You are on page 1of 8

‫‪ al3izzah.blogspot.

com‬ﻣﺪﻭﹼﻧﺔ ﺍﻟﻌـﺰﹼﺓ ‪@azizmalghofili‬‬

‫)‪2021, Volume (22), Issue (2‬‬ ‫التاريخ (‪ ،)2021‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪39)2‬‬

‫اجمللة العلمية جلامعة امللك فيصل‬


‫‪The Scientific Journal of King Faisal University‬‬

‫العلوم اإلنسانية واإلدارية‬


‫‪Humanities and Management Sciences‬‬

‫‪Divisions and Differences in Qualitative‬‬ ‫االنقسامات واالختالفات يف األحباث النوعية‬


‫‪and Quantitative Research: A Critical View‬‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar‬‬
‫والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية‬
‫‪Department of Business Administration, College of Economics and Administrative Sciences, Imam‬‬ ‫فهد محمد العمار‬
‫‪Mohammad Ibn Saud Islamic University, Riyadh, Saudi Arabia‬‬ ‫قسم إدارة األعمال‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫اململكة العربية السعودية‬
‫‪KEYWORDS‬‬ ‫‪RECEIVED‬‬ ‫‪ACCEPTED‬‬ ‫‪PUBLISHED‬‬
‫الكلمات املفتاحية‬ ‫االستقبال‬ ‫القبول‬ ‫النشر‬
‫‪Qualitative research, quantitative research, research methodology, scientific research‬‬ ‫‪26/08/2020‬‬ ‫‪01/11/2020‬‬ ‫‪01/09/2021‬‬
‫البحث النوعي‪ ،‬البحث الكمي‪ ،‬املنهجية البحثية‪ ،‬البحث العلمي‪ ،‬الفلسفة‬
‫‪https://doi.org/10.37575/h/mng/0035‬‬

‫‪ABSTRACT‬‬ ‫امللخص‬
‫‪Despite the importance of qualitative research within the social‬‬ ‫على الرغم من أهمية البحث النوعي (الكيفي) في مجال العلوم االجتماعية‪ ،‬إال أن املراقب‬
‫‪sciences, a close observer of scientific research will notice a tendency‬‬ ‫الدقيق مليدان البحث العلمي سيلحظ وجود انحياز ونزعة نحو البحث ًالكمي في مؤسساتنا‬
‫‪towards quantitative research in our educational institutions and‬‬ ‫التعليمية أو في مجالتنا العربية املحكمة‪ .‬عادة ما يكون هذا التحيز مبررا بحجة أن البحث‬
‫‪Arabic-refereed journals. This bias is usually justified based on the‬‬ ‫النوعي أقل صرامة وعلمية‪ .‬وقد أدت هذه النزعة إلى ندرة البحث النوعي مقارنة بالبحث الكمي‬
‫‪pretext that qualitative research is less rigorous and scientific than‬‬
‫‪quantitative research. This tendency has led to a scarcity of qualitative‬‬ ‫ومن ثم حرمان املجتمع من استخدام األساليب النوعية وتطبيقها‪ ،‬ومما يمكن أن توفره‬
‫‪research compared to quantitative research, thus depriving society of‬‬ ‫البيانات النوعية من نتائج أصيلة وغنية تسهم في تنمية نظريات وتوصيفات جديدة وضرورية‬
‫‪the benefit of the rich data qualitative research could provide. As a‬‬ ‫لتطوير فهم أفضل للظواهر االجتماعية‪ .‬لذلك‪ ،‬قام هذا البحث بالتحقيق في أسباب هذه‬
‫‪result, this research has investigated the causes of this phenomenon‬‬ ‫الظاهرة من خالل سياقها التاريخي والفلسفي‪ ،‬واستعراض األدلة التي تظهر التحيزات ضد‬
‫‪within its historical and philosophical contexts. It has also reviewed‬‬ ‫البحث النوعي‪ ،‬وعواقب مثل هذه النزعة ًاملتحيزة على املجتمع‪ .‬من خالل هذا البحث‪ ،‬جرت‬
‫‪evidence that shows the bias against qualitative research and the‬‬ ‫محاولة لتوضيح وتفسير األسباب التي غالبا ما تستخدم ضد البحث النوعي‪ .‬يهدف هذا البحث‬
‫‪consequences of such a mindset on the scientific community. This‬‬
‫‪research aims to shed light on this situation and clarify the‬‬ ‫إلى تسليط الضوء على االنحياز البحثي وإبرازه على السطح واإلجابة عن بعض املفاهيم الخاطئة‬
‫‪misconception that qualitative research is less scientific than‬‬ ‫التي عادة ما تستند إلى فكرة أن البحث النوعي أقل علمية‪ ،‬وكذلك التأكيد على استقاللية‬
‫‪quantitative research. By providing viewpoints and commentary, this‬‬ ‫البحث النوعي وحيازته لألدوات املنهجية والعلمية التي تضمن صرامته واتساقه وثباته‪ .‬من‬
‫‪research is expected to help clear up misunderstandings and‬‬ ‫خالل تقديم وجهات النظر والتعليقات‪ ،‬من املأمول أن يساعد هذا البحث في إزالة املفاهيم‬
‫‪contribute to a more favorable sentiment towards qualitative research.‬‬ ‫والتفسيرات الخاطئة‪ ،‬ويسهم في التوجه بشكل أفضل نحو البحوث النوعية‪.‬‬
‫إنتاج توصيفات ونظريات صالحة‪ ،‬وأن العالقة بين البحث النوعي والكمي‬
‫وليست انقسامية‪ ،‬وأن ادعاء بعض‬ ‫يجب أن ُينظر إليها على أنها تكاملية‬ ‫‪ .1‬مقدمة‬
‫ً‬
‫الباحثين في رفض الدراسات النوعية تماما كونها ال تعطي نتائج صحيحة‪،‬‬ ‫على الرغم من أهمية البحث النوعي في دراسة قضايا وموضوعات العلوم‬
‫وأن البحث النوعي غير صارم‪ ،‬هو ادعاء مبني على تصورات خاطئة‪.‬‬ ‫وتاريخ ‪-‬‬
‫االجتماعية ‪ -‬من اقتصاد وتربية وإدارة ولغويات وإعالم وسياسة ً‬
‫ً‬ ‫املتابع مليدان البحث العلمي في العالم العربي يلحظ تحيزا غير‬ ‫إال أن‬
‫وبعد سرد أهداف البحث‪ ،‬نستعرض أوال‪ :‬أدبيات البحث وإعطاء القارئ‬ ‫ً‬
‫خلفية عن فلسفة البحث العلمي‪ ،‬وأصول وتاريخ االختالف بين البحث‬ ‫مباشر‪ ،‬وقلة في الدراسات التي استخدمت تصاميم البحث النوعي‬
‫يلي ذلك عرض بعض دالئل االنحياز نحو البحوث الكمية‬ ‫التعليمية (انظر قسم‪:‬‬ ‫وأساليبه في املجالت العربية املحكمة واملؤسسات ً‬
‫النوعي والكمي‪ُ ،‬‬ ‫أدلة االنحياز نحو الكمي)؛ وترجع هذه النزعة عموما إلى االعتقاد الشائع‬
‫ستناقش االختالفات بين البحث الكمي والنوعي‪ ،‬وأبرز‬ ‫ومؤشراته‪ ،‬ثم ً‬
‫القضايا التي غالبا ما تثار ضد البحث النوعي‪ ،‬والتي تشتمل على‪ :‬سؤال‬ ‫أن البحوث النوعية أقل أصالة أو صرامة‪ ،‬أو أنها ال تتبع إجراءات البحث‬
‫البحث‪ ،‬معايير الصدق‪ ،‬قضية التعميم‪ ،‬اإلجراءات واملقاييس‪ ،‬حجم‬ ‫العلمي املعروفة‪ ،‬مثل البحوث الكمية‪.‬‬
‫العينة‪ ،‬وتحليل البيانات‪ .‬يلي ذلك استعر ٌاض أبرز نقاط الضعف أو‬ ‫ويؤدي هذا االنحياز إلى إشكاالت‪ ،‬حيث إن البحوث النوعية ال تقل جودة‬
‫النوعية‪ .‬يلي ذلك مناقشة عامة للقضايا التي ُعرضت‬ ‫محددات األبحاث ً‬ ‫عن البحوث الكمية‪ ،‬وهي طريقنا إلى تطوير نظريات جديدة ومفاهيم‬
‫عرض لحدود البحث تليها البحوث املستقبلية‬ ‫ٌ‬ ‫خالل البحث‪ .‬وختاما‪،‬‬ ‫وتصورات تسهم في إثراء أديباتنا العربية‪ ،‬وفي فهم أعمق للظواهر‬
‫والخاتمة‪.‬‬ ‫االجتماعية من ًحولنا‪ ،‬فالتركيز على املنهج الكمي فقط يفقدنا معلومات‬
‫مهمة‪ ،‬خصوصا في مجتمعاتنا املحافظة بطبعها‪ ،‬فاملعلومات املسكوت‬
‫‪ .2‬أهداف البحث‬ ‫عنها ال تقل أهمية عن املعلومات الظاهرة‪ ،‬والتي ال يمكن الوصول إليها إال‬
‫ً‬ ‫عن طريق البحث النوعي (العبدالكريم‪.)2012 ,‬‬
‫يهدف هذا البحث ‪-‬أساسا‪ -‬إلى تحقيق األهداف اآلتية‪:‬‬ ‫ُ‬
‫البحث النوعي بصفة عامة في‬ ‫شرعية ً‬
‫ً‬ ‫وكما ناقش لعياض ًي (‪ ،)2010‬تعد‬
‫توضيح السياق التاريخي الذي أدى إلى االنقسامات واالختالفات بين‬ ‫•‬ ‫املنطقة العربية أمرا غير مألوف‪ ،‬وحديثا جدا‪ ،‬ويواجه الباحث فيها ندرة‬
‫البحوث الكمية والنوعية‪ ،‬ومحاولة فهمه‪.‬‬
‫تسليط الضوء على ظاهرة االنحياز األكاديمي نحو البحوث الكمية‪،‬‬ ‫•‬ ‫في املصادر‪ .‬وهذا يعود إلى سيطرة البحوث الكمية والفلسفة الوضعية على‬
‫وإبرازها للسطح وتوضيحها‪.‬‬ ‫ميدان البحث العلمي التي ترى أن الحقائق االجتماعية توجد في حالتها‬
‫اإلجابة عن التصور الخاطئ القائم على أن البحوث النوعية أقل علمية‪،‬‬ ‫•‬ ‫تنتظر من يكتشفها‪ .‬وجادل لعياض ي بأن العلوم‬ ‫امللموسة واملستقلة وأنها ً‬
‫والتأكيد على استقاللية البحوث النوعية وامتالكها ألدواتها املنهجية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬التي تزداد تعقدا‪ ،‬تستلزم الغوص في ظواهرها وعدم االكتفاء‬
‫والعلمية التي تضمن صرامتها وثباتها‪.‬‬ ‫باالستبانة كأداة لعدم قدرتها على النفاذ إلى ما يفكر فيه املبحوثون أو ما‬
‫يشعرون به‪.‬‬
‫تفوق أو أفضلية أسلوب معين على‬ ‫ولن ُيعقب هذا البحث على قضية ُّ‬
‫اآلخر‪ ،‬بل سيبحث في أهمية األبحاث النوعية وحاجتنا إليها‪ ،‬وقدرتها على‬
‫‪Corresponding Author: Fahad Mohammed Alammar‬‬ ‫‪fmalammar@imamu.edu.sa ,00966550708833‬‬ ‫املؤلف املراسل‪ :‬فهد محمد العمار‬
‫فهد محمد العمار‪ .)2021( .‬االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية وتعليق‪.‬‬
‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‪ :‬العلوم اإلنسانية واإلدارية‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪)2‬‬ ‫‪40‬‬

‫الوجود‪ ،‬ونظرية املعرفة‪ .‬إذ يحاول الباحثون النوعيون اإلجابة عن األسئلة‬


‫( ‪Cooper and‬‬ ‫املتعلقة بالبناء االجتماعي‪ ،‬والخبرة‪ ،‬وكيفية إنشاء املعاني‬ ‫‪ .3‬املراجعة األدبية‬
‫‪ .)White,‬ويعتقد الباحثون النوعيون أن طبيعة العالم مبنية‬ ‫‪ً 2011‬‬ ‫‪ .3.1‬خلفية عن الفلسفة البحثية‪:‬‬
‫واملعرفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫التحقيق‬ ‫طريقة‬ ‫تشكل‬ ‫من‬ ‫هي‬ ‫السياقية‬ ‫القيود‬ ‫وأن‬ ‫‪،‬‬‫اجتماعيا‬ ‫ُ‬
‫وعليه‪ ،‬يميل البحث النوعي إلى استخدام املناهج التفسيرية والنقدية بدال‬ ‫تعرف املنهجية البحثية (‪ )methodology‬على أنها "مجموعة من املبادئ‬
‫من الوضعية (‪ .)Creswell,ً 2003‬لذا‪ ،‬يفترض البحث النوعي وجود مؤثرات‬ ‫واألفكار التي توجه تصميم دراسة بحثية" (‪ .)Birks and Mills, 2011, p. 4‬وفي‬
‫متعددة ُتبنى اجتماعيا من خالل وجهات نظر األفراد‪ ،‬وأن سلوك اإلنسان‬ ‫أبحاث العلوم االجتماعية (‪ )Social Research‬ال يمكن فصل أسئلة‬
‫والسامرائي‪,‬‬ ‫املنهجية‪ ،‬وعلم الوجود (‪ ،)ontology‬ونظرية املعرفة (‪ ،)epistemology‬عن‬
‫مرتبط بالبيئة التي يعيش فيها‪ ،‬وال يمكن عزله عنها (قنديلجي ً‬ ‫كيفية إجراء البحوث االجتماعية (‪ ،)Merriam and Tisdell, 2014‬حيث تشكل‬
‫‪ .)2009‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يستخدم الباحثون الكميون ‪-‬عموما‪ً -‬النهج‬
‫الوضعي‪ ،‬ويؤكدون القياس والتحليل‪ ،‬مع التركيز على املنتج بدال من‬ ‫هذه األسئلة فلسفة ُ الباحث وموقفه وافتراضاته عن العالم وطبيعة‬
‫العلمية نفسها (‪ .)Cooper and White, 2011‬لذا‪ ،‬يفترض البحث الكمي وجود‬ ‫البحث والتي يجب أن تضمن داخل البحث (‪.)Creswell, 2003‬‬
‫حقائق اجتماعية مستقلة ومعزولة عن سلوك األفراد ومعتقداتهم‪ ،‬وقابلة‬ ‫وهناك نماذج فكرية (‪ )paradigms‬مختلفة للتقاليد الفلسفية التي يمكن‬
‫للقياس‪ ،‬ويدعون إلى عزل سلوك الفرد عن محيطه البيئي الذي يتواجد‬ ‫تحديدها كموقف أو فلسفة للباحث‪ .‬والنموذج الفكري هو "مجموعة‬
‫فيه املعنيون بالبحث (قنديلجي والسامرائي‪.)2009 ,‬‬ ‫أساسية من املعتقدات التي توجه العمل أو التصرف" (‪.)Guba, 1990, p. 17‬‬
‫النماذج‬ ‫ويمكن القول إن البحث النوعي والكمي‬ ‫تتضمن بعض أمثلة النماذج الفكرية‪ :‬الفلسفة الوضعية وما بعد‬
‫ً‬ ‫يستخدمان هذه ً‬
‫ً‬ ‫الوضعية‪ ،‬والبنيوية وما بعد البنيوية‪ ،‬والتفسيرية‪ ،‬والنظرية النقدية‬
‫حد كبير‪ -‬بحثا تفسيريا أو نقديا‬ ‫بالتبادل‪ ،‬إال أن البحث النوعي يبقى ‪-‬إلى ٍّ‬
‫(‪.)Cooper and White, 2011‬الشكل رقم ‪ 1‬يوضح هذه النماذج وعالقتها‬ ‫(‪ .)Creswell, 2003‬ولكل نموذج فكري موقف مختلف لدراسة الظواهر‬
‫بالبحث الكمي والنوعي‪ ،‬وأبرز اختالفاتها والتقاطع فيما بينها‪.‬‬ ‫االجتماعية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هناك نماذج فكرية عريضة رئيسة للتقاليد‬
‫الفلسفية عند إجراء البحث وهي‪ :‬الوضعية‪ ،‬التفسيرية‪ ،‬والنظرية‬
‫الشكل (‪ :)1‬الكلمات املفتاحية واملعرفات في النماذج البحثية ومناهجها (‪)Cooper and White, 2011‬‬
‫النقدية‪ .‬الجدول رقم ‪ 1‬يوضح هذه النماذج الفكرية املتعلقة باملواقف‬
‫الفلسفية‪.‬‬
‫جدول (‪ :)1‬املعتقدات األساسية (امليتافيزيقيا) للنماذج الفكرية البديلة‬
‫)‪Basic Belief (Metaphysics) of Alternative Paradigms (Lincoln et al., 2011, p. 98‬‬
‫التفسيرية‬ ‫النظرية النقدية‬ ‫الوضعية‬ ‫املوضوع‬
‫واقعية ساذجة – واقعية واقعية تاريخية – واقع افتراض ي شكلته القيم‬
‫واالقتصادية نسبية – حقائق محلية‬ ‫األنطولوجيا ‪ -‬طبيعة‬
‫ومحددة ومبينة‪.‬‬ ‫والثقافية‬ ‫والسياسية‬ ‫االجتماعية‬ ‫مفهومة‬ ‫الوجود (‪)Ontology‬‬
‫والعرقية‪ ،‬تتبلور بمرور الوقت‪.‬‬
‫مبنية على‬ ‫طريق‬ ‫عن‬ ‫قيم‬ ‫ذاتية‪،‬‬ ‫‪/‬‬‫التعامالت‬ ‫على‬ ‫مبنية‬ ‫النتائج‬ ‫ثنائية‪/‬موضوعية‪،‬‬ ‫طبيعة‬ ‫األبستمولوجيا ‪-‬‬
‫التعامالت‪/‬ذاتية‪ ،‬نتائج‬ ‫النتائج‬ ‫صحيحة‬ ‫املعرفة (‪)Epistemology‬‬
‫منشأة‬
‫تأويلي (هرمنيوطيقا) ‪-‬‬ ‫تجريبي‪/‬تالعبي؛ التحقق من‬
‫جدلي‬ ‫حواري – جدلي‬ ‫أساليب كمية‬‫املنهجية (‪ )Methodology‬الفرضيات؛ ً‬
‫غالبا‬

‫تنتمي الوضعية إلى منهج العلوم الطبيعية‪ ،‬وترى أن الواقع موجود ويمكن‬
‫ٌ‬
‫وقابل للقياس (‪ .)Merriam and Tisdell, 2014‬بمعنى أنها‬ ‫ٌ‬
‫مستقر‬ ‫مالحظته وأنه‬
‫بعض الحقائق املوضوعية (أو الواقع) موجودة‪ ،‬لكنها مستقلة عن‬ ‫تؤكد أن ْ‬
‫معتقداتنا ُوبنياتنا االجتماعية‪ ،‬ويمكن معرفتها من خالل املالحظة‪ .‬في‬
‫النموذج التفسيري على حقيقة أن البشر ال يمكنهم اإلمساك‬ ‫يعتمد ً‬ ‫املقابل‪،‬‬
‫حقًا (‪ .)Cooper and White, 2011‬ويدعو إلى التركيز على الفهم‬ ‫بماهية العالم‬
‫باالستكشاف بدال من تعميم الحقائق والقوانين حول السلوك البشري‬
‫‪ .)Cooper and‬وتفترض النظرية التفسيرية أن هناك عدة حقائق‬ ‫(‪ً White, 2011‬‬
‫مبنية اجتماعيا‪ ،‬وأنه ال يوجد واقع واحد يمكن مالحظته‪ .‬وبينما يستخدم‬
‫الوضعيون مصطلحات‪ ،‬مثل‪ :‬معايير الصدق الخارجية والداخلية‪،‬‬
‫تمييز أساس آخر؛ هو أن البحث النوعي يميل إلى بناء الفئات واملوضوعات‬ ‫يستخدم التفسيريون مصطلحات‪ ،‬مثل‪ :‬املوثوقية ًواألصالة‪ ،‬كمعايير‬
‫إلى األعلى‪ ،‬في عملية تسمى التفكير االستقرائي‬ ‫ً‬
‫(‪ )themes‬من األسفل ً‬ ‫شرعية للمصداقية‪ .‬أما النظرية النقدية فتعد نموذجا يفحص الظواهر‬
‫(‪ )inductive‬ثم ‪-‬واستقرائيا‪ -‬ينظر الباحثون إلى بياناتهم لتحديد ما إذا كانت‬
‫البيانات تدعم الفئات واملوضوعات الحالية‪ ،‬أو إذا كانت هناك حاجة‬
‫يلتزم املنظرون‬‫االجتماعية بعدسة القوى والهيمنة والصراع‪ .‬لذلك‪ً ،‬‬
‫النقديون بنقد النظم االجتماعية القائمة وتغييرها‪ ،‬بدال من كشف‬
‫للمزيد من األدلة (‪ .)Creswell, 2003‬وعلى العكس‪ ،‬يستخدم البحث الكمي‬ ‫ً‬ ‫التفسيرات أو فهم العالم (‪ .)Merriam and Tisdell, 2014‬لذلك‪ ،‬ترفض النظرية‬
‫عموما املنطق االستنباطي أو االستداللي (‪ ،)deductive‬والذي يركز على‬ ‫النقدية االكتفاء بوصف ظواهر املجتمع وتفسيرها بعكس النظرية‬
‫اختبار فرضية مقترحة أو نظرية مقابل الدليل التجريبي ( ‪Bryman and Bell,‬‬ ‫التفسيرية‪ .‬الجدول رقم ‪ 2‬يوضح الغرض والنوع والحقيقة لكل نموذج‬
‫‪ .ً )2007‬لذلك‪ ،‬من الضرورة في البحث الكمي تطوير الفرضية أو النظرية ‪-‬‬ ‫فكري‪.‬‬
‫عموما‪ -‬قبل جمع البيانات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن من الجدير بالذكر أن بعض‬
‫جدول (‪ :)2‬وجهات النظراملعرفية ‪)Merriam and Tisdell, 2014( Epistemological Perspectives -‬‬
‫الدراسات النوعية والكمية تستخدم املنطق والتفكير االستقرائي‬ ‫التفسيرية‬ ‫النظرية النقدية‬ ‫الوضعية‬ ‫املوضوع‬
‫واالستداللي معا (‪ .)Yin, 2011‬الجدول رقم ‪ 3‬يسلط الضوء على االختالفات‬ ‫وصف‪ ،‬فهم‪ ،‬تفسير‬ ‫تغيير‪ ،‬تحرر‪ ،‬تمكين‬ ‫الغرض‬
‫‪ )Purpose‬توقع‪ ،‬تحكم‪ ،‬تعميم‬ ‫(‬
‫الجوهرية بين مناهج البحث النوعي والكمي‪.‬‬ ‫األنواع تجريبي‪ ،‬مسح شبه املاركسية الجديدة‪ ،‬النسوية‪ ،‬بحوث العمل التشاركي‪ ،‬علم الظواهر‪ ،‬األثنوجرافيا‪ ،‬التأويل‪،‬‬
‫النظرية املجذرة‪ ،‬طبيعي‪ ،‬نوعي‬ ‫نظرية العرق النقدية‪ ،‬وصف األعراق النقدية‬ ‫تجريبي‬ ‫(‪)Types‬‬
‫حقائق متعددة‪ ،‬سياقية‬ ‫حقائق متعددة‪ ،‬تقع في سياق سياس ي‪ ،‬اجتماعي‪،‬‬ ‫موضوعية‪،‬‬ ‫الحقيقة‬
‫جدول (‪ :)3‬الفروق األساسية بين استراتيجيات البحث الكمي والنوعي (‪)Bryman, 2011‬‬ ‫وثقافي‬ ‫(‪ )Reality‬خارجية‪ ،‬مستقلة‬

‫ُوتنظم األبحاث في نهجين رئيسين‪ :‬البحث النوعي والبحث الكمي‪ ،‬فالبحث‬


‫النوعي‬ ‫الكمي‬
‫استقرائي‪ ،‬توليد النظرية‬ ‫استداللي‪ ،‬اختبار النظرية‬ ‫التوجه الرئيس لدور النظرية فيما يتعلق بالبحث‬

‫الكمي ُيعرف على أنه "نهج الختبار النظريات املوضوعية بفحص العالقة‬
‫تفسيري‬ ‫نموذج العلوم الطبيعية‪ ،‬وال سيما الوضعية‬ ‫التوجه األبستمولوجي (املعرفي)‬
‫بنائية‬ ‫موضوعية‬ ‫التوجه األنطولوجي (الوجودي)‬

‫‪ .3.2‬أصول االختالف بين البحث الكمي والنوعي وتاريخه‪:‬‬ ‫بين املتغيرات"‪ ،‬بينما ُيعرف البحث النوعي على أنه "نهج الستكشاف وفهم‬
‫املعنى الذي يكونه األفراد أو املجموعات ملشكلة اجتماعية أو إنسانية"‬
‫خالل األربعينات والخمسينات من القرن العشرين‪ ،‬سيطر النموذج الكمي‬ ‫(‪.)Creswell, 2003, p. 4‬‬
‫على العلوم االجتماعية‪ ،‬واستخدم املنظرون التنظيميون أسلوب جمع‬
‫ويمكن التمييز بين النهجين النوعي والكمي في املقام األول باملنهجية‪ ،‬وعلم‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.‬‬
‫)‪The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2‬‬
‫فهد محمد العمار‪ .)2021( .‬االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية وتعليق‪.‬‬
‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‪ :‬العلوم اإلنسانية واإلدارية‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪)2‬‬ ‫‪41‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪.)Benz, 1998‬‬ ‫الحقائق التجريبية واختبار الفرضيات استخداما حصريا ‪-‬تقريبا‪ -‬في‬
‫دراسة الظواهر االجتماعية (‪ .)Newman and Benz, 1998‬وفي منتصف‬
‫ومع عرض هذه املسألة واملسألة السابقة‪ ،‬والتي توضح الفروقات‬ ‫الستينات‪ ،‬استمر املنظور الكمي في االنتشار‪ ،‬ولكن بدأ في التباطؤ مع‬
‫الواضحة في الغرض والتوجه واألهداف والفلسفة بين الدراسات الكمية‬ ‫تزايد الشكوك حول هيمنة الوضعية املنطقية والفجوة الواضحة بين‬
‫والنوعية‪ ،‬وأن مقارنتهما مبنية على تصورات خاطئة‪ ،‬إال أنه ًال يزال هناك‬ ‫ظهور‬
‫بعض الدالئل واملؤشرات التي تشير إلى تحيز غير مبرر –عموما – من قبل‬ ‫النظم االجتماعية البشرية واملنطق الرياض ي‪ .‬ونتج عن ذلك ً‬
‫أبستمولوجيا جديدة مناهضة تعترف بعدة فرضيات‪ ،‬إحداهما ‪-‬مثال‪-‬‬
‫املؤسسات التعليمية واملجالت األكاديمية العربية تجاه البحث الكمي على‬ ‫االعتراف بطبيعة التفاعالت االجتماعية البشرية‪ ،‬وفرضية أن البشر‬
‫حساب البحث النوعي‪ .‬في القسم التالي نستعرض ونناقش هذه الدالئل‬ ‫يبنون الحقيقة ألنفسهم‪ ،‬وأن املعرفة تنتقل بطرق اجتماعية‪ .‬األمر الذي‬
‫بمزيد من التفصيل‪.‬‬ ‫تولد عنه تساؤالت تشكك في مدى قابلية تطبيق منهجية العلوم الطبيعية‬
‫(الكمية) على هذه التفاعالت البشرية املعقدة (‪.)Newman and Benz, 1998‬‬
‫‪ .4‬أدلة االحنياز حنو الكمي‬
‫وفي عام ‪ ،1962‬نشر توماس كوهن كتابه "بنية الثورات العلمية" ( ‪Kuhn,‬‬
‫هناك العديد من الدراسات واألبحاث التي تؤكد ظاهرة االنحياز في‬ ‫‪ ،)1962‬استكشف فيه توماس التحوالت في النماذج الفكرية الشائعة‪،‬‬
‫العربية نحو األبحاث الكمية‪ .‬وعلى سبيل‬ ‫مؤسساتنا التعليمية ومجالتنا ً‬ ‫واعترف بأن املنافسة بين النماذج الفكرية (مثل‪ :‬النوعي والكمي) يمكن أن‬
‫املثال ال الحصر‪ ،‬نستعرض بعضا منها هنا‪.‬‬ ‫أعقاب تحول النموذج الفكري أو تحول‬ ‫تتعايش على قدم املساواة في‬
‫ً‬
‫في دراسة على مستوى املجالت العربية املحكمة وجدت أن نسبة البحوث‬ ‫اديغم‪ .‬ويقول إن العالم تغير علميا؛ ليس فقط ًبسبب ًالحقائق‪ ،‬ولكن‬ ‫البر ً‬
‫النوعية التي نشرت بين عامي ‪ 1981‬و ‪ 2002‬تمثل فقط ‪ %11‬من مجموع‬ ‫‪-‬أيضا‪ -‬بسبب أن املجتمع العلمي تحول نوعيا وكميا باملستجدات‬
‫البحوث املنشورة‪ ،‬بينما تمثل ًالبحوث الكمية ما نسبته ‪( %80‬ريان‪,‬‬ ‫األساسية للحقيقة والنظرية‪.‬‬
‫‪ .)2003‬غطت الدراسة ‪ 416‬بحثا‪ ،‬وشملت كل من مجلة اإلدارة العامة في‬ ‫وفي عام ‪ 1967‬نشر بارني جالسر وأنسيلم ستراوس كتابهما "اكتشاف‬
‫السعودية‪ ،‬واملجلة العلمية لكلية التجارة في جامعة أسيوط‪ ،‬واملجلة‬ ‫النظرية املجذرة" (‪ ،)Glaser and Strauss, 1967‬واعترفا فيها بسيطرة البحث‬
‫العربية للعلوم اإلدارية في جامعة الكويت‪ ،‬ومجلة دراسات في الجامعة‬ ‫الكمي خالل العقود األولى من القرن العشرين‪ ،‬وأن األبحاث كانت إما‬
‫األردنية؛ ويرجع الباحث األسباب إلى سهولة إجراء البحوث الكمية‪ ،‬حيث‬ ‫كمية أو نوعية مهتمة فقط بالتحقق من النظريات املوجودة – بمعنى أنها‬
‫تتوفر أدبيات سابقة ونظريات‪ ،‬باإلضافة إلى أن معظم الدراسات قام بها‬ ‫ال تنتج نظريات جديدة‪ .‬وواجه الباحثان هذه الفرضية وناقشوها في‬
‫أصحابها بغرض الترقية‪ ،‬حيث يميل الباحث لألسلوب الكمي لسهولته‬ ‫كتابهما‪ ،‬وتوصال فيه إلى أن األبحاث النوعية لها منطقها الخاص‪ ،‬ويمكنها‬
‫ولوضوح تصميمه (ريان‪.)2003 ,‬‬ ‫تركز على البيانات التجريبية‪ ،‬وحثوا الباحثين على‬
‫ً‬ ‫إنتاج نظريات جديدة ً‬
‫وقام الخطيب (‪ )2010‬بتحليل ‪ 216‬بحثا في مجال التربية الخاصة‪ ،‬تشتمل‬ ‫وضع نظريات جديدة مبينة على البيانات النوعية‪.‬‬
‫على رسائل جامعية وبحوث منشورة في مجالت عربية وأجنبية محكمة‪ ،‬بين‬ ‫واستمر النموذج الكمي في السيطرة على العلوم االجتماعية؛ وقد يعود‬
‫استخدمت‬
‫ً‬ ‫عامي ‪ ،2010 – 2000‬ولم تجد الدراسة إال ‪ 3‬أبحاث فقط‬ ‫هذا التحيز القوي تجاه النموذج الكمي إلى تفضيل األمريكيين في ذلك‬
‫منهجية البحث النوعي‪ .‬أما الحنو (‪ )2016‬فقد قام بتحليل ‪ 348‬بحثا في‬
‫التربية الخاصة‪ ،‬كشفت نتائجها أن عدد الدراسات التي استخدمت منهجية‬ ‫الوقت للحقائق التي يمكن مالحظتها وحسابها‪ .‬ولكن‪ ،‬وبحسب ً‬
‫‪Culbertson‬‬
‫(‪ ،)1988‬بدأ املنطق الوضعي يفقد مكانته وسيطرته‪ ،‬خصوصا في ظل‬
‫البحث النوعي هي ‪ 3‬دراسات فقط‪ ،‬وفي املنهجية الكمية ‪ 322‬دراسة‪ ،‬بنسبة‬ ‫وجود حاجة إلى تفسير الظواهر ًالتنظيمية واالجتماعية البشرية والسياق‬
‫بلغت ‪ .%92‬ودراسة أخرى في العراق حللت رسائل املاجستير والدكتوراه في‬ ‫االجتماعي الذي أصبح أكثر تعقيدا‪.‬‬
‫مجال العالقات العامة من عام ‪ 1989‬إلى ‪ ،2016‬باإلضافة إلى األبحاث‬
‫املنشورة في مجلة الباحث اإلعالمي‪ ،‬وتبين من النتائج أن نسبة من‬ ‫وبدأت بُرامج الدراسات العليا في توجيه اهتمام أكثر نحو البحثً النوعي‪،‬‬
‫استخدموا األساليب النوعية من الباحثين لم تتجاوز ‪( %1.2‬العزاوي‪,‬‬ ‫وبدأت تناقش على مستوى واسع في الدوريات األكاديمية‪ .‬فمثال‪ :‬أعلن‬
‫‪.)2017‬‬ ‫محرر مجلة األبحاث التربوية األمريكية ( ‪American Educational Research‬‬
‫‪ )Journal‬في عام ‪ 1987‬أنه سيتم التركيز ‪-‬بشكل خاص‪ -‬على املنهجية‬
‫وفي رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في تخصص أصول التربية‪ ،‬حللت‬ ‫النوعية في تقييم األبحاث القادمة (‪ .)Newman and Benz, 1998‬إال أن‬
‫أسماء موس ى (‪ )2019‬الرسائل العلمية (ماجستير ودكتوراه) في كل من‬ ‫بعض التساؤالت تجلت وبدت على السطح‪ :‬أيهما أكثر علمية؟ ًهل يمكن‬
‫جامعة امللك سعود‪ ،‬وجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬وجامعة‬ ‫تعميم نتائج األبحاث النوعية؟ هل يمكن أن يكون العلم محمال بالقيمة‬
‫طيبة‪ ،‬وجامعة القصيم‪ .‬وبلغت الرسائل التي ُحللت ‪ 278‬رسالة بين عامي‬ ‫النوعية؟‬
‫‪ 1433‬وحتى ‪1437‬هـ في تخصص أصول التربية‪ .‬وخلصت النتائج إلى سيادة‬
‫املناهج الكمية بنسبة ‪ ،%95‬باإلضافة إلى ضعف ثقافة البحث النوعي‪،‬‬ ‫ويعود هذا الجدل بين الباحثين النوعيين والكميين إلى االختالفات في‬
‫وتفضيل األستاذ الجامعي للبحث الكمي‪ ،‬وتخوف طالب الدراسات العليا‬ ‫االفتراضات عن ماهية الواقع وما إذا كانت قابلة للقياس؟ ويستند الجدل‬
‫من مشقة البحث النوعي‪.‬‬ ‫‪-‬كذلك‪ -‬على االختالفات في الرأي عن أفضل طريقة لفهم ما نعرف‪ ،‬سواء‬
‫باألساليب املوضوعية أو الذاتية‪.‬‬
‫أما الزايدي (‪ ،)2019‬في دراسته بعنوان "معوقات استخدام املنهج الكيفي‬
‫في بحوث اإلدارة والقيادة التربوية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس‬ ‫ويمكن حصر تلك االختالفات في أربعة أبعاد (‪:)Firestone, 1987‬‬
‫بالجامعات السعودية"‪ ،‬فقد استهدف أعضاء هيئة التدريس في ‪ 8‬جامعات‬ ‫الحقيقة املوضوعية منشودة بالحقائق واألرقام أم هي‬
‫ً‬ ‫االفتراضات‪ :‬هل‬ ‫•‬
‫حكومية سعودية‪ ،‬للتعرف على املعوقات التي تواجه استخدام املنهج‬ ‫حقيقة مبنية اجتماعيا؟‬
‫النوعي في بحوث اإلدارة والقيادة التربوية‪ .‬وقد استخدمت الدراسة‬ ‫الغرض‪ :‬هل يبحث الباحث أو الباحثة عن أسباب أو عن فهم فقط‬ ‫•‬
‫األسلوب املختلط من توزيع استبانات وعمل مقابالت شخصية‪ .‬والحظ‬ ‫للظاهرة تحت الدراسة؟‬
‫قصور ملحوظ من جامعاتنا العربية في استخدام‬ ‫الزايدي في دراسته وجود‬ ‫من أشكال األثنوجرافيا؟‬
‫النهج‪ :‬هل البحث تجريبي‪/‬ارتباطي أو هو شكل ً‬ ‫•‬
‫ٍّ‬ ‫دور الباحث‪ :‬هل الباحث منفصل ومستقل تماما عن الظاهرة أم منغمس‬ ‫•‬
‫األسلوب النوعي‪ .‬إذ أظهرت نتائج الدراسة أن استخدام املنهج النوعي في‬ ‫فيها من خالل االحتكاك باملشاركين؟‬
‫بحوث اإلدارة والقيادة التربوية جاءت بدرجة متوسطة؛ ويعود ذلك ‪-‬‬
‫حسب الدراسة‪ -‬إلى قلة الدورات في املنهج النوعي‪ ،‬ومقاومة التغيير لدى‬ ‫ومن هذا الحصر‪ ،‬يتبين أن استخدام األسلوب النوعي يتم عند مراقبة‬
‫بعض أعضاء هيئة التدريس‪ ،‬وعدم القناعة بأهمية البحث النوعي‪.‬‬ ‫الواقع ومحاولة تفسيره‪ ،‬بهدف تطوير نظرية أو توصيفات تشرح ما تم‬
‫اختباره‪ .‬بينما ُيستخدم األسلوب الكمي عندما يبدأ الباحث بنظرية أو‬
‫وفي دراسة أخرى هدفت إلى التعرف على اتجاهات أعضاء هيئة التدريس‬ ‫فرضية وإجراء اختبارات‪ ،‬لتأكيد تلك الفرضية أو دحضها ( ‪Newman and‬‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.‬‬
‫)‪The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2‬‬
‫فهد محمد العمار‪ .)2021( .‬االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية وتعليق‪.‬‬
‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‪ :‬العلوم اإلنسانية واإلدارية‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪)2‬‬ ‫‪42‬‬

‫حساب املدرسة النوعية في مجالتنا العربية ومؤسساتنا التعليمية‪ .‬وأن‬ ‫في كلية التربية في جامعة نجران نحو استخدام مناهج البحث النوعي‪،‬‬
‫هذه النزعة ناتجة إما عن مجرد تفضيل بحت للبحوث الكمية‪ ،‬أو عن‬ ‫جاءت النتائج باملتوسط؛ ويرجع ذلك حسب الدراسة إلى "اعتقاد بعض‬
‫االعتقاد الشائع أن البحوث النوعية أقل علمية‪ .‬في القسم التالي‬ ‫أعضاء هيئة التدريس في صعوبة تطبيق املنهج الكيفي‪ ،‬واستغراقه املزيد‬
‫نستعرض أبرز االختالفات الجوهرية بين البحث الكمي والبحث النوعي‪.‬‬ ‫من الوقت‪ ،‬باإلضافة إلى صعوبة تعميم نتائج البحوث الكيفية " (أحمد‬
‫وموس ى‪.)95 :2019 ,‬‬
‫‪ .5‬االختالفات بني البحث النوعي والكمي‬ ‫وفي دراسة أخرى هدفت إلى التعرف على املعوقات التعليمية والشخصية‬
‫تكمن ًطبيعة ًاالختالفات بين األبحاث النوعية والكمية كونهما يمتلكان‬ ‫املرتبطة بالبحث النوعي لدى طلبة الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه)‬
‫فلسفة ومنهجا‪ ،‬فمحاولة تفضيل واحد على اآلخر ًهو خطأ منهجي وعلمي‬ ‫في تخصص أصول التربية‪ ،‬وجدت الدراسة أن من أبرز املعوقات‬
‫يقع فيه بعض الباحثين‪ .‬هذا االختالف ليس ناتجا فقط من اختالفهم‬ ‫التعليمية‪ :‬تركيز أعضاء هيئة التدريس على البحوث الكمية في‬
‫الفلسفي ورؤاهم عن العالم‪ ،‬وكيف يجب أن تكون الحقيقة (كما ناقشنا‬ ‫محاضراتهم‪ ،‬وندرة الندوات واللقاءات التي تحث على استخدام البحث‬
‫في قسم‪ :‬خلفية عن الفلسفة البحثية)‪ .‬بل يمتد إلى اختالفهم في الكيفية‬ ‫النوعي (التويجري‪ .)2020 ,‬ومن أبرز املعوقات الشخصية‪ :‬غياب املحفزات‬
‫والطريقة التي يعتقد بها كل طرف في األسلوب األنسب‪ ،‬سواء في تحديد‬ ‫التي ترغب الطلبة في استخدام البحث النوعي‪ ،‬واالعتقاد بأن البحث‬
‫مشكلة البحث أو اإلجابة عن سؤال الدراسة واختيار العينة‪ .‬الجدول رقم‬ ‫الكمي أسهل من البحث النوعي‪ .‬الدراسة شملت ‪ 187‬استجابة من الذكور‬
‫‪ 4‬يظهر أبرز االختالفات بين األسلوبين الكمي والنوعي‪.‬‬ ‫واإلناث في تخصص أصول التربية في جامعة اإلمام محمد بن سعود‬
‫اإلسالمية والذين نوقشوا من سنة ‪1435‬هـ إلى سنة ‪1439‬هـ‪ .‬وأوصت‬
‫جدول (‪ :)4‬األساليب الكمية والنوعية (‪)Creswell, 2003‬‬
‫النوعي‬ ‫الكمي‬ ‫الدراسة بتطوير مهارات أعضاء التدريس في البحث النوعي‪ ،‬وتدريب طلبة‬
‫أساليب ناشئة‬
‫أسئلة مفتوحة ومغلقة‬
‫أساليب محددة مسبقا‬
‫أسئلة مستندة إلى أدوات‬
‫الدراسات العليا على البحث النوعي‪ ،‬وتوفير املراجع التي تناولت البحوث‬
‫بيانات األداء‪ ،‬بيانات املوقف‪ ،‬بيانات املالحظة‪ ،‬وبيانات بيانات املقابلة‪ ،‬بيانات املراقبة‪ ،‬بيانات الوثائق‪ ،‬والبيانات السمعية‬ ‫النوعية‪.‬‬
‫والبصرية‬ ‫التعداد‬
‫تحليل النص والصورة‬
‫فئات‪ ،‬تفسير األنماط‬
‫تحليل إحصائي‬
‫تفسير إحصائي‬
‫وقد تعود األسباب حسب الحنو (‪ )2016‬إلى االعتقاد الشائع بأن األبحاث‬
‫التي ال تستخدم املنهج الكمي غير علمية‪ ،‬باإلضافة إلى صعوبة األبحاث‬
‫والتحليل والتفسير‪ ،‬والذي‬
‫ً‬ ‫وال يتجلى هذا االختالف فقط في األساليب‬ ‫النوعية‪ ،‬والتي تطلب إعادة تعريف دور الباحث وعالقته بالبحث‪،‬‬
‫بدوره يسوغ اختيار منهج على آخر‪ ،‬بل يشمل ‪-‬أيضا‪ -‬موقع الباحث من‬ ‫يضاف إلى ذلك‬ ‫والتعريف باملشاركين‪ ،‬ومنزلة البيانات والتفسير والتحليل‪.‬‬
‫البحث نفسه واللغة املستخدمة ونوعية البيانات‪ .‬الجدول رقم ‪5‬‬ ‫ً‬
‫ضعف انتشار ثقافة البحث النوعي في مجتمعاتنا عموما‪ ،‬وتركيز‬
‫يستعرض بعض التباينات الشائعة بين البحث النوعي والكمي‪.‬‬ ‫مؤسساتنا التعليمية على األبحاث الكمية بشكل رئيس‪.‬‬
‫جدول (‪ :)5‬التباينات الشائعة بين البحث الكمي والنوعي (‪)Bryman, 2011‬‬
‫النوعي‬ ‫الكمي‬ ‫والجدير بالذكر هنا‪ ،‬وبالرغم من أن جميع الدراسات السابقة هي دراسات‬
‫كلمات‬
‫وجهة نظر املشاركين‬
‫أرقام‬
‫وجهة نظر الباحث‬ ‫كمية في طبيعتها واعتمدت على املقاييس اإلحصائية واملنطق الرياض ي‬
‫الباحث قريب‬
‫إنشاء نظرية‬
‫الباحث بعيد‬
‫اختبار نظرية‬ ‫(استخدم بعضها املنهج املختلط)‪ ،‬إال أن جميعها أجمعت على أهمية‬
‫عملية‬
‫غير منظم‬
‫ثابتة‬
‫منظم‬
‫البحث النوعي‪ ،‬وأوصت إلى تعزيز األبحاث النوعية‪ ،‬وتشجيع الباحثين على‬
‫فهم سياقي‬
‫بيانات غنية وعميقة‬
‫تعميم‬
‫بيانات صلبة وموثوقة‬
‫تبنيها‪ ،‬وإلى نشر ثقافة البحث النوعي‪ ،‬وزيادة التدريب فيه على مستوى‬
‫جزئي‬
‫املعنى‬
‫كلي‬
‫السلوك‬
‫طلبة الدراسات العليا وأعضاء هيئة التدريس‪.‬‬
‫إعدادات طبيعية‬ ‫إعدادات صناعية‬
‫وال ُتظهر هذه النزعة غير املبررة نحو البحوث الكمية في وقتنا الحالي‪ ،‬وال‬
‫في األقسام الفرعية التالية‪ ،‬سوف يتطرق البحث إلى العالقة ً‬
‫التكاملية ُ بين‬ ‫إشكالية فقط في وضعنا الراهن‪ ،‬فقبل ‪ 25‬سنة نشر يوسف عنصر‬ ‫ً‬ ‫تشكل‬
‫البحث النوعي والكمي‪ ،‬واإلجابة عن أبرز القضايا والتي غالبا ما تثار‬ ‫(‪ )1995‬بحثا يحذر فيه من تنامي وجود نزعة نحو البحوث الكمية‪ ،‬وأن‬
‫لتسويغ استخدام املنهج الكمي وتفوقه على حساب املنهج النوعي‪ ،‬وأن‬ ‫هذا قد يحرمنا من سماع القصة كاملة‪ ،‬ومن الغوص والتعمق في املواقف‬
‫محاولة الحكم على معايير البحث الكمي وتطبيقه على البحث النوعي‬ ‫االجتماعية وفهمها؛ ذلك ألن البحوث النوعية لها منطقها الخاص الذي‬
‫محاولة غير سليمة‪ .‬رغم أن اإلشكاالت والقضايا املختلفة فيها كثيرة يطول‬ ‫وأرقام جامدة‪ .‬ويضيف عنصر (‪ ،)1995‬بأن‬ ‫معلومات‬
‫البحث في ذكره‪ ،‬إال أن البحث سيقتصر على ذكر القضايا التي عادة ما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يساعدنا في تخطي ً‬
‫تفسير النتائج تفسيرا نوعيا (بدال من وصفها) هو أرقى ما قد يصل إليه‬
‫تستخدم ضد البحث النوعي‪.‬‬ ‫الباحث‪ ،‬وفيه تتظافر قدرات الباحث الفكرية وخبرته املعرفية وثروته‬
‫‪ .5.1‬العلة في سؤال البحث‪:‬‬ ‫العلمية في تفسير الظواهر االجتماعية املختلفة‪ .‬يقول يوسف عنصر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫(‪" )1995‬هذه النزعة الكمية يجب أن ال تكون على حساب الكيف‪ ،‬إذ‬
‫وفقا لالفتراضات العلمية‪ ،‬يجب أن يبدأ الباحث بسؤال البحث ًأوال (املبني‬ ‫يجب أن نضع نصب أعيننا‪ ،‬وفي جميع األوقات أن ًاألرقام ال تمثل سوى‬
‫وإمكانية الوصول إلى البيانات ثانيا‪ ،‬وما إذا‬
‫ً‬ ‫البحث)‪،‬‬
‫ً‬ ‫على طبيعة مشكلة‬ ‫بأن األرقام ال تكذب مطلقا قد يضلل الباحث‪،‬‬ ‫مقاربات ‪ ...‬وإن االعتقاد ً‬
‫كانت البيانات محددة كميا أم ال ثالثا‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬فإن قرار البحث حول‬ ‫حيث إن أكثر األخطاء شيوعا فيما يتعلق بالحسابات اإلحصائية هي قبول‬
‫اختيار البحث الكمي أم النوعي وحول البيانات التي يجب جمعها‪ ،‬وكذلك‬ ‫نتائجها كنتائج دقيقة" (ص‪.)80 .‬‬
‫ما يجب فعله بتلك البيانات بعد جمعها‪ ،‬يجب أن يحدده سؤال البحث‬ ‫ويتفق الدهشان (‪ )2016‬مع ما خلص إليه عنصر (‪ )1995‬في أننا وصلنا‬
‫ابتداء (‪.)Newman and Benz, 1998‬‬ ‫إلى مرحلة "األزمة" في دراستنا االجتماعية العربية املكتظة بالدراسات‬
‫لذا‪ ،‬تتطلب أنواع معينة من إشكاليات البحث االجتماعي مناهج محددة‪.‬‬ ‫الكمية التي تهتم باملتغيرات والتحكم في الظاهرة وتحديدها وتثبيتها‪،‬‬
‫فإذا كانت اإلشكالية تستدعي تحديد العوامل التي تؤثر على النتيجة‬ ‫واالنشغال بحجم العينة واختيارها وحساب صدقها‪ ،‬من دون فهم عميق‬ ‫ُ‬
‫وأهمية هذا التأثير‪ ،‬فإن األسلوب الكمي هو األفضل في هذه الحالة‪ .‬من‬ ‫للواقع املعاش ومحاولة تفسيره من خالل االحتكاك املباشر مع تلك‬
‫ناحية أخرى‪ُ ،‬فإنه إذا كانت هناك حاجة إلى استكشاف مفهوم أو ظاهرة‬ ‫الظواهر‪" .‬إن ما يعانيه البحث في العلوم اإلنسانية والتربوية من مشكالت‬
‫وفهمها ألنها لم تجر أبحاث حولها سوى القليل منها‪ ،‬فإن األسلوب النوعي‬ ‫نتيجة عدم استخدامها للمنهجية التي تتيح للباحث‬ ‫وصلت إلى حد األزمة‪ً ،‬‬
‫هو ًاألنسب في هذه الحالة (‪ .)Creswell, 2003‬لذا‪ ،‬يعد البحث النوعي‬ ‫االنطالق في دراساته‪ ،‬بعيدا عن القيود التنظيرية واألدواتية الكمية والتي ال‬
‫مفيدا‪ ،‬خاصة عندما ال يعرف الباحث ما املتغيرات األساسية التي يجب‬ ‫تمكننا من تقديم صورة واقعية عن الظواهر التربوية وما يرتبط به من‬
‫دراستها‪.‬‬ ‫متغيرات وقضايا ومشكالت بحثية" (الدهشان‪.)4 :2016 ،‬‬
‫ً‬
‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬في حالة كان البحث مهتما بدراسة ظاهرة "التنمر‬ ‫ومن هذا السرد يتبين االنحياز والنزعة القوية نحو املدرسة الكمية على‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.‬‬
‫)‪The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2‬‬
‫فهد محمد العمار‪ .)2021( .‬االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية وتعليق‪.‬‬
‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‪ :‬العلوم اإلنسانية واإلدارية‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪)2‬‬ ‫‪43‬‬

‫النوعي يكمن في تمثيل العينة‪ ،‬وغرض البحث الرئيس‪ ،‬ومالئمة اإلجراءات‬ ‫السؤال نفسه هو ما يجب أن يحدد ما‬
‫ً‬ ‫الوظيفي"‪ ،‬فإن طبيعة البحث ًأو‬
‫املعنية (‪ .)Walsh, 2012‬بالنسبة للبحث النوعي‪ ،‬فإن املصداقية واملعقولية‬ ‫إذا كانت البيانات محددة كميا أم نوعيا‪ ،‬وليس توجه الباحث نفسه أو‬
‫(‪ )plausibility and credibility‬تتم في حالة تم توفير أدلة كافية لدعم‬ ‫اعتقاده بصحة منهج عن آخر‪ .‬فإن كان سؤال البحث يستهدف فهم هذه‬
‫االدعاءات التي ًتقدمها الدراسة‪ .‬وهذا يعني أنه يمكن اعتبار االدعاء‬
‫ً‬ ‫الظاهرة وتفسيرها بالتفصيل في إطار العمل الخاص باملشاركين‪ ،‬ويخرج‬
‫صحيحا أو صالحا إذا كان يمثل بدقة تلك السمات من الظاهرة التي يهدف‬ ‫فإن البحث النوعي هو‬ ‫بفئات وتوصيفات وإطار يشرح هذه الظاهرة‪ً ،‬‬
‫وصفها أو شرحها أو تفسيرها (‪ .)Bryman, 2011‬ويتم ذلك بعدة‬‫الباحث إلى ً‬ ‫األنسب في هذه الحالة‪ .‬بينما لو كان البحث مهتما أكثر باختبار نظرية‬
‫طرق منها –مثال‪ -‬توفير اقتباسات كافية في البحث من املشاركين أنفسهم‪،‬‬ ‫سابقة‪ ،‬أو بأبرز العوامل التي تسهم في انتشار ظاهرة التنمر وترتيبها حسب‬
‫لدعم االدعاءات التي يتم تقديمها في الدراسة‪.‬‬ ‫األولوية‪ ،‬والخروج بمقياس يمكن من خالله التعرف على هذه العوامل‬
‫والقضاء عليها‪ ،‬فإن البحث الكمي في هذه الحالة هو األنسب في الغالب‪.‬‬
‫‪ .5.3‬قضية التعميم ‪:Generalization‬‬
‫لذا‪ ،‬فإن غرض البحث وأسئلته هي التي تقود إلى طرق معينة‪ ،‬وتساعدنا‬
‫النتائج على مجموعات وظروف أوسع‪ ،‬من أكثر‬ ‫تعد القدرة على تعميم ً‬ ‫بدورها في تحديد تفاصيل تصميم البحث‪ ،‬ومن املشاركون؟ وما حجم‬
‫اختبارات "الصدق" شيوعا للبحث الكمي‪ ،‬إال أنها تحظى بأهمية وبأولوية‬ ‫نريد‬
‫الباحثين النوعيين (‪ .)Winter, 2000‬بل إن السعي وراء‬ ‫أقل عند العديد من‬ ‫العينة؟ وكيف سيتم إنشاء البيانات وتحليلها؟ وما نوع النتائج التي ً‬
‫ً‬ ‫الحصول عليها؟ (‪ .)Ochieng, 2009‬وهذا يعني أن ً الباحث قد يحاول بداية‬
‫التعميم (بزيادة العينة مثال) يمكن أن يعيق ويؤثر على صالحية البحث‬ ‫تلك املتغيرات‬
‫النوعي؛ ألن العينة الكبيرة قد تقلل تركيز الباحث على ًالعينة الصغيرة‪،‬‬ ‫استكشاف ومعرفة املتغيرات املراد دراستها نوعيا‪ ،‬ثم يدرس ً‬
‫ً‬
‫كميا مع عينة كبيرة من األفراد‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬يمكن للباحثين أوال مسح عدد‬
‫وفهمها بشكل أفضل وأوسع (‪ .)Winter, 2000‬ومن ذلك عادة يقتصر البحث‬ ‫كبير من األفراد‪ ،‬ثم املتابعة مع عدد قليل من املشاركين‪ ،‬للحصول على‬
‫النوعي على التعميمات "الداخلية" (داخل العينة نفسها)‪ ،‬أو نتائج قابلة‬ ‫وجهات نظرهم الخاصة‪ ،‬وأصواتهم حول املوضوع (‪ .)Creswell, 2003‬وفي‬
‫السكان‪ .‬هذا إذا‬
‫للتعميم لتطوير النظريات‪ ،‬وليس على نطاق أوسع من ً‬ ‫كلتا الحالتين‪ ،‬يمكننا أن نرى العالقة التكاملية بين الدراسات الكمية‬
‫كان بالفعل يسعى إلى أي شكل من أشكال التعميم مطلقا‪ ،‬إذ إن جل‬ ‫والنوعية‪.‬‬
‫اهتمام البحث النوعي هو فهم وتفسير معاني وخبرات األشخاص تحت‬
‫الدراسة أو الثقافة املحلية‪ ،‬بعكس البحث الكمي‪.‬‬ ‫‪ .5.2‬معاييرالصدق ‪:Validity Measurements‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ذلك يعني أن البحث النوعي ًال يروم إلى التعميم ‪-‬ابتداء‪ -‬ألنه ال يسعى إليه‪،‬‬ ‫تعرف الصالحية على أنها التمثيل الصحيح والدقيق للسمات الظاهرة‬
‫وال يمكن اعتبار ذلك خلال في البحث النوعي ألنها ليست من إجراءاته‬ ‫تحت الدراسة‪ ،‬والتي تهدف إلى وصفها أو شرحها أو وضع نظرية لها‬
‫الناحية‪،‬‬
‫ً‬ ‫وأدواته‪ .‬بل ينبغي أن يكون الحكم على البحث النوعي من هذه ً‬ ‫(‪ .)Winter, 2000‬لذا‪ ً ،‬فالصالحية تجمع بين دقة القياسات (‪ )accuracy‬وما‬
‫ته على التعميم الداخلي على العينة نفسها بتمثيلها تمثيال صحيحا‬ ‫بقدر ً‬ ‫إذا كان الباحث فعال يقيس ما ينوي قياسه‪.‬‬
‫ودقيقا‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وقضية صالحية بيانات البحث أو صدقه من ً القضايا التي قد تثار ضد‬
‫‪ .5.4‬اإلجراءات واملقاييس‪:‬‬ ‫البحث النوعي؛ وذلك بحكم قلة العينات أحيانا‪ ،‬أو عدم ارتكازه على أرقام‬
‫ً‬ ‫وأدوات رياضية تثبت صالحيته وعدم انحيازه‪ ،‬باإلضافة إلى أن الدراسات‬
‫مميزات التصميم القياس ي والرياض ي الخاص بالبحث الكمي هو ‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫النوعية قد تخصص مساحة أقل لإلجراءات وأكثر للوصف‪ .‬وتعود جذور‬
‫أقل أهمية أو شبه معدومة في البحث النوعي‪ ،‬حيث إن الباحثين النوعيين‬ ‫معايير الصدق إلى تقاليد املدرسة الوضعية‪ ،‬التي تعتمد على األدلة‪،‬‬
‫في الغالب قد يختارون البحث فيما هو غير عادي أو غير تمثيلي‪ .‬على‬ ‫الحقيقة‪ ،‬السبب‪ ،‬والبيانات الرياضية‪ ،‬والتي من خاللها يقدم البحث‬
‫عكس البحث الكمي الذي تعتمد صحته على قوانين معمول بها في‬ ‫الكمي نفسه‪.‬‬
‫االختبارات واإلجراءات املوحدة‪ .‬في املقابل‪ ،‬فإن البحث النوعي يجسد‬
‫مجموعة مختلفة ومتطورة من التقنيات والتي يمكن تعديلها أو تطويرها‬ ‫وهنا يتم الحكم على األبحاث النوعية باملعايير املطبقة عادة على البحث‬
‫حسب متطلبات البحث‪.‬‬ ‫اإلحصائي أو الكمي‪ .‬بالطبع قد يتبين أي بحث بأنه "ضعيف" إذا ُحكم‬
‫عليه بمعايير غير مناسبة للنهج‪ .‬ماذا يمكن أن يقال عن البحث الكمي إذا‬
‫طرق البحث النوعي هي طرق ال تعتمد على املوضوعية‪ ،‬ال تختبر‬ ‫حكمنا عليه بمعايير مرتبطة بالبحث النوعي؟ فمن خالل ًمعايير البحث‬
‫الفرضيات‪ ،‬ونتائجها غير قابلة للتعميم؛ لهذا السبب‪ ،‬فإن معايير مثل‪:‬‬ ‫النوعي‪ ،‬يمكن اعتبار البحث الكمي‪ :‬أقل دقة وصفية وانتباها للسياق من‬
‫موثوقية القياس‪ ،‬واختبار الفرضيات‪ ،‬والتعميم‪ ،‬ال تتناسب لقياس جودة‬ ‫البحث النوعي‪ ،‬ويتصف بأخذ عينات غير هادفة (‪.)Walsh, 2012‬‬
‫البحوث النوعية‪.‬‬
‫بعكس البحث الكمي‪ ،‬فقد نشأ البحث النوعي من تبني مدرسة ما بعد‬
‫ويعول في صحة إجراءات البحث النوعي على مدى تمثيل الوصف للعينة‪،‬‬ ‫الوضعية‪ ،‬ورفضها لحقيقة واحدة أو ثابتة أو موضوعية‪ .‬والبحث النوعي‬
‫ومدى القدرة على تبرير النتائج‪ .‬لهذا السبب يتبنى العديد من الباحثين‬ ‫اهتم باملعاني والخبرة الشخصية لألفراد واملجموعات والثقافات الفرعية‬
‫النوعيين مصطلح "الفهم" و "املوثوقية" (‪)understanding and credibility‬‬ ‫(‪ .)Walsh, 2012‬وتتمركز واقعيته بالتفاوض على "الحقائق" من خالل‬
‫ويعتبرونهما أكثر قوة من "الصدق" (‪ .)Wolcott, 1992‬كما يستخدم‬ ‫سلسلة من القصص الذاتية‪ .‬لذا‪ ،‬فالباحث الكمي يحاول فصل نفسه ‪-‬‬
‫الباحثون النوعيون فحص األعضاء (املبحوثين) "‪ "member checking‬وهي‬ ‫قدر اإلمكان‪ -‬عن عملية البحث‪ ،‬بينما الباحث النوعي يسعى لتعزيز دوره‬
‫ُعملية إرجاع النتائج إلى املشاركين للتأكد من أنهم ُمثلوا بدقة‪ ،‬بحيث‬ ‫في البحث‪ .‬وعليه‪ ،‬بالنسبة إلى الباحث الكمي‪ ،‬فإن انغماسه في عملية‬
‫تستبعد أي نتائج غير ممثلة ًأو نتائج مستندة على تحيز غير مباشر‬ ‫البحث ستقلل إلى حد كبير من موضوعية هذا البحث‪ ،‬ولكن‪ ،‬بالنسبة إلى‬
‫للباحث (‪ .)Goulding, 2002‬أيضا‪ ،‬يستخدم الباحثون النوعيون معايير‬ ‫الباحث النوعي‪ ،‬فإن انخراطه مع املشاركين‪ ،‬وأداء دور أكبر في العملية‬
‫الثقة في جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها‪ ،‬وكذلك االلتزام الدقيق‬ ‫البحثية يزيد من صالحية البحث (‪.)Walsh, 2012‬‬
‫والصارم بإجراءات البحث‪ ،‬وتوثيقها في البحث بكل شفافية‪.‬‬
‫الصدق ومدى التزامه ودرجة موافقته‬‫ً‬ ‫وقد ناقش بعض الباحثين مصطلح‬
‫‪ .5.5‬العينة في األبحاث النوعية‪:‬‬ ‫في البحث النوعي‪ ،‬بأنه ال ينطبق أساسا على البحث النوعي‪ ،‬ولكنهم في‬
‫أخذ العينات الهادفة أو املقصودة (‪ )purposeful sampling‬هو أحد العناصر‬ ‫الوقت نفسه أدركوا الحاجة إلى نوع من الصحة أو القياس املؤهل‬
‫املميزة األساسية للبحث النوعي‪ ،‬وربما تعتبر من أكثر القضايا التي تجسد‬ ‫ألبحاثهم‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬تبنى العديد من الباحثين نظرياتهم الخاصة حول‬
‫"الصدق" وتبنوا ما يعتبرونه مصطلحات أكثر مالءمة‪ ،‬مثل "املوثوقية"‪،‬‬
‫الفرق بين األساليب الكمية والنوعية ( ً‬
‫‪ .)Patton, 2002‬يركز البحث النوعي ‪-‬‬ ‫ً‬ ‫"الجدارة باالهتمام"‪" ،‬ذات صلة"‪ ،‬و"قابل للتأكيد والتحقق" ( ‪Denzin and‬‬
‫من حالة‬
‫ً‬ ‫مكونة‬ ‫عينة‬ ‫على‬ ‫حتى‬ ‫‪،‬‬‫نسبيا‬ ‫عادة‪ -‬على العمق في عينات صغيرة‬
‫واحدة في بعض األحيان‪ .‬في املقابل‪ ،‬تعتمد األساليب الكمية –عادة‪ -‬على‬ ‫‪ .)Lincoln, 1998; Guba and Lincoln, 1989‬وبشكل عام‪ ،‬فإن صدق البحث‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.‬‬
‫)‪The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2‬‬
‫فهد محمد العمار‪ .)2021( .‬االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية وتعليق‪.‬‬
‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‪ :‬العلوم اإلنسانية واإلدارية‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪)2‬‬ ‫‪44‬‬
‫ً‬
‫هدف البحث النوعي هو إيجاد وصف كامل ًومفصل‪ ،‬فال يحاول ً‬
‫تعيين‬ ‫عينات أكبر يتم اختيارها عشوائيا‪.‬‬
‫للبيانات‪ ،‬مثل البحث الكمي‪ .‬ثالثا‪ ،‬البحث ًالنوعي ذاتي جدا‪،‬‬‫أرقام محددة ً‬
‫وليس موضوعيا‪ .‬بمعنى أن البحث النوعي يعتمد ‪-‬كثيرا‪ -‬على وجهة نظر‬ ‫وال يمتد االختالف في حجم العينات فقط بين األساليب الكمية والنوعية‪،‬‬
‫الباحثين ًعما هو مهم وغير مهم‪ ،‬وكذلك عن العالقات الشخصية الوثيقة‬ ‫بل حتى في منطق واستراتيجية كل أسلوب (‪ .)Patton, 2002‬واستراتيجية‬
‫التي –غالبا‪ -‬ما يبنيها الباحثون مع املشاركين‪.‬‬ ‫أخذ العينات الهادفة تكمن في اختيار الحاالت الغنية باملعلومات لدراستها‬
‫بعمق‪ .‬فيمكن للحاالت الغنية باملعلومات أن تمد الباحث بالكثير من‬
‫وهناك حدود أخرى غير متأصلة ينبغي على الباحثين تفاديها‪ ،‬وهي قضية‬ ‫الحاالت أو األفراد‬
‫القضايا ذات األهمية املركزية التي يتعلم منها‪ ،‬فدراسة ً‬
‫الشفافية (‪ ،)transparency‬وقضية القدرة على تكرار البحث (‪.)replication‬‬ ‫األغنياء باملعلومات تؤدي إلى رؤى وفهم متعمق بدال من االهتمام‬
‫ففي قضية الشفافية ينبغي على الباحثين النوعيين الكشف عن إجراءات‬ ‫بالتعميمات التجريبية‪.‬‬
‫البحث بتفاصيلها‪ ،‬وبكل شفافية‪ ،‬وذلك يشمل كيف وصل البحث‬
‫لنتائجه؟ وكيف اختيرت العينة؟ وما معايير اختيارها؟ وما تفاصيل عملية‬ ‫وهنا نرى االختالف البين واألساس بين البحث الكمي والنوعي عندما يتعلق‬
‫تحليل البيانات؟ والكشف عن أسئلة املقابالت‪ ،‬وأين جرت؟ وكيف تمت؟‬ ‫األمر بأهدافهم في أخذ العينات؛ وكيف أنه من الخطأ الجوهري الحكم‬
‫(‪ .)Bryman, 2011‬ومن شأن االهتمام بمسألة الشفافية حل القضية‬ ‫على الباحثين النوعيين من هذه الناحية‪ ،‬فقط ألنهم يسعون إلى أخذ‬
‫الثانية‪ ،‬وهي القدرة على تكرار البحث‪ ،‬ففي حالة معرفة الباحثين اآلخرين‬ ‫عينات أصغر‪.‬‬
‫عن اإلجراءات الدقيقة التي تمت في الدراسة‪ ،‬فإنه من املمكن إعادة تكرار‬ ‫‪ .5.6‬التحليل في األبحاث النوعية‪:‬‬
‫الدراسة باألدوات والجو العام نفسه الذي حصلت فيه الدراسة األصلية‬
‫(‪.)Bryman, 2011‬‬ ‫يحول التحليل النوعي البيانات إلى استنتاجات أو اكتشافات (‪)findings‬‬
‫وليست نتائج (‪ .)results‬وال ًتوجد ًأرقام وال معادالت لهذا التحول‪ .‬ويعتبر‬
‫النوعي‬ ‫الدقيق نادرا ًوصعبا ومن ثم ذا قيمة‪ .‬يقوم الباحث‬ ‫التحليل النوعي‬
‫‪ .7‬مناقشة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بتفريغ البيانات تفريغا دقيقا‪ ،‬ويبدأ ً في توليفها وربطها وترميزها (سطرا‬‫ً‬
‫وقد ناقشنا على امتداد هذا البحث أبرز هذه االنتقادات املوجهة للبحث‬ ‫منطق فيها‪ ،‬وإبراز تفاعالتها‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫سطرا إذا استدعى األمر ذلك)‪ ،‬محاوال إيجاد‬
‫النوعي‪ ،‬كالتشكيك في درجة صدقه وثباته‪ ،‬وغياب املوضوعية في أبحاثه‪،‬‬ ‫معنى وإضافة في األدبيات ذات‬ ‫ليخرج في األخير بنتائج وقصة جديدة لها ً‬
‫وتركيزه على الوصف والسرد‪ ،‬وعدم إمكانية تكراره‪ ،‬وقضية التعميم‬ ‫الصلة‪ .‬ال يفترض على الباحث النوعي نهائيا فرض نظريات أو فئات‬
‫والتحليل‪ ،‬وحجم العينة‪ .‬ولقد تبين بالعرض والتحليل أن االختالفات بين‬ ‫مسبقة‪ ،‬بل يجعل البيانات التجريبية تتحدث من نفسها وتحدد طريق‬
‫املنهج الكمي والنوعي نابعة من تباين الباحثين الفلسفي واملنهجي ورؤيتهم‬ ‫البحث (‪.)Patton, 2002‬‬
‫للظواهر االجتماعية‪ ،‬وطريقة الوصول إلى "الحقيقة"‪ ،‬وليست ناتجة عن‬ ‫ويناط عمل التحليل النوعي في تقليل حجم املعلومات الخام‪ ،‬واستبعاد‬
‫نقص في درجة الصرامة أو الخطوات البحثية العلمية للبحث النوعي‪ .‬كما‬ ‫املعلومات األقل أهمية‪ ،‬وتحديد األنماط املهمة‪ ،‬وإنشاء إطار عمل‪،‬‬
‫أوضح البحث أن التحيز ضد األبحاث النوعية في مجمله‪ ،‬إما ناتج عن‬ ‫لتوصيل جوهر ما تكشفه البيانات‪ .‬وتكمن صعوبة املواجهة هو أنه ال‬
‫تطبيق املعايير الكمية على النوعية‪ ،‬والحكم عليها بعدسة البحث الكمي‪،‬‬ ‫تتوفر صيغ لتحديد األهمية وال هي في املتناول‪ ،‬إال بعض األمثلة على‬
‫أو مجرد تفضيل املجتمع األكاديمي للبحث الكمي‪.‬‬ ‫التحليل (انظر قسم‪ :‬محدودية البحث النوعي)‪ .‬لذلك‪ ،‬وبعكس البحث‬
‫ً‬ ‫الكمي‪ ،‬ال يمكن تطبيق اختبارات مباشرة‪ ،‬من أجل املوثوقية والصالحية‪.‬‬
‫وكما ً أشرنا سلفا‪ ،‬يعتمد البحث النوعي على افتراضات معرفية مختلفة‬
‫تماما عن البحث الكمي‪ .‬وهذا يعني أن معايير صحة البحث الكمي غير‬ ‫باختصار‪ ،‬ال توجد قواعد مطلقة باستثناء‪ :‬أن يبذل الباحث قصارى‬
‫مناسبة بأي حال من األحوال للبحث النوعي ( ‪Hammersley, 1992; Lincoln‬‬ ‫جهده مع عقله لتمثيل البيانات إلى حد ما‪ ،‬وتوصيل ما تكشفه البيانات‬
‫النوعي‬ ‫‪ .)and Guba, 1985‬بل إن بعض الباحثين يقومون بتعريف البحث‬ ‫بالنظر إلى غرض الدراسة (‪.)Patton, 2002‬‬
‫ً‬
‫بناء على اختالفه مع البحث الكمي‪ ،‬حيث ُينظر إلى البحث النوعي عموما‬ ‫ً‬
‫ومن األمثلة التي توضح التباين في التحليل بين الكمي والنوعي‪ ،‬وأن الحكم‬
‫على أنه "أي نوع من األبحاث التي تنتج عنها نتائج لم يتم التوصل إليها بأي‬ ‫بمنظور األول‪ ،‬هي مراحل التحليل ً في‬ ‫على األخير استحالة أن ينطبق‬
‫وسيلة من اإلجراءات اإلحصائية‪ً ،‬أو غيرها من وسائل القياس الكمي"‬ ‫األبحاث النوعية‪ ،‬ففي البحث الكمي ُتجمع البيانات كلها ثم تحلل كامال في‬
‫(‪ .)Strauss and Corbin, 1990: 17‬وبدال من ذلك‪ ،‬فإن نتائج البحث النوعي‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬بينما في البحث النوعي يبدأ تحليل البيانات من أول مرحلة‬
‫مستمدة من ظروف العالم الحقيقية والتي تتكشف خالل البحث بشكل‬ ‫من جمعها (كاالنتهاء من عمل أول ‪ 5‬مقابالت)‪ ،‬وال ينتظر الباحث االنتهاء‬
‫طبيعي‪.‬‬ ‫من جمع البيانات كاملة‪ .‬وتخدم النتائج األولية كأساس للمرحل التالية من‬
‫ً‬ ‫جمع البيانات وتحليلها‪ .‬وتستمر هذه العملية حتى يتم الوصول إلى التشبع‬
‫ويرفض مؤيدو البحث النوعي –تماما‪ -‬معايير البحث الكمي للصالحية‪،‬‬
‫والتي تؤكد أهمية اتساق النتائج بمرور الوقت‪ ،‬والتمثيل الدقيق إلجمالي‬ ‫انتهاء ظهور أي بيانات جديدة‪ ،‬وتكون ‪-‬كذلك‪ -‬جميع‬ ‫النظري من خالل ً‬
‫السكان قيد الدراسة‪ ،‬وقابلية تكرار النتائج وتعميمها‪ .‬وفي هذا السياق‪،‬‬ ‫املفاهيم محددة جيدا‪ ،‬وكثيفة الوصف‪.‬‬
‫يقول ‪ )1994( Leininger‬إن معايير الصالحية الكمية محرجة ومربكة‬
‫ومحيرة للبحث النوعي‪.‬‬ ‫‪ .6‬حمدودية البحث النوعي‬
‫ً‬
‫وناقش ‪ Lincoln‬و ‪ )1985( Guba‬مفاهيم مثل‪" :‬الصالحية الداخلية" و‬ ‫كما أشرنا سابقا‪ ،‬فإن ًهذا البحث ال ُيمايز وال ينظر إلى البحث النوعي‬
‫"الصالحية الخارجية" و "املوضوعية" ويريان بأنها غير مناسبة للبحث‬ ‫بوصفه أفضل أو متفوقا على البحث الكمي‪ ،‬بل يؤكد العالقة التكاملية‬
‫النوعي‪ .‬لذا‪ ،‬فالباحثون النوعيون يستبدلون مفهوم الصدق (‪)validity‬‬ ‫بينهما‪ ،‬وأن غرض البحث وسؤاله‪ ،‬وطبيعة مشكلته‪ ،‬هي التي تحدد طريقة‬
‫بمفهوم الجدارة بالثقة (‪ )trustworthy‬ويقترحون أربعة مفاهيم بديلة‬ ‫النهج املتبع‪ .‬وكذلك أن التركيز على منهجية واحدة‪ ،‬سواء كمية أو نوعية‪،‬‬
‫يزعمون أنها أكثر مالءمة لتعزيز جدارة البحث النوعي بالثقة‪ .‬هذه‬ ‫قد تفقد أدبياتنا العربية رؤى وتفاصيل مهمة وجديدة في أبحاث العلوم‬
‫املفاهيم هي‪ :‬املصداقية (‪ )credibility‬بدل الصدق الداخلي ( ‪internal‬‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وتحد من قدرات األكاديميين وطلبة الدراسات العليا‪ ،‬وتقيد‬
‫‪ ،)validity‬والقابلية للتحويل واملقارنة (‪)transferability and comparability‬‬ ‫حريتهم البحثية في اكتشاف بيانات وتصورات ونظريات جديدة تسهم في‬
‫بدل الصدق الخارجي والتعميم (‪،)external validity and generalizability‬‬ ‫تطور العلوم‪.‬‬
‫واالعتمادية (‪ )dependability‬بدل الثبات (‪ ،)reliability‬والتأكيدية‬ ‫ً‬
‫(‪ )confirmability‬بدل املوضوعية (‪.)Guba and Lincoln, 1985( )objectivity‬‬ ‫حدودا متأصلة يجب على الباحث االنتباه لها‬
‫ومع هذا‪ ،‬فإن للبحث النوعي ً‬
‫;‪ :)Bryman, 2011‬أوال‪ ،‬من العيوب الرئيسة في البحث النوعي‪،‬‬
‫(‪ً Winter, 2000‬‬
‫وقد ناقش فضيل (‪ )2014‬هذه املعايير في بحثه "معايير الصدق والثبات في‬ ‫وكما ذكرنا سابقا‪ ،‬هو أنه ال يمكن تعميم النتائج إلى عدد أكبر ًمن‬
‫البحوث الكمية والكيفية" الذي استهدف ‪-‬بشكل خاص‪ -‬عرض أهم‬ ‫السكان‪ ،‬بدرجة اليقين نفسها التي يمكن للبحث الكمي تعميمها‪ .‬ثانيا‪،‬‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.‬‬
‫)‪The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2‬‬
‫فهد محمد العمار‪ .)2021( .‬االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‪ :‬وجهة نظر نقدية وتعليق‪.‬‬
‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‪ :‬العلوم اإلنسانية واإلدارية‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪)2‬‬ ‫‪45‬‬

‫بالسؤال عن "األفضل" أو "األكثر صحة" أو "املعقول" الذي يؤدي إلى‬ ‫معايير الصدق والثبات في البحوث الكمية‪ ،‬وتأكيد وجود ما يقابلها في‬
‫تجاهل العالقة الخاصة بينهما واختالفاتهما التي تميزهما‪ .‬وإلجراء بحث‬ ‫البحوث النوعية‪ .‬وبعد استعراض املنطلقات واالختالفات الفلسفية بين‬
‫جديد‪ ،‬نحتاج إلى استخدام النوعي والكمي (أو كليهما)‪ ،‬ذلك أن غرض هذا‬ ‫الكمي والنوعي‪ ،‬يقول فضيل (‪ )2014‬في هذا السياق‪" :‬يمكن القول إن‬
‫البحث الرئيس هو االعتراف بأن هناك حاجة إلى مجموعة متنوعة من‬ ‫خاصة بالبحوث‬
‫ً‬ ‫معايير الصدق أو الصالحية والثبات هي في األصل‬
‫املنهجيات والتي تشتمل على النوعي والكمي‪.‬‬ ‫الكمية‪ ،‬لكن هذا ال يعني أن البحوث الكيفية مجردة تماما من أدنى‬
‫درجات املوثوقية والقوة العلمية‪ ،‬بل هي –كذلك‪ -‬تتوخاهما في حدود‬
‫نبذة عن املؤلف‬ ‫طبيعتها الكيفية‪ .‬فافتراضاتها الفلسفية والنظرية تستلزم معايير مختلفة‬
‫لتقييم نوعيتها وصدقيتها" (ص‪.)84 .‬‬
‫فهد محمد العمار‬
‫قسم إدارة األعمال‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن‬ ‫‪ .8‬حدود البحث‬
‫سعود اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪،00966550708833 ،‬‬
‫‪fmalammar@imamu.edu.sa‬‬ ‫ظاهرة ُاالنحياز نحو البحوث الكمية‪ ،‬مع التعليق‬
‫نوقشت في هذا البحث ً‬
‫على بعض القضايا التي غالبا ما تؤخذ على البحث النوعي‪ ،‬دون الخوض في‬
‫نيوزيلندا‪ ،‬أستاذ مساعد‪ ،‬وكيل‬
‫د‪ .‬العمار‪ ،‬دكتوراه من جامعة ماس ي في ُ‬ ‫التفاصيل والتوسع في ذكر جميع القضايا التي أثيرت أو قد تثار ضد‬
‫عمادة القبول والتسجيل للتطوير والجودة‪ ،‬نشرت أعماله في عدة مجالت‬ ‫البحث النوعي‪ ،‬والتي يمكن اإلجابة عنها‪ .‬من األمثلة على ذلك‪ :‬االختبار‬
‫دولية محكمة وذات سمعة مثل‪Journal of Management & :‬‬ ‫القبلي واالختبار البعدي‪ ،‬وما يقابله في األبحاث النوعية‪ ،‬املجموعات‬
‫‪Organization, the International Journal of Diplomacy and‬‬ ‫الضابطة والتجريبية‪ ،‬والضبط التجريبي‪ .‬محدودية أخرى هو أن هذا‬
‫‪ .Economy, and the Journal of Management Inquiry‬باإلضافة‪ ،‬كتب‬ ‫البحث لم يعط خطوات مفصلة عن كيفية إجراء البحث النوعي‪ ،‬وتجنب‬
‫ملجالت أعمال مثل ‪The National Business Review and New‬‬ ‫بعض األخطاء الشائعة فيه؛ ألن ذلك ًخارج عن هدف هذا البحث في‬
‫‪ .Zealand Management Magazine‬متخصص في مجال اإلدارة‪ ،‬مفهوم‬ ‫املقارنة بين البحث النوعي والكمي‪ .‬أخيرا‪ ،‬تناول هذا البحث بالعرض‬
‫األوركيد‬
‫دبلوماسية األعمال‪ ،‬النظرية املجذرة‪ ،‬واألبحاث النوعية‪ .‬رقم ً‬ ‫والتحليل بعض محددات البحث النوعي (انظر قسم‪ :‬محدودية البحث‬
‫(‪ .6968-6902-0002-0000 :)ORCID‬للمزيد من املعلومات‪ ،‬لطفا زيارة‬ ‫النوعي)‪ ،‬إال أنه لم يغط كامل هذه املحددات‪ ،‬مثل‪ :‬عجز الباحث في إيجاد‬
‫موقعه الرسمي‪https://members.imamu.edu.sa/staff/FMAlammar :‬‬ ‫انسجام مع املشاركين‪ ،‬والتي قد تؤدي إلى فشل املقابالت امليدانية‪ ،‬أو‬
‫فشل الباحث في تدوين امللحوظات أو املذكرات (‪ )memos‬والتسجيل‬
‫املراجع‬ ‫الدقيق للبيانات‪ .‬كل هذه العوامل قد تضعف البحث النوعي‪ ،‬وتقلل من‬
‫أحمد‪ ،‬عطية‪ ،‬وموس ى‪ ،‬محمد‪ .)2019( .‬اتجاهات أعضاء هيئة التدريس في كلية التربية‬
‫مصداقيته‪.‬‬
‫جامعة نجران نحو استخدام مناهج البحث الكيفي في البحوث التربوية‪ .‬مجلة‬
‫العلوم التربوية والنفسية‪.100–78 ،)24(3 ،‬‬
‫التويجري‪ ،‬صالح عبدهللا‪ .)2020( .‬معوقات استخدام طالب وطالبات الدراسات العليا‬
‫‪ .9‬األحباث املستقبلية‬
‫في تخصص أصول التربية بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية للبحث‬ ‫نوص ي بأن تركز األبحاث املستقبلية على استكشاف أوجه االختالف‬
‫النوعي وسبل التغلب عليها‪ .‬مجلة العلوم العربية‪.442–379 ،)23(3 ،‬‬
‫الحنو‪ ،‬إبراهيم عبدهللا‪ .)2016( .‬مدى استخدام منهجية البحث النوعي في التربية‬ ‫والتشابه بين البحث النوعي ًوالكمي بمزيد من التفاصيل‪ ،‬والكشف عن‬
‫الخاصة‪ :‬دراسة تحليلية لعشر مجالت عربية محكمة في الفترة من ‪2005‬م إلى‬ ‫العالقة التكاملية بينهما‪ .‬أيضا‪ ،‬نوص ي األبحاث املستقبلية بإجراء املزيد‬
‫‪2014‬م‪ .‬مجلة التربية الخاصة والتأهيل‪.212–179 ،)10(3 ،‬‬ ‫من الدراسات التجريبية في استكشاف وجهات النظر املختلفة في‬
‫الخطيب‪ ،‬جمال‪ .)2010( .‬البحوث العربية في التربية الخاصة (‪ :)2007 - 1998‬تحليل‬ ‫األفكار والرؤى عن‬
‫لتوجهاتها‪ ،‬وجودتها‪ ،‬وعالقتها باملمارسات التربوية‪ .‬املجلة األردنية في العلوم‬ ‫والخروج بمزيد من ً‬
‫ً‬ ‫استخدام البحث النوعي والكمي‪،‬‬
‫ً‬ ‫التربوية‪.302–285 ،)4(6 ،‬‬ ‫تلك القضية‪ .‬كذلك‪ ،‬مع أن هناك جهودا حثيثة وأبحاثا كثيرة في تقص ي‬
‫الدهشان‪ ،‬جمال‪ .)2016( .‬البحوث النوعية مدخال ملعالجة بعض جوانب أزمة البحث‬
‫في العلوم اإلنسانية والتربوية‪ .‬في‪ :‬املؤتمر الدولي األول لكلية اآلداب‪ ،‬جامعة‬ ‫مستوى وإعداد األبحاث ً‬
‫النوعية والكمية املنشورة في العالم العربي‪ ،‬إال أن‬
‫املنوفية‪ ،‬املنوفية‪ ،‬مصر‪.2016/11/08-06 ،‬‬ ‫هذه الدراسات العربية غالبا ما تركز على تخصص معين (مثل‪ :‬التربية‬
‫الزايدي‪ ،‬ضيف هللا عواض عوض‪ .)2019( .‬معوقات استخدام املنهج الكيفي في بحوث‬ ‫املستقبلية بأن توسع دائرة التخصصات‬ ‫الخاصة)‪ ،‬لذلك نحث البحوث ً‬
‫اإلدارة والقيادة التربوية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بالجامعات‬ ‫املشمولة في مثل تلك األبحاث‪ .‬أخيرا‪ ،‬نحن بحاجة إلى املزيد من الدراسات‬
‫السعودية‪ .‬املجلة التربوية الدولية املتخصصة‪.99–87 ،)4(8 ،‬‬ ‫املقارنة في هذا املجال بين املجالت في عاملنا العربي واملجالت في الغرب‬
‫العبدالكريم‪ ،‬راشد حسين‪ .)2012( .‬البحث النوعي في التربية‪ .‬الرياض‪ ،‬السعودية‪:‬‬
‫جامعة امللك سعود‪.‬‬ ‫والشرق األقص ى للنظر إلى مستوى األبحاث النوعية والكمية وتوجهاتها‪،‬‬
‫العزاوي‪ ،‬سالم جاسم محمد‪ .)2017( .‬البحث الكيفي في العالقات العامة‪ :‬دراسة‬ ‫والخروج بتصور عام عن ذلك‪.‬‬
‫تحليلية لبحوث العالقات العامة في العراق للمدة من ‪ 1989‬إلى ‪ .2016‬مجلة‬
‫الباحث اإلعالمي‪.114–96 ،)38(10 ،‬‬
‫املوس ى‪ ،‬أسماء إبراهيم عبدهللا‪ .)2019( .‬تصور مقترح لتفعيل البحث الكيفي في‬ ‫‪ .10‬خامتة‬
‫تخصص أصول التربية بالجامعات السعودية في ضوء الخبرات العاملية‬
‫املعاصرة‪ .‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪،‬‬ ‫البحث هو املعرفة وفهم واستكشاف العالم الذي نحن فيه‪ ،‬لذا‪ً ،‬ال توجد‬
‫السعودية‪.‬‬ ‫التي نمتلكها حاليا ليست‬
‫ريان‪ ،‬عادل محمد‪ .)2003( .‬استخدام املدخلين الكيفي والكمي في البحث‪ :‬دراسة‬ ‫طريقة واحدة متميزة للقيام بالبحث‪ .‬إن املناهج ً‬
‫استطالعية لواقع أدبيات اإلدارة العربية‪ .‬في‪ :‬املؤتمر العربي الثالث للبحوث‬ ‫سوى نوافذ تحدد رؤيتنا لهذا العالم‪ ،‬ولكنها ‪-‬أيضا‪ -‬قد تحد مما يمكننا‬
‫اإلدارية والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬ ‫رؤيته إذا طغت عليها الدوغمائية البحثية‪ ،‬فال ينبغي لنا كباحثين أن نعتقد‬
‫عنصر‪ ،‬يوسف‪ .)1995( .‬تحليل وتفسير البيانات بين النزعتين الكمية والكيفية‪ .‬مجلة‬ ‫أن نافذتنا هي الوحيدة أو أن وجهة نظرنا هي األفضل‪.‬‬
‫العلوم اإلنسانية‪.82–79 ،)1(6،‬‬
‫فضيل‪ ،‬دليو‪ .)2014( .‬معایير الصدق والثبات في البحوث الكمیة والكیفیة‪ .‬مجلة‬ ‫هذا العوز في الفهم قد يكون مقدمة لثنائيات مبسطة والتي تشكل أساس‬
‫العلوم االجتماعية‪.91–82 ،)83(19 ،‬‬ ‫الجدل النوعي مقابل الكمي‪ ،‬والذي ما زلنا نواجهه بانتظام في جامعاتنا أو‬
‫قنديلجي‪ ،‬عامر‪ ،‬والسامرائي‪ ،‬إيمان‪ .)2009( .‬البحث العلمي الكمي والنوعي‪ .‬األردن‪،‬‬ ‫في بعض املجالت األكاديمية العربية‪ ،‬ويواجهه طالبنا في دراساتهم العليا‪،‬‬
‫عمان‪ :‬دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫لعياض ي‪ ،‬نصر الدين‪ .)2010( .‬الرهانات اإلبستمولوجية والفلسفية للبحث الكيفي‪:‬‬ ‫حتى في املقابالت الشخصية الخاصة بتعيين أعضاء هيئة التدريس في‬
‫نحو آفاق جديدة لبحوث اإلعالم واالتصال‪ ،‬مجلة شؤون اجتماعية‪،‬‬ ‫الجامعات‪ ،‬ال تزال توضع عالمة استفهام على املتقدمين من أصحاب‬
‫‪.38–111 ،)107(27‬‬ ‫البحوث النوعية‪ ،‬ويطلب منهم تقديم مسوغات عدم استخدامهم‬
‫‪Ahmad, A. and Musaa, M. (2019). Aitijahat 'aeda' hayyat altadris fi Kuliyat‬‬ ‫لألساليب الكمية في بحوثهم في املاجستير والدكتوراه‪.‬‬
‫‪Altarbiat Jamieat Najran nahw aistikhdam manahij albahth alkayfii fi‬‬
‫‪albihwth altarbawia ‘Attitudes of faculty members in the College of‬‬
‫خالصة القول –هنا‪ -‬هي أن البيانات النوعية والكمية ال يمكن فصلها‬
‫‪Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.‬‬
‫)‪The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2‬‬
.‫ وجهة نظر نقدية وتعليق‬:‫ االنقسامات واالختالفات في األبحاث النوعية والكمية‬.)2021( .‫فهد محمد العمار‬
)2( ‫ العدد‬،)22( ‫ املجلد‬،‫ العلوم اإلنسانية واإلدارية‬:‫املجلة العلمية لجامعة امللك فيصل‬ 46
Guba, E. G. and Lincoln, Y. S. (1989). Fourth Generation Evaluation. Newbury Education at Najran University towards the use of qualitative
Park, CA: SAGE. research methods in educational research’. Journal of Educational
Hammersley, M. (1992). What’s Wrong With Ethnography? Methodological and Psychological Sciences, 3(24), 78–100 [in Arabic]
Exploration. London, UK: Routledge. Alabdulkareem, R.H. (2012). Albahth Alnaweiu fi Altarbia ‘Qualitative
Jamal, A. (2010). Albahth Alearabiu fi altarbiat alkhasa (1998-2007): Tahlil Research in Rducation’. Riyadh, Saudi Arabia: King Saud University.
litawajuhatiha, w jawdtiha, w ealaqatiha bialmumarasat altarbawia [in Arabic]
‘Arab research in special education (1998-2007): An analysis of its Aldahshat, W. (2016). Albahth alnaweiat mudkhalanaan limuealajat bed
trends, its quality, and its relationship to educational practices’. jawanib 'azmat albahth fi aleulum al'iinsaniat w altarbawia
Jordanian Journal of Educational Sciences, 6(4), 285–302. [in Arabic] ‘Qualitative research is an entry point to address some aspects of the
Kuhn, T. S. (1962). The Structure of Scientific Revolutions. 2nd edition. research crisis in the humanities and educational sciences’. In: The
Chicago, IL: The University of Chicago. First International Conference of the Faculty of Arts, Menoufia
Laeiadi, N.A. (2010). Alrahanat al'iibstmulujiat w alfalasafiat lilbahth alkayfi: University, Menoufia, Egypt, 08/06/2016. [in Arabic]
Nahw afaq jadidat libihawth al'iielam w alaitisal ‘The epistemological Aleazzawi, S.J.M. (2017). Albahth alkayfiu fi alealaqat aleamati: dirasat tahliliat
and philosophical stakes of qualitative research: Toward new libihawth alealaqat aleamat fi Aleiraq lilmadat min 1989 'iilaa 2016
horizons for media and communication research’. Journal of Social ‘Qualitative research in public relations: An analytical study of public
Affairs, 27(107), 111–38. [in Arabic] relations research in Iraq for the period from 1989 to 2016’. Media
Leininger, M. (1994). Evaluation criteria and critique of qualitative research Researcher Journal, 10(38), 96–114. [in Arabic]
studies. In: J. M. Morse (eds.), Critical issues in Qualitative Research Alhunun, I.A. (2016). Madaa aistikhdam manhajiat albahth alnaweii fi
Methods. Thousand Oaks, CA: SAGE. altarbiat alkhast: Dirasatan tahliliat lieashar majalaat Arabiat
Lincoln, Y. S. and Guba, E. G. (1985). Naturalistic Inquiry. Newbury Park, CA: mahkamat min 2005 'iilaa 2014 ‘The extent of using qualitative
SAGE Publications, Inc. research methodology in special education: An analytical study of
ten Arab refereed Journals from 2005 to 2014’. Journal of Special
Lincoln, Y. S., Lynham, S. A. and Guba, E. G. (2011). Paradigmatic Education and Rehabilitation, 3(10), 179–212. [in Arabic]
controversies, contradictions, and emerging confluences, revisited. Almusaa, A.I.A. (2019). Tasawur Muqtarah Litafeil Albahth Alkayfii Fi
In: N. K. Denzin and Y. S. Lincoln (eds.), The Sage Handbook of Tukhasas 'Usul Altarbiat Bialjamieat Alsewdyt Fi Daw' Alkhubrat
Qualitative Research. Thousand Oaks, CA: SAGE. Alealamiat Almueasira ‘A Proposed Conception to Activate
Merriam, S. B. and Tisdell, E. J. (2014). Qualitative Research: A Guide to Design Qualitative Research in the Field of Pedagogy in Saudi Universities in
and Implementation. 4th edition. San Francisco, CA: John Wiley and Light of Contemporary Global Experiences’. PhD Thesis, Imam
Sons. Muhammad Ibn Saud Islamic University, Riyadh, Saudi Arabia. [in
Newman, I. and Benz, C. R. (1998). Qualitative-Quantitative Research Arabic]
Methodology : Exploring the Interactive Continuum. Carbondale, IL: Altawayjriu, S.A. (2020). Mueawiqat aistikhdam tullab watalibat aldirasat
Southern Illinois University. aleulya fi tukhasas 'usul altarbia Bijamieat Al'imam Muhamad Bin
Ochieng, P. A. (2009). An analysis of the strengths and limitation of qualitative Sueud Al'iislamiat lilbahth alnaweii wasubul altaghalub ealiha
and quantitative research paradigms. Problems of Education in the ‘Obstacles to using postgraduate students in the field of pedagogy at
21st Century, 13(13), 13–8. Imam Muhammad bin Saud Islamic University for qualitative
Patton, M. Q. (2002). Two decades of developments in qualitative inquiry. research and ways to overcome them’. Arab Science Journal, 3(23),
Qualitative Social Work: Research and Practice, 1(3), 261–83. 379–442. [in Arabic]
Qandiliji, A. and Alsaamirayiyi, E. (2009). Albahth Aleilmiu Alkamiyu W Alzaydi, D.E.E. (2019). Mueawiqat aistikhdam almanhaj alkayfii fi bihawth
Alnaweiu ‘Quantitative and Qualitative Scientific Research’. Jordan, al'iidarat w alqiadat altarbawiat min wijhat nazar 'aeda' hayyat
Amman: Al-Yazouri Scientific House for Publishing and Distribution. altadris bialjamieat Alsewdia ‘Obstacles to using the qualitative
[in Arabic] approach in educational management and leadership research from
Rayan, A.M. (2003). Aistikhdam almadkhalayn alkayfii walkamiyi fi albhth: the viewpoint of faculty members in Saudi universities’. The
Dirasat aistitlaeiat lawaqie 'adabiyat al'iidarat Alearabia ‘The use of Specialized International Educational Journal, 8(4), 87–99. [in
qualitative and quantitative approaches in the research is an Arabic]
exploratory study of the reality of Arab management literature’. In: Birks, M. and Mills, J. (2011). Grounded Theory: A practical guide. London, UK:
The Third Arab Conference for Administrative Research and Sage publications.
Publishing, Cairo, Egypt. [in Arabic] Bryman, A. (2011). Socail Research Methods. 4th edition. Oxford, UK: Oxford
Strauss, A., and Corbin, J. (1990). Basics of Qualitative Research: Grounded University Press.
Theory Procedures and Techniques. Newburry Park, CA: SAGE. Bryman, A., and Bell, E. (2007). Business Research Methods. Oxford, UK:
Walsh, K. (2012). Board Editorial: Quantitative vs qualitative research: A false Oxford University Press.
dichotomy. Journal of Research in Nursing, 17(1), 9–11. Cooper, A. F. and White, R. E. (2011). Qualitative Research in the Post-Modern
Winter, G. (2000). A comparative discussion of the notion of “validity” in Era: Contexts of Qualitative Research. London, UK: Springer Science
qualitative and quantitative research. The Qualitative Report, 4(3), and Business Media.
1–14. Creswell, J. W. (2003). Research Design: Qualitative, Quantitative, and Mixed
Wolcott, H. F. (1992). Posturing in qualitative research. In: M. D. LeCompte, W. Methods Approaches. 4th edition. Thousand Oaks, CA: SAGE
L. Millroy, and J. Preissle (eds.), The Handbook of Qualitative Publications Inc.
Research in Education. New York, NY: Academic Press. Culbertson, J. A. (1988). A century’s quest for a knowledge base. In: N. J. Boyan
Yin, R. K. (2011). Qualitative Research from Start to Finish. New York, NY: The (eds.), Handbook of Research on Educational Administration. New
Guilford Press. York, NY: Longham.
Denzin, N. K, and Lincoln, Y. S. (1998). Collecting and Interpreting Qualitative
Materials. London, UK: Sage.
Eunsur, Y. (1995). Tahlil watafsir albayanat bayn alnuzeatayn alkamiyat
walkayfia ‘Analyze and interpret data between the quantitative and
qualitative trends’. Human Sciences Journal. 6(1), 79–82. [in Arabic]
Fadil, D. (2014). Maeayir alsidq walthibbat fi albihwth alkmyt walkyfy
‘Standards of validity and reliability in quantitative and qualitative
research’. Social Sciences Journal, 19(83), 82–91. [in Arabic]
Firestone, W. A. (1987). Meaning in Method: The rhetoric of quantitative and
qualitative research. Educational Researcher, 16(7), 16–21.
Glaser, B. and Strauss, A. (1967). The Discovery of Grounded Theory:
Strategies for Qualitative Research. Hawthorne, NY: Aldine de
Gruyter.
Goulding, C. (2002). Grounded theory: A Practical Guide for Management,
Business and Market Researchers. London, UK: SAGE Publications.
Guba, E. G. (1990). The Paradigm Dialog. Newbury Park, CA: Sage
Publications.

Fahad Mohammed Alammar. (2021). Divisions and Differences in Qualitative and Quantitative Research: A Critical View and Commentary.
The Scientific Journal of King Faisal University: Humanities and Management Sciences, Volume (22), Issue (2)

You might also like