You are on page 1of 74

‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.

‬فهد الشمري‬
‫المملكة العربية السعودية‬

‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬

‫عمادة شؤون المعاهد في الخارج‬

‫معهد العلوم اإلسالمية والعربية في إندونيسيا‬

‫محاضرات في‬

‫القانون التجاري‬
‫دراسة مقارنة بين النظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي‬

‫د‪ .‬فهد بن عايد الشمري‬

‫ألقيت على هامش مقرر مادة القانون التجاري‬

‫قسم العلوم المالية واإلدارية‬

‫معهد العلوم اإلسالمية والعربية في إندونيسيا‬

‫‪1442‬هـ \ ‪ 2020‬م‬

‫‪1‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫مقدمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على أشرف األنبياء وسيد املرسلني وعلى آله‬
‫وأصحابه أمجعني ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬

‫فإن من النعم اليت حباان هللا هبا نعمة العلم وتعليمه‪ ،‬وإذا استحضر اإلنسان النية‬
‫الصاحلة يف الطلب والبذل كان له من األجر العظيم ما ذكره النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫وأكد عليه يف أكثر من موضع‪ ،‬فقد أخرج اإلمام مسلم يف صحيحه عن أيب هريرة‬
‫رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ " :‬من سلك طريقا يلتمس فيه‬
‫علما سهل هللا له به طريقا إىل اجلنة ‪ ...‬احلديث " ‪.‬‬

‫والشك أن يف مقدمة العلم املذكور يف هذا احلديث العلم الشرعي الذي ال يستقيم‬
‫لإلنسان شيء يف احلياة بدونه‪ ،‬كما أن العلوم الدنيوية اليت فيها صالح معاش العباد‬
‫من فروض الكفاية على املسلمني‪.‬‬

‫وعلم القانون من العلوم اليت يطلبها املسلمون مستنريين بذلك ابلقواعد العامة اليت‬
‫وردت يف كتاب هللا وسنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فتنظيم أمور املعاش من‬
‫مقاصد الشريعة اإلسالمية ومما كان له احلظ األوفر يف سنة النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫كما يف فقه املعامالت وفقه األحوال الشخصية اخلاصة ابألسرة وغريها ‪.‬‬

‫وهذا من عالمات صالح هذا الدين العظيم لكل زمان ومكان‪ ،‬فهو يتكيف بقواعد‬
‫اإلمجالية مع كل املستجدات التفصيلية والنوازل احلادثة بعد عصر النبوة إىل قيام‬
‫الساعة‪ ،‬وسنتطرق يف هذه احملاضرات إىل التنظيم التجاري وفقا للنظام التجاري‬
‫السعودي مقاران ابلقانون اإلندونيسي ‪ ،‬سائال املوىل عز وجل السداد والتوفيق ‪ ،‬وهللا‬
‫من وراء القصد ‪ ،‬وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫لمحة سريعة‬

‫يف اململكة العربية السعودية ال يستخدم لفظ "قانون"‪ ،‬وإمنا يستخدم لفظ " نظام "‬
‫فأيهما أصح؟ وملاذا استخدم املنظم السعودي هذا اللفظ وجتنب استخدام لفظ‬
‫القانون؟‪.‬‬

‫احلقيقة أن هذه املسألة من املسائل اليت تتجدد من حني آلخر‪ ،‬ويطرح املهتمون‬
‫ابلقانون والنظام هذا التساؤل‪ ،‬ومع أنه ال يعدو أن يكون من قبيل الرتف العلمي ألن‬
‫أثره حمدود‪ ،‬لكن هلذه املسألة خلفية أترخيية لغوية أخذ هبا املنظم السعودي وراعاها‪،‬‬
‫وحيث إن لفظة "قانون" ليست عربية يف األصل وإمنا مدرجةٌ يف اللغة كما ذكر ابن‬
‫منظور وغريه وإن كانت تعين األصل املقيس عليه فإهنا عُرفت مؤخراً مع دخول األنظمة‬
‫الوافدة من البالد املستعمرة بعد استقالل كثري من الدول العربية اليت كانت حتت وطأة‬
‫االستعمار‪ ،‬وتردد استخدمها على القوانني الفرنسية واجلرمانية اليت أخذت هبا تلك‬
‫الدول بعد رحيل املستعمر واليت كانت من صنيع البشر كما أهنا تتضمن كثرياً من‬
‫املخالفات للشريعة اإلسالمية يف مسائل أصيلة‪ ،‬وهذا كان له أثر كبري يف ابتعاد علماء‬
‫الشريعة يف ذلك الوقت عن استخدام هذا املصطلح مما كان له انطباع نفسي يولده‬
‫مساع ذلك املصطلح يف نفوسهم ‪،‬ولذلك رأى املنظم السعودي اختيار لفظ "النظام"‬
‫بدل "القانون" ملا سبق ‪ ،‬وميكن القول أبن األسباب اليت دعت املنظم السعودي‬
‫الختيار لفظ النظام تدور حول ‪:‬‬

‫• أن أصل كلمة "نظام" واشتقاقها عريب بعكس كلمة "قانون " ‪.‬‬
‫• فيه إضافة ملعىن القاعدة القانونية ‪ ،‬فالقاعدة النظامية يشرتط فيها عدم خمالفتها‬
‫للشريعة اإلسالمية ابإلضافة إىل شروط القاعدة القانونية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫• توحيد التسمية بني األنظمة املعمول هبا يف داخل اململكة‪ ،‬واليت تستخدم كلمة‬
‫النظام بدال من كلمة القانون ‪.‬‬

‫وهذا األمر من املميزات اليت متيزت هبا طريقة وضع األنظمة واشتقاقها من الشريعة‬
‫اإلسالمية يف اململكة العربية السعودية ‪ ،‬وهذا مما يذكر وحيمد هلذه الدولة املباركة اليت‬
‫أخذت على عاتقها تطبيق الشريعة اإلسالمية يف كافة األمور احلياتية ‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫هذه اللمحة حول أسباب اختيار املنظم السعودي للفظ " النظام" تبني لك اهتمامه‬
‫بصغائر األمور وكبارها فاهتم ابملسمى واهتم ابملعىن واملضمون‪ ،‬وجاء نتيجة لذلك بروز‬
‫هذه األنظمة مشاهبة للقواعد الفقهية اليت اشتقت منها أحكام األمور احلياتية ‪.‬‬

‫ولعل القادم من احملاضرات يبني لكم التطبيق العملي ألسباب هذه التسمية ‪ ،‬وحتقيق‬
‫املبدأ الشرعي يف سن تلك األنظمة ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫المفهوم والتعريف‬

‫ينقسم النظام والقانون يف تقسيمه األعظم إىل قسمني " النظام العام والنظام اخلاص "‬
‫أو " القانون العام والقانون اخلاص " وهذا يرجع إىل األطراف املتعاملني بتلك األنظمة‬
‫والقوانني‪ ،‬فأي نظام أو قانون يكون طرفاه من األشخاص العاديني أو أحد طرفيه‬
‫الدولة ابعتبارها شخصا عاداي فإن هذا النظام أو القانون يعترب خاصاً‪ ،‬وأما إذا كان‬
‫أحد طرفيه الدولة ابعتبارها صاحبة سلطة وسيادة فإن هذا النظام أو القانون يعترب‬
‫عاماً‪.‬‬

‫فعلى سبيل املثال فإن النظام التجاري يعترب من النظام اخلاص ألن أطرافه أشخاص‬
‫عاديون ‪ ،‬أما النظام اجلنائي فهو من أقسام العام ألن أحد أطرافه الدولة ابعتبارها‬
‫صاحبة السلطة اليت تفرض العقوابت يف حال ارتكاب جناية على النفس كالقتل أو‬
‫على املال كالسرقة وهكذا ‪.‬‬

‫وإذا نظران إىل النظام التجاري فإننا نرى أنه يتعلق مبجموعة من األعمال التجارية‬
‫فينظمها ويضع هلا القواعد املناسبة اليت تضمن أن تكون فاعلة يف اجملتمع‪ ،‬كما أنه‬
‫ينظم أعمال التجار اليت ختص جتارهتم ‪ ،‬وبناء على ذلك نستطيع أن نعرف النظام أو‬
‫القانون التجاري أبنه ‪ " :‬مموعة القواعد القانونية اليت تنظم األعمال التجارية‪،‬ونشاط‬
‫التجار املتعلق بتجارهتم" ‪.‬‬

‫ولرمبا تساءل متساءل ملاذا مل نقل ونشاط التجار فقط ؟ دون أن نضيف قيد " املتعلق‬
‫بتجارهتم " ‪ ،‬ولإلجابة على هذا التساؤل ينبغي أن نعلم أن التاجر جزء من اجملتمع‪،‬‬
‫وله حياته االجتماعية العادية اليت تكون خمتلفة ومغايرة حلياته التجارية‪ ،‬فليست كل‬
‫أعماله اليت يقوم هبا متعلقة ابلتجارة‪ ،‬فهو يتزوج ويشرتي ألكله ويؤجر لسكنه وهكذا‪،‬‬
‫وكل ذلك من التصرفات املدنية اليت حيتاجها كل إنسان بِغض النظر عن طبيعة عمله‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫ولذلك أضفنا هذا القيد لتكون األعمال املتعلقة بنشاط جتارته هي اليت تدخل يف مال‬
‫النظام التجاري وليست كل أعماله احلياتية العادية ‪.‬‬

‫كما جيدر أن تعلم أن كلمة األعمال التجارية خيتلف مفهومها من فئة إىل أخرى ‪،‬‬
‫فمفهوم هذا املصطلح عند االقتصاديني مثال خيتلف عن القانونني ألن االقتصاديني‬
‫ينظرون إىل الدورة االقتصادية الكاملة للمال واليت ترتكز على وصول املنتجات إىل‬
‫املستهلكني ومدى أثر ذلك على الناتج القومي مثال ‪ ،‬لكنها عند النظاميني والقانونيني‬
‫أوسع قليال من خالل تصنيف األعمال التجارية اليت قد تضم أعمال صناعية خيتلف‬
‫عددها من دولة إىل أخرى كثرةً وقلةً ‪.‬‬

‫إال أنه ومع هذا االتساع الذي يتصف به النظام التجاري إال أنه ال يستوعب كل تلك‬
‫األعمال ‪ ،‬فهناك أعمال مستثناة كما سيأتينا من النظام التجاري مع أهنا أعمال‬
‫صناعية أو أعمال مرحبة وتدر دخالً على املستفيد منها كالزراعة والطب غريها ‪،‬‬
‫ولذلك فإن من املهم حقاً معرفة تلك األعمال من خالل االطالع على النصوص‬
‫النظامية يف أنظمة وقوانني كل دولة ‪.‬‬

‫أما يف القانون اإلندونيسي فإننا البد أن نعرف ماهي نظرة القانون اإلندونيسي للتجارة‬
‫حىت نعرف املقصود ابلقانون التجاري‪ ،‬فقد عرف التجارة أبهنا ‪ " :‬مجيع األنشطة‬
‫املتعلقة بنقل البضائع واخلدمات يف الدولة وخارجها لغرض نقل ملكيتها أو احلصول‬
‫على ربح منها " ‪ .‬فقرة ‪ 1‬من املادة ‪ 1‬من قانون التجارة اإلندونيسي ‪.‬‬

‫ومن هنا يتبني لنا أن قانون التجارة اإلندونيسية هو ‪ " :‬مموعة القواعد القانونية اليت‬
‫ختتص بتنظيم مجيع األنشطة املتعلقة بنقل البضائع واخلدمات يف الدولة وخارجها لغرض‬
‫نقل ملكيتها أو احلصول على ربح منها " ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫ومن خالل سرد التعريفني يتضح لنا وجود بعض الفروق بني التعريفني ‪ ،‬ومن أهم تلك‬
‫الفروق أن التعريف يف النظام السعودي نص على أعمال التجار وذلك ألن النظام‬
‫السعودي أيخذ ابلنظرية الشخصية واملوضوعية يف حتديد نطاق القانون التجاري ‪،‬‬
‫وسيأيت بيان ذلك بعد قليل ‪.‬‬

‫بينما القانون اإلندونيسي مل يتطرق إىل شخصية التجار بل نص على األعمال التجارية‬
‫ولرمبا كانت هذه إشارة إىل أن القانون اإلندونيسي أيخذ ابلنظرية املوضوعية دون‬
‫الشخصية يف حتديد نطاق القانون التجاري ‪ ،‬وسيتضح ذلك يف الفصول القادمة عندما‬
‫نتحدث عن حتديد نطاق القانون التجاري ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫خصائص النظام أو القانون التجاري‬

‫من غري املستغرب أن نتوقع اختالفا بني قواعد النظام أو القانون التجاري وبني النظام‬
‫املدين أو غريه من األنظمة اليت تتعلق ابلتعامالت بني األطراف العاديني كاملرافعات‬
‫انتج من معرفتنا بتخصيص املنظم هلذا النظام وإفراده ابستقاللية جندها‬
‫وغريها ‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫يف معظم الدول ‪ ،‬ولذلك ميكننا أبن نقول أن النظام أو القانون التجاري يتميز خبصائص‬
‫ليست موجودة يف غريه من األنظمة والقوانني ‪ ،‬وهذه اخلصائص تتجلى يف ‪:‬‬

‫السرعة ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫وذلك ألن التجارة تعتمد على السرعة نظرا للمتغريات املتالحقة اليت تطال أسعار‬
‫السلع وقيم توريدها وختزينها وما يتعلق هبا ‪ ،‬ولذلك فإن سرعة التعامالت يف التجارة‬
‫ختتلف عن سرعة التعامالت يف العقود املدنية كالزواج وشراء املسكن للسكىن وهكذا‪،‬‬
‫فالتاجر يبيع يف اليوم عدة مرات ويشرتي كذلك عدة مرات‪ ،‬ولرمبا تعامل يف رأس املال‬
‫نفسه عشرات املرة يشرتي ويبيع وهكذا ‪ ،‬فهذه السرعة يف التعامالت تتطلب قواعد‬
‫أكثر مرونة من القواعد املدنية‪ ،‬كما أهنا تتطلب قواعد تتالئم مع هذه السرعة‪ ،‬فإذا‬
‫نظرت إىل قواعد اإلثبات يف النظام التجاري جتد فيها حرية ال تتوافر يف النظام املدين‪،‬‬
‫فالتاجر له احلق يف مواجهة التاجر اآلخر إبثبات حقوقه وتصرفاته التجارية أبي طريقة‬
‫ممكنة‪ ،‬سواء أكانت مشاهبة للطرق املدنية كالكتابة والشهود أو جتارية كالفواتري‬
‫واملراسالت ومكاملات اهلاتف والفاكس والربيد االليكرتوين وغريها ‪ ،‬وهذا ما اليتوافر‬
‫يف النظام املدين الذي حيصر قواعد اإلثبات فيه وطرقه على أمور معينة ‪.‬‬

‫كما أن املنظم أعطى للتاجر وعلى ضوء قواعد النظام التجاري احلرية يف حسم‬
‫املنازعات وأوجد له طرقا أخرى غري الطرق املدنية يف احملاكم ‪ ،‬فنشأ مفهوم التحكيم‬

‫‪8‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫التجاري ‪ ،‬ووضع له نظام مستقل حىت ميكن للتاجر من حسم منازعته بطريق خمتصر‬
‫يتناسب مع السرعة اليت عليها هذا النظام ‪.‬‬

‫االئتمان ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وهذه امليزة الثانية حيث أن األعمال التجارية مع اعتمادها على السرعة إال أهنا تعتمد‬
‫وتتميز أيضا ابالئتمان ومبدأ الثقة ‪ ،‬فكثري من التجار يشرتي ابآلجل‪ ،‬والتسهيالت‬
‫البنكية تقوم على هذا املبدأ ‪ ،‬مبدأ ائتمان التاجر والثقة به وتصنيف مستوى معامالته‬
‫التجارية إلعطائه قرضاً بناءً على ذلك ‪.‬‬

‫بل إن االئتمان اآلن أصبح مهما على مستوى دويل فوجدت املؤسسات اليت تصنف‬
‫الدول بناء على اقتصادها بتصنيفات معروفة ‪ ،‬يبين عليها صندوق النقد الدويل مسألة‬
‫إقراضها من عدمه ‪ ،‬كما تُبىن عليها قيمة عملتها وقتها يف أسواق العمالت وهكذا مما‬
‫ينعكس على اقتصاد البلد ‪.‬‬

‫ولذلك فإن حاجة النظام أو القانون التجاري إىل قواعد تراعي جانب االئتمان‪ ،‬وتفرض‬
‫عقوابت على من خيالفه ‪ ،‬هي حاجة ملحةٌ بسبب قيام النظام التجاري يف أي دولة‬
‫على مسألة االئتمان ابإلضافة إىل السرعة ‪.‬‬

‫إذن فالسرعة واالئتمان من أهم اخلصائص اليت يتميز هبا النظام التجاري عن غريه من‬
‫األنظمة اخلاصة وفروع النظام املدين ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫تحديد نطاق النظام التجاري‬

‫عندما نتحدث عن النطاق فإنين نعين به مال هذا النظام ‪ ،‬أو على من ينطبق هذا‬
‫النظام ‪ ،‬فحدود تطبيق هذا النظام سواء أكانت أشخاص أم أعمال هي ما نسميه‬
‫نطاق النظام التجاري ‪.‬‬

‫فإذا حدثت منازعة مثال بني اتجر وفرد عادي ‪ ،‬فعند أي حمكمة يتم رفع تلك الدعوى؟‬
‫وماذا لو قام الشخص العادي ببيع بيته الذي يسكن فيه‪ ،‬هل يسمى اتجراً ؟ أم ال؟‬
‫وما حكم الطبيب الذي يفتح عيادة يعاجل فيها الناس مبقابل مادي‪ ،‬هل يسمى اتجراً‬
‫أم ال ؟ وهكذا الكثري من األسئلة اليت ستتضح إجابتها من خالل دراسة نطاق النظام‬
‫التجاري‪ ،‬وحتديد األعمال أو األشخاص الذين ينطبق عليهم‪.‬‬

‫احلقيقة أن فقهاء النظام والقانون انقسموا إىل قسمني يف كيفية حتديد نطاق القانون‬
‫التجاري ‪ ،‬فمنهم من أخذ ابلنظرية الشخصية ‪ ،‬ومنهم من أخذ ابلنظرية املوضوعية‪،‬‬
‫وسأبني ذلك فيما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬النظرية الشخصية ‪:‬‬

‫أصحاب هذه النظرية يرون أن النظام التجاري ينطبق على التاجر عند ممارسته للتجارة‬
‫بغض النظر عن نوعية العمل الذي يقوم به ‪ ،‬فأي ٍ‬
‫عمل يقوم به التاجر احملرتف يعد‬
‫عمال جتاراي ولو كان مدنيا ‪ ،‬وأي عمل يقوم به الفرد العادي يُعد عمالً مدنيا ولو كان‬
‫بيعاً وشراءً على سبيل املثال ‪.‬‬

‫فأصحاب هذه النظرية ينظرون إىل الشخص الذي يقوم ابلعمل وجيعلونه هو امليزان يف‬
‫تطبيق القانون ‪ ،‬وال ينظرون إىل نوعية العمل ‪ ،‬فعندهم مثال لو قام التاجر بتأجري‬
‫مكان ملمارسة جتارته فيه أو لالستمتاع به أو جلعله اسرتاحة فإن كل هذه األعمال‬

‫‪10‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫تعترب عندهم جتارية بغض النظر عن نوع تلك األعمال ‪ ،‬فمادام التاجر قام هبا فإهنا‬
‫جتارية وهكذا ‪.‬‬

‫النّقد املوجه هلذه النظرية ‪:‬‬

‫وجه أصحاب النظرية املوضوعية نقداً هلذه النظرية ألهنا تتطلب من قائلها أوالً حصر‬
‫احلرف التجارية حىت نعرف من هو التاجر فنطبق عليه النظام التجاري وهذا صعب‪،‬‬
‫كما وجهوا هلا نقداً أهنا حترم األفراد العاديني الذين ميارسون بعض التجارة بشكل مل‬
‫يصل إىل مسمى التاجر أن يستفيدوا من قواعد السرعة واالئتمان املتوافرة يف النظام‬
‫التجاري ‪ ،‬ولذلك جاؤوا ابلنظرية املوضوعية ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬النظرية املوضوعية ‪:‬‬

‫أصحاب هذه النظرية مل يتطرقوا إىل شخصية التاجر وإمنا تطرقوا إىل نوع العمل الذي‬
‫يقوم به ‪ ،‬فحصروا أعماالً معينة ‪ ،‬مث جعلوا كل شخص يقوم هبا خاضعاً للنظام‬
‫التجاري ‪ ،‬سواء أكان ميارس التجارة على سبيل االحرتاف أم أنه مارس ذلك العمل‬
‫مرة أو مرتني وهكذا ‪.‬‬

‫فالنظام عندهم ينظر إىل العمل على أنه أساس التطبيق ‪ ،‬بعكس أصحاب النظرية‬
‫الشخصية الذي جعلوا شخص التاجر أساساً للتطبيق ‪.‬‬

‫نقد هذه النظرية ‪:‬‬

‫هذه النظرية تتطلب حصرا لألعمال التجارية ‪ ،‬كما أن األعمال التجارية متجددة ‪،‬‬
‫فهناك أعمال مل تكن موجودة يف السابق وهي اليوم منتشرة ‪ ،‬وعكس ذلك حيث أن‬
‫هناك أعماال كانت موجودة يف السابق لكنها اختفت اليوم مع ظهور التقدم الفين‬
‫والتقين وهكذا ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫موقف النظام السعودي والقانون اإلندونيسي من األخذ ابلنظريتني ‪:‬‬

‫النظام السعودي نص يف املادة الثانية من نظام احملكمة التجارية ‪ 1350‬ه على عدد‬
‫من األعمال ‪ ،‬واعترب أهنا جتارية حىت لو وقعت ملرة واحدة وهو بذلك أيخذ ابلنظرية‬
‫املوضوعية يف اعتبار األعمال هي امليزان الذي ميكننا من تطبيق النظام التجاري ‪ ،‬إال‬
‫أنه نص على جتارية مجيع العقود والتعهدات احلاصلة بني التجار واملتسببني والسماسرة‬
‫‪ ،‬ونص على جتارية كل مقاوالت التوريد وهكذا ‪ ،‬وهنا ينطبق عليه النظرية الشخصية‬
‫‪ ،‬فيمكننا القول أبن النظام السعودي أخذ ابلنظريتني مجعا بينهما وطبق كالً منهما يف‬
‫ماله ‪.‬‬

‫أما القانون اإلندونيسي ‪:‬‬

‫فقد نص القانون رقم ‪ 7‬لعا ‪ 2014‬م واخلاص بقانون التجارة اإلندونيسي يف مادته‬
‫األوىل يف الفقرة األوىل على أن التجارة هي مموعة األنشطة اليت تتعلق ابلسلع‬
‫واخلدمات داخل الدولة وخارجها هبدف نقل ملكيتها بغرض الربح والفائدة ‪.‬‬

‫وهذا يدل على أن القانون اإلندونيسي أيخذ ابلنظرية املوضوعية يف هذا اجلانب‪،‬‬
‫فينظر إىل األعمال قبل أن ينظر إىل أشخاص القائمني هبا ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫مصادر النظام التجاري‬

‫النظام التجاري كغريه من األنظمة حيتاج إىل مصادر تؤخذ منها أحكامه وتؤسس على‬
‫قواعد تلك املصادر التكييفات املتعلقة هبذا النظام ‪ ،‬والشك أن مصادر األنظمة‬
‫والقوانني ختتلف من بلد إىل آخر حبسب اختالف قواعد أنظمة احلكم يف كل بلد أو‬
‫الدساتري اليت تقوم عليها تلك البالد ‪.‬‬

‫ففي اململكة العربية السعودية نص النظام األساسي للحكم ( وهو النظام الذي يعادل‬
‫الدستور يف البالد األخرى ) الصادر يف عام ‪1412‬ه على أن كتاب هللا وسنة نبيه‬
‫حممد صلى هللا عليه وسلم هي املصدر الرئيس للتشريع يف اململكة كما يف املادة األوىل‬
‫منه ‪ ،‬مث جاء يف املادة السابعة منه أيضا مؤكدا على ذلك بقوله ‪ " :‬يستمد احلكم يف‬
‫اململكة العربية السعودية سلطته من كتاب هللا تعاىل وسنة رسوله ومها احلاكمان على‬
‫هذا النظام ومجيع أنظمة الدولة األخرى " م ‪. 7‬‬

‫وهنا ميكن لنا أن نقول أن مصادر النظام التجاري تنقسم إىل قسمني ‪:‬‬

‫• املصادر الرمسية ‪ :‬وهي أربعة ‪ :‬التشريع ‪ ،‬الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬العرف التجاري‬


‫‪ ،‬العادة التجارية ‪.‬‬
‫• املصادر التفسريية ‪ :‬وهي مصدران ‪ :‬القضاء والفقه ‪.‬‬

‫وسأحتدث فيما يلي عن كل واحد من هذه املصادر مبزيد من اإليضاح ‪ ،‬حىت يتبني‬
‫مسميات هذه املصادر ‪.‬‬
‫مسمى من ّ‬
‫للقارىء الكرمي الفرق بني كل ّ‬

‫‪13‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫املصادر الرمسية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬التشريع ‪:‬‬

‫وقد يتساءل القارىء هنا كيف قدمنا التشريع يف الرتتيب على الشريعة اإلسالمية ؟‬
‫وهنا التوضيح هلذا اإلشكال ‪.‬‬

‫نقصد ابلتشريع هنا مموعة األنظمة اليت مت صياغتها من السلطة التشريعية يف اململكة‬
‫واليت تنبثق من الشريعة اإلسالمية حيث إن الشريعة اإلسالمية هي األساس الذي يبىن‬
‫عليه النظام يف اململكة ‪.‬‬

‫وبذلك يتبني لنا أنه ال تعارض بني لفظ التشريع هنا كمصدر ولفظ الشريعة اإلسالمية‬
‫اإلسالمية ‪ ،‬ألن التشريع مستخرج من الشريعة ‪.‬‬

‫إذن ما الفرق بينهما ؟‬

‫التشريع يشمل األنظمة التفصيلية للحوادث مبسمياهتا ‪ ،‬فمثال جزاءات الغش التجاري‬
‫غري مذكورة يف الكتاب والسنة ابلتفصيل وإمنا على سبيل اإلمجال يف ابب حترمي الغش‬
‫‪ ،‬فويل األمر نظمها وفصلها وحدد اجلزاءات املناسبة املبنية على املصلحة املعتربة شرعا‬
‫النتظام حياة الناس ‪ ،‬فيصبح الفرق بينهما أن التشريع مفصل والشريعة يف أكثر أدلتها‬
‫مملة كقواعد عامة يبىن عليها احلكم من قبل اجملتهد ‪.‬‬

‫ويُعد نظام احملكمة التجارية من قبيل التشريع وقد صدر عام ‪1350‬ه كأقدم نظام‬
‫الزال معموال به إىل يومنا هذا مع بعض التعديالت اليت طرأت عليه ‪ ،‬أو بعض األنظمة‬
‫اليت استقلت عنه كنظام الشركات ونظام التحكيم التجاري واألوراق املالية وغريها ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اثنيا ‪ :‬الشريعة اإلسالمية ‪:‬‬

‫وهي املصدر الرئيس للتشريع السابق ذكره يف ( أوال ) وأخر فقهاء النظام ذكرها بعد‬
‫التشريع ملا سبق وبيناه وهو التفصيل املوجود يف التشريع مما ال يوجد أحياان يف الشريعة‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬

‫ولقد أنزل هللا الشريعة اإلسالمية شاملة صاحلة لكل زمان ومكان ‪ ،‬وهذا يقتضي‬
‫احتواءها على قواعد عامة ميكن أن تدخل حتتها الفروع املستجدة اليت تتجدد بتجدد‬
‫الزمان واختالف ما يتعامل الناس به ‪.‬‬

‫ولذلك إذا وقع نزاع لدى القضاء فإن أول ما يبحث القاضي عن حل له يف التشريع‬
‫فإن مل جيد عرض النزاع على قواعد الكتاب والسنة واالجتهاد والقياس واجتهد يف‬
‫استخراج احلكم املناسب هلا انطالق من تلك القواعد العظيمة ‪.‬‬

‫فالشريعة اإلسالمية هي املصدر واملرجع يف كل األمور احلياتية للمسلم‪ ،‬واجتهاد العلماء‬


‫يف اشتقاق تلك التشريعات وتنظيمها وتسميتها أبنظمة وقياس اجلزاء املناسب على‬
‫حجم اجلرم أو اخلطأ الذي يقع فيه اإلنسان إمنا حدث تسهيل لعامة الناس الذين ال‬
‫يستطيعون النظر يف األدلة وفهمها واستنباط األحكام منها ‪.‬‬

‫وهذا احلديث فيما خيص اململكة العربية السعودية ‪ ،‬وأما الدول األخرى فلكل دولة‬
‫الطريقة املعينة اليت تبين فيها األنظمة والقوانني ‪ ،‬ولكل دولة املصادر املعينة اليت تستقي‬
‫منها تلك األنظمة ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اثلثا ‪ :‬العرف التجاري ‪:‬‬

‫وهذا املصدر من أكثر املصادر شيوعا بني التجار ‪ ،‬والعرف التجاري نقصد به تلك‬
‫القواعد اليت اعتاد التجار على اتباعها لتنظيم طريقة تعاملهم مع بعضهم البعض وأصبح‬
‫لتلك القواعد قوة ملزمة يف أنفسهم تولدت من تكرار تلك املعامالت بنفس الطريقة‬
‫وعلى مدى طويل ‪.‬‬

‫وبطبيعة احلال فإن العرف يتألف من ركنني أساسني ليكون مؤثرا سواء يف النظام‬
‫التجاري أو حىت يف القواعد الفقهية والشريعة اإلسالمية ‪ ،‬وهذا الركنان مها ‪:‬‬

‫• الركن املادي ‪ :‬ونقصد به اعتياد فعل ذلك الفعل مراراً وتكراراً ‪ ،‬فال ميكن‬
‫إطالق لفظ العرف على فِ ٍ‬
‫عل فُعِ َل مرةً واحدة أو مرتني ‪ ،‬فإن عدم التكرار‬
‫إخالل ابلركن املادي الواجب توافره حىت نسمي ذلك عرفاً ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الفعل‬
‫• الركن املعنوي ‪ :‬وهو اعتقاد اإللزام ‪ ،‬أي اعتقاد أن هذا الفعل أصبحت لديه‬
‫قوة ملزمة وال ميكن خمالفته ‪.‬‬

‫فإذا اجتمع هذان الركنان مسينا ذلك الفعل عرفاً جتارايً وأصبح مصدرا من مصادر‬
‫النظام التجاري ال جتوز خمالفته ‪ ،‬وحيكم به القاضي من تلقاء نفسه دون طلب أحد‬
‫اخلصوم ألنه من املصادر امللزمة ‪ ،‬كما أن معرفة العرف مفرتضة فال يلزم اخلصم إبقامة‬
‫الدليل على وجوده ‪.‬‬

‫إضافة إىل النظام التجاري نشأ نشأةً عرفية ‪ ،‬ألن قواعده مل تكتب إال يف قرون متأخرة‪،‬‬
‫ويف بداية تعامالت الناس كان الناس يتعاملون على ما يتعارفون عليه دون أن تكون‬
‫هناك لوائح مكتوبة حتكمهم ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫رابعاً ‪ :‬العادة التجارية ‪:‬‬

‫وبني العادة التجارية والعرف التجاري تشابه من انحية أن كليهما قواعد غري مكتوبة‬
‫وإمنا تعارف الناس عليهما دون أن يكون هناك نظام مكتوب هبما ‪.‬‬

‫لكن الفرق بينهما هو افتقاد العادة التجارية لعنصر اإللزام ‪ ،‬فال يعتقد التجار إبلزامها‬
‫وإمنا يرون أهنا قاعدة أدبية ميكن اتباعها ماملة لبعضهم البعض دون أن يكون هناك‬
‫إلزام ابألخذ هبا ‪.‬‬

‫وعلى هذا فالعادة التجارية أقل مرتبة من العرف التجاري ‪ ،‬وال حيكم هبا القاضي من‬
‫تلقاء نفسه بل يلزم اخلصوم إبقامة الدليل عليها ‪ ،‬والعلم هبا بني التجار ليس تلقائيا‬
‫كالعرف بل جيب إقامة الدليل على وجودها ‪ ،‬ومن أمثلة العادات التجارية نسب‬
‫التخفيضات أو اتباع طريقة معينة يف وزن البضائع وهكذا ‪.‬‬

‫املصادر التفسريية ‪ ( :‬غري الرمسية ) ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬القضاء ‪:‬‬

‫ونقصد به املبادئ القانونية واحلكام اليت استقر العمل هبا يف احملاكم يف النزاعات التجارية‬
‫‪،‬فعندما يعرض على القاضي نزاع جتاري ليس له مادة أو نظام حيكمه وال جيد له شيئا‬
‫يف العرف التجاري أو العادات التجارية ‪ ،‬فإنه يستفرغ وسعه يف استنباط احلكم املناسب‬
‫له من خالل قواعد الشريعة العامة ومقاصدها ونظائر ذلك النزاع وما يشبهه يف علته‬
‫فإذا استنبط حكما معينا وحكم به ‪ ،‬مث جاء من بعده من قضاة ونظروا فيه وحكموا‬
‫به سنة بعد سنة حىت استقر العمل عليه واألخذ به ‪ ،‬فإن ذلك يصبح مصدرا من‬
‫مصادر النظام التجاري التفسريية ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اثنيا ‪ :‬الفقه ‪:‬‬

‫والفقه هنا هو مموعة آراء املتخصصني يف النظام والقانون وحبوثهم اليت كتبوها يف‬
‫اجملالت القانونية أو كتبهم اليت أنتجوها خالل سنوات حبثهم ‪.‬‬

‫وهذه اآلراء تكون نتيجة دراسة مستفيضة يف مال القانون مقارنة النصوص وشرحها‬
‫والتعليق على نصوص النظام بل وحىت اقرتاح تعديالت معينة يف بعض األنظمة ‪.‬‬

‫وكل ذلك يعترب من مصادر النظام التجاري ‪ ،‬حيث إن مثل هذه البحوث والدراسات‬
‫حتمل يف طياهتا سيالً عرمرماً من املعلومات الثمينة اليت أخذ الباحث يف مجعها أايماً‬
‫طواال ‪.‬‬

‫فالفقه مصدر تفسريي من مصادر النظام التجاري ويبقى اسرتشادايً وليس مصدرا من‬
‫املصادر الرمسية ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫أهمية التفريق بين العمل التجاري والعمل المدني‬

‫الشك أن طالب علم النظام أو القانون قد يتساءل عندما يدرس كيفية حتديد نطاق‬
‫النظام التجاري ‪ ،‬وحياول فهم النظرية الشخصية والنظرية املوضوعية لتحديد نطاق‬
‫هذا النظام أو القانون فيقول وما الفائدة من معرفة أن هذا العمل جتاري أو مدين؟‪.‬‬

‫ولذلك سأحتدث هنا عن أمهية التفرقة بني العمل التجاري والعمل املدين وماهي األمور‬
‫اليت ترتتب على ذلك ‪ ،‬واحلقيقة أن الفروق بينهما تكمن فيما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االختصاص القضائي ‪:‬‬

‫ففي كل دولة هناك أنواع متعددة للمحاكم ‪ ،‬منها احملاكم العامة ‪ ،‬واحملاكم التجارية ‪،‬‬
‫واحملاكم العمالية اليت ختتص ابلفصل بني العاملني يف القطاع اخلاص ( قطاع الشركات)‪،‬‬
‫واحملاكم اإلدارية اليت ختتص ابلفصل يف النزاعات اإلدارية ( القطاع احلكومي ) وكذلك‬
‫يف قرارات اإلدارة ‪ ،‬وهناك احملاكم الشخصية اليت هتتم ابلقضاء يف نزاعات األسرة وما‬
‫يتعلق هبا ‪ ،‬وهناك حماكم الدرجة األوىل وحماكم االستئناف وهكذا ‪.‬‬

‫ولكل دولة طريقتها اخلاصة يف تسمية تلك احملاكم وكذلك يف عدد أنواعها ‪ ،‬ففي‬
‫اململكة العربية السعودية هناك مخسة أنواع من احملاكم هي ‪ :‬احملاكم العامة ‪ ،‬وحمكمة‬
‫األحوال الشخصية ‪ ،‬واحملكمة العمالية ‪ ،‬واحملكمة التجارية ‪ ،‬واحملكمة اجلزائية (اجلنائية)‬
‫إضافة إىل احملاكم اإلدارية اليت تتبع ديوان املظامل ‪.‬‬

‫ويف مجهورية إندونيسيا هناك احملاكم العامة وتتكون من عدة دوائر( أقسام) فيمكنها‬
‫النظر يف القضااي املدنية واجلنائية ‪ ،‬ابإلضافة إىل حماكم متخصصة ومنها‪ :‬حماكم‬
‫مكافحة الفساد ‪ ،‬حماكم األحداث ( صغار السن ) ‪ ،‬احملاكم التجارية ‪ ،‬حماكم صيد‬
‫األمساك ‪ ،‬حماكم حقوق اإلنسان ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫فإذا عرفت هذا العدد الكبري من احملاكم فإنك حتتاج أن تعرف إىل أي حمكمة سرتفع‬
‫نزاعك وقضيتك ‪ ،‬وإال ضاع وقتك يف احملاكم قبل أن تصل إىل احملكمة اليت ميكن أن‬
‫تنظر قضيتك ‪ ،‬خصوصا إذا عرفنا أن وقت نظر القضية بعد تسجيلها يف احملكمة قد‬
‫يستغرق مدة طويلة ‪ ،‬هذا من انحية توفري الوقت ‪.‬‬

‫ومن انحية أخرى فإن احملاكم املتخصصة يوجد فيها قضاة متخصصون ‪ ،‬يكون عملهم‬
‫فقط النظر يف ذلك النوع من القضااي ‪ ،‬فاحملاكم التجارية ال تعرض أمامها إال النزاعات‬
‫التجارية ‪ ،‬فهذا يؤدي إىل متكن القضاة من اإلملام بكافة املسائل التجارية وضبطها‪،‬‬
‫وهذا بدوره يؤدي إىل مزيد من اجلودة وحتقيق العدالة أبيسر الطرق وأصوهبا ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬اإلثبات ‪:‬‬

‫قد سبق وحتدثنا عن العمل التجاري وأنه أكثر مرونة من العمل املدين يف اإلثبات ‪،‬‬
‫وهذا من أهم الفروق اليت وضعها فقهاء النظام والقانون لصاحل النظام التجاري ‪،‬‬
‫فالنظام التجاري يقوم على اإلثبات أبي طريقة ممكنة ‪ ،‬بعكس النظام املدين الذي‬
‫حيدد وسائل اإلثبات أبدوات معينة كالشهادة أو البينة أو القرينة مثال ‪ ،‬بل ويشرتط‬
‫الكتابة مثال يف مموعة من التصرفات املدنية مثل الزواج والطالق والرجعة وإثبات‬
‫تعيني األوصياء والنسب والنفقة والوقف وغريها من التصرفات املدنية اليت ال بد أن‬
‫تكون مكتوبة ‪ ،‬وحىت بعض التصرفات اليت أاتحها النظام املدين مشافهة قيدها يف‬
‫بعض األحوال كتوكيل األخرس فإنه ال يصح إال أن يكون مكتواب ‪.‬‬

‫لكن يف العمل التجاري ميكن اإلثبات أبي طريقة من طرق اإلثبات املمكنة ‪ ،‬فيمكن‬
‫ابلطرق اليت وضعها النظام املدين كالكتابة والشهادة وميكن أن يكون بغريها كالفواتري‬

‫‪20‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫والدفاتر التجارية ومراسالت أجهزة االتصال أبنواعها كالفاكس واالمييل االليكرتوين ‪،‬‬
‫بل أكثر من ذلك كبياانت التدفق املايل املوجودة يف األسواق املالية وغريها من أدوات‬
‫اإلثبات املتوفرة ‪.‬‬

‫فإذا عرفنا ذلك فإننا حنتاج إىل حتديد نوع العمل هل هو جتاري ميكن أن نقبل فيه أي‬
‫نوع من أنواع اإلثبات ؟ أو هو مدين فال نقبل إثباات له إال ما نص عليه القانون املدين‬
‫‪ ،‬وهنا يتبني اهلدف من التفريق بينهما ‪.‬‬

‫اثلثا ‪ :‬قواعد تنفيذ االلتزام التجاري ‪:‬‬

‫إن من مسات النظام التجاري االئتمان ‪ ،‬وهو الثقة اليت يدعمها املنظم وواضع التشريع‬
‫واللوائح واألنظمة ‪ ،‬وسعى بذلك إىل تقوية الثقة ودعمها يف العمل التجاري حىت ميكن‬
‫أن يسري هذا العمل بثقة عالية فتستقيم مصاحل الناس ‪.‬‬

‫ولذلك فرق بني تنفيذ االلتزام التجاري وتنفيذ االلتزام املدين ‪ ،‬فإذا كان املدين بدين‬
‫جتاري فإنه خيتلف عن املدين بدين مدين انتج عن مهر زواج أو نفقة أو تكاليف زايرة‬
‫أو نفقة وقف أو ما إىل ذلك من الديون املدنية ‪ ،‬فالدين التجاري قواعده أكثر صرامة‬
‫ودقة نظراً ألن التجارة حتتاج إىل سرعة يف السداد وانتظام به وثقة جتعل الناس يتعاملون‬
‫بطمأنينة مع وجود محاية نظامية قانونية هلم ‪ ،‬وهنا حيسن احلديث عن أربعة قواعد من‬
‫قواعد تنفيذ االلتزام التجاري فيما يلي ‪:‬‬

‫التضامن ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫ومعىن التضامن أن الدائن حيق له مطالبة أي شخص من املدينني الشركاء دون أن‬
‫يكون هلم احلق يف االعرتاض والدفع وتوجيه الطلب إىل أحدهم دون اآلخر ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وكمثال حىت ميكن فهم التضامن جيدا فإننا لوا فرتضنا أن زيداً وخالداً وسعداً‬
‫أسسوا شركة فقام زيد ابالستدانة وأخذ املال قرضاً للشركة من حممد ‪ ،‬مث مل يسددوا‬
‫‪ ،‬فإن ٍ‬
‫حملمد احلق أن يطالب أايً منهم مباله ألهنم شركاء متضامنون ‪ ،‬فيحق له أن‬
‫يطالب خالداً أو سعداً مع أن زيد هو ايل أخذ منه املال ‪ ،‬لكن مبا أهنم شركاء‬
‫فهم متضامنون ‪ ،‬وال حيق خلالد أن يقول له اذهب إىل زيد ألنه هو مدينك ‪ ،‬بل‬
‫كلهم مدينون حيق حملمد أن يطالب أايً منهم ‪ ،‬وهذا هو معىن التضامن ‪.‬‬

‫وهذا موجود مفرتض يف العمل التجاري ال حيتاج إىل نص ‪ ،‬اما يف العمل املدين‬
‫فإنه غري مفرتض بل حيتاج إىل نص وتعهد يبينه وإال مل يكن هناك تضامن ‪ ،‬وهدف‬
‫وجود التضامن يف العمل التجاري هو دعم وتقوية االئتمان والثقة يف العمل التجاري‬
‫حبيث يتعامل الناس فيه بكل طمأنينة ‪.‬‬

‫املهلة القضائية للمدين ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وهذه من قواعد التنفيذ يف الديون املدنية حيث إن املدين بدين مدين جيوز للقاضي‬
‫أن يعطيه مهلة ويؤجل وقت السداد بناء على ظروفه أو أن يُقسط عليه الديون‬
‫بشكل شهري أو ربع سنوي وهكذا لقوله تعاىل ‪ " :‬وإن كان ذو عسرة فنظرة إىل‬
‫ميسرة " سورة البقرة آية ‪. 280‬‬

‫لكن املدين بدين جتاري خيتلف بذلك‪ ،‬فاألصل أن القاضي ال مينحه مهلة هنائيا‬
‫‪ ،‬ألن الدين ال يتعلق ابلتاجر فقط بل يتعلق بسلسة املوردين الذين جاءت منهم‬
‫البضاعة ‪ ،‬فالتجارة يف أصلها سلسلة من الباعة كل واحد أيخذ من اآلخر ابآلجل‬
‫حىت يبيع ما عنده مث يسدد وهكذا ‪ ،‬ووجود مشكلة يف السلسلة يؤدي إىل اهنيارها‬
‫ابلكامل وابلتايل عدم ثقة الناس يف العمل التجاري مما يؤدي إىل الكساد أو بطء‬
‫النمو التجاري واالقتصادي ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وينبغي التنبه أن هذا هو األصل وهو عدم منح مهلة للمدين التجاري ‪ ،‬إال أن‬
‫هناك استثناء يف أضيق احلدود ميكن معه أن يعطي القاضي شيئا من املهلة البسيطة‬
‫بضوابط معينة ‪ ،‬ويشرتط أن يكون قراره ُمسبباً ‪ ،‬كما نصت على ذلك املادة ‪6‬‬
‫من نظام التنفيذ السعودي ‪.‬‬

‫اإلفالس ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫وهذا من مما متيز به العمل التجاري خصوصا مع تطور التشريعات التجارية مؤخرا‬
‫‪ ،‬واإلفالس أن تكون ديون التاجر أكثر مما ميلك ‪ ،‬ويف السابق كان اإلجراء أن‬
‫تُغل يده عن إدارة أمواله وحيجر عليها ‪ ،‬مث تصفى يف مزاد علين مث تقسم بني الغراء‬
‫( الدائنني ) قسمة غرماء حبسب نسبة ديوهنم من رأس املال وهكذا ‪.‬‬

‫لكن نظام اإلفالس السعودي اجلديد الصادر يف ‪1439‬ه قد خالف هذا التوجه‬
‫القدمي وذلك إبضافة محاية للمفلس متكنه من إعادة هيكلة ديونه وابلتايل دفعه‬
‫للنهوض من التعثر املايل عن طريق ُح ٍزم من اإلصالحات مما ُحيقق استمرارية‬
‫املشاريع حىت تعود أبث ٍر طيب على االقتصاد ‪.‬‬

‫وهذا هو توجه صندوق النقد الدويل الذي أشاد يف تقريره لعام ‪ 2015‬م ابألنظمة‬
‫املتطورة اليت حتتوي على حزمة من اإلصالحات اهلادفة إىل استمرارية املشاريع‬
‫املتعثرة ماليا واليت حتمل القدرة املناسبة للبقاء ‪.‬‬

‫ومثل هذا النظام ال ينطبق على التصرفات املدنية واليت حتتاج إىل الوفاء هبا وال تؤثر‬
‫بدورها على دورة االقتصاد يف البلد ‪ ،‬فنجد النظام املدين يلجأ عند تعذر السداد‬
‫إىل تصفية أموال املدين أو سجنه دون احلرص على استمرار نظامه املايل أو دعمه‬
‫ويف هذا فرق كبري يتضح لنا بني العمل التجاري واملدين ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اإلعذار ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫اإلعذار هو تصرف قانوين يقوم به الدائن يدعو فيه مدينه لتنفيذ التزامه أو للوفاء‬
‫مبا عليه من دين ‪.‬‬

‫فأحياان إذا جاء موعد السداد ومل يوجه الدائن إعذارا للمدين بوجوب السداد قد‬
‫يعتقد املدين أن أتخري السداد ممكن أو أنه ال يُسبب ضررا للدائن أو أن الدائن‬
‫موافق على منحه مهلة إضافية يف السداد ‪ ،‬وألجل كل هذه االحتماالت الواردة‬
‫فإن الدائن ينبغي عليه أن ينفي هذه االحتماالت بتوجيهه إعذارا للمدين يفيده‬
‫حبلول األجل ووجوب السداد حىت يقطع على املدين العذر يف ذلك ‪.‬‬

‫وحتقيقا هلذا املبدأ فإن كثريا من األنظمة تشرتط اإلعذار قبل الرفع للمحكمة لتوفري‬
‫اجلهد والوقت ونفي االحتماالت واألعذار اليت ميكن أن يعتقدها املدين يف مواجهة‬
‫الدائن ‪.‬‬

‫إال أن املنظم السعودي مل يطالب الدائن بتوجيه إعذار للمدين بل جيوز له مطالبته‬
‫ابلدين مباشرة دون احلاجة إلعذار‪.‬‬

‫ويبقى اإلعذار مشرعا يف كثري من األنظمة وله فائدة تقلل الوقت يف التقاضي‬
‫وتقطع االحتماالت يف اخلصومة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫معايير وطرق التمييز بين العمل المدني والتجاري‬

‫قد تكلمنا فيما سبق عن أمهية التفرقة بني العمل التجاري والعمل املدين ‪ ،‬ورأينا‬
‫أن هذه التفرقة يرتتب عليها اختالف احملكمة اليت يرفع أمامها النزاع‪ ،‬كما ختتلف‬
‫وسائل اإلثبات بني العمل التجاري والعمل املدين ‪ ،‬ابإلضافة إىل اختالف قواعد‬
‫التنفيذ وجواز إعطاء املهلة للمدين يف كليهما ‪ ،‬والسؤال الذي يطرح نفسه اآلن‬
‫هو كيف أفرق بني العمل التجاري والعمل املدين ؟ وما هي املعايري اليت أسلكها‬
‫حىت أقول أن هذا العمل جتاري أو هذا العمل مدين ؟ ‪.‬‬

‫واحلقيقة أن علماء النظام والقانون قد اختلفوا يف وضع املعيار املناسب للتفرقة بني‬
‫العمل التجاري والعمل املدين‪ ،‬ووجدت معايري كثرية لكين سأحتدث عن أمهها فيما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬معيار املضاربة ‪:‬‬

‫ونقصد ابملضاربة هنا استهداف احلصول على الربح ‪ ،‬فمن أخذ هبذا املعيار قال‬
‫كل ٍ‬
‫عمل يستهدف الربح هو عمل جتاري‪ ،‬والعمل الذي ال يهدف إىل الربح يُعد‬
‫عمالً مدنياً ‪،‬فجعل أصحاب هذا املعيار الربح هو األساس الذي يُصنف العمل‬
‫به جتارايً أو مدنياً ‪.‬‬

‫وإذا نظرت نظرة فاحصةً إىل هذا املعيار فإنك جتد أن الربح واحلصول عليه من‬
‫أهم مسات العمل التجاري ‪ ،‬فالتاجر عندما يشرتي شيئا فإنه يبيعه بسع ٍر أعلى‬
‫ابتغاء الربح الذي حيصل عليه من وراء ذلك ‪.‬‬

‫وبناء على هذا املعيار فإن نشاط اجلمعيات اخلريية وغري الرحبية ال يدخل يف العمل‬
‫التجاري حىت وإن اشرتوا منقوالت كالسيارات أو األاثث مث أعادوا بيعها لدعم‬

‫‪25‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اجلمعية وأنشطتها ‪ ،‬ألن اهلدف اآلن هنا ال يعترب الربح واالستفادة للبائع بل يعود‬
‫الريع والكسب إىل نشاط تلك اجلمعية ونشاطها إنساين أو اجتماعي أو ديين‬
‫وليس نشاطا جتاراي ‪.‬‬

‫نقد هذا املعيار ‪:‬‬

‫انتقاد مبين على أن مجيع أنشطة اإلنسان أو معظمها‬


‫قد ُوجه هلذا املعيار ٌ‬
‫عمل مدينٌ‬
‫يستهدف الربح حىت وإن كانت أنشطة غري جتارية ‪ ،‬فاملزارع مع أنه ٌ‬
‫ومع ذلك هو يستهدف الربح من بيع احملصوالت الزراعية اليت حيصدها سنواي‪،‬‬
‫عمل مدينٌ إال أهنما يستهدفان الربح‬
‫وكذلك الطبيب أو احملامي مع أن عملهما ٌ‬
‫أيضا ‪ ،‬فوجود هذا املعيار لتمييز العمل التجاري يُعد غري ٍ‬
‫دقيق حبكم أنه سيدخل‬
‫يف العمل التجاري أشخاص كثري ليسوا جتاراً وإمنا سيدخلون بسبب رغبتهم يف‬
‫الربح وهذا حبد ذاته جيعل هذا املعيار غري دقيق ‪.‬‬

‫أعمال ال تستهدف الربح وقد اتفقت األنظمة على أهنا‬


‫ٌ‬ ‫كما أنه ابملقابل هناك‬
‫جتارية مثل سحب الكمبياالت أو تظهريها ‪.‬‬

‫وابلتايل فإن هذا املعيار بعد ورود هذه االنتقادات املوجهة إليه ال يصلح أن يكون‬
‫معياراً يبىن عليه التفرقة بني العمل التجاري واملدين ‪.‬‬

‫اثنياً ‪ :‬معيار التداول ‪:‬‬

‫واملقصود ابلتداول هنا هو حترك املال يف أيدي املتعاملني به ‪ ،‬فالعمل الذي جيعل‬
‫املال ينتقل ويتحرك بني املتعاملني به يُعد عمالً جتارايً وأما العمل الذي يوصل‬
‫السلعة إىل املستهلك فإنه ال يعد جتارايً ألنه ال يساهم يف تداول الثروة ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫كما أنه ال يعترب العمل املتعلق ابلسلعة إذا كانت يف يد منتجها عمالً جتارايً ألنه‬
‫ال يساهم بنقل الثروة ‪ ،‬وكذلك األعمال اليت ترد على السلعة يف يد مستهلكها‬
‫يد ٍ‬
‫ليد أخرى ومل‬ ‫اليعد وفقاً هلذا املعيار عمالً جتارايً حبكم أن املال مل ينتقل من ٍ‬
‫حيدث هناك تداول للثروة ‪.‬‬

‫وأول من قال هبذا املعيار عامل فرنسي يُدعى اتلري ‪ ،‬وبناء على هذا املعيار فإن أي‬
‫ٍ‬
‫عمل يكون فيه تداول للمال يعد عمالً جتارايً وما ال فال ‪.‬‬

‫فالسمسرة والوكالة ابلعمولة والنقل يعد من األعمال التجارية وفقاً هلذا املعيار‪ ،‬أما‬
‫بيع العقارات فليس ٍ‬
‫بعمل جتاري ألنه يفتقر إىل التداول ‪.‬‬

‫نقد هذا املعيار ‪:‬‬

‫بناء على هذا املعيار فإن األساس يف احلكم على العمل هو تداول الثروة‪ ،‬لكن‬
‫األنظمة اتفقت على أن بعض األعمال ال تعترب جتارية وإن كان فيها تداول للثروة‬
‫مثل بيع اجلمعيات التعاونية السلع ألعضائها املشرتكني فيها بسعر التكلفة‪ ،‬فإن‬
‫هذه العمل ال يعد جتاراي ابتفاق املنظمني مع أن فيه تداول للثروة ‪ ،‬إذن هذا املعيار‬
‫غري دقيق بسبب أنه ال يشمل مجيع الصور اليت يتم فيها تداول الثروة ‪.‬‬

‫وابملناسبة فإن اجلمعيات التعاونية قد ال يعرف صورهتا البعض وهي أن جيتمع‬


‫أعضاء مؤسسون إلنشاء مجعية تعاونية متتلك متجرا ابمسها كسوبرماركت مثال وتبيع‬
‫املنتجات لكنها تقدم ألعضائها املؤسسني واملشرتكني فيها السلع بسعر التكلفة‬
‫وهي أحد صور التكافل االجتماعي وتوجد يف بعض الدول ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اثلثاً ‪ :‬معيار املقاولة ‪:‬‬

‫وهو من أشهر املعايري وأقرهبا للصحة ‪ ،‬ومعناه أن العمل يُعد جتارايً مىت ماقام به‬
‫صاحبه على وجه التكرار واالستمرار من خالل مشروع منظم له أدواته وآالته‬
‫وعماله ‪.‬‬

‫بشكل متكرٍر ومنظم له كيانه ومكانه وشعاره‬


‫فالشخص الذي ينتهج عمال معيناً ٍ‬
‫وامسه وعماله يعد اتجراً ‪ ،‬وأما الشخص الذي يقوم ابلعمل ملرةٍ أو مرتني دون أن‬
‫مقر أو اسم فال يُعد اتجراً وهكذا ‪.‬‬
‫يكون لنشاطه ٌ‬
‫واحلقيقة أن هذا املعيار من أقرب املعايري للصحة حيث أنه ميثل الواقع الذي نعيشه‬
‫بل وحىت بعض األنظمة نصت على ذلك كما نص نظام احملكمة التجارية السعودي‬
‫يف املادة الثانية منه على أن يعض األعمال اليُعد جتارايً إال إذا مت على وجه املقاولة‬
‫أو من خالل مشروع ‪.‬‬

‫نقد هذا املعيار ‪:‬‬

‫املشكلة يف هذا املعيار أنه يعترب عمل الطبيب مثال عمال جتارايً ألنه يتم بصورة‬
‫متكررة ومن خالل مقر هو العيادة أو املستشفى وبوجود عمال كاملمرضني‬
‫واإلداريني‪ ،‬وهذا مامل ينص عليه أي نظام ‪ ،‬حيث إن عمل الطبيب واحملامي من‬
‫األعمال املدنية غري التجارية ‪.‬‬

‫اخللصة ‪:‬‬

‫أنه ال يوجد معيار مل يسلم من النقد ‪ ،‬وكذلك فال يوجد معيار واحد اعتمد عليه‬
‫النظام لتحديد العمل التجاري من املدين ‪ ،‬بل أحياان أيخذ مبعيار املقاولة وهو‬
‫األكثر ‪ ،‬وأحياان أيخذ مبعيار احلرفة ‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫األعمال التجارية‬

‫أنواع األعمال التجارية‬

‫أعمال مختلطة‬ ‫أعمال تجارية تبعية‬ ‫أعمال تجارية أصلية‬

‫األعمال التجارية ليست على ٍ‬


‫حد سواء ‪ ،‬وإمنا ختتلف ابختالف النصوص النظامية‬
‫والقانونية اليت حتدد مدى اكتساب تلك األعمال للصفة التجارية من عدمها ‪،‬‬
‫فأحياان تكون تلك األعمال مكتسبة للصفة التجارية سواء أقام هبا التاجر أم‬
‫الشخص العادي وهذه تسمى األعمال األصلية ‪ ،‬وأحياان حىت نضفي عليها الصفة‬
‫التجارية البد أن يقوم هبا التاجر وهذه تسمى األعمال التبعية وسيأيت بيان كل‬
‫نوع من األنواع الثالثة سالفة الذكر أعاله فيما يلي من مباحث ‪.‬‬

‫فاألعمال األصلية تكون جتارية بغض النظر عن من قام هبا ‪ ،‬وهي نوعان إما أن‬
‫تكون منفردة تكتسب الصفة التجارية ولو بفعلها مرة واحدة ‪ ،‬أو تكون عن طريق‬
‫املقاولة فالبد من تكرارها حىت تكون جتارية ‪ ،‬وقد نص نظام احملكمة التجارية‬
‫السعودي يف املادة الثانية منه على مموعة من األعمال املنفردة وأخرى تتم عن‬
‫طريق املقاولة ‪ ،‬وهذا نص املادة الثانية ‪ " :‬يعترب من األعمال التجارية كل ماهو‬
‫آت ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مأكوالت وغريها ألجل بيعها حباهلا أو‬ ‫أغالل من‬ ‫ٍ‬
‫بضاعة أو ٍ‬ ‫كل شراء‬ ‫‪-1‬‬
‫بعد صناعة وعمل فيها ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫كل مقاو ٍلة أو ٍ‬


‫تعهد بتوريد أشياء أو عل ٍم يتعلق ابلتجارة ابلعمولة أو النقل‬ ‫‪-2‬‬
‫براً أو حبراً أو يتعلق ابحملالت املكاتب التجارية وحمالت البيع ابملزايدة يعين‬
‫احلراج ‪.‬‬
‫كل ما يتعلق بسندات احلوالة أبنواعها أو ابلصرافة والداللة ( السمسرة )‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫مجيع العقود والتعهدات احلاصلة بني التجار واملتسببني والسماسرة‬ ‫‪-4‬‬
‫والصيارفة والوكالء أبنواعهم ومجيع املقاوالت املتعلقة إبنشاء ٍ‬
‫مبان وحنوها‪.‬‬
‫كل ما يتعلق إبنشاء السفن التجارية أو الشراعية وإصالحها أو بيعها أو‬ ‫‪-5‬‬
‫شرائها يف الداخل واخلارج وكل ما يتعلق ابستئجارها أو بيع أو ابتياع آالهتا‬
‫وأدواهتا ولوازمها وأجرة عماهلا‪ ،‬ورواتب مالحيها وخدمها وكل إقراض أو‬
‫استقراض جيري على السفينة أو شحنها وكل عقود الضماانت املتعلقة هبا‬
‫ومجيع املقاوالت املتعلقة بسائر أمور التجارة البحرية ‪".‬‬

‫وهكذا فإننا نرى أن هذه املادة فصلت األعمال التجارية األصلية اليت ال حتتاج إىل أن‬
‫يقوم هبا اتجر حىت توصف ابلتجارية بل هي جتارية سواء أقام هبا اتجر حمرتف أو‬
‫شخص عادي ‪ ،‬لكن املادة دمت تلك األعمال املنفردة ‪ ،‬وتلك األعمال اليت تتم‬
‫بصورة متكررة ( املقاولة ) وسنفصل احلديث فيها فيما يلي ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫األعمال التجارية المنفردة‬

‫وهي األعمال اليت تعترب جتارية ولو وقعت مرة واحدة ‪ ،‬وبغض النظر عن صفة من قام‬
‫هبا سواء أكان اتجراً أو شخصاً عاداي ‪ ،‬وهي مموعة من األعمال نصت عليها املادة‬
‫الثانية من نظام احملكمة التجارية كما يلي ‪:‬‬

‫شراء املنقول ألجل البيع أو التأجري ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫األعمال املتعلقة ابألوراق التجارية ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أعمال البنوك والصرافة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫السمسرة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أعمال التجارة البحرية ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫األول من األعمال التجارية املنفردة ‪ :‬شراء املنقول ألجل البيع أو التأجري ‪:‬‬

‫وهو من أهم األعمال التجارية والذي يقع يوميا وهو من أشهر الصور التجارية واملتبادر‬
‫إىل الذهن عن إطالق لفظ األعمال التجارية ‪ ،‬وكما سبق رأينا املادة الثانية من نظام‬
‫ٍ‬
‫بضاعة‬ ‫احملكمة التجارية يف أول فقرة منها قد نصت على أنه يعد جتارايً ‪ " :‬كل شراء‬
‫ٍ‬
‫مأكوالت وغريها ألجل بيعها حباهلا أو بعد صناعة وعمل فيها " ‪.‬‬ ‫أو ٍ‬
‫أغالل من‬

‫دليل على أهنا أشهر الصور اليت يتم تداوهلا يف واقع الناس‬
‫وبدء النظام هبذه الفقرة ٌ‬
‫التجاري اليومي ‪ ،‬وهذا العمل من أكثر طرق تداول الثروات وتناقلها بني األشخاص‪،‬‬
‫فالشخص الذي يشرتي بضائع يهدف منها إىل الربح والثروة وكذلك املوزع الذي أيخذ‬
‫منه واتجر التجزئة وهكذا ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫ويف احلقيقة عند إمعان الظر يف هذه املادة جند أهنا وضعت أربعة شروط هلذا العمل‬
‫حىت يعترب جتاراي وهذا الشروط هي ‪:‬‬

‫أن يكون هناك شراء ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أن يقع الشراء على منقول ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يكون الشراء ألجل إعادة البيع ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن يكون اهلدف من ذلك الربح ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫وسأفصل احلديث عن هذه الشروط وشرحها فيما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬أن يكون هناك شراء ‪:‬‬

‫والشراء هنا معناه حصول الشخص على املنتج الذي يريد بيعه عن طريق املعاوضة‬
‫إما بقيمة نقدية أو بعني من األعيان اليت يقايض هبا ‪.‬‬

‫وقد يستاءل شخص ملاذا هذا الشرط ؟ واجلواب حىت ال يعترب بيع ما حصل عليه‬
‫الشخص عن طريق املرياث أو اهلبة أو الوصية تعامالً جتارايً‪ ،‬فمن حصل على‬
‫بضاعة عن طريق املرياث من أبيه املتوىف مث ابعها فإن هذا ال يعترب داخالً يف هذه‬
‫املادة وابلتايل فإنه ال يعترب عمالً جتاراي ‪ ،‬ألنه مل يقم بشراء تلك البضائع وإمنا‬
‫جاءته ماانً من مرياثه ألبيه ‪.‬‬

‫وكذلك من حصل على البضاعة عن طريق إنتاجه املادي كاملزارع الذي يزرع األرض‬
‫أو إنتاجه الذهين كاملؤلف والشاعر وغريمها من أصحاب اإلنتاج الذهين ‪ ،‬ألن‬
‫تلك املنتجات مل يسبقها عملية شراء وابلتايل فهي ال تعد عمالً جتاراي ولو كان‬
‫الكسب منها أكثر ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وهنا حيسن بنا أن نتحدث قليال عن تلك املنتجات البشرية اليت ال تدخل حتت‬
‫النشاط التجاري وأوهلا ‪:‬‬

‫• النشاط الزراعي ‪:‬‬

‫قد اتفقت القوانني على أن النشاط الزراعي ال يدخل يف دائرة القانون التجاري ‪،‬‬
‫والزراعة أصال يف التأريخ البشري سابقة للتجارة فهي قد عُرفت للبشر قبل معرفة‬
‫التجارة‪ ،‬كما أن األساس يف تنظيم العالقات الزراعية هو القانون املدين ولذلك يصعب‬
‫جعلها ضمن نطاق القانون التجاري ‪.‬‬

‫وهنا قد يتساءل أحدكم فيقول إن املزارع مل حيصل على منتجاته دون شراء‪ ،‬بل قد‬
‫اشرتى البذور واشرتى املعدات واشرتى األمسدة وغري ذلك فيعترب عمله جتاراي ألنه قد‬
‫سبقه شراء ؟‬

‫واحلقيقة أن هذا غري صحيح‪ ،‬فالبذور اليت اشرتاها أو األمسدة مل يقصد منها بيعها‪،‬‬
‫ولو ابع تلك البذور أو املعدات بعد أن اشرتاها لقلنا أنه عمل جتاري ‪ ،‬لكنه زرع‬
‫البذور مث حتولت تلك البذور بقدرة هللا تعاىل إىل حقيقة أخرى وشكل آخر جديد له‬
‫قيمة خمتلفة وطلب جتاري خمتلف ولذلك نقول إن تلك املنتجات مل حيصل عليها بطريق‬
‫الشراء وإمنا حصل عليها بطريق اإلنتاج املادي الزراعي ‪.‬‬

‫وبطبيعة احلال فإن كل أعمال الزراعة أعمال مدنية سواء البذور أو األمسدة أو عقود‬
‫العمال الزراعيني أو استئجار احلصادات جلمع احملصول وأكياس التعبئة وعقود حفر‬
‫اآلابر الزراعية وهكذا ‪ ،‬فإن كل هذه األعمال أعمال مدنية وليست جتارية ألهنا متعلقة‬
‫ابلعمل املدين وهو اإلنتاج الزراعي ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وكذلك فإننا ال ننسى حتويل املزارع إلنتاجه من القمح إىل دقيق أو احلليب إىل جنب‬
‫فإن كل هذا يعترب عمال مدنيا ‪ ،‬إال إذا توسع يف ذلك وقام بشراء القمح من جريانه‬
‫املزارعني أو احلليب منهم فإن ذلك يتحول إىل ٍ‬
‫عمل جتاري ألنه اشرتى منهم بقصد‬
‫البيع والربح ‪.‬‬

‫وجيدر اإلشارة هنا إىل أن حديثنا عن املزارعني الذين يشتغلون يف أراضيهم اخلاصة ‪،‬‬
‫أما إذا متت الزراعة عن طريق شركات تستثمر مموعات كبرية من األراضي وتستعني‬
‫خبرباء ومعدات ضخمة على شكل ٍ‬
‫عمل مؤسسي فإن هذا يعترب عمالً جتارايً ألنه‬
‫يستلزم رؤوس أموال كبرية وعمالً جتارايً منظماً ‪.‬‬

‫• املهن احلرة ‪:‬‬

‫وهي املهن اليت يقوم هبا بعض أفراد اجملتمع من خالل اكتساهبم مموعة من املعارف‬
‫والعلوم مثل احملامي والطبيب واملهندس والصيديل وغريهم ‪.‬‬
‫وهذه املهن احلرة تعترب أعماالً مدنية وإن احرتفها الشخص وصارت مصدر ٍ‬
‫رزق له‪،‬‬
‫ألنه ال يقوم بشراء شيء فيبيعه وإمنا يوظف مهاراته وخرباته ومعارفه فما حيصل عليه‬
‫يف املقابل يعترب أجراً لتعبه الشخصي وليس جتارة حىت ولو كرر هذا الفعل مراراً وتكراراً‬
‫وكسب منه الكثري من املال فإنه ال يعترب عمال جتاراي ‪.‬‬

‫وقد يتساءل أحدكم عن مدى جتارية فعل الطبيب حينما يبيع ملرضاه األدوية اليت‬
‫اشرتاها من شركات تصنيع األدوية ؟ فنقول إنه عمل مدين مادام الطبيب مقتصراً‬
‫على مرضاه فقط ‪ ،‬ألن األساس هنا هو عمل الطبيب مع مرضاه وهو التشخيص‬
‫والعناية وأما بيعهم الدواء فهو مسألة اتبعة لذلك وغري مقصودة بذاهتا ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫أما الصيديل فإن تصنيف عمله خيتلف ابختالف طبيعته ‪ ،‬فإذا كان هو من يُصنع‬
‫الدواء مث يبيعه فإن هذا العمل يعترب عمالً مدنيا ‪ ،‬أما إذا كان يشرتي الدواء من‬
‫الشركات الدوائية مث يعيد بيعه على الناس فإن هذا من قبيل األعمال التجارية املنفردة‬
‫ألن شروط العمل التجاري األربعة قد حتققت فيه ‪.‬‬

‫• اإلنتاج الذهين ‪:‬‬

‫ونقصد به هنا األعمال اليت تنتج من ذهن اإلنسان وفكره مثل أتليف الكتب ورسم‬
‫اللوحات واالخرتاعات ‪ ،‬فإن تلك األعمال تعترب من قبيل األعمال املدنية ال التجارية‪،‬‬
‫ألنه مل يش ِرت ذلك اجملهود وإمنا كان مثرة تعبه وجهده فهو عمل مدين ال جتاري ‪.‬‬

‫أما دور النشر والطباعة فإن عملهم عمل جتاري ذلك ألنه يقوم على املضاربة على‬
‫اإلنتاج الذهين للغري وعملهم يقوم على التوسط بني املؤلف وبقية الناس هبدف الربح‬
‫وهم يقومون بشراء حقوق النشر من املؤلف فعملهم عمل جتاري ال مدين ‪.‬‬

‫اثنياً ‪ :‬أن يقع البيع على املنقول ‪:‬‬

‫وهذا مستفاد من نص املادة الثانية من نظام احملكمة التجارية اليت نصت على أنه يعد‬
‫ٍ‬
‫مأكوالت وغريها ألجل بيعها حباهلا أو بعد‬ ‫بضاعة أو ٍ‬
‫أغالل من‬ ‫ٍ‬ ‫جتارايً ‪ " :‬كل شراء‬
‫صناعة وعمل فيها " ‪.‬‬

‫واملنقول عكس العقار ‪ ،‬فاملنقول هو الشيء الذي ميكن حيازته ماداي ونقله من مكان‬
‫إىل آخر دون أن يتلف ‪ ،‬مثل البضائع والسيارات وغريها ‪ ،‬ولذلك ُمسي القانون‬
‫التجاري بقانون املنقوالت ألن األصل يف أعمال العقار أن تكون مدنية ‪ ،‬فشراء‬
‫شخص لعقار بقصد بيعه بربح بعد فرتة عده املنظم السعودي عمالً مدنيا ال جتارايً‬
‫وذلك لوجود فكرة االحتفاظ برأس املال ملدة طويلة ال فكرة املضاربة التجارية ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫إال أن بيع العقار إذا أخذ شكل االستثمار املنظم عن طريق شركات عقارية مثل شراء‬
‫أرض كبرية مث تقسيمها وتطويرها عقاراي وإدخال اخلدمات املتنوعة مثل املاء والكهرابء‬
‫واالنرتنت مث إعادة بيعها بقيمة أعلى فهذا يُعد عمال جتارايً نظرا لوجود فكرة املضاربة‬
‫التجارية طاغية على هذا التعامل ‪.‬‬

‫وبنفس الكالم نقول عن التأجري إذا األصل يف أتجري العقار أن يكون عمالً مدنياً إال‬
‫إذا أدخل معه بيع اخلدمات مثل اخلدمات الفندقية اليت تقدم األغذية وغسل املالبس‬
‫فإن هذا يضفي على العقد الصبغة التجارية ‪.‬‬

‫الشرط الثالث والرابع ‪ :‬أن يقصد بيعه مرة أخرى لتحقيق الربح ‪.‬‬

‫فإذا اشرتى اإلنسان شيئا الستهالكه واستعماله فإن هذا يعد عمالً مدنياً ولو تغري رأيه‬
‫الحقاً فباعه بربح فإن هذا يُعد عمالً مدنياً ال جتارايً ‪.‬‬

‫والعربة ابلقصد حني الشراء وليس مبا يطرأ الحقا ‪ ،‬فلو اشرتاه بقصد بيعه مرة أخرى‬
‫مث غري رأيه لالحتفاظ به واستهالكه فإنه يبقى عمالً جتارايً ال مدنياً ‪ ،‬والعكس صحيح‬
‫‪ ،‬فلو اشرتاه بقصد االحتفاظ به مث بدا له أن يبيعه فإن هذا يبقى عمالً جتارايً ألن‬
‫العربة ابلقصد حني الشراء وليس مبا يطرأ الحقا على النية ‪.‬‬

‫وأما ابلنسبة للشرط الرابع وهو نية الربح فإن هذا الشرط ُوضع حىت خيرج منه عمل‬
‫اجلمعيات التعاونية اليت تشرتي البضائع لتبيعها مرة أخرى بسعر التكلفة على مشرتكيها‪،‬‬
‫فإن مثل هذه العمل يعترب عمالً مدنياً النتفاء نية الربح فيه ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫الثاين من األعمال التجارية املنفردة ‪ :‬األوراق التجارية ‪:‬‬

‫األوراق التجارية هي حمررات مكتوبة وفق أشكال معينة حددها النظام تفصيال ‪ ،‬قابلة‬
‫للتداول ابلطرق التجارية ومتثل حقا يف مبلغ معني واجب الدفع عند االطالع أو يف‬
‫ميعاد معني أو قابل للتعيني ‪.‬‬

‫وقد حدد النظام السعودي ثالثة أشكال لألوراق التجارية وهي ‪ :‬الشيك ‪ ،‬والسند‬
‫ألمر ‪ ،‬و ِ‬
‫الكمبيالة ‪.‬‬

‫• الشيك ‪ :‬هو مستند كتايب صادر من الساحب ( صاحب احلساب ) إىل‬


‫املسحوب عليه ( البنك ) مببلغ معني لصاحل شخص معني ( املستفيد ) ‪.‬‬

‫فله ثالثة أطراف صاحب احلساب والبنك واملستفيد الذي سيأخذ املبلغ ‪ ،‬وهو أداة‬
‫وفاء وليس أداة ضمان ‪ ،‬ومعىن ذلك أنه ال جيوز أخذ الشيك ملدة طويلة تتجاوز‬
‫الشهر ألن ذلك يعترب ضماان للدين وهذا الجيوز ضماان حيث إن الشيك وفاء ال‬
‫ضمان بعكس بقية األوراق التجارية األخرى ‪ ،‬وهذا منوذج للشيك ‪:‬‬

‫اسم البنك وشعاره‬ ‫شيك‬

‫حرر يف ‪............. :‬‬ ‫أترخيه ‪................. :‬‬

‫ادفعوا مبوجب هذا الشيك ألمر ‪ ( ........................................... :‬املستفيد )‬

‫ورقما ‪........‬‬ ‫مبلغا وقدره ‪ ...................................‬كتابة‬

‫اسم الساحب ‪.............. :‬‬

‫توقيعه ‪............ :‬‬

‫‪37‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫• ِ‬
‫الكمبيالة ‪ :‬وهي مستند كتايب صادر من الساحب وموجه إىل املسحوب‬
‫عليه ( شخص عادي ) تتضمن دفع مبلغ معني لصاحل طرف اثلث يسمى‬
‫( حامل الكمبيالة أو املستفيد ) ‪.‬‬

‫فأطرافها أيضا ثالثة وهم الساحب واملسحوب عليه واحلامل ‪ ،‬والفرق بينها وبني الشيك‬
‫أن املسحوب عليه يف الشيك البد ان يكون بنكاً ‪ ،‬أما املسحوب عليه يف الكمبيالة‬
‫فهو شخص عادي ‪ ،‬والكمبيالة أداة ضمان ووفاء ‪ ،‬مبعىن أنه جيوز أخذها لضمان‬
‫دين يزيد أتريخ وفائه عن شه ٍر بعكس الشيك الذي الجيوز أن يتجاوز أتريخ وفائه‬
‫شهرا ‪ ،‬وهذا منوذج للكمبيالة ‪:‬‬
‫كمبيالة‬
‫مبلغ ‪ ................ :‬روبية إندونيسي‬ ‫يف ‪2020\1\1 :‬م‬
‫إىل ‪ (....................... :‬اسم الشخص املسحوب عليه )‬
‫وعنوانه ‪........................................ :‬‬
‫ادفعوا مبوجب هذه الكمبيالة لـ ‪ (......................... :‬اسم املستفيد )‬
‫املبلغ املوضح أعاله وقدره ‪ ..................... :‬يف ‪ 2020\1\1‬م ( اتريخ االستحقاق )‬
‫توقيع الساحب ‪............ : :‬‬
‫االسم ‪......... :‬‬
‫العنوان ‪............ :‬‬

‫• السند ألمر ‪ :‬وهو ورقة مكتوبة تتضمن بياانت معينة يتعهد فيها كاتبها‬
‫بدفع مبلغ معني حلامل تلك الورقة يف أتريخ معني ‪.‬‬

‫فالسد ألمر له طرفان ومها حمرره الدافع والطرف اآلخر املستفيد ‪ ،‬وهو من أقوى األوراق‬
‫التجارية حيث أنه ال حيتاج أطرافا كثرية وال حيتاج إىل بيان سببه بل يكفي أن يكون‬
‫فيه التعهد ابلدفع بغض النظر عن سبب ذلك التعهد ‪ ،‬وهذا منوذج للسند ألمر ‪. :‬‬

‫‪38‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫سند ألمر‬
‫مكان إنشاء السند ‪ ..... :‬أتريخ إنشائه ‪ ....... :‬مبلغ السند ‪ ........... :‬روبية اندونيسي‬
‫أتعهد أبن أدفع مبوجب هذا السند ألمر ‪ ( .................. :‬اسم املستفيد ) مبلغا وقدره ‪.... :‬كتابة‬
‫يف ‪ .....\...\...‬م ( أتريخ االستحقاق )‬
‫توقيع حمرر السند ‪............ : :‬‬
‫االسم ‪......... :‬‬

‫وأساس انتشار هذه األوراق التجارية هو سهولة نقل املال من خالهلا ‪ ،‬وابلتايل فإهنا‬
‫مضمونة ‪ ،‬ولكن جيب االنتباه إىل وجوب استيفاء كافة اجلوانب الشكلية النظامية‬
‫املطلوب تواجدها يف تلك الورقة ‪ ،‬فمثال عدم كتابة مكان حترير الشيك يُعد عيباً‬
‫مبطال ألثره وهكذا ‪.‬‬

‫وهذه األوراق التجارية من األعمال التجارية املنفردة ‪ ،‬فأي تعامل هبا يُعد عمالً جتارايً‬
‫حىت لو كان املتعامل هبا شخصا مدنياً ‪ ،‬ولذلك فإن أي خالف ينشأ عن تلك األوراق‬
‫التجارية فإن االختصاص بنظره يكون للمحاكم التجارية وليس احملاكم املدنية ‪ ،‬وكذا‬
‫فإن قواعد اإلثبات فيها أكثر مرونة وتعدداً من األوراق املدنية مثل عقود النكاح وغريها‬
‫من األوراق املدنية ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫الثالث من األعمال التجارية املنفردة ‪ :‬الصرافة وأعمال البنوك ‪:‬‬

‫قد نص املنظم السعودي على اعتبار الصرافة عمالً جتارايً‪ ،‬وال يشرتط هلا أن تتم بصورة‬
‫متكررة حىت تعترب عمالً جتارايً ‪ ،‬والصرافة معناها مبادلة عملة بعملة أخرى ‪ ،‬كالروبية‬
‫ابلرايل مثال ‪ ،‬وتقوم هبا البنوك الستحصال الربح الذي حيصلون عليه من الفرق بني‬
‫العملتني ‪ ،‬فالفرق بني سعر بيع العملة وسعر شرائها هو الربح الذي حيصل عليه من‬
‫هذه العملية ‪.‬‬
‫وقد يكون الصرف يدواي وذلك أبن يتم التبديل يف مكان واحد يداً ٍ‬
‫بيد ‪ ،‬وقد يكون‬
‫مسحواب يف دولة أخرى فتعطى العملة يف دولة وحيصل عليها شخص آخر يف دولة‬
‫أخرى ‪ ،‬كتحويل الرايل السعودي ليستلمه شخص يف إندونيسيا فإنه مير بعملية الصرافة‬
‫والتحويل ‪.‬‬

‫عمل جتاري بشرط أن يقصد منه حتقيق الربح ‪ ،‬لكن إذا مل‬
‫وهذا العمل ( الصرافة ) ٌ‬
‫يقصد فيه حتقيق الربح فإنه ال يعترب عمالً جتارايً ‪ ،‬وحيدث ذلك مع كثري من املسافرين‬
‫الذي يسافرون إىل السعودية من إندونيسيا فتجد صديقاً هلم يعطيهم مبلغاً من املال‬
‫إلعطائه البنه أو بنته اليت تعيش هناك ‪ ،‬أو العكس ‪ ،‬والغاية من قبول الشخص نقل‬
‫ذلك املال وصرفه وإيصاله هو املساعدة والتعاون فقط وليس القصد التجارة ‪.‬‬

‫أما أعمال البنوك فقد استقر القضاء على اعتبارها اعمالً جتارية حىت وإن مل تكن‬
‫مذكورة يف نص النظام ‪ ،‬وتشمل أعمال البنوك ‪:‬‬

‫• قبول الودائع اليت تستخدم إلقراض اجلمهور‪.‬‬


‫• االعتمادات التجارية ‪.‬‬
‫• احملافظ االستثمارية ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫• أتجري اخلزائن داخل البنوك ‪.‬‬


‫• حتصيل قيمة األوراق التجارية ‪.‬‬

‫وغري هذه األعمال من األعمال اليت تقوم هبا البنوك‪ ،‬فهذه األعمال جتارية ابلنسبة‬
‫للبنك ‪ ،‬لكنها ابلنسبة إىل العميل فإهنا ختتلف ابختالف حال العميل‪ ،‬فإذا كان‬
‫العميل شخصا غري اتجر واقرتض لغري التجارة كالزواج او الدراسة أو بناء املسكن فإن‬
‫عمله مدين ابلنسبة له وجتاري ابلنسبة للبنك ‪ ،‬فإذا حدثت مشكلة وأراد البنك أن‬
‫يرفع دعوى ضد العميل املدين فغنه يرفعها أمام احملكمة املدنية ‪ ،‬أما إذا أراد العميل‬
‫العادي رفع شكوى ضد البنك فغنه يرفعها أمام احملكمة التجارية ‪.‬‬

‫واما إذا كان العميل اتجراً واقرتض ألجل جتارته فإن العمل جتاري ابلنسبة للبنك‬
‫وابلنسبة للتاجر كذلك ‪.‬‬

‫الرابع من األعمال التجارية املنفردة ‪ :‬السمسرة ‪:‬‬

‫السمسرة هي قيام الشخص ابلتقريب بني متعاقدين ليربما اتفاقاً مقابل حصوله على‬
‫عمولة تكون يف العادة نسبة مئوية من قيمة الصفقة ‪.‬‬

‫والشخص الذي يعمل هبذا العمل يسمى ( ِمسسار ) أو ( َداالل ) ‪ ،‬وهو ليس من‬
‫أطراف العقد ‪ ،‬وإمنا هو وسيط بينهما يقوم بتقريب وجهات النظر واملساعدة على‬
‫إبرام العقد مبقابل مايل أيخذه عادة من املشرتي ‪ ،‬وميكن أن أيخذه من البائع حبسب‬
‫اختالف األعراف والعادات التجارية من ٍ‬
‫بلد إىل آخر ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫فالسمسار يعترب اتجراً وإن قام ابلعمل مرة واحدة ‪ ،‬فالسمسرة من األعمال التجارية‬
‫اليت ال حتتاج إىل تكرار العتبارها عمالً جتارايً بل يكفي عملها مرةً واحدةً لتكون عمالً‬
‫جتارايً ‪.‬‬

‫وينبغي التنبيه هنا على أن السمسار قد يتوسط بعقد مدين مثل عقد بيع مسكن من‬
‫شخص إىل آخر ‪ ،‬ومع ان العقد ليس جتاراي ابلنسبة ألطرافه إال أن العمل جتاري‬
‫ابلنسبة للسمسار ‪ ،‬فينبغي التنبه هلذا ‪.‬‬

‫اخلامس من األعمال التجارية املنفردة ‪ :‬التجارة البحرية ‪:‬‬

‫قد نص املنظم على أن مجيع اعمال املقاوالت التجارية البحرية أعمال جتارية‪ ،‬وقد‬
‫عدد بعضا منها على سبيل املثال ال احلصر وهي ‪:‬‬

‫كل عمل يتعلق إبنشاء سفن جتارية او شراعية وإصالحها أو بيعها أو‬ ‫‪-1‬‬
‫شرائها يف الداخل أو اخلارج أو استئجارها أو أتجريها ‪.‬‬
‫كل ما يتعلق ببيع أو ابتياع آالت السفن وأدواهتا ولوازمها وأجرة عماهلا‬ ‫‪-2‬‬
‫ورواتب مالحيها وخدمها ‪.‬‬
‫كل إقراض أو استقراض جيري على السفينة أو شحنها وكل عقود‬ ‫‪-3‬‬
‫الضماانت املتعلقة هبا ومجيع املقاوالت املتعلقة بسائر أمور التجارة البحرية‬
‫‪.‬‬

‫وهذه على سبيل املثال فقط فاألعمال الواردة على السفينة من أعمال املقاوالت‬
‫كثرية ‪ ،‬فأي عمل مت عليها فهو عمل جتاري ابلنسبة لصاحب السفينة أو ُم ِهزها‬

‫‪42‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وهو عمل جتاري منفرد ال حيتاج إىل تكرار حىت نعتربه جتارايً ‪ ،‬بل يكفي فيه عمله‬
‫ملرة واحدة حىت يعترب جتاراي ‪.‬‬

‫أما ابلنسبة للطرف اآلخر فإنه خيتلف ابختالف صفته ‪ ،‬فالعامل مثال على السفينة‬
‫رجل مدين والعقد مع صاحب السفينة ابلنسبة له مدين لكنه جتاري ابلنسبة‬
‫لصاحب السفينة وهكذا ‪.‬‬
‫وأما شراء ٍ‬
‫خيت أو ٍ‬
‫قارب الستخدامه العائلي للنزهة فهو عمل مدين ليس بتجاري‬
‫لعدم وجود نية املضاربة وحتقيق الربح من هذا العمل ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫األعمال التجارية بالمقاولة‬

‫مر معنا سابقا أن األعمال التجارية األصلية نوعان إما منفردة أو ابملقاولة ‪ ،‬فاألعمال‬
‫التجارية املنفردة هي األعمال اليت يكفي أن تُفعل مرةً واحدةً لتكون جتارية ‪،‬‬
‫وسنتحدث اآلن عن النوع اآلخر من األعمال التجارية األصلية وهي األعمال التجارية‬
‫ابملقاولة ‪ ،‬فقد نص النظام على مموعة من االعمال التجارية لكنه اشرتط لكوهنا‬
‫جتارية أن تفعل على وجه املقاولة ‪ ،‬أي أن تكون متكررة وليست مرةً واحدة ‪ ،‬وان‬
‫تكون يف إطار تنظيم معني يشمل مموعة من الوسائل املادية والقانونية الالزمة ملمارسة‬
‫ذلك النشاط كاستخدام مموعة من العمال ومجع مواد اإلنتاج ‪ ،‬واالستقرار يف مكان‬
‫معني هلذا العمل املتكرر ‪.‬‬

‫وميكن القول أبن األعمال التجارية ابملقاولة تشمل ما يلي ‪:‬‬

‫‪ o‬مقاوالت الصناعة ‪.‬‬


‫‪ o‬مقاوالت التوريد ‪.‬‬
‫‪ o‬مقاوالت الوكالة ابلعمولة ‪.‬‬
‫‪ o‬مقاوالت النقل ‪.‬‬
‫‪ o‬مقاولة احملالت واملكاتب التجارية ‪.‬‬
‫‪ o‬مقاولة البيع ابملزاد العلين ‪.‬‬
‫‪ o‬مقاولة إنشاء املباين ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫ولبيان معىن كل مقاولة من مما سبق فإنين سأتطرق هلا مبزيد من اإليضاح كما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬مقاوالت الصناعة ‪:‬‬

‫ومعىن الصناعة هنا هو حتويل املواد األولية إىل مواد أخرى نصف مصنوعة أو مصنوعة‬
‫كامال حبيث تكون جاهزة لالستخدام النهائي ‪.‬‬

‫ومثال املواد املصنعة نصف تصنيع القطن إذا حولناه إىل خيوط فإنه نصف تصنيع‬
‫اليستفيد منه املستهلك النهائي ‪ ،‬فإذا حولنا القطن إىل قميص أو ثوب يلبس فإنه‬
‫يصبح مصنعا تصنيعا كامال يستفيد منه املستهلك العادي ‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن القانون الفرنسي مثال عندما وضع قواعد التجارة مل يُشر إىل الصناعة‬
‫ألن الصناعة مل تكن موجودة يف ذلك الوقت ابلصورة احلالية وإمنا كانت على صورة‬
‫شراء منتجات وبيعها ‪ ،‬إال أن صورة الصناعة احلالية ختتلف اختالفا كبريا عن السابق‪.‬‬

‫ولذلك ميكننا أن نقول إن النشاط الصناعي إذا مت عن طر ٍيق منظم ويف مقر معني‬
‫وبرأس مال كبري يهدف إىل التكسب من حتويل تلك املواد األولية إىل مو ٍاد أخرى تباع‬
‫للجمهور مباشرة فإن ذلك يعترب عمالً جتارايً ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬مقاوالت التوريد ‪:‬‬

‫ٍ‬
‫لشخص آخر أشياءً‬ ‫شخص أن يسلم‬
‫ٌ‬ ‫وتعريف عقد التوريد هو ‪ :‬عق ٌد يتعهد مبقتضاه‬
‫يف مواعيد دورية أو ملدةٍ معينة ‪.‬‬

‫ومثاله تعاقد الشخص مع مدرسة أو مستشفى لتوريد األغذية هلا يوميا ‪ ،‬أو اتفاق‬
‫شخص مع منشأة لتوريد املياه أو أحد السلع اليت حتتاجها يوميا وهكذا ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫والشك أن التوريد يعترب جتاراي إذا سبقه شراء ‪ ،‬فإن ِ‬


‫املورد إذا اشرتى األشياء مث ابعها‬
‫جتاري واضح ‪ ،‬لكن اخلالف بني فقهاء القانون وقع‬
‫عمل ٌ‬ ‫على من اتفق معه فإن هذا ٌ‬
‫فيما لو كان املورد ال يشرتي تلك األشياء وإمنا يزرعها أو حيوهلا من مزرعته كتعهد‬
‫شخص بتوريد طماطم إىل مطعم ‪ ،‬وتلك الطماطم من إنتاج مزرعته ‪ ،‬أو تعهد شخص‬
‫بتوريد أجبان إىل مطعم ‪ ،‬وتلك األجبان من ألبان البقر الذي يرعاه يف مزرعته وهكذا‬
‫‪ ،‬ففي صورة هذه املسألة انقسم فقهاء القانون إىل فريق يعتربها عمال مدنيا بناء على‬
‫القاعدة اليت قررانها سابقا يف أن املنتج إذا مل يسبقه شراء فإنه يعترب عمالً مدنيا ‪،‬‬
‫وفريق اعتربها عمالً جتارايً ألهنا متت عن طريق املقاولة ‪ ،‬والصحيح أهنا تعترب عمالً‬
‫بيع لشيء مت شراؤه سابقاً وإمنا‬ ‫ِ‬
‫جتارايً ‪،‬ألن اكتساهبا للصفة التجارية مل أيت من أهنا ٌ‬
‫اكتسبت الصفة التجارية بسبب املقاولة ‪.‬‬

‫اثلثا ‪ :‬مقاولة الوكالة ابلعمولة ‪:‬‬

‫قد يكون هناك خلط بني الوكيل العادي والوكيل ابلعمولة ولذلك البد أن نعرف الوكيل‬
‫ابلعمولة ‪ ،‬فعقد الوكالة ابلعمولة هو ‪ :‬عق ٌد يلتزم مبقتضاه شخص يسمى ( الوكيل‬
‫ابلعمولة ) أبن يقوم بتصرف قانوين ابمسه الشخصي لفائدة ( املوكل ) مقابل أج ٍر‬
‫يسمى العمولة ‪.‬‬

‫وقد نص نظام احملكمة التجارية على جتارية الوكالة ابلعمولة يف املادة ‪\2‬ب ومساها‬
‫يد ليشرتي خالد بضاعة من مصنع‬ ‫التجارة ابلعمولة ‪ ،‬ومثاهلا أن يعقد خال ٌد عقداً مع ز ٍ‬
‫مال بس وملكيتها تكون لزيد ‪ ،‬فاملشرتي خالد والبائع مصنع املالبس ‪ ،‬وال يظهر يف‬
‫العقد اسم زيد ‪ ،‬لكن ملكيتها احلقيقية بناء على عقد الوكالة ابلعمولة تعود لزيد وليس‬
‫إىل خالد ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وختتلف الوكالة ابلعمولة عن الوكالة العادية ‪ ،‬ألن الوكيل العادي يربم العقد ابلنيابة عن‬
‫ذكر يف العقد ‪.‬‬
‫املوكل ‪ ،‬وال يكون للوكيل ٌ‬
‫كذلك فإن آاثر العقد من انتقال امللكية وغريها تضاف إىل املوكل وليس إىل الوكيل‪.‬‬

‫لكن يف الوكالة ابلعمولة فإن الوكيل يربم العقد ابمسه وليس نيابة عن غريه ‪ ،‬وال يظهر‬
‫اسم املوكل يف العقد أبدا مع انصراف اآلاثر إىل املوكل ‪.‬‬

‫كذلك فإن الوكيل ابلعمولة خيتلف عن السمسار ‪ ،‬فالسمسار ال يرد امسه يف العقد‬
‫وال يعقد العقد ومهمته هي التقريب بني وجهات النظر وإزالة العوائق اليت حتول بني‬
‫الطرفني إلبرام العقد ‪.‬‬

‫وهنا قد يرد سؤال وهو ‪ :‬ملاذا يلجأ بعض األشخاص إىل الوكالة ابلعمولة وحيرص على‬
‫عدم ظهور امسه يف العقد ؟‬

‫واجلواب أن الوكالة يف العمولة غالبا تنشأ يف تعامالت الشركات ‪ ،‬حيث إن بعض‬


‫الشركات تشرتط سجالً ائتمانيا معيناً ملن يقوم ابلتعاقد معها ‪ ،‬وقد اليتوافر ذلك‬
‫السجل لدى هذا الشخص فيلجأ للتعاقد مع شخص حيمل هذا السجل لكي حيصل‬
‫على تلك البضائع ‪.‬‬

‫ومقاولة العمولة عمل جتاري دائما ابلنسبة للوكيل ابلعمولة ألن النظام قد نص على‬
‫ذلك سواء كانت يف أعمال جتارية أومدنية ‪ ،‬لكنها ابلنسبة للموكل ختتلف ابختالف‬
‫العمل املتعاقد عليه ‪.‬‬

‫ومثال ذلك توكيل البائع شخصا آخر ابلعمولة ليبيع له املنتجات املتوافرة لديه ‪ ،‬فاملوكل‬
‫هنا اتجر ‪ ،‬اما لو وكل املزارع شخصا آخر ابلعمولة فإن هذا العمل ابلنسبة للمزارع‬
‫مدين‪ ،‬مع أن العمل يف كال الصورتني جتاري ابلنسبة للوكيل ابلعمولة ‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫رابعاً ‪ :‬مقاولة النقل ‪:‬‬

‫وميكننا أن نعرف عقد النقل أبنه ‪ " :‬عقد يلتزم مبقتضاه الناقل بنقل بضائع أو‬
‫أشخاص من مكان إىل مكان آخر مبقابل معني " ‪.‬‬

‫وهذا العقد من العقود التجارية حيث أن نظام احملكمة التجارية السعودي نص على‬
‫جتارية هذا النوع من العقود يف املادة ‪\2‬ب ‪.‬‬

‫واحلقيقة أن األنظمة القدمية كانت دائما تركز على النقل البحري والنقل الربي بينما‬
‫ال نشاهد نصوصا عن النقل اجلوي يف القوانني القدمية ‪ ،‬لكننا إذا أمعنا النظر وجدان‬
‫أن النقل اجلوي ال يقل عن النقل البحري أو الربي أمهية ‪ ،‬بل هو حالياً أحد أهم‬
‫أدوات التجارة ومن أسرع وسائل النقل وصوال للمستهلك خصوصا مع تركيز التجارة‬
‫احلديثة على التجارة االليكرتونية ومنو هذا النوع من التجارة الذي حيتاج إىل سرعة نق‬
‫وتوصيل تواكب سرعة التسوق عرب تلك املواقع االليكرتونية ‪.‬‬

‫والنقل يُعد جتارايً مىت ما مت عن طريق املقاولة ‪ ،‬أما إذا مت ملرة واحدة فإنه ال يعترب جتاراي‬
‫ألنه ليس من األعمال التجارية املنفردة ‪ ،‬بل ال بد من املقاولة حىت ميكن أن نصنفه‬
‫عمال جتارايً ‪.‬‬

‫خامساً ‪ :‬مقاولة احملالت واملكاتب التجارية ‪:‬‬

‫وهذا النوع من املقاوالت منشر بكثرة يف أوساط األماكن اخلدمية ‪ ،‬ونقصد مبقاولة‬
‫املكاتب واحملالت التجارية تلك احملالت اليت حترتف تقدمي اخلدمات لعامة الناس مقابل‬
‫أجر معني ‪ ،‬مثل مكاتب استقدام العمالة ‪ ،‬ومكاتب التخليص اجلمركي ‪ ،‬ومكاتب‬
‫السياحة والسفر ‪ ،‬ومكاتب حتصيل الديون ‪ ،‬ومكاتب الدعاية واإلعالن ‪ ،‬وغري ذلك‬
‫من املكاتب اليت تقدم اخلدمات لعامة الناس ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وقد نص نظام احملكمة التجارية على جتارية مقاولة احملالت واملكاتب التجارية لكن‬
‫ينبغي أن ننتبه هنا إىل أن مكاتب اخلدمات اهلندسية واحملاماة واألطباء ال تدخل ضمن‬
‫نطاق هذه املكاتب حيث إننا قد قرران سابقا أن نشاط املهن احلرة من األنشطة املدنية‬
‫وليس من األنشطة التجارية ‪.‬‬

‫عمل جتاري حىت لو كان متعلقا‬


‫والبد أن نشري هنا إىل أن عمل تلك املكاتب التجارية ٌ‬
‫خبدمة مدنية ‪ ،‬فاستقدام عاملة منزلية أو سائق خاص لشخص مدين يعترب جتاراي‬
‫ابلنسبة للمكتب حىت وإن كان مدنيا ابلنسبة لذلك الشخص ‪ ،‬وذلك ألن صفة‬
‫التجارة مت اكتساهبا بسبب احرتاف تقدمي تلك اخلدمات عن طريق املقاولة وليس من‬
‫طبيعة ذلك العمل ‪.‬‬

‫سادساً ‪ :‬مقاولة البيع ابملزاد العلين ‪:‬‬

‫تنتشر يف أماكن كثرية تلك احملالت اليت تباشر عملية البيع ابملزاد العلين وتنظمه وتقوم‬
‫بكافة ما يلزم له من إعالن ومجع الناس ومن مث التسويق والبيع ‪ ،‬وهذا من األعمال‬
‫التجارية املنصوص عليها ‪ ،‬وحقيقة البيع ابملزاد العلين يقع كثرياً عن طريق مجع السلع‬
‫يف مكان معني مث عرضها للجمهور للمزايدة عليها والبيع ألعلى سعر تتوقف عنده‬
‫تلك البضاعة ‪.‬‬

‫ويستفيد أصحاب تلك احملالت نسبة معينة عن كل سلعة يتم بيعها يف تلك املزايدة‬
‫اليت تسمى يف دول كثرية "احلراج " ‪ ،‬وغالبا يتواجد شخص يسمى " الدالل" أو‬
‫"املـُ َح ِـرج" والذي يقوم إبعالن السعر بطريقة محاسية حىت جيذب الزابئن للمزايدة على‬
‫عمل مدين ‪ ،‬ألنه عامل لدى صاحب احملل‬
‫تلك السلعة ‪ ،‬علما أن عمل ذلك الرجل ٌ‬
‫‪ ،‬أما صاحب حمل املزايدات فعمله جتاري نظراً ألن ذلك العمل مت عن طريق املقاولة‬
‫وبشكل متكرر ‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫سابعا ‪ :‬مقاولة إنشاء املباين ‪:‬‬

‫لقد استقر الفقه القانوين على أن مقاوالت إنشاء املباين جتارية ‪ ،‬وتشمل تلك املقاوالت‬
‫الرتميم واهلدم وإنشاء الطرق واجلسور ومد شبكات الكهرابء واهلاتف واملاء والصرف‬
‫الصحي ‪.‬‬

‫كما أنه ليس ابلضرورة أن يتعهد املقاول بتوريد األدوات الالزمة لتلك املشاريع ‪ ،‬بل‬
‫إذا أحضر العمال وضارب عليهم فإن عمله عمل جتاري دون احلاجة للتعهد إبحضار‬
‫أدوات البناء ‪ ،‬ألنه من احملتمل أن يكون املتعهد إبحضار أدوات البناء شخصا آخر‬
‫غري املقاول ‪.‬‬

‫والبد أن نشري هنا إىل أن عمل مكاتب اخلدمات اهلندسية اليت تشرف على تنفيذ‬
‫أعمال املقاولني وتراقبهم هي مكاتب مدنية وعملها عمل مدين الرتباطه مبهنة حرة ‪.‬‬

‫كما أن الدعوى إذا قام املقاول برفعها ضد صاحب املبىن وكان صاحب املبىن مدنيا‬
‫فإن املقاول يرفعها أمام احملكمة املدنية ال التجارية ‪ ،‬أما إذا كانت الدعوى مرفوعة ضد‬
‫املقاول فإهنا ترفع أمام احملكمة التجارية ‪.‬‬

‫هذا ملخص ألعمال التجارة اليت تتم عن طريق املقاولة ‪ ،‬ويليها إبذن هللا األعمال‬
‫املختلطة واألعمال التجارية التبعية ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫األعمال التجارية بالتبعية‬

‫قد سبق لنا بيان أن األعمال التجارية ثالثة أنواع ‪ ،‬إما أصلية ‪ ،‬أو تبعية ‪ ،‬أو خمتلطة‪،‬‬
‫مث بينا يف املباحث املاضية معىن األعمال التجارية األصلية وأنواعها املنفردة واملقاولة‪،‬‬
‫ويف هذا املبحث سنتحدث عن األعمال التجارية ابلتبعية ‪.‬‬

‫واحلقيقة أن النظام والقانون قد استقر على وصف بعض األعمال ابلتجارية ليس ألهنا‬
‫جتارية ولكن بسبب أن من قام هبا اتجر وحلاجة جتارته ‪،‬ونظام املرافعات السعودي‬
‫جعل اختصاص األعمال التجارية ابلتبعية للمحاكم التجارية ‪.‬‬

‫إذن ميكن أن نعرف األعمال التجارية ابلتبعية أبهنا ‪ " :‬أعمال مدنية يف األصل لكن‬
‫ُوصفت ابلتجارية بسبب أن من قام هبا اتجر ‪ ،‬وقام هبا ألجل جتارته " ‪.‬‬

‫ومن خالل التعريف يتضح أنه ال بد من توافر شرطني حىت ميكن احتساب العمل‬
‫املدين جتاراي ابلتبعية ومها ‪:‬‬

‫أن يقوم به اتجر ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أن يقوم به ألجل جتارته ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ولو ختلف أحد هذين الشرطني لبقي العمل مدنيا ال جتاراي ‪ ،‬إذن البد من تطبيق‬
‫هذين الشرطني حىت ميكن اعتبار العمل عمالً جتارايً ابلتبعية ‪.‬‬

‫ومثال ذلك عقد توصيل املياه ملصنع التاجر ‪ ،‬أو عقد توصيل الكهرابء للمصنع ‪،‬‬
‫وهذه العقود يف األصل عقود مدنية ‪ ،‬لكن ملا قام هبا التاجر ألجل جتارته أصبحت‬
‫عقودا جتارية يف حقه ‪ ،‬فلو حدث بينه وبني شركة املياه نزاع فإن الشركة سرتفع عليه‬
‫قضية أمام احملاكم التجارية وإن كان العقد يف األصل مدنيا ‪ ،‬لكن ملا توفر فيه الشرطان‬
‫املذكوران أصبحت جتاراي يف حق التاجر دون غريه ‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫أساس تطبيق نظرية األعمال التجارية بالتبعية‬

‫مفهوم األعمال التجارية ابلتبعية من مثرات القضاء الذي أسس هذه النظرية للتغلب‬
‫على الصعوابت القانونية اليت تتمثل يف عدم حصر األعمال التجارية ‪ ،‬ولذا جلأ إىل‬
‫هذه النظرية لضبط الصور اليت تعترب جتارية ‪.‬‬

‫وهذه النظرية هلا أساسان ‪ :‬عملي وقانوين‪ ،‬أما األساس العملي فهو العمل بقاعدة‬
‫"الفرع يتبع األصل " فالتاجر هو األصل مث متتد الصفة التجارية منه إىل األعمال املدنية‬
‫اليت يقوم هبا ألجل جتارته ‪ ،‬فيكسب النظام والقانون بذلك وحدته ‪ ،‬فنطبق النظام‬
‫التجاري على كل ما يقوم به التاجر ألجل جتارته ‪ ،‬تيسريا على التاجر ‪ ،‬ومحاية للغري‬
‫من املتعاملني معه ‪.‬‬

‫وأما األساس القانوين فهو نص املادة ‪\2‬د من نظام احملكمة التجارية الذي يضفي‬
‫الصفة التجارية على ‪ " :‬مجيع العقود والتعهدات احلاصلة بني التجار واملتسببني‬
‫والسماسرة والصيارف والوكالء أبنواعهم "" ‪.‬‬

‫وهذا النص يبني لنا أن مجيع التعهدات أو العقود اليت تقع من التاجر ألجل جتارته هي‬
‫أعمال جتارية ‪ ،‬وهو األساس يف نظرية األعمال التجارية ابلتبعية ‪.‬‬

‫إال أنه ومع هذا ينبغي التنبه إىل أن هذا العمل التجاري ابلتبعية البد أن يتوافر فيه‬
‫الشرطان السابقان وإال عده النظام عمالً مدنياً ال جتارايً ‪ ،‬فلو اشرتى اتجر ثالجة‬
‫حملله التجاري كان عمالً جتاراي ‪ ،‬أما لو اشرتى الثالجة شخص مدين حلاجته فيعد هذا‬
‫عمالً مدنياً ‪ ،‬وعلى ذلك فإنه جيب التأكد من توافر الشرطني قبل احلكم على العمل‬
‫أبنه جتاري ابلتبعية ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫األعمال المختلطة‬

‫العمل املختلط هو العمل الذي يكون جتاراي ابلنسبة لطرف ومدنيا ابلنسبة للطرف‬
‫اآلخر ‪ ،‬مثل بيع صاحب املكتبة الكتب واألقالم للطالب ‪ ،‬فالعمل ابلنسبة لصاحب‬
‫املكتبة عمل جتاري ‪ ،‬أما ابلنسبة للطالب فهو عمل مدين ‪.‬‬

‫وهو يف احلقيقة ليس نوعا مستقال من األنواع لكنين أفردته هنا حىت ميكن فهمه بوضوح‬
‫ويُعرف الفرق بينه وبني التجاري كامال يف احملكمة املختصة والقانون الواجب التطبيق‪.‬‬

‫أما ابلنسبة للمحكمة املختصة فإن الطرف الذي يُعد العمل مدنيا ابلنسبة له يكون‬
‫له اخليار يف النزاع مع الطرف اآلخر التجاري ‪ ،‬فيمكنه أن يرفع أمام احملكمة املدنية أو‬
‫احملكمة التجارية ‪.‬‬

‫وأما الطرف الذي يعترب العمل جتاراي ابلنسبة له فإنه ال يستطيع أن يرفع إال أمام احملكمة‬
‫املدنية ‪.‬‬

‫ومثال ذلك لو حصل نزاع بني صاحب املطعم والعميل ‪ ،‬فإن العميل يكون له اخليار‬
‫يف الرفع ضد صاحب املطعم بني احملكمة التجارية أو املدنية فيجوز له الرفع أمام ٍ‬
‫أي‬
‫منهما ‪ ،‬أما لو أراد صاحب املطعم أن يرفع ضد العميل فإنه ال جيوز له أن يرفع إال‬
‫أمام احملكمة املدنية ألن النزاع اآلن متعلق بشخص مدين ‪.‬‬

‫وأما ابلنسبة للقانون الواجب التطبيق فإن النظام استقر على أن يطبق القانون التجاري‬
‫على الطرف الذي يعترب العمل جتاراي ابلنسبة له ‪ ،‬ويطبق القانون املدين على الطرف‬
‫الذي يعترب العمل مدنيا ابلنسبة له ‪ ،‬فاملثال السابق بني صاحب املطعم والعميل فإن‬
‫القانون التجاري هو الذي يعمل به صاحب املطعم من انحية قواعد االثبات والتنفيذ‬
‫وغريها ‪ ،‬وأما العميل فيطبق يف حقه القانون املدين ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫التاجر‬

‫التاجر هو الشخص الذي ميارس العمل التجاري ابحرتاف حيث أصبح مهنة له ‪،‬‬
‫وهو أحد أهم ركائز النظام التجاري ‪ ،‬حيث إنه الشخص الذي يقوم ابلنشاط التجاري‬
‫ويساهم يف دفع عجلة االقتصاد ‪.‬‬

‫لقد عرف نظام احملكمة التجارية يف املادة األوىل أبنه ‪ " :‬كل من اشتغل ابملعامالت‬
‫التجارية واختذها مهنة له " مث زاد على ذلك شرطا يف املادة الرابعة من نفس النظام‬
‫وهو شرط الرشد أي أن يكون الشخص رشيدا ‪ ،‬وسنتحدث فيما يلي عن هذين‬
‫الشرطني مبزيد من البيان ‪:‬‬

‫الشرط األول ‪ :‬احرتاف األعمال التجارية ‪:‬‬

‫ونعين بذلك أن يقوم التاجر بتلك األعمال التجارية بشكل متكرر ومستمر ومنتظم‬
‫ودائم ‪ ،‬وتصبح تلك املمارسات التجارية هي مصدر معيشته ودخله ‪.‬‬

‫أما قيام الشخص ابلعمل املتقطع أو غري املنتظم حبيث يقوم بتلك األعمال فرتة من‬
‫الزمن مث يرتكها مث يعود إليها بشكل غري منتظم فإن ذلك ال يُعد احرتافا للتجارة ‪،‬‬
‫ألنك جتد من الناس من لديه مهنة ووظيفة معينة ليس هلا عالقة ابلتجارة لكنه يف‬
‫بعض األحيان يقوم ببعض األنشطة التجارية فهذا ال يسمى اتجراً ‪ ،‬وإن كان بعض‬
‫تلك األعمال يسمى جتاراي وإذا حدثت فيه مشكلة فإنه سريفع أمام احملكمة التجارية‬
‫لكن مع ذلك فإننا ال نسمي ذلك الشخص اتجراً لعدم توفر شرط احرتاف التجارة‬
‫فيه ‪.‬‬

‫وهناك أمثلة كثرية على املتقطع الذي يقوم به بعض الناس وخصوصا يف بعض املواسم‪،‬‬
‫فقيام الشخص مثال يف موسم احلج أو موسم رمضان ببيع بعض املنتجات اخلاصة‬

‫‪54‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫بتلك املوسم ال حيوله إىل اتجر وإن كانت تلك العمليات جتارية ‪ ،‬ألن تلك العمليات‬
‫ليست هي مصدر الدخل الرمسي والدائم له ‪ ،‬بل لديه مصدر آخر يقوم إبمداده‬
‫ابملعيشة الشهرية ‪.‬‬

‫وبطبيعة احلال فإن تلك األعمال اليت ُحترتف البد أن تكون من األعمال التجارية‬
‫األصلية سواء املنفردة أو ابملقاولة ‪ ،‬ألهنا هي اليت تضفي على الشخص الصفة التجارية‬
‫‪ ،‬أما األعمال التجارية ابلتبعية فهي أعمال مدنية يف األصل وغنما أصبحت جتارية‬
‫لقيام التاجر هبا ملصلحة جتارته ‪ ،‬فال يؤدي احرتاف األعمال التبعية إىل أن يكون‬
‫الشخص اتجراً ‪ ،‬بل البد من احرتاف األعمال التجارية األصلية حىت يطلق عليه‬
‫وصف التاجر ‪.‬‬

‫وال ننسى أن لذلك االحرتاف مظاهر تظهر لنا غالباً مثل اختاذ حمل جتاري أو مكتب‬
‫ملمارسة تلك األنشطة التجارية ‪،‬واستخدام الفواتري واملطبوعات اليت حتمل اسم الشركة‬
‫أو املؤسسة وهكذا ‪ ،‬إال أن هذا ليس شرطا وإمنا هو مظهر ‪ ،‬فقد ميارس الشخص‬
‫السمسرة وهي عمل جتاري دون أن يكون له مقر أو مطبوعات ‪.‬‬

‫كما أنه من الطبيعي أن نشرتط أن يكون النشاط مشروعا حىت يضفي الصفة التجارية‬
‫على صاحبه ‪ ،‬فالقيام ببيع املخدرات مثال ال حيول الشخص إىل اتجر بل حيوله إىل‬
‫مرم مطلوب للعدالة ‪.‬‬

‫إذن ميكن أن نستخرج مما سبق عدة شروط الحرتاف التاجر للتجارة منها ‪:‬‬

‫• ممارسة تلك األعمال بشكل متكرر ودائم ‪.‬‬


‫• أن تكون املصدر الرئيس ملعيشة التاجر ‪.‬‬
‫• أن يكون النشاط مشروعا ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫الشرط الثاين ‪ :‬الرشد واألهلية ‪:‬‬

‫ونقصد ابلرشد واألهلية ‪ :‬قدرة الشخص العقلية على التعامل مع األمور املالية وفق‬
‫الشروط اليت ينبغي توافرها فيه نظاما ‪.‬‬

‫وقد نصت املادة الرابعة من نظام احملكمة التجارية على ‪ " :‬كل من كان رشيدا أو‬
‫بلغ سن الرشد فله احلق أن يتعاطى مهنة التجارة أبنواعها " ‪.‬‬

‫وسن الرشد خيتلف من دولة إىل دولة حبسب حتديد كل دولة ‪ ،‬ففي اململكة العربية‬
‫السعودية مثال يعترب سن الرشد وصول سن الثامنة عشرة ‪.‬‬

‫أما وصف الشخص رشيدا فمعناه أن يتمتع الشخص ابلقدرات العقلية الكاملة‪،‬‬
‫أي ال يكون مصااب بعارض من عوارض األهلية كاجلنون او العته أو السفه ‪ ،‬فليس‬
‫كل من بلغ سن الرشد يكون راشداً ‪ ،‬فقد يبلغ ذلك السن ويكون لديه جنون أو‬
‫شيء مشابه له ‪.‬‬

‫وال فرق بني الرجل واملرأة يف ذلك ‪ ،‬كما أن ممارسة التجارة ملن هو دون سن الثامنة‬
‫عشرة ال يكون إال مبوافقة الويل القائم عليه ‪ ،‬وهو ما يعرف ابملمثل الشرعي له ‪،‬‬
‫فإذا أذن له ممثله الشرعي جاز له ممارسة التجارة يف األمور اليت جييزه فيها دون‬
‫غريها من األمور ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫التزامات التاجر‬

‫إذا توافرت الشروط السابقة وهي احرتاف التجارة والرشد كان الشخص متصفا‬
‫ابلتجارة وابلتايل فإن عليه التزامات ترتتب محاية له كتاجر ومحاية للجمهور املتعامل‬
‫خال من املشاكل ويشجع‬ ‫معه ‪ ،‬وهذه االلتزامات هتدف إىل خلق مناخ جتاري ٍ‬
‫على التجارة واالستثمار وابلتايل يدعم العملية االقتصادية يف البلد ‪.‬‬

‫ووفقا للنظام السعودي فإن على التاجر أربعة التزامات هي ‪ :‬االلتزام مبمارسة‬
‫التجارة بدين وشرف‪ ،‬وااللتزام مبسك الدفاتر التجارية ‪ ،‬وااللتزام ابلقيد يف السجل‬
‫التجاري ‪ ،‬وااللتزام ابالشرتاك ابلغرفة التجارية الصناعية ‪ ،‬وسنبني كل التزام على‬
‫حده ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬االلتزام مبمارسة التجارة بدين وشرف ‪:‬‬

‫الشك أن الدين اإلسالمي يضبط مجيع التعامالت يف إطار نقي يكون بعيدا عن‬
‫كل ما يعكر صفو الصدق واألمانة فيه ‪ ،‬والنيب صلى هللا عليه وسلم قال ‪ " :‬ال‬
‫ض‪،‬‬ ‫دابروا‪َ ،‬وال يبِ ْع ْبع ُ‬
‫ض ُك ْم َعلَى ْبي ِع ْبع ٍ‬ ‫ضوا‪َ ،‬وال تَ ُ‬‫تناجشوا‪َ ،‬وال تَبا َغ ُ‬
‫ُ‬ ‫اسدوا‪َ ،‬وال‬
‫َحت ُ‬
‫َخو الْ ُم ْسلِم‪ :‬ال يَظلِ ُمه ‪ .....‬احلديث " أخرجه‬ ‫ِ‬
‫اَّلل إِ ْخو ًاان‪ ،‬املُ ْسل ُم أ ُ‬
‫باد ا‬ ‫ِ‬
‫وُكونُوا ع َ‬
‫اإلمام مسلم يف صحيحه ‪.‬‬

‫وهذا احلديث وغريه من األحاديث الكثرية اليت تدعو إىل االلتزام ابألخالق احلسنة‬
‫وترك األخالق واملعامالت السيئة اليت تدمر العالقات االجتماعية يف البيع والشراء‬
‫وتؤدي إىل املشاكل بني املتعاملني ‪.‬‬

‫والشك أن النظام كذلك يدعو إىل جترمي تلك األعمال اليت تقوم على الغش‬
‫والتدليس واخليانة وخمالفة أمر هللا وأمر رسوله صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وقد جرم النظام يف املادة ‪ 142‬من نظام احملكمة التجارية كل من يقوم من التجار‬
‫أبمور غري صحيحة بني الناس بقصد تشويش األفكار لزايدة األسعار أو نقصاهنا‬
‫ووضع جزاء لذلك ابحلبس من عشرة أايم إىل ثالثة أشهر حبسب حجم اجلرم‬
‫وهكذا ‪.‬‬

‫فالتاجر عليه أن خياف هللا تعاىل ويتبع يف جتارته تعليمات الدين احلنيف الذي‬
‫يدعو إىل الصدق واألمانة وحيرم الغش والتدليس ‪.‬‬

‫اثنيا ‪ :‬االلتزام مبسك الدفاتر التجارية ‪:‬‬

‫وهذا االلتزام يعد من أبرز التزامات التاجر يف كافة القوانني التجارية ابختالف‬
‫الدول ألنه يضبط العمليات التجارية اليت يقوم هبا التاجر سواء املصروفات أو‬
‫اإليرادات ‪ ،‬ولذلك فإن الدفاتر التجارية تعترب انعكاسا للعمل الذي يقوم به التاجر‬
‫كاملرآة اليت تعكس الصورة ‪.‬‬

‫وهلذا فقد صدر مرسوم ملكي برقم م\‪ 61‬وأتريخ ‪ 1409\12\27‬ه بتنظيم‬
‫الدفاتر التجارية وأنواعها وأمهيتها ومن يلتزم ابإلمساك هبا إىل غري ذلك من‬
‫التفصيالت اليت نشري إليها يف املواضع التالية ‪:‬‬

‫‪ .1‬أمهية الدفاتر التجارية ‪:‬‬


‫• الدفاتر التجارية تقوم بتحديد املركز املايل للتاجر ولذلك هي مهمة‬
‫جدا له ‪.‬‬
‫• كما أن هيئة الزكاة تعتمد على البياانت الواردة يف تلك الدفاتر لتحديد‬
‫مبلغ الزكاة الواجب إخراجه على التاجر ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫• كما أهنا تعترب مهمة يف اإلفالس التجاري حيث إنه من خالهلا ميكن‬
‫معرفة إذا كان اإلفالس بسبب من التاجر أو بسبب خارج عن إرادته‪.‬‬
‫• تساعد يف معرفة املشروع املتعثر وهل ميكن له االستمرار أم ال من‬
‫خالل البيان احملاسيب املوجود يف تلك الدفاتر ‪.‬‬
‫• ميكن أن تستخدم كوسيلة إثبات ملصلحة التاجر يف مواجهة خصمه‬
‫وفق شروط معينة ‪.‬‬
‫‪ .2‬امللتزمون ابلدفاتر التجارية ‪ :‬هم كل اتجر زاد رأس ماله عن مئة ألف رايل‬
‫سعودي سواء أكان سعوداي أم ال ‪.‬‬
‫‪ .3‬أنواع الدفاتر التجارية ‪ :‬للدفاتر التجارية عدة أنواع منها اإلجباري ومنها‬
‫االختياري حسب ما يلي ‪:‬‬
‫الدفاتر اإلجبارية ‪:‬‬
‫❖ دفرت اليومية األصلي ‪ :‬وهو الدفرت الذي تقيد فيه العمليات التجارية‬
‫اليومية ‪.‬‬
‫❖ دفرت اجلرد ‪ :‬ويكون يف آخر السنة املالية ملعرفة تفاصيل البضائع‬
‫املوجودة وقيمتها ‪.‬‬
‫❖ دفرت األستاذ العام ‪ :‬وهو الدفرت الرئيسي الذي ترحل له كافة العمليات‬
‫ذات الطبيعة الواحد من دفرت اليومية ‪.‬‬
‫الدفاتر غري اإلجبارية ومنها ‪:‬‬
‫❖ دفرت التسويدة ‪ :‬وهو مسودة يكتب فيها العمليات التجارية اليومية مث‬
‫تنقل لليومية وال يشرتط فيه البياانت اليت تشرتط يف الدفاتر اإللزامية ‪.‬‬
‫❖ دفرت األوراق التجارية ‪ :‬وهو خاص ابألوراق التجارية " الشيك ‪،‬‬
‫الكمبيالة ‪ ،‬السند ألمر " ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اثلثا ‪ :‬االلتزام ابلقيد يف السجل التجاري ‪:‬‬

‫إن من األمور الثابتة يف كل الدول وجود هيئة تنظيمية لألمور التجارة تتمثل يف وزارة‬
‫التجارة أو هيئات أخرى تعىن هبذا األمر ‪ ،‬وهذه اجلهات تقوم بتوثيق العمل التجاري‬
‫عن طريق ما يسمى ابلسجل التجاري وهو ‪ " :‬البيان الذي حيتوي كافة البياانت‬
‫التجارية للتاجر عند بدء مزاولته ملهنته ويكون يف مقر وزارة التجارة عن طريق موظف‬
‫خمتص " ‪.‬‬

‫وقد صدر يف اململكة نظام السجل التجاري يف ‪1416\2\21‬ه وقد احتوى على‬
‫كافة الضوابط املتعلقة ابلسجل التجاري وبيان امللزمني من التجار ابلتسجيل فيه وجزاء‬
‫خمالفة أحكامه ‪.‬‬

‫أمهيته ‪ :‬السجل التجاري له أمهية كربى يف ضبط العمل التجاري ونشر الثقة بني التجار‬
‫وبني من يتعامل معهم ‪ ،‬فتوثيق أمور التاجر من السلطة القانونية يف البلد يُضفي على‬
‫التاجر الثقة اليت يكتسبها من القوة القانونية اليت تولدت من تسجيله يف هذا السجل‬
‫وحتمله للمسؤولية أمام الدولة ‪ ،‬وابلتايل فإن معلومات التاجر تكون متاحة ملن يبحث‬
‫عنها وسجله االئتماين معروف لدى املتعاملني معه عن طريق السجل التجاري ‪،‬‬
‫وابلنسبة للدولة فهو ميثل أداة كشف وإحصاء ملا عند التاجر من أنشطة جتارية ‪.‬‬

‫امللزمون ابلقيد فيه ‪ :‬يلتزم ابلقيد يف السجل التجار كافة التجار األفراد الذين حيرتفون‬
‫النشاط التجاري ‪ ،‬وقد نص النظام يف املادة الثانية منه على أنه جيب التقدم بطلب‬
‫القيد خالل ‪ 30‬يوما من أتريخ إنشاء الشركة ‪ ،‬كما أن التقييد جيب لكل فرع هلا وال‬
‫يكتفى بقيد الفرع الرئيسي ‪ ،‬إضافة إىل وجوب قيد الشركات األجنبية العاملة داخل‬
‫الدولة وال يعفى من القيد يف السجل التجاري إال الباعة املتجولون نظراً لقلة رؤوس‬
‫أمواهلم ومراعاة حلاهلم ‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫شطب وإلغاء السجل التجاري ‪ :‬ميكن شطب السجل التجاري وإلغاء القيد فيه‬
‫بطريقتني مها ‪ :‬وفاة التاجر ‪ ،‬أو ترك التاجر جتارته بصفة هنائية ‪ ،‬وجيب على التاجر‬
‫إذا ترك جتارته أن يتقدم خالل ‪ 90‬يوم من تركه لتجارته بطلب اإللغاء أو يتقدم ورثة‬
‫التاجر إن كان سبب اإللغاء هو موت التاجر ‪.‬‬

‫جزاء خمالفة أحكام نظام السجل التجاري ‪ :‬قد نص النظام على أن خمالفة أحكام‬
‫نظام السجل التجاري توجب غرامة اليزيد مقدارها مخسون ألف رايل سعودي على‬
‫أن يراعى يف حتديد الغرامة جسامة املخالفة املذكورة وتكرارها ورأس مال التاجر والضرر‬
‫الذي يقع على اآلخرين بسبب املخالفة ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬االلتزام ابالشرتاك يف الغرفة التجارية ‪:‬‬

‫واحلقيقة أن هذا االلتزام قد خيتلف من دولة إىل أخرى حبسب القانون الذي حيكم‬
‫تلك الدولة ‪ ،‬فنظام السجل التجاري يف اململكة ينص يف املادة اخلامسة منه على ‪:‬‬
‫" أنه جيب على كل من يتم قيده يف السجل التجاري أن يودع لدى مكتب السجل‬
‫التجاري خالل ثالثني يوما من أتريخ القيد شهادة ابالشرتاك يف الغرفة التجارية‬
‫الصناعية " ‪.‬‬

‫والغرفة التجارية الصناعية يف اململكة متثل املصاحل التجارية والصناعية لدى السلطات‬
‫العامة ‪ ،‬وتعمل على محاية تلك املصاحل ومراعاهتا وتسعى لرقيها وتنظيمها ‪ ،‬وهذا نص‬
‫املادة األوىل من نظام الغرف التجارية الصناعية الصادر يف ‪1400\4\30‬ه وللغرف‬
‫التجارية عدة مهام منها ‪:‬‬

‫‪ o‬إعداد الدراسات والبحوث املتعلقة ابلتجارة والصناعة ‪.‬‬


‫‪ o‬مجع ونشر كافة املعلومات واإلحصاءات اليت تتصل ابلتجارة والصناعة ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫‪ o‬إمداد اجلهات احلكومية ابلبياانت املتعلقة ابملسائل التجارية والصناعية ‪.‬‬


‫‪ o‬إرشاد التجار إىل أهم البلدان واملناطق اليت ميكن االسترياد منها ‪.‬‬
‫‪ o‬حصر مشاكل التجار والصناعيني ومناقشتها ‪.‬‬
‫‪ o‬فض املنازعات التجارية عن طريق التحكيم التجاري ‪.‬‬

‫إضافة إىل مهام أخرى كلها تتصل بتطوير التجارة والصناعة وإزالة كافة املشاكل‬
‫والعوائق اليت من املمكن أن تتسبب يف إبطاء العملية التجارية والصناعية يف البلد ‪.‬‬

‫والغرف التجارية الصناعية تدار من قبل مجعية عمومية وملس إدارة ال يقل عن ستة‬
‫أشخاص وال يزيد عن مثانية عشر عضوا ‪ ،‬ويعني ملس اإلدارة أمينا عاما للغرفة يكون‬
‫مسؤوال عن إدارة شؤون الغرفة املالية والتجارية ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫المحل التجاري‬

‫وهذا هو العنصر الثالث من عناصر القانون التجاري فقد حتدثنا فيما سبق عن األعمال‬
‫التجاري ‪ ،‬مث التاجر ‪ ،‬ويف هذا املبحث سنتحدث عن احملل التجاري ‪ ،‬واحلقيقة أن‬
‫كثريا من القراء يظنون أن احملل التجاري هو املكان املادي الذي تتواجد فيه البضاعة‬
‫وميارس فيه التاجر نشاطه التجاري ‪ ،‬لكن مصطلح احملل التجاري أوسع من ذلك‬
‫بكثري فهو حيتوي على العناصر املادية واملعنوية وحقوق امللكية التجارية والعمالء‬
‫املتعاملني مع احملل ومسعة احملل التجارية وغري ذلك من العناصر اليت تدخل يف تكوين‬
‫مصطلح احملل التجاري ‪ ،‬وبذلك نتبني خطأ من ظن أن احملل التجاري عبارة عن املكان‬
‫املستأجر لبيع املواد املادية فقط ‪.‬‬

‫• تعريف احملل التجاري ‪:‬‬

‫كما سبق وأشران أن احملل التجاري ال حيمل فقط فكرة املكان املادي للبيع وإمنا يتعداه‬
‫إىل مفهوم أوسع كعنصر االتصال ابلعمالء وعنصر العالمة التجارية والسمعة وغريها‬
‫من العناصر ‪ ،‬ولذلك فإن مفهوم احملل التجاري مر بعدة مراحل حىت تبلور مؤخراً‬
‫وأصبح من اإلمكان أن نعرف احملل التجاري أبنه ‪ " :‬مموعة من األموال املنقولة‬
‫ختصص ملزاولة جتارة معينة وجيب أن يتضمن عنصر االتصال ابلعمالء والسمعة‬
‫التجارية" ‪.‬‬

‫إذن احملل التجاري يتألف من عناصر متعددة وليس حمصورا يف عنصر معني ‪ ،‬بل إن‬
‫عناصر احملل التجاري تتجدد من فرتة إىل فرتة حبسب التطور الذي يدخل على احملل‬
‫التجاري فرباءات االخرتاع اخلاصة ابحملل تدخل ضمن مفهوم احملل التجاري والنماذج‬
‫والرسوم الصناعية كذلك ‪ ،‬ولذلك ينبغي التنبه إىل أن تلك الفكرة الدراجة لدى الكثري‬
‫أن احملل هو عبارة عن " الدكان" الذي ميارس من خالله التاجر جتارته فكرة غري‬
‫‪63‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫صحيحة وحتتاج إىل تصحيح خصوصا مع تطور مفهوم احملل التجاري واشتماله على‬
‫عدة عناصر مادية ومعنوية كما سنرى الحقا ‪.‬‬

‫• خصائص احملل التجاري ‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬احملل التجاري من األموال املنقولة ‪:‬‬

‫املنقول هو ما ميكن نقله من مكان إىل آخر دون أن يتلف ‪ ،‬فالسيارة مثال منقول ‪،‬‬
‫والكرسي منقول ‪ ،‬وجهاز التكييف منقول وهكذا ‪ ،‬وهذا على عكس العقار الذي ال‬
‫ميكن نقله إال إبتالفه ‪.‬‬

‫فاحملل التجاري يعد منقوال خيضع للنظام القانوين للمنقوالت وليس العقارات ‪ ،‬سواء‬
‫من انحية البيع أو الرهن أو الوصية أو اهلية أو غريها ‪ ،‬ولو قال شخص لشخص آخر‬
‫‪ " :‬وهبتك مجيع أموايل املنقولة " لدخل احملل التجاري من ضمنها ‪.‬‬

‫وعندما نقول أن احملل التجاري منقول فإننا نبني أيضا أنه الجيوز تطبيق النظام القانوين‬
‫للعقارات عليه ‪ ،‬فال ميكن محايته بدعوى احليازة كما يف العقار ‪ ،‬ودعوى احليازة هي‬
‫دعوى يقيمها شخص إلثبات ملكيته لشيء بدليل حيازته له ‪ ،‬فهذه الدعوى ال ميكن‬
‫رفعها للمحل التجاري ألهنا دعوى عقارية واحملل التجاري منقول وليس بعقار ‪.‬‬

‫اثنياً ‪ :‬احملل التجاري منقول معنوي ‪:‬‬

‫فعلى الرغم من احتواء احملل التجاري على عناصر مادية إال أنه منقول معنوي بسبب‬
‫أن قيمته االقتصادية األساسية تستمد من العناصر املعنوية كعنصر السمعة التجارية‬
‫وعنصر االتصال ابلعمالء واالسم التجاري وهكذا ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫اثلثاً ‪ :‬احملل التجاري يكتسب الصفة التجارية ‪:‬‬

‫احملل التجاري املخصص ملزاولة األعمال التجارية األصلية سواء كانت منفردة أو عن‬
‫طريق املقاولة يكتسب الصفة التجارية ‪ ،‬ونتيجة ذلك فإننا ال نعترب احملل املخصص‬
‫ملزاولة املهن كمحالت املهندسني أو احملامني أو األطباء فإننا ال نعتربها جتارية ألهنا‬
‫أعمال مدنية ‪،‬ولذلك قلنا إن من خصائص احملل التجاري اكتساب صفة التجارة‬
‫بسبب أن بعض احملالت ال تكتسبها كما يف املثلة السابقة ‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬احملل التجاري ال يتمتع ابلشخصية املعنوية ‪:‬‬

‫فليس للمحل شخصية معنوية مستقلة عن مالكه ‪ ،‬وال يتمتع بذمة مالية مستقلة ‪ ،‬بل‬
‫هو تبع ملالكه ‪ ،‬فالتملك الذي حيصل ابسم احملل التجاري إمنا حيصل للمالك ‪ ،‬وهذا‬
‫على عكس الشركة اليت تكون هلا شخصية معنوية مستقلة عن مؤسسيها ‪.‬‬

‫الطبيعة القانونية للمحل التجاري‬

‫لقد اختلف فقهاء القانون يف الطبيعة القانونية للمحل التجاري على ثالث نظرايت ‪:‬‬

‫‪ .1‬نظرية اجملموع القانوين ‪ :‬أن احملل التجاري مموعة قانونية من األموال تضم كافة‬
‫احلقوق الناشئة عن عمليات االستغالل التجاري وهلا ذمة مستقلة عن صاحبها ‪.‬‬
‫‪ .2‬نظرية اجملموع الواقعي ‪ :‬أن احملل مموعة واقعية هلا نظامها اخلاص ‪.‬‬
‫‪ .3‬نظرية امللكية املعنوية ‪ :‬أن احملل مملوك معنوي يتشابه مع امللكية األدبية ‪.‬‬

‫واخلالصة أن احملل مال معنوي منقول يدخل من ضمن عناصر الذمة املالية لصاحب‬
‫احملل وحيق له احتكاره واستغالله واالستفادة منه ابلوجه املشروع ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫عناصر المحل التجاري‬

‫الشك أن لكل شيء عناصره اليت تكونه‪ ،‬واحملل التجاري له عناصر تكونه منها ماهو‬
‫مادي ومنها ماهو معنوي ‪ ،‬فاملتبادر للذهن هي العناصر املادية وهي اليت نعرب عنها‬
‫ابلبضائع ‪ ،‬وقد تكون هذه العناصر هي الظاهرة يف بعض األنشطة التجارية كنشاط‬
‫مبيعات التجزئة ‪ ،‬ومنها ما تكون العناصر املعنوية فيه أكثر أتثريا من العناصر املادية‬
‫مثل نشاط دور النشر واملكتبات ‪ ،‬فالعنصر األهم لديها هو حقوق النشر والتأليف‬
‫وهي أهم من الكتاب نفسه ‪ ،‬ولذلك سنتحدث عن أهم العناصر اليت تكون احملل‬
‫التجاري فيما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬العناصر املادية ‪:‬‬

‫وهذه العناصر هي اليت نسميها البضائع واملهمات أي املعدات اليت تستخدم مع‬
‫البضائع لتسويقها ولتكوين فكرة احملل التجاري بشكل عام ‪ ،‬وهناك عناصر مادية‬
‫أخرى أيضا ‪ ،‬فنستطيع أن نقول ‪ :‬إن أهم العناصر املادية للمحل التجاري هي ‪:‬‬

‫البضائع ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫املهمات أو املعدات ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العناصر املستبعدة من فكرة احملل التجاري ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫البضائع ‪ :‬ونقصد هبا السلع واملنتجات املعدة فعليا للبيع ‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫أ‪-‬‬
‫سلعا مكتملة الصنع وجاهزة الستخدام املستهلك النهائي أو كانت نصف‬
‫مصنوعة أو حىت لو كانت مواداً أولية ‪.‬‬

‫وبطبيعة احلال فإن هذه البضائع تتعرض للتغيري داخل احملل ابستمرار بني الزايدة‬
‫والنقص ‪ ،‬ولذلك فإن بعض األنظمة القانونية ومنها النظام السعودي ال ترى جواز‬

‫‪66‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫دخوهلا يف رهن احملل التجاري ‪ ،‬وال ميكن رهنها وفقا للنظام السعودي إال ابتفاق‬
‫صريح بني الطرفني ‪.‬‬

‫وال ننسى أن نشري إىل أن البضائع ال بد أن تكون مملوكة لصاحب احملل حىت ميكن‬
‫احتساهبا ضمن العناصر املادية له ‪ ،‬وإال كانت غري داخلة ‪ ،‬كما لو كانت البضاعة‬
‫وكالة ابلعمولة ‪.‬‬

‫وكما سبق وأشران إليه أن أمهية هذا العنصر خيتلف من نشاط جتاري إىل آخر ‪،‬‬
‫فإن هذا العنصر ( البضائع ) مهم جدا يف حمالت بيع التجزئة ‪ ،‬لكنه شبه معدوم‬
‫يف حمالت السمسرة مثال ‪.‬‬

‫ب‪ -‬املهمات أو املعدات ‪:‬‬

‫ونقصد هبا تلك اآلالت املساعدة اليت تستخدم يف احملل التجاري ‪ ،‬فهي منقوالت‬
‫مادية ال تباع داخل احملل ولكن تستخدم لصناعة املواد األخرى اليت تباع ‪ ،‬وكذلك‬
‫يدخل فيها األاثث الذي يستخدمه صاحب احملل يف حمله ويساعد يف إمتام عمليات‬
‫البيع فإنه يدخل ضمن عناصر احملل التجاري مثل الطاوالت والرفوف وأجهزة‬
‫احلاسب اآليل والطابعات وأجهزة التكييف وأجهزة التغليف والشحن وما إىل ذلك‬
‫من أدوات مساعدة على إمتام عمليات البيع ‪.‬‬

‫وحىت ميكن للشخص التمييز بني البضائع من جهة وبني املهمات واملعدات من‬
‫جهة أخرى فإننا ننظر إىل الغرض األساسي من الشيء ‪ ،‬فإن كان الغرض األساسي‬
‫منه بيعه فإنه بضاعة ‪ ،‬وإن كان الغرض األساسي له تسهيل عمليات البيع‬
‫واملساعدة عليها فإنه من املهمات واملعدات ‪ ،‬وهي داخلة يف رهن احملل التجاري‬
‫بال شك ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫ج – العناصر املستبعدة من فكرة احملل التجاري ‪:‬‬

‫هناك مموعة من العناصر التدخل ضمن احملل التجاري وهي ‪:‬‬

‫العقارات ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫فالعقارات ال تدخل يف احملل التجاري ‪ ،‬حىت لو كان صاحب احملل التجاري مالكا‬
‫للعقار ‪ ،‬وعليه فلو ابع احملل التجاري فإن العقار اليدخل ضمن احملل التجاري ‪،‬‬
‫بل تطبق عليه قواعد القانون املدين ألحكام العقار فال جيوز إفراغه إال عند اجلهة‬
‫املختصة وهي كتابة العدل ‪ ،‬كما أنه خيضع لقواعد الغنب وخيار الشرط والعيب‬
‫اليت تتقرر يف العقود املدنية ‪ ،‬أما احملل التجاري فال خيضع لتلك القواعد فال يكون‬
‫للتاجر مثال استعمال خيار الغنب ألن التاجر ال يغنب يف بيوعه التجارية ‪.‬‬

‫الدفاتر التجارية ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وهي اليت سبق وحتدثنا عنها يف التزامات التاجر ‪ ،‬فإذا وجب على التاجر إمساك‬
‫الدفاتر التجارية ألمهيتها ‪ ،‬لكنها ال تعترب من العناصر التجارية يف احملل ‪ ،‬مع‬
‫إمكانية اطالع املشرتي عليها ليعرف حقيقة احملل التجاري ‪.‬‬

‫املراسالت ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫وهي املخاطبات املتنوعة اليت يقوم هبا التاجر مع التجار االخرين من أجل جتارته‬
‫‪ ،‬فهي أمالك خاصة ال تدخل ضمن عناصر احملل التجاري فال تباع معه ‪ ،‬وإن‬
‫كان النظام قد أعطى احلرية للبائع أن يعطي املراسالت التجارية مع احملل لكنه غري‬
‫مرب على ذلك لو أراد االحتفاظ هبا ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫العناصر المعنوية للمحل التجاري‬

‫العناصر املعنوية غالبا تكون أكثر أمهية من العناصر املادية نظرا لتوفر العناصر املادية‬
‫عند غالب التجار ‪ ،‬لكن الذي مييز احملل التجاري العناصر املعنوية اليت ترفع القيمة‬
‫الشرائية للمحل التجاري ‪ ،‬ومن أهم العناصر املعنوية مايلي ‪:‬‬

‫• عنصر االتصال ابلعمالء ‪.‬‬


‫• االسم التجاري ‪.‬‬
‫• الرتاخيص ‪.‬‬
‫• حق اإلجيار ‪.‬‬
‫• السمعة التجارية ‪.‬‬
‫• العالمات التجارية ‪.‬‬
‫• براءات االخرتاع ‪.‬‬
‫• الرسوم والنماذج الصناعية ‪.‬‬
‫• حقوق امللكية األدبية والفنية ‪.‬‬

‫فهذه هي العناصر املعنوية اليت تكون احملل التجاري ويكون هلا أتثري قوي يف القيمة‬
‫الشرائية لذلك احملل التجاري ‪ ،‬وسنتحدث فيما يلي عن تعريف موجز بكل عنصر من‬
‫العناصر السابقة ‪:‬‬

‫عنصر االتصال ابلعمالء ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫واملقصود ابلعمالء هنا مموعة الزابئن الذين اعتادوا التعامل مع احملل التجاري ‪ ،‬وهذا‬
‫من أهم عناصر احملل التجاري وختتلف قيمة احملل التجاري ابختالف قاعدة عمالئه‪،‬‬

‫‪69‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وغالبا تتكون قاعدة العمالء بطابع شخصي من صاحب احملل ألهنا تبىن على الثقة‬
‫اليت يكتسبها احملل التجاري من خالل تعامله ‪.‬‬

‫وبطبيعة احلال فإننا ال نعين حبق االتصال مع العمالء أن لصاحب احملل منع عمالئه‬
‫من التعامل مع اآلخرين فهو ال ميلك ذلك ‪ ،‬والقانون يضمن هلم حرية االختيار ‪،‬‬
‫لكن القانون حيمي عمالء التاجر من التعدي غري املشروع عليهم ‪ ،‬كما لو قام التاجر‬
‫اآلخر مبحاولة صرف العمالء عن احملل بطريقة أو أبخرى فإن لصاحب احملل احلق‬
‫قانوان يف محاية هذا العنصر من التعدي غري املشروع ‪.‬‬

‫فعقد بيع احملل التجاري جيب أن حيتوي على هذا العنصر وإال فما فائدة البضائع دون‬
‫عمالء ‪.‬‬

‫االسم التجاري ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫وهي التسمية اليت يطلقها التاجر على حمله لتميزه عن غريه من احملالت املشاهبة له يف‬
‫النشاط ‪ ،‬وغالبا يوجد تنظيمات خاصة ابالسم التجاري يف كل دولة ومن أمهها حفظ‬
‫حقوق هذا االسم التجاري ‪ ،‬حيث ال ميكن لشركة مثال أن تقوم بصناعة هاتف جوال‬
‫وتسميه سامسونج مثال أو آيفون ‪ ،‬ألن هذه األمساء مملوكة لشركات معينة وهلا حقوق‬
‫قانونية اثبتة على هذه األمساء ‪.‬‬

‫فاالسم التجاري من أهم العناصر اليت تكون احملل التجاري ولذلك هو يتمتع حبماية‬
‫قانونية فيشرتط تسجيله رمسيا عند مكتب معني مثل مكتب السجل التجاري وخيتلف‬
‫اسم املكتب من دولة إىل أخرى ‪ ،‬كما أن االسم التجاري للمحل سيكون موجودا يف‬
‫كافة األوراق والفواتري والسجالت اليت تتبع للمحل التجاري ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وتشرتط بعض الدول شروطا معينة فيه فمثال يف السعودية يشرتط فيه أن ال يكون‬
‫االسم خمالفا للشريعة اإلسالمية ‪.‬‬

‫وإذا مت تسجيل االسم التجاري رمسيا فال جيوز ألي اتجر استعمال نفس االسم حىت‬
‫ال خيتلط على الزابئن والعمالء للمحل التجاري حقيقة املتجر الذي يريدون ‪.‬‬

‫الرتاخيص ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫إن أي دولة عندما تريد السماح ألي نشاط جتاري فإهنا تقوم ابشرتاط تراخيص معينة‬
‫‪ ،‬كرتاخيص السالمة والرتاخيص اإلدارية الالزمة ‪ ،‬فال ميكن فتح احملل دون تلك‬
‫الرتاخيص ‪ ،‬وهذه الرتاخيص جزء من احملل التجاري فإذا مت بيع احملل التجاري فإن‬
‫تلك الرتاخيص تكون من ضمن احملل املباع ‪ ،‬وأحياان ترفع من قيمة احملل التجاري‬
‫لصعوبة احلصول على الرتخيص املماثل ‪.‬‬

‫حق اإلجيار ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫وهو حق صاحب احملل التجاري يف االنتفاع ابملكان املؤجر الذي ميارس جتارته فيه‪،‬‬
‫وهذا أحد العناصر املعنوية اليت تشكل احملل التجاري ‪ ،‬فالتاجر ال ميلك العقار يف كثري‬
‫من األحيان ‪ ،‬فإذا قام ببيع احملل التجاري فإن حق اإلجيار ينتقل للمالك اجلديد مادام‬
‫عقد اإلجيار السابق انفذا ‪.‬‬

‫السمعة التجارية ‪ :‬وهي القدرة على جذب الزابئن بسبب عدة عناصر‬ ‫‪-5‬‬
‫متمعة كاالسم التجاري واملوقع والعالمة التجارية ‪ ،‬فعنصر االتصال مع‬
‫العمالء السابق ابإلضافة اىل االسم التجاري وغريمها يكوانن السمعة‬
‫التجارية اليت تؤثر يف سعر ومكانة احملل التجاري ‪ ،‬علما أن بعض القوانني‬
‫مل متيز بني السمعة التجارية واالتصال ابلعمالء وجعلتهما عنصرا واحدا ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫العالمات التجارية ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬

‫والعالمات التجارية تعرف أبهنا ‪ " :‬الداللة أو اإلشارة أو الرمز الذي يضعه التاجر أو‬
‫الصانع على منتجاته لتسهيل التعرف إليها من قبل املستهلكني ‪.‬‬

‫ووفقا لنظام العالمات التجارية لدول ملس التعاون لدول اخلليج العربية الصادر عام‬
‫‪1435‬ه يعترب عالمة جتارية كل ماأيخذ شكال مميزا من أمساء أو كلمات أو إمضاء‬
‫أو حروف أو رموز أو أرقام أو عناوين أو أختام أو صور أو نقوش أو عناصر تصويرية‬
‫أو لون أو أشكال أو مموعات ألوان أو مزيج من ذلك إذا كانت تستخدم أو يراد‬
‫استخدامها يف متييز سلع أو خدمات منشأة ما عن سلع أوو خدمات أخرى ‪.‬‬

‫كما يشرتط أن تكون العالمات جديدة وليست مأخوذة من نشاط قائم ‪ ،‬وأن الختالف‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية ‪.‬‬

‫وتكتسب محايتها عن طريق التسجيل ‪ ،‬وتكون مدة محايتها ‪ 10‬سنوات من حني‬


‫التسجيل قابلة للتجديد ‪.‬‬

‫والعالمة التجارية أحد أهم العناصر املعنوية للمحل التجاري وأحياان تكون األهم على‬
‫اإلطالق حبسب شهرة العالمة التجارية ‪.‬‬

‫براءات االخرتاع ‪:‬‬ ‫‪-7‬‬

‫واالخرتاع هو ‪ " :‬كل اكتشاف أو ابتكار جديد وقابل لالستغالل الصناعي سواء‬
‫تعلق ذلك ابملنتج النهائي أو وسائل وطرق اإلنتاج " ‪.‬‬

‫وبراءة االخرتاع هي الوثيقة اليت تصدر من قبل اجلهات املختصة لتثبت ملكية‬
‫شخص ما هلذا االخرتاع ومحايته قانونيا من التعدي على اخرتاعه إال إبذنه ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫وهذا احلق من العناصر املعنوية املهمة يف احملل التجاري حيث إن بعض احملالت‬
‫التجاري متلك براءة االخرتاع ملنتج واحد فقط لكن قيمته تعادل منتجات كثرية‬
‫ولذلك فإن هذا العنصر من العناصر املؤثرة يف قيمة احملل التجاري ‪ ،‬كما أن براءة‬
‫االخرتاع هلا شروط مفصلة للحصول عليها وتوثيقها لدى الدولة فتصبح حقا مملوكا‬
‫لصاحبها جيري عليها مجيع التصرفات ‪.‬‬

‫الرسوم والنماذج الصناعية ‪:‬‬ ‫‪-8‬‬

‫وهذا العنصر يتعلق ابملظهر اخلارجي للسلعة ‪ ،‬فتأيت السلعة يف شكل رسوم معينة‬
‫أو أشكال خمصصة تضفي على السلعة مظهرا معينا جلذب العمالء ‪ ،‬وهذا الشكل‬
‫يتمتع ابحلماية القانونية إذا مت احلصول على شهادة محاية له وفقا للشروط املقررة‬
‫ومن أمهها أن يكون جديدا غري مشابه لنماذج أخرى سابقة ‪ ،‬ومينح شهادة محاية‬
‫ملدة ‪ 10‬سنوات أيضا مصل العالمة التجارية ‪.‬‬

‫امللكية األدبية أو الفنية ‪:‬‬ ‫‪-9‬‬

‫وهي حقوق املؤلف كما يعرب عنها الكثري ‪ ،‬وتعرف أبهنا ‪ " :‬مموعة املزااي املادة‬
‫واملعنوية اليت يقررها القانون للمؤلف على مصنفه " ‪.‬‬

‫وتشمل هذه احلقوق حقوق املؤلفني على كتبهم وحقوق منتجي التسجيالت‬
‫الصوتية ومنتجي األفالم املرئية والربامج اإلذاعية وغريها ‪.‬‬

‫وهذه احلقوق تدخل من ضمن عناصر احملل التجاري إذا كان النشاط متعلقا هبا‬
‫كدور النشر مثال ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫دراسة مقارنة للنظام التجاري السعودي والقانون اإلندونيسي د‪.‬فهد الشمري‬

‫عناصر مستبعدة من العناصر املعنوية ‪:‬‬

‫ال يدخل من ضمن العناصر املعنوية الديون اليت على احملل اليت نشأت نتيجة‬
‫استغالل احملل التجاري ‪ ،‬فهي متعلقة بذمة صاحب احملل األول وال تدخل ضمن‬
‫ما يتم بيعه ‪.‬‬

‫فال تنتقل الديون إىل املشرتي اجلديد ‪ ،‬إال إذا اتفق الطرفان على ذلك ‪ ،‬أما األصل‬
‫فهو أن الديون تتعلق بشخصية صاحب احملل األول فتبقى اثبتة يف ذمته وال تنتقل‬
‫إىل صاحب احملل اجلديد‪.‬‬

‫‪74‬‬

You might also like