Professional Documents
Culture Documents
اللامركزية و اللاتركيز الإداري
اللامركزية و اللاتركيز الإداري
تربية و علم النفس االدارة التربوية دالئل مهمة مواضيع التربية و علم النفس باللغة الفرنسية اللغة االمازيغية اناشيد لالطفال طرائف كاركاتير مواضيع التربية و علم النفس باللغة الفرنسية اغاني مغربية الصفحة الرئيسية
المعرفة القانونية
المبحث االول :صور وأسس الال مركزية اإلدارية ومسارها في المغرب :
المطلب األول :صور وأسس الال مركزية اإلدارية :
vالفقرة االولى :صور الالمركزية اإلدارية
vالفقرة الثانية :أسس الالمركزية اإلدارية
المطلب الثاني :مسار الال مركزية االدارية في المغرب
vالفقرة األولى :الجماعات الحضرية والقروية
vالفقرة الثانية :العماالت واألقاليم
vالفقرة الثالثة :الجهات
المبحث الثاني :الالتمركز اإلداري
المطلب األول :مستجدات الدستور في مجال الالتركيز اإلداري
vالفقرة األولى :تقوية دور الوالة والعمال في مجال الالتركيز
vالفقرة الثانية :االرتقاء بوضعية مندوبيات الوزارات في المستوى الترابي
المطلب الثاني :أفاق تطوير الالتركيز اإلداري
vالفقرة األولى :ضرورة إصدار الميثاق الوطني
vالفقرة الثانية :وجوب اعتماد تقسيم ترابي ناجع
المبحث االول :صور وأسس الال مركزية اإلدارية ومسارها في المغرب :
المطلب األول :صور وأسس الال مركزية اإلدارية
الفقرة األولى :صور الالمركزية اإلدارية
تنقسم الالمركزية اإلدارية إلى الالمركزية المرفقية وتنطبق بصفة خاصة على المؤسسة العمومية بمختلف أنواعها ،والالمركزية الترابية وتتحقق
بمنح جزء من التراب الوطني الشخصية المعنوية ،يعني منحه االستقالل اإلداري والمالي في مباشرة االختصاصات الموكولة اليه بهدف السهر على
تحقيق المصالح المحلية تحت إشراف الحكومة ورقابتها.
اوال :الالمركزية اإلدارية المرفقية أوالمصلحية:
يقصد بها توزيع العمل طبقا لطبيعة النشاطات ونوع المرافق والمشاريع التي ينصب عليها هذا النشاط ،والالمركزية المرفقية هي ما يسمى
بالمؤسسات العمومية التي تتولى إدارة نشاط معين يسند إليها بحكم القانون ،وتتحقق بمنح مرفق عام سواء أكان وطنيا أو محليا الشخصية
المعنوية ،وهو ما يترتب عنه االستقالل اإلداري والمالي في تسير شؤونه ،إال أن هذا االستقالل غير مطلق وإنما هو مقيد بشرط الرقابة أو الوصاية
من طرف السلطات المختصة .
ووفقا للتعريف الكالسيكي فان المؤسسة العمومية عبارة عن مرفق عام يدار عن طريق هيئة عامة ويتمتع بالشخصية المعنوية العامة ،ومن خالل
هدا التعريف يتبين إن فكرة المؤسسات العمومية تقوم على ثالثة عناصر:
العنصر األول :وجود مرفق عام وهو عبارة عن النشاط الذي تقوم به الدولة (أو الهيئات العامة التابع لها) بإدارته مباشرة أو عن طريق الغير ،شرط
إن يظل هدا الغير خاضعا لرقابتها وإشرافها بقصد تحقيق خدمات عامة للجمهور بطريقة منتظمة ومطردة مع مراعاة مبدأ المساواة بين المنتفعين.
العنصر الثاني :أن يدار عن طريق هيئة عامة ،وذلك بأموالها وعمالها ،وأن تستعمل في ذلك وسائل القانون العام .فتترتب عن ذلك نتائج هامة تتجلى
في أن القرارات الصادرة عنها تعتبر قرارات إدارية ،وأموالها تعتبر أموال عامة...الخ .تال ما ستثني بنص خاص ،وبهذه األمور تمتاز المؤسسة العمومية
عن المؤسسات الخاصة ذات النفع العام والتي تتشابه معها إلى حد كبير.
العنصر الثالث :االعتراف لهدا المرفق بالشخصية المعنوية ليتحقق له قدر كبير من االستقالل يساعده على تحقيق أهدافه ،ودلك من الناحيتين
اإلدارية والمالية .
كما يمكن إن نميز بين عدة أصناف من المؤسسات العمومية ،فهناك مؤسسات عمومية وطنية يتم إنشائها من طرف البرلمان حسب الفصل 71من
دستور ،2011المحدد الختصاصات البرلمان ومن بينها "إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام" ،وهناك
مؤسسات عمومية محلية ،يتم إنشائها من طرف الجماعات المحلية ،كما تنقسم المؤسسات العمومية إلى مؤسسات عمومية إدارية ومؤسسات
عمومية تجارية وصناعية ،ومؤسسات عمومية ذات طابع اجتماعي ،وأخيرا مؤسسات عمومية مهنية.
إن الالمركزية اإلدارية لها عدة أركان كي تتحقق ،ولكي نميزها عن غيرها من األساليب اإلدارية التي قد تحمل نفس االسم ،وتختلف معها في
المضمون والمرمى ،فأول هذه األركان هي االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية ،وثاني هذه األركان هي أن يعهد باإلشراف
على هده المصالح إلى هيئات منتخبة ،وأخير هذه األركان هي استقالل المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية.
-1االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية
بمعنى أن ثمة مصالح محلية ينبغي ترك مباشرتها واإلشراف عليها لمن يهمه األمر حتى تتفرغ الحكومة المركزية لمصالح أخرى ذات طابع عام تهم
الدولة كلها ،أي توفر حاجيات خاصة بالمجموعة البشرية المستقرة على تراب الوحدة الترابية ،حاجيات تتميز عن الحاجيات الوطنية العامة ،فمثال إذا
كانت الدولة تهيمن على المرافق ذات األهمية الكبرى كمرافق األمن والدفاع والقضاء والمواصالت عبر التراب الوطني ،فان المرافق المحلية
كالنقل المحلي و توزيع الماء والكهرباء… .يستحسن تركها لمن يستفيدون منها مباشرة فهم أدرى باحتياجهم إليها واقدر على تسييرها فضال عما في
دلك من تخفيف عبئ إدارتها عن الحكومة المركزية.
-2أن يعهد باإلشراف على هده المصالح إلى هيئات منتخبة.
فقد أشار الفصل 135من الدستور إلى ...” :الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية ،خاضعة للقانون العام ،تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية .تنتخب
مجالس الجهات والجماعات باالقتراع العام المباشر“ فاإلدارة المحلية تسعى باألساس إلى إسناد المصالح المحلية إلى من يهمهم األمر ،ودلك إلشباع
حاجياتهم المحلية بأنفسهم ولما كان من المستحيل على جميع أبناء اإلقليم أو المدينة أن يقوموا بهده المهمة بأنفسهم مباشرة فان المشرع قد جعل
إسناد هده المصالح المحلية إلى من ينتخبونه نيابة عنهم ،ومن ثمة كان االنتخاب هو الطريقة األساسية التي يتم عن طريقها تكوين المجالس المعبرة
عن إرادة ابناء اإلقليم .
وهدا يعني وجود أجهزة مستقلة تستمد مشروعيتها من االقتراع العام المباشر أو غير المباشر وليس أجهزة يتم تعيينها من طرف السلطة المركزية
كما هو الشأن في الالمركزية المرفقية ،ويرى البعض أن استقالل السلطات الالمركزية ال يتحقق إال إذا كان اختيار أعضاء هذه السلطات بطريق
االنتخاب بمعنى أن انتخاب أعضاء هذه السلطات يعتبر شرطا أساسيا وال يمكن القول بوجود ال مركزية إدارية تقوم على غير االنتخاب في دولة من
الدول.
- 3استقالل المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية
استقالل أعضاء السلطة الالمركزية عن السلطة المركزية ،بمعنى أن يكون مقررا من المشرع ويخضع لمقتضيات القانون وال يراد بدلك االستقالل
الفصل المطلق بين المصالح المحلية ودائرة المصلحة الوطنية .كما ال يراد بدلك االستقالل جعل كل جماعة محلية في معزل عن األخرى وإنما ثمة
صلة تربط تلك الجماعات مع بعضها البعض في إطار مبدأ التعاون والتكامل والتعايش ألنها تؤلف في الواقع جزءا من جماعة أوسع نطاقا وهي
المجتمع الوطني .
وإشراف السلطة المركزية هو نوع من الخضوع بحكم القانون لمراقبة من نوع خاص تختلف عن الرقابة الرئاسية وتسمى "الوصاية اإلدارية" ،إال أن
بعض الفقه يرى أن هده الرقابة تعتبر عائقا لالستقاللية اإلدارية والمالية التامتين للوحدة الترابية ،والبعض االخر يعتبرها معيارا يميز الالمركزية عن
النظام الفدرالي او الكونفدرالي.
كان ظهير 12يونيو 1960المعتبر بمثابة قانون متعلق بالتنظيم الجماعي ،أول قانون يبدأ في وضع اللبنة األساسية لالمركزية اإلدارية بالمغرب بعد
االستقالل ،حيث حدد كال من اختصاصات المجالس الجماعية المنتخبة من جهة والسلطة المحلية من جهة أخرى ،كما احدث صنفين من الجماعات
وهي الجماعات الحضرية التي كانت تتشكل من البلديات والمراكز المستقلة ،والجماعات القروية ،إال أن الوصاية كانت قوية جدا ،اذ نص الفصل 20
على أن القضايا المتخد في شأنها مقررات ال تكون قابلة للتنفيذ إال إذا صادقت عليها السلطة اإلدارية العليا ،وعدد هده القضايا 15قضية تبتدئ
بالميزانية الجماعية وتنتهي باحداث او حذف او تبديل موضوع المعارض أو األسواق وتاريخ إقامتها .كما ان المالحظ في هذه التجربة األولى هيمنة
السلطة المحلية المتمثلة في القياد والبشاوات على التدبير اليومي للشأن المحلي.
وأمام االنتقادات الموجهة لهذا القانون ،صدر الميثاق الجماعي 30شتنبر ،1976واتى بعدة مستجدات خصوصا االرتقاء بالجماعة إلى مستوى فاعل
اقتصادي واجتماعي حيث أصبحت تتدخل في هذه الميادين ،وحمل هذا الميثاق مسؤوليات جديدة للمجلس الجماعي تشمل كل مجاالت التنمية
المحلية والتي تندرج في سياق الفصل ،30باإلضافة إلى تعزيز صالحيات الرئيس ووضع حدا للتدبير المزدوج مما شكل تحوال مهما في مسار
الجماعية بحيث تم نقل بعض اختصاصات السلطة المحلية إلى رؤساء المجلس الجماعي ،وبالتالي تقليص دور السلطة المحلية ،كما تم التخفيف من
حدة الوصاية التي كانت تمارسها اإلدارة نظرا لنضج فكرة الالمركزية .
إال انه رغم دلك فقد ظهرت صراعات على االختصاصات بين السلطة المحلية من جهة ورؤساء المجالس المحلية من جهة أخرى ،نظرا لغموض النص
وتمسك كل طرف بالتفسير الذي يناسبه ،من االنتقادات الموجهة أيضا إلى هذا الظهير ضعف مؤسسة الرئيس بسبب الفصل 7المتعلق بإقالته.
ومن بين المحطات المهمة التي مرة بها الجماعات الحضارية والقروية هي سنة 2002بصدور ميثاق جماعي جديد ،والذي اتى بدوره بمستجدات
مهمة ،وأهمها إلغاء نظام المجموعة الحضرية وإقرار وحدة المدينة ،التنصيص على نظام لحقوق ووجبات المنتخب الجماعي ،زد إلى ذلك تطوير
آليات التعاون والشراكة داخليا وخارجيا ،كما جاء هذا الميثاق لضبط وتوسيع اختصاصات المجالس الجماعية ورؤسائها .
وتم تعديل هذا الميثاق بالقانون رقم 17.08في 18فبراير 2009وجاء بتعديالت مهمة ،بإدخاله وسيلة التخطيط كآلية للتدبير المعقلن للشأن المحلي
"المادة ،"36وهي آلية جد مهمة تأخذ بالمقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين من اجل وضع إستراتيجية عمل مشتركة ،كما جاء هذا القانون بتوسيع
اختصاصات الكاتب العام وإلغاء مقرر الميزانية ،باإلضافة إلى خلق لجن جديدة مهمة وخاصة اللجنة االستشارية للمساواة وتكافئ الفرص.
هذه هي أهم األشواط والمراحل التي قطعتها الجماعات الحضرية والقروية في ظل الالمركزية اإلدارية بالمغرب ،فمن جماعة ضيقة االختصاص
وهيمنة رجال السلطة المحلية إلى جماعة مقاولة ومواطنة.
عرف التراب الوطني بعد االستقالل تقسيما إداريا وذلك بمقتضى الظهير المؤرخ بتاريخ 13أكتوبر 1956الذي قسم المغرب إلى 19إقليم و5
عماالت ،غير أن هذا الظهير لم يراع ظروف ما بعد االستقالل مما جعل المشرع يتدخل بسرعة فأصدر الظهير المؤرخ بتاريخ 2دجنبر 1959الذي
قسم البالد الى 16إقليما وعمالتين.
ويعد اإلقليم وحدة إدارية لعدم التركيز اإلداري من جهة كما يعتبر وحدة محلية المركزية من جهة ثانية ،واإلقليم باعتباره وحدة ترابية المركزية يدخل
ضمن الجماعات الترابية ،أي الوحدات الالمركزية المتمتعة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي واإلداري.
غير أن الالمركزية اإلقليمية تصطدم بمجموعة من العوائق ،ويتعلق األمر أساسا بتدخل السلطة المركزية وممثليها في الشؤون الخاصة بسير
المجالس المنتخبة والدور المزدوج للعامل كممثل للسلطة المركزية وكجهاز تنفيذي لإلقليم ،وشدة الرقابة باإلضافة إلى قلة الموارد ،األمر الذي
يحول دون تحقيق ال مركزية حقيقية .
وكان ظهير 12شتنبر 1963أول قانون ينظم هذه الوحدة الترابية ويبين اختصاصاتها ،وطبقا للفصل األول من هذا الظهير فالعماالت واألقاليم
جماعات إقليمية يجري عليها القانون العام وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي ،وينص هذا الظهير على أن شؤون العمالة أو اإلقليم يديرها
المجلس اإلقليمي وذلك طبقا للشروط المحددة قانونا" ،الفصل ."2والمجلس يخضع من حيث نظام سير العمل به وكذا من حيث الرقابة المفروضة
عليه لمقتضيات الظهير المذكور .
ولقد حددت الفصول المتعلقة باختصاصات مجالس العماالت واألقاليم في الباب الرابع من هذا الظهير ،وهي تشمل اختصاصات تقريرية وأخرى
استشارية ،وخالفا لما هو عليه في التنظيم الجماعي ،فالتنظيم اإلقليمي جعل من العامل الجهاز المنفذ لمقررات المجلس ،وبذلك فالمشرع زوده
باختصاصات جد مهمة.
وعدل ظهير 1963بظهير شريف 1.02.269صادر في 3أكتوبر 2002بتنفيذ قانون رقم 79.00المتعلق بتنظيم الجماعات واألقاليم ،إال أن هذا القانون
لم يأتي بمستجدات جوهرية ترقى بالالمركزية اإلدارية إلى المكانة التي تستحقها في هذا المستوى ،حيث مازال العامل هو اآلمر بالصرف والمسؤول
عن تنفيذ قرارات المجلس ،وبالتالي فهناك من يطالب بإلغاء نظام العماالت واألقاليم الن ليس له أي تأثير على الالمركزية اإلدارية.
يعتبر التنظيم الجهوي من اآلليات التي استحدثها المستعمر الفرنسي لبسط حمايته على مجموع التراب الوطني ،فقد شكلت الجهات وسيلة لبسط
السيطرة العسكرية الفرنسية ولم تشكل مجاال لالمركزية ومشاركة السكان حتى بعد بسط النفوذ العسكري الفرنسي على كل أجزاء التراب
المغربي .وبعد االستقالل تغيرت الخريطة اإلدارية المغربية ،ولم تعد هيكلة المجال الترابي قائمة على أساس الجهات ،بل تم التخلي عنها لفائدة
العماالت واألقاليم .وبالتالي لم تول السلطات العمومية العناية واالهتمام الكافي بالجهة ،فالدولة المغربية الحديثة االستقالل كان اهتمامها في البداية
منصبا أساسا على تكريس سلطتها سياسيا واداريا ،وبهدف ضمان وحدة الدولة المستقلة واستمراريتها بدت سياسة التقسيم الترابي كسياسة كفيلة
بتحقيق التاطير الفعال للسكان وذلك من خالل ربط اإلتصال بين المواطنين والدولة عن طريق رجال السلطة المتواجدين على رأس التقسيمات
الترابية ،فصدر ظهير 1959الذي قسم المغرب الى عماالت واقاليم .
اما الجهات التي تم خلقها سنة 1971فلم تشكل إال إطارا للعمل االقتصادي وذلك بعد ما لم تعد البنية االقليمية مالئمة بفعل التزايد السريع في عدد
العماالت واالقاليم ،إال أن الجهات االقتاصدية السبع المحدثة في هذه الفترة لم تكن لها اختصاصات تقريرية بل كانت لها اختصاصات استشارية في
المجال االقتصادي فقط ،بل اكثر من ذلك لم تكون لها اية شخصية معنوية وال اي استقالل اداري وال مالي ،بل كانت الجهة انذاك اطارا ترابيا لتحقيق
النمو االقتصادي واالجتماعي للجهات المحدثة ،مع ذلك فلقد كان بعيدا عن عكس الطموحات المدعمة من طرف السلطات العمومية والتي تم
تأكيدها في العديد من المناسبات .
وعلى العموم فالتجربة الجهوية التي سعى المشرع القامتها من خالل ظهير 1971لم تستطيع مسايرة التطور االقتصادي والسياسي للبالد وذلك لما
حملته من سلبيات حدت من ايجابيتهان وبالتالي كان البد من التفكير في تطوير نظام الجهوية ،وكان التعديل الدستوري لسنة 1992الفرصة
المناسبة للرقي بالجهة كجماعة محلية تتمتع بالشخصية المعنوية وباالستقالل المالي واالداري ،وهو ما كرسه دستور 1996لكن تفعيل ذلك لم يكون
اال مع ظهير 2ابريل 1997اال ان تركيبته اتت شبيهة بتنظيم العماالت واالقاليم ،فاالمر بالصرف والمنفذ لقرارات المجلس هو عامل عمالة مركز
الجهة ،وبالتالي ظلت ضعيفة من حيث مساهمتها في التنمية ،لكن اصبح اليوم الحديث عن مشروع الجهوية المتقدمة ،ومع دستور 2011عزز مكانة
الجهة خصوصا واعتبارها تتبوء المكانة المتقدمة للجماعات الترابية االخرى في ميدان التخطيط االقتصادي واالجتماعي واعداد التراب والتعمير ،كما
اسندت مهمة االمر بالصرف الى رئيس الجهة مكان العامل.
يعد أسلوبا من أساليب التنظيم اإلداري ،يقضي بتوزيع السلطات اإلدارية بين الحكومة المركزية وممثليها على الصعيد المحلي بحيث تمنح لهؤالء
بعض الصالحيات واإلختصاصات والسلطات اإلدارية مع بقائهم تابعين للحكومة المركزية ومعينين من قبلها دون أن يترتب على ذلك استقاللهم عنها،
إذ يبقون خاضعين لرقابة وإشراف السلطات المركزية.
وقد عرف األستاذ محمد المرغيني الال تمركز بأنه ّ"االعتراف لبعض موظفي الوزارة بسلطة اتخاذ بعض القرارات ذات األهمية القليلة والمتوسطة
والبث فيها نهائيا دون الرجوع إلى الوزير المختص".
وهناك شبه إجماع لدى علماء اإلدارة على أن إصالح الالتمركز اإلداري يعد جزءا ال يتجزأ من إصالح الدولة ،وال يمكن اعتباره مجرد بعد من أبعاد
اإلصالح اإلداري .باعتبار أن الالتركيز يخول بعض موظفي الوزارة في العاصمة أو في األقاليم بصفة فردية أو في شكل لجان ،تعين الحكومة
أعضاها ،حق البث نهائيا في بعض األمور دون حاجة إلى الرجوع إلى الوزير المختص السيما في المسائل التي التحتاج الى مجهود خاص في
انجازها.وذلك لتخفيف العبء قليال عن الوزير ولتحقيق السرعة في انجاز بعض أمور الوظيفة اإلدارية خاصة بالنسبة لألماكن البعيدة عن العاصمة.
وسلطة البث هذه ال تعني استقالل الموظفين عن الوزير وإنما يخضعون بالرغم من ذلك إلى إشرافه والى رؤسائهم في نطاق السلطة الرئاسية.
تبعا لما سبق تكتسي دراسة المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي الجديد في مجال الالتركيز مناسبة مهمة للتعرف على المقتضيات
الدستورية الجديدة في مجال الالتركيز وكذا لوضع أفاق ترمي إلى تعزيز مسلسل الالتركيز.
من هذا المنطلق ،سنتناول هذا المبحث وفق المطلبن اآلتيين :مستجدات الدستور المغربي في مجال الالتركيز اإلداري ( المطلب األول ) ،وأفاق
تطوير الالتركيز االداري ( المطلب الثاني).
المطلب األول :مستجدات الدستورالمغربي في مجال الالتركيز اإلداري
إن وظيفة رجل السلطة ال تقتصر على تمثيل الدولة في الجماعة التي يتواجد بها بل له من االختصاصات ما يجعله بحق احد الفاعلين األساسيين في
المجال االقتصادي ويتبين ذلك من خالل مشاركته في جل القرارات ذات الطبيعة االقتصادية المتخذة على المستوى المحلى .
يتوفر الوالي أو العامل على اختصاصات متنوعة وكثيرة يستمد مشروعيتها من اإلطار الدستوري الذي يخول لهم صفة ممثل الدولة في الجهات
والعماالت واألقاليم.
وبذلك أصبحت لهم وظائف تامين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ،كما يمارسون المراقبة اإلدارية ويقوم الوالة
والعمال تحت سلطة الوزراء المعنيين ،بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية ،ويسهرون على حسن سيرها.
لم يعد ممثلي الدولة في الجهات والعماالت واألقاليم يمارسون أعمال إدارية فحسب بل أصبحوا باإلضافة إلى ذلك مكلفون بالتنسيق بين المصالح
الالمتمركزة لإلدارات المدنية التابعة للدولة والمؤسسات العمومية المتواجدة داخل النفوذ الترابي للواليات والعامالت غير أن دورهم ال ينحصر فقط
في التنسيق بل يمتد كذلك إلى المبادرة والنهوض بتلك األعمال والمصالح واإلشراف عليها وتتبعها وذلك بتنسيق متبادل بينهم وبين السلطات
المركزية حول المشاريع المزمع انجازها في تراب الوالية والعمالة وكذا مستويات تنفيذ تلك المشاريع.
األكثر من ذلك أجاز مرسوم 20أكتوبر 1993الذي عولت عليه كثيرا السلطات المغربية في تحديث اإلدارة للوزراء إمكانية للعمال لتدبير بعض األمور
الداخلة في اختصاصاتهم وان يتولوا التوقيع باسمهم والتأشير على جميع القرارات المتعلقة بأعمال المصالح الخارجية التابعة لهم ضمن الحدود
الداخلة في اختصاصاتهم الترابية .
ولضمان نوع من التنسيق في المشاريع المراد انجازها السيما أن تراب الوالية أو العمالة تضم العديد من المتدخلين إلى جانب رجال السلطة من
ممثليات الوزارات والمؤسسات العمومية الجهوية أو المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص فان الضرورة ألحت إيجاد وسيلة عمل تجمع كل
هؤالء المتدخلين ،ومن هنا جاء التنصيص على اللجنة التقنية التي تضم إضافة إلى العامل بصفته رئيسا ،الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم ورؤساء
الدوائر ورؤساء المصالح الخارجية لإلدارات المركزية التابعة للدولة ،مديري المؤسسات العامة المتواجدة بتراب العمالة أو اإلقليم كل شخص من
ذوي الدراية واألهمية والذي بإمكانه تقديم خدمات في هذا اإلطار.
إضافة إلى تقوية دور الوالة والعمال في مجال الالتركيز ،فان الدستور المغربي لسنة 2011قد ارتقى بالوضعية القانونية لمندوبيات الوزارات على
المستوى الترابي من المصالح الخارجية إلى المصالح الالممركزة تعزيزا لسياسة الالتركيز.
إن اختيار المشرع المغربي لمصطلح "المصالح الالممركزة" بدل مصطلح " المصالح الخارجية " يدل على األهمية التي يحظى بها تدعيم نظام
الالتركيز إلداري ببالدنا.
هذا االختيار جاء نتيجة للعوامل التالية:
نهج سياسة لتجميع المصالح غير الممركزة على مستوى الجهة ،وذلك في اتجاه التخلي عن التموقع على المستوى اإلقليمي لفائدة التموقع على
المستوى الجهوي.
يرى العديد من الدارسين إن الجهة ستشكل مجاال مفضال إلحالل سياسة عدم التركيز ،وستتيح لإلدارة المركزية مراقبة وتأمين استمرارية أنشطة
مصالحها غير الممركزة ليس فقط عن طريق مندوبيها الجهويين ،ولكن أيضا عن طريق العامل كممثل للدولة من جهة ،وباعتباره مسؤوال عن تنفيذ
القرارات الحكومية من جهة أخرى ،وقائما على ضمان التنسيق بين مختلف أنشطة هذه المصالح.
إن رهان التنمية الجهوية يفرض على اإلدارات المركزية في إطار سياسة الالتركيز اإلداري ،إحداث مصالح غير ممركزة على مستوى االختصاصات
والموارد بكل الجهات ،حتى تتمكن هذه األخيرة بواسطة والي الجهة وعمال األقاليم من النظر في توزيع هذه المصالح بالتوازي على باقي التراب
الوطني.
الالتركيز بمثابة الزمة لالمركزية ،بحيث أنه لتوفير النجاح لهذا المبدأ كان على الدولة أن تؤكد التزامها المحلي بوضع المؤسسات الغير متمركزة
من أجل إقامة حوار بين المنتخبين المحليين والممثلين المحليين للدولة.
بعد استعراض المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي الجديد في مجال الالتركيز ،فان السؤال الذي يطرح نفسه اآلن هو أية أفاق يمكننا
استشرافها لتطوير الالتركيز االداري ببالدنا ؟
خاتمة عامة:
تعتبر الالمركزية إجراء يهدف إلى إشراك المواطنين في تدبير الشأن العام عبر ممثليهم وذلك عن طريق تحويل اختصاصات الدولة إلى
الجماعات الترابية التي تبقى خاضعة لمراقبة ووصاية السلطات العمومية .فالالمركزية بهذا المعنى ،هي اختيار تدبيري لتمايزات وخصوصيات
المجتمع في أفق تعزيز وتدعيم السيرورة الديمقراطية لصياغة واتخاذ القرارات تساهم فيها كل الفعاليات والتنظيمات المدنية وجميع المتدخلين.
أما فيما يتعلق بالالتركيز ،فيهدف باألساس الى إعادة توزيع السلط داخل إدارة الدولة من المصالح المركزية الى المصالح الخارجية ،بحيث
تمارس األولى رقابة تسلسلية على الثانية .
من خالل هذه المقارنة ،يتضح أن مفهومي الالمركزية والالتركيز ،وإن كانا يختلفان في الجوهر ،فهما يهدفان الى وضع أسس إدارة القرب
وتخفيف األعباء عن المركز .
ويتضح لنا جليا أن الدستور المغربي الجديد قد ارتقى بالالتركيز اإلداري حيث عزز في هذا الصدد من دور الوالة والعمال بجعلهم ممثلي السلطة
المركزية والعاملين باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ،وممارسة المراقبة اإلدارية.
كما أن الدستور الجديد لبالدنا قد استعمل ألول مرة في تاريخ المغرب منذ االستقالل مصطلح "المصالح الالممركزة لالدارة المركزية" ،تعبيرا عن
رغبة المشرع المغربي في تعزيز مسار الالتركيز كنمط لتكريس ادارة القرب من الموطنين.
Č
Ċ ).pdf (1591kالالمركزية و الالتمركز mhamed najib, 20 janv. 2013, 13:54 v.1 ď
Comments
Sign in | Recent Site Activity | Report Abuse | Print Page | Powered By Google Sites