You are on page 1of 47

‫ماستر القانون اإلجتماعي ومنازعات الشغل‬

‫الفوج الرابع ‪ :‬مادة تحرير العقود‬


‫عرض تحت عنوان ‪:‬‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬

‫جمال الزاي‬ ‫إعداد الطلبة ‪:‬‬


‫سناء حيكي‬ ‫✓‬
‫ربيعة بوقري‬ ‫✓‬

‫السنة الجامعية ‪2023 /2022‬‬


‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫مقـدمــــة ‪:‬‬
‫في اآلونة األخيرة تنمى دور الوسائل البديلة لفض المنازعات بين االفراد سواء في‬
‫المجال المدني او التجاري او الجنائي‪ ،‬وهذه الوسائل تتنوع بين التحكيم والوساطة والصلح‬
‫والتوفيق وهي تلك االليات التي يلجا لها األطراف عوضا عن القضاء العادي عند نشوء‬
‫خالف بينهم بغية التوصل لحل لذلك الخالف‪.‬‬

‫وقد ساعد على انتشار هذه الوسائل المزايا التي تتميز بها كالبساطة والسرعة في حل‬
‫ال نزاعات ومشاركة األطراف في حلها وتخفيف العبء على المحاكم وقد كرست لهذه‬
‫التوصيات الصادرة عن المنظمات العالمية كمنظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫يعتبر الصلح احدى أبرز الطرق البديلة التي تغني أطراف النزاع عن اللجوء الى المحكمة‬
‫للبت فيه بفضل مساهمته في تخفيف العب ء عليها حيث يغلق الطريق على مجموعة من‬
‫الملفات ويوفر عليها المزيد من الوقت والجهد والمصاريف‪.‬‬

‫فالصلح يعتبر أقدم العقود واعرقها في حياة االنسان ووسيلة فعالة إلنهاء الخصومة ووضع‬
‫حد للنزاع في أقصر اآلجال وبأقل التكاليف فهو أداة لترسيخ الحوار والتسامح وينمي‬
‫العالقات االجتماعية والعائلية ويحقق االمن واالستقرار‪.‬‬

‫المشرع المغربي نظم الصلح في الفصول ‪ 1098‬الى ‪ 1116‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫كما نظمه في الفصول ‪ 277‬و‪ 278‬وما بعدها بخصوص القضايا االجتماعية في قانون‬
‫المسطرة المدنية ونجد المواد ‪ 41‬و‪ 73‬و‪76‬و‪ 532‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫ان مد ونة الشغل كرست مسطرة الصلح باعتبارها طريقة ودية لفض الخالفات التي قد تثور‬
‫بين طرفي العالقة الشغلية من خالل اتاحتها الفرصة لمفتشي الشغل بإجراء محاوالت الصلح‬
‫وفي حال فشل هذه المحاولة يتم اللجوء للقضاء الذي بدوره قبل البت في جوهر القضية‬
‫يحاول اصالح ذات البين بين أطراف النزاع‪.‬‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة تظهر على عدة مستويات بحيث تتجلى في كل من‪:‬‬

‫‪-‬األهمية القانونية‪:‬‬

‫تتجلى في معرفة القواعد والنصوص القانونية التي افردها المشرع المغربي للصلح في‬
‫نزاعات الشغل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪-‬األهمية االقتصادية‪:‬‬

‫تتجلى في كون الصلح يعتبر وسيلة بديلة لحل النزاعات وبالتالي وقف النزاع بين أطراف‬
‫العالقة الشغلية التي يكون أحد أطرافها مشغل واجير وبالتالي حصول على التعويض الذي‬
‫يكون غالبا ماديا‪.‬‬

‫‪-‬األهمية االجتماعية‪:‬‬

‫تتجلى في كون القضايا االجتماعية ترتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق السلم االجتماعي وبالتالي‬
‫فالهدف من اجراء الصلح اما ارجاع االجير الى عمله وضمان قوته اليومي او حصوله على‬
‫تعويض بعد االتفاق الذي قد يحصل بينه وبين مشغله في إطار الصلح‪.‬‬

‫اشكالية الموضوع‪:‬‬

‫كيف نظم المشرع المغربي الصلح سواء اإلداري منه او القضائي‪.‬‬

‫المنهج المعتمد‪:‬‬

‫لإلحاطة بالموضوع ارتأينا االعتماد على المنهج التحليلي والوصفي من خالل تحليل‬
‫ووصف مختلف النصوص القانونية المرتبطة بالموضوع‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫لمحاولة معالجة اإلشكالية التي يطرحها هذا الموضوع سنحاول اعتماد التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الصلح اإلداري في المادة االجتماعية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصلح القضائي في المادة االجتماعية‬

‫‪2‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫المبحث االول ‪:‬الصلح االداري في المادة االجتماعية‬


‫من المسلم به ان عالقات الشغل بين طرفي العالقة الشغلية مؤهلة الندالع نزاعات‬
‫ضمنها في أي وقت بين اطراف هذه العالقة ‪.‬وان حسم النزاع بين طرفي العالقة بالصلح‬
‫هو اقرب الى تحقيق العدالة باعتبار ان الطرفين اعلم من غيرهم بمدى استحقاق كل منهم ما‬
‫يدعيه لنفسه او على غيره ‪.‬‬

‫ونزاعات الشغل كما هو معلوم اما ان تنقسم الى نزاعات فردية واخرى جماعية ‪،‬ففي‬
‫نزاعات الشغل الفردية قد يلجا طرفي العالقة الشغلية الى مفتشية الشغل باعتبارها هيئة‬
‫ادارية من اجل ابرام الصلح امامها ولحسم النزاع بينهما )المطلب االول(‪.‬‬

‫اما فيما يتعلق بنزاعات الشغل الجماعية فلقد عمل المشرع على تنظيمها بمقتضى مجموعة‬
‫من المواد من مدونة الشغل ‪،‬مع القول على ان مسطرة التصالح في هذا النوع من النزاعات‬
‫تبقى مسطرة ادارية صرفة خول من خاللها المشرع لهيئات ادارية مهمة االشراف على‬
‫التصالح سواء على مس توى مفتشية الشغل اوعلى مستوى لجان البحث والمصالحة )المطلب‬
‫الثاني(‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬الصلح االداري في نزاعات الشغل الفردية‬


‫اهتمت مجموعة من التشريعات الشغل المقارنة بتنظيم مؤسسة الصلح التمهيدي باعتباره‬
‫وسيلة لحل نزاعات الشغل الفردية ‪،‬وخاصة النزاع الحاصل جراء الفصل التعسفي لألجير‬
‫والمشرع المغربي كباقي التشريعات نص في مقتضيات مدونة الشغل وبموجب المادة ‪،141‬‬
‫والمادة ‪، 2 532‬على ال ية جديدة لحل نزاع الشغل الفردي الناتج عن الفصل التعسفي لألجير‬
‫وقد تمت تسمية هذه المسطرة من الناحية القانونية )بالصلح التمهيدي(وبالتالي البد من‬
‫االحاطة باألحكام العامة لهذه المسطرة )الفقرة االولى( ثم سوف نتطرق الثار الصلح‬
‫التمهيدي امام مفتش الشغل وهل يمكن الطعن في هذا النوع من التصالح؟ )الفقرة الثانية (‪.‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 41‬في فقرتها الثالثة من مدونة الشغل تنص "‪....‬يمكن لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء الى مسطرة الصلح‬
‫التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 532‬ادناه من اجل الرجوع الى شغله او الحصول على تعويض"‪.‬‬
‫‪ - 2‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 532‬من مدونة الشغل تنص "‪.....‬اجراء محاوالت التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية‪".‬‬

‫‪3‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الفقرة االولى‪:‬االحكام العامة للصلح التمهيدي وكيفية تطبيق‬


‫لإلطالع على الدور الذي تقوم به مسطرة الصلح التمهيدي في حل نزاعات الشغل الفردية‬
‫البد من التطرق لماهية هذا الصلح واألحكام العامة التي تؤطره)اوال( ‪ ،‬ثم التطرق لكيفية‬
‫تطبيق مسطرة الصلح التمهيدي)ثانيا(‪.‬‬

‫اوال‪ :‬االحكام العامة للصلح االداري‬

‫المالحظ ان المشرع المغربي لم يقوم بتعريف الصلح التمهيدي ضمن مقتضيات مدونة الشغل‬
‫ورغم ذلك يمكن القول انه ذلك الخيار المتضمن إلجراء مسطري مخول لألجير الذي فصل‬
‫عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا‪ ،‬ويجري أمام مفتش الشغل وقبل عرض النزاع على القضاء‪،‬‬
‫ويخول لألجير خيارين اثنين إما الرجوع إلى الشغل أو الحق في التعويض‪.3‬‬

‫فمسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليها في المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل هي اجراء اداري‬
‫يتم امام مفتشية الشغل بهدف تسوية النزاعات الناشئة بين االجير والمشغل قبل عرضها على‬
‫القضاء ‪، 4‬فهي مسطرة وان كانت في االصل خولت لألجير المفصول تعسفيا فان المشرع‬
‫المغربي جعلها ايضا متاحة للمشغل في حالة قيامه بفصل اجرائه ألسباب تكنولوجية وهيكلية‬
‫او اقتصادية‪،5‬كما انها مسطرة يمكن ان تباشر تلقائيا من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل في‬
‫الحالة التي يتوصل فيها بنسخة من مقرر الفصل من طرف المشغل في اطار المادة ‪ 64‬من‬
‫مدونة الشغل‪،6‬او في الحالة التي يرفض فيها احد الطرفين اجراء او اتمام مسطرة الفصل‬
‫التاديبي‪.7‬‬

‫وتبعا لذلك فان الية الصلح التمهيدي تتميز بالخصائص التالية ‪:‬‬

‫✓ مسطرة ادارية‪:‬فهي تتم امام مفتشية الشغل ‪،‬هذه االخيرة تعتبر احدى المصالح‬
‫الخارجية التابعة للوزارة المكلفة بالتشغيل‪.‬‬
‫✓ مسطرة غير قضائية ‪ :‬مسطرة الصلح التمهيدي تتم قبل عرض النزاع على انظار‬
‫القضاء‪،‬أي انها مسطرة قبل قضائية ‪.‬‬
‫✓ مسطرة اختيارية ‪:‬اذ يستفاد من مقتضيات الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل‬
‫التي تنص على انه "يمكن لألجير الذي فصل عن الشغل لسبب يعتبره تعسفيا اللجوء الى‬
‫مسطرة الصلح التمهيدي المنصوص عليه في الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪ 532‬ادناه من اجل‬
‫‪ - 3‬محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني "سلسلة دراسات وأبحاث "المنازعات‬
‫االجتماعية في ضوء مدونة الشغل والقوانين المنظمة لحوادث الشغل واألمراض المهنية والضمان االجتماعي"‪،‬ج‪،1‬عدد‪، 11‬سنة ‪، 2012‬ص‪. 25‬‬
‫‪ - 4‬فاطمة خلوقي "الصلح في المادة االجتماعية "بحث نهاية تدريب الفوج ‪ 36‬للملحقين القضائيين تحت اشراف ذة ‪/‬الزوهرة اصولدي ‪-2009‬‬
‫‪ 2011‬ص ‪.24‬‬
‫‪ - 5‬تنص المادة ‪ 70‬من مدونة الشغل في فقرتها االخي رة على "يجوز للمشغل واالجراء اللجوء الى الصلح التمهيدي طبقا للمادة ‪ 41‬اعاله او اللجوء‬
‫للمحكمة للبت في النزاع "‪.‬‬
‫‪ - 6‬تنص المادة ‪ 64‬من مدونة الشغل في فقرتها االولى"توجه نسخة من مقرر الفصل أو رسالة االستقالة إلى العون المكلف بتفتيش الشغل ‪".....‬‬
‫‪ - 7‬تنص المادة ‪ 62‬م ش في فقرتها االخيرة "‪ ..‬اذا رفض احد الطرفين اجراء او اتمام المسطرة ‪،‬يتم اللجوء الى مفتش الشغل"‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الرجوع الى شغله او الحصول على تعويض "‪ .‬وكلمة "يمكن" تفيد االختيار وليس الوجوب‬
‫وهو الموقف الذي تبناه المجلس االعلى سابقا )محمة النقض حاليا( في احدى قراراته‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 4‬يونيو ‪ 2008‬والذي جاء فيه "ان لجوء االجير الى مسطرة الصلح‬
‫التمهيدي عمال بالمادة ‪ 41‬من مدونة الشغل هو امر اختياري ال يترتب عن عدم سلوكه أي‬
‫اثر قانوني"‪ ; 8‬ومعنى ذلك انه يبقى من حق االجير اللجوء مباشرة الى المحكمة لرفع دعوى‬
‫تتعلق بالفصل التعسفي واما ان يلجأ الى مسطرة الصلح التمهيدي لطلب التعويض او‬
‫الرجوع لعمله ‪.‬‬
‫✓ مسطرة مخولة لألجير والمشغل‪:‬شرعت مسطرة الصلح التمهيدي في االصل‬
‫وبالمعنى الوارد بمقتضى الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 41‬من م‪.‬ش‪ .‬مبدئيا لمصلحة االجير الذي‬
‫يعتبر نفسه فصل تعسفيا من الشغل وهذا المقتضى يدل على تكريس المشرع لمبدأ حماية‬
‫القانون االجتماعي لألجير باعتباره الطرف الضعيف في العالقة الشغلية ‪،‬وان كان النهج‬
‫الجديد للمشرع يقض ي بضرورة تعميم مبدأ الحمائية حيث قرر استفادة طرفي العالقة‬
‫الشغلية من هذه المسطرة في مواقع اخرى ‪ ،‬حيث لم يعد هذا المبدأ حكرا على االجير اذ‬
‫يمكن للمشغل اللجوء اليها عندما يريد فصل االجراء ألسباب تكنولوجية او هيكلية او‬
‫اقتصادية‪.9‬‬

‫ثانيا ‪:‬كيفية تطبيق مسطرة الصلح التمهيدي ‪:‬‬

‫تعد الية الصلح التمهيدي من اهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الشغل ‪،‬والتي تجسد‬
‫الدور التصالحي الذي يضطلع به جهاز تفتيش الشغل في نزاعات الشغل الفردية ‪.‬وللوقوف‬
‫على كيفية تطبيق الصلح التمهيدي كوسيلة لحل نزاعات الشغل الفردية البد من التطرق‬
‫لمختلف االجراءات الواجبة لسلوك هذه المسطرة ‪،‬حيث ان هذه االخيرة تقتضي تدخل‬
‫مجموعة من االطراف ‪،‬االجير والمشغل من جهة والعون المكلف بتفتيش الشغل من جهة‬
‫ثانية وفق اجراءات وشكليات تضمن تفعيل هذه المسطرة ‪ .‬واذا كانت المادة ‪ 41‬من مدونة‬
‫الشغل عملت على تحديد شكليات هذا الصلح المبرم امام مفتشية الشغل ولو بكيفية جزئية‬
‫ونصت على االجراءات الواجب احترامها لصحة االتفاق الذي قد يتم التوصل اليه من قبل‬
‫طرفي النزاع ‪،‬غير ان المالحظ ان المشرع اغفل باقي االجراءات المرتبطة بكيفية ممارسة‬
‫هذه المسطرة ‪،‬وبالتالي تبقى الممارسة العملية للدور التصالحي من طرف مفتش الشغل من‬
‫بين اهم الوسائل الكفيلة بتحديد مختلف اجراءات ممارسة مسطرة الصلح التمهيدي والمتمثلة‬
‫فيما يلي ‪:‬‬

‫تقديم طلب اجراء الصلح التمهيدي ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫المشرع لم يتطرق بتاتا إلى تنظيم هذا اإلجراء غير انه وبناءا على ما اسفرت عنه الممارسة‬
‫العملية لمفتشي الشغل ‪،‬البد لتفعيل مسطرة الصلح التمهيدي عموما من تقديم طلب من قبل‬

‫‪- 8‬قرار عدد ‪ 4-653‬يونيو ‪ 2008‬في ملف عدد ‪ 2007/11/5/549‬مشار اليه ببحث نهاية التكوين –فاطمة خلوقي "الصلح في المادة‬
‫االجتماعية"ص ‪.25‬‬
‫‪ - 9‬تنص الفقرة االخيرة من المادة ‪ 70‬من م‪.‬ش‪.‬انه"‪ ..‬يجوز للمشغل واالجراء اللجوء الى الصلح التمهيدي طبقا للمادة ‪ 41‬اعاله او اللجوء الى‬
‫المحكمة للبت في النزاع"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫األجير إلى العون المكلف بتفتيش الشغل حتى يتمكن هذا األخير من التدخل إلجراء محاولة‬
‫التصالح ‪ ،‬وإحالة النزاع على العون المكلف بتفتيش الشغل قد يتم كتابة أو شفهيا‪ ،‬وقد جرت‬
‫العادة في حالة وقوع نزاع بين طرفي العالقة الشغلية‪ ،‬أن يبادر االجير إلى اللجوء لمفتشية‬
‫الشغل‪ ،‬وبعد استقباله من طرف أحد االعوان واالستماع إلى شكايته ومطالبه‪ ،‬يقوم العون‬
‫بكتابة اسم األجير المشتكي والمؤسسة التي ينتمي إليها‪ ،‬في سجل مخصص لذلك وكذا تحديد‬
‫نوعية مطالبه‪،10‬وتجدر االشارة ان المشرع لم يعمل على تحديد اجل معين لتقديم الطلب الى‬
‫العون المكلف بالتفتيش بالرغم مما يشكله ذلك من اهمية قد تنعكس ايجابا على نتائج التسوية‬
‫الودية للنزاع وعموما البد من تقديم الطلب داخل اجل معقولة‪.‬‬

‫ب‪ -‬االستدعاء وحضور االطراف ‪:‬‬


‫بمجرد تقديم الطلب امام العون المكلف بالتفتيش يقوم هذا االخير باستدعاء المشغل للحضور‬
‫امامه من اجل اجراء محاولة التصالح وهو استدعاء ‪11‬ياخد شكل مراسلة يطالب فيها العون‬
‫المكلف بالتفتيش المشغل بالحضور امامه شخصيا او بتعيين ممثل قانوني عنه للمشاركة في‬
‫جلسة التص الح مع تضمين هذا االستدعاء يوم وساعة حضوره فضال على مطالبته باالدالء‬
‫بالوثائق الالزمة التي تخص موضوع النزاع وان كان الواقع العملي يفيد ان مفتش الشغل‬
‫يقوم بتسليم االستدعاء لألجير شخصيا من اجل السهر على استدعاء المشغل للحضور امام‬
‫مفتشية الشغل من اجل اجراء مح اولة للصلح‪.‬ويعتبر حضور هذا االخير من اجل المشاركة‬
‫في جلسة التصالح امرا اختياريا والتزاما ادبيا لعدم وجود أي مقتضى قانوني يلزمه بذلك‬
‫‪،‬وبالتالي فان تغيب المشغل او امتناعه عن الحضور يعتبر بمثابة فشل لمسطرة الصلح‬
‫التمهيدي ‪.‬ما يستلزم معه اعادة المشرع النظر في الطابع االختياري للحضور والمزاوجة‬
‫بين الزامية الصلح االداري امام مفتش الشغل وتجنيح واقعة عدم االمتثال‪.‬‬

‫ت‪ -‬البت في النزاع‪:‬‬


‫بعد تقديم طلب التصالح من قبل احد اطراف النزاع ‪،‬ودراسة العون المكلف بالتفتيش لمختلف‬
‫جوانب النزاع تبدا عملية البت في النزاع بحضور الطرفين من اجل الوصول الى حل‬
‫تصالحي ‪،‬اذ يعمل مفتش الشغل على تقريب وجهتي نظر الطرفين والدفع بهما الى ابرام‬
‫اتفاق نابع عن قناعتهما المشتركة‪،‬مستخدما في ذلك كل وسائل االقتناع المهنية والشخصية‬
‫مع احترام مختلف الضوابط التشريعية والتنظيمية لقانون الشغل‪،‬وعلى اثر انتهاء المهمة‬
‫التصالحية يقوم العون على تحرير نتائج محاولة الصلح في محضر سواء تم التوصل الى‬
‫اتفاق ودي تام او جزئي‪.12‬ويتم تحرير هذا المحضر في ثالث نسخ بحيث يحتفظ كل من‬
‫االجير والمشغل والعون المكلف بتفتيش الشغل بنسخة منه ‪.‬‬

‫‪ - 10‬نضال مصطفى محمد غيث " التسوية الودية لنزاعات الشغل الفردية عن طريق الصلح التمهيدي دراسة في ضوء التشريع االجتماعي‬
‫المغربي" مقال منشور بالمجلة االكاديمية لالبحاث والنشر العلمي –االصدار الثامن عشر ‪. 2020‬ص‪.271‬‬
‫‪ 11‬نموذج لهذا االستدعاء ملحق بالعرض‪.‬‬
‫‪ - 12‬حنان أعياض‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل الفردية في ظل القانون المغربي‪ ،‬دبلوم لنيل الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية‬
‫الحقوق مراكش السنة الجامعية ‪ ،2010-2009‬ص‪.78‬‬

‫‪6‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الفقرة الثانية‪:‬اثار الصلح التمهيدي ومدى امكانية الطعن فيه‬

‫بعد التعرف على مفهوم الصلح التمهيدي امام مفتشية الشغل والمسطرة المتبعة النجازه البد‬
‫من الحديث عن االثار الناجمة عن هذا الصلح )اوال( ثم التطرق لمدى امكانية الطعن فيه‬
‫)ثانيا(‪.‬‬

‫اوال‪ :‬اثار الصلح االداري‬

‫اذا كان الصلح التمهيدي يتعتبر وسيلة بديلة تهدف الى تسوية نزاعات الشغل الفردية بشكل‬
‫ودي ‪،‬فان تحقيق هذه الغاية رهين بتوافق ارادة طرفي العالقة الشغلية وهكذا فان تدخل‬
‫العون المكلف بتفتيش الشغل في النزاع القائم ال يفرض عليه ضرورة تسوية النزاع لمجرد‬
‫سلوك االطراف لهذه المسطرة ‪،‬فقد يتمكن احيانا من تحقيق التوافق بين طرفي النزاع البرام‬
‫صلح بينهما وقد ال يتوصل لذلك‪.13‬‬
‫وبالتالي فمسطرة الصلح التمهيدي تبعا لذلك قد تنجح في تسوية النزاع القائم بين طرفي‬
‫العالقة الشغلية كما قد تبوء بالفشل ففي حالة نجاح محاولة الصلح التمهيدي هاته التي يجريها‬
‫العون المكلف بالتفتيش الشغل قد تسفر عن حصول اتفاقات بين طرفي العالقة الشغلية وهي‬
‫اتفاقات ال تخلو من فرضتين اما ارجاع االجير الى شغله واما الحصول على تعويض‬
‫‪.‬فاالتفاق المفضي الى رجوع االجير الى عمله يعتبر من اهم النتائج التي تكرس مبدأ استقرار‬
‫الشغل بل تكاد تكون الفائدة الوحيدة للصلح في نزاعات الشغل الفردية‪.14‬فمتى نجح العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل في ارجاع االجير الى عمله ‪،‬يتمكن هذا االخير من مباشرة نشاطه‬
‫المهني ‪،‬وهكذا تكون مسطرة الصلح التمهيدي كللت بالنجاح وبالتالي يتم حسم النزاع دون ان‬
‫يستحق االجير أي تعويض اال ما يتعلق بمبالغ االجور المستحقة من تاريخ الفصل الى تاريخ‬
‫الرجوع للعمل ‪.15‬لكن يبقى تجسيد هذا االتفاق على ارض الواقع جد صعب بفعل تضارب‬
‫المصالح بين طرفي النزاع ما جعل االتفاق المنصب على اداء التعويض اكثر الخيارات‬
‫تداوال في ح الة نجاح مسطرة الصلح وهو الخيار الغالب واقعيا فهذا االخير يتجسد عمليا في‬
‫توقيع كل من االجير والمشغل او من ينوب عنه على توصيل استالم مبلغ التعويض وهو‬
‫توصيل مصادق على صحة امضائه من طرف الجهة المختصة ويوقعه بالعطف العون‬
‫المكلف بالتفتيش‪.16‬‬
‫واذا كان االتفاق الم نصب على اداء التعويض هو اهم خيار يلجأ اليه طرفا النزاع لحسم هذا‬
‫االخير وتسويته فان هذا االتفاق يثير عدة اشكاالت شكال وموضوعا ‪،‬فمن حيث الشكل‬
‫‪ - - 13‬نضال مصطفى محمد غيث " التسوية الودية لنزاعات الشغل الفردية عن طريق الصلح التمهيدي دراسة في ضوء التشريع االجتماعي‬
‫المغربي" المرجع السابق ص‪.272‬‬
‫‪ - 14‬الحاج الكوري "مدونة الشغل الجديدة في القانون رقم ‪ 56-99‬احكام عقد الشغل مطبعة االمنية ص ‪.203‬‬
‫‪ - 15‬عبداللطيف خالفي الوسيط في مدونة الشغل –عالقات الشغل الفردية المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة االولى–ص ‪.499‬‬
‫‪ - 16‬تنص الفقرة الرابعة من المادة ‪ 41‬من م‪.‬ش‪" .‬في حالة الحصول على تعويض ‪،‬يوقع توصيل استالم مبلغ التعويض من طرف االجير والمشغل‬
‫او من ينوب عنه ‪،‬ويكون مصادقا على صحة امضائه من طرف الجهة المختصة ‪،‬ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪،‬المشرع لم ينص على ضرورة كتابة هذا االتفاق ككل وانما اقتصر على كتابة مبلغ‬
‫التعويض في التوصيل فقط كما انه لم يحدد الطرف الذي سوف يحتفظ بهذا التوصيل ‪،‬وال‬
‫عدد النسخ الواجب ان يحرر فيها وفي ظل هذه الثغرات فانه عمليا يتم تحرير هذا االتفاق‬
‫كتابة مع اعتباره في الوقت ذاته توصيال باستالم مبلغ التعويض مع ضرورة تحريره في‬
‫ثالث نسخ يحتفظ كل من االجير والمشغل ومفتش الشغل بنسخة من هذا التوصيل‪،17‬تفاديا‬
‫ألي نزاع محتمل في الموضوع‪.‬‬
‫اما فيما يتعلق بالجانب الموضوعي التفاق الصلح التمهيدي فانه يثير اشكاال يتعلق بنوع‬
‫التعويضات التي يمكن أن ينصب عليها الصلح التمهيدي‪ ،‬هل يقتصر نطاقه على التعويض‬
‫عن الضرر الناتج عن االنهاء التعسفي فقط‪ ،‬تماشيا مع صيغة المفرد التي جاءت عليها كلمة‬
‫التعويض في المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل‪ ،‬أم أنها تشمل مختلف التعويضات المستحقة‬
‫لألجير‪ ،‬والتي لم يعمل المشغل على أدائها له كنتيجة للفصل التعسفي؟‬
‫إجابة عن هذا التساؤل ظهرت مجموعة من االراء الفقهية‪ ،‬إذ يرى أحد الباحثين‪ 18‬ان‬
‫المقصود بالتعويض الذي أشار إليه المشرع في المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل هو التعويض‬
‫المترتب عن الفصل التعسفي فقط‪ ،‬في حين يرى جانب اخر‪ 19‬ان التعويض الممنوح لالجير‬
‫في هذه الحالة ليس تعويضا عن الضرر وال تعويضا عن الفصل التعسفي او غير التعسفي‬
‫‪،‬وانما هو تعويض من نوع خاص بم ثابة تعويض اتفاقي ‪.‬وهذا بخالف ما ذهب اليه جانب‬
‫اخر من الفقه‪، 20‬والذي اعتبر ان التعويض المقصود في المادة المذكورة يشمل مختلف‬
‫التعويضات المترتبة عن انهاء عقد الشغل سواء كان االنهاء تعسفيا او ال ‪،‬بل ويمتد ايضا الى‬
‫المستحقات غير المالية كشهادة العمل ‪.‬‬
‫ويبقى هذا االتجاه االخير هو االولى بالتأييد ذلك أن مسطرة الصلح التمهيدي كمسطرة بديلة‬
‫تسعى إلى تسوية النزاع بشكل ودي بإشراف من مفتشية الشغل‪ ،‬كجهاز إداري أنيط به هذا‬
‫الدور التصالحي‪ ،‬تهدف أساسا إلى تسوية مختلف نزاعات الشغل الفردية المعروضة عليها‬
‫في إطار توافق ي حاسم للنزاع‪ ،‬وبشكل نهائي‪ ،‬بدل اللجوء إلى المطالبة القضائية وعرض‬
‫النزاع على المحكمة المختصة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فال يعقل أن نتحدث عن تنظيم لمسطرة الصلح‬
‫التمهيدي وفق نطاق ضيق‪ ،‬أي ذلك الذي يتعلق بالتعويض عن الضرر فقط‪ ،‬فإذا أخذنا بهذا‬
‫المفهوم الضيق للتعويض المنصوص عليه في المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل‪ ،‬فإن األجير تبعا‬
‫لذلك عليه بعد إجرائه اتفاق صلح مع مشغله وحصوله على التعويض عن الضرر الناتج عن‬
‫الفصل التعسفي‪ ،‬االنتقال إلى المرحلة القضائية حتى يتمكن من استخالص باقي مستحقاته‬
‫األخرى‪ ،‬كالتعويض عن اإلخطار والفصل مما يطرح معه تساؤل‪ ،‬ما جدوى لجوء األجير‬
‫إلى مسطرة الصلح التمهيدي‪ ،‬ما دام أن هذا االخير لن يتمكن من حصوله على مختلف‬
‫مستحقاته حتى ولو نجحت مسطرة الصلح التمهيدي وتم االتفاق على تسوية النزاع بشكل‬

‫‪ - 17‬مح مد اطويف مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية –المرجع السابق ص ‪.35‬‬
‫‪- 18‬محمد أسيول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد االول‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬وجدة‪ 2005 -2004‬ص‪92‬‬
‫‪- 19‬رشيد رفيق‪ ،‬الصلح في الما دة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪، 2008/2007‬ص‪. 113‬‬
‫‪- 20‬الحاج الكوري المرجع السابق ص ‪.200‬‬

‫‪8‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫ودي‪ ،‬وما دام القضاء كفيل بمنح األجير جميع مستحقاته المترتبة عن إنهاء عقد الشغل سواء‬
‫كان تعسفيا أم ال؟‬
‫وكإجابة عن هذا السؤال وحتى تحقق مسطرة الصلح التمهيدي الهدف المتوخى منها‪ ،‬كتقنية‬
‫بديلة تسعى لحسم نزاعات الشغل الفردية بوسائل ودية وتوافقية ينبغي تفسير التعويض الذي‬
‫تضمنته المادة ‪ 41‬من م‪.‬ش‪ .‬تفسيرا عاما يشمل مختلف التعويضات المستحقة لألجير دون‬
‫نزول قيمة هذه التعويضات عما هو محدد قانونا‪ ،‬حتى يتسنى لنا الحديث عن اتفاق نهائي‬
‫يرتضيه األطراف كوسيلة حاسمة للنزاع وغير قابل للطعن أمام القضاء ‪.‬‬
‫ومما تجدر االشارة اليه هو حالة فشل مسطرة الصلح التمهيدي فقد يحصل احيانا ان تحول‬
‫اسباب متعددة دون نجاح الصلح بين الطرفين كاختالفهما او رفض المشغل الحضور بالرغم‬
‫من استدعائه ما يؤدي الى فشل مسطرة الصلح كليا وبالتالي اعتبار هذا الفشل اذن بنقل‬
‫النزاع الى القضاء داخل االجال القانونية المحددة لذلك ‪.‬‬
‫ويجب االشارة ايضا الى ان المشرع لم ينص على أي مقتضى بخصوص دور مفتش الشغل‬
‫في حالة فشل محاولة للصلح ‪،‬اال انه عمليا يقوم مفتش الشغل بتحرير محضر عدم التصالح‬
‫يتضمن مختلف اسباب فشل محاولة الصلح والدوافع التي ادت الى عدم اتفاق االطراف ‪.21‬‬

‫ثانيا ‪:‬مدى امكانية الطعن في محضر الصلح التمهيدي‬

‫تنص الفقرة الخامسة من المادة ‪ 41‬من مدونة الشغل على ما يلي‪ ...." :‬يعتبر االتفاق الذي‬
‫تم التوصل إليه في إطار الصلح التمهيدي نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم‬
‫المختصة‪.".....‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 532‬في فقرتها الرابعة من نفس المدونة على ما يلي‪" :‬يحرر في شأن هذه‬
‫المحاوالت محضر يمضيه طرفا النزاع ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل‪،‬‬
‫وتكون لهذا المحضر قوة اإلبراء في حدود المبالغ المبينة فيه"‬
‫من خالل هذه المقتضيات قد يبدو وجود تعارض بين المادتين‪ ،‬فاألولى تعتبر اتفاق الصلح‬
‫التمهيدي نهائيا وغير قابل للطعن أمام المحاكم‪ ،‬في حين تجعل الثانية لمحضر محاوالت‬
‫التصالح قوة إبرائية في حدود المبالغ المبينة فيه وبالتالي يمكن الطعن فيه بالنسبة للمبالغ‬
‫غير المبينة فيه‪.‬‬
‫هذا الوضع ذهب ببعض الفقه‪ 22‬الى اعتبار المادة ‪ 41‬في فقرتها الخامسة تتعلق باتفاق‬
‫الصلح الذي يحسم النزاع المرتبط بالفصل التعسفي وهو ال يجوز الطعن فيه اما المادة ‪532‬‬
‫في فقرتها الرابعة فترتبط بمحاضر الصلح عموما ما عدا قضايا الفصل التعسفي وهي‬
‫محاضر يمكن الطعن فيها‪.‬‬
‫وهذا بخالف ما ذهب اليه رأي اخر‪23‬محاوال رفع هذا التناقض معتبرا ان المادة ‪ 41‬ينبغي‬
‫ان تكون قراءتها قراءة شاملة‪ ،‬صحيح أنها نصت على حق االجير المفصول تعسفيا في‬
‫‪ - 21‬نموذج محضر بعدم التصالح )ملحق بالعرض(‪.‬‬
‫‪ - 22‬محمد أسيول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.92 -‬‬
‫‪ - 23‬محمد أوزيان‪ ،‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة بين ضروريات اإلبقاء على السلم‬
‫االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية‪،‬مقال بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 105‬نونبر –دجنبر ‪ 2006‬ص ‪ 79‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫اللجوء إلى مسطرة الصلح التمهيدي‪ ،‬ولكن ال يعني أن هذه المسطرة مخصصة للطرد‬
‫التعسفي بدليل أن المادة نفسها في فقرتها الثانية تنص على أنه‪" :‬ال يمكن للطرفين أن يتنازال‬
‫مقدما عن حقهما المحتمل في المطالبة بالتعويضات الناتجة عن إنهاء العقد سواء كان‬
‫اإلنهاء تعسفيا أم ال‪".‬‬
‫وبالتالي فإن االمتياز المنصوص عليه في المادة ‪ 41‬في إطار مسطرة الصلح التمهيدي غير‬
‫ذي أهمية بالنظر إلى إمكانية الطعن القضائي فيه على ضوء ما هو مقرر في المادة ‪ 532‬من‬
‫المدونة‪ ،‬وكان حريا بالمشرع أن يسند اختصاصا متكامال لمفتشية الشغل بحيث أن الصلح‬
‫يكون منهيا للنزاع بشكل قطعي وتام وغير قابل للمراجعة القضائية‪.‬‬
‫والحقيقة‪ ،‬أنه ليس هناك أي تعارض بين المادتين رغم ما قد يبدو بينهما ظاهريا؛ فالمشرع‬
‫في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 532‬من مدونة الشغل نص على قاعدة عامة ممثلة في إجراء‬
‫محاوالت التصالح في نزاعات الشغل الفردية أحال عليها كذلك في الفقرة الثالثة من المادة‬
‫‪ 41‬من نفس المدونة ‪.‬هذه المحاوالت للتصالح كإجراء مسطري يتم أمام العون المكلف‬
‫بتفتيش الشغل يمكن أن تسفر عن إبرام اتفاق للصلح بين األجير والمشغل تحت إشراف‬
‫العون المكلف بتفتيش الشغل في إطار الفقرة الرابعة من المادة ‪ 41‬يكون غير قابل للطعن‬
‫امام المحاكم ‪ ،‬وذلك تماشيا مع االثر المترتب عن عقد الصلح والمتمثل في حسم النزاع بكيفية‬
‫نهائية وعدم امكانية الطعن فيه‪.24‬وكذلك تماشيا مع االثر المترتب عن امر التصالح القضائي‬
‫الذي يضع حدا للنزاع وينفذ بقوة القانون وال يقبل أي طعن‪.25‬‬
‫فالمشرع بعدما نص في الفقرة االخيرة من المادة ‪ 73‬من مدونة الشغل على بطالن الصلح‬
‫المدني طبقا للفصل ‪ 1098‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪، .‬حافظ على اثره في المادة ‪ 41‬من نفس المدونة في‬
‫طابعه الحاسم للنزاع وعدم قابليته للطعن‪.‬‬
‫وبناءا عليه فاتفاق الصلح المبرم في اطار المادة ‪ 41‬من م‪.‬ش‪ .‬يكون غير قابل للطعن امام‬
‫المحاكم ‪.‬وفي هذا الصدد جاء في احدى القرارات الصادرة عن المجلس االعلى )محكمة‬
‫النقض حاليا( بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 2008‬جاء في احدى حيثياته "حيث بمقتضى المادة ‪ 41‬من‬
‫مدونة الشغل فان الصلح المبرم بين االجير والمشغل امام مفتش الشغل والمحرر بشانه‬
‫محضر يوقع بين الطرفين الى جانبه ينهي النزاع بصفة نهائية وال يقبل أي طعن"‪.26‬‬
‫وفي قرار اخر صادر عن المحكمة االبتدائية بالدارالبيضاء جاء في احدى حيثياته ما يلي"ان‬
‫المحكمة برجوعها الى االتفاق المبرم بين الطرفين امام السيد مفتش الشغل في اطار الصلح‬
‫التمهيدي النهائي تبين لها بان المدعي توصل بمبلغ ‪213352.60‬درهم مقابل التعويض‬
‫عن الضرر الناتج عن استغناء الشركة عن المعني باالمر وان هذا االتفاق غير قابل للطعن‬
‫امام المحاكم ‪.‬‬
‫وحيث انه طبقا للمادة ‪ 41‬من مدونة الشغل فان االتفاق الذي تم التوصل اليه في اطار‬
‫الصلح التمهيدي يعتبر نهائيا وغير قابال للطعن امام المحاكم "‪27‬‬

‫‪ - 24‬الفصلين ‪ 1105‬و ‪ 1106‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي ‪.‬‬


‫‪ - 25‬الفقرة االخيرة من الفصل ‪ 278‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪ - 26‬قرار عدد ‪ 244‬صادر بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 2008‬ملف ‪ 2007/5/1327‬منشور بمجلة التقرير السنوي للمجلس االعلى ‪ 2008‬ص ‪222‬‬
‫اشارت اليه فاطمة خلوقي ببحث نهاية التكوين الملحقين القضائيين الفوج ‪ 36‬المرجع السابق ص‪.28‬‬
‫‪ - 27‬حكم رقم ‪ 4961‬بتاريخ ‪ 21‬يونيو ‪ 2007‬ملف عدد ‪ 2007/2840‬غير منشور ‪.‬‬
‫اشارت اليه فاطمة خلوقي المرجع السايق ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫ونخلص مما سبق ان العمل القضائي المغربي سار في اتجاه مدونة الشغل التي جعلت من‬
‫الصلح التمهيدي المبرم في اطار المادة ‪ 41‬نهائي وغير قابل الي طعن امام المحاكم‪.‬‬
‫في حين أن الفقرة الرابعة من المادة ‪ 235‬من مدونة الشغل تتعلق بإجراء مسطري للتصالح‬
‫يمكن الطعن في ه في حدود المبالغ المبينة فيه‪ ،‬يستفاد ذلك من صياغة المادتين فاألولى تنص‬
‫على اتفاق صلح‪ ،‬في حين الثانية تنص على تحرير محضر بشأن محاوالت التصالح‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الصلح في نزاعات الشغل الجماعية‬


‫نظرا لما لنزاعات الشغل الجماعية من خطورة كبيرة على المستويين االقتصادي‬
‫واالجتماعي اتجهت اغلب التشريعات الى ايجاد اليات بإمكانها مواجهة هذه الخطورة‬
‫ومحاولة تفاديها وقد حظي موضوع تسوية نزاعات الشغل الجماعية عن طريق الصلح‬
‫باهتمام كبير ‪،‬وهكذا فقد عمل المشرع المغربي من خالل مدونة الشغل على تنظيم التصالح‬
‫من خالل المواد من ‪ 551‬الى ‪، 556‬باعتباره الوسيلة الرئيسية التي يمكن من خاللها تقليص‬
‫عدد النزاعات الجماعية وقيام عالقات شغلية مبنية على تعاون واالعتراف المتبادل ‪،‬وتبعا‬
‫لذلك سنحاول من خالل هذا المطلب البحث عن ماهية الصلح في نزاعات الشغل الجماعية‬
‫والهيئات المشرفة على التصالح في هذا النوع من النزاعات )الفقرة االولى(على ان نفصل‬
‫في االجراءات المسطرية للتصالح في نزاعات الشغل الجماعية ونتائجها )الفقرة الثانية(‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪:‬الهيئات المشرفة على التصالح في نزاعات الشغل الجماعية‬

‫تختلف الهيئات المتدخلة في التصالح لتسوية نزاعات الشغل ‪،‬باختالف مستوياتها بناء على‬
‫نوعية الخالف الجماعي ‪.‬حيث يمكن ان يتم التصالح امام العون المكلف بالتفتيش او امام‬
‫المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة او االقليم او امام اللجنة االقليمية او الونية للبحث‬
‫والمصالحة‪. 28‬‬

‫اوال ‪:‬التصالح على مستوى مفتشية الشغل‬

‫ان محاولة التصالح بين اطراف النزاع الجماعي سواء اكان اضراب او اغالقا او أي نزاع‬
‫جماعي اخر يتم اوال امام مفتشية الشغل التي جعلها المشرع المغربي المتدخل االول في‬
‫النزاعات الجماعية النه الجهاز االقرب الى االجراء والمشغلين وهو الجهاز االكثر اطالعا‬
‫على ظروف العمل وأسباب النزاع ووضعية المقاولة باعتباره المؤهل اكثر إليجاد حل‬
‫مناسب للنزاع القائم‪.29‬‬

‫فحسب المادة ‪ 552‬من مدونة الشغل فانه يتم اللجوء الى مسطرة المصالحة امام العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل اذا كان النزاع الجماعي متعلق بمقاولة واحدة ‪ ،‬اما اذا تعلق االمر‬
‫بخالف جماعي يهم اكثر من مقاولة فان عملية التصالح تتم امام المندوب المكلف بالشغل‬
‫‪ - 28‬المادة ‪ 551‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 29‬الحاج الكوري المرجع السابق ص ‪.337‬‬

‫‪11‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫بالعمالة او االقليم طبقا للفقرة االولى من نفس المادة ‪.‬فالمعيار في تدخل مفتش الشغل هو‬
‫عدد المقاوالت التي يقع فيها النزاع بمعنى ان خالفات الشغل التي من شانها ان تؤدي الى‬
‫نزاعات جماعية تتم امام اعوان التفتيش ‪،‬اذا كانت هذه الخالفات على مستوى مقاولة واحدة‬
‫‪.30‬اما اذا كان الخالف الجماعي يهم اكثر من مقاولة فان محاولة التصالح تجري امام‬
‫المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة او االقليم ‪31.‬‬

‫فاذا كان المشرع المغربي خول لجهاز مفتش الشغل اجراء محاولة التصالح في نزاعات‬
‫الشغل الجماعية فان هذا ال يمنع امكانية اجراء التصالح امام هيئات اخرى خول لها ذلك‬
‫بمقتضى القانون في الحاالت التي يتعذر فيها الحصول على أي اتفاق امام مفتش الشغل ‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬التصالح على مستوى لجان البحث والمصالحة في نزاعات الشغل الجماعية‬


‫نظرا ألهمية الصلح والدور الفعال الذي يقوم به من اجل تسوية نزاعات الشغل الجماعية فان‬
‫المشرع عمل على ان يمر التص الح على اكثر من درجة لمنح االطراف مزيدا من الفرص‬
‫ولتقريب وجهات نظر كل منهما حيث اوكل ذلك للجان البحث والمصالحة على المستويين‬
‫االقليمي والوطني‪.‬‬

‫اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫يعود لها االختصاص في اجراء محاولة التصالح بين اطراف النزاع في الحالة التي لم تسفر‬
‫فيها محاولة التصالح عن أي اتفاق سواء امام مفتش الشغل او امام مندوب الشغل ‪،‬حيث‬
‫يكون ألطراف النزاع او المفتش الشغل او لمندوب االقليمي للشغل الحق في رفع النزاع‬
‫امام اللجنة االق ليمية للبحث والمصالحة داخل اجل ثالثة ايام من فشل محاولة الصلح‪. 32‬‬
‫ولمعرفة الكيفية التي يتم بها تشكيل هذه اللجنة وبالرجوع الى مقتضيات المادة ‪ 557‬من‬
‫م‪.‬ش‪.‬التي نصت على انه" تحدث لدى كل عمالة او اقليم لجنة تسمى اللجنة االقليمية للبحث‬
‫والمصالحة ‪،‬يتراسها عامل العمالة او االقليم وتتكون بالتساوي من ممثلين عن االدارة‬
‫والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات المهنية لالجراء االكثر تمثيال ‪،‬يتولى كتابة اللجنة‬
‫المندوب االقليمي المكلف بالشغل‪".‬‬
‫بناء عليه تعتبر اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة كدرجة ثانية الجراء التصالح بعد ان يفشل‬
‫كل من المندوب االقليمي المكلف بالشغل لدى العمالة او االقليم ‪،‬او العون المكلف بتفتيش‬
‫الشغل في اجراء التصالح ‪.‬‬

‫‪ - 30‬اشرف جنوي –الوسيط في قانون الشغل المغربي‪-‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة االولى نونبر‪ 2021‬ص‪.420‬‬
‫‪ - 31‬المرجع السابق ص ‪.421‬‬
‫‪ - 32‬المادة ‪ 556‬من م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪ -2‬اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة‬


‫اذا لم تسفر محاولة التصالح المجراة امام اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة عن أي اتفاق‬
‫االمر الذي يقتضي معه على هذه االخيرة رفع النزاع مرة اخرى امام اللجنة الوطنية للبحث‬
‫والمصالحة داخل اجل ثالثة ايام‪ ،33‬هذه االخيرة عهد اليها بتسوية الخالفات والنزاعات‬
‫القائمة بين االطراف في الحالة التي لم يتم أي اتفاق او تصالح امام اللجنة االقليمية للبحث‬
‫والمصالحة ‪،‬او اذا امتد نزاع الشغل الجماعي الى عدة عماالت او اقاليم او الى مجموع‬
‫التراب الوطني ‪,‬فانه يرفع النزاع الى اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة ‪.34‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 564‬من م‪.‬ش‪ .‬على انه" تحدث لدى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل‬
‫لجنة تسمى "اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة" يتراسها الوزير المكلف بالتشغيل او من‬
‫ينوب عنه ‪،‬وتتكون بالتساوي من ممثلين عن االدارة والمنظمات المهنية للمشغلين‬
‫والمنظمات النقابية لالجراء االكثر تمثيال ‪.‬يمكن لرئيس اللجنة ان يستدعي لحضور اشغالها‬
‫كل شخص يراعى في اختياره ما يتمتع به من كفاءات في مجال اختصاصات اللجنة‬
‫‪.‬يتولى كتابة اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة رئيس مصلحة تفتيش الشغل"‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق بتحديد مهام الهيئات المشرفة على عملية التصالح في نزاعات الشغل الجماعية‬
‫‪،‬فماذا عن االجراءات المسطرية المتبعة في شان التصالح امام هيئات المصالحة ؟ وهذا ما‬
‫ستتم االجابة عنه من خالل الفقرة الثانية ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬القواعد المسطرية المتبعة بشان التصالح امام هيئات المصالحة‬

‫بالرجوع الى المادة ‪ 553‬من م‪.‬ش‪ .‬نجدها تخول لكال طرفي النزاع الجماعي حق المبادرة‬
‫في افتتاح اجراءات المصالحة كما منحت ذلك للعون المكلف بتفتيش الشغل وكذا المندوب‬
‫المكلف بالشغل لدى العمالة او االقليم‪.‬‬
‫ومبادرة االطراف باجراء التصالح في نزاعات الشغل الجماعية يستتبعها لزاما قيام هيئات‬
‫المصالحة باجراءات مسطرية عمل المشرع المغربي على تحديدها بدقة بمقتضى بعض مواد‬
‫مدونة الشغل وهي اجراءات دقيقة س نحاول الوقوف عليها من خالل التطرق لكيفية استدعاء‬
‫هيئات المصالحة اطراف النزاع الجماعي )اوال( وكذا لتحرير محاضر جلسات الصلح‬
‫)ثانيا(‪.‬‬

‫اوال‪ :‬استدعاء هيئات المصالحة ألطراف النزاع الجماعي‬

‫ما يميز التصالح كالية لفض نزاعات الشغل الجماعية هو السرعة في االجراءات ‪،‬وبلورة‬
‫لهذا الطابع السريع ‪،‬فانه بمجرد فتح االجراءات من احد المبادرين للتصالح يتم استدعاء‬
‫اطراف النزاع بواسطة برقية في اجل ال يتعدى ‪ 48‬ساعة من تاريخ رفع النزاع الجماعي‬

‫‪ - 33‬الفقرة االخيرة من المادة ‪ 563‬من م‪.‬ش‪.‬‬


‫‪ - 34‬المادة ‪ 565‬من م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫امام الجهة المعنية المختصة‪،35‬وعلى هذه االخيرة ان تقوم بتسوية النزاع الجماعي والتوصل‬
‫الى اتفاق وان تبدل قصارى جهدها في ذلك داخل اجل ال يتعدى ستة ايام من تاريخ رفع‬
‫النزاع الجماعي امامها‪.36‬‬
‫ووعيا من المشرع بضرورة حضور االطراف اثناء مسطرة التصالح في نزاعات الشغل‬
‫الجماعية نص صراحة في الفقرة الثانية من المادة ‪ 558‬على انه ‪ ... ":‬يجب على االطراف‬
‫ان يمثلوا شخصيا امام اللجنة ‪،‬او ينيبوا عنهم شخصا مؤهال البرام اتفاق التصالح ‪،‬اذا حال‬
‫دون حضورهم سبب قاهر‪."...‬‬
‫فمن خالل هذه المادة اوجب المشرع حضور االطراف شخصيا والمثول امام الجهات التي‬
‫تنظر في النزاع الجماعي ‪ ،‬والمشاركة في المناقشات ‪،‬وذلك نظرا لما يوفره الحضور‬
‫الشخصي من ضمانات ‪،‬تكون بمثابة مؤهالت ضرورية من اجل نجاح مسطرة التصالح‪.37‬‬
‫هذا ويمكن ان يحول سبب قاهر دون حضور االطراف شخصيا حيث في هذه الحالة يجب‬
‫على االطراف ان ينيبوا عنهم أي شخص يكون مؤهال إلبرام اتفاق التصالح ‪.38‬كما يمكن‬
‫ان يكون احد الطرفين مؤازرا من النقابة او المنظمة المهنية التي ينتمي اليها او بمندوب‬
‫االجراء ‪.39‬‬
‫ونشير ان القواعد المسطرية المشار اليها اعاله هي قواعد مشتركة تطبق على جميع هيئات‬
‫المصالحة المنصوص عليها قانونا سواء تعلق االمر بمفتشية الشغل او لجن البحث‬
‫والمصالحة ‪.‬غير ان المشرع مكن اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة بصالحيات واسعة‬
‫لتقصي اوضاع المقاوالت وأوضاع االجراء المعنيين بنزاع الشغل الجماعي ويمكن له ان‬
‫يامر باجراء جميع االبحاث والتحريات لدى المقاوالت واألجراء العاملين بها ‪،‬وان يطلب من‬
‫االطراف تقديم كل المستندات او المعلومات كيفما كان نوعها والتي يمكنه ان يستنير بها‬
‫ويمكنه ان يستعين بخبراء او بأي شخص اخر يرى فائدة في االستعانة به ‪.40‬وهي ذات‬
‫الصالحيات التي يتمتع بها رئيس اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة‪41 .‬‬
‫وتجدر االشارة ان المشرع كان صارما بخصوص عدم الحضور الشخصي ألطراف النزاع‬
‫الجتماعات لجن البحث والمصالحة وذلك في الحالة التي يتم فيها استدعاء االطراف للحضور‬
‫امام اللجنة المعنية ويتخلف احد االطراف عن الحضور دون ان يكون له عذر مقبول ودون‬
‫ان ينيب عنه ممثال قانونيا ‪،‬وكذلك في الحالة التي يمتنع فيها احد االطراف عن تقديم الوثائق‬
‫والمستندات التي تساعد رئيس اللجنة االقليمية او الوطنية للبحث والمصالحة في القيام بالبحث‬
‫والتحريات‪،‬حيث اوجب المشرع على نفس اللجنة المعنية في الحالتين معا تحرير تقرير في‬
‫الموضوع يتم توجيهه الى الوزير المكلف بالشغل‪،‬الذي عليه ان يحيله على النيابة العامة‬
‫‪.42‬هذ ه االحالة قد تنتهي بغرامة تتراوح ما بين ‪ 10000‬درهم و‪ 20000‬درهم‪43 .‬‬

‫‪ - 35‬الفقرة االولى من المادة ‪ 558‬من م‪.‬ش‪.‬‬


‫‪ - 36‬المادة ‪ 560‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪- 37‬اشرف جنوي المرجع السابق ص ‪.425‬‬
‫‪ - 38‬المادة ‪ 558‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ - 39‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 40‬المادة ‪ 561‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 41‬وذلك بموجب احالة الفقرة االخيرة من المادة ‪ 566‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪- 42‬المادتين ‪ 583‬و ‪ 584‬من مدونة الشغل ‪.‬‬
‫‪ - 43‬المادة ‪ 585‬من م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫هذا والبد ان نشير انه بعد استنفاد هيئات المصالحة لإلجراءات السالفة الذكر تقوم هذه‬
‫االخيرة في ختام جلسات الصلح بتحرير محضر تثبت فيه اتفاقات االطراف‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تحرير المحاضر عند اختتام جلسات التصالح‬


‫بعد قيام هيئات المصالحة في نزاعات الشغل الجماعية باإلجراءات المسطرية السابقة وتتميما‬
‫لذلك تقوم بإثبات ما توصل اليه االطراف من اتفاقات بمقتضى محاضر تحرر عند ختام‬
‫جلسات المصالحة ‪.‬‬
‫وتبعا لذلك فان العون المكلف بتفتيش الشغل او المندوب االقليمي ‪،‬يقوم بتحرير محاضر‬
‫يثبت فيها ما توصل اليه االطراف من اتفاقات سواء اتفاقات جزئية او اتفاقات كلية‪ 44‬او حتى‬
‫في حالة عدم حصول أي اتفاق بسبب عدم التصالح ‪ 45‬حول القضايا العالقة بين اطراف‬
‫النزاع ‪.‬ويشار ايضا في هذا المحضر لعدم حضور االطراف او غيابهم بعدها يتم توقيع هذه‬
‫المحاضر من قبل اطراف النزاع وكذا من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل او المندوب‬
‫االقليمي المكلف بتفتيش الشغل مع ضرورة العمل على تسليم نسخة من هذا المحضر‬
‫لألطراف المعنية بحيث تبلغ اليهم عند االقتضاء‪. 46‬‬
‫وتجدر االشارة مجددا انه في حالة تعذر حصول أي اتفاق بين اطراف النزاع على مستوى‬
‫مفتشية الشغل فانه يقوم العون المكلف بتفتيش الشغل او المندوب االقليمي او االطراف برفع‬
‫هذا ا لنزاع الى اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة داخل اجل ثالثة ايام من فشل محاولة‬
‫الصلح‪.‬هذه االخيرة بعد قيامها هي االخرى باإلجراءات المنصوص عليها في المواد ‪558‬‬
‫و ‪ 559‬و ‪ 560‬من مدونة الشغل ‪،‬تقوم بجميع المحاوالت التي يكون من شانها تسوية‬
‫النزاعات الجماعية المعروض ة عليها بغية التوصل الى اتفاق بين االطراف داخل اجل ال‬
‫يتعدى ستة ايام من تاريخ رفع النزاع الجماعي للشغل اليها‪.47‬ففي ختام جلسات التصالح هاته‬
‫تقوم هذه اللجنة بتحرير محضر تثبت فيه ما توصل اليه االطراف سواء من اتفاقات تامة‪48‬او‬
‫جزئية كما يشار ايضا في هذا المحضر لفشل محاولة التصالح او لعدم حضور االطراف‬
‫على ان يوقع هذا المحضر كل من رئيس اللجنة االقليمية وكذا من االطراف المعنية على ان‬
‫تسلم نسخة منه لألطراف او يتم تبليغها اليهم عند االقتضاء‪.49‬‬
‫لكن احيانا قد ال تسفر جلسات التصالح المجرأة امام اللحنة االقليمية للبحث والمصالحة عن‬
‫أي اتفاق فانه في هذه الحالة تقوم هذه اللجنة على رفع النزاع من جديد داخل اجل ثالثة ايام‬
‫على اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة‪ 50‬التي هي االخرى بعد سلوكها لإلجراءات‬
‫المنصوص عليها في المواد ‪560‬و‪559‬و‪ 558‬من مدونة الشغل تقوم بتحرير محضر تصالح‬
‫في حالة حصو ل اتفاق بين االطراف كذلك االمر في حالة فشل الصلح اذ تعمل على تحرير‬

‫‪ - 44‬نموذج لمحضر االتفاق الكلي ملحق بهذا العرض ‪.‬‬


‫‪ - 45‬نموذج عدم التصالح ملحق بهذا العرض ‪.‬‬
‫‪ - 46‬المادة ‪ 555‬من مدونة الشغل‬
‫‪- 47‬المادة ‪ 560‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ - 48‬نموذج لمحضر اتفاق امام اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة ملحق بالعرض‪.‬‬
‫‪ - 49‬الفقرة الثانية من المادة ‪ 563‬من م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪- 50‬الفقرة االخيرة من المادة ‪ 563‬من م‪.‬ش‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫محضر بعدم التصالح او في حالة بقي خالف بشان بعض النقط او اذا تخلف االطراف او‬
‫احدهم عن الحضور تقوم بتحرير محضر بذلك‪.‬‬
‫وعموما عند فشل مسطرة التصالح يمكن للجنة االقليمية للبحث والمصالحة او للجنة‬
‫الوطنية للبحث والمصالحة احالة النزاع الجماعي للشغل الى التحكيم بعد موافقة اطراف‬
‫النزاع ويحيل رئيس اللجنة االقليمية للبحث والمصالحة او رئيس اللجنة الوطنية للبحث‬
‫والمصالحة عند االقتضاء الى الحكم خالل الثماني واألربعين ساعة الموالية لتحرير المحضر‬
‫المل ف المتعلق بموضوع النزاع الجماعي مرفقا بالمحضر المحرر من قبلها ‪51‬‬
‫وعموما يمكن القول ان التصالح في نزاعات الشغل سواء الفردية او الجماعية يكتسي صبغة‬
‫ادارية من خالل تخويل هيئات مهنية صرفة مهمة التصالح في هذا النوع من النزاعات‬
‫بالنظر لمساهمتها بشكل كبير في حل العديد من النزاعات وذلك بفعل قربها اكثر من غيرها‬
‫ألطراف العالقة الشغلية ‪.‬فان هذا اليمنع طرفي العالقة الشغلية من اللجوء الى القضاء حالة‬
‫فشلهم في الصلح امام العون المكلف بتفتيش الشغل فيما يخص نزاعات الشغل الفردية ‪،‬فضال‬
‫عن الحالة التي يفضل فيها االطراف مبدئيا عرض النزاع مباشرة على القضاء ‪،‬وهو ما‬
‫سيكون محل دراسة في المبحث الثاني من خالل الحديث عن الصلح القضائي‪.‬‬

‫‪ - 51‬المادة ‪ 567‬من مدونة الشغل‬

‫‪16‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية‬


‫يلعب الصلح دورا مهما في حل العديد من النزاعات الناشئة او التي يمكن ان تنشا بين أطراف‬
‫العالقة الشغلية‪ ،‬فهذه النزاعات غالبا تكون نتيجة االختالف الحاصل بين صاحب المقاولة‬
‫واألجراء على عدة مستويات نتيجة تضارب المصالح واألهداف‪ ،‬ولحماية هذه المصالح‬
‫المتبادلة بين صاحب المقاولة من جهة وبين االجراء من جهة أخرى فقد نص المشرع المغربي‬
‫من خالل مدونة الشغل على الصلح كألية قانونية لحل النزاعات التي يمكن ان تكون بين هذين‬
‫الطرفين والتي تتسم بالطابع االجتماعي الفردي‪.‬‬

‫إذا كانت مفتشية الشغل في إطار معايشتها اليومية لمشاكل االجراء ولشكاياتهم تلعب دورا‬
‫أساسيا في اجراء التصالح بين األطراف في إطار نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬فانه أحيانا أخرى‬
‫قد ال تسفر مسطرة الصلح التمهيدي امام مفتشي الشغل عن اية نتيجة او قد ال يتم اللجوء اليها‬
‫أصال من قبل االجير الذي يفضل عرض النزاع القائم بينه وبين المشغل مباشرة على المحكمة‬
‫لتقوم هي بإجراء محاوالت التصالح بين األطراف في إطار ما يسمى بالصلح القضائي‪.‬‬

‫خصصنا هذا المبحث لدراسة التنظيم القانوني للصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية‬
‫(المطلب األول) ثم اثار مسطرة الصلح القضائي وحجيته (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنظيم القانوني للصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية‬


‫تعتبر نزاعات الشغل الفردية المجال الخصب لتدخل القضاء ألجل ممارسة مسطرة الصلح‬
‫نظرا للعالقة غير المتوازنة بين كل من االجير والمشغل‪ ،‬فقانون المسطرة المدنية هو األساس‬
‫القانوني لوسيلة الصلح القضائي فقد نظمه المشرع المغربي في الباب الرابع تحت عنوان‬
‫المسطرة في القضايا االجتماعية من المواد ‪ 276‬الى ‪.279‬‬

‫وللوقوف على أهمية الصلح امام القضاء في نزاعات الشغل نعمد الى تقسيم هذا المطلب الى‬
‫فقرتين نخصص األولى الى (صور الصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية) ثم (اإلجراءات‬
‫المسطرية للصلح) كفقرة ثانية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الفقرة األولى‪ :‬صور الصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية‬


‫عالج المشرع المغربي الصلح من خالل قانون االلتزامات والعقود كقواعد عامة‪ ،‬وكذا في ظل‬
‫مدونة الشغل كقواعد خاصة‪.‬‬

‫الصلح في قانون االلتزامات والعقود‬ ‫‪-1‬‬

‫بالرجوع الى ظهير االلتزامات والعقود نجد المشرع قد نص على الصلح من الفصول ‪1098‬‬
‫الى ‪ ، 1116‬لذا فانه في حالة قيام نزاع يمكن اللجوء الى تطبيقه حيث يستفاد من الفصل ‪1098‬‬
‫‪ 52‬ان الصلح هو عقد يبرم بين طرفين من اجل حل النزاع القائم او يتوقيان قيامه وذلك عن‬
‫طريق التنازل المتبادل عن االدعاءات والحقوق فبهذا يلجا االجير والمشغل الى هذه الصورة‬
‫من صور الصلح قصد تسوية النزاع القائم بينهما دون اللجوء الى القضاء‪.53‬‬

‫ان إجراءات الصلح بناء على الفصل أعاله يقتضي وجود نزاع قائم ومحتمل إضافة الى توفير‬
‫نية وإرادة حسم النزاع بين الطرفين وتنازل كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء‬
‫من ادعائه‪ ،‬منها التزام االجير بهدم مقاضاة مشغله وجره امام المحاكم على نفس ما تصالحا‬
‫بشأنه‪ ،‬وبالمقابل يلتزم المشغل بأداء جميع مستحقات االجير‪.‬‬

‫ان عقد الصلح المدني في تطبيقه على المنازعات المدنية‪ ،‬ووصول األطراف فيه الى النتيجة‬
‫النهائية التي تحسم النزاع‪ ،‬منبعه واصله هو ان ابرام هذا الصلح يأتي من ارادتين حرتين‬
‫متساويتين ونتيجة لذلك يواجه هذا الصلح بمقتضيات الفصل ‪ 1106‬من قانون االلتزامات‬
‫‪54‬‬
‫والعقود الذي يمنع الرجوع عن الصلح‪.‬‬

‫فاذا كان الصلح المدني يقوم على توافق ارادتين‪ ،‬فانه في عالقة المشغل واالجير تسمو إرادة‬
‫األول عن الثاني‪ ،‬أي انه إذا ثم تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 1098‬فان االجير سوف يكون‬
‫متضررا بالتنازل عن حقوقه في إطار الصلح المدني وال يمكن التراجع عن هذا الصلح في‬
‫حالة ابرامه طبقا لمقتضيات الفصل ‪.1106‬‬

‫بالرجوع للعمل القضائي حول تطبيق االحكام المتعلقة بالصلح المدني على منازعات الشغل‬
‫الفردية‪ ،‬نجده قد طبق الصلح المدني على منازعات الشغل واقر بمشروعيته بها متجاوزا ما‬
‫تنص عليه مقتضيات كل من الفصلين‪ 754 :‬و‪ 1100‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فالفصل‬
‫األول أشار في فقرته الثامنة الى عدم صحة التنازل مقدما من الطرفين عن الحق الذي قد يثبت‬

‫‪ 52‬ينص الفصل ‪ 1098‬على‪ :‬الصلح عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما او يتوقيان قيامه وذلك بتنازل كل منهما لألخر عن جزء مما يدعيه‬
‫لنفسه او بإعطائه ماال معينا او حقا‪.‬‬
‫‪ 53‬كمال العبدالوي اندلسي‪ ،‬مقال حول دور الصلح في حل نزاعات الشغل الفردية بين القواعد العامة ومدونة الشغل مقال ب منشور بالصفحة‬
‫االلكترونية ‪Maroc droit .com‬‬

‫إبراهيم قضا ‪ ،‬تنظيم الصلح في منازعات الشغل الفردية مجلة المرافعة‪-‬العدد ‪ 18-19‬الصفحة ‪161‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪18‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الحدهما في طلب التعويضات وفقا لما تقضي به االحكام السابقة اما الفصل الثاني المشار اليه‬
‫فقد نص على عدم جواز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام‪ ،‬وجل قواعد القانون‬
‫االجتماعي هي من النظام العام‪.55‬‬

‫و بالتالي قبل صدور مدونة الشغل كان الصلح المشار اليه في قانون االلتزامات العقود نفسه‬
‫يطبق على نزاعات الشغل الفردية مما شكل هضما لحقوق االجراء وبالتالي كان من الضروري‬
‫تدخل المشرع المغربي واصداره لمدونة الشغل من خالل الفصلين ‪ 73‬و‪.76‬‬

‫الصلح في مدونة الشغل المغربية‬ ‫‪-2‬‬


‫تعتبر عالقات الشغل وما ينظمها من احكام ذات أثر كبير على السلم االجتماعي‬
‫واالقتصادي ونتيجة لما تطرقنا له أعاله‪ ،‬حول تطبيق الصلح المدني على نزاعات الشغل‬
‫الفردية وما ترتب عنه من تضرر كبير في فئة االجراء مما أدى الى تدخل المشرع المغربي‬
‫من خالل المادة ‪ 73‬من مدونة الشغل والذي نص في فقرته الثانية‪( :‬يعتبر باطال كل ابراء او‬
‫صلح طبقا لمقتضيات ‪ 1098‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬يتنازل فيه االجير عن أي أداء‬
‫وجب لفائدته بفعل تنفيذ العقد او بفعل انهائه‪ ).‬بالتالي فان أي صلح يتضمن تنازال من قبل‬
‫االجير تجاه مشغله ب التصور المدني يعتبر صلحا غير جائز والمشرع رتب له أثر البطالن‬
‫نظرا لعدم مشروعيته‪.‬‬
‫بالرجوع الى المادة ‪ 73‬أشار أيضا الى الصلح المسجل في وصل تصفية كل حساب اال ان هذا‬
‫النوع من الصلح ال تقوم له قائمة وال يصح اال اذا توفرت الشروط المحددة في المادة ‪.56 74‬‬

‫‪ 55‬إبراهيم قضا مرجع سابق الصفحة ‪163‬‬


‫‪ 56‬تنص المادة ‪ 74‬من مدونة الشغل ‪( :‬يجب تحت طائلة البطالن ان يتضمن توصيل تصفية كل حساب البيانات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المبلغ المدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب مع بيان مفصل لالداءات‬
‫‪ -‬اجل سقوط الحق المحدد فيستين يوما مكتوبا بخط واضح تسهل قراءته‬
‫‪ -‬اإلشارة الى كون التوصيل محررا في نظيرين يسلم احدهما لالجير‬
‫يجب ان يكون توقيع االجير على التوصيل مسبوقا بعبارة قرات ووافقت ‪.‬‬
‫يجب اذا كان االجير اميا ان يكون توصيل تصفية كل حساب موقعا بالعطف من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل في اطار الصلح المنصوص عليه‬
‫في المادة ‪ 532‬ادناه‪).‬‬

‫‪19‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات المسطرية للصلح في إطار نزاعات الشغل الفردية‬

‫اذا كان الصلح يشكل وسيلة فعالة لتسوية عدد كبير من المنازعات وحسمها بإيجاد حلول‬
‫مناسبة‪ ،‬فان الصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية يعتبر اجراء جوهري ولزومي يقوم‬
‫به القاضي االجتماعي بمناسبة تسويته لنزعات الشغل الفردية المرفوعة امامه‪.‬‬
‫فقد عمل المشرع المغربي في هذا الصدد على تخويل المحاكم االبتدائية االختصاص نوعيا‬
‫للنظر في اجراء الصلح بين األطراف في نزاعات الشغل الفردية في ظل قضاء فردي‬
‫وبمساعدة كاتب الضبط ‪،‬على ان يشارك البث ف ي هذه النزاعات أربعة مستشارين من المشغلين‬
‫واالجراء ‪ 57‬وهو مقتضى غير معمول به واقعيا بالرغم من صدور مرسوم يحدد كيفية تعيين‬
‫هؤالء المستشارين وينظم مهامهم ‪. 58‬في حين يبقى االختصاص المحلي للتصالح في نزاعات‬
‫الشغل الفردية يرجع للمحكمة التي تتواجد بها المؤسسة او محكمة موقع ابرام العقد او تنفيذه‬
‫بالنسبة لعمل خارج المؤسسة ‪.59‬‬
‫لقد النص المشرع المغربي على إجراءات الصلح القضائي في إطار النزاعات المتعلقة بالشغل‬
‫في الفصول من ‪ 274‬الى ‪ 279‬من قانون المسطرة المدنية حيث تبتدأ هذه اإلجراءات بحضور‬
‫أطراف النزاع للجلسة إلجراء الصلح تم بعد ذلك يقوم القاضي بمحاولة اصالح ذات البين بين‬
‫األطراف المتنازعة‪.‬‬
‫تماشيا مع خصوصيات المسطرة في القضايا االجتماعية ‪ ،‬اوجب المشرع المغربي في هذا‬
‫الصدد على المحكمة االبتدائية المعروض عليها النزاع ان تقوم بمجرد تقييد الدعوى باستدعاء‬
‫‪،60‬اطراف ا لنزاع لجلسة الصلح داخل اجل ثمانية أيام على األقل قبل التاريخ المحدد للجلسة‬
‫طبقا للقواعد العامة‪ . 61‬إضافة الى هذا استوجب المشرع في الفصل ‪ 275‬من ق م م حضور‬
‫األطراف في الجلسة األولى بصفة شخصية ‪،62‬ولكن من الناحية العملية فان هذا الحضور ال‬
‫يتحقق الن المشغلين يفضلون تنصيب محام للدفاع عنهم‪.‬‬
‫بمقتضى الفصل ‪ 276‬نجد المشرع المغربي لم يشترط كمال االهلية إلجراء الصلح وترك‬
‫المحكمة الحق في الترخيص للقاصرين أيضا بإجراء الصلح والدفاع عن حقوقهم في الحالة‬
‫التي لم تتأت مؤازرتهم من طرف ابيهم او حاجرهم ‪.63‬‬
‫عند استدعاء األطراف فان القاضي ملزم بضرورة اجراء محاولة الصلح بين األطراف وذلك‬
‫ما نص عليه الفصل ‪ 64277‬من ق م م ‪ ،‬وبالرجوع الى هذا الفصل فان المحكمة يجب ان‬

‫‪ 57‬الفصل ‪ 270‬من قانون المسطرة المدنية‬


‫‪ 58‬مرسوم رقم ‪ 2.74.633‬صادر بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ )28-9- 1974 ( 1394‬يتعلق بتعيين المستشارين في القضايا االجتماعية وتنظيم مهاهم ‪.‬‬
‫‪ 59‬الفصل ‪ 28‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫‪ 60‬تنص الفقرة الثانية من الفصل ‪ 274‬من ق م م على انه ‪ :‬يجب ان يتضمن االستدعاء باإلضافة الى التاريخ بيان المكان والساعة التي تعرض فيها‬
‫القضية واسم الطالب وموطنه وموضوع الطلب ‪.‬‬
‫‪ 61‬ينص الفصل ‪ 274‬من ق م م على انه ‪ :‬يستدعى األطراف للجلسة طبقا للشروط المشار اليها في الفصول ‪ 39-38-37‬قبل التاريخ المحدد‬
‫لحضورهم بثمانية أيام‪.‬‬
‫‪ 62‬مع مراعاة االستثناء الوارد في الفصل ‪ 278‬من ق م م الذي ينص على انه (يمكن لألطراف ان يؤزاروا من طرف وكيل معين طبق الشروط‬
‫المقررة في تمثيل األطراف ويمكن أيضا تمثيلهم ولكن في حالة تعذر الحضور الشخصي وبمقتضى اذن من القاضي‪).‬‬
‫‪ 63‬ينص الفصل ‪ 276‬في فقرته الثانية على انه‪ :‬يمكن للقاصرين الذين لم تتات مؤزارتهم من طرف ابيهم او حاجرهم ان تاذن لهم المحكمة بطلب‬
‫الصلح او الدفاع امامه ‪.‬‬
‫‪ 64‬ينص الفصل ‪ 277‬من ق م م على انه ‪ :‬يحاول القاضي في بداية الجلسة التصالح بين األطراف‬

‫‪20‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫تحاول في بداية الجلسة وقبل النظر في جوهر النزاع اجراء محاولة الصلح بين اطراف النزاع‬
‫واال تعرض حكمها للبطالن ‪.‬‬
‫وعليه فان مسطر ة الصلح في المادة االجتماعية تعتبر اجراء جوهريا يجب اعماله قبل مناقشة‬
‫موضوع الدعوى وهذا االجراء يطبق على جميع القضايا االجتماعية وال يتم إحالة الملف على‬
‫جلسة الحكم اال بعد فشل محاولة الصلح ويتم اثبات الصلح في حالة االتفاق في محضر‪.‬‬
‫بعد ان تقدمنا في معرض حديثنا في هذا المطلب عن اإلطار القانوني للصلح في المادة‬
‫االجتماعية االن سوف نتحدث في المطلب الثاني عن اثار الصلح ومدى حجيته‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اثار مسطرة الصلح القضائي ومدى حجيته‬


‫في هذا المطلب سوف نقوم بالتطرق الى اثار الصلح القضائي (الفقرة األولى) ثم حجية هذا‬
‫الصلح (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اثار مسطرة الصلح القضائي‬


‫تناول المشرع المغربي اثار الصلح القضائي من خالل الفصالن ‪ 278‬و‪ 279‬مميزا بين حالتين‬
‫اثنتين‪:‬‬
‫‪-‬حالة نجاح مسطرة الصلح القضائي‬
‫‪-‬حالة فشل مسطرة الصلح القضائي‬

‫‪ -1‬حالة نجاح مسطرة الصلح القضائي‪:‬‬


‫أشار المشرع المغربي لهذه الحالة من خالل الفصل ‪ 27865‬من ق م م ‪،‬ذلك ان محاولة الصلح‬
‫قد تعطي ثمارها في الحالة التي يتوصل فيها اطراف النزاع الى اتفاق على كل المطالب او‬
‫بعضها ‪،‬وهو تصالح قد يتحقق في اول جلسة او عند الدخول في جوهر النزاع بل وحتى عند‬
‫صيرورة القضية جاهزة ‪،‬فال يوجد ما يمنع اطراف النزاع من طلب االشهاد على الصلح في‬
‫أي مرحلة من مراحل الدعوى وهو ما كرسه القضاء في احدى القرارات الصادرة عن محكمة‬
‫االستئناف بمراكش سنة ‪(2020‬حيث تبين للمحكمة من خالل اطالعها على الصورة المطابقة‬
‫لألصل من التنازل المدلى به من نائب المشغلة الصادر عن المستأنفة من جهة والمستأنف‬
‫عليها من جهة أخرى والمذيل بتوقيعها المصحح االمضاء بتاريخ ‪ 2020-09-24‬في منازعة‬
‫الشغل لوقوع صلح بين الطرفين وهو الحكم موضوع االستئناف مما يتعين معه تبعا لذلك‬

‫‪ 65‬ينص الفصل ‪ 278‬من ق م م على انه ( تثبت في حالة التصالح شروط االتفاق طبقا للطرق التالية‬
‫‪ -‬يثبت االتفاق في النزاعات المتعلقة بالشغل او الخالفات الناشئة بين المشغل واالجير بمقتضى امر‪.‬‬
‫‪ -‬يثبت االتفاق في قضايا حوادث الشغل واالمراض المهنية بأمر يتضمن تاريخ وقوع الحادثة وتاريخ الشروع في االنتفاع بالتعويض او االيراد‬
‫وجميع العناصر المستعملة لتقدير التعويض او االيراد طبقا للشروط المنصوص عليها في التشريع المعمول به‪ .‬ويبين في حالة مراجعة االيراد‬
‫اشتداد خطورة العاهة او نقصانها‪.‬‬
‫‪-‬يثبت االتفاق في قضايا ال ضمان االجتماعي حسب الحالة بمحضر او إذا كان النزاع يرجع الة تعويضات او معاشات فبأمر يتضمن بيان جميع‬
‫العناصر المستعملة لتقدير التعويضات او المعاشات المذكورة طبق الشروط المنصوص عليها في التشريع المتعلق بالضمان االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬ان اثبات االتفاق بحضر او امر يضع حدا للنزاعات وينفذ بقوة القانون وال يقبل أي طعن‪).‬‬

‫‪21‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الغاء الحكم المستأنف واالشهاد عليها بتنازلها عن الدعوى وتحميلها الصائر في اطار‬
‫المساعدة القضائية‪)66.‬‬
‫في قرار اخر صادر عن محكمة االستئناف بمراكش في حوادث الشغل (حيث صح ما تمسك‬
‫به الطرف المستأنف أعاله ذلك انه ثبت للمحكمة من خالل اطالعها على محتويات الملف‬
‫وخاصة محضر الصلح المثبت لالتفاق بين شركة التامين وذوي الحقوق والحامل لتوقيع‬
‫هذين األخيرين انه فعال قد توصل الطرفان الى صلح تم بمقتضاه االتفاق على مبلغ االيراد‬
‫‪67‬‬
‫المحدد لكل من ذوي الحقوق وبالتالي تقرر االشهاد على الصلح الواقع بين الطرفين‪).‬‬
‫ونظرا ألهمية الصلح في حسم نزاعات الشغل الفردية فان مدونة الشغل في هذا الصدد جعلته‬
‫نهائيا وغير قابل ألي طعن سواء اكان طعنا عاديا او استثنائيا اعتبارا منها في ذلك ان هذا‬
‫االمر قد صدر باتفاق األطراف وبالتالي ال يمكن ان يكون محال ألي طعن اال اذا شابه عيب‬
‫من عيوب الرضا المنصوص عليه في الفصل ‪ 1111‬من قانون االلتزامات والعقود‪.68‬‬

‫‪-2‬حالة فشل الصلح القضائي‬


‫اذا لم يكتب لمحلولة اجراء الصلح النجاح لسبب من األسباب المذكورة في الفصل ‪ 279‬مثال‬
‫كاالختالف بين األطراف او عدم حضور احدهم يقوم القاضي المكلف بتحرير محضر عدم‬
‫المصالحة ويبث في القضية حاال او يؤجلها الى جلسة أخرى اذا تعلق االمر بنزاعات الشغل‬
‫فانه على المحكمة ان تبت في الحال وليس لها ان تؤجل الى اجل اخر‪. 69‬‬
‫ففشل محاولة الصلح هو المال الغالب في عدد من القضايا المعروضة امام القضاء وهوما‬
‫يفسره الواقع العملي من خالل مجموعة من االحكام الصادر عن المحاكم االبتدائية ومن بينها‬
‫الحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية بابن جرير (وبعد اجراء المسطرة وتعذر محاولة الصلح‬
‫واجراء بحث ‪.70).....‬‬
‫ففي الحالة التي يتخلف فيها المدعي عن الحضور يكون الجزاء المترتب عن ذلك طبقا للفصل‬
‫‪ 279‬من ق م م هو التشطيب عن القضية‪ .‬اما في الحالة التي يتخلف فيها المدعى عليه عن‬
‫الحضور تبت المحكمة بحكم غيابي او بمثابة حضوري حسب الحاالت‪ ،‬فتخلف المدعى عليه‬
‫عن الحضور يفسر بانه اخفاق لمحاولة الصلح وعدم رغبته بها وبالتالي يتعذر اجراء الصلح‪.‬‬
‫كما ان من بين األسباب التي تقف وراء فشل مسطرة الصلح القضائي تعذر االتفاق بشأن‬
‫المطالب المقترحة من قبل األطراف وصعوبة الوصول الى حل توافقي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حجية محاضر الصلح‬

‫‪ 66‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بمراكش بتاريخ ‪ 2021-2-3‬تحت عدد ‪ 102‬في ملف منازعة الشغل ‪ 2020-1501-640‬غير منشور‬
‫‪ 67‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بمراكش بتاريخ ‪ 2021-10-27‬تحت عدد ‪ 1014‬في ملف حادثة شغل ‪ 2021 -1502-446‬غير منشور‬
‫‪ 68‬ينص الفصل ‪ 1111‬من ق ل ع على انه ( يجوز الطعن في الصلح بسب االكراه او التدليس‪).......‬‬
‫‪ 69‬عبد الكريم الطالب الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية دراسة مقارنة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪ 2015‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء الطبعة ‪ 2015‬ص ‪338‬‬
‫‪ 70‬حكم صادر عن ابتدائية ابن جرير بتاريخ ‪ 2020 -1-22‬في الملف االجتماعي ‪ 2018-1501-75‬غير منشور‬

‫‪22‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫يعتبر الصلح في الدعوى االجتماعية من اهم مميزات المسطرة في هذه المادة‪ ،‬حيث انه في‬
‫حالة نجاح محاولة الصلح فانه يتم اثبات ذلك بمحضر يعتبر ورقة رسمية ال يجوز الطعن فيه‬
‫اال بالزور الفرعي أي انه بمثابة سند رسمي واجب التنفيذ لتصديق القاضي عليه‪ .‬كما ان هذا‬
‫الصلح ال يقبل أي طعن كما سبق اإلشارة اليه‪ .‬وبذلك يمكن القول بان المشرع ذهب فيما يخص‬
‫حجية الصلح المبرم امام القضاء في نزاعات الشغل الى ما هو منصوص عليه في الصلح‬
‫المدني وخصوصا الفصليين ‪ 1105‬و‪ 711106‬من ق ل ع اللذان ينصان على الطابع النهائي‬
‫للصلح بصفة عامة‪ .‬وعدم إمكانية الرجوع فيه اال بواسطة دعوى الزور او توفر مانع من‬
‫موانع الر ضا وبالتالي ال يحق ألي من الطرفين المتصالحين ان يجدد سواء عن طريق إقامة‬
‫دعوى جديدة او بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة امام القضاء بما حسمه الطرفان‬
‫صلحا‪.72‬‬
‫وذلك ما ذهبت له محكمة النقض في احدى القرارات الصادرة عنها ‪(:‬في حالة التصالح بين‬
‫األطراف امام المحك مة فان االتفاق يتم اثباته حسب األحوال اما بمحضر او امر يضع حدا‬
‫للنزاعات وينفذ بقوة القانون وال يقبل أي طعن والقرار االستئنافي المطعون فيه لما قضى‬
‫على المشغل بأداء تعويضات لفائدة االجير عن تنفيذ عقد الشغل رغم حدوث تصالح بين‬
‫الطرفين بشان رجوعه الى العمل يكون قد خرق مقتضيات الفصل ‪ 278‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية عرضة للنقض ويثير المجلس األعلى تلقائيا هذا الخرق الن ما يتعلق بطرق الطعن‬
‫هو من النظام العام‪)73.‬‬

‫‪ 71‬ينص الفصل ‪ 1106‬على انه (اليجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق الطرفين ما لم يكن ابرم باعتباره مجرد عقد معاوضة‪).‬‬
‫‪ 72‬دنيا مباركة قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء سلسة المعارف القانونية منشورات مجلة الحقوق اإلصدار رقم ‪ 34‬لسنة ‪ 2016‬ص ‪15‬‬
‫‪ 73‬قرار صادر عن محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا)تحت عدد ‪ 231‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 2009‬في الملف االجتماعي عدد ‪-1-5-508‬‬
‫‪2008‬‬

‫‪23‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫خاتمـــة ‪:‬‬
‫لقد حاولنا على امتداد هذه الصحفات معالجة موضوع الصلح‬
‫في المادة االجتماعية من خالل مالمسة مختلف االحكام‬
‫والقوانين المنظمة له التي يطرحها هذا البحث والوقوف على‬
‫مختلف االشكاالت التي يطرحها هذا البحث‪.‬‬
‫فالخالصة التي يمكن الخروج بها هو ان موضوع الصلح في‬
‫المادة االجتماعية قد حظي بعناية كبيرة من الناحية النظرية ذلك‬
‫ان المشرع المغربي افرد للصلح مقتضيات حمائية وذلك ايمانا‬
‫منه بدور الصلح في ارساء السلم االجتماعي الن في هذا الصلح‬
‫الجير ضمان مورد عيشه وكذلك الحال بالنسبة ذلك انه‬
‫بتصالحه مع االجير يساهم ذلك في ازدياد نشاط المقاولة‬
‫وبالتالي المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية وان كان‬
‫من الناحية العملية اليوجد صلح اما القضاء اذ يمارس فقط‬
‫كاجراء مسطري يصحح به الحكم حتى ال يتعرض للبطالن ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪25‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪26‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪27‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪28‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪29‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪30‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪31‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪32‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪33‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪34‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الئحة المراجع‬
‫الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬الحاج الكوري "مدونة الشغل الجديدة القانون رقم ‪ 56-99‬احكام عقد الشغل ‪.‬‬
‫‪ -‬عبداللطيف خالفي الوسيط في مدونة الشغل –نزاعات الشغل الفردية ‪.‬‬
‫‪ -‬اشرف جنوي –الوسيط في قانون الشغل المغربي‪-‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة االولى نونبر‪2021‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية دراسة مقارنة في ضوء مستجدات مسودة مشروع ‪ 2015‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء الطبعة ‪.2015‬‬

‫الرسائل‬
‫فاطمة خلوقي "الصلح في المادة االجتماعية "بحث نهاية تدريب الفوج ‪ 36‬للملحقين القضائيين تحت اشراف ذة ‪/‬الزوهرة‬ ‫‪-‬‬
‫اصولدي ‪. 2011-2009‬‬
‫حنان أعياض‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل الفردية في ظل قانون الشغل المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬ ‫‪-‬‬
‫القاضي عياض كلية الحقوق مراكش السنة الجامعية ‪.2010/2009‬‬

‫محمد أسيول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬ ‫‪-‬‬
‫محمد االول‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬وجدة‪.2005-2004‬‬

‫رشيد رفيق‪ ،‬الصلح في المادة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية‬ ‫‪-‬‬
‫الحقوق عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2008/2007‬‬

‫‪.‬‬

‫القوانين‪:‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.74.633‬صادر بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ )28-9- 1974( 1394‬يتعلق بتعيين المستشارين في القضايا‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعية وتنظيم مهاهم‪.‬‬

‫المقاالت‪:‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني "سلسلة دراسات وأبحاث‬ ‫‪-‬‬
‫"المنازعات االجتماعية في ضوء مدونة الشغل والقوانين المنظمة لحوادث الشغل واألمراض المهنية والضمان االجتماعي"‪،‬ج‪،1‬عدد‪11‬‬
‫‪،‬سنة ‪. 2012‬‬
‫نضال مصطفى محمد غيث " التسوية الودية لنزاعات الشغل الفردية عن طريق الصلح التمهيدي دراسة في ضوء التشريع االجتماعي‬ ‫‪-‬‬
‫المغربي" مقال منشور بالمجلة االكاديمية لالبحاث والنشر العلمي –االصدار الثامن عشر ‪. 2020‬‬
‫محمد أوزيان‪ ،‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل المغربية الجديدة بين ضروريات اإلبقاء‬ ‫‪-‬‬
‫على السلم االجتماعي وحتميات التنمية االقتصادية‪،‬مقال بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 105‬نونبر –دجنبر ‪2006‬‬
‫‪-‬‬

‫‪35‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪36‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪-‬‬

‫‪37‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪38‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪39‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪40‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪41‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫‪42‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الئحة المراجع‬
‫الكتــــــب‪:‬‬
‫‪ -‬الحاج الكوري "مدونة الشغل الجديدة في القانون رقم ‪ 56-99‬احكام عقد الشغل‬
‫مطبعة االمنية الرباط ‪.2004‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف خالفي الوسيط في مدونة الشغل –عالقات الشغل الفردية المطبعة‬
‫والوراقة الوطنية مراكش الطبعة االولى‪.2004‬‬
‫‪ -‬اشرف جنوي –الوسيط في قانون الشغل المغربي‪-‬المطبعة والوراقة الوطنية‬
‫مراكش الطبعة االولى نونبر‪2021‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية دراسة مقارنة في ضوء‬
‫مستجدات مسودة مشروع ‪ 2015‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة ‪.2015‬‬

‫الرسائل‪:‬‬
‫‪ -‬فاطمة خلوقي "الصلح في المادة االجتماعية "بحث نهاية تدريب الفوج ‪ 36‬للملحقين‬
‫القضائيين تحت اشراف ذة ‪/‬الزوهرة اصولدي ‪. 2011-2009‬‬
‫‪ -‬حنان أعياض‪ ،‬الصلح في نزاعات الشغل الفردية في ظل قانون الشغل المغربي‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض كلية الحقوق‬
‫مراكش السنة الجامعية ‪.2010/2009‬‬
‫‪ -‬محمد أسيول‪ ،‬واقع الصلح في المادة االجتماعية دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد االول‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬وجدة‪.2005-2004‬‬

‫‪ -‬رشيد رفيق‪ ،‬الصلح في المادة االجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية الحقوق عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪. 2008/2007‬‬

‫‪.‬‬

‫القوانين‪:‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 2.74.633‬صادر بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ )28-9- 1974( 1394‬يتعلق‬
‫بتعيين المستشارين في القضايا االجتماعية وتنظيم مهاهم‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫المقاالت‪:‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬مسطرة الصلح التمهيدي في نزاعات الشغل الفردية‪ ،‬مقال منشور‬ ‫‪-‬‬
‫بمجلة القضاء المدني "سلسلة دراسات وأبحاث "المنازعات االجتماعية في ضوء‬
‫مدونة الشغل والقوانين المنظمة لحوادث الشغل واألمراض المهنية والضمان‬
‫االجتماعي"‪،‬ج‪،1‬عدد‪، 11‬سنة ‪. 2012‬‬
‫نضال مصطفى محمد غيث " التسوية الودية لنزاعات الشغل الفردية عن طريق‬ ‫‪-‬‬
‫الصلح التمهيدي دراسة في ضوء التشريع االجتماعي المغربي" مقال منشور‬
‫بالمجلة االكاديمية لالبحاث والنشر العلمي –االصدار الثامن عشر ‪. 2020‬‬
‫محمد أوزيان‪ ،‬مسطرة الصلح في نزاعات الشغل الفردية على ضوء مدونة الشغل‬ ‫‪-‬‬
‫المغربية الجديدة بين ضروريات اإلبقاء على السلم االجتماعي وحتميات التنمية‬
‫االقتصادية‪،‬مقال بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 105‬نونبر –دجنبر ‪2006‬‬
‫كمال العبدالوي اندلسي‪ ،‬مقال حول دور الصلح في حل نزاعات الشغل الفردية بين‬ ‫‪-‬‬
‫القواعد العامة ومدونة الشغل مقال ب منشور بالصفحة االلكترونية ‪Maroc‬‬
‫‪.droit .com‬‬
‫إبراهيم قضا ‪ ،‬تنظيم الصلح في منازعات الشغل الفردية مجلة المرافعة‪-‬العدد ‪.18-19‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬دنيا مباركة قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء سلسة المعارف القانونية‬
‫منشورات مجلة الحقوق اإلصدار رقم ‪ 34‬لسنة ‪2016‬‬

‫‪44‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة‪01...............................................................................‬‬
‫المبحث االول‪ :‬الصلح االداري في المادة االجتماعية ‪03..........................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬الصلح االداري في نزاعات الشغل الفردية‪03.....................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬االحكام العامة للصلح االداري وكيفية تطبيقه‪04...................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اثار الصلح التمهيدي ومدى امكانية الطعن فيه ‪07.................‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬الصلح في نزاعات الشغل الجماعية ‪11...........................‬‬
‫الفقرة االولى‪:‬الهيئات المشرفة على التصالح في نزاعات الشغل‬
‫الجماعي‪11............................................................................‬‬
‫الفقرة الثاني ‪:‬القواعد المسطرية المتبعة بشأن التصالح امام هيئات‬
‫المصالحة‪13..........................................................................‬‬
‫المبحث الثاني الصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية ‪17...................‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬التنظيم القانوني للصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية‬
‫‪17. ..................................................................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬صور الصلح القضائي في نزاعات الشغل الفردية‪18..............‬‬
‫الفقرةالثانية‪:‬االجراءات المسطرية للصلحفي اطار نزاعات الشغل الفردية‬
‫‪20.....................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اثار مسطرة الصلح ومدى حجيته‪21................... ...........‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬اثار مسطرة الصلح القضائي‪21.....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حجية محاضر الصلح القضائي ‪22.......... . .....................‬‬

‫خاتمة ‪24.....................................................................‬‬
‫‪45‬‬
‫تحرير محاضر الصلح في المادة االجتماعية‬

‫ملحق‪25.......................................................................‬‬
‫مراجع ‪43.....................................................................‬‬
‫فهرس‪45......................................................................‬‬

‫‪46‬‬

You might also like