Professional Documents
Culture Documents
تطـــــور النظــــام الانتخـــــابي في الجزائــــــر The evolution of electoral system in Algeria.
تطـــــور النظــــام الانتخـــــابي في الجزائــــــر The evolution of electoral system in Algeria.
،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
ملخص:
إن احلديث عن النظام االنتخايب لنظام سياسي معني ،يقودان مباشرة إىل الفلسفة العامة و التوجهات الكربى هلذا النظام ،ألنه
مبثابة الضمانة الرئيسية والقاعدة اليت من خالهلا ميكن التأسيس لبناء دولة دميقراطية على أسس دستورية وقانونية ،تستجيب للمعايري
املعمول هبا دوليا ،هذا ما جعل االهتمام يتزايد بدراسة األنظمة االنتخابية بغرض اختيار أفضلها وأكثرها حكمة ومتثيال وعدالة.
واجلزائر كغريها من الدول اعتمدت على جمموعة من األنظمة االنتخابية ،منذ الشروع يف التجربة التعدية يف بداية التسعينات،
انطالقا من نظام األغلبية إىل نظام التمثيل النسيب مرورا ابلنظام املختلط ،كاستجابة لألوضاع القائمة وحماولة منها إلجياد صيغة تضمن هلا
إجراء االستحقاقات االنتخابية يف جو من النزاهة والشفافية.
لذلك من الضروري اليوم تقييم هذه التجربة وتبين النمط االنتخايب الذي يتماشى مع واقع اجملتمع اجلزائري وظروف البالد
السياسية واالقتصادية ،ويستطيع جتسيد نظام دميقراطي فعلي.
الكلمات الدالة:
االنتخاابت ،النظام االنتخايب ،الدميقراطية ،التعددية احلزبية.
Abstract:
One cannot discuss the electoral system, of a particular political system, without addressing
its general philosophy and main orientations, as they represent the main guarantee and the basis on
which a democratic state can be built, on constitutional and legal grounds, that meets international
standards. That is exactly what led to an increasing interest in the study of electoral systems, in
order to select the best, wisest, most representative and fairest system.
Similarly to many other states, Algeria has adopted a series of electoral systems, since
establishing a multi-party system, in the early 1990s. Beginning with a majority system, Algeria
later switched to proportional representation system before opting for the hybrid system, in
response to the pre-existing conditions and in an attempt to find a formula that would ensure that
elections would be synonymous to fairness and transparency.
Therefore, it is necessary today to evaluate this experience, as well as adopt the electoral
pattern that is most consistent with the realities of the Algerian society and the country's political
and economic conditions, and which can achieve a real democratic system.
Keywords:
Elections, electoral system, democracy, multiparty.
مقدمة:
تعترب العملية االنتخابية مبستوايهتا العديدة أحد أهم وسائل مشاركة الشعب يف تفعيل التنمية السياسية من خالل مسامهتها يف
بناء خمتلف املؤسسات ،اليت يقوم من خالهلا ممثلوه املنتخبون مبمارسة مهامهم التنفيذية أو التشريعية ،كما تشكل أحد الركائز االجتماعية
348
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
املحققة للتجانس اجملتمعي واالستقرار السياسي ،ابإلضافة لكوهنا أحد آليات االتصال السياسي والتجديد النخبوي واإلطار الدويل املحدد
ُ ُ
ملشروعية النظام السياسي وتوجهاته العامة.
ومتثل األنظمة االنتخابية حجر األساس يف بناء خمتلف املؤسسات الدستورية ،وحترص كل دولة على اختيار أجنع األنظمة
االنتخابية ملا هلا من أتثري على خمتلف مناحي احلياة السياسية يف هذه الدول ،ومبا يضمن هلا بناء دميقراطية حقيقية وفق أسس قانونية
ودستورية ،لذا فإن األنظمة االنتخابية ختتلف من حيث تطبيقاهتا من دولة إىل أخرى ،تبعا للظروف السياسية واالقتصادية واالجتماعية،
وتُنظم حسب طبيعة وواقع النظام السياسي لكل دولة ،كما قد ختتلف داخل الدولة الواحدة من وقت ألخر حسب الظروف اليت متر هبا
الدولة نفسها.
يف اجلزائر ومنذ االستقالل شهد النظام االنتخايب العديد من التغيريات ،كانت مرتبطة أساسا ابلظروف السياسية وطبيعة نظام
احلكم وشكله من خالل احلزب الواحد ووحدة القيادة السياسية للحزب والدولة ،حىت االنتقال إىل التعددية السياسية اليت جاء هبا دستور
،1989حيث عرف النظام االنتخايب اجلزائري العديد من التعديالت واإلصالحات متاشيا مع طبيعة املرحلة اجلديدة من التحوالت
الدميقراطية والتعديالت الدستورية واحلراك السياسي والتنافس احلزيب.
من هذا املنطلق تتبلور اإلشكالية الرئيسية هلذا املوضوع فيما يلي :ما هي خمتلف التغيريات اليت عرفها النظام االنتخايب يف اجلزائر انطالقا
من البيئة السياسية السائدة يف اجلزائر؟ ،و ما مدى فعالية التشريعات االنتخابية يف اجلزائر من جتسيد نظام انتخايب يعزز احلكم الدميقراطي
الفعلي؟.
ولإلجابة على اإلشكالية املطروحة ستتم مناقشة املوضوع من خالل احملاور الرئيسية التالية:
مفهوم االنتخاابت والنظام االنتخايب (حمور أول)،
تطور املنظومة االنتخابية يف اجلزائر (حمور اثين)،
تقييم دور اإلصالح االنتخايب يف تفعيل النظام السياسي اجلزائري (حمور اثلث).
احملور األول
مفهوم االنتخاابت والنظام االنتخايب
أوال -مفهوم االنتخاابت
تشكككل االنتخككاابت إحككدى آليككات املشككاركة السياسككية ،ووسككيلة لصككنع اسيككارات السياسككية ،إذ تككوفر ممارسككة واقعيككة الختيككار القككادة،
وتقريككر قضككااي وطنيككة مطروحككة ،ويف ظككل عككدم إمكانيككة حكككم أعضككاء اجملتمككع أنفسككهم مباشككرة ،تكككون ممارسككة عمليككة هتي كئ الفرصككة لتشكككيل
حكومة دميقراطية لتمثيلهم أمر ضروري.
-)1تعريف االنتخاابت
اختلف الباحثون يف إحاطتهم مبوضوع االنتخاب وحماولة تعريفه تعريفا جامعا مانعا ،ابختالف جماالهتم املعرفية.
349
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
التعريككف اللغــو لالنتخككاب :يعككرف االنتخككاب لغــة أبنككه االختيككار واالنتقككاء بككني أمككور معروضككة فقككد جككاء يف لسككان العككرب البككن
منظور :يقكال يف اللغكة :خنكب ،وخنكب انتخكب الشكيء أي اختكاره ،والنخبكة مكا اختكاره منكه وخنبكة القكوم وخنبكتهم خيكارهم ،واالنتقكاء
من النخبة 1.واالنتخاب :هو االختيار واالنتقاء ومنه النخبة ،وهم اجلماعة ختتار من الرجال فتنتزع منهم. 2
أما اصطالحا فاالنتخكاب يعكين ا الطريقكة الكيت مبوجبهكا يعطكي الناخكب للمنتخكب وكالكة ليكتكلم ويتصكرف اب كه ا ،3ويعكرف أبنكه
اختيار شخص أو أكثر من بني عدد من املرشحني ملمثليهم يف حكم البالد.
كما يعين االنتخاب منط أليلولة السلطة يرتكز على اختيار املواطنني ملمثليهم أو ملندوبيهم على املستوى احمللي ،الوطين أو املهين،
4
أو هو منط ملشاركة املواطنني يف احلكم يف إطار الدميقراطية التمثيلية.
وقككد ورد يف القككاموس السياسككي تعريككف االنتخككاب أبنككه ا اختيككار شككخص بككني عككدد مككن املرشككحني ليكككون انئبككا ميثككل اجلماعككة الككيت ينككتم
5
إليها ،وكثريا ما يطلق على االنتخاب اسم االقرتاع على اسم معني ا.
أمككا ا روابرت دال ا Robert Dahlفككاعترب :ا االنتخككاابت احلككرة واملتكككررة شككرم مككن شككروم حتقيككق الدميقراطيككة ا ،ويف ذات السككياق
يرى ااجلابريا أن االنتخاب نوع من الدميقراطية ،و الذي يفرتض فيه أن يقوم على أسس دميقراطية .ومعك االنتخكاب عنكده هكو االختيكار،
أي أن ينتخب املواطن معناه أن إمككاانت عكدة تتكاح أمامكه ليختكار أاي يشكاء منهكا ،و يضكيف أنكه ليختكار الناخكب جيكب أن يككون حكرا فيمكا
يريككد ،و يعككرف مككا يريككد ،و ملككاذا يريككد ،وميلككك االسككتطاعة علككى حتقيككق هككذا الككذي يريككد ،و هككي تظهككر عالق كة احلريككة ابالختيككار ،الككيت تصككب
6
استعبادا واستغالال إذا كان هناك تفاوت يف القدرة على التمتع هبا.
-)2أمهية االنتخاب
نظرا لالرتبام الوثيق بني االنتخاب والدميقراطية يف العصر احلديث ،أصب ميثل الوسيلة األساسكية إلسكناد السكلطة بواسكطة اإلرادة
الشككعبية ،وهككو األداة الككيت تسككم مسككهام الشككعب يف صككنع الق كرار السياسككي بصككورة تككتالءم مككع مقتضككيات العصككر ،ويعتككرب كككذلك
الوسيلة املثلى لتحقيكق التطكابق املفكرتض بكني إرادة احلككام واحملككومني ،وهكو بكذلك ميثكل صكياغة توفيقيكة بكن خضكوع الشكعب لنوابكه
7
وسيادته عليهم.
1ابن منظور مجال الدين حممد بن مكرم األنصاري ،لسان العرب ،الدار املصرية للتأليف والرتمجة ،اجلزء الثاين ،مصر ،بدون سنة ،ص.649
2نفس املرجع ،نفس الصفحة.
3موريس ديفارجيه ،األحزاب السياسية ،م ،3ت :علي مقلد وعبد احلسن سعد ،دار النهار للنشر :بريوت ،1980 ،ص.356
4أمحد سعيفان :قاموس املصطلحات السياسية والدستورية والدولية ،مكتبة لبنان :بريوت ،2004 ،ص . 53
5أمحد بنيين ،ااإلجراءات املمهدة للعملية االنتخابية يف اجلزائرا ،أطروحة دكتوراه ،كلية احلقوق والعلوم السياسية ،جامعة ابتنة ،2005 ،ص ،2نقال عن :أمحد
عطية هللا ،القاموس السياسي ،م ،3دار النهضة العربية :القاهرة ،1968 ،ص .129
6حممد عابد اجلابري :الدميقراطية وحقوق اإلنسان ،م ،2مركز دراسات الوحدة العربية :بريوت ،1997 ،ص .18-16
7أمحد بنيين ،مرجع سابق ،ص.24
350
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
وعليككه تعتككرب االنتخككاابت قاعككدة الككنمط ال كدميقراطي ،خاصككة التنافسككية منهككا ،والككيت تفس ك للم كواطن االختيككار بككني بككدائل عككدة مككن
املرشحني ،فهي بذلك تؤسس لنظام دميقراطي ليربايل ،وتعد يف حقيقة األمر إحدى نتائجه املباشرة اليت تسم بتمركز السكلطة يف
1
يد املواطن ،على أساس جتددها عرب فوارق زمنية منتظمة ومتقاربة ضماان ملبدأ التداول والفعالية.
يف ذات السياق فاالنتخاابت هي الطريقة اليت يتاح من خالهلا للشعب حريكة التعبكري عكن إرادتكه بنكاء علكى اقكرتاع جيكري علكى قكدم املسكاواة
بككني النككاخبني وأن يكككون اقرتاعككا سكراي ،واملسككاواة هنككا تتعلككق بقككوة التصككويت ،أي ال حيمككل صككوت مككن حيككث املبككدأ وزان غككري متكككافئ مككع مككا
2
حيمله صوت آخر وابلتايل تكون جلميع األصوات نفس قوة التأثري.
اثنيا -النظام االنتخايب
تستند نزاهة عملية إدارة االنتخاابت ،بشكل رئيسي ،على القانون االنتخايب الذي ينظم عملية االنتخاابت يف مراحلها املختلفة،
والنظام االنتخايب حيدد الق واعد اليت تضعها النظم الدميقراطية بغية حتويل أصوات الناخبني إىل مقاعد نيابية ،والبد أن ينسجم مع الرتكيب
3
االجتماعي للمجتمع ،وعلى وضع ُميكن معه متثيل كل الفئات واجلماعات املشكلة للمجتمع.
ُ
-)1تعريف النظام االنتخايب
ميكككن تعريككف الككنظم االنتخابيككة بشكككل بسككيط علككى أهنككا ترمجككة األصكوات الككيت يككتم اإلدالء هبككا إىل مقاعككد تفككوز هبككا األح كزاب واملرشككحون،
وهناك تغريات ثالث تفسر يف هده العملية وهكي :
-املعادلة االنتخابية املستعملة :ما إذا كانت تعددية /أغلبية ،تناسكبية ،خمتلطكة أو نظكام آخكر ،ومكا هكي املعادلكة احلسكابية حلسكاب ختصكيص
املقاعد ؟.
-هيكلة االقرتاع :ما إذا كان املقرتع يصوت ملرش أو حلزب ،وما إذا كان املقرتع يقوم ابختيار واحد أو يعرب عن سلسلة من التفضيالت؟
4
-حجم املنطقة :ليس عدد النّاخبني الذين يعيشون يف املنطقة ،وإمنا عدد املمثلني اليت تنتخبهم املنطقة يف اجمللس التشريعي أو احمللي.
5
وتنبع أمهية النظم االنتخابية فيما يلككي:
.1تقككوم املؤسسككات السياسككية بتشكككيل قواعككد اللعبككة الككيت جتككري ممارسككة الدميقراطيككة يف إطارهككا ،وغالب كا مككا يككدور اجلككدل حككول أ ّن النظ كام
االنتخايب هو املؤسسكة السياسكية الكيت ميككن التالعكب هبكا بسكهولة سكواء لألفضكل أم لألسكوأ ،إذ أ ّن اختيكار النظكام االنتخكايب ميككن أ ْن حيكدد
بفاعلية من سيتم انتخابه ،واحلزب الذي سيفوز ابلسلطة.
1ثناء فؤاد عبد هللا ،آليات التغيري الدميقراطي يف الوطن العريب ،م ،2مركز دراسات الوحدة العربية :بريوت ،2004 ،ص.22-21
2ري ابرة ،ا أمنام السلوك االنتخايب والعوامل املتحكمة فيها ،رسالة ماجستري ،كلية العلوم السياسية واإلعالم ،جامعة اجلزائر ،2008 ،ص.43
3عبد الفتاح ماضي ،ا مفهوم االنتخاابت الدميقراطية،ا مشروع دراسات الدميقراطية يف البلدان العربية :اللقاء السنوي السابع عشر للدميقراطية واالنتخاابت يف
الدول العربية ،جامعة اإلسكندرية .2007/8/18 ،على املوقع االلكرتوينwww.achr.eu/art220.htm :
4فرانشسكا بيندا وآخرون :التحول حنو الدميقراطية :اسيارات الرئيسية يف عملية التحول الدميقراطي يف العراق ،املؤسسة الدولية للدميقراطية واالنتخاابت:
ستوكهومل ،2005 ،ص 14
5أندرو رينولدزوين ريلي :أشكال النظم االنتخابية ،املؤسسة الدولية للدميقراطية واالنتخاابت :ستوكهومل ،2002 ،ص .8-7
351
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
.2ميكن أ ْن تشجع بعض النظم االنتخابية النزعكات االنشكقاقية ،يف حكني تشكجع نظكم أخكرى األحكزاب علكى احلكديث بصكوت واحكد وتضكع
حدا للمعارضة فيها.
ً
واملالحظ أ ّن النظم االنتخابية ال تعمل ابلضرورة بنفس الطريقة يف البلدان املختلفكة ،فكرغم وجكود خكربات مشكرتكة يف منكاطق عديكدة مكن
العامل ،فإ ّن اآلاثر النّامجة عن منط انتخايب معني تعتمد إىل درجة كبرية على السياق االجتماعي واالقتصادي الذي يتم تطبيكق هكذا الكنّمط يف
إطاره .وألن تفاصيل ومضامني أي نظام انتخايب ال بد أن توضع يف ضوء األهداف املرجوة منه واحملددة مسبقاً ،فإنه ميككن تصكور األهكداف
1
الثالثة التالية ألي نظام انتخايب:
حتويل أصوات الناخبني إىل مقاعد يف اهليئات التمثيلية النيابية ابلربملاانت. -
توفري اآللية اليت ميكن من خالهلا للناخبني حماسبة ممثليهم. -
-توفري حوافز للمتنافسني من أجل عرض براجمهم وآرائهم حبرية ومتثيل كافة فئات اجملتمع ،ففي اجملتمعات اليت يعيش فيها أقليات عرقية
وضع بنود وقواعد خمتلفة يف النظم االنتخابية لتحقيق هدف دمج هذه األقليات يف اجملتمع ،كما أن هناك قوانني
أو دينية أو لغوية تُ َ
انتخابية تتضمن آليات لضمان متثيل املرأة.
كوان إىل أتكيد نية املشروع الدستوري أو املشروع القانوين على أ ْن يضمن هذا النظام احلرايت
ويسعى النظام االنتخايب شكالً ومضم ً
املدنية والسياسية للمواطن ،وهو بذلك يعد إحدى مالم التطور الدميقراطي ،إذ يتوىل مهمة دفع املواطنني إىل املمارسة السياسية وتدعيم
إحساسهم أبمهية إرادة النّاخب يف خلق متثيل نيايب دميقراطي.
-)2أنواع النظم االنتخابية
لقد اختلفت وتنوعت النظم االنتخابية اليت عرفتها التجارب الدميقراطية املعاصرة مع اختالف أوضاع وظروف كل دولة ،على وضع
ال ميكن معه أن جند نظامني متطابقني متاماً يف دولتني خمتلفتني ،غري أنه ميكن القول أن التجارب الدميقراطية احلديثة عرفت نظامني
رئيسيني ،يُعدان -مع فروعهما وصورمها املختلفة -من أبرز األنظمة االنتخابية املعمول هبا يف عاملنا املعاصر ،وهي نظم األغلبية
اmajority systemsا ونظم التمثيل النسيب اproportional systemsا .وهلذين النوعني الرئيسيني أشكال وأنواع عدة
على النحو الذي تفصله الدراسات ذات الصلة ابلنظم االنتخابية.
أ) -نظام األغلبية
القاع ككدة اجلوهري ككة هل ككذا النظ ككام تتمث ككل يف أن ا الف ككائز خ ككذ ك ككل ش كيءا ،والف ككائز يف نظ ككام األغلبي ككة ه ككو املتحص ككل عل ككى أك ككرب ع ككدد م ككن
األصكوات ،وجيكب أن منيكز هنكا بكني األغلبيكة املطلقككة مكن األصكوات الكيت عكادة مكا تككون بك ك ( )50+1علكى األقكل ،وبكني األغلبيكة النسكبية مككن
2
األصوات اليت تكتفي ابألغلبية البسيطة فقط ( أكرب عدد من األصوات الصحيحة ).
2بن سليمان عمر ،ا أتثري نظام االنتخاب على األحزاب يف اجلزائر 2012-1989ا ،رسالة ماجستري ،كلية احلقوق والعلوم السياسية ،جامعة سعيدة،
،2013ص.119
352
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
وأهككم مككا يتميككز بككه هككذا النظككام هككو :البسككاطة والوضككوح والقككدرة عل ككى تك ككوين أغلبي ككة برملانيككة متماسكككة ،ممككا ي كؤدي يف النهايككة إىل اسككتقرار
احلكوم ككات ،وجيع ككل ه ككذا النظ ككام الناخ ككب عل ككى معرف ككة سميككع املرش ككحني املتنافس ككني يف االنتخ ككاابت ،األم ككر ال ككذي م ككن شككأنه تقل ككيص ت ككأثري
األحكزاب السياسية على آراء واجتاهات الناخبني .
ب) -نظام التمثيل النسيب:
تستعمله أكثر الدميقراطيات الراسخة ،قاعدة هذا النظكام هكي توزيكع املقاعكد يككون متقكارب مكع نسكبة األصكوات الكيت حتصكل عليهكا ككل
حزب ،وفق قانون الباقي األعلى أو املتوسكط األعلكى ،وكلمكا زاد حجكم الكدائرة االنتخابيكة وقلكت عتبكة الفكوز ابملقاعكد كلمكا ازدادت نسكبية
هذا النظام.
إن أهم ما يتميز به هذا النظام أنه يسم بتمثيكل كافكة اجتاهات الرأي العام واألحزاب السياسكية يف الربملكان ،وقيكل إن هكذا النظكام أكثكر
عدالككة مككن نظككام األغلبيككة ،كونككه يضككمن لكككل حككزب عككدداً مككن املقاعككد يف اجمللكس النيككايب يتناسككب وعككدد األصكوات التككي حصككل عليهككا يف
االنتخاابت.1 .
ج) -أنظمة التمثيل املختلط :
وهي اليت تتألف من مزيج بني القواعد النسبية واألغلبية وقد تكون متوازية وقد يغلب عليهكا هكذا اللكون أو ذلكك تبعكا للنسكب الكيت تكدخل
يف تكوين هذا النظام االنتخايب ،وتدعى األنظمة االنتخابية املختلطة ابألنظمة شبه النسبية ،وهي أنظمة تقع بني النظام االنتخايب ابألغلبية
2
والنظام االنتخايب النسيب.
احملور الثاين
تطور املنظومة االنتخابية يف اجلزائر
يعترب قانون االنتخاابت أهم نص قانوين يؤطر العملية االنتخابية اليت تعترب جوهر أي نظام دميقراطي ،فباالنتخاب يتمكن
املواطنون من اختيار ممثليهم على خمتلف املستوايت ،ملمارسة السيادة نيابة عنهم ،لذلك جيب أن ترمي قواعد القانون االنتخايب إىل حتقيق
انتخاابت تعددية نزيهة وشفافة.
وقد عرفت اجلزائر عدة أمنام انتخابية سواء يف فرتة األحادية احلزبية أو بعد الشروع يف التجربة التعدية ،انطالقا من نظام األغلبية إىل
نظام التمثيل النسيب مرورا ابلنظام املختلط ،من الضروري اليوم تقييم هذه التجربة وتبين النمط االنتخايب الذي يتماشى مع واقع اجملتمع
3
اجلزائري وظروف البالد السياسية واالقتصادية.
أوال -النظام االنتخايب اجلزائر يف الفرتة األحادية
1شليغم غنية ،ولد عامر نعيمة ،ا أثر النظم االنتخابية على التمثيل النسيب :حالة اجلزائرا ،جملة دفاتر السياسة والقانون ،عدد خاص ،كلية احلقوق والعلوم
السياسية :جامعة ورقلة ،أفريل ،2011ص .183
2زهرية بن علي ،ا دور النظام االنتخايب يف إصالح النظم السياسية ،أطروحة دكتوراه يف القانون العام ،جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان،2015 ،ص.98
3عمار عباس،ا اإلصالحات السياسية يف اجلزائر 2011ا ،جملة الفكر الربملاين ،العدد ،27جملس األمة :اجلزائر.2011،
353
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
لقككد أخككذ املشككرع اجلزائككري يف عهككد احلككزب الواحككد بنظــام االنتخ ــاب الف ــرد وابألغلبيــة املطلقــة يف دور واح ــد مبقتضككى دسككتوري
1963و ،1976حيث تضمن أول دستور للجزائر املستقلة يف سكبتمرب 1963يف املكادة 27ا أن االقكرتاع يككون عكام مباشكر وسكري ا،
علككى أن يوكككل أمككر اقكرتاح املرشككحني ،إىل جبهككة التحريككر الككوطين ،لينتخككب أول جملككس نيككايب يف التككاريخ املؤسسككا للجزائككر املسككتقلة ،يف 20
سبتمرب ، 1964ملدة 04سنوات ،واتسم ابحتكار جبهة التحرير الوطين ،للعضوية فيه إذ اشرتم يف املرش للنيابة يف الربملكان ابالنتمكاء إىل
احلزب الواحد ابعتباره احلزب الطالئعي يف البالد ،وقائمة الرتش كانت قائمة واحدة موضوعة من قبكل اجلبهكة ،1أمكا يف دسكتور 22نكوفمرب
1976فقد نصكت (املكادة )128علكى أنكه:ا ينتخكب أعضكاء الشكعيب الكوطين ،بنكاء علكى ترشكي مكن قيكادة احلكزب ،عكن طريكق االقكرتاع العكام
والسري واملباشرا.
يقككول صككاح بلحككا يف هككذا الصككدد:ا ...متيــز النظــام االنتخــايب اجلزائــر يف دمــاب األحاديــة ابالدــتقرار ،الوحــدة ،والبســا ة،
ممـر يف اجلزائـر يلـة 26دـنة جـرت هلال ـا انتخـاابت كثـقة واـ نظـام انتخـايب
واملقصود -1ابالدتقرار :أ أن ذلك النظام االنتخـايب ر
واحــد رهــر م ـ نظــام ابــزب الواحــد ،ودال بزوال ـ -2 ،ابــدة :أ أن أدــا نظــام االنتخــاب كانــيف متماللــة يف العمليــات االنتخابيــة،
ابدتثناء بعض اآلليات التقنية اخلاصة بكل منها-3 .البسا ة :أ بسا ة اإلجراءات واآلليـات مقارنـة ابإلجـراءات واآلليـات املعقـدة يف
2
النظم االنتخابية التعددية اليت تتسم بتعدد كيفيات وض القوائم ،وحتديد الفائزياب ،وتودي املقامد".
ويعترب القانون 08/80املؤرخ يف 25أكتوبر ، 1980هو أول قانون انتخايب عرفته اجلزائر املستقلة ،ومت اعتماد هذا النظام لسهولته
وبساطته ،وألنه كان يعكس طبيعة النظام السياسي الذي تبنته اجلزائر بعد االستقالل ،واملتمثل يف نظام احلزب الواحد.
ويف هذا اجملال تنص املادة 66من القانون 08/80على أنا ينتخب أعضاء كل جملس شعيب من قائمة وحيدة للمرشحني ،يقدمها
حزب جبهة التحرير الوطين ا ،3أي أنه ليس أمام الناخب إال قائمة وحيدة يقرتحها حزب جبهة التحرير الوطين ،مشتملة على عدد من
املرشحني يساوي ضعف عدد املقاعد املطلوب شغلها ،كما أن حتديد نتائج هذه االنتخاابت يتم بواسطة تعداد األصوات اليت حصل عليه
كل مرتش بتطبيق نظام األغلبية البسيطة ،وهذا ما نصت عليه الفقرة 2من املادة 67من نفس القانون املذكور أعاله حيث جاء فيها ما
يلي ا يصرح ابنتخاب املرشحني الذين حصلوا على أكرب عدد من األصوات يف حدود املقاعد املطلوب شغلها ،وعند تساوي األصوات
يؤول االنتخاب للمرش األكرب سنا .4كما طبق نظام األغلبية يف االنتخاابت الرائسية اليت عرفتها اجلزائر يف الفرتة األحادية ،ففي تلك
املرحلة يتوىل احلزب تقدمي املرش الوحيد الذي يتم انتخابه ابألغلبية املطلقة من الناخبني املسجلني ويف دورة واحدة.
354
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
1اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية ،قانون رقم 13/89املؤرخ يف 05حمرم عام1410ه املوافق ل 07أوت ،1989املتضمن قانون االنتخاابت ،اجلريدة الر ية،
العدد ،32السنة ،26الصادرة بتاريخ 07أوت .1989
2اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية ،قانون رقم 06/90املؤرخ يف أول رمضان عام1410ه املوافق ل 27مارس ،1990يعدل ويتمم القانون رقم 13/89املؤرخ
يف 07أوت ،1989املتضمن قانون االنتخاابت ،اجلريدة الر ية ،العدد ،13السنة ،27الصادرة بتاريخ 28مارس .1990
3اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية ،قانون رقم 08/80املؤرخ يف 16ذي احلجة 1400ه ،املوافق ل 25أكتوبر ،1980املتضمن قانون االنتخاابت ،اجلريدة
الر ية ،العدد ،44السنة ،16الصادرة بتاريخ 28أكتوبر .1980
4لقد مت تعديل هذه املادة مبوجب القانون رقم 06/91املؤرخ يف 02أفريل ،1991املعدل واملتمم للقانون 13/89حيث أصبحت طريقة االقرتاع إىل االسم
ُ
الواحد ابألغلبية يف دورتني.
355
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
06-91املؤرخ يف 2أفريل 1991املعدل واملتمم للقانون السابق ،حيث أصبحت طريقة االقرتاع على االسم الواحد
ابألغلبية يف دورين.
1
وحسب املادة 62من قانون 13/89فإنه يرتتب على هذا النمط من االقرتاع توزيع املقاعد كاأل :
إذا حتصلت القائمة اليت فازت ابألغلبية املطلقة من لألصوات املعربة عنها فإهنا حتوز على مجيع املقاعد. -
ويف حالة عدم حصول أية قائمة على األغلبية املطلقة لألصوات املعربة عنها ،فإن القائمة احلائزة على األغلبية -
البسيطة حتصل على ( ) 1 + %50من املقاعد وحيسب الكسر لصاح هذه القائمة كمقعد كامل.
توزع بقية املقاعد على مجيع القوائم احملصلة على أكثر من %10من األصوات املعرب عنها ،وذلك على أساس -
النسب املئوية لألصوات احملصل عليها وحسب ترتيب تنازيل وحيسب الكسر الناتج كمقعد كامل.
-)1قانون االنتخاابت رقم 06/90
ساهم أتجيل االنتخاابت بربوز قوى سياسية فاعلة على الساحة السياسية ،دفعت رئيس احلكومة آنذاك السيد "مولود محروشا إىل
تقدمي مشروع يعدل بعض مواد قانون االنتخاب 13/89رغم أن مل يدهلل حيز التجربة العملية ( مل يوضع موضع التطبيق ).
وبعد املوافقة عليه من طرف اجمللس الشعيب الوطين ،صدر قانون 06/90يف 27مارس ،1990والذي مبوجبه مت اعتماد نظام انتخايب
ال خيتلف من حيث املبدأ عن النظام االنتخايب السابق ،على أساس أنه جيمع بني تقنيات نظام األغلبية ونظام التمثيل النسيب ،لكنه أقل
حدة منه.
ومبوجب هذا القانون مت تعديل الفقرة املتعلقة بتودي املقامد ،لتتحول إىل القائمة اليت تفوز ابألغلبية املطلقة لألصوات املعرب عنها ال
حتصل على مجيع املقاعد بل على عدد من املقاعد يتناسب مع النسبة املئوية اليت حصلت عليها ،وظلت هذه الطريقة نفسها يف توزيع
املقاعد يف حالة عدم حصول أي قائمة على األغلبية املطلقةا.
2
وابلفعل فقد نص القانون 06/90يف (املادة ) 62مكرر ، 1أن املقاعد توزع ابلشكل التايل:
-القائمة اليت تتحصل على األغلبية املطلقة من األصوات ،تفوز بعدد من املقاعد يناسب النسبة املئوية لألصوات احملصل عليها اجملربة إىل
العدد الصحي األعلى.
-و يف حالة عدم حصول أي قائمة على األغلبية املطلقة من األصوات املعرب عنها ،تفوز القائمة اليت حتوز على أعلى نسبة كما يلي:
)% 50 ( من عدد املقاعد اجملربة إىل العدد الصحي األعلى يف حالة ما إذا كان عدد املقاعد املطلوب شغلها يف الدائرة
فرداي.
)1+ %50( من عدد املقاعد يف حالة ما إذا كان عدد املقاعد املطلوب شغلها زوجيا.
1اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية ،قانون رقم 13/89املؤرخ يف 05حمرم عام1410ه املوافق ل 07أوت ،1989املتضمن قانون االنتخاابت ،اجلريدة الر ية،
العدد ،32السنة ،26الصادرة بتاريخ 07أوت ،1989ص .853
2اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية ،قانون رقم 06/90املؤرخ يف أول رمضان عام1410ه املوافق ل 27مارس ،1990يعدل ويتمم القانون رقم 13/89املؤرخ
يف 07أوت ،1989املتضمن قانون االنتخاابت ،اجلريدة الر ية ،العدد ،13السنة ،27الصادرة بتاريخ 28مارس ،1990ص.433
356
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
ويف كلتا احلالتني املذكورين أعاله ،توزع املقاعد املتبقية ابلتناسب على كل القوائم اليت حصلت على %7فما فوق من
األصوات املعربة على أساس النسبة املئوية لألصوات احملرزة بتطبيق الباقي األقوى ،حىت تنتهي املقاعد الواجب شغلها.
ويف حالة عدم حصول أية قائمة متبقية على نسبة ،%7حتصل القائمة الفائزة على مجيع املقاعد.
على أساس ما تقدم تقرر إجراء أول انتخاابت تعددية يف اتريخ اجلزائر املستقلة ،ومتثلت يف االنتخاابت احمللية يف 12جوان 1990
كبداية لوضع قواعد دميقراطية تعددية متثيلية ،وبدا واضحا أن هذه االنتخاابت كانت فرصة مناسبة لقياس صدى الدميقراطية والتنمية
1
السياسية الذي تبنته الدولة بداية من أحداث أكتوبر.1988
لقد اتض من نتائج هذه االنتخاابت أن املنافسة االنتخابية التعددية األوىل يف اتريخ اجلزائر ،أعادت توزيع األوراق بني خمتلف األطراف
اليت دخلت احلياة السياسية بعد عملية اإلصالح السياسي اليت عرفتها اجلزائر سنة ،1989كما جتلت يف األفق معامل قوة سياسية جديدة
جسدها التيار اإلسالمي املتمثل يف ( اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ).
على صعيد أخر تدفعنا نتائج االنتخاابت احمللية للتساؤل عن األسباب اليت أدت إىل تراجع جبهة التحرير الوطين يف أول امتحان
عربت هذه االنتخاابت عن عدم ثقة املواطن يف النظام السياسي املمثل من خالل جبهة التحرير الوطين ابعتبارها احلزب
تعددي ،حيث ً
الوحيد احلاكم.
-)2قانون االنتخاابت رقم 06/91
يف إطار إمتام مسار التنمية السياسية والتحول حنو الدميقراطية ابللجوء إىل اآللية االنتخابية ،أعلن رئيس اجلمهورية الشاذيل بن جديد
إجراء االنتخاابت التشريعية يف دورتنيُ ،جيرى الدور األول يف 27جوان ،1991مث يليه الدور الثاين بعد ثالث أسابيع من ذلك التاريخ.
إال أن أتجيل إجراء االنتخاابت اليت ُحدد موعد تنظيمها يف 06ديسمرب ،1991من النظام السياسي الفرصة إلعادة تنظيم القوانني
والدوائر االنتخابية وفقا ملصاحله وانطالقا من النتائج املتحصل عليها يف االنتخاابت احمللية السابقة ،فجاء القانون رقم 2،06/91املؤرخ يف
ُ
02أفريل 1991املعدل واملتمم للقانون رقم 13/89واملتضمن قانون االنتخاابت ،ومبقتضاه تغري منط االقرتاع إذ أصب يعتمد طريقة
ُ ُ
االقرتاع ملى االدم الواحد ابألغلبية يف دورتني ،موض منط االقرتاع النسيب ملى القائمة م أاضلية األغلبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة يف دورة واحدة،
ووفق القانون اجلديد يعترب املرش فائزا يف الدورة األوىل إذا حصل على األغلبية املطلقة ( النصف زائد واحد ) ،وإذا مل ينل أحد املرشحني
األغلبية املطلقة تعاد االنتخاابت يف دورة اثنية ويشارك يف ذلك املرتشحني الذين حازوا أكرب عدد من األصوات املعرب عنها ،ويعترب فائزا يف
الدورة الثانية املرش الذي حصل على أكثرية األصوات.
ليليه القانون رقم 07/91املؤرخ يف 05أفريل 1991املحدد للدوائر االنتخابية ،وبناء على هذا التقسيم اإلداري اجلديد ارتفع عدد
ُ
مقاعد الربملان من 295إىل 542مقعد.
1خالد توازي ،ا الظاهرة احلزبية يف اجلزائر ا ،رسالة ماجستري ،كلية العلوم السياسية واإلعالم :جامعة اجلزائر ،2006 ،ص .112
2اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية ،قانون رقم 9/91املؤرخ يف 17رمضان 1411ه ،املوافق 02أفريل ،1991يعدل ويتمم القانون رقم 13/89املؤرخ يف 7
أوت ،1989واملتضمن قانون االنتخاابت ،اجلريدة الر ية ،العدد ،14السنة الثامنة والعشرون ،الصادرة بتاريخ 03أفريل .1991
357
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
لكن ما يالحظ يف هذا التقسيم أنه أخذ املساحة اجلغرافية بعني االعتبار عوض الكثافة السكانية ،ومن مث فإن هذا القانون مهش املدن
حلساب األرايف ،وهذا ما حيمل دليال واضحا على كوهنا زايدة خصصت ملناطق نفوذ وشعبية النظام واحلزب احلاكم يف األرايف ومناطق
اجلنوب رغم الكثافة السكانية املنخفضة اليت تتميز هبا ،وابلتايل كانت هناك رغبة لضمان أغلبية برملانية مناسبة تسم بتمرير مشاريع
القوانني املختلفة وفقا لتوجهات النظام.
وعليه فإن هذين القانونني كاان حماولة من النظام لتنظيم الساحة السياسية وفق ما خيدم مصاحله وإسرتاتيجيته القائمة على استقراره يف
احلكم ،وتوجيه العملية السياسية من جهة وضرب القوة السياسية والتنظيمية للحزب الفائز يف االنتخاابت احمللية من جهة اثنية.
هذا ما أاثر ًردات فعل معارضة حملتوى هذين القانونني وكانت اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ من أكرب املعارضني هلما ،متهمة احلكومة
ابلتحيز جلبهة التحرير الوطين وتشكلت على إثرها جمموعة ( *) 7+1لتطالب رئيس اجلمهورية معادة النظر يف القانونني وهددت ابلقيام
ابإلضراب الذي تراجعت عنه بعد ذلك.
لكن عدم استجابة احلكومة ملطالب األحزاب املعارضة خاصة اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ،دفعها إىل إعالن إضراهبا السياسي ابتداء من
يوم 25ماي ،1991حيث نظمت مظاهرات ومسريات لكن سرعان ما حتولت إىل مواجهات بني املتظاهرين والشرطة ،انتهت بتدخل
اجليش مع محلة واسعة من االعتقاالت يف صفوف اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ يف آخر شهر جوان ،تداعت األحداث على حنو متسارع
فأعلنت احلكومة فرض حالة الطوارئ ملدة أربعة شهور وانتشرت قوات اجليش يف العاصمة ومت فرض حظر التجول فيها.1
نتيجة التطورات السياسية واألمنية وأمام الوضع املتأزم ( املذكور آنفا ) ،متت استقالة حكومة ا مولود محروش ا وتعويضها حبكومة
جديدة برائسة ا سيد أمحد غزايل ا ،اليت قامت بتعديل القانونني حمل اسالف وقدمتهما للربملان للمصادقة عليه يوم 13أكتوبر .1991
وقد تضمن التعديل ما يلي:
االعتماد على طريقة االقرتاع على االسم الواحد ابألغلبية يف دورتني.
ختفيض سن الرتش إىل 28سنة بدال من 30سنة.
مت ختفيض عدد مقاعد الربملان من 542إىل 430مقعد.
ختفيض عدد التوقيعات الالزمة للمرتش احلر من 500توقيع إىل 300توقيع ،مع أتكيد صحة عينة منها
قدرها 15 ( %5توقيع ) خيتارها رئيس اللجنة اإلدارية املكلفة ابالنتخاابت على مستوى الدائرة االنتخابية.
أما ابلنسبة لتقسيم الدوائر االنتخابية فقد مت كذلك ختفيض عدد الدوائر إىل 430دائرة انتخابية ،وقامت هذه التعديالت على
أساس حتديد الشرحية السكانية لكل مقعد اعتمادا على الكثافة السكانية ابلوالية وتقسيمه على كل مقعد ،كما مت إقرار عدم متثيل أية
والية أبقل من انئبني اثنني من جهة وكل دائرة انتخابية مبقعد على األقل من جهة اثنية.
* ومتثلت هذه األحزاب يف :احلركة من أجل الدميقراطية يف اجلزائر ،احلزب الوطين للتضامن والتنمية ،حزب التجديد اجلزائري ،التجمع من أجل الثقافة
والدميقراطية ،احلركة اجلزائرية للعدالة والتنمية ،حركة محاس ،حزب العمال زائد واحد (نعين هبا اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ) .
1عمرو عبد الكرمي سعداوي ،ا التعددية السياسية يف العامل الثالث :اجلزائر منوذجا ا ،جملة السياسة الدولية ،العدد ،138مركز األهرام للدراسات السياسية و
اإلسرتاتيجية :القاهرة ،أكتوبر ،1999ص .68
358
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
نتيجة هلذه التعديالت القانونية وتوفر الشروم التنظيمية الالزمة إلجراء االنتخاابت التشريعيةُ ،حدد اتريخ 26ديسمرب 1991
إلجراء االنتخاابت التشريعية مبوجب املرسوم الرائسي رقم 91/386الصادر بتاريخ 16أكتوبر ،1991وقررت اتريخ 12جانفي
1992إلجراء الدور الثاين من هذه االنتخاابت.
-)3قانون االنتخاابت رقم 07/97
بعد العودة إىل املسار االنتخايب وإىل العمل ابلدستور ،صدور قانون عضوي جديد خاص ابلنظام االنتخايب الذي مت تعديله مبوجب
األمر رقم 07/97املتضمن القانون العضوي املتعلق بنظام االنتخاابت ،الذي جيب أن خذ بصيغة االقرتاع النسيب ملى أداس القائمة
عوض نظام االقرتاع ابألغلبية يف دورتني ،و خذ بعني االعتبار الكثافة السكانية يف كل منطقة جغرافية والسماح للجزائريني يف اسار
اإلدالء أبصواهتم ،ومبقتضى هذه التعديالت اجلديدة مت تنظيم االنتخاابت التشريعية لسنة .1997
هذا النظام االنتخايب ،يضمن التمثيل جلميع األحزاب سواء كانت صغرية أو كبرية ،ألن عدد املرشحني يف القائمة يساوي عدد املقاعد
املمنوح لكل دائرة انتخابية ،كما حددت الدائرة االنتخابية يف حدود االواليةا على أقصى تقدير مع إمكانية تقسيم الوالية إىل عدة دوائر
انتخابية(*) أما فيما يتعلق بتوزيع املقاعد فإهنا توزع ابالستناد إىل املعامل االنتخايب ( النصاب ) ،يف حني أن األصوات واملقاعد املتبقية بعد
1
عملية توزيع املقاعد وفق النصاب ،فإهنا توزع على أساس قاعدة الباقي األقوى.
-4تعديل قانون االنتخاابت رقم 01/04
لقد واكبت االنتخاابت الرائسية لسنة 2004تغيريات كبرية يف مواقف املؤسسة العسكرية وإعالهنا مبدأ احلياد ،وقد صدر يف هذا
الشأن القانون رقم 01/04املعدل واملتمم لألمر 07/97املتضمن القانون العضوي املتعلق ابالنتخاابت ،2و تضمن من التعديالت ما
ُ
مس بشكل مباشر أحد األدوار اليت كان يقوم هبا اجليش يف العملية االنتخابية ،من خالل إلغاء مكاتب التصويت اساصة أبفراد اجليش
الوطين الشعيب وأجهزة األمن املختلفة من مقرات عملهم ،وكانت خمتلف األحزاب والفواعل السياسية يف اجلزائر منذ سنوات تطالب ملغاء
املكاتب اساصة بعناصر اجليش الوطين ،على اعتبار أهنا تساعد السلطة يف التالعب بصناديق االقرتاع ،و عليه فقد اعترب هذا اإلجراء سعيا
حقيقيا سلق وتوفري اجلو املالئم لتجسيد موقف اجليش املعلن من الرائسيات ،وهو ما أنبأ بوجود تغيري يف املسار والتموقع السياسي
للمؤسسة العسكرية بظهور بوادر عالقات جديدة بني مؤسسيت الرائسة والدفاع.
(*)املعامل االنتخايب لكل دائرة انتخابية هو :عدد األصوات الصحيحة املعربة عنها يف كل دائرة انتخابية على /عدد املقاعد املخصصة هلا.غري أنه يف اجلزائر
ابإلضافة إىل حاصل القسمة ،حتذف أصوات القوائم اليت مل حتصل على % 5من األصوات الصحيحة املعرب عنها.
1األمر رقم 07/97مؤرخ يف 06مارس، 1997املتضمن القانون العضوي املتعلق ابالنتخاابت ،املواد( ،) 103، 102، 101اجلريدة الر ية ،العدد،12
،1997ص104، 105
2اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،قانون عضوي رقم 01/04مؤرخ يف 16ذي احلجة ،1424املوافق 07فرباير ،2004يعدل ويتمم األمر رقم
07/97املؤرخ يف 27شوال ،1417املوافق 6مارس ،2004واملتضمن القانون العضوي املتعلق بنظام االنتخاابت ،اجلريدة الر ية ،العدد ،09الصادرة
بتاريخ 11فرباير ،2004ص .21
359
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
كما عدلت (املادة ) 88من األمر 07/97واساصة بتنظيم وتشكيل اللجنة االنتخابية على املستوى الوالئي يف سنة 2004اليت
كانت تتألف من 03قضاة يعينهم وزير العدل إىل :رئيس يعينه وزير العدل برتبة مستشار وانئب رئيس ومساعدين اثنني يعينهم الوايل من
بني انخيب الوالية ،كما تعترب أعماهلا وقراراهتا اإداريةا قابلة للطعن أمام اجلهة القضائية وفق ما ورد يف (املادة .1)19
يف حني عدلت (املادة ) 82من األمر (، 07/97املتعلق ة بشروم قبول قائمة املرشحني املقدمة من حزب سياسي أو القوائم احلرة يف
نوفمرب ،2007واستبدلت (ابملادة ) 02اليت اشرتطت يف اعتماد القوائم اجلديدة حىت تتمكن من الرتش أن تكون معتمدة من طرف
حزب سياسي أو عدة أحزاب على أن تكون هذه األحزاب قد حتصلت على األقل على ( ) % 04من األصوات الصحيحة وذلك على
األقل يف 25والية على األقل أي أكثر من 2/1أي ( )1 %+50من عدد الوالايت .ودون أن يقل هذا العدد عن 2000صوت
2
صحي يف كل والية.
-5قانون االنتخاابت رقم 01/12
مع بداية سنة 2012مت إصدار جمموعة من اإلصالحات السياسية ،وذلك مبراجعة العديد من القوانني العضوية املنظمة للحياة السياسية
3
وعلى رأسها قانون االنتخاابت ،حيث شكل القانون العضوي رقم 01/12املؤرخ يف 12يناير 2012واملتعلق ابلنظام االنتخايب
أساسا لعملية اإلصالح السياسي ،وجاء هذا القانون وقوفا عند رغبة األحزاب السياسية يف ضرورة تعزيز ضماانت نزاهة العملية االنتخابية،
حيث أدخلت آليات جديدة يف جمال الرقابة على العمل االنتخايب الذي من شأنه أن يوفر األجواء املناسبة إلجراء االنتخاابت يف أجواء
التنافس السياسي النزيه ،ويقوي من مصداقية العملية االنتخابية ويعطيها صفة الشفافية ،وجتسيدا هلذا املسعى أدخلت بعض التعديالت
أمهها اعتماد منط ا االقرتاع النسيب على القائمة املغلقة ا ابلنسبة للمجالس الشعبية احمللية (البلدية والوالئية) ،واجمللس الشعيب الوطين.
كما توزع املقاعد وفق هذا القانون اجلديد ،ابلتناسب وعدد األصوات اليت حتصلت عليها كل قائمة ،بتطبيق قاعدة الباقي
األقوى على املقاعد اليت تبقى شاغرة بعد توزيع األويل .وهو ما يوض أن القانون العضوي اجلديد لالنتخاابت مل يغري منط االقرتاع بل
حافظ على نفس النمط الذي اعتمده يف سنة .1997اجلديد يف هذا القانون هو استحداث ا اللجنة الوطنية ملراقبة االنتخاابت ا ،وهي
جلنة مستقلة تتشكل من ممثلي األحزاب السياسية املشاركة يف االنتخاابت ،إضافة إىل ممثلي املرتشحني األحرار* ،كما مت إنشاء ا اللجنة
الوطنية لإلشراف على االنتخاابت ا** املستقلة عن وصاية وزارة الداخلية واجلماعات احمللية واملشكلة من قضاة يعينهم رئيس اجلمهورية،
وميلكون صالحيات البث يف النزاعات حبيادية ومهنية.
1اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،القانون العضوي ، 01/04املؤرخ يف 07فرباير ،2004يعدل ويتمم األمر رقم، 07/97املؤرخ يف 06مارس ،1997
واملتضمن القانون العضوي املتعلق بنظام االنتخاابت ،املادة ، 19اجلريدة الر ية ،العدد ،2004، 09ص.05
2بن سليمان عمر ،مرجع سابق ،ص.162
3اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية ،القانون العضوي رقم 01/12مؤرخ يف 18صفر عام ،1433املوافق 12يناير سنة ،2012يتعلق بنظام االنتخاب،
اجلريدة الر ية ،العدد األول ،السنة التاسعة واألربعون ،الصادرة بتاريخ 14يناير سنة ،2012ص .09
* أنظر املواد 173-172-171من القانون العضوي رقم 01/12املتعلق بنظام االنتخاابت ،وفيما خيص صالحيات اللجنة الوطنية ملراقبة االنتخاابت أنظر
املواد من املادة 174إىل املادة 181من نفس القانون العضوي.
** فيما خيص تشكيل اللجنة الوطنية لإلشراف على االنتخاابت ومهامها أنظر املواد 170-169-168من القانون العضوي رقم 01/12املتعلق بنظام
االنتخاابت.
360
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
ومن بني املسائل اليت عدلت كذلك يف إصالح املنظومة االنتخابية تتمثل يف توسيع من عدد املقاعد الربملان من 380إىل
،462وهذا لالستجابة لعدد األحزاب السياسية اجلديدة بعد إصالح املنظومة احلزبية سنة ، 2012غري أنه مل يتغري توزيع املقاعد ابلنسبة
لعدد السكان ،فقد بقي لكل دائرة انتخابية فيها 80.000نسمة مقعد واحد.
نتيجة إلحصاء جديد ولالنسجام مع عدد السكان ،كما أن عدد املقاعد هذا دليل على أن التقسيم اجلديد للدوائر االنتخابية ،مل
اإلضافية يف الربملان مل تضاف لنفس السبب السابق ،وإمنا لالستجابة لعدد األحزاب اجلديدة اليت بلغ عددها حوايل 56حزب ،هذا من
جهة ،ومن جهة اثنية ،جاء هذا التعديل يف عدد الدوائر االنتخابية ومقاعد الربملان ،لتفعيل منط االقرتاع النسيب ابلقائمة املغلقة ،الذي
أنتج أغلبية يف الربملاانت السابقة منذ اعتماده يف 1997رغم نسبيته ،وابلتايل إعطاء فرصة لألحزاب الصغرية واجملهرية يف التمثيل ،إذ لن
1
تتمكن من ذلك يف ظل نظام األغلبية ،أو دون دخوهلا يف حتالفات أو حزبية أو انتخابية.
-6القانون االنتخايب اجلديد رقم10/16
يتعلق القانون العضوي رقم 10-16املؤرخ يف 25أغسطس/آب 2016بتنظيم االنتخاابت يف اجلزائر ،وأفضت اإلصالحات اليت
جاء هبا التعديل الدستوري لسنة 2016إىل إعادة النظر يف أحكام القانون العضوي املتعلق بنظام االنتخاابت لعام 2012من خالل
إدرا أحكام من شأهنا ضمان انزاهة العمليات االنتخابية وشفافيتهاا ،واستحداث هيئة عليا مستقلة تكلف برقابة االنتخاابت .ويتكون
القانون اجلديد من 225مادة ،لكن أكثرها إاثرة للجدل املاداتن 73و ،94ومها تشرتطان احلصول على نسبة %4يف آخر انتخاابت
نيابية أو حملية جرت يف البالد لدخول السباق جمددا ،وإما من طرف األحزاب السياسية اليت تتوفر على عشرة ( ) 10منتخبني على
األقل يف الدائرة االنتخابية املرتش فيها ،وهو أمر سيرتتب عليه حرمان عدد كبري من األحزاب من دخول االقرتاع.
ويف حالة تقدمي قائمة من طرف حزب ال يتوفر فيه أحد الشرطني املذكورين أعاله ،أو حتت رعاية حزب سياسي يشارك ألول مرة يف
االنتخاابت ،أو يف حالة تقدمي قائمة حرة فإنه جيب أن يدعمها على األقل مائتان ومخسون ( ) 250توقيعا من انخيب الدائرة االنتخابية
املعنية فيما خيص كل مقعد مطلوب شغله ( ابلنسبة للمجلس الشعيب الوطين ) ،وعلى األقل خبمسني ( )50توقيعا من انخيب الدائرة
2
االنتخابية ( ابلنسبة للمجالس الشعبية البلدية والوالئية ).
وابلنسبة النتخاب رئيس اجلمهورية ،فيكون وفق املادة 137ابالقرتاع على اسم واحد يف دورين ابألغكلبية املطلقة لألصوات
املعرب عنها ،وإذا مل حيرز أي مرتش (املادة )138عكلى األغلبية املطلقة لألصوات املعرب عنها يف الدور األول ينظم دور ٍ
اثن ،وال يشارك يف
الدور الثاين سوى املرتشحني االثنني اللذين أحرزا أكرب عدد من األصوات يف الدور األول.
وتقضي املادة 144يف القانون العضوي لعام ،2016على اأن املرش لالنتخاابت لن يقبل انسحابه ولن يؤخذ بعني االعتبار بعد أن
يسجل ابجمللس الدستوريا ،وملا يكون هناك اعائق خطريا أو اموت املرش ا بعد أن يتم مراجعة القائمة من قبل اجمللس الدستوري
361
اجمللة اجلزائرية للحقوق والعلوم السياسية /معهد العلوم القانونية واإلدارية /املركز اجلامعي أمحد بن حيي الونشريسي تيسمسيلت ،اجلزائر
المجلد الثالث /العدد الخامس /جوان /2018الرقم الدولي الموحد للدورية "ردمد"ISSN: 2507-7635 :
ونشرها يف اجلريدة الر ية ،يتم أتجيل موعد االنتخاابت يف مهلة أقصاها 15يوماا ،وهذا لتجنب تكرار سيناريو االنتخاابت الرائسية يف
1999عندما انسحب مجيع املرشحني املنافسني للرئيس بوتفليقة.
وقد جاء القانون صرحيا حيث مت حذف املادة 80من القانون السابق و استبداهلا ابملادة 65من قانون البلدية اليت تنص على أن
املرش يف رأس القائمة اليت حتصلت على أغلبية األصوات هو من يفوز برائسة البلدية عكس املادة 80سابقا و اليت أعطت احلق
للتحالفات و كانت اغلبها حتالفات غري طبيعية و هذا ما أجنر عنه العديد من االنسداد و حاالت الالستقرار يف اجملالس الشعبية البلدية .
كما ال ميكن التسجيل يف نفس قائمة الرتشي ألكثر من مرتشحني اثنني ( )2ينتميان إىل أسرة واحدة ابلقرابة أو ابملصاهرة أومن
الدرجة الثانية.
احملور الثالث
تقييم دور اإلصالح االنتخايب يف تفعيل النظام السيادي اجلزائر
من املعلوم أن لألنظمة االنتخابية أاثر على مستوى التمثيل وعلى مستوى أداء األحزاب داخل الربملاانت ،إضافة على مستوى
استقرار احلكومات من عدم استقرارها،على اعتبار أن لكل نظام انتخايب اجيابيات وسلبيات ،ومن مث فاهلدف من عملية إصالح النظام
االنتخايب هتدف بدرجة أوىل إىل تفادي سلبيات النظام االنتخايب السابق .فمن الناحية النظرية جند أن نظام األغلبية يؤدي إىل إفراز جمالس
منتخبة منسجمة نوعا ما ،فهذا النظام االنتخايب يقرتن يف غالب األحيان ابلثنائية احلزبية أو مبشاركة عدد قليل من األحزاب السياسية اليت
تتكتل ملواجهة وتسيري الدور الثاين من االنتخاابت مما ميكن من إفراز جمالس منتخبة تتكون إما من حزبني يتمتع أحدمها ابألغلبية واآلخر
يتخندق يف املعارضة أو من عدد قليل من األحزاب السياسية ،مما حيقق هلذه اجملالس انسجامها ،أما نظام التمثيل النسيب فهو يشجع
مشاركة عدد معترب من األحزاب السياسية يف االنتخاابت وابلتايل إفراز جمالس منتخبة تتكون من عدد من األحزاب السياسية قد يفقد
تلك اجملالس انسجامها 1.ومع جتربة اجلزائر يف تطبيق منط النظام االنتخايب املختلط يف أول انتخاابت حملية تعددية شهدهتا اجلزائر يف
جوان ،1990أحدث هذا النظام ال مساواة يف التمثيل ،وتسبب يف اختالل واض على مستوى متثيل األحزاب ،حيث ساعد على بروز
حزب سياسي واحد وهو حزب اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ وضيق من متثيل األحزاب الصغرية.
كما أن تطبيق نظام األغلبية يف دورين يف أول انتخاابت تشريعية يف 26ديسمرب ،1991كان له دور ابرز يف حصر األحزاب
السياسية يف اجلزائر ،كما يتض عدم عدالة النظام االنتخايب الذي ساهم يف تشويه اجلانب التمثيلي لألحزاب ابلفوز املطلق حلزب اجلبهة
اإلسالمية لإلنقاذ أبغلبية املقاعد الربملانية يف الدور األول من االنتخاابت ،ونتيجة السلبيات السابقة اعتمدت اجلزائر نظام التمثيل
النسيب ،بديال عن نظام االنتخاب ابألغلبية وكان ذلك مبوجب القانون رقم ،07/97ذلك أن تطبيق نظام التمثيل النسيب يساهم يف متثيل
موسع ومتنوع لألحزاب السياسية ،كما أنه يعطي على مستوى املشاركة السياسية دورا أكرب للمواطن يف حتديد اسارطة السياسية ،واستطاع
هذا النظام أن يؤمن احملافظة على األحزاب السياسية وينميها ،وذلك برتسيخ مفهوم التنافس السياسي املشروع انطالقا من أول انتخاابت
تشريعية تعددية يف اجلزائر سنة ، 1997حيث أدى إىل تغيري اسارطة السياسية ،وذلك بتشجيع مشاركة أكرب عدد من األحزاب
هلا أبن تكون ممثلة على مستوى اجملالس املنتخبة وفقا ملا يقتضيه النظام الدميقراطي. السياسية،
وعلى الرغم من أن نظام التمثيل النسيب قد شجع على مشاركة عدد كبري من األحزاب يف خمتلف االنتخاابت منذ ،1997
ومتثيلها على مستوى اجملالس املنتخبة الوطنية مع التفاوت يف عدد املقاعد لكل حزب حسب حجمه الشعيب ،شجع على مشاركة كل
ابحلصول على متثيل صادق للرأي العام ،وجعل لباقي األحزاب املشاركة مكان داخل قبة الربملان ،بل حىت االجتاهات السياسية ،و
األقليات متكنت من أن جتد هلا مكاان داخل اجملالس املنتخبة ولو بعدد ضئيل ،1لكن املالحظ أن نظام التمثيل النسيب استفاد منه احلزب
الذي ينتمي إىل التيار الوطين ،حيث أبقى على سيطرة حزب جبهة التحرير الوطين على أغلبية املقاعد داخل اجملالس املنتخبة.
ويف ذات السياق بينت االنتخاابت يف اجلزائر منذ سنة ، 1990كيف أثر النظام االنتخايب على تناسبية التمثيل ،كما أن إحالل نظام
انتخايب معني مكان نظام آخر يؤدي دائما إىل نتائج خمتلفة ،ففي ظل نظام االنتخاب النسيب على القائمة يكون عدد املقاعد احملصل
عليها من طرف كل حزب أكثر تناسبا مع عدد األصوات اليت حصل عليها هذا األخري ،و جتسد ذلك يف تشريعيات سنة 1997و
2002و ، 2007وهذا مقارنة مع ما كان يف سنة ، 1991حبيث أدى اعتماد النظام الفردي بدورين إىل عدم التناسب بني عدد
2
األصوات اليت حتصل عليها كل حزب و عدد املقاعد اليت عادت هلذا األخري.
من بني أبرز سلبيات النظام االنتخايب اجلزائري أيضا ،يتمثل يف شكل احلكومة النامجة عن هذا النوع من االنتخاابت وهي ما
يعرف ابحلكومة االئتالفية ،وما تطرحه من إشكاليات وتناقضات ،فاحلكومة االئتالفية تتألف من وزراء من تيارات حزبية ختتلف من حيث
3
االجتاه وكذا من حيث الربامج ،هذا ما يطرح إشكالية أي برانمج حزيب يطبق يف ظل هذا االئتالف املشكل.
أال يعترب هذا األمر حتايال على ملواطن الذي صوت للربانمج الذي قدم له مث جيد نفسه يف األخري بدون رأي ،وال يوجد له متثيل
حقيقي سواء على اجملالس املنتخبة ،ويف هذا كله هترب من املسؤولية وابلتايل عدم إمكانية حماسبة احلكومة عن مدى تطبيقها لربانجمها
السياسي .وابلتايل ميكن القول أن النظام االنتخايب يف اجلزائر أثبت فشله يف كل مرحلة من مراحل تطوره وهو األمر الذي كان له عميق
4
األثر على النظام السياسي وطبيعة وفعالية نظام احلكم ابألساس.
هلامتة:
من خالل ما مت عرضه تبني أن النظام االنتخايب يف اجلزائر ،الزال يعاين عدة مالبسات نتيجة عدم معرفة الفاعلني والظروف
املؤسسية اليت أنتجت هذا النظام االنتخايب فالنظام االنتخايب اجلزائري ،ليس حمصلة نقاشات حزبية ومفاوضات ومساومات مما جيعلها
تراعي العدالة يف املنافسة ويف التمثيل ،وإمنا يعرب عن سلسلة من اإلصالحات السياسية املتتالية ،اليت ابدرت هبا السلطة واألحزاب املوجودة
يف السلطة واملسيطرة على الربملان ابنفراد دون إشراك ابقي األحزاب السياسية ،مما جيعلها متحيزة و غري مطابقة واملعايري الدولية املنصوح
أخذها بعني االعتبار عند اعتماد نظام انتخايب .وهذا ما أنتج جمالس متثيلية تعددية مع حزب مهيمن على أغلبية املقاعد.
363