You are on page 1of 61

‫جامعة محمد بوضياف ‪ -‬المسيلة‬

‫كلية الحقـوق والعلوم السياسية‬


‫قسم العلوم السياسيـة والعلاقات الدولية‬

‫مطبوعة تتض ّمن حمارضات يف مقياس‪:‬‬

‫املاليـــة احملليــــة‬
‫لطلبة السنة الثانية (‪ )2‬ماستر علوم سياسية وعلاقات دولية‬
‫السداسي الثالث (‪)3‬‬
‫تخصص‪ :‬الإدارة المحلية‬

‫إعداد الدكتور‪ :‬بن عميـر جمال الدين‬


‫(أستاذ محاضر في العلوم السياسية)‬

‫‪djameleddine.benamier@univ-msila.dz‬‬

‫منشور يف ا ألرضية الرمقية جلامعة محمد بوضياف – املس يةل [موودل ‪]MOODLE‬‬
‫‪https://elearning.univ-msila.dz/moodle/course/view.php?id=5491‬‬

‫السنة الجامعية‪2022 / 2021 :‬‬


‫‪ -1‬بطاقة التواصل ومعلومات المقياس ‪:‬المالية المحلية‬
‫‪-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫‪-‬قسم العلوم السياسية‬
‫‪-‬الطور الثاني ماستر‪ -‬السنة الثانية (‪ -)2‬تخصص‪ :‬اإلدارة المحلية‬
‫‪-‬السداسي الثالث)‪(3‬‬
‫‪-‬الرصيد‪- -‬‬
‫‪-‬المعامل‪01 :‬‬
‫‪-‬الحجم الساعي ‪ 1,5‬أسبوعيا‬
‫األستاذ‪ :‬بن عمير جمال الدين‪BENAMIER Djamel Eddine‬‬
‫البريد االلكتروني‪djameleddine.benamier@univ-msila.dz :‬‬
‫‪--------------------------------‬‬
‫‪ - 2‬التقويم التشخيصي والمكتسبات القبلية‪:‬‬
‫‪ -‬ما المقصود بالمالية؟‬
‫‪ -‬ما المقصود بالجماعات المحلية‬
‫‪ -‬ما المقصود بمالية الجماعات المحلية؟‬
‫‪ -‬ما هو الفرق بين مالية الدولة‪ ،‬مالية الجماعات المحلية والمالية العامة؟‬
‫‪ -‬ما هي مدلوالت المصطلحات التالية‪ :‬النفقات العمومية المحلية‪ -‬االيرادات العمومية‬
‫المحلية ‪ -‬الميزانية المحلية؟‬
‫‪ -‬ما المقصود بالشخصية المعنوية للجماعات المحلية؟‬
‫‪ -‬ما المقصود باالستقاللية المالية للجماعة المحلية؟‬
‫‪ -‬ما هي خصائص نفقات الجماعات المحلية؟ وما هي ضوابطها؟‬
‫‪ -‬كيف تقسم النفقات العامة المحلية؟‬
‫‪ -‬ماهي الموارد المالية للجماعات المحلية؟ وكيف يتم تقسيمها؟‬
‫‪ -‬ما هي خصائص ميزانية الجماعات المحلية؟ وما هي المبادئ التي تحكمها؟‬

‫‪-2-‬‬
‫‪ -‬فيما تتمثل دورة الميزانية المحلية؟‬
‫‪ -‬ما هي آليات االصالح المالي والجبائي للمالية المحلية في الجزائر؟ وما هي سبل‬
‫ومقتضيات نجاحه؟‬
‫‪ - 3‬األهداف‪:‬‬
‫تهدف الدروس في مقياس المالية المحلية ضمن المقرر الخاص بطلبة الماستر السنة الثانية‬
‫للسداسي الثالث إلى تحقيق جملة من األهداف العلمية والعملية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -1‬فهم الحقل المعرفي والنظري لموضوع المالية العمومية المحلية‪ ،‬وما يقترن بها من مواضيع‬
‫أخرى على غرار النفقات وااليرادات والميزانية المحلية ‪ ...‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -2‬اكتساب المعارف في مجاالت المالية العمومية ومالية الجماعات االقليمية والمحلية‪،‬‬
‫والتعمق في دراسة االشكاليات المرتبطة بقضايا التمويل العمومي لإلدارة المحلية‪.‬‬
‫وتحديات عمل الجماعات المحلية واإلقليمية‪ ،‬السيما مسائل اإلدارة‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬البحث في إشكاليات‬
‫والتمويل والجباية المحلية‪ ،‬المرتبطة بعملية التنمية المحلية وسبل تفعيل الحكامة على المستوى‬
‫الالمركزي‪.‬‬
‫‪ -4‬دراسة حجم الصالحيات والمسؤوليات للجماعات اإلقليمية والمحلية ال سيما على المستوى‬
‫المالي واالداري من أجل التعمق أكثر في فهم طبيعة ونموذج الالمركزية في الجزائر‪.‬‬
‫‪ - 5‬مساع دة طلبة الماستر في تخصص االدارة المحلية ضمن شعبة العلوم السياسية على‬
‫اختيار مواضيع ضمن سياق الالمركزية ومالية الجماعات المحلية في العالم وفي بالدنا على‬
‫وجه التحديد‪.‬‬
‫‪ - 4‬المحاور‪:‬‬
‫‪-‬المحور ‪ :1‬دراسة في المفاهيم والمضامين المعرفية للمالية المحلية‬
‫‪-‬المحور ‪ :2‬نفقات للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪-‬المحور ‪ :3‬إيرادات للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪-‬المحور ‪ :4‬ميزانية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪-‬المحور ‪ :5‬مواضيع ونماذج تطبيقية عن المالية العمومية المحلية‪ :‬االصالح المالي‬

‫‪-3-‬‬
‫للجماعات المحلية‪.‬‬
‫كل هذه المحاور هي الخطوط العريضة للبرنامج الدراسي للسداسي‪ ،‬وكل محور يتضمن‬
‫العديد من العناصر التفصيلية‪.‬‬
‫‪ - 5‬التقويم النهائي‪:‬‬
‫أسئلة في المضمون الدراسي للمادة حول موضوع المالية المحلية‪ ،‬تضم الجانب المنهجي‪،‬‬
‫العلمي‪ ،‬والواقع‪ ،‬يتم التقييم على أساسها بعالمة ‪ 20‬من ‪ ،20‬تكون موزعة على مختلف‬
‫الجوانب سالفة الذكر‪.‬‬
‫‪ -6‬المراجع‪:‬‬
‫‪ -‬هاشم ربيع عمرو [وآخرون]‪ ،‬المال والنزاهة السياسية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية‬
‫واالستراتيجية باألهرام‪.2009 ،‬‬
‫‪ -‬إيلين سيوال كامارك‪« ،‬العولمة وإصالح اإلدارة العامة»‪ ،‬في‪:‬‬
‫جوزيف س‪ .‬ناي وجون د‪ .‬دوناهيو‪ ،‬الحكم في عالم يتجه نحو العولمة‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد‬
‫شريف الطرح‪ ،‬الرياض (المملكة العربية السعودية)‪ :‬مكتبة العبيكان‪.2002 ،‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياف‪ ،‬شرح قانون البلدية‪ ،‬الجزائر‪ :‬جسور للنشر والتوزيع‪.2012 ،‬‬
‫‪ -‬عمار بوضياف‪ ،‬التنظيم اإلداري في الجزائر بين النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬جسور‬
‫للنشر والتوزيع‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬ناجي عبد النور‪ ،‬الدور التنموي للمجالس المحلية في إطار الحوكمة‪ ،‬الجزائر‪ :‬مديرية‬
‫النشر لجامعة عنابة‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬مغوفل جمال الدين‪ ،‬التنمية المحلية –البلدية والوالية‪ ،-‬الجزائر‪ :‬دار الخلدونية‪.2010 ،‬‬
‫‪ -‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،6‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫‪.2014،‬‬
‫‪ -‬تومي عبد الرحمان ‪ ،‬االصالحات االقتصادية في الجزائر‪ -‬الواقع واالفاق‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار‬
‫الخلدونية للنشر والتوزيع‪.2011 ،‬‬

‫‪-4-‬‬
،»‫ «تشخيص نظام اإلدارة المحلية والمالية المحلية في الجزائر‬،‫ بسمة عولمي‬-
.280-257‫ ص ص‬،2006 ‫ جوان‬،4:‫ عدد‬،‫ مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا‬:‫الجزائر‬
‫ يوم‬،»‫ اإلصالحات المالية والجباية المحلية‬:‫ «مداخالت الندوة العلمية حول‬،‫ مجلس األمة‬-
.2003 ‫ مارس‬31
- Stéphane GUERARD, «La démocratie locale participative: approche
de droit comparé», dans :
François ROBBE, la démocratie participative, Paris : l’Harmattan,
2007.
- Laïd ZAHGLAMI, «Gouvernance, société civile et médias»,
Alger:Idara (Revue de l’école nationale d’administration), Numéro
spécial, Actes du colloque international sur la gouvernance, 20-21
Novembre 2005, Volume 15, Num2-2005/ N°30.
- Raymond Muzellec, finances publique:etat, collectivités locales et
union europeenne, 15 édition, Paris : Dalloz Edition, 2009.
- Michel Klopfer et Christian Escallier, gestion financière des
Editions Moniteur, ُ collectivités territoriales, 6eme edition Paris :
TerrotorialEditions , 2014.

-5-
‫برنامج المحاضرات‬
‫مدخل‬
‫المحور األول‪ :‬دراسة في المفاهيم والمضامين المعرفية للمالية العمومية المحلية‬
‫‪- 1‬في مفهوم الجماعة المحلية‪.‬‬
‫‪- 2‬مفهوم المالية العمومية المحلية‪.‬‬
‫‪- 3‬المالية المحلية ومالية الدولة والمالية العامة‪.‬‬
‫‪- 4‬الشخصية المعنوية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪- 5‬االستقاللية المالية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬النفقات العمومية للجماعات المحلية‬
‫‪- 1‬تعريف النفقات العمومية المحلية‪.‬‬
‫‪- 2‬خصائص نفقات الجماعات المحلية وضوابطها‪.‬‬
‫‪- 3‬تقسيم النفقات العمومية المحلية‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬االيرادات العمومية للجماعات المحلية‬
‫‪- 1‬االيرادات الذاتية للجماعات المحلية (الموارد الجبائية وغير الجبائية)‪.‬‬
‫‪- 2‬االيرادات الخارجية (غير الذاتية) للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪- 3‬تقسيم النفقات العمومية المحلية‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬الميزانية العمومية للجماعات المحلية‬
‫‪- 1‬تعريف الميزانية العمومية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪- 2‬خصائص ومبادئ الميزانية العمومية للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪- 3‬دورة الميزانية العمومية المحلية (تحضير‪ ،‬تنفيذ ورقابة)‪.‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬مواضيع ونماذج تطبيقية عن المالية العمومية المحلية‬
‫‪- 1‬إصالح المالية المحلية في الجزائر‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫مدخل‪:‬‬

‫يتضمن المدخل مقدمة عامة لدراسة المالية العامة المحلية‪ ،‬حيث يشمل تمهيدا للدروس‬
‫وشرحا للخطوط العريضة التي يحتويها المقياس والمقاربات المتبعة في ذلك‪ ،‬واهمية دراسة هذا‬
‫المجال والهدف الرئيسي من دراسة العناصر التي يتكون منها المقرر الدراسي لمقياس المالية‬
‫المحلية‪.‬‬

‫تعتبر اإلدارة المحلية أحد مظاهر الالمركزية في التنظيم االداري للدولة‪ ،‬وهي جزء‬
‫أ ساسي من الدولة‪ ،‬تقوم على توزيع الوظائف اإلدارية في الدولة بين اإلدارة المركزية على‬
‫مستوى العاصمة من جهة وبين هيئات ووحدات ادارية على مستوى االقاليم من جهة اخرى‬
‫وهذا تنظيم االداري القائم على المزج بين المركزية والالمركزية موجود في جل دول العالم بما‬
‫فيها الجزائر ويتمثل ذلك في البلدية والوالية‪ ،‬ويقوم نظام اإلدارة المحلية وفقا لمبادئ الالمركزية‬
‫على االستقاللية في المجال االداري والمالي‪ ،‬لكن هذه االستقاللية تختلف مظاهرها من نظام‬
‫الى آخر‪ ،‬كما تختلف تطبيقاتها ايضا وفقا للصالحيات واالختصاصات التي يكرسها القانون‬
‫المعمول به في البالد‪ ،‬غير أن هذه الوحدات تبقى دائما تابعة للوصاية اإلدارية خاصه من‬
‫الناحية الرقابية بالنظر للمهام واالدوار التي تقوم بها الجماعات اإلقليمية والمحلية والتي يمنحها‬
‫اياها القانون وتجسدها الالمركزية‪ ،‬فإنه من الواجب ان تكون لهذه الوحدات موارد ووسائل لكي‬
‫تقوم بوظائفها وبتلبيه المتطلبات والرغبات في المجتمع‪ ،‬سواء كانت هذه الموارد عبارة عن‬
‫موارد مادية او بشرية او معلوماتية‪ ،‬اذ تعد االموال احد اهم الدعامات األساسية في هذا المجال‬
‫فهي مرتبطة بتسيير المصالح المحلية وتلبية الحاجات العامة على المستوى المحلي وتنفيذ‬
‫البرامج التنموية في المجال االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫إن دراسة مالية الجماعات المحلية واإلقليمية وكيفية تسيير وادارة االموال العمومية على‬
‫المستوى المحلي هو من صميم تخصص علمي حديث مجاله البحثي يتعلق بمحاوله فهم‬
‫الموارد المالية التي تحوزها الهيئات المحلية ووسائلها المختلفة من موارد جبائية أخرى غير‬
‫جبائية كالقروض والمساعدات وغيرها‪ ،‬فضال عن نفقاتها المتعددة في مجال التسيير‪ ،‬التجهيز‬

‫‪-7-‬‬
‫واالستثمار‪ ،‬ناهيك عن ميزانيتها؛ عملية تحضيرها‪ ،‬اعدادها‪ ،‬تنفيذها ورقابتها‪ ،‬ومجاالت الرقابة‬
‫على المالية العمومية المحلية كلها مجاالت وميادين مقياس المالية العمومية المحلية‪ ،‬والهدف‬
‫الرئيسي من دراسة هذه العناصر ضمن تخصصنا هو البحث ومحاوله الفهم لكيفية تسيير‬
‫وادارة االموال العمومية المحلية واستنباط نموذج للتسيير العقالني والرشيد لمالية الجماعات‬
‫المحلية‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫المحور األول‪ :‬دراسة في المفاهيم والمضامين المعرفية للمالية العمومية المحلية‬
‫تعتبر المالية العمومية المحلية جزء مهم من المالية العامة للدولة‪ ،‬فهي أحد فروعها‪،‬‬
‫وهي تخص مجموع الظواهر والقواعد المتعلقة باإليرادات والنفقات التي تخص هيئات اإلدارة‬
‫المحلية‪ ،‬ولها أهمية بالغة في عمل اإلدارة العامة عموما واإلدارة المحلية على وجه الخصوص‪،‬‬
‫ولإلحاطة بمضامين المالية العمومية المحلية‪ ،‬علينا ان نتطرق إلى بعض العناصر والمفاهيم‬
‫كمفاتيح لفهم المالية المحلية في سياقها المعرفي‪.‬‬

‫‪- 1‬في مفهوم الجماعة المحلية‬

‫إن ازدياد مهام ووظائف الدولة في اطار تلبية مختلف الحاجات العامة المتنامية والمتزايدة‬
‫أدى لضرورة اتباع نظام الالمركزية في اإلدارة العامة إلى جانب نظام المركزية‪ ،‬من خالل‬
‫انشاء وحدات محلية على مستوى إقليم الدولة‪ ،‬تُناط لها أدوار في المجال االجتماعي‬
‫واالقتصادي والثقافي تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬حيث تمثل هذه الوحدات هيئات أساسية قاعدية‬
‫في التنظيم اإلداري للدولة‪ ،‬ووسيلة فعالة إلدارة وتسيير شؤون المواطنين على المستوى المحلي‪،‬‬
‫خصتها الدولة بقانون ينظم أدوارها وهيكلتها‬
‫وتساهم في تعزيز مشاركتهم في صنع القرار‪ّ ،‬‬
‫أن ذلك يختلف من بلد إلى آخر وذلك باختالف نمط تطبيق الالمركزية فيها‪.‬‬
‫التنظيمية‪ ،‬غير ّ‬

‫تعتبر الجماعات المحلية وحدات جغرافية مقسمة من إقليم الدولة‪ ،‬تتشكل في صورة‬
‫هيئات تتمتع باالستقاللية اإلدارية والمالية‪ ،‬ويحكمها قانون خاص بها ينظم عملها وتنظيمها‬
‫وعالقاتها‪ ،‬أسندت لها الدولة مهام تسيير بعض الشؤون المحلية على نطاقها‪ ،‬تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وهي أحد أوجه تطبيق نظام الالمركزية في التنظيم اإلداري للدولة‪،‬‬
‫موجودة في مختلف الدول رغم اختالف تسمياتها وأنماط تسييرها وتنظيماتها‪ ،‬وتتجسد في بالدنا‬
‫من خالل الوالية والبلدية كوحدتين أساسيتين في التنظيم اإلداري للدولة المتبع منذ االستقالل‬
‫عام ‪ ،1962‬حيث يحدد قانونا البلدية والوالية طبيعة المجالس المحلية المنتخبة التي تتشكل‬
‫منها هذين الهيئتين األساسيتين في النظام اإلداري القائم في الدولة‪ ،‬رغم أن مصطلح الجماعات‬
‫المحلية ظهر منذ الوجود الفرنسي في بالدنا ويرجع ظهوره ألول مرة إلى عام ‪ 1947‬بمقتضى‬

‫‪-9-‬‬
‫المادة ‪ 54‬من قانون ‪ 20‬سبتمبر ‪ 1947‬التي نصت على أن الجماعات المحلية في الجزائر‬
‫هي البلديات والواليات‪ ،‬رغم ما عرفته الخريطة اإلدارية من تغييرات تلت مرحلة ما بعد‬
‫االستعمار‪.1‬‬

‫تعرف الجماعات المحلية على أنها‪ " :‬تعبير جغرافي محدد إقليميا‪ ،‬وتجمع سكاني محدد‬
‫عدديا ووحدة إدارية مصغرة عن الدولة"‪.2‬‬

‫يشير مفهوم الجماعات المحلية إلى تلك الهيئات واألجهزة اإلدارية المحلية المستقلة عن‬
‫اإلدارة المركزية التي يسند لها وظيفة تسيير وإدارة المصالح والشؤون المحلية على مستوى‬
‫األقاليم‪ ،‬وفق أسلوب إداري يكفل توفير قدر من االستقاللية لهذه الهيئات فيما تباشره من‬
‫اختصاصات محددة‪ ،‬وتهدف إلى تنمية المجتمع واشباع الحاجات العامة لألفراد‪ ،‬مع خضوع‬
‫هذه الوحدات اإلدارية المحلية لقدر من الرقابة من طرف السلطة المركزية‪.‬‬

‫تعريف الالمركزية اإلدارية‪:‬‬

‫يرتبط مفهوم الالمركزية اإلدارية بالتنظيم اإلداري للدولة‪ ،‬حيث يقوم على توزيع الوظيفة‬
‫اإلدارية بين السلطة المركزية عل مستوى العاصمة ومختلف الهيئات المحلية اإلقليمية أو‬
‫المصلحية التي تباشر مهامها بإشراف ورقابة السلطة المركزية وفق ما يقره الدستور وضمن‬
‫وحدة الدولة السياسية والوطنية‪ ،‬تقوم على أركان أساسية أهمها؛ وجود جماعة مشتركة ومترابطة‬
‫في شكل هيئ ة إقليمية أو مصلحية متميزة عن مجموع المصالح العامة الوطنية مثل البلدية‪،‬‬
‫المحافظة والوالية‪ ،‬وأيضا تقسيم الوظيفة التنفيذية للدولة وتوزيعها بين السلطة المركزية والهيئات‬

‫‪ - 1‬عمر غزازي‪ ،‬رانية إدير‪ ،‬أمينة عروس‪ " ،‬إشكالية تمويل الجماعات المحلية في الجزائر"‪ ،‬مجلة مينا للدراسات االقتصادية‪،‬‬
‫مجلد‪ ،2 :‬عدد‪ ،4:‬جامعة غليزان‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ -‬نصر الدين بن شعيب ‪ .‬بومدين طيبي‪ " ،‬الجماعات اإلقليمية ومفارقات التنمية المحلية"‪ ،‬مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث‬ ‫‪2‬‬

‫والدراسات‪ ،‬المجلد‪ ،1 :‬العدد‪ ،1 :‬جامعة البليدة ‪ ،2‬ص‪.1‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫الالمركزية عن طريق وجود إدارة مستقلة إداريا وماليا وتتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬فضال عن‬
‫وجود الرقابة من السلطة المركزية على عمل الهيئات الالمركزية المحلية‪.1‬‬

‫‪- 2‬مفهوم المالية العمومية المحلية‬


‫كل ما ينتفع به وليس فقط للداللة على النقود في شكلها القانوني‬
‫تطلق كلمة المال على ّ‬
‫يقيم بثمن ّأيا كان نوعه‪ ،‬وهو في المفهوم‬ ‫(الشكل المعدني والورقي للنقود)‪ ،‬وهو كل ما ّ‬
‫يدل على معنى «الملك»‪ ،‬ويقابله في الّلغة الفرنسية بكلمة «‪ »Les biens‬التي‬
‫اإلسالمي ّ‬
‫الطيبات‪ ،‬وفي الالتينية تعني كلمة المالية «‪ »Finance‬الدفع‪ ،‬وعليه‬
‫تترجم إلى الخيرات أو ّ‬
‫تعرف المالية على ّأنها‪ :‬عالقات نقدية بين الناس والمؤسسات تتخذ شكل دخول إيرادات‬ ‫ّ‬
‫ونفقات‪ ،‬وعلم المالية يتناول تكوين واستخدام الموارد المالية في االقتصاد الوطني والدولي حول‬
‫حركة الموارد والحاجات العامة وتحقيق التوازن بينهما(‪.)2‬‬

‫من أجل أن تقوم الجماعات المحلية واإلقليمية بأدوارها على الصعيد االجتماعي‬
‫واالقتصادي والثقافي على سبيل تسيير الشؤون المحلية العامة وتحسين المستوى المعيشي‬
‫للسكان واشباع مختلف االحتياجات الجماعية التي تعد من صميم مهام الدولة يلزم توافر‬
‫الموارد المالية الكافية للقيام بذلك‪ ،‬سواء موارد مالية ذاتية أو متأتية من الدولة‪ ،‬ولهذا تكون‬
‫عملية تسيير الموارد المالية تحصيال أو إنفاقا في سبيل بلوغ جملة األهداف السالفة يكون من‬
‫صميم المالية العامة المحلية‪.‬‬

‫يقصد في المعنى االصطالحي العام للمالية العامة المحلية مجموع القواعد واآلليات‬
‫المتعلقة بالعمليات المالية المرتبطة باإليرادات والنفقات التي تخص الهيئات المحلية (البلدية‬
‫والوالية) من أجل القيام بمهامها المتعددة‪ ،‬في إطار ميزانية عامة سنوية خاصة بها‪ ،‬فتعتمد‬
‫على النفقات المحلية التي يتم صرفها في نطاق الجماعة اإلقليمية قصد سير الشؤون المحلية‬

‫‪ -‬ابرادشة فريد‪ ،‬مطبوعة محاضرات في‪ :‬نماذج تطبيقية للحكم المحلي‪ ،‬لطلبة السنة ‪ 2‬ماستر سداسي‪ ،3‬كلية الحقوق‬ ‫‪1‬‬

‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،2016 – 2015‬ص‪.6‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Mohamed HARAKAT, Les Finances publiques et les impératifs de la performance:‬‬
‫‪Le cas du Maroc, Paris: L’Harmattan, 2011, p27.‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫وتلبية االحتياجات العامة المحلية‪ ،‬والبحث عن تحصيل مختلف الموارد المالية لتغطية نفقاتها‬
‫المحلية‪ ،‬سواءا كانت هذه الموارد ذاتية المصدر أو خارجية‪ ،‬وفق مبدأ الشخصية المعنوية‬
‫واالستقالل المالي الذي يمنحه إياها القانون‪ ،‬ويعرفها البعض على انها‪ :‬كل الموارد المالية‬
‫المتاحة للجماعات اإلقليمية والمحلية التي يمكن توفيرها من مصادر مختلفة من أجل تمويل‬
‫التنمية المحلية في إقليم الدولة المقسم إداريا بشكل يضمن تحقيق أكبر معدالت التنمية فيها‪.1‬‬

‫إن من األساسيات التي تقوم عليها المالية العامة المحلية ضرورة احترام قاعدة التوازن‬
‫المالي بن النفقات وااليرادات العمومية بشكل صارم‪ ،2‬وهي نقطة مهمة تميز تطبيق مفهوم‬
‫وآليات مالية الجماعات المحلية عن مالية الدولة‪.‬‬

‫‪- 3‬المالية المحلية ومالية الدولة والمالية العامة‬


‫يشير مصطلح المالية العامة إلى معنى واسع يضم مالية الدولة ومالية أشخاص القانون‬
‫العام‪ ،‬المتمثلة في الهيئات العمومية المحلية كالمحافظات‪ ،‬الواليات والبلديات‪ ،‬ومالية السلطات‬
‫والهيئات على المستوى المركزي ومالية المؤسسات العمومية غير التجارية‪ ،‬ولهذا فإن المالية‬
‫المحلية هي جزء من المالية العامة‪ ،‬وتشمل المالية المحلية مجموع األشخاص المعنوية العامة‬
‫المحلية الخاضعة للقانون العام‪.‬‬

‫يقع على عاتق الدولة إشباع الحاجات الجماعية‪ ،‬كالحاجة على األمن الداخلي والخارجي‬
‫والتعليم وتسيير سبل االتصاالت ‪ ...‬ولكي تتم ّكن من أداء هذه الواجبات عليها إنفاق مبالغ‬
‫ظفيها‪ ،‬وهو ما يعرف باسم‬
‫نقدية للحصول األسلحة واألبنية واألثاث ‪ ...‬وعلى خدمات مو ّ‬
‫«النفقات العامة»‪ .‬لكن للقيام بذلك على السلطة توفير مبالغ مالية لتوفير هذه الخدمات‪ ،‬حيث‬
‫عدة أبواب‪ ،‬كإيرادات أمالكها‪ ،‬الضرائب المفروضة على األفراد‪ ،‬والرسوم‬
‫تتحصل عليها من ّ‬
‫ّ‬
‫تؤديها‪ ،‬فضال عن القروض التي تعقدها‪ ،‬وهذا ما‬‫تحصلها لقاء بعض الخدمات التي ّ‬ ‫التي ّ‬

‫‪ -‬يوسف مسعداوي‪" ،‬تحديات المالية والجباية المحليتين في الجزائر"‪ ،‬مجلة الحقيقة‪ ،‬المجلد‪ ،13 :‬عدد‪ ،2:‬جامعة أدرار‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ص‪.4-3‬‬
‫‪ - 2‬علي زيان محند واعمر‪" ،‬نظرة حول المالية العمومية المحلية"‪ ،‬ندوة حول تكييف نظام اإلدارة المحلية مع الحقائق الوطنية‬
‫الجديدة بمجلس األمة‪ ،‬يوم ‪ ،2002/10/27‬ص‪.52‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫لمدة مقبلة غالبا‬
‫محدد وقواعد مرسومة ّ‬
‫كل ذلك يسير وفق برنامج ّ‬
‫يسمى ب «اإليرادات العامة»‪ّ ،‬‬
‫ما تكون سنة‪ّ ،‬‬
‫تحدد في وثيقة يطلق عليها ب «الميزانية العامة»(‪.)1‬‬

‫ويقع على عاتق الجماعات المحلية اشباع الحاجات المحلية على مستوى أقاليمها‪ ،‬ومن‬
‫أجل ذلك فهي تقوم بصرف نفقات عامة تنفيذا لذلك‪ ،‬إذ يتطلب منها ضرورة توفير مصادر‬
‫مالية للقيام بهذه الخدمات‪ ،‬ولهذا فهي تحصل جملة من اإليرادات من أمالكها‪ ،‬ومن الضرائب‬
‫والرسوم ‪ ،...‬حيث يرتبط ذلك بميزانية عامة تخص الجماعة المحلية تحدد فيها كل هذه‬
‫الجوانب‪.‬‬

‫يمكن القول إن المالية المحلية تعتبر فرعا من فروع المالية العمومية‪ ،‬غير أن الميزة‬
‫األساسية لمالية الجماعات المحلية تتركز في عنصرين‪ :‬استقاللية ميزانية الجماعات المحلية‬
‫عن الميزانية العامة للدولة ومبدأ التوازن الصارم في ميزانيتها‪ ،‬مع وجود بعض الخصائص‬
‫األخرى كفروقات بين مالية الدولة ومالية الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪- 4‬الشخصية المعنوية للجماعات المحلية‬


‫أن‬
‫يعتبر نشاط الهيئات والمؤسسات اإلدارية في الحقيقة نشاط موظفيها وعمالها‪ ،‬إال ّ‬
‫هؤالء العمال والموظفين ال يؤدون األعمال المنوطة بهم بأسمائهم وبصفتهم الشخصية بل باسم‬
‫الهيئات التي ينتمون إليها‪ ،‬أي ينوبون عنها‪ ،‬وهكذا يكون لتلك الهيئات والمؤسسات حقوقا‬
‫تتمتع بها وواجبات تلتزم بها‪ ،‬ويكون لها شخصية قانونية تعمل وفق القانون‪.2‬‬

‫الشخصية المعنوية كأساس قانوني تمثل سندا لالختصاصات المنوطة باألجهزة اإلدارية‪،‬‬
‫من خالل عملية تنظيم وتوزيع الوظائف واالختصاصات اإلدارية بين مختلف هيئات وأجهزة‬
‫اإلدارة العامة للدولة‪.3‬‬

‫‪ -‬محمد حلمي مراد‪ ،‬مالية الدولة‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة نهضة مصر‪ ،1960 ،‬ص‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قديد ياقوت‪" ،‬االستقاللية المالية للجماعات المحلية‪ :‬دراسة حالة ثالث بلديات "‪ ،‬مذكرة ماجيستير في تسيير المالية‬ ‫‪2‬‬

‫العامة‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،2011 ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ -‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬القانون اإلداري‪ :‬التنظيم االداري‪ ،‬ص ص‪.24-23‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫تعريف الشخص المعنوي‪ :‬هو مجموع أشخاص (أفراد) و‪/‬أو مجموعة أموال (أشياء)‬
‫تتكاتف وتتعاون أو ترصد لتحقيق غرض وهدف مشروع بموجب اكتساب الشخصية القانونية‬
‫‪.1Personne juridique‬‬

‫ويقصد بالشخصية القانونية هو القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪.2‬‬

‫تعتبر الشخصية المعنوية السند القانوني لتوزيع الوظيفة اإلدارية بالدولة‪ ،‬مع إعطاء‬
‫األجهزة صفة االستقالل القانوني حتى تتمكن من القيام بنشاطاتها بما يترتب عن ذلك من‬
‫حقوق ومن التزامات وتحمل للمسؤولية‪.‬‬

‫هناك أشخاص معنوية عامة هي‪ :‬الدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬البلدية‪ ،‬المرافق العامة‪ ،‬وأشخاص‬
‫معنوية خاصة تشمل‪ :‬الجمعيات‪ ،‬المؤسسات االقتصادية الخاصة‪.‬‬

‫واألشخاص المعنوية العامة تنقسم إلى قسمين‪ :‬إقليمية (الوالية والبلدية) ومرفقية أو‬
‫مصلحية (الجامعات‪ ،‬المستشفيات)‪.‬‬

‫أركان الشخصية المعنوية‪ :‬تتضمن أركان الشخصية المعنوية ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬مجموعة أشخاص و‪/‬أو أموال‪ :‬مجموعة أشخاص (األفراد) كالجمعيات أو مجموعة‬


‫أموال (األشياء) كشركات المساهمة ‪.SPA‬‬

‫عادة ما يقوم الشخص المعنوي العام على توافر مجموعة من األشخاص واألموال في‬
‫آن واحد‪ ،‬فالبلدية مثال هي‪ :‬سكان البلدية وممتلكاتها‪.‬‬

‫‪ -2‬الغرض المشروع‪ :‬هو الذي يسمح به النظام القانوني بالدولة‪ ،‬أي الهدف الذي‬
‫أنشئت من أجله‪.‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫‪ -3‬االعتراف‪ :‬االعتراف بوجود الشخص المعنوي من طرف السلطة المختصة‪ ،‬وبموجب‬
‫الوسيلة القانونية الالزمة‪ ،‬فالبلدية أو الوالية تحدث أو تنشأ بموجب قانون صادر عن السلطة‬
‫العامة‪ ،‬والجمعيات تحدث بموجب ترخيص من طرف السلطة العامة بعد توافر شروط تأسيسها‪.‬‬

‫أركان الشخصية المعنوية‬

‫مجموعة أشخاص‬
‫االعتراف‬ ‫الغرض المشروع‬
‫و‪/‬أو أموال‬

‫الشكل ‪ :1‬يوضح أركان الشخصية المعنوية مثلما تم شرحها‪.‬‬

‫آثار اكتساب الشخصية المعنوية‪ :‬يترتب عن اكتساب الشخصية المعنوية مجموعة من‬
‫اآلثار نذكرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬األهلية ‪ :Capacité‬للشخص المعنوي حق الملكية‪ ،‬وله حق التعاقد وحق التقاضي‬


‫وخيرها من الحقوق المشروعة قانونا والمخولة من القوانين واألنظمة وقانونه األساسي وسند‬
‫انشائه‪ ،‬ومن الالزم أن يكون نائبا لهذا الشخص المعنوي من خالل قيام شخص طبيعي بذلك‪،‬‬
‫هو عادة رئيسه أو مديره‪ ،‬الوالي فيما يخص الوالية‪ ،‬رئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة‬
‫للبلدية‪ ،‬مدير الجامعة بالنسبة للجامعة وهكذا‪.‬‬

‫‪ -‬االستقالل المالي واإلداري‪:‬‬

‫أ‪ .‬االستقالل المالي‪ :‬الذمة المالية ‪ Patrimoine‬التي يتمتع بها الشخص المعنوي‪ ،‬وهي‬
‫مستقلة عن الذمة المالية للجهة أو الشخص الذي أنشأه‪ ،‬فالذمة المالية للبلدية مثال مستقلة عن‬

‫‪- 15 -‬‬
‫أن لها ميزانية خاصة بها تتضمن الجانب الدائن والجانب‬
‫الذمة المالية للوالية أو الدولة‪ ،‬إذ ّ‬
‫المدين (حقوق والتزامات)‪.‬‬

‫الذمة المالية بما فيها من جانبين؛ ايجابي وسلبي (جانب دائن وآخر‬
‫يتضمن مفهوم ّ‬
‫مدين)‪:‬‬

‫‪ -‬الجانب االيجابي (الدائن)؛ يتمّثل في ايرادات الدولة ‪ recettes publique‬بما لها من‬
‫حقوق على األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬الجانب السلبي (المدين)؛ ويتمّثل في النفقات العامة ‪ dépenses publique‬التي يتوجب‬


‫على الدولة (االدارة العامة) صرفها(‪.)1‬‬

‫ب‪ .‬االستقالل اإلداري‪( :‬األجهزة ‪ ،)Les organes‬فيجب أن يكون للشخص المعنوي‬


‫أجهزة وتنظيمات سواء للمداومة أو للتنفيذ‪ ،‬كما هو الحال للبلدية‪ ،‬حيث تضم المجلس الشعبي‬
‫البلدي‪ ،‬رئيس البلدية‪ ،‬األجهزة اإلدارية األخرى كاألمانة العامة)‪ ،‬والجامعة لها مدير الجامعة‪،‬‬
‫مجلس للجامعة‪ ،‬هيئات أخرى)‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫‪ -‬الموطن‪ Domicile :‬وهو المقر الذي يتواجد فيه الشخص المعنوي ‪،Le Siège‬‬
‫فموكن الوالية هو مركز الوالية ومقرها ‪.Chef-lieu‬‬

‫‪ -‬عبد هللا خبابة‪ ،‬أساسيات في اقتصاد المالية العامة‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة الرابط‪[ ،‬د‪.‬س‪.‬ط]‪ ،‬ص‪.01‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫آثار اكتساب الشخصية المعنوية‬

‫االستقالل المالي‬
‫األهلية ‪Capacité‬‬ ‫الموطن ‪Domicile‬‬
‫واالداري‬

‫الذمة المالية‬
‫األجهزة ‪Organes‬‬
‫‪Patrimoine‬‬

‫الشكل رقم‪ 2 :‬يوضح آثار اكتساب الشخصية المعنوية مثلما تم شرحها‪ ،‬من انجاز األستاذ‪.‬‬

‫‪ -5‬االستقاللية المالية للجماعات المحلية‬


‫يقع على عاتق الدولة والجماعات اإلقليمية والمحلية القيام بمجموعة من الوظائف‪ ،‬من‬
‫أهمها إشباع الحاجات الجماعية‪ ،‬كالحاجة إلى األمن والتعليم والصحة ونظافة المحيط ‪،...‬‬
‫ولكي تتم ّكن هذه الهيئات من أداء هذه الواجبات عليها إنفاق مبالغ نقدية للحصول على مختلف‬
‫ظفيها‪ ،‬وهو ما يعرف باسم «النفقات العمومية»‪ .‬لكن للقيام بهذه‬
‫الوسائل وعلى خدمات مو ّ‬
‫الوظائف يتطّلب من السلطات العامة مركزية أو المركزية ضرورة توفير مبالغ مالية‪ ،‬تقوم‬
‫عدة مصادر‪ ،‬كإيرادات أمالكها‪ ،‬الضرائب المفروضة على األفراد والمؤسسات‪،‬‬
‫بتحصيلها من ّ‬
‫تؤديها‪ ،‬فضال عن القروض التي تعقدها‪،‬‬
‫تحصلها لقاء بعض الخدمات التي ّ‬ ‫والرسوم التي ّ‬
‫لمدة‬
‫محدد وقواعد مرسومة ّ‬
‫كل ذلك يسير وفق برنامج ّ‬
‫وهذا ما يسمى ب «اإليرادات العمومية»‪ّ ،‬‬
‫معينة غالبا ما تكون سنة‪ ،‬تح ّدد في وثيقة يطلق عليها ب «الميزانية العامة»(‪ )1‬الخاصة‬
‫زمنية ّ‬

‫‪ - 1‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫تجسد الميزانية اآللية األساسية لالستقاللية المالية للهيئة‬
‫بالدولة أو بالجماعات المحلية‪ ،‬حيث ّ‬
‫أو الجماعة اإلقليمية‪.‬‬

‫تتضمن االستقاللية المالية للجماعة المحلية معنى يجسد وجود الذمة المالية المرتبطة‬
‫بتوفر جانبين اثنين؛ الجانب األول هو جانب إيجابي والجانب الثاني هو جانب سالب‪ ،‬فأما‬
‫الجانب اإليجابي فهو الجانب الدائن‪ ،‬حيث يتمثل في إيرادات الجماعة المحلية بما لها من‬
‫حقوق على األفراد والمؤسسات في نطاقها االقليمي‪ ،‬فالجماعة المحلية باعتبارها هيئة عامة‬
‫كجزء من الدولة لها السلطة في فرض الضرائب والرسوم وفق القانون على األفراد والمؤسسات‬
‫في اقليمها‪ ،‬وبالتالي تصبح الجماعة المحلية لها حقوق على األفراد والمؤسسات تتجسد في‬
‫الموارد المالية التي تحصلها في شكل ضرائب ورسوم لصالح خزينتها‪ ،‬وهذا الجانب له صفة‬
‫اإليجابية ألنه مرتبط بدخول األموال للخزينة (تحصيل اإليرادات المالية)‪ ،‬وأما الجانب السالب‬
‫فهو الجانب المدين‪ ،‬ويتمثل في النفقات التي يتوجب على الجماعة المحلية صرفها تلبية‬

‫لالحتياجات العامة وسير الشؤون المحلية‪ ،‬ومن ّ‬


‫ثم يشكل هذا الجانب (النفقات العامة المحلية)‬
‫التزامات الجماعة المحلية اتجاه األفراد والمؤسسات‪ ،‬وكما هو مالحظ فإن هذا الجانب له صفة‬
‫السلبية لكونه يساهم في خروج األموال من خزينة الجماعة المحلية (صرف النفقات)‪ ،‬كل ذلك‬
‫يكون ضمن ميزانية عامة سنوية مستقلة خاصة بالجماعة المحلية حصريا‪ ،‬تتحدد فيها نفقاتها‬
‫من جهة وإيراداتها من جهة ثانية‪ ،‬تكون لها فيها السلطة الكاملة لتسييرها بشكل مستقل دون‬
‫تبعية لجهة أخرى‪ ،‬وليس ذلك معناه عدم وجود تنسيق ورقابة من الدولة والهيئات الرقابية‬
‫األخرى‪.‬‬

‫إن االستقاللية المالية ضمن هذا اإلطار تتمثل في الوسائل المالية التي توضع تحت‬
‫تصرف ومسؤولية الجماعات المحلية‪ ،‬وهي حجر الزاوية الذي تقوم عليه الالمركزية اإلدارية‬
‫مما يسمح لها بإصدار ق اررات نافذة في حدود ما يسمح لها القانون دون خضوعها‬
‫اإلقليمية‪ّ ،‬‬
‫للسلطات المركزية‪.‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫إن االستقالل المالي يجب أن يصاحبه استقالل إداري للجماعة المحلية‪ ،‬فال يعقل أن‬
‫يكون لهيئات تتمتع بالشخصية المعنوية على المستوى الالمركزي لها أجهزة إدارية مستقلة أال‬
‫يكون لها استقالل مالي وحرية التصرف في وسائلها المالية المتاحة لها‪.‬‬

‫غير أن هذه االستقاللية مرهونة بشروط وضوابط قانونية تتعلق بالرقابة الوصائية لألجهزة‬
‫المركزية عليها في إطار النظام اإلداري القائم‪ ،‬كما أنها مرتبطة ومتداخلة بقواعد وأسس المزج‬
‫بين المركزية والالمركزية فيما يتعلق بإيراداتها ومداخيلها أو مصاريفها ونفقاتها‪.‬‬

‫تتجسد في استقاللية‬
‫ّ‬ ‫إن المضامين األساسية لالستقاللية المالية للجماعات المحلية‬
‫الميزانية‪ ،‬حيث يكون للجماعات المحلية حرية تقدير نفقاتها وايراداتها‪ ،‬ناهيك عن استقاللية‬
‫ينص عليها القانون‪ ،‬فضال عن‬‫جبائية‪ ،‬أي فرض وتحصيل مجموع الضرائب والرسوم التي ّ‬
‫ذلك‪ ،‬فإن هذه المظاهر لالستقاللية في الميزانية يصاحبه استقاللية في التسيير‪ ،‬وهو قدرة‬
‫الهيئة المحلية على التحكم في ميزانيتها‪ ،‬أي أن تكون هناك حرية في تسيير الممتلكات والموارد‬
‫المالية الخاصة بها‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬نفقات الجماعات المحلية‬

‫تعتبر النفقات العمومية المحلية ذات أهمية بالغة كونها تصرف في نطاق الجماعة المحلية من‬
‫أجل تلبية حاجات عامة محلية من سلع وخدمات‪ ،‬غير أن هناك ضوابط قانونية في كيفية‬
‫تحديدها وإجراءات صرفها وممارسة الرقابة عليها‪ ،‬ومجمل النفقات العامة التي تصرفها البلدية‬
‫أو الوالية يوجد تسيير المصالح المحلية وبرامج التنمية وتلبية االحتياجات العامة والخدمات‬
‫الضرورية لكن ذلك يتوقف أساسا على الموارد المالية الواجب توفرها لتغطية تلك النفقات‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف نفقات الجماعات المحلية‪:‬‬

‫إذا كان مفهوم النفقة العامة يتضمن مبلغ نقدي يقوم بإنفاقه شخص معنوي عام (دولة‪ ،‬والية‪،‬‬
‫مؤسسة ع) بقصد تحقيق نفع عام‪ ،‬فإن مفهوم النفقة العامة للجماعة المحلية هو مبلغ نقدي‬
‫تقوم بإنفاقه جماعة محلية إقليمية المركزية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقاللية المالية بغية‬
‫إشباع الحاجات العامة وتسيير المصالح المحلية والخدمات الضرورية‪.‬‬

‫{ تفكيك هذا التعريف= كل جزء له طابع محلي }‬

‫تتميز بجملة من الخصائص‪ ،‬هي‪:‬‬


‫يظهر من خالل هذا التعريف أن النفقة العامة المحلية ّ‬
‫‪ -‬الطابع النقدي للنفقة العامة المحلية؛ أي استخدام الجماعة المحلية لمبالغ مالية في شكل‬
‫اعتمادات تقوم بصرفها قصد الحصول على السلع والخدمات الالزمة للقيام بنشاطاتها‬
‫واستم اررية مرافقها المحلية‪ ،‬ويشكل ذلك أساس النظام المالي للجماعات المحلية‪ ،‬ويضمن لها‬
‫فعالية أكثر‪.‬‬

‫المجسدة‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬صدور النفقة العامة عن هيئة محلية؛ حيث أن الجماعة المحلية هي الصورة‬
‫للتنظيم اإلداري القائم على الالمركزية اإلقليمية‪ ،‬وهي التي تقوم بصرف النفقة العامة باعتبارها‬
‫تتمتّع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وفق ما ينص عليه القانون‪ ،‬وهي أحد أشخاص‬
‫القانون العام على غرار الدولة‪ ،‬المؤسسات والدواوين العامة‪ ،‬ويكون على رأسها أشخاص‬
‫معينون يمثلون السلطة العامة ويرأسونها‪ ،‬فبالنسبة للوالية نجد الوالي‪ ،‬و البلدية‬
‫منتخبون أو ّ‬

‫‪- 20 -‬‬
‫نجد رئيس البلدية‪ ،‬وهم يمثلون وفق القانون اآلمرون بالصرف والقبض‪ ،‬أي المؤهلون قانونا‬
‫إلصدار األمر بصرف النفقة العامة‪ ،‬واآلمر بالصرف هو الموقع لألمر المتعلق بالصرف‬
‫فيعقد النفقات‪ ،‬ويضبط مقاديرها‪ ،‬ويأمر بصرفها (‪.)1‬‬

‫‪ -‬تحقيق منفعة عامة على المستوى المحلي؛ حيث ّ‬


‫أن اإلدارة المحلية هي هيئات عامة وجزء‬
‫من الدولة‪ ،‬فإن أهدافها تصب في الصالح العام للمواطن‪ ،‬والنفقات التي تصرفها في مختلف‬
‫المجاالت العامة تهدف إلى إشباع الحاجات العامة على نطاق اإلقليم المحلي‪ ،‬مثل بناء‬
‫المدارس‪ ،‬والمستشفيات وتسييرها فضال عن تشييد الطرقات ‪ ...‬وغيرها من األعمال األخرى‪،‬‬
‫وكل ذلك خدمة للمصلحة العامة في المجتمع‪ ،‬فالقاعدة األساسية تقول أن الجميع متساوون‬
‫في تحمل األعباء العامة‪ ،‬وبالتالي الكل متساوون في االستفادة من النفقات العامة وأغراضها‪،‬‬
‫وكل هدف يحيد عن تحقيق المنفعة العامة ويسعى إلى تحقيق مصلحة شخصية لصالح فئة‬
‫معينة أو شخص معين على حساب اآلخرين فال يمكن اعتباره من المصلحة العامة‪ ،‬وإنما هو‬
‫عبارة عن إساءة وانحراف وفساد الستخدام المال العام‪.‬‬

‫‪ -2‬خصائص نفقات الجماعات المحلية وضوابطها‪:‬‬

‫من خالل التعريف الذي أوردناه حول مفهوم نفقات الجماعات المحلية‪ ،‬نحاول تفكيك عناصره‪،‬‬
‫وهذه العناصر هي الخصائص التي تميز النفقة العمومية المحلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -1https://fr.calameo.com/read/0010917675af6f750112a‬الطاهر زروق‪ - ،‬المالية المحلية‪ ،‬ص‪.04‬أنظر الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫تاريخ االطالع عليه‪)2019/01/05( :‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫صدور النفقة العامة عن هيئة‬
‫محلية‬

‫الطابع النقدي للنفقة‬ ‫تحقيق منفعة عامة على‬


‫العامة‬ ‫المستوى المحلي‬

‫خصائص‬
‫نفقات‬
‫الجماعات‬
‫المحلية‬

‫الشكل رقم‪ :3‬خصائص نفقات الجماعات المحلية‪ ،‬من انجاز األستاذ‪.‬‬

‫‪ -‬الطابع النقدي للنفقة‪:‬‬

‫تعتبر النقود أداة تحظى بقبول عام في التداول‪ ،‬فهي وسيلة للتبادل فيما يتعلق بالسلع والخدمات‪،‬‬
‫وهي مقياس مشترك للقيمة‪ ،‬كما أنها تستخدم كمستودع للقيمة ( أي يمكن خزنها وانفاقها في‬
‫فترات الحقة بدل تخزين السلع والمنتجات التي يمكن ان تتعرض للتلف) وأنها تستخدم كمعيار‬
‫للمدفوعات اآلجلة ( كالشيكات والسندات)‪ ،‬والنقود أصبحت أساس التعامل التجاري‬
‫واالقتصادي في وقتنا المعاصر بعد انحصار واندثار ظواهر كانت سائدة في الماضي‬
‫كالمقايضة وهي الوسائل التي يتعامل بها أفراد المجتمع في مختلف االنشطة التجارية‪ ،‬كما‬
‫تتعامل بها الدولة وهيئاتها الالمركزية من خالل نفقاتها العمومية‪.‬‬

‫تتلخص هذه الخاصية في استخدام الجماعة المحلية لمبالغ مالية تقوم بصرفها (انفاقها) الوالية‬
‫او البلدية قصد الحصول على السلع والخدمات الالزمة للقيام بنشاطاتها واستم اررية مرافقها‬
‫المحلية‪ ،‬ويشكل ذلك أساس النظام المالي للجماعات المحلية‪ ،‬ويضمن لها فعالية اكثر‪.‬‬

‫‪ -‬صدور النفقة العامة عن هيئة محلية‬

‫‪- 22 -‬‬
‫تتمثل الهيئة المحلية (الوالية او البلدية) وفق تنظيم الالمركزية االقليمية الجهات التي تقوم‬
‫بصرف النفقة العامة‪ ،‬حيث تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وفق ما ينص عليه‬
‫القانون‪ ،‬وهي احد اشخاص القانون العام على غرار الدولة‪ ،‬المؤسسات والدواوين العامة‪ ،‬غير‬
‫ان الدائرة تستبعد من ذلك باعتبارها ال تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬كما‬
‫يستبعد كل االشخاص الخاصة من هذا المفهوم حتى لو كان الغرض تحقيق المصلحة العامة‪،‬‬
‫غير ان هذه الهيئات المحلية يكون على راس السلطة فيها ممثلون أ‬
‫يرسونها‪ ،‬فبالنسبة للوالية‬
‫نجد الوالي‪ ،‬و البلدية نجد رئيس البلدية‪ ،‬وهم يمثلون وفق القانون اآلمرون بالصرف والقبض‪،‬‬
‫أي المؤهلون قانونا إلصدار األمر بصرف النفقة العامة‪ ،‬واآلمر بالصرف هو الموقع لألمر‬
‫(‪)1‬‬
‫المتعلق بالصرف فيعقد النفقات‪ ،‬ويضبط مقاديرها‪ ،‬ويأمر بصرفها‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق منفعة عامة على المستوى المحلي‪:‬‬

‫باعتبار ان هيئات اإلدارة المحلية هي هيئات عامة وجزء من الدولة‪ ،‬فان أهدافها تصب في‬
‫الصالح العام‪ ،‬والنفقات التي تصرفها في مختلف المجاالت العامة تهدف إلى إشباع الحاجات‬
‫العامة‪ ،‬مثل بناء المدارس‪ ،‬والمستشفيات وتسييرها فضال عن تشييد الطرقات ‪ ...‬وغيرها من‬
‫األعمال األخرى‪ ،‬وكل ذلك يصب في المصلحة العامة للمجتمع‪.‬‬

‫إن القاعدة في ذلك أنه‪ :‬الجميع متساوون في تحمل األعباء العامة‪ ،‬وبالتالي الكل متساوون‬
‫في االستفادة من النفقات العامة وأغراضها‪.‬‬

‫وكل هدف يحيد عن تحقيق المنفعة العامة ويسعى إلى تحقيق مصلحة شخصية لصالح فئة‬
‫معينة أو شخص معين على حساب اآلخرين فال يمكن اعتباره من المصلحة العامة‪ ،‬وهو عبارة‬
‫عن إساءة وانحراف وفساد للمال العام‪.‬‬

‫‪ - 1‬الطاهر زروق‪ - ،‬المالية المحلية‪ ،‬ص‪.04‬أنظر الموقع االلكتروني‪:‬‬


‫‪https://fr.calameo.com/read/0010917675af6f750112a‬‬
‫تاريخ االطالع عليه‪)2019/01/05( :‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫‪ -3‬أما ضوابط النفقة العامة‪:‬‬

‫فهي متعددة وتمثل القواعد الواجب إتباعها في مجال اإلنفاق العمومي المحلي‪ ،‬وتستهدف‬
‫الرشادة في استغالل األموال العامة المحلية‪ ،‬وحسن تسييرها‪ ،‬وتوجيهها ألهداف المنفعة العامة‬
‫وتسيير المصالح العمومية‪ ،‬يمكن تلخيص هذه الضوابط فيما يلي (أنظر الشكل رقم ‪ 4‬أدناه)‪:‬‬

‫‪ -‬المنفعة‪ :‬هذا الضابط مرتبط بعنصر المنفعة‪ ،‬وهي المنفعة العامة‪ ،‬ألن الجماعات المحلية‬
‫(الوالية والبلدية) تستهدف من خالل إنفاقها لمبالغ مالية على مختلف المجاالت العامة إنما‬
‫بدافع تحقيق النفع العام على المستوى اإلقليمي والمحلي‪.‬‬

‫فكرة المنفعة العامة فكرة ديناميكية‪ ،‬وحدها المؤسسات التشريعية هي التي تحدد مبدأ المنفعة‬
‫العامة وتقرها في الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬االقتصاد في اإلنفاق‪ :‬يتطلب اإلنفاق العمومي عموما‪ ،‬والمحلي منه على وجه الخصوص‬
‫االقتصاد في النفقات العمومية وعدم التبذير‪ ،‬واالقتصاد كما يقال هو "نصف المعيشة"‪،‬‬
‫ويقتضي ذلك ترشيد اإلنفاق وليس التقشف‪ ،‬وإتباع أمثل السبل في إقرار النفقات وفي كيفية‬
‫صرفها‪ ،‬وهذا من مقتضيات الحوكمة الرشيدة في إدارة الجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة‪ :‬من اجل السعي الحثيث للمحافظة على المال العام وتطبيق آليات المحاسبة تكرس‬
‫مختلف القوانين آليات الرقابة على المال العام وإنفاقه‪ ،‬فهناك رقابة إدارية ذاتية‪ ،‬ورقابة وصائية‬
‫ورقابة قضائية تؤكدها مختلف التشريعات والقوانين‪ ،‬منها ما ورد في قانوني الوالية والبلدية‪،‬‬
‫ومنها ما تجسده القوانين االخرى على المستوى الوطني‪ ،‬كرقابة مجلس المحاسبة‪ ،‬ورقابة‬
‫المفتشية العامة للمالية‪ ،‬ورقابة و ازرة الداخلية والجماعات المحلية ‪ ...‬وغيرها‪.‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫المنفعة‬

‫ضوابط النفقة العامة‬


‫االقتصاد في االنفاق‬

‫الرقابة‬

‫الشكل رقم ‪ :4‬ضوابط النفقة العامة للجماعات المحلية‪ ،‬من إنجاز األستاذ‪.‬‬

‫‪ -4‬تقسيم نفقات الجماعات المحلية (مع إشارة إلى النموذج الجزائري)‪:‬‬

‫تقسم النفقات العامة المحلية في التشريع الجزائري إلى نفقات قسم التسيير ونفقات قسم‬
‫التجهيز واالستثمار (المادة ‪ 158‬من قانون الوالية ‪ 107 - 12‬والمادة ‪ 179‬من قانون البلدية‬
‫‪.)210-11‬‬

‫قسم علماء المالية العامة النفقات العمومية سواء كانت على مستوى الدولة أو جماعاتها‬
‫اإلقليمية إلى تقسيمات عديدة ومتنوعة‪ ،‬نذكر من بينها ما يلي‪:‬‬

‫تقسم النفقات العامة حسب هذا‬


‫أ‪ -‬تقسيم النفقات العامة من حيث دوريتها وانتظامها؛ ّ‬
‫المعيار إلى قسمين‪:‬‬

‫يتكرر صرفها دوريًّا‬


‫‪ -‬النفقات العادية‪ :‬هي تلك النفقات التي توصف بالدورية‪ ،‬حيث ّ‬
‫كرر بانتظام في الميزانية‪ ،‬مثل مرتبات الموظفين‪ ،‬والتي‬
‫كل فترة زمنية معينة‪ ،‬شهريا مثال‪ ،‬وتُ ّ‬

‫‪ - 1‬قــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫‪ - 2‬قانون رقم ‪ 11 - 10‬مؤرخ ‪ 22‬يونيو سنة ‪ 2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫أن قيمتها ال تتغير من‬
‫عادة ما تمول من الضرائب ومداخيل أمالك الدولة ‪ ،‬وال يعني ذلك ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫يتغير مقدارها(‪.)2‬‬
‫سنة ألخرى‪ ،‬بل يمكن أن ّ‬
‫‪ -‬النفقات غير العادية‪ :‬تلك النفقات التي ال يتكرر صرفها بصفة منتظمة كل سنة‪،‬‬
‫تتكرر‬
‫يتم تمويلها من إيرادات غير عادية (كالقروض مثال)‪ ،‬وال ّ‬ ‫فهي ليست دورية‪ ،‬حيث ّ‬
‫بانتظام في الميزانية‪ ،‬مثل نفقات مواجهة آثار الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزالزل‪ ،‬وغيرها‬
‫بأنها استثنائية‪.‬‬
‫من األحداث الطارئة ‪ ،‬حيث تتصف هذه النفقات ّ‬
‫(‪)3‬‬

‫ب‪ -‬النفقات اإلدارية والنفقات االستثمارية‪:‬‬

‫الضرورية لقيام أجهزة الدولة بمهامها المختلفة‬


‫‪ -‬النفقات اإلدارية‪ :‬وهي مجموع النفقات ّ‬
‫دون أن يؤثر ذلك على ثروة االقتصاد الوطني‪ ،‬مثل أجور الموظفين‪ ،‬نفقات ّ‬
‫الصيانة‪ ،‬ونفقات‬
‫اقتناء لوازم اإلدارة‪ ،‬ونطلق على هذه النفقات أيضا تسمية النفقات الجارية(‪.)4‬‬

‫‪ -‬النفقات االستثمارية الرأسمالية‪ :‬مجموعة النفقات التي تساهم في زيادة اإلنتاج الوطني‬
‫التوسع االقتصادي‪ ،‬حيث تؤثر هذه النفقات في تنمية االقتصاد الوطني ودعم توازنه‪ ،‬ومن‬‫و ّ‬
‫األشكال التي تتّخذها هذه النفقات‪:‬‬

‫* نفقات بناء وتجهيز المستشفيات والمدارس ودور الحضانة‪.‬‬

‫الصناعي والتّجاري‪.‬‬
‫* نفقات تجهيز المؤسسات العمومية ذات الطابع االقتصادي‪ّ ،‬‬
‫* نصيب الدولة في شركات االقتصاد المختلط‪ ،‬والتي تكون فيها الدولة شريكا إلى جانب‬
‫القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الله خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬


‫‪ - 2‬محمد حلمي مراد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ - 3‬عبد الله خبابة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.25‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫* نفقات دعم االستثمارات الوطنية‪ ،‬مثل التكّفل الكّلي أو الجزئي بمصاريف إقامة المنشآت‬
‫المؤدية‬
‫ّ‬ ‫طرق‬
‫األساسية الضرورية لالستثمار أو مصاريف إيصال المياه والكهرباء‪ ،‬وإنشاء ال ّ‬
‫إلى مناطق االستثمار(‪.)1‬‬

‫محل نقد‪ ،‬فبعض‬ ‫أن هذا التقسيم وإن ظهر نظريا ّأنه صحيح‪ ،‬إالّ ّأنه في الحقيقة ّ‬‫غير ّ‬
‫تتكرر سنويًّا بسبب التوتّر الدولي‪،‬‬
‫النفقات غير العادية وغير المتكررة كالنفقات العسكرية التي ّ‬
‫متكررة بسبب ظهورها المستمر سنويا(‪.)2‬‬
‫يمكن أن تصبح نفقات ّ‬
‫سوف نركز ضمن هذا الجزء على النفقات التي يقرها التشريع الجزائري‪ ،‬فالتقسيمات‬
‫األخرى موجودة ضمنيا في القانون الذي يحدد نفقات قسم التسيير‪ ،‬ونفقات قسم التجهيز‬
‫واالستثمار‪ ،‬وهذا التقسيم يعتبر تقسيما شامال وعمليا يتضمن جميع األطر التي تنظم نفقات‬
‫الجماعات المحلية واإلقليمية (الوالية والبلدية)‪.‬‬

‫أ‪ -‬نفقات قسم التسيير‬

‫يخصص ضمن ميزانية الجماعة المحلية‪ ،‬والية كانت أو بلدية‪ ،‬مبالغ مالية لتسيير المصالح‬
‫ّ‬
‫والقيام بالخدمات الضرورية لمجموع األفراد وإشباع الحاجيات الجماعية لهم‪ ،‬وهي نفقات ال‬
‫يمكن االستغناء عنها‪ ،‬وال تستثمر المرافق العامة التابعة للجماعة المحلية إال بوجودها‪.‬‬

‫يمكن الرجوع الى المادة ‪ 198‬من قانون رقم‪ 10-11:‬المؤرخ في جوان ‪ ،2011‬المتعلق‬
‫تتضمن‪" :‬يحتوي قسم التسيير في باب النفقات على ما يأتي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫بالبلدية‪ ،‬التي‬

‫‪ -‬أجور وأعباء مستخدمي البلدية‪.‬‬

‫‪ -‬التعويضات واألعباء المرتبطة بالمهام االنتخابية‪.‬‬

‫‪ -‬المساهمات المقررة على األمالك ومدا خيل البلدية بموجب القوانين‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬محمد الصغير بعلي ويسرى أبو العلا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫‪ -‬نفقات صيانة األمالك المنقولة والعقارية‪.‬‬

‫‪ -‬نفقات صيانة طرق البلدية‪.‬‬

‫‪ -‬المساهمات البلدية واألقساط المترتبة عليها‪.‬‬

‫‪ -‬االقتطاع من قسم التسيير لفائدة التجهيز واالستثمار‪.‬‬

‫‪ -‬فوائد القروض‪.‬‬

‫‪ -‬أعباء التسيير المرتبطة باستغالل تجهيزات جديدة‪.‬‬

‫‪ -‬مصاريف تسيير المصالح البلدية‪.‬‬

‫‪ -‬األعباء السابقة(‪.")1‬‬

‫أما بالنسبة للوالية‪ ،‬فإن المادة ‪ 158‬توضح ذلك‪ ،‬لكن األمر ليس كالبلدية‪ ،‬بالنظر إلى الوظائف‬
‫إن نفقات الوالية تشبه النفقات العامة للدولة‪ ،‬إذ أنها‬
‫الكثيرة الواجب تقديمها من طرف البلدية‪ّ ،‬‬
‫مبالغ يتم أنفاقها من أجل تسيير الجهاز اإلداري للوالية‪ ،‬ويحتوي قسم التسيير على أجور‬
‫وأعباء مستخدمي الوالية‪ ،‬مصاريف تسيير مصالح الوالية‪ ،‬إضافة إلى أعباء التسيير المرتبطة‬
‫باستغالل تجهيزات جديدة‪.‬‬

‫أ‪ -‬نفقات قسم التجهيز واالستثمار‬

‫تعتبر هذه النفقات ضرورية‪ ،‬فهي تتعلق بالتجهيزات وأشغال المنشآت األساسية الكبرى‬
‫وتتميز هذه النفقات بأنها تؤدي إلى تنمية أمالك الجماعة‬
‫ّ‬ ‫االقتصادية‪ ،‬اإلدارية واالجتماعية‪،‬‬
‫المحلية أو زيادتها بشكل مباشر‪ ،‬وبتلك المتعلقة باإلعانات التي تمنح إلى الجمعيات وتسديد‬
‫قروض الجماعة المحلية‪ ،‬ولها طبيعة وظيفية تساهم من خاللها في برامج التجهيز التي تصبح‬
‫ملكا للجماعات المحلية‪ ،‬مثل اقتناء العقارات والعتاد والمعدات‪.‬‬

‫‪ - 1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ص‪.27-26‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫تنص المادة ‪ 198‬من قانون البلدية ‪ 10-11‬في فقرته الثانية على أن قسم التجهيز واالستثمار‬
‫يحتوي بموجب القانون على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نفقات التجهيز العمومي‬

‫‪ -‬نفقات المساهمة في أرس المال بعنوان االستثمار‬

‫‪ -‬تسديد أرسمال القروض‬

‫‪ -‬نفقات إعادة تهيئه المنشآت البلدية(‪.)1‬‬

‫وبالرجوع الى ميزانية البلدية ضمن نفقات التجهيز واالستثمار نجدها تقسم إلى‪:‬‬

‫‪ -‬برامج البلدية‪ :‬وهي النفقات التي تسعى من خاللها البلدية لتنفيذ مخططاتها التنموي والمتعلقة‬
‫اساسا بالتجهيزات‪ ،‬الطرق‪ ،‬التعمير والسكن ‪ ...‬الخ‬

‫‪ -‬برامج لحساب الغير‪ :‬وهي النفقات التي تساهم فيها البلديات في انشاء مؤسسات عمومية‬
‫تابعه لها وتقديم مساعدات للوحدات االقتصادي المحلية أو تمويل مشروعات مشتركة‪.‬‬

‫عموما فإن نفقات الجماعة المحلية‪ ،‬وخاصة البلدية يمكن أن تكون ضمن هذا الترتيب‪:‬‬

‫‪ -‬النفقات اإلجبارية‪ :‬وهي نفقات تتعلق باألجور والرواتب للعمال والموظفين‪،‬‬


‫وفاتورة الكهرباء والغاز‪.‬‬
‫‪ -‬النفقات الضرورية‪ :‬وهي النفقات التي تتعلق بالوقود‪ ،‬تجهيز المكاتب‪ ،‬فاتورة‬
‫الهاتف‪.‬‬
‫‪ -‬النفقات االختيارية‪ :‬وهي جملة النفقات المتعلقة باإلعانات في إطار التحويالت‬
‫االجتماعية‪ ،‬مثل اإلعانات التي توجه لذوي األمراض المزمنة‪.‬‬

‫التطور الذي شهده االنفاق‬


‫ّ‬ ‫التنوع والتعدد في النفقات العمومية للجماعات المحلية يؤّكد‬
‫إن هذا ّ‬
‫المحلي‪ ،‬حيث تزايدت النفقات بمختلف صورها وهذا ناتج عن ازدياد مهام اإلدارة المحلية‬

‫‪ - 1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.27‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫واضطالعها بوظائف كثيرة على غرار تهيئة اإلقليم وتنميته‪ ،‬وتلبية االحتياجات المتنامية‬
‫لجمهور المواطنين في اقليمها‪ ،‬فضال عن انخراط الجماعات اإلقليمية للدولة في تحقيق التنمية‬
‫الوطنية الشاملة من خالل تجسيد أهداف السياسات العمومية التي ترسمها الحكومة على‬
‫النطاق االقتصادي واالجتماعي والثقافي‪.‬‬
‫عملية صرف النفقات العامة المحلية‪:‬‬
‫يأتي تطبيق هذه العملية بعد النهاية من تحضير الميزانية والتصويت عليها والمصادقة‪،‬‬
‫إذ يتم تنفيذ الميزانية‪ ،‬وفي خضم ذلك يأتي القيام بعملية صرف النفقات العامة للجماعة‬
‫المحلية‪ ،‬وفي هذا العنصر نركز على عملية صرف النفقات العامة للبلدية‪ ،‬إذ أن ذلك يمر‬
‫بمراحل نلخصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المرحلة اإلدارية‪:‬‬
‫تشمل هذه المرحلة اختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي لكونه االمر بالصرف‬
‫االساسي لميزانية البلدية‪ ،‬إذ تتجسد هذه المرحلة في االلتزام بالنفقة ‪l'engagement de la‬‬
‫‪ dépense‬حيث يعتبر ذلك سندا قانونيا تلتزم البلدية بمقتضاها بدفع النفقات مقابل الخدمات‬
‫التي تستفيد بها‪ ،‬ثم تليها عمليه تصفيه النفقة ‪ ،la liquidation‬حيث يحدد المبلغ الصحيح‬
‫للنفقات العمومية‪ ،‬فيقوم على اثرها اآلمر بالصرف من خالل تحرير الحواالت كإجراء يتم‬
‫بموجبه دفع النفقات العمومية‪ ،‬لكن ذلك يتبعه عملية محاسبية في المرحلة التالية‬
‫‪ -‬المرحلة المحاسبية‪:‬‬
‫اذا كانت المرحلة السابقة إدارية‪ ،‬وهي عبارة عن عمليات إدارية من مهام رئيس البلدية‪،‬‬
‫فإن هذه المرحل هي عبارة عن عملية محاسبية تشمل الدفع ‪ Paiement‬قيمة‪ ،‬وهي من‬
‫صالحيات المراقب المحاسبي العمومي‪ ،‬إذ أن المراقبة المالية يؤشر عليها من خالل تأكده‬
‫من وجود االعتمادات المالية‪ ،‬في حين أن المحاسب العمومي والذي هو أمين خزينة البلدية‬
‫يقوم بدفع النفقة بعد تراكده من الشروط الصحيحة للنفقة‪ ،‬وبالتالي تعد هذه المرحلة ذات أهمية‪،‬‬
‫ألنه بمقتضاها يتم اخراج النفقة ودفعها الى مستحقيها أو الدائنين الحقيقيين للجماعات المحلية‪.‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬إيرادات الجماعات المحلية‬

‫بغية قيام الجماعات المحلية بتمويل مختلف نفقاتها لتلبية حاجيات مواطنيها وتمويل‬
‫برامج التنمية المحلية يلزمها تحصيل موارد مالية كافية تتوافق مع نفقاتها العامة‪ ،‬إذ تتعدد‬
‫وتتنوع مصادر هذه الموارد المالية من إيرادات داخلية (أو ذاتية) وإيرادات خارجية‪ ،‬غير أن‬
‫المداخيل الجبائية تمثل المرتبة األولى من اإليرادات العامة للجماعات المحلية‪ ،‬ثم تأتي بعدها‬
‫األمالك العامة‪ ،‬وتضاف لها إعانات الهيئات المختلفة‪ ،‬غير أن هناك اختالف بين الجماعات‬
‫المحلية ذاتها فيما يخص نسب تحصيل هذه اإليرادات العامة وذلك بالنظر إلى الوضعية‬
‫والنشاط االقتصادي لإلقليم واالمكانيات المتاحة له‪.‬‬
‫‪ .1.4‬تعريف اإليرادات العامة للجماعات المحلية‬
‫يقصد باإليرادات العمومية المحلية مجموع الموارد المالية المتاحة للجماعات اإلقليمية‬
‫والمحلية والتي يمكن توفيرها من مصادر مختلفة بغية تمويل التنمية المحلية لألقاليم بالشكل‬
‫الذي يحّقق معدالت نمو حقيقية‪ ،‬وهي بمثابة الدعامة األساسية لوضع أهداف واتخاذ ق اررات‬
‫ضمن نظام اإلدارة المحلية(‪.)1‬‬
‫تتضمن الموارد المحلية مجموع الضرائب والرسوم وااليجارات والقروض واالعانات‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫غالبية دول العالم تقرر لهيئاتها المحلية حق الحصول على هذه الموارد‪ ،‬انطالقا من مبدأ‬
‫االستقاللية اإلدارية والذمة المالية التي تقوم عليها اإلدارة المحلية‪ ،‬لكنها تختلف في طبيعة‬
‫المورد الرئيسي الذي تعتمد عليه الجماعات اإلقليمية في تمويل الجانب األكبر من نفقاتها على‬
‫واشباع الحاجات العامة لسكانها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫التنمية المحلية‬
‫‪ .2.4‬تقسيم إيرادات الجماعات المحلية في التشريع الجزائري‬
‫تقسم اإليرادات المحلية من حيث مصدرها إلى إيرادات ذاتية وأخرى خارجية‪ ،‬فأما‬ ‫ّ‬
‫االيرادات الذاتية فهي مجموع الموارد التي تنتج عن الضرائب والرسوم المحلية‪ ،‬والتي تضاف‬
‫إلى الضرائب والرسوم الوطنية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك الموارد الخاصة التي تنتج عن تشغيل‬
‫واستثمار المرافق التابعة للجماعات المحلية‪ ،‬وهي موارد مالية خاصة بها ومستقلة عن مالية‬

‫‪ - 1‬جلول ياسين بن الحاج‪" ،‬أهمية تفعيل اإليرادات المحلية غير الجبائية في تمويل التنمية المحلية ‪ -‬حالة الجزائر‪ ،"-‬مجلة‬
‫البديل االقتصادي (جامعة الجلفة)‪ ،‬مجلد‪ ،4 :‬عدد‪ ،2:‬ديسمبر ‪ ،2017‬ص‪.142‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫الدولة ‪ ،‬هدفها تمكين الجماعات المحلية من االعتماد على نفسها لتحقيق أهدافها التنموية‪،‬‬
‫وتتلخص هذه الموارد فيما يلي‪:‬‬
‫ّ‬
‫أ‪ -‬اإليرادات الجبائية‬
‫عدة مصادر لتمويل ميزانيتها‪ ،‬ويمثل الوعاء‬ ‫يتكون من ّ‬
‫للجماعات المحلية وعاء جبائي ّ‬
‫تميزه باالستقرار مقارنة بالموارد األخرى‪،‬‬
‫الجبائي أهم مصدر لمواردها المالية‪ ،‬وذلك بالنظر الى ّ‬
‫ويمثل الضرائب والرسوم بمختلف أشكالها القسم األكبر لإليرادات‪ ،‬والتي تفوق ‪ %90‬من‬
‫عائداتها‪ ،‬سواءا بشكل كلي أو جزئي‪.‬‬
‫فيما يخص الموارد الجبائية المخصصة كليا للجماعات المحلية فهي تتكون من مختلف‬
‫الضرائب والرسوم المحلية التي تعود حصيلتها اإلجمالية مباشرة وكلية للجماعات المحلية دون‬
‫سواها‪ ،‬وهي عديدة ومتنوعة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫الرسم على النشاط المهني ‪:TAP‬‬


‫تأسس هذا الرسم عام ‪ 1995‬ويفرض على رقم أعمال الذي يحققه في الجزائر المكّلفون‬
‫بدفع الضريبة الذين يمارسون نشاطا مهنيا صناعيا أو تجاريا أو غير تجاري في المكان الذي‬
‫توجد فيه مقر المؤسسة بالنسبة للشركات‪ ،‬ومكان ممارسة المهنة بالنسبة لألشخاص‪ ،‬معدله‬
‫موزع بين الجماعات المحلية‪ ،‬من خالل حصة الوالية التي تبلغ ‪ ،%29‬والبلدية بـ ‪،%66‬‬
‫‪ّ %2‬‬
‫وصندوق الضمان والتضامن بـ ‪.)1(%5‬‬
‫الرسم العقاري‪ :‬تم تأسيس هذا الرسم عام ‪ ،1967‬وهو يتعلق بالملكيات المبنية وغير‬
‫المبنية مهما كانت وضعيتها القانونية‪ ،‬غير أنه تستثنى تلك المعفاة من الضريبة بشكل‬
‫صريح(‪ ،)2‬وهو مخصص كليا للبلديات‪.‬‬
‫رسم التطهير‪:‬‬
‫تستفيد من هذا الرسم كل البلديات التي تشتغل فيها مصلحة رفع القمامات المنزلية وتفريغ‬
‫مياه الصرف الصحي‪ ،‬وهو رسم سنوي يدفع من طرف كل شخص على مسكن أو ملكية واقعة‬

‫‪ - 1‬حمدي معمر‪ ،‬إصالحات المالية المحلية في الجزائر كآلية لتصحيح عجز ميزانية الجماعات المحلية – باإلشارة إلى‬
‫حالة ميزانية البلديات‪ ،-‬مجلة االقتصاد والمالية‪ ،‬جامعة الشلف‪ ،‬المجلد‪ 9:‬عدد‪ ،2018 ،02 :‬ص‪.88‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫داخل البلديات المعنية بها‪ ،‬يتراوح ما بين ‪1.000‬دج و‪130.000‬دج حسب طبيعة كل محل‬
‫واستعماالته(‪.)1‬‬
‫رسم اإلقامة‪:‬‬
‫عدة تعديالت منها عام ‪ 2006‬وعام ‪ ،2008‬وتم‬
‫تأسس هذا الرسم عام ‪ ،1998‬وعرف ّ‬
‫ّ‬
‫فرضه على األشخاص غير المقيمين داخل البلدية‪ ،‬حيث يتم تحصيله من خالل الفنادق‪ ،‬أو‬
‫ا لمحالت المستعملة إليواء السياح أو المعالجين بالحمامات المعدنية‪ ،‬وتستفيد منه البلديات‬
‫أن قيمته تختلف باختالف مكان اإلقامة ورفاهيتها‪ ،‬ويتراوح ما بين ‪50‬دج إلى‬
‫بالكامل‪ ،‬غير ّ‬
‫‪600‬دج(‪.)2‬‬
‫الرسم على السكن‪:‬‬
‫تم‬
‫كان يطبق في بعض المدن الجزائر العاصمة‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬عنابة ووهران) وبعد ذلك ّ‬
‫مقرات الدوائر الحضرية الرئيسية‪ ،‬يعتبر هذا الرسم سنويا‪ ،‬ويقدر‬
‫تعميمه على كل البلديات في ّ‬
‫بـ ‪300‬دج بالنسبة للمحالت ذات الطابع السكني‪2001 ،‬دج بالنسبة للمحالت ذات الطابع‬
‫ويحصل من خالل فاتورة الكهرباء والغار لمؤسسة سونغاز(‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫المهني‪،‬‬
‫أما فيما يخص الموارد الجبائية المخصصة جزئيا للجماعات المحلية فتتمثل في مختلف‬
‫تقسم عائداتها بين الجماعات المحلية من جهة وبعض الهيئات‬
‫الضرائب والرسوم المحلية التي ّ‬
‫والصناديق األخرى مثل صندوق الضمان والتضامن من جهة ثانية والدولة ممثلة في السلطات‬
‫المركزية من جهة ثالثة‪ ،‬وتترّكز أهم هذه الموارد فيما يلي‪:‬‬
‫الرسم على القيمة المضافة‪:TVA :‬‬
‫تأسس هذا الرسم في الجزائر عام ‪ 1991‬لتعويض الرسم الوحيد اإلجمالي على اإلنتاج‬
‫والرسم الوحيد على إنتاج الخدمات‪ ،‬وفي عام ‪ 2017‬أصبح يفرض بمعدلين؛ المخّفض بنسبة‬
‫‪ %9‬والمعدل العادي بنسبة ‪ ،)4(%19‬وهو عبارة عن ضريبة غير مباشرة يتحملها المستهلك‬
‫ويدفعها المنتج‪ ،‬ويتم تطبيقها على عمليات االستيراد‪ ،‬عمليات البيع واألشغال العقارية‪،‬‬
‫والخدمات غير الخاضعة لرسوم خاصة تفرض بمعدل منخفض ‪ ،%9‬وبمعدل مرتفع ‪،%19‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.89‬‬

‫‪- 33 -‬‬
‫ويوزع عائده على النحو التالي‪:‬‬
‫وهو من اهم الموارد الجبائية بالنظر إلى مردوديته العالية‪ّ ،‬‬
‫حصة الدولة ‪ ،%75‬البلدية ‪ ،%10‬الصندوق المشترك للجماعات المحلية ‪.)1(%15‬‬
‫‪ -‬الرسم على الذبح‪:‬‬
‫يفرض على ذبح الحيوانات من أجل االستهالك‪ ،‬وأيضا على اللحوم المستوردة والمصدرة‪،‬‬
‫ويخصص ‪ 1.5‬دج من هذه التعريفة لصالح صندوق‬
‫ّ‬ ‫يحصل بمعدل ‪10‬دج دج للكلغ الواحد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫حماية الصحة الحيوانية(‪.)2‬‬
‫‪ -‬قسيمة السيارات‪ :‬وتسمى الدمغة الجبائية على السيارات‪ ،‬تفرض هذه الضريبة على‬
‫السيارات المرقمة في الجزائر‪ ،‬ظهرت في عام ‪ ،1996‬تفرض على كل شخص طبيعي أو‬
‫معنوي يملك سيارة تسير بالبنزين أو المازوت‪ ،‬وتعفى السيارات التي تسير بغاز البترول المميع‬
‫‪ ،GPL‬كما تستثنى من دفعها سيارات الدولة والجماعات المحلية‪ ،‬سيارات اإلسعاف‪ ،‬السيارات‬
‫المجهزة بالعتاد الصحي‪ ،‬وسيارات ذات العتاد المخصص للحرائق وكذا سيارات ذوي‬
‫االحتياجات الخاصة‪ ،‬حيث تتغير التعريفة من سيارة إلى أخرى تبعا لحجم محركها ونوعية‬
‫وسنة بداية استعمال السيارة‪ ،‬وتتراوح قيمتها ما بين ‪300‬دج و‪18.000‬دج‪ ،‬توزع كاآلتي‪:‬‬
‫‪ %20‬لصاح الصندوق الوطني للطرقات والطرق السريعة‪ 30 ،‬لصالح صندوق الضمان‬
‫والتضامن للجماعات المحلية‪ ،‬و‪ %50‬لصالح ميزانية الوالية(‪.)3‬‬
‫كما توجد موارد مالية أخرى في هذا اإلطار تستفيد منها الجماعات المحلية‪ ،‬مثل الضريبة‬
‫الجزافية الوحيدة والرسم على اإلعالنات والصفائح المهني‪ ،‬الضريبة على أرباح المناجم ‪،IBM‬‬
‫الرسم على حق استغالل المساحة المنجمية‪ ،‬الرسم التكميلي على المياه المستعملة‪ ،‬الرسم على‬
‫الزيوت والشحوم وتحضير الشحوم‪ ،‬الرسم على التلوث الجوي ذو المصدر الصناعي على‬
‫وغيرها‪ ،‬لكن الكثير منها غير معنية به خاصة‬ ‫المحددة‬
‫(‪)4‬‬
‫ّ‬ ‫الكميات المنبعثة المتجاوزة القيم‬
‫البلديات النائية‪ ،‬وتعتبر مردوديتها ضعيفة مقارنة بالرسوم األساسية التي تحدثنا عنها في‬
‫السابق‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬يوسف مسعداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ - 3‬يامة إبراهيم‪ ،‬مدى مساهمة صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية في إنعاش التنمية المحلية "دراسة نظرية‬
‫تقييمية"‪ ،‬مجلة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬جامعة ميلة (الجزائر)‪ ،‬عدد‪ 5:‬جوان ‪ ،2017‬ص‪.613‬‬
‫‪ - 4‬يوسف مسعداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫من الناحية أن إيرادات الجماعات المحلية لها موارد جبائية مهمة‪ ،‬غير ّأنه من الناحية‬
‫الواقعية وكما يؤّكد الوزير األسبق للداخلية والجماعات المحلية السيد (دحو ولد قابلية هناك‬
‫القليل من الم داخيل الجبائية التي ترجع بفائدة معتبرة للجماعات المحلية وخاصة البلديات منها‪،‬‬
‫حيث تش ّكل كّلها ‪ %95‬من المداخيل الجبائية المحلية المقدرة سنة ‪ 2000‬ب ‪ 23,8‬مليار دج‪،‬‬
‫موزعة بنسبة ‪ %65‬بالنسبة للبلديات‪ %30 ،‬بالنسبة للواليات و‪ %5‬بالنسبة للصندوق المشترك‬
‫ّ‬
‫فإنه ال يوجد توازن أحسن للنسب‬
‫ما بين الجماعات المحلية (‪ ، )FCCL‬فضال عن ذلك‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المطبقة بين السلطات المركزية (الدولة) والجماعات المحلية‪ ،‬كما هو الحال في الرسم على‬
‫ّ‬
‫توجه نسبة ‪ %70‬إلى البلديات و‪ %30‬إلى صندوق الحماية و ّ‬
‫الصحة الحيوانية‪،‬‬ ‫الذبح‪ ،‬حيث ّ‬
‫وتبقى نجاعة هذا الصندوق غير مؤّكدة‪ ،‬وهناك الضريبة على الملكية‪ ،‬ال تعود منها سوى‬
‫قدرت عام‬ ‫مما يجعل الجماعات المحلية ذات مداخيل ضعيفة‪ّ ،‬‬ ‫نسبة ‪ %20‬إلى البلديات‪ّ ،‬‬
‫‪ 2000‬ب ‪ 8‬ماليين دج فقط‪ ،‬وأيضا بالنسبة للرسم على البيئة الذي يعرف توزيعه فرقا هاما‬
‫مبرر بين البلدية (‪ )%20‬والصندوق الوطني للبيئة (‪ ،)%50‬ناهيك عن الرسوم‬ ‫وغير ّ‬
‫والضرائب األخرى كقسيمة السيارات‪ ،‬والرسوم على الّلفتات والشعارات والّلوائح االشهارية‪،‬‬
‫والرسم العقاري وغيرها(‪.)2‬‬
‫إن هذه المظاهر تؤّكد ضرورة إجراء إصالحات جوهرية وعميقة تهدف إلى تدعيم الوسائل‬
‫المالية للجماعات المحلية‪ ،‬وتمكينها من مواجهة مختلف التحديات‪ ،‬ومعالجة االختالالت ذات‬
‫الطابع الهيكلي المتسببة في المديونية‪ ،‬فضال عن ذلك‪ ،‬ضرورة تلبية الحاجيات المتصاعدة‬
‫التزود بوسائل بشرية ومادية تتماشى‬
‫ّ‬ ‫في مجال الخدمات العمومية‪ ،‬ناهيك عن ضرورة‬
‫ومتطّلبات تسيير عصري وراشد(‪.)3‬‬
‫ب‪ -‬اإليرادات غير الجبائية‬
‫تساهم الموارد المالية غير الجبائية كموارد ذاتية للجماعات المحلية في عملية التمويل‬
‫باعتبارها تش ّكل اإلمكانيات الداخلية لها‪ ،‬لها دور في ضمان توازن ميزانياتها وتضمن لها‬

‫‪ -1‬دحو ولد قابلية‪« ،‬محاضرة بعنوان‪ :‬اإلصالح الجبائي»‪ ،‬ضمن الندوة العلمية حول‪ :‬اإلصالحات المالية والجباية المحلية‬
‫يوم ‪ 31‬مارس ‪ ،2003‬ص‪.13‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.15-14‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.15‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫استقالليتها المالية‪ ،‬وتتمثل في إيرادات ونواتج األمالك التابعة لها‪ ،‬وإيرادات استغاللها لبعض‬
‫المرافق‪ ،‬وكذا مشروعات الجماعات المحلية المشتركة‪.‬‬
‫‪ -‬إيرادات األمالك‪:‬‬
‫تحصل الجماعات المحلية نتيجة استخدام أمالكها العمومية والخاصة من طرف الغير‬ ‫ّ‬
‫على مدا خيل أساسية تساهم في تمويل ميزانيتها‪ ،‬كبيع بعض المنتجات مثل الرمل واألخشاب‪،‬‬
‫حقوق اإليجار‪ ،‬حقوق استغالل المساحات في المعارض واألسواق وأماكن التوقف وركن‬
‫المركبات‪ ،‬حقوق وعوائد حق االمتياز مثل رخص استعمال الفضاءات العامة ورخص البناء(‪،)1‬‬
‫ويحدد قانون البلدية رقم ‪ 11/10‬في مواده (‪ 158 ،157‬و‪ )159‬مجموع أمالك البلدية‬
‫ّ‬
‫العمومية والخاصة‪ ،‬فأما العمومية فيمكن أن تكون طبيعية واصطناعية‪ ،‬والخاصة تشمل‬
‫البنايات واألراضي‪ ،‬المحالت ذات االستعمال السكني وتوابعها‪ ،‬والعقارات والمحالت ذات‬
‫االستعمال المهني أو التجاري أو الحرفي التي نقلت ملكيتها إلى البلدية‪ ،‬المساكن اإللزامية أو‬
‫الوظيفية وغيرها من األمالك التي يحددها القانون في نص المادة (‪ ،)2()159‬أما بالنسبة‬
‫للوالية فإن أمالكها محددة في الفصل الثاني من الباب الرابع (‪ )04‬من قانون (‪)07/12‬‬
‫المتعلق بالوالية ضمن المادة ‪ ،132‬وهي غير مفصلة‪ ،‬في حين تنص المادة (‪ )153‬على‬
‫تسيير االمالك وسير المصالح العمومية المحلية(‪.)3‬‬
‫تتميز هذه اإليرادات بالضعف مقارنة باإليرادات الجبائية‪ ،‬رغم أنها مداخيل مستمرة‬
‫ّ‬
‫ومتجددة‪ ،‬وهي ال تتجاوز في العموم نسبة ‪ %10‬من مجموع الموارد(‪.)4‬‬
‫ّ‬

‫‪ -‬إيرادات االستغالل المالي للجماعات المحلية‪:‬‬


‫تضم مجموع الموارد المالية التي تتحصل عليها الجماعات المحلية من خالل بيع‬
‫منتجاتها أو تأدية خدمات معينة للمواطنين‪ ،‬ونذكر من بينها خدمات فحص وختم اللحوم‪،‬‬
‫لكنها تتطّلب‬
‫التعدد‪ّ ،‬‬
‫بالتنوع و ّ‬
‫ّ‬ ‫وتتميز هذه اإليرادات‬
‫ّ‬ ‫خدمات االشهار في األماكن العمومية‪،‬‬
‫توّفر ديناميكية اقتصادية(‪ ،)5‬كثي ار ما تفقدها العديد من الجماعات المحلية عبر التراب الوطني‪.‬‬

‫‪ -1‬جلول ياسين بن الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.153‬‬


‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 11 - 10‬مؤرخ ‪ 22‬يونيو سنة ‪ 2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪.23-22‬‬
‫‪ -3‬قــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪ 20‬و‪.23‬‬
‫‪ -4‬جلول ياسين بن الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.153‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪- 36 -‬‬
‫‪ -‬مشروعات الجماعات المحلية المشتركة‪:‬‬
‫تضمن قانون البلدية والوالية إمكانية الجماعات المحلية إنشاء مشاريع ومؤسسات مشتركة‬
‫بينها خدمة للمصلحة العامة‪ ،‬حيث تستفيد من إيراداتها‪ ،‬حيث تتضمن أرباح وفوائد هذه‬
‫المشاريع والمؤسسات‪ ،‬وهي إيرادات هامة لها تسمح بتغطية نفقاتها للتسيير والتجهيز‪ ،‬كما‬
‫نص عليه كل من قانون البلدية والوالية‬
‫يدخل ذلك في إطار التعاون ما بين الجماعات الذي ّ‬
‫في إطار صناديق الضمان والتضامن(‪.)1‬‬
‫جـ ‪ -‬اإليرادات الخارجية للجماعات المحلية‬
‫تجسد الموارد المالية الخارجية للجماعات المحلية مداخيل استثنائية في غالب األحوال‪،‬‬
‫ّ‬
‫أي مرحلية فقط لضرورة تتطلبها تمويل مشاريع تنموية في األقاليم‪ ،‬غير أنها تصبح ضرورية‬
‫بتنوع مصادرها‬
‫وتتميز هذه الموارد ّ‬
‫ّ‬ ‫خاصة إذا لم تحقق الموارد الداخلية الكفاية لتمويل الميزانية‪،‬‬
‫من إعانات تقدمها الدولة‪ ،‬قروض‪ ،‬تبرعات‪ ،‬هبات ووصايا‪.‬‬
‫‪ -‬إعانات الدولة‬
‫معظم الجماعات المحلية خاصة البلديات في بالدنا تعاني عج از واضحا في مدا خيلها‪،‬‬
‫ولهذا فإن الدولة تساهم بإعانات معتبرة لها بهدف ضبط توازن ميزانيتها وتحقيق التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية في إقليمها‪ ،‬وهي موارد مهمة تساهم في استقرار ميزانية الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬وتشمل هذه اإلعانات ما يلي(‪:)2‬‬
‫مخصصة‪ :‬وتكون لغرض معين‪ ،‬وهي سنوية‪ ،‬وغالبا ما تقدر بعدد‬
‫▪ اإلعانات غير ال ّ‬
‫السكان‪.‬‬
‫المخصصة؛ ومن أهمها‪ :‬إعانات التجهيز واالستثمار من أجل تمويل المشاريع‬
‫ّ‬ ‫▪ اإلعانات‬
‫التي تقوم بها الجماعات المحلية‪ ،‬فضال عن إعانات التجهيز في إطار المخططات‬
‫البلدية للتنمية (‪ )P.C.D‬والمخططات الوالئية للتنمية (‪.)P.S.D‬‬
‫▪ إعانات الميزانية‪ ،‬من أجل مواجهة العجز في ميزانية الجماعات المحلية‪.‬‬
‫▪ إعانات تعويضية‪ :‬حيث تلجأ إليها الدولة في حالة إلغاء الضرائب المحلية تماشيا مع‬
‫السياسة العامة للدولة‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر قانون رقم ‪ 07-12‬المتعلق بالوالية ضمن المواد‪ 147 ،146 :‬و‪ ،148‬وقانون رقم ‪ 10-11‬المتعلق بالبلدية في‬
‫المواد‪ ،154 ،153 :‬ومواد القسم الخامس المتعلّق بالتضامن ما بين البلديات والمابين البلديات‪.‬‬
‫‪ -2‬بن الحاج جلول ياسين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.154‬‬

‫‪- 37 -‬‬
‫▪ إعانات ألغراض اقتصادية تهدف إلى التوسع في مشاريع عامة محلية‪.‬‬
‫‪ -‬إعانات صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية‬
‫يجسد هذا الصندوق عملية التضامن المالي بين الجماعات المحلية‪ ،‬من خالل تعبئة‬ ‫ّ‬
‫الموارد المالية بين الجماعات المحلية والدولة والقيام بتوزيعها‪ ،‬ويكّلف الصندوق بضمان الموارد‬
‫الجبائية من ضرائب ورسوم والتي عرفت تناقصا فعليا بالمقارنة مع تقديراتها‪ ،‬ويساهم الصندوق‬
‫في الوساطة البنكية لصالح الجماعات المحلية‪ ،‬ويقدم إعانات مالية لفائدة البلديات بغية إعادة‬
‫تأهيل المرافق العامة على المستوى المحلي(‪.)1‬‬
‫‪ -‬القروض‬
‫تعتبر القروض شكال آخ ار من أشكال التمويل المحلي‪ ،‬وهي من الموارد االستثنائية التي‬
‫وتخص إيرادات قسم التسيير فقط‪ ،‬إذ تلجأ إليها الجماعات المحلية عندما ال‬
‫ّ‬ ‫تتكرر دائما‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫نص قانون البلدية على‬
‫تكفيها مواردها المالية الذاتية لتغطية نفقاتها وتنفيذ التزاماتها ‪ ،‬وقد ّ‬
‫(‪)2‬‬

‫نص قانون الوالية على ذلك‬


‫إمكانية لجوء البلديات الى القروض ضمن المادة ‪ ،174‬في حين ّ‬
‫التقيد الصارم في استعمال القرض‪،‬‬
‫في مادته ‪ ،156‬غير ّأنه ينبغي على الجماعات المحلية ّ‬
‫وتسديد رأسماله‪ ،‬وكذا الفوائد المترتبة عليه على شكل أقساط‪.‬‬
‫‪ -‬التبرعات (الهبات والوصايا)‪:‬‬
‫تعتبر هذه الموارد استثنائية‪ ،‬تخضع لشروط يحددها القانون‪ ،‬إذ ّ‬
‫أن التبرعات من‬
‫األشخاص والمؤسسات على المستوى الداخلي أو الخارجي يجب أن تحظى بقبول من السلطات‬
‫المركزية‪ ،‬تكون الهبات والوصايا في شكل نقود‪ ،‬كما يمكن أن تكون في شكل عقارات‪ ،‬غير‬
‫أن هذه الموارد كّل ها ال تشكل موردا هاما للميزانية باعتبارها قليلة واستثنائية‪ ،‬كما أن مواردها‬
‫حدد المشرع ذلك في قانون الوالية شمل المادتين ‪ 133‬و‪ ،134‬أما‬
‫ال تنشأ عنها أعباء‪ ،‬وقد ّ‬
‫فتضمن المادتين ‪ 170‬و‪.171‬‬
‫ّ‬ ‫في قانون البلدية‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.155‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 38 -‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬ميزانية الجماعات المحلية‬
‫كل أشخاص القانون العام المعنوية التي تملك الشخصية المعنوية واالستقالل المالي لها‬
‫ميزانية خاصة بها بما في ذلك الجماعات المحلية (البلدية والوالية)‪ ،‬حيث يكون لها تنظيم في‬
‫شكل برنامج يضم النفقات واإليرادات لمدة زمنية تقدر عادة بسنة‪ ،‬توضع من أجل تحقيق‬
‫األهداف المسطرة للجماعات المحلية‪ ،‬وهي في الغالب لها نفس المبادرة التي تحكم الميزانيات‬
‫األخرى في اإلدارة العامة‪ ،‬وتخضع لمراحل من قبيل التحضير واإلعداد‪ ،‬التنفيذ والرقابة‪ ،‬مع‬
‫وجود بعض الفوارق واالختالفات مع ميزانية الدولة العادية‪.‬‬
‫‪ .1.5‬تعريف الميزانية العمومية للجماعات المحلية‬
‫تعرف الميزانية العمومية للجماعات المحلية على أنها‪ :‬وثيقة حسابية تقديرية يتم تحضيرها‬
‫وإعدادها من قبل الهيئة المحلية من خالل عملية جرد لنفقاتها وإيراداتها المراد تحقيقها خالل‬
‫سنة مالية‪ ،‬على أن تخضع عملية تنفيذها لإلجراءات الرقابية على المستوى المحلي والمركزي‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 157‬من قانون ‪ 07-12‬المتعّلق بالوالية على ّ‬
‫أن‪" :‬ميزانية الوالية هي‬ ‫ّ‬
‫جدول تقديرات اإليرادات والنفقات السنوية الخاصة بالوالية‪ ،‬وكما هي عقد ترخيص وإدارة يسمح‬
‫نصت المادة ‪ 176‬من‬ ‫بسير مصالح الوالية وتنفيذ برنامجها للتجهيز واالستثمار" ‪ ،‬فيما ّ‬
‫(‪)1‬‬

‫قانون ‪ 10-11‬المتعلق بالبلدية على ّ‬


‫أن‪ " :‬ميزانية البلدية هي جدول تقديرات اإليرادات والنفقات‬
‫السنوية للبلدية‪ ،‬وهي عقد ترخيص وإدارة يسمح بسير المصالح البلدية وتنفيذ برنامجها للتجهيز‬
‫واالستثمار"(‪،)2‬‬
‫أن ميزانية الجماعات المحلية تتميز بجملة من‬
‫نستخلص من التعاريف السابقة ّ‬
‫الخصائص‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬الميزانية المحلية هي عمل تقديري‪:‬‬
‫أي توقع واستشراف مجموع النفقات التي يجب صرفها في مجال سير المصالح العمومية‬
‫المحلية وكذا برنامج التجهيز واالستثمار لسنة مالية قادمة‪ ،‬والموارد المالية التي يجب تحصيلها‬
‫خالل نفس المدة من أجل تغطية تلك النفقات‪.‬‬
‫‪ -‬الميزانية المحلية هي عمل ترخيصي‪:‬‬

‫‪ -1‬قــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 11 - 10‬مؤرخ ‪ 22‬يونيو سنة ‪ 2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪- 39 -‬‬
‫وهذه الخاصية تجعل من نفقات وإيرادات الجماعات المحلية تخضع إلى ترخيص بقوة‬
‫القانون‪ ،‬أي الحصول على رخصة من طرف الهيئات المنتخبة إلى اآلمر بالصرف‪.‬‬
‫‪ -‬الميزانية المحلية هي عمل دوري‪:‬‬
‫تقوم الجماعات المحلية بتحضير وإعداد ميزانيتها بشكل دوري كل سنة مالية جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬الميزانية المحلية هي عمل إداري وقانوني‪:‬‬
‫تقوم اإلدارة بإعداد الميزانية وتنفيذها ومراقبتها‪ ،‬وهو ما يسمح من خاللها بحسن سير‬
‫المصالح المحلية وضمان استم ارريتها‪ ،‬وهي عمل قانوني يستند في تحضير الميزانية وإعدادها‬
‫ومناقشتها‪ ،‬وتنفيذها ومراقبتها إلى القانون‪ ،‬فهناك إجراءات قانونية لكل هذه العمليات ال يمكن‬
‫تجاوزها‪.‬‬
‫‪ .2.5‬وثائق ميزانية الجماعات المحلية‬
‫ومعرفة على النحو التالي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تتكون الميزانية المحلية من ّ‬
‫عدة وثائق ميزانياتية مفصلة‬
‫أ‪ -‬الميزانية األولية‪:‬‬
‫وتتضمن جملة التقديرات المالية لإليرادات‬
‫ّ‬ ‫تعتبر هذه الوثيقة من الوثائق األساسية‪،‬‬
‫يتم إعدادها قبل تاريخ ‪ 31‬أكتوبر من السنة(‪ ،)1‬تحتوي على ميزان عام‬
‫والنفقات لسنة مدنية‪ّ ،‬‬
‫ملخصة عن توازن الميزانية ومالحق إحصائية‪ ،‬وهي عبارة عن معلومات ذات أهمية‬
‫وجداول ّ‬
‫بالغة ألعضاء المجلس الشعبي كي يمارس مهام الرقابة(‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬االعتماد المالي المسبق‪:‬‬
‫ويسوى عن طريق الميزانية اإلضافية(‪.)3‬‬
‫يتم وضعه قبل إعداد الميزانية اإلضافية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫جـ‪ -‬الميزانية اإلضافية‪:‬‬
‫وتتميز بكونها‬
‫ّ‬ ‫تعتبر هذه الوثيقة تعديلية وتكميلية للميزانية األولية خالل السنة المالية(‪،)4‬‬
‫المقيدة‬
‫تتضمن النفقات وااليرادات الجديدة غير ّ‬ ‫ّ‬ ‫رابط بين سنتين ماليتين متتاليتين‪ ،‬كما أنها‬
‫بالميزانية األولية‪ ،‬فضال على احتوائها على تعديالت للنفقات وااليرادات المتوقعة في الميزانية‬

‫‪ -1‬مرزوقي عمار‪" ،‬تحضير وتنفيذ ميزانية البلدية"‪ ،‬المجلة الجزائرية للمالية العامة (جامعة تلمسان ‪-‬الجزائر)‪ ،‬عدد‪،2‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2012‬ص‪.99‬‬
‫‪ -2‬نعيجة فهيم والصادق األسود‪" ،‬النظام الميزانياتي للجماعات المحلية في الجزائر"‪ ،‬مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية‪،‬‬
‫جامعة بسكرة‪ ،‬المجلد‪ ،14 :‬عدد‪ ،1 :‬جوان ‪ ،2020‬ص‪.210‬‬
‫‪ -3‬مرزوقي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -4‬نعيجة فهيم والصادق األسود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫يتم إعداد هذه الميزانية قبل تاريخ ‪ 31‬جوان من‬
‫األولية سواء بالزيادة أو النقصان‪ ،‬على أن ّ‬
‫السنة المالية التي تطبق فيها(‪.)1‬‬
‫د‪ -‬الترخيص الخاص‪:‬‬
‫فإن‬
‫إذا وجدت إيرادات جديدة غير واردة في الميزانية اإلضافية بعد المصادقة عليها‪ّ ،‬‬
‫يتم إق ارره من طرف‬
‫يوجه هذه االعتمادات بواسطة ترخيص خاص ّ‬ ‫المجلس الشعبي يمكنه أن ّ‬
‫يسوى عن طريق الحساب‬
‫السلطة المركزية الوصية (و ازرة الداخلية والجماعات المحلية)‪ ،‬حيث ّ‬
‫اإلداري(‪.)2‬‬
‫هـ‪ -‬الحساب اإلداري‪:‬‬
‫التعرف على الوضعية الفعلية للعمليات‬
‫يتعّلق هذا الحساب بالنتائج المحققة‪ ،‬حيث يمكن ّ‬
‫المجسدة فعال في الواقع‪ ،‬فضال عن اإليرادات‬
‫ّ‬ ‫فيتضمن اإلنجازات‬
‫ّ‬ ‫المالية المنجزة خالل السنة‪،‬‬
‫المرحل (فوائض النفقات وااليرادات) الذي يجب ترحيله في‬
‫ّ‬ ‫والنفقات الباقي إنجازها والفائض‬
‫الميزانية اإلضافية(‪.)3‬‬

‫‪ .3.5‬مبادئ وقواعد ميزانية الجماعات المحلية‬


‫يستند عمل الميزانية المحلية على مبادئ أساسية‪ ،‬وهي جملة األسس التي يجب العمل‬
‫بها ومراعاتها في تحضير وإعداد وتنفيذ ومراقبة ميزانية الجماعات المحلية‪ ،‬وهي مبادئ‬
‫مستوحاة من قواعد الميزانية العامة للدولة‪ ،‬وأهم هذه المبادئ ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬مبدأ سنوية الميزانية‪:‬‬
‫يتم إعداد الميزانية لمدة زمنية تقدر بسنة وتسمى السنة المالية‪ ،‬من الفاتح جانفي إلى‬
‫اليوم الواحد والثالثون من شهر ديسمبر‪ ،‬حيث تقدر جملة النفقات واإليرادات لمدة سنة كاملة(‪.)4‬‬
‫فإن سنتها المالية تشمل السنة المدنية (عام‬
‫بالنسبة للجماعات المحلية في الجزائر‪ّ ،‬‬
‫أن المادة ‪ 187‬من قانون‬
‫كامل) وفترة تكميلية تصل إلى ‪ 31‬مارس من السنة الموالية‪ ،‬إذ ّ‬
‫البلدية والمادة ‪ 172‬من قانون الوالية يؤكدان على ّ‬
‫أن تنفيذ الميزانية إلى غاية ‪ 15‬مارس من‬

‫‪ -1‬مرزوقي عمار‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪ 99‬و‪.106‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‬
‫‪ -4‬نعيجة فهيم والصادق األسود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.209‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫السنة المقبلة فيما يخص تصفية النفقات ودفعها‪ ،‬وإلى غاية ‪ 31‬مارس فيما يتعلق بتصفية‬
‫اإليرادات وتحصيلها ودفع النفقات(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬مبدأ وحدة الميزانية‪:‬‬
‫يقصد بهذا المبدأ ضرورة إدراج جميع النفقات في وثيقة الميزانية‪ ،‬وهي وثيقة واحدة دون‬
‫تشتتها في بيانات مختلفة‪ ،‬والهدف من ذلك تنظيم عمل الميزانية وتوضيحها‪ ،‬وتسهيل عمل‬
‫مناقشتها ومهمة ترتيب أولويات اإلنفاق(‪.)2‬‬
‫جـ‪ -‬مبدأ توازن الميزانية‪:‬‬
‫وهو أساس التسيير المحلي للمالية المحلية‪ ،‬حيث يشترط توازن بين النفقات واإليرادات‬
‫العمومية توازنا صارما‪ ،‬فنفقات قسم التسيير وقسم التجهيز واالستثمار يقابله إيرادات قسم‬
‫التسيير وقسم التجهيز واالستثمار(‪ ،)3‬ويتطلب ذلك الدقة في عملية التحضير واإلعداد‪ ،‬وهذه‬
‫القاعدة مسموح بنقضها في ميزانية الدولة‪ ،‬فقد يكون عجز الميزانية العامة أداة للسياسة المالية‬
‫هدفه إعادة االستقرار في االقتصاد الوطني‪ ،‬لكنها مرفوضة في ميزانية الجماعة المحلية‪.‬‬
‫د‪ -‬مبدأ الفصل بين األمر بالصرف والمحاسب العمومي‪:‬‬
‫يخضع تنفيذ الميزانية إلجراءات إدارية وأخرى محاسبية‪ ،‬فاألولى هي من مهام اآلمر‬
‫بالصرف‪ ،‬والثانية من مهام المحاسب العمومي‪ ،‬والغرض من الفصل بين المهام هو توضيح‬
‫أطر عملية التنفيذ وضمان حماية األموال العمومية والحرص على حسن تسييرها‪.‬‬
‫هـ‪ -‬مبدأ التصويت قبل أي تنفيذ‪:‬‬
‫باعتبار أن الميزانية المحلية تقديرية وترخيصية فإنه يقتضي المصادقة عليها قبل الفاتح‬
‫جانفي‪ ،‬وباعتبارها ذات طبيعة استشرافية تنبؤية فاألمر يتطّلب إقفال عناصرها قبل السنة التي‬
‫تسبق تنفيذها(‪.)4‬‬
‫و‪ -‬قاعدة عدم التخصيص‪:‬‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 11 - 10‬مؤرخ ‪ 22‬يونيو سنة ‪ 2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫وقــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ -2‬نعيجة فهيم والصادق األسود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫يخصص في‬
‫تصب في وعاء واحد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويقصد به أن جملة اإليرادات المحلية على اختالفها‬
‫مجمله إلى تغطية جملة النفقات المحلية(‪ ،)1‬وال يمكن تخصيص ايراد معين النفاق معين ضمن‬
‫ميزانية الجماعة المحلية‪.‬‬
‫الشكل أدناه يوضح ميزانية الجماعات المحلية‪:‬‬

‫ميزانية الجماعات المحلية‬

‫قسم التجهيز واالستثمار‬ ‫قسم التسيير‬

‫االيرادات المحلية‬ ‫النفقات المحلية‬ ‫االيرادات المحلية‬ ‫النفقات المحلية‬

‫اعانات الدولة‬ ‫نفقات‬


‫الموجهة‬ ‫األشخاص‪،‬‬
‫النفقات الموجهة‬ ‫االيرادات الجارية‬ ‫تجهيزات‬
‫للتجهيز‬ ‫للجماعات المحلية‬
‫واالستثمار‬ ‫للتجهيز‬ ‫المكاتب‪ ،‬الماء‬
‫واالستثمار‬ ‫وتضم‪ :‬ضرائب‬ ‫والكهرباء وكل‬
‫وكذا اقتطاعات‬
‫من قسم‬
‫مباشرة وغير‬ ‫ما يتعلّق‬
‫مباشرة‪ ،‬إعانات‬ ‫بالمصاريف‬
‫التسيير والتي‬ ‫الدولة الموجهة‬
‫تدخل في إطار‬ ‫اليومية لضمان‬
‫لقسم التسيير‬ ‫حسن سير‬
‫ما يسمى‬
‫بالتمويل الذاتي‬ ‫المصالح‬

‫الشكل ‪ :5‬أقسام ميزانية الجماعات المحلية‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫‪ .4.5‬دورة الميزانية المحلية‬
‫تمثل دورة الميزانية العمومية المحلية المراحل التي تمر بها‪ ،‬بداية من التحضير‪ ،‬ثم‬
‫التنفيذ‪ ،‬وأخي ار الرقابة‪ ،‬ولكل مرحلة ضوابطها وإجراءاتها‪ ،‬نحاول ان نفصل في ذلك بشكل‬
‫مختصر‪.‬‬
‫أ‪ -‬تحضير الميزانية المحلية‪:‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة تقديرية واستشرافية لنفقات وإيرادات الجماعة المحلية‪ ،‬حيث تنطوي‬
‫على عمل دقيق يبدأ بعملية اإلعداد‪ ،‬ثم عملية االقتراع والتصويت وبعدها عملية المصادقة‪.‬‬
‫‪ -‬عملية اإلعداد‪:‬‬
‫تشمل هذه العملية وضع مشروع لتقديرات النفقات واإليرادات محددة بالتقدير‪ ،‬من خالل‬
‫جمع المعلومات الالزمة ومعالجتها ومعرفة معوقات التنفيذ(‪ ،)1‬وتعتبر هذه العملية بمثابة حجر‬
‫الزاوية للميزانية‪ ،‬وهي عمليات فنية وإدارية تناط بمسؤولين في الجماعة المحلية‪ ،‬تحت سلطة‬
‫الوالي في ميزانية الوالية‪ ،‬ورئيس المجلس الشعبي البلدي في ميزانية البلدية‪.‬‬
‫‪ -‬عملية االقتراع والتصويت‪:‬‬
‫تشمل هذه العملية الدراسة والمناقشة من طرف اللجنة المالية في الهيئة المحلية التابعة‬
‫للمجلس الشعبي الوالئي او البلدي‪ ،‬ويمكن ان تدخل عليها تعديالت‪ ،‬كما يمكن ألعضاء‬
‫المجلس الشعبي الوالئي أو البلدي قبول أو رفض أو تعديل مشروع الميزانية من خالل عملية‬
‫االقتراع من طرف النواب المنتخبين‪ ،‬تتم عملية التصويت قبل تاريخ ‪ 31‬أكتوبر على مشروع‬
‫الميزانية األولية من السنة المالية التي تسبق سنة التطبيق‪ ،‬وعلى الميزانية اإلضافية قبل ‪15‬‬
‫جوان من السنة المالية التي تنفذ فيها(‪ ،)2‬وتتم عملية التصويت على مشروع الميزانية بابا بابا‪،‬‬
‫ومادة مادة وفق ما ينص عليه قانون البلدية (المادة ‪ ،)182‬وقانون الوالية (المادة ‪.)3()162‬‬
‫‪ -‬عملية المصادقة‪:‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.211‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬قانون رقم ‪ 11 - 10‬مؤرخ ‪ 22‬يونيو سنة ‪ 2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫وقــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫تعد هذه العملية بمثابة اعتماد الميزانية بعدما تم إقرارها بالتصويت‪ ،‬وال يمكن المصادقة‬
‫عليها إذا كانت غير متوازنة أو لم تنص على النفقات اإلجبارية‪ ،‬وال يمكن تنفيذها إال بعد‬
‫إقرارها من طرف السلطة الوصية(‪.)1‬‬
‫يتولى عملية المصادقة على الميزانية البلدية الوالي‪ ،‬ويمكن للسلطة الوصية رفضها أو‬
‫تعديلها(‪ ،)2‬وإذا كان سكان البلدية أقل من ‪ 5000‬نسمة تؤول عملية المصادقة إلى رئيس‬
‫الدائرة بدل الوالي‪ ،‬في حين تتم المصادقة على ميزانية الوالية من طرف المجلس الشعبي‬
‫الوالئي‪ ،‬وإذا حدثت مشاكل من قبيل الرفض من طرف المجلس نفسه يستدعى من قبل الوالي‬
‫لالنعقاد في دورة غير عادية للمصادقة‪ ،‬وإذا استمر الرفض يبلغ الوزير المكلف بالداخلية الذي‬
‫يمكن له اتخاذ التدابير المالئمة لضبطها والمصادقة عليها(‪.)3‬‬
‫ب‪ -‬تنفيذ الميزانية المحلية‬
‫تعتبر مرحلة التنفيذ دخول الميزانية حيز التطبيق على أرض الواقع‪ ،‬ويتولى هذه المهمة‬
‫أعوان مكّلفون ضمن جهازان منفصالن عن بعضهما هما‪ :‬اآلمر بالصرف والمحاسب‬
‫العمومي‪ ،‬فالذي يقرر ويتابع عمليات الميزانية ليس هو المكّلف بمسك األموال وتسديد النفقات‪،‬‬
‫ينص عليه قانون‬
‫انطالقا من مبدأ الفصل بين اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي وفق ما ّ‬
‫‪ 21-90‬المتعّلق بالمحاسبة العمومية(‪.)4‬‬
‫اآلمر بالصرف هو الشخص الممثل للدولة والمؤهل قانونا لتنفيذ عمليات تتعلق بأموال‬
‫الدولة وهيآتها وجماعاتها العمومية فيما يخص النفقات واإليرادات‪ ،‬بالنسبة للوالية‪ ،‬فإن الوالي‬
‫فإن رئيس‬
‫معينا من طرف رئيس الجمهورية‪ ،‬وبالنسبة للبلدية ّ‬
‫هو اآلمر بالصرف باعتباره ّ‬
‫المجلس الشعبي البلدي هو اآلمر بالصرف باعتباره منتخبا من طرف الشعب على المستوى‬
‫المحلي‪.‬‬
‫المعين قانونا‪ ،‬والمتصرف باسم الدولة‪ ،‬جماعة‬
‫ّ‬ ‫أما المحاسب العمومي هو الشخص‬
‫محلية أو مؤسسة عمومية‪ ،‬تترّكز مهامه في القيام بعمليات تحصيل اإليرادات ودفع النفقات‪،‬‬

‫‪ -1‬نعيجة فهيم والصادق األسود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.212‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬قــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪ -4‬نعيجة فهيم والصادق األسود‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.216‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫ضمان حراسة األموال والسندات أو القيم المكلف بها وحفظها‪ ،‬تداول األموال والسندات و القيم‬
‫و الممتلكات و العائدات و الموارد‪ ،‬و عمله يأتي في مرحلة ثانية بعد مرحلة األمر بالصرف(‪.)1‬‬
‫المحاسب العمومي للبلدية هو أمين خزينة البلدية‪ ،‬أما المحاسب العمومي للوالية فهو‬
‫أمين خزينة الوالية‪ ،‬حسب قانون المحاسبة العمومية في مادته ‪.33‬‬
‫يخضع تنفيذ الميزانية غلى مرحلتين أساسيتين‪ ،‬مرحلة إدارية ومرحلة محاسبية تشمل كال‬
‫من نفقات الجماعة المحلية وإيراداتها‪.‬‬
‫بالنسبة لعملية تنفيذ النفقات المحلية‪ ،‬فإن ذلك يخضع لمرحلتين هما‪:‬‬
‫المرحلة اإلدارية‪ ،‬وهي من مهام اآلمر بالصرف‪ ،‬تبدأ بااللتزام بالنفقة‪ ،‬ثم تصفية النفقة‬
‫يمرر إلى المحاسب العمومي من أجل دفع‬
‫أي تقديرها الفعلي‪ ،‬وأخي ار األمر بالصرف كإجراء ّ‬
‫المبلغ المستحق إلى شخص بموجب وثيقة مكتوبة(‪.)2‬‬
‫أما المرحلة المحاسبية فهي آخر مراحل صرف النفقة المحلية ينفذها المحاسب العمومي‪،‬‬
‫على أن يتأكد ويدّقق في قانونيتها وصحتها‪ ،‬وتسمى هذه المرحلة وفق القانون بالعملية التي‬
‫يتم بموجبها إبراء ذمة الوالية أو البلدية‪ ،‬أما بالنسبة لتنفيذ اإليرادات المحلية فإنها تخضع لنفس‬
‫اإلجراءات السابقة‪ ،‬وتمر بمرحلتين أساسيتين المرحلة اإلدارية وتكون من مهام اآلمر بالصرف‬
‫وتتضمن أربعة مراحل؛ االثبات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والمرحلة المحاسبية وتكون من مهام المحاسب العمومي‪،‬‬
‫التصفية‪ ،‬األمر بالتحصيل والتحصيل(‪ .)3‬كل ذلك منصوص عليه في الفصل الثالث (عمليات‬
‫التنفيذ) من الباب األول (الميزانية والعمليات المالية وتنفيذها) ضمن قانون ‪ 21-90‬المتعلق‬
‫بالمحاسبة العمومية‪.‬‬
‫جـ‪ -‬الرقابة على الميزانية المحلية‬
‫تعتبر الرقابة أداة هامة تهدف إلى حماية المال العام من سوء االستخدام أو اإلهمال‪،‬‬
‫ويتم ذلك من خالل القوانين وجملة اإلجراءات‬
‫ووسيلة ناجعة لالستعمال األمثل لهذه األموال‪ّ ،‬‬
‫وتتلخص أهم أهدافها في التأ ّكد من مدى سالمة‬
‫ّ‬ ‫وفرض العقوبات في حال وقوع مخالفات‪،‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.221-220‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫العمليات المحاسبية والتحّقق من صحة الدفاتر والسجالت والمستندات‪ ،‬فضال عن التأكد من‬
‫عدم تجاوز االعتمادات المقررة ضمن النفقات المحددة في الميزانية(‪.)1‬‬
‫وتعد الرقابة على تنفيذ ميزانية الجماعات المحلية في بالدنا رقابة صارمة استوحاها‬
‫ّ‬
‫المشرع من النموذج الفرنسي‪ ،‬وهي في العموم رقابة داخلية وخارجية‪ ،‬فاألولى يمارسها المراقب‬
‫المالي والمحاسب العمومي في الوالية والبلدية‪ ،‬والثانية تجسدها مجموعة من األجهزة تتمثل‬
‫في الوصاية‪ ،‬المفتشية العامة للمالية (تابعة لو ازرة المالية) ومجلس المحاسبة‪.‬‬
‫الرقابة الداخلية‪:‬‬
‫تعتبر هذه الرقابة سابقة وذاتية‪ ،‬حيث تجري على المستوى المحلي أو اإلقليمي لتصحيح‬
‫يقره القانون وحسب ما جاء بالضبط في‬
‫األخطاء والمحافظة على المصالح العامة وفق ما ّ‬
‫وتتم هذه الرقابة قبل عملية الصرف‪.‬‬
‫أبواب ومواد الميزانية المحلية‪ّ ،‬‬
‫يقع في نطاق هذه الرقابة‪ ،‬المجلس الشعبي المنتخب‪ ،‬المراقب المالي والمحاسب‬
‫ويعين بمقتضى قرار وزاري‬
‫العمومي‪ ،‬حيث يعتبر المراقب المالي كموظف تابع لو ازرة المالية‪ّ ،‬‬
‫(وزير المالية)‪ ،‬ويمارس الرقابة القبلية قبل عملية التنفيذ‪ ،‬وله عدة مهام باإلضافة إلى مهامه‬
‫الرقابية‪ ،‬إذ يمنح التأشيرة لآلمر بالصرف والملتزم بالنفقة بعدما يتأكد من شرعيتها‪ ،‬كما له‬
‫مهام محاسبية وبمقتضاها يقوم بتسجيل العمليات المالية في سجل خاص وكل البيانات المتعلقة‬
‫بها‪ ،‬والفواتير‪ ،‬مبلغها‪ ،‬اآلمر بالصرف القائم بها‪ ،‬رقم وتاريخ التأشيرة‪ ،‬كما له مهام استشارية‬
‫يمكن أن يقدم بعض اآلراء كالصعوبات والمشاكل المرتبطة بالتنفيذ للوصاية (و ازرة المالية) في‬
‫وتجسد هذا الرقابة عدم التركيز اإلداري كسياسة‬
‫ّ‬ ‫شكل تقارير‪ ،‬لكن آراؤه ليست ملزمة في ذلك‪،‬‬
‫تتبعها الدولة في عمليات الرقابة(‪.)2‬‬
‫أما رقابة المحاسب العمومي فإن مهامه تكون أثناء عملية الصرف وتنفيذ الميزانية‪ ،‬ألنه‬
‫يجسد وظيفة ثنائية تتعّلق بالتنفيذ والمراقبة في آن واحد(‪ ،)3‬حيث تعتبر رقابته مرافقة لتنفيذ‬
‫ّ‬
‫ومكملة لرقابة المراقب المالي‪ ،‬ويعتبر المحاسب العمومي حسب التشريع‬ ‫ّ‬ ‫النفقة العمومية‬
‫الجزائري (قانون المحاسبة العمومية في المادة ‪ :)33‬وهو ذلك الشخص المعين بصفة قانونية‬

‫‪ -1‬لعيرج محمد وبن السيحمو محمد المهدي‪" ،‬ميزانية الجماعات المحلية بين االستقاللية والرقابة"‪ ،‬المجلة االفريقية‬
‫للدراسات القانونية والسياسية (جامعة أدرار ‪ -‬الجزائر)‪ ،‬المجلد‪ ،5 :‬العدد‪ ،1 :‬جوان ‪ ،2021‬ص ص‪.117-116‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -3‬سكوتي خالد‪" ،‬دور المحاسب العمومي في مراقبة الميزانية"‪ ،‬مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية (المركز‬
‫الجامعي تمنغست ‪ -‬الجزائر)‪ ،‬المجلد‪ ،9 :‬العدد‪ ،3 :‬جوان ‪ ،2020‬ص‪.91‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫للقيام بتحصيل اإليرادات ودفع النفقات وضمان حراسة األموال والسندات أو القيم أو األشياء‬
‫أو المواد المكلف بها و حفظها(‪.)1‬‬
‫أما رقابة المجلس الشعبي المنتخب فإن أعضاؤه يمثلون أفراد الشعب الذين انتخبوهم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فهم يعملون على تمثيل المواطنين والتعبير عن إرادتهم والدفاع عن مصالحهم‪ ،‬ولهذا فالمجالس‬
‫الشعبية المحلية تقوم باالطالع الدائم والمتابعة المستمرة لمختلف أعمال اإلدارة‪ ،‬كما أن الميزانية‬
‫تخضع للمناقشة والتصويت عليها بابا بابا ومادة مادة في المداوالت التي يعقدها النواب‬
‫المنتخبون وفق ما ينص عليه القانون(‪.)2‬‬
‫الرقابة الخارجية‪:‬‬
‫وهي رقابة إدارية ووصائية الحقة أو بعدية‪ ،‬تمارسها السلطة الوصية على الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬ويقع في نطاق هذه الرقابة‪ ،‬رقابة و ازرة المالية عن طريق المفتشية العامة للمالية‬
‫كمؤسسة مستقلة‪ ،‬وذلك حرصا على األموال العمومية والمحافظة‬ ‫ورقابة مجلس المحاسبة‬
‫(‪)3‬‬

‫عليها‪.‬‬
‫فأما رقابة المفتشية العامة للمالية (‪ )IGF‬فهي هيئة رقابية على كل الهيئات والمؤسسات‬
‫التابعة للدولة والخاضعة لقواعد المحاسبة العمومية بما فيها الجماعات المحلية (الواليات‬
‫والبلديات)‪ ،‬وهي عبارة عن جهاز تابع لو ازرة المالية لكن مستقل عن كل المديريات التابعة‬
‫للو ازرة‪ ،‬وطبيعة الرقابة التي تمارسها المفتشية هي رقابة بعدية‪ ،‬قد تكون بإشعار قبلي أو بشكل‬
‫فجائي‪ ،‬كما تقوم بإعداد برنامج سنوي يعرضه الوزير المكلف بالمالية خالل الشهرين األولين‬
‫من السنة المالية‪ ،‬وهي تراقب التسيير المالي والمحاسبي لمصالح الدولة(‪.)4‬‬
‫أما رقابة مجلس المحاسبة فقد نص عليها الدستور‪ ،‬وهي رقابة بعدية لكل أموال الدولة‬
‫والجماعات المحلية واإلقليمية والمرافق العامة‪ ،‬ويعتبر مجلس المحاسبة جها از مستقال عن‬
‫الحكومة‪ ،‬يشغله قضاة محاسبون‪ ،‬يقوم بفحص الحسابات واكتشاف المخالفات المالية والغش‬
‫والسرقة‪ ،‬فضال على أّنه يمكن أن يجري رقابته من خالل الوثائق والمستندات والسجالت‬

‫‪« -1‬قانون ‪ 21 – 90‬مؤرخ في ‪ 24‬محرم عام ‪ 1411‬الموافق ‪ 15‬غشت ‪ 1990‬يتعلق بالمحاسبة العمومية»‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،27:‬عدد‪ ،35 :‬ل ‪ 15‬أوت ‪ ،1990‬ص‪.1134‬‬
‫‪ -2‬لعيرج محمد وبن السيحمو محمد المهدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.123-121‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ -4‬جبار رقية وبن بريح أمال‪" ،‬دور المفتشية العامة للمالية في مكافحة الفساد"‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات القانونية‬
‫والسياسية (جامعة البليدة‪ -2‬الجزائر)‪ ،‬المجلد‪ ،9 :‬العدد‪ ،1:‬ديسمبر ‪ ،2019‬ص ص‪ 172‬و‪.197‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫طالع وسلطة التحري‪،‬‬
‫المقدمة له‪ ،‬ويعاين المكان‪ ،‬وقد يقوم بالرقابة بطريقة فجائية‪ ،‬فله حق اال ّ‬
‫ورقابته تشمل نوعية التسيير‪ ،‬كما يقوم بمراجعة حسابات المحاسبين العموميين‪ ،‬كما يقدم تقري ار‬
‫لرئيس الجمهورية أو السلطة التشريعية عن عمله(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.125‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫المحور الخامس‪ :‬المالية المحلية في الجزائر ومقتضيات إصالحها‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تضطلع الجماعات المحلية في بالدنا (البلديات والواليات) بمهام كثيرة‪ ،‬وتقوم بأدوار‬
‫مهمة على صعيد التنمية االقتصادية واالجتماعية في مستوى األقاليم‪ ،‬ومن أجل أداء هذه‬
‫فإن هذه المقاطعات اإلدارية تمتلك ميزانيات مستقلة بذاتها‪ ،‬تختلف عن تلك‬
‫المهام واألدوار‪ّ ،‬‬
‫المخصصة للدولة‪ ،‬تكون مصادرها من األمالك الخاصة بكل واحدة منها‪ ،‬وكذا الضرائب على‬
‫ّ‬
‫الخدمات المقدمة والجباية المحلية وااليرادات الناتجة عن مشاركة ميزانيات واقتراضات أخرى‪،‬‬
‫فضال عن الدعم الذي تقدمه الدولة للجماعات المحلية في إطار الصندوق المشترك للجماعات‬
‫المحلية (‪ ،)FCCL‬وهي على العموم موارد مالية متعددة ومتنوعة متأتية من مصادر ذاتية‬
‫وغير ذاتية‪.‬‬
‫منذ االستقالل عام ‪ 1962‬لم تكن اإلصالحات المالية والجبائية المحلية التي أجرتها‬
‫فكل مرحلة كانت تشهد تعديالت‬
‫لكل المراحل التي عرفتها بالدنا‪ّ ،‬‬
‫الحكومات المتعاقبة صالحة ّ‬
‫وتغييرات تماشيا مع الظروف والمستجدات التي كانت سائدة في كل مرحلة‪ ،‬وحاليا‪ ،‬غدت‬ ‫ّ‬
‫التطورات االجتماعية واالقتصادية‬
‫ّ‬ ‫الجماعات المحلية تواجه تحديات كبيرة أفرزتها جملة من‬
‫التغير الحاصل في المجتمع واالقتصاد‪ ،‬وتداعيات ظاهرة العولمة‪،‬‬
‫أساسا في ّ‬
‫كزت ً‬‫والسياسية‪ ،‬تر ّ‬
‫واف ارزات األزمة االقتصادية والمالية العالمية عام ‪ ،2008‬ناهيك عن التراجع الكبير ألسعار‬
‫المحروقات منذ عام ‪ 2014‬وما يش ّكله من رهان كبير بالنسبة لميزانية الدولة وحتى للجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬ووصوال إلى تداعيات وباء كورونا (كوفيد‪ )19-‬في بالدنا وما نجم عنه من آثار على‬
‫الراهن ضرورة إقرار إصالحات عميقة‬
‫مما يتطّلب في الوقت ّ‬ ‫الوضع االقتصادي واالجتماعي‪ّ ،‬‬
‫التكيف مع هذه المستجدات والظروف‪.‬‬
‫لالقتصاد والالمركزية وهيئات اإلدارة المحلية للتأقلم و ّ‬
‫تتضمن عملية اإلصالح هذه تطبيق جملة االجراءات والتدابير الجديدة لتحسين تسيير‬
‫وادارة الجماعات المحلية‪ ،‬وتفعيل دورها من أجل التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬يكون فيها‬
‫أهم جانب يحظى باالهتمام من أجل النهوض باألعباء الملقاة على عاتق‬ ‫الشق المالي ّ‬
‫الجماعات المحلية في بالدنا‪ ،‬حيث تترّكز جهود اإلصالح فيما تبذله الحكومة من أجل إيجاد‬
‫بتسيير هذه المؤسسات ومشاريع التنمية‬
‫ّ‬ ‫بحل أهم المشاكل والقضايا المرتبطة‬
‫سبل كفيلة ّ‬

‫‪- 50 -‬‬
‫المحلية‪ ،‬كمشكلة االنسداد في بعض البلديات‪ ،‬ومشكلة التمويل والموارد المالية للجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬وغيرها من المشاكل الجوهرية األخرى‪.‬‬
‫نرصد ضمن هذه الورقة شرحاً مختص اًر لمالية الجماعات المحلية‪ ،‬واقعها في الجزائر‪،‬‬
‫وأهم رهاناتها وآفاق تطويرها لالضطالع بأدوارها على مستوى التنمية الوطنية الشاملة وتحسين‬
‫معيشة المواطن‪.‬‬
‫‪ .1‬مفهوم الجماعة الحلية‪:‬‬
‫يقوم نظام الالمركزية اإلدارية على انشاء وحدات محلية على مستوى إقليم الدولة‪ُ ،‬يناط‬
‫لها أدوار في المجال االجتماعي واالقتصادي والثقافي تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬حيث تمثل‬
‫هذه الوحدات هيئات أساسية قاعدية في التنظيم اإلداري للدولة‪ ،‬ووسيلة فعالة إلدارة وتسيير‬

‫شؤون المواطنين على المستوى المحلي‪ ،‬وتساهم في تعزيز مشاركتهم في صنع القرار‪ّ ،‬‬
‫خصتها‬
‫الدولة بقانون ينظم أدوارها وهيكلتها التنظيمية‪ ،‬غير ّ‬
‫أن ذلك يختلف من بلد إلى آخر وذلك‬
‫باختالف نمط تطبيق الالمركزية فيها‪.‬‬
‫تعتبر الجماعات المحلية وحدات جغرافية مقسمة من إقليم الدولة‪ ،‬تتشكل في صورة‬
‫هيئات تتمتع باالستقاللية اإلدارية والمالية‪ ،‬ويحكمها قانون خاص بها ينظم عملها وتنظيمها‬
‫وعالقاتها‪ ،‬أسندت لها الدولة مهام تسيير بعض الشؤون المحلية على نطاقها‪ ،‬تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية واالستقالل المالي‪ ،‬وهي أحد أوجه تطبيق نظام الالمركزية في التنظيم اإلداري للدولة‪،‬‬
‫موجودة في مختلف الدول رغم اختالف تسمياتها وأنماط تسييرها وتنظيماتها‪ ،‬وتتجسد في بالدنا‬
‫من خالل الوالية والبلدية كوحدتين أساسيتين في التنظيم اإلداري للدولة المتبع منذ االستقالل‬
‫عام ‪ ،1962‬حيث يحدد قانونا البلدية والوالية طبيعة المجالس المحلية المنتخبة التي تتشكل‬
‫منها هذين الهيئتين األساسيتين في النظام اإلداري القائم في الدولة‪ ،‬رغم أن مصطلح الجماعات‬
‫المحلية ظهر منذ الوجود الفرنسي في بالدنا ويرجع ظهوره ألول مرة إلى عام ‪ 1947‬بمقتضى‬
‫المادة ‪ 54‬من قانون ‪ 20‬سبتمبر ‪ 1947‬التي نصت على أن الجماعات المحلية في الجزائر‬
‫هي البلديات والواليات‪ ،‬رغم ما عرفته الخريطة اإلدارية من تغييرات تلت مرحلة ما بعد‬
‫االستعمار‪.1‬‬

‫‪ -‬عمر غزازي‪ ،‬رانية إدير‪ ،‬أمينة عروس‪ " ،‬إشكالية تمويل الجماعات المحلية في الجزائر"‪ ،‬مجلة مينا للدراسات‬ ‫‪1‬‬

‫االقتصادية‪( ،‬جامعة غليزان)‪ ،‬مجلد‪ ،2 :‬عدد‪ ،4:‬جوان ‪ ،2019‬ص‪.59‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫ولى هذا األساس يمكن تعريف الجماعة المحلية على أنها‪ " :‬تعبير جغرافي محدد إقليميا‪،‬‬
‫وتجمع سكاني محدد عدديا ووحدة إدارية مصغرة عن الدولة"‪.1‬‬
‫‪ .2‬لمحة تاريخية عن تطور المالية المحلية في الجزائر‬
‫ورثت الجزائر عن المستعمر الفرنسي تنظيما إداريا قائم على وحدات إدارية مقسمة إلى‬
‫مقاطعات (محافظات وبلديات) تتمتع بالشخصية المدنية وهيكل التسيير ذات صالحيات القرار‬
‫تحصلت بعض هذه المحافظات والبلديات من خالل تسيير أمالكها العقارية الخاصة‬
‫المحدود‪ّ ،‬‬
‫على إيرادات مرتفعة‪ ،‬سمحت لها بالّلجوء إلى الضرائب المحلية بقسط ضئيل‪ ،‬غير أن معظم‬
‫متكون من ضرائب محلية مباشرة‪،‬‬ ‫البلديات الصغيرة‪ ،‬وهي كثيرة‪ ،‬كان منبع إيراداتها األساسي ّ‬
‫لكن هذا األسلوب كان يتناقض مع مبدأ التوازن بين البلديات والعدالة االجتماعية بين المواطنين‬
‫مما تطّلب‬
‫طر ونهجها االشتراكي ما بعد االستقالل ‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫توجه الجزائر المس ّ‬
‫الذي كان يفرضه ّ‬
‫ضرورة اجراء إصالحات جوهرية وعميقة ضمن هذا االطار‪.‬‬
‫تجسد هذا اإلصالح في صدور قانوني البلدية والوالية عامي ‪ 1967‬و‪ 1969‬على‬ ‫ّ‬
‫التوالي‪ ،‬فكان للجماعات المحلية مهام جديدة‪ ،‬ومنحت صالحيات لمسؤوليهم‪ ،‬كما أصبح لها‬
‫أساسا في الميزانية(‪.)3‬‬
‫يتجسد ً‬
‫ّ‬ ‫نظام مالي ومحاسبي‬
‫لقد توالت التغييرات والتدابير في ظل التوجه االشتراكي تماشيا مع الظروف التي كانت‬
‫سائدة آنذاك‪ ،‬غير ّأنها كانت في بعض األحيان سلبية‪ ،‬أثّرت بطبيعة الحال على تنظيم اإلدارة‬
‫المحلية والمالية العمومية المحلية‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال؛ الثورة الزراعية‪ ،‬التي ُنزعت‬
‫تمدها بموارد معتبرة‪ ،‬فضال عن التنازل‬
‫من الجماعات العمومية أراضيها الزراعية التي كانت ّ‬
‫عن األمالك العقارية التابعة للجماعات المحلية(‪.)4‬‬

‫‪ -‬نصر الدين بن شعيب وبومدين طيبي‪" ،‬الجماعات اإلقليمية ومفارقات التنمية المحلية"‪ ،‬مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث‬ ‫‪1‬‬

‫والدراسات (جامعة البليدة ‪ ،)2‬المجلد‪ ،1 :‬العدد‪ ،1 :‬جوان ‪ ،2012‬ص‪.1‬‬


‫‪ -2‬الطيب ماتلو (عضو مجلس األمة)‪« ،‬مداخلة حول‪ :‬مكانة المالية المحلية في إصالحات الدولة»‪ ،‬ضمن فعاليات الندوة‬
‫العلمية التي نظمها مجلس األمة حول‪« :‬مدى تكيف نظام اإلدارة المحلية الجزائرية مع الحقائق الوطنية الجديدة»‪ ،‬يوم ‪17‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2002‬ص‪.43‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫بالتحول إلى اقتصاد السوق (صدور قانونا البلدية‬
‫ّ‬ ‫لكن اإلصالح الجديد الذي ارتبط‬
‫تم بموجبه اعفاء الجماعات المحلية من تسيير الشؤون االقتصادية‪،‬‬‫والوالية عام ‪ّ ،)1990‬‬
‫وبفعل الظروف السياسية واالقتصادية واألمنية التي سادت في التسعينيات‪ ،‬وما صاحبها من‬
‫ظاهرة همجية‪ ،‬وهي اإلرهاب‪ ،‬كانت لها اآلثار السلبية الوخيمة على البالد والعباد‪ ،‬ترتّب عنها‬
‫خسائر كبيرة وأعباء ثقيلة على األموال العمومية‪.‬‬
‫مهمة في‬
‫تحسن الوضع منذ سنة ‪ ،2000‬حيث شهدت األلفية الجديدة برامج ّ‬ ‫ورغم ّ‬
‫بالدنا‪ ،‬كبرنامج اإلنعاش االقتصادي‪ ،‬واصالحات كثيرة ضمن هذا اإلطار‪ ،‬غير ّأنه بقيت‬
‫بعض الصعاب وانعدام التوازن‪ ،‬فضال عن مديونية البلديات‪ ،‬أثّر سلبا على المالية المحلية‪،‬‬
‫األول يتعّلق بتأثير التسيير العاجز للدولة في العهد االشتراكي‪ ،‬واآلخر‬
‫وذلك بفعل سببين؛ ّ‬
‫مما أعاق‬
‫يظهر في أعمال العنف واإلرهاب الذي انعكس سلبا على المالية العمومية المحلية‪ّ ،‬‬
‫عملية تسيير اإلدارة المحلية وماليتها(‪.)1‬‬
‫‪ .3‬نفقات وإيرادات الجماعات المحلية‪:‬‬
‫تش ّكل النفقات وااليرادات العمومية للجماعات المحلية المي ازنية الخاصة بها والتي تقوم‬
‫باإلشراف على تحضيرها واعدادها وتنفيذها ومراقبتها ضمن برنامج لمدة زمنية تقدر عادة‬
‫بسنة‪ ،‬تسمى السنة المالية‪ ،‬توضع من أجل تحقيق األهداف المسطرة للجماعات المحلية‪ ،‬إذ‬
‫أن كل أشخاص القانون العام المعنوية في الدولة التي تملك الشخصية المعنوية واالستقالل‬ ‫ّ‬
‫المالي لها ميزانية خاصة بها بما في ذلك الدولة ذاتها والجماعات المحلية (البلدية والوالية)‪،‬‬
‫وهي عبارة عن وثيقة حسابية تقديرية ودورية‪ ،‬وعمل قانوني وإداري‪ ،‬تحكمها مبادئ أساسية‬
‫أهمها‪ :‬مبدأ السنوية‪ ،‬الوحدة‪ ،‬التوازن والفصل بين األمر بالصرف والمحاسب العمومية‪.‬‬
‫‪ .1 .3‬النفقات المحلية‪:‬‬
‫تقسم النفقات العامة المحلية في التشريع الجزائري إلى نفقات قسم التسيير ونفقات قسم‬
‫ّ‬
‫التجهيز واالستثمار‪ ،‬حيث أن المادة ‪ 158‬من قانون الوالية ‪ 207 - 12‬والمادة ‪ 179‬من‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪« -‬قانون رقم ‪ّ 07-12‬‬


‫مؤرخ في ‪ 28‬ربيع األول عام ‪ 1433‬الموافق ‪ 21‬فبراير سنة ‪ ،2012‬يتعّلق بالوالية»‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪2‬‬

‫الرسمية ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،49:‬عدد‪ ،12 :‬ل ‪ 29‬فبراير ‪ ،2012‬ص‪.23‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫قانون البلدية ‪ 110-11‬يؤكدان ذلك‪ ،‬وهي في العموم أجور وأعباء مستخدمي الوالية والبلدية‪،‬‬
‫مصاريف تسيير مصالح الوالية والبلدية‪ ،‬أعباء التسيير المرتبطة باستغالل تجهيزات جديدة‪،‬‬
‫التعويضات واألعباء المرتبطة بالمهام االنتخابية‪ ،‬المساهمات المقررة على األمالك ومدا خيل‬
‫البلدية بموجب القوانين‪ ،‬نفقات صيانة األمالك المنقولة والعقارية‪ ،‬نفقات صيانة الطرق‪ ،‬فوائد‬
‫القروض‪.‬‬
‫يمر بمرحلتين أساسيتين؛‬
‫إن عملية صرف النفقات العامة من طرف الجماعة المحلية ّ‬
‫المرحلة اإلدارية والمرحلة المحاسبية‪ ،‬فأما المرحلة األولى فهي من اختصاص رئيس المجلس‬
‫الشعبي البلدي‪ ،‬والمرحلة الثانية هي من صميم مهام المراقب المحاسبي العمومي‪ ،‬إذ يحدد‬
‫قانون المحاسبة العمومية ضوابطها واجراءاتها على غرار كل المؤسسات العمومية التابعة‬
‫للدولة كجماعات المحلية (البلديات والواليات)‪ ،‬الجامعات والمؤسسات االستشفائية‪.‬‬
‫‪ .2 .3‬االيرادات المحلية‪:‬‬
‫يحدد قانونا الوالية والبلدية إيرادات الجماعات المحلية ويضبط آليات عمل ماليتها‪ ،‬حيث‬
‫يتضمن الباب الخامس من القانون رقم ‪ 07-12‬المتعلق بالوالية‪ ،‬ال سيما المادة ‪ 151‬منه‬
‫مجمل موارد الميزانية والمالية للوالية‪ ،‬وهي‪ :‬التخصيصات‪ ،‬ناتج الجباية والرسوم‪ ،‬اإلعانات‬
‫وناتج الهبات والوصايا‪ ،‬مداخيل ممتلكاتها‪ ،‬مداخيل أمالك الوالية‪ ،‬القروض‪ ،‬ناتج مقابل‬
‫الخدمات الخاصة التي تؤديها الوالية‪ ،‬جزء من ناتج حق االمتياز للفضاءات العمومية بما فيها‬
‫الفضاءات االشهارية التابعة لألمالك الخاصة للدولة والناتج المحصل مقابل مختلف‬
‫تحدد الماد ‪ 170‬موارد الميزانية والمالية للبلدية فيما يلي‪ :‬حصيلة الجباية‪،‬‬
‫الخدمات ‪ ،‬فيما ّ‬
‫‪2‬‬

‫مداخيل ممتلكاتها‪ ،‬مداخيل ممتلكات البلدية‪ ،‬اإلعانات والمخصصات‪ ،‬ناتج الهبات والوصايا‪،‬‬
‫القروض‪ ،‬ناتج مقابل ال خدمات الخاصة التي تؤديها البلدية‪ ،‬ناتج حق االمتياز للفضاءات‬
‫العمومية‪ ،‬بما فيها الفضاءات االشهارية والناتج المحصل مقابل مختلف الخدمات‪.3‬‬

‫‪« -‬قانون رقم ‪ّ 10-11‬‬


‫مؤرخ في ‪ 20‬رجب عام ‪ 1432‬الموافق ‪ 22‬يونيو سنة ‪ ،2011‬يتعّلق بالبلدية»‪ ،‬الجريدة‬ ‫‪1‬‬

‫الرسمية ل (ج‪ .‬ج‪ .‬د‪ .‬ش)‪ ،‬السنة‪ ،48:‬عدد‪ ،37 :‬ل ‪ 3‬جويلية ‪ ،2011‬ص‪.24‬‬
‫‪ -‬قــانــون رقــم ‪ 07 - 12‬مؤرخ ‪ 21‬فبراير سنة ‪ 2012‬يتعلـق بالوالية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬قانون رقم ‪ 11 - 10‬مؤرخ ‪ 22‬يونيو سنة ‪ 2011‬يتعلق بالبلدية‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫تنحصر مداخيل الجماعات المحلية في الموارد المالية الذاتية وغير الذاتية‪ ،‬فأما الموارد‬
‫تخصلها الجماعات المحلية كليا أو جزئيا‪ ،‬وهي جملة‬
‫فتتضمن اإليرادات الجبائية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الذاتية‬
‫المتكون من عدة مصادر كأهم مصادر‬ ‫ّ‬ ‫الضرائب والرسوم المحلية التي تش ّكل الوعاء الجبائي‬
‫تمويل مي ازنيتها بنسبة تفوق ‪ %90‬من عائداتها‪ ،‬منها ما هو مخصص بشكل كّلي للجماعات‬
‫المحلية مثل الرسم على النشاط المهني ‪ ،TAP‬الرسم العقاري‪ ،‬رسم التطهير‪ ،‬رسم اإلقامة‬
‫ورسم السكن‪ ،‬ومنها ما هو مخصص جزئيا مثل الرسم على القيمة المضافة ‪ ،TVA‬الرسم‬
‫على الذبح‪ ،‬الرسم على الممتلكات وقسيمة السيارات‪ ،‬أما الموارد المالية غير الجبائية وهي من‬
‫صميم اإليرادات الذاتية أيضا فتنحصر في إيرادات ونواتج األمالك‪ ،‬وايرادات االستغالل المالي‬
‫للجماعات المحلية مثل بيع منتجاتها أو تأدية خدمات معينة للمواطنين‪ ،‬فضال عن ذلك قد‬

‫تكون للجماعات المحلية مشروعات مشتركة بينها لها أهداف المصلحة العامة‪ّ ،‬‬
‫تدر أرباحا‬
‫وفوائدا تسمح لها بتغطية نفقاتها للتسيير والتجهيز‪ .‬أما الموارد غير الذاتية (الخارجية) فهي‬
‫متنوعة المصادر وتنحصر في اإلعانات التي تقدمها الدولة‪ ،‬القروض‪ ،‬التبرعات‪ ،‬الهبات‬
‫والوصايا‪.‬‬
‫‪ .4‬واقع مالية الجماعات المحلية في الجزائر‬
‫يميز واقع المالية المحلية في بالدنا‪ ،‬وما يدعو لضرورة اجراء اإلصالح هو مشكلة‬
‫إن ما ّ‬
‫ّ‬
‫التمويل‪ ،‬وضعف الموارد المالية المحلية‪ ،‬سيما الذاتية منها‪ ،‬فضال عن سوء تنظيم وتوزيع‬
‫مما يجعل تسيير وإدارة الجماعات‬ ‫الموارد الجبائية بين المستويين المركزي والمحلي للدولة‪ّ ،‬‬
‫المحلية مشلولة وعاجزة عن المحافظة على االستقاللية المالية واإلدارية لإلدارة المحلية‪ ،‬وعاجزة‬
‫أيضا عن االضطالع بوظائفها ومهامها بما يحقق أهداف التنمية المحلية اقتصاديا‪ ،‬سياسيا‪،‬‬
‫اجتماعيا وإداريا(‪.)1‬‬
‫من الناحية النظرية‪ ،‬كما يرى وزير الداخلية والجماعات المحلية السابق (دحو ولد قابلية)‪،‬‬
‫تخصص في مجملها للجماعات المحلية‪ ،‬و‪ 7‬أخرى‬ ‫أن األموال المحلية تتش ّكل من ‪ 7‬رسوم ّ‬ ‫ّ‬
‫أهم‬
‫تخصص لها جزئيا‪ ،‬لكن من الناحية الفعلية على أرض الواقع‪ ،‬هناك ‪ 3‬رسوم فقط تش ّكل ّ‬ ‫ّ‬
‫المداخيل الجبائية تستفيد منها البلديات‪ ،‬ويتعّلق األمر بالرسم على النشاط المهني والدفع‬
‫الجزافي‪ ،‬والرسوم على القيمة المضافة‪ ،‬حيث تش ّكل كّلها ‪ %95‬من المداخيل الجبائية المحلية‬

‫‪ -1‬مجلس األمة‪« ،‬ندوة علمية حول‪ :‬اإلصالحات المالية والجباية المحلية»‪ ،‬يوم ‪ 31‬مارس ‪ ،2003‬ص‪.8‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫موزعة بنسبة ‪ %65‬بالنسبة للبلديات‪ %30 ،‬بالنسبة‬
‫المقدرة سنة ‪ 2000‬ب ‪ 23,8‬مليار دج‪ّ ،‬‬
‫للواليات و‪ %5‬بالنسبة للصندوق المشترك ما بين الجماعات المحلية (‪.)1()FCCL‬‬

‫فإنه ال يوجد توازن أحسن للنسب ا ّ‬


‫لمطبقة بين السلطات المركزية (الدولة)‬ ‫فضال عن ذلك‪ّ ،‬‬
‫والجماعات المحلية‪ ،‬كما هو الحال في الرسم على الذبح‪ ،‬حيث توجد نسبة ‪ %70‬إلى البلديات‬
‫و‪ %30‬إلى صندوق الحماية والصحة الحيوانية‪ ،‬وتبقى نجاعة هذا الصندوق غير مؤّكدة‪،‬‬

‫وهناك الضريبة على الملكية ال تعود منها سوى نسبة ‪ %20‬إلى البلديات‪ّ ،‬‬
‫مما يجعل الجماعات‬
‫قدرت عام ‪ 2000‬ب ‪ 8‬ماليين دج فقط‪ ،‬وأيضا بالنسبة للرسم‬ ‫المحلية ذات مداخيل ضعيفة‪ّ ،‬‬
‫مبرر بين البلدية (‪ )%20‬والصندوق الوطني‬‫على البيئة الذي يعرف توزيعه فرقا هاما وغير ّ‬
‫للبيئة (‪ ،)%50‬ناهيك عن الرسوم والضرائب األخرى كقسيمة السيارات‪ ،‬والرسوم على الّلفتات‬
‫والشعارات والّلوائح االشهارية‪ ،‬والرسم العقاري وغيرها(‪.)2‬‬
‫من بين أهم تحديات المالية المحلية في بالدنا أن للجماعات المحلية اختصاصات كثيرة‬
‫ومتنوعة لكن من دون أن يكون لها الوسائل المالية الكافية للقيام بوظائفها واختصاصاتها‬
‫المحددة في قانوني البلدية والوالية‪ ،‬أي عدم تطابق الموارد مع األعباء(‪ ،)3‬فمن المفروض أن‬
‫هيئات اإلدارة المحلية مسؤولة على تسيير وسائلها المالية الخاصة بكل استقاللية مع كفاية‬
‫الموارد المالية الالزمة لتقديم الخدمات الضرورية في مختلف المجاالت االجتماعية‪ ،‬الصحية‪،‬‬
‫التعليمية‪ ،‬البيئية واإلدارية(‪ .)4‬إن ضعف المالية المحلية هو من ضعف الموارد المالية العمومية‬
‫التي تقوم أساسا على الجباية البترولية في المقام األول‪ ،‬ضف إلى ذلك هيمنة الدولة على‬
‫تخصص نسبة‬
‫الجانب األكبر من الجباية‪ ،‬حيث تبلغ العوائد الجبائية للدولة نسبة ‪ ،%75‬فيما ّ‬
‫‪ %25‬للجماعات المحلية قبل اإلصالح الجبائي عام ‪ ،1992‬وقد تناقصت هذه النسبة في‬

‫‪ -1‬دحو ولد قابلية‪« ،‬محاضرة بعنوان‪ :‬اإلصالح الجبائي»‪ ،‬ضمن الندوة العلمية حول‪ :‬اإلصالحات المالية والجباية المحلية‬
‫يوم ‪ 31‬مارس ‪ ،2003‬ص‪.13‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.15-14‬‬
‫‪ -3‬بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين‪ ،‬الجماعات اإلقليمية ومفارقات التنمية المحلية‪ ،‬مجلة اإلدارة والتنمية للبحوث‬
‫والدراسات (جامعة البليدة‪ -2‬الجزائر)‪ ،‬المجلد‪ ،1 :‬العدد‪ ،1 :‬جوان ‪ ،2012‬ص‪.36‬‬
‫‪ -4‬حمادو وسيلة‪ ،‬اصالح الجماعات المحلية في الجزائر كخيار استراتيجي‪ ،‬رسالة ماجيستير في العلوم السياسية والعالقات‬
‫الدولية‪ ،‬تخصص‪ :‬إدارة الجماعات المحلية‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،3‬كلية العلوم السياسية واالعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪،2012 ،‬‬
‫ص ص‪.77-76‬‬

‫‪- 56 -‬‬
‫سنوات تلت لتبلغ ‪ %21,56‬للجماعات المحلية مقابل ‪ ،)1(%78,44‬حيث يرجع ذلك في‬
‫األساس إلى ضعف نظام التحصيل والتوزيع الجبائي وضعف الموارد الناتجة عن عائدات‬
‫أمالك معظم الجماعات المحلية(‪ ،)2‬خاصة البلديات منها‪.‬‬
‫تتمّيز مداخيل البلديات في مختلف واليات القطر الوطني بخاصية عدم التوازن‪ ،‬حيث‬
‫نجد بعض البلديات للوالية الواحدة لها مداخيل معتبرة ألنها تتوفر أنشطة ومؤسسات اقتصادية‬
‫تدر عليها أرباحا تغنيها عن االعتماد عل الدولة وتبعدها عن العجز المالية‪ ،‬في حين‬‫كثيرة ّ‬
‫نجد معظم البلديات لمختلف الواليات تعتمد في مداخيلها على الدولة‪ ،‬ومنها ما يعتمد مداخيل‬
‫أن ‪25‬‬
‫الدولة بنسبة ‪ ،%100‬وفي هذا نذكر أن والية جيجل على سبيل المثال ال الحصر‪ّ ،‬‬
‫بلدية من أصل ‪ 28‬بلدية المش ّكلة إلقليم الوالية تعاني من مشكلة التمويل‪ ،‬فتعتمد على مداخيل‬
‫ميزانية الوالية بنسب متفاوتة‪ ،‬وتوجد ستة (‪ )6‬بلديات تعتمد كليا أي بنسبة ‪ %100‬على‬
‫ميزانية الوالية‪ ،‬وهي بلديات‪ :‬شعبة العامر‪ ،‬تيمزريت‪ ،‬أوالد عيسى‪ ،‬سيدي داود‪ ،‬تاورقة وأعفير‪،‬‬
‫في حين توجد ثالث (‪ )3‬بلديات فقط من الوالية من تحوز على مداخيل مالية كبيرة‪ ،‬ألنها‬
‫تتوفر على مؤسسات تجارية ومصانع عديدة‪ ،‬وهي‪ :‬بلدية جيجل‪ ،‬الطاهير والميلية‪ ،‬وهذا الواقع‬
‫يش ّكل إحدى المشكالت العديدة والمعق ّدة للجماعات المحلية في بالدنا(‪.)3‬‬
‫كما يجب التنويه إلى مشاكل أخرى في هذا المقام والتي ترتبط أساسا بالتسيير‪ ،‬منها ما‬
‫تتميز بالجمود والضعف‪ ،‬فضال عن ضعف‬ ‫هو مرتبط بالموارد البشرية لإلدارة المحلية‪ ،‬والتي ّ‬
‫تكوينها‪ ،‬حيث تستنزف أكثر من ‪ %70‬من ميزانية التسيير(‪ ،)4‬ومنها ما هو متعلق بالتداخل‬
‫والتشابك في الصالحيات بين المنتخبين المحليين وسلطات الوالي وأحيانا مع السلطات‬
‫المركزية‪ ،‬ومنها ما يرتبط بسوء التسيير المالي وضعف القدرات الفنية واإلدارية للوحدات‬
‫ومسيريها‪ ،‬ناهيك عن بعض الظواهر السلبية كالرشوة‪ ،‬االختالس واستغالل النفوذ‬
‫(‪)5‬‬

‫والمحسوبية والعوائق البيروقراطية‪ ،‬والتي لها آثار وخيمة على التنمية واالقتصاد ومعيشة‬
‫المواطنين‪.‬‬

‫‪ -1‬بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.36-35‬‬
‫‪ -2‬حمادو وسيلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.85‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.86-85‬‬
‫‪ -4‬بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪ -5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.90-87‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫يمكن الحكومة من معالجة مشاكل عديدة متعلقة بالمالية‬
‫إن تشخيص الواقع الحالي ّ‬
‫أهمها وجود نظام جبائي يخدم المناطق التي لها أنشطة صناعية وتجارية كبيرة‪،‬‬
‫المحلية‪ّ ،‬‬
‫ناهيك عن ضعف المداخيل المتأتية من األمالك العامة للجماعات المحلية‪ ،‬والضعف البارز‬
‫للموارد البشرية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫إن كل هذه الدواعي تؤّكد ضرورة إجراء إصالحات جوهرية وعميقة تهدف إلى تدعيم‬
‫ّ‬
‫التحديات‪ ،‬ومعالجة‬
‫ّ‬ ‫الوسائل المالية للجماعات المحلية‪ ،‬وتمكينها من مواجهة مختلف‬
‫االختالالت ذات الطابع الهيكلي المتسببة في المديونية‪ ،‬فضال عن ذلك‪ ،‬ضرورة تلبية‬
‫لتزود بوسائل بشرية‬
‫الحاجيات المتصاعدة في مجال الخدمات العمومية‪ ،‬ناهيك عن ضرورة ا ّ‬
‫ومادية تتماشى ومتطّلبات تسيير عصري‪ ،‬عقالني ورشيد(‪.)1‬‬
‫‪ .5‬مضامين إصالح المالية العمومية للجماعات المحلية‬
‫يعتبر إصالح المالية العمومية المحلية من بين الدعائم االساسية إلحداث الوثبة التنموية‬
‫على المستوى المحلي‪ ،‬فمن غير الممكن الحديث عن التنمية المحلية دون تكريس االستقاللية‬
‫بتدبر هذه‬
‫المالية للفواعل المحلية‪ ،‬البلديات والواليات‪ ،‬بحيث تسمح هذه االستقاللية المالية ّ‬
‫الجماعات للوسائل المالية التي تسمح بجعل اإلقليم جذاب من ناحية إنشاء المؤسسات وتهيئة‬
‫المتحصل عليها‪ ،‬فقد أثبتت تجارب العديد من الدول‬
‫ّ‬ ‫اإلقليم‪ ،‬وتحسين مردودية الموارد المالية‬
‫أن توسيع درجة االستقاللية للجماعات المحلية ساهم بشكل كبير في زيادة قدرتها على توفير‬ ‫ّ‬
‫موارد مالية ذاتية‪ ،‬فاالستقاللية المالية لإلدارة المحلية يقتضي مزيدا من الصالحيات الجبائية‪،‬‬
‫ثم تحقيق الفعالية والكفاية(‪.)2‬‬
‫ومن ّ‬
‫هذه االستقاللية المالية يجب أن تكون الهدف الذي تسترشد به الحكومة إلجراء ّ‬
‫أي‬
‫إصالح مالي وجبائي ال سيما من خالل‪:‬‬
‫جراء تطبيق‬
‫‪ -‬ضرورة إصالح المنظومة الجبائية في الدولة وما ترتّب عنه من ّ‬
‫اإلصالحات الجبائية لعام ‪ ،1992‬من خالل إحداث منظومة جبائية محلية‪ ،‬فيكون‬
‫يتم‬
‫صص ومنفصل عن النظام الجبائي للدولة‪ّ ،‬‬
‫للواليات والبلديات نظام جباية مخ ّ‬

‫‪ -1‬دحو ولد قابلية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.15‬‬


‫‪ -2‬يوسف مسعداوي‪ ،‬تحديات المالية والجباية المحليتين في الجزائر‪ ،‬مجلة الحقيقة (جامعة أدرار)‪ ،‬المجلد‪ ،13 :‬عدد‪،2:‬‬
‫جوان ‪ ،2014‬ص ‪.29‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫معينة بين الوالية والبلدية وصناديق دعم الجماعات‬
‫تخصيص إيراداته بحصص ّ‬
‫المحلية(‪.)1‬‬
‫‪ -‬تفعيل دور الجماعات المحلية في ميدان الجباية‪ ،‬ال سيما من خالل تفعيل سلطة‬
‫البلديات فيما يخص تأسيس الضرائب ‪ l’attribution des impôts‬وتحديد معدالتها‬
‫وأوعيتها بما يتماشى واحتياجاتها الفعلية وأهدافها التنموية‪ ،‬تكريسا لمبدأ التسيير واإلدارة‬
‫مهمة ضمن السياسة العامة‬‫مما يساهم في جعل هذه الوحدات فواعل ّ‬
‫الالمركزيين‪ّ ،‬‬
‫للدولة‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق بعض الصالحيات للسلطات المحلية تكريسا لالستقالل‬
‫المالي والالمركزية الجبائية‪.‬‬
‫‪ -‬توسيع الجباية العادية للجماعات المحلية‪ ،‬السيما من خالل تأسيس ضرائب على‬
‫الثروات خاصة األمالك العقارية منها‪ ،‬مع تحيين وتكييف معدالتها مع الوضع الراهن‪،‬‬
‫ودون المساس بالقدرة الشرائية‪ ،‬وهذا ما يساهم في إعادة توزيع الدخول على المستوى‬
‫المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في التوزيع المركزي الحالي للمتحصالت الضريبية‪ ،‬وتوجيه نسب معتبرة‬
‫منها إلى الجماعات المحلية‪ ،‬وتحسين مردوديتها‪.‬‬
‫‪ -‬وضع نموذج جباية محلية يسمح للجماعات المحلية بتثمين الثروات الموجودة على‬
‫ترابها‪ ،‬من خالل إجراء إحصاء دقيق لممتلكاتها‪ ،‬وإعادة تقديرها بتحيين أسعار اإليجار‬
‫وربطها بأسعار السوق‪ ،‬ال سيما المحالت التجارية والمساكن والمحالت ذات الطابع‬
‫الصناعي(‪.)2‬‬
‫التطورات التي‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تأهيل المصالح الجبائية من خالل اعتماد تنظيم هيكلي لها يتوافق مع‬
‫ومدها بالموارد البشرية ذات الكفاية والكفاءة‪،‬‬
‫تعرفها الجماعات المحلية واإلدارة الجبائية‪ّ ،‬‬
‫ويتجسد ذلك بإبراز معالم اختصاصات هذه المصالح‪ ،‬مما يسمح لها بتجسيد‬ ‫ّ‬
‫ويحسن من مردودية موظفي الجباية من القيام بمهامهم على أحسن وجه(‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫المسؤوليات‬

‫‪ -1‬بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬


‫‪ -2‬يوسف مسعداوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.28-27‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫‪ -‬ترك مجال واسع للجماعات المحلية في تحديد خصوصيات األنشطة االقتصادية التي‬
‫تمارسها‪ ،‬وامكانياتها المتاحة في ذلك‪ ،‬وتوزيع أقطاب النشاط االقتصادي على مختلف‬
‫األقاليم‪ ،‬وهذا بالنظر لالختالف والتمايز بين األقاليم والخصوصيات الجهوية لكل‬
‫منطقة‪ ،‬في إطار نموذج تنموي جديد مبني على المقاربة التشاركية‪ ،‬وتوظيف أدوار‬
‫جميع الفواعل التي لها تأثير في مسار إحداث تنمية محلية متوازنة‪ ،‬عادلة ومستديمة‪.‬‬
‫إن عملية اإلصالح تقتضي إعادة النظر في الدور التنموي للجماعات المحلية وخاصة‬
‫ّ‬
‫البلديات‪ ،‬ويتطّلب ذلك النظر في اختصاصاتها وصالحياتها وفق المصادر واالمكانيات‬
‫المحلية المتوّفرة‪ ،‬وضرورة توجيه هذه الموارد بطرق سليمة لخدمة األهداف اإلنمائية المس ّ‬
‫طرة‪،‬‬
‫أن هناك الكثير من األنشطة ذات النفع المحلي والوطني تضطلع بها الجماعات المحلية‪،‬‬ ‫إذ ّ‬
‫وهي ذو طابع اجتماعي واقتصادي وثقافي‪ ،‬متعلقة بالخدمات واالحتياجات الضرورية للمواطن‪،‬‬
‫وإنجاز وصيانة المؤسسات التعليمية‪ ،‬المراكز الصحية‪ ،‬الماركز الثقافية‪ ،‬الشبيبة والرياضة‪،‬‬
‫البيئة‪ ،‬الري‪ ،‬الزراعة والغابات‪ ،‬وهي أعباء كثيرة على الجماعات المحلية تستدعي قيام الدولة‬
‫بتأمين التمويل الكافي للقيام بها‪ ،‬أو أن تسند للدولة عن طريق تكّفل كل و ازرة بقطاعها على‬
‫المستوى اإلقليمي‪ ،‬مع احتفاظ الجماعات المحلية بالسلطة العمومية‪ ،‬أو جعلها شريكا في برامج‬
‫التنمية‪ ،‬يكون فيها تقاسم األعباء بالتساوي(‪.)1‬‬
‫في عام ‪ 2007‬قدمت لجنة و ازرية مشتركة مكّلفة بإصالح المالية والجباية المحليتين‬
‫بتقديم رؤيا إصالحية في هذا المجال‪ ،‬حيث أعطت جملة توصيات يمكن االسترشاد بها للقيام‬
‫تضمنت‬
‫ّ‬ ‫بإصالح عميق وحقيقي مبني على رؤيا استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى‪ ،‬حيث‬
‫مست في األساس عملية تحسين الموارد المالية للجماعات المحلية ضمن قوانين‬
‫عدة إجراءات ّ‬
‫ّ‬
‫المالية‪ ،‬بإضافة تخصيصات من الضرائب والزيادة في بعض الرسوم ومنح موارد مالية في‬
‫شكل إعانات لصالح الجماعات المحلية للتكفل بمختلف األعباء‪ ،‬فضال عن ضرورة إصالح‬
‫نظام التضامن المالي ما بين الجماعات المحلية‪ ،‬كما تضمنت توصيات باتخاذ إجراءات من‬
‫أجل عقلنة تسيير الجماعات المحلية وعصرنة أجهزتها وترشيد استخدام نفقاتها‪ ،‬واإلدخال‬

‫التدريجي لوسائل الرقمنة في إعداد وتنفيذ ومراقبة الميزانيات المحلية‪ ،‬وإجراءات أخرى ّ‬
‫موجهة‬
‫لتحسين التسيير الميزانياتي للجماعات المحلية‪ ،‬مع ضرورة إجراء تربصات في إطار برامج‬

‫‪ -1‬بن شعيب نصر الدين وطيبي بومدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.49-46‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫التكوين والتأهيل لفائدة األمناء العامون للبلديات والمسؤولين الماليين ورؤساء المجالس الشعبية‬
‫البلدية(‪.)1‬‬
‫‪ .7‬تطّلعات وآفاق اإلصالح‬
‫قوة عاملة واطارات ذات‬
‫أي وقت مضى إلى ّ‬ ‫تحتاج الجماعات المحلية اليوم أكثر من ّ‬
‫للتغيير‬
‫أيضا وجود فلسفة ّ‬‫يتميزون بمهارات تسيير الموارد المالية‪ ،‬كما يتطّلب ً‬
‫كفاءة واداريين ّ‬
‫الراهنة‪ ،‬مع ضرورة تثمين المشاركة الشعبية على نطاق‬
‫والتحسين المستمر لمواجهة التحديات ّ‬
‫مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في مختلف البرامج التي‬ ‫واسع‪ ،‬وذلك بإشراك ّ‬
‫دور مركزّيا في‬
‫تضعها السلطات المحلية العمومية والحكومة‪ ،‬فالمنظمات المجتمعية تلعب ًا‬
‫انجاح مختلف هاته البرامج‪.‬‬
‫لقد أضحى من الضروري أن تستفيد الدولة من االمكانات المتاحة؛ من موارد مالية‬
‫ظفها لصالح الجماعات المحلية وتنمية األقاليم‪ ،‬واالستعانة بالخبراء على مستوى‬
‫وبشرية‪ ،‬فتو ّ‬
‫المتخصصة في البحث ضمن هذا الميدان‬ ‫ّ‬ ‫الجامعات ومراكز البحوث في بالدنا‪ ،‬سيما منها‬
‫ومهما لإلدارة المحلية والسياسات التنموية الوطنية‬
‫ًّ‬ ‫اضافيا‬
‫ّ‬ ‫دعما‬
‫تقدم ً‬
‫أو الميادين الثانوية‪ ،‬التي ّ‬
‫التقنيين الذين يعملون في نطاق‬
‫والمحلية‪ ،‬مثل االستفادة من التكوين الميداني لإلداريين و ّ‬
‫أيضا االستفادة من الدعم العلمي والتكنولوجي لمشاريع تطوير الطاقة‪،‬‬
‫الجماعات المحلية‪ ،‬و ً‬
‫المتجددة (‪ ، )E.N.R‬لتلبية االحتياجات المتنامية للمجتمع‬
‫خاصة الطاقات الجديدة و ّ‬
‫واالقتصاد‪.‬‬

‫‪ -1‬و ازرة الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬إصالح المالية والجباية المحليتين‪ ،‬موقع و ازرة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة‬
‫العمرانية (ج‪.‬ج‪.‬د‪.‬ش)‪ ،‬أنظر الموقع‪https://bit.ly/3okDeFR :‬‬
‫‪‬‬ ‫‪(E.N.R) = Energies Nouveaux et Renouvelables‬‬

‫‪- 61 -‬‬

You might also like