You are on page 1of 4

‫اململكة العربية السعودية‬

‫جامعة املجمعة‬
‫كلية التربية بالزلفي‬

‫حكم القبلة واملباشرة للصائم‬

‫بحث مختصر ملادة أحاديث األحكام ‪۲‬‬

‫إعداد الطالب ‪ :‬نور فريد خير الدين‬

‫إشراف ‪ :‬د‪ .‬أحمد السيد أحمد الجداوي‬


‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه‪ ،‬أما بعـد‪:‬‬

‫هنا مسألتان‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫يحرم عليهما شيء ال الجماع وال غيره‪ ،‬ألن الخروج من‬ ‫األولى‪ :‬أن يكون أحد الزوجين أو كالهما صائمين تطوعا‪ ،‬فال‬

‫صوم التطوع جائز عند الشافعي وأحمد‪ ،‬وهو قول الراجح ‪.‬‬

‫ومن دخل في صوم تطوع أو صالة تطوع استحب له إتمامها فان خرج منها جاز‪ ،‬ملا روت عائشة قالت‪ :‬دخل علي رسول‬
‫ً‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬هل عندك شيء؟ فقلت‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪ :‬إذا أصوم‪ ،‬ثم دخل علي يوما آخر فقال‪ :‬هل عندك‬
‫ً‬
‫شيء؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬إذا أفطر؛ وإن كنت قد فرضت الصوم‪ .‬انتهى‪ .‬والحديث املذكور رواه مسلم بمعناه كما‬

‫قال النووي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬أن يكون أحد الزوجين أو كالهما صائما صوما واجبا‪ ،‬كرمضان أو قضاء‪ ،‬أو كفارة‪ ،‬فالجماع في هذا الصوم‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫وتجب عليه الكفارة إن وقع الجماع في نهار رمضان‪ ،‬وأما القبلة واملباشرة‬ ‫محرم بال شك‪ ،‬ويفطر به الصائم إجماعا‪،‬‬
‫ُ‬
‫فتحرم إن غلب على الظن حصول اإلنزال معها‪.‬‬

‫قال ابن قدامة في املغني‪ :‬وإذا ثبت هذا‪ ،‬فإن املقبل إن كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزل لم‬

‫تحل له القبلة‪ ،‬ألنها مفسدة لصومه فحرمت عليه كاألكل‪ ،‬وإن كان ذا شهوة لكنه ال يغلب على ظنه ذلك كره له‬

‫التقبيل‪ ،‬ألنه يعرض صومه للفطر‪ ،‬وال يأمن عليه الفساد‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال النووي‪ -‬رحمه هللا‪ -‬مبينا مذاهب العلماء في حكم القبلة واملباشر للصائم‪ :‬ذكرنا أن مذهبنا كراهتها ملن حركت‬

‫شهوته وال تكره لغيره واألولى تركها ‪،‬فان قبل من تحرك شهوته ولم ينزل لم يبطل صومه‪ ،‬قال ابن املنذر‪ :‬رخص في‬

‫القبلة عمر بن الخطاب‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وعائشة‪ ،‬وعطاء‪ ،‬والشعبي‪ ،‬والحسن‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ .‬قال‪ :‬وكان‬

‫سعد بن أبي وقاص ال يرى باملباشرة للصائم بأسا‪ ،‬وكان ابن عمر ينهى عن ذلك‪ .‬وقال ابن مسعود‪ :‬يقضي يوما مكانه‪،‬‬

‫وكره مالك القبلة للشاب والشيخ في رمضان‪ ،‬وأباحتها طائفة للشيخ دون الشاب ممن قاله ابن عباس‪ ،‬وقال أبو ثور‪:‬‬

‫إن خاف املجاوزة من القبلة إلى غيرها لم يقبل‪ .‬هذا نقل ابن املنذر‪ .‬ومذهب أبي حنيفة كمذهبنا‪ ،‬وحكى الخطابيـ عن‬

‫سعيد بن املسيب أن من قبل في رمضان قضى يوما مكانه‪ ،‬وحكاه املاوردي عن محمد بن الحنفية‪ ،‬وعبد هللا بن‬
‫شبرمة‪ .‬قال‪ :‬وقال سائر الفقهاء القبلة ال تفطر إال أن يكون معها إنزال فإن أنزل معها أفطر ولزمه القضاء دون‬

‫الكفارة‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫ومما ُ‬
‫يدل على أن الحكم منوط بخشية ثوران الشهوة‪ ،‬ما جاء في السنن عن أبي هريرة‪ :‬أن رجال سأل النبي صلى هللا‬

‫عليه وسلم عن املباشرةـ للصائم فرخص له‪ ،‬وأتاه آخر فسأله فنهاه‪ ،‬فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب‪.‬‬

‫وعن عائشة‪ ،‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ :‬كان يقبل وهو صائم‪ ،‬وكان أملككم إلربه‪ .‬متفق عليه‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫وهاهنا تنبيه مهم‪ ،‬وهو أن للزوج أن يفسد صوم زوجته إذا صامت تطوعا بغير إذنه‪ ،‬وكذا إذا صامت نذرا لم يأذن‬
‫ً‬
‫لها فيه‪ ،‬وله أن يفسد صومها إذا كان الصوم واجبا عليها‪ ،‬وكان وجوبه على التراخي كالقضاء إذا شرعت فيه بغير‬

‫إذنه‪ ،‬وذلك لقوله صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وال تصوم املرأة وزوجها شاهد إال بإذنه‪ .‬متفق عليه‪.‬‬

‫قال الحافظ في الفتح‪ :‬قوله إال بأذنه‪ .‬يعني في غير صيام أيام رمضان وكذا في غير رمضان من الواجب إذا تضيق‬

‫الوقت‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وقال النووي في شرح مسلم‪ :‬وسبب هذا التحريم أن للزوج حق االستمتاع بها في كل وقت وحقه واجب على الفور فال‬

‫يفوته بالتطوع وال واجب على التراخي‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫وأما إذا أذن لها في الصوم املفروض فليس له أن يحللها منه‪ ،‬وليس لها أن تطيعه إذا طلب منها ذلك لقوله تعالى‪ :‬وال‬

‫تبطلوا أعمالكم‪{ .‬محمد‪ .} 33:‬وكذا في صوم التطوع إذا أذن لها فيه‪ ،‬فليس له أن يفسد صومها‪ ،‬ويجوز أو ُيستحب لها‬

‫أن تجيبه إلى الفراش إذا طلب منها ذلك‪.‬‬

‫ً‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا‪ :‬إذا صامت نفال بإذنه‪ ،‬فإنه ال يحل له أن يفسد صومها؛ ألنه أذن لها‪ .‬ولكن في هذه‬

‫الحال وهي صائمة صيام نفل بإذنه لو طلب منها أن تأتي للفراش فهل األفضل أن تستمر في الصوم وتمتنع أو أن تجيب‬

‫الزوج؟ الثاني أفضل‪ :‬أن تجيب الزوج؛ ألن إجابتها الزوج من باب املفروضات في األصل‪ ،‬والصوم تطوع من باب‬
‫املستحبات‪ ،‬وألنه ربما لو أبت مع شدة رغبته‪ ،‬ربما يكون في قلبه ٌ‬
‫شيء عليها فتسوء العشرةـ بسبب ذلك‪ .‬انتهى‬
‫مراجع ‪:‬‬

‫املكتبة الشاملة‬

You might also like