You are on page 1of 10

‫أنت اآلن تستخدم خاصية دخول ضيف (دخول)‬ ‫)‪P.E.

D (CSRICTED‬‬

‫فلسفة التربية ‪ 1 - 2‬ماستر علم االجتماع التربية ‪ -‬الدكتور شداد عبد الرحمان‬
‫الصفحة الرئيسية ← تصنيف المقررات الدراسية ← ]‪← Faculté des Sciences Sociales et Humaines (FSSH) ← Année universitaire 2022-2023 [S1‬‬
‫‪( ← Semestre 2 ← Master 1 ← Département de Sociologie et démographie‬ف‪.‬تر)‬

‫منتدى األخبار‬

‫‪.‬‬

‫جامعة الجلفة‬
‫كلية العلوم اإلنسانية واإلجتماعية‬

‫قسم علم اإلجتماع والديمغرافيا‬


‫‪-‬دروس مقياس‪-‬‬

‫"فلسفة التربية ‪"2‬‬

‫السنة األولى ماستر علم اإلجتماع التربية‬


‫الدكتور‪ .‬شداد عبد الرحمان‪.‬‬

‫‪2022-2021‬‬

‫قائمة المراجع المستخدمة‪:‬‬


‫مصادر المادة العلمية‪:‬‬

‫‪-‬محاضرات في مساق "مدخل في العلوم التربوية والسلوكية"‪ ،‬األستاذ‪.‬إياد علي الدجني‪.2010 ،‬‬

‫‪-‬مدخـل إلى علوم التربية‪ ،‬إعداد األسـتاذيــن‪ :‬كمـال عبـد اللــه‪ ،‬عبـد اللـه قـلــي‪.‬‬

‫‪-‬اإلتجاه الطبيعي الروسوي في فلسفة التربية الحديثة‪ ،‬أمال كريبع‪ ،‬مبروكة القوقي‪2016 ،‬‬

‫‪-‬فلسفة التربية اإلسالمية "دراسة مقارنة بين فلسفة التربية اإلسالمية والفلسفات التربوية المعاصرة"‪ ،‬ماجد عرسان الكيالني‪.1987 ،‬‬

‫‪ -‬مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها‪ ،‬علي أحمد مدكور‪.2001 ،‬‬

‫‪-‬الفكر التربوي عند بن سينا‪ ،‬محمود عبد اللطيف‪.2009 ،‬‬

‫تقديم‪:‬‬
‫تعد التربية من الموضوعات التي القت اهتمام الفالسفة وعلماء النفس واالجتماع وغيرهم‪ ،‬حيث تعد التربية أحد الركاز التي تقوم عليها المجتمعات إما قديما أو حديثا‪ ،‬مهما كانت‬
‫طبيعة المجتمع أو الدولة أو نظام الحكم‪ ،‬حيث أن كال منهم يعمل على تخريج الفرد الصالح لخدمة النظام السائد بما يتوافق والقيم التي يقوم عيها‪.‬‬

‫لذلك نجد أن هاته األنظمة بمختلف توجهاتها وأصنافها البد أن ترتركز على فلسفة معينة يتم من خاللها بناء نظام تربوي وتعليمي يكون هو األساس الذي يتم تلقينه من جيل إلى‬
‫جيل‪ ،‬وذلك حسب ما يمكن أن يجعل من الفرد عنصرا فاعال لذلك المجتمع أو تلك الدولة‪.‬‬
‫هنا نجد اإلرتباط الشديد بين كل من الفلسفة والتربية وال يكادان ينفصالن‪ ،‬حيث تعد فلسفة التربية تطبيق منهج ونظرة الفلسفة على التربية؛ بسبب دورها في تحديد الطريق‬
‫الخاص بعملية التربّي ة‪ ،‬كما ُت مّث ُل فلسفة التربّي ة الجهد الُم ستخدم في تنفيذ األفكار الفلسفّي ة في بيئة التربية‪ ،‬أو السعي إلى نشر نظرة الفلسفة العامة ضمن المكونات الخاصة بالتربية؛‬

‫مع كل ما تقدم سنقوم ضمن هاته المحاضرات ِتباعًا أن نتطرق إلى أهم الفلسفات التربوية التي ظهرت عبر التاريخ وضمن منظورات مختلفة حسب كل مدرسة أو مذهب أو فيلسوف‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :1‬فلسفة التربية اإلسالمية‪.‬‬


‫التربية اإلسالمية في بعدها الفلسفي‪:‬‬

‫من أهم ما يمّي ز الفلسفة التربوية هو نظرتها للكون واإلنسان والحياة وتلبيتها لجميع احتياجات اإلنسان من دون االقتصار على الجانب العقلي أو الجسدي أو الروحي فقد شملت جميع جوانب الحياة بجميع مراحل نمو‬
‫اإلنسان من المهد وحتى الوفاة‪.‬‬

‫التربية في أي مجتمع هي تطبيق أمين للثقافة التي ارتضاها المجتمع ألفراده‪ .‬فهي انعكاس للثقافة وترجمة لها‪ ،‬إذ ال يمكن أن تكون التربية مستقلة عن الفلسفة السائدة في المجتمع‪ .‬وهذا قانون يطال أية تربية كانت‪،‬‬
‫إذ من المسّلم به عند المختصين أن التربية ليست عملية محايدة أو موضوعية مستقّلة‪ .‬وال بّد لكل تربية من أيديولوجية أو فلسفة تكون حاضنة لها وراسمة أبعادها‪ .‬فالتربية القومية غير التربية الوطنية غير التربية‬
‫الدينية‪ .‬كما أن التربية في المجتمعات الشيوعية هي غيرها في المجتمعات الليبرالية وهكذا دواليك‪.‬‬

‫والفلسفة اإلسالمية هي تطبيق للتصّو ر اإلسالمي عن اهلل والكون واإلنسان والوجود‪ .‬وأما تطبيقاتها التربوية أو ما يمكن أن ُن طلق عليه "الفلسفة التربوية اإلسالمية" فيقصد بها تطبيق المنهج اإلسالمي على التربية‪.‬‬
‫فهي النشاط الفكري اإلسالمي الذي يعمل على تنظيم العملية التربوية وتنسيقها وتوضيح الِق َي م واألهداف التي تسعى لتحقيقها‪ .‬ولهذا تستمد الفلسفة اإلسالمية تصّو راتها من القرآن والُّس نة لحقيقة اإلنسان وموقعه من‬
‫الكون‪ ،‬وموقع كليهما من الخالق لهما‪ .‬فهي تؤمن بأن اهلل واحد أحد‪ ،‬منه صدر كل شيء‪ ،‬وإليه يعود‪ ،‬وأنه خلق الكون وجعله غيبًا وشهودَا ‪ ،‬وخلق اإلنسان لعبادته‪ ،‬وجعله خليفة في األرض إلعمارها وترقية الحياة على‬
‫ظهرها‪ ،‬وفق منهجه وشريعته‪ ،‬وخلق الحياة دنيا وآخرة‪ ،‬وجعلهما متكاملتين‪ ،‬ال بديلتين وال نقيضتين‪( .‬انظر‪ :‬علي مدكور‪ ،‬مناهج التربية‪ :‬أسسها وتطبيقاتها‪ ،‬ص ‪ .)34‬وهي بهذا المعنى منهج ونظام للحياة‪ ،‬توّج ه‬
‫اإلنسان والمجتمع في سلوكه وعالقاته وارتباطاته‪ ،‬ونظمه ومؤسساته المختلفة‪.‬‬

‫والفلسفة اإلسالمية هي نظام يقوم بالتركيز على الكون واإلنسان والحياة وما بينهم من عالقة تفاعل‪ .‬والحياة في هذه الفلسفة ليست سوى معبر للحياة األخرى بعد الوفاة‪ .‬وتعمل الفلسفة التربوية اإلسالمية على بقاء‬
‫النوع البشري من خالل إحكام عالقات اإلنسان بالخالق والكون والحياة واآلخرة‪ ،‬ومن خالل تصّو رها األشمل للحاجات اإلنسانية الجسدية والمعنوية ثم تكامل هذه الحاجات المعنوية‪( .‬أنظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)34‬‬

‫ومن أهم ما يمّي ز الفلسفة التربوية هو نظرتها للكون واإلنسان والحياة وتلبيتها لجميع احتياجات اإلنسان من دون االقتصار على الجانب العقلي أو الجسدي أو الروحي فقد شملت جميع جوانب الحياة بجميع مراحل‬
‫نمو اإلنسان من المهد وحتى الوفاة‪.‬‬

‫وتنبثق فلسفة التربية اإلسالمية من عقيدة التوحيد اإلسالمية‪ ،‬وهي تعمل على الوصول إلى غايتين أساسيتين هما‪ :‬بقاء اإلنسان ثم االرتقاء بهذا اإلنسان إلى المستوى الذي يليق بمكانته بالوجود‪.‬‬

‫ويتحّق ق لإلنسان الخلود ثم الرقّي حين تتشّكل عالقاته بالخالق والكون واإلنسان والحياة واآلخرة على الشكل التالي (أنظر‪ :‬ماجد عرسان الكيالني‪ ،‬فلسفة التربية اإلسالمية‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بيروت‪ ،1987 ،‬ص‬
‫‪ 77‬وما بعدها)‬

‫العالقة بين اإلنسان وبين الخالق هي‪ :‬عالقة عبودية‪.‬‬


‫العالقة بين اإلنسان وبين الكون هي‪ :‬عالقة تسخير‪.‬‬
‫العالقة بين اإلنسان وبين اإلنسان‪ :‬عالقة عدل وإحسان‪.‬‬
‫العالقة بين اإلنسان وبين الحياة هي‪ :‬عالقة ابتالء (أي االمتحان أو االختبار)‪.‬‬
‫العالقة بين اإلنسان وبين اآلخرة هي‪ :‬عالقة مسؤولية وجزاء‪.‬‬
‫كذلك حّد دت فلسفة التربية اإلسالمية الوسائل المعرفية الموِص لة إلى تطوير األدوات الالزمة لتحقيق الغايات‪ .‬وتمركزت هذه الوسائل حول تضافر كل من الوحي والعقل والحواس للوصول إلى المعرفة الصحيحة‬
‫وتحويلها إلى تطبيقات وممارسات بتأثير عوامل أربعة (أنظر‪ :‬الكيالني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 255‬وما بعدها) هي‪:‬‬

‫األول‪ :‬عامل عقائدي هو تحديد الصلة القائمة بين الخالق المربي وبين اإلنسان المخلوق‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عامل اجتماعي وهو بلورة العالقة وأنماط السلوك في الدائرة اإلنسانية التي ينتمي إليها إنسان التربية اإلسالمية وهي دائرة شملت جميع أفراد النوع اإلنساني‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬عامل مكاني وهو أسلوب العيش على الرقعة المكانية وهي رقعة شملت الكرة األرضية كلها والكون المحيط‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬عامل زماني وهو مراعاة الُب عد الزماني لُع مر اإلنسان وهو ُبعد يبدأ في الدنيا ويمتد إلى اآلخرة عبر مستقبل ال يتناهى‪.‬‬

‫ولما كان اإلسالم هو المنهج الرباني المتكامل المواتي لفطرة اإلنسان‪ ،‬والذي أنزله اهلل لصياغة الشخصية اإلنسانية صياغة متزنة متكاملة‪ ،‬تحقق العدالة في المجتمع اإلنساني‪ ،‬واستخدام قوى الطبيعة استخدامًا متزنًا‬
‫لمصلحة اإلنسان في جميع جوانب الحياة وجدنا أن التربية اإلسالمية أصبحت ضرورة حتمية‪ ،‬وقضية إنسانية هدفها بناء اإلنسان وتربيته والعناية به وتمكينه من التغلب على قوى الطيبعة وتكييفها بحيث تصبح‬
‫مالئمة لحياته‪.‬‬

‫عنى الباحثون في التربية اإلسالمية بالحديث عن أهدافها على وجه العموم‪ ،‬دون تفرقة بين عصر وعصر‪ ،‬أو بين مفكر وآخر‪ ،‬وقد كان التعليم عند المسلمين يرمي إلى عدة جوانب منها ‪:‬‬

‫‪ -‬الجانب االجتماعي‪ :‬ويهدف إلى نيل المكانة في المجتمع‪ ،‬إذ العلم شرف لصاحبه يرفع قدره بين الناس درجات ودرجات‪.‬‬

‫‪ -‬الجانب العقلي‪ :‬والغرض منه دراسة العلم لذات العلم لما في ذلك من متعة عقلية ولذة روحية ال تقدر بغيرها من الملذات‪.‬‬

‫‪ -‬الجانب الديني‪ :‬الغرض منه تعليم الناس آداب الشريعة والفقه في الدين والتأدب بآداب القرآن والسنة‪.‬‬

‫‪ -‬الجانب المادي أو النفعي والغرض منه كسب الرزق‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :2‬نماذج من مفكري التربية المسلمين (القابسي)‪.‬‬


‫‪/1‬القابسي وآراؤوه التربوية‪:‬‬

‫ولد سنة (‪324‬هـ_‪936‬م)‪ -‬توفي سنة (‪403‬هـ_‪1012‬م)‬

‫ولد أبو الحسين علي بن محمد القابسي في القيروان وتلقى علومه فيها‪ ،‬وارتحل على الحجاز‪ ،‬واقام في مصر فترة من الزمن حيث اخذ من احد علماء االسكندرية ودرس على يد عدد كبير‬
‫من شيوخ المغرب العربي‪ .‬وقد اعترف له اهل عصره بالعلم والنزاهة والتقوى والقناعة‪ ،‬وتوفي في القيروان‪.‬‬

‫أشهر مؤلفاته‪ :‬كتاب(احوال المتعلمين واحكام المعلمين والمتعلمين)‪.‬‬

‫‪/2‬آراؤه التربوية‪:‬‬

‫يعتبر القابسي مرجعا أصيال للتربية االسالمية‪ ،‬من حيث عنى بتربية األطفال‪ ،‬باعتبار تربية الطفل تمثل القاعدة االساسية في التربية اإلسالمية‪ ،‬ولما كانت البيئة االجتماعية في عصره بيئة‬
‫دينية خالصة‪ ،‬فقد تأثرت اراؤه ببيئته وعلمه‪ ،‬فيرى أن الدين يهيأ األطفال ويعدهم لحياة أفضل‪ .‬وهو األساس للتربية االسالمية‪.‬‬

‫وقد تميز القابسي بالتطرق لموضوعات وقضايا تربوية لم يسبقه أحد إليها ومازالت لوقتنا الحاضر محور اهتمام األنظمة التربوية‪.‬‬
‫‪-‬أهم أراء القابسي التربوية‪:‬‬

‫‪ -‬غرض التربية‪ :‬يرى القابسي ان الغرض من التربية هو اعداد الطفل ةتنشئته على تعاليم الدين االسالمي ليكون انسانا صالحا في حياته واخرته فتتم عملية االعداد بارسال األطفال للكتاب‬
‫حيث يتعلمون حفظ القران الكريم‪ ،‬ثم يتعلمون الكتابة والنحو واللغة العربية‪ ،‬ومن ثم يتعلمون الحساب والشعر واخبار العرب وغيرها من العلوم النافعة المتربطة بحياتهم‪.‬‬

‫‪ -‬منهج التربية‪ :‬ينقسم المنهج في نظر القابسي الى منهجين‪ :‬هكا المنهج االجباري ومن محاوره القران الكريم والنحو والقراءة والكتابة‪ ،‬والمنهج االختياري ويشتمل الحساب والعربية‬
‫والتعمق في النحو والعربية والشعر وايام العرب‪ ،‬وال يقبل القابسي التهاون في تعليم القران الكريم‪ ،‬باعتباره الموجه والمصدر الرئيس لثقافة االمة وحياتها‪ ،‬وال يرى مانعا من تعليم الناشئة‬
‫العلم والصنعة التي تساعده على الحياة الكريمة‪ ،‬وبذلك يمكن أن يجمع المتعلم بين الغرض الديني‪ ،‬وهو التفقه في الدين‪ ،‬والغرض الدنيوي وهو اكتساب العلم واتقان العلم‪.‬‬

‫‪ -‬إلزامية التعليم‪ :‬لم يحدد القابسي سنا معينا للبدء بتعليم الطفل‪ ،‬لكنه ألزم الوالد في البحث عن مكان لتعليم ابنه‪ ،‬واعتبر (بيت المال) مسؤوال عن تعليم من ال يستطيعون االلتحاق‬
‫بالكتاب‪ ،‬ويعتبر هذا المبدأ األول من نوعه باعتبار التربية حقا للطفل‪ ،‬يتحمل مسؤوليته كل من الوالد والمجتمع‪ ،‬وهو اتجاه معاصر تأخذ به بعض الدول المتقدمة في المجال التربوي‪.‬‬

‫‪ -‬ديمقراطية التعليم‪ :‬يرى القابسي ان التعليم حق للجميع دون استثناء‪ ،‬بل كان يرى ضرورة تعليم جميع ابناء المسلمين في مكان واحد‪ ،‬وان يتلقوا العلم عن معلم واحد‪ ،‬حرصا منه على‬
‫توفير مستوى واحد من التعليم للجميع‪ ،‬ومعاملة واحدة لجميع األطفال‪ ،‬كما ذهب الى ضرورة مكافاة المعلم بما يمكنه من التفرغ لتالميذه تفرغا تاما يحول دون انشغاله باي أمر من األمور‬
‫المعيق للتدريس‪ ،‬ويعتبر هذا المفهوم تعبيرا عن مفهوم شمولي لديمقراطية التعليم من حيث تكافؤ فرصة للجميع ونوعيته ومستواه‪.‬‬

‫‪ -‬اإلختالط بين الجنسين‪ :‬يعتبر القابسي اول من تعرض للفصل بين الجنسين في التعليم من اجل توفير جو يسوده االطمئنان انلفسي لدى المتعلمين‪ ،‬ذكورا وإناثا وذهب به الحرص على‬
‫األطفال إلى القول بضرورة مراعاة العمر الزمني لالطفال‪ ،‬وعدم الخلط بين الصغار والكبار من المتعلمين‪.‬‬

‫‪ -‬برنامج التدريس‪ :‬يعتبر القابسي اول من وضع البرنامج التدريسي المفصل للمتعلمين‪ ،‬حيث كان يهتم ببرنامج اليوم المدرسي الطويل حيث يمضي األطفال في الكتبة فترة صباحية‪ ،‬ثم‬
‫يعودون فترة مسائية واعتبر نهاية األسبوع للمراجعة والتقويم بحيث يذهب االطفال للراحة التامة يوم الجمعة ليعودوا على درجة من النشاط واالقبال على الدرس صباح السبت‪ ،‬اما توقيت‬
‫المواد الدراسية فكان القران وعلومه يبدا في الصباح‪ ،‬ثم الكتابة في الضحى‪ ،‬وتدريس بقية العلوم بعد الظهر إلى آخر النهار‪.‬‬

‫‪ -‬الحفظ واإلستظهار‪ :‬اهتم القابسي بالحفظ واالستظهار بالنسبة لتعليم القران الكريم‪ ،‬ولكنه اكد على اهمية اربط بين الحفظ والمعاني من جهة‪ ،‬وبين الميل للحفظ والفهم من جهة اخرى‪،‬‬
‫فالقراءة في رايه هي التدبر والفهم‪ ،‬ومهارة االستظهار هي ضط الشكل واإلعراب‪ ،‬أما الكتابة فهي حسن الخط ووضوحه‪.‬‬

‫‪ -‬أثر المتعلم وشخصيته في التعليم‪ :‬يرى القابسي ان الطفل بطبيعته ميال للمحاكاة يتاثر بمن يخالطهم ينقل عنهم سلوكهم وتصرفاتهم‪ ،‬والمعلم هو اقرب الناس بعد الوالدين الى الطفل‪،‬‬
‫ومن هنا جاءت أهمية دوره في التاثير في تكوين شخصية الطفل‪ ،‬وهذا يتطلب من المعلم أن يكون قدوة لتالميذه في مظهره وحديثه‪ ،‬وعاداته وسلوكه‪ ،‬هذا فضال عن اهمية معرفته بالقران‬
‫الكريم التي تتصل بالفضيلة والحث على الخلق الجميل‪.‬‬

‫‪ -‬العقاب‪ :‬يرى القابسي أن العقاب ينبغي ان يبدا بالنصح‪ ،‬ثم عزل الطفل الذي يستمر في السلوك السلبي عن بقية رفاقه‪ ،‬ثم تهديده بنوع من العقاب البدني‪ ،‬وال يكون الضرب اال عقوبة اخيرة‬
‫عندما ال تفلح اساليب النصح واالرشاد والعزل والتهديد‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :3‬نماذج من مفكري التربية المسلمين (إبن سينا)‪.‬‬


‫‪/1‬إبن سينا وآراؤه التربوية‪:‬‬

‫ولد سنة ‪ 370‬هـ‪980 -‬م وتوفي سنة ‪468‬هـ‪1037 -.‬م‬

‫هو بن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد اهلل بن الحسن بن علي بن سينا‪ ،‬ولد في قرية أفنشة الواقعة بالقرب من مدينة بخارى الواقعة في أوزباكستان‪.‬‬
‫‪/2‬هدف التربية عند بن سينا‪:‬‬

‫إن هدف التربية عند بن سينا هو‪ :‬نمو الفرد نموًا كامًال من جميع الجوانب‪ ،‬النمو الجسمي‪ ،‬والنمو العقلي‪ ،‬والنمو الخلقي‪ ،‬ثم إعداد هذا الفرد لكي يعيش في المجتمع ويشارك فيه بعمل أو‬
‫حرفة يختارها وفق استعداده ومواهبه‪ ،‬فالتربية عند بن سينا لم تغفل الحديث عن النمو الجسمي وكل ما يتصل من رياضة بدنية‪ ،‬وطعام وشراب ونوم ونظافة‪ ،‬ولم تستهدف فقط النمو‬
‫العقلي وجمع المعلومات‪ ،‬بل تناولت جميع الجوانب التي تتعلق باإلنسان في جميع مكوناته الجسمية والعقلية والخلقية‪ ،‬وال يقتصر عمل التربية على خلق المواطن الكامل جسمًا وعقًال وخلقًا‬
‫فقط‪ ،‬بل البد أن تعده لمهنة أو عمل أو حرفة يشارك بها في عملية البناء االجتماعي‪ ،‬ألن المجتمع في نظر بن سينا إنما يقوم على التعاون وعلى تخصص كل فرد في عمل أو مهنة وتبادل‬
‫المنافع والخدمات بين أفراده‪.‬‬

‫‪/2‬بعض أفكار بن سينا التربوية‪:‬‬

‫ذكر ابن سينا العديد من األفكار التربوية نورد منها مايلي‪:‬‬

‫ويرى ابن سينا أيضا أن يتعلم الطفل في الكتاب ال في البيت‪ " :‬ألن انفراد الصبي الواحد بالمؤدب أجلب لضجرهما‪ ... ،‬وألن الصبي عن الصبي ألقن وهو عنه آخذ وله انس ‪ ...‬وأدعى إلى‬
‫التعلم والتخرج‪ ،‬فإنه يباهي الصبيان مرة ويغبطهم مرة‪ ،‬ويأنف عن القصور عن شأوهم مرة‪ ،‬ث أنهم يترافقون ويتعاوضون الزيارة ويتكارمون ويتعاوضون الحقوق‪ ،‬وكل ذلك من أسباب‬
‫المباراة والمباهاة والمساجلة والمحاكاة‪ ،‬وفي ذلك تهذيب ألخالقهم وتحريك لهممهم وتمرين لعاداتهم "‪.‬‬

‫ويجدر الوقوف عند ما دعا إليه ابن سينا من مسايرة ميول الصبي‪ ,‬وتوجيهه إلى الصناعة أو المهنة التي تتوافق مع هذا الميول‪ ،‬ويقول ‪ ":‬ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له مواتية‪،‬‬
‫لكن ما شاكل طبعه وناسبه‪ ،‬وأنه لو كانت اآلداب والصناعات تجيب‪ ،‬وتنقاد بالطلب المرام‪ ،‬دون المشاكلة والمالئمة‪ ،‬إذن ما كان أحد غفال األدب وعاريا من صناعته‪ ،‬وإذن ألجمع الناس كلهم‬
‫على اختيار أشرف وأرفع الصناعات" ‪.‬‬

‫ويقول أيضا ‪ ":‬ينبغي لمربي الصبي إذا رام اختيار الصناعة أن يزن أوال طبع الصبي‪ ،‬ويسبر قريحته ويختبر ذكاءه‪ ،‬فيختار له الصناعات بحسب ذلك "‪.‬‬

‫ويطلب من المعلم أن يكون‪ ":‬عاقال‪ ،‬ذا دين‪ ،‬بصيرا برياضة األخالق‪ ،‬حاذقا بتخريج الصبيان‪ ،‬وقورا رزينا بعيدا عن الخفة والسخف‪ ،‬قليل التبذل واالسترسال بحضرة الصبي "‪.‬‬

‫(وعلى المؤدب أن يبحث له عن صناعة‪ ،‬فال يجبره على العلم إذا كان غير مّي ال إليه‪ ،‬وال يتركه يسير مع الهوس‪ ،‬إذ ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له‪ ،‬مواتية‪ ،‬لكن ما شاكل طبيعته‪،‬‬
‫وناسبه‪ ،‬وأنه لو كانت اآلداب والصناعات تجيب وتنقاد بالطلب دون المشاكلة والمالءمة‪ ،‬إذن ما كان أحد غفًال من األدب وعاريًا من صناعته‪ ،‬وإذن ألجمع الناس على اختيار أشرف الصناعات)‬

‫والحق أن ابن سينا كان فيلسوفًا‪ ،‬والفالسفة بشكل عام يعتقدون أن الفكر اليوناني هو فكر الصفوة المثقفة وأن فضل الفيلسوف على غيره أمر مفروغ منه‪ ،‬إال أن هدف التربية عنده لم‬
‫ًا‬
‫يقتصر على إيجاد الفيلسوف وما كان البن سينا أن يفعل ذلك‪ ،‬وهو يعيش في القرن الرابع الهجري‪ ،‬مع أن الفكر اليوناني هو للخاصة دون العامة‪ ،‬لذلك فقد جعل "تربية الفيلسوف" هدف من‬
‫أهداف التربية عنده في المرحلة المتخصصة‪ ،‬يتجه إليها من يشاء وفق استعداده وميوله‪ ،‬هذا هو جوهر الفرق بين تربية ابن سينا والتربية عند الغزالي أو القابسي‪ ،‬في حين أن تربية‬
‫الفيلسوف غير وارد عندهما‪ ،‬وال معترف بها‪ ،‬نجد أن ابن سينا يسهب في حديثه عن من تلك العلوم وجدواه‪.‬‬

‫بذا يمكننا القول إن هدف التربية عند ابن سينا هو خلق مواطن صالح‪ ،‬جسمًا وعقًال وخلقًا‪ ،‬وإعداد هذا المواطن لعمل أو حرفة سواء أكان عمًال نظريًا أم عمًال يدويا‪.‬‬
‫وسواء أكان العمل النظري متصًال بالعلوم النقلية أم العلوم العقلية التي يرى بضرورتها في حياة المجتمع‪ ،‬وبن سينا يعد الصناعة والحرف ضربًا من التعليم يحتاج إلى اإلعداد المهني‬
‫والتدريب والتخصص فيقول ‪" :‬التعليم والتعلم منه صناعي مثل تعلم النجارة والصياغة وإنما يحصل بالمواظبة على استعمال تلك الصناعة"‬

‫‪/3‬دور التربية االجتماعية في بناء العالقة بين الفرد والمجتمع‪:‬‬

‫التربية االجتماعية هي األسلوب‪ ،‬وهي األداة التي تضع اإلنسان في بداية طريق النمو واالستفادة من الوسط االجتماعي القائم لتحقيق األلفة بين أفراد المجتمع المبنية على دعائم األخوة‬
‫وحدها أساس يقوم عليها المجتمع ليصبح أفراده متعاونين متعاضدين ويقول تعالى‪" :‬واذكروا نعمة اهلل عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا" سورة آل عمران‪:‬‬
‫اآلية ‪.103‬‬

‫كما يقول تعالى ‪":‬لو أنفْق ت ما في األرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم ولكن اهلل أَّلف بينهم إنه عزيز حكيم" سورةاألنفال ‪ :‬اآلية ‪.63‬‬

‫وقد تحققت هذه األلفة بأوسع معانيها زمن الرسول ص عندما حقق األلفة والمحبة واإلخاء والمودة بين المهاجرين واألنصار‪ ،‬وهذا يمثل أقوى مظهر من مظاهر التربية االجتماعية البناءة ذلك‬
‫أن المهاجرين قوم تركوا في سبيل اهلل أموالهم وأراضيهم فجاؤوا إلى المدينة وهم ال يملكون من حطام الدنيا شيئًا‪ ،‬واألنصار مستقرون في بيوتهم‪ ،‬وأموالهم بين أيديهم ليلتفت كل منهم‬
‫إلى أخيه من المهاجرين‪ ،‬وليفتح له بيته‪ ،‬وليقتسم معه سراء الحياة وضراءها لم يفعل ذلك أحد من األنصار وهو له كاره‪ ،‬بل كان يشعر بالسرور واالرتياح‪ ،‬وهو ينشد رضا اهلل وكان كل منهم‬
‫يتسابق إلى تقديم العون إلى أخيه اإلنسان‪.‬‬

‫ويرى ببن سينا أن إيجاد مجتمع واحد تتحقق فيه سعادة األفراد على أكمل وجه ال يكون ذلك إال إذا تعاون أفراده على األمور التي تنال بها المساعدة‪ ،‬واختص كل منهم بالعمل الذي يحسنه‪،‬‬
‫وبالوظيفة المهيأ لها بطبعه‪ ،‬وهذا ما أ راد الشيخ الرئيس تحقيقه ووضعه في أصوله الثابتة‪ ،‬وهو يؤكد ضرورة اإلجتماع بغية التعاون والعمل على تحقيق الحاجات التي تفتقر إليها الجماعة‪،‬‬
‫ويحقق فضيلة العدالة للوصول إلى المجتمع الفاضل‪.‬‬

‫لقد تبنى ببن سينا مفهوم التعاون بين أفراد المجتمع في كل ما من شأنه أن يحقق السعادة‪ ،‬واإلتقان في العلم‪ ،‬كما دعا إلى االنصراف الكلي إلى العمل وإخراجه على أحسن صورة‪ ،‬وأكمل‬
‫أداء‪.‬‬

‫والحق أن نزعة ابن سينا اإلنسانية كانت نقية ال تشوبها شائبة‪ ،‬فقد أوتي من الخصال الرفيعة ما يصعب تحقيقه في عامة الناس‪ ،‬فهو سليم البنية‪ ،‬جيد الذهن‪ ،‬ثاقب الذكاء‪ ،‬حاضر البديهة‪،‬‬
‫ماضي العزيمة‪ ،‬حصيف صادق‪ ،‬عادل نزيه‪ ،‬متجرد عن المادة مؤثر للذات والروح‪.‬‬

‫بذا نبين أهمية العالقة بين الفرد والمجتمع عند ابن سينا‪ ،‬ودور التربية االجتماعية في إذكاء هذه العالقة في مختلف جوانب الحياة واالرتقاء بوحدة المجتمع وتماسكه وبنائه‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :4‬نماذج من مفكري التربية المسلمين (إبن خلدون)‪.‬‬


‫‪/1‬إبن خلدون وآراؤه التربوية‪:‬‬

‫ولد بن خلدون بتونس سنة ‪ 732‬هـ ‪ 1332 -‬م توفي بالقاهرة في ‪ 808‬هـ ‪ 1406 -‬م‪.‬‬

‫يعتبر بن خلدون من أئمة علماء العرب ومن أشهر علماء المسلمين الذين تعدت شهرتهم حدود بالدهم‪ ،‬درس العلم وحصله على أيدي علماء كثيرين‪ ،‬وإلى جانب اشتغاله بالعلم إشتغل‬
‫بالسياسة‪ ،‬وخاض غمارها وجرت المصائب والمؤامرات والحروب‪ ،‬وكان ال يستقر في مكان واحد‪ ،‬فقد أمضى ما يقرب من ثلث حياته أربع وعشرين سنة في تونس‪ ،‬وثلثا آخر في المغرب‬
‫واألندلس‪ ،‬وثلث ثالثة في الشام والحجاز ومصر‪.‬‬

‫‪/2‬أقسام العلوم عند بن خلدون‪:‬‬

‫قسم بن خلدون العلوم إلى قسمين‪:‬‬

‫األول‪ :‬العلوم النقلية‪ :‬وهي العلوم التي ينقلها اإلنسان عمن وضعها‪ ،‬وكلها مستندة إلى الخبر من مصدره الشرعي وال مجال للعقل فيها‪ ،‬إال إلحاق الفروع باألصول‪ ،‬ومن هذه العلوم‪ ،‬علم‬
‫التفسير‪ ،‬علم القراءات‪ ،‬علوم الحديث‪ ،‬علم أصول الفقه‪ ،‬علم التوحيد‪ ،‬علم البيان‪ ،‬علم األدب‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬العلوم العقلية‪ :‬وهي التي يهتدي إليها اإلنسان بعقله وهي تشمل علم المنطق والعلم الطبيعي‪ ،‬والعلم اإللهي ( ما وراء الطبيعة ) وعلم النظر في المقادير (الرياضيات والفلك‬
‫والهندسة)‪.‬‬

‫وقد رتب ابن خلدون العلوم بحسب أهميتها للمتعلم على النحو التالي‪:‬‬

‫‪-1‬العلوم الدينية وهي العلوم المقصودة بالذات مثل القرآن الكريم والحديث الشريف‪.‬‬

‫‪-2‬العلوم العقلية وهذه أيضًا علوم مقصودة مثل العلم الطبيعي‪.‬‬

‫‪-3‬العلوم اآللية المساعدة للعلوم الشرعية مثل اللغة والنحو والبالغة‪.‬‬

‫‪-4‬العلوم اآللية المساعدة للعلوم العقلية مثل علم المنطق‬

‫‪/3‬أهداف التربية عند ابن خلدون‪:‬‬

‫يرى ابن خلدون أن للتربية أهدافًا هي‪:‬‬

‫‪-‬إعطاء الفرصة للفكر لكي ينشط‪.‬‬

‫‪-‬إعطاء اإلنسان الفرصة لكي يحيى حياة طيبة في مجتمع راق متحضر‪.‬‬

‫‪-‬إعطاء اإلنسان الفرصة لكسب الرزق وتنمية الخصال الحميدة فيه ويعتبر أن األساس في التعّلم القرآن الكريم‪.‬‬

‫‪/4‬آراء ابن خلدون التربوية‪:‬‬

‫تتعدد آراء ابن خلدون التربوية نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫أ‪.‬أن كثرة التأليف في العلوم عائقة على التحصيل‪:‬‬

‫ويقصد ابن خلدون هنا‪ ،‬كثرة المؤلفات والمصطلحات في العلم الواحد‪ ،‬بحيث يؤدي ذلك إلى نفور المتعلم من التعليم‪ ،‬وابن خلدون يهدف إلى التيسير علم المتعلم وبالخصوص في بداية‬
‫عهد الطالب بالتعليم‪.‬‬

‫ب‪.‬التدرج في تدريس العلوم للمتعلمين‪:‬‬


‫يبدأ المعلم مع طالبه بالبسيط الذي يقبله عقله‪ ،‬ثم يتدرج معهم مستخدمًا التكرار مع استعمال األمثال الحسية‪ ،‬وبذلك يتم للمتعلم الحصول على العلم‪،.‬وان ابن خلدون قرر ثالث قواعد عامة‬
‫للمعلم وهي‪:‬‬

‫‪-‬على المعلم أن ال يخلط مباحث الكتاب الواحد بكتاب آخر‪.‬‬

‫‪-‬أن ال يطيل الفواصل بين درس وآخر‪.‬‬

‫‪-‬أن ال يخلط على المتعلم علمين معًا‪.‬‬

‫ج‪.‬عدم إشغال المتعلم بعلمين في وقت واحد‪:‬‬

‫إن تعليم الطالب علمين في وقت واحد‪ ،‬يشغل الطالب ويعرضهم للفشل واإلحباط‪ ،‬وذلك ألن عقل اإلنسان محدود‪ ،‬وغير قادر على اإلحاطة بأكثر من علم في وقت واحد‪.‬‬

‫د‪.‬عدم الشدة على المتعلمين‪:‬‬

‫انتقد ابن خلدون أسلوب العقاب الذي كان سائدًا في عصره‪ ،‬وطلب من المعلمين استخدام الرحمة واللين مع الطالب فقال‪" :‬ينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده أن ال يستبد في‬
‫التأديب‪ ،‬واعتبر أن مجاوزة الحد في العقاب له أضرار على الطالب ويعمل على إفساد أخالقه‪ ،‬وبذلك ال يتحقق الهدف من التعليم‬

‫هـ‪.‬كثرة االختصارات المؤلفة في العلوم تخل بالتعليم‪:‬‬

‫يرى بن خلدون أن من العوامل التي تقف في طريق التعليم اختصار كتب العلم فقال‪" :‬ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق في العلوم يولعون بها ويدونون منها مختصرًا في كل علم‬
‫يشتمل على حصر مسائله وأدلتها باختصار األلفاظ وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن‪ ،‬وصار ذلك مخًال بالبالغة وعسرًا في الفهم"‪ .‬قد انتقد ابن خلدون ذلك ألن بعض العلوم‬
‫تحتاج إلى اإلطالة والتكرار‪ ،‬ألن فيها مفاهيم ومعان ال يستطيع المتعلم فهمها بدون اإلطالة والتكرار‪ ،‬وألن اختصار العلوم يصيبها بالخلل وتصبح عسيرة على الفهم وخاصة لصغار المتعلمين‪،‬‬
‫لعدم وجود االستعداد والقدرة لفهم المختصرات‪.‬‬

‫د‪.‬طرق التدريس‪:‬‬

‫أجاز بن خلدون للمعلمين استخدام أكثر من طريقة واحدة في التدريس‪ ،‬فأجاز لهم استخدام الطريقة التي تناسب قدرات وميول وإمكانيات الطالب ألن التعليم عنده صناعة والصناع‬
‫يختلفون في طرق صناعتهم‪ ،‬ولكل صناعة طرق مختلفة ويحق للمعلم أن يستخدم كل الطرق أو بعضها لتحقيق األهداف المرجوة‪ ،‬ومع أن ابن خلدون أباح استخدام الطرق التي تناسب‬
‫المعلم إال أنه يشجع على استخدام طريقة المناقشة فالتعليم عند ابن خلدون يهدف إلى حصول المتعلم على ملكة العلم حيث يصبح على درجة عالية من الفهم وليس فقط حفظه دون فهم‬
‫وتعمق‪ ،‬لذا انتقد ابن خلدون الطريقة القيروانية التي كانت في زمانه تركز على الحفظ بشكل كبير‪ ،‬ووصف الطالب بأنهم يلتزمون الصمت والسكون التام دون مشاركة‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :5‬الفلسفة المثالية والتربية‪.‬‬


‫‪/1‬الفلسفة المثالية ‪:‬‬

‫يعتمد النموذج المثالي الذي يشكل مناهج التربية لدى المثاليين على رؤية أفالطون من أن األفكار أبدية وأزلية ونهائية‪ ،‬وهي لذلك في غاية األهمية‪ .‬وليس المقصود باألفكار هنا ‪-‬بالطبع‪ -‬تلك‬
‫الخواطر العقلية التي يترجمها العقل من الرموز اللفظية‪ ،‬ولكن أفالطون يقصد بها في هذا المقام جوهر األشياء والمثل العليا الموجودة في العالم العلوي‪ ،‬والتي يقاس بها كل شيء في هذا‬
‫العالم المادي‪ .‬إذا كانت األشياء في هذا العالم المادي من وجهة النظر هذه تعرف عن طريق الحواس‪ ،‬فإنها قد صيغت على مثال سبق عند خلق الكون ونبعت فكرتها من خالقه‪ .‬والعقل وحده‬
‫هو الذي يستطيع أن يحكم عليها بأنها مطابقة للنماذج المثالية التي وضعت أزال أم ال‪ .‬وبهذا المعنى‪ ،‬فإن األفكار أزلية ال تقبل التغير أو التطور‪ .‬ومهما قيل من أن عناصر هذا العالم مستحدثة‬
‫ومتغيرة تبعا للظروف والمالبسات التي تظهر من آن آلخر‪ ،‬فإن األفكار واألشكال المثالية التي صيغت على مثالها هذه العناصر الموجودة في عالمنا موجودة من األزل وستظل إلى األبد دون‬
‫تغير أو تطور‪.‬‬

‫‪/2‬حقيقة المذهب المثالي ‪:‬‬

‫"المذهب المثالي" من مذاهب التربية الغربية فهو ـ في حقيقته ـ صدى لفلسفة أفالطون‪ ،‬وتعبير عن نظريته المسماة بـ "المثل"‪ ،‬ومؤدى هذه النظرية أن ثمة عالمين اثنين ‪ :‬عالمًا حسيًا يتألف‬
‫من "األجسام"‪ ،‬وعالمًا معقوًال يتألف من المجردات التي هي "الُم ُث ل"‪ .‬وبناء على ذلك قال الغربيون‪ :‬إن اإلنسان يعيش في عالمين ‪ :‬عالم مادي متغّي ر‪ ،‬وعالم روحاني خالد‪ ،‬وهذا األخير هو‬
‫عالم المثل العليا التي تشكل الهدف األسمى للتربية والحياة‪ .‬وهكذا رأى الغربيون في اإلنسان جانبْي ن ‪ :‬جانبًا روحيًا ساميًا‪ ،‬وجانبًا جسديًا تحكمه النوازع الدنيا والشهوات‪ ،‬وهذان الجانبان‬
‫كالخطين المتوازيين يتجاوران وال يلتقيان‪ ،‬ويتناقضان وال يتكامالن‪ ،‬وهو ما أدى إلى قيام سلطتين في بالد الغرب‪ :‬سلطة روحية تشرف عليها الكنيسة‪ ،‬وسلطة زمنية قوامها حكم الواقع‬
‫مفصوًال عن الدين‪ ،‬وترّت ب على ذلك االعتقاد بأن اإلنسان أْو لى بالدرس من العالم الخارجي‪ ،‬وأن العلوم اإلنسانية أهم من العلوم الطبيعية‪.‬‬

‫وال تغني عن المذهب المثالي دعـواه أنه إنما يريد ـ من خالل التربية ـ أن يحيط الطفل بالمثل العليا؛ ألنه ال يدري ما المثل العليا على وجه التحديد‪ .‬يقول سير برسي نن ‪ " :‬نستطيع أن نحكم‬
‫بأنه ال يمكن أن يكون هناك غرض عام للتربية ما دام هذا الغرض يحقق ُم ُث ًال عليا؛ ألن هذه المثل تتعدد بتعدد األفراد "‪.‬‬

‫وهذا االتجاه العقلي للفلسفة المثالية قد وضع العقل‪-‬بال شك‪ -‬في مرتبة ذات أهمية كبرى‪ ،‬بحيث ال يكون العقل شيئا آخر غير الروح مادام يشارك في طبيعة المطلق‪ .‬وبالرغم من وجود‬
‫الجسم والبيئة االجتماعية والطبيعية إال أنهما في النهاية يدخالن في دائرة العقل ويذوبان داخله‪ .‬ولذلك فالطبيعة اإلنسانية ال ينظر إليها على أنها جسم منفصل يستجيب لدوافع بيئية‪،‬‬
‫ولكنه جوهر ال يتأثر بعامته إذا تأثر جزءه‪ .‬ولهذا تنادي هذه النظرية بتربية اإلنسان من جميع جوانبه حتى يصبح كال مستقيما‪ ،‬ولكن يبقى العقل هو صاحب االهتمام األكبر في مناهج هذه‬
‫النظرية‪.‬‬

‫إن الواقع بالنسبة للمثالي هو عالم العقل‪ ،‬والواقعية شيء خيالي أو روحي وليس ماديا‪ ،‬ويعتقد المثاليون أن الطبيعة تعتمد على العقل الشامل هلل‪ .‬وبناء على هذه النظرة‪ ،‬فالتعلم ليس‬
‫ابتكارا وإبداعا‪ -‬ولكنه تحقيق الفكرة المطلقة بالنسبة للحقيقة والخير والمثل التي وضعت سلفا‪ .‬وليست قيمة األفكار مبنية على ما لها من أهمية في حياة التالميذ أو ضرورة في إنجاز‬
‫مشروعاتهم‪ ،‬أو في ترقية حياتهم‪ ،‬بل إن قيمة األفكار في ذاتها‪ ،‬حيث إنها تصور الواقع الممثل للحقائق الالنهائية‪ ،‬ومن أجل ذلك فاألفكار جديرة بالتعلم‪ .‬وهي تستحق أن يكون تعلمها هدفا‬
‫في حد ذاته‪.‬‬

‫والمثالية –عموما‪ -‬وثيقة الصلة بالدين‪ .‬وتؤمن هذه النظرية بأهمية الحق والخير والجمال‪ .‬ويهتم المثاليون بالرياضة البدنية‪ ،‬ال من أجل الجسم‪ ،‬فهم ال يهتمون بالمادة‪ ،‬وإنما من أجل العقل‪.‬‬

‫إن أصحاب هذا االتجاه يهتمون بالمثل العليا بالدرجة األولى‪ ..‬فهم ينظمون تجارب الجنس البشري ويركزونها ليقدموها لقمة سائغة إلى الطفل‪.‬‬

‫وهذه الخبرة بحسب مروجي النظرية هذه هي نوعين منها ما يختص بالبيئة الطبيعية ومنها ما يختص باإلنسان أي العلوم واإلنسانيات‪.‬‬

‫وتعتبر المثالية من أقدم الفلسفات في الثقافة الغربية‪ ،‬التي ارتبط ظهورها ارتباطا وثيقا بزعيمها المفكر اليوناني أفالطون‪ ،‬وهي كما عرفها الالند ‪ " :‬االتجاه الفلسفي الذي يرجع كل وجود إلى‬
‫الفكر بالمعنى األعم لهذه الكلمة "‪ .‬بمعنى آخر هي المذهب الذي يقول أن األشياء الواقعية ليست شيئا آخر غير أفكارنا‪ ،‬وهي الفكرة التي نجدها عند أفالطون في المثل العليا‪ ،‬إذ يرى أن‬
‫أنفسنا كانت تسبح في هذا العالم‪ ،‬أين عرفت أسماء األشياء بصورتها التامة‪ ،‬الكاملة‪ ،‬قبل نزولها إلى األرض‪ .‬وولوجها في الجسد أنساها أسماء األشياء‪ ،‬فأصبحت تحاكي ما رأته وتعلمته في‬
‫المثل العليا أو العالم الحقيقي‪ ،‬ومن أبرز أعالمها‪ :‬أفالطون‪.‬هيجل‪...‬الخ‪.‬‬

‫ولد أفالطون في سنة ‪ 427‬ق‪.‬م في جزيرة قريبة من شاطئ أثينا‪ ،‬واسمه في األصل أرسطوقليس‪ .‬ينحدر من أشراف أثينا ذوي المنزلة والثراء‪ .‬تعلم القراءة والكتابة‪ ،‬حفظ شعر هوميروس‪،‬‬
‫ومبادئ الحساب والهندسة والموسيقى‪ .‬كان ذو ذكاء حاد‪ ،‬عميق الفكر‪ ،‬حسن الحديث‪ ،‬بارع النكتة‪ ،‬ومحبا للجمال‪ .‬عاش حتى الثمانين من عمره‪ ،‬توفي سنة ‪ 347‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫لقد قسم أفالطون المجتمع إلى ثالث طبقات ‪:‬‬

‫‪ -‬طبقة الحكام ويتميزون بالحكمة‪ ،‬ويسييرون شؤون الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬طبقة الجند‪ ،‬ويتميزون بالقوة‪ ،‬وتسهر على أمن الحكام‪.‬‬

‫‪ -‬طبقة العبيد‪ ،‬وهي الطبقة الخادمة‪ ،‬التي تقوم على خدمة طبقة الحكام‪.‬‬

‫وعلى كل طبقة احترام الطبق األعلى منها‪ ،‬فال يجوز مثال لطبقة العبيد التطلع إلى طبقة الجند أو الحكام‪ ،‬وكذا الحال بالنسبة لطبقة الحكام فال يجوز للحاكم أن ينزل إلى طبقة الجند أو‬
‫العبيد‪ ،‬فما خلق إال ليكون حاكما‪ ،‬وليحكم الشعب وعليه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ليقوم بالعمل المناسب‪.‬‬

‫‪/3‬التطبيقات التربوية للفلسلفة المثالية‪:‬‬

‫أ‪.‬المنهاج وطريقة التدريس‪:‬‬

‫يرى المثاليون أن المنهاج (المنهج) الذي يدرس للتالميذ ينبغي أن يكون موضوعات ثابتة غير قابلة للتطور وتنقل من جيل إلى جيل‪ .‬حيث تعمل على توسيع فهم الطفل للكون ولإلنسان‬
‫نفسه‪ ،‬فتنظيم قدرات الطفل وتنمية ذكائه يمكن أن تتحقق من دراسة الفنون الحرة والقراءة‪ ،‬وكذا اإلطالع على الكتب العظيمة التي أنتجتها عقول الحكماء والمفكرين التي يمكن أن تخلق‬
‫اإلنسان المثالي وتوسع فهمه للكون ولذاته‪.‬‬

‫ومن ثم يجب أن يوجه اهتمام أكبر إلى دراسة مواد معينة كالتاريخ واألدب والفلسفة تهتم بالمشاكل الدائمة لإلنسان‪ ،‬وتعبر عن اعتقاداته وأفكاره على مر العصور التاريخية‪ ،‬وهي تعتبر كنزا‬
‫للمعرفة والحكمة وتراثا معرفيا‪.‬‬

‫ولقد اهتمت المثالية بالمادة الدراسية أكثر من اهتمامها بالمتعلم‪ ،‬فهي ال تقيم وزنا إال للمعرفة والحقيقة أما التلميذ فقد ال يكون له قيمة على اإلطالق‪ ،‬فمنهج المدرسة المثالية هو منهج مقفل‬
‫يعتمد على المعرفة والكتاب ويتقيد بحدود ال يمكن تعديلها‪ ،‬حيث يبقى القديم على قدمه للحفاظ على المعرفة والتراث ونقله إلى عقول المتعلمين‪ .‬وال تؤمن المثالية بأهمية النشاطات‬
‫الخارجة عن الكتاب في منهجها الدراسي ألن مثل هذه النشاطات ال تساهم في تدريب عقول التالميذ وملئها بالحقائق‪ ،‬بل تهتم بجوانب أخرى ليست موضوع اهتمام المثالية‪.‬‬

‫أما النظام المدرسي‪ ،‬فقد أصبح المدرسون يواجهون مشكلة بحيث أن الجسم والعقل نوعان مختلفان‪ ،‬فإنهما يسلكان مسالك متعارضة تعوق بعضها البعض‪ ،‬فالطفل ال يستطيع أن يذهب إلى‬
‫المدرسة بعقله فقط فال بد أن يحمل معه جسمه‪.‬‬

‫إذن أصبح ينظر إلى التلميذ على أنه شيء أو باألحرى آلة تتلقى المعارف بالطريق اإللقائية في سكون وهدوء‪ ،‬فإذا حاول أن يحرك جسمه قسى عليه المدرسون بالعقوبات البدنية المختلفة‪،‬‬
‫وبذلك كان التلميذ المثالي هو الذي يجلس صامتا ساكنا‪ ،‬حتى يعمل عقله على استيعاب المعلومات‪ .‬ومنه كان هدف التدريس ليس حمل التلميذ على معرفة مجموعة من المعلومات بقدر ما‬
‫هو محفز له على اكتشاف معناها لنفسه‪ ،‬عن طريق خبراته الشخصية السابقة‪ ،‬بحيث يصبح لما يتعلمه معنى ومغزى‪.‬‬

‫‪.2‬المعلم ‪:‬‬

‫المعلم في نظر المثالية ينبغي أن يكون فيلسوفا مفكرا كسقراط‪ ،‬وغيره من الفالسفة‪ ،‬وقد ركزت المثالية على دور المعلم‪ ،‬وجعلته يحتل المركز الرئيسي في العملية التربوية‪ ،‬في حين نظرت‬
‫إلى المتعلم نظرة سلبية‪ ،‬فالمعلم يجب أن يكون قدوة لتالميذه بما يملكه من معارف وخبرات واسعة‪ ،‬تجعل الطالب ينهلون منهله‪ ،‬بمعنى على المعلم أن يكون موسوعة يعمل على إيصالها‬
‫إلى الطلبة‪ ،‬وأن يكون مخلصا جادا في عمله‪ ،‬والمعلم بفطنته وبصيرته يعمل على كشف استعدادات تالميذه‪ ،‬وبذلك يعطيهم القدر المناسب من المعارف‪ ،‬وتقتصر عملية التعليم على التذكر‬
‫واالسترجاع لذا يجب على المعلم في نظر أفالطون تنمية هذه القدرة‪.‬‬

‫‪-‬اإلنتقادات الموجهة إلى فلسفة التربية المثالية ‪:‬‬

‫لقد غال أفالطون في تربيته المثالية وطريقة التدريس إلى درجة يصعب تحقيقها على أرض الواقع‪ ،‬فمثال تربية أفالطون لألطفال على أساس الفضيلة حتى يصبحوا خيرين‪ ،‬تناسى أن في‬
‫اإلنسان بذرتين‪ ،‬بذرة الخير وبذرة الشر‪ ،‬ويستحيل أن نجد شخص خير محض‪ ،‬كما أن نظام الطبقات الذي فرضه أفالطون على المجتمع فيه ظلم لفئة عن فئة‪.‬‬

‫كما فصل أفالطون بين الجانب العقلي والجسمي‪ ،‬بل حتى أنه فصل الجانب العقلي وأعطاه األهمية أكثر من اهتمامه بالجانب الجسمي‪ ،‬وكأننا نستطيع أن نتصور اإلنسان بعقله دون جسده‪.‬‬

‫المثالية كفلسفة تربوية أكدت على‪:‬‬

‫‪ -‬الجانب المعرفي وأهمية المعرفة بالنسبة للمتعلم‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام بالثقافة والحفاظ عليها‪.‬‬

‫‪ -‬وضع المعلم في مرتبة سامية واعتباره أهم عنصر في العملية التربوية‪.‬‬

‫‪ -‬التأكيد على أهمية الجوانب الخلقية والدينية في تنمية شخصية المتعلم ‪.‬‬

‫غير أنها فشلت و قصرت في‪:‬‬

‫‪ -‬فهم طبيعة المتعلم (النظر إليه على أنه عقل أو روح خالصة‪ ،‬االهتمام بالمعرفة أو تنمية العقل فقط)‪.‬‬

‫‪ -‬اقتصار األهداف التربوية على تدريب عقل اإلنسان دون النظر إلى الجوانب التي تتصل بالنواحي الجسمية ‪.‬‬

‫‪ -‬النظر إلى التلميذ على أنه سلبي يتلقى المعلومات التي يلقيها عليه المعلم (آلة) وكذا استخدام العقوبات البدنية ال يتفق مع ما تذهب إليه الفلسفات األخرى‪ ،‬فالموقف التعليمي موقف‬
‫تفاعل و ليس موقف جامد ثابت فيه طرف ايجابي هو المعلم و آخر سلبي هو التلميذ‪.‬‬

‫‪ -‬النظرة المثالية الغربية بما ترتب عليها من فصل بين الدين والحياة خاطئة ومدمرة‪ ،‬وهي ـ كما يقول (علي عزت بيجوفيتش) رئيس جمهورية البوسنة والهرسك في كتابه المعروف ‪:‬‬
‫(اإلسالم بين الشرق والغرب) ـ هي المسؤولة عن إخفاق األيديولوجيات الكبرى في العالم؛ فهذه النظرة هي التي شطرت العالم شطرين متصادمين بين مادية ملحدة‪ ،‬وكاثوليكية مغرقة في‬
‫األسرار‪ ،‬والصواب أنها "وحدة ثنائية القطب‪ ،‬تضم القضيتين المتصادمتين في العقل الغربي أال وهما‪ :‬الروح والمادة‪ ،‬السماوي واألرضي‪ ،‬اإلنساني والحيواني‪ ،‬الدين والدنيا‪ .‬وهذان المتناقضان‬
‫يوجدان معًا وجود تفاعل وتزاوج وتكامل‪ ..‬كما تتفاعل ذرات األوكسجين مع ذرات اإليدروجين لتنتج الماء الذي يشرب منه اإلنسان والحيوان والنبات"‪.‬‬

‫وقد نّب ه بيجوفيتش على أن طبيعة العقل األوروبي (أحادي النظرة) كانت سببًا في عجزه عن فهم حقيقة اإلسالم؛ ولذا أنكر الغربيون اإلسالم لسببين متعارضين؛ فقد أنكره الماديون منهم‬
‫بوصفه اتجاهًا يمينيًا أي دين غيبيات‪ ،‬بينما أنكره المتدينون ألنهم رأوا فيه اتجاهًا يساريًا أي حركة اجتماعية سياسية‪.‬‬
‫المحاضرة ‪ :6‬الفلسفة الواقعية والتربية‪.‬‬
‫‪/1‬الفلسفة الواقعية‪:‬‬

‫تمثل الواقعية فلسفة جديدة ومقابلة للمثالية‪ ،‬فقد جاءت كرد فعل لآلراء التي قدمتها الفلسفة المثالية ‪ ،‬فبعد ان كانت المثالية ترى ان العقل هو مصدر المعرفة وترسم صورة مثالية‬
‫ونموذجية لعناصر المؤسسة التربوية ‪ ،‬ظهرت الفلسفة الواقعية لتبين ان العقل ال يعد مخزنا للحقائق بذاته ‪ ،‬وانما هي موجودة خارج الذهن وعلى االنسان ان يحصلها بنفسه ‪ ،‬كما شددت‬
‫على ضرورة ان يكون التعامل في المؤسسة التربوية واقعيا وليس مثاليا‪.‬‬

‫يرى الواقعيون في التربية أن تكون الدراسة في المدرسة وما يكملها من نشاطات وخبرات وكسب مهارات شديدة الصلة بالمجتمع الخارجي الذي يعيش فيه التالميذ‪ ،‬حتى ال يكون هناك‬
‫انتقال مفاجئ للتالميذ من مدرستهم إلى مجتمع حياتهم العامة‪ .‬أما التربية التقليدية التي تعمد إلى اختزال المعلومات وحفظ المقررات وتجاهل النشاطات والمهارات فهي في نظرهم ال تعد‬
‫تربية بالمعنى الصحيح‪.‬‬

‫‪/2‬المبادئ العامة لفلسفة التربية الواقعية ‪:‬‬

‫‪ -‬ال تؤمن بوجود قوى فطرية موروثة قبل الوالدة‪ ,‬بل تؤكد على أن االنسان محكوم بتأثير البيئة الطبيعية واالجتماعية على الوراثة‪.‬‬
‫‪ -‬تؤمن الواقعية بأن الفرد هو أساس الكيان االجتماعي ‪ ,‬فإن الحرية الفردية ال تتحقق إال في حالة تمتع الفرد بجميع االمتيازات والحقوق الخاصة وهذا ال يكون إال في حالة تقليص سلطة‬
‫الحكومة على األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬التربية عملية تدريب لإلنسان على العيش بواسطة معايير خلقية مطلقة على أساس ما هو صحيح لإلنسان بوجه عام‪.‬‬

‫‪ -‬إن من أهم األهداف التي تؤكدها هذه الفلسفة التربية الجسمية وتدريب الحواس واالهتمام بالعلوم الطبيعية والتجريب وتشجيع المدارس العلمية والمهنية باألنشطة والممارسات داخل‬
‫المؤسسات التعليمية واالهتمام بالفروق الفردية‪.‬‬

‫‪ -‬تؤكد الواقعية على ضرورة أن تكون المادة الدراسية هي المحور المركزي في التربية وأن تسمح للمادة الدراسية للطالب بالوقوف على البنيان الفيزيائي والثقافي للعالم الذي يعيش فيه ‪,‬‬
‫وأن يكون محتوى المناهج يشمل العلوم الطبيعية بفروعها المختلفة من حيث المادة العلمية وأسلوبها في البحث‪.‬‬

‫‪ -‬أن تكون طريقة التدريس مالئمة لشخصية المتعلم وإعداده للحياة وتؤدي إلى تكامل شخصيته‪.‬‬

‫‪ -‬تسعى الواقعية إلى جعل الطالب شخصًا متسامحًا ومتوافقًا توافقًا حسنًا وأن يكون منسجمًا عقليًا وجسميًا مع البيئة المادية والثقافية‪.‬‬

‫‪ -‬أن التربية بيد المعلم بوصفه ناقًال للتراث الثقافي والمعلم هو الذي يحدد المعرفة في العملية التربوية فدور المعلم مساعدة الطلبة للوصول إلى الحقائق‪.‬‬

‫‪/3‬أهداف فلسفة التربية الواقعية ‪:‬‬

‫‪ -‬العمل على تنمية العقل وتدريبه بما يكفل له أن يكون عقال منطقيا‪.‬‬

‫‪ -‬العناية بتربية الجسم والحرص على الصحة‪.‬‬

‫‪/4‬التطبيقات التربوية للفلسفة الواقعية‪:‬‬

‫أ‪.‬التلميذ‪:‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫تهدف التربية عند الواقعيين إلى إتاحة الفرصة للتلميذ ‪ ,‬ألن يغدو شخص متوازن فكري وأن يكون في الوقت نفسه جيد التوافق مع بيئته المادية واالجتماعية‪ .‬وتهدف التربية إلى تنمية‬
‫الجوانب العقلية والبدنية والنفسية واألخالقية واالجتماعية في آن واحد‪.‬‬

‫ب‪.‬المنهج الدراسي‪:‬‬

‫رفض الواقعيون المنهج الدراسي المعقد الذي يميل إلى المعرفة المستمدة من الكتب‪ ,‬ويؤكدون المنهج الذي يركز على وقائع الحياة ‪ ,‬وأهمية الموضوعات التي تقع في نطاق العلوم الطبيعية‪.‬‬

‫ج‪.‬المعلم‪:‬‬
‫ترى الفلسفة الواقعية أن مفتاح التربية بيد المعلم باعتباره ناقال للتراث الثقافي وعليه يجب أن يكون متعاونا مع تالميذه ويقدم لهم المساعدة ويعلمهم االعتماد على النفس‪.‬يعرض المعلم‬
‫المنهج العلمي بطريقة موضوعية بعيدا عن ذاتيته لكنه مندمجا معه ‪,‬وان تسوده الواقعية‪.‬‬

‫د‪.‬طرق التدريس‪:‬‬

‫تعتمد طرق التدريس الواقعية على النظرة الترابطية فيقوم المعلم بتقسيم موضوع درسه إلى عناصره األساسية وتحديد المثيرات واالستجابات فلكل مثير استجابة معينه ومن ثم تقدم‬
‫للمتعلمين بطريقه تجعلهم يستجيبون االستجابة الصحيحة للمثير المحدد ويكرر أحداث المثير لكي تتبعه االستجابة الصحيحة ويكافأ المتعلم كلما قام باإلستجابة الصحيحة مما يؤدي إلى‬
‫تقوية الرابطة التي تؤدي إلى التعلم‪ .‬أنها تنطلق من تعلم األجزاء حتى يتم تعلم الكل متفقه مع النظرية التجزئية للمدرسة السلوكية وتفضل استخدام آالت التعليم‪.‬‬

‫‪-‬اإلنتقادات الموجهة إلى فلسفة التربية الواقعية ‪:‬‬

‫‪ -‬لم تهتم التربية الواقعية بالتلميذ وميوله ورغباته ‪ ,‬اعتقادًا منها أن الرغبات والميول ما هي إال أمور أو نزعات طارئة وعارضة وهي أشياء متغيرة‪ .‬لكن الحقائق واألساسيات العملية التي‬
‫يحتويها المنهج هي أمور جوهرية ألنها ثابتة غير متغيرة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتمدت الثنائية إذ قسمت العالم على مادة وصورة‪,‬و أكدت على الجانب المادي اكثر من الجانب الروحي‪ ،‬وهدفت الواقعية إلى التكيف مع البيئة المادية اكثر من البيئة الروحية‪.‬‬

‫‪ -‬إن هناك من الحقائق ما ال يمكن للعقل أن يصل إليها عن طريق أدواته المعروفة وبهذا يكون العقل قاصرًا في تفسيرها‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :7‬الفلسفة الطبيعية والتربية‪.‬‬


‫‪/1‬الفلسفة الطبيعية‪:‬‬

‫ُي عّد (روسو) رائد (المذهب الطبيعي) وواضع أصوله؛ ومن أصول ذلك المذهب أّن الفرد هو شعار التربية‪ ،‬وأّن التعبير عن الذات هو الهدف النهائي لها‪ ،‬وبنى الطبيعيون على هذا أّن التربية‬
‫القويمة ال تتحقق إال بإطالق الحرية التامة لألطفال‪.‬‬
‫ولد جون جاك روسو سنة ‪ 1712‬في جنيف بسويسرا من أب فرنسي وأم سويسرية توفيت مباشرة بعد والدة روسو‪ ،‬وقد قال روسو في هذا الشأن في كتابه "اعترافات" لقد كلفت أمي‬
‫حياتها وكانت والدتي هي سوء حظي في هذه الحياة"‪.‬‬

‫كّل من كان لديه صبٌر لقراءة « إميل » بأكمله – وليس من خالل بعض االستشهادات‪ -‬يعلم أن هذا الكتاب يتحدث عن كّل ما يهم الفلسفة في القرن الثامن عشر‪ ،‬وأن «إميل» ليس ما أعتيد‬
‫على تسميته «كتاب في النظرية التربوية»‪ ،‬بالرغم من هذه السمعة الراسخة‪ .‬تسعى هذه المقالة بتواضع كبير أن تلقي بعض الشكوك على أسس هذه السمعة‪.‬‬

‫لنالحظ أن تصنيف «إميل» بين كتب النظريات التربوية كان متأخرًا ‪ .‬فقد ُذ كر‪ ،‬أثناء الثورة‪ ،‬ميرابو وتاليران ‪ Talleyrand‬وكوندورسه ‪ Condorcet‬و األب غريغوار ‪ L'abbe Grégoire‬عدة‬
‫مرات خالل المناقشات حول المدرسة‪ ،‬أما روسو فقلما دخل الجمعية الوطنية‪ ،‬وحين تدخل روبسبير بنفسه في المناقشات‪ ،‬لم يكن ذلك من أجل أن يشيد بنموذجه الذي قاده باكيًا إلى‬
‫البنتيون‪ ،‬لكن من أجل أن يقترح نصًا ُط بع بعد وفاة صاحبه لبيلتيه دو سانفارجو ‪ .Lepelletier de Saint Fargeau‬أما اإلشارات إلى روسو فقد اقتصرت على نصه المتعلق ب"بولونيا"‪.‬‬
‫أما المقوالت التي تشيد بـ«كاتب إميل الخالد‪ ،‬والتي غالبًا ما تذكر‪ ،‬فإنها ال تشير إلى روسو إال كأثر ماض وليس كمصدر إلهام‪ .‬ولم يجد إميل مكانته التربوية العظيمة إال مع إنشاء المدرسة‬
‫الجمهورية العلمانية اإلجبارية‪.‬‬

‫‪/2‬إميل وكتب التربية ‪:‬‬

‫من الجيد التذكر أن كل كتب النظريات التربوية ينبغي أن تحقق عددًا من المبادئ ‪:‬‬

‫أ‪ -.‬اقتراح أهداف (لماذا التربية‪ ،‬وفي أي هدف ؟)‪.‬‬

‫ب‪ -.‬اقتراح أسلوب (كيف يمكن تحقيق هذه األهداف‪ ،‬وأي ترتيب ينبغي أن يراعى ؟)‬

‫ج‪ -.‬دراسة الصعوبات واقتراح الحلول (ماذا ينبغي أن نفعل في حالة ما‪ ،‬كيف يمكن التصرف في حالة فشل ما ؟)‪.‬‬

‫أوًال ‪ :‬تختلف األهداف من نظرية تربوية إلى أخرى‪ ،‬فيما يتعلق بإميل‪ ،‬فإنه ال يقترح أي غاية‪ ،‬هناك مسألة «صنع إنسان» ليس مسيحيا أو مسلمًا أو تاجرًا أو فارسًا‪ :‬مجرد إنسان‪ .‬إن كّل‬
‫فلسفة تربية تهدف إلى إعطاء اإلنسان صفات نوعية (شريف‪ ،‬تقي‪ ،‬عالم‪ ،‬وطني) وليس ما تم «صنعه» من قبل‪ .‬وحين يلح روسو أيضًا‪« :‬العيش هي المهنة التي أريد له أن يتعلمها» ال يوجد‬
‫هنا أي انشغال بأي إشكالية في الفكر التربوي‪ ،‬ولكن إعالن طالق يضع إميل خارج هذا الفكر‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬عن األساليب‪ .‬فإن روسو‪ ،‬كما قيل‪ ،‬كان مع فصل الطفل عن عائلته‪ ،‬رفض السوط مثلما رفض الثواب‪ ،‬واستبعد فكرة الحديث بعدة لغات‪ ،‬وال سيما الالتينية‪ ،‬الخ‪ .‬غير أن إميل يجيب‬
‫عن هذه األسئلة دون أن يطرحها بنفسه‪ .‬إن إيجاد مثل هذه "اإلجابات" مشروع‪ ،‬فمن الممكن دائمًا تناول أفكار من نص ما إلغناء إشكاليات مختلفة‪.‬‬

‫هل يوجد في إميل أسلوب حقيقي؟ تكثر في الكتاب الثاني والثالث أمثلة قوية بحيث يمكن أخذها كأمثلة متعاقبة لتطبيقها‪ .‬حكاية الجنائني روبرت‪ :‬كيف يمكن تعليم طفل ذو ثمان سنوات‬
‫ال يعرف القراءة والحساب مبادئ القانون التجاري والعقود القانونية‪ .‬يجعله المشعوذ ذو صاحب البط الممغنط اكتشاف البوصلة‪ ،‬أما بطاقات الدعوة الصغيرة بالتأكيد ستكون أسلوبًا قويًا‬
‫لتعليم القراءة! أيمكن أن نغفر لهذه النبرة المستهزئة‪ ،‬أما هذه االسكتشات غير قابلة للتطبيق حقيقة‪ ،‬ليس نتيجة غفلة أو أوهام الكاتب ولكن ألن مسألة تطبيقها لم تطرح‪ ،‬فإنها ال تشكل نماذج‬
‫تربوية ولكن أدوات موجهة الستعمال آخر‪.‬‬

‫«إن تفصيل القواعد ليس موضوعي‪ .‬أعطوا الطفل هذه الرغبة (القراءة)‪ ..‬سيكون كّل أسلوب مناسبًا له‪ ...‬أأتكلم اآلن عن الكتابة‪ .‬ال‪ ،‬أشعر بالعار ألنني أتلهى بهذه الترهات ‪ .‬ال يهمني إن نجح‬
‫في أو لم ينجح في اللغات القديمة‪ ،‬في اآلداب الجميلة أو الشعر‪ ...‬ال يراد كّل هذا العبث في تربيته‪».‬‬

‫كتاب في نظرية التربية دون تفاصيل‪ ،‬أمثلته ال طائل منها‪ ،‬يعطي أسلوبًا وحيدًا للقراءة «رغبة» القراءة‪ ،‬يصف تعليم الكتابة بالترهات‪ ،‬والنجاح في البالغة بالعبث‪ ،‬كل هذا سيدفع المربين‬
‫إلى إدانة هذا الكتاب بالحرق‪ .‬يعد روسو بتعليم الطفل « فن أن يكون جاهًال »‪ ،‬بحيث أنه في عمر الثانية عشرة ال يعرف التمييز يده اليمنى من اليسرى‪ ،‬أن ال يكون له أي خيال في الخامسة‬
‫عشرة‪ ،‬الخ‪ .‬ال بد أن ُت دهش العيون حين يعهد أحد اآلباء ابنه لمثل هذا المربي!‬

‫ثالثًا ‪ :‬تفرض عقبات مثل العصيان والكسل والغفلة تصنيفات متنوعة وحلول مختلفة (تتراوح ما بين العقاب والثواب)‪ ،‬ويكون الهدف دائمًا تربية الطفل بالرغم من طبيعته‪ .‬يوفر إميل في‬
‫حاالت واقعية عن أطفال غير محتملين مغرورين‪ .‬يتم حبس هذا الطفل في خزانة‪ ،‬يجبر على البقاء في السرير‪ ،‬يهان من قبل عابرين متواطئين‪ ،‬ينام في غرفة باردة سيكسر نوافذها‪ ،‬الخ‪.‬‬
‫غير أن إميل‪ ،‬يريد‪ ،‬أساسًا‪« ،‬تربية سلبية» ضد األخطار التي تهدد الطفل‪ .‬ال تصدر هذه األخطار عن الطفل‪ ،‬من طبعه أو من عمره‪ ،‬ولكن من تأثير اآلخرين الذين يهددون «القلب اإلنساني»‪.‬‬
‫ليست الصعوبة في تربية الطفل رغم طبيعته‪ ،‬ولكن الصعوبة هي الحفاظ على طبيعته رغم التربية‪ .‬هنا أيضًا يكون إميل عكس ما تمثله نظرية تربوية ‪ :‬ال أهداف‪ ،‬ال أسلوب‪ ،‬ال عالج‪.‬‬

‫‪/3‬أفكاره التربوية ‪:‬‬

‫كانت آراؤه تعبيرا عن أراء الفلسفة في الطبيعة البشرية والتي هي بدورها رد فعل متطرفة لفساد المجتمع في تلك الحقبة‪.‬‬

‫يعتقد روسو أن الطبيعة خيرة‪ ،‬وأن الشر والفساد من صنع البشر "كل ما يخرج من يدي اهلل يكون خيرا ويد اإلنسان تفسده‪.‬‬

‫الفصل األول لكتاب إميل (تحدث فيه عن تربية الطفل من الميالد إلى خمس سنوات)‬

‫انتقد روسو التربية التقليدية في كتابه إميل بشدة وعنف ورفض عادة اللفافة وتعجب كيف نقيد الطفل منذ والدته بلفافة‪ ،‬ونقيده في حياته بالعادات والتقاليد‪ ،‬ثم نقيده بعد مماته بكفن‬
‫فيولد اإلنسان ويعيش ويموت مقيدا‪.‬‬

‫التربية الطبيعية هي ترك الطفل يعيش بحرية‪.‬‬

‫يركز روسو على بناء جسم الطفل بناء سليما بالغذاء واأللعاب الرياضية‪.‬‬

‫يرفض تلقين الطفل مفردات لغوية كثيرة‪ ،‬وأن يردد ألفاظا ال يفهمها‪ ،‬إذ يرى أنه من الخطأ أن نعلمه نطق الكلمات أكثر من قدرته على التفكير‪.‬‬

‫الفصل الثاني (من ستة سنوات إلى اثنى عشرة سنة)‬

‫يعتبرها روسو من أهم المراحل التي يمر بها اإلنسان في حياته‪ ،‬لذا يترك الطفل يعيش في الطبيعة‪ ،‬يستمد معلوماته عن طريق الحواس ومن مالحظاته‪ ،‬فالمربي الحقيقي هو الطبيعة‬
‫وموجودتها ودور اإلنسان هو مساعدة الطفل على فهم دروس الطبيعة‪ ،‬دعامة التربية في هذه المرحلة هي الحواس والمحسوسات‪ ،‬فيقول‪" :‬اجعل المسائل في متناوله ودع حلها له وال‬
‫تجعله يعلم شيئا عن طريقك واجعله يفهم كل شيء بنفسه‪ ".‬ويقول أيضا‪" :‬ال تقدم لتلميذك أي نوع من الدروس الكالمية‪ ،‬فعليه أال يتلقى مثل هذه الدروس إال من التجربة‪".‬‬

‫الفصل الثالث (يتناول فيه الدروس ما بين اثنى عشرة سنة حتى الخامسة عشرة سنة)‬

‫في هذه المرحلة يتعلم إميل ما هو عملي ومفيد له‪ ،‬لذا البد من اختيار المواد بدقة وحذر‪ ،‬ويوصي روسو بتعلم العلوم الطبيعية وعلى رأسها الفلك ثم الجغرافيا وال يتعلمها الفتى من الكتب‬
‫فهو ينصح في االبتعاد عن الخطب الرنانة‪ ...‬تمثل هذه‬ ‫والخرائط بل من مالحظة الطبيعة وعن طريق األسفار‪ ،‬ورغم هذا ينصح بكتاب روبرسون كروزي (‪)Robinson Crusee‬‬
‫المرحلة النشأة العقلية عند اإلنسان في االستطالع والقدرة على المناقشة والفهم والتحليل من أهم ما يميز هذه المرحلة‪ ،‬وتعلم حرفة يدوية أو مهنة منسجمة مع هذه المرحلة‪.‬‬

‫الفصل الرابع (تناول فيه الحديث عن تربية الشباب من الخامسة عشرة سنة إلى العشرين سنة)‬
‫وهو ما أسماه بالتربية الوجدانية واألخالقية‪ ،‬ينصب االهتمام على تنمية العواطف واألحاسيس والمشاعر وإيقاظ الضمير‪ ،‬و أن األخالق مكتوبة في أعماق كل إنسان بشكل طبيعي؛ ويعطي‬
‫روسو قيمة كبيرة للضمير ويراه مبدأ األساس للعدالة‪.‬‬

‫الفصل الخامس (من عشرين سنة إلى خمسة وعشرين سنة)‬

‫يتحدث فيه عن تربية الفتى والفتاة‪ ،‬في هذه يلتقي إميل ب "صوفي" التي تربت كما تربى إميل‪ ،‬مما جعلها أهال للزواج منها لكنهما ال يتزوجا إال بعد أن يقوم برحلة لمدة سنتين‪ ،‬ينتقال‬
‫خاللها في الدول ويتعرفا على أنظمتها االجتماعية وعلى شعوبها وعاداتهم وتقاليدهم‪.‬‬

‫‪/4‬مبادئ التربية الطبيعية عند روسو‪:‬‬

‫‪ -‬اإليمان ببراءة الطفل‪ :‬وهو تأكيد العتقاده بخيرية الطبيعة البشرية‪ ،‬إنه يذكر أن اإلنسان ابن الخطيئة‪.‬‬

‫‪ -‬اإلعالء من شأن الطبيعة‪ :‬فالطبيعة يتعلم منها اإلنسان ما يحتاج‪ ،‬والتربية الصحيحة هي السير وفق قوانينها‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ الحرية ‪ :‬ترك الطفل يتدبر أمره بنفسه يحمله على التفكير واكتشاف المفاهيم والحقائق‪ ،‬على المربي أن يخلق مأزقا للطفل ثم يترك له الحرية للخروج من المأزق‪ ،‬وبهذا تتم عملية‬
‫التعلم التلقائي الراسخ‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ التربية السلبية‪ :‬أي أال نعلم الطفل شيئا ال يطلب تعلمه‪ ،‬فترك له الحرية في الحركة واالحتكاك واكتشاف الخبرة العملية واالبتعاد عن الدروس اللفظية فيقول‪" :‬ال ينبغي أن نلقن الطفل‬
‫دروسا لفظية‪ ،‬فالتجربة وحدها هي التي يجب أن تتولى تعليمه وتأديبه‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ الطفل هو محور التربية‪ :‬أي معاملة الطفل كطفل ال كراشد‪ ،‬وأن ميوله وخصائصه وحاجاته الحاضرة ومصالحه يجب أن تكون مركز العملية التربوية ال رغبات وطموحات الكبار‪.‬‬

‫إن أصحاب هذا المذهب يهتمون بطبيعة الطفل وأساس التربية عندهم ال يتمثل في اإلعداد للمستقبل حيث يقول روسو‪ ":‬إن الطبيعة تتطلب منهم أن يكونوا أطفاال قبل أن يصبحوا رجاال‬
‫وعلى المربين أن ال يحملوا الطفل ما ال طاقة به‪ ،‬وإال عاش تعيسا"‪ ،‬ومن هنا ينحصر دور المربي عندهم في مالحظة نمو الطفل نموا طبيعيا وتهيئة الفرص والظروف المالئمة لهذا النمو‬
‫والتشديد على خبرة الطفل وميوله‪ .‬أي إشراك الطفل في العمل والتجريب في المعامل‪ ..‬وتهيئة الظواهر إلدراكها وإلغاء النظام التعليمي القائم على السلطة العليا‪.‬‬

‫‪-‬اإلنتقادات الموجهة إلى فلسفة التربية الطبيعية‪:‬‬

‫لقد وجهت الكثير من االنتقادات لفكر روسو التربوي من خالل مذهبه الطبيعي فمن خالل ماسبق يمكننا أن نحصي الكثير من هذه االنتقادات نذكرها في مايلي‪:‬‬

‫‪-‬إبعاد الطفل عن المجتمع وتركه في أحضان الطبيعة أمر غير واقعي‪ ,‬ألن الطفل بحاجة إلى اآلخرين حتى يدرك نفسه وينمي إحساسه من خالل إدراك اآلخرين وأحاسيسهم‪.‬‬

‫‪-‬تقليل أهمية الكتب أمر ال يمكن أخذه بعين االعتبار الن الكتاب أصبح وسيلة فاعلة ال غنى عنها في عملية التعلم‪.‬‬

‫‪-‬قام روسو بتقسيم مراحل نمو وتربية الطفل إلى أقسام منفصلة وجعل لكل مرحلة خصائصها ووسائل تعليمها ووضع الجانب الوجداني في المرحلة األخيرة ولكن علماء النفس والتربية‬
‫وجدوا أنه موجود مع الطفل في كل مراحل حياته‬

‫‪-‬قال روسو إن ميول الطفل وقدراته تظهر تلقائيا وذاتيا ولكن من المعروف إن كثيرا من الميول والقدرات ليست فطرية وإنما تكون نتيجة احتكاكه ببيئته والعالم الخارجي‪.‬‬

‫‪-‬آراؤه في تربية البنات تعد من أكثر اآلراء تطرفا وال يمكن األخذ بها‬

‫ومن بين الذين عارضوا روسو من الفالسفة الذين أتوا بعده أبرزهم االنتقادات كانت من برتراند راسل حيث انتقده في عدة مواقف نذكر منها‪:‬‬

‫اعتقاد روسو أن األطفال أهل فضيلة حيث قال راسل في هذا‪ ":‬لقد أعتقد روسو أن األطفال أهل فضيلة بفطرتهم‪ ،‬وأنهم إنما يفسدون بمشاهدة رذائل من يكبرونهم سنا‪ ،‬ولقد نسب هذا الرأي‬
‫إلى روسو وقد قيل عنه أنه غلطة من الناحية العلمية‪ ،‬ولعل رأيه كان نظريا‪ ،‬لكن من يقرأ كتاب إميل يجد أنه كان بحاجة إلى كثير من التربية الخلقية قبل أن يصير الفرد الفذ الذي كان‬
‫تخريجه مقصودا من نظام روسو‪ .‬والواقع أن األطفال ليسوا أخيارا وال أشرارا بالفطرة فهم يولدون وليس فيهم إال بعض غرائز وانعكاسات‪ ،‬ومن هذا تنتج العادات بتأثير البيئة والوسط‬
‫والعادات إما صحيحة وإما سقيمة وأيهما تكون يتوقف على حكمة األمهات أو المربيات‪.‬‬

‫المحاضرة ‪ :8‬الفلسفة البرغماتية والتربية‪.‬‬


‫‪/1‬جذور الفلسفة البرغماتية‪:‬‬

‫تعود جذور الفلسفة البرغماتية إلي الفيلسوف اليوناني هيرقليتس ما بين ( ‪) 457 – 535‬ق م‪ ,‬ثم تطورت في العصر الحديث علي يد ثالثة من أشهر زعمائها وهم شارلز بيرس‪ ,‬ووليم‬
‫جيمس‪ ,‬وجون ديوي‪.‬‬

‫‪/2‬مفهوم الفلسفة البرغماتية وأهم أفكارها‪:‬‬

‫البرجماتية معناها العملية حيث تدعو هذه الفلسفة إلي العمل والبحث وسميت بالوظيفية األداتية أيضا ‪.‬‬

‫وترى أن الطبيعة اإلنسانية مرنة ووظيفية وأن التغير هو أساس الحياة فليس هناك حقائق ثابتة وأن التعلم يكون بالعمل ‪.‬‬

‫وأما نظرتها للعالم فهو عالم غير ثابت بل في حالة تغير وخلق مستمر ويخضع للتجربة والبحث العلمي ‪.‬‬

‫وتنظر البرغماتية للقيم بأنها أيضًا متغيرة وتؤمن بعدم خلود المثل والقيم ‪.‬‬

‫‪/3‬مفهوم التربية في الفلسفة البرغماتية‪:‬‬

‫‪ -‬التربية ليست عملية بث المعرفة للمتعلم من اجل المعرفة وإنما لمساعدة الطفل على مواجهة احتياجات البيئة ‪.‬‬

‫‪ -‬والتربية هي نظرة إيجابية للطفل كونه كائنا اجتماعيا ايجابيا ال ينمو إال باالتصال مع اآلخرين ‪ .‬ويعرف جون ديوي التربية بأنها ( عملية مستمرة إلعادة بناء الخبرة)‪.‬‬

‫‪ -‬ترفض البرغماتية أن تكون التربية عملية بث للمعرفة للطالب من أجل المعرفة إنما ترى أنها تساعد الطفل على مواجهة احتياجات البيئة البيولوجية االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬ويرى البرغماتيون أن التربية هي الحياة وليست إعداد للحياة‪ ،‬وأن واجب المدرسة كمؤسسة تربوية أن تستخدم مواقف الحياة في العملية التربوية‪ ،‬ويعرف جون ديوي التربية بأنها عملية‬
‫مستمرة من إعداد بناء الخبرة بقصد توزيع محتواها االجتماعي وتعميقه‪ ،‬وأن الفرد في الوقت نفسه يكتسب ضبطًا وتحكمًا في الطرائق المتضمنة في العملية‪.‬‬

‫‪/4‬أهداف التربية في الفلسفة البرغماتية‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬إعداد الفرد إعدادا فكرياً وعقليًا واجتماعيًا للتكيف مع بيئته البيولوجية واالجتماعية والعمل على تطويرها‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬تمكن اإلنسان من المشاركة في الوعي االجتماعي للجنس البشري‪.‬‬

‫ج‪ -‬مساعدة المتعلم على فهم العالم المعقد في مظاهره الفكرية والمادية من خالل تبسيط العلوم وتطهيرها من الشوائب والمعلومات غير المناسبة‪.‬‬

‫د‪ -‬إحداث االنسجام والتوافق واالتزان في شخصية المتعلم مع بيئته‪.‬‬

‫هـ‪ -‬يتعلم الفرد كيف يفكر وتزويده بالخبرات الالزمة والمهارات المالئمة علي حل المشكالت بما يحقق له النفع في حياته‪.‬‬

‫و‪ -‬تحقيق استمرار النمو العقلي والجسدي واالجتماعي‪.‬‬

‫ز‪ -‬إشراك المتعلم في تكوين األهداف التي توجه نواحي نشاطه في عملية التعلم‪.‬‬

‫‪/5‬التطبيقات التربوية للفلسفة البرجماتية‪:‬‬

‫أوال)مفهوم الطالب‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬الطالب هو محور العملية التربوية وهدفها‪ ،‬ومن هنا يجب مراعاة ميوله واهتماماته وحاجاته‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬يجب أن يربى الطالب باعتباره كائنا إيجابيا مبدعا ومبتكرا‪ ،‬ومن هنا ينبغي تعليمه التعاون والتفاهم وكيف يكيف نفسه مع اآلخرين‪ ،‬وكيف يحل مشكالته‪.‬‬

‫ج‪ -‬ضرورة العناية بطموحات الطالب وتطلعاته وتنمية حب االستطالع لديه وتمرينه على الذكاء‪.‬‬

‫د‪ -‬ترفض الفلسفة البرغماتية استخدام العنف واستخدام الشدة مع الطالب ومهمة التدريس هي توجيه النشاط الذاتي الهادف له‪.‬‬

‫هـ‪ -‬ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة ومراعاة ميولهم ودوافعهم وتدريبهم على االعتماد على النفس‪.‬‬

‫ثانيا)مفهوم المعلم‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬المعلم ميسرا للعملية التعليمية وليس مسيطرا عليها فهو متسامح ودود‪ ،‬يتمتع بعقل واسع ومتحمس لعمله‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬ال يسعى المعلم إلى حشو عقول الطلبة بالمعلومات بل يقدم لهم الخبرات التي تساعدهم في التعامل مع الحياة‪.‬‬

‫ج‪ -‬ال يقوم المعلم بتدريس المواد بطريقة منهجية بل يتعامل مع الوحدات المتجانسة والخبرات المتشابهة التي تحقق فهما أفضل لطلبته‪.‬‬

‫د‪ -‬يساعد المعلم في تنمية قدرات طالبه للقيام بتجارب مستقبلية ويقترح على طالبه المشكالت ويقودهم إلى حلها بالطرق العلمية‪.‬‬

‫ثالثا)مفهوم المنهاج‪:‬‬

‫أ‪ -‬يرى جون ديوي أن المنهاج ينبعي أن ينطلق من خبرات الطفل وليس على أساس تقسيم المنهج إلى مواد منفصلة‪ ،‬كما يرى أن تدريس المنهاج يجب أن يتم عن طريق ربطه بالحياة‬
‫ومشكالتها‪.‬‬

‫ب‪ -‬يجب أن يتضمن المنهاج النشاطات واألعمال اليدوية حول عدد من المهن االجتماعية السائدة كالطبخ والحياكة والحدادة‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫ج‪ -‬المنهاج في الفلسفة البرجماتية ال يهتم بالتراث الثقافي واالجتماعي في الماضي بقدر ما يركز على الحاضر والمستقبل‪.‬‬

‫د‪ -‬يحاول المنهاج التوفيق بين حاجات الطفل وبين الخبرات الالزمة لفهم مشكالت الحياة‪.‬‬

‫رابعا)مفهـوم طرق التدريس‪:‬‬

‫أ‌‪ -‬تعتمد طرق التدريس على حل المشكالت والتعلم باالكتشاف الذي يحدث خالل التفاعل والنشاط وعلى المعلم فقط أن يهيئ البيئة المالئمة للنمو والتفاعل وحل المشكالت‪.‬‬

‫ب‌‪ -‬التربية الصالحة تتحقق من خالل الخبرة الصالحة‪.‬‬

‫‪-‬اإلنتقادات الموجهة إلى فلسفة التربية البرجماتية‪:‬‬

‫‪-‬تركز البرغماتية على المتعلم وتعده المحور األساس في بناء المنهج وتنفيذه وترفض االتجاهات التربوية التقليدية التي اتخذت المادة الدراسية محورًا لها في بناء المنهج وتنفيذه‪ ،‬وألن‬
‫المتعلم محور العملية التعليمية وترفض البرغماتية التحديد السابق للمادة العلمية وترفض التخطيط للعملية التعليمية ومراحلها‪ ،‬مما يجعلها تبتعد عن تنظيم العملية التربوية موادًا وفصوًال‪.‬‬

‫‪-‬تؤكد الخبرة الذاتية للفرد بوصفها وسيلة لمعرفة العالم الخارجي والتعامل معه‪ ،‬وترى أن مفهوم الصدق يطابق مفهوم النجاح والفاعلية تطابق المنفعة فكل ما يحقق فائدة عملية ويقود إلى‬
‫تحقيق أهداف الفرد صادقًا وصحيحًا‪.‬‬

‫‪-‬أنها تؤكد النمو التلقائي للفرد بحكم العوامل الوراثية الحتمية والبيولوجية وتنظر إلى أهمية التراكم الكمي للخبرات الفردية في تكوين الشخصية‪ .‬وعلى هذا األساس تتعامل مع التربية‬
‫باالنتقاء االجتماعي والتوزيع وفقًا لقدرات األفراد الطبيعية‪ ،‬وال سيما الذكاء‪ .‬وعليه ال يمكن بناء الشخصية المتكاملة بحكم إغفالها للتراث الحضاري والعوامل االجتماعية والعوامل األخرى‬
‫تؤدي أثرًا في بناء شخصية اإلنسان وهذا يناقض منطق العلم‪ ،‬ويؤدي بالمتعلم إلى تشتت اتجاهاته‪.‬‬

‫‪-‬ال تتقيد التربية البرغماتية بمعايير روحية فليس في رأيها وجود سابق للقيم والمعايير الروحية‪ ،‬ولكنها تنشأ في أثناء القيام بالتجارب الناجحة‪ ،‬وتتولد في أثناء حل المشكالت المتنوعة‪.‬‬
‫وترى أيضًا أن الخبرة الذاتية للفرد والنجاح الفردي هما األساس لألخالق‪ ،‬وليس تراكم التراث الثقافي لإلنسانية‪ ،‬أو لمصلحة المجتمع وقيمته‪ ،‬فهي بذلك تؤكد التنافس‪ ،‬وتنمي الفردية‬
‫والنجاح الفردي والمنفعة والبقاء لألقوى‪.‬‬

‫‪-‬وألن النظرية البرغماتية تركز على الجانب العملي لعملية التعليم فإن نشاط المتعلم وفاعليته في النشاط والمشروعات والوحدات التي خططها المتعلم وينفذها فهي بذلك تقدمه للمعرفة بدًال‬
‫من أن تقدم المعرفة له‪ .‬وهذا سيؤدي إلى تحطيم التنظيم المنطقي للمادة العلمية‪ ،‬فضًال عن أنها ال تقدم للتالميذ إال المعلومات الجزئية والسطحية ذات الهدف النفعي مما يؤدي إلى ضعف‬
‫المستوى العلمي للتالميذ‪.‬‬

‫يتمثل دور المعلم البرجماتي في النصح واإلستشارة وتنظيم ظروف الخبرة واإلمكانات التي تساعد على تعلم الفرد‪ .‬وهذا يعني إهمال الكثير من طاقات المعلم وإمكاناته وإبداعاته ألنه عنصر‬
‫فاعل في العملية التعليمية مما يكسب العملية التربوية قدرة على بناء المتعلم وتعليمه‪.‬‬

‫‪-‬إن هذه النظرية ما هي إال تعبير عن واقع المجتمع األمريكي وتطوره االقتصادي واالجتماعي في تطوره العلمي وتقدمه الصناعي‪ ،‬وهي محور القيم الحضارية واالجتماعية التي تؤكد الربح‬
‫والنجاح‪ ،‬ونمو الروح الفردية والنزعة العلمية والواقعية والنفعية معبرة عن ازدهار الرأسمالية وقوة البرجوازية‪.‬‬

You might also like