Professional Documents
Culture Documents
جامعة املجمعة
كلية التربية بالزلفي
هنا مسألتان:
ُ ً
يحرم عليهما شيء ال الجماع وال غيره ،ألن الخروج من األولى :أن يكون أحد الزوجين أو كالهما صائمين تطوعا ،فال
صوم التطوع جائز عند الشافعي وأحمد ،وهو قول الراجح .
ومن دخل في صوم تطوع أو صالة تطوع استحب له إتمامها فان خرج منها جاز ،ملا روت عائشة قالت :دخل علي رسول
ً
هللا صلى هللا عليه وسلم فقال :هل عندك شيء؟ فقلت :ال ،فقال :إذا أصوم ،ثم دخل علي يوما آخر فقال :هل عندك
ً
شيء؟ فقلت :نعم ،فقال :إذا أفطر؛ وإن كنت قد فرضت الصوم .انتهى .والحديث املذكور رواه مسلم بمعناه كما
قال النووي.
ً ً ً ً
ثانيا :أن يكون أحد الزوجين أو كالهما صائما صوما واجبا ،كرمضان أو قضاء ،أو كفارة ،فالجماع في هذا الصوم
ُ ً ٌ
وتجب عليه الكفارة إن وقع الجماع في نهار رمضان ،وأما القبلة واملباشرة محرم بال شك ،ويفطر به الصائم إجماعا،
ُ
فتحرم إن غلب على الظن حصول اإلنزال معها.
قال ابن قدامة في املغني :وإذا ثبت هذا ،فإن املقبل إن كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزل لم
تحل له القبلة ،ألنها مفسدة لصومه فحرمت عليه كاألكل ،وإن كان ذا شهوة لكنه ال يغلب على ظنه ذلك كره له
التقبيل ،ألنه يعرض صومه للفطر ،وال يأمن عليه الفساد .انتهى.
ً
وقال النووي -رحمه هللا -مبينا مذاهب العلماء في حكم القبلة واملباشر للصائم :ذكرنا أن مذهبنا كراهتها ملن حركت
شهوته وال تكره لغيره واألولى تركها ،فان قبل من تحرك شهوته ولم ينزل لم يبطل صومه ،قال ابن املنذر :رخص في
القبلة عمر بن الخطاب ،وابن عباس ،وأبو هريرة ،وعائشة ،وعطاء ،والشعبي ،والحسن ،وأحمد ،وإسحاق .قال :وكان
سعد بن أبي وقاص ال يرى باملباشرة للصائم بأسا ،وكان ابن عمر ينهى عن ذلك .وقال ابن مسعود :يقضي يوما مكانه،
وكره مالك القبلة للشاب والشيخ في رمضان ،وأباحتها طائفة للشيخ دون الشاب ممن قاله ابن عباس ،وقال أبو ثور:
إن خاف املجاوزة من القبلة إلى غيرها لم يقبل .هذا نقل ابن املنذر .ومذهب أبي حنيفة كمذهبنا ،وحكى الخطابيـ عن
سعيد بن املسيب أن من قبل في رمضان قضى يوما مكانه ،وحكاه املاوردي عن محمد بن الحنفية ،وعبد هللا بن
شبرمة .قال :وقال سائر الفقهاء القبلة ال تفطر إال أن يكون معها إنزال فإن أنزل معها أفطر ولزمه القضاء دون
الكفارة .انتهى.
ٌ ومما ُ
يدل على أن الحكم منوط بخشية ثوران الشهوة ،ما جاء في السنن عن أبي هريرة :أن رجال سأل النبي صلى هللا
عليه وسلم عن املباشرةـ للصائم فرخص له ،وأتاه آخر فسأله فنهاه ،فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب.
وعن عائشة ،أن النبي صلى هللا عليه وسلم :كان يقبل وهو صائم ،وكان أملككم إلربه .متفق عليه
ً ً
وهاهنا تنبيه مهم ،وهو أن للزوج أن يفسد صوم زوجته إذا صامت تطوعا بغير إذنه ،وكذا إذا صامت نذرا لم يأذن
ً
لها فيه ،وله أن يفسد صومها إذا كان الصوم واجبا عليها ،وكان وجوبه على التراخي كالقضاء إذا شرعت فيه بغير
إذنه ،وذلك لقوله صلى هللا عليه وسلم :وال تصوم املرأة وزوجها شاهد إال بإذنه .متفق عليه.
قال الحافظ في الفتح :قوله إال بأذنه .يعني في غير صيام أيام رمضان وكذا في غير رمضان من الواجب إذا تضيق
الوقت .انتهى.
وقال النووي في شرح مسلم :وسبب هذا التحريم أن للزوج حق االستمتاع بها في كل وقت وحقه واجب على الفور فال
وأما إذا أذن لها في الصوم املفروض فليس له أن يحللها منه ،وليس لها أن تطيعه إذا طلب منها ذلك لقوله تعالى :وال
تبطلوا أعمالكم{ .محمد .} 33:وكذا في صوم التطوع إذا أذن لها فيه ،فليس له أن يفسد صومها ،ويجوز أو ُيستحب لها
ً
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا :إذا صامت نفال بإذنه ،فإنه ال يحل له أن يفسد صومها؛ ألنه أذن لها .ولكن في هذه
الحال وهي صائمة صيام نفل بإذنه لو طلب منها أن تأتي للفراش فهل األفضل أن تستمر في الصوم وتمتنع أو أن تجيب
الزوج؟ الثاني أفضل :أن تجيب الزوج؛ ألن إجابتها الزوج من باب املفروضات في األصل ،والصوم تطوع من باب
املستحبات ،وألنه ربما لو أبت مع شدة رغبته ،ربما يكون في قلبه ٌ
شيء عليها فتسوء العشرةـ بسبب ذلك .انتهى
مراجع :
املكتبة الشاملة