You are on page 1of 35

‫السياسة املالية‬

‫تعريف السياسة املالية‬ ‫▪‬


‫نشأة مفهوم السياسة املالية والفرق بينها وبين املالية العامة‬ ‫▪‬
‫خصائص السياسة املالية‬ ‫▪‬
‫أهداف السياسة املالية‬ ‫▪‬
‫أدوات السياسة املالية‬ ‫▪‬
‫السياسة املالية في حاالت الركود‬ ‫▪‬
‫السياسة املالية في حاالت الرواج‬ ‫▪‬
‫مفهوم متانة السياسة املالية‬ ‫▪‬
‫ً‬
‫أوال ـ تعريف السياسة املالية‪:‬‬

‫تسعى الدول من خالل موازناتها العامة إلى تحديد حجم اإلنفاق العام مقارنة باإليراد العام؛‬
‫تفاديا للعجوز املالية‪ ،‬وللوصول إلى هذا الهدف تخطط نفقاتها العامة االقتصادية واالجتماعية‬
‫ً‬
‫استنادا إلى اإليرادات املتوقعة التي تستند في تقديرها إلى معدالت نحو الناتج املحلي وحالة االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وهذا ما يسمى في علم السياسة املالية باإلدارة املالية‪.‬‬
‫أما السياسة املالية فهو مفهوم أوسع من ذلك بكثير‪ ،‬إذ يتعدى األمر التخاذ إجراءات يمكن من‬
‫خاللها إدارة املال وتفعيل اآلثار اإليجابية إلنفاقه‪ ،‬يمكن تعريف السياسة املالية بأنها‪:‬‬
‫"هي كافة الوسائل املالية التي تتدخل الدولة من خاللها للتأثير في حجم الطلب اإلجمالي والتأثير‬
‫على مستوى التشغيل الوطني وحجم الدخل القومي"‪.‬‬
‫فالسياسة املالية بهذا املفهوم تركز على تأثير األدوات املالية للدولة في الحياة االقتصادية للبالد‬
‫وفق األهداف التي تضعها لنفسها أو تفرضها الحالة االقتصادية التي تعيشها‪ ،‬ففي ظل الدولة‬
‫املتدخلة التي يعيشها اقتصادنا املعاصر أصبحت السياسة املالية الحديثة تهدف إلى تحقيق‬
‫ً‬
‫االستقرار االقتصادي وليس مجرد تحقيق التوازن املالي الحسابي فقط كما ذكر سابقا‪.‬‬
‫ً‬
‫بدأ هذا املفهوم الجديد للسياسة املالية الذي نوهنا عنه آنفا مع االقتصادي كينز حيث كان حال‬
‫ملشكلة األزمات االقتصادية والكساد الكبير الذي ساد العالم في الثالثينات من القرن املاض ي‪،‬‬
‫فالسياسة املالية الكينزية كانت سياسة توسعية وقد ركز كينز في نظريته على تفعيل دور الحكومة‬
‫في الحياة االقتصادية عن طريق زيادة حجم اإلنفاق العام‪ ،‬عبر اآلثار الناجمة عن ذلك التي تتوقف‬
‫على مصادر تمويل هذه الزيادة‪.‬‬
‫ومن هنا أخرجت السياسة املالية الكينزية املالية العامة من إطار التوازن املالي إلى إطار التوازن‬
‫االقتصادي‪ ،‬وعدت أدوات املالية العامة وسائل لتحقيق أهداف املجتمع االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫فأصبحت تستخدم القروض العامة إلى جانب الضرائب لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬بحيث تسهم في‬
‫تمويل اإلنفاق العام الذي تؤثر من خالله في الطلب الكلي الذي يحفز املنتجين على زيادة اإلنتاج‬
‫الذي يؤدي بدوره إلى زيادة نسبة التشغيل وبالتالي نقل حالة االقتصاد إلى حالة فضلى‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا ـ نشأة مفهوم السياسة املالية والفرق بينها وبين املالية العامة‪:‬‬

‫‪1‬ـ نشأة مفهوم السياسة املالية وتطوره‪:‬‬


‫ـ تعد السياسة املالية من املفاهيم التي طرأ عليها تحوالت كبيرة في التاريخ االقتصادي‬
‫ً‬
‫واالجتماعي واملالي‪ ،‬فهي املرآة لدور الدولة االقتصادي واالجتماعي وتشكل انعكاسا له في‬
‫كل عصر‪.‬‬
‫ففي العصور القديمة لم تتشكل سياسة مالية منظمة ومنفصلة عن مالية الحكام في‬
‫تلك العصور‪ ،‬وكانت مالية الدولة مرتبطة بمالية الحاكم وله فيها حق التصرف املطلق‪،‬‬
‫وال يوجد عليه أي رقابة‪ ،‬ويعود السبب في ذلك إلى عدم اهتمام املفكرين القدماء بذلك‬
‫وبساطة الحياة االقتصادية وقلة مشاكلها وضآلة وزن االعتبارات املالية فيها‪ ،‬سواء في‬
‫العصر الفرعوني أو العصر اليوناني أو العصر الروماني‪ ،‬أو خالل سيادة النظام اإلقطاعي‬
‫في العصر اإلسالمي أصبح للدولة دورا كبيرا في الحياة االقتصادية واالجتماعية‬
‫والسياسية فقد ظهر دور األدوات املالية اإلسالمية في تحقيق أهدافها في تلك املجاالت‬
‫وتكونت نظرية متكاملة للمالية العامة في اإلسالم ولدورها في تحقيق األهداف التي تسعى‬
‫الدولة إلى تحقيقها‪ ،‬فانفصلت مالية الدولة عن مالية الحكام وتكون بيت مال املسلمين‬
‫ً‬
‫وتكونت قواعد أساسية تحكم السياسة املالية في الفكر اإلسالمي بدءا من عهد الخليفة‬
‫عمر بن الخطاب‪ ،‬وعرفت مفهوم املال العام ووضعت قواعد أساسية تحكم هذه املالية‪.‬‬
‫ً‬
‫فاإلنفاق العام يجب أن يكون الغرض منه مشروعا ‪ ،‬واإليرادات العامة محددة بدقة في‬
‫القرآن والسنة ومصادر الفقه اإلسالمي األخرى‪ ،‬وهذه السياسة قامت على فلسفة تقوم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫على أن اإلنسان حاكما أو محكوما هو مستخلف في املال الذي بحوزته ومسؤول عنه في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كيفية الحصول عليه وإنفاقه أمام هللا تعالى أوال قبل أن يكون مسؤوال عنه في الدنيا‪.‬‬
‫مع بداية نشأة الرأسمالية في أوربا وإعادة تشكيل الدولة الحديثة عاد مفهوم املالية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العامة إلى الظهور‪ ،‬وأدت الدولة دورا حيويا في تراكم رأس املال التجاري وإقامة الصناعات‪،‬‬
‫أصبح هدف السياسة املالية بناء أسس نظام اقتصادي جديد يقوم على أساس تحويل‬
‫املجتمع من مجتمع إقطاعي إلى مجتمع رأسمالي وتوفير الشروط األساسية لهذا التحول‬
‫تمثلت في إيجاد املناخ املناسب إلقامة املشروعات الخاصة وظهور طبقة الرأسماليين‬
‫الجدد وتطويرها لهذا اتسع النشاط املالي للدولة في بداية تشكل الرأسمالية‪.‬‬
‫الحقا وبعد إرساء أسس النظام الليبرالي تراجع دور الدولة االقتصادي واالجتماعي‬
‫وأصبحت أهداف السياسة املالية فيها تقتصر على حماية هذه األسس وترك النشاط‬
‫االقتصادي للمبادرة الفردية‪ ،‬وفي ظل هذه األفكار أصبحت السياسة املالية للدولة هي‬
‫سياسة حيادية وتقلص نطاق النفقات العامة إلى أقل مدى واقتصرت على األعمال التي‬
‫ً‬
‫يصعب على الرأسمالي القيام بها والتي ال تدر عليه ربحا وذلك من أجل جعل الضرائب أقل‬
‫ما يمكن كيال تؤثر في تلك املبادرة‪ ،‬وأصبح التوازن املالي هو هدف السياسة املالية في تلك‬
‫الحقبة ودور املالية العامة اقتصر على الهدف املالي املتمثل في الحصول على اإليرادات‬
‫الالزمة واملساوية لتكاليف نفقاتها العامة من دون أي هدف آخر‪ ،‬وكان لالقتصادي آدم‬
‫سميث الدور الرئيس في تحديد ذلك في كتابه «ثروة األمم» املنشور عام ‪.1776‬‬
‫ـ إال أن األسس السابق ذكرها والتداعيات الناجمة عن تطور العملية التصنيعية‬
‫والتكنولوجية وأثر ذلك في الوضع االجتماعي‪ ،‬وظهور األزمات االقتصادية مهد الطريق‬
‫إلعادة النظر في هذه األسس فتطورت النظرة إلى املالية العامة لتصبح سياسة تستخدم‬
‫ً‬
‫فيها الحكومة برامج اإلنفاق العام واإليرادات العامة لتحدث آثارا مرغوبة في كل من مكونات‬
‫االقتصاد الكلي وتمنع عنها اآلثار غير املرغوبة‪ .‬ومنذ ذلك الوقت تمايزت املالية العامة من‬
‫مفهوم السياسة املالية وكان لالقتصادي جون مانيارد كينز الدور الرئيس في ذلك في مؤلفه‬
‫«النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقود» املنشور عام ‪ ،1936‬مما جعل الدولة تنتقل‬
‫من مفهوم الدولة الحارسة إلى الدولة املتدخلة املسؤولة عن تحقيق التوازن االقتصادي‬
‫الذي سمح لها بالتدخل بالحياة االقتصادية واالجتماعية و استمرار النمو والتنمية‪.‬‬
‫ـ ومع ظهور املشاكل الناجمة عن التمادي في استخدام مفهوم عجز املوازنة من قبل‬
‫بعض الدول وظهور أزمة املديونية العاملية ظهرت نظرية الكالسيك الجدد األمريكية‬
‫الصنع التي تدعو إلى تقليص دور الدولة االقتصادي واالجتماعي وحاولت تعميمها على‬
‫ً‬
‫العالم‪ ،‬وعلى الرغم من صحتها جزئيا فهي ال تناسب ظروف الدول النامية وما زالت‬
‫السياسات املالية فيها بحاجة إلى مزيد من تدخل الدولة مع التركيز على إعادة االعتبار‬
‫للدور االقتصادي في هذا التدخل ليكون ذا آثار إيجابية في الوضع االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫لكن يبدو أن األزمة املالية العاملية الحالية سوف ّ‬
‫تغير من الكثير من املفاهيم املالية التي‬
‫حاولت فرضها الواليات املتحدة األمريكية على العالم‪ ،‬فهي ذاتها ومن أجل حل هذه األزمة‬
‫دعت ثانية إلى تدخل الدولة‪.‬‬
‫الفرق بين السياسة املالية واملالية العامة‪:‬‬

‫يمكن تعريف علم املالية العامة بأنه العلم الذي يبحث في جملة الوسائل املالية التي‬
‫تستخدمها من نفقات وإيرادات وموازنة عامة لتحقيق أهدافها السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ومن خالل هذا التعريف يتبين أن هذا العلم يهتم‬
‫باملوضوعات التالية‪:‬‬
‫أ ـ ماذا يجب أن تكون وظيفة الحكومة في االقتصاد؟ وماذا يجب أن تفعل الحكومة‬
‫وماذا يتعين على املشروعات الخاصة أن تفعله؟ وعن األنشطة التي يجب أن تقوم بها‬
‫الحكومة‪ ،‬وأيها يجب أن تتواله الحكومة املركزية وأيها يجب أن تتواله الوحدات اإلدارية‬
‫املحلية؟‬
‫ب ـ ماذا يجب أن يكون عليه مستوى اإلنفاق الحكومي؟ وكم ينفق على البرامج‬
‫البديلة؟‬
‫ج ـ ما أنواع الضرائب التي يجب أن تفرضها الدولة لتمويل تلك النفقات؟‬
‫د ـ ما مقدار الضرائب التي يجب تحصيلها في ظل الظروف املختلفة؟ وما شكلها‬
‫نسبية أو تصاعدية أو تنازلية؟‬
‫هـ ـ ما آثار الضرائب واإلنفاق الحكومي في مكونات االقتصاد الكلي من استهالك‬
‫وادخار واستثمار وإنتاج وعمالة؟‬
‫و ـ كيف يمكن إعداد املوازنة العامة؟ وهل يجب أن تكون متوازنة؟‬
‫ز ـ كيف يمكن تحقيق أهداف املالية العامة املتناقضة من توظيف ونمو وتنمية‬
‫اقتصادية واستقرار األسعار؟‬
‫ح ـ كيف يجب أن يكون حجم الدين العام؟ وكيف يجب أن يدار؟ وما آثاره‬
‫االقتصادية واملالية؟‬
‫فإذا كانت املالية العامة تهتم في توصيف املسائل السابق ذكرها وتحليلها فإن مهمة‬
‫السياسة املالية تتجلى في اتخاذ القرارات املالئمة لكل حالة من الحاالت السابقة‪،‬‬
‫بمعنى أن السياسة املالية تهتم بالجانب التطبيقي والعملي للمسائل املالية للدولة‬
‫ودورها االقتصادي واالجتماعي على ضوء األهداف املحددة لها‪.‬‬
‫وبذلك تتضح العالقة بين السياسة املالية واملالية العامة بأنها ليست عالقة‬
‫انفصال وتضاد بل عالقة تكامل واتصال‪ ،‬فالسياسة املالية تهتم في كيفية استخدام‬
‫عناصر املالية العامة في تحقيق األهداف املرغوب بتحقيقها عبر اآلثار التي تحدثها هذه‬
‫العناصر في الدخل واإلنتاج والتوظيف وكل مكونات االقتصاد الكلي في حل املشاكل‬
‫التي يعانيها مجتمع معين في وقت معين‪.‬‬
‫عالقة السياسة املالية بغيرها من السياسات‪:‬‬

‫تستهدف السياسة املالية تحقيق أهداف متعددة تحتاج معها إلى مساعدة عدة‬
‫سياسات‪ ،‬ومن هنا تنشأ العالقة بينها وبين غيرها من السياسات‪ ،‬كالسياسة‬
‫االقتصادية والسياسة النقدية‪.‬‬
‫أ ـ عالقة السياسة املالية بالسياسة االقتصادية‪:‬‬
‫يقصد بالسياسة االقتصادية التأثير التوجيهي الذي تمارسه الدولة على النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬وكذلك مقدار تدخلها وتأثيرها في تحديد اإلطار االقتصادي الذي تعمل‬
‫الوحدات االقتصادية من خالله؛ لذلك توجد عالقة تبادلية بين هاتين السياستين‪،‬‬
‫فكلتاهما تؤثر وتتأثر باألخرى‪ .‬فالدراسة الصحيحة آلثار كل منهما ينبغي أن تتم في‬
‫كنف آثار السياسة األخرى‪ ،‬ولبيان التأثير املتبادل بينهما ينبغي دراسة أثر السياسة‬
‫املالية في السياسة االقتصادية‪ ،‬وأثر السياسة االقتصادية في السياسة املالية من‬
‫دون إهمال دراسة أثر السياسة املالية في الناتج االجتماعي في املجتمع‪.‬‬
‫ب ـ عالقة السياسة املالية بالسياسة النقدية‪:‬‬
‫يقصد بالسياسة النقدية مجموعة القواعد والوسائل واألساليب واإلجراءات‬
‫والتدابير التي تقوم بها السلطة النقدية في الدولة للتأثير في عرض النقود بما يالئم‬
‫النشاط االقتصادي لتحقيق أهداف اقتصادية معينة خالل فترة معينة‪ ،‬والسياسة‬
‫املالية تحتاج إلى التنسيق مع السياسة النقدية ألنهما فرعان للسياسة االقتصادية‬
‫ونتيجة للتأثير املتبادل بينهما في تحقيق أهداف السياسة االقتصادية‪ .‬فالسياسة‬
‫النقدية تؤثر في السياسة املالية والسياسة املالية تؤثر في السياسة النقدية من خالل‬
‫األهداف املشتركة التي تسعى كل منها إلى تحقيقها ضمن إطار السياسة االقتصادية‪،‬‬
‫إال أنه لكل منهما أدواته‪ ،‬واملشكلة في ذلك تحديد متى تعمل أدوات كل منهما في تحقيق‬
‫ً‬
‫هذه األهداف املشتركة وأيهما أكثر تأثيرا في تحقيق هذه األهداف‪ ،‬وكيف يتم التناغم‬
‫بين هذه األدوات لتحقيق هذه األهداف‪ .‬فاملدرسة األمريكية تؤكد أن السياسة‬
‫النقدية بأدواتها أكثر فعالية في تحقيق أهداف السياسة االقتصادية‪ ،‬واملدرسة‬
‫ً‬
‫الكينزية تؤكد أن السياسة املالية أكثر تأثيرا في تحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا ـ خصائص السياسة املالية‬

‫من خالل تعريف السياسة املالية يمكن القول إنها تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ هي مجموعة من اإلجراءات املالية‪ :‬فتتضمن اإلجراءات مجموعة من القوانين‬
‫والقرارات والترتيبات والعالقات بين األفراد والدوائر املالية وغيرها من األمور التي‬
‫يمكن أن تضعها من أجل تصنيف هذه اإلجراءات؛ حيث تشكل في مجموعها سياسة‬
‫معينة من أجل الوصول إلى أهداف محددة تضعها الدولة ملعالجة املشكالت التي‬
‫يعانيها اقتصادها‪ ،‬والحالة التي يعيشها على املدى الطويل بعد دراسات معمقة تقوم‬
‫بها الدولة للبحث عن الوسائل واإلجراءات املثلى لتحقيق هذه األهداف‪ ،‬وترتيب‬
‫اإلجراءات واألدوات املالية التي يجب أن تستخدمها الدولة للوصول إلى تلك األهداف‪.‬‬
‫ففي أوقات الرواج االقتصادي التي تزداد فيها معدالت التضخم تتركز اإلجراءات‬
‫املالية على زيادة حجم الضرائب وتخفيض معدالت القروض العامة والنفقات العامة‬
‫من أجل تخفيض حجم الطلب الكلي وزيادة حجم العرض الكلي الذي يؤدي إلى‬
‫تخفيض معدالت التضخم‪.‬‬
‫وفي أوقات الكساد االقتصادي الناجم عن زيادة العرض الكلي ونقص الطلب الكلي‬
‫ال بد لألدوات املالية أن تعمل على زيادة حجم الطلب الكلي عبر زيادة حجم النفقات‬
‫العامة ملواجهة العرض املتزايد ما أمكن‪.‬‬
‫‪2‬ـ السياسة املالية تؤثر في مكونات االقتصاد الكلي‪ :‬ال بد لكل سياسة مالية من‬
‫أن تحدد الحالة التي يكون عليها االقتصاد في البداية‪ ،‬لتحديد الهدف التي يجب عليها‬
‫أن تعمل على تحقيقه ومن ثم تقرير كيف يمكن أن تستخدم األدوات املالية التي يمكن‬
‫أن تسعى إلى تحقيق الهدف املحدد الذي يناسب تلك الحالة التي يعيشها اقتصاد‬
‫الدولة عبر تأثير هذه األدوات في املتغيرات االقتصادية للحالة االقتصادية التي يعيشها‬
‫ً‬
‫اقتصاد الدولة‪ .‬فالضرائب تؤثر في االدخار (تؤدي إلى تخفيضه عموما) الذي يؤدي‬
‫بدوره إلى نقص حجم االستثمارات وبالتالي نقص حجم اإلنتاج الذي يؤثر في العرض‬
‫الكلي (ينقصه)‪ ،‬والنفقات العامة تؤثر في العرض الكلي‪ ،‬فنقص النفقات يؤدي إلى‬
‫نقص العرض وزيادة حجم النفقات العامة يؤدي إلى زيادة االستهالك الذي يؤدي إلى‬
‫زيادة الطلب الذي يحفز العرض على الزيادة املطلوبة للوصول إلى حالة االستقرار‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ـ وهذا يعني أن كل إجراء مالي يؤثر تأثيرا مباشرا أو غير مباشر في املتغيرات‬
‫االقتصادية‪ ،‬وبالتالي يؤثر في الحالة االقتصادية للبالد؛ لذلك ينصح االقتصاديون‬
‫بعدم اإلقدام على تغيير مفردات السياسة املالية قبل تحديد األهداف التي ينبغي‬
‫تحقيقها‪ ،‬فالحالة هي التي تحدد الوسائل املالية التي تصل إلى الهدف املطلوب بأقل‬
‫كلفة ممكنة‪ ،‬وكل إجراء مالي ال يأخذ هذا الترتيب بالحسبان يؤدي إلى أهداف غير‬
‫مرغوب فيها في حقل السياسة االقتصادية للدول‪.‬‬
‫‪3‬ـ تسعى إلى زيادة معدالت النمو االقتصادي على املدى الطويل‪ :‬يجب أن تسعى‬
‫كل سياسة مالية إلى زيادة معدالت النمو في الناتج املحلي اإلجمالي على املدى الطويل‬
‫من أجل رفع معدل الرفاهية االقتصادية في املجتمع‪ ،‬وبالتالي يجب على أدوات‬
‫ً‬
‫السياسة املالية أن تعمل دائما على تحقيق هذا الهدف‪ ،‬وإن لم تحقق ذلك يمكن‬
‫ً‬
‫القول إن مكونات السياسة املالية غير مجانسة بعضها بعضا وقد تؤدي إلى أهداف‬
‫غير مرغوب فيها؛ لذلك يجب على السياسة املالية أن تحدد حالة االقتصاد القائمة في‬
‫البلد ومن ثم تختار األدوات املالية املناسبة كي تسهم في زيادة حجم الطلب الكلي على‬
‫املدى الطويل‪ ،‬األمر الذي يدفع إلى زيادة العرض الكلي في االقتصاد الوطني على هذا‬
‫املدى‪ ،‬مع مالحظة أن هذه الزيادة يجب أن تفوق نسبة الزيادة السكانية كي تؤدي إلى‬
‫زيادة معدل الرفاهية االقتصادي في مستوى االقتصاد الكلي على املدى الطويل‪.‬‬
‫ولزيادة معدالت النمو االقتصادي عادة ينبغي استخدام األدوات املالية التالية‪:‬‬
‫أ ـ تخفيض معدالت الضرائب لتشجيع املنتجين على زيادة اإلنتاج (زيادة العرض)‪.‬‬
‫ب ـ زيادة حجم اإلنفاق العام في قطاع الخدمات االجتماعية بهدف زيادة الدخل لدى‬
‫الطبقات الفقيرة وخاصة في قطاعي التعليم والرعاية الصحية واالجتماعية‪.‬‬
‫ج ـ زيادة حجم اإلعانات اإلنتاجية للقطاعات غير الرابحة وتنشيط اإلنتاج في‬
‫املناطق النائية‪.‬‬
‫د ـ إقامة مشاريع القاعدة األساسية بهدف جذب االستثمارات الوطنية واألجنبية في‬
‫القطاعات التي ترغب الدولة بتطويرها وتحفيزها‪.‬‬
‫ً‬
‫رابعا ‪:‬أهداف السياسة املالية‬
‫ً‬
‫إن السياسة املالية أصبح الزما عليها أن تعمل على تحقيق االستقرار في جوانب‬
‫االقتصاد الوطني وبالتالي تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫ً‬
‫‪1‬ـ االستقراراملالي‪ :‬ويقصد به استخدام موارد الدولة على أحسن وجه‪ ،‬فينبغي مثال‬
‫أن يتسم النظام الضريبي بالصفات التي تجعله يالئم حاجات الخزينة العامة من حيث‬
‫املرونة والوفرة في الحصيلة‪ ،‬ويالئم في الوقت نفسه مصلحة املكلف من حيث العدالة‬
‫ً‬
‫في توزيع العبء الضريبي ومواعيد الجباية واالقتصاد في الجباية… إلخ‪ ،‬كما يجب أيضا‬
‫عدم استخدام القروض إال ألغراض إنتاجية واالبتعاد عن استخدام القروض العامة‬
‫لتمويل أغراض استهالكية غير منتجة‪.‬‬
‫‪2‬ـ االستقرار االقتصادي‪ :‬أي الوصول إلى حجم اإلنتاج األمثل الذي يؤدي إلى‬
‫التشغيل الكامل في الدولة‪ ،‬وهذا يعني أنه يتعين على الدولة (الحكومة) أن توازن بين‬
‫نشاط القطاعين الخاص والعام للوصول إلى أقص ى إنتاج ممكن‪ ،‬فكلما كانت‬
‫املشروعات الخاصة أقدر على اإلنتاج من املشروعات العامة وجب على الحكومة أن‬
‫تمتنع عن التدخل املباشر وأن يقتصر نشاطها على التوجيه بواسطة اإلعانات‬
‫والضرائب إذا دعت الحاجة إلى ذلك‪ ،‬وينبغي أال تقل املنافع التي يحصل عليها املجتمع‬
‫من اإلنفاق الحكومي عن تلك التي يمكن الحصول عليها لو ظلت املوارد في أيدي األفراد‪.‬‬
‫ويتحقق التوازن بين القطاعين العام والخاص عندما يصل مجموع املنافع الناجمة‬
‫ً‬
‫عن املنشآت الخاصة والنفقات معا إلى أقص ى حد مستطاع‪ ،‬أي عندما يصل الدخل‬
‫القومي إلى أقص ى حد ممكن‪ ،‬أي يتحقق هذا االستقرار عندما يتبين أن املنافع الحدية‬
‫الناتجة من النشاط االقتصادي للحكومة يتعادل مع املنافع الحدية التي تقتطعها‬
‫الحكومة بتحصيل إيراداتها من األفراد‪ ،‬فاالستقرار هنا يعني استغالل موارد املجتمع‬
‫على أفضل وجه للوصول إلى حجم اإلنتاج األمثل‪.‬‬
‫‪3‬ـ االستقرار االجتماعي‪ :‬أي أن يصل املجتمع إلى أعلى مستوى ممكن من الرفاهية‬
‫لألفراد في حدود اإلمكانات املتاحة في املجتمع وما تقتضيه عملية تحقيق العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وبالتالي يجب على السياسة املالية أال تسعى إلى زيادة حجم اإلنتاج الكلي‬
‫للمجتمع على حساب تحقيق العدالة االجتماعية‪ ،‬إذ يجب على السياسة املالية أن‬
‫ً‬
‫تسعى إلى تحقيق العدالة االجتماعية أيضا‪ ،‬أي أن تعمل على تحقيق التوازن في توزيع‬
‫ً‬
‫املنتجات على األفراد عن طريق هذه السياسة وإعادة توزيع الدخل بين األفراد توزيعا‬
‫أقرب إلى العدالة‪ ،‬أي أن تعمل على توزيعها ملصلحة الفقراء وليس ملصلحة األغنياء‪.‬‬
‫‪4‬ـ االستقرار العام‪ :‬أي تحقيق التوازن بين مجموع اإلنفاق القومي (نفقات األفراد‬
‫لالستهالك واالستثمار)‪ ،‬إضافة إلى النفقات العامة (الحكومة) وبين مجموع الناتج‬
‫القومي باألسعار الثابتة في مستوى يسمح بتشغيل جميع عناصر اإلنتاج املتاحة‪.‬‬
‫واألدوات املالية التي يمكن أن تستخدمها الدولة في هذا املجال كثيرة ومتنوعة‪ ،‬أهمها‬
‫القروض العامة والضرائب والرسوم واإلعفاءات واملشاركة مع األفراد في قيام‬
‫املشروعات‪.‬‬
‫يجب أن يالحظ أنه قد يقوم هنالك تعارض بين تلك األهداف‪ ،‬وربما ال يمكن تجنب‬
‫ذلك‪ ،‬فالهدف األول للسياسة املالية هو عدم قيام هذا التعارض بين أهدافها‪ ،‬وإن‬
‫حدث هذا التعارض فمن املفروض أن تهدف السياسة املالية إلى تحقيق االستقرار‬
‫ً‬
‫العام أوال‪ ،‬ومن ثم تسعى إلى تحقيق االستقرار االقتصادي‪ ،‬ثم االستقرار االجتماعي‬
‫ً‬
‫شرط أال يخل ذلك بالوصول إلى حجم اإلنتاج األمثل‪ ،‬وأخيرا تعمل على تحقيق‬
‫االستقرار املالي على املدى القصير ولكنه يجب أال يكون تحقيق األهداف السابقة على‬
‫حساب تحقيق االستقرار املالي على املدى الطويل‪.‬‬
‫ً‬
‫خامسا ‪:‬أدوات السياسة املالية‪:‬‬

‫تمتلك السياسة املالية مجموعة من األدوات املالية لتحقيق أهدافها‪ ،‬لعل أهمها‪:‬‬
‫‪1‬ـ الضرائب والرسوم‪ :‬فالضرائب والرسوم عادة تعد أهم اإليرادات املالية التي‬
‫يمكن أن تستخدمها الدولة وسيلة مالية للتأثير في الحياة االقتصادية للبالد؛ فيمكن‬
‫للدولة زيادة الضرائب في بعض القطاعات التي ال ترغب في زيادتها وتخفيضها في‬
‫القطاعات التي ترغب الدولة في تنشيطها‪ ،‬أو القطاعات املتعثرة التي ترغب الدولة في‬
‫زيادة حجمها‪ ،‬أو في القطاعات التي ال يرغب القطاع الخاص بالقيام بها‪ ،‬كاإلعفاء‬
‫الضريبي أو تخفيض معدل الضرائب على بعض القطاعات التي ترغب الدول في زيادة‬
‫حجم االستثمار فيها‪ ،‬كما يمكن للدولة أن تستخدم الضرائب لتحقيق العدالة‬
‫االجتماعية وذلك بتخفيض معدل الضرائب غير املباشرة وزيادة معدل الضرائب‬
‫املباشرة التي يمكن أن تنال الدخول املرتفعة‪ ،‬وفي كل مرحلة أو حالة اقتصادية يمكن‬
‫ً‬
‫للدولة زيادة الضرائب أو تخفيضها استنادا إلى الهدف الذي تسعى للوصول إليه‪.‬‬
‫‪2‬ـ القروض العامة‪ :‬فالقروض العامة تأتي بعد الضرائب والرسوم من حيث األهمية‬
‫ضمن إيراداتها املالية التي يمكن أن تستخدمها الدولة للتأثير في الحياة االقتصادية‬
‫ً‬
‫للبالد‪ ،‬فقد أصبحت وسيلة عادية يمكن أن تلجأ إليها الدولة حديثا من أجل معالجة‬
‫ً‬
‫حالة العجز املالي التي غالبا ما تعاني منه الدول في موازناتها العامة‪ ،‬فقد تلجأ الدول‬
‫إلى القروض العامة من أجل تمويل املشاريع االستثمارية التي ال يمكن أن توفرها‬
‫االعتمادات املتاحة‪ ،‬وذلك من أجل زيادة حجم الناتج القومي (النمو االقتصادي) على‬
‫املدى الطويل‪ ،‬وقد تلجأ إليها الدول من أجل تمويل اإلنفاق االستهالكي على املدى‬
‫القصير بقصد زيادة الطلب الكلي من أجل تحقيق االستقرار االقتصادي‪.‬‬
‫‪3‬ـ اإلعانات‪ :‬وهي مبالغ نقدية تخصصها الدولة عبر زيادة حجم نفقاتها العامة من‬
‫أجل مساعدة املنتجين أو القطاعات اإلنتاجية التي تنخفض فيها معدالت األرباح‪،‬‬
‫كاإلعانات االقتصادية التي تقدمها للصناعات الناشئة لزيادة قدرتها على املنافسة‬
‫واإلعانات التي تقدمها إلى املصدرين بهدف زيادة حجم الصادرات الوطنية ورفع قدرتها‬
‫التنافسية في السوق الدولية‪ ،‬واإلعانات االجتماعية التي تقدمها الدولة من أجل‬
‫تخفيض أسعار السلع الضرورية لألفراد محدودي الدخل‪.‬‬
‫‪4‬ـ اإلنفاق العـام‪ :‬وهي إحدى الوسائل املالية املهمة التي يمكن من خاللها أن تزيد‬
‫الدول من حجم الطلب الكلي في االقتصاد الوطني‪ ،‬فكلما زاد اإلنفاق العام يزداد‬
‫خفضت الدول من حجم اإلنفاق العام ينخفض حجم‬ ‫الطلب الكلي‪ ،‬وباملقابل إذا َّ‬
‫الطلب الكلي‪ .‬والدولة تستخدم عادة هذه الوسيلة املالية للتأثير في حجم النشاط‬
‫االقتصادي بالزيادة أو النقصان بحسب الحالة القائمة في االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫ـ عادة تعتمد الدول على النفقات العامة االقتصادية واالجتماعية للتأثير في حجم‬
‫النشاط االقتصادي بآن واحد في الدول الليبرالية والدول االشتراكية وإن كانت في‬
‫الدول األولى تعطي القطاع الخاص فرصة أكبر للتأثير في تفاصيل هذه الحياة أكثر‪.‬‬
‫‪5‬ـ عجز املوازنة‪ :‬وهي سياسة مالية تستخدمها الدولة عادة لزيادة حجم اإلنفاق‬
‫العام وذلك من خالل زيادة حجم املشاريع املخططة في املوازنة من أجل زيادة حجم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫النمو االقتصادي على املدى الطويل‪ ،‬علما بأن املخططين يعلمو مسبقا بأن‬
‫اإليرادات املتاحة ال تستطيع تمويل هذه املشاريع؛ لذلك تعتمد الدول عادة من أجل‬
‫تمويل هذا العجز إما على السياسة النقدية فتعمل على زيادة اإلصدار النقدي‪ ،‬وإما‬
‫على القروض العامة فتعمل على زيادة حجم القروض الداخلية والخارجية وذلك من‬
‫أجل زيادة حجم الطلب الكلي‪ ،‬وعادة تعتمد الدول على هذه الوسيلة املالية في حالة‬
‫االنكماش االقتصادي (الكساد)‪ ،‬أما الدول النامية فإنها تعتمد على هذه السياسة‬
‫ً ً‬
‫دائما نظرا لنقص مواردها املالية ولكن هذه السياسة قد تؤدي إلى مخاطر على املدى‬
‫الطويل لذلك على الدول أن تلجأ إلى هذه الوسيلة بحذر شديد كيال تثقل كاهل‬
‫اقتصادها بحجم مديونية عالية ربما ال يستطيع اقتصادها أن يتحملها على املدى‬
‫البعيد‪ ،‬كما حصل في لبنان الذي وصلت ديونه الخارجية إلى ‪ 51‬مليار دوالر‪.‬‬
‫ً‬
‫سادسا ـ السياسة املالية في حاالت الركود‪:‬‬

‫تتمثل حالة الركود بانخفاض حجم اإلنفاق الكلي األمر الذي يؤدي إلى نقص حجم الطلب‬
‫الكلي في مواجهة العرض الكلي‪ ،‬مما يؤدي إلى االنخفاض في املستوى العام لألسعار وتبدأ بعدها‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫حركة البطالة في االزدياد‪ ،‬مما يولد ضغوطا مستمرة لتخفيض الطلب الكلي باستمرار ويتعمق‬
‫ً‬
‫الركود تدريجيا حتى يصل إلى حالة الكساد االقتصادي‪ .‬وتتمثل حالة الركود االقتصادي‬
‫باملظاهر التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ انخفاض حجم الطلب الكلي‪.‬‬
‫‪2‬ـ انخفاض حجم االستثمار الحكومي والخاص‪.‬‬
‫‪3‬ـ زيادة معدالت البطالة التي تؤدي إلى تخفيض مستويات دخول العمل‪.‬‬
‫‪4‬ـ انخفاض املستوى العام لألسعار‪.‬‬
‫‪5‬ـ زيادة توظيف األموال في املصارف بدل توظيفها في العمليات اإلنتاجية‪.‬‬
‫‪6‬ـ هجرة االستثمارات إلى الخارج‪.‬‬
‫إن هذه املؤشرات العامة تتطلب سياسة مالية معاكسة إليقاف تعمق حالة الركود والبدء‬
‫بحركة توسعية‪ ،‬وهذا يتطلب القيام باإلجراءات املالية التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ زيادة حجم اإلنفاق العام االستهالكي واالستثماري‪.‬‬
‫‪2‬ـ تشجيع االستثمار الخاص عبر تخفيض معدالت الضرائب وزيادة إعفاءات وزيادة حجم‬
‫اإلعانات للمنتجين‪.‬‬
‫‪3‬ـ زيادة حجم اإلعانات التصديرية‪.‬‬
‫‪4‬ـ زيادة حجم القروض العامة‪.‬‬
‫‪5‬ـ تخفيض معدالت الفائدة لزيادة الطلب على االقتراض من أجل زيادة حجم استثمارات‬
‫القطاع الخاص (سياسة نقدية تدعم السياسة املالية)‪.‬‬
‫إن هذه اإلجراءات تسهم مباشرة في تخفيض حجم الضغوط الركودية وتدفع االقتصاد‬
‫ً‬
‫تدريجيا نحو االنطالق‪.‬‬
‫ً‬
‫سابعا ـ السياسة املالية في حاالت الرواج‪:‬‬

‫تتمثل حاالت الرواج بزيادة الطلب الكلي في مواجهة العرض الكلي‪ ،‬األمر الذي يؤدي‬
‫إلى تزايد حجم املبيعات وزيادة حجم االستثمارات إلى أن يصل االقتصاد إلى مستوى‬
‫التشغيل شبه الكامل‪ .‬وبالتالي فإن أهم مظاهر الرواج االقتصادي هي‪:‬‬
‫‪1‬ـ الزيادة املستمرة في حجم االستثمارات لتلبية الطلب املتزايد‪.‬‬
‫‪2‬ـ تزايد حجم االستهالك مقارنة بحجم الدخل لدى األفراد‪.‬‬
‫‪3‬ـ تمويل االستثمارات عبر االقتراض الداخلي (املصرفي) أو الخارجي‪.‬‬
‫‪4‬ـ تمويل الدولة للنفقات العامة عبر اإلصدار النقدي‪.‬‬
‫‪5‬ـ نقص نسبة البطالة‪.‬‬
‫‪6‬ـ زيادة حجم االستثمارات الخارجية‪.‬‬
‫‪7‬ـ ارتفاع املستوى العام لألسعار وميل االقتصاد لحالة التضخم‪.‬‬
‫إن هذه املظاهر العامة لحاالت الرواج تترافق بسياسة مالية تنتهجها الدولة بحسب‬
‫األهداف التي تنوي الوصول إليها‪ ،‬وعادة ما تفضل الدول االستمرار في حالة الرواج من‬
‫أجل املحافظة على نسبة النمو االقتصادي املطلوبة‪ ،‬وبالتالي فإن السياسة املالية‬
‫املفضل استخدامها هنا يجب أن تعتمد على األسس التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ تمويل اإلنفاق العام عن طريق الضرائب وسندات الدين العام‪.‬‬
‫‪2‬ـ زيادة معدالت الضرائب ألن املستثمرين ال يشعرون بعبئها‪.‬‬
‫ً‬
‫‪3‬ـ تسديد القروض العامة التي لجأت إليها الدول سابقا‪.‬‬
‫‪4‬ـ تخفيض حجم اإلعانات اإلنتاجية إلى أقل حد ممكن‪.‬‬
‫إن الوصول لحالة التشغيل شبه الكامل (زيادة الطلب) سوف يؤدي إلى ارتفاع‬
‫األسعار‪ ،‬لذلك يجب على الدول في هذه الحالة أن تخفض من حجم اإلنفاق الحكومي‬
‫حيث يؤدي ذلك إلى تخفيض حجم الطلب الكلي الذي يؤدي بدوره إلى تخفيض‬
‫الضغوط التضخيمية التي يعانيها االقتصاد والعودة به إلى حالة االستقرار‪ ،‬إضافة إلى‬
‫زيادة الضرائب على الشركات واألفراد التي سوف تؤدي إلى تناقص حجم االستثمارات‬
‫واالستهالك الذي يؤدي بدوره إلى نقص الطلب الكلي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن زيادة الضرائب وتخفيض اإلنفاق العام يحققان معا فائضا في املوازنة العامة‬
‫يسمح للدولة بتكوين االحتياطات الالزمة ملواجهة حاالت العجز التي يمكن أن تقع في‬
‫املستقبل أو يسمح لها بتسديد الديون املستحقة عليها‪ ،‬وبالتالي تخفيض عبء الديون‬
‫عن كاهل اقتصادها في تلك الفترة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثامنا ـ مفهوم متانة السياسة املالية‪:‬‬

‫ال يمكن أن تكون السياسة املالية متينة وقوية إذا كان هناك عجز في اإليرادات‬
‫العامة مقارنة بالنفقات العامة مما يؤدي إلى زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج املحلي‬
‫اإلجمالي‪ ،‬فإن ذلك سوف يؤدي إلى ظهور التضخم الذي ال يمكن معالجته إال بزيادة‬
‫الضرائب والعبء الضريبي وتخفيض اإلنفاق العام الذي يؤدي بدوره إلى ظهور‬
‫الكساد‪ .‬فإدارة الدين العام وضبط نسبته إلى الناتج املحلي اإلجمالي هو الذي يجعل‬
‫السياسة املالية متينة ويجنبها الوقوع في مخاطر الكساد أو العجز املالي غير املحسوب‬
‫وابتعادها عن تحقيق التوازن االقتصادي على املدى البعيد‪ ،‬فإدارة الدين العام هي‬
‫التي تحقق االنضباط املالي‪ ،‬وهنا تتداخل السياسة النقدية مع السياسة املالية في‬
‫تحقيق ذلك‪ ،‬وعدم االنضباط يؤدي إلى انهيار أهداف السياسة املالية‪ ،‬وال يمكن‬
‫تحقيق هذا االنضباط إال من خالل ثبات نسبة الدين العام إلى الناتج املحلي اإلجمالي‬
‫أو تخفيضها بحسب الحال‪ ،‬وال يمكن الوصول إلى ذلك إال من خالل تحقيق املعادلة‬
‫التالية‪:‬‬
‫عجز املوازنة = نسبة الدين العام ‪ /‬الناتج املحلي اإلجمالي‬
‫وبهذا يمكن تحقيق استقرار نسبة الدين العام إلى الناتج املحلي اإلجمالي بحيث ال‬
‫تزيد هذه النسبة على ما يقتضيه نمو هذا الناتج‪ ،‬ومتانة السياسة املالية وقوتها‬
‫تتوقف على الكفاءة في إدارة الدين العام عند مواجهة عجز املوازنة العامة‪.‬‬

You might also like