You are on page 1of 18

‫المسؤوليّةّعنّاألضرارّالنّاجمةّعنّالتّجمهرّبالطّرقاتّوالسّاحاتّالعموميّةّ‬

‫فيّفقهّقضاءّالمحكمةّاإلداريةّ‬
‫ّ‬
‫تعليق على القرار التّعقيبي عدد ‪ 310938‬بتاريخ ‪ 28‬ماي ‪ ،2011‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في حقّ وزارة ال ّداخلية ض ّد عبد ال ّ‬
‫سالم بن‬
‫عمر في حق ابنته القاصرة أميرة‪1‬‬
‫ّ‬
‫فيصلّبوقرةّ‬
‫القاضيّبالمحكمةّاإلداريةّ‬

‫مقدّمة‪:‬‬
‫إنّ ّإخضاع ّالسّلطة ّاإلداريّة ّإلى ّسلطان ّالقانون ّمن ّخالل ّإرجاعها ّإلى ّرقابة ّالقضاء‬
‫عموماّوالقضاءّاإلداريّخصوصاّلمّيكنّباألمرّالهيّنّواليسير‪ّ،‬إذّأن ّمبدأّالالّمسؤوليّةّكانّ‬
‫سائداّفيّمختلفّاألنظمةّالقانونية‪ّ،‬ويجدّتبريرهّفيّأنّّالحاكمّالّيخطأّ‪« le souverain ne 2‬‬
‫» ‪ّ.saurait mal faire‬‬

‫ّ‬
‫وتترجمّذلكّفيّالقانونّالتونسي ّفي ّصدور ّأحكامّقضائيّةّأنكرتّعلىّاإلدارةّالمسؤوليّةّ‬
‫والخطأ‪ّ ،‬ومن ّذلك ّما ّقضت ّبه ّمحكمة ّالوزارة ّالشّرعيّة ّبتاريخ ّ‪ّ 7‬ماي ّ‪ّ 1925‬بأن ّ"تطبّقّ‬

‫ّ‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة تونس‬ ‫كلية الحقوق والعلوم‬ ‫‪ - 1‬مداخلة ّقدمت بمناسبة الملتقى العلمي "قراءات في اجتهادات فقه ّ‬
‫قضائية ‪ ،"2‬وحدة البحث "فقه القضاء"‪ّ ،‬‬
‫المنار‪ 25 ،‬فيفري ‪( ،2017‬منشورة)‪.‬‬
‫أ‬ ‫المسؤولية أال ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫السياق‪ - :‬يراجع تعليقنا على القرار المذكور‪ّ :‬‬ ‫‪ -‬يراجع في نفس ّ‬
‫منية عن الستعراضات امام المحكمة‬ ‫قضية حادثة حفل ستار اكاديمي تعيد طرح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدارّية‪ ،‬منشور على موقع المجلة الرقمية ”نقطة قانونية“ ‪ 17 ،Point Juridique‬مارس ‪.2017‬‬
‫ّ‬
‫متوفر على ّالرابط ّالتالي‪:‬‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/1DBqj8mlqskn1fzk1TBj3SF7YtHV2ZZYw/view?usp=sharing‬‬
‫ألسلطة ّ‬
‫ألعامة"‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مسؤولية ّ‬ ‫"ألتسليم ّألدغمائي بعدم‬
‫‪ - 2‬أو ما يدعوه ألفقيه بول دياز ‪ّ Paul Duez‬‬
‫‪- « Le dogme de l’irresponsabilité de la puissance publique », Paul Duez, La responsabilité de la puissance publique, Dalloz, 2ème éd., 1934.‬‬
‫ّ‬
‫ألمسؤولية ألقائمة على‬ ‫أإلدأرية دون خطا ظهرت قبل‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية‬ ‫وألسلطة‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ّ‬
‫معصومية ألحاكم ّ‬ ‫حتمية لمنطق‬‫‪ -‬بخصوص ألقضاء ألفرنسي‪ ،‬يذكر أ ّنه كنتيجة ّ‬
‫ألخطا‪ ،‬وذلك منذ قرأر مجلس ّألدولة "‪ "Cames‬ألمؤ ّرخ في ‪ 21‬جوأن ‪ ،1895‬في حين ظهرت ألمسؤولية ألتقصيرية مع قرأر مجلس ألدولة ألمؤرخ في ‪ 10‬فيفري ‪،1905‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"‪."Tomaso Grecco‬‬
‫أ ّما قرأر مجلس ّألتنازع ألمؤ ّرخ في ‪ 8‬فيفري ‪ " Agnès Blanco" ،1873‬فيرجع له ألفضل فقط في حسمه بوضوح ألجدل ألقائم وإقرأره إنطباق قوأعد ألقانون أإلدأري‬
‫بالنظر في تلك ألقضايا‪ ،‬في حين لم ّ‬
‫يتعرض ألقرأر ألمذكور إلى طبيعة‬ ‫مسؤولية ّألدولة عن أعوأنها وإختصاص ألقضاء أإلدأري دون غيره ّ‬‫ّ‬ ‫على ّألنزأعات ألتي تثار فيها‬
‫ّ‬
‫ألمسؤولية سوأء إن كانت قائمة على خطا أو بدونه‪.‬‬
‫يرأجع في ذلك‪:‬‬
‫‪Pierre Tifine, « Droit administratif français », Sixième Partie, Chapitre 3: Conditions d’engagement de la responsabilité de‬‬
‫‪l’administration, Éditions juridiques franco-allemandes, E.J.F.A., 3ème Éd., 2016.‬‬

‫‪1‬‬
‫قاعدةّالفقهّاإلسالميّالتيّالّنزاعّفيهاّوهيّأنّ ّأعمالّاألميرّالصّادرةّمنهّلماّلهّمنّالواليةّ‬
‫العامّةّالّتؤدّيّإلىّالقيامّبنازلةّفيّغرمّالضّرر"‪ّ.‬‬
‫أمّا ّبالنّسبة ّإلى ّالمحاكم ّالفرنسيّة ّالمنتصبة ّفي ّتونس ّفقد ّدأبت ّعلى ّإستبعاد ّمسؤوليّةّ‬
‫اإلدارة‪ّ ،3‬ومن ّذلك ّقرار ّحبيبة ّمسيكة ّالصادر ّبتاريخ ّ‪ّ 5‬أفريل ّ‪ّ ،1918‬إذ ّرفضت ّإقرارّ‬
‫مسؤوليّة ّاإلدارة ّعن ّأعمال ّالنّهب ّالتي ّجدّت ّبتونس ّإثر ّمقتل ّالفنّانة ّالمذكورة ّوانجرّ ّعنهاّ‬
‫تضرّر ّبعض ّالتجّار‪ّ ،‬إالّ ّأنّ ّهذا ّالحكم ّوقع ّنقضه ّمن ّمحكمة ّاإلستئناف ّبالجزائر ّبتاريخ ّ‪ّ4‬‬
‫نوفمبرّ‪ّ 1921‬التيّأقرّتّألوّلّمرّةّفيّتونسّمبدأّالمسؤوليّةّالمدنيةّلإلدارة ّاستناداّإلىّاألمرّ‬
‫العليّ ّالمؤرّخّفيّ‪ّ 27‬نوفمبرّ‪ّ 1888‬المتعلّقّبالخصامّاإلداري‪ّ ،4‬وقدّتأيدّمنّمحكمةّالتّعقيبّ‬
‫بفرنساّبتاريخّ‪ّ13‬مايّ‪ّ.1924‬‬
‫وبمناسبة ّالقرار ّاإلستئنافي ّعدد ّ‪ّ 160‬بتاريخ ّ‪ّ 16‬ماي ّ‪(ّ ،1985‬محمد ّكنوزي ّضدّّ‬
‫م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ .‬فيّحقّ ّوزارةّالدّاخليّة)‪ّ،‬فوتّتّالمحكمةّاإلداريةّ ّعلىّنفسهاّفرصةّإقرارّالمسؤوليّةّ‬
‫دونّخطأّالمؤسّسةّعلىّالتّجمهر‪ّ،‬إذّأقرّتّأنّالمسؤوليّةّاإلداريّةّتجدّأساسهاّفيّالخطأّإستناداّ‬
‫إلىّأحكامّالفصلّاألول ّمنّاألمرّالعليّ ّالمؤرّخّفيّ‪ّ 27‬نوفمبرّ‪ّ 1888‬وأنّ ّاألضرارّالالحقةّ‬
‫بالمتضرّر ّالذيّكانّشريكا ّعرضيّا ّلإلدارة ّفيّتسييرّالمرفقّالعام ّالمتمثّلّفيّنقلّالمسافرينّ‬
‫نجمتّجرّاءّخطأهّالشّخصيّالمتمثّلّفيّخرقهّلحالةّالطّوارئّ(أضرارّبسببّرشقّحجارةّمنّ‬
‫متجمهرينّالحقةّبسيارةّأجرةّوبراكبيهاّأثناءّأحداثّالخبزّواإلضرابّالعام ّإلتّحادّالشّغل ّفيّ‬
‫‪ّ26‬جانفيّ‪.5)1978‬‬
‫وبعد ّإلغاءّاألمرّالعليّ ّلسنةّ‪ّ 1888‬بمقتضىّالفصلّ‪ّ 4‬منّالقانونّعددّ‪ّ 39‬لسنةّ‪ّ1996‬‬
‫المتعلّق ّبتنقيح ّواتمام ّالقانون ّعدد ّ‪ّ 40‬لسنة ّ‪ّ 1996‬المتعلّق ّبالمحكمة ّاإلداريّة‪ّ ،6‬شمل ّالتّنقيحّ‬
‫كذلكّالفصلّ‪ّ17‬منهّتحتّتأثيرّفقهّقضاءّالمحكمةّاإلدارية‪ّ7‬وخاصّةّفيّمجالّالمسؤوليّةّدونّ‬
‫خطأ‪ّ ،8‬بأن ّعهد ّالمشرع ّفي ّالفقرة ّ‪ّ 2‬منه ّإلى ّالدّوائر ّاإلبتدائيّة ّوالية ّعامّة ّوشاملة ّفي ّمادّةّ‬
‫القضاء ّالكامل‪ّ ،9‬إذ ّأسند ّإليها ّإختصاص ّالنّظر ّفي ّ(‪ّ )...‬الدّعاوى ّالرّامية ّإلى ّجعل ّاإلدارةّ‬
‫مدينةّمنّأجلّأعمالهاّاإلداريّةّغيرّالشّرعيّةّأوّمنّأجلّاألشغالّالتيّأذنتّبهاّأوّمنّأجلّ‬
‫أضرار ّغير ّعاديّة ّترتّبت ّعن ّأحد ّأنشطتها ّالخطرة‪ّ .10‬كما ّتنظر ّفي ّجميع ّالدّعاوى ّذاتّ‬
‫الصّبغةّاإلداريّةّباستثناءّماّأسندّمنهاّلمحاكمّأخرىّبقانونّخاصّ‪.11‬‬

‫كلية ألحقوق بصفاقس‪،‬‬‫خاص‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬


‫أإلدأرية"‪ ،‬عدد ّ‬ ‫ّ‬
‫"ألمسؤولية‬ ‫مجلة "درأسات ّ‬
‫قانونية"‪،‬‬ ‫وألتا ّثر‪ّ ،‬‬
‫أإلدأرية‪ّ :‬ألتاثير ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وألمسؤولية‬ ‫ألمسؤولية ّ‬
‫ألمدنية‬ ‫ّ‬ ‫محمد محفوظ‪،‬‬‫‪ّ -3‬‬
‫ألمطبعة ّألرسمية‪ ،2006 ،‬ص‪.‬ص‪.42-31 .‬‬
‫ّ‬
‫‪ - 4‬يرأجع بخصوص هذأ ألمر ألعلي‪:‬‬
‫‪- « Le centenaire du décret beylical du 27 novembre 1888 et le contentieux administratif », Colloque organisé les 28, 29, 30 novembre‬‬
‫‪1988 par l’Association Tunisienne des Sciences Administratives (A.T.S.A.) avec le concours des Services Culturels de l’Ambassade de France,‬‬
‫‪Université de droit, d’Économie et de Gestion de Tunis III, Série Sciences Juridiques, n° 2, C.E.R.P., Tunis.‬‬
‫‪ - 5‬يرأجع في ذلك‪:‬‬
‫‪- Ghada Ben Jaballah, La responsabilité administrative pour préjudice anormaux résultant des activités dangereuses, In La Revue du droit‬‬
‫‪« Infos Juridiques », n° 220/221, mai 2016, p.p. 10-15.‬‬
‫‪6 - « La réforme de la justice administrative: les lois n° 38, 39 et 40 du 3 juin 1996 », Actes du colloque organisé du 27 au 29 novembre‬‬

‫‪1996 à la Faculté des Sciences Juridiques, Politiques et Sociales de Tunis, C.P.U., 2 e Tirage, 1er Semestre, 1999.‬‬
‫‪7 - « L’œuvre jurisprudentielle du Tribunal administratif tunisien », Ouvrage collectif réalisé sous la direction de Sadok Belaïd, Éd. C.‬‬

‫‪É.R.P., Tunis, 1990.‬‬


‫كلية ألحقوق بصفاقس‪ ،‬ألمطبعة ّألر ّ‬
‫سمية‪،‬‬ ‫خاص‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أإلدأرية"‪ ،‬عدد ّ‬ ‫ّ‬
‫"ألمسؤولية‬ ‫مجلة "درأسات ّ‬
‫قانونية"‪،‬‬ ‫ألدأرية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية‬ ‫ألصيد‪ ،‬مكانة ألخطا في‬ ‫‪ - 8‬مبروكة ّ‬
‫‪،2006‬ص‪.‬ص‪.2006 ، 110-79 .‬‬
‫ألس ّ‬
‫ياسية بتونس‪ ،‬تونس‪.1998 ،‬‬ ‫ألحقوقيين‪ ،‬ألعدد ‪ّ ،6‬‬
‫كلية ألحقوق وألعلوم ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪" - 9‬ألقضاء أإلدأري"‪ ،‬أعمال ملتقى ‪ 6‬و‪ 7‬ديسمبر ‪ ،1996‬مجموعة لقاءأت‬
‫‪10‬‬
‫‪- Ghada Ben Jaballah, La responsabilité administrative pour préjudice anormaux résultant des activités dangereuses, In La Revue du‬‬
‫‪droit « Infos Juridiques », n° 220/221, mai 2016, p.p. 10-15.‬‬
‫كلية ألحقوق بصفاقس‪ ،‬ألمطبعة‬‫خاص‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أإلدأرية"‪ ،‬عدد ّ‬ ‫ّ‬
‫"ألمسؤولية‬ ‫مجلة "درأسات ّ‬
‫قانونية"‪،‬‬ ‫أإلدأرية أليوم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية‬ ‫‪ - 11‬يرأجع في ذلك‪ :‬ناجي ّ‬
‫ألبكوش‪،‬‬
‫سمية‪،2006 ،‬ص‪.‬ص‪.2006 ، 34-9 .‬‬ ‫ّألر ّ‬

‫‪2‬‬
‫وبذلكّيكونّالمشرّعّقدّأقرّصراحةّالمسؤوليّةّدونّخطأّالمؤسّسةّعلىّالمخاطر‪ّ12‬تماشياّ‬
‫معّتطورّفقهّقضاءّالمحكمةّاإلداريّةّوخاصّةّمنذّالقرارّعددّ‪ّ590‬بتاريخّ‪ّ12‬مارسّ‪ّ،1990‬‬
‫(م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ.‬فيّحقّّوزارةّالمواصالتّضدّّالمنجيّالبلغوثي)‪ّ.13‬‬
‫ويؤسّس ّالفقه ّوفقه ّالقضاء ّالمسؤوليّة ّدون ّخطأ ّعلى ّخرق ّمبدأ ّالمساواة ّأمام ّاألعباءّ‬
‫العامّة ّوعلى ّنظريّة ّالمخاطر ّالمستحدثة‪ّ 14‬التي ّتنقسم ّبدورها ّإلى ّعديد ّاألصناف ّومنهاّ‬
‫األنشطة ّالخطرة ّواستعمال ّالوسائل ّوالطرق ّالخطرة ّوالمسؤوليّة ّعن ّالتجمّع ّوالتّجمهرّ‬
‫بالطّرقات ّوالسّاحات ّالعموميّة ّالتي ّيعتبرها ّالبعض ّبمثابة ّصنف ّمستقلّ ّبذاته ّعن ّبقيةّ‬
‫األصنافّالمذكورة‪ّ.15‬‬
‫وقدّأتيحتّالفرصةّللمحكمةّاإلداريّةّلتكريسّنظريّةّالمخاطرّبخصوصّاألضرارّالنّاجمةّ‬
‫عنّالتّجمهرّفيّعديدّالقضاياّتعلّقت ّإحداها ّبمشارك ّبالتجمهر ّتعرّضّلطلقّناريّصادرّعنّ‬
‫أعوانّاألمن‪ّ،16‬وكذلكّبخصوصّغيرّمشاركّضحيّةّطلقّسالحّناري‪ّ،17‬وتمكنتّبمناسبةّ‬
‫القضيّة ّاألخيرة ّفي ّالذكر ّمن ّتمييز ّالنّظام ّالقانوني ّللمشارك ّوالفضولي ّوأسّست ّالمسؤوليّةّ‬
‫بخصوصّاألضرارّالالحقةّبهماّعلىّنظريّةّالخطأّالمرفقي‪ّ،‬أماّبخصوصّغيرّالمشاركّفقدّ‬
‫أسّستهاّعلىّالمخاطر غير العاديّةّوالنّاجمة عن استعمال أعوانّاألمن ألسلحتهم النّاريّة‪ّ.‬‬
‫وبمناسبةّالقضيةّاإلبتدائيّةّعددّ‪ّ1/16754‬بتاريخّ‪ّ28‬مارسّ‪(ّ،2008‬عبدّالسّالمّبنّعمرّ‬
‫فيّحقّ ّابنتهّالقاصرةّأميرة ّضدّ ّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ .‬في ّحق ّوزارةّالدّاخليّة)‪ّ ،‬طرحتّإشكاليّةّمسؤوليةّ‬
‫الدولةّعنّاألضرارّالالحقةّبغيرّالمشاركّبالتّجمهر ّالناجمةّعنّتراشقّمشجعيّفريقيّكرةّ‬
‫قدم ّبالحجارة ّإثر ّتقاطعهما ّوتجمهرهما ّعلى ّمستوى ّمحطّة ّإستخالص ّبالطّريق ّالسيارة ّبعدّ‬
‫نهاية ّمباراة ّرياضية‪ّ .‬وقد ّأقرت ّالدائرة ّاإلبتدائية ّبالمحكمة ّاإلدارية ّمسؤولية ّوزارة ّالدّاخليةّ‬
‫عنّاألضرارّالماديةّوالمعنويةّوالجماليةّالالحقةّبالمتضررة ّاستناداّإلىّأن ّ"التّجمهرّيكتسيّ‬
‫خطورةّخاصّةّوواضحةّتضفيّعلىّالمسؤوليّةّالنّاشئةّعنّاألضرارّصبغةّموضوعيّة"‪ّ.‬‬
‫هذاّوأيدتّالمحكمةّاإلداريةّإستئنافياّحاكمّالبدايةّفيّهذاّالتوجهّوالتمشيّفيّالقضيةّعددّ‬
‫‪ّ27001‬بتاريخّ‪ّ10‬جويليةّ‪ّ،2009‬وهوّالحكمّمحلّالطعنّبالتعقيبّمنّالمكلفّالعامّبنزاعاتّ‬
‫الدّولةّفي ّحق ّوزارةّالدّاخليّةّويعيبّفيهّعلىّحاكمّالطّورّاإلستئنافي ّماّتوصلّإليه ّباإلستنادّ‬
‫إلى‪ّ:‬‬
‫‪ -‬مخالفة ّأحكام ّالفصل ّ‪ّ 14‬من ّالقانون ّعدد ّ‪ّ 4‬المؤرّخ ّفي ّ‪ 24‬جانفي‪ّ 1969‬المتعلقّ‬
‫باإلجتماعات ّالعامّة ّوالمواكب ّواإلستعراضات ّوالمظاهرات ّوالتّجمهر‪ّ ،‬بمقولة ّأنه ّال ّيمكنّ‬
‫إعتبارّإلتقاءّأنصارّالجمعيتينّمنّقبيلّالتّجمهرّالمسلح‪.‬‬
‫‪ -‬مخالفةّأحكامّالفصلّ‪ّ17‬منّقانونّالمحكمةّاإلداريّة‪ّ،‬بمقولةّأنّالشّغبّالمدعىّبهّالّ‬
‫يعتبرّتجمهراّمسلحاّينطويّعلىّمخاطرّواضحة‪.‬‬
‫‪ -‬مخالفةّأحكامّالفصلّ‪ّ 7‬منّمجلّةّاإلجراءاتّالجزائيّة‪ّ ،‬بمقولةّأن ّثبوتّإدانةّالغيرّ‬
‫‪12‬‬ ‫‪- Rahma Jallouli, « Le rôle du risque dans la responsabilité administrative », Mémoire du Mastère en droit public et commerce‬‬
‫‪international, Faculté de droit de Sfax, 2012-2013.‬‬
‫ّ‬
‫وألقضية عدد ‪ 1292‬بتاريخ ‪ 14‬نوفمبر‬ ‫ألصادق قربوج ومن معه‪،‬‬ ‫ضد ّ‬ ‫حق وزأرة ألفالحة ّ‬
‫ألقضية عدد ‪ 702‬تاريخ ‪ 13‬جانفي ‪ ،1992‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في ّ‬‫‪ - 13‬يرأجع كذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حق وزأرة ألتجهيز ضد عبد أللطيف ألتركي‪ ،‬ألحكام ألكبرى في فقه ألقضاء أإلدأري‪ ،‬تحت إشرأف محمد رضا جنيح‪ ،‬مركز ألنشر ألجامعي‪،2007 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،1994‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في ّ‬
‫ص‪ .‬ص‪.405-387 .‬‬
‫ألعمومية‪ ،‬مرجع سابق ّألذكر‪ ،‬ص‪.‬ص‪ 420-407 .‬؛ مالحظات‬ ‫ّ‬ ‫حق وزأرة ّ‬
‫ألصحة‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في ّ‬ ‫ألقضية عدد ‪ 1078‬بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،1993‬عمر ألحفصي ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألستاذ إبرأهيم ألبرتاجي‪ ،‬مجلة ألقضاء وألتشريع‪ ،1994 ،‬ص‪ 412 .‬وما يليها‪.‬‬
‫خاص‪ّ ،‬‬
‫كلية ألحقوق‬ ‫ّ‬
‫أإلدأرية"‪ ،‬عدد ّ‬ ‫ّ‬
‫لمسؤولية‬ ‫مجلة "درأسات ّ‬
‫قانونية"‪" ،‬أ‬ ‫نظرية ألمخاطر ألمستحدثة‪ّ ،‬‬ ‫ألمبنية على ّ‬ ‫ّ‬
‫أإلدأرية ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية‬ ‫‪ - 14‬مبروكة ّ‬
‫ألصيد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بصفاقس‪ ،‬ألمطبعة ألرسمية‪ ،2006 ،‬ص‪.‬ص‪.110-79 .‬‬
‫‪15 - Didier Truchet, « L’indemnisation du risque en droit administratif », Revue R.I.S.E.O. (Risques, études et observations), n° 2013-2.‬‬
‫محمد ّ‬
‫ألشارف‪ ،‬غير منشور‪.‬‬ ‫ضد ورثة ّ‬ ‫ألمحليــة ّ‬ ‫أخلية ّ‬
‫وألتنمية ّ‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬ ‫‪ - 16‬حكم إستئنافي عدد ‪ 24828‬بتـاريخ ‪ 28‬ماي ‪ّ ،2005‬‬
‫ألمكلف ألعام بنزأعات ّألدولة في ّ‬
‫ضد مخلوف‪ ،‬غير منشور‪.‬‬‫ألمحليــة ّ‬
‫وألتنمية ّ‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬
‫أخلية ّ‬ ‫عقيبية عدد ‪ 37515‬بتاريخ ‪11‬جويلية ‪ّ ،2005‬ف ألعام بنزأعات ّألدولة في ّ‬
‫ألعامة ّألت ّ‬
‫‪ - 17‬قرأر ألجلسة ّ‬

‫‪3‬‬
‫جزائيا ّيشكّل ّحالة ّإعفاء ّلمصلحة ّاإلدارة ّبالنّظر ّإلى ّاستقالليّة ّالمسؤوليّة ّاإلداريّة ّعنّ‬
‫المسؤوليّةّالجزائيّةّوعمالّبقاعدةّعدمّالتّعويضّمرتينّعنّنفسّالضّرر‪ّ،‬الّسيماّوأنهّلمّيثبتّ‬
‫أنّالضّررّالالّحقّبالمقامّفيّحقهاّمتولدّعنّالخطأّالمرفقي‪ّ.‬‬
‫ولعلّهذاّيدفعناّإلىّطرحّالسؤالّاآلتي‪ّ:‬‬
‫ساحات العموميّة‬ ‫طرقات وال ّ‬ ‫متى يمكن إقرار مسؤوليّة الدّولة على أساس الت ّجمهر بال ّ‬
‫وتحميلها التّعويض عن األضرار النّاجمة عن ذلك؟‬
‫بمناسبة ّهذا ّالقرار ّالتعقيبي ّعدد ّ‪ّ 310938‬بتاريخ ّ‪ّ 28‬ماي ّ‪(ّ ،2011‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ .‬في ّحقّ‬
‫وزارةّالدّاخليةّضدّعبدّالسّالمّبنّعمرّفيّحقّّابنتهّالقاصرةّأميرة)‪ّ،‬رفضتّالمحكمةّمطاعنّ‬
‫المدعيّوأيدتّالقرارّاإلستئنافي‪ّ،‬كماّوضعتّالمحكمةّتعريفاّللتجمهر‪ّ،‬وبينتّطبيعةّمسؤوليةّ‬
‫الدولة‪ّ ،‬كيفية ّإنعقادها ّوحاالت ّاإلعفاء ّمنها‪ّ ،‬األشخاص ّالمعنيين ّبالتعويض ّعن ّاألضرار‪ّ،‬‬
‫وحدودّذلكّالتعويض‪ّ.‬‬
‫بما ّيتطلب ّمنا ّالتعرض ّإلى ّالنّظام ّالقانوني ّللتّجمهر ّبالطّرقات ّوالسّاحات ّالعموميّة ّ(في‬
‫الجزء األ ّول)‪ّ،‬وطبيعةّالمسؤوليةّاإلداريةّوآثارهاّ(في الجزء الث ّاني)‪ّ.‬‬

‫‪4‬‬
5
‫ساحات العموم ّية‬ ‫طرقات وال ّ‬ ‫األول‪ :‬النّظام القانوني للت ّجمهر بال ّ‬
‫الجزء ّ‬
‫إن ّذلكّيتطلبّمناّالتصديّإلىّالتّعريف ّالوضعي ّللتّجمهرّمنّخالل ّالقانونّعددّ‪ّ 4‬لسنةّ‬
‫‪ّ 1969‬المؤرّخّفيّ‪ّ 24‬جانفي ّ‪ّ 1969‬المتعلق ّباإلجتماعاتّالعامّةّوالمواكبّواإلستعراضاتّ‬
‫والمظاهرات ّوالتّجمهر (الفرع األ ّول)‪ّ ،‬وكذلك ّالتّعريف ّالفقهي ّوالقضائي ّللتّجمهر (الفرع‬
‫الث ّاني)‪ّ.‬‬
‫الفرع األ ّول‪ :‬الت ّعريف التّشريعي للت ّجمهر‬
‫تمّّتنزيل ّحقّالتظاهرّالسّلميّالمضمونّبالدّستورّوبالمواثيقّالدّوليةّتشريعيّاّبالقانونّعددّ‬
‫‪ّ 4‬لسنة ّ‪ّ 1969‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 24‬جوان ّ‪ّ 1969‬المتعلق ّباإلجتماعات ّالعامّة ّوالمواكبّ‬
‫واإلستعراضاتّوالمظاهراتّوالتّجمهر‪ّ.18‬‬
‫وقد ّأخضع ّالمشرع ّبالفصل ّ‪ّ 9‬من ّالقانون ّالمذكور ّإلعالم ّسابق ّكلّ ّالمواكبّ‬
‫واإلستعراضات ّوبصفة ّعامّة ّكلّ ّمظاهرة ّبالطّريق ّالعام ّمهما ّكانت ّصبغتها‪ّ ،‬كما ّحجرّ‬
‫بالفصل ّ‪ّ 11‬منه ّكل ّالمواكب ّأو ّاإلستعراضات ّأو ّالمظاهرات ّالمسلّحة ّوإعتبرها ّمن ّقبيلّ‬
‫التّجمهرّبالطّريقّالعام‪ّ،‬كماّخوّلّالفصلّ‪ّ 12‬منّنفسّالقانونّللسّلطّالمسؤولةّاتّخاذّقرارّفيّ‬
‫منعّكلّّتظاهرةّيّتوقعّمنهاّإخاللّباألمنّأوّبالنّظامّالعام‪ّ.‬‬
‫وقد ّخصّص ّالمشرّع ّكامل ّالباب ّالثّالث ّمن ّقانون ّسنة ّ‪ّ 1969‬للتّجمهر ّبالطّريق ّالعامّ‬
‫بالفصولّمنّ‪ّ13‬إلىّ‪ّ19‬منه‪ّ.‬‬
‫وينص ّالفصل ّ‪ّ 13‬على ّما ّيلي‪"ّ :‬يحجر ّبالطّريق ّالعام ّأو ّبالسّاحات ّالعموميّة‪)1ّ :‬كلّّ‬
‫تجمهرّمسلّح‪ّ)2ّ،‬كلّّتجمهرّغيرّمسلّحّقدّينتجّعنهّإخاللّبالرّاحةّالعامّة"‪ّ.‬‬
‫ويقتضىّالفصلّ‪ّ 14‬منّنفسّالقانونّأن‪"ّ :‬يعتبر ّالتّجمهر ّمسلّحا‪ّ)1 :‬إذا ّكان ّأحد ّأفرادهّ‬
‫حامال ّسالحا ّظاهر‪ّ )2ّ ،‬إذا ّكان ّبعض ّأفراده ّحاملين ّأسلحة ّأو ّأشياء ّمختلفة ّظاهرة ّأو ّخفيّةّ‬
‫سبقّاستعمالهاّكأسلحةّأوّجيءّبهاّلتستعملّكأسلحة"‪ّ.‬‬
‫كما ّتعرّض ّالمشرّع ّبالفصول ّمن ّ‪ّ 15‬إلى ّ‪ّ 19‬إلى ّمسألة ّالتدرج ّفي ّالتصدي ّللشغبّ‬
‫بإستعمالّاإلشاراتّالسّمعيةّوالضّوئيّةّلتشتيتّوتفريقّالمتجمهرين‪ّّ.‬‬
‫هذاّوخصّصّالباب ّالرّابع ّمنّقانونّسنةّ‪ّ 1969‬إلى ّاستعمالّاألسلحة‪ّ،‬فيّحينّتعرضّ‬
‫الفصل ّ‪ّ 21‬إلى ّمسألة ّالتدرج ّفي ّذلك‪ّ 19‬وصوال ّإلى ّإطالق ّالنّار ّمباشرة ّعلى ّالمتجمهرينّ‬
‫موضوعّالفصلّ‪ّ22‬منه‪.20‬‬
‫كذلك ّنظم ّالمشرع ّالتّدابير ّالجزائيّة ّالتي ّيجوز ّاتّخاذها ّضدّ ّالمشاركين ّبالتّجمهر ّضمنّ‬
‫البابّالخامسّبالفصولّمنّ‪ّ 23‬إلىّ‪ّ 33‬منه‪ّ،‬كماّألغىّبالفصلّ‪ّ 34‬منهّاألوامرّالعليّةّالسّابقةّ‬
‫له ّوالمؤرّخة ّفي ّسنة ّ‪ّ 1905‬و‪ّ .1936‬علما ّأن ّهذا ّالقانون ّلم ّيقع ّتنقيحه ّإلى ّحد ّاآلن ّمنذّ‬
‫إصداره‪ّ.‬‬
‫منّالثّابتّبالرّجوعّإلىّالمنظومةّالقانونيّةّأنّهّالّيمكنّلألفرادّحملّالسّالحّوإنّماّتحتكرّ‬
‫الدّولة ّذلك ّبواسطة ّأجهزتها ّاألمنيّة ّالتي ّمنحت ّلوحدها ّصالحيّة ّإيقاع ّالعنف ّالشّرعيّ‬
‫بالمخالفين‪ّ.‬‬
‫وفيّهذاّاإلطارّيمكنّأنّنوردّماّتضمّنهّالفصلّاألوّلّمنّالقانونّعددّ‪ّ 70‬لسنةّ‪ّ1982‬‬

‫ضد وزير ّألد ّ‬


‫أخلية‪.‬‬ ‫ألعماري ّ‬
‫ألقضية عدد ‪ّ ،129434‬‬
‫ألسيدة أنوأر منصري في ّ‬ ‫‪ - 18‬يرأجع ملحوظات مندوبة ّألدولة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألتفرق رغم أإلنذأرأت ّ‬
‫ألموجهة لهم وألمنصوص عليها بالفصول ألمتقدمة من هذأ ألقانون فإنهم‬ ‫‪ - 19‬ألفصل ‪" :21‬إذأ وجد أعوأن ألمن أنفسهم أمام متجمهرين يابون ّ‬
‫ألطرق ّ‬
‫بالتدرج ّ‬
‫يستعملون ّ‬
‫ألتالية لتشتيتهم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ )1‬‬
‫ألرش بالماء أو ألمطاردة بالعصي‪ )2 ،‬ألرمي بالقنابل ألمسيلة للدموع‪ )3 ،‬طلق ألنار عموديا في ألفضاء لتخويف ألمتجمهرين‪ )4 ،‬طلق ألنار فوق رؤوسهم‪ )5 ،‬طلق‬
‫ّألنار صوب أرجلهم‪".،‬‬
‫ّ‬
‫بالقوة رغم أستعمال جميع ألطرق ألمنصوص عليها بالفصل ‪ 21‬لتشتيهم ّ‬
‫‪ - 20‬ألفصل ‪" :22‬إذأ عمد ألمتجمهرون إلى بلوغ مقاصدهم ّ‬
‫فإن أعوأن ألمن يطلقون عليهم‬
‫ّألنار مباشرة"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المؤرّخّفيّ‪ّ 6‬أوتّ‪ّ 1982‬المتعلّقّبضبطّالنّظامّاألساسيّالعامّلقوّاتّاألمنّالدّاخليّمنّأنّّ‬
‫"قوّاتّاألمنّالدّاخليّهيّقوّةّمسلّحةّمدنيّة"‪ّ.‬‬
‫كذلكّوردّبالفصلّاألوّلّمنّاألمرّعددّ‪ّ 1160‬لسنةّ‪ّ 2006‬المؤرّخّفيّ‪ّ 13‬أفريلّ‪ّ2006‬‬
‫المتعلّقّبضبطّالنّظامّاألساسيّالخاصّّبأعوانّسلكّاألمنّالوطنيّوالشّرطةّالوطنيّةّأنّّ"سلكّ‬
‫األمنّالوطنيّوالشّرطةّالوطنيّةّقوّةّعموميّةّمدنيّةّمسلّحةّوهيّوقائيّةّوزجريّة"‪ّ.‬‬
‫هذا ّوتنقسم ّقوات ّاألمن ّحسب ّمختلف ّتنظيماتها ّالداخليّة ّإلى ّوحدات ّمختصة ّمن ّأمنّ‬
‫إستعراضات ّومواكب‪ّ ،‬وحدات ّمكافحة ّالشّغب‪ّ ،‬وحدات ّالتدخّل ّالسّريع‪ّ ،‬وحدات ّمقاومةّ‬
‫اإلرهابّ‪ّ...‬‬
‫الفرع الث ّاني‪ :‬حصر الت ّعريف الفقهي والقضائي للت ّجمهر المثير للمسؤوليّة اإلداريّة‪:‬‬
‫ميزّالحكمّاإلستئنافيّالمطعونّفيهّالتّجمهرّعنّاإلجتماعات العامّةّوالمظاهرات بالطّريق‬
‫العامّباإلعتمادّعلىّمعاييرّإجراءّاإلعالمّأوّالتّرخيصّالمسبق‪ّ،‬التّحضيرّوالتّنظيم‪ّ،‬منتهياّإلىّ‬
‫أنّ ّالتّجمهر ّال ّيكون ّإالّ ّتلقائيا ّومن شأنه أن يفضي إلى اإلخالل بالنّظام العام‪ ،‬وقد حجّره‬
‫القانون صراحة‪ّ.‬‬
‫وقدّوردّبالقرارّاإلستئنافيّأن ّ"القانون عدد ‪ 4‬لسنة ‪ 1969‬فرّق بين ثالثة أصناف من‬
‫التجمّعات‪ ،‬تعلّقت أوّلها باإلجتماعات العامّة المنظّمة والتي يسبق التئامها إعالم الوالية أو‬
‫المعتمديّة أو إدارة األمن الوطني بها‪ ،‬وثانيها اإلستعراضات والمظاهرات بالطّريق العام والتي‬
‫تخضع بدورها وجوبا إلى اإلعالم المسبق‪ ،‬وأخيرا التّجمهر بالطّريق العام الذي ال يفرض على‬
‫خالف الصّنفين السّابقين أيّ ّتحضير أو تنظيم وال يخضع بالتّالي إلى إجراءات اإلعالم أو‬
‫التّرخيص المسبق بإعتباره اجتماعا تلقائيّا من شأنه أن يفضي إلى اإلخالل بالنّظام العام‪ ،‬لذا فإنّ‬
‫هذا النّوع الثّالث من التّظاهرات حجّره القانون صراحة"‪ّ.‬‬
‫تواصلّالمحكمةّفيّحيثيّاتّالحكمّاإلستئنافي ّالمذكورّتحليلهاّبالرجوعّإلىّوقائع ّالقضيّةّ‬
‫التي ّتمثلت ّ"في ّتجمّع ّتلقائي ّلم ّيسبق ّأن ّتمّ ّالتّحضير ّله ّبصفة ّمسبقة ّبين ّمجموعتين ّمنّ‬
‫مشجّعي ّفريقي ّ"كرة ّقدم" ّعند ّتقاطعهما ّبمحطّة ّاإلستخالص‪ّ ،‬نجمت ّعنه ّمشادات ّكالميّةّ‬
‫تطوّرت ّإلى ّأعمال ّعنف ّوشغب ّوتراشقّ ّخالله ّالمشاركون ّبالحجارة‪ّ ،‬وكانت ّهذه ّاألعمالّ‬
‫سببا ّفي ّالمضرّة ّالالّحقة ّبالمقام ّفي ّحقّها ّوالتي ّهي ّثابتة ّوناتجة ّبصفة ّمباشرة ّعن ّالتّجمهرّ‬
‫المذكور"‪ّ.‬‬
‫يالحظ ّكذلك ّأن ّالحكم ّاإلستئنافي ّإلتجأ ّإلى ّمفهوم ّ"السّالح ّالحكمي ّأو ّبحكمّ‬
‫اإلستعمال"‪ّ arme par destination ou par usage‬المتمثّل ّفي ّالحجارة ّكمعيار ّإلعتبارّ‬
‫التّجمهرّمسلّحا‪.21‬‬
‫ويتضح ّجليا ّبالرجوع ّإلى ّالقرار ّالتّعقيبي ّالمعلّق ّعليه‪ّ ،‬إقراره ّمعيار ّالتّجمّع ّالتّلقائي‪ّ،‬‬
‫زذلكّفيّرد ّالمحكمةّعلىّالمطعنّالمأخوذّمنّمخالفةّأحكامّالفصلّ‪ّ 17‬منّقانونّالمحكمةّ‬
‫اإلداريّةّبمقولةّأنّالشّغبّالمدعىّبهّالّيمكنّاعتبارهّتجمهراّمسلحاّعلىّمعنىّالفصلّ‪ّ14‬منّ‬
‫القانون ّعدد ّ‪ّ 4‬لسنة ّ‪ّ 1969‬المؤرّخ ّفي ّ‪ّ 24‬جانفي ّ‪ّ 1969‬المتعلق ّباإلجتماعات ّالعامّةّ‬
‫والمواكب ّواإلستعراضات ّوالمظاهرات ّوالتّجمهر ّوأن ّالتقاء ّأنصار ّالجمعيتين ّعلى ّمستوىّ‬
‫محطّة ّاإلستخالص ّال ّيعتبر ّتجمهرا ّمسلحا ّينطوي ّعلى ّمخاطر ّواضحة ّتخضع ّلمقتضياتّ‬
‫الفصلّ‪ّ17‬منّقانونّالمحكمةّاإلداريّة‪ّ.‬‬
‫تجيب ّالمحكمة ّعلىّالمطعنّالمذكورّبتأكيد ّتوصلهاّإلىّأن ّ"األضرارّالالحقةّبالمقامّفيّ‬
‫حقها ّترتبت ّعن ّتجمّع ّ ّتلقائي ّلم ّيسبق ّأن ّتم ّالتّحضير ّله ّبصفة ّمسبقة ّبين ّمجموعتين ّمنّ‬
‫‪" - 21‬وحيث أ ّن ألغاية من أستعمال ألسلحة هي إلحاق ضرر بالمستهدف بها‪ّ ،‬مما يكون معه أإلتيان بالحجارة وأستعمالها لرشق ّ‬
‫ألمتجهين في عرباتهم (‪ )...‬في أإلطار‬
‫بالضرورة في إطار ّألتجمهر ّ‬
‫ألمسلح‪".‬‬ ‫ّألزماني وألمكاني سالف ّألذكر يندرج ّ‬

‫‪7‬‬
‫مشجّعيّفريقيّكرةّالقدم ّعندّتقاطعهماّبمحطّةّاإلستخالص‪ّ،‬بعدّعودةّالفريقين ّ(‪ّ)...‬نجمتّ‬
‫عنهّمشادّاتّكالميّةّتطوّرتّإلىّأعمالّعنفّوشغبّوتراشقّخاللهّالمشاركونّبالحجارة"‪ّ.‬‬
‫كماّتبنتّالدائرةّالتعقيبيةّماّتوصلّإليهّقاضيّاألصلّمنّأنّ"اإلتيانّبالحجارةّواستعمالهاّ‬
‫لرشق ّالمتجهينّفيّعرباتهمّ(‪ّ )...‬فيّاإلطارّالزّمانيّوالمكانيّسالفّالذّكرّيندرجّبالضّرورةّ‬
‫فيّإطارّالتّجمهرّالمسلح"‪ّ،‬إذّأنهّ"خالفاّلماّتمسكّبهّالمعقبّفإن ّاإلتيانّبالحجارةّمنّحافةّ‬
‫الطّريقّللتّراشقّبهاّيجعلّهذهّالعمليّةّتندرجّضمنّتعريفّالتّجمهرّالمسلحّالواردّبالفصلّ‪ّ14‬‬
‫المذكور‪ّ،‬ذلكّأنهّالّيشترطّأنّيكونّاألفرادّحاملينّبصفةّمسبقةّألسلحةّظاهرةّأوّخفيةّحتىّ‬
‫يعتبرّالتّجمهرّمسلحاّوإنماّيكفيّاإلتيانّبأشياءّمختلفةّمنّموقعّالتّجمهرّواإلعتداءّبهاّليكونّ‬
‫هذاّالتّجمهرّمسلحا"‪ّ.‬‬
‫عالوة ّعلى ّذلك‪ّ ،‬توسعت ّالمحكمة ّتعقيبيا ّفي ّمفهوم ّالتجمهر ّالمحجر ّقانونا‪ّ ،‬إذ ّساقتّ‬
‫حيثيةّتميزتّبالعموميةّمتجاوزةّبهاّنطاقّالمنازعةّالمعروضةّأمامها‪ّ،22‬وذلكّبأنّأقرتّ"أنّ‬
‫الفصلّ‪ّ13‬منّالقانونّالمذكورّلمّيحجرّفقطّالتّجمهرّالمسلحّوإنماّحجرّأيضاّكلّتجمهرّغيرّ‬
‫مسلحّقدّينتجّعنهّإخاللّبالراحةّالعامّة‪ّ .‬وحيث‪ّ ،‬عالوةّعلىّماّذكر‪ّ ،‬فإن ّالتّجمهر‪ّ ،‬سواءّكانّ‬
‫مسلحاّأوّغيرّمسلح‪ ّ،23‬يمكنّأنّتنتجّعنهّمخاطرّتستوجبّعمالّبمقتضياتّالفصلّ‪ّ 15‬منّ‬
‫القانونّالمذكورّتدخلّأعوانّاألمنّلتشتيتّالمتجمهرينّولوّبالقوّة"‪ّ.‬‬
‫تجدرّاإلشارةّفيّهذاّالسياقّأن ّموقفّالمحكمةّاإلداريةّفيّهذا ّالقرار ّبخصوصّالطّابعّ‬
‫التّلقائيّللتّجمهرّيلتقيّتقريباّمعّماّتوصّلّإليهّالفقهاءّوكذلكّفقهّقضاء ّمجلسّالدولةّالفرنسيّ‬
‫في ّوضع ّتعريف ّلمفهوم ّالتجمهر‪ّ ،24‬وخاصة ّفي ّقرارين ّمؤرخين ّفي ّ‪ّ 11‬جويلية ّ‪ّ2011‬‬
‫يتعلقان ّبأحداث ّالشغب ّبالضواحي ّالباريسية‪ّ ،‬حيث ّوضع ّالقضاء ّاإلداري ّالفرنسي ّتعريفاّ‬
‫قضائيا ّلمفهوم ّالتجمهر‪ّ ،‬إذ ّأن ّالقانون ّالفرنسي ّالمؤرخ ّفي ّ‪ّ 5‬أفريل ّ‪ّ 1884‬المتعلقّ‬
‫باإلجتماعاتّوالتجمهرّلمّيعطّتعريفاّواضحاّكماّلمّيحددّمسألةّطبيعةّالتجمعّإنّكانّتلقائياّأمّ‬
‫منظما‪ّ ،‬مكتفيا ّبتحميل ّالدولة ّبالفصل ّ‪ّ 2216‬من ّالمجلة ّالعامة ّللجماعات ّالمحلية ّالترابيةّ‬
‫المسؤوليةّالمدنيةّعنّاألضرارّالالحقةّباألشخاصّوالممتلكاتّالناجمةّعنّالتجمعّوالتجمهرّ‬
‫المسلح ّوغير ّالمسلح‪ّ ،‬األمر ّالذي ّحدا ّبالفقه ّوكذلك ّالقضاء ّالعدلي ّسابقا ّثم ّالقضاء ّاإلداريّ‬
‫حالياّإلىّوضعّمعاييرّإلنعقادّمسؤوليةّالدولة‪ّ،25‬ويمكنّحصرهاّكاآلتي‪ّ:‬‬

‫ّ‬
‫ألقضائية ‪.Obiderdictum‬‬ ‫قضائية يلجا إليها ألقاضي ويدعوها ألفقهاء ّ‬
‫وألمعلقين على ألقرأرأت‬ ‫‪ - 22‬وهي تقنية ّ‬
‫ّ‬
‫يعد من قبيل ألشغب حسب ألمحكمة في هذأ ألقرأر‪.‬‬ ‫‪ - 23‬وألذي ّ‬
‫‪24 - J. Moran-Deviller, « Violence et droit: deux questions de droit nouvelles engendrées par la réforme du régime de responsabilité du fait‬‬

‫‪des attroupements et rassemblements », Petites Affiches, 1er octobre 1990, n° 118, p. 20-26.‬‬
‫‪- Françoise Dupont-Marillia, « Les nouveaux aspects de la responsabilité du fait des attroupements », Commentaire de l’Arrêt, C.A.A.‬‬
‫‪Nantes, Plén., 3 mai 1995, req. n° 94NT00279, Min. Intérieur et am. Terr. C./ Communauté urbaine de Brest, La Semaine Juridique, Éd.‬‬
‫‪Générale, n° 13, 27 mars 1996, II, 22612, p. 5.‬‬
‫‪- Marc Cazo, « La responsabilité de l'État du fait des rassemblements ou attroupements », Commentaire de l’arrêt C.E., 11 juillet 2011,‬‬
‫‪Publié sur le site Eurojuris.‬‬
‫‪- Jérôme Maudet, « Les responsabilités de l’État du fait des attroupements ou rassemblements », Village de la justice.‬‬
‫‪- « Conditions d'engagement de la responsabilité de l'État sur le fondement de l'article L. 2216-3 du Code général des collectivités‬‬
‫‪territoriales », In La Semaine Juridique Administrations et Collectivités territoriales, 25 Juillet 2011, n° 30-34.‬‬
‫‪- Aude Lockhart et Aloïs Ramel, « La responsabilité du fait des attroupements », La Gazette, 5 mars 2012, p.p. 56-58.‬‬
‫أإلدأرية عن ّألتجمهر ّ‬
‫ّ‬
‫ألعمومية‪ ،‬يمكن ألوقوف عند‬ ‫بالطرقات ّ‬
‫وألساحات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للمسؤولية‬ ‫بالرجوع إلى فقه قضاء مجلس ّألدولة ألفرنسي بخصوص ّألنظام ألقانوني‬ ‫‪ّ - 25‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمبدئية ألتالية‪:‬‬ ‫ألقرأرأت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬قرأر محكمة أإلستئناف أإلدأرية بنانسي بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ :1997‬إقرأر مسؤولية ألدولة على أساس ألتجمهر بخصوص أعمال تخريب فردية لتجهيزأت مرفئية أثناء‬
‫إضرأب لمجموعة من عاملي ألمناجم‪.‬‬
‫وألناجمة عن تعطيل‬‫ألالحقة بشركة ّ‬ ‫مسؤولية ّألدولة على أساس ّألتجمهر بخصوص ألضرأر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أإلدأرية ببوردو بتاريخ ‪ 16‬نوفمبر ‪ :1998‬إقرأر‬ ‫‪ -‬قرأر محكمة أإلستئناف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حركة ألمرور وتخريب ممتلكاتها ألمنقولة إثر مظاهرة نقابية منظمة‪.‬‬
‫تلقائية ذلك ّألتجمهر من عدمها)‪.‬‬
‫ألتعرض لمسالة ّ‬‫مسؤولية ّألدولة عن ّألتجمهر (دون ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬قرأر مجلس ّألدولة بتاريخ ‪ 29‬ديسمبر ‪ :2000‬إقرأر‬

‫‪8‬‬
‫‪ّ)1‬وجوبّأنّيكونّ"التجمع"ّظاهراّللعيانّأيّغيرّسريّوخفيّبماّيقصيّمثالّالعملياتّ‬
‫اإلرهابيةّ(بغضّالنظرّعنّالتعرفّعلىّهويةّمرتكبيّاألضرار)‪.‬‬
‫‪ّ)2‬يجبّأنّيشفعّالتجمعّالعلنيّبأعمالّعنف‪ّ،‬بمعنىّاللجوءّغيرّالشرعيّللقوةّالمجرمةّ‬
‫جزائيا‪ّ.‬‬
‫‪ّ)3‬وجوبّأنّيكونّ"للتجمع"ّكيانّقائمّالذاتّبذاتهّبمعزلّعنّاألفرادّالمكونينّله‪ّ.‬‬
‫على ّأن ّما ّتوصل ّإليه ّالفقه ّوالقضاء ّالفرنسي ّمن ّوضع ّلبنات ّلتعريف ّالتجمهر ّتختلفّ‬
‫بالضرورةّبخصوصّآثارهاّالقانونيةّعماّتوصلّإليهّالقضاءّاإلداريّالتونسي‪ّ.‬‬
‫الجزء الثّاني‪ :‬ال ّ‬
‫طبيعة القانونيّة للمسؤوليّة اإلداريّة النّاجمة عن الت ّجمهر وآثارها‬
‫تتكفلّصفة ّالمتضرّرّهناّبتحديدّالنّظامّالقانوني ّالمنطبق‪ّ،‬لذاّوجبّالتّمييز ّبينّالمشاركّ‬
‫والفضوليّوغيرّالمشاركّبالتّجمهر‪ّ.‬‬
‫أول‪ :‬المراوحة بين المسؤول ّية القائمة على الخطأ المرفقي والمسؤوليّة دون خطأ‬ ‫فرع ّ‬
‫سسة على المخاطر‪:‬‬ ‫المؤ ّ‬
‫اعتمدّمجلسّالدّولةّالفرنسيّنظامّالمسؤوليّةّالموضوعيّةّالمبنيّةّعلىّالمخاطرّبخصوصّ‬
‫األضرار ّالمتأتّية ّمباشرة ّمن ّاستعمال ّاألمن ّللسّالح ّوذلك ّمنذ ّقراريه ّالصّادرين ّبتاريخ ّ‪ّ24‬‬
‫جوانّ‪ّ،1949‬معّإقصاءّبعضّالمعدّاتّمنّقائمةّاألشياءّوالوسائلّوالطّرقّالخطرةّ(عصيّ‪ّ،‬‬
‫غازّمسيلّللدّموع‪ّ،‬وكذلكّفيّبعضّالحاالتّالتازيرّوالفالشّبول)‪.26‬‬
‫وكذلكّمعّحصرّنطاقّاإلستفادةّمنّهذاّالنّظامّفيّالضّحاياّغيرّالمشمولينّبالعمليّاتّالتيّ‬
‫تمّ ّخاللهاّاستعمالّالسّالحّكأنّيصابّأحدّالمارّةّبرصاصةّطائشةّخاللّمطاردةّمجرمّفارّّ‬
‫منّالسّجن‪ّ،‬وبطبيعةّالحالّيشترطّأالّ ّيكونّقدّساهمّأوّحاولّالمساهمةّفيّإفشالّعمليّةّإلقاءّ‬
‫القبضّعلىّالمجرم‪ّ،‬إذّفيّهذهّالحالةّيتمّإعفاءّاإلدارةّمنّالمسؤوليةّبسببّخطأّالمتضرر‪ّ.‬‬
‫ومنّجهتهاّاعتبرتّالمحكمةّاإلداريةّالتّونسيةّعلىّسبيلّالذكرّفيّالحكمّاإلبتدائيّالصادرّ‬
‫تحتّعددّ‪ّ16720‬فيّ‪ّ23‬فيفريّ‪(ّ،2001‬ورثةّهنيدةّضدّّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ.‬فيّحقّّوزارةّالدّاخليّة)‪ّ،‬‬
‫أنّ ّ"السّالحّالنّاريّالذيّتضعهّاإلدارةّبينّيديّالعونّمنّاألشياءّالخطيرةّالتيّيترتّبّعنّ‬
‫األضرارّالنّاتجةّعنهاّانعقادّمسؤوليّةّاإلدارةّالمبنيّةّعلىّالمخاطرّطبقاّلمقتضياتّالفصلّ‪ّ17‬‬
‫منّقانونّالمحكمةّاإلداريّة"‪ّ.‬‬
‫كذلكّإعتبرتّالمحكمةّأنّ ّ"اإلدارةّتغدوّمحمولةّلوحدهاّعلىّجبرّاألضرارّالمترتّبةّعنّ‬
‫ذلكّالحادثّاستناداّإلىّمسؤوليّتهاّعنّاألشياءّالخطرةّالرّاجعةّلهاّوالتيّتجدّسندهاّفيّفكرةّ‬
‫المخاطر ّغير ّالعاديّة ّالتي ّتكتسي ّصبغة ّموضوعيّة ّويكفي ّإلنعقادها ّإثبات ّالعالقة ّالسببيّةّ‬
‫المباشرةّبينّالضّررّالمتظلّمّمنهّوبينّالشّيءّالخطر"‪ّ.27‬‬
‫ّ‬
‫إحتجاجية‪.‬‬ ‫بالتوأزي مع حركة‬ ‫ألتخلي عن معيار وجوب أن يكونا ّألتجمهر مصحوبا أو حدث ّ‬ ‫‪ -‬قرأر مجلس ّألدولة بتاريخ ‪ 13‬ديسمبر ‪ّ :2002‬‬
‫وألتنظيم ألمسبق ّللتجمهر (تكريس ضمني لمعيار‬ ‫بالنظر لثبوت ّألتحضير وأإلعدأد ّ‬ ‫ّ‬
‫مسؤولية ألدولة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬قرأر مجلس ّألدولة بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ :2004‬رفض إقرأر‬
‫لقائية بطريق ّألتاويل ألعكسي)‪.‬‬
‫ّألت ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬قرأري مجلس ألدولة بتاريخ ‪ 11‬جويلية ‪( 2011‬أحدأث ألضوأحي ألباريسية)‪" :‬ل تنعقد مسؤولية ألدولة عن ألتجمع وألتجمهر كلما ثبت أن ألضرأر ألمشتكى منها‬ ‫ّ‬
‫معدة ّ‬
‫تبين أ ّنها ّ‬‫تلقائية ّ‬
‫ناجمة عن أعمال غير ّ‬
‫ومنظمة مسبقا"‪.‬‬
‫‪26 -C.E., Ass 24 juin 1949, Cons. Lecomte et Franquette et Daramy.‬‬

‫ألمسيلة للدموع )‪ (C.E., 16 mars 1956, Ép. Domenech‬وألعصي ألتي يستعملها رجال‬ ‫‪ .‬علما أن فقه ألقضاء ألفرنسي أستبعد من قائمة ألشياء ألخطرة ألقنابل ّ‬
‫ألمن )‪.(C.E., 8 juillet 1960‬‬
‫‪"-27‬في سياق أخر‪:‬‬
‫ّ‬
‫ألمعنوية‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية عن جبر ألضرأر‬ ‫تتحمل كامل‬‫ألسالح ّ‬ ‫تسبب فيها ّ‬
‫فإن أإلدأرة ألمالكة لذلك ّ‬ ‫وألسالح ّألناري ألذي ّ‬ ‫ببية بين ألوفاة ّ‬ ‫ألس ّ‬
‫"طالما ثبت قيام ألعالقة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألالحقة بورثة ألهالك‪ ،‬في غياب ما يثبت إقدأمه على أإلنتحار‪ ،‬وذلك أستنادأ إلى فكرة ألمخاطر غير ألعادية ذلك أن مسؤوليتها عن ألشياء ألخطرة ألتابعة لها تكـتسي‬ ‫ّ‬
‫ألصادر في ّ‬
‫ألقضية عدد ‪ 27893‬بتاريخ‬ ‫ألشيء ألخطر"‪ ،‬ألحكم أإلستئنافي ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمتظلم منه وبين ّ‬ ‫ألضرر‬‫ببية ألمباشرة بين ّ‬ ‫ألس ّ‬ ‫ّ‬
‫موضوعية ويكـفي إلنعقادها إثبات ألعالقة ّ‬ ‫صبغة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 12‬جويلية ‪ ،2011‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في حق ألدفاع ألوطني ضد ورثة أحمد ألهمامي‪.‬‬
‫حق ّألدفاع ألوطني‪.‬‬
‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في ّ‬ ‫ألصادر بتاريخ ‪ 27‬فيفري ‪ ،2009‬ورثة نزأر بن عبد ألمجيد ألعزيزي ّ‬ ‫ألقضية عدد ‪ّ 18149/1‬‬ ‫ألصادر في ّ‬ ‫‪ -‬ألحكم أإلبتدأئي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬كما جاء في ألحكم أإلستئنافي ألصادر في ألقضية عدد ‪ 28118‬بتاريخ ‪ 30‬جوأن ‪ ،2011‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في حق وزأرة ألدأخلية ضد ورثة إيمان محفوظي و ألذي جاء فيه‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫أما ّبخصوص ّاألضرار ّالنّاجمة ّعن ّإستعمال ّاألمن ّللسّالح ّأثناء ّفضّ ّتجمهر ّفقد ّميزّ‬
‫القضاءّاإلداريّالتونسيّفيّهذاّالنطاقّبينّغيرّالمشاركّبالتّجمهرّوبنّالمشاركّوالفضولي‪ّ،‬‬
‫خالفا ّللتّوجه ّالمعمول ّبه ّفي ّالقانون ّالفرنسي ّوالذي ّتدعم ّبفضل ّتظافر ّالمجهودين ّالفقهيّ‬
‫والقضائي‪ّ.28‬‬
‫وبخصوص ّالمشارك‪ّ ،‬كرس ّفقه ّقضاء ّالمحكمة ّاإلدارية ّنظام ّالمسؤولية ّالقائمة ّعلىّ‬
‫الخطأ ّالمرفقي ّالثابت‪ّ ،‬وذلك ّعلى ّاألقل ّمنذ ّالحكم ّاإلستئنافي ّعدد ّ‪ّ 24828‬بتاريخ ّ‪ّ 28‬مايّ‬
‫‪(ّ،2005‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ.‬فيّحقّّوزارةّالدّاخليّةّوالتّنميةّالمحليّةّضّدّورثةّمحمّدّالشّارف)‪ّ،‬حيثّتمّ‬
‫إقرار ّالحكم ّاإلبتدائي ّبأسانيد ّجديدة ّعلى ّأساس ّخطأ ّمرفقي ّبمناسبة ّعمليّة ّأمنيّة ّتستهدفّ‬
‫تفريق ّتجمهر ّوليس ّعلى ّأساس ّنظريّ ة ّالمخاطر ّالمستحدثة ّنتيجة ّاستعمال ّسالح ّناري ّمنّ‬
‫عونّأمنّأثناءّمهاجمةّمتجمهرينّلحافلةّتقلّّفريقّرياضي‪ّ.29‬‬
‫وبالتاليّإنتهتّالمحكمةّفيّالحكمّالمذكورّإلىّإقرارّإنعقادّمسؤوليّة ّاإلدارة ّعلىّأساسّ‬
‫الخطأّالمرفقيّرغمّثبوتّالخطأّالشّخصيّوالجزائيّلعونّاألمنّالمدان‪ّ،‬وتمثلّالخطأّالمرفقيّ‬
‫هنا ّفي ّإفراط ّفي ّاستعمال ّالقوّة ّمن ّالدّولة ّبواسطة ّمؤسّساتها ّوأعوانها ّأدى ّإلى ّوقوع ّخطأّ‬
‫مرفقيّفيّالعمليةّاألمنية‪ّ.‬‬
‫أما ّبخصوص ّالنّظام ّالقانوني ّالمنطبق ّعلى ّالفضولي‪ّ ،‬فقد ّطبقت ّالمحكمة ّبشأنه ّنفسّ‬
‫النظامّالقانونيّللمشاركّبالتجمهر‪ّ،‬وذلكّمنذّقرارّالجلسةّالعامةّالتعقيبيةّالصادر ّتحت ّعددّ‬
‫‪ّ 37515‬بتاريخ ‪ّ 11‬جويلية ‪(ّ ،2009‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في حقّ وزارة الدّاخليّة والتّنمية المحليّة ضدّ‬
‫مخلوف)‪ّ،‬حيثّظهرّألولّمرةّالتمييزّبينّاألصنافّالثالثةّللمتضررين‪ّ.‬‬
‫وتمثلتّوقائعّالقضيةّفيّإصابةّبالرّصاصّبمناسبةّتفريقّأعوانّاألمنّبالقوّةّلتجمهرّجدّّ‬
‫إثر ّحصول ّهرج ّبعد ّإنتهاء ّمقابلة ّرياضية‪ّ ،‬وإنتهت ّالمحكمة ّفي ّالقرار ّإلى ّ"أن ّمسؤوليّة‬
‫اإلدارة بخصوص األضرار الالّحقة بالمستهدفين بالعمليّات األمنيّة والفضوليّينّالذين يتوجّهون‬
‫إلى موقع الحادث بدافع اإلطّالع تقوم على أساس الخطإ الثّابت"‪ّ.‬‬
‫بماّيستروحّمنهّأن ّالمحكمةّخيرتّإقصاءّنظريّةّالمخاطرّالمتأتية ّمنّاستعمالّاألسلحةّ‬
‫بخصوصّكلّمنّالمشاركّوالفضولي‪ّ،‬وذلكّعلىّخالفّغيرّالمشاركّبالتّجمهرّحيثّفضلتّ‬
‫تمتيعهّبنظامّأرفعّوأمتنّقوامهّالمسؤوليّةّالموضوعيّةّأيّدونّخطأ‪ّ.‬‬
‫وفيّهذاّالسياقّيجدرّالتّذكيرّبتوجّهاتّفقهّقضاءّالمحكمةّاإلداريّةّالسّابقةّبخصوصّغيرّ‬
‫المشاركّبالتجمهرّوالشغب‪ّ.‬‬
‫لئن ّرفضت ّالمحكمة ّخالل ّالسنوات ّاألولى ّلعملها ّإقرار ّالمسؤوليّة ّوالتّعويض ّعنّ‬
‫التجمهرّبصفةّعامة ّوخاصّةّمنذّالقرارّاإلستئنافيّعددّ‪ّ 160‬بتاريخ ّ‪ّ 16‬مايّ‪(ّ،1985‬محمدّ‬
‫كنوزي ّضدّ ّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ .‬في ّحقّ ّوزارة ّالدّاخليّة)‪ّ ،‬إال ّأنها ّكرست ّالمسؤوليّة ّوالتّعويض ّفيّ‬
‫مواقفّمغايرة‪ّ،‬وخاصةّتلكّالتيّتدخلّفيّإطارّالمسؤوليّةّعنّأمنّاإلستعراضات‪ّ،‬ومنّذلكّ‬

‫ّ‬
‫مسؤولية أإلدأرة ول يمكن لهذه ألخيرة‬ ‫ألمسدس ألذي وضعته أإلدأرة بين يدي عونها يعتبر من ألشياء ألخطرة ألتي يترّتب عن ألضرأر ّألناتجة عنها أنعقاد‬‫"وحيث أ ّن ّ‬
‫ألمسؤولية ضرورة أ ّن ألحادث لم‬
‫ّ‬ ‫ألسالح من أجلها‪ّ ،‬‬
‫للتفصي من‬ ‫ّ‬ ‫ألتذرع بوقوع ألحادث خارج أوقات ألعمل أو بعدم عالقة ّ‬
‫تصرف عونها بالمهام ألموكولة إليه ألتي سخر له ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يكن ليحدث لو لم توفر لعونها ذلك ألسالح ألذي أستعمله لقتل مورثة ألمستانف ضدهم"‪.‬‬
‫‪28 - Maryse Deguergue, « Jurisprudence et doctrine dans l'élaboration du droit de la responsabilité administrative », Thèse de Doctorat en‬‬

‫‪droit, Paris 1, 1981.‬‬


‫ّ‬
‫بالعملية‬ ‫ألملف أ ّن ألهالك كان من ضمن ألمتجمهرين ألمستهدفين بسبب تهديده لمن ألحافلة ّ‬
‫ألمقلة لالعبي ألفريق ّألرياضي‬ ‫"حيث ثبت من خالل أورأق ّ‬ ‫‪ُ - 29‬‬
‫ألعملية ألتي أفضت إلى وفاته ويجعل إعتماد محكمة ألبدأية في صورة‬ ‫يصح معه أعتباره غيرأ ب ّالنسبة لتلك ّ‬ ‫ّ‬
‫منية ّألرأمية إلى تامين سالمة تلك ألحافلة وركابها‪ّ ،‬مما ل ّ‬
‫أل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألحال لنظرية ألمخاطر كاساس لمسؤولية أإلدأرة في غير محله ما دأم ألشان يدعو إلى إعتماد نظرية ألخطا ألمرفقي دون سوأها"‪" ،‬إن تاسيس مسؤولية أإلدأرة على أساس‬ ‫ّ‬
‫منية‪ ،‬أ ّما إذأ كانو ّ‬
‫معنيين بها فال وجه لتطبيق هذه‬ ‫بالعملية أل ّ‬
‫ّ‬ ‫نظرية ألمخاطر ألمستحدثة نتيجة أستعمال سالح ناري يكون مقصورأ على غير ألشخاص ألمستهدفين‬ ‫ّ‬
‫منية أستنادأ إلى وجود خطإ مرفقي شاب هذه ّ‬
‫ألعملية من شانه تعمير‬ ‫ألعملية أل ّ‬
‫جرأء ّ‬ ‫ّ‬
‫قضية ألتعويض عن ألضرأر ألتي لحقتهم ّ‬ ‫يتم تقديم ّ‬
‫ظرية عليهم إذ في هذه ألحالة ّ‬‫ّألن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّذمة أإلدأرة"‪ ،‬ألحكم أإلستئنافي عدد ‪ 24828‬بتـاريخ ‪ 28‬ماي ‪ ،2005‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في حق وزأرة ألدأخلية وألتنمية ألمحلي ـة ضد ورثة محمد ألشارف‪ ،‬غير منشور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪10‬‬
‫القرارّالتّعقيبيّعددّ‪ّ 310364‬بتاريخّ‪ّ 13‬نوفمبرّ‪(ّ،2010‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ .‬فيّحقّ ّوزارةّالدّاخليّةّ‬
‫والتّنمية ّالمحليّة ّضد ّورثة ّالسالمي)‪ّ ،‬وتمثلت ّاألضرار ّفي ّوفاة ّمتفرّج ّجراء ّاإلختناق ّأثناءّ‬
‫تدافعّالجماهيرّووقوعّأعمالّشغبّوعنفّبملعبّأولمبيّبمناسبةّاحتضانهّلمباراةّكرةّقدم‪ّ،‬‬
‫وقدّإنتهتّالمحكمةّإلىّتجزئةّالمسؤوليّةّبينّوزارةّالدّاخليةّوالجامعةّالتّونسيّةّلكرةّالقدمّعلىّ‬
‫أساسّالخطأّالمرفقيّالقائمّعلىّالتّقصير‪ّ.‬‬
‫نفسّالوضعيةّإنتهتّإليهاّالمحكمةّاإلداريةّبخصوصّحالةّإصابةّوحالةّوفاةّأثناءّعرضّ‬
‫ستارّأكاديميّبمسرحّصفاقس‪ّ،‬وذلكّفيّالقضيةّعددّ‪120041‬بتاريخّ‪ّ1‬فيفري‪ّ،2017‬إذّتمتّ‬
‫تجزئةّالمسؤوليةّبينّالمكلّفّالعامّبنزاعاتّالدّولةّوبلديةّصفاقسّفيّشخصّممثّلهاّالقانوني‪ّ،‬‬
‫وذلكّعلىّأساسّأنّاالخالالتّتعلقتّبغيابّخطةّأمنيةّميدانيةّللتدخلّلمنعّالسماحّبقبولّعددّ‬
‫أكبر ّمن ّطاقة ّاستيعاب ّالمسرح ّوكذلك ّمن ّإيجاد ّآلية ّأمنية ّناجعة ّللتدخل ّالسريع ّفي ّحالةّ‬
‫التدافعّلتأمينّالسالمةّالجسديةّبهّلجماهيرّالحفلّوأن ّهذاّالصنفّمنّاإلخالالتّالمشارّإليهّ‬
‫أعالهّيمثل ّتقصيرا ّيمكنّنسبته ّمن ّجهةّأولى ّللواليّبوصفهّسلطةّالضبطّالراجعّله ّحمايةّ‬
‫أمن ّاإلستعراضات ّوالحفالت ّوالمواكب ّوالتجمهر‪ّ ،‬ومن ّجهة ّأخرى ّللبلدية ّالراجع ّلهاّ‬
‫اإلشرافّوصيانةّوتأمينّالمسرحّالذيّحصلّفيهّالحادث‪ّ.30‬‬
‫غيرّأنّفقهّقضاءّالمحكمةّاإلداريةّسجلّتحوّالّنحوّإقرارّالمسؤوليّةّوقبولّالتّعويضّعنّ‬
‫األضرار ّالالّحقةّبغيرّالمشارك ّالنّاجمةّعنّالتّجمهر ّوذلكّعلىّأساسّالمخاطرّالمتأتّية ّمنّ‬
‫استعمال ّاألمن ّلألسلحة ّالناريّة‪ّ ،‬منذ ّقرار ّالجلسة ّالعامة ّالتعقيبية ّعدد ّ‪ّ 37515‬بتاريخ ‪ّ11‬‬
‫جويلية ‪(ّ ،2009‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في حقّ ّوزارة الدّاخليّة والتّنمية ّالمحلية ضدّ مخلوف)‪ّ،‬حيثّإنتهتّ‬
‫المحكمةّإلىّأن ّ"مسؤوليّةّاإلدارةّعنّاألضرار غير العاديّة التي تصيب غير ّالمستهدفين من‬
‫العمليّات األمنيّة والنّاجمة عن استعمال أعوانّاألمن ألسلحتهم النّاريّة‪ ،‬هي مسؤوليّة موضوعيّة‬
‫ّتقوم على أساس المخاطر غير العاديّة ويكفي لقيامهاّإثبات الضّرر المشتكى منه ووجود عالقة‬
‫سببيّة مباشرة بينهّوبين استعمال تلك األسلحة"‪ّ.‬‬
‫كماّأضافتّالمحكمةّبنفسّالقرارّأنهّ"إذا لم يكن المتضرّر مستهدفا بالعمليّة األمنيّة التي‬
‫أدّت إلى إصابته بالرّصاص وإنمّا أصيب برصاصةّطائشة عند مروره بصفة عفويّة بالطّريق‬
‫العام‪ ،‬فإنّّالقضاء بالتّعويض له عن األضرار التي أصابته علىّأساسّنظريّة المخاطر يعدّ في‬
‫طريقه"‪ّ.‬‬
‫وما ّيميز ّقرار ّ"أميرة" ّالمعلق ّعليه ّهو ّأنه ّشكل ّنقطة ّتحوّل ّفي ّفقه ّقضاء ّالمحكمةّ‬
‫اإلدارية ّنحو ّقبول ّالتّعويض ّعن ّاألضرار ّالنّاجمة ّعن ّالتّجمهر ّمهما ّكان ّالمتسبّب ّفيهاّ‬
‫وبصرفّالنّظرّعنّوجودّالخطأّالمرفقيّأوّالجزائيّلمرتكبّالضّرر‪ّ،‬إذّأنّالتّجمهرّبحدّذاتهّ‬
‫يعدّمصدراّمنّمصادرّالمخاطرّالخاصّةّوالواضحة‪ّ.‬‬
‫تجدّالمسألةّأهميتهاّعلىّسبيلّالمثالّفيّحالّكانّمدعيّالضررّغيرّمستهدفّبالعمليّةّ‬
‫األمنيّة ّولحقهّالضررّجرّاءّاشتباكّالمشاركينّببعضهمّومعّقواتّاألمنّوقدّيكونّمردّالضرّ‬
‫اإلصابةّالغيرّمتأتيةّمنّإستعمالّالسالح‪ّ.‬‬
‫ومنذّقرارّ"أميرة"‪ّ،‬يجوزّللمتضررّأنّيثيرّمسؤوليةّالدولةّدونّأنّيكونّمطالبّبالبحثّ‬
‫عنّالخطأّالمرفقيّوإثباته‪ّ،‬إذّتنعقدّمسؤوليةّاإلدارةّآلياّعلىّأساسّتوفرّعنصرّالتّجمهرّالذيّ‬
‫وبلدية صفاقس في شخص ّ‬
‫ممثلها ألقانوني وشركة ّألتامين وإعادة ّألتامين "ستار" في‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬
‫أخلية ّ‬ ‫ألجرأية ّ‬
‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في ّ‬ ‫ألجرأية‪ ،‬وورثة ندى ّ‬‫‪ - 30‬ماهر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ممثلها ألقانوني‪ ،‬وجمعية جوهرة للرياضة ألنسائية بصفاقس‪ ،‬وجمعية فرحة شباب بتونس‪ ،‬وألمتدأخل وألي صفاقس‪.‬‬ ‫شخص ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬يراجع تعليقنا على القرار المذكور‪ :‬قضية حادثة حفل ستار اكاديمي تعيد طرح المسؤولية المنية عن الستعراضات امام المحكمة الدارية‪ ،‬منشور على موقع‬
‫قمية ”نقطة قانونية“ ‪ 17 ،Point Juridique‬مارس ‪.2017‬‬ ‫الم ّ‬
‫جلة ال ّر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متوفر على ّالرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/1DBqj8mlqskn1fzk1TBj3SF7YtHV2ZZYw/view?usp=sharing‬‬

‫‪11‬‬
‫يشكلّبطبيعتهّمصدرّمخاطرّخاصّةّوواضحة‪ّ،‬وذلكّبغضّّالنّظرّعنّمردّالضّررّوالمتسبّبّ‬
‫فيه‪.‬‬
‫وقد ّتم ّتكريس ّالتّعويض ّعن ّاألضرار ّالنّاجمة ّعن ّالتّجمهر ّباإلستناد ّإلى ّالمسؤوليةّ‬
‫الموضوعية ّالتي ّتجد ّأساسها ّفي ّنظريّة ّالمخاطر ّالخاصة ّأو ّالواضحة ّمنذ ّالحكم ّاإلبتدائيّ‬
‫الصّادرّفي ّهذه ّالقضية ّتحت ّعددّ‪ّ 1/16754‬بتاريخّ‪ّ 28‬مارسّ‪(ّ،2008‬عبدّالسّالمّبنّعمرّ‬
‫فيّحقّابنتهّالقاصرةّ"أميرة"ّضدّ ّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ّ .‬فيّحقّ ّوزارةّالدّاخليّةّوالتّنميةّالمحليّة)‪ّ،‬والذيّ‬
‫تأيدّإستئنافيّا‪ّ،‬وتعقيبيّاّبنفسّاألسانيد‪ّ.‬‬
‫وبالرجوع ّإلى ّالحكم ّاإلستئنافي ّلقضية ّ"أميرة" ّالصادر ّتحت ّعدد ّ‪ّ 27001‬بتاريخ ّ‪ّ10‬‬
‫جويلية ّ‪ّ ،2009‬إعتبرت ّالمحكمة ّ"التّجمهر ّفي ّجميع ّالحاالت ّوخاصّة ّفي ّوقائع ّالقضيّةّ‬
‫الرّاهنةّمصدراّمنّمصادرّالشّغبّلماّيمكنّأنّينتجّعنهّمنّمخاطرّتستوجبّحسبّصريحّ‬
‫الفصل ‪ 15‬من ّالقانون ّالمذكور ّتدخّل ّقوّات ّاألمن ّلتشتيت ّالتّجمهر ّوتفريق ّالمشاركين ّولوّ‬
‫بإستعمال ّالقوّة"‪ّ ،‬وإنتهت ّإلى ّأن ّ"مسؤوليّة ّاإلدارة ّعن ّاألضرار ّالالّحقة ّباألشخاص ّغيرّ‬
‫المشاركينّفيّالتّجمهرّوماّشابهّمنّالتّظاهراتّذاتّالمخاطرّالواضحةّتخضعّللفصل ‪ 17‬منّ‬
‫القانونّالمتعلقّبالمحكمةّاإلداريّة‪ّ،‬وهيّمسؤوليّةّموضوعيّةّمبنيّةّعلىّالمخاطر"‪ّ.‬‬
‫كذلكّبالرجوعّإلىّجيثياتّالقرارّالتعقيبي‪ّ،‬أيدتّالمحكمةّنفسّالتوجهّفيّمعرضّردهاّ‬
‫على ّالمطعنّالمأخوذّمنّمخالفةّأحكامّالفصلّ‪ّ 17‬منّقانونّالمحكمةّاإلداريّة‪ّ،‬إذّأكدتّ"أنّ‬
‫مسؤوليّة ّاإلدارة ّعن ّاألضرار ّالالّحقة ّباألشخاص ّغير ّالمشاركين ّفي ّالتّجمهر ّتخضعّ‬
‫لمقتضياتّالفصلّ‪ّ17‬منّالقانونّالمتعلقّبالمحكمةّاإلداريّةّوهيّمسؤوليّةّموضوعيّةّ‪ّ."...‬‬
‫غيرّأن ّماّيميزّالقرارّالتعقيبيّهوّتقديمهّلحيثيةّعامةّسلطتّالضوءّبصفةّواضحةّعلىّ‬
‫الصبغة ّالموضوعية ّللمسؤولية ّعن ّالتجمهر‪ّ ،‬إذ ّأقرت ّأن ّ"التّجمهر ّبالطّرقات ّوالسّاحاتّ‬
‫العموميّةّينطويّعلىّخطورةّخاصةّسواءّمنّخاللّماّيمكنّأنّيصدرّعنّالمتجمهرينّأوّماّ‬
‫يوضع ّعلى ّذمة ّقوّات ّاألمن ّالموكول ّلها ّالتصدي ّلهم ّوالتي ّيمكن ّأن ّتبلغ ّحد ّإطالق ّالنّارّ‬
‫صوبهمّمباشرةّإذاّعمدواّإلىّبلوغّمقاصدهمّبالقوّةّعلىّمعنىّالفصلّ‪ّ 22‬منّالقانونّالمتعلقّ‬
‫باإلجتماعاتّالعامّة"‪ّ.‬‬
‫ومن ّهنا ّتتأتى ّأهمية ّالقرار ّبما ّأنه ّأقصى ّمفهوم ّالخطأ ّالمرفقي ّلضمان ّأكثر ّحظوظّ‬
‫لتعويض ّالمتضرر ّبالنّظر ّلصعوبة ّوعسر ّفصله ّعن ّالخطأ ّالشخصي ّللعون ّفي ّبعضّ‬
‫الحاالت‪ّ،‬وكذلكّلصعوبةّالتّعرّفّعلىّالجانيّمرتكبّاإلعتداءّسببّالضّررّخاصّةّإذاّكانّ‬
‫منّبينّالمتجمهرين‪ّ.31‬‬
‫ومنّالواضحّأنّتمييزّالمشاركّبالتجمهرّوالفضوليّعلىّغيرّالمشاركّبالتجمهر‪ّ،‬وتمتيعّ‬
‫هذا ّاألخير ّبنظام ّالمسؤولية ّالموضوعية ّيجد ّتبريره ّفي ّإختالف ّاآلثار ّالقانونية ّلكل ّنظامّ‬
‫مسؤولية‪ّ.32‬‬
‫الفرع الث ّاني‪ :‬آثار المسؤوليّة‬
‫تترتب ّعن ّإقرار ّالمسؤولية ّآثار ّيجوز ّحصرها ّفي ّتلك ّالتي ّتطال ّإجراءات ّاإلثباتّ‬
‫(الفقرة األولى)‪ّ،‬وحاالتّاإلعفاءّ(الفقرة الث ّانية)‪ّ،‬وشروطّالتعويضّ(الفقرة الث ّالثة)‪ّ.‬‬

‫ّ‬
‫وألمسؤولية على أساس ألخطا ألمرفقي ويمزج بينهما في نفس‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية دون خطا على أساس ألمخاطر‪،‬‬ ‫‪ - 31‬يذكر أ ّن فقه قضاء مجلس ّألدولة ألفرنسي يرأوح بين‬
‫ّ‬
‫ألحق في ألتعويض وتكريس حماية‬ ‫ّ‬
‫يميز بين ألمشارك وألفضولي وغير ألمشارك‪ ،‬بما ينطوي عليه هذأ ألتمشي من مزيد ضمان ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمتضرر دون أن ّ‬ ‫ألقضية وبخصوص نفس‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أكبر لحرية ممارسة حق ألتظاهر ألسلمي قرأر شركة ألتامين أللويد ولندن بتاريخ ‪ 13‬ديسمبر ‪ 2002‬؛ كذلك قرأري أحدأث ألضوأحي ألباريسية بتاريخ ‪ 11‬جويلية ‪ .2011‬على‬
‫ألعامة ّألت ّ‬
‫عقيبية عدد ‪37515‬‬ ‫وخاصة منذ قرأر ألجلسة ّ‬
‫ألضرر ّ‬ ‫لمدعي ّ‬ ‫وخيرت ّألتمييز بين ألصناف ّألثالثة ّ‬ ‫بن هذأ ّ‬
‫ألتمشي ّ‬ ‫ّ‬
‫أإلدأرية ألتي لم تت ّ‬ ‫عكس فقه قضاء ألمحكمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بتاريخ ‪11‬جويلية ‪ ،2009‬م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د‪ .‬في حق وزأرة ألدأخلية وألتنمية ألمحلية ضد مخلوف‪.‬‬
‫ّ‬
‫ألقانونية‪:‬‬ ‫أإلدأرية يمكن ّألرجوع إلى ألمقالت ألمنشورة ّ‬
‫بمجلة ألخبار‬ ‫ألمسؤولية ّ‬
‫ّ‬ ‫ألتعمق بخصوص نظام‬ ‫‪ - 32‬لمزيد ّ‬
‫‪- « La responsabilité administrative », Revue « Études Juridiques », Numéro Spécial, Faculté de droit de Sfax, C.P.U., 2006.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات اإلثبات‬
‫تقوم ّالمسؤوليّة ّالتّقصيريّة ّبإثبات ّالخطأ ّوالضّرر ّوالعالقة ّالسّببيّة ّبينهما‪ّ ،‬في ّحين ّتقومّ‬
‫المسؤوليّةّدونّخطأ ّبإثباتّالضّررّوالعالقةّالسّببيّةّمعّمصدرّالمخاطرّأوّمصدرّخرقّمبدأّ‬
‫المساواةّمعّاألعباءّالعموميّة‪ّ.‬‬
‫وفي ّنطاق ّالمسؤولية ّاإلدارية ّالناجمة ّعن ّالتجمهر ّتتغير ّاآلثار ّحسب ّصفة ّالمتضرر‪ّ،‬‬
‫ولذلكّوجبّالتمييزّبينّالمشاركّوالفضوليّ(أ)ّوغيرّالمشاركّ(ب)‪ّ.‬‬
‫أ‪ -‬بخصوص المشارك والفضولي‪:‬‬
‫إلقرار ّالمسؤولية ّالناجمة ّعن ّالتجمهر ّآثار ّعلى ّإجراءات ّاإلثبات ّبخصوص ّكل ّمنّ‬
‫المشاركّوالفضولي ّلوحدةّنظامهماّالقانوني‪ّ ،‬إذّيكوناّمطالبينّبإثباتّالخطأّالمرفقيّلإلدارة‪ّ،‬‬
‫أوّللعونّالذيّيخضعّلسلطتها‪ّ.‬‬
‫ومبدئيا ّال ّشيء ّيحول ّدون ّإضافة ّشروط ّتتعلّق ّبجسامة ّالخطأ ّإلى ّجانب ّخصوصيةّ‬
‫الضّرر ّوطابعه ّاإلستثنائي‪ّ ،‬بأن ّيشترط ّأن ّيكون ّالضّرر ّالنّاجم ّعن ّاستعمال ّالسّالح ّأو ّعنّ‬
‫التّجمهرّبصفةّعامّةّغيرّعاديّويتجاوزّاألعباءّالتيّمنّالمفترضّأنّيتحمّلهاّعادّة ّالمواطنّ‬
‫مقابلّاإلنتفاعّبمزاياّالمرفقّالعام‪ّ،‬تفعيالّلمبدأّالمساواةّأمامّاألعباءّالعموميّة‪ّ.‬‬
‫وفي ّهذه ّالحالة ّيتم ّقلب ّعبئ ّاإلثبات ّوتمتيع ّكل ّمن ّالمشارك ّوالفضولي ّبقرينة ّالخطأّ‬
‫المفترضّالقائمةّعلىّأساسّإنتفاءّالسّيرّالعاديّللمرفقّالعمومي‪ّ،‬بمعنىّيكون ّعلىّاإلدارةّ‬
‫إثباتّالخطأّالشّخصيّلعونهاّأوّخطأّالغيرّلدرئّالخطأّالمرفقيّالمنسوبّإليهاّوذلكّبإثباتهاّ‬
‫ترك ّما ّيجب ّفعله ّوفعل ّما ّيجب ّتركه‪ّ ،‬بمعنى ّإثبات ّعدم ّتقصيرها ّفي ّالتدرّج ّفي ّتطبيقّ‬
‫اإلجراءات ّالمعمول ّبها ّللتصدّي ّألعمال ّالشّغب ّواتّخاذها ّاإلحتياطات ّالكفيلة ّبالحفاظ ّعلىّ‬
‫النّظامّالعامّبإعتبارّماّهوّموكولّإليهاّمنّصالحياتّفيّهذاّالخصوص‪ّ.‬‬
‫وقد ّأثارت ّمسألة ّ"قرينة ّالخطأ ّالمفترض" ّإنتقادات ّالفقهاء ّبما ّأنها ّتعد ّحسب ّالبعضّ‬
‫رجوعاّإلىّنظامّالمسؤوليةّدونّخطأ‪ّ،‬فيّحينّيرىّالبعضّاآلخرّأنهاّتدخلّضمنّالمسؤوليةّ‬
‫التقصيرية‪ّ.33‬‬
‫إالّأنهّفيّجميعّالحاالت‪ّ،‬ومهماّتنوعتّاإلختالفاتّحولّطبيعةّ"قرينةّالخطأّالمفترض"‪ّ،‬‬
‫فإنهاّتختلفّبالضرورةّعلىّالمسؤوليةّالموضوعيةّالتيّالّيحتاجّفيهاّالمتضررّإلثباتّالخطأّ‬
‫والتقصيرّواإلهمالّالمرفقي‪ّ.‬‬
‫ب‪ -‬بخصوص غير المشارك‪:‬‬
‫بالرجوعّإلىّحيثياتّالحكمّاإلستئنافيّفيّقضيةّ"أميرة"ّيالحظّأن ّالمحكمةّكرستّنظامّ‬
‫"المسؤوليّة ّالموضوعيّة ّالمبنيّة ّعلى ّالمخاطر ّالتي ّيكفي ّإلنعقادها ّثبوت ّالضّرر ّوالعالقةّ‬
‫السّببيّةّبينّذلكّالضّررّوالواقعة"‪ّ،‬وهوّنفسّماّإنتهىّإليهّالقرارّالتعقيبي‪ّ.‬‬
‫وبالتاليّيستروحّمنّذلكّتمتيعّغيرّالمشاركّبالتجمهرّبنظامّيتميزّبسهولةّاإلثباتّوذلكّ‬
‫بإعفائه ّمن ّإثبات ّالخطأ‪ّ ،‬في ّحين ّال ّتعفى ّالجهة ّاإلدارية ّمن ّالمسؤولية ّإال ّفي ّحاالتّ‬
‫مخصوصة‪.‬‬
‫الفقرة الث ّانية‪ :‬حاالت اإلعفاء‬
‫‪33‬‬ ‫‪- Françoise Llorens-Frayasse, « Les présomptions de faute dans le contentieux administratifs de la responsabilité », L.G.D.J., Paris,‬‬
‫‪1985, p. 115 et s.‬‬
‫‪- Ben Amor (S.), « La présomption de faute en matière de responsabilité administrative », Mémoire de Mastère de recherche en droit‬‬
‫‪public, Faculté de droit de Sfax, 2015-2016.‬‬
‫كلية ألحقوق وألعلوم‬ ‫ألعمومية‪ ،‬رسالة بحث لنيل شهادة ّألدرأسات ّ‬
‫ألمعمقة في ألقانون ألعام‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألمسؤولية غير ّألت ّ‬
‫عاقدية لالشخاص‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬رشدي ألمحمدي‪ ،‬ألخطا في‬
‫سية بتونس‪.1993 ،‬‬ ‫ألسيا ّ‬
‫ّ‬
‫كلية ألعلوم ألقانونيةّ‬ ‫بالمسؤولية ّ‬
‫أإلدأرية‪" ،‬إصالح ألقضاء أإلدأري"‪ ،‬أعمال ألملتقى ألمنعقد من ‪ 27‬إلى ‪ 29‬نوفمبر ‪ّ ،1996‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬محمد صالح بن عيسى‪ ،‬ألدعوى ألمتعلقة‬
‫وأإلجتماعية بتونس‪ ،‬دأر ّألنشر ألجامعي‪.1999 ،‬‬
‫ّ‬ ‫وألس ّ‬
‫ياسية‬ ‫ّ‬

‫‪13‬‬
‫حاالتّاإلعفاءّمنّالمسؤوليّةّالتّقصيريّةّأربع‪ّ،‬وهي ّالقوّةّالقاهرةّواألمرّالطّارئّوخطأّ‬
‫الغيرّوخطأّالمتضرر‪ّ ،‬فيّحينّيكونّإثباتّخطأ ّالغير ّدون ّتأثيرّيذكر ّفيّإطارّالمسؤوليّةّ‬
‫دونّخطأ‪ّ،‬أيّالمسؤوليةّالموضوعيةّالمؤسّسةّعلىّالمخاطر‪ّ.‬‬
‫وبالرجوعّإلىّحيثياتّالحكمّاإلستئنافي‪ّ،‬إنتهتّالمحكمةّاإلداريةّإلىّأنهّ"خالفاّلماّتمسّكّ‬
‫بهّالمستأنف‪ّ،‬فإنّّالتّالقيّالحتميّلجماهيرّالفريقينّوماّيمكنّأنّيتبعهّمنّعنفّخاصّةّبالنّظرّ‬
‫إلىّعددها ّونتيجةّكلّ ّفريقّوتوقيتّالمقابلتينّفيّالبطولةّأضحىّأمراّمتوقّعا‪ّ،‬طبقّماّأتىّ‬
‫عليهّحكمّالبدايةّبإسهاب‪ّ،‬ممّاّينزعّالقوّةّالقاهرةّعنّوقائعّالشّغبّموضوعّالخصام‪ّ.‬لذاّفقدّ‬
‫أضحتّاإلدارةّمستوعبةّلكاملّالمسؤوليّة"‪ّ.‬‬
‫وبخصوص ّإجابة ّالمحكمة ّإستئنافيا ّعن ّالمستند ّالمأخوذ ّمن ّمخالفة ّالحكم ّالمنتقد ّأحكامّ‬
‫الفصل ‪ 7‬من ّمجلّة ّاإلجراءات ّالجزائيّة ّلما ّاعتبرت ّأنّه ّيمكن ّمطالبة ّاإلدارة ّبالتّعويض‪ّ،‬‬
‫والحالّأنّ ّالمتسبّبينّالمباشرينّمعروفون‪ّ،‬إالّ ّأنّ ّالمستأنفّضدّهّلمّيدلّبمآلّالتتبّعّالجزائيّ‬
‫المؤرّخّفي ‪ 16‬جانفي ‪ّ،2007‬ضرورةّأنّهّفيّصورةّصدورّحكمّيقضيّبإدانةّالمشتبهّبهمّالّ‬
‫يمكنّمساءلةّاإلدارة‪ّ،‬توصلتّالمحكمةّإلىّأنهّ"وحتّىّفيّصورةّثبوتّإدانةّالغيرّالجزائيّة‪ّ،‬‬
‫فإنّّذلكّليسّمنّشأنهّأنّيشكّلّحالةّإعفاءّلمصلحتهاّبالنّظرّإلىّاستقالليّةّالمسؤوليّةّاإلداريّةّ‬
‫عنّالمسؤوليّةّالجزائيّة‪ّ،‬فضالّعمّاّسبقّإقرارهّمنّأنّّمسؤوليّةّاإلدارةّموضوعيّة"‪ّ.‬‬
‫ومن ّث َّم ّتوصلت ّالمحكمة ّفي ّالطور ّاإلستئنافي ّوكذلك ّالتعقيبي ّإلى ّأنه ّ"ال ّيمكن ّإعفاءّ‬
‫اإلدارة ّمن ّالمسؤوليّة ّسواء ّكليّا ّأوجزئيّا ّإالّ ّإذا ّأقامت ّالدّليل ّعلى ّحصول ّقوّة ّقاهرة ّأو ّأنّّ‬
‫األضرارّالمطلوبّجبرهاّمردّهاّخطأّالمتضرّر"‪ّ.‬‬
‫الفقرة الث ّالثة‪ :‬شروط الت ّعويض‬
‫الّيخضعّالتّعويضّأمامّالقاضيّاإلداريّإلىّنص ّخاصّ‪ّ،‬ويتمتّعّلذلكّبسلطةّتقديريّةّفيّ‬
‫تحديده‪ّ ،‬على ّأنه ّيشترط ّأن ّيكون ّعادال ّوكامال ّوشامال ّلكافّة ّأوجه ّالضّرر ّسواء ّالالّحقةّ‬
‫باألشخاصّأوّبالممتلكات‪ّ.34‬‬
‫وقدّأكدتّالمحكمةّفيّهذاّالقرارّالتّعقيبيّأن ّالقيامّبالحقّ ّالشّخصيّأمامّالقاضيّالجزائيّ‬
‫الّيحولّدونّطلبّالتّعويضّأمامّالقضاءّاإلداريّشريطةّأنّالّيؤدّيّالحكمّبمبالغّالتّعويضّ‬
‫إلىّاإلثراءّدونّسبب‪ّ.‬‬
‫إذ ّيعيب ّالمعقب ّعلى ّمحكمة ّالحكم ّالمطعون ّفيه ّمخالفة ّأحكام ّالفصل ّ‪ّ 7‬من ّمجلّةّ‬
‫اإلجراءاتّالجزائيّة ّبقضاءهاّبأنهّحتّىّفيّصورةّثبوتّإدانةّالغيرّجزائيا‪ّ ،‬فإن ّذلكّليسّمنّ‬
‫شأنه ّأن ّيشكّل ّحالة ّإعفاء ّلمصلحة ّاإلدارة ّبالنّظر ّإلى ّاستقالليّة ّالمسؤوليّة ّاإلداريّة ّعنّ‬
‫المسؤوليّةّالجزائيّة‪ّ،‬فيّحينّأنّذلكّمنّشأنهّأنّيؤديّإلىّحصولّتعويضّمنّجانبّاإلدارةّ‬
‫ومنّجانبّالمحكومّضدهّفيّالمادةّالجزائيّة‪ّ ،‬وهوّماّيشكلّخرقاّلقاعدةّعدمّالتّعويضّمرتينّ‬
‫عنّنفسّالضّرر‪ّ.‬‬
‫وأجابت ّالمحكمة ّبأنه ّ"لم ّيثبت ّمن ّأوراق ّالملفّ ّقيام ّالمعقب ّضده ّفي ّحق ّابنته ّبالحقّ‬
‫الشّخصيّأوّبدعوىّمدنيّةّفيّغرمّالضّررّضدّ ّالمتهمينّفيّاإلعتداءّالذيّتعرضتّلهّابنتهّ‬
‫وهوّماّأكدهّنائبهّفيّالطورّاإلبتدائي"‪ّ.‬‬
‫غير ّأن ّما ّميز ّالقرار ّالتعقيبي ّهو ّتجاوزه ّنطاق ّالطعن ّليكرس ّقاعدة ّعامة ّومجردةّ‬
‫)‪ّ ،(obiderdictum‬إذ ّإنتهى ّإلى ّأنه ّ"عالوة ّعلى ّذلك ّوعلى ّفرض ّحصول ّالمعني ّباألمرّ‬
‫علىّتعويضّعلىّأساسّالمسؤوليّةّالجزائيةّفإن ّذلكّالّيحولّدونّإمكانيّةّقيامهّبدعوىّفيّ‬
‫التّعويضّعلىّالجهةّاإلداريّةّالمسؤولةّطبقاّللمبادئّالعامّةّللمسؤوليّةّاإلداريّةّشريطةّأنّالّ‬
‫‪34- Mnasser (A.), « L’indemnisation dans les litiges relatifs à la responsabilité administrative », Mémoire pour l’obtention du Mastère de‬‬

‫‪recherche en droit public, Faculté de droit de Sfax, 2015-2016.‬‬

‫‪14‬‬
‫يتجاوزّالتّعويضّحقيقةّالضّررّالمدعىّبهّحتىّالّيؤولّذلكّإلىّاإلثراءّدونّسبب‪ّ،‬وهوّماّلمّ‬
‫يثبتّفيّقضيةّالحال"‪ّ.‬‬
‫وبالتاليّيجوزّفيّالختامّالقولّوالتأكيدّعلىّأنّقرارّ"أميرة"ّيعدّمبدئياّمنّحيثّأنهّكرسّ‬
‫حمايةّوحصانةّقضائيةّلحقوقّالمتضررّمتىّثبتّأنهّغيرّالمشاركّبالتجمهر‪ّ،‬كماّكفلّحقهّ‬
‫فيّالتعويضّبضماناتّتتأتىّأساساّمنّالصبغةّالموضوعيةّللمسؤوليةّالتيّتؤثرّرأساّعلىّ‬
‫اإلثباتّوحاالتّاإلعفاءّوطبيعةّالتعويض‪ّ.‬‬
‫غير ّأن ّبعض ّالحاالت ّالتي ّخصها ّالمشرع ّبنظام ّخصوصي ّقد ّتستدعي ّالتوقف ّعندهاّ‬
‫لتقاطعهاّمعّالنظامّالفقهّقضائيّالذيّيتمتعّبهّغيرّالمشاركّبالتجمهر‪ّ.‬‬
‫إذّقدّيعمدّالمشرعّإلىّإحداثّصناديقّتعويضّخاصّةّوموازيةّلضحاياّمعيّنينّقائمةّعلىّ‬
‫فلسفةّالتّكافلّوالتّضامنّاإلجتماعيّوالتيّتجدّأساسهاّفيّإقرارّمسؤوليّةّالدّولةّالموضوعيّةّ‬
‫واآللية‪ّ.35‬‬
‫والمقصودّبذلكّهوّإيجادّالمشرعّألنظمةّخاصةّللمسؤوليّةّوللتّعويضّعنّحاالتّأخرى‪ّ،‬‬
‫لعلّأهمهاّجرحىّومصابيّوشهداءّالثّورة‪ّ،‬وكذلكّضحاياّالعملياتّاإلرهابية‪ّ.36‬‬
‫وهي ّصنف ّيدعوه ّالفقه ّبالمسؤوليّة ّالتّكافليّة ّالتّضامنيّة ّأو ّالمسؤولية ّدون ّفعل ّ ‪(Sans‬‬
‫)‪ّ fait‬أوّبحكمّالقانون‪ّ،‬وتجدّأساسهاّفيّفكرةّالواجبّالمشتركّبينّالمجموعةّالوطنيّة‪ّ ،‬والتيّ‬
‫تعد ّتطوّرا ّلنظريّة ّالمسؤوليّ ة ّدون ّخطأ ّعلى ّأساس ّخرق ّمبدأ ّالمساواة ّأمام ّاألعباءّ‬
‫العموميّة‪ّ،37‬ومنّشروطّقيامها‪ّ:‬‬
‫فالتعويض ّألتشريعي‬‫مسؤولية ألدأرة يكمن في ألسس ألتي يقوم عليها ّكل منهما‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫وألتعويض عن طريق إقرأر‬ ‫ألخاصة ّ‬‫تقره ّألنصوص ّ‬ ‫‪" - 35‬فالفرق ين ّألتعويض ألذي ّ‬
‫يهم ألمجموعة كمثل ثورة ‪ 14‬جانفي ‪ 2011‬ألتي كانت‬ ‫تعرض لضرر من أجل أمر ّ‬ ‫تعوض للفرد ألذي ّ‬ ‫يقوم على ّألتضامن أإلجتماعي ألذي يفرض على ألمجموعة ألتكافل حتى ّ‬
‫ّ‬
‫رعية أي تلك ألتي تقوم على ألخطا ألذي‬ ‫أإلدأرية على معاقبة أإلدأرة على أعمالها غير ّ‬
‫ألش ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمسؤولية‬ ‫ألمشرع ذأته‪ .‬في حين تقوم‬ ‫تهدف لتحقيق ّ‬
‫ألحرية وألكرأمة كما ّكيفها ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عليها أن تصلحه عن طريق ألتعويض‪ .‬لذلك‪ ،‬مهما توفرت ألنصوص ألتشريعية ألمقرة للتعويض‪ ،‬تبقى ألمسؤولية بابا مفتوحا للمتقاضين حتى يرغموأ أإلدأرة على أصالح‬ ‫ّ‬
‫ألخاصة لمصابي ّألثورة ل تمنع مساءلة أإلدأرة‪ :‬تعليق على حكم إدأري تونسي"‪ّ ،‬‬
‫ألمفكرة‬ ‫ّ‬ ‫ألغشام‪ّ " ،‬ألتعويضات‬ ‫رعية‪ ،".‬أسماء ّ‬ ‫جرأء أخاللها ّ‬
‫بالش ّ‬ ‫ألخطا ألذي أرتكبته ّ‬
‫ألقانونية ‪ 13 ،Legal Agenda‬جوأن ‪.2016‬‬‫ّ‬
‫‪ -‬يرأجع كذلك‪:‬‬
‫‪- Asma Ghachem Melliti, « Recherche sur l’autonomie de la responsabilité administrative extracontractuelle », Thèse de doctorat en droit‬‬
‫‪public, Faculté des Sciences juridiques, Politiques et Sociales de Tunis, 2015-2016.‬‬
‫يتعلق بمقاومة أإلرهاب ومنع غسل ألموأل‪ ،‬وقد وضع ّ‬
‫ألمشرع بالفصول من ‪ 79‬إلى‬ ‫‪ّ - 36‬تم في تونس إصدأر قانون أساسي عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬بتاريخ ‪ 7‬أوت ‪ّ 2015‬‬
‫مسؤولية ّألتعويض عن تلك‬
‫ّ‬ ‫وحمل ألفصل ‪ 82‬منه ّألدولة‬ ‫للضحايا ألقيام بطلبات تعويض أمام ألقضاء‪ّ ،‬‬ ‫خولت ألفصلين ‪ 80‬و‪ّ 81‬‬ ‫‪ 82‬منه أ ّليات تعويض ّ‬
‫للضحايا‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألضرأر‪ ،‬وقد صدر ألمر عدد ‪ 1777‬لسنة ‪ 2015‬ألمؤرخ في ‪ 25‬نوفمبر ‪ 2015‬ألمتعلق بضبط تنظيم أللجنة ألوطنية لمكافحة أإلرهاب وطرق سيرها‪ ،‬وقد تم إقرأر ضمانات‬
‫ألمالية ّألتكميلي‬ ‫أإلرهابية بالفصلين ‪ 9‬و‪ 10‬من ألقانون عدد ‪ 51‬لسنة ‪ 2013‬ألمؤ ّرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ّ 2013‬‬
‫ألمتعلق بقانون ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإمتيازأت لعوأن ألمن وألجيش ضحايا ّ‬
‫ألعمليات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهمة تلقي ألملفات ودرأستها‪ ،‬وتحمل أإلمتيازأت على ميز ّأنية ألدولة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لسنة ‪ ،2013‬كما ّتم إحدأث لجنة تحت إشرأف رائسة ألجمهورية تعهد لها ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذأ وقد ّتم بمقتضى ألقانون عدد ‪ 53‬لسنة ‪ 2015‬ألمؤ ّرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 2015‬ألمتعلق بقانون ألمالية لسنة ‪ 2016‬وخاصة بالفصل ‪ 11‬منه تحويل أإلشرأف إلى وزأرة‬
‫يتعرضون لضرأر بسبب ألعمال أإلرها ّبية‪.‬‬ ‫ألمدنيين ألذين ّ‬‫أإلجتماعية‪ ،‬كما شمل بالفصل ‪ 12‬منه ألموأطنين ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألشؤون‬
‫أإلرهابية وتخضع إلشرأف وزأرة ألعالقات بالهيائت ألدستوريةّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفي ‪ 5‬فيفري ‪ 2016‬أعلن رئيس ألحكومة عن إحدأث هيئة عامة لشهدأء وجرحى ألثورة وألعمليات‬
‫ملفات إسناد ألمنافع ّ‬
‫ألمخولة‬ ‫بالنظر في ّ‬ ‫ألمكلفة ّ‬‫يتعلق بتحديد تركيبة ّأللجنة ّ‬ ‫وألمجتمع ألمدني وحقوق أإلنسان‪ ،‬وصدر قرأر من رئيس ألحكومة مؤ ّرخ في ‪ 17‬ماي ‪ّ 2016‬‬
‫ّ‬
‫أإلرهابية وضبط مشمولتها وطرق سير عملها‪.‬‬ ‫لضحايا أإلعتدأءأت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أ ّما في فرنسا فتوجد هيئة مختصة للنظر في قضايا تعويض ألضرأر عن ألعمليات أإلرهابية وتحمل ألمسؤولية على ألدولة ويتم خالصها من صناديق خاصة محدثة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للغرض‪ ،‬وتدعى )‪.C.I.V.I. (Commission d’Indemnisation des Victimes d’Infraction‬‬
‫يرأجع في ذلك‪:‬‬
‫‪- Jean-François Carlot, « Indemnisation des victimes d’actes de terrorisme et d’autres infractions pénales », JuriSques.‬‬
‫‪- Emmanuel Raphaël, « Concurrence autour de la redéfinition de la puissance publique dans la lutte antiterroriste en France après le 11‬‬
‫‪septembre 2001 », Juillet 2013.‬‬
‫‪- Eric Beauron, « Les mesures d’exception face à la lutte antiterroriste: un « mana juridique » ? ».‬‬
‫‪- Vanessa Branchot, « L'exception en droit ou le droit à l'exception en matière de lutte contre le terrorisme ».‬‬
‫‪- Jean-Christophe Le Coustumer, « La norme et l’exception. Réflexions sur les rapports du droit avec la réalité ».‬‬
‫‪- Jean-Paul Costa, « État d’urgence et dérogation à la Convention européenne des droits de l’homme », Janvier 2016.‬‬
‫‪- Barbara Romagnan, « Libertés et sûreté dans un monde dangereux ».‬‬
‫‪37 - Saadaoui Ayadi (S), « La responsabilité administrative pour rupture du principe d’égalité devant les charges publics », Mémoire du‬‬

‫‪Mastère en droit public et commerce international, Faculté de droit de Sfax, 2014.‬‬

‫‪15‬‬
‫وجود ّضرر ّمسترسل ّومتسلسل ّ‪ّ )2‬تكريس ّوإقرار ّتشريعي ّلمسؤوليّة ّالدّولة ّاآللية ّ‪ّ)3‬‬
‫إنشاءّصناديقّخاصّةّللتعّويض‪ّ.38‬‬
‫ّإال ّأنّه ّفي ّجميع ّاألحوال‪ّ ،‬فإنّ ّذلك ّال ّيحول ّدون ّحكم ّالقاضي ّاإلداري ّبالتّعويضاتّ‬
‫الالّزمة‪ّ39‬علىّأساسّاألحكامّالعامّةّللمسؤوليّةّاإلداريّة‪ّ.40‬‬
‫ومن ّذلك ّما ّذهبت ّإليه ّالمحكمة ّاإلدارية ّفي ّالحكم ّاإلبتدائي ّعدد ّ‪ّ 123028‬بتاريخ ّ‪ّ28‬‬
‫نوفمبرّ‪(ّ،2013‬محسنّالجالصيّضد ّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬دّفيّحق ّوزارةّالداخلية)‪ّ ،‬منّتأسيسّمسؤوليةّ‬
‫الدولةّعلىّأساسّالفصلّ‪ّ17‬منّالقانونّالمتعلقّبالمحكمةّاإلدارية‪ّ،‬كماّإنتهتّإلىّأنّالسّالحّ‬
‫الناري ّالذي تضعه اإلدارة بين يدي عونها يعتبر من ّاألشياء الخطرة ّوقد ّاستقر ّعمل ّهذهّ‬
‫المحكمة ّعلى ّاعتبار ّأن ّمسؤوليّة ّاإلدارة عن األشياء الخطرة التّابعة لها تكتسي ّصبغة‬
‫موضوعيّة يكفي إلنعقادها إثبات العالقة السّببيّة المباشرة بين الضّرر المتظلم منه وبين الشّيء‬
‫الخطر‪ّ ،‬وال ّتنتفي ّتلك ّالمسؤولية ّإال ّإذا ّكان ّمرد ّالضرر ّقوة ّقاهرة ّأو ّفعل ّالمتضرر"‪ّ،‬‬
‫وتوصلتّإلىّأن ّ"المكلفّالعامّبنزاعاتّالدولةّلمّيفلحّفيّنفيّالعالقةّالسببيةّبينّالرصاصةّ‬
‫والضرر ّالالحق ّبالعارض‪ّ ،‬كما ّلم ّيستحضر ّدليال ّعلى ّأن ّالرصاصة ّالتي ّأصابت ّعينّ‬
‫العارضّقدّصدرتّعنّسالحّناريّغيرّتابعّلقواتّاألمنّالداخليّأوّأن ّالضررّمردهّقوةّ‬
‫قاهرةّأوّفعلّالمتضرر"‪ّ.‬‬
‫أماّبخصوصّالدفع ّبالظروفّاإلستثنائيةّالتيّمرت ّبهاّالبالدّوحالة ّالفوضى ّوالتجمهرّ‬
‫العشوائيّالتيّتبررّإطالقّالنارّعلىّالمتظاهرين‪ّ،‬أوّحتّىّبخصوصّالمتضررينّخاللّخاللّ‬
‫أحداثّالثورةّالممتدةّمنّ‪ّ 17‬ديسمبرّ‪ّ 2010‬إلىّ‪ّ 28‬فيفريّ‪ّ،2011‬أجابتّالمحكمةّأنهّالدفعّ‬
‫"يفتقرّلكلّأثرّعلىّانعقادّمسؤوليةّاإلدارةّعلىّاألضرارّالمتولدةّعنّاستخدامّاألسلحةّالناريةّ‬
‫من ّقبل ّقوات ّاألمن‪ّ ،‬والتي ّتبقى ّقائمة ّبصرف ّالنظر ّعن ّالظرف ّالزمني ّالذي ّحصل ّفيهّ‬

‫‪38‬‬ ‫‪- Faycel Bouguerra, « La responsabilité sans fait de l'État: Prolégomènes et florilèges. », (3 parties), In La Revue du droit « Infos‬‬
‫‪Juridiques », n° 214/215, février 2016, p.p. 14-19 ; n° 216/217, mars 2016, p.p. 8-15 ; n° 218/219, avril 2016, p.p. 16-20.‬‬
‫‪- Didier Truchet, Droit administratif, P.U.F., Coll. « Thémis », 1ère éd., 2008, p.p. 418 - 423.‬‬
‫‪- Didier Truchet, « L’indemnisation du risque en droit administratif », Revue R.I.S.E.O., (Risques, études et observations), n° 2013-2‬‬
‫‪- Thibaut Leleu, La responsabilité sans fait en droit administratif français, Thèse de Doctorat sous la direction du Professeur Didier‬‬
‫‪Truchet, soutenue à l’Université Panthéon-Assas (Paris 2), le 23 novembre 2012.‬‬
‫« ‪- Publiée sous : Essai de restructuration de la responsabilité publique : à la recherche de la responsabilité sans fait, L.G.D.J., Coll.‬‬
‫‪Bibliothèque de droit public », T. 280, 2014, 449 p.‬‬
‫‪- Intervention de M. Jean Dubois (Magistrat à la Cour Administrative d’Appel de Marseille), In Colloque « Responsabilité, sécurité civile‬‬
‫‪et décision d’urgence en débats », « Sécurité Civile et Décisions d’Urgence », L’Arbois, 29 janvier 2010.‬‬
‫ألضرر بقدر ما هو قائم على أإل ّ‬
‫مكانية ألتي‬ ‫بمهمة جبر ّ‬ ‫‪" - 39‬وما يمكن قوله هو أ ّن ّألتعويض ألذي ل ينفي ألمسؤول ّية هو في وأقع ألمر غير مبني على عدم أيفاء ّألتعويض ّ‬
‫يجرنا ألى ألقول أ ّنه حتى لو كان ألتعويض ألذي أقرته ألمرأسيم يعوض عن ألضرر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقره ّألنصوص ّ‬
‫ألخاصة‪ .‬وهذأ ما ّ‬ ‫ألمشرع ّللجوء ألى ألقضاء ألى جانب ّألتعويض ألذي ّ‬
‫أتاحها ّ‬
‫ّ‬
‫مسؤولية أإلدأرة على قيامها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للمسؤولية كما ورد في ألفصل ‪ 17‬من قانون ألمحكمة أإلدأرية تبقى دأئما متاحة ذلك أن ألفصل ‪ 17‬يبني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إمكانية أعمال ألنظام ألعام‬ ‫كامال فإ ّن ّ‬
‫ألقانونية ‪،Legal Agenda‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألخاصة لمصابي ألثورة ل تمنع مساءلة أإلدأرة‪ :‬تعليق على حكم إدأري تونسي"‪ ،‬ألمفكرة‬ ‫ّ‬
‫شرعية (‪،")...‬أسماء ألغشام‪ّ " ،‬ألتعويضات ّ‬ ‫باعمال غير ّ‬
‫‪ 13‬جوأن ‪.2016‬‬
‫‪ -‬يرأجع كذلك‪:‬‬
‫‪- Asma Ghachem Melliti, « Recherche sur l’autonomie de la responsabilité administrative extracontractuelle », Thèse de doctorat en droit‬‬
‫‪public, Faculté des Sciences juridiques, Politiques et Sociales de Tunis, 2015-2016.‬‬
‫مجرد مساهمة‬‫وأنما أقتصر على ّ‬ ‫خاصا ينحصر في نطاقه ّألتعويض‪ّ ،‬‬ ‫‪" - 40‬أعتبر ألقاضي أإلدأري أن ألتعويض ألذي جاء به ألمرسوم عدد ‪ 40‬ألمذكور أعاله لم ُيرس نظاما ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمتضررين على موأجهة ألصعوبات ألمتاكدة ول تعوض عن ألضرر كامال‪ .‬ومن هذأ‬ ‫ّ‬ ‫وقتية وجز ّئية تهدف إلى إعانة‬
‫ألمالية هي ّ‬
‫ألضرر‪ّ .‬ثم إن هذه ألمساهمة ّ‬ ‫مالية في جبر ّ‬
‫ّ‬
‫ألمتضرر‪ ،‬فإنّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تشريعي يحدد بصفة مسبقة صفة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألخاص هو تعويض‬ ‫ألنص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّألتكييف‪ ،‬يمكن أن نستشف خصائص كال ألتعويضين‪ .‬فإن كان ألتعويض ألذي جاء به ّ‬
‫ّ‬
‫ألمتضرر كما يحددّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قضائي يكون فيه ألقاضي هو من يحدد صفة‬ ‫أإلدأرية هو تعويض ّ‬‫للمسؤولية ألذي جاء به ألفصل ‪ 17‬من قانون ألمحكمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّألتعويض عن طريق ّألنظام ألعام‬
‫مالية"‪ ،‬أسماء ّ‬
‫ألغشام‪،‬‬ ‫مجرد مساهمة ّ‬ ‫ً‬
‫ألضرر كامال‪ ،‬وليس ّ‬ ‫ً‬
‫ألقضائي يكون تعويضا كامال ياخذ بعين أإلعتبار ّ‬
‫ّ‬ ‫يستحق ّألتعويض أم ل‪ّ .‬‬
‫وألتعويض‬ ‫ّ‬ ‫ألضرر ألذي لحقه‬‫إن كان ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫" ّألتعويضات ألخاصة لمصابي ألثورة ل تمنع مساءلة أإلدأرة‪ :‬تعليق على حكم إدأري تونسي"‪ ،‬ألمفكرة ألقانونية ‪ 13 ،Legal Agenda‬جوأن ‪.2016‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬يرأجع كذلك‪:‬‬
‫‪- Asma Ghachem Melliti, « Recherche sur l’autonomie de la responsabilité administrative extracontractuelle », Thèse de doctorat en droit‬‬
‫‪public, Faculté des Sciences juridiques, Politiques et Sociales de Tunis, 2015-2016.‬‬

‫‪16‬‬
‫الطلقّالناري"‪ّ.‬‬
‫ّنفس ّالتمشي ّتوخته ّالمحكمة ّضمن ّاألحكام ّاإلبتدائية ّعدد ّ‪ّ 130240‬بتاريخ ّ‪ّ 28‬مايّ‬
‫‪(ّ،2015‬محمدّبنّعبدّالرّحمنّبنّيوسفّالجبينيّضدّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬دّفيّحقّوزارةّالداخلية)‪ّ،‬وعددّ‬
‫‪ّ130242‬بتاريخّ‪ّ 28‬مايّ‪(ّ،2015‬رفيقّبنّمحمودّبنّمسعودّرحايميّضدّّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬دّفيّحقّ‬
‫وزارة ّالداخلية)‪ّ ،‬وعدد ّ‪ّ 130243‬بتاريخ ّ‪ّ 28‬ماي ّ‪(ّ ،2015‬محمّد ّالهادي ّالفطناسي ّضدّّ‬
‫م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬دّفيّحقّوزارةّالداخلية)‪ّ.41‬‬
‫نفسّالشيءّأقرتهّالمحكمةّكذلكّبخصوصّالمساجينّالذينّتعرضواّإلىّطلقّناريّمنّ‬
‫أعوانّأمنّالمرفقّالسجنيّأثناءّأحداثّالفوضىّالتيّجدتّبالسجونّأثناءّالفترةّالمذكورة‪ّ.42‬‬
‫غيرّأن ّالمحكمةّفيّاألحكامّالمذكورة ّولئنّأسستّمسؤوليةّالدولةّعنّاألضرارّالالحقةّ‬
‫بالمدعين ّعلى ّأساس ّالمخاطر ّالمتأتية ّمن ّاألسلحة ّالنارية‪ّ ،‬إال ّأنها ّقبلت ّالنظر ّوالبت ّفيّ‬
‫القضايا ّبصفة ّمؤقتة ّبتعلة ّعدم ّإكتمال ّالنظام ّالقانوني ّللتعويض ّلجرحى ّومصابي ّوشهداءّ‬
‫الثورة‪ّ،43‬األمرّالذيّجعلهّيتعرضّإلىّإنتقاداتّفقهية‪ّ.44‬‬
‫إال ّأنهّيالحظ ّأن ّبعضّالدوائرّاإلبتدائية‪ّ،‬وقدّيكونّبدفعّمنّمندوبيّالدولة‪ّ،‬توجهت ّنحوّ‬
‫تطبيق ّالنظام ّالقانوني ّللتجمهر ّعلى ّأحداث ّالثورة‪ّ ،45‬ومن ّذلك ّفي ّالقضية ّعدد ّ‪ّ125285‬‬
‫بتاريخ ّ‪ّ 24‬جوان ّ‪(ّ ،2016‬بالل ّالعريي ّضدّ ّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د ّفي ّحق ّوزارة ّالداخلية)‪ّ ،‬وكذلك ّعددّ‬
‫‪ - 41‬يرأجع كذلك ألحكام ألمشابهة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 130582‬بتاريخ ‪ 26‬فيفري ‪ ، 2015‬ورثة ثابت بن بلقاسم حجالوي ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في حق وزأرة ألدفاع ألوطني‪.‬‬
‫حق وزأرة ّألدفاع ألوطني‪.‬‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫محمد مصباح ّ‬ ‫محمد ألمنصف بن ألحاج ّ‬ ‫‪ -‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 130067‬بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،2015‬ورثة أنيس بن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 130069‬بتاريخ ‪ 28‬جانفي ‪ ،2016‬ورثة رؤوف بن عمر بن خليفة فحيمة ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في حق وزأرة ألدفاع ألوطني‪.‬‬
‫أخلية‪.‬‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫ـ حكم إبتدأئي عدد ‪ 130807‬بتاريخ ‪ 24‬جوأن ‪ ،2016‬أحمد غزي ّ‬
‫أخلية‪.‬‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫ـ حكم إبتدأئي عدد ‪ 142147‬بتاريخ ‪ 14‬أكـتوبر ‪ ،2016‬جميلة بن علي قاهري ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سمو ألدين ألصابري ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في جق وزأرة ألدأخلية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ حكم إبتدأئي عدد ‪ 136399‬بتاريخ ‪ 28‬أكـتوبر ‪ ،2016‬محمد ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ـ حكم إبتدأئي عدد ‪ 130068‬بتاريخ ‪ 16‬نوفمبر ‪ ،2016‬حازم بن ألمنصف ألشطي ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في جق وزأرة ألدأخلية‪.‬‬
‫أخلية‪.‬‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫‪ -‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 132178‬بتاريخ ‪ 22‬ديسمبر ‪ ،2016‬ورثة ّألنوري سكالة ّ‬
‫حق وزأرة ّألد ّ‬
‫أخلية‪.‬‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫ـ حكم إبتدأئي عدد ‪ 140494‬بتاريخ ‪ 22‬ديسمبر ‪ ،2016‬حوأء رطيبي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 130334‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2017‬مهدي بن محسن ألنهدي ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في حق وزأرة ألدأخلية‪.‬‬
‫حق وزأرة ّألدفاع ألوطني‪.‬‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫محمد ثابت ّ‬ ‫‪ -‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 131043‬بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪ ،2017‬محرز بن سالم بن ّ‬
‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في حق وزأرة ألعدل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ - 42‬حكم إبتدأئي عدد ‪ 130265‬بتاريخ ‪ 21‬أفريل ‪ ،2017‬جالل خضر ّ‬
‫ضررين من أحدأث‬ ‫خول لالشخاص ألمت ّ‬ ‫ألمشرع ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫‪ - 43‬إنتهت ألمحكمة في ألحكام ألمذكورة في معرض إجابتها عن ّألدفع بعدم أإلختصاص إلى أنه‪" :‬يخلص ّمما سبق أ ّن ّ‬
‫ُ‬
‫يتم خصم ّألتعويضات ألتي أسندت إليهم بمقتضى أحكام ألمرسوم‬ ‫ألمستحقة لقاء ألضرأر ألتي لحقتهم على أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألمختص للحصول على ّألتعويضات‬ ‫ّ‬ ‫ّألثورة ّأللجوء إلى ألقضاء‬
‫عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 2011‬وألمرسوم عدد ‪ 97‬لسنة ‪.2011‬‬
‫ّ‬
‫ألمتعلقة‬ ‫يتم إصدأر جميع ّألنصوص ّألتر ّ‬
‫تيبية‬ ‫بعد إذ لم ّ‬ ‫فإن نظام ّألتعويض أل ُـم ّقرر في نطاق ألمرسوم عدد ‪ 97‬لسنة ‪ 2011‬لم يكـتمل ُ‬ ‫وحيث‪ ،‬عالوة على ذلك‪ّ ،‬‬
‫للمتضررين وضبط‬ ‫ّ‬ ‫ألسقوط‬ ‫هائية لشهدأء ألثورة ومصابيها وتحديد نسب ّ‬ ‫ّ‬ ‫وخاصة إعدأد ألقائمة ّألن ّ‬ ‫بالنصوص ألتي صدرت ّ‬ ‫بتطبيق أحكامه وتفعيل جميع أإلجرأءأت ألوأردة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألمستحقة وهو ما ُي ّبرر لجوء ألمعنيين بالمر إلى ألقضاء ألمختص للمطالبة بجبر ألضرأر ألالحقة بهم في ظل ألتشريع ألعام للمسؤولية أإلدأرية دون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقدأر ألجرأيات ّ‬
‫ألش ّ‬
‫هرية‬
‫ّ‬
‫أنتظار أكـتمال ّألنظام ألقانوني للتعويض ألمنصوص عليه بالمرسوم عدد ‪ 97‬لسنة ‪.2011‬‬
‫تقدم أ ّن نظامي ّألتعويض ألمنصوص عليهما بالمرسوم عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 2011‬وبالمرسوم عدد ‪ 97‬لسنة ‪ 2011‬ل يحولن دون حق ألمشمولين بهما في‬
‫ّ‬ ‫يتبين مما ّ‬ ‫وحيث ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضد أإلدأرة للمطالبة بجبر ألضرأر ألتي لحقتهم على أساس ألنظام ألعام للمسؤولية ألمحدد بالفصل ‪ 17‬من ألقانون ألمتعلق بالمحكمة أإلدأرية وألذي أسند لهذه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألقيام ّ‬
‫خاص‪ ,‬ألمر ألذي ّيتجه معه رفض هذأ ّألدفع"‪.‬‬ ‫أإلدأرية باستثناء ما ُأسند منها لمحاكم أخرى بقانون ّ‬ ‫ألمسؤولية ّ‬
‫ّ‬ ‫ألمحكمة أختصاصا عاما ّللنظر في نزأعات‬
‫بالتعويض بمعنى أ ّن إمكانيةّ‬ ‫ألخاصة ّ‬
‫ّ‬ ‫تتعلق بالمعطيات أإلجرأئيةّ‬ ‫فإن ألمسالة ل ّ‬ ‫خالفا لما ذهب أليه ألقاضي‪ّ ،‬‬ ‫‪" - 44‬وما يجدر ّألتذكير به في هذأ ألطار هو أنه ً‬
‫ّ‬
‫ألمسؤولية‬ ‫بالتعويض بصدور جميع ّألنصوص ألمطبقة له‪ .‬ذلك أن‬ ‫ألمتعلق ّ‬ ‫حتى في حالة أكـتمال ّألنظام ّ‬ ‫ألمسؤولية هي أمر مبدئي يمكن ّأللجوء أليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّألتعويض على أساس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالمسؤولية يبقى دأئما ممكنا‬ ‫ّ‬ ‫رعية‪ .‬لذلك فإ ّن ألطعن‬ ‫أإلدأرية غير ألش ّ‬ ‫جرأء أعمالها‬ ‫ألقضائية وتعويضها عن ألضرر ألذي ألحقته ّ‬ ‫ّ‬ ‫أإلدأرية ترتبط بخضوع أإلدأرة ّللرقابة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومفتوحا كلما تعلق ألمر بعمل أدأري غير شرعي‪ .‬وهذأ ألمبدأ كرسه كذلك فقه ألقضاء ألفرنسي ألذي قبل بقضايا ألمسؤولية رغم وجود صناديق مخصصة للتعويض عن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألخاصة لمصابي ّألثورة ل تمنع مساءلة أإلدأرة‪ :‬تعليق على حكم إدأري تونسي"‪ّ ،‬‬ ‫بيعية أوعن مرض أإليدز‪ ،".‬أسماء ّ‬ ‫ألكوأرث ّ‬
‫ّ‬
‫ألقانونية‬ ‫ألمفكرة‬ ‫ّ‬ ‫ألغشام‪ّ " ،‬ألتعويضات‬ ‫ألط ّ‬
‫‪ 13 ،Legal Agenda‬جوأن ‪.2016‬‬
‫‪ -‬يرأجع كذلك‪:‬‬
‫‪- Asma Ghachem Melliti, « Recherche sur l’autonomie de la responsabilité administrative extracontractuelle », Thèse de doctorat en droit‬‬
‫‪public, Faculté des Sciences juridiques, Politiques et Sociales de Tunis, 2015-2016.‬‬
‫أخلية‪.‬‬ ‫حق وزأرة ّألد ّ‬ ‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫ألقضية عدد ‪ ، 130244‬رؤوف بن عمر بن فرج ألقاسمي ّ‬ ‫‪ - 45‬ملحوظات مندوب ّألدولة محمد سليم ألمزوغي في ّ‬
‫ّ‬
‫حق وزأرة ألد ّ‬ ‫ّ‬
‫ألقضية عدد ‪ ، 130253‬عبد ألرزأق بن أحمد ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألطرخاني في ّ‬ ‫ـ ملحوظات مندوبة ّألدولة سم ّية ّ‬
‫أخلية‪.‬‬
‫ضد م‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د في ّ‬ ‫ألقضية عدد ‪ ، 130265‬جالل خضر ّ‬ ‫ألطرخاني في ّ‬ ‫سمية ّ‬‫ـ ملحوظات مندوبة ّألدولة ّ‬
‫حق وزأرة ألعدل‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ّ 128009‬بتاريخ ّ‪ّ 14‬أفريل ّ‪(ّ ،2016‬حسّان ّالتّليلي ّضدّ ّم‪.‬ع‪.‬ن‪.‬د ّفي ّحق ّوزارة ّالدّاخليّة)‪ّ،‬‬
‫حيثّتمّإقرارّالمسؤوليّةّوالتّعويضّلجريحّأثناءّأحداثّالثورة‪ّ،‬وذلكّعلىّأساسّالتّجمهر‪ّ.‬‬
‫إذ ّإنتهت ّإلى ّأنه ّ"درج ّفقه ّقضاء ّهذه ّالمحكمة ّعلى ّاعتبار ّأن ّمسؤولية ّاإلدارة ّعنّ‬
‫األضرار ّالالّحقة ّباألشخاص ّغير ّالمشاركين ّفي ّالتّجمهر ّفي ّنطاق ّعمليّات ّأمنيّة ّتخضعّ‬
‫لمقتضياتّالفصلّ‪ّ 17‬منّالقانونّالمتعلقّبالمحكمةّاإلداريّة‪ّ،‬وهيّمسؤوليّةّموضوعيّةّيكفيّ‬
‫إلنعقادهاّثبوتّالضّررّوقيامّالعالقةّالسّببيّة‪ّ،‬والّيمكنّإعفاؤهاّمنهاّسواءّكليّاّأوّجزئيّا‪ّ،‬إالّإذاّ‬
‫أقامتّالدّليلّعلىّحصولّقوةّقاهرة‪ّ،‬أوّأنّّاألضرارّالمطلوبّجبرهاّمردهاّخطأّالمتضرر"‪ّ.‬‬
‫غير ّأن ّتطبيق ّالمسؤولية ّعلى ّأساس ّالتجمهر ّعلى ّجرحى ّومصابي ّوشهداء ّالثورة ّقدّ‬
‫يؤديّإلىّحرمانّالعديدّمنهمّمنّالحقّفيّالتعويض‪ّ،‬إذّمنّالمتجهّالتذكيرّبأنّالقانونّعددّ‪ّ4‬‬
‫لسنة ّ‪ّ 1969‬المؤرّخ ّفي ّ‪ 24‬جانفي‪ّ 1969‬المتعلّق ّباإلجتماعات ّالعامّة ّوالمواكبّ‬
‫واإلستعراضات والمظاهراتّوالتّجمهر ّلمّيتم ّتنقيحهّمنذّإصدارهّويلقىّكذلكّإنتقاداتّعديدةّ‬
‫سواء ّمن ّاألخصائيين ّأو ّمن ّمكونات ّالمجتمع ّالمدني ّلتضييقه ّمن ّحق ّالتظاهر ّالسلميّ‬
‫المضمونّبالدستور‪ّ.46‬‬

‫لمؤسسات ألمجتمع ألمدني في تونس‪ :‬ألوأقع وألفاق"‪ ،‬تونس‪ ،‬سبتمبر ‪.2013‬‬ ‫ّ‬
‫ألقانونية ّ‬ ‫‪ - 46‬يرأجع في ذلك على سبيل ألمثال‪ :‬منير ّ‬
‫ألسنوسي‪" ،‬ألبيئة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪" -‬وأقع ألمجتمع ألمدني في تونس"‪ ،‬درأسة تحت إشرأف مركز ألكوأكبي للتحولت ألديمقرأطية‪ ،‬تونس‪ ،‬سبتمبر ‪.2016‬‬

‫‪18‬‬

You might also like