You are on page 1of 1

‫شاشة المغرب التربوية‬

‫‪Rechercher dans ce site‬‬

‫تربية و علم النفس‬ ‫االدارة التربوية‬ ‫دالئل مهمة‬ ‫مواضيع التربية و علم النفس باللغة الفرنسية‬ ‫اللغة االمازيغية‬ ‫اناشيد لالطفال‬ ‫طرائف‬ ‫كاركاتير‬ ‫مواضيع التربية و علم النفس باللغة الفرنسية‬ ‫اغاني مغربية‬ ‫الصفحة الرئيسية‬

‫‪‎> ‎‬االدارة التربوية‬


‫الال مركزية و الالتمركز‬

‫المعرفة القانونية‬

‫الالمركزية في مجال التنظيم اإلداري الجديد‬


‫المقدمة ‪:‬‬
‫يدخل موضوع الالمركزية في مجال التنظيم اإلداري‪ ،‬وتعتبر لغويا نقيض المركزية‪ ،‬وهي عبارة مستعارة من الترسنة المؤسساتية والتنظيمية للدول‬
‫الغربية‪ ،‬وتفيد تاريخيا مرور األنظمة اإلدارية والسياسية الغربية من مرحلة االستبداد إلى مرحلة الديمقراطية‪ ،‬فالمركزية تنصرف إلى نمط إداري‬
‫قائم على االنفراد التام في صياغة القرار السياسي واإلداري وتسيير الشؤون العامة للدولة انطالقا من المركز السياسي‪ ،‬العاصمة‪ ،‬أما الالمركزية‬
‫فيجب التمييز بين الالمركزية السياسية والالمركزية اإلدارية‪ ،‬فاألولى تنصب على توزيع جميع وظائف الدولة (التنفيذية‪ -‬القضائية – التشريعية) بين‬
‫المركز والجماعات الترابية‪ ،‬ولذلك فهي ال توجد إال بالدولة المركبة أو الفيدرالية‪ ،‬أما الالمركزية اإلدارية فيقصد بها توزيع الوظائف اإلدارية فقط‪ ،‬بين‬
‫الحكومة المركزية في العاصمة وبين هيئات الجماعات الترابية ويتم نظام الالمركزية اإلدارية بمواكبة االتجاهات الحديثة التي ترمي إلى تحقيق مزيدا‬
‫من الديمقراطية للشعوب ودلك لمساهمتها الفعالة في تدبير الشؤون اإلدارية‪.‬‬
‫وتكمن أهمية الالمركزية في كونها وسيلة تمكن المواطنين من المساهمة في اتخاذ القرار وفي تسيير حياتهم العامة‪ ،‬انطالقا من مجموعة من‬
‫المبادئ المتعددة كالديمقراطية‪ ،‬وحقوق المواطنين‪ ،‬وفعالية التسيير وغير ذلك من متطلبات المجتمع‪ ،‬نظرا لعجز الدولة عن التواجد في كل مكان‬
‫وكل وقت‪.‬‬
‫وقد عرف الفرنسي آندرى دولوبادير الالمركزية بأنها‪" :‬اصطالح وحدة محلية بإدارة نفسها وقيامها بالتصرفات الخاصة بشؤونها"‪ ،‬وعرفها األستاذ فؤاد‬
‫العطار بما يلي‪" :‬يقصد بالالمركزية توزيع الوظيفة اإلدارية بين الحكومة المركزية وهيئات منتخبة أو محلية تباشر اختصاصاتها تحت إشراف الحكومة‬
‫ورقابتها"‪ ،‬وعرفها األستاذ سليمان الطاوي بأنها توزيع الوظائف اإلدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية أو تتجسد من خالل‬
‫إنشاء مجموعات محلية مستقلة عن الدولة لها صالحيات خاصة بها وموجهة نحو البحث عن الحلول لمشاكل التنمية المحلية"‪    .‬‬
‫ويعتبر الالتركيز من أبرز الشروط الضرورية لإلصالح اإلداري بالمغرب ‪ ،‬ذلك أن الالتركيز يعطي ‪ ‬مجموعة من االمتيازات لإلدارة المغربية على‬
‫المستوى المحلي ‪ ،‬ذلك أن تركيز السلطة في العاصمة لن يؤدي إال إلى تعقيد في العالقة بين اإلدارة والجمهور والى التأخير في الخدمات التي‬
‫تقدمها اإلدارة لذلك برزت أهمية الال تركيز كشرط أساسي للرقي باإلدارة المغربية ولتجاوز مجموعة من السلبيات المتعلقة بمركزية اتخاذ‬
‫القرارات‪.‬‬
‫وتقوم هذه الصورة على أساس تخويل بعض موظفي الوزارة في العاصمة أو في األقاليم بصفة فردية أو في شكل لجان تعين الحكومة ‪ ‬أعضاءها‬
‫حق البث نهائيا في بعض األمور دون حاجة للرجوع للوزير المختص السيما في المسائل التي ال تحتاج إلى مجهود خاص في انجازها وذلك لتخفيف‬
‫العبء قليال عن الوزير لتحقيق السرعة في انجاز بعض األمور الوظيفية اإلدارية خاصة بالنسبة لألماكن البعيدة عن العاصمة وسلطة البث هذه ال تعني‬
‫استقالل الموظفين عن الوزير وإنما يخضعون بالرغم من ذلك إلى اشرفه والى رؤسائهم اإلداريين أي في نطاق السلطة اإلدارية ‪.‬‬
‫فالالتركيز اإلداري اليهم إال نقل بعض الصالحيات ألعوان الدولة مع بقاء هؤالء خاضعين للسلطة المركزية ‪ ‬في إطار السلطة الرئاسية‪.‬‬
‫‪ ‬وبناء على هذا تتمحور إشكالية هذا الموضوع الذي نحن بصدد تناوله حول الالمركزية و الالتركيز اإلداري‪.‬‬
‫ومن أجل فهم هذا اإلشكالية سنقوم بتفريعها على مجموعة من األسئلة وذلك كالتالي ‪:‬‬
‫‪    ‬ماهي صور وأسس الالمركزية اإلدارية ؟‬
‫‪    ‬ماهو مسارها في المغرب ؟‬
‫‪    ‬ماهي أهم المستجدات التي أتى بها الدستور الجديد في الالتركيز اإلداري ؟‬
‫‪    ‬وما هي أفاق الال تركيز اإلداري؟‬
‫واستنادا على هذا سنتناول هذا الموضوع عبر مبحثين كالتالي ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬صور وأسس الال مركزية اإلدارية ومسارها في المغرب‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الالتمركز اإلداري‬
‫تصميم الموضوع ‪:‬‬

‫المبحث االول ‪ :‬صور وأسس الال مركزية اإلدارية ومسارها في المغرب ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬صور وأسس الال مركزية اإلدارية ‪:‬‬
‫‪    v‬الفقرة االولى ‪ :‬صور الالمركزية اإلدارية‬
‫‪    v‬الفقرة الثانية‪ :‬أسس الالمركزية اإلدارية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسار الال مركزية االدارية في المغرب‬
‫‪    v‬الفقرة األولى ‪ :‬الجماعات الحضرية والقروية‬
‫‪    v‬الفقرة الثانية‪ :‬العماالت واألقاليم‬
‫‪    v‬الفقرة الثالثة ‪ :‬الجهات‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الالتمركز اإلداري‬
‫المطلب األول ‪ :‬مستجدات الدستور في مجال الالتركيز اإلداري‬
‫‪    v‬الفقرة األولى‪ :‬تقوية دور الوالة والعمال في مجال الالتركيز‬
‫‪    v‬الفقرة الثانية‪ :‬االرتقاء بوضعية مندوبيات الوزارات في المستوى الترابي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أفاق تطوير الالتركيز اإلداري‬
‫‪    v‬الفقرة األولى ‪ :‬ضرورة إصدار الميثاق الوطني‬
‫‪    v‬الفقرة الثانية ‪ :‬وجوب اعتماد تقسيم ترابي ناجع‬

‫المبحث االول ‪ :‬صور وأسس الال مركزية اإلدارية ومسارها في المغرب ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬صور وأسس الال مركزية اإلدارية‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬صور الالمركزية اإلدارية‬

‫تنقسم الالمركزية اإلدارية إلى الالمركزية المرفقية وتنطبق بصفة خاصة على المؤسسة العمومية بمختلف أنواعها‪ ،‬والالمركزية الترابية وتتحقق‬
‫بمنح جزء من التراب الوطني الشخصية المعنوية‪ ،‬يعني منحه االستقالل اإلداري والمالي في مباشرة االختصاصات الموكولة اليه بهدف السهر على‬
‫تحقيق المصالح المحلية تحت إشراف الحكومة ورقابتها‪.‬‬
‫اوال‪ :‬الالمركزية اإلدارية المرفقية أوالمصلحية‪:‬‬
‫يقصد بها توزيع العمل طبقا لطبيعة النشاطات ونوع المرافق والمشاريع التي ينصب عليها هذا النشاط‪ ،‬والالمركزية المرفقية هي ما يسمى‬
‫بالمؤسسات العمومية التي تتولى إدارة نشاط معين يسند إليها بحكم القانون‪ ،‬وتتحقق بمنح مرفق عام سواء أكان وطنيا أو محليا الشخصية‬
‫المعنوية‪ ،‬وهو ما يترتب عنه االستقالل اإلداري والمالي في تسير شؤونه‪ ،‬إال أن هذا االستقالل غير مطلق وإنما هو مقيد بشرط الرقابة أو الوصاية‬
‫من طرف السلطات المختصة‪ .‬‬
‫ووفقا للتعريف الكالسيكي فان المؤسسة العمومية عبارة عن مرفق عام يدار عن طريق هيئة عامة ويتمتع بالشخصية المعنوية العامة‪ ،‬ومن خالل‬
‫هدا التعريف يتبين إن فكرة المؤسسات العمومية تقوم على ثالثة عناصر‪:‬‬
‫العنصر األول‪ :‬وجود مرفق عام وهو عبارة عن النشاط الذي تقوم به الدولة (أو الهيئات العامة التابع لها) بإدارته مباشرة أو عن طريق الغير‪ ،‬شرط‬
‫إن يظل هدا الغير خاضعا لرقابتها وإشرافها بقصد تحقيق خدمات عامة للجمهور بطريقة منتظمة ومطردة مع مراعاة مبدأ المساواة بين المنتفعين‪.‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬أن يدار عن طريق هيئة عامة‪ ،‬وذلك بأموالها وعمالها‪ ،‬وأن تستعمل في ذلك وسائل القانون العام‪ .‬فتترتب عن ذلك نتائج هامة تتجلى‬
‫في أن القرارات الصادرة عنها تعتبر قرارات إدارية‪ ،‬وأموالها تعتبر أموال عامة‪...‬الخ‪ .‬تال ما ستثني بنص خاص‪ ،‬وبهذه األمور تمتاز المؤسسة العمومية‬
‫عن المؤسسات الخاصة ذات النفع العام والتي تتشابه معها إلى حد كبير‪.‬‬
‫العنصر الثالث‪ :‬االعتراف لهدا المرفق بالشخصية المعنوية ليتحقق له قدر كبير من االستقالل يساعده على تحقيق أهدافه‪ ،‬ودلك من الناحيتين‬
‫اإلدارية والمالية‪ .‬‬
‫كما يمكن إن نميز بين عدة أصناف من المؤسسات العمومية‪ ،‬فهناك مؤسسات عمومية وطنية يتم إنشائها من طرف البرلمان حسب الفصل ‪ 71‬من‬
‫دستور ‪ ،2011‬المحدد الختصاصات البرلمان ومن بينها "إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام"‪ ،‬وهناك‬
‫مؤسسات عمومية محلية‪ ،‬يتم إنشائها من طرف الجماعات المحلية‪ ،‬كما تنقسم المؤسسات العمومية إلى مؤسسات عمومية إدارية ومؤسسات‬
‫عمومية تجارية وصناعية‪ ،‬ومؤسسات عمومية ذات طابع اجتماعي‪ ،‬وأخيرا مؤسسات عمومية مهنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الالمركزية اإلدارية اإلقليمية أو الترابية‬


‫يقصد بها تنظيم اإلدارة في الدولة على قاعدة تعدد الهيئات اإلدارية اإلقليمية‪ ،‬وتتحقق بمنح جزء من التراب الوطني الشخصية المعنوية‪ .‬يعني منحه‬
‫االستقالل اإلداري والمالي في مباشرة االختصاصات الموكلة إليه بهدف السهر على تحقيق المصالح المحلية تحت إشراف الحكومة ورقابتها‪ ،‬ويدير‬
‫شؤونها أفراد منتخبون‪.‬‬
‫كما يالحظ أن التشريعات الدولية لم تقف موقفا واحدا من ناحية تحديد االختصاصات التي تعهد به للهيئات اإلقليمية‪ ،‬وتحديد اختصاصاتها قد يكون‬
‫بإحدى صورتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬تحدد اختصاصات الهيئات الالمركزية على سبيل الحصر‪ ،‬فال يمكن لواحدة منها الخروج من تلك الدائرة إّال بناءا على تشريع جديد‪ .‬وقد أخذت‬
‫بهذا النمط بريطانيا (ويسمى بأسلوب تعدد األنماط )حيث تراعى فيه الفوارق الخاصة بكل بيئة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬تحدد اختصاصات الهيئات المحلية في مجموعها طبقا لمقتضيات قانونية عامة‪ ،‬ودلك بوضع نمط يعطي الهيئات اإلقليمية اختصاصات عامة‪،‬‬
‫ويحدد الحاجات العامة لسكان اإلقليم‪ .‬وقد اتبعت فرنسا والدول التي تدور في فلكها هذا النمط‪ .‬وتسمى بأسلوب وحدة النمط‪ ،‬واالختصاصات‬
‫الممنوحة للهيئات الالمركزية هنا أوسع واكبر كمية من الطريقة األولى‪.‬‬
‫وتختلف الالمركزية اإلقليمية عن المرفقية بكون الشخص العام اإلداري المحلي ينشا لرعاية نشاط يهم مصالح سكان منطقة جغرافية محددة‬
‫بالقانون أو إقليم من أقاليم الدولة‪ ،‬بينما ينشا الشخص العام ألمرفقي لتحقيق غرض محدد ويكون اختصاصه محدودا فيما ال يتجاوز الغرض المحدد‬
‫الذي أنشئ لتحقيقه‪.‬‬
‫كما يكون لشخص اإلداري المحلي وجود من الناحية المادية يسبق وجود القانون‪ .‬أما الشخص العام المرفقي فال يكون له وجود قبل إنشاء المرفق‬
‫ومنحه الشخصية المعنوية إلى درجة يمكن القول أن الشخص اإلداري المحلي يعتبر أعلى درجة وأوسع اختصاص وسلطانا من الشخص اإلداري‬
‫المرفقي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أسس وأركان الالمركزية اإلدارية‬

‫إن الالمركزية اإلدارية لها عدة أركان كي تتحقق‪ ،‬ولكي نميزها عن غيرها من األساليب اإلدارية التي قد تحمل نفس االسم‪ ،‬وتختلف معها في‬
‫المضمون والمرمى‪ ،‬فأول هذه األركان هي االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية‪ ،‬وثاني هذه األركان هي أن يعهد باإلشراف‬
‫على هده المصالح إلى هيئات منتخبة‪ ،‬وأخير هذه األركان هي استقالل المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية‪.‬‬
‫‪ -1‬االعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية‬
‫بمعنى أن ثمة مصالح محلية ينبغي ترك مباشرتها واإلشراف عليها لمن يهمه األمر حتى تتفرغ الحكومة المركزية لمصالح أخرى ذات طابع عام تهم‬
‫الدولة كلها‪ ،‬أي توفر حاجيات خاصة بالمجموعة البشرية المستقرة على تراب الوحدة الترابية‪ ،‬حاجيات تتميز عن الحاجيات الوطنية العامة‪ ،‬فمثال إذا‬
‫كانت الدولة تهيمن على المرافق ذات األهمية الكبرى كمرافق األمن والدفاع والقضاء والمواصالت عبر التراب الوطني‪ ،‬فان المرافق المحلية‬
‫كالنقل المحلي و توزيع الماء والكهرباء…‪ .‬يستحسن تركها لمن يستفيدون منها مباشرة فهم أدرى باحتياجهم إليها واقدر على تسييرها فضال عما في‬
‫دلك من تخفيف عبئ إدارتها عن الحكومة المركزية‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يعهد باإلشراف على هده المصالح إلى هيئات منتخبة‪.‬‬
‫فقد أشار الفصل ‪ 135‬من الدستور إلى ‪ ...” :‬الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية‪ ،‬خاضعة للقانون العام‪ ،‬تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية‪ .‬تنتخب‬
‫مجالس الجهات والجماعات باالقتراع العام المباشر“ فاإلدارة المحلية تسعى باألساس إلى إسناد المصالح المحلية إلى من يهمهم األمر‪ ،‬ودلك إلشباع‬
‫حاجياتهم المحلية بأنفسهم ولما كان من المستحيل على جميع أبناء اإلقليم أو المدينة أن يقوموا بهده المهمة بأنفسهم مباشرة فان المشرع قد جعل‬
‫إسناد هده المصالح المحلية إلى من ينتخبونه نيابة عنهم‪ ،‬ومن ثمة كان االنتخاب هو الطريقة األساسية التي يتم عن طريقها تكوين المجالس المعبرة‬
‫عن إرادة ابناء اإلقليم ‪.‬‬
‫وهدا يعني وجود أجهزة مستقلة تستمد مشروعيتها من االقتراع العام المباشر أو غير المباشر وليس أجهزة يتم تعيينها من طرف السلطة المركزية‬
‫كما هو الشأن في الالمركزية المرفقية‪ ،‬ويرى البعض أن استقالل السلطات الالمركزية ال يتحقق إال إذا كان اختيار أعضاء هذه السلطات بطريق‬
‫االنتخاب بمعنى أن انتخاب أعضاء هذه السلطات يعتبر شرطا أساسيا وال يمكن القول بوجود ال مركزية إدارية تقوم على غير االنتخاب في دولة من‬
‫الدول‪.‬‬
‫‪ - 3‬استقالل المجالس في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية‬
‫استقالل أعضاء السلطة الالمركزية عن السلطة المركزية‪ ،‬بمعنى أن يكون مقررا من المشرع ويخضع لمقتضيات القانون وال يراد بدلك االستقالل‬
‫الفصل المطلق بين المصالح المحلية ودائرة المصلحة الوطنية‪ .‬كما ال يراد بدلك االستقالل جعل كل جماعة محلية في معزل عن األخرى وإنما ثمة‬
‫صلة تربط تلك الجماعات مع بعضها البعض في إطار مبدأ التعاون والتكامل والتعايش ألنها تؤلف في الواقع جزءا من جماعة أوسع نطاقا وهي‬
‫المجتمع الوطني ‪.‬‬
‫وإشراف السلطة المركزية هو نوع من الخضوع بحكم القانون لمراقبة من نوع خاص تختلف عن الرقابة الرئاسية وتسمى "الوصاية اإلدارية"‪ ،‬إال أن‬
‫بعض الفقه يرى أن هده الرقابة تعتبر عائقا لالستقاللية اإلدارية والمالية التامتين للوحدة الترابية‪ ،‬والبعض االخر يعتبرها معيارا يميز الالمركزية عن‬
‫النظام الفدرالي او الكونفدرالي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسار الالمركزية االدارية في المغرب‬


‫يعرف المغرب ثالثة مستويات من الالمركزية اإلدارية اإلقليمية آو الترابية‪ ،‬المستوى األول هو الجهات‪ ،‬والمستوى الثاني هو العماالت واالقاليم‪،‬‬
‫والمستوى الثالث واألخير هو الجماعات الحضارية والقروية‪ ،‬ولقد شهد المغرب منذ فجر االستقالل‪ ،‬اهتماما متزايدا بموضوع الالمركزية وهكذا‪،‬‬
‫انطلقت المرحلة األولى لبناء هده الالمركزية سنة ‪ ،1960‬بصدور ميثاق التنظيم الجماعي‪ ،‬وكذا قانون تنظيم مجالس العماالت واألقاليم سنة ‪،1963‬‬
‫ثم تلتها بعد ذلك مرحلة ثانية انطلقت سنة ‪ 1976‬تميزت على الخصوص بصدور قانون جديد يعرف بظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ ،1976‬ويعد هذا األخير المؤسس‬
‫للمشروع الالمركزي بمفهومه الحديث على مستوى البلديات والمجالس القروية‪ ،‬حيث أصبحت البلديات بمقتضى هذا القانون الجديد‪ ،‬كيانات تتمتع‬
‫باالستقالل اإلداري والمالي وبالشخصية القانونية وبمجموعة واسعة من الصالحيات ذات الصبغة اإلدارية‪ ،‬وكذا االقتصادية واالجتماعية‪ .‬بيد أن هذه‬
‫المرحلة لم تشهد أي تطور على مستوى مجالس العماالت واألقاليم التي ظلت طيلة هذه المدة محكومة بقانون ‪ ،1963‬وخالل عقد التسعينات‪ ،‬تم‬
‫االرتقاء بالجهة إلى مؤسسات دستورية بمقتضى الفصل ‪ 94‬من دستور ‪ 1992‬والفصل ‪ 100‬من دستور ‪.1996‬‬
‫وابتداء من سنة ‪ ،1997‬سيعرف التنظيم الالمركزي بالمغرب تطورا نوعيا على قدر كبير من األهمية تمثل في صدور قانون ‪ 43/96‬الخاص بإحداث‬
‫وتنظيم الجهات‪ ،‬وبعد دلك القانــون رقم ‪ 79.00‬المتعلق بالتنظيم العماالت واالقاليم بالمغرب الصادرين في ‪ 03‬أكتوبر ‪ ،2002‬والقانون رقم ‪78.00‬‬
‫المتعلق بالميثاق الجماعي في صيغته الجديدة‪ ،‬كما تم تعديله سنة ‪ 2009‬واتى بعدة مقتضيات جديدة ودلك لتعزيز الالمركزية‪ ،‬هدا باإلضافة إلى‬
‫دستور ‪ 2011‬الذي عزز بدوره وبشكل كبير هدا التنظيم في العديد من فصوله بل أكثر من دلك فقد خصص باب تحت عنوان "الجهة والجماعات‬
‫الترابية األخرى"‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الجماعات الحضارية والقروية‬

‫كان ظهير ‪ 12‬يونيو ‪ 1960‬المعتبر بمثابة قانون متعلق بالتنظيم الجماعي‪ ،‬أول قانون يبدأ في وضع اللبنة األساسية لالمركزية اإلدارية بالمغرب بعد‬
‫االستقالل‪ ،‬حيث حدد كال من اختصاصات المجالس الجماعية المنتخبة من جهة والسلطة المحلية من جهة أخرى‪ ،‬كما احدث صنفين من الجماعات‬
‫وهي الجماعات الحضرية التي كانت تتشكل من البلديات والمراكز المستقلة‪ ،‬والجماعات القروية‪ ،‬إال أن الوصاية كانت قوية جدا‪ ،‬اذ نص الفصل ‪20‬‬
‫على أن القضايا المتخد في شأنها مقررات ال تكون قابلة للتنفيذ إال إذا صادقت عليها السلطة اإلدارية العليا‪ ،‬وعدد هده القضايا ‪ 15‬قضية تبتدئ‬
‫بالميزانية الجماعية وتنتهي باحداث او حذف او تبديل موضوع المعارض أو األسواق وتاريخ إقامتها‪ .‬كما ان المالحظ في هذه التجربة األولى هيمنة‬
‫السلطة المحلية المتمثلة في القياد والبشاوات على التدبير اليومي للشأن المحلي‪.‬‬
‫وأمام االنتقادات الموجهة لهذا القانون‪ ،‬صدر الميثاق الجماعي ‪ 30‬شتنبر ‪ ،1976‬واتى بعدة مستجدات خصوصا االرتقاء بالجماعة إلى مستوى فاعل‬
‫اقتصادي واجتماعي حيث أصبحت تتدخل في هذه الميادين‪ ،‬وحمل هذا الميثاق مسؤوليات جديدة للمجلس الجماعي تشمل كل مجاالت التنمية‬
‫المحلية والتي تندرج في سياق الفصل ‪ ،30‬باإلضافة إلى تعزيز صالحيات الرئيس ووضع حدا للتدبير المزدوج مما شكل تحوال مهما في مسار‬
‫الجماعية بحيث تم نقل بعض اختصاصات السلطة المحلية إلى رؤساء المجلس الجماعي ‪ ،‬وبالتالي تقليص دور السلطة المحلية‪ ،‬كما تم التخفيف من‬
‫حدة الوصاية التي كانت تمارسها اإلدارة نظرا لنضج فكرة الالمركزية‪ .‬‬
‫إال انه رغم دلك فقد ظهرت صراعات على االختصاصات بين السلطة المحلية من جهة ورؤساء المجالس المحلية من جهة أخرى‪ ،‬نظرا لغموض النص‬
‫وتمسك كل طرف بالتفسير الذي يناسبه‪ ،‬من االنتقادات الموجهة أيضا إلى هذا الظهير ضعف مؤسسة الرئيس بسبب الفصل ‪ 7‬المتعلق بإقالته‪.‬‬
‫ومن بين المحطات المهمة التي مرة بها الجماعات الحضارية والقروية هي سنة ‪ 2002‬بصدور ميثاق جماعي جديد‪ ،‬والذي اتى بدوره بمستجدات‬
‫مهمة‪ ،‬وأهمها إلغاء نظام المجموعة الحضرية وإقرار وحدة المدينة‪ ،‬التنصيص على نظام لحقوق ووجبات المنتخب الجماعي‪ ،‬زد إلى ذلك تطوير‬
‫آليات التعاون والشراكة داخليا وخارجيا‪ ،‬كما جاء هذا الميثاق لضبط وتوسيع اختصاصات المجالس الجماعية ورؤسائها‪ .‬‬
‫وتم تعديل هذا الميثاق بالقانون رقم ‪ 17.08‬في ‪ 18‬فبراير ‪ 2009‬وجاء بتعديالت مهمة‪ ،‬بإدخاله وسيلة التخطيط كآلية للتدبير المعقلن للشأن المحلي‬
‫"المادة ‪ ،"36‬وهي آلية جد مهمة تأخذ بالمقاربة التشاركية مع مختلف الفاعلين من اجل وضع إستراتيجية عمل مشتركة‪ ،‬كما جاء هذا القانون بتوسيع‬
‫اختصاصات الكاتب العام وإلغاء مقرر الميزانية‪ ،‬باإلضافة إلى خلق لجن جديدة مهمة وخاصة اللجنة االستشارية للمساواة وتكافئ الفرص‪.‬‬
‫هذه هي أهم األشواط والمراحل التي قطعتها الجماعات الحضرية والقروية في ظل الالمركزية اإلدارية بالمغرب‪ ،‬فمن جماعة ضيقة االختصاص‬
‫وهيمنة رجال السلطة المحلية إلى جماعة مقاولة ومواطنة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العماالت واألقاليم‬

‫عرف التراب الوطني بعد االستقالل تقسيما إداريا وذلك بمقتضى الظهير المؤرخ بتاريخ ‪ 13‬أكتوبر ‪ 1956‬الذي قسم المغرب إلى ‪ 19‬إقليم و‪5‬‬
‫عماالت‪ ،‬غير أن هذا الظهير لم يراع ظروف ما بعد االستقالل مما جعل المشرع يتدخل بسرعة فأصدر الظهير المؤرخ بتاريخ ‪ 2‬دجنبر ‪ 1959‬الذي‬
‫قسم البالد الى ‪ 16‬إقليما وعمالتين‪.‬‬
‫ويعد اإلقليم وحدة إدارية لعدم التركيز اإلداري من جهة كما يعتبر وحدة محلية المركزية من جهة ثانية‪ ،‬واإلقليم باعتباره وحدة ترابية المركزية يدخل‬
‫ضمن الجماعات الترابية‪ ،‬أي الوحدات الالمركزية المتمتعة بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي واإلداري‪.‬‬
‫غير أن الالمركزية اإلقليمية تصطدم بمجموعة من العوائق‪ ،‬ويتعلق األمر أساسا بتدخل السلطة المركزية وممثليها في الشؤون الخاصة بسير‬
‫المجالس المنتخبة والدور المزدوج للعامل كممثل للسلطة المركزية وكجهاز تنفيذي لإلقليم‪ ،‬وشدة الرقابة باإلضافة إلى قلة الموارد‪ ،‬األمر الذي‬
‫يحول دون تحقيق ال مركزية حقيقية‪ .‬‬
‫وكان ظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬أول قانون ينظم هذه الوحدة الترابية ويبين اختصاصاتها‪ ،‬وطبقا للفصل األول من هذا الظهير فالعماالت واألقاليم‬
‫جماعات إقليمية يجري عليها القانون العام وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وينص هذا الظهير على أن شؤون العمالة أو اإلقليم يديرها‬
‫المجلس اإلقليمي وذلك طبقا للشروط المحددة قانونا‪" ،‬الفصل ‪ ."2‬والمجلس يخضع من حيث نظام سير العمل به وكذا من حيث الرقابة المفروضة‬
‫عليه لمقتضيات الظهير المذكور‪ .‬‬
‫ولقد حددت الفصول المتعلقة باختصاصات مجالس العماالت واألقاليم في الباب الرابع من هذا الظهير‪ ،‬وهي تشمل اختصاصات تقريرية وأخرى‬
‫استشارية‪ ،‬وخالفا لما هو عليه في التنظيم الجماعي‪ ،‬فالتنظيم اإلقليمي جعل من العامل الجهاز المنفذ لمقررات المجلس‪ ،‬وبذلك فالمشرع زوده‬
‫باختصاصات جد مهمة‪.‬‬
‫وعدل ظهير ‪ 1963‬بظهير شريف ‪ 1.02.269‬صادر في ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بتنفيذ قانون رقم ‪ 79.00‬المتعلق بتنظيم الجماعات واألقاليم‪ ،‬إال أن هذا القانون‬
‫لم يأتي بمستجدات جوهرية ترقى بالالمركزية اإلدارية إلى المكانة التي تستحقها في هذا المستوى‪ ،‬حيث مازال العامل هو اآلمر بالصرف والمسؤول‬
‫عن تنفيذ قرارات المجلس‪ ،‬وبالتالي فهناك من يطالب بإلغاء نظام العماالت واألقاليم الن ليس له أي تأثير على الالمركزية اإلدارية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجهات‬

‫يعتبر التنظيم الجهوي من اآلليات التي استحدثها المستعمر الفرنسي لبسط حمايته على مجموع التراب الوطني‪ ،‬فقد شكلت الجهات وسيلة لبسط‬
‫السيطرة العسكرية الفرنسية ولم تشكل مجاال لالمركزية ومشاركة السكان حتى بعد بسط النفوذ العسكري الفرنسي على كل أجزاء التراب‬
‫المغربي‪ .‬وبعد االستقالل تغيرت الخريطة اإلدارية المغربية‪ ،‬ولم تعد هيكلة المجال الترابي قائمة على أساس الجهات‪ ،‬بل تم التخلي عنها لفائدة‬
‫العماالت واألقاليم‪ .‬وبالتالي لم تول السلطات العمومية العناية واالهتمام الكافي بالجهة‪ ،‬فالدولة المغربية الحديثة االستقالل كان اهتمامها في البداية‬
‫منصبا أساسا على تكريس سلطتها سياسيا واداريا‪ ،‬وبهدف ضمان وحدة الدولة المستقلة واستمراريتها بدت سياسة التقسيم الترابي كسياسة كفيلة‬
‫بتحقيق التاطير الفعال للسكان وذلك من خالل ربط اإلتصال بين المواطنين والدولة عن طريق رجال السلطة المتواجدين على رأس التقسيمات‬
‫الترابية‪ ،‬فصدر ظهير ‪ 1959‬الذي قسم المغرب الى عماالت واقاليم‪ .‬‬
‫اما الجهات التي تم خلقها سنة ‪ 1971‬فلم تشكل إال إطارا للعمل االقتصادي وذلك بعد ما لم تعد البنية االقليمية مالئمة بفعل التزايد السريع في عدد‬
‫العماالت واالقاليم‪ ،‬إال أن الجهات االقتاصدية السبع المحدثة في هذه الفترة لم تكن لها اختصاصات تقريرية بل كانت لها اختصاصات استشارية في‬
‫المجال االقتصادي فقط‪ ،‬بل اكثر من ذلك لم تكون لها اية شخصية معنوية وال اي استقالل اداري وال مالي‪ ،‬بل كانت الجهة انذاك اطارا ترابيا لتحقيق‬
‫النمو االقتصادي واالجتماعي للجهات المحدثة‪ ،‬مع ذلك فلقد كان بعيدا عن عكس الطموحات المدعمة من طرف السلطات العمومية والتي تم‬
‫تأكيدها في العديد من المناسبات‪ .‬‬
‫وعلى العموم فالتجربة الجهوية التي سعى المشرع القامتها من خالل ظهير ‪ 1971‬لم تستطيع مسايرة التطور االقتصادي والسياسي للبالد وذلك لما‬
‫حملته من سلبيات حدت من ايجابيتهان وبالتالي كان البد من التفكير في تطوير نظام الجهوية‪ ،‬وكان التعديل الدستوري لسنة ‪ 1992‬الفرصة‬
‫المناسبة للرقي بالجهة كجماعة محلية تتمتع بالشخصية المعنوية وباالستقالل المالي واالداري‪ ،‬وهو ما كرسه دستور ‪ 1996‬لكن تفعيل ذلك لم يكون‬
‫اال مع ظهير ‪ 2‬ابريل ‪ 1997‬اال ان تركيبته اتت شبيهة بتنظيم العماالت واالقاليم‪ ،‬فاالمر بالصرف والمنفذ لقرارات المجلس هو عامل عمالة مركز‬
‫الجهة‪ ،‬وبالتالي ظلت ضعيفة من حيث مساهمتها في التنمية‪ ،‬لكن اصبح اليوم الحديث عن مشروع الجهوية المتقدمة‪ ،‬ومع دستور ‪ 2011‬عزز مكانة‬
‫الجهة خصوصا واعتبارها تتبوء المكانة المتقدمة للجماعات الترابية االخرى في ميدان التخطيط االقتصادي واالجتماعي واعداد التراب والتعمير‪ ،‬كما‬
‫اسندت مهمة االمر بالصرف الى رئيس الجهة مكان العامل‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الالتمركز اإلداري‬

‫يعد أسلوبا من أساليب التنظيم اإلداري ‪،‬يقضي بتوزيع السلطات اإلدارية بين الحكومة المركزية وممثليها على الصعيد المحلي بحيث تمنح لهؤالء‬
‫بعض الصالحيات واإلختصاصات والسلطات اإلدارية مع بقائهم تابعين للحكومة المركزية ومعينين من قبلها دون أن يترتب على ذلك استقاللهم عنها‪،‬‬
‫إذ يبقون خاضعين لرقابة وإشراف السلطات المركزية‪.‬‬
‫وقد عرف األستاذ محمد المرغيني الال تمركز بأنه ّ"االعتراف لبعض موظفي الوزارة بسلطة اتخاذ بعض القرارات ذات األهمية القليلة والمتوسطة‬
‫والبث فيها نهائيا دون الرجوع إلى الوزير المختص"‪.‬‬
‫وهناك شبه إجماع لدى علماء اإلدارة على أن إصالح الالتمركز اإلداري يعد جزءا ال يتجزأ من إصالح الدولة ‪ ،‬وال يمكن اعتباره مجرد بعد من أبعاد‬
‫اإلصالح اإلداري ‪.‬باعتبار أن الالتركيز يخول بعض موظفي الوزارة ‪ ‬في العاصمة أو في األقاليم بصفة فردية أو في شكل لجان ‪ ،‬تعين الحكومة‬
‫أعضاها‪ ،‬حق البث نهائيا في بعض األمور دون حاجة إلى الرجوع إلى الوزير المختص السيما في المسائل التي التحتاج الى مجهود خاص في‬
‫انجازها‪.‬وذلك لتخفيف العبء قليال عن الوزير ولتحقيق السرعة في انجاز بعض أمور الوظيفة اإلدارية خاصة بالنسبة لألماكن البعيدة عن العاصمة‪.‬‬
‫وسلطة البث هذه ال تعني استقالل الموظفين عن الوزير وإنما يخضعون بالرغم من ذلك إلى إشرافه والى رؤسائهم في نطاق السلطة الرئاسية‪.‬‬
‫تبعا لما سبق تكتسي دراسة المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي الجديد في مجال الالتركيز مناسبة مهمة للتعرف على المقتضيات‬
‫الدستورية الجديدة في مجال الالتركيز وكذا لوضع أفاق ترمي إلى تعزيز مسلسل الالتركيز‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬سنتناول هذا المبحث وفق المطلبن اآلتيين ‪ :‬مستجدات الدستور المغربي في مجال الالتركيز اإلداري ( المطلب األول )‪ ،‬وأفاق‬
‫تطوير الالتركيز االداري ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مستجدات الدستورالمغربي في مجال الالتركيز اإلداري‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تقوية دور الوالة والعمال في مجال الالتركيز‬

‫إن وظيفة رجل السلطة ال تقتصر على تمثيل الدولة في الجماعة التي يتواجد بها بل له من االختصاصات ما يجعله بحق احد الفاعلين األساسيين في‬
‫المجال االقتصادي ويتبين ذلك من خالل مشاركته في جل القرارات ذات الطبيعة االقتصادية المتخذة على المستوى المحلى ‪.‬‬
‫يتوفر الوالي أو العامل على اختصاصات متنوعة وكثيرة يستمد مشروعيتها من اإلطار الدستوري الذي يخول لهم صفة ممثل الدولة في الجهات‬
‫والعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫وبذلك أصبحت لهم وظائف تامين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها‪ ،‬كما يمارسون المراقبة اإلدارية ويقوم الوالة‬
‫والعمال تحت سلطة الوزراء المعنيين‪ ،‬بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية‪ ،‬ويسهرون على حسن سيرها‪.‬‬
‫لم يعد ممثلي الدولة في الجهات والعماالت واألقاليم يمارسون أعمال إدارية فحسب بل أصبحوا باإلضافة إلى ذلك مكلفون بالتنسيق بين المصالح‬
‫الالمتمركزة لإلدارات المدنية التابعة للدولة والمؤسسات العمومية المتواجدة داخل النفوذ الترابي للواليات والعامالت ‪ ‬غير أن ‪ ‬دورهم ال ينحصر فقط‬
‫في التنسيق بل يمتد كذلك إلى المبادرة والنهوض بتلك األعمال والمصالح واإلشراف عليها وتتبعها وذلك بتنسيق متبادل بينهم وبين السلطات‬
‫المركزية حول المشاريع المزمع انجازها في تراب الوالية والعمالة وكذا مستويات تنفيذ تلك المشاريع‪.‬‬
‫األكثر من ذلك أجاز مرسوم ‪ 20‬أكتوبر ‪ 1993‬الذي عولت عليه كثيرا السلطات المغربية في تحديث اإلدارة للوزراء إمكانية للعمال لتدبير بعض األمور‬
‫الداخلة في اختصاصاتهم وان يتولوا التوقيع باسمهم والتأشير على جميع القرارات المتعلقة بأعمال المصالح الخارجية التابعة لهم ضمن الحدود‬
‫الداخلة في اختصاصاتهم الترابية ‪.‬‬
‫ولضمان نوع من التنسيق في المشاريع المراد انجازها السيما أن تراب الوالية أو العمالة تضم العديد من المتدخلين إلى جانب رجال السلطة من‬
‫ممثليات الوزارات والمؤسسات العمومية الجهوية أو المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص فان الضرورة ألحت إيجاد وسيلة عمل تجمع كل‬
‫هؤالء المتدخلين‪ ،‬ومن هنا جاء التنصيص على اللجنة التقنية التي تضم إضافة إلى العامل بصفته رئيسا‪ ،‬الكاتب العام للعمالة أو اإلقليم ورؤساء‬
‫الدوائر ورؤساء المصالح الخارجية لإلدارات المركزية التابعة للدولة‪ ،‬مديري المؤسسات العامة المتواجدة بتراب العمالة أو اإلقليم كل شخص من‬
‫ذوي الدراية واألهمية والذي بإمكانه تقديم خدمات في هذا اإلطار‪.‬‬
‫إضافة إلى تقوية دور الوالة والعمال في مجال الالتركيز ‪،‬فان الدستور المغربي لسنة ‪2011‬قد ارتقى بالوضعية القانونية لمندوبيات الوزارات على‬
‫المستوى الترابي من المصالح الخارجية إلى المصالح الالممركزة تعزيزا لسياسة الالتركيز‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االرتقاء بوضعية مندوبيات الوزارات على المستوى الترابي‬

‫إن اختيار المشرع المغربي لمصطلح "المصالح الالممركزة" بدل مصطلح ‪ " ‬المصالح الخارجية " يدل على األهمية التي يحظى بها تدعيم نظام‬
‫الالتركيز إلداري ببالدنا‪.‬‬
‫هذا االختيار جاء نتيجة للعوامل التالية‪:‬‬
‫‪    ‬نهج سياسة لتجميع المصالح غير الممركزة على مستوى الجهة‪ ،‬وذلك في اتجاه التخلي عن التموقع على المستوى اإلقليمي لفائدة التموقع على‬
‫المستوى الجهوي‪.‬‬
‫‪    ‬يرى العديد من الدارسين إن الجهة ستشكل مجاال مفضال إلحالل سياسة عدم التركيز‪ ،‬وستتيح لإلدارة المركزية مراقبة وتأمين استمرارية أنشطة‬
‫مصالحها غير الممركزة ليس فقط عن طريق مندوبيها الجهويين‪ ،‬ولكن أيضا عن طريق العامل كممثل للدولة من جهة ‪ ،‬وباعتباره مسؤوال عن تنفيذ‬
‫القرارات الحكومية من جهة أخرى‪ ،‬وقائما على ضمان التنسيق بين مختلف أنشطة هذه المصالح‪.‬‬
‫‪    ‬إن رهان التنمية الجهوية يفرض على اإلدارات المركزية في إطار سياسة الالتركيز اإلداري‪ ،‬إحداث مصالح غير ممركزة على مستوى االختصاصات‬
‫والموارد بكل الجهات ‪ ،‬حتى تتمكن هذه األخيرة بواسطة والي الجهة وعمال األقاليم من النظر في توزيع هذه المصالح بالتوازي على باقي التراب‬
‫الوطني‪.‬‬
‫‪    ‬الالتركيز بمثابة الزمة لالمركزية‪ ،‬بحيث أنه لتوفير النجاح لهذا المبدأ كان على الدولة أن تؤكد التزامها المحلي بوضع المؤسسات الغير متمركزة‬
‫من أجل إقامة حوار بين المنتخبين المحليين والممثلين المحليين للدولة‪.‬‬
‫بعد استعراض المستجدات التي جاء بها الدستور المغربي الجديد في مجال الالتركيز‪ ،‬فان السؤال الذي يطرح نفسه اآلن هو أية أفاق يمكننا‬
‫استشرافها لتطوير الالتركيز االداري ببالدنا ؟‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أفاق تطوير الالتركيز االداري‬


‫الفقرة األولى‪ :‬ضرورة إصدار الميثاق الوطني‬
‫إن من شأن إصدار الميثاق ‪ ‬الوطني لالتركيز أن يساهم في نظام فعال لإلدارة ال ممركزة وذلك عن طريق تفعيل ما يلي ‪:‬‬
‫‪    ‬إن النقطة المركزية األولى في الميثاق المرتقب تتعلق بالقضية الجوهرية المرتبطة بتوزيع االختصاصات بين السلطة المركزية والمصالح‬
‫الالممركزة ‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬سيصبح الالتمركز القاعدة العامة في توزيع المهام والوسائل بين مختلف المستويات اإلدارية التابعة للدولة‪.‬‬
‫‪    ‬تقتضي عملية إعادة النظر في بنيات إدارة الدولة استخدام أساليب جديدة وحديثة للتدبير والتسيير ‪ ،‬أي أن التطورات المتالحقة التي تعرفها‬
‫أساليب التدبير اإلداري تفرض نفسها على اإلدارة المغربية‪ ،‬إذ هي أرادت أن تواكب التطورات والتحوالت في مجال الممارسة اإلدارية خصوصا على‬
‫مستوى تدبير الموارد البشرية التي تعتبر أساس الممارسات والعمليات اإلدارية على اعتبار عقلنه تدبير ‪ ‬وتسيير الموارد البشرية باألساليب الرشيدة‬
‫‪ ‬والمتطورة يسمح لإلدارة بتحقيق النجاعة والفعالية والجودة ‪ ‬لتقديم خدماتها للمواطنين وذلك عبر التكوين المستمر والتوجيه والمراقبة والجزاء عند‬
‫االقتضاء ‪ ،‬كما يجب اعتماد الية التدبير التوقعي للموارد البشرية‪.‬‬
‫‪    ‬ومن المنطقي أن تعزيز الالتمركز سيساهم في أقلمة الدولة مع المجال الجهوي ‪ .‬فاذا كان على الجهة ان تمارس مهامها مع األخذ بعين االعتبار‬
‫الدور األساسي الذي تلعبه الدولة ‪ ،‬فعلى الدولة ‪ ‬كذلك أن ال تتجاهل الجهة وسيرورتها‪ ،‬ذلك أن الجهوية الموسعة تقتضي وجود ممثلين للدولة‪ ،‬أي‬
‫والة وعمال‪ ،‬قادرين على العمل في إطار تشاوري مع المؤسسات الجهوية‪ .‬كما يتعين على موظفي الدولة أن يعتبروا الجهة كمحور أساسي‬
‫لتدخالتهم وان يتخلصوا من نزوعم نحو التدبير المركزي المفرط الذي نعته الخطاب الملكي "بالمركزية المتحجرة"‪.‬‬
‫‪    ‬ان هذا التوجه يتطلب معالجة إشكالية الالتمركز بشكل شمولي وافقي وعدم اختزال المسألة وحصرها في االهتمام بالوالي أو الوالية وهو ما‬
‫يعني ضرورة االنكباب على تنطيم باقي مكونات منظومة الالتمركز اإلداري‪ ،‬وتحديد عالقتها ببعضها البعض بما في ذلك وضعية المصالح الالممركزة‬
‫المتواجدة على المستويات اإلقليمية‪.‬‬
‫إذا كان إصدار الميثاق الوطني لالتركيز سيساهم في وضع نظام فعال لإلدارة فانه اعتماد تقسيم ترابي ناجع من شأنه أن يساعد كذلك على التطبيق‬
‫األمثل لمقتضيات هذا الميثاق حال صدوره‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬وجوب اعتماد تقسيم ترابي ناجع‬


‫يشكل التقطيع الترابي جانبا أساسيا من مشروع اإلصالح الجهوي‪ .‬فمن بين ما أشار إليه صاحب الجاللة من األهداف في خطاب ‪3  ‬يناير ‪ 2010‬ابراز "‬
‫جهات قابلة لالستمرار"‪ ،‬متماسكة ومستقرة تقام على أعلى المعايير وجاهة‪.‬‬
‫كما يوضح خطاب ‪ 6‬نونبر ‪ 2008‬أن " نجاح الجهوية رهين باعتماد تقسيم ناجع يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا‬
‫وثقافيا "‪ .‬فحسب الخطاب الملكي‪ ،‬يرتبط نجاح هذا الورش بنجاعة التقسيم الجهوي كأساس لالصالح على المستويين البنيوي والوظيفي‪.‬‬
‫ويبدو أن السلطات العمومية ستتخلى عن الخريطة الجهوية الحالية ‪ ،‬وأنها مدعوة لتحديد معايير سوسيو اقتصادية وديموغرافية وجغرافية العتماد‬
‫تقسيم جديد من شأنه تعزيز دور الجهة في كل الميادين‪.‬‬
‫وقد ركز الخطاب على فئتين من المعايير الواجب أخذها في االعتبار ‪ .‬ويتعلق األمر ‪،‬أوال ‪ ,‬بالمعايير االقتصادية والجغرافية التي تشكل مراجع‬
‫موضوعية ترتبط بالمستقبل وتجسد الجهوية العلمية‪ ،‬ثم ثانيا بالمعايير االجتماعية والثقافية التي تعد من المراجع الذاتية ذات الصلة بالماضي والتي‬
‫تجسد الجهوية العاطفية ‪ .‬واإلشكالية التي يطرحها الخطاب بطريقة ضمنية تكمن في ضرورة التوفيق بين التكامل االقتصادي والجغرافي بين الجهات‬
‫من جهة واالنسجام االجتماعي والثقافي من جهة أخرى‪.‬‬
‫لذا يجب على أي تقسيم جديد أال تطغى عليه االعتبارات اإلدارية وحدها بل يجب أن يراعى في المقام األول االعتبارات التي ‪ ‬تمليها عملية تشريع‬
‫وتعجيل التنمية ‪ ‬االقتصادية واالجتماعية المرجوة إلى جانب االعتبارات اإلدارية‪ ،‬الطبيعية والعوامل االجتماعية والتاريخية وذلك بشكل إنعاش أي جهة‬
‫رهين باستعمال وتطوير إمكانياتها الذاتية أو ال ورهين تعاون جهوي تفرضه ضرورة التكامل على الصعيد الوطني خدمة لما فيه مصلحة جميع جهات‬
‫البالد ثانيا‪.‬‬
‫إن ما يميز مشروع التقسيم الجهوي المقترح من طرف اللجنة االستشارية للجهوية هو تحديد عدد الجهات الواجب إحداثها بغية تعزيز الحكامة‬
‫الترابية والذي اقترح في ‪ 12‬جهة مقسمة على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪     .1‬طنجة_ تطوان‬
‫‪     .2‬الشرق _الريف‬
‫‪     .3‬فاس _ مكناس‬
‫‪     .4‬الرباط_ سال _القنيطرة‬
‫‪     .5‬بني مالل _خنيفرة‬
‫‪     .6‬الدار البيضاء_سطات‬
‫‪     .7‬مراكش_اسفي‬
‫‪     .8‬درعة_ تافياللت‬
‫‪     .9‬سوس _ ماسة‬
‫‪                       .10‬كلميم – وادي نون‬
‫‪                       .11‬العيون_ الساقية الحمراء‬
‫‪                       .12‬الداخلة_ وادي الذهب‬
‫إن هذا التقسيم المقترح من شأنه أن يحقق نوعا من التكامل بين مختلف الجهات حيث سيضمن توزيعا عادال للمصالح الالمتمركزة التي ستساهم‬
‫في تقريب اإلدارة من المواطنين وجعل هذه المصالح تتمتع بصالحيات واسعة في اتخاذ القرار لما فيه تحسين صورة العمل اإلداري على المستوى‬
‫الترابي وتخفيفا لآلثار السلبية الناتجة عن المركزية المتحجرة ‪.‬‬

‫خاتمة عامة‪:‬‬
‫‪       ‬تعتبر الالمركزية إجراء يهدف إلى إشراك المواطنين في تدبير الشأن العام عبر ممثليهم وذلك عن طريق تحويل اختصاصات الدولة إلى‬
‫الجماعات الترابية التي تبقى خاضعة لمراقبة ووصاية السلطات العمومية ‪ .‬فالالمركزية بهذا المعنى ‪ ،‬هي اختيار تدبيري لتمايزات وخصوصيات‬
‫المجتمع في أفق تعزيز وتدعيم السيرورة الديمقراطية لصياغة واتخاذ القرارات ‪ ‬تساهم فيها كل الفعاليات والتنظيمات المدنية وجميع المتدخلين‪.‬‬
‫‪      ‬أما فيما يتعلق بالالتركيز‪ ،‬فيهدف باألساس الى إعادة توزيع السلط داخل إدارة الدولة من المصالح المركزية الى المصالح الخارجية‪ ،‬بحيث‬
‫تمارس األولى رقابة تسلسلية على الثانية ‪. ‬‬
‫‪     ‬من خالل هذه المقارنة ‪ ،‬يتضح أن مفهومي الالمركزية والالتركيز‪ ،‬وإن كانا يختلفان في الجوهر ‪ ،‬فهما يهدفان الى وضع أسس إدارة القرب‬
‫وتخفيف األعباء عن المركز ‪.‬‬
‫ويتضح لنا جليا أن الدستور المغربي الجديد قد ارتقى بالالتركيز اإلداري حيث عزز في هذا الصدد من دور الوالة والعمال بجعلهم ممثلي السلطة‬
‫المركزية والعاملين باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون ‪،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ‪ ،‬وممارسة المراقبة اإلدارية‪.‬‬
‫كما أن الدستور الجديد لبالدنا قد استعمل ألول مرة في تاريخ المغرب منذ االستقالل مصطلح "المصالح الالممركزة لالدارة المركزية" ‪ ،‬تعبيرا عن‬
‫رغبة المشرع المغربي في تعزيز مسار الالتركيز كنمط لتكريس ادارة القرب من الموطنين‪.‬‬

‫‪Č‬‬
‫‪Ċ‬‬ ‫)‪.pdf (1591k‬الالمركزية و الالتمركز‬ ‫‪mhamed najib, 20 janv. 2013, 13:54‬‬ ‫‪v.1‬‬ ‫‪ď‬‬

‫‪Comments‬‬

‫‪Sign in | Recent Site Activity | Report Abuse | Print Page | Powered By Google Sites‬‬

You might also like