Professional Documents
Culture Documents
مراقبة تنفيد قانون المالية
مراقبة تنفيد قانون المالية
-السويسي-
السنة الجامعية
2017-2016
مقدمة:
مامن شك أن الرقابة على املالية العامة هدفها املحافظة على األموال العمومية التي تشكل عماد
الدولة وركيزتها ،فالدولة ال يمكنها أن تستقر و ال أن تستمر بدونها ،لهذا فإن ضبط الرقابة املالية
وزيادة االهتمام بها واستقاللية الجهة املخول لها ممارستها و الحرص على املصلحة العامة والنظرة
الشمولية للمال العام ،كل ذلك يؤدي الى اإلستعمال األنسب و األمثل للموارد العمومية والى
قاعدة التحكم في النفقات العمومية حسب معايير الفعالية والنجاعة و حسن التدبير.
ومن هذا املنطلق فإن الوضع الرقابي باملغرب يتميز بالتعدد والتنوع ،ويستمد هذا الوضع أسسه
من عهد الحماية التي بادرت آنذاك إلى القيام بمجموعة من العمليات لتحديث النظام املالي،
خاصة من خالل تبني امليزانية العامة ،وإحداث خزينة عامة واحدة وإدخال آليات رقابية عصرية.
ومن االستقالل إلى اليوم تعددت وتنوعت أدوات التدخل الرقابية للدولة لتتفاعل مع العمل
اإلداري في كل حلقات مسلسل العملية اإلدارية ،بحيث لم تعد من مساحة ادارية إال وتخضع لنوع
أو أنواع من املراقبة ،ويمكن التميز بين عدة أنواع من الرقابة حسب معايير التصنيف املعتمدة
وهي كالتالي :
-الرقابة اإلدارية
-الرقابة القضائية
-الرقابة السياسية
2
وسنعتمد من خالل موضوع الرقابة على املالية العامة على هذا التصنيف األخير و ذلك انطالقا
من اإلشكالية التالية:
وللغوص في تمفصوالت هذه اإلشكالية ومقاربتها يستلزم منا وجوبا اإلجابة عن التساؤالت التالية :
ماهي األجهزة التي تمارس الرقابة على تنفيذ قانون املالية ؟
وماهي آليات ممارسة هذه الرقابة؟
3
تصميم:
مقدمة:
الفقرة الثانية :إشكالية حماية املال العام و املهام الجديدة للمجلس األعلى للحسابات في دستور
2011
خاتمة:
4
املبحث األول :الرقابة املالية الداخلية
تتعدد الرقابة املالية الداخلية بتعدد وتنوع األجهزة املتدخلة في حماية املالية العمومية ،وذلك من
َ
خالل مجموعة من االليات كما هو الشأن بالنسبة ملراقبة املحاسبين العموميين لإلداريين (املطب
األول) ومراقبة دورية يقوم بها جهاز يسمى املفتشية العامة للمالية (املطلب الثاني)
"كل موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية بعمليات املداخيل أو النفقات أو تناول
السندات إما بوسطة أموال أو قيم معهود إليها بها وإما بتحويل داخلي لحسابات وإما بواسطة
1
محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية للمتوافرات التي يأمر بترويجها أو مراقبتها"
قبل أن يقوم املحاسب العمومي بتنفيذ األوامر الصادرة عن اآلمرين بالصرف يقوم أوال بمراقبة
هذه األوامر ،وتشكل هذه الرقابة الغاية من الفصل بين وظائف اآلمرين بالصرف واملحاسبين
العموميين في تنفيذ امليزانية ،وتنقسم هذه املراقبة إلى مراقبة على األمر باملداخيل ومراقبة على
األمر بالنفقات ،وذلك على الشكل التالي:
يقوم املحاسب العمومي قبل استخالص مدخول ما تنفيذا ألمر صادر عن اآلمر بالصرف بمراقبة
صحة هذا األمر ،وذلك بالتأكد من صحة االستخالص وادراجه في محله وكذا بالتحقق من األوراق
املثبتة ، 2ولكي يتم ذلك يجب أن يتضمن كل أمر باملداخيل أسس التصفية والعناصر التي يتأتى بها
3
التعرف باملدين وكذا جميع املعلومات الالزمة
1
المرسوم الملكي رقم 66.330الصادر في 10محرم 21( 1387أبريل )1967بسن نظام عام للمحاسبة العمومي ،ج.ر عدد
2843الصادرة في 15محرم 26( 1387أبريل ،)1967الفصل
2
المرسوم الملكي رقم 66.330مرجع سابق ،الفصل .10
3
المرسوم الملكي رقم ،66.330مرجع سابق ،الفصل .23
5
تتم مراقبة املحاسب العمومي للنفقات على مرحلتين ،مرحلة االلتزام بالنفقات ومرحلة األداء:
4
-1على مستوى مرحلة االلتزام بالنفقات
ولكي تتم مراقبة االلتزامات بالنفقات ،يجب ترفق اقتراحات االلتزام بالنفقات املقدمة من
طرف املصالح اآلمرة بالصرف ببطاقة التزام تتضمن التنزيل وباب امليزانية املوافق له في قانون
املالية أو ميزانية مصلحة الدولة املسيرة بصورة مستقلة أو في برامج االستعمال للحساب
الخصوص ي للخزينة املعني و ،عند االقتضاء ،مبلغ االلتزامات الذي تم إنجازها على هذه التنزيالت
امليزانياتية أو على الحسابات الخصوصية.
4
مرسوم رقم 2.07.1235صادر في 5ذي القعدة 4( 1429نوفمبر )2008المتعلق بمراقبة نفقات الدولة ،ج.ر عدد 5682
الصادرة في 13نوفمبر ،2008المواد من 3إلى 6والمادة .28
6
وتتحدد آجال وضع تأشيرة املحاسب العمومي على االلتزامات بالنفقات بالتأشيرة أو إيقافها أو
رفضها في اثني عشر يوم عمل كاملة بالنسبة لصفقات الدولة وفي خمسة أيام عمل كاملة بالنسبة
للنفقات األخرى ،وتحتسب هذه اآلجال ابتداء من تاريخ إيداع مقترح االلتزام بالنفقة.
إذا رفض املحاسب العمومي التأشيرة ،وتمسكت املصلحة اآلمرة بالصرف بمقترح االلتزام الذي
تقدمت به ،أحال الوزير املعني األمر إلى الخازن العام للمملكة لنفي أو تأكيد هذا الرفض.
فإذا نفى الخازن العام للمملكة رفض التأشيرة ،أمر املحاسب العمومي بالتأشير على مقترح
االلتزام بالنفقات ،وإذا أكده ،جاز للوزير املعني أن يلتمس تدخل الوزير األول.
في هذه الحالة ،يجوز للوزير األول تجاوز رفض التأشيرة املذكورة بمقرر ماعدا إذا كان هذا
الرفض معلال بعدم توفر االعتمادات أو املناصب املالية أو بعدم التقيد بنص تشريعي ،غير أن
للوزير األول أن يستشير مسبقا:
-لجنة الصفقات ،إذا كان مقترح االلتزام بالنفقات ناتجا عن صفقة أو اتفاقية أو عقد
مبرم لحساب الدولة.
-لجنة يرأسها األمين العام للحكومة أو الشخص الذي يعينه لهذا الغرض وتتألف من
ممثلي الوزير املعني باألمر والوزير املكلف باملالية والوزير املكلف بالوظيفة العمومية
والخازن العام للمملكة إذا كان مقترح االلتزام بالنفقات ناتجا عن قرار يتعلق بموظفي
وأعوان الدولة.
5
-2على مستوى مرحلة األداء
يجب على املحاسب العمومي ،قبل التأشير من أجل األداء ،أن يقوم بمراقبة صحة النفقة
وذلك بالتأكد من:
7
-إمضاء اآلمر بالصرف املؤهل أو مفوضه
-توفر اعتمادات األداء
-اإلدالء بالوثائق واملستندات املثبتة للنفقة واملنصوص عليها في القوائم املعدة من
طرف الوزير املكلف باملالية ،بما في ذلك تلك التي تحمل اإلشهاد بتنفيذ الخدمة من
طرف اآلمر بالصرف أو اآلمر بالصرف املساعد املؤهل.
فإذا لم يعاين املحاسب العمومي أية مخالفة فإنه يقوم بالتأشير وتسديد أوامر األداء.
غير أنه ،إذا ما عاين وقت قيامه باملراقبة ،مخالفة للمقتضيات السالفة الذكر فعليه إيقاف
التأشيرة وإرجاع أوامر األداء غير املؤشر عليها مرفقة بمذكرة معللة بشكل قانوني تضم مجموع
املالحظات التي أثارها إلى اآلمر بالصرف بغرض تسويتها .ويجب أن يتم وضع التأشيرة أو رفضها في
خمسة أجل أيام بالنسبة للنفقات الخاصة باملوظفين وفي خمسة عشر يوما بالنسبة للنفقات
األخرى تحسب من تاريخ توصل املحاسب العمومي بورقات اإلصدار وأوامر األداء.
فإذا أوقف املحاسب العمومي تطبيق أداء النفقة وطلب اآلمر بالصرف ،كتابة وتحت
مسؤوليته صرف النظر على ذلك ،باشر املحاسب العمومي الذي لم يعد مسؤوال عن ذلك ،التأشير
ألجل األداء وأرفق معا ألمر بالصرف أو الحوالة نسخة مذكرة مالحظاته وكذا األمر بالتسخير ،وذلك
باستثناء الحاالت التي كان رفض األداء فيها من طرف املحاسب العمومي معلال ب:
إذا كانت رقابة املحاسب العمومي على األوامر التي يصدرها اآلمرون بالصرف تعتبر ذات أهمية
بالغة خاصة على مستوى اإلنفاق بالنظر إلى طابعها الوقائي الذي يحول دون وقوع األخطاء ،إال
أنها تتخللها بعض السلبيات التي تقلص من فاعليتها ،ونذكر من أهمها:
8
التأخير في تنفيذ األوامر املتعلقة بالنفقات:6
إن مراقبة الشرعية الشكلية التي يقوم بها املحاسب العمومي على األوامر الصادرة عن اآلمرين
بالصرف في مجال النفقات قد تؤدي الى التأخير في تنفيذ هذه األوامر الش يء الذي يتنافى مع
متطلبات الحكامة ،التي تستلزم حدا معينا من السرعة واملرونة في التنفيذ ،ومن جهة أخرى قد
يؤدي هذا التأخير إلى التأثير سلبا على جلب االستثمار وذلك بالنظر الى الخسائر التي قد تلحق
املستثمر بسبب املدة التي تستغرقها عملية أداء حقوقه.
يطرح هذا اإلجراء املسمى بحق التسخير رغم محدودية استعماله إشكالية على مستوى تفسير
النصوص القانونية والتنظيمية املالية بين مصالح اآلمر بالصرف ومصالح الخزينة ،حيث ما قد
يتمسك به اآلمر بالصرف لتنفيذه تحت مسئوليته قد ترى فيها مصالح الخزينة تجاوزا لإلجراءات
املنصوص عليها ،األمر الذي يؤثر سلبا على السير العادي للمصالح اإلدارية املرتبطة بها.
تجري الرقابة الدورية بواسطة املفتشية العامة للمالية والتي أنشئت بمقتض ى ظهير 14أبريل
1960ويخضع هذا الجهاز بشكل مباشر لوزير املالية .وتتمتع هذه الهيئة بنظام أساس ي كما تتمتع
بمجموعة من االختصاصات والخصوصيات ،إال أنه رغم ذلك توجهها مجموعة من االكراهات.
تخضع املفتشية العامة للمالية للنظام أساس ي والدي حدده املرسوم رقم 2.93.807بتاريخ 16
يونيو 1994والذي عوض املرسوم امللكي رقم 1180.66الصادر بتاريخ 02فبراير 1967وتشتمل هذه
الهيئة(هيئة التفتيش العامة للمالية) على مجموعة من الدرجات.
6بحث منشور في األنترنت تحت عنوان :المالية المحلية ،ص presstetouan.com/files/1294583371.doc ،82
7
ميلود عويس ،منظومة الم راقبة المالية بالمغرب أي دور في حماية المال العام ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في العلوم اإلدارية كلية
الحقوق الدار البيضاء -عين الشق -السنة الجامعية 2002/2001ص.29
8
عبد الفتاح بلخال :علم المالية العامة والتشريع المالي المغربي ،الطبعة األولى 2005مطبعة فضالة
9
املفتش العام للمالية :طبقا للفصل األول من الظهير املحدث للمفتشية العامة للمالية يتولى
املفتش العام للمالية اإلشراف على مفتش ي املالية ،ويخضع مباشرة لنفود وزير املالية.
مفتشو املالية من الدرجة املمتازة :بحسب املادة 14من مرسوم 2.93.807الصادر في 16
يونيو ، 1994يمكن اقتراح املفتش العام للمالية املكلف بتسيير مصالح املفتشية العامة
للمالية ،أن يعين بصفة مفتش للمالية من الدرجة املمتازة وذلك بين مفتش ي املالية الذين
قضوا مااليقل عن خمس سنوات من الخدمة الفعلية بهذه الصفة ويتم هذا التعين بقرار
لوزير املالية.
مفتشو املالية رؤساء البعثات :يجري اختيار مفتش ي املالية رؤساء البعثات من بين مفتش ي
املالية البالغين الرتبة السابعة على األقل من درجتهم والذين قضوا خنس سنوات في الخدمة
9
بهذه الصفة.
مفتشو املالية :بمقتض ى املادة 9من املرسوم الخاص بهيئة التفتيش العامة للمالية ،يوظف
مفتشو املالية:
أ) املترشحون غير املوظفين البالغين من العمر 30سنة على األقل ،الحاصلون على شهادة
الدراسات العليا أو مهندس الدولة أو مهندس معماري أو شهادة معادلة.
ب) املترشحون من بين املوظفين البالغين 35سنة على األقل في تاريخ إجراء املبارة املنتمون إلى
إطار مرتب في سلم األجور رقم ،11والحاصلون على األقل إجازة في التعليم العالي أو شهادة
مهندس للتطبيق.
)2بناء على املؤهالت من بين املترشحين الحاصلين على شهادة املدرسة الوطنية لإلدارة بعد
اختيارهم بحسب االستحقاق من الخريجين العشر األوائل.
9
المادة 13من مرسوم أعاله.
10
)2اختصاصات املفتشية العامة للمالية.
تحتل املفتشية العامة للمالية مكانة مهمة مهمة داخل منظومة الرقابة املالية حيث تعتبر
أعلى جهاز للتفتيش املالي باملغرب إذ تضطلع بصالحيات شاملة ال من حيث االختصاص أو
10
املجال
وحسب الفصل الثاني من الظهير الشريف 1.59.269بشأن التفتيش العام للمالية" 11يعهد إلى
مفتش املالية بإجراء تحقيقات بخصوص مصالح الصندوق واملحاسبة والنقود واملواد وكذا
املحاسبين العموميين وبصفة عامة مستخدمي الدولة والجماعات املحلية واملؤسسات العمومية،
فهم يتحققون من التسيير الذي يقوم به هؤالء املحاسبون ويتأكدون من صحة العمليات املدرجة
في حسابات اآلمرين بتسلم املداخيل ودفع املصاريف العمومية وكذا في حسابات جميع
املتصرفين" ،وبصفة عامة فاختصاصات املفتشية العامة للمالية تشمل كل من اآلمرين بالصرف
واملحاسبين العموميين ،سواء على مستوى مصالح الدولة أو الجماعات املحلية أو املؤسسات
العمومية.
وتقوم املفتشية العامة للمالية بعملها الرقابي من خالل برنامج سنوي يحدده وزير املالية
باقتراح من املفتش العام مع األخذ بعين االعتبار طلبات التحقيق التي يتقدم بها الوزراء اآلخرون أو
تتقدم بها مصالحهم ،غير أنه يجوز للمفتش العام أن يأمر خارجا عن البرنامج املقرر بإجراء كل
تحقيق يراه مفيدا شريطة إخبار وزير املالية بذلك.
وتعتمد املفتشية في مراقبتها على عنصر املباغتة ،12ويجوز ألعضائها طلب جميع املستندات
التي تساعدهم على القيام بمأموريتهم ،وإجراء سائر األبحاث والتحريات التي يرونها ضرورية وطلب
اإليضاحات من املصالح أو املستخدمين املعنيين باألمر دون احتجاج هؤالء بالسر املنهي.
وتجدر اإلشارة إلى أن املفتشية العامة للمالية ال تتوفر على سلطة عقابية اتجاه الشخص
الذي ثبت في حقه إخالل خطير ،حيث نص الفصل الخامس من الظهير السالف الذكرعلى أن "
مفتش ي املالية يشعرون فورا في حالة ثبوت إخالل خطير املفتش العام والسلطة املخول لها النفوذ
التأديبي على املحاسب ويجوز للوزير التابع له هذا املوظف أن يوقفه عن العمل بطلب من املفتش
10
ميلود عويس ،مرجع سابق
11
ظهير شريف رقم 1.59.269بشأن التفتيش العام للمالية ،جريدة رسمية عدد 2478بتاريخ 25شوال22( 1379أبريل )1960
12
عبد الفتاح بلخال مرجع سابق ص350
11
العام للمالية وال يحول هذا التوقيف الذي ال ينبغي أن يتجاوز شهرا واحدا دون املتابعة العادية
للمسطرات التأديبية" ،فاملفتش العام له فقط إخبار أو تنبيه السلطة التابع لها املعني باألمر
باإلخالل الذي تم اكتشافه التخاذ اإلجراءات الالزمة في حقه مع إمكانية توقيفه عن العمل ملدة ال
تتجاوز شهرا واحد في انتظار تطبيق اإلجراءات السالفة وذلك بطلب من املفتش العام من اجل
تفادي وقوع اختالالت أخرى.
تنتهي عملية التفتيش بإصدار تقارير توجه الى املستخدمين املجرى عليهم التحقيق الذين يجب
عليهم الجواب عنها كتابيا في ظرف أجل الخمسة عشر يوما املوالية لتسلم التقرير كما يمكن
للمفتشين بدورهم أن يبدو مالحظات عن هذه األجوبة ،وعند ذلك تسلم مجموع هذه املستندات
إلى املفتش العام الذي يرفعها مع مالحظاته إن كانت الى وزير املالية وكذا الى الوزير التابعة إليه
13
املصالح املجرى عليها التحقيق.
تتميز املفتشية العامة للمالية بمجموعة من الخصوصيات تنفرد بها عن باقي هيئات التفتيش
والرقابة:
اختصاصات ذات طابع عام :مراقبة و افتحاص تدبير جميع األمرين بالصرف و
جميع املحاسبين العموميين و املراقبين.
اختصاصات ذات طابع أفقي :تشمل جميع القطاعات الوزارية و الجماعات
املحلية و املؤسسات والشركات العامة والجمعيات و كذا جميع املتصرفين.
رقابة بعدية :أي انها تتدخل بعد انجاز العمليات املالية واملحاسباتية ويمكن في
بعض الحاالت التدخل أثناء انجاز العمليات في إطار التحريات.
رقابة انتقائية :البرنامج الذي يحدده وزير املالية باقتراح من املفتش العام يأخذ
بعين االعتبار التركيز على التدخالت التي تكتس ي صبغة و أهمية كبرى و التي يتم
انتقاؤها بناء على مجموعة من املعايير و السيما معيار تقييم املخاطر باستثناء
13
ظهير شريف رقم 1.59.269بشأن التفتيش العام للمالية ،مصدر سابق ،الفصل السادس.
12
املشاريع العمومية املمولة من طرف هيئات مالية دولية أو جهوية التي تخضع
للتدقيق سنويا.
رقابة وقائية :تحسين أساليب وطرق التدبير وذلك باملالحظات واإلتباتات التي تدون
في تقارير التفتيش.
رقابة زجرية :إرسال كل التقارير املتضمنة إحدى املخالفات في ميدان التأديب
املتعلق بامليزانية إلى املجلس األعلى للحسابات أو إلى القضاء في حالة ثبوث وجود
مخالفات خطيرة.
حققت املفتشية العامة للمالية حصيلة إيجابية فبالرجوع إلى األرقام التي حققتها هذه
املفتشية منذ تأسيسها سنة 1960إلى غاية سنة 2013إذ قامت هذه الهيئة خالل هذه
14
الفترة بمايلي:
إنجاز أزيد من 5000تقرير حول التدبير املالي واملحاسبي و اإلداري منذ 1960
إنجاز ما يفوق 680تقرير حول تدقيق حسابات املشاريع املمولة من طرف
هيئات مالية دولية و جهوية.
توجيه أكثر من 800ملف إلى املجلس األعلى للحسابات.
إحالة 22تقريرعلى السلطة القضائية في إطار محاربة جرائم األموال منذ 2002
رغم اإلمكانيات والسلطات الواسعة التي تتمتع املفتشية العامة للمالية والتي تسمح لها بالتدخل
في كل العمليات املرتبطة بتدبير األموال العمومية ،وتنظيم أوجه األنفاق العام في سائر اإلدارات
واملرافق العمومية ،وبالرغم من مرور أكثر من نصف القرن على إحداثها فإن جملة من العوائق
والعوامل املعاكسة أفضت إلى تحجيم فعلي لدورها على املستوى وانحساره إلى الحد الذي
حصرها في مجرد أداة للتحري ترتبط بحمالت زمنية مؤقتة ،وتقارير متناثرة على فترات متقطعة.
وتتمثل هذه العوائق في ما يلي:
14
عرض مقدم من طرف السيد خالد بنضو( :مفتش المالية ) بعنوان :دور المفتشية العامة للمالية في الرقابة اإلدارية على المالية العمومية .يوم
17دجنبر .2013
13
غياب االستقاللية :و يتجلى ذلك في تبعيتها املباشرة لوزير املالية الذي يعمل على توجيه
عملها من خالل إقرار برنامجها السنوي ،فهذا اإلقرار لبرنامجها يؤثر على حياد املؤسسة في
أداء وظيفتها الرقابية ،خاصة عندما يوجهها وفقا العتبارات سياسية وحزبية.
هذا الش يء يدفع إلى القول بانعدام الجدوى من رقابة املفتشية العامة للمالية بالنظر إلى أن
التقارير التي تنجزها وتوجهها إلى املسئولين املعنيين تبقى حبيسة الرفوف بسبب تمتع هؤالء
بسلطة تقديرية واسعة في اتخاذ القرار.
غياب سلطة الزجر :15لقد سلك املشرع املغربي نهجا مغايرا عن الذي إتخده املشرع
الفرنس ي ،فيما يخص مسألة تمكين هذا الجهاز من إتخاد اإلجراءات العقابية والزجرية في
حق الخارجين عن القواعد القانونية ،بحيث أن التشريع الفرنس ي يسمح للمفتشين بحق
توقيف املحاسب العمومي إدا اضر باملال العام ،أما التشريع املغربي فإنه يكتفي في مثل
هذه الحاالت بإحالة محضر املفتشية العامة الذي يدين املوظف أو املراقب إلى الجهة
املختصة واملتمثلة في الرئيس اإلداري ،ويختص املعني ملطالبته بتوقيفه ،ويختص الوزير
بإتخاد القرار .وهذا مايؤكده الفصل الخامس من ظهير " 1960في حالة مخالفة جسيمة
يرفع املفتش تقريره إلى املفتش العام ،وللجهة التي تتوفر على السلطة التأديبية في حق
املحاسب ،وبالتالي يمكن استصدار عقوبات في حق املخل بتنفيذ العمليات املالية"
تعرضها للمقاومة :تعترض مفتشو املالية مجموعة من الصعوبات أتناء مزاولتهم لعملهم
وتتمثل هذه الصعوبات في عدم السماح لهم بمراقبة والتدقيق في الحسابات.إذ سبق
لفريق املفتشية العامة للمالية سنة 1986أن اصطدم باعتراض عامل فاس على إجراء
تفتيش بمصالح املؤسسة الجهوية للتشييد والتجهيز لجهة فاس.
15
محمد جيري :الرقابة المالية بالمغرب بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية ،الطبعة األولى 2012مطبعة المعارف الرباط
14
فالرقابة القضائية تكمن باألساس في قضاء مالي متخصص في مراقبة األموال العمومية ،من خالل
التأديب والتوجيه والتقويم ،وتتمثل هذه الرقابة في املجلس األعلى للحسابات (املطلب األول)
أما الرقابة السياسية فلها من األهمية ما يوازي قدر شأن القضاء املالي ،باعتبارها سلطة تعبر عن
طموحات الشعب لذا كان لزاما عليها أن تقوم بتتبع نشاط السلطة التنفيذية (املطلب الثاني)
دون االقتصار فقط على مراقبة شرعيته بل تجاوزه ملراقبة مالئمته.
رقابة املجلس األعلى للحسابات باملغرب رقابة خارجية بعدية لسلطة مستقلة عن اإلدارة والبرملان،
وهي سلطة قضائية تصدر األحكام التأديبية والعقوبات املالية على القائمين بمسؤولية تنفيذ
العمليات املالية ،كما تقوم بدور توجيهي وتقييمي للمؤسسات العمومية ،مما يوضح أهميتها
ودورها في املحافظة على املال العام.
ويعتبر املجلس األعلى للحسابات قطب املحاكم املالية باملغرب ،16تم تنظيمها بموجب الظهير
الشريف رقم 1.02.124الصادر بتاريخ 13يونيو 2002بتنفيذ القانون رقم 62.99املتعلق بمدونة
املحاكم املالية ،الذي نص على مجموعة من املقتضيات املنظمة لهذه املحاكم وخاصة ما يتعلق
بتشكيالتها و اختصاصاتها (الفقرة األولى) التي تبقى رغم ذلك ترزخ تحت وطأت بعض اإلختالالت
واإلكرهات السيما وأن الدستور الجديد أوكل لهذه املؤسسة مهام جديدة لتعزيز الدور املنوط به
(الفقرة الثانية)
يتكون املجلس األعلى للحسابات من الرئيس ونوابه ،ومستشارون وقضاة الحسابات وضمانا
للحياد وإستقاللية املجلس فإن قضاته يتمتعون بعدم قابلية العزل أو النقل إال بمقتض ى القانون
كما أنهم يخضعون لنظام أساس ي خاص،17
16
-الصديق حيدة ،المحاكم المالية وإشكالية حماية المال العام ،مجلة المالية لوزارة اإلقتصاد والمالية العدد – 21يناير ،2014ص 37
17
-ابراهيم كومغار ،محاضرات في قانون الميزانية ،مطبعة قرطبة ،طبعة ،2015ص179 ،
15
ويقوم بمهام النيابة العامة الوكيل العام للملك ويساعده محامون عامون يختارون من بين
مستشاري املجلس األعلى للحسابات بإقتراح من الوكيل العام للملك بعد استشارة رئيس املجلس،
على أن مهام النيابة العامة تقتصر فقط على املسائل القضائية التي يسند للمجلس النظر فيها.
-الجلسة الرسمية :يعقد املجلس جلسات رسمية على الخصوص لتنصيب القضاة وتلقي
أداء يمينهم ،ويحضر هذه الجلسات الرسمية ،الرئيس األول و الوكيل العام للملك وجميع
18
القضاة ويجوز للرئيس دعوة شخصيات أخرى لحضور الجلسة الرسمية.
-هيئة الغرف املجتمعة :وهي تعقد جلساتها بطلب من الرئيس األول ألجل إبداء الرأي في
املسائل املتعلقة باإلجتهاد القضائي أو املسطرة أو البث في القضايا املعروضة على املجلس
إما مباشرة من لدن الرئيس األول أو بناءا على ملتمس النيابة العامة أو املحالة عليه بعد
نقض قرار سبق للمجلس أن أصدره 19.وال يمكن لهيئة الغرف املجتمعة أن تنفذ قراراتها
إال إذا كانت كل غرف املجلس ممثلة فيها وحضرها ما ال يقل عن نصف أعضائها ،الذين
بأغلبية أصواتهم تتخذ قراراتها.
-غرفة املشورة :تتولى املصادقة على التقرير السنوي للمجلس والتقرير املتعلق بتنفيذ قانون
املالية والتصريح العام باملطابقة الواجب إرفاقه بمشروع قانون التصفية.
-غرفة املجلس :يحدد الرئيس األول بقرار تأليف وتوزيع إختصاصات غرف املجلس،
وتخصص غرفة ملمارسة إختصاصات املجلس في ميدان التأديب املتعلق بامليزانية والشؤون
املالية ،وغرفة ثانية للبث في طلبات إستئناف األحكام النهائية الصادرة عن املجالس
الجهوية.
-لجنة البرامج والتقارير :تكلف بإعداد البرنامج السنوي ألشغال املجلس ،التقرير السنوي
الذي يعده املجلس عن مختلف أنشطته ويتم رفعه وتقديمه الى امللك ،التقرير املتعلق
بتنفيذ قانون املالية ،التصريح العام باملطابقة ،كما يمكن دمج وإلحاق التقارير الخاصة
املتعلقة برقابة تسيير األجهزة العامة ضمن التقرير العام السنوي ،وتتألف هذه اللجنة من
الرئيس األول ورؤساء الغرف والكاتب العام.
18
-عبد الفتاح بلخال ،علم المالية المحلية و التشريع المالي المغربي ،الطبعة األولى ص357 ،
19
-عبد الفتاح بلخال ،مرجع سابق ،ص 357
16
ب -اختصاصات املجلس األعلى للحسابات
يتمتع املجلس األعلى للحسابات بعدد من اإلختصاصات يمكن تقسيمها الى ثالث وظائف ،إثنان
منهما تحمالن صيفة قضائية بينما الثالثة تأخذ صبغة إدارية.
يقوم املجلس بمراقبة حسابات التسير لكل املحاسبين العموميين الذين يباشرون باسم مصالح
الدولة واملؤسسات العمومية وكذا املقاوالت التي تملك الدولة أو املؤسسات العمومية والجماعات
املحلية في حالة توفر هذه األجهزة على محاسب عمومي ،هذه الحسابات التي تعد بمثابة اإلطار
الذي تدرج فيه العمليات املالية التي يقوم املحاسبون بتنفيذها كما يقوم املجلس بمراقبة األوراق
واملستندات املثبتة لهذه العمليات ،فعلى كل محاسب أن يقدم حساب تسييره سنويا قبل 31
يوليوز من السنة املالية املوالية لسنة التي يتعلق بها.
هذه الرقابة يمارسها املجلس األعلى للحسابات على كل موظف أومسؤول أو مستخدم بأحد
األجهزة التي تجري عليها رقابة املجلس أألعلى للحسابات بما في ذلك مراقبو اإللتزام بالنفقات وكل
املراقبين املاليين ومن يعمل تحت إمرتهم أو يعمل لحسابهم إذا لم يقومو باملراقبات التي هم
ملزمون بالقيام بها ،وأيضا املحاسبون العموميون وكل من يوجد تحت إمرتهم أو يعمل لحسابهم في
20
ميدان التأديب املتعلق بامليزانية والشؤون املالية.
يراقب املجلس األعلى للحسابات تسيير املالية من حيث الكيف ويدلي عند اإلقتضاء باملالحظات
واقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فاعليته ومردوديته وتقويم تسيير
األجهزة العمومية الخاضعة لرقابته وكل ذلك يهدف لحماية األموال العمومية من كل تبذير او
ضياع أو إهمال،وتشمل مراقبة املجلس جميع أوجه التسيير ،ويقيم املجلس لهذا الغرض مدى
تحقيق األهداف املحددة والنتائج املحققة وكذلك تكاليف وشروط اقتناء واستخدام الوسائل
املستعملة ،كما تشمل مراقبة املجلس مشروعية وصدق العمليات املنجزة وكذا حقيقة الخدمات
20
-عبد الفتاح بلخال ،مرجع سابق ص،
17
املقدمة والتوريدات املسلمة واألشغال املنجزة كما يمكنه القيام بمهام تقييم املشاريع العمومية
بهدف التأكد من مدى تحقيق األهداف املحددة لكل مشروع انطالقا مما تم انجازه وبالنظر الى
الوسائل املستعملة.
ومن جهة أخرى فاملجلس ليس من حقه أن يعاقب على التسيير الخاطئ وال يصدر قرارات ،بل
مالحات وأفكار وإقتراحات يتضمنها املجلس في التقارير التي يعدها
-التقرير السنوي
-التصريح بمطابقة حسابات املحاسبين الفردية للحساب العام للدولة والتقارير الخاصة.
الفقرة الثانية :إشكالية حماية املال العام و املهام الجديدة للمجلس األعلى للحسابات في دستور
2011
إذا كانت املحاكم املالية قد قامت بمجهودات كبيرة منذ إحداثها إال أن ثمة عوامل و إكراهات حالة
دون أن تلعب الدور املحوري و األساس ي في مراقبة املالية العمومية وأوجه صرف املال العام
وحماية من مختلف أوجه التصرف الغير املشروعة ،مما يستدعي البحث عن السبل الكفيلة
بتجاوز هذه اإلكراهات واملعوقات و هو األمر الذي حدى باملشرع في دستور 2011بإيالء أهمية
كبيرة ملؤسسة املجلس األعلى للحسابات بعض األسس الضمانات ملمارسة الرقابة املالية و الحد
من إهدار املال العام و تقييم التدبير املالي ملختلف األجهزة الخاضعة لرقابته.
تتمثل هذه اإلشكاالت في تضخم املهام واإلختصاصات املنوطة باملجلس األعلى للحسابات ،فهو
يجمع بين اإلختصاصات القضائية و اإلدارية والتأديبية في املجال الرقابي لهذه الهيئات هو املجال
موسع من الناحية القانونية ،بحيث يغطي مختلف أوجه التدبير املالي مما أثر بشكل سلبي عل
طبيعة الرقابة وفعاليتها ،وحد من قدرة املحاكم املالية على تتبع كل مظاهر التدبير املالي لألجهزة
18
املعنية ،وأضحت املحاكم املالية تمارسها رقابة عشوائية للعديد من القطاعات دون مراعات
21
التخصص والتناسب فيما بينها على مستوى الغرف.
وبالرجوع الى الظهير املتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة نجده يتشكل من املحاكم اإلبتدائية
والتجارية و اإلدارية ،ثم املحاكم اإلستئناف العادية والتجارية و اإلدارية ،دون الحديث عن املحاكم
املالية ،كما أنه بالرجوع الى القانون رقم 62.99املنظم ملحاكم نجده ال يتضمن أية إشارة الى كون
هذه املحاكم تندرج ضمن التنظيم القضائي ،علما أن بعض فصوله تحيل الى قواعد املسطرة
املدنية وهكذا فاإلطار التشريعي لهذه املحاكم يجعلنا أمام محاكم من نوع خاص ،وتبرز هذه
الخصوصية أيضا في النظام األساس ي لقضاته الذي يؤطره نظام قانوني خاص (الكتاب الثالث)
من مدونة املحاكم املالية ،وينضوي قضاته تحت مجلس قضاة املحاكم املالية الذي يتولى السهر
على تطبيق النظام األساس ي الخاص لقضاة هذه املحاكم هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ،فرئيس
املجلس األعلى للحسابات ليس قاضيا وال يشترط فيه ذلك ،وهو أمر يخالف ما يجري عليه األمر في
22
املحاكم العادية بكل تخصصاتها ضمانا إلستقاللها.
أما فيما يتعلق بمسؤولية املعني باألمر في مسطرة التأديب املتعلق بامليزانية والشؤون املالية تتحدد
نتائجها بصفة أساسية في األمر فقط بغرامة مالية ضد من تثبت مسؤوليته ،باإلضافة الى ما
23
من مدونة املحاكم املالية من كون العقوبة املالية ال تعفي املعني باألمر نصت عليه املادة 111
من املتابعة التأديبية والجنائية إذا اقتض ى األمر .إال أن ذلك يبقى غير كافي لحماية املال العام ألن
األمر قد يتوقف عند الغرامة فقط في حالة عدم توفر شروط تفعيل مقتضيات املادة .111
وتتعلق هذه اإلكراهات باألساس في النقض الحاصل في املوارد البشرية حيث لم يستطع املجلس
العلى للحسابات أن يوظف بشكل كبير اإلمكانات املتعلقة بالتدبير الحديث والتي تتطلب إدخال
املعلوميات ،ومعالجة املواضيع املرتبطة بالرقابة والتدقيق واإلفتحاص فإذا كان املجال اإلداري
21
-محمد السلكي ،التدبير المالي العمومي ومتطلبات الحكامة المالية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ،كلية العلوم القاونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة محمد الخامس -أكدال 2012/2011 .ص472 ،
22
-الصديق حيدة ،مجلة المالية لوزارة اإلقتصاد والمالية ،العدد -21يناير ،2014ص37 ،
23
-ال تحول المتابعات أمام المجلس دون ممارسة الدعوى التأدبية والدعولى الجنائية .وإذا اكتشف المجلس أفعاال من شأنها أن تستوجب عقوبة
تأدبية ،أخبر الوكيل العام للملك بهذه األفعال السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني باألمر ،والتي تخبر المجلس خالل أجل 6أشهر في بيان
معلل بالتدابير التي اتخذها .وإذا كان األمر يتعلق بأفعال يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية ،رفع الوكيل العام للملك األمر من تلقاء نفسه او
بإيعاز من الرئيس األول الى وزير العدل قصد اتخاذ مايراه مالئما ،وأخبر بذللك السلطة التي ينتمي إليها المعني باألمر .ويخبر وزير العدل
المجلس بالتدابير التي اتخذها.
19
يعتمد فيه على اإلمكانيات و الوسائل املعلومياتية الحديثة ،فإنه يجب أن يستفيد املجال الرقابي
هو األخر من هذه التقنيات لضمان أداء رقابي فعال وسريع للوصول إلى النتائج في الوقت املناسب.
إن هذا يتطلب حسن التحكم في تقنيات املعلوميات وتوظيفها في العمل الرقابي تماشيا مع دعوة
املنظمات الدولية واإلقليمية املختصة في الرقابة على األموال العامة فالتجارب املقارنة عملت على
توظيف املعلوميات لتعزيز الرقابة ،وخصصت لذلك اعتمادات جد مهمة على خالف التجربة
املغربية التي ظلت محدودة ومتواضعة في ذلك.
لقد أنيطت باملجلس األعلى للحسابات مهام جديدة تتجلى في مراقبة التصريح اإلجباري باملمتلكات،
وتدقيق حسابات األحزاب وفحص العمليات اإلنتخابية وكذا التأكيد على نشر أعماله وتقديم
مساعدته للسلطات القضائية وذلك بهدف النهوض بدوره على مستوى التدبير العمومي وتكريس
ثقافة املساءلة واملحاسبة.
تبقى مهمة التصريح اإلجباري باملمتلكات خطوة هامة ،خاصة وأن املشرع الدستوري أناط املجلس
األعلى للحسابات بهذه املهمة ،وهي إلضفاء نوع من حماية تدبير الشأن العام ،وبالتالي فهذا يؤكد
24
على أولوية املجلس األعلى للحسابات.
ونجد أن التصريح باملمتلكات قد بدأ محتشما في املغرب إال انه مع مرور الوقت وعى أغلب املعنيين
بأهمية ذلك التصريح مما زاد عددهم ليصل ملستويات ال بأس بها في األونة األخيرة .وهذا يعزى
بالدرجة األولى الى كون املجلس لديه من القدرات والكفاءات التي تعمل على تحقيق أهداف كثيرة
منها ربط املسؤولية باملحاسبة .
من املالحظ أن األحزاب تتلقى تمويال هاما من طرف الدولة بموجب القانون املتعلق باألحزاب
السياسية ،واألحزاب السياسية لديها عدة تمويالت أبرزها واجبات اإلنخراط لألعضاء والهبات
والوصايا والتبرعات النقدية ،كما نجد العائدات املرتبطة باألنشطة اإلجتماعية والثقافية للحزب،
24
-نجيب الجيري ،مرجع سابق ،ص 87
20
وكذا دعم الدولة،وبما ان الحزب السياس ي طبقا لدستور يساهم في تنظيم وتأطير املواطنين لذلك
ال بد أن تمسك حساباته املالية بكل دقة وشفافية25،حيث عليه أن يثبت أمام املجلس املبالغ التي
حصل عليها والغاية التي منحت من أجلها والغاية التي تم استعماها فيها.
يعتبر التقرير من أهم املخرجات املحسوسة للعمل الرقابي فهو يمثل خالصة العمل الذي تقوم به
املؤسسة الرقابية خالل عام إذا كان التقرير سنويا ،فهوعبارة عن سالح تملكه الهيئة باعتباره
وسيلة لكشف األخطاء أو خالصة العمل الفردي لحساب معين إذا كان التقرير دوريا متكررا ترفعه
الوحدة الرقابية املختصة ،وحين تؤدي هذه التقارير وظيفتها يشترط فيها بشكل اساس ي مبدأ
العلنية والنشر ،إذا ال يجب أن يقتصر األمر على إعدادها وتقديمها او رفعها الى بعض الجهات
دون األخرى بل يقتض ي فيها النشر واإلقرار بعلنيتها لتتخذ صبغة العمومية ،وتوجه الى الرأي العام
26
ليطلع محتوياتها ،وبالتالي يطلع على كيفية تدبير األموال العمومية.
وبالرجوع الى دستور ،2011نجد أن من األمور املحمودة التي جاء بها في مجال املراقبة املالية هو
رفع املجلس األعلى تقرير سنوي يتضمن بيانا عن جميع أعماله ،ويوجهه أيضا الى رئيس الحكومة
والى رئيس البرملان ،وينشر في الجريدة الرسمية للملكة ،يقدم الرئيس األول للمجلس عرضا عن
أعمال املجلس األعلى للحسابات أمام البرملان ،ويكون متبوعا باملناقشة.
ومسألة رفع التقرير السنوي يجب أال يكون مجرد إجراء روتيني سنوي ،وإنما هو مناسبة دائمة
لتشخيص اإلختالالت املوجودة وتسجيل التقدم الحاصل و العمل على القيام باقترحات الناجعة
لتدبير أفضل للشأن العام ومراقبة تنفيذها.
إن تفعيل وظائف املجلس األعلى للحسابات ال تتوقف فقط على اإلمكانيات الداخلية من وسائل
مادية ومالية وبشرية ،وإنما تستلزم خلق جسور التعاون الفعال مع محيطها السياس ي واإلداري
عل ى أسس واضحة وشفافة إلن املجلس األعلى للحسابات ال يمكنه أن يؤدي وظائفه الرقابية
25
-عبد القادر باينة ،الرقابة المالية على النشاط اإلداري ،الجزء الثاني ،الرقابة المالية الغليا ،مطبعة دار القلم ،الرباط ،الطبعة األولى.
26
-احميدوش مدني ،المحاكم المالية في المغرب ،دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ،الطبعة الولى ،ص372/371 ،
21
بشكل انفرادي وفي عزلة عن باقي األجهزة الرقابية ،وإنما فعاليته من حيث املردودية تستدعي روح
التعاون و التكامل مع باقي األجهزة الرقابية.27
ولهذا نجد دستور 2011أكد على مسألة املساعدة بهدف النهوض بالتدبير العمومي وتكريس دولة
الحق والقانون حيث أناط املشرع الدستوري مهمة تتجلى في تقديم هذا االخير املساعدة للهيئات
القضائية .إال ان املالحظ من خال هذه املساعدة لم يتم يتم تحديد طبيعتها القضائية ،لكن ومن
خالل االختصاصات لكل من املجلس األعلى للحسابات والهيئات القضائية ،يتضح أن هذه
املساعدة تتجلى في تحريك املتابعة القضائية وتفعيل العالقة بالتواصل بين رقابة املجلس
والقضاء.
يعتبر البرملان ممثل األمة،لذا كان من الالزم تمتيعه بامتيازات وصالحيات تتيح له فرض رقابته على
املال العام،حيث يعمل هذا األخير على محاسبة السلطة التنفيذية في كل املسائل املتعلقة باملال
العمومي منذ نشأته،وعند تنفيذه،وبعد تنفيذه.
وعلى هذا املنحى تختص السلطة التشريعية بالرقابة السياسية على العمليات املالية
العمومية،وبهذا تنقسم هذه املراقبة إلى مراقبة سابقة على تنفيذ امليزانية ،ومراقبة مزامنة لهذا
التنفيذ ،وأخرى الحقة.فاملراقبة السابقة ،هي تلك املراقبة التي يجريها البرملان غلى النشاط املالي
للحكومة،من خالل دراسته ومناقشته ملشروع قانون املالية والتصويت عليه،أما املراقبة
املزامنة،فتجري عن طريق األسئلة الكتابية والشفوية وعن طريق التصويت على القوانين املعدلة
لقانون مالية السنة،وإحداث لجان التقص ي،أما املراقبة الالحقة فتجري عن طريق التصويت على
28
مشروع قانون التصفية،وفي بعض الحاالت إحداث لجان التقص ي.
لقد عمل الدستور الجديد على تقوية املهام الرقابية للبرملان الذي "يراقب عمل الحكومة ويقيم
السياسات العمومية" حسب ماء جاء في الفصل 70من الدستور.سنعرض آليات املراقبة املتعلقة
27
-أحميدوش مدني ،مرجع سابق ،ص411،
28
.عبد النبي اضريف"،قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 130-13ونصوصه التطبيقية" editions Emaliv،الطبعة
الرابعة 2015،ص .138-139
22
باألسئلة الكتابية والشفوية ألعضاء البرملان،واالختصاصات املوكولة للجنة املالية
بالبرملان،وإحداث لجان تقص ي الحقائق،واملصادقة على القوانين املعدلة لقانون مالية السنة.
تسمح أسئلة أعضاء البرملان من تتبع عمل الحكومة ومراقبة أدائها ال على مستوى تنفيذ امليزانية
العامة وال على مستوى مختلف السياسات والبرامج العمومية.وقد أقرت الدساتير املغربية هذه
اآللية منذ .1962حيث يقض ي الفصل 100من دستور " 2011تخصص باألسبقية جلسة في كل
أسبوع ألسئلة أعضاء مجلس ي البرملان وأجوبة الحكومة ."....وتشكل األسئلة الكتابية مصدرا ثمينا
إلخبار أعضاء البرملان وملعرفة موقف الحكومة من قضايا ذات طابع قانوني محض " .ويشترط في
األجوبة الكتابية الدقة والوضوح واملوضوعية التامة بعيدا عن كل تقييم شخص ي ويمكن
29
للمواطن أن يستند إليها في عالقاته مع اإلدارات الحكومية.
وعمل الدستور الحالي على إحداث تنظيم نوع جديد من األسئلة (البند األخير من الفصل )100
وتتميز بالخصائص التالية:
-من يتولى تقديم األجوبة :الفصل العاشر بنص على أن األجوبة تقدم من قبل رئيس الحكومة.
-أما آجال األجوبة فقد حدد خالل الثالثين يوما املوالية لتاريخ إحالة السؤال على رئيس
30
الحكومة.
يمارس البرملان رقابة على العمل الحكومي عبر اللجان البرملانية ،التي تعتبر البنيات الفرعية األكثر
حيوية في حياة البرملان.ويتفق الفقه الدستوري،على أن اللجان تمارس رقابة فعلية على عمل
29
.رشيد المساوي"،المالية العامة"،مطبعة اسبارطيل-طنجة،الطبعة الثالثة،2016 ،ص .177
30
.رشيد المساوي ،مرجع سابق،ص.178
23
الحكومة بما تخوله من إمكانية االستخبار حول موضوع معين أو التحقيق وجمع املعلومات حول
31
قضية تهم الرأي العام.
وهكذا وبالرجوع إلى دور اللجان نجد هناك نوعين وهما:اللجان الدائمة و اللجان املؤقتة أو لجان
تقص ي الحقائق.
وإذا كانت اللجان املالية للبرملان.تختص بالنظر في مشاريع قوانين املالية وكل املسائل املتعلقة
بالسياسة االقتصادية واملالية للدولة.فإنها تلعب دورا كبيرا في مراقبة املال العام.وذلك من خالل
الوسائل واآلليات التي تخولها النصوص التشريعية والتنظيمية،ونورد على سبيل املثال:
-الحصول على معلومات حول االلتزامات باإلنفاق ونقل اإلعتمادات املتعلقة بتدبير املؤسسات
العمومية وشبه العمومية والشركات ذات اإلقتصاد املختلط.
32
-اإلطالع على الوثائق اإلدارية لجميع مرافق الدولة.
إن لجان تقص ي ا لحقائق التي تعتبر في نظر البعض عتبة أساسية لتفعيل عمل املؤسسة
التشريعية وكوجه ملحاربة الفساد وآلية للرقي بعمل البرملان في مجال الرقابة من الناحية الواقعية
تتعثر مهمتها أمام وجود عدة صعوبات قانونية مثل وقف عملها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع
موضوع البحث وأخرى ذات طابع محض تندرج في إطار الحسابات السياسة والحزبية كرفض
مدراء املؤسسات املعنية في بعض األحيان تزويد اللجان باملعطيات الضرورية إضافة إلى إكراه
العامل الزمني الضيق املمنوح لها نظرا لطبيعتها املؤقت وإفراغ التقارير الصادرة عنها من محتواها.
لتجاوز مساوئ النظام املنظم للجان تقص ي الحقائق عمل دستور ،2011في الفصل 67منه،على
إحداث بعض التغييرات التي يمكن إيجازه على الشكل التالي:
إمكانية تشكيل لجنة تقص ي الحقائق بطلب ثلث أعضاء أحد املجلسين مما يفسح املجال أمام
املعارضة ويقوي حظوظها في مراقبة "تدبير املصالح أو املؤسسات واملقاوالت العمومية".
31
.نجيب جيري"،الرقابة المالية بالمغرب،بين الحكامة المالية ومتطلبات التنمية"،منشورات مجلة الحقوق المغربية،2012،ص.76
32
.عبد النبي اضريف،مرجع سابق،ص.140
24
-التنصيص صراحة على إمكانية –عند اإلقتضاء -إحالة التقرير على القضاء من طرف رئيس
املجلس.من طبيعة الحال أن التنصيص على أن رئيس املجلس وليس اللجنة أو رئيسها هو من يقرر
اإلحالة على القضاء ينم عن رغبة في تمكين األغلبية التي ينبثق عنها الرئيس من التحكم في تتبع
مآل التقرير.
-يحيل الدستور على نص تنظيمي يحدد طريقة تسيير لجان تقص ي الحقائق.األمر الذي من شأنه
أن يضمن ممارسة اللجنة لسلطاتها وحقوقها في اإلستماع لكل الجهات أو األجهزة والحصول على
33
كل املعلومات التي قد تفيد في البحث في الوقائع موضوع التقص ي.
وعلى العموم إذا كان هذا هو الدور العام للجان البرملانية في مراقبة املال العام،وهو دور سابق
للتنفيذ املادي للعمليات املالية املرخص بها،واملصادق عليها من قبل البرملان،فإن اللجنة املالية
تقوم كذلك باملراقبة املزامنة للتنفيذ املالي،وذلك من خالل مشروع القانون املعدل لقانون
34
املالية،هذا األخير يمكن أن يأتي نتيجة ظروف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
تنص الفقرة األولى من الفصل 103من الدستور 2011على ما يلي":يمكن لرئيس الحكومة أن
يربط ،لدى مجلس النواب ،مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن
تصريح يدلي به في موضوع السياسات العامة ،أو بشأن نص املوافقة عليه".
إن مسألة سحب الثقة عن الحكومة قد تأتي بمبادرة برملانية كما قد تأتي بمبادرة عن الحكومة
،وفي النوع األخير قد تتخذ ثالثة أنواع ،النوع األول من خالل طرح الثقة حول البرنامج الحكومي و
النوع الثاني قد تكون بشأن تصريح في موضوع السياسات العامة ،والنوع الثالث بشأن نص
قانوني.
وبالرجوع إلى الفقرة األولى من الفصل 103من دستور 2011نجدها جاءت للحديث عن النوعين
اآلخرين أي عندما يتعلق األمر بشأن تصريح في موضوع السياسات العامة أو بشأن نص قانوني.
فالصنف األول املتعلق بالتصريح الحكومي في موضوع السياسات العامة،من خالله تبادر الحكومة
إلى تحريك مسؤوليتها السياسية أمام مجلس النواب بتصريح حول سياستها املتبعة وذلك من أجل
33
. .رشيد المساوي ،مرجع سابق،ص.182
34
.نجيب جيري،مرجع سابق،ص.76
25
التأكد من مدى مساندة أغلبيتها البرملانية ومدى إنسجامها مع أعمال وتصرفات
الحكومة،والصنف الثاني أو اآللية الثانية فهو يتعلق بربط مصيرها بالتصويت على نص
قانوني،حيث تتقدم الحكومة بنص قانوني وتطلب من مجلس النواب التصويت عليه رابطة بذلك
مصيرها السياس ي بالتصويت على هذا النص ،ولقد أقرت مختلف الدساتير املغربية املتعاقبة
هاتين الوسيلتين في مراقبة عمل الحكومة،إبتداء من دستور 1962في فصله 80مرورا بالدساتير
املتعاقبة وصوال لدستور 2011في فصله ، 103وبذلك يمكن القول أن هاتين الوسيلتين لهم
دستورية مائة باملائة.
كذلك من بين املستجدات التي حملها دستور 2011هو أن مسألة طلب الثقة من مجلس النواب
قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها أصبحت تعرض على املجلس الحكومي إستنادا للفصل
، 92بعدما كان في السابق الفصل 60الذي أحال على الفصل 75من الدستور 1996يقض ي
بوجوب عرض مسألة الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها على
املجلس الوزاري.
ومن جهة ثانية نجد كذلك إحتفاظ مجلس النواب بمكانة الصدارة في الدستورين معا بخصوص
منح الثقة أو رفضها بشأن تصريح تدلي به الحكومة في موضوع السياسات العامة أو عندما تطلب
املوافقة على نص معين.
وبذلك فإن املشرع الدستوري املغربي جعل هاتين الوسيلتين (باإلضافة إلى الوسيلة األولى املتعلقة
بالتصويت على البرنامج الحكومي) ال تستعملها الحكومة إال أمام مجلس النواب،وبذلك أقص ى
دور مجلس املستشارين من رقابة الحكومة عن طريق هاته اآلليات35.
يعتبر ملتمس الرقابة تقنية دستورية وسياسية يتوفر عليها البرملان املغربي بمجلسيه،يتم على
أساسها مساءلة الحكومة سياسيا كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
35
.إدريس العرعاري،المراقبة المالية بين النص والممارسة(الوالية التشريعية التاسعة-نموذجا،)-رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام
والعلوم السياسية،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية،أكدال-الرباط،-السنة الجامعية .2016-2015
26
إن الحكومة مسؤولة سياسيا أمام البرملان بمجلسيه،وملمارسة هذا اإلختصاص منح املشرع املغربي
للبرملان ملتمس الرقابة لتحريك املسؤولية السياسية للحكومة سواء أمام مجلس النواب أو أمام
مجلس املستشارين،وامللتمس ذو طابع مزدوج بواسطته يمكن ألحد أعضاء البرملان بمجلسيه أن
يبادر باسم املجلس الذي ينتمي إليه ملساءلة العمل الحكومي36.
تنص الفقرة األولى من الفصل 105من دستور 2011على ما يلي":ملجلس النواب أن يعارض في
مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها،بالتصويت على ملتمس للرقابة،وال يقبل هذا امللتمس إال إذا
وقعه على األقل خمس األعضاء الذين يتألف منهم املجلس".
كما تنص الفقرة األولى من دستور 2011على ما يلي ":ملجلس املستشارين أن يسائل الحكومة
بواسطة ملتمس يوقعه على األقل خمس أعضائه.".....
يعتبر ملتمس الرقابة وسيلة لتحريك املسؤولية السياسية للحكومة أمام البرملان وهو أداة قانونية
بيد أعضاء البرملان تستعمل كلما تبين للبرملان أن الحكومة إنصرفت عن األهداف األساسية التي
صوتت عليها األغلبية البرملانية أثناء تنصيب الحكومة خالل عرضها للبرملان السياس ي أو التصريح
الذي تتقدم به الحكومة من أجل املوافقة والتصويت عليه.
ويعتبر ملتمس املساءلة تنبيه للحكومة من طرف مجلس املستشارين وسيلة قانونية بيد أعضاء
املجلس يستعملها في تنبيه الحكومة إلى مسألة معينة أو قضية معينة غير راض ي ومطمئن
عليها،وهو وسيلة وأداة قانونية لتقويم اإلنحراف عن األهداف املرسومة من طرف الحكومة وهي
تطبق البرنامج السياس ي الذي عرضته على مجلس املستشارين وناقشه دون التصويت عليه،وهو
جانب يعبر عن الحيطة والحذر والتبصر والذي يجسده التنبيه املوجه في شخص رئيس الحكومة.
إلى جانب املراقبة املواكبة هناك املراقبة الالحقة التي ال تقل أهمية عن باقي مراحل املراقبات التي
يقوم بها البرملان أو السلطة السياسية،حيث يتم التصويت على قوانين التصفية،التى تعد بمثابة
خالصة للعمل املالي الحكومي،والتي من خاللها يمكن تقييم اإلنجازات الحكومية،سواء فيما يتعلق
37
باملوارد أو النفقات العمومية.
36
.نجيب جيري،تنزيل الدستور المالي بالمغرب بين ضرورة اإلصالح ورهان الحكامة المالية،
37
.المرجع نفسه،ص.77
27
بحيث أن املادة 64من القانون التنظيمي للمالية رقم ،130-13على أنه يثبت ويحصر قانون
التصفية املتعلق بتنفيذ قانون املالية املبلغ النهائي للمداخيل املقبوضة،والنفقات املتعلقة بنفس
السنة املالية،واملؤشر على األمر بصرفها،ويحصر حساب نتيجة السنة ،وجب أن يودع بمكتب أحد
مجلس ي البرملان في نهاية السنة الثانية املوالية لسنة تنفيذ قانون مالية السنة طبقا للفصل 76
من الدستور.ويظهر من خالل النص أن هذه املراقبة الالحقة تتم عن طريق التصويت على مشروع
قانون التصفية،ألن هذا القانون من شأنه أن يبين الفروق بين التوقعات واإلنجازات املحصل
عليها.
وحسب املادة 66من القانون التنظيمي للمالية ،يتم إرفاق مشروع قانون التصفية املتعلق بتنفيذ
قانون املالية بالوثائق التالية:
وتعترض هذه الطريقة في مراقبة أعمال الحكومة عدة عراقيل،تتمثل قي أن جل القوانين التي
عرفتها اململكة،لم يتم التصويت عليها في الوقت املحدد قانونا،وهذا ما يفرغ هذه املراقبة من
محتواها،ولم تصبح إال إجراءات شكلية ،تقوم بها السلطة التشريعية بعد مرور خمس سنوات أو
أكثر على نهاية السنة املالية املعنية،فقانون تصفية سنة 1996لم يصوت عليه إال في سنة 2003
،لذلك يجب أن يعاد النظر في هذه املسألة،بإجبار الحكومة على تقديم مشاريع قوانين التصفية في
املوعد املحدد لها،حتى تتم معرفة األخطاء املرتكبة،وتدعم قوة البرملان في مراقبة أموال
الشعب،والذي أنش ئ من أجل مراقبة حسن تدبيرها وتوجيهها نحو األهداف التي تم جبايتها من
28
أجلها"،تعرض الحكومة سنويا على البرملان،قانون التصفية املتعلق بتنفيذ قانون املالية،خالل
السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون.ويتضمن قانون التصفية حصيلة ميزانيات التجهيز
38
التي انتهت مدة نفاذها".
29
6 2003 1996-1997
6 2004 1997-1998
5 2004 1999-1998
املصدر:عسو منصور"،قانون امليزانية العامة"ص186
وكما ذكرنا سابقا فإن إحداث لجان التقص ي يدخل في إطار املراقبة املزامنة،إال أن هذا ال يمنع من
أن تكون مسألة إحداث لجان التقص ي كشكل من أشكال املراقبة الالحقة،ألنه قد تظهر بعض
املستجدات أو مستندات لواقع مالية سابقة تم تنفيذها لسنوات مضت،وهذا ال يمنع السلطة
التشريعية من تبني هذه التقنية املتميزة في مراقبة أموال األمة،وهذا ما تم العمل به في قضية
القرض العقاري والسياحي،حيث إن املكلفين بمهمة التقص ي،وجدوا أنفسهم يحققون في ملفات
39
مالية مضت عليها أكثر من عشر سنوات.
39
.المرجع نفسه،ص.142
30
خاتمة:
الرقابة اإلدارية تحتاج ألساليب حديثة،تتجاوز بها الرقابة الكالسيكية التي ترتكز في الغالب على
املراقبة الشكلية من خالل التأكد من مشروعية العمليات املالية،ومطابقتها للقوانين بدل االهتمام
بمراقبة الكفاءة في األداء،وما تقوم عليه من إجرائية واقتصاد في الوسائل.أما الرقابة الخارجة عن
اإلدارة والتي تراقب العمليات املالية سواء قبل أو بعد إنجازها،وتقوم بها أجهزة كلفها املشرع
بذلك،فإنه يتوخى منها تجاوز الثغرات التي تعرفها الرقابة اإلدارية الداخلية،نظرا لعدم استقاللية
األجهزة القائمة باملراجعة والتفتيش وكذا املحاسبة الش يء الذي يبعدها عن النزاهة والشفافية
والفعالية.
31
الئحة املراجع:
الكتب:
عبد القادر باينة ،الرقابة املالية على النشاط اإلداري ،الجزء الثاني ،الرقابة املالية الغليا،
احميدوش مدني ،املحاكم املالية في املغرب ،دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة ،الطبعة الولى
عبد الفتاح بلخال :علم املالية العامة والتشريع املالي املغربي ،الطبعة األولى 2005مطبعة
فضالة.
نجيب الجيري ،الرقابة املالية باملغرب بين الحكامة املالية ومتطلبات التنمية ،الطبعة
ميلود عويس ،منظومة املراقبة املالية باملغرب أي دور في حماية املال العام ،رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في العلوم اإلدارية كلية الحقوق الدار البيضاء -عين
أكدال2012/2011 .
املجالت:
الصديق حيدة ،املحاكم املالية وإشكالية حماية املال العام ،مجلة املالية لوزارة اإلقتصاد
واملالية العدد – 21يناير 2014
ظهير شريف رقم 1.59.269بشأن التفتيش العام للمالية ،جريدة رسمية عدد 2478بتاريخ
25شوال22( 1379أبريل .)1960
املرسوم امللكي رقم 66.330الصادر في 10محرم 21( 1387أبريل )1967بسن نظام عام
للمحاسبة العمومي ،ج.ر عدد\ 2843الصادرة في 15محرم 26( 1387أبريل .)1967
املرسوم رقم 2.93.807في شأن النظام الخاص بهيئة التفتيش العام للمالية ،جريدة
رسمية عدد 4262بتاريخ 06يوليوز 1994
قرار وزير املالية رقم 4294بتاريخ 15فبراير 1995خاص بنظام امتحان الكفاءة املهنية
ملفتش ي املالية.
مواقع إلكترونية:
o presstetouan.com/files/1294583371.doc
33
عروض:
عرض مقدم من طرف السيد خالد بنضو( :مفتش املالية ) بعنوان :دور املفتشية العامة
للمالية في الرقابة اإلدارية على املالية العمومية .يوم 17دجنبر .2013
34