Professional Documents
Culture Documents
موقع ساهلة ماهلة مقياس المالية المحلية لـ بن عمير جمال الدين
موقع ساهلة ماهلة مقياس المالية المحلية لـ بن عمير جمال الدين
املاليـــة احملليــــة
لطلبة السنة الثانية ( )2ماستر علوم سياسية وعلاقات دولية
السداسي الثالث ()3
تخصص :الإدارة المحلية
djameleddine.benamier@univ-msila.dz
منشور يف ا ألرضية الرمقية جلامعة محمد بوضياف – املس يةل [موودل ]MOODLE
https://elearning.univ-msila.dz/moodle/course/view.php?id=5491
-2-
-فيما تتمثل دورة الميزانية المحلية؟
-ما هي آليات االصالح المالي والجبائي للمالية المحلية في الجزائر؟ وما هي سبل
ومقتضيات نجاحه؟
- 3األهداف:
تهدف الدروس في مقياس المالية المحلية ضمن المقرر الخاص بطلبة الماستر السنة الثانية
للسداسي الثالث إلى تحقيق جملة من األهداف العلمية والعملية ،هي:
-1فهم الحقل المعرفي والنظري لموضوع المالية العمومية المحلية ،وما يقترن بها من مواضيع
أخرى على غرار النفقات وااليرادات والميزانية المحلية ...وغيرها.
-2اكتساب المعارف في مجاالت المالية العمومية ومالية الجماعات االقليمية والمحلية،
والتعمق في دراسة االشكاليات المرتبطة بقضايا التمويل العمومي لإلدارة المحلية.
وتحديات عمل الجماعات المحلية واإلقليمية ،السيما مسائل اإلدارة
ّ -3البحث في إشكاليات
والتمويل والجباية المحلية ،المرتبطة بعملية التنمية المحلية وسبل تفعيل الحكامة على المستوى
الالمركزي.
-4دراسة حجم الصالحيات والمسؤوليات للجماعات اإلقليمية والمحلية ال سيما على المستوى
المالي واالداري من أجل التعمق أكثر في فهم طبيعة ونموذج الالمركزية في الجزائر.
- 5مساع دة طلبة الماستر في تخصص االدارة المحلية ضمن شعبة العلوم السياسية على
اختيار مواضيع ضمن سياق الالمركزية ومالية الجماعات المحلية في العالم وفي بالدنا على
وجه التحديد.
- 4المحاور:
-المحور :1دراسة في المفاهيم والمضامين المعرفية للمالية المحلية
-المحور :2نفقات للجماعات المحلية.
-المحور :3إيرادات للجماعات المحلية.
-المحور :4ميزانية للجماعات المحلية.
-المحور :5مواضيع ونماذج تطبيقية عن المالية العمومية المحلية :االصالح المالي
-3-
للجماعات المحلية.
كل هذه المحاور هي الخطوط العريضة للبرنامج الدراسي للسداسي ،وكل محور يتضمن
العديد من العناصر التفصيلية.
- 5التقويم النهائي:
أسئلة في المضمون الدراسي للمادة حول موضوع المالية المحلية ،تضم الجانب المنهجي،
العلمي ،والواقع ،يتم التقييم على أساسها بعالمة 20من ،20تكون موزعة على مختلف
الجوانب سالفة الذكر.
-6المراجع:
-هاشم ربيع عمرو [وآخرون] ،المال والنزاهة السياسية ،القاهرة :مركز الدراسات السياسية
واالستراتيجية باألهرام.2009 ،
-إيلين سيوال كامارك« ،العولمة وإصالح اإلدارة العامة» ،في:
جوزيف س .ناي وجون د .دوناهيو ،الحكم في عالم يتجه نحو العولمة ،تعريب :محمد
شريف الطرح ،الرياض (المملكة العربية السعودية) :مكتبة العبيكان.2002 ،
-عمار بوضياف ،شرح قانون البلدية ،الجزائر :جسور للنشر والتوزيع.2012 ،
-عمار بوضياف ،التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق ،ط ،1الجزائر :جسور
للنشر والتوزيع.2010 ،
-ناجي عبد النور ،الدور التنموي للمجالس المحلية في إطار الحوكمة ،الجزائر :مديرية
النشر لجامعة عنابة.2010 ،
-مغوفل جمال الدين ،التنمية المحلية –البلدية والوالية ،-الجزائر :دار الخلدونية.2010 ،
-عمار عوابدي ،القانون اإلداري ،ج ،1ط ،6الجزائر :ديوان المطبوعات الجامعية
.2014،
-تومي عبد الرحمان ،االصالحات االقتصادية في الجزائر -الواقع واالفاق ،الجزائر :دار
الخلدونية للنشر والتوزيع.2011 ،
-4-
،» «تشخيص نظام اإلدارة المحلية والمالية المحلية في الجزائر، بسمة عولمي-
.280-257 ص ص،2006 جوان،4: عدد، مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا:الجزائر
يوم،» اإلصالحات المالية والجباية المحلية: «مداخالت الندوة العلمية حول، مجلس األمة-
.2003 مارس31
- Stéphane GUERARD, «La démocratie locale participative: approche
de droit comparé», dans :
François ROBBE, la démocratie participative, Paris : l’Harmattan,
2007.
- Laïd ZAHGLAMI, «Gouvernance, société civile et médias»,
Alger:Idara (Revue de l’école nationale d’administration), Numéro
spécial, Actes du colloque international sur la gouvernance, 20-21
Novembre 2005, Volume 15, Num2-2005/ N°30.
- Raymond Muzellec, finances publique:etat, collectivités locales et
union europeenne, 15 édition, Paris : Dalloz Edition, 2009.
- Michel Klopfer et Christian Escallier, gestion financière des
Editions Moniteur, ُ collectivités territoriales, 6eme edition Paris :
TerrotorialEditions , 2014.
-5-
برنامج المحاضرات
مدخل
المحور األول :دراسة في المفاهيم والمضامين المعرفية للمالية العمومية المحلية
- 1في مفهوم الجماعة المحلية.
- 2مفهوم المالية العمومية المحلية.
- 3المالية المحلية ومالية الدولة والمالية العامة.
- 4الشخصية المعنوية للجماعات المحلية.
- 5االستقاللية المالية للجماعات المحلية.
المحور الثاني :النفقات العمومية للجماعات المحلية
- 1تعريف النفقات العمومية المحلية.
- 2خصائص نفقات الجماعات المحلية وضوابطها.
- 3تقسيم النفقات العمومية المحلية.
المحور الثالث :االيرادات العمومية للجماعات المحلية
- 1االيرادات الذاتية للجماعات المحلية (الموارد الجبائية وغير الجبائية).
- 2االيرادات الخارجية (غير الذاتية) للجماعات المحلية.
- 3تقسيم النفقات العمومية المحلية.
المحور الرابع :الميزانية العمومية للجماعات المحلية
- 1تعريف الميزانية العمومية للجماعات المحلية.
- 2خصائص ومبادئ الميزانية العمومية للجماعات المحلية.
- 3دورة الميزانية العمومية المحلية (تحضير ،تنفيذ ورقابة).
المحور الخامس :مواضيع ونماذج تطبيقية عن المالية العمومية المحلية
- 1إصالح المالية المحلية في الجزائر.
-6-
مدخل:
يتضمن المدخل مقدمة عامة لدراسة المالية العامة المحلية ،حيث يشمل تمهيدا للدروس
وشرحا للخطوط العريضة التي يحتويها المقياس والمقاربات المتبعة في ذلك ،واهمية دراسة هذا
المجال والهدف الرئيسي من دراسة العناصر التي يتكون منها المقرر الدراسي لمقياس المالية
المحلية.
تعتبر اإلدارة المحلية أحد مظاهر الالمركزية في التنظيم االداري للدولة ،وهي جزء
أ ساسي من الدولة ،تقوم على توزيع الوظائف اإلدارية في الدولة بين اإلدارة المركزية على
مستوى العاصمة من جهة وبين هيئات ووحدات ادارية على مستوى االقاليم من جهة اخرى
وهذا تنظيم االداري القائم على المزج بين المركزية والالمركزية موجود في جل دول العالم بما
فيها الجزائر ويتمثل ذلك في البلدية والوالية ،ويقوم نظام اإلدارة المحلية وفقا لمبادئ الالمركزية
على االستقاللية في المجال االداري والمالي ،لكن هذه االستقاللية تختلف مظاهرها من نظام
الى آخر ،كما تختلف تطبيقاتها ايضا وفقا للصالحيات واالختصاصات التي يكرسها القانون
المعمول به في البالد ،غير أن هذه الوحدات تبقى دائما تابعة للوصاية اإلدارية خاصه من
الناحية الرقابية بالنظر للمهام واالدوار التي تقوم بها الجماعات اإلقليمية والمحلية والتي يمنحها
اياها القانون وتجسدها الالمركزية ،فإنه من الواجب ان تكون لهذه الوحدات موارد ووسائل لكي
تقوم بوظائفها وبتلبيه المتطلبات والرغبات في المجتمع ،سواء كانت هذه الموارد عبارة عن
موارد مادية او بشرية او معلوماتية ،اذ تعد االموال احد اهم الدعامات األساسية في هذا المجال
فهي مرتبطة بتسيير المصالح المحلية وتلبية الحاجات العامة على المستوى المحلي وتنفيذ
البرامج التنموية في المجال االقتصادي واالجتماعي.
إن دراسة مالية الجماعات المحلية واإلقليمية وكيفية تسيير وادارة االموال العمومية على
المستوى المحلي هو من صميم تخصص علمي حديث مجاله البحثي يتعلق بمحاوله فهم
الموارد المالية التي تحوزها الهيئات المحلية ووسائلها المختلفة من موارد جبائية أخرى غير
جبائية كالقروض والمساعدات وغيرها ،فضال عن نفقاتها المتعددة في مجال التسيير ،التجهيز
-7-
واالستثمار ،ناهيك عن ميزانيتها؛ عملية تحضيرها ،اعدادها ،تنفيذها ورقابتها ،ومجاالت الرقابة
على المالية العمومية المحلية كلها مجاالت وميادين مقياس المالية العمومية المحلية ،والهدف
الرئيسي من دراسة هذه العناصر ضمن تخصصنا هو البحث ومحاوله الفهم لكيفية تسيير
وادارة االموال العمومية المحلية واستنباط نموذج للتسيير العقالني والرشيد لمالية الجماعات
المحلية.
-8-
المحور األول :دراسة في المفاهيم والمضامين المعرفية للمالية العمومية المحلية
تعتبر المالية العمومية المحلية جزء مهم من المالية العامة للدولة ،فهي أحد فروعها،
وهي تخص مجموع الظواهر والقواعد المتعلقة باإليرادات والنفقات التي تخص هيئات اإلدارة
المحلية ،ولها أهمية بالغة في عمل اإلدارة العامة عموما واإلدارة المحلية على وجه الخصوص،
ولإلحاطة بمضامين المالية العمومية المحلية ،علينا ان نتطرق إلى بعض العناصر والمفاهيم
كمفاتيح لفهم المالية المحلية في سياقها المعرفي.
إن ازدياد مهام ووظائف الدولة في اطار تلبية مختلف الحاجات العامة المتنامية والمتزايدة
أدى لضرورة اتباع نظام الالمركزية في اإلدارة العامة إلى جانب نظام المركزية ،من خالل
انشاء وحدات محلية على مستوى إقليم الدولة ،تُناط لها أدوار في المجال االجتماعي
واالقتصادي والثقافي تحقيقا للمصلحة العامة ،حيث تمثل هذه الوحدات هيئات أساسية قاعدية
في التنظيم اإلداري للدولة ،ووسيلة فعالة إلدارة وتسيير شؤون المواطنين على المستوى المحلي،
خصتها الدولة بقانون ينظم أدوارها وهيكلتها
وتساهم في تعزيز مشاركتهم في صنع القرارّ ،
أن ذلك يختلف من بلد إلى آخر وذلك باختالف نمط تطبيق الالمركزية فيها.
التنظيمية ،غير ّ
تعتبر الجماعات المحلية وحدات جغرافية مقسمة من إقليم الدولة ،تتشكل في صورة
هيئات تتمتع باالستقاللية اإلدارية والمالية ،ويحكمها قانون خاص بها ينظم عملها وتنظيمها
وعالقاتها ،أسندت لها الدولة مهام تسيير بعض الشؤون المحلية على نطاقها ،تتمتع بالشخصية
المعنوية واالستقالل المالي ،وهي أحد أوجه تطبيق نظام الالمركزية في التنظيم اإلداري للدولة،
موجودة في مختلف الدول رغم اختالف تسمياتها وأنماط تسييرها وتنظيماتها ،وتتجسد في بالدنا
من خالل الوالية والبلدية كوحدتين أساسيتين في التنظيم اإلداري للدولة المتبع منذ االستقالل
عام ،1962حيث يحدد قانونا البلدية والوالية طبيعة المجالس المحلية المنتخبة التي تتشكل
منها هذين الهيئتين األساسيتين في النظام اإلداري القائم في الدولة ،رغم أن مصطلح الجماعات
المحلية ظهر منذ الوجود الفرنسي في بالدنا ويرجع ظهوره ألول مرة إلى عام 1947بمقتضى
-9-
المادة 54من قانون 20سبتمبر 1947التي نصت على أن الجماعات المحلية في الجزائر
هي البلديات والواليات ،رغم ما عرفته الخريطة اإلدارية من تغييرات تلت مرحلة ما بعد
االستعمار.1
تعرف الجماعات المحلية على أنها " :تعبير جغرافي محدد إقليميا ،وتجمع سكاني محدد
عدديا ووحدة إدارية مصغرة عن الدولة".2
يشير مفهوم الجماعات المحلية إلى تلك الهيئات واألجهزة اإلدارية المحلية المستقلة عن
اإلدارة المركزية التي يسند لها وظيفة تسيير وإدارة المصالح والشؤون المحلية على مستوى
األقاليم ،وفق أسلوب إداري يكفل توفير قدر من االستقاللية لهذه الهيئات فيما تباشره من
اختصاصات محددة ،وتهدف إلى تنمية المجتمع واشباع الحاجات العامة لألفراد ،مع خضوع
هذه الوحدات اإلدارية المحلية لقدر من الرقابة من طرف السلطة المركزية.
يرتبط مفهوم الالمركزية اإلدارية بالتنظيم اإلداري للدولة ،حيث يقوم على توزيع الوظيفة
اإلدارية بين السلطة المركزية عل مستوى العاصمة ومختلف الهيئات المحلية اإلقليمية أو
المصلحية التي تباشر مهامها بإشراف ورقابة السلطة المركزية وفق ما يقره الدستور وضمن
وحدة الدولة السياسية والوطنية ،تقوم على أركان أساسية أهمها؛ وجود جماعة مشتركة ومترابطة
في شكل هيئ ة إقليمية أو مصلحية متميزة عن مجموع المصالح العامة الوطنية مثل البلدية،
المحافظة والوالية ،وأيضا تقسيم الوظيفة التنفيذية للدولة وتوزيعها بين السلطة المركزية والهيئات
- 1عمر غزازي ،رانية إدير ،أمينة عروس " ،إشكالية تمويل الجماعات المحلية في الجزائر" ،مجلة مينا للدراسات االقتصادية،
مجلد ،2 :عدد ،4:جامعة غليزان ،ص.59
-نصر الدين بن شعيب .بومدين طيبي " ،الجماعات اإلقليمية ومفارقات التنمية المحلية" ،مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث 2
- 10 -
الالمركزية عن طريق وجود إدارة مستقلة إداريا وماليا وتتمتع بالشخصية المعنوية ،فضال عن
وجود الرقابة من السلطة المركزية على عمل الهيئات الالمركزية المحلية.1
من أجل أن تقوم الجماعات المحلية واإلقليمية بأدوارها على الصعيد االجتماعي
واالقتصادي والثقافي على سبيل تسيير الشؤون المحلية العامة وتحسين المستوى المعيشي
للسكان واشباع مختلف االحتياجات الجماعية التي تعد من صميم مهام الدولة يلزم توافر
الموارد المالية الكافية للقيام بذلك ،سواء موارد مالية ذاتية أو متأتية من الدولة ،ولهذا تكون
عملية تسيير الموارد المالية تحصيال أو إنفاقا في سبيل بلوغ جملة األهداف السالفة يكون من
صميم المالية العامة المحلية.
يقصد في المعنى االصطالحي العام للمالية العامة المحلية مجموع القواعد واآلليات
المتعلقة بالعمليات المالية المرتبطة باإليرادات والنفقات التي تخص الهيئات المحلية (البلدية
والوالية) من أجل القيام بمهامها المتعددة ،في إطار ميزانية عامة سنوية خاصة بها ،فتعتمد
على النفقات المحلية التي يتم صرفها في نطاق الجماعة اإلقليمية قصد سير الشؤون المحلية
-ابرادشة فريد ،مطبوعة محاضرات في :نماذج تطبيقية للحكم المحلي ،لطلبة السنة 2ماستر سداسي ،3كلية الحقوق 1
- 11 -
وتلبية االحتياجات العامة المحلية ،والبحث عن تحصيل مختلف الموارد المالية لتغطية نفقاتها
المحلية ،سواءا كانت هذه الموارد ذاتية المصدر أو خارجية ،وفق مبدأ الشخصية المعنوية
واالستقالل المالي الذي يمنحه إياها القانون ،ويعرفها البعض على انها :كل الموارد المالية
المتاحة للجماعات اإلقليمية والمحلية التي يمكن توفيرها من مصادر مختلفة من أجل تمويل
التنمية المحلية في إقليم الدولة المقسم إداريا بشكل يضمن تحقيق أكبر معدالت التنمية فيها.1
إن من األساسيات التي تقوم عليها المالية العامة المحلية ضرورة احترام قاعدة التوازن
المالي بن النفقات وااليرادات العمومية بشكل صارم ،2وهي نقطة مهمة تميز تطبيق مفهوم
وآليات مالية الجماعات المحلية عن مالية الدولة.
يقع على عاتق الدولة إشباع الحاجات الجماعية ،كالحاجة على األمن الداخلي والخارجي
والتعليم وتسيير سبل االتصاالت ...ولكي تتم ّكن من أداء هذه الواجبات عليها إنفاق مبالغ
ظفيها ،وهو ما يعرف باسم
نقدية للحصول األسلحة واألبنية واألثاث ...وعلى خدمات مو ّ
«النفقات العامة» .لكن للقيام بذلك على السلطة توفير مبالغ مالية لتوفير هذه الخدمات ،حيث
عدة أبواب ،كإيرادات أمالكها ،الضرائب المفروضة على األفراد ،والرسوم
تتحصل عليها من ّ
ّ
تؤديها ،فضال عن القروض التي تعقدها ،وهذا ماتحصلها لقاء بعض الخدمات التي ّ التي ّ
-يوسف مسعداوي" ،تحديات المالية والجباية المحليتين في الجزائر" ،مجلة الحقيقة ،المجلد ،13 :عدد ،2:جامعة أدرار، 1
ص ص.4-3
- 2علي زيان محند واعمر" ،نظرة حول المالية العمومية المحلية" ،ندوة حول تكييف نظام اإلدارة المحلية مع الحقائق الوطنية
الجديدة بمجلس األمة ،يوم ،2002/10/27ص.52
- 12 -
لمدة مقبلة غالبا
محدد وقواعد مرسومة ّ
كل ذلك يسير وفق برنامج ّ
يسمى ب «اإليرادات العامة»ّ ،
ما تكون سنةّ ،
تحدد في وثيقة يطلق عليها ب «الميزانية العامة»(.)1
ويقع على عاتق الجماعات المحلية اشباع الحاجات المحلية على مستوى أقاليمها ،ومن
أجل ذلك فهي تقوم بصرف نفقات عامة تنفيذا لذلك ،إذ يتطلب منها ضرورة توفير مصادر
مالية للقيام بهذه الخدمات ،ولهذا فهي تحصل جملة من اإليرادات من أمالكها ،ومن الضرائب
والرسوم ،...حيث يرتبط ذلك بميزانية عامة تخص الجماعة المحلية تحدد فيها كل هذه
الجوانب.
يمكن القول إن المالية المحلية تعتبر فرعا من فروع المالية العمومية ،غير أن الميزة
األساسية لمالية الجماعات المحلية تتركز في عنصرين :استقاللية ميزانية الجماعات المحلية
عن الميزانية العامة للدولة ومبدأ التوازن الصارم في ميزانيتها ،مع وجود بعض الخصائص
األخرى كفروقات بين مالية الدولة ومالية الجماعات المحلية.
الشخصية المعنوية كأساس قانوني تمثل سندا لالختصاصات المنوطة باألجهزة اإلدارية،
من خالل عملية تنظيم وتوزيع الوظائف واالختصاصات اإلدارية بين مختلف هيئات وأجهزة
اإلدارة العامة للدولة.3
-محمد حلمي مراد ،مالية الدولة ،القاهرة :مطبعة نهضة مصر ،1960 ،ص.6 1
-قديد ياقوت" ،االستقاللية المالية للجماعات المحلية :دراسة حالة ثالث بلديات " ،مذكرة ماجيستير في تسيير المالية 2
العامة ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية ،جامعة تلمسان ،2011 ،ص.19
-محمد الصغير بعلي ،القانون اإلداري :التنظيم االداري ،ص ص.24-23 3
- 13 -
تعريف الشخص المعنوي :هو مجموع أشخاص (أفراد) و/أو مجموعة أموال (أشياء)
تتكاتف وتتعاون أو ترصد لتحقيق غرض وهدف مشروع بموجب اكتساب الشخصية القانونية
.1Personne juridique
تعتبر الشخصية المعنوية السند القانوني لتوزيع الوظيفة اإلدارية بالدولة ،مع إعطاء
األجهزة صفة االستقالل القانوني حتى تتمكن من القيام بنشاطاتها بما يترتب عن ذلك من
حقوق ومن التزامات وتحمل للمسؤولية.
هناك أشخاص معنوية عامة هي :الدولة ،الوالية ،البلدية ،المرافق العامة ،وأشخاص
معنوية خاصة تشمل :الجمعيات ،المؤسسات االقتصادية الخاصة.
واألشخاص المعنوية العامة تنقسم إلى قسمين :إقليمية (الوالية والبلدية) ومرفقية أو
مصلحية (الجامعات ،المستشفيات).
عادة ما يقوم الشخص المعنوي العام على توافر مجموعة من األشخاص واألموال في
آن واحد ،فالبلدية مثال هي :سكان البلدية وممتلكاتها.
-2الغرض المشروع :هو الذي يسمح به النظام القانوني بالدولة ،أي الهدف الذي
أنشئت من أجله.
- 14 -
-3االعتراف :االعتراف بوجود الشخص المعنوي من طرف السلطة المختصة ،وبموجب
الوسيلة القانونية الالزمة ،فالبلدية أو الوالية تحدث أو تنشأ بموجب قانون صادر عن السلطة
العامة ،والجمعيات تحدث بموجب ترخيص من طرف السلطة العامة بعد توافر شروط تأسيسها.
مجموعة أشخاص
االعتراف الغرض المشروع
و/أو أموال
آثار اكتساب الشخصية المعنوية :يترتب عن اكتساب الشخصية المعنوية مجموعة من
اآلثار نذكرها فيما يلي:
أ .االستقالل المالي :الذمة المالية Patrimoineالتي يتمتع بها الشخص المعنوي ،وهي
مستقلة عن الذمة المالية للجهة أو الشخص الذي أنشأه ،فالذمة المالية للبلدية مثال مستقلة عن
- 15 -
أن لها ميزانية خاصة بها تتضمن الجانب الدائن والجانب
الذمة المالية للوالية أو الدولة ،إذ ّ
المدين (حقوق والتزامات).
الذمة المالية بما فيها من جانبين؛ ايجابي وسلبي (جانب دائن وآخر
يتضمن مفهوم ّ
مدين):
-الجانب االيجابي (الدائن)؛ يتمّثل في ايرادات الدولة recettes publiqueبما لها من
حقوق على األفراد.
-الموطن Domicile :وهو المقر الذي يتواجد فيه الشخص المعنوي ،Le Siège
فموكن الوالية هو مركز الوالية ومقرها .Chef-lieu
-عبد هللا خبابة ،أساسيات في اقتصاد المالية العامة ،الجزائر :مطبعة الرابط[ ،د.س.ط] ،ص.01 1
- 16 -
آثار اكتساب الشخصية المعنوية
االستقالل المالي
األهلية Capacité الموطن Domicile
واالداري
الذمة المالية
األجهزة Organes
Patrimoine
الشكل رقم 2 :يوضح آثار اكتساب الشخصية المعنوية مثلما تم شرحها ،من انجاز األستاذ.
- 17 -
تجسد الميزانية اآللية األساسية لالستقاللية المالية للهيئة
بالدولة أو بالجماعات المحلية ،حيث ّ
أو الجماعة اإلقليمية.
تتضمن االستقاللية المالية للجماعة المحلية معنى يجسد وجود الذمة المالية المرتبطة
بتوفر جانبين اثنين؛ الجانب األول هو جانب إيجابي والجانب الثاني هو جانب سالب ،فأما
الجانب اإليجابي فهو الجانب الدائن ،حيث يتمثل في إيرادات الجماعة المحلية بما لها من
حقوق على األفراد والمؤسسات في نطاقها االقليمي ،فالجماعة المحلية باعتبارها هيئة عامة
كجزء من الدولة لها السلطة في فرض الضرائب والرسوم وفق القانون على األفراد والمؤسسات
في اقليمها ،وبالتالي تصبح الجماعة المحلية لها حقوق على األفراد والمؤسسات تتجسد في
الموارد المالية التي تحصلها في شكل ضرائب ورسوم لصالح خزينتها ،وهذا الجانب له صفة
اإليجابية ألنه مرتبط بدخول األموال للخزينة (تحصيل اإليرادات المالية) ،وأما الجانب السالب
فهو الجانب المدين ،ويتمثل في النفقات التي يتوجب على الجماعة المحلية صرفها تلبية
إن االستقاللية المالية ضمن هذا اإلطار تتمثل في الوسائل المالية التي توضع تحت
تصرف ومسؤولية الجماعات المحلية ،وهي حجر الزاوية الذي تقوم عليه الالمركزية اإلدارية
مما يسمح لها بإصدار ق اررات نافذة في حدود ما يسمح لها القانون دون خضوعها
اإلقليميةّ ،
للسلطات المركزية.
- 18 -
إن االستقالل المالي يجب أن يصاحبه استقالل إداري للجماعة المحلية ،فال يعقل أن
يكون لهيئات تتمتع بالشخصية المعنوية على المستوى الالمركزي لها أجهزة إدارية مستقلة أال
يكون لها استقالل مالي وحرية التصرف في وسائلها المالية المتاحة لها.
غير أن هذه االستقاللية مرهونة بشروط وضوابط قانونية تتعلق بالرقابة الوصائية لألجهزة
المركزية عليها في إطار النظام اإلداري القائم ،كما أنها مرتبطة ومتداخلة بقواعد وأسس المزج
بين المركزية والالمركزية فيما يتعلق بإيراداتها ومداخيلها أو مصاريفها ونفقاتها.
تتجسد في استقاللية
ّ إن المضامين األساسية لالستقاللية المالية للجماعات المحلية
الميزانية ،حيث يكون للجماعات المحلية حرية تقدير نفقاتها وايراداتها ،ناهيك عن استقاللية
ينص عليها القانون ،فضال عنجبائية ،أي فرض وتحصيل مجموع الضرائب والرسوم التي ّ
ذلك ،فإن هذه المظاهر لالستقاللية في الميزانية يصاحبه استقاللية في التسيير ،وهو قدرة
الهيئة المحلية على التحكم في ميزانيتها ،أي أن تكون هناك حرية في تسيير الممتلكات والموارد
المالية الخاصة بها.
- 19 -
المحور الثاني :نفقات الجماعات المحلية
تعتبر النفقات العمومية المحلية ذات أهمية بالغة كونها تصرف في نطاق الجماعة المحلية من
أجل تلبية حاجات عامة محلية من سلع وخدمات ،غير أن هناك ضوابط قانونية في كيفية
تحديدها وإجراءات صرفها وممارسة الرقابة عليها ،ومجمل النفقات العامة التي تصرفها البلدية
أو الوالية يوجد تسيير المصالح المحلية وبرامج التنمية وتلبية االحتياجات العامة والخدمات
الضرورية لكن ذلك يتوقف أساسا على الموارد المالية الواجب توفرها لتغطية تلك النفقات.
إذا كان مفهوم النفقة العامة يتضمن مبلغ نقدي يقوم بإنفاقه شخص معنوي عام (دولة ،والية،
مؤسسة ع) بقصد تحقيق نفع عام ،فإن مفهوم النفقة العامة للجماعة المحلية هو مبلغ نقدي
تقوم بإنفاقه جماعة محلية إقليمية المركزية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقاللية المالية بغية
إشباع الحاجات العامة وتسيير المصالح المحلية والخدمات الضرورية.
المجسدة
ّ -صدور النفقة العامة عن هيئة محلية؛ حيث أن الجماعة المحلية هي الصورة
للتنظيم اإلداري القائم على الالمركزية اإلقليمية ،وهي التي تقوم بصرف النفقة العامة باعتبارها
تتمتّع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وفق ما ينص عليه القانون ،وهي أحد أشخاص
القانون العام على غرار الدولة ،المؤسسات والدواوين العامة ،ويكون على رأسها أشخاص
معينون يمثلون السلطة العامة ويرأسونها ،فبالنسبة للوالية نجد الوالي ،و البلدية
منتخبون أو ّ
- 20 -
نجد رئيس البلدية ،وهم يمثلون وفق القانون اآلمرون بالصرف والقبض ،أي المؤهلون قانونا
إلصدار األمر بصرف النفقة العامة ،واآلمر بالصرف هو الموقع لألمر المتعلق بالصرف
فيعقد النفقات ،ويضبط مقاديرها ،ويأمر بصرفها (.)1
من خالل التعريف الذي أوردناه حول مفهوم نفقات الجماعات المحلية ،نحاول تفكيك عناصره،
وهذه العناصر هي الخصائص التي تميز النفقة العمومية المحلية.
1
-1https://fr.calameo.com/read/0010917675af6f750112aالطاهر زروق - ،المالية المحلية ،ص.04أنظر الموقع االلكتروني:
تاريخ االطالع عليه)2019/01/05( :
- 21 -
صدور النفقة العامة عن هيئة
محلية
خصائص
نفقات
الجماعات
المحلية
تعتبر النقود أداة تحظى بقبول عام في التداول ،فهي وسيلة للتبادل فيما يتعلق بالسلع والخدمات،
وهي مقياس مشترك للقيمة ،كما أنها تستخدم كمستودع للقيمة ( أي يمكن خزنها وانفاقها في
فترات الحقة بدل تخزين السلع والمنتجات التي يمكن ان تتعرض للتلف) وأنها تستخدم كمعيار
للمدفوعات اآلجلة ( كالشيكات والسندات) ،والنقود أصبحت أساس التعامل التجاري
واالقتصادي في وقتنا المعاصر بعد انحصار واندثار ظواهر كانت سائدة في الماضي
كالمقايضة وهي الوسائل التي يتعامل بها أفراد المجتمع في مختلف االنشطة التجارية ،كما
تتعامل بها الدولة وهيئاتها الالمركزية من خالل نفقاتها العمومية.
تتلخص هذه الخاصية في استخدام الجماعة المحلية لمبالغ مالية تقوم بصرفها (انفاقها) الوالية
او البلدية قصد الحصول على السلع والخدمات الالزمة للقيام بنشاطاتها واستم اررية مرافقها
المحلية ،ويشكل ذلك أساس النظام المالي للجماعات المحلية ،ويضمن لها فعالية اكثر.
- 22 -
تتمثل الهيئة المحلية (الوالية او البلدية) وفق تنظيم الالمركزية االقليمية الجهات التي تقوم
بصرف النفقة العامة ،حيث تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وفق ما ينص عليه
القانون ،وهي احد اشخاص القانون العام على غرار الدولة ،المؤسسات والدواوين العامة ،غير
ان الدائرة تستبعد من ذلك باعتبارها ال تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي ،كما
يستبعد كل االشخاص الخاصة من هذا المفهوم حتى لو كان الغرض تحقيق المصلحة العامة،
غير ان هذه الهيئات المحلية يكون على راس السلطة فيها ممثلون أ
يرسونها ،فبالنسبة للوالية
نجد الوالي ،و البلدية نجد رئيس البلدية ،وهم يمثلون وفق القانون اآلمرون بالصرف والقبض،
أي المؤهلون قانونا إلصدار األمر بصرف النفقة العامة ،واآلمر بالصرف هو الموقع لألمر
()1
المتعلق بالصرف فيعقد النفقات ،ويضبط مقاديرها ،ويأمر بصرفها.
باعتبار ان هيئات اإلدارة المحلية هي هيئات عامة وجزء من الدولة ،فان أهدافها تصب في
الصالح العام ،والنفقات التي تصرفها في مختلف المجاالت العامة تهدف إلى إشباع الحاجات
العامة ،مثل بناء المدارس ،والمستشفيات وتسييرها فضال عن تشييد الطرقات ...وغيرها من
األعمال األخرى ،وكل ذلك يصب في المصلحة العامة للمجتمع.
إن القاعدة في ذلك أنه :الجميع متساوون في تحمل األعباء العامة ،وبالتالي الكل متساوون
في االستفادة من النفقات العامة وأغراضها.
وكل هدف يحيد عن تحقيق المنفعة العامة ويسعى إلى تحقيق مصلحة شخصية لصالح فئة
معينة أو شخص معين على حساب اآلخرين فال يمكن اعتباره من المصلحة العامة ،وهو عبارة
عن إساءة وانحراف وفساد للمال العام.
- 23 -
-3أما ضوابط النفقة العامة:
فهي متعددة وتمثل القواعد الواجب إتباعها في مجال اإلنفاق العمومي المحلي ،وتستهدف
الرشادة في استغالل األموال العامة المحلية ،وحسن تسييرها ،وتوجيهها ألهداف المنفعة العامة
وتسيير المصالح العمومية ،يمكن تلخيص هذه الضوابط فيما يلي (أنظر الشكل رقم 4أدناه):
-المنفعة :هذا الضابط مرتبط بعنصر المنفعة ،وهي المنفعة العامة ،ألن الجماعات المحلية
(الوالية والبلدية) تستهدف من خالل إنفاقها لمبالغ مالية على مختلف المجاالت العامة إنما
بدافع تحقيق النفع العام على المستوى اإلقليمي والمحلي.
فكرة المنفعة العامة فكرة ديناميكية ،وحدها المؤسسات التشريعية هي التي تحدد مبدأ المنفعة
العامة وتقرها في الدولة.
-االقتصاد في اإلنفاق :يتطلب اإلنفاق العمومي عموما ،والمحلي منه على وجه الخصوص
االقتصاد في النفقات العمومية وعدم التبذير ،واالقتصاد كما يقال هو "نصف المعيشة"،
ويقتضي ذلك ترشيد اإلنفاق وليس التقشف ،وإتباع أمثل السبل في إقرار النفقات وفي كيفية
صرفها ،وهذا من مقتضيات الحوكمة الرشيدة في إدارة الجماعات المحلية.
-الرقابة :من اجل السعي الحثيث للمحافظة على المال العام وتطبيق آليات المحاسبة تكرس
مختلف القوانين آليات الرقابة على المال العام وإنفاقه ،فهناك رقابة إدارية ذاتية ،ورقابة وصائية
ورقابة قضائية تؤكدها مختلف التشريعات والقوانين ،منها ما ورد في قانوني الوالية والبلدية،
ومنها ما تجسده القوانين االخرى على المستوى الوطني ،كرقابة مجلس المحاسبة ،ورقابة
المفتشية العامة للمالية ،ورقابة و ازرة الداخلية والجماعات المحلية ...وغيرها.
- 24 -
المنفعة
الرقابة
الشكل رقم :4ضوابط النفقة العامة للجماعات المحلية ،من إنجاز األستاذ.
تقسم النفقات العامة المحلية في التشريع الجزائري إلى نفقات قسم التسيير ونفقات قسم
التجهيز واالستثمار (المادة 158من قانون الوالية 107 - 12والمادة 179من قانون البلدية
.)210-11
قسم علماء المالية العامة النفقات العمومية سواء كانت على مستوى الدولة أو جماعاتها
اإلقليمية إلى تقسيمات عديدة ومتنوعة ،نذكر من بينها ما يلي:
- 25 -
أن قيمتها ال تتغير من
عادة ما تمول من الضرائب ومداخيل أمالك الدولة ،وال يعني ذلك ّ
()1
يتغير مقدارها(.)2
سنة ألخرى ،بل يمكن أن ّ
-النفقات غير العادية :تلك النفقات التي ال يتكرر صرفها بصفة منتظمة كل سنة،
تتكرر
يتم تمويلها من إيرادات غير عادية (كالقروض مثال) ،وال ّ فهي ليست دورية ،حيث ّ
بانتظام في الميزانية ،مثل نفقات مواجهة آثار الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزالزل ،وغيرها
بأنها استثنائية.
من األحداث الطارئة ،حيث تتصف هذه النفقات ّ
()3
-النفقات االستثمارية الرأسمالية :مجموعة النفقات التي تساهم في زيادة اإلنتاج الوطني
التوسع االقتصادي ،حيث تؤثر هذه النفقات في تنمية االقتصاد الوطني ودعم توازنه ،ومنو ّ
األشكال التي تتّخذها هذه النفقات:
الصناعي والتّجاري.
* نفقات تجهيز المؤسسات العمومية ذات الطابع االقتصاديّ ،
* نصيب الدولة في شركات االقتصاد المختلط ،والتي تكون فيها الدولة شريكا إلى جانب
القطاع الخاص.
- 26 -
* نفقات دعم االستثمارات الوطنية ،مثل التكّفل الكّلي أو الجزئي بمصاريف إقامة المنشآت
المؤدية
ّ طرق
األساسية الضرورية لالستثمار أو مصاريف إيصال المياه والكهرباء ،وإنشاء ال ّ
إلى مناطق االستثمار(.)1
محل نقد ،فبعض أن هذا التقسيم وإن ظهر نظريا ّأنه صحيح ،إالّ ّأنه في الحقيقة ّغير ّ
تتكرر سنويًّا بسبب التوتّر الدولي،
النفقات غير العادية وغير المتكررة كالنفقات العسكرية التي ّ
متكررة بسبب ظهورها المستمر سنويا(.)2
يمكن أن تصبح نفقات ّ
سوف نركز ضمن هذا الجزء على النفقات التي يقرها التشريع الجزائري ،فالتقسيمات
األخرى موجودة ضمنيا في القانون الذي يحدد نفقات قسم التسيير ،ونفقات قسم التجهيز
واالستثمار ،وهذا التقسيم يعتبر تقسيما شامال وعمليا يتضمن جميع األطر التي تنظم نفقات
الجماعات المحلية واإلقليمية (الوالية والبلدية).
يخصص ضمن ميزانية الجماعة المحلية ،والية كانت أو بلدية ،مبالغ مالية لتسيير المصالح
ّ
والقيام بالخدمات الضرورية لمجموع األفراد وإشباع الحاجيات الجماعية لهم ،وهي نفقات ال
يمكن االستغناء عنها ،وال تستثمر المرافق العامة التابعة للجماعة المحلية إال بوجودها.
يمكن الرجوع الى المادة 198من قانون رقم 10-11:المؤرخ في جوان ،2011المتعلق
تتضمن" :يحتوي قسم التسيير في باب النفقات على ما يأتي:
ّ بالبلدية ،التي
- 1المرجع نفسه.
- 2محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العلا ،المرجع السابق ،ص.29
- 27 -
-نفقات صيانة األمالك المنقولة والعقارية.
-فوائد القروض.
-األعباء السابقة(.")1
أما بالنسبة للوالية ،فإن المادة 158توضح ذلك ،لكن األمر ليس كالبلدية ،بالنظر إلى الوظائف
إن نفقات الوالية تشبه النفقات العامة للدولة ،إذ أنها
الكثيرة الواجب تقديمها من طرف البلديةّ ،
مبالغ يتم أنفاقها من أجل تسيير الجهاز اإلداري للوالية ،ويحتوي قسم التسيير على أجور
وأعباء مستخدمي الوالية ،مصاريف تسيير مصالح الوالية ،إضافة إلى أعباء التسيير المرتبطة
باستغالل تجهيزات جديدة.
تعتبر هذه النفقات ضرورية ،فهي تتعلق بالتجهيزات وأشغال المنشآت األساسية الكبرى
وتتميز هذه النفقات بأنها تؤدي إلى تنمية أمالك الجماعة
ّ االقتصادية ،اإلدارية واالجتماعية،
المحلية أو زيادتها بشكل مباشر ،وبتلك المتعلقة باإلعانات التي تمنح إلى الجمعيات وتسديد
قروض الجماعة المحلية ،ولها طبيعة وظيفية تساهم من خاللها في برامج التجهيز التي تصبح
ملكا للجماعات المحلية ،مثل اقتناء العقارات والعتاد والمعدات.
- 28 -
تنص المادة 198من قانون البلدية 10-11في فقرته الثانية على أن قسم التجهيز واالستثمار
يحتوي بموجب القانون على ما يلي:
وبالرجوع الى ميزانية البلدية ضمن نفقات التجهيز واالستثمار نجدها تقسم إلى:
-برامج البلدية :وهي النفقات التي تسعى من خاللها البلدية لتنفيذ مخططاتها التنموي والمتعلقة
اساسا بالتجهيزات ،الطرق ،التعمير والسكن ...الخ
-برامج لحساب الغير :وهي النفقات التي تساهم فيها البلديات في انشاء مؤسسات عمومية
تابعه لها وتقديم مساعدات للوحدات االقتصادي المحلية أو تمويل مشروعات مشتركة.
عموما فإن نفقات الجماعة المحلية ،وخاصة البلدية يمكن أن تكون ضمن هذا الترتيب:
- 29 -
واضطالعها بوظائف كثيرة على غرار تهيئة اإلقليم وتنميته ،وتلبية االحتياجات المتنامية
لجمهور المواطنين في اقليمها ،فضال عن انخراط الجماعات اإلقليمية للدولة في تحقيق التنمية
الوطنية الشاملة من خالل تجسيد أهداف السياسات العمومية التي ترسمها الحكومة على
النطاق االقتصادي واالجتماعي والثقافي.
عملية صرف النفقات العامة المحلية:
يأتي تطبيق هذه العملية بعد النهاية من تحضير الميزانية والتصويت عليها والمصادقة،
إذ يتم تنفيذ الميزانية ،وفي خضم ذلك يأتي القيام بعملية صرف النفقات العامة للجماعة
المحلية ،وفي هذا العنصر نركز على عملية صرف النفقات العامة للبلدية ،إذ أن ذلك يمر
بمراحل نلخصها فيما يلي:
-المرحلة اإلدارية:
تشمل هذه المرحلة اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي لكونه االمر بالصرف
االساسي لميزانية البلدية ،إذ تتجسد هذه المرحلة في االلتزام بالنفقة l'engagement de la
dépenseحيث يعتبر ذلك سندا قانونيا تلتزم البلدية بمقتضاها بدفع النفقات مقابل الخدمات
التي تستفيد بها ،ثم تليها عمليه تصفيه النفقة ،la liquidationحيث يحدد المبلغ الصحيح
للنفقات العمومية ،فيقوم على اثرها اآلمر بالصرف من خالل تحرير الحواالت كإجراء يتم
بموجبه دفع النفقات العمومية ،لكن ذلك يتبعه عملية محاسبية في المرحلة التالية
-المرحلة المحاسبية:
اذا كانت المرحلة السابقة إدارية ،وهي عبارة عن عمليات إدارية من مهام رئيس البلدية،
فإن هذه المرحل هي عبارة عن عملية محاسبية تشمل الدفع Paiementقيمة ،وهي من
صالحيات المراقب المحاسبي العمومي ،إذ أن المراقبة المالية يؤشر عليها من خالل تأكده
من وجود االعتمادات المالية ،في حين أن المحاسب العمومي والذي هو أمين خزينة البلدية
يقوم بدفع النفقة بعد تراكده من الشروط الصحيحة للنفقة ،وبالتالي تعد هذه المرحلة ذات أهمية،
ألنه بمقتضاها يتم اخراج النفقة ودفعها الى مستحقيها أو الدائنين الحقيقيين للجماعات المحلية.
- 30 -
المحور الثالث :إيرادات الجماعات المحلية
بغية قيام الجماعات المحلية بتمويل مختلف نفقاتها لتلبية حاجيات مواطنيها وتمويل
برامج التنمية المحلية يلزمها تحصيل موارد مالية كافية تتوافق مع نفقاتها العامة ،إذ تتعدد
وتتنوع مصادر هذه الموارد المالية من إيرادات داخلية (أو ذاتية) وإيرادات خارجية ،غير أن
المداخيل الجبائية تمثل المرتبة األولى من اإليرادات العامة للجماعات المحلية ،ثم تأتي بعدها
األمالك العامة ،وتضاف لها إعانات الهيئات المختلفة ،غير أن هناك اختالف بين الجماعات
المحلية ذاتها فيما يخص نسب تحصيل هذه اإليرادات العامة وذلك بالنظر إلى الوضعية
والنشاط االقتصادي لإلقليم واالمكانيات المتاحة له.
.1.4تعريف اإليرادات العامة للجماعات المحلية
يقصد باإليرادات العمومية المحلية مجموع الموارد المالية المتاحة للجماعات اإلقليمية
والمحلية والتي يمكن توفيرها من مصادر مختلفة بغية تمويل التنمية المحلية لألقاليم بالشكل
الذي يحّقق معدالت نمو حقيقية ،وهي بمثابة الدعامة األساسية لوضع أهداف واتخاذ ق اررات
ضمن نظام اإلدارة المحلية(.)1
تتضمن الموارد المحلية مجموع الضرائب والرسوم وااليجارات والقروض واالعانات ،حيث
ّ
غالبية دول العالم تقرر لهيئاتها المحلية حق الحصول على هذه الموارد ،انطالقا من مبدأ
االستقاللية اإلدارية والذمة المالية التي تقوم عليها اإلدارة المحلية ،لكنها تختلف في طبيعة
المورد الرئيسي الذي تعتمد عليه الجماعات اإلقليمية في تمويل الجانب األكبر من نفقاتها على
واشباع الحاجات العامة لسكانها. ()2
التنمية المحلية
.2.4تقسيم إيرادات الجماعات المحلية في التشريع الجزائري
تقسم اإليرادات المحلية من حيث مصدرها إلى إيرادات ذاتية وأخرى خارجية ،فأما ّ
االيرادات الذاتية فهي مجموع الموارد التي تنتج عن الضرائب والرسوم المحلية ،والتي تضاف
إلى الضرائب والرسوم الوطنية ،باإلضافة إلى ذلك الموارد الخاصة التي تنتج عن تشغيل
واستثمار المرافق التابعة للجماعات المحلية ،وهي موارد مالية خاصة بها ومستقلة عن مالية
- 1جلول ياسين بن الحاج" ،أهمية تفعيل اإليرادات المحلية غير الجبائية في تمويل التنمية المحلية -حالة الجزائر ،"-مجلة
البديل االقتصادي (جامعة الجلفة) ،مجلد ،4 :عدد ،2:ديسمبر ،2017ص.142
- 2المرجع نفسه.
- 31 -
الدولة ،هدفها تمكين الجماعات المحلية من االعتماد على نفسها لتحقيق أهدافها التنموية،
وتتلخص هذه الموارد فيما يلي:
ّ
أ -اإليرادات الجبائية
عدة مصادر لتمويل ميزانيتها ،ويمثل الوعاء يتكون من ّ
للجماعات المحلية وعاء جبائي ّ
تميزه باالستقرار مقارنة بالموارد األخرى،
الجبائي أهم مصدر لمواردها المالية ،وذلك بالنظر الى ّ
ويمثل الضرائب والرسوم بمختلف أشكالها القسم األكبر لإليرادات ،والتي تفوق %90من
عائداتها ،سواءا بشكل كلي أو جزئي.
فيما يخص الموارد الجبائية المخصصة كليا للجماعات المحلية فهي تتكون من مختلف
الضرائب والرسوم المحلية التي تعود حصيلتها اإلجمالية مباشرة وكلية للجماعات المحلية دون
سواها ،وهي عديدة ومتنوعة ،نذكر منها:
- 1حمدي معمر ،إصالحات المالية المحلية في الجزائر كآلية لتصحيح عجز ميزانية الجماعات المحلية – باإلشارة إلى
حالة ميزانية البلديات ،-مجلة االقتصاد والمالية ،جامعة الشلف ،المجلد 9:عدد ،2018 ،02 :ص.88
- 2المرجع نفسه.
- 32 -
داخل البلديات المعنية بها ،يتراوح ما بين 1.000دج و130.000دج حسب طبيعة كل محل
واستعماالته(.)1
رسم اإلقامة:
عدة تعديالت منها عام 2006وعام ،2008وتم
تأسس هذا الرسم عام ،1998وعرف ّ
ّ
فرضه على األشخاص غير المقيمين داخل البلدية ،حيث يتم تحصيله من خالل الفنادق ،أو
ا لمحالت المستعملة إليواء السياح أو المعالجين بالحمامات المعدنية ،وتستفيد منه البلديات
أن قيمته تختلف باختالف مكان اإلقامة ورفاهيتها ،ويتراوح ما بين 50دج إلى
بالكامل ،غير ّ
600دج(.)2
الرسم على السكن:
تم
كان يطبق في بعض المدن الجزائر العاصمة ،قسنطينة ،عنابة ووهران) وبعد ذلك ّ
مقرات الدوائر الحضرية الرئيسية ،يعتبر هذا الرسم سنويا ،ويقدر
تعميمه على كل البلديات في ّ
بـ 300دج بالنسبة للمحالت ذات الطابع السكني2001 ،دج بالنسبة للمحالت ذات الطابع
ويحصل من خالل فاتورة الكهرباء والغار لمؤسسة سونغاز(.)3
ّ المهني،
أما فيما يخص الموارد الجبائية المخصصة جزئيا للجماعات المحلية فتتمثل في مختلف
تقسم عائداتها بين الجماعات المحلية من جهة وبعض الهيئات
الضرائب والرسوم المحلية التي ّ
والصناديق األخرى مثل صندوق الضمان والتضامن من جهة ثانية والدولة ممثلة في السلطات
المركزية من جهة ثالثة ،وتترّكز أهم هذه الموارد فيما يلي:
الرسم على القيمة المضافة:TVA :
تأسس هذا الرسم في الجزائر عام 1991لتعويض الرسم الوحيد اإلجمالي على اإلنتاج
والرسم الوحيد على إنتاج الخدمات ،وفي عام 2017أصبح يفرض بمعدلين؛ المخّفض بنسبة
%9والمعدل العادي بنسبة ،)4(%19وهو عبارة عن ضريبة غير مباشرة يتحملها المستهلك
ويدفعها المنتج ،ويتم تطبيقها على عمليات االستيراد ،عمليات البيع واألشغال العقارية،
والخدمات غير الخاضعة لرسوم خاصة تفرض بمعدل منخفض ،%9وبمعدل مرتفع ،%19
- 1المرجع نفسه.
- 2المرجع نفسه.
- 3المرجع نفسه.
- 4المرجع نفسه ،ص.89
- 33 -
ويوزع عائده على النحو التالي:
وهو من اهم الموارد الجبائية بالنظر إلى مردوديته العاليةّ ،
حصة الدولة ،%75البلدية ،%10الصندوق المشترك للجماعات المحلية .)1(%15
-الرسم على الذبح:
يفرض على ذبح الحيوانات من أجل االستهالك ،وأيضا على اللحوم المستوردة والمصدرة،
ويخصص 1.5دج من هذه التعريفة لصالح صندوق
ّ يحصل بمعدل 10دج دج للكلغ الواحد، ّ
حماية الصحة الحيوانية(.)2
-قسيمة السيارات :وتسمى الدمغة الجبائية على السيارات ،تفرض هذه الضريبة على
السيارات المرقمة في الجزائر ،ظهرت في عام ،1996تفرض على كل شخص طبيعي أو
معنوي يملك سيارة تسير بالبنزين أو المازوت ،وتعفى السيارات التي تسير بغاز البترول المميع
،GPLكما تستثنى من دفعها سيارات الدولة والجماعات المحلية ،سيارات اإلسعاف ،السيارات
المجهزة بالعتاد الصحي ،وسيارات ذات العتاد المخصص للحرائق وكذا سيارات ذوي
االحتياجات الخاصة ،حيث تتغير التعريفة من سيارة إلى أخرى تبعا لحجم محركها ونوعية
وسنة بداية استعمال السيارة ،وتتراوح قيمتها ما بين 300دج و18.000دج ،توزع كاآلتي:
%20لصاح الصندوق الوطني للطرقات والطرق السريعة 30 ،لصالح صندوق الضمان
والتضامن للجماعات المحلية ،و %50لصالح ميزانية الوالية(.)3
كما توجد موارد مالية أخرى في هذا اإلطار تستفيد منها الجماعات المحلية ،مثل الضريبة
الجزافية الوحيدة والرسم على اإلعالنات والصفائح المهني ،الضريبة على أرباح المناجم ،IBM
الرسم على حق استغالل المساحة المنجمية ،الرسم التكميلي على المياه المستعملة ،الرسم على
الزيوت والشحوم وتحضير الشحوم ،الرسم على التلوث الجوي ذو المصدر الصناعي على
وغيرها ،لكن الكثير منها غير معنية به خاصة المحددة
()4
ّ الكميات المنبعثة المتجاوزة القيم
البلديات النائية ،وتعتبر مردوديتها ضعيفة مقارنة بالرسوم األساسية التي تحدثنا عنها في
السابق.
- 1المرجع نفسه.
- 2يوسف مسعداوي ،المرجع السابق ،ص.22
- 3يامة إبراهيم ،مدى مساهمة صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية في إنعاش التنمية المحلية "دراسة نظرية
تقييمية" ،مجلة ميالف للبحوث والدراسات ،جامعة ميلة (الجزائر) ،عدد 5:جوان ،2017ص.613
- 4يوسف مسعداوي ،المرجع السابق ،ص.22
- 34 -
من الناحية أن إيرادات الجماعات المحلية لها موارد جبائية مهمة ،غير ّأنه من الناحية
الواقعية وكما يؤّكد الوزير األسبق للداخلية والجماعات المحلية السيد (دحو ولد قابلية هناك
القليل من الم داخيل الجبائية التي ترجع بفائدة معتبرة للجماعات المحلية وخاصة البلديات منها،
حيث تش ّكل كّلها %95من المداخيل الجبائية المحلية المقدرة سنة 2000ب 23,8مليار دج،
موزعة بنسبة %65بالنسبة للبلديات %30 ،بالنسبة للواليات و %5بالنسبة للصندوق المشترك
ّ
فإنه ال يوجد توازن أحسن للنسب
ما بين الجماعات المحلية ( ، )FCCLفضال عن ذلكّ ،
()1
المطبقة بين السلطات المركزية (الدولة) والجماعات المحلية ،كما هو الحال في الرسم على
ّ
توجه نسبة %70إلى البلديات و %30إلى صندوق الحماية و ّ
الصحة الحيوانية، الذبح ،حيث ّ
وتبقى نجاعة هذا الصندوق غير مؤّكدة ،وهناك الضريبة على الملكية ،ال تعود منها سوى
قدرت عام مما يجعل الجماعات المحلية ذات مداخيل ضعيفةّ ، نسبة %20إلى البلدياتّ ،
2000ب 8ماليين دج فقط ،وأيضا بالنسبة للرسم على البيئة الذي يعرف توزيعه فرقا هاما
مبرر بين البلدية ( )%20والصندوق الوطني للبيئة ( ،)%50ناهيك عن الرسوم وغير ّ
والضرائب األخرى كقسيمة السيارات ،والرسوم على الّلفتات والشعارات والّلوائح االشهارية،
والرسم العقاري وغيرها(.)2
إن هذه المظاهر تؤّكد ضرورة إجراء إصالحات جوهرية وعميقة تهدف إلى تدعيم الوسائل
المالية للجماعات المحلية ،وتمكينها من مواجهة مختلف التحديات ،ومعالجة االختالالت ذات
الطابع الهيكلي المتسببة في المديونية ،فضال عن ذلك ،ضرورة تلبية الحاجيات المتصاعدة
التزود بوسائل بشرية ومادية تتماشى
ّ في مجال الخدمات العمومية ،ناهيك عن ضرورة
ومتطّلبات تسيير عصري وراشد(.)3
ب -اإليرادات غير الجبائية
تساهم الموارد المالية غير الجبائية كموارد ذاتية للجماعات المحلية في عملية التمويل
باعتبارها تش ّكل اإلمكانيات الداخلية لها ،لها دور في ضمان توازن ميزانياتها وتضمن لها
-1دحو ولد قابلية« ،محاضرة بعنوان :اإلصالح الجبائي» ،ضمن الندوة العلمية حول :اإلصالحات المالية والجباية المحلية
يوم 31مارس ،2003ص.13
-2المرجع نفسه ،ص ص.15-14
-3المرجع نفسه ،ص.15
- 35 -
استقالليتها المالية ،وتتمثل في إيرادات ونواتج األمالك التابعة لها ،وإيرادات استغاللها لبعض
المرافق ،وكذا مشروعات الجماعات المحلية المشتركة.
-إيرادات األمالك:
تحصل الجماعات المحلية نتيجة استخدام أمالكها العمومية والخاصة من طرف الغير ّ
على مدا خيل أساسية تساهم في تمويل ميزانيتها ،كبيع بعض المنتجات مثل الرمل واألخشاب،
حقوق اإليجار ،حقوق استغالل المساحات في المعارض واألسواق وأماكن التوقف وركن
المركبات ،حقوق وعوائد حق االمتياز مثل رخص استعمال الفضاءات العامة ورخص البناء(،)1
ويحدد قانون البلدية رقم 11/10في مواده ( 158 ،157و )159مجموع أمالك البلدية
ّ
العمومية والخاصة ،فأما العمومية فيمكن أن تكون طبيعية واصطناعية ،والخاصة تشمل
البنايات واألراضي ،المحالت ذات االستعمال السكني وتوابعها ،والعقارات والمحالت ذات
االستعمال المهني أو التجاري أو الحرفي التي نقلت ملكيتها إلى البلدية ،المساكن اإللزامية أو
الوظيفية وغيرها من األمالك التي يحددها القانون في نص المادة ( ،)2()159أما بالنسبة
للوالية فإن أمالكها محددة في الفصل الثاني من الباب الرابع ( )04من قانون ()07/12
المتعلق بالوالية ضمن المادة ،132وهي غير مفصلة ،في حين تنص المادة ( )153على
تسيير االمالك وسير المصالح العمومية المحلية(.)3
تتميز هذه اإليرادات بالضعف مقارنة باإليرادات الجبائية ،رغم أنها مداخيل مستمرة
ّ
ومتجددة ،وهي ال تتجاوز في العموم نسبة %10من مجموع الموارد(.)4
ّ
- 36 -
-مشروعات الجماعات المحلية المشتركة:
تضمن قانون البلدية والوالية إمكانية الجماعات المحلية إنشاء مشاريع ومؤسسات مشتركة
بينها خدمة للمصلحة العامة ،حيث تستفيد من إيراداتها ،حيث تتضمن أرباح وفوائد هذه
المشاريع والمؤسسات ،وهي إيرادات هامة لها تسمح بتغطية نفقاتها للتسيير والتجهيز ،كما
نص عليه كل من قانون البلدية والوالية
يدخل ذلك في إطار التعاون ما بين الجماعات الذي ّ
في إطار صناديق الضمان والتضامن(.)1
جـ -اإليرادات الخارجية للجماعات المحلية
تجسد الموارد المالية الخارجية للجماعات المحلية مداخيل استثنائية في غالب األحوال،
ّ
أي مرحلية فقط لضرورة تتطلبها تمويل مشاريع تنموية في األقاليم ،غير أنها تصبح ضرورية
بتنوع مصادرها
وتتميز هذه الموارد ّ
ّ خاصة إذا لم تحقق الموارد الداخلية الكفاية لتمويل الميزانية،
من إعانات تقدمها الدولة ،قروض ،تبرعات ،هبات ووصايا.
-إعانات الدولة
معظم الجماعات المحلية خاصة البلديات في بالدنا تعاني عج از واضحا في مدا خيلها،
ولهذا فإن الدولة تساهم بإعانات معتبرة لها بهدف ضبط توازن ميزانيتها وتحقيق التنمية
االقتصادية واالجتماعية في إقليمها ،وهي موارد مهمة تساهم في استقرار ميزانية الجماعات
المحلية ،وتشمل هذه اإلعانات ما يلي(:)2
مخصصة :وتكون لغرض معين ،وهي سنوية ،وغالبا ما تقدر بعدد
▪ اإلعانات غير ال ّ
السكان.
المخصصة؛ ومن أهمها :إعانات التجهيز واالستثمار من أجل تمويل المشاريع
ّ ▪ اإلعانات
التي تقوم بها الجماعات المحلية ،فضال عن إعانات التجهيز في إطار المخططات
البلدية للتنمية ( )P.C.Dوالمخططات الوالئية للتنمية (.)P.S.D
▪ إعانات الميزانية ،من أجل مواجهة العجز في ميزانية الجماعات المحلية.
▪ إعانات تعويضية :حيث تلجأ إليها الدولة في حالة إلغاء الضرائب المحلية تماشيا مع
السياسة العامة للدولة.
-1انظر قانون رقم 07-12المتعلق بالوالية ضمن المواد 147 ،146 :و ،148وقانون رقم 10-11المتعلق بالبلدية في
المواد ،154 ،153 :ومواد القسم الخامس المتعلّق بالتضامن ما بين البلديات والمابين البلديات.
-2بن الحاج جلول ياسين ،المرجع السابق ،ص.154
- 37 -
▪ إعانات ألغراض اقتصادية تهدف إلى التوسع في مشاريع عامة محلية.
-إعانات صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية
يجسد هذا الصندوق عملية التضامن المالي بين الجماعات المحلية ،من خالل تعبئة ّ
الموارد المالية بين الجماعات المحلية والدولة والقيام بتوزيعها ،ويكّلف الصندوق بضمان الموارد
الجبائية من ضرائب ورسوم والتي عرفت تناقصا فعليا بالمقارنة مع تقديراتها ،ويساهم الصندوق
في الوساطة البنكية لصالح الجماعات المحلية ،ويقدم إعانات مالية لفائدة البلديات بغية إعادة
تأهيل المرافق العامة على المستوى المحلي(.)1
-القروض
تعتبر القروض شكال آخ ار من أشكال التمويل المحلي ،وهي من الموارد االستثنائية التي
وتخص إيرادات قسم التسيير فقط ،إذ تلجأ إليها الجماعات المحلية عندما ال
ّ تتكرر دائما،
ال ّ
نص قانون البلدية على
تكفيها مواردها المالية الذاتية لتغطية نفقاتها وتنفيذ التزاماتها ،وقد ّ
()2
- 38 -
المحور الرابع :ميزانية الجماعات المحلية
كل أشخاص القانون العام المعنوية التي تملك الشخصية المعنوية واالستقالل المالي لها
ميزانية خاصة بها بما في ذلك الجماعات المحلية (البلدية والوالية) ،حيث يكون لها تنظيم في
شكل برنامج يضم النفقات واإليرادات لمدة زمنية تقدر عادة بسنة ،توضع من أجل تحقيق
األهداف المسطرة للجماعات المحلية ،وهي في الغالب لها نفس المبادرة التي تحكم الميزانيات
األخرى في اإلدارة العامة ،وتخضع لمراحل من قبيل التحضير واإلعداد ،التنفيذ والرقابة ،مع
وجود بعض الفوارق واالختالفات مع ميزانية الدولة العادية.
.1.5تعريف الميزانية العمومية للجماعات المحلية
تعرف الميزانية العمومية للجماعات المحلية على أنها :وثيقة حسابية تقديرية يتم تحضيرها
وإعدادها من قبل الهيئة المحلية من خالل عملية جرد لنفقاتها وإيراداتها المراد تحقيقها خالل
سنة مالية ،على أن تخضع عملية تنفيذها لإلجراءات الرقابية على المستوى المحلي والمركزي.
نصت المادة 157من قانون 07-12المتعّلق بالوالية على ّ
أن" :ميزانية الوالية هي ّ
جدول تقديرات اإليرادات والنفقات السنوية الخاصة بالوالية ،وكما هي عقد ترخيص وإدارة يسمح
نصت المادة 176من بسير مصالح الوالية وتنفيذ برنامجها للتجهيز واالستثمار" ،فيما ّ
()1
-1قــانــون رقــم 07 - 12مؤرخ 21فبراير سنة 2012يتعلـق بالوالية ،المصدر السابق ،ص.23
-2قانون رقم 11 - 10مؤرخ 22يونيو سنة 2011يتعلق بالبلدية ،المصدر السابق ،ص.24
- 39 -
وهذه الخاصية تجعل من نفقات وإيرادات الجماعات المحلية تخضع إلى ترخيص بقوة
القانون ،أي الحصول على رخصة من طرف الهيئات المنتخبة إلى اآلمر بالصرف.
-الميزانية المحلية هي عمل دوري:
تقوم الجماعات المحلية بتحضير وإعداد ميزانيتها بشكل دوري كل سنة مالية جديدة.
-الميزانية المحلية هي عمل إداري وقانوني:
تقوم اإلدارة بإعداد الميزانية وتنفيذها ومراقبتها ،وهو ما يسمح من خاللها بحسن سير
المصالح المحلية وضمان استم ارريتها ،وهي عمل قانوني يستند في تحضير الميزانية وإعدادها
ومناقشتها ،وتنفيذها ومراقبتها إلى القانون ،فهناك إجراءات قانونية لكل هذه العمليات ال يمكن
تجاوزها.
.2.5وثائق ميزانية الجماعات المحلية
ومعرفة على النحو التالي:
ّ تتكون الميزانية المحلية من ّ
عدة وثائق ميزانياتية مفصلة
أ -الميزانية األولية:
وتتضمن جملة التقديرات المالية لإليرادات
ّ تعتبر هذه الوثيقة من الوثائق األساسية،
يتم إعدادها قبل تاريخ 31أكتوبر من السنة( ،)1تحتوي على ميزان عام
والنفقات لسنة مدنيةّ ،
ملخصة عن توازن الميزانية ومالحق إحصائية ،وهي عبارة عن معلومات ذات أهمية
وجداول ّ
بالغة ألعضاء المجلس الشعبي كي يمارس مهام الرقابة(.)2
ب -االعتماد المالي المسبق:
ويسوى عن طريق الميزانية اإلضافية(.)3
يتم وضعه قبل إعداد الميزانية اإلضافيةّ ،
ّ
جـ -الميزانية اإلضافية:
وتتميز بكونها
ّ تعتبر هذه الوثيقة تعديلية وتكميلية للميزانية األولية خالل السنة المالية(،)4
المقيدة
تتضمن النفقات وااليرادات الجديدة غير ّ ّ رابط بين سنتين ماليتين متتاليتين ،كما أنها
بالميزانية األولية ،فضال على احتوائها على تعديالت للنفقات وااليرادات المتوقعة في الميزانية
-1مرزوقي عمار" ،تحضير وتنفيذ ميزانية البلدية" ،المجلة الجزائرية للمالية العامة (جامعة تلمسان -الجزائر) ،عدد،2
ديسمبر ،2012ص.99
-2نعيجة فهيم والصادق األسود" ،النظام الميزانياتي للجماعات المحلية في الجزائر" ،مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية،
جامعة بسكرة ،المجلد ،14 :عدد ،1 :جوان ،2020ص.210
-3مرزوقي عمار ،المرجع السابق ،ص.99
-4نعيجة فهيم والصادق األسود ،المرجع السابق ،ص.210
- 40 -
يتم إعداد هذه الميزانية قبل تاريخ 31جوان من
األولية سواء بالزيادة أو النقصان ،على أن ّ
السنة المالية التي تطبق فيها(.)1
د -الترخيص الخاص:
فإن
إذا وجدت إيرادات جديدة غير واردة في الميزانية اإلضافية بعد المصادقة عليهاّ ،
يتم إق ارره من طرف
يوجه هذه االعتمادات بواسطة ترخيص خاص ّ المجلس الشعبي يمكنه أن ّ
يسوى عن طريق الحساب
السلطة المركزية الوصية (و ازرة الداخلية والجماعات المحلية) ،حيث ّ
اإلداري(.)2
هـ -الحساب اإلداري:
التعرف على الوضعية الفعلية للعمليات
يتعّلق هذا الحساب بالنتائج المحققة ،حيث يمكن ّ
المجسدة فعال في الواقع ،فضال عن اإليرادات
ّ فيتضمن اإلنجازات
ّ المالية المنجزة خالل السنة،
المرحل (فوائض النفقات وااليرادات) الذي يجب ترحيله في
ّ والنفقات الباقي إنجازها والفائض
الميزانية اإلضافية(.)3
- 41 -
السنة المقبلة فيما يخص تصفية النفقات ودفعها ،وإلى غاية 31مارس فيما يتعلق بتصفية
اإليرادات وتحصيلها ودفع النفقات(.)1
ب -مبدأ وحدة الميزانية:
يقصد بهذا المبدأ ضرورة إدراج جميع النفقات في وثيقة الميزانية ،وهي وثيقة واحدة دون
تشتتها في بيانات مختلفة ،والهدف من ذلك تنظيم عمل الميزانية وتوضيحها ،وتسهيل عمل
مناقشتها ومهمة ترتيب أولويات اإلنفاق(.)2
جـ -مبدأ توازن الميزانية:
وهو أساس التسيير المحلي للمالية المحلية ،حيث يشترط توازن بين النفقات واإليرادات
العمومية توازنا صارما ،فنفقات قسم التسيير وقسم التجهيز واالستثمار يقابله إيرادات قسم
التسيير وقسم التجهيز واالستثمار( ،)3ويتطلب ذلك الدقة في عملية التحضير واإلعداد ،وهذه
القاعدة مسموح بنقضها في ميزانية الدولة ،فقد يكون عجز الميزانية العامة أداة للسياسة المالية
هدفه إعادة االستقرار في االقتصاد الوطني ،لكنها مرفوضة في ميزانية الجماعة المحلية.
د -مبدأ الفصل بين األمر بالصرف والمحاسب العمومي:
يخضع تنفيذ الميزانية إلجراءات إدارية وأخرى محاسبية ،فاألولى هي من مهام اآلمر
بالصرف ،والثانية من مهام المحاسب العمومي ،والغرض من الفصل بين المهام هو توضيح
أطر عملية التنفيذ وضمان حماية األموال العمومية والحرص على حسن تسييرها.
هـ -مبدأ التصويت قبل أي تنفيذ:
باعتبار أن الميزانية المحلية تقديرية وترخيصية فإنه يقتضي المصادقة عليها قبل الفاتح
جانفي ،وباعتبارها ذات طبيعة استشرافية تنبؤية فاألمر يتطّلب إقفال عناصرها قبل السنة التي
تسبق تنفيذها(.)4
و -قاعدة عدم التخصيص:
-1قانون رقم 11 - 10مؤرخ 22يونيو سنة 2011يتعلق بالبلدية ،المصدر السابق ،ص.25
وقــانــون رقــم 07 - 12مؤرخ 21فبراير سنة 2012يتعلـق بالوالية ،المصدر السابق ،ص.24
-2نعيجة فهيم والصادق األسود ،المرجع السابق ،ص.209
-3المرجع نفسه.
-4المرجع نفسه.
- 42 -
يخصص في
تصب في وعاء واحد ّ ّ ويقصد به أن جملة اإليرادات المحلية على اختالفها
مجمله إلى تغطية جملة النفقات المحلية( ،)1وال يمكن تخصيص ايراد معين النفاق معين ضمن
ميزانية الجماعة المحلية.
الشكل أدناه يوضح ميزانية الجماعات المحلية:
-1المرجع نفسه.
- 43 -
.4.5دورة الميزانية المحلية
تمثل دورة الميزانية العمومية المحلية المراحل التي تمر بها ،بداية من التحضير ،ثم
التنفيذ ،وأخي ار الرقابة ،ولكل مرحلة ضوابطها وإجراءاتها ،نحاول ان نفصل في ذلك بشكل
مختصر.
أ -تحضير الميزانية المحلية:
تعتبر هذه المرحلة تقديرية واستشرافية لنفقات وإيرادات الجماعة المحلية ،حيث تنطوي
على عمل دقيق يبدأ بعملية اإلعداد ،ثم عملية االقتراع والتصويت وبعدها عملية المصادقة.
-عملية اإلعداد:
تشمل هذه العملية وضع مشروع لتقديرات النفقات واإليرادات محددة بالتقدير ،من خالل
جمع المعلومات الالزمة ومعالجتها ومعرفة معوقات التنفيذ( ،)1وتعتبر هذه العملية بمثابة حجر
الزاوية للميزانية ،وهي عمليات فنية وإدارية تناط بمسؤولين في الجماعة المحلية ،تحت سلطة
الوالي في ميزانية الوالية ،ورئيس المجلس الشعبي البلدي في ميزانية البلدية.
-عملية االقتراع والتصويت:
تشمل هذه العملية الدراسة والمناقشة من طرف اللجنة المالية في الهيئة المحلية التابعة
للمجلس الشعبي الوالئي او البلدي ،ويمكن ان تدخل عليها تعديالت ،كما يمكن ألعضاء
المجلس الشعبي الوالئي أو البلدي قبول أو رفض أو تعديل مشروع الميزانية من خالل عملية
االقتراع من طرف النواب المنتخبين ،تتم عملية التصويت قبل تاريخ 31أكتوبر على مشروع
الميزانية األولية من السنة المالية التي تسبق سنة التطبيق ،وعلى الميزانية اإلضافية قبل 15
جوان من السنة المالية التي تنفذ فيها( ،)2وتتم عملية التصويت على مشروع الميزانية بابا بابا،
ومادة مادة وفق ما ينص عليه قانون البلدية (المادة ،)182وقانون الوالية (المادة .)3()162
-عملية المصادقة:
- 44 -
تعد هذه العملية بمثابة اعتماد الميزانية بعدما تم إقرارها بالتصويت ،وال يمكن المصادقة
عليها إذا كانت غير متوازنة أو لم تنص على النفقات اإلجبارية ،وال يمكن تنفيذها إال بعد
إقرارها من طرف السلطة الوصية(.)1
يتولى عملية المصادقة على الميزانية البلدية الوالي ،ويمكن للسلطة الوصية رفضها أو
تعديلها( ،)2وإذا كان سكان البلدية أقل من 5000نسمة تؤول عملية المصادقة إلى رئيس
الدائرة بدل الوالي ،في حين تتم المصادقة على ميزانية الوالية من طرف المجلس الشعبي
الوالئي ،وإذا حدثت مشاكل من قبيل الرفض من طرف المجلس نفسه يستدعى من قبل الوالي
لالنعقاد في دورة غير عادية للمصادقة ،وإذا استمر الرفض يبلغ الوزير المكلف بالداخلية الذي
يمكن له اتخاذ التدابير المالئمة لضبطها والمصادقة عليها(.)3
ب -تنفيذ الميزانية المحلية
تعتبر مرحلة التنفيذ دخول الميزانية حيز التطبيق على أرض الواقع ،ويتولى هذه المهمة
أعوان مكّلفون ضمن جهازان منفصالن عن بعضهما هما :اآلمر بالصرف والمحاسب
العمومي ،فالذي يقرر ويتابع عمليات الميزانية ليس هو المكّلف بمسك األموال وتسديد النفقات،
ينص عليه قانون
انطالقا من مبدأ الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي وفق ما ّ
21-90المتعّلق بالمحاسبة العمومية(.)4
اآلمر بالصرف هو الشخص الممثل للدولة والمؤهل قانونا لتنفيذ عمليات تتعلق بأموال
الدولة وهيآتها وجماعاتها العمومية فيما يخص النفقات واإليرادات ،بالنسبة للوالية ،فإن الوالي
فإن رئيس
معينا من طرف رئيس الجمهورية ،وبالنسبة للبلدية ّ
هو اآلمر بالصرف باعتباره ّ
المجلس الشعبي البلدي هو اآلمر بالصرف باعتباره منتخبا من طرف الشعب على المستوى
المحلي.
المعين قانونا ،والمتصرف باسم الدولة ،جماعة
ّ أما المحاسب العمومي هو الشخص
محلية أو مؤسسة عمومية ،تترّكز مهامه في القيام بعمليات تحصيل اإليرادات ودفع النفقات،
- 45 -
ضمان حراسة األموال والسندات أو القيم المكلف بها وحفظها ،تداول األموال والسندات و القيم
و الممتلكات و العائدات و الموارد ،و عمله يأتي في مرحلة ثانية بعد مرحلة األمر بالصرف(.)1
المحاسب العمومي للبلدية هو أمين خزينة البلدية ،أما المحاسب العمومي للوالية فهو
أمين خزينة الوالية ،حسب قانون المحاسبة العمومية في مادته .33
يخضع تنفيذ الميزانية غلى مرحلتين أساسيتين ،مرحلة إدارية ومرحلة محاسبية تشمل كال
من نفقات الجماعة المحلية وإيراداتها.
بالنسبة لعملية تنفيذ النفقات المحلية ،فإن ذلك يخضع لمرحلتين هما:
المرحلة اإلدارية ،وهي من مهام اآلمر بالصرف ،تبدأ بااللتزام بالنفقة ،ثم تصفية النفقة
يمرر إلى المحاسب العمومي من أجل دفع
أي تقديرها الفعلي ،وأخي ار األمر بالصرف كإجراء ّ
المبلغ المستحق إلى شخص بموجب وثيقة مكتوبة(.)2
أما المرحلة المحاسبية فهي آخر مراحل صرف النفقة المحلية ينفذها المحاسب العمومي،
على أن يتأكد ويدّقق في قانونيتها وصحتها ،وتسمى هذه المرحلة وفق القانون بالعملية التي
يتم بموجبها إبراء ذمة الوالية أو البلدية ،أما بالنسبة لتنفيذ اإليرادات المحلية فإنها تخضع لنفس
اإلجراءات السابقة ،وتمر بمرحلتين أساسيتين المرحلة اإلدارية وتكون من مهام اآلمر بالصرف
وتتضمن أربعة مراحل؛ االثبات،
ّ والمرحلة المحاسبية وتكون من مهام المحاسب العمومي،
التصفية ،األمر بالتحصيل والتحصيل( .)3كل ذلك منصوص عليه في الفصل الثالث (عمليات
التنفيذ) من الباب األول (الميزانية والعمليات المالية وتنفيذها) ضمن قانون 21-90المتعلق
بالمحاسبة العمومية.
جـ -الرقابة على الميزانية المحلية
تعتبر الرقابة أداة هامة تهدف إلى حماية المال العام من سوء االستخدام أو اإلهمال،
ويتم ذلك من خالل القوانين وجملة اإلجراءات
ووسيلة ناجعة لالستعمال األمثل لهذه األموالّ ،
وتتلخص أهم أهدافها في التأ ّكد من مدى سالمة
ّ وفرض العقوبات في حال وقوع مخالفات،
-1المرجع نفسه.
-2المرجع نفسه ،ص.220
-3المرجع نفسه ،ص ص.221-220
- 46 -
العمليات المحاسبية والتحّقق من صحة الدفاتر والسجالت والمستندات ،فضال عن التأكد من
عدم تجاوز االعتمادات المقررة ضمن النفقات المحددة في الميزانية(.)1
وتعد الرقابة على تنفيذ ميزانية الجماعات المحلية في بالدنا رقابة صارمة استوحاها
ّ
المشرع من النموذج الفرنسي ،وهي في العموم رقابة داخلية وخارجية ،فاألولى يمارسها المراقب
المالي والمحاسب العمومي في الوالية والبلدية ،والثانية تجسدها مجموعة من األجهزة تتمثل
في الوصاية ،المفتشية العامة للمالية (تابعة لو ازرة المالية) ومجلس المحاسبة.
الرقابة الداخلية:
تعتبر هذه الرقابة سابقة وذاتية ،حيث تجري على المستوى المحلي أو اإلقليمي لتصحيح
يقره القانون وحسب ما جاء بالضبط في
األخطاء والمحافظة على المصالح العامة وفق ما ّ
وتتم هذه الرقابة قبل عملية الصرف.
أبواب ومواد الميزانية المحليةّ ،
يقع في نطاق هذه الرقابة ،المجلس الشعبي المنتخب ،المراقب المالي والمحاسب
ويعين بمقتضى قرار وزاري
العمومي ،حيث يعتبر المراقب المالي كموظف تابع لو ازرة الماليةّ ،
(وزير المالية) ،ويمارس الرقابة القبلية قبل عملية التنفيذ ،وله عدة مهام باإلضافة إلى مهامه
الرقابية ،إذ يمنح التأشيرة لآلمر بالصرف والملتزم بالنفقة بعدما يتأكد من شرعيتها ،كما له
مهام محاسبية وبمقتضاها يقوم بتسجيل العمليات المالية في سجل خاص وكل البيانات المتعلقة
بها ،والفواتير ،مبلغها ،اآلمر بالصرف القائم بها ،رقم وتاريخ التأشيرة ،كما له مهام استشارية
يمكن أن يقدم بعض اآلراء كالصعوبات والمشاكل المرتبطة بالتنفيذ للوصاية (و ازرة المالية) في
وتجسد هذا الرقابة عدم التركيز اإلداري كسياسة
ّ شكل تقارير ،لكن آراؤه ليست ملزمة في ذلك،
تتبعها الدولة في عمليات الرقابة(.)2
أما رقابة المحاسب العمومي فإن مهامه تكون أثناء عملية الصرف وتنفيذ الميزانية ،ألنه
يجسد وظيفة ثنائية تتعّلق بالتنفيذ والمراقبة في آن واحد( ،)3حيث تعتبر رقابته مرافقة لتنفيذ
ّ
ومكملة لرقابة المراقب المالي ،ويعتبر المحاسب العمومي حسب التشريع ّ النفقة العمومية
الجزائري (قانون المحاسبة العمومية في المادة :)33وهو ذلك الشخص المعين بصفة قانونية
-1لعيرج محمد وبن السيحمو محمد المهدي" ،ميزانية الجماعات المحلية بين االستقاللية والرقابة" ،المجلة االفريقية
للدراسات القانونية والسياسية (جامعة أدرار -الجزائر) ،المجلد ،5 :العدد ،1 :جوان ،2021ص ص.117-116
-2المرجع نفسه ،ص .119
-3سكوتي خالد" ،دور المحاسب العمومي في مراقبة الميزانية" ،مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية (المركز
الجامعي تمنغست -الجزائر) ،المجلد ،9 :العدد ،3 :جوان ،2020ص.91
- 47 -
للقيام بتحصيل اإليرادات ودفع النفقات وضمان حراسة األموال والسندات أو القيم أو األشياء
أو المواد المكلف بها و حفظها(.)1
أما رقابة المجلس الشعبي المنتخب فإن أعضاؤه يمثلون أفراد الشعب الذين انتخبوهم، ّ
فهم يعملون على تمثيل المواطنين والتعبير عن إرادتهم والدفاع عن مصالحهم ،ولهذا فالمجالس
الشعبية المحلية تقوم باالطالع الدائم والمتابعة المستمرة لمختلف أعمال اإلدارة ،كما أن الميزانية
تخضع للمناقشة والتصويت عليها بابا بابا ومادة مادة في المداوالت التي يعقدها النواب
المنتخبون وفق ما ينص عليه القانون(.)2
الرقابة الخارجية:
وهي رقابة إدارية ووصائية الحقة أو بعدية ،تمارسها السلطة الوصية على الجماعات
المحلية ،ويقع في نطاق هذه الرقابة ،رقابة و ازرة المالية عن طريق المفتشية العامة للمالية
كمؤسسة مستقلة ،وذلك حرصا على األموال العمومية والمحافظة ورقابة مجلس المحاسبة
()3
عليها.
فأما رقابة المفتشية العامة للمالية ( )IGFفهي هيئة رقابية على كل الهيئات والمؤسسات
التابعة للدولة والخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية بما فيها الجماعات المحلية (الواليات
والبلديات) ،وهي عبارة عن جهاز تابع لو ازرة المالية لكن مستقل عن كل المديريات التابعة
للو ازرة ،وطبيعة الرقابة التي تمارسها المفتشية هي رقابة بعدية ،قد تكون بإشعار قبلي أو بشكل
فجائي ،كما تقوم بإعداد برنامج سنوي يعرضه الوزير المكلف بالمالية خالل الشهرين األولين
من السنة المالية ،وهي تراقب التسيير المالي والمحاسبي لمصالح الدولة(.)4
أما رقابة مجلس المحاسبة فقد نص عليها الدستور ،وهي رقابة بعدية لكل أموال الدولة
والجماعات المحلية واإلقليمية والمرافق العامة ،ويعتبر مجلس المحاسبة جها از مستقال عن
الحكومة ،يشغله قضاة محاسبون ،يقوم بفحص الحسابات واكتشاف المخالفات المالية والغش
والسرقة ،فضال على أّنه يمكن أن يجري رقابته من خالل الوثائق والمستندات والسجالت
« -1قانون 21 – 90مؤرخ في 24محرم عام 1411الموافق 15غشت 1990يتعلق بالمحاسبة العمومية» ،الجريدة
الرسمية ل (ج .ج .د .ش) ،السنة ،27:عدد ،35 :ل 15أوت ،1990ص.1134
-2لعيرج محمد وبن السيحمو محمد المهدي ،المرجع السابق ،ص ص.123-121
-3المرجع نفسه ،ص.124
-4جبار رقية وبن بريح أمال" ،دور المفتشية العامة للمالية في مكافحة الفساد" ،مجلة البحوث والدراسات القانونية
والسياسية (جامعة البليدة -2الجزائر) ،المجلد ،9 :العدد ،1:ديسمبر ،2019ص ص 172و.197
- 48 -
طالع وسلطة التحري،
المقدمة له ،ويعاين المكان ،وقد يقوم بالرقابة بطريقة فجائية ،فله حق اال ّ
ورقابته تشمل نوعية التسيير ،كما يقوم بمراجعة حسابات المحاسبين العموميين ،كما يقدم تقري ار
لرئيس الجمهورية أو السلطة التشريعية عن عمله(.)1
- 49 -
المحور الخامس :المالية المحلية في الجزائر ومقتضيات إصالحها
مقدمة:
تضطلع الجماعات المحلية في بالدنا (البلديات والواليات) بمهام كثيرة ،وتقوم بأدوار
مهمة على صعيد التنمية االقتصادية واالجتماعية في مستوى األقاليم ،ومن أجل أداء هذه
فإن هذه المقاطعات اإلدارية تمتلك ميزانيات مستقلة بذاتها ،تختلف عن تلك
المهام واألدوارّ ،
المخصصة للدولة ،تكون مصادرها من األمالك الخاصة بكل واحدة منها ،وكذا الضرائب على
ّ
الخدمات المقدمة والجباية المحلية وااليرادات الناتجة عن مشاركة ميزانيات واقتراضات أخرى،
فضال عن الدعم الذي تقدمه الدولة للجماعات المحلية في إطار الصندوق المشترك للجماعات
المحلية ( ،)FCCLوهي على العموم موارد مالية متعددة ومتنوعة متأتية من مصادر ذاتية
وغير ذاتية.
منذ االستقالل عام 1962لم تكن اإلصالحات المالية والجبائية المحلية التي أجرتها
فكل مرحلة كانت تشهد تعديالت
لكل المراحل التي عرفتها بالدناّ ،
الحكومات المتعاقبة صالحة ّ
وتغييرات تماشيا مع الظروف والمستجدات التي كانت سائدة في كل مرحلة ،وحاليا ،غدت ّ
التطورات االجتماعية واالقتصادية
ّ الجماعات المحلية تواجه تحديات كبيرة أفرزتها جملة من
التغير الحاصل في المجتمع واالقتصاد ،وتداعيات ظاهرة العولمة،
أساسا في ّ
كزت ًوالسياسية ،تر ّ
واف ارزات األزمة االقتصادية والمالية العالمية عام ،2008ناهيك عن التراجع الكبير ألسعار
المحروقات منذ عام 2014وما يش ّكله من رهان كبير بالنسبة لميزانية الدولة وحتى للجماعات
المحلية ،ووصوال إلى تداعيات وباء كورونا (كوفيد )19-في بالدنا وما نجم عنه من آثار على
الراهن ضرورة إقرار إصالحات عميقة
مما يتطّلب في الوقت ّ الوضع االقتصادي واالجتماعيّ ،
التكيف مع هذه المستجدات والظروف.
لالقتصاد والالمركزية وهيئات اإلدارة المحلية للتأقلم و ّ
تتضمن عملية اإلصالح هذه تطبيق جملة االجراءات والتدابير الجديدة لتحسين تسيير
وادارة الجماعات المحلية ،وتفعيل دورها من أجل التنمية االقتصادية واالجتماعية ،يكون فيها
أهم جانب يحظى باالهتمام من أجل النهوض باألعباء الملقاة على عاتق الشق المالي ّ
الجماعات المحلية في بالدنا ،حيث تترّكز جهود اإلصالح فيما تبذله الحكومة من أجل إيجاد
بتسيير هذه المؤسسات ومشاريع التنمية
ّ بحل أهم المشاكل والقضايا المرتبطة
سبل كفيلة ّ
- 50 -
المحلية ،كمشكلة االنسداد في بعض البلديات ،ومشكلة التمويل والموارد المالية للجماعات
المحلية ،وغيرها من المشاكل الجوهرية األخرى.
نرصد ضمن هذه الورقة شرحاً مختص اًر لمالية الجماعات المحلية ،واقعها في الجزائر،
وأهم رهاناتها وآفاق تطويرها لالضطالع بأدوارها على مستوى التنمية الوطنية الشاملة وتحسين
معيشة المواطن.
.1مفهوم الجماعة الحلية:
يقوم نظام الالمركزية اإلدارية على انشاء وحدات محلية على مستوى إقليم الدولةُ ،يناط
لها أدوار في المجال االجتماعي واالقتصادي والثقافي تحقيقا للمصلحة العامة ،حيث تمثل
هذه الوحدات هيئات أساسية قاعدية في التنظيم اإلداري للدولة ،ووسيلة فعالة إلدارة وتسيير
شؤون المواطنين على المستوى المحلي ،وتساهم في تعزيز مشاركتهم في صنع القرارّ ،
خصتها
الدولة بقانون ينظم أدوارها وهيكلتها التنظيمية ،غير ّ
أن ذلك يختلف من بلد إلى آخر وذلك
باختالف نمط تطبيق الالمركزية فيها.
تعتبر الجماعات المحلية وحدات جغرافية مقسمة من إقليم الدولة ،تتشكل في صورة
هيئات تتمتع باالستقاللية اإلدارية والمالية ،ويحكمها قانون خاص بها ينظم عملها وتنظيمها
وعالقاتها ،أسندت لها الدولة مهام تسيير بعض الشؤون المحلية على نطاقها ،تتمتع بالشخصية
المعنوية واالستقالل المالي ،وهي أحد أوجه تطبيق نظام الالمركزية في التنظيم اإلداري للدولة،
موجودة في مختلف الدول رغم اختالف تسمياتها وأنماط تسييرها وتنظيماتها ،وتتجسد في بالدنا
من خالل الوالية والبلدية كوحدتين أساسيتين في التنظيم اإلداري للدولة المتبع منذ االستقالل
عام ،1962حيث يحدد قانونا البلدية والوالية طبيعة المجالس المحلية المنتخبة التي تتشكل
منها هذين الهيئتين األساسيتين في النظام اإلداري القائم في الدولة ،رغم أن مصطلح الجماعات
المحلية ظهر منذ الوجود الفرنسي في بالدنا ويرجع ظهوره ألول مرة إلى عام 1947بمقتضى
المادة 54من قانون 20سبتمبر 1947التي نصت على أن الجماعات المحلية في الجزائر
هي البلديات والواليات ،رغم ما عرفته الخريطة اإلدارية من تغييرات تلت مرحلة ما بعد
االستعمار.1
-عمر غزازي ،رانية إدير ،أمينة عروس " ،إشكالية تمويل الجماعات المحلية في الجزائر" ،مجلة مينا للدراسات 1
- 51 -
ولى هذا األساس يمكن تعريف الجماعة المحلية على أنها " :تعبير جغرافي محدد إقليميا،
وتجمع سكاني محدد عدديا ووحدة إدارية مصغرة عن الدولة".1
.2لمحة تاريخية عن تطور المالية المحلية في الجزائر
ورثت الجزائر عن المستعمر الفرنسي تنظيما إداريا قائم على وحدات إدارية مقسمة إلى
مقاطعات (محافظات وبلديات) تتمتع بالشخصية المدنية وهيكل التسيير ذات صالحيات القرار
تحصلت بعض هذه المحافظات والبلديات من خالل تسيير أمالكها العقارية الخاصة
المحدودّ ،
على إيرادات مرتفعة ،سمحت لها بالّلجوء إلى الضرائب المحلية بقسط ضئيل ،غير أن معظم
متكون من ضرائب محلية مباشرة، البلديات الصغيرة ،وهي كثيرة ،كان منبع إيراداتها األساسي ّ
لكن هذا األسلوب كان يتناقض مع مبدأ التوازن بين البلديات والعدالة االجتماعية بين المواطنين
مما تطّلب
طر ونهجها االشتراكي ما بعد االستقالل ّ ،
()2
توجه الجزائر المس ّ
الذي كان يفرضه ّ
ضرورة اجراء إصالحات جوهرية وعميقة ضمن هذا االطار.
تجسد هذا اإلصالح في صدور قانوني البلدية والوالية عامي 1967و 1969على ّ
التوالي ،فكان للجماعات المحلية مهام جديدة ،ومنحت صالحيات لمسؤوليهم ،كما أصبح لها
أساسا في الميزانية(.)3
يتجسد ً
ّ نظام مالي ومحاسبي
لقد توالت التغييرات والتدابير في ظل التوجه االشتراكي تماشيا مع الظروف التي كانت
سائدة آنذاك ،غير ّأنها كانت في بعض األحيان سلبية ،أثّرت بطبيعة الحال على تنظيم اإلدارة
المحلية والمالية العمومية المحلية ،نذكر منها على سبيل المثال؛ الثورة الزراعية ،التي ُنزعت
تمدها بموارد معتبرة ،فضال عن التنازل
من الجماعات العمومية أراضيها الزراعية التي كانت ّ
عن األمالك العقارية التابعة للجماعات المحلية(.)4
-نصر الدين بن شعيب وبومدين طيبي" ،الجماعات اإلقليمية ومفارقات التنمية المحلية" ،مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث 1
- 52 -
بالتحول إلى اقتصاد السوق (صدور قانونا البلدية
ّ لكن اإلصالح الجديد الذي ارتبط
تم بموجبه اعفاء الجماعات المحلية من تسيير الشؤون االقتصادية،والوالية عام ّ ،)1990
وبفعل الظروف السياسية واالقتصادية واألمنية التي سادت في التسعينيات ،وما صاحبها من
ظاهرة همجية ،وهي اإلرهاب ،كانت لها اآلثار السلبية الوخيمة على البالد والعباد ،ترتّب عنها
خسائر كبيرة وأعباء ثقيلة على األموال العمومية.
مهمة في
تحسن الوضع منذ سنة ،2000حيث شهدت األلفية الجديدة برامج ّ ورغم ّ
بالدنا ،كبرنامج اإلنعاش االقتصادي ،واصالحات كثيرة ضمن هذا اإلطار ،غير ّأنه بقيت
بعض الصعاب وانعدام التوازن ،فضال عن مديونية البلديات ،أثّر سلبا على المالية المحلية،
األول يتعّلق بتأثير التسيير العاجز للدولة في العهد االشتراكي ،واآلخر
وذلك بفعل سببين؛ ّ
مما أعاق
يظهر في أعمال العنف واإلرهاب الذي انعكس سلبا على المالية العمومية المحليةّ ،
عملية تسيير اإلدارة المحلية وماليتها(.)1
.3نفقات وإيرادات الجماعات المحلية:
تش ّكل النفقات وااليرادات العمومية للجماعات المحلية المي ازنية الخاصة بها والتي تقوم
باإلشراف على تحضيرها واعدادها وتنفيذها ومراقبتها ضمن برنامج لمدة زمنية تقدر عادة
بسنة ،تسمى السنة المالية ،توضع من أجل تحقيق األهداف المسطرة للجماعات المحلية ،إذ
أن كل أشخاص القانون العام المعنوية في الدولة التي تملك الشخصية المعنوية واالستقالل ّ
المالي لها ميزانية خاصة بها بما في ذلك الدولة ذاتها والجماعات المحلية (البلدية والوالية)،
وهي عبارة عن وثيقة حسابية تقديرية ودورية ،وعمل قانوني وإداري ،تحكمها مبادئ أساسية
أهمها :مبدأ السنوية ،الوحدة ،التوازن والفصل بين األمر بالصرف والمحاسب العمومية.
.1 .3النفقات المحلية:
تقسم النفقات العامة المحلية في التشريع الجزائري إلى نفقات قسم التسيير ونفقات قسم
ّ
التجهيز واالستثمار ،حيث أن المادة 158من قانون الوالية 207 - 12والمادة 179من
الرسمية ل (ج .ج .د .ش) ،السنة ،49:عدد ،12 :ل 29فبراير ،2012ص.23
- 53 -
قانون البلدية 110-11يؤكدان ذلك ،وهي في العموم أجور وأعباء مستخدمي الوالية والبلدية،
مصاريف تسيير مصالح الوالية والبلدية ،أعباء التسيير المرتبطة باستغالل تجهيزات جديدة،
التعويضات واألعباء المرتبطة بالمهام االنتخابية ،المساهمات المقررة على األمالك ومدا خيل
البلدية بموجب القوانين ،نفقات صيانة األمالك المنقولة والعقارية ،نفقات صيانة الطرق ،فوائد
القروض.
يمر بمرحلتين أساسيتين؛
إن عملية صرف النفقات العامة من طرف الجماعة المحلية ّ
المرحلة اإلدارية والمرحلة المحاسبية ،فأما المرحلة األولى فهي من اختصاص رئيس المجلس
الشعبي البلدي ،والمرحلة الثانية هي من صميم مهام المراقب المحاسبي العمومي ،إذ يحدد
قانون المحاسبة العمومية ضوابطها واجراءاتها على غرار كل المؤسسات العمومية التابعة
للدولة كجماعات المحلية (البلديات والواليات) ،الجامعات والمؤسسات االستشفائية.
.2 .3االيرادات المحلية:
يحدد قانونا الوالية والبلدية إيرادات الجماعات المحلية ويضبط آليات عمل ماليتها ،حيث
يتضمن الباب الخامس من القانون رقم 07-12المتعلق بالوالية ،ال سيما المادة 151منه
مجمل موارد الميزانية والمالية للوالية ،وهي :التخصيصات ،ناتج الجباية والرسوم ،اإلعانات
وناتج الهبات والوصايا ،مداخيل ممتلكاتها ،مداخيل أمالك الوالية ،القروض ،ناتج مقابل
الخدمات الخاصة التي تؤديها الوالية ،جزء من ناتج حق االمتياز للفضاءات العمومية بما فيها
الفضاءات االشهارية التابعة لألمالك الخاصة للدولة والناتج المحصل مقابل مختلف
تحدد الماد 170موارد الميزانية والمالية للبلدية فيما يلي :حصيلة الجباية،
الخدمات ،فيما ّ
2
مداخيل ممتلكاتها ،مداخيل ممتلكات البلدية ،اإلعانات والمخصصات ،ناتج الهبات والوصايا،
القروض ،ناتج مقابل ال خدمات الخاصة التي تؤديها البلدية ،ناتج حق االمتياز للفضاءات
العمومية ،بما فيها الفضاءات االشهارية والناتج المحصل مقابل مختلف الخدمات.3
الرسمية ل (ج .ج .د .ش) ،السنة ،48:عدد ،37 :ل 3جويلية ،2011ص.24
-قــانــون رقــم 07 - 12مؤرخ 21فبراير سنة 2012يتعلـق بالوالية ،المصدر السابق ،ص.22 2
-قانون رقم 11 - 10مؤرخ 22يونيو سنة 2011يتعلق بالبلدية ،المصدر السابق ،ص.23 3
- 54 -
تنحصر مداخيل الجماعات المحلية في الموارد المالية الذاتية وغير الذاتية ،فأما الموارد
تخصلها الجماعات المحلية كليا أو جزئيا ،وهي جملة
فتتضمن اإليرادات الجبائية التي ّ
ّ الذاتية
المتكون من عدة مصادر كأهم مصادر ّ الضرائب والرسوم المحلية التي تش ّكل الوعاء الجبائي
تمويل مي ازنيتها بنسبة تفوق %90من عائداتها ،منها ما هو مخصص بشكل كّلي للجماعات
المحلية مثل الرسم على النشاط المهني ،TAPالرسم العقاري ،رسم التطهير ،رسم اإلقامة
ورسم السكن ،ومنها ما هو مخصص جزئيا مثل الرسم على القيمة المضافة ،TVAالرسم
على الذبح ،الرسم على الممتلكات وقسيمة السيارات ،أما الموارد المالية غير الجبائية وهي من
صميم اإليرادات الذاتية أيضا فتنحصر في إيرادات ونواتج األمالك ،وايرادات االستغالل المالي
للجماعات المحلية مثل بيع منتجاتها أو تأدية خدمات معينة للمواطنين ،فضال عن ذلك قد
تكون للجماعات المحلية مشروعات مشتركة بينها لها أهداف المصلحة العامةّ ،
تدر أرباحا
وفوائدا تسمح لها بتغطية نفقاتها للتسيير والتجهيز .أما الموارد غير الذاتية (الخارجية) فهي
متنوعة المصادر وتنحصر في اإلعانات التي تقدمها الدولة ،القروض ،التبرعات ،الهبات
والوصايا.
.4واقع مالية الجماعات المحلية في الجزائر
يميز واقع المالية المحلية في بالدنا ،وما يدعو لضرورة اجراء اإلصالح هو مشكلة
إن ما ّ
ّ
التمويل ،وضعف الموارد المالية المحلية ،سيما الذاتية منها ،فضال عن سوء تنظيم وتوزيع
مما يجعل تسيير وإدارة الجماعات الموارد الجبائية بين المستويين المركزي والمحلي للدولةّ ،
المحلية مشلولة وعاجزة عن المحافظة على االستقاللية المالية واإلدارية لإلدارة المحلية ،وعاجزة
أيضا عن االضطالع بوظائفها ومهامها بما يحقق أهداف التنمية المحلية اقتصاديا ،سياسيا،
اجتماعيا وإداريا(.)1
من الناحية النظرية ،كما يرى وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق (دحو ولد قابلية)،
تخصص في مجملها للجماعات المحلية ،و 7أخرى أن األموال المحلية تتش ّكل من 7رسوم ّ ّ
أهم
تخصص لها جزئيا ،لكن من الناحية الفعلية على أرض الواقع ،هناك 3رسوم فقط تش ّكل ّ ّ
المداخيل الجبائية تستفيد منها البلديات ،ويتعّلق األمر بالرسم على النشاط المهني والدفع
الجزافي ،والرسوم على القيمة المضافة ،حيث تش ّكل كّلها %95من المداخيل الجبائية المحلية
-1مجلس األمة« ،ندوة علمية حول :اإلصالحات المالية والجباية المحلية» ،يوم 31مارس ،2003ص.8
- 55 -
موزعة بنسبة %65بالنسبة للبلديات %30 ،بالنسبة
المقدرة سنة 2000ب 23,8مليار دجّ ،
للواليات و %5بالنسبة للصندوق المشترك ما بين الجماعات المحلية (.)1()FCCL
وهناك الضريبة على الملكية ال تعود منها سوى نسبة %20إلى البلدياتّ ،
مما يجعل الجماعات
قدرت عام 2000ب 8ماليين دج فقط ،وأيضا بالنسبة للرسم المحلية ذات مداخيل ضعيفةّ ،
مبرر بين البلدية ( )%20والصندوق الوطنيعلى البيئة الذي يعرف توزيعه فرقا هاما وغير ّ
للبيئة ( ،)%50ناهيك عن الرسوم والضرائب األخرى كقسيمة السيارات ،والرسوم على الّلفتات
والشعارات والّلوائح االشهارية ،والرسم العقاري وغيرها(.)2
من بين أهم تحديات المالية المحلية في بالدنا أن للجماعات المحلية اختصاصات كثيرة
ومتنوعة لكن من دون أن يكون لها الوسائل المالية الكافية للقيام بوظائفها واختصاصاتها
المحددة في قانوني البلدية والوالية ،أي عدم تطابق الموارد مع األعباء( ،)3فمن المفروض أن
هيئات اإلدارة المحلية مسؤولة على تسيير وسائلها المالية الخاصة بكل استقاللية مع كفاية
الموارد المالية الالزمة لتقديم الخدمات الضرورية في مختلف المجاالت االجتماعية ،الصحية،
التعليمية ،البيئية واإلدارية( .)4إن ضعف المالية المحلية هو من ضعف الموارد المالية العمومية
التي تقوم أساسا على الجباية البترولية في المقام األول ،ضف إلى ذلك هيمنة الدولة على
تخصص نسبة
الجانب األكبر من الجباية ،حيث تبلغ العوائد الجبائية للدولة نسبة ،%75فيما ّ
%25للجماعات المحلية قبل اإلصالح الجبائي عام ،1992وقد تناقصت هذه النسبة في
-1دحو ولد قابلية« ،محاضرة بعنوان :اإلصالح الجبائي» ،ضمن الندوة العلمية حول :اإلصالحات المالية والجباية المحلية
يوم 31مارس ،2003ص.13
-2المرجع نفسه ،ص ص.15-14
-3بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين ،الجماعات اإلقليمية ومفارقات التنمية المحلية ،مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث
والدراسات (جامعة البليدة -2الجزائر) ،المجلد ،1 :العدد ،1 :جوان ،2012ص.36
-4حمادو وسيلة ،اصالح الجماعات المحلية في الجزائر كخيار استراتيجي ،رسالة ماجيستير في العلوم السياسية والعالقات
الدولية ،تخصص :إدارة الجماعات المحلية ،جامعة الجزائر ،3كلية العلوم السياسية واالعالم ،قسم العلوم السياسية،2012 ،
ص ص.77-76
- 56 -
سنوات تلت لتبلغ %21,56للجماعات المحلية مقابل ،)1(%78,44حيث يرجع ذلك في
األساس إلى ضعف نظام التحصيل والتوزيع الجبائي وضعف الموارد الناتجة عن عائدات
أمالك معظم الجماعات المحلية( ،)2خاصة البلديات منها.
تتمّيز مداخيل البلديات في مختلف واليات القطر الوطني بخاصية عدم التوازن ،حيث
نجد بعض البلديات للوالية الواحدة لها مداخيل معتبرة ألنها تتوفر أنشطة ومؤسسات اقتصادية
تدر عليها أرباحا تغنيها عن االعتماد عل الدولة وتبعدها عن العجز المالية ،في حينكثيرة ّ
نجد معظم البلديات لمختلف الواليات تعتمد في مداخيلها على الدولة ،ومنها ما يعتمد مداخيل
أن 25
الدولة بنسبة ،%100وفي هذا نذكر أن والية جيجل على سبيل المثال ال الحصرّ ،
بلدية من أصل 28بلدية المش ّكلة إلقليم الوالية تعاني من مشكلة التمويل ،فتعتمد على مداخيل
ميزانية الوالية بنسب متفاوتة ،وتوجد ستة ( )6بلديات تعتمد كليا أي بنسبة %100على
ميزانية الوالية ،وهي بلديات :شعبة العامر ،تيمزريت ،أوالد عيسى ،سيدي داود ،تاورقة وأعفير،
في حين توجد ثالث ( )3بلديات فقط من الوالية من تحوز على مداخيل مالية كبيرة ،ألنها
تتوفر على مؤسسات تجارية ومصانع عديدة ،وهي :بلدية جيجل ،الطاهير والميلية ،وهذا الواقع
يش ّكل إحدى المشكالت العديدة والمعق ّدة للجماعات المحلية في بالدنا(.)3
كما يجب التنويه إلى مشاكل أخرى في هذا المقام والتي ترتبط أساسا بالتسيير ،منها ما
تتميز بالجمود والضعف ،فضال عن ضعف هو مرتبط بالموارد البشرية لإلدارة المحلية ،والتي ّ
تكوينها ،حيث تستنزف أكثر من %70من ميزانية التسيير( ،)4ومنها ما هو متعلق بالتداخل
والتشابك في الصالحيات بين المنتخبين المحليين وسلطات الوالي وأحيانا مع السلطات
المركزية ،ومنها ما يرتبط بسوء التسيير المالي وضعف القدرات الفنية واإلدارية للوحدات
ومسيريها ،ناهيك عن بعض الظواهر السلبية كالرشوة ،االختالس واستغالل النفوذ
()5
والمحسوبية والعوائق البيروقراطية ،والتي لها آثار وخيمة على التنمية واالقتصاد ومعيشة
المواطنين.
-1بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين ،المرجع السابق ،ص ص.36-35
-2حمادو وسيلة ،المرجع السابق ،ص.85
-3المرجع نفسه ،ص ص.86-85
-4بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين ،المرجع السابق ،ص.42
-5المرجع نفسه ،ص ص.90-87
- 57 -
يمكن الحكومة من معالجة مشاكل عديدة متعلقة بالمالية
إن تشخيص الواقع الحالي ّ
أهمها وجود نظام جبائي يخدم المناطق التي لها أنشطة صناعية وتجارية كبيرة،
المحليةّ ،
ناهيك عن ضعف المداخيل المتأتية من األمالك العامة للجماعات المحلية ،والضعف البارز
للموارد البشرية على المستوى المحلي.
إن كل هذه الدواعي تؤّكد ضرورة إجراء إصالحات جوهرية وعميقة تهدف إلى تدعيم
ّ
التحديات ،ومعالجة
ّ الوسائل المالية للجماعات المحلية ،وتمكينها من مواجهة مختلف
االختالالت ذات الطابع الهيكلي المتسببة في المديونية ،فضال عن ذلك ،ضرورة تلبية
لتزود بوسائل بشرية
الحاجيات المتصاعدة في مجال الخدمات العمومية ،ناهيك عن ضرورة ا ّ
ومادية تتماشى ومتطّلبات تسيير عصري ،عقالني ورشيد(.)1
.5مضامين إصالح المالية العمومية للجماعات المحلية
يعتبر إصالح المالية العمومية المحلية من بين الدعائم االساسية إلحداث الوثبة التنموية
على المستوى المحلي ،فمن غير الممكن الحديث عن التنمية المحلية دون تكريس االستقاللية
بتدبر هذه
المالية للفواعل المحلية ،البلديات والواليات ،بحيث تسمح هذه االستقاللية المالية ّ
الجماعات للوسائل المالية التي تسمح بجعل اإلقليم جذاب من ناحية إنشاء المؤسسات وتهيئة
المتحصل عليها ،فقد أثبتت تجارب العديد من الدول
ّ اإلقليم ،وتحسين مردودية الموارد المالية
أن توسيع درجة االستقاللية للجماعات المحلية ساهم بشكل كبير في زيادة قدرتها على توفير ّ
موارد مالية ذاتية ،فاالستقاللية المالية لإلدارة المحلية يقتضي مزيدا من الصالحيات الجبائية،
ثم تحقيق الفعالية والكفاية(.)2
ومن ّ
هذه االستقاللية المالية يجب أن تكون الهدف الذي تسترشد به الحكومة إلجراء ّ
أي
إصالح مالي وجبائي ال سيما من خالل:
جراء تطبيق
-ضرورة إصالح المنظومة الجبائية في الدولة وما ترتّب عنه من ّ
اإلصالحات الجبائية لعام ،1992من خالل إحداث منظومة جبائية محلية ،فيكون
يتم
صص ومنفصل عن النظام الجبائي للدولةّ ،
للواليات والبلديات نظام جباية مخ ّ
- 58 -
معينة بين الوالية والبلدية وصناديق دعم الجماعات
تخصيص إيراداته بحصص ّ
المحلية(.)1
-تفعيل دور الجماعات المحلية في ميدان الجباية ،ال سيما من خالل تفعيل سلطة
البلديات فيما يخص تأسيس الضرائب l’attribution des impôtsوتحديد معدالتها
وأوعيتها بما يتماشى واحتياجاتها الفعلية وأهدافها التنموية ،تكريسا لمبدأ التسيير واإلدارة
مهمة ضمن السياسة العامةمما يساهم في جعل هذه الوحدات فواعل ّ
الالمركزيينّ ،
للدولة ،ويكون ذلك عن طريق بعض الصالحيات للسلطات المحلية تكريسا لالستقالل
المالي والالمركزية الجبائية.
-توسيع الجباية العادية للجماعات المحلية ،السيما من خالل تأسيس ضرائب على
الثروات خاصة األمالك العقارية منها ،مع تحيين وتكييف معدالتها مع الوضع الراهن،
ودون المساس بالقدرة الشرائية ،وهذا ما يساهم في إعادة توزيع الدخول على المستوى
المحلي.
-إعادة النظر في التوزيع المركزي الحالي للمتحصالت الضريبية ،وتوجيه نسب معتبرة
منها إلى الجماعات المحلية ،وتحسين مردوديتها.
-وضع نموذج جباية محلية يسمح للجماعات المحلية بتثمين الثروات الموجودة على
ترابها ،من خالل إجراء إحصاء دقيق لممتلكاتها ،وإعادة تقديرها بتحيين أسعار اإليجار
وربطها بأسعار السوق ،ال سيما المحالت التجارية والمساكن والمحالت ذات الطابع
الصناعي(.)2
التطورات التي
ّ -تأهيل المصالح الجبائية من خالل اعتماد تنظيم هيكلي لها يتوافق مع
ومدها بالموارد البشرية ذات الكفاية والكفاءة،
تعرفها الجماعات المحلية واإلدارة الجبائيةّ ،
ويتجسد ذلك بإبراز معالم اختصاصات هذه المصالح ،مما يسمح لها بتجسيد ّ
ويحسن من مردودية موظفي الجباية من القيام بمهامهم على أحسن وجه(.)3
ّ المسؤوليات
- 59 -
-ترك مجال واسع للجماعات المحلية في تحديد خصوصيات األنشطة االقتصادية التي
تمارسها ،وامكانياتها المتاحة في ذلك ،وتوزيع أقطاب النشاط االقتصادي على مختلف
األقاليم ،وهذا بالنظر لالختالف والتمايز بين األقاليم والخصوصيات الجهوية لكل
منطقة ،في إطار نموذج تنموي جديد مبني على المقاربة التشاركية ،وتوظيف أدوار
جميع الفواعل التي لها تأثير في مسار إحداث تنمية محلية متوازنة ،عادلة ومستديمة.
إن عملية اإلصالح تقتضي إعادة النظر في الدور التنموي للجماعات المحلية وخاصة
ّ
البلديات ،ويتطّلب ذلك النظر في اختصاصاتها وصالحياتها وفق المصادر واالمكانيات
المحلية المتوّفرة ،وضرورة توجيه هذه الموارد بطرق سليمة لخدمة األهداف اإلنمائية المس ّ
طرة،
أن هناك الكثير من األنشطة ذات النفع المحلي والوطني تضطلع بها الجماعات المحلية، إذ ّ
وهي ذو طابع اجتماعي واقتصادي وثقافي ،متعلقة بالخدمات واالحتياجات الضرورية للمواطن،
وإنجاز وصيانة المؤسسات التعليمية ،المراكز الصحية ،الماركز الثقافية ،الشبيبة والرياضة،
البيئة ،الري ،الزراعة والغابات ،وهي أعباء كثيرة على الجماعات المحلية تستدعي قيام الدولة
بتأمين التمويل الكافي للقيام بها ،أو أن تسند للدولة عن طريق تكّفل كل و ازرة بقطاعها على
المستوى اإلقليمي ،مع احتفاظ الجماعات المحلية بالسلطة العمومية ،أو جعلها شريكا في برامج
التنمية ،يكون فيها تقاسم األعباء بالتساوي(.)1
في عام 2007قدمت لجنة و ازرية مشتركة مكّلفة بإصالح المالية والجباية المحليتين
بتقديم رؤيا إصالحية في هذا المجال ،حيث أعطت جملة توصيات يمكن االسترشاد بها للقيام
تضمنت
ّ بإصالح عميق وحقيقي مبني على رؤيا استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى ،حيث
مست في األساس عملية تحسين الموارد المالية للجماعات المحلية ضمن قوانين
عدة إجراءات ّ
ّ
المالية ،بإضافة تخصيصات من الضرائب والزيادة في بعض الرسوم ومنح موارد مالية في
شكل إعانات لصالح الجماعات المحلية للتكفل بمختلف األعباء ،فضال عن ضرورة إصالح
نظام التضامن المالي ما بين الجماعات المحلية ،كما تضمنت توصيات باتخاذ إجراءات من
أجل عقلنة تسيير الجماعات المحلية وعصرنة أجهزتها وترشيد استخدام نفقاتها ،واإلدخال
التدريجي لوسائل الرقمنة في إعداد وتنفيذ ومراقبة الميزانيات المحلية ،وإجراءات أخرى ّ
موجهة
لتحسين التسيير الميزانياتي للجماعات المحلية ،مع ضرورة إجراء تربصات في إطار برامج
-1بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين ،المرجع السابق ،ص ص.49-46
- 60 -
التكوين والتأهيل لفائدة األمناء العامون للبلديات والمسؤولين الماليين ورؤساء المجالس الشعبية
البلدية(.)1
.7تطّلعات وآفاق اإلصالح
قوة عاملة واطارات ذات
أي وقت مضى إلى ّ تحتاج الجماعات المحلية اليوم أكثر من ّ
للتغيير
أيضا وجود فلسفة ّيتميزون بمهارات تسيير الموارد المالية ،كما يتطّلب ً
كفاءة واداريين ّ
الراهنة ،مع ضرورة تثمين المشاركة الشعبية على نطاق
والتحسين المستمر لمواجهة التحديات ّ
مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في مختلف البرامج التي واسع ،وذلك بإشراك ّ
دور مركزّيا في
تضعها السلطات المحلية العمومية والحكومة ،فالمنظمات المجتمعية تلعب ًا
انجاح مختلف هاته البرامج.
لقد أضحى من الضروري أن تستفيد الدولة من االمكانات المتاحة؛ من موارد مالية
ظفها لصالح الجماعات المحلية وتنمية األقاليم ،واالستعانة بالخبراء على مستوى
وبشرية ،فتو ّ
المتخصصة في البحث ضمن هذا الميدان ّ الجامعات ومراكز البحوث في بالدنا ،سيما منها
ومهما لإلدارة المحلية والسياسات التنموية الوطنية
ًّ اضافيا
ّ دعما
تقدم ً
أو الميادين الثانوية ،التي ّ
التقنيين الذين يعملون في نطاق
والمحلية ،مثل االستفادة من التكوين الميداني لإلداريين و ّ
أيضا االستفادة من الدعم العلمي والتكنولوجي لمشاريع تطوير الطاقة،
الجماعات المحلية ،و ً
المتجددة ( ، )E.N.Rلتلبية االحتياجات المتنامية للمجتمع
خاصة الطاقات الجديدة و ّ
واالقتصاد.
-1و ازرة الداخلية والجماعات المحلية ،إصالح المالية والجباية المحليتين ،موقع و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة
العمرانية (ج.ج.د.ش) ،أنظر الموقعhttps://bit.ly/3okDeFR :
(E.N.R) = Energies Nouveaux et Renouvelables
- 61 -