫وبهذا نكون قد انتهينا من المحاضرة األولى‪.‬‬

‫️♦️♦️♦️♦️♦‬

‫وهذه أسئلة على هذه المحاضرة ‪:‬‬

‫️♦السؤال األول‪:‬‬

‫عرف الحديث الصحيح بقسميه‪.‬‬

‫️♦السؤال الثاني‪:‬‬

‫عرف الحديث الحسن بقسميه‪.‬‬

‫️♦السؤال الثالث‪:‬‬

‫تكلم بتفصيل عن شرطي الضبط والعدالة‪.‬‬

‫أقول قولي هذا وأستغفر هللا عز وجل لي ولكم‪.‬‬


‫سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن ال إله إال أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك‬

‫️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦️♦‬

You might also like