You are on page 1of 146

[Type here]

[Type here]


[Type here]
[Type here]
[Type here]
5-146
6-146
7-146
‫بادئ ذي بدء أقول‪ :‬إن تناول موضوع له ارتباط مباشر بحقل تدريس الفلسفة‬

‫بشقيه الجامعي والثانوي ليستدعي منا أولا وقبل كل شيء أن نضعه ضمن سياقه العام‬

‫الذي يتموقع فيه‪ .‬فأين‪ ،‬إذن‪ ،‬يمكن موقعة هذا البحث‪ ،‬ووفق أي أساس‪ ،‬ومن أجل‬

‫أي رهان؟‬

‫يندرج هذا البحث كما يتبدى لنا ذلك من خلال عنوانه الرئيس‪ :‬درس الفلسفة‬

‫حث في مدى ملاءمة ِ التكوين الأكاديمي‪ ،‬ضمن إطار محدد‬


‫من الجامعة ِ إلى الثانو ية ِ‪ :‬ب ٌ‬

‫وهو تدريس الفلسفة في السياق التعليمي المغربي المعاصر‪ ،‬هذا السياق الذي تعتبر فيه‬

‫الفلسفة مكونا أساسيا للتربية والتعليم منذ المرحلة الثانو ية المدرسية‪ ،‬وإلى المحطة الجامعية‬

‫التخصصية؛ وذلك لما تنطوي عليه من فائدة كبرى بالنسبة للمجتمعات الإنسانية‪ ،‬فهي‬

‫الحقل المعرفي الوحيد القادر على بناء شخصية المتعلم بناء عقليا نقديا يساعده على تطوير‬

‫ملكاته المعرفية وتجويد علاقاته الاجتماعية بما يتوافق مع المبررات العقلية الضرور ية‬

‫والمبادئ الإنسانية الأساسية‪.‬‬

‫واضح‪ ،‬إذن‪ ،‬أن الطابع التعليمي المدرسي يشكل بؤرة الاشتغال في هذا البحث‪،‬‬

‫وهو الأمر الذي يحدونا إلى التنبيه بداية إلى نقطة أساس‪ :‬ذلك أن هذه الصبغة التعليمية‬

‫التي قد تحشر البحث ضمن البحوث التدخلية‪ ،‬صحيحة إلى حد ما نظرا للزاو ية التي‬

‫ينطلق منها البحث‪ ،‬وهي المتعلقة بسياق التدريس‪ ،‬ونظرا أيضا إلى نوعية المقاربة التي‬

‫تنطلق من واقع الممارسة التعليمية عبر فحص أسسها وغاياتها‪ ،‬وكذا تحديد بعض‬

‫الصعوبات التي تواجهها‪ .‬بيد أنه وعلى الرغم من هذا المعطى‪ ،‬فإن للبحث صبغة‬

‫‪9-146‬‬
‫البحوث الأساسية أكثر منها صبغة البحوث التدخلية‪ ،‬وذلك لعدة اعتبارات‪ ،‬أهمها‬

‫كالآتي‪:‬‬

‫‪ -‬أولا‪ :‬بحكم السياق الأكاديمي الجامعي الذي يندرج فيه البحث‪ ،‬والذي‬

‫يفرض نوعا من المقاربة العامة والشمولية؛ تركز في غالب الأحيان على‬

‫النقاط التالية‪ :‬ضرورة الانخراط في منظومة فكر ية معينة؛ الالتزام بالشروط المنهجية‬

‫الصارمة؛ حل الإشكالات يبقى أمر خاص بالباحثين والطلبة‪...‬؛‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬خصوصية البحث التدخلي الذي ينطلق من وضعيات خاصة ومحددة‬

‫في الزمان والمكان يحاول من خلالها إ يجاد الحلول والمخرجات الآنية‪ ،‬وكذا‬

‫تحسين الممارسات العملية وتجويدها طبقا للوضعيات الخاصة التي تحكم‬

‫الفاعلين فيه والفئات المستهدفة منه؛‬

‫في مقابل هذا‪ ،‬فإن البحث الذي أنجزناه يرنو إلى إمداد الفاعلين المباشرين في‬

‫حقل تدريس الفلسفة في الثانوي بمعطيات نظر ية أولية قصد تبيئتها والعمل على‬

‫تطويرها طبقا للوضعيات الخاصة التي تحكم وضعية كل مدرس للفلسفة على حدة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬تكون السمة العامة المميزة لهذه الدراسة هي سمة البحث العلمي الأكاديمي‬

‫بالدرجة الأولى‪.‬‬

‫لعل من حسنات هذا السياق العام الذي يتأطر فيه البحث هو أنه يقربنا تدر يجيا‬

‫من الإشكالية المركز ية التي تشكل الخيط الناظم لهذه الدراسة الأكاديمية‪ ،‬إلا أنه وقبل‬

‫بسط عناصرها وبيان كيفية تناولها والأبعاد النظر ية التي تنفتح عليها‪ ،‬لا بد أن نمهد‬

‫لها بجملة من المحددات الأساسية‪ ،‬نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪10-146‬‬
‫‪ -‬يتميز تدريس الفلسفة في السياق المغربي المعاصر بشموليته لأبعاد متعددة‪،‬‬

‫فهو من جهة أولى يتقاطع فيه ما هو مؤسساتي مع ما هو بيداغوجي ومع‬

‫ما هو معرفي‪ .‬أما ومن جهة ثانية‪ ،‬فيعرف هذا المجال تداخلا كبيرا بين‬

‫عناصره المفصلية‪ ،‬وهي‪ :‬المدرس والتلميذ والأستاذ‪ ،‬وكل عنصر من هذه‬

‫العناصر له سماته وأبعاده التي تفصله وتميزه في الآن نفسه عن الأبعاد‬

‫الأخرى‪ .‬ولعل تداخل هذه العناصر وتشعبها هو ما يعقد مهمة المقبل على‬

‫مجال تدريس الفلسفة في السلك و يجعل منها مهمة شاقة ومتعبة؛‬

‫‪ -‬عرف تدريس الفلسفة بشقيه الجامعي والثانوي سيرورة من التحولات‬

‫ال كبرى في مساره التار يخي‪ ،‬تحولات لم تتخذ نمطا واحدا ووحيدا‪ ،‬فمنها‬

‫من ساهمت في تطويره وإغناءه‪ ،‬ومنها كذلك من ساهمت في الحد من‬

‫قيمته وفعاليته‪ .‬ل كنها تحولات لم تلق في نظر العديد من الدراسين ما يكفي‬

‫من الفحص والتدقيق والمراجعة والنقد‪...‬إلخ‪.‬‬

‫نستخلص مما سبق أن تناول موضوع تدريس الفلسفة وبالنظر إلى تعدد مداخله‬

‫وتشابكها فلا يمكن أن يطرح إلا من زوايا محددة و بخلفيات واضحة تستحضر‬

‫خصوصيته وتشعب خيوطه وتراعي وضعيته القلقة‪ ،‬ولهذا فإننا نأمل من خلال هذه‬

‫الدراسة أن نسلط الضوء على بعض الجوانب التي من شأنها إثارة الانتباه إلى ضرورة‬

‫مراجعة هذا الأخير وفحص منطلقاته المعرفية وغاياته البيداغوجية في أفق تجديد النظر‬

‫فيه وفي دوره واسهامه ضمن منظومة التربية والتعليم المغربية‪.‬‬

‫سعيا‪ ،‬إذن‪ ،‬وراء تحقيق هذه الغاية ‪-‬قدر الإمكان‪ -‬ارتأينا أن ننخرط في موضوع‬

‫تدريس الفلسفة من إطار أكاديمي عام وهو الجامعة‪ ،‬ومن موقع تخصصي محدد وهو‬

‫‪11-146‬‬
‫مسلك الفلسفة‪ .‬فكيف يمكن إذن بسط العناصر الإشكالية التي سنشتغل عليها؟ وكيف‬

‫يمكن تبريرها وتدعيم منطلقاتها؟ وماذا عن الأهداف التي تصبو إليها؟‬

‫تنطلق الإشكالية المركز ية للبحث من مساءلة أبسط المسلمات والأسس التي يقوم‬

‫عليها التكوين الأكاديمي الأساس لمدرس الفلسفة‪ ،‬هذا المدرس الذي تتسم خلفيته‬

‫المعرفية بالتعدد والاختلاف في مستو يين أساسيين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫‪ -‬المستوى المعرفي‪ :‬بحيث أن المضامين المعرفية التي يتلقاها مدرس الفلسفة‬

‫الذي ينحدر من شعبة الفلسفة العامة ليست هي المضامين عينها بالنسبة‬

‫لمدرس من شعبة علم الاجتماع‪ ،‬وهكذا بالنسبة للمدرس من شعبة علم‬

‫النفس وعلم الاجتماع؛‬

‫‪ -‬المستوى المنهجي‪ :‬بحيث أن المنظور الموجه لخلفية كل مدرس تلعب دورا‬

‫حاسما في فهمه لطبيعة الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬وكيفية تبليغه للمعارف‬

‫الفلسفية‪ ،‬ومدى ضبطه للآليات المعرفية والمضامين الفلسفية الضرور ية‬

‫التي تمكنه من بلورة فهم عميق بالنصوص الفلسفية وبسياقاتها النظر ية‬

‫ورهاناتها الفكر ية قصد تبليغها بطرق ديداكتيكية سلسة ومبسطة للفئة‬

‫المستهدفة؛‬

‫إن هذا التعدد الذي يسم خلفية مدرس الفلسفة هو ما يشكل الإطار الإشكالي‬

‫الذي ننطلق منه كمحاولة منا للاقتراب من بعض الصعوبات الأساسية التي تواجه‬

‫مدرس الفلسفة اليوم‪ ،‬هذه الصعوبات التي تنبع أولا من تعدد خلفيته الأكاديمية‪ ،‬بل‬

‫وتنافر منطلقاتها وغاياتها‪ ،‬والتي تنبع ثانيا من وضعيته كطالب في تخصصات ثلاثة لا‬

‫‪12-146‬‬
‫تربطه أية علاقة مباشرة بعالم التدريس عموما‪ ،‬وبتدر يس الفلسفة في الثانوي على وجه‬

‫الخصوص‪.‬‬

‫من أجل ملامسة هذه الصعوبات كان لابد أن نستعين بمقاربة توصيفية تحليلية‬

‫يتحدد دورها من جهة أولى في توصيف المضامين المقرر تدريسها في السلك الثانوي‬

‫التأهيلي‪ ،‬وذلك عبر الانطلاق من موجه أساس‪ ،‬وهو وثيقة التوجيهات التربو ية‪ .‬ومن‬

‫جهة ثانية يتحدد دورها في السعي إلى بيان طبيعة العلاقة التي تربط بين عنصرين اثنين‪،‬‬

‫وهما‪:‬‬

‫مقررات الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي؛‬ ‫أ‪.‬‬

‫ب‪ .‬مقررات الفلسفة في السلك الأكاديمي بشقيه الجامعي والتكويني‪.‬‬

‫بيد أن رصد طبيعة هذه العلاقة ‪ -‬كما هو معلوم ‪ -‬لا يتعدى موضع البحث في‬

‫مدى الملاءمة بين التكوين الجامعي والبيداغوجي من جهة‪ ،‬ومتطلبات التدريس من‬

‫جهة ثانية‪ .‬فمن خلال بيان طبيعة هذه العلاقة نستطيع أن نجيب عن الإشكال المركزي‬

‫الذي يوجهنا في هذه الدراسة‪ ،‬وهو مدى حصول التوافق والانسجام بين المكون‬

‫التوجيهي والمقرر الدراسي الأكاديمي؟‬

‫يعد هذا السؤال الإشكالي الخيط الناظم الذي يوجه مقاربتنا‪ ،‬بيد أنه وللجواب‬

‫عليه والعمل على تفكيك بنيتهكان لابد من تقسيمه إلى عناصر عدة‪ ،‬تساعدنا على تبين‬

‫معالمه ورصد خيوطه بشكل يراعي تداخل عناصره وتشعب خيوطه‪ .‬ولعل أهم هذه‬

‫الأسءلة التي نعتبرها مسالك أساسية للتفاعل معه يمكن تفر يغها كالآتي‪:‬‬

‫ما هي المقومات المضمونية التي يقوم عليها الدرس الفلسفي في السلك‬ ‫‪-‬‬

‫الثانوي التأهيلي؟‬

‫‪13-146‬‬
‫‪ -‬وهل يتلاءم التكوين الأكادي لطالب في شعبة الفلسفة مع متطلبات‬

‫التدريس في السلك الثانوي التأهيلي؟‬

‫‪ -‬وإلى أي حد يمكن القول إنه يمكنه من مزاولة مهنة التدريس؟‬

‫ثم ماهي الحلول والمقرحات التي يمكن أن تغطي الهوة بين التكوين‬ ‫‪-‬‬

‫والتدريس؟‬

‫هذه‪ ،‬وغيرها من الإشكالات الأساسية التي سنسعى إلى التفاعل معها تفاعلا‬

‫علميا نقديا؛ لأجل ذلك كان لابد من الاعتماد على خطة منهجية تتضمن جملة من‬

‫العناصر المحور ية‪ ،‬من بينها عوامل اختيار الموضوع وتحديد أهدافه ومساره وحدوده‪،‬‬

‫وكذا ذكر لبعض معيقاته وصعوباته التي لا يخلو أي بحث منها يعي محدودية رؤ يته‬

‫وضعف إمكاناته‪...‬‬

‫ولنبدأ مع المعطى الأول‪ ،‬فنقول‪ :‬إن اصطفاء هذه الموضوعة نابع في نظرنا من‬

‫قناعتين أساسيتين تلتحم بينهما لتشكل لحمة واحدة متماسكة‪ ،‬من جهة‪ ،‬ولتؤكد على أن‬

‫الاقدام على هذا الموضوع لم يكن وليد صدفة اعتباطية‪ ،‬وإنما عن وعي مسبق وإرادة‬

‫حرة للاشتغال بهذا الحقل‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬بحيث يمكن بسط حيثياتهما كالآتي‪:‬‬

‫‪ -‬العامل الذاتي‪ :‬يتجلى في معلمين اثنين‪ :‬الأول يتحدد بالشغف ال كبير بموضوع‬

‫التدريس‪ ،‬هذا الشغف الذي لا يقف في نظرنا عند مستوى الاعجاب‪،‬‬

‫وإنما يقفز ليتصل بأفق بحثي نخاله سيمكننا مستقبلا من بلورة أبحاث علمية‬

‫دقيقة بخصوص عالم التدريس عامة‪ ،‬وتدريس الفلسفة على وجه‬

‫الخصوص‪ .‬والثاني ينطلق من هواجسي كطالب في مسلك الفلسفة‪ ،‬يضره‬

‫النقص الحاد في تكوينه بعالم التدريس وآلياته؛‬

‫‪14-146‬‬
‫‪ -‬العامل الموضوعي‪ :‬يرتبط بخصوصية الدرس الفلسفي الذي لازال يحتاج‬

‫في نظر العديد من الباحثين إلى مراجعة وتمحيص وتطوير‪...‬إلخ‪ .‬وإلى جانب‬

‫هذه النقطة‪ ،‬فإن من بين أهم المبررات الموضوعية التي تبرر إقدامنا على‬

‫الموضوع هي الحرص على معرفة بعض الخصائص المميزة لتدريس الفلسفة‬

‫في الثانوي‪ ،‬إن على مستوى طبيعة المضامين المقررة‪ ،‬وإن على مستوى‬

‫طرق تصر يفها وتوز يعها‪ ،‬وذلك قصد تعميق المعرف بها وبيان أبعادها‪.‬‬

‫أما عن الأهداف الأساسية التي يصبو هذا البحث تحقيقها‪ ،‬فلا تتعدى العناصر‬

‫الثلاثة الآتية‪:‬‬

‫‪ -‬الوقوف على بعض الصعوبات التي تواجه أستاذ الفلسفة ذي الخلفية‬

‫المتعددة‪ ،‬قصد الوعي بها‪ ،‬من جهة أولى‪ ،‬وتبين انعكاساتها على الدرس‬

‫الفلسفي في الثانوي من جهة ثانية؛‬

‫‪ -‬اقتراح بعض الحلول التي من الممكن أن تساعد على تجاوز بين جوانب‬

‫النقص والقصور في التكوين الجامعي‪ ،‬قصد الرقي بالدرس الفلسفي في‬

‫الثانوي وتطويره؛‬

‫‪ -‬المساهمة ولو بقدر يسير جدا في بلورة نقاش جاد ومثمر حول الدرس‬

‫الفلسفي في الثانوي التأهيلي‪.‬‬

‫وفيما يخص المنهج المتبع‪ ،‬فلا شك في أن طبيعة الموضوع تفرض بشكل أو بآخر‬

‫طبيعة المنهج المتبع‪ ،‬ولأجل هذا السبب و بحكم الطابع الوصفي الذي يطغى على الدراسة‬

‫التي نود إنجازها‪ ،‬فإننا سنسير وفق المنهج الوصفي أولا‪ ،‬ثم نتبعه بالمنهج المقارن ثانيا‪،‬‬

‫لنصل إلى المنهج التحليلي في الأخير‪.‬‬

‫‪15-146‬‬
‫على ضوء ِ هذا المنهج المتبع‪ ،‬فإن هذه الدراسة تنقسم إلى فصلين أساسيين‪ ،‬ففي‬

‫الفصل الأول نعمل على رصد الخطاطة العامة للدرس الفلسفي في السلك الثانوي‪،‬‬

‫وفي الفصل الثاني نحاول أن نفكك هذه الخطاطة ونرصد معالمها وأبعادها‪.‬‬

‫إلى جانب هذا و بحكم الضرورة المنهجية التي تؤطر غالبية البحوث الأكاديمية‪،‬‬

‫فإنه يلزمنا أن نمهد لهذا البحث بالوقوف على بعض الدراسات المنصبة على دراسة واقع‬

‫الدرس الفلسفي في السياق التعليمي المغربي المعاصر؛ لأجل هذا خصص القسم الأول‬

‫لوضع مقاربة تشخيصية للدراسات السابقة حول الموضوع‪ ،‬بحيث تكمن فائدة هذه‬

‫المقاربة في معلمين أساسيين‪ ،‬وهما كالآتي‪:‬‬

‫أولا‪ :‬القدرة على ضبط عناصر الدراسات السابقة الإشكالية‪ ،‬وتحديد إطاراتها‬

‫النظر ية‪ ،‬وكذا الاقتراب من بعض رهاناتها الفكر ية؛‬

‫ثانيا‪ :‬القدرة على رصد طبيعة تطورها الأكرونولوجي التار يخي طبقا لتغير‬

‫المستجدات وتجدد المنظورات واختلاف الغايات والمقاربات التي يقترحها الدارسون‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬لابد أن نشير إلى بعض المعيقات التي واجهتنا ونحن بصدد انجاز هذه‬

‫الدراسة الأكاديمية‪ ،‬وتجدد حضورها باستمرار ونحن في غمار البحث والتنقيب‪ ،‬وعلى‬

‫رأس هذه الصعاب نجد ما يلي‪:‬‬

‫ج‪ .‬بداية التجربة؛‬

‫د‪ .‬ضيق الوقت المخصص لبحث الإجازة‪.‬‬

‫بقدرِ ما شكلت هذه الصعاب عاملا يحد من قيمة هذه الدراسة‪ ،‬بقدر ما‬

‫شكلت أيضا عامل قوة يدفعنا لمزيد من المثابرة والاجتهاد والعمل‪ ،...‬رغبة في تجاوزها‬

‫والتغلب عليها‪ .‬ولهذا نقول‪ :‬إذا كان البحث العلمي الجاد يعلمنا شيئا‪ ،‬فإنه يعلمنا أولا‬

‫‪16-146‬‬
‫وقبل كل شيء أن طر يقه شاق وأنه محفوف بالمخاطر والصعاب‪ ،‬وأن عملية التمكن‬

‫من آلياته وطرائقه هي في حقيقة الأمر نتاج سيرورة مستمرة من التكون والتطور‪.‬‬

‫فعسى أن تسعفنا هذه الدراسة ‪ -‬على أقل تقدير ‪ -‬بأن نعي حقيقة البحث العلمي‬

‫وقيمته‪.‬‬

‫‪17-146‬‬
‫الغرض من هذا القسم هو وضع مقاربة توصيفية للدراسات السابقة المنصبة على‬

‫دراسة واقع الدرس الفلسفي ‪ -‬الجامعي والثانوي ‪ -‬في السياق التعليمي المغربي‬

‫المعاصر؛‪ 1‬هذا الواقع الذي لا يخفى على المتبع لمساراته التار يخية وأوضاعه الحالية بشتى‬

‫أصنافها‪ :‬البيداغوجية والمؤسساتية‪ ،‬من ناحية‪ ،‬والمعرفية‪ ،‬من ناحية ثانية‪ ،‬حجم‬

‫التخبطات ‪ -‬إن لم نقل التناقضات ‪ -‬التي يعيشها والتي تأثر بشكل أو بآخر على مردوديته‬

‫كدرس فعال ومنتج لا غنى عنه في كل منظومة تعليمية تربو ية تنحو في اتجاه بناء‬

‫الإنسان من مختلف مناحيه ومستو ياته المتعددة‪ ،‬سواء ارتبط الأمر بتجويد ملكاته العقلية‬

‫وقدراته التحليلية والنقدية‪ ،‬أو تعلق الأمر بعلاقته الاجتماعية والنفسية‪ .‬ولقد كتب‬

‫أحد الدارسين مقدما لأحد الدارسات‪ 2‬ما يؤكد هذا المعنى‪ ،‬ذلك أن الفلسفة‬
‫من أقدر الحقول المعرفية [‪ ]...‬فائدة [‪]...‬‬

‫بالنسبة لبناء عقلية قابلة لاستيعاب الاختلاف‬

‫واحترامه‪ .‬ومن ثمة‪ ،‬صار تعليم الفلسفة مطلبا‬

‫ضرور يا في أي مجتمع يروم تأسيس قواعد‬

‫‪1‬‬
‫لقد خضع هذا البحث للتدقيق والمراجعة من طرف الأستاذ المشرف‪ :‬الدكتور يوسف العماري‪ ،‬ومن طرف‬
‫كذلك الأستاذة المناقشة‪ :‬الدكتورة بشرى عسال‪ .‬ولقد تم إضافة هذا المعطى‪ ،‬إلى جانب عدد كبير من الملاحظات‬
‫المنهجية والمعرفية (الجانب اللغوي‪ ،‬الجانب التوثيقي‪ ،‬الجانب المضموني)‪ ،‬بناء على هذه التوجيهات القي ِمة‪ .‬ولهذا‬
‫فإنني أنتهز هذه الفرصة لأشكر الأستاذين ال كريمين على عنايتهم بالبحث واحتفائهم بالمجهود المبذول فيه‪ ،‬وعلى حثهم‬
‫لي ولزملائي في الفصل على مزيد من الجهد والمثابرة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الطيب بوعزة و يوسف بن عدي‪( ،‬تنسيق)‪« ،‬في تدريس الفلسفة» (مؤسسة مؤمنون بلا حدود‪ ،‬قسم الفلسفة‬
‫والعلوم الإنسانية‪ ،‬سلسلة ملفات بحثية‪ 11 ،‬ديسمبر ‪.)2015‬‬

‫‪18-146‬‬
‫العيش المشترك‪ ،‬لتتلاقى التناقضات المجتمعية‬
‫والاقتتال‪1.‬‬ ‫وفق آليات التحاور لا التنابذ‬

‫إلا أنه وعلى الرغم من هذا الدور ال كبير الذي يضطلع به الدرس الفلسفي ضمن‬

‫النظام التعليمي المغربي‪ ،‬فإن واقع الحال يكشف أنه لا زال لم يرقى بعد إلى هذا الهدف‬

‫الأسمى المنوط به‪ ،‬لأنه وفي نظر العديد من الدارسين يعاني من آفات عدة‪ ،‬منها ما هو‬

‫مرتبط بخصوصيته كدرس‪ ،‬ومنها ما هو مرتبط بالسياق المؤسساتي والأكاديمي الذي‬

‫يحتوي هذا الأخير‪ .‬و يمكن توضيح هذين العاملين كالآتي‪:‬‬

‫‪ -‬المقتضى الداخلي‪ :‬بالنظر إلى خصوصيته كحقل معرفي يحتاج إلى تطوير‬

‫مستمر في منطلقاته المعرفية وغاياته البيداغوجية‪ .‬فبحكم هذا الطابع المتغير‬

‫الذي يتسم به الدرس الفلسفي‪ ،‬تصبح عملية مراجعة أسسه‪ ،‬وطرق‬

‫تصر يف مضامينه المعرفية‪ ،‬وآلياته البيداغوجية والديداكتيكية‪ ،‬ضرورة‬

‫ملحة‪ ،‬كما يؤكد على ذلك أحد الدارسين‪ ،‬لأجل تجويد عملية‬
‫نقل الخطاب الفلسفي النقدي العقلاني إلى‬

‫الفئات المتعلمة‪ ،‬مع الأخذ في الحسبان النمو‬

‫النفسي والذهني للمتعلم‪ ،‬بترصيف اللغة‬

‫الفلسفية ومبادئها ومرتكزاتها عن طر يق مبدأ‬


‫ال كفايات؛‪2‬‬ ‫التدرج المناسب مع منو‬

‫‪ -‬المقتضى الخارجي‪ :‬بالنظر إلى ضعف الاهتمام بهذا الحقل المعرفي داخل‬

‫الأوساط الأكاديمية المغربية‪ ،‬سواء من حيث التنظير لمنطلقاته المعرفية‬

‫بوعزة وبن عدي‪« ،‬في تدريس الفلسفة»‪.3 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪.3 ،‬‬

‫‪19-146‬‬
‫ولأسسه المنهجية‪ ،‬أو من حيث تتبع مساراته التار يخية وأوضاعه الآنية‪.‬‬

‫كتب الباحث الأكاديمي عبد الله بربزي مؤكدا هذا الضعف الذي يعاني‬

‫منه الدرس الفلسفي في المغرب‪ ،‬من حيث الاهتمام به ما نصه كالآتي‪:‬‬


‫ويمكن أن نشير إلى أن تدريس الفلسفة في‬

‫المغرب لم يحصل بعد على ما يستحقه من‬

‫الأسئلة والنظر والتفكير تشخيصا وتقييما‪،‬‬

‫وبالتالي تطويرا وتغير يا‪ ،‬من قبل الباحثين‬

‫والمنشغلين بالبحث الفلسفي بالمغرب‪ ،‬باستثناء‬


‫‪1‬‬
‫بعض المحاولات الجادة‪.‬‬

‫وفي نفس السياق أيضا كتب عز الدين الخطابي في معرض حديثه عن‬

‫المفارقات ال كبرى لتدريس الفلسفة في المغرب ما يشير إلى أن‬


‫مبادرة الفاعلين في حقلها تظل محدودة جدا‬

‫في وقتنا الحاضر‪ ،‬ونحن نقصد هنا مدرسي‬

‫هذه المادة بالمستو يين الثانوي والجامعي‬

‫والباحثين في حقل الفلسفة‪ ،‬وأيضا جمعيات‬

‫المجتمع المدني‪ ،‬وتحديدا جمعية مدرسي الفلسفة‬


‫‪2‬‬
‫والجمعية الفلسفية المغربية‪.‬‬

‫ولعل هذه الوضعية القلقة والمتبعثرة التي يعاني منها الدرس الفلسفي المغربي يمكن‬

‫‪ 1‬عبد الله بربزي‪« ،‬تدريس الفلسفة في التعليم الثانوي المغربي‪ :‬من اكراهات البدايات إلى صياغة المنهاج»‬
‫(مؤسسة مؤمنون بلا حدود‪ ،‬سلسلة ملفات بحثية‪ 11 ،‬ديسمبر ‪2015‬م)‪.14 ،‬‬
‫‪ 2‬عز الدين الخطابي‪« ،‬رهانات تدريس الفلسفة في الثانوي‪ :‬التجربتان الفرنسية والمغربية نموذجا» (مؤسسة‬
‫مؤمنون بلا حدود‪ ،‬سلسلة ملفات بحثية‪ 11 ،‬ديسمبر ‪2015‬م)‪.10-9 ،‬‬

‫‪20-146‬‬
‫تفسيرها بإرجاعها إلى خصوصية الممارسة الفلسفية ضمن المنظومة الفكر ية العربية عامة‪،‬‬

‫والمنظومة الفكر ية المغربية خاصة؛ فمن شأن التبصر في هذه الخصوصية والوعي بترسيماتها‬

‫وحدودها واكراهاتها ‪-‬كما يؤكد على ذلك الفيلسوف المغربي عبد السلام بنعبد العالي‪-‬‬

‫أن يمكننا من معرفة الأسباب العميقة التي تحول بينها وبين التجديد والتطور‬

‫والاستقلالية الفلسفية‪ .‬بحيث تجد هذه الأسباب مرتكزها الأساس حسب زعم‬

‫الأستاذ بنعبد العالي في‬


‫غياب الدرس الفلسفي في كثير من معاهدنا‬
‫التعليمية‪ ،‬وعدم مواكبة برامجنا لمستجدات‬
‫ذلك الدرس‪ ،‬فضلا عن عدم التوفر الكافي‬
‫لأمهات النصوص بلغة متيسرة‪ ،‬الأمر الذي‬
‫يحول دون ممارسة الفلسفة تفكيرا وتدر يسا‬
‫وتأليفا‪1.‬‬ ‫وربما كتابة‬

‫نستنتج ما سبق أن الدرس الفلسفي في المغرب لا زال لم يحظى بذلك الاهتمام الذي‬

‫يستحقه‪ ،‬إلا أنه هذا لا يمنع من وجود دراسات جادة اهتمت ببعض إشكالاته‬

‫النظر ية وقضاياه الديداكتيكية‪ .‬هنا نصل إلى موضع الإشكال الحقيقي؛ إذ أنه ومن‬

‫غير المعقول أن نشرع في البحث من دون أن تكون لنا خلفية منهجية واعية عما نشر‬

‫وكتب حول واقع الدرس الفلسفي؛ فلابد قبل المضي قدما في سيرورة البحث من‬

‫وقفة تشخيصية نتبين من خلالها الأبعاد النظر ية والإشكالية التي تنطوي عليها هذه‬

‫الدراسات في أفق تجديد النظر فيها وفيما قدمت من نتائج وتوصيات‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد السلام‪ ،‬بنعبد العالي‪« ،‬لماذا أكتب على نحو ما أكتب؟ أو الفلسفة‪ ،‬كتابة شذر ية»‪ ،‬ضمن الفلسفة أداة‬
‫للحوار‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬دار توبقال للنشر‪ ،‬ط‪.79 ،2011 ،1.‬‬

‫‪21-146‬‬
‫نصل الآن – كما سبق الإشارة لذلك في الفقرة السابقة – إلى موضع الإشكال‬

‫الحقيقي الذي نود أن نفحصه من خلال هذا القسم‪ ،‬هذا الإشكال المرتبط أساسا‬

‫بطبيعة الدراسات المنصبة على دراسة الدرس الفلسفي المغربي‪ ،‬من حيث بناءها‬

‫الإشكالي والنظري‪ ،‬أو من حيث تصنيفها المنهجي والأكاديمي‪.‬‬

‫وعليه تطرح الأسءلة الموجهة التالية‪:‬‬

‫‪ -‬فما هي‪ ،‬إذن‪ ،‬السمات ال كبرى المميزة للدراسات السابقة حول واقع‬

‫الدرس الفلسفي في المغرب؟‬

‫‪ -‬كيف يمكن تحديد إطارها النظري والإشكالي؟‬

‫‪ -‬ثم ماذا عن نوعية المقاربات التي تتبناها حول الدرس الفلسفي المغربي‬

‫عموما‪ ،‬والدرس الفلسفي في الثانوي خصوصا؟‬

‫لم تتخذ الدراسات السابقة ]‪ ]Previous Studies‬حول واقع الدرس الفلسفي‬

‫المغربي بشقيه الجامعي والثانوي شكلا واحدا ووحيدا؛ فقد شملت أنواعا متعددة وأنماطا‬

‫مختلفة‪ ،‬من بينها‪ :‬كتب؛ دراسات أكاديمية؛ مقالات علمية؛ حوارات وورشات ثقافية؛ ندوات‬

‫وملتقيات مؤسساتية‪ .‬كما أنها لم تتطور وفق وتيرة تار يخية موحدة‪ ،‬فقد عرفت في فترة‬

‫تار يخية مخصوصة تطورا ملحوظا‪ ،‬ل كنها سرعان ما عرفت تراجعا على الصعيدين الكمي‬

‫وال كيفي يدعو إلى الريبة والقلق! فكيف يمكن تفسير هذه الوضعية القلقة التي تتسم‬

‫بها الدراسات السابقة حول واقع الدرس الفلسفي؟‬

‫يمكن تفسير هذه الوضعية بإرجاعها إلى غياب تقاليد بحثية في الجامعات المغربية‬

‫متخصصة في سياق التدريس عموما‪ ،‬أو في تدريس الفلسفة خصوصا؛‪ 1‬ومن النتائج‬

‫‪ 1‬في هذا المنحى كتب الباحث عبد المجيد انتصار ما‬

‫‪22-146‬‬
‫المباشرة لهذا المعطى غياب التراكم المعرفي والمنهجي‪ ،‬إذ تكشف الملاحظة العينية أن‬

‫هذا الغياب يتخذ صورتين جوهريتين‪:‬‬

‫‪ -‬الأولى‪ :‬من حيث أن الموضوعات التي ينطلق منها الدارسون متباعدة‪ ،‬كما‬

‫أنها ناتجة في غالب الأحيان عن وضعيات خاصة ومحددة لا تمثل إلا‬

‫مواقف أصحابها‪ .‬ومن هنا التشتت الذي يسم توجهات الدارسين‪ ،‬من‬

‫حيث تشخيص واقع الحال الدرس الفلسفي سلبا وإيجابا‪ ،‬وكذا استشراف‬

‫آماله ومستقبله؛‬

‫‪ -‬الثانية‪ :‬من حيث التفاوت في العمق الإشكالي‪ ،‬فمن الدراسات من تركز‬

‫على التوجهات ال كبرى وتحاول فحصها ومساءلة الرهانات التي تنطوي‬

‫عليها‪ ،‬ومن الدراسات من تركز فقط على القضايا ذات الطابع الجزئي‬

‫والمحلي‪.‬‬

‫لابد‪ ،‬إذن‪ ،‬من حذر منهجي قبل الإقدام على تناول هذه الدراسات‪ ،‬وذلك‬

‫قصد ضبط سياقها‪ ،‬من جهة‪ ،‬والقدرة على التحكم في تمفصلاتها‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬ولعل‬

‫أول ما يجب أن ننطلق منه هو تحديد المنهج الذي سننتهجه ههنا‪ ،‬بحيث إذا كان‬

‫المعول من هذا القسم هو فحص الدراسات السابقة حول الموضوع‪ ،‬فإننا حتما سنسير‬

‫وفق منهج الوصف والعرض‪ ،‬مع بعض التحليل المشوب بقليل من النقد العلمي البناء‪،‬‬

‫بحيث سنقوم بعملية تشبه المسح الضوئي الشامل نستقرئ من خلالها مجمل الدراسات‬

‫المنصبة على واقع البحث في الموضوع‪ 1،‬لنبين خصوصية تناولها للموضوع‪ ،‬من حيث‬

‫سياق اندراجها والرهانات التي توجه مقاربتها‪ .‬وعلى ضوء هذه الدراسات سنحاول‬

‫‪1‬‬
‫سيصعب أن نورد في هذا القسم مجمل الدراسات المنصبة على الموضوع‪ ،‬لأجل ذلك خصصنا ملحق عام نورد‬
‫فيه مجمل ما كتب حول واقع الدرس الفلسفي المغربي‪ ،‬منذ التسعينات وإلى المرحلة الراهنة‪.‬‬

‫‪23-146‬‬
‫أن موقع بحثنا أو لنقل سنشرع له وضعيته الإشكالية وراهنية كموضوع ضمن هذه‬

‫البحوث والدراسات‪.‬‬

‫يتوقف هنا هذا الشق على أن يتم إكمال باقي مراحله في وقت لاحق بإذنه عز وجل‪.‬‬

‫نتقصد من خلال هذا الفصل الأولي المعنون ’’بالمقومات المضمونية للدرس الفلسفي‬

‫في الثانوي التأهيلي‘‘ الوقوف على الدعامات الأساسية المكونة لبنية هذا الأخير؛ هذه‬

‫الدعامات التي تتجسد في ثلاث عناصر محور ية‪ ،‬وهي كالآتي‪-1 :‬المكون النظري التوجيهي‪،‬‬

‫‪-2‬المكون الجامعي التخصصي‪-3 ،‬المكون التكويني المهني‪ .‬تشكل هذه الدعامات‪ ،‬إذن‪،‬‬

‫الإطار العام الذي سنتحرك فيه‪ ،‬غير أنه وقبل الشروع في ذلك لا بأس من التنبيه‬

‫‪24-146‬‬
‫إلى نقطتين أساسيتين‪ :‬الأولى ترتبط بطبيعة الخلفية النظر ية التي نصدر من خلالها‪،‬‬

‫وهي بلا شك خلفية وصفية تبتغي بالدرجة الأولى رسم خطاطة عامة حول لبنات‬

‫الدرس الفلسفي في الثانوي‪ .‬والثانية تتعلق بضرورة التمييز بين الفلسفة المدرسية‬

‫[‪ ]Scholastic Philosophy‬التي نتقصد تتبع ملامحها ههنا‪ ،‬وبين الفلسفة المنظور‬

‫إليها من الزاو ية التخصصية المنفتحة على الفكر الإنساني بشكل عام‪ .‬فليس المقصود‬

‫بالدرس الفلسفي في الثانوي هذا المعنى‪ ،‬وإنما المقصود على وجه التحديد تلك الفلسفة‬

‫المشروطة بمرجعيات ورهانات مؤسساتية تعليمية لها خصوصيتها بطبيعة الحال‪ ،‬وفي‬

‫الآن نفسه تربطها علاقة قو ية بباقي الوحدات الدراسية التي تنتظم وفق إطار موحد‪،‬‬

‫وهو الميثاق الوطني للتربية والتعليم‪ .‬ولعل هذا المعنى الذي نود إثباته هنا‪ ،‬هو ما عبرت‬

‫عنه صراحة وثيقة التوجيهات التربو ية لمادة الفلسفة بالقول‪:‬‬


‫تعتبر الفلسفة‪ ،‬في منهاجها‪ ،‬مادة مدرسية مع‬

‫باقي المواد الدراسية المقررة في السلك الثانوي‬

‫التأهيلي ومتكاملة معها في التكوين الفكري‬


‫‪1‬‬
‫والمنهجي والثقافي لتلاميذ هذا السلك‪.‬‬

‫يتبين بجلاء من خلال هذا النص أن نوعية الفلسفة التي تراهن عليها الوثيقة‪ ،‬وكما‬

‫يؤكد على ذلك أحد الدارسين‬


‫ليست بالمعنى الأكاديمي والعلمي الخالص؛ أي‬

‫التيارات والمدارس الفكر ية في تاريخ الفلسفة‬

‫وتفاصيلها‪ ،‬بقدر ما أنها تروم – في التعليم‬

‫‪ 1‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس‬
‫مادة الفلسفة بسلك الثانوي التأهيلي (الرباط‪ :‬مدير ية المناهج‪ ،‬نونبر ‪.3 ،)2007‬‬

‫‪25-146‬‬
‫المدرسي ‪ -‬تمكين المتعلم من بعض الخصائص‬

‫العامة للفكر الفلسفي (النقد‪ ،‬والتحليل‪،‬‬

‫والحِجاج ‪ ...‬إلخ) في قراءة بعض النصوص‬

‫الفلسفية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والسوسيو‪-‬ثقافية‪ ،‬الملائمة‬

‫للنمو العقلي الوجداني للمتعلم‪.1‬‬

‫بعد هذا التمييز المنهجي الذي كان لابد منه‪ ،‬نمر مباشرة إلى طرح العناصر‬

‫الإشكالية‪ .‬يتعلق الأمر بثلاث أسئلة جوهر ية‪ ،‬وفيما يلي بسط لهذه الأسئلة‪:‬‬

‫‪ -‬ماذا يدرِس الأستاذ(ة) في الثانوي؟‬

‫‪ -‬ماذا يدرس الطالب(ة) في الجامعة؟‬

‫‪ -‬ماذا يدرس الطالب(ة) في مركز التكوين؟‬

‫مما لا ريب فيه أن الحديث عن المرجعية النظر ية التي توجه مدرس(ة) الفلسفة‬

‫في الثانوي التأهيلي‪ ،‬مسألة تحتم على الناظِر فيها العودة بالضرورة إلى مكونين أساسيين‪،‬‬

‫وهما‪ :‬وثيقة التوجهات التربو ية‪ ،‬من ناحية أولى‪ ،‬والمقررات الدراسية‪ ،‬من ناحية ثانية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يوسف بن عدي‪« .‬رهانات تدريس الفلسفة في التعلم المدرسي‪ :‬بحث في المفارقات»‪( ،‬بوابة منهجيات‪ ،‬الموقع‬
‫الإل كتروني‪.15-02-2022 ،)https://www.manhajiyat.com/ar :‬‬

‫‪26-146‬‬
‫ذلك أنه من الصعوبة بمكان معرفة طبيعة هذه المضامين ومكوناتها الفلسفية‪ ،‬بدون‬

‫الاطلاع على الوثيقتين السابقتين‪ ،‬ولما كان الأمر كذلك‪ ،‬فإننا حتما سنسير وفق هذا‬

‫المسار الذي يتطلب أولا وقبل كل شيء التمهيد له بجملة من التساؤلات المحور ية‪ ،‬والتي‬

‫يمكن تفر يغها وفق النهج التالي‪:‬‬

‫‪ -‬ما الذي تطلعنا عليه الوثيقة الرسمية للتوجهات التربو ية لمادة الفلسفة؟‬

‫‪ -‬وما العلاقة التي تربطها بالكتاب المدرسي؟ أهي علاقة ترابط واتصال؟ أم علاقة‬

‫تقاطع وانفصال؟‬

‫‪ -‬وقبل كل هذا وذاك ماهي السمات المحددة لملمح أستاذ الفلسفة في الثانوي‬

‫التأهيلي؟‬

‫تمثل هذه الأسئلة الثلاث بؤرة الاشتغال في هذا المحور‪ ،‬الذي نبتغي من ورائها‬

‫تحديد طبيعة المضامين المعرفية التي يدرسها أستاذ(ة) الفلسفة وفقا للإطار المرجعي‬

‫الذي يحكمه‪ ،‬فمن هو أستاذ الفلسفة الذي توكل إليه مهمة التدريس؟ وماذا عن دلالة‬

‫الصفة التي تلحق به‪ ،‬وهي تدريس الفلسفة؟‬

‫يقدم لنا أحد المهتمين بتدريس الفلسفة في المغرب وصفا دقيقا لمدرس الفلسفة‪،‬‬

‫من خلال رصده لمستو يين أساسيين تتحدد بموجبهما هو ية هذا الأخير‪ ،‬الأول معياري‬

‫والثاني إ بر يقي‪ ،‬وما يهمنا – نحن ‪ -‬في هذا الصدد هو المستوى الأول‪ ،‬أي المستوى‬

‫المعياري‪ ،‬هذا المستوى الذي يضفي على هو ية مدرس الفلسفة بعدين أساسيين‪ :‬الأول‬

‫له علاقة مباشرة‬


‫بالتشر يع المدرسي (من النظام الأساسي‬

‫لموظفي وزارة التربية الوطنية إلى المذكرات‬

‫الخاصة بالمادة‪ ،)...‬وبالقوانين المنظمة للوظيفة‬

‫‪27-146‬‬
‫العمومية‪...‬كل هذه التشر يعات والقوانين لا‬

‫تنظر إلى مدرس الفلسفة كمدرس معزول عن‬


‫ككل‪1،...‬‬ ‫باقي هيئة التدريس‬

‫أما الثاني فله اتصال مباشر بالبعد الوظيفي‪ ،‬الذي يتجسد في ’’التلقين واعداد‬

‫المترشحين للامتحان والحفاظ على قواعد التربية والمواظبة وتمثل القيم التي يحددها الإطار‬

‫العام لمناهج التربية والتكوين‘‘‪ 2.‬لعل الخلاصة الجوهر ية التي نستقيها من هذا التوصيف‬

‫هو أن أستاذ الفلسفة في الثانوي له قواعد مؤسساتية تحكمه‪ ،‬وغايات بيداغوجية تؤطر‬

‫عمله‪ ،‬وبالتالي لا مبرر للنظر إليه في سياق معزول أو مبتور الأوصال عن المنظومة‬

‫التعليمية المغربيةكلل‪ ،‬وإنما وجب إدراج ملمحه المهني ضمن الإطار العام المحدد لمفهوم‬

‫مهنة التدريس بشكل عام‪ ،‬هذا الإطار الذي نجد أوضح تجلياته الجوهر ية مبثوثة في‬

‫التعر يف الذي يقدمه البيداغوجي الفرنسي ميالاري ‪ ،Mialaret‬حيث كتب يقول‪:‬‬


‫المدرس هو شخص يعمل في قسم (أو مع‬

‫جماعة) داخل مدرسة (بصفة عامة) تنتمي‬

‫إلى مؤسسة‪ .‬وهو كذلك مواطن‪ .‬فالمدرس له‬

‫أبعاده السيكولوجية المكونة لشخصيته‪،‬‬

‫والمدرس شخص داخل القسم لأنه يقوم بمهام‬

‫التدريس والتدريب والإرشاد والتنظيم‪،‬‬

‫والمدرس فرد داخل فر يق لأنه يساهم في عمل‬

‫الجماعة وينشط البحث التربوي والتجديد‪،‬‬

‫‪ 1‬رشيد العلوي‪« ،‬عن هو ية مدرس «مول» الفلسفة» (مجلة الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة‪ ،‬يونيو ‪ 2016‬فرع‬
‫الرحامنة)‪.2022.02.01 .‬‬
‫‪ 2‬العلوي‪« ،‬عن هو ية مدرس‪.»...‬‬

‫‪28-146‬‬
‫وأخيرا المدرس فرد من هيئة التعليم لأنه‬

‫ينتمي لمهنة دورها تربية المواطن ونشر‬


‫‪1‬‬
‫الثقافة‪.‬‬

‫يتبدى مما سبق أن الأدوار التي يضطلع بها مدرس الفلسفة ليست بالهينة ولا‬

‫بالبسيطة‪ ،‬فهي أدوار متعدد ومتداخلة‪ ،‬يختلط فيها الشأن التدبيري مع التعلمي مع ما‬

‫هو توجيهي تربوي‪ .‬فهي‪ ،‬إذن‪ ،‬مهمة مركبة ومعقدة يصعب محاصرتها في مهام بعينها‪،‬‬

‫ولعل هذا ما دفع أحد الدارسين إلى البحث عن الوظائف المستترة للمدرس‪ ،‬وفعلا‬

‫قاده البحث إلى ال كشف عن جملة من المهام الأساسية‪/‬المستترة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أ‪ .‬مهمة التدبير الإداري والتربوي؛‬

‫مهمة التوجيه والإعلام؛‬ ‫ب‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫مهمة التنشيط الثقافي‪.‬‬ ‫ت‪.‬‬

‫يتبين‪ ،‬إذن‪ ،‬أن هنالك مهام متعددة ملقاة على عاتق المدرس‪ ،‬الشيء الذي‬

‫يفرض بالضرورة إعادة النظر في مهنة التدريس عموما‪ ،‬قصد تحيينها وتدعيم أركانها‪،‬‬

‫من جهة‪ ،‬والعمل على تطوير فعاليتها‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬ولن يكون ذلك مجديا ما لم ننطلق‬

‫من قاعدتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ -‬القاعدة الأولى‪ :‬الوعي بالدور المحوري للمدرس وبمكانته المتميزة ضمن‬

‫منظومة التربية والتعليم‪ .‬كتب أحد الدارسين مشيرا إلى أنه وفي غياب‬
‫مدرس مؤهل أكاديميا‪ ،‬ومتدرب مهنيا يعي‬

‫دوره ال كبير والشامل‪ ،‬لا يستطيع أي نظام‬

‫‪ 1‬أورده عبد الله زروال ضمن «المدرس وأسئلة المهنة» (مجلة علوم التربية‪ ،‬العدد ‪.57 ،)61‬‬
‫‪ 2‬مصطفى المعاش‪« ،‬المدرس والأدوار المستترة» (مجلة دفاتر فلسفية‪ ،‬العدد‪ ،9-8‬يناير ‪.18-16 ،)2013‬‬

‫‪29-146‬‬
‫تعليمي الوصول إلى تحقيق الأهداف والمرامي‬
‫المنشودة‪1.‬‬

‫بل والأكثر من هذا‪ ،‬فإنه ‪-‬كما يؤكد هذا الأخير‪ -‬ومع‬


‫الانفجار المعرفي الهائل ودخول العالم عصر‬

‫العولمة‪ ،‬أصبحت هناك ضرورة ملحة إلى‬

‫مدرس يتطور باستمرار ليتماشى وروح العصر‪،‬‬

‫مدرس يلبي حاجات المتعلمين والمجتمع‬

‫المتزايدة‪ ،‬مدرس يواكب باستمرار التغييرات‬

‫والمستجدات المتلاحقة‪ ،‬ولنا في تبني بعض‬

‫الدول مفهوم خير دليل‪ ،‬إذ يصبح المدرس‬

‫فيها ’’المتعلم مدى الحياة‘‘ منتجا للمعرفة‪،‬‬


‫المهنية؛‪2‬‬ ‫ومطورا باستمرار ل كفاياته‬

‫‪ -‬القاعدة الثانية‪ :‬تتمثل في ضرورة الانخراط الآني والمباشر للمراكز الجهو ية‬

‫لمهن التربية والتكوين في سيرورة مراجعة الأدوار المنوطة بمهمة التدريس‪،‬‬

‫سواء في وجهها البارز أو في وجهها المستتر‪ .‬وذلك في مرحلتي التكوين‬


‫‪3‬‬
‫الأساس ومرحلة التكوين المستمر‪.‬‬

‫وإذا ما انصرف اهتمامنا الآن إلى الحديث عن دلالة اللفظة المركبة من‬

‫’’الفلسفة‘‘ ’’وتدريس‘‘؛ فإن أول معطى وجب الانطلاق منه في معرض تبين دلالة‬

‫‪ 1‬عبد اللطيف الفحصي‪« ،‬رفع نجاعة أداء المدرس»‪( ،‬مجلة البيداغوجي‪ ،‬العدد ‪ ،1‬أكتوبر‪.47 ،)2014 ،‬‬
‫‪ 2‬الفحصي‪« ،‬أداء المدرس»‪.47 ،‬‬
‫‪ 3‬المعاش‪« ،‬المدرس والأدوار المستترة»‪.19 ،‬‬

‫‪30-146‬‬
‫هذين المفهومين هو الإشادة بذاك التمييز المنهجي الذي حاولنا تثبيت معالمه في مقدمة‬

‫هذا الفصل‪ 1،‬هذا من ناحية‪ ،‬أما ومن ناحية أخرى‪ ،‬فلا يمكن الحديث عن تدريس‬

‫الفلسفة ما لم نستحضر مفهوم آخر يرتبط أيما ارتباط بمفهوم الفلسفة‪ ،‬ألا وهو تاريخ‬

‫الفلسفة‪ ،‬ومرد هذا الارتباط كما كشفت ذلك إحدى الدراسات يرجع إلى سبيين‬

‫رئيسيين‪ :‬فأما الأول فيتجلى أساسا في كون درس الفلسفة ينحل في نهاية المطاف إلى‬

‫«كل ما يتخذ موضوعا له ما قاله الفلاسفة سواء كانوا محدثين أو قدماء»‪ 2.‬وأما الثاني‬

‫فيكمن أساسا في أن هذه العلاقة التي تخلقها الفلسفة ‪ -‬بوصفها تفكيرا عقلانيا نقديا ‪-‬‬
‫‪3‬‬
‫مع تار يخها سواء من حيث «النقد أو الرفض أو الإغناء أو التطبيق أو القبول»‪،‬‬

‫تجعل من درس الفلسفة في السلك الثانوي خصيصا ذاك «المجال الذي يسمح لنا أن‬

‫نفكر في القضايا التي تتجسد في تاريخ الفلسفة»؛‪ 4‬غير أنه هذا التفكير لا ينظر إلى تاريخ‬

‫الفلسفة بوصفه يمثل صيرورة تار يخية من تطور الأنساق الميتافيز يقية‬

‫[‪ ]Metaphysical Systems‬كما هو الحال مع النظرة العامة التي تبناها الفيلسوف‬

‫الألماني جورج فيلهلم فريدريش هيغل حول تاريخ الفلسفة‪ 5،‬والتي تجد تطبيقا لها في‬

‫‪ 1‬أنظر‪ :‬الفصل الأول‪ :‬المقومات المضمونية‪.31-30 ،...‬‬


‫‪2‬‬
‫إدريس هواري‪ ،‬وزويتة حسن‪« ،‬الدرس الفلسفي وتاريخ الفلسفة»‪( ،‬مجلة اهتمامات تربو ية‪ :‬تصدرها أكاديمية‬
‫بني ملال‪ ،‬العدد ‪.74 ،)1996 ،4‬‬
‫‪ 3‬هواري وحسن‪« ،‬الدرس الفلسفي وتاريخ الفلسفة»‪.74 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫المرجع السابق‪.74 ،‬‬
‫‪ 5‬تنص هذه النظرة على أن كل لحظة من لحظات تاريخ الفلسفة تمثل جزء من النسق العام الذي ينحو في اتجاه بناء‬
‫الحقيقة الفلسفية‪ ،‬غير أن هذه الحقيقة «تتشكل قطعة قطعة وشذرة شذرة من خلالها [‪ ]...‬البناءات الفلسفية التي‬
‫يتضمنها تاريخ الفلسفة‪ .‬وهناك خيط رفيع يربط هذه الأنساق الفلسفية المختلفة‪ ،‬إذ أن الفلسفة وتاريخها يسيران في‬
‫اتجاهين‪ :‬اتجاه الماضي واتجاه الحاضر»‪ * .‬يرى المختصون في حقل تدريس الفلسفة أن الرهان المحوري الذي تنطوي‬
‫عليه الأطروحة الهيكلية ينحو في اتجاه مغالبة الأطروحة الكانطية القاضية بأن منطق التفلسف لا يستدعي ضرورة‬

‫‪31-146‬‬
‫مختلف الأوساط الأكاديمية المتخصصة‪ ،‬وإنما ينظر إليه انطلاقا من منظار منهاج مادة‬

‫الفلسفة‪ ،‬هذا الأخير الذي يقوم على أساس تصور منهجي يتخذ فيه الشق التربوي حصة‬

‫الأسد في مقابل ما هو معرفي تخصصي‪ .‬ويتؤكد هذا جليا من خلال القاعدة الأساس‬

‫التي تنطلق منها وثيقة التوجيهات التربو ية التي تلح على ضرورة الملائمة بين المقررات‬

‫الدراسية الثانو ية لمادة الفلسفة وبين ’’الاختيارات والتوجهات التربو ية الجديدة‬

‫[‪ 1‘‘،]...‬وعلى رأسها نجد المبادئ الثلاثة الآتية‪:‬‬

‫‪ -‬المقاربة الفلسفية للموضوعات المبرمجة‪ :‬تتمثل هذه المقاربة في سعي برنامج‬

‫الفلسفة إلى تعليم التفلسف‪ ،‬وذلك من خلال الاشتغال على تمكين المتعلم من‬

‫ثلاث قدرات أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أ‪ .‬البناء الإشكالي؛‬

‫ب‪ .‬البناء المفاهيمي؛‬


‫‪2‬‬
‫ج‪ .‬الحجاج الفلسفي؛‬

‫‪ -‬المقاربة بال كفايات‪ :‬تنبني هذه المقاربة على خلفية «سيكوبيداغوجية‬


‫‪3‬‬
‫المستمدة من علم النفس التكويني والذهني‪ ،‬ومن البيداغوجية التفاعلية»‪.‬‬

‫العودة إلى تاريخ الفلسفة‪ ،‬إذ ليس بمقدورنا تعلم الفلسفة كما مورست عبر التاريخ‪ ،‬وإنما ما بمقدورنا تعلمه هو طرائق‬
‫التفلسف باعتبارها تشكل جوهر الممارسة الفلسفية‪ .‬في مقابل هذا تقوم الأطروحة الهيكلية على اعتبار تاريخ الأفكار‬
‫الفلسفية قاعدة ضرور ية في كل ضرب من ضروب التفلسف‪ ،...‬فالحوار مع تاريخ الفلسفة حسب التصور الهيكلي‬
‫يشكل البذرة الأولى في سبيل خلق إ بداع فلسفي متميز‪ * .‬هواري وحسن‪« ،‬الدرس الفلسفي وتاريخ الفلسفة»‪،‬‬
‫‪.73‬‬
‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجيهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة‪.9 ،‬‬
‫‪ 2‬وزارة التربية‪ ،‬التوجيهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪.9 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق‪.10 ،‬‬

‫‪32-146‬‬
‫تقوم هذه المقاربة على تنمية فاعلية المتعلم وجعله أساس ومحور العملية التعليمية‪،‬‬

‫وذلك من خلال التعو يل على‬


‫جهده الخاص‪ ،‬وتعبئة طاقاته الذهنية‬
‫والوجدانية الذاتية‪ ،‬واستثمار للوسائل والموارد‬
‫التي يجب أن توضع بين يديه‪ .‬يعلق الأمر‬
‫بتكوين وتربية على الفعل الذهني والجسدي‪،‬‬
‫وعلى الاستقلال والقدرة على التصرف أما م‬
‫الآلي‬ ‫الاستدعاء‬ ‫تقبل‬ ‫لا‬ ‫وضعيات‬
‫للمكتسبات السابقة‪ .‬باختصار يتعلق الأمر‬
‫والمسؤولية‪1.‬‬ ‫بتنمية الذكاء والاختيار والمبادرة‬
‫‪ -‬التربية على القيم‪ :‬ذلك أن غاية برنامج الفلسفة هو تربية المتعلم «على القيم‬

‫المنصوص عليها في المرجعيات المعتمدة (الميثاق‪ ،‬الوثيقة الإطار)»‪ 2.‬تتمثل‬

‫هذه القيم في العناصر التالية‪:‬‬

‫أ‪ .‬القيم الدينية؛‬

‫ب‪ .‬القيم الوطنية؛‬


‫‪3‬‬
‫ج‪ .‬حقوق الإنسان والمواطنة‪.‬‬

‫‪ -‬التربية على الاختيار‪ :‬بحيث المطلوب منهاج الفلسفة الجديد من الناحية‬

‫التربو ية خاصة‪ ،‬أن ينمي لدى التلميذ مل كة الاختيار المسؤول‪ ،‬وذلك «من‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪.10 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪.11 ،‬‬
‫‪ 3‬وزارة التربية‪ ،‬التوجيهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪.11 ،‬‬

‫‪33-146‬‬
‫خلال تنمية ميولهم ومواهبهم وتحقيق ذواتهم فيما يحبونه من الأعمال‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واشراكهم في توجيه توجهاتهم التربو ية بشكل واعي وهادف»‪.‬‬

‫استنادا على هذه المرجعية المزدوجة (المفهومية والمهنية)‪ ،‬يبرز أمامنا سؤال أساسي‬

‫متعلق بالمرجعية المعرفية‪ ،‬ول كي نتمكن من الإحاطة بهذا السؤال يتحتم علينا العودة‬

‫القهقرى قليلا للوقوف على وثيقة التوجيهات التربو ية‪ ،‬هذه الوثيقة التي تعد بحق منعطفا‬

‫تار يخيا حاسما في تدريس الفلسفة في الثانوي التأهيلي‪ ،‬بفعل استفادتها واستثمارها‬

‫لمكتسبات عدة‪ ،‬ذلك أنها شكلت‬


‫مراجعة شاملة‪ ،‬وتطورا عميقا للمنهاج السابق‬

‫واستثمار لخلاصات التجربة والممارسة‬

‫الميدانية‪ .‬هذه المراجعة وجهتها على المستوى‬

‫البيداغوجي‪ ،‬التوجهات والاختيارات التربو ية‬

‫المنصوص عليها في المراجعات الوطنية‬

‫لإصلاح منظومة التربية والتكوين‪ ،‬ووجهتها‬

‫على المستوى النظري والمنهجي‪ ،‬طبيعة مادة‬

‫الفلسفة وما عرفه تدريسها‪ ،‬على المستوى‬


‫‪2‬‬
‫العالمي‪ ،‬من تطور وتجدد‪.‬‬

‫لا شك أن هذا التحول الذي تمثله هذه الوثيقة كان نتاج صيرورة تار يخية من‬

‫التطورات التي عرفها تدريس الفلسفة في الفضاء المغربي‪ ،‬والتقلبات التي مر منها منذ‬

‫‪ 1‬المرجع السابق‪.11 ،‬‬


‫‪ 2‬وزارة التربية‪ ،‬التوجيهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪.3 ،‬‬

‫‪34-146‬‬
‫عهد الاستعمار‪ ،‬مرورا ببرنامج سنة ‪1996‬م‪ ،‬ووصولا إلى التدريس بال كفايات سنة‬
‫‪1‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬

‫واضح ٌ أن السياق السوسيوتار يخي الذي تبلورت ضمنه هذه الوثيقة يحمل بين طياته‬

‫مستجدات كثيرة تحتاج إلى نقاش موسع‪ ،‬بيد أنه و بحكم المقاربة التي نبتغي تحقيقها‬

‫في هذا المحور سنضطر إلى الذهاب رأسا إلى المضامين المقرر تدريسها بغرض تفكيكها‬

‫وبيان مكوناتها‪ ،‬وتجدر الإشارة إلى أن تدريس الفلسفة في الثانوي يقوم على ثلاثة‬

‫مبادئ مفصلية‪ ،‬وهي‪-1 :‬تعليم الفلسفة‪-2 ،‬شمولية المنهاج‪-3 ،‬مبدأ التدرج‪ .‬كما أنه يشمل‬

‫خمسة مرتكزات أساسية‪ ،‬وهي‪-1 :‬اعتماد المفاهيم‪-2 ،‬اعتماد المجزوءة‪-3 ،‬الحفاظ على وحدة‬
‫‪2‬‬
‫البرنامج‪-4 ،‬الفلسفة والعلوم الدقيقة‪-5 ،‬وضعية ال كتب المدرسية‪.‬‬

‫تتوزع المقومات المضمونية التي يدرسها أستاذ(ة) الفلسفة على ثلاثة مستو يات‬

‫دراسية‪ ،‬وهي‪ :‬الجذع المشترك‪ ،‬الأولى بكالور يا‪ ،‬الثانية بكالور يا‪ .‬لكل هذه المستو يات‬

‫خلفية نظر ية مؤسسة‪ ،‬وغايات معرفية محددة‪ ،‬بحيث إذا كانت المرحلة الأولى جعلت‬

‫من طموحها التعرف على الفلسفة بوصفها حقلا معرفيا متميزا عن باقي الحقول‪ ،‬فإن‬

‫المرحلة الثانية أعلت من طموح هذا السقف إلى مستوى التمرس بالتفكير الفلسفي‪ ،‬في‬

‫حين أوصل المرحلة الأخيرة هذا الطموح إلى درجاته العليا‪ ،‬من خلال السعي إلى‬
‫‪3‬‬
‫ممارسة التفكير الفلسفي طبقا لأدواته المنهجية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الله بربزي‪« ،‬تدريس الفلسفة في التعليم الثانوي المغربي‪.16-14 ،»...‬‬


‫‪ 2‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.6-5-4 ،‬‬
‫‪ 3‬المرجع السابق‪.5 ،‬‬

‫‪35-146‬‬
‫نأت ِي الآن إلى رصد مكونات برنامج الفلسفة حسب المستو يات الدراسية‬

‫المتدرجة‪ ،‬ول كي نقوم بهذه العملية اقترحنا وسيلة الجداول المختصرة‪ 1،‬التي تساعدنا من‬

‫جهة على تحديد بنية الوحدات الدراسية ‪ -‬مفاهيمها ومحاورها – وتمكننا من جهة ثانية‬

‫من رسم خر يطة موضوعاتية شاملة حول الدرس الفلسفي في الثانوي‪.‬‬

‫ولنبدأ مع المستوى الأول‪ ،‬وهو الجذع المشترك‪...‬‬


‫احملاور‬ ‫املفاهيم‬ ‫اجملزوءات‬
‫‪-1‬إطار التفلسف‪-2 ،‬فعل التفلسف‪.‬‬ ‫‪ .1‬نشأة الفلسفة؛‬

‫‪-1‬الفلسفة اإلسالمية‪-2 ،‬الفلسفة الغربية احلديثة‪-3 ،‬‬ ‫‪ .2‬حلظات أساسية يف تطور الفلسفة؛‬
‫الفلسفة املعاصرة‪.‬‬
‫جمزوءة الفلسفة‬
‫‪-1‬الدهشة‪-2 ،‬البحث عن احلقيقة‪-3 ،‬الشك‪-4 ،‬‬ ‫‪ .3‬ملاذا التفلسف؟‬
‫العقلنة‪.‬‬

‫‪-1‬السؤال‪-2 ،‬بناء املفهوم‪،‬‬ ‫‪ .4‬معامل التفكري الفلسفي ومنط اشتغاله؛‬


‫‪-3‬التحليل والربهنة‪-4 ،‬النسقية‪-5 ،‬املنظور القيمي‪.‬‬
‫‪-1‬مظاهر الثقافة‪-2 ،‬اللغة‪-3 ،‬املؤسسات‪-4 ،‬أمناط‬ ‫‪ .1‬اإلنسان كائن ثقايف؛‬
‫العيش‪.‬‬
‫‪-1‬مفهوما الثقافة والطبيعة‪-2 ،‬االنسان منتج الثقافة‪،‬‬ ‫‪ .2‬التمييز بني الطبيعة والثقافة؛‬
‫‪-3‬الطبيعي والثقايف‪.‬‬
‫‪-1‬االنسجام مع الطبيعة‪،‬‬ ‫‪ .3‬الطبيعة موضوعا للنشاط اإلنساين؛‬ ‫جمزوءة الطبيعة والثقافة‬
‫‪-2‬املواجهة مع الطبيعة‪-3 ،‬معرفة الطبيعة‪-4 ،‬حتويل‬
‫الطبيعة‪-5 ،‬هل ينبغي احلد من التدخل‪.‬‬
‫‪-1‬تعدد الثقافات‪- 2،‬صراع الثقافات وتعايشها‪.‬‬ ‫‪ .4‬تعدد الثقافات واختالفها؛‬

‫لننتقل الآن إلى المستوى الثاني‪ ،‬وهو الأولى باكالور يا الذي تتمفصل مضامينه المعرفية‬

‫وفق الشاكلة التالية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫اعتمدنا في هذه الجداول على التوصيف الحرفي الموجود في وثيقة التوجيهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس‬
‫الفلسفة بسك التعليم الثانوي التأهيلي‪ ،‬من الصفحة‪ 19 :‬إلى ‪.37‬‬

‫‪36-146‬‬
‫احملاور‬ ‫املفاهيم‬ ‫اجملزوءات‬
‫‪-1‬اإلدراك احلسي والشعور‪-2 ،‬مظاهر‬ ‫‪ .1‬الوعي والالوعي؛‬
‫الوعي‪-3 ،‬األيديولوجيا والوهم‬
‫‪-1‬ماهية اللغة‪-2 ،‬اللغة والفكر‪-3 ،‬اللغة‬ ‫‪ .2‬اللغة؛‬
‫والسلطة‪.‬‬ ‫جمزوءة اإلنسان‬
‫‪-1‬أسس االجتماع البشري‪-2 ،‬اجملتمع‬ ‫‪ .3‬اجملتمع؛‬
‫والفرد‪-3 ،‬اجملتمع والسلطة‪.‬‬
‫‪-1‬الرغبة واحلاجة‪-2 ،‬الرغبة والسعادة‪،‬‬ ‫‪ .4‬الرغبة؛‬
‫‪-3‬الرغبة واإلرادة‪.‬‬
‫‪-1‬التقنية والعلم‪-2 ،‬التقنية والطبيعة‪،‬‬ ‫‪ .1‬التقنية؛‬
‫‪-3‬تطور التقنية‪.‬‬
‫‪-1‬الشغل خاصية إنسانية‪-2 ،‬تقسيم العمل‪،‬‬ ‫‪ .2‬الشغل؛‬
‫‪-3‬الشغل بني احلرية واالستالب‪.‬‬ ‫جمزوءة الفاعلية واالبداع‬
‫‪-1‬ظاهرة التبادل‪-2 ،‬تبادل اخلريات‪،‬‬ ‫‪ .3‬التبادل؛‬
‫التبادل الرمزي‪.‬‬
‫‪-1‬ماهية الفن‪-2 ،‬احلكم اجلمايل‪ ،‬الفن‬ ‫‪ .4‬الفن؛‬
‫والواقع‪.‬‬

‫ولنمر مباشرة إلى المستوى الأخير‪ ،‬وهو الثانية باكالور يا‪ ،‬ل كن وقبل أن نكشف‬

‫عن البنية المضمونية لهذا الأخير‪ ،‬ننوه إلى مسألة ضرور ية‪ ،‬وهي أن برنامج الفلسفة‬

‫لمستوى الثانية باكالور يا قد حرص على تناول جل الموضوعات الفلسفية وفق رؤ ية‬

‫تكاملية شمولية ‪ 1‬تعبر عن مختلف أبعاد الوجود الإنساني‪ .‬ولنترك الجدول الآتي يكشف‬

‫لنا عن هذه الموضوعات بشكل هرمي تسلسلي ‪...‬‬


‫احملاور‬ ‫املفاهيم‬ ‫اجملزوءات‬
‫‪-1‬الشخص واهلوية‪-2 ،‬الشخص بوصف‬ ‫‪ .1‬الشخص؛‬
‫قيمة‪-3 ،‬الشخص بني الضرورة واحلتمية‪.‬‬
‫‪-1‬وجود الغري‪-2 ،‬معرفة الغري‪-3 ،‬العالقة‬ ‫‪ .2‬الغري؛‬
‫جمزوءة الوضع البشري‬
‫مع الغري‪.‬‬

‫‪1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.30 ،‬‬

‫‪37-146‬‬
‫‪-1‬املعرفة التارخيية‪-2 ،‬التاريخ وفكرة التقدم‪،‬‬ ‫‪ .3‬التاريخ؛‬
‫‪-3‬دور اإلنسان يف التاريخ‪.‬‬
‫‪-1‬التجربة والتجريب‪-2 ،‬العقالنية العلمية‪،‬‬ ‫‪ .1‬النظرية والتجربة؛‬
‫‪-3‬معايري علمية النظرايت العلمية‪.‬‬
‫‪-1‬مشكلة موضعة الظاهرة العلمية‪،‬‬ ‫‪ .2‬مسألة العلمية يف العلوم اإلنسانية؛‬
‫‪-2‬التفسري والفهم يف العلوم اإلنسانية‪،‬‬ ‫جمزوءة املعرفة‬
‫‪-3‬منوذجية العلوم التجريبية‪.‬‬
‫‪-1‬احلقيقة والرأي‪-2 ،‬معايري احلقيقة‪-3 ،‬‬ ‫‪ .3‬احلقيقة؛‬
‫احلقيقة بوصفها قيمة‪.‬‬
‫‪-1‬مشروعية الدولة وغايتها‪-2 ،‬طبيعة‬ ‫‪ .1‬الدولة؛‬
‫السلطة السياسية‪-3 ،‬الدولة بني احلق‬
‫والقانون‪.‬‬
‫‪-1‬أشكال العنف‪-2 ،‬العنف يف التاريخ‪،‬‬ ‫‪ .2‬العنف؛‬ ‫جمزوءة السياسة‬
‫‪-3‬العنف واملشروعية‪.‬‬
‫‪-1‬احلق بني الطبيعي والوضعي‪-2 ،‬العدالة‬ ‫‪ .3‬احلق والعدالة؛‬
‫كأساس للحق‪-3 ،‬العدالة بني املساواة‬
‫واإلنصاف‪.‬‬
‫‪-1‬الواجب واإلكراه‪-2 ،‬الوعي األخالقي‪،‬‬ ‫‪ .1‬الواجب؛‬
‫‪-3‬الواجب واجملتمع‪.‬‬
‫عن‬ ‫‪-2‬البحث‬ ‫السعادة‪،‬‬ ‫‪-1‬متثالت‬ ‫‪ .2‬السعادة؛‬
‫جمزوءة األخالق‬
‫السعادة‪-3 ،‬السعادة والواجب‪.‬‬
‫‪-1‬احلرية واحلتمية‪-2 ،‬احلرية واإلرادة‪،‬‬ ‫‪ .3‬احلرية؛‬
‫‪-3‬احلرية والقانون‪.‬‬

‫تعتبر هذه المضامين الخلفية المنهجية النظر ية التي توجه مهمة أستاذ الفلسفة داخل‬

‫الفصل الدراسي‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬فإنه لا يمكن أن تصور الدرس الفلسفي في الثانوي‬

‫بدون استحضار حيثيات هذه الوثيقة التوجيهية‪.‬‬

‫غير أنه بعد التمهل قليلا يبرز أمامنا إشكال مهم يتعلق أساسا بمكانة الكتاب‬

‫المدرسي ضمن هذه الوثيقة‪ ،‬ل كي نحاول الاقتراب من هذا الإشكال نشير بداية إلى أن‬

‫الوثيقة قد أقامت فصلا منهجيا بين العنصرين‪ ،‬ذلك أن ’’[‪ ]...‬المنهاج هو وحده الإطار‬

‫‪38-146‬‬
‫الملزم وطنيا [‪ 1.‘‘]...‬أما الكتاب المدرسي ’’فللأساتذة ولأستاذ المادة حر ية التصرف‬

‫فيه‪ ،‬وفقا لأهداف المادة وال كفايات المراد تنميتها لدى المتعلم‘‘‪ 2.‬بين‪ ،‬إذن‪ ،‬أن طبيعة‬

‫العلاقة التي تربط بين المكونين علاقة تكاملية تواصلية‪ ،‬ذلك أن الوثيقة تمد المدرس‬

‫بالإطار النظري (الموضوعات‪ ،‬الإشكالات‪ ،‬ال كفايات)‪ ،‬في حين يعمل الكتاب المدرسي‬

‫بما هو آلية بيداغوجية أساسية على بلورة تلك‬


‫التعليمي‬ ‫للنظام‬ ‫التربو ية‬ ‫التوجهات‬

‫والاختيارات البيداغوجية المؤسسة للبرامج‪،‬‬

‫ويمكن من تجسيدها وأجرأتها‪ .‬بل أكثر من‬

‫ذلك‪ ،‬فهو الذي يعكس مستوى جودة النظام‬

‫التربوي‪ .‬وأخيرا‪ ،‬فإن الكتاب المدرسي هو‬

‫الدعامة الديداكتيكية التي تهيكل مواصفات‬


‫الغد‪3.‬‬ ‫مواطن‬

‫ل كي نؤكد على هذه العلاقة الترابطية بين العنصرين‪ ،‬سنعمل على استحضار‬

‫مقومين أساسين‪ :‬الأول نستمده مما تمدنا به مقدمات ال كتب المدرسية‪ ،‬والثاني نعتمد‬

‫فيه على بعض الخلاصات التي خرجنا بها من خلال المقارنة بين ال كتب المدرسية‬

‫والوثيقة التوجيهية‪.‬‬

‫لا شك أن الكتاب المدرسي‪ ،‬وكما يؤكد على ذلك أحد الدارسين‬


‫يحتل الكتاب المدرسي مكانة أساسية في‬

‫سيرورة العملية التعليمية التعلمية بالنسبة‬

‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.7 ،‬‬
‫‪ 2‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.7 ،‬‬
‫‪3‬‬
‫العماري‪« ،‬أسئلة أولية حول تقويم الكتاب المدرسي»‪ ،‬مرجع مذكور‪.20 ،‬‬

‫‪39-146‬‬
‫للأستاذ والتلميذ على حد سواء‪ ،‬خاصة إذا‬

‫تذكرنا أن غيره من الوسائط التي تستخدم في‬

‫السياق التربوي لم تترسخ بعد‪ ،‬على الأقل في‬


‫‪1‬‬
‫سياقنا التربوي المغربي‪.‬‬

‫ذلك أنه ‪-‬وكما سبقت الإشارة – يشكل الجسر الذي تمر من خلاله المشار يع التربو ية‪،‬‬

‫ولعل هذا المقصد هو ما تعبر عنه مقدمات ال كتب المدرسية صراحة‪ ،‬بحيث يكشف‬

‫لنا الاضطلاع على كتاب في رحاب الفلسفة‪ ،‬خاصة منه الجزء المتعلق بمستوى الثانية‬

‫باكالور يا‪ ،‬أنه ’’يشكل [‪ ]...‬استمرار ية العمل بمنهاج مادة الفلسفة بالتعليم الثانوي‬

‫التأهيلي‘‘‪ 2.‬وإلى جانب هذا الإقرار نجد أيضا أن كتاب مباهج الفلسفة‪ ،‬يسير في هذا‬

‫المنحى‪ ،‬حيث يؤكد مؤلفوه أنهم سيحرصون على ’’تفعيل الاختيارات والتوجهات‬

‫الرسمية المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين‘‘‪ 3.‬تدفعنا هذه المعطيات‬

‫إلى ضرورة الاعتراف بوجود ترابط تام بين المكون التوجيهي والكتاب المدرسي‪ ،‬بيد‬

‫أنه ول كي نعمق هذا التأكيد نستحضر بعض مخرجات المقارنة بين ال كتب المدرسية‬

‫بأصنافها الثلاث‪ 4 ،‬من جهة أولى‪ ،‬والوثيقة التوجيهية‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬وفيما يلي بسط‬

‫لهذه المخرجات‪ ،‬من خلال مستو يين اثنين‪ ،‬وهما كالآتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫المرجع السابق‪.1 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬في رحاب الفلسفة‪ :‬السنة الثانية من سلك الباكالور يا (الدار البيضاء‪،‬‬
‫الدار العالمية للكتاب‪ ،‬ط‪.3 ،)2018 ،1.‬‬
‫‪3‬‬
‫الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬مباهج الفلسفة‪ :‬السنة الثانية من سلك الباكالور يا (الدار البيضاء‪ :‬افر يقيا‬
‫الشرق‪ ،‬ط‪.3 ،)2007 ،1.‬‬
‫‪ 4‬أقصد المستو يات الدراسية‪ ،‬وهي‪ :‬الجذع المشترك‪ ،‬والأولى باك‪ ،‬والثانية باك‪ ،‬وفي الآن نفسه ال كتب المدرسية‪،‬‬
‫وهي‪ :‬في رحاب الفلسفة‪ ،‬وفي منار الفلسفة‪ ،‬ومباهج الفلسفة‪.‬‬

‫‪40-146‬‬
‫أ‪ .‬على مستوى حر ية التصرف‪ :‬بحيث تم تفعيل هذا المبدأ في كل ال كتب المدرسية‬

‫بدرجات متفاوتة‪ ،‬ولعل أوضح تجليات هذا التفعيل نجدها في المستوى الأول‪ ،‬الذي‬

‫يت سم بوجود عناصر عدة‪ ،‬منها‪ :‬الاختلاف مع الوثيقة في ترتيب بعض العناصر‬

‫الإشكالية؛ الاختلاف من حيث صياغة تراكيب بعض المحاور والاشكالات؛‬


‫أخرى‪...‬إلخ؛‪1‬‬ ‫الاقتصار فقط على بعض الِ خيارات المضمونية دون‬

‫ب‪ .‬على مستوى الالتزام الحرفي بالمضامين‪ :‬بحيث نجد أوضح تجليات هذا‬

‫المبدأ مفعلة في المستوى الثالث من تدريس الفلسفة في الثانوي‪ ،‬ذلك أن‬

‫المقارنة بين ما هو مبثوث في ال كتب المدرسية‪ ،‬وما هو مسطر في الوثيقة‬

‫التوجيهية‪ ،‬لا تدع أي مجال للشك للإقرار بعدم وجود التطابق الحرفي على‬

‫المستوى المضموني‪ ،‬بين ال كتب المدرسية والوثيقة التوجيهية‪.‬‬

‫إجمالا‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن خلفية مدرس الفلسفة في الثانوي التأهيلي تتسم بتماسك‬

‫داخلي إلى حد كبير‪ ،‬كما أنها استطاعت أن توفق بين التشبث بالمبادئ والأسس‪ ،‬التي‬

‫تضعها الوثيقة التوجيهية كلبنات صلبة لبنائها المعرفي‪ ،‬من جهة أولى‪ ،‬وبين الانفتاح‬

‫والمرونة والتعدية‪ ،‬المتمثلة في اختلاف مشارب الكتاب المدرسي وتعدد مناحي اشتغاله‬

‫وأنماط تصر يفه للتوصيات المنصوص عليها في الوثيقة التوجيهية‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬وهذا‬

‫ل واعي من طرف واضعي الوثيقة‬


‫إن دل على شيء‪ ،‬فإنما يدل على أن هنالك تمث ٌ‬

‫التوجيهية للروح الفلسفية النقدية‪.‬‬

‫‪ 1‬نستحضر هنا على وجه التحديد كتاب «في منار الفلسفة» وغيره من ال كتب الأخرى‪ ،‬بحيث إذا كانت الوثيقة‬
‫على سبيل المثال لا للحصر تتحدث عن أربع مقومات للتفكير الفلسفي‪ ،‬فإن المقرر الدراسي يحصرها في عنصرين‪،‬‬
‫وهما‪ :‬الدهشة والشك‪.‬‬

‫‪41-146‬‬
‫غني عن البيان القول بأن تدريس الفلسفة في المحطة الجامعية المغربية‬

‫[‪ ]Moroccan University‬قد عرف تقلبات ومنعرجات شتى ضمن مساره‬

‫التار يخي الطو يل؛ هذا المسار الذي اتسم في نظر العديد من الدارسين‪ 1‬بتحولات كبرى‪،‬‬

‫لا على المستوى الكمي‪ ،‬ولا على المستوى ال كيفي‪ ،‬ولعل أهم هذه التحولات يمكن‬

‫رصدها كالآتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬المستوى التأسيسي‪ :‬هذا المستوى الذي ارتبط بشكل مباشر بتأسيس‬

‫الجامعة المغربية منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي‪ ،‬بحيث يمكن رصد‬

‫‪1‬‬
‫نستحضر هنا على سبيل المثال ما قرره كل من‪ :‬عز الدين الخطابي‪ ،‬عبد المجيد انتصار‪ ،‬محمد الشيخ‪ ،‬كمال عبد‬
‫اللطيف‪ ،‬رشيد العلوي‪ ،‬وغيرهم‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪42-146‬‬
‫الخطوط العر يضة لهذا التأسيس ومراحله ال كبرى بالاعتماد على التصنيف‬

‫الذي يمدنا به الأستاذ كمال عبد اللطيف‪ 1،‬والذي يشمل أربع عقود‬

‫أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪-‬العقد الأول‪ :‬يمتد منذ سنة ‪ ،1956‬إلى سنة ‪ ،1970‬ويتميز‬

‫بإرساء التقاليد الأولى على يد زمرة من الأساتذة‪ ،‬وبوجود نظام‬


‫‪2‬‬
‫الشهادات التي يتلقاها الطالب في السنوات الدراسية؛‬

‫‪-‬العقد الثاني‪ :‬يمتد من سنة ‪ ،1973‬إلى سنة ‪ ،1974‬و يتميز‬

‫بحذف القسم الفرنسي والقيام بتعريب تام للدرس الفلسفي الجامعي؛‬

‫‪-‬العقد الثالث‪ :‬يمتد من سنة ‪ ،1980‬إلى سنة ‪ ،1990‬ويتميز‬

‫باسدال الستار عن الدرس الفلسفي الجامعي بحكم سياقات تار يخية‬


‫‪3‬‬
‫وسياسية مخصوصة؛‬

‫‪-‬العقد الرابع‪ :‬يبدأ من أواخر التسعينيات‪ ،‬وبداية الألفية الأولى‬

‫من القرن ‪ ،20‬ويتميز بعودة الفلسفة إلى فضاءات الكلية المغربية بشكل‬

‫تدر يجي‪.‬‬

‫المستوى التجديدي‪ :‬هذا المستوى الذي نجد مكوناته ال كبرى مبثوثة في دراسة‬

‫محكمة للباحث المغربي المقتدر محمد الشيخ من خلال مقالة له بعنوان‪« :‬تدريس‬

‫‪1‬‬
‫عبد المجيد انتصار‪ ،‬وصالح هاشم‪« ،‬الدرس الفلسفي في المغرب» حوار مع كمال عبد اللطيف (مجلة فكر ونقد‪،‬‬
‫العدد ‪ ،54‬الرباط يونيو ‪2003‬م)‪.1 ،‬‬
‫‪ 2‬لعل أبرز هؤلاء المساهمين هو الفيلسوف المغربي محمد عزيز لحبابي رحمه الله‪ ،‬الذي ولد سنة ‪ ،1922‬ومات سنة‬
‫‪.1993‬‬

‫‪43-146‬‬
‫الفلسفة في الكليات المغربية‪ :‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في الدار‬

‫البيضاء نموذجا»‪ 1،‬فمن خلال هذه الوثيقة نتمكن من رصد الملامح ال كبرى‬

‫للتجديد في الدرس الفلسفي الجامعي من خلال العناصر الآتية‪:‬‬

‫‪-‬الملمح الأول‪ :‬بحيث أضحت الفلسفة تدرس بوصفها مادة تكميلية‬

‫للشعب العلمية على وجه التحديد؛‬

‫‪-‬الملمح الثاني‪ :‬بحيث تم استحداث شعبة الفلسفة وعلم النفس وعلم‬

‫الاجتماع في جل الكليات المغربية (مراكش‪ ،‬مكناس‪ ،‬قنيطرة‪ ،‬فاس‪،‬‬

‫تطوان‪ ،‬الجديدة‪...‬إلخ)؛‬

‫‪-‬الملمح الثالث‪ :‬فك الارتباط الكلاسيكي بين الفلسفة والعلوم‬

‫الإنسانية (علم النفس وعلم الاجتماع)‪ ،‬بحيث أضحى كل تخصص من‬

‫هذه التخصصات شعبة قائمة بذاتها‪ ،‬مع الاحتفاظ بطبيعة الحال ببعض‬

‫القواسم المشتركة بينها؛‬

‫‪-‬الملمح الرابع‪ :‬تمثل في مساهمة بعض الأساتذة في وضع البرامج‬

‫الخاصة والمقررات المعتمدة وطنيا في تدريس الفلسفة‪ ،‬هذه المساهمة‬

‫التي تمت في جو تسوده نوع من الاستقلالية من الرقابة المؤسساتية‪.‬‬

‫لعل هذه الملامح الأربعة تفيدنا في تسجيل ملاحظتين أساسيتين‪ ،‬الأولى تكمن‬

‫في أن تدريس الفلسفة في الجامعة المغربية ‪ -‬وكما سجل ذلك بحق محمد الشيخ ‪ -‬قد‬

‫عرف تحولا مفصليا في مساره‪ ،‬ذلك أن هذه الملامح شكلت ‪ -‬في نظره ‪ -‬وجها بارزا‬

‫من‬

‫‪ 1‬محمد الشيخ‪« ،‬تدريس الفلسفة في الكليات المغربية‪ :‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء نموذجا»‬
‫(مجلة تبين‪ ،‬العدد ‪ ،2‬خر يف ‪.)2012‬‬

‫‪44-146‬‬
‫وجوه التغيير الهيكلي الذي مس تدريس‬

‫الفلسفة في الجامعة المغربية‪ ،‬وكان ثانيا وجها‬

‫هيكليا‪ ،‬تمثل هذه المرة في فك الارتباط‬

‫الكلاسيكي بين كل من الفلسفة وعلوم‬

‫الاجتماع وعلم النفس؛ [‪ .]...‬أما اليوم فقد‬

‫صار لكل هذه التخصصات شعبته الخاصة‪.‬‬

‫وذلك على ما كان يلاحظه بعض أهل‬

‫الاجتماع والنفس من هيمنة الفلسفة‪ ،‬ومن‬

‫تنافر بين التخصصات‪ .]...[ ،‬على أن هذا‬

‫الانفصال ما كان انفصالا مطلقا وإنما انفصال‬


‫‪1‬‬
‫نسبيا [‪.]...‬‬

‫أما الثانية فإنها تدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة المضامين المعرفية التي يتلقاها طالب‬

‫الفلسفة في الفضاء الجامعي‪ .‬غير أنه وقبل التطرق إلى هذه المضامين لابد من طرح‬

‫جملة من التساؤلات المحور ية‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬ماهي المكونات المضمونية التي يتلقاها الطالب المنضوي تحت لواء شعبة الفلسفة؟‬

‫‪ -‬ماهي القواسم المشترك بين المسالك الثلاث لطالب في شعبة الفلسفة وعلم النفس‬

‫وعلم الاجتماع؟‬

‫‪ -‬ثم ماذا عن الأهداف ال كبرى التي يتأسس عليها الدرس الفلسفي الجامعي؟‬

‫جواب على هذه التساؤلات ‪-‬السالفة الذكر‪ -‬يتحتم علينا العودة إلى توصيفات‬
‫لل ِ‬

‫الوحدات المقرر تدرسيها في شعبة الفلسفة‪ ،‬هذه التوصيفات التي نجدها في المواقع‬

‫‪ 1‬الشيخ‪« ،‬تدريس الفلسفة في الكليات المغربية»‪.246-247 ،‬‬

‫‪45-146‬‬
‫الرسمية ‪ 1‬لمختلف كليات الآداب والعلوم الإنسانية بالمغرب‪ ،‬وسنختار على وجه التحديد‬

‫أربعة نماذج أساسية نستنبط منها هذه الوحدات‪ ،‬وهي على التوالي‪( :‬كلية الآداب والعلوم‬

‫الإنسانية بتطوان التابعة لجامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس التابعة‬

‫لجامعة مولاي إسماعيل‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط التابعة لجامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬

‫الآداب والعلوم الإنسانية القنيطرة التابعة لجامعة ابن طفيل)‪ .‬فما الذي تطلعنا عليه هذه‬

‫الكليات؟‬

‫يكشف لنا الاطلاع على المواصفات التنظيمية وجود تباين على مستو يين اثنين‪:‬‬

‫الأول فيما يخص تسمية الشعب‪ ،‬فتارة نجد تسمية «شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم‬

‫النفس»‪ ،‬وتارة أخرى نجد تسمية كل مسلك بشعبة قائمة الأركان من قبيل «شعبة‬

‫الفلسفة» أو «شعبة علم الاجتماع»‪ .‬أما الثاني فيرتبط بالحضور المتفاوت للمسالك‬

‫الثلاثة‪ ،‬بحيث باستثناء كلية القنيطرة والرباط اللتين تحضر فيهما جل المسالك‪ ،‬فإن‬

‫باقي الكليات يحضر فيها مسلكا الفلسفة وعلم الاجتماع في غياب تام لمسلك علم النفس!‬

‫غير أنه و بخلاف هذا التباين‪ ،‬فإن هنالك قواسم مشتركة بينهما لا يمكن نكرانها‪ ،‬وتتجلى‬

‫أساسا في بعدين أساسيين‪ ،‬وهما كالآتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬القاعدة المشتركة‪ :‬وذلك على اعتبار أن الفصل الأول من جميع المسالك أو‬

‫الشعب يعتبر بمثابة جذع مشترك على مستوى المواد المقررة‪ .‬وإلى جانب‬

‫هذا هنالك قاعدة أخرى مشتركة‪ ،‬وهي الوحدات المقررة بدءا من الفصل‬

‫الثاني‪ ،‬وصولا إلى الفصل الرابع بالنسبة لكل مسلك على حدة‪.‬‬

‫‪ 1‬الموجودة على شبكة الانترنيت‪ ،‬وهي‪/ https://www.flsh.umi.ac.ma / //http://www.flsht.ac.ma :‬‬


‫‪.2022.02.04 Error! Hyperlink reference not valid. / http://www.flshr.ac.ma/ar‬‬

‫‪46-146‬‬
‫ب‪ .‬الأهداف الموحدة‪ :‬خاصة على المستوى المهني التي تؤهل الطالب للولوج‬

‫إلى مهنة تدريس الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي بشقيه العمومي‬

‫والخصوصي على حد سواء‪.‬‬

‫بعد هذه اللمحة العامة حول مسارات الدرس الفلسفي الجامعي في المغرب‪ ،‬ننتقل‬

‫إلى رصد الأطر العامة لهذا الدرس‪ ،‬وذلك بالاعتماد على نفس آلية المحور الأول‪،‬‬

‫وهي الجداول المختصرة‪ ،‬ولنبدأ مع مسلك أو شعبة الفلسفة التي تتكون مضامينها‬

‫الدراسية من العناصر التالية‪:‬‬


‫الوحدات املقررة‬ ‫الفصول الدراسية‬
‫‪-1‬مبادئ التفكري الفلسفي‪-2 ،‬مفاهيم ونصوص فلسفية‪-3 ،‬أسس علم االجتماع‪-4 ،‬ميادين وتيارات‬
‫علم االجتماع‪-5 ،‬أسس علم النفس‪-6 ،‬ميادين وتيارات علم النفس‪-7 ،‬اللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫الفصل األول‬
‫‪-1‬امليتافيزيقا‪-2 ،‬الكومسولوجيا القدمية‪-3 ،‬الفلسفة وأمناط التعبري‪-4 ،‬العلم الطبيعي‪-5 ،‬املنطق‬ ‫الفصل الثاين‬
‫وآليات االستدالل‪-6 ،‬اللغة الفرنسية‪.‬‬
‫‪-1‬الفلسفة الغربية يف العصر الوسيط‪-2 ،‬الفلسفة يف العامل العريب اإلسالمي‪-3 ،‬علم الكالم‪-4 ،‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫التصوف‪-5 ،‬العلوم عند العرب‪-6 ،‬مقارابت فلسفية لنشأة الدين‪.‬‬
‫‪-1‬الفلسفة احلديثة‪-2 ،‬املنطق املعاصر‪-3 ،‬نشأة العلم احلديث‪-4 ،‬اجلماليات‪-5 ،‬فلسفة األنوار‪-6 ،‬‬
‫الفلسفة السياسية‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪-1‬منهجية البحث اجلامعي‪-2 ،‬الفلسفة والتواصل‪-3 ،‬العدالة السياسية‪-4 ،‬أخالقيات التواصل‪-5 ،‬‬
‫اإلصالح والتحديث‪-6 ،‬فلسفة احلق‪.‬‬ ‫الفصل اخلامس‬
‫‪-1‬األيديولوجيا‪-2 ،‬التيارات التأويلية‪-3 ،‬نقد امليتافيزيقا‪-4 ،‬الفلسفة الوضعية والتحليلية‪-5 ،‬فلسفة‬
‫التاريخ‪ ،‬مدخل إىل الفكر املغريب املعاصر‪.‬‬
‫‪-1‬فلسفة الدين‪-2 ،‬حوارات ثقافية‪-3 ،‬مشروع هناية البحث‪-4 ،‬فلسفة الرتبية‪-5 ،‬الفاعل االجتماعي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-6‬الدولة واجملتمع‪.‬‬ ‫الفصل السادس‬
‫‪-1‬فلسفة احلق‪-2 ،‬فلسفة األخالق‪-3 ،‬إشكاالت يف الفكر املغريب املعاصر‪-4 ،‬االبستمولوجيا‪-5 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫املشروع املؤطر‪.‬‬

‫‪ 1‬المقرر الدراسي لمسلك الفلسفة كلية الآداب والعلوم الإنسانية ‪-‬تطوان‪ -‬جامعة عبد المالك السعدي‪.‬‬
‫‪ 2‬المقرر الدراسي لمسلك الفلسفة كلية الآداب والعلوم الانسانية ‪-‬مكناس‪ -‬جامعة مولاي إسماعيل‪.‬‬

‫‪47-146‬‬
‫ولنمر الآن مباشرة إلى مسلك علم الاجتماع‪ ،‬هذا الأخير الذي تتحدد معالم مضامينه‬

‫المعرفية طبقا للطر يقة الموالية‪:‬‬


‫الوحدات املقررة‬ ‫الفصول الدراسية‬
‫‪-1‬مبادئ التفكري الفلسفي‪-2 ،‬مفاهيم ونصوص فلسفية‪-3 ،‬أسس علم االجتماع‪-4 ،‬ميادين‬ ‫الفصل األول‬
‫وتيارات علم االجتماع‪-5 ،‬أسس علم النفس‪-6 ،‬ميادين وتيارات علم النفس‪-7 ،‬اللغة الفرنسية‪.‬‬
‫‪-1‬النظرايت السوسيولوجيا املعاصرة‪-2 ،‬املؤسسات االجتماعية‪-3 ،‬علم النفس االجتماعي‪-4 ،‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫سوسيولوجيا التنظيمات‪-5 ،‬الدميوغرفية‪-6 ،‬املؤسسات السياسية‪-7 ،‬اللغة الفرنسية‪.‬‬
‫‪-1‬املناهج الكمية‪-2 ،‬املناهج الكيفية‪-3 ،‬سوسيولوجيا األداين‪-4 ،‬األنثروبولوجيا السياسية‬ ‫الفصل الثالث‬
‫والثقافيةـ‪-5 ،‬اإلحصاء‪-6 ،‬سوسيولوجيا الثقافة‪.‬‬
‫‪-1‬علم االجتماع القروي‪-2 ،‬علم االجتماع احلضري‪-3 ،‬سوسيولوجيا الفقر واهلشاشة‪-4 ،‬‬ ‫الفصل الرابع‬
‫سوسيولوجيا الرتبية‪-5 ،‬مدخل إىل االقتصاد‪-6 ،‬اليبءة والتنمية‪.‬‬
‫‪-1‬سوسيولوجيا الصحة‪-2 ،‬التحليل وقراءة النص‪-3 ،‬سوسيولوجيا التنمية‪-4 ،‬تطبيق منهجي‬
‫وإحصاءي‪-5 ،‬الثقافات الريفية والعربية‪-6 ،‬التحضر يف املدينة واهلياكل احلضرية‪ :‬دراسات منوذجية‪.‬‬ ‫الفصل اخلامس‬
‫‪-1‬احلكامة احمللية‪-2 ،‬احلركات االجتماعية‪-3 ،‬ابستمولوجيا السوسيولوجيا‪-4 ،‬سوسيولوجيا‬
‫اهلجرات‪-5 ،‬اجلنس واجملتمع‪-6 ،‬سوسيولوجيا التغري االجتماعي والتنمية‪.‬‬
‫‪-1‬التنمية احمللية وإدارة األراضي‪-2 ،‬هنج اجلنس‪-3 ،‬اهلجرة واالدماج االجتماعي‪-4 ،‬سوسيولوجيا‬
‫‪1‬‬
‫اجملتمع املغريب‪-5 ،‬مشروع هناية الدراسة‪-6 ،‬إقامة املشروع البحثي‪.‬‬ ‫الفصل السادس‬
‫‪-1‬سوسيولوجيا النوع‪-2 ،‬احلكامة والتدبري‪-3 ،‬دينامية اجملتمع‪-4 ،‬األنثروبولوجيا احلضرية‪-5 ،‬دينامية‬
‫‪2‬‬
‫اهلجرات‪-6 ،‬مشروع مؤطر‪.‬‬

‫ولنعرج الآن على المقومات المضمونية لمسلك علم النفس الذي يتشكل برنامجه‬

‫الدراسي من الترسيمة التالية‪:‬‬


‫الوحدات املقررة‬ ‫الفصول الدراسية‬

‫‪ 1‬المقرر الدراسي بشعبة علم الاجتماع كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬قنيطرة‪ -‬جامعة ابن طفيل‪.‬‬
‫‪ 2‬المقرر الدراسي بمسلك علم الاجتماع شعبة الفلسفة كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬مكناس‪ -‬مولاي اسماعيل‪.‬‬

‫‪48-146‬‬
‫‪-1‬مبادئ التفكري الفلسفي‪-2 ،‬مفاهيم ونصوص فلسفية‪-3 ،‬أسس علم االجتماع‪-4 ،‬ميادين‬
‫وتيارات علم االجتماع‪-5 ،‬أسس علم النفس‪-6 ،‬ميادين وتيارات علم النفس‪-7 ،‬اللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫الفصل األول‬
‫‪-1‬طرق التجريب والبحث يف علم النفس‪-2 ،‬علم النفس االجتماعي‪-3 ،‬علم النفس التنموي ومراحل‬
‫احلياة‪-4 ،‬علم النفس املعريف‪-5 ،‬التيارات الرئيسية يف علم النفس‪-6 ،‬علم النفس السريري واملرضي‪.‬‬ ‫الفصل الثاين‬
‫‪-1‬االضطراابت النفسية‪-2 ،‬املعريف والوجداين‪-3 ،‬علم النفس الفيسيولوجي‪-4 ،‬العالقات‬ ‫الفصل الثالث‬
‫االجتماعية‪-5 ،‬اختيارات االشتغال املعريف‪-6 ،‬النمو والتعلم‪.‬‬
‫‪-1‬سيكولوجيا األعصاب والذهن‪-2 ،‬التفاعل وبناء اهلوية‪-3 ،‬التفاعل وبناء اهلوية‪-4 ،‬األنشطة‬ ‫الفصل الرابع‬
‫العقلية والوظائف املعرفية‪-5 ،‬اإلحصاء ومعاجلة البياانت‪-6 ،‬اختبارات تشخيصية‪.‬‬
‫‪-1‬علم النفس العصيب‪-2 ،‬علم النفس النمائي املعريف‪-3 ،‬املقارابت املعرفية‪ ،‬تطبيقات إحصائية‬ ‫الفصل اخلامس‬
‫‪1‬‬
‫سيكولوجية‪ ،‬تداريب وحبوث‪.‬‬
‫‪-1‬االحنراف والسلوك اجلماعي‪-2 ،‬األسس النظرية والعملية لطريقة علم النفس اإلكلينيكي‪-3 ،‬التقييم‬
‫‪2‬‬
‫النفسي ودراسة احلالة‪-4 ،‬األساليب العالجية‪-5 ،‬تدريب عملي‪-6 ،‬مشروع هناية الدراسة‪.‬‬ ‫الفصل السادس‬

‫ومما تقدم نخلص إلى القول‪ :‬بأن المسار الأكاديمي لطالب(ة) في شعبة الفلسفة‬

‫لا يتخذ شكلا واحدا ووحيدا‪ ،‬بل يتعدد ليشمل ثلاثة مكونات أساسية تشترك فيما‬

‫بينها في القاعدة الأساس‪ ،‬ل كنها تختلف من حيث زاو ية التخصص‪ ،‬وما تقتضيه هذه‬

‫الأخيرة من مراعاة المتطلبات المعرفية والمنهجية المتعلقة بكل مسلك على حدة‪ .‬ويبقى‬

‫السؤال المقلق مفتوحا إلى أن يأتي أوانه‪ ،‬وهو مدى ملاءمة هذه المرجعيات المضمونية‬

‫للدرس الفلسفي في السلك الثانوي التأهيلي؟‬

‫‪ 1‬المقرر الدراسي بشعبة علم النفس كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬قنيطرة‪ -‬ابن طفيل‪.‬‬
‫‪ 2‬المقرر الدراسي بشعبة علم الاجتماع كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬الرباط‪ -‬محمد الخامس‪.‬‬

‫‪49-146‬‬
‫يحتل التكوين المهني [‪ ]Professional Formation‬لمدرس الفلسفة في السلك‬

‫الثانوي التأهيلي مكانة متميزة ضمن مساره الدراسي العام؛ ذلك أنه يعمل على إمداده‬

‫بمؤهلات مهنية لا غنى عنها في الممارسة التعليمية التعلمية المدرسية‪ ،‬هذه المؤهلات‬

‫التي لا تتخذ – بطبيعة الحال – نمطا واحدا ووحيدا‪ ،‬بل تشمل جل المكونات المهنية‬

‫المتعارف عليها في مهنة التدريس عموما‪ ،‬وهي‪ :‬البيداغوجية‪ ،‬والديداكتيكية‪ ،‬والمعرفية‪.‬‬

‫وبغرض الاقتراب ما أمكن من هذه المكونات‪ ،‬خاصة على المستوى المعرفي‬

‫المضموني‪ ،‬سنعمل على تسليط الضوء عليها لبيان عناصرها ومكوناتها الداخلية‪ ،‬ل كن‬

‫بعد التمهيد لذلك بجملة من التساؤلات الجوهر ية‪ ،‬بحيث يمكن تفر يغ أهمها كالآتي‪:‬‬

‫‪50-146‬‬
‫‪ -‬ما هو الرهان المحوري الذي ينطوي عليه تكوين مدرس(ة) الفلسفة في المراكز‬
‫‪1‬‬
‫الجهو ية للتربية والتكوين؟‬

‫‪ -‬ما طبيعة المقررات الدراسية التي يتلقاها الطالب في هذه المرحلة؟‬

‫‪ -‬وماذا عن الدور المركزي الذي تضطلع به مراكز التربية والتكوين في تأهيل أستاذ‬

‫الفلسفة؟‬

‫لعل من المفيد جدا‪ ،‬ونحن نسعى للإجابة على هذه الإشكالات أعلاه‪ ،‬أن نقدم‬

‫تمييزا منهجيا لمفهوم التكوين عن باقي المفاهيم الأخرى من مثل‪ :‬التربية والتعليم على وجه‬

‫التحديد‪ ،‬ذلك أن مفهوم التكوين ينطوي على معنى محدد في ذاته‪ ،‬هذا المعنى الذي‬

‫يشير إلى ’’ردود الفعل‪ ،‬وبالتالي فتعر يف التكوين يقتضي إدخال مفاهيم‪ :‬التغير‪ ،‬التطوير‬

‫أو الاندماج‘‘‪ 2.‬وعلى النقيض من هذا ينطوي مفهوم التعليم على ’’نوع من التخزين‬

‫والاستهلاك‪ ،‬وبالتالي قد يكون أداة للتمذهب والتوحيد ‪ 3.‘‘ uniformization‬يجعلنا‬

‫هذا التحديد نقر ب أن التكوين لا يدعو إلى نوع من الركود والثبات والاستقرار‪ ،‬بل‬

‫العكس تماما‪ ،‬إذ المقصد الذي ينبني عليه ينحو في اتجاه التجديد والمواكبة والاستمرار‪،‬‬

‫ولعل هذا القصد الذي ندافع عنه ههنا يجد تفعيلا له في الوثيقة الإطار‪ ،‬بحيث يتبين‬

‫من خلالها أن هنالك تمفصلا قو يا جدا بين التكوين المهني من جهة‪ ،‬والتكوين المستمر‬

‫‪ 1‬لقد تم إحداث هذه المراكز في إطار «تفعيل المرسوم رقم ‪ 2.11.672‬الصادر في ‪ 27‬محرم ‪1433‬ه (‪ 23‬ديسمبر‬
‫‪ ) 2011‬المتعلق بإحداث المراكز الجهو ية لمهن التربية والتكوين وتنظمها؛ من أجل بناء عدة متكاملة لتأهيل أطر‬
‫هيئة التدريس وفق المستجدات التي ترتكز على تمثيل الهندسة التربو ية والبيداغوجية الجديدة لمنظومة التربية والتكوين‬
‫وتفعيلها» الوثيقة الإطار»‪ .‬وزارة التربية‪ ،‬الوثيقة الإطار‪ :‬عدة تكوين الأساتذة‪.5 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫عزيز لزرق‪« ،‬الدرس الفلسفي في الثانوي‪ :‬قراءة في الاحراجات الخفية لتكوين الفلسفي»‪( ،‬فكر ونقد‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،48‬أبر يل ‪.56 ،)2002‬‬
‫‪ 3‬لزرق‪« ،‬قراءة في الاحراجات الخفية للتكوين الفلسفي»‪.56 ،‬‬

‫‪51-146‬‬
‫والذاتي‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬على اعتبار أن عملية التكوين ليس الغرض منها هو الانغلاق‬

‫والانحصار في دوائر ضيقة‪ ،‬ول كنها عملية تتسم بدينامية مستمرة قصد الوصول إلى‬
‫‪1‬‬
‫الهدف المنشود‪ ،‬وهو بلا شك تحقيق جودة التعليم وفاعليته‪.‬‬

‫يقودنا هذا التميز المنهجي إلى التساؤل عن المحددات الأساسية لمفهوم التكوين‪،‬‬

‫هذا السؤال الذي نجد جوابا شافيا له في العناصر الخمسة التي يقترحها الباحث عزيز‬

‫لزرق‪ ،‬حيث اعتبر أن التكوين يقوم على سلسلة من العلاقات والترابطات التي تحدد‬

‫كيانه الداخلي‪ ،‬هذه العلاقات التي تكمن في العناصر التالية‪ :‬المدرس‪ ،‬والبرنامج الدراسي‪،‬‬

‫والكتاب المدرسي‪ ،‬والمؤطر التربوي‪ ،‬ومركز التكوين‪ 2.‬وما يهمنا من هذه المكونات على وجه‬

‫التخصيص هو البرنامج الدراسي الذي نود ال كشف عن حيثياته الأساسية‪ .‬وقبل‬

‫عرض هذه الحيثيات لابد من الإشارة إلى نقطتين أساسيتين‪ :‬الأولى ترتبط بالأهمية‬

‫القصوى التي يكتسيها التكوين المهني‪ ،‬هذا الأخير الذي أضحى اليوم قاعدة ملحة‬

‫وضرور ية لكل‬
‫مقبل على تدريس الفلسفة‪ ،‬نظرا لخطورة‬

‫المهمة وجسامتها‪ ،‬لأن الشهادات الجامعية‬

‫وحدها لا تسمح بممارسة التدريس بكل‬

‫أنواعه وفي كل المستو يات‪ .‬فلا بد من تكوين‬

‫تربوي وديداكتيكي يكسب المدرس مؤهلات‬

‫‪ 1‬لزرق‪« ،‬قراءة في الاحراجات الخفية للتكوين الفلسفي»‪ ،‬مرجع مذكور‪.14 ،‬‬


‫‪ 2‬وزارة التربية‪ ،‬الوثيقة الإطار‪ :‬عدة تكوين الأساتذة‪.14 ،‬‬

‫‪52-146‬‬
‫ومهارات للقيام بهذه المهمة باعتبارها ممارسة‬
‫‪1‬‬
‫مهنية واعية وسليمة‪.‬‬

‫أما النقطة الثانية‪ ،‬فتتعلق أساسا بالمكانة المحور ية التي تحتلها مراكز التربية والتكوين‪،‬‬

‫هذه المكانة التي عبرت عنها بكل وضوح الوثيقة الإطار في الشق المتعلق بالتمفصل بين‬

‫التكوين الأساس والتأهيل والتكوين المستمر‪ ،‬حيث ورد فيها ما نصه كالآتي‪:‬‬
‫يمر الأستاذ(ة) خلال مساره المهني من خلال‬

‫ثلاث محطات أساسية‪:‬‬

‫‪ -‬الجامعة أو المعهد العالي‪ :‬حيث يتلقى تكوينا‬

‫أساسيا‪ ،‬يستجيب لمتطلبات النظام التربوي‬

‫التي تتحدد في المواصفات المحددة في ملمح‬

‫ولوج المراكز الجهو ية [‪.]...‬‬

‫‪ -‬المراكز الجهو ية لمهن التربية والتكوين‪ :‬حلقة‬

‫وصل بين الجامعات والمؤسسات التعليمية‪ ،‬إذ‬

‫تعمل على توفير ظروف الولوج للمعارف‬

‫النظر ية والتجريبية الضرور ية لممارسة «مهنة‬

‫التدريس»‪.‬‬

‫‪ -‬المؤسسة التعليمية‪ :‬وتعتبر مجالا في تطوير‬

‫مستمر‪ ،‬من حيث بنيته‪ ،‬وتجهيزاته‪ ،‬ورواده‪،‬‬

‫ووسائله وأساليب عمله ‪ ...‬مما يستدعي‬

‫مراجعة التكوين الأساس والمهني‪ ،‬من جهة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫وسيمة البقالي‪ ،‬بحث لنيل شهادة الإجازة‪ :‬مدى ملاءمة التكوين الجامعي مع الدرس الفلسفي (كلية الآداب‬
‫والعلوم الإنسانية ‪-‬تطوان‪ -‬التابعة لجامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس‪ :‬مسلك‬
‫الفلسفة‪.31 ،)2019 ،‬‬

‫‪53-146‬‬
‫واصطحاب الأستاذ (ة) للتكيف مع‬
‫‪1‬‬
‫تطورات المؤسسة التعليمية‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬

‫يتأسس البرنامج الدراسي التكويني على ثلاث مجزوءات رئيسية‪ 2،‬الأولى‬

‫أساسية‪ ،‬والثانية داعمة‪ ،‬أما الثالثة فهي تكميلية‪ ،‬وتهدف هذه المجزوءات الثلاث إلى‬

‫تمكين الطالب(ة) من خمس كفايات تعليمية‪ ،‬وهي‪ :‬كفاية التدبير‪ ،‬وكفاية التخطيط‪،‬‬

‫وكفاية التقويم‪ ،‬وكفاية المعالجة‪ ،‬وكفاية دعم التخصص‪ 3.‬هذه هي ال كفايات المهنية‬

‫التي يتلقاها الأساتذة المتدربون في مراكز التكوين عموما‪ ،‬غير أنه يتم احترام الطابع‬

‫التخصصي لكل مسلك‪ .‬وبناء على ما سبق يحق لنا التساؤل عن الوحدات المعرفية التي‬

‫يتلقاها طالب في «شعبة الفلسفة» على وجه التحديد؟‬

‫للمراكز‬ ‫‪4‬‬
‫للإجابة على هذا السؤال يكون لزاما علينا العودة إلى المواقع الرسمية‬

‫الجهو ية التي تدرس فيها شعبة الفلسفة‪ ،‬وفي حدود اطلاعنا البسيط تبين لنا أن تخصص‬

‫الفلسفة [‪ ]Major in Philosophy‬يدرس في كل من المركز الجهوي للتربية‬

‫والتكوين المتواجد في مدينتي‪ :‬القنيطرة والرباط ومكناس‪ ،‬وسنقتصر فقط على النموذج‬

‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬الوثيقة الإطار‪ :‬عدة تكوين الأساتذة‪.15 ،‬‬


‫‪ 2‬لقد تم إعداد هذه المجزوءات «وفق منطق التكامل مع باقي المجزوءات المقررة في المادة وأخد بعين الاعتبار‬
‫للمستجدات التي لحقت برامجها في أفق تكوين مدرس الفلسفة ملم بالتوجيهات التربو ية الرسمية ومطلع على‬
‫المستجدات الديداكتيكية وقادر على استثمارها ممارسته التعليمية الفلسفية»‪ .‬وزارة التربية الوطنية‪ ،‬مسلك تأهيل‬
‫أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي‪ ،‬منهج الفلسفة‪ ،‬الوحدة المركز ية لتكوين الأطر‪( ،‬الرباط‪ ،‬مدير ية المناهج‪،)2012 ،‬‬
‫‪.140‬‬
‫‪ 3‬وزارة التربية‪ ،‬الوثيقة الإطار‪ :‬عدة تكوين الأساتذة‪ ،‬مرجع مذكور‪.17 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫نكتفي فقط بالموقع الرسمي للمركز الجهوي للتربية والتكوين‪ :‬الرباط ‪-‬سلا‪ -‬فرع قنيطرة‪ ،‬وهو كالآتي‪:‬‬
‫‪2022.02.04./https://crmefrabat-alirfane.org‬‬

‫‪54-146‬‬
‫الأول‪ ،‬بحيث تكشف لنا الجدولة الزمنية‪ 1‬للحصص على أن المضامين المقررة تتكون‬

‫من العناصر الآتية‪ ،‬هذه العناصر التي سنعبر عنها بتقنية الجداول المختصرة‪.‬‬
‫الوحدات املقررة‬
‫‪-1‬وحدة الدعم (‪-2 ،)1‬وحدة التشريع‪.‬‬

‫‪-3‬وحدة التقومي‪-4 ،‬احلياة املدرسية‪.‬‬ ‫األسدوس األول‬


‫‪-5‬وحدة التخطيط‪-6 ،‬وحدة الدعم (‪.)2‬‬

‫‪-7‬وحدة التدبري‪-8 ،‬وحدة ‪.TICE‬‬

‫‪-1‬وحدة التقومي‪-2 ،‬وحدة التشريع واحلياة املدرسية‪.‬‬

‫‪-3‬وحدة اإلنتاج الديداكتيكي‪-4 ،‬وحدة التدبري‪.‬‬ ‫األسدوس الثاين‬


‫‪-5‬وحدة دعم التكوين األساس (‪-6 ،)3‬وحدة دعم التكوين‬
‫األساس (‪.)4‬‬
‫‪-7‬وحدة الديداكتيك‪-8 ،‬وحدة حتليل اخلطاب‪.‬‬

‫يلفت نظرنا هذا الجدول أعلاه إلى تسجيل ملاحظة مركز ية مفادها أن الوحدات‬

‫الدراسية المقررة في مراكز التكوين تنقسم إلى نسب مئو ية محددة؛ يحتل فيها دعم‬

‫التكوين الأساس نسبة ‪ ،20%‬في حين تتوزع ‪ 40%‬على مواد ديداكتيك التخصص‪،‬‬

‫و‪ 40%‬على مواد بيداغوجية‪ .‬ولا غرابة في أن يحتل دعم التكوين الأساس هذه‬

‫النسبة‪ ،‬إذ أنه ‪-‬وكما سبقت الإشارة‪ -‬فإن مراكز التكوين تبني برنامجها الدراسي اعتمادا‬

‫على التكوين الأساسي للطالب الذي يفترض أنه قد حصل فيه الحد الأدنى من‬

‫المعارف التي تخول له ممارسة التدريس‪ ،‬لتأتي فيما بعد هذه الأخيرة لا ل كي تنطلق‬

‫‪1‬‬
‫الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين‪ :‬جهة الرباط ‪-‬سلا‪ -‬فرع قنيطرة‪،‬‬
‫استعمالات الزمن الأسدوس ‪1‬و‪ ،2‬مسلك تكوين أستاذات وأساتذة التعليم الثانوي للموسم الجامعي‪-2020 :‬‬
‫‪ 2012‬و‪.2022-2020‬‬

‫‪55-146‬‬
‫من الصفر‪ ،‬ول كن فقط لتعميق هذه المعارف وتشذيبها وتطويرها‪ .‬وليس هذا فقط‪،‬‬

‫بل إن الرهان الجوهري الذي يقوم عليه التكوين في هذه المراكز هو الانتقال‬

‫بالطالب(ة) من مستوى تلقي المعرفة الأكاديمية العلمية واستوعابها‪ ،‬إلى مستوى كيفية‬

‫إنتاج المعرفة المدرسية بطرق بيداغوجية وديداكتيكية علمية‪ ،‬وتمريرها إلى المتعلم من‬

‫خلال الفصول الدراسية‪ .‬وعليه‪ ،‬يمكن القول إن الإطار الجامع بين الوحدات الدراسية‬

‫في مراكز التكوين هو أنها ذات صبغة مهنية عملية أكثر منها صبغة تخصصية معرفية‪.‬‬

‫يجدر بنا ونحن ننهي هذا الفصل الأولي التنبيه إلى مسألة ضرور ية‪ ،‬تتحدد من جهة‬

‫أولى في أن المقصد الأساسي من الفصل هو محاولة رسم صورة كلية عن المقومات‬

‫المضمونية للدرس الفلسفي في الثانوي التأهيلي‪ ،‬وقد استلزم تحقيق هذا المطلب ‪-‬كما‬

‫هو معلوم ‪ -‬السير وفق منهج وصفي نتتبع من خلاله الخطوط العر يضة لهذا الأخير‪.‬‬

‫أما من جهة ثانية‪ ،‬فلابد أن ننوه بالقيمة العلمية التي يمنحنا إياها هذا الفصل‪ ،‬ذلك‬

‫أنه على الرغم من كونه يشكل فقط «وصفا سطحيا‪ ،‬إلا أنه من دون شك سيفتح‬

‫أمامنا آفاقا واعدة للتفكر والتحليل نظرا لما يمدنا به من معطيات علمية دقيقة‪ .‬وبهذا‬

‫المعنى إذن لا يحق لنا أن نعتبر المنهج الوصفي‪ ]Descriptive Method[ 1‬خال من‬

‫‪ 1‬يعرفه معجم مصطلحات المناهج وطرق التدريس كالآتي‪« :‬منهج بحث علمي‪ ،‬في العلوم الإنسانية‪ ،‬يصف الظاهرة‬
‫المدروسة‪ ،‬كما عي في واقعها الراهن‪ ،‬وصفا دقيقا‪ ،‬بعد جمع المعطيات الكافية عنها‪ ،‬عبر واحدة أو أكثر من أدوات‬

‫‪56-146‬‬
‫أي جدوى‪ 1،‬كما يعتبره البعض‪ ،‬بل إنه يشكل القاعدة الأساس ‪-‬بدون مبالغة‪ -‬في‬

‫كل مقاربة تبتغي الاقتراب من الصرامة المنهجية ومن الدقة الموضوعية‪ .‬فكيف‪ ،‬إذن‪،‬‬

‫يمكن استثمار هذه المعطيات الوصفية في استشكال مفارقات الدرس الفلسفي في‬

‫الثانوي التأهيلي‪ ،‬خاصة على مستوى الشروخ الموجودة بين الوثيقة التوجيهية والمقررات‬

‫الدراسية الجامعية؟‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫متعددة‪( :‬المقابلة والملاحظة والاستبانة وجمع الروائز)‪ ،‬يقدم لها وصفا كميا أو نوعيا»‪* .‬مؤلف جماعي‪ ،‬معجم‬
‫مصطلحات ومناهج طرق التدريس‪ ،‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪ ،‬ط‪.95 ،2011 ،1.‬‬
‫‪ 1‬لقد دافع أستاذنا عبد الرحيم تمحري دفاعا مستميتا عن المنهج الوصفي في كتابه‪« :‬منهجية البحث الجامعي‪ :‬لطلبة‬
‫الاجازة والماستر والدكتوراه» * ردا على من يعتبره مجرد تقنية خالية من المعنى‪ ،‬بل العكس تمام‪ ،‬إذ يعتبر أن‬
‫المنهج الوصفي هو القاعدة الأساس التي تبنى عليها المعارف العلمية بشتى أنواعها‪ :‬فز يائية وطبية وسيكولوجية‪،...‬‬
‫يقول في هذا الصدد ما نصه كالآتي‪« :‬مهما يقال عن البحوث التي تستعمل المنهج الوصفي [‪ ]...‬من أنها أولية أو‬
‫سطحية؛ إلا أن التاريخ والتجربة أثبتتا أن هذه البحوث هي التي وراء تقدم العلم [‪ .]...‬كل واحد في مجاله [‪]...‬‬
‫الواقع الاجتماعي‪ ،‬الواقع التربوي‪ ،‬الواقع المهني [‪ ]...‬وذلك لهذه الاعتبارات على الأقل‪- :‬أن المنطق العلمي أنه‬
‫يفترض قبل التصدي لمشكلات أي بحث [‪ ]...‬لابد من حصول على معلومات دقيقة وكافية عن المشكلة [‪]...‬‬
‫‪-‬أن الوصف لا ينبغي فهمه خطأ‪ ،‬مجرد معلومات سطحية [‪ ،]...‬إنما ينطلق من منهجية واضحة على أساس نظر ية‬
‫وتحديد مشكلة البحث بدقة [‪ * .»]...‬عبد الرحيم تمحري‪ ،‬منهجية البحث الجامعي‪ :‬لطلبة الإجازة والماستر‬
‫والدكتوراه (تطوان‪ :‬مطبعة تطوان‪ ،‬ط‪.112-111 ،)2019 ،1.‬‬

‫‪57-146‬‬
‫يروم هذا الفصل استشكال طبيعة العلاقة التي تربط بين المكون النظري‬

‫التوجيهي‪ ،‬من جهة أولى‪ ،‬و بين المكون الجامعي التخصصي‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬تستمد‬

‫هذه العلاقة شرعيتها الإشكالية من وجهين أساسيين‪ ،‬يتمثل الأول في كون كلا‬

‫العنصرين لا يستحضران في منطلقاتهما البيداغوجية‪ ،‬أي إشارة مرجعية إلى حجم‬

‫‪58-146‬‬
‫ل بأن‬
‫ق بين هذين المكونين من عدمه‪ .‬ولعل غياب هذه الإشارة المرجعية كفي ٌ‬
‫التعال ِ ِ‬

‫يجعل المرء يطرح أكثر من تساؤل‪ ،...‬إذ كيف يعقل أن يقبل الأساتذة على تدريس‬

‫مقررات فلسفية مدرسية بدون أن تكون لهم خلفية معرفية واعية ومتكاملة عن مدى‬

‫ملاءمة تكوينهم الجامعي لطبيعة هذه المقررات‪ .‬أما بالنسبة للوجه الثاني‪ ،‬فإنه يتحدد‬

‫أساسا في كون المقارنة الموضوعاتية بين ما هو مسطر في الوثيقة التوجيهية‪ ،‬وما هو‬

‫موجود في المقررات الدراسية الجامعية‪ ،‬تقود الناظر فيها حتما إلى استخلاص جملة‬

‫من النتائج المحور ية‪ :‬منها ضرورة الاعتراف بأن هنالك شروخا بينة أحيانا‪ ،‬ومضمرة في‬

‫أحايين أخرى‪ ،‬بين المكونين‪ .‬هذه الشروخ تستدعي من المتأمل فيها وقفة متأنية قصد‬
‫‪1‬‬
‫تبين ملامحها وانعكاساتها على فاعلية الدرس الفلسفي في السلك الثانوي‪.‬‬

‫استنادا على هاذين المبررين‪ ،‬إذن‪ ،‬سنقدم على تقصي ملامح هذه العلاقة‬

‫الإشكالية التي تجمع بين العنصرين‪ ،‬بيد أنه ولتحقيق هذا المطلب‪ ،‬وجب السير وفق‬

‫مسارين متواز يين ومتقاطعين في الآن نفسه‪ ،‬وهما‪-1 :‬المسار المقارن التحليلي‪ :‬الذي‬

‫نعمد فيه إلى وضع مقابلة مباشرة بين طبيعة المضامين المقررة في كلا المكونين‪ ،‬قصد‬

‫الخلوص إلى نتائج محكمة‪ ،‬ومن ثمة تفكيكها وتحليلها‪-2 .‬المسار العملي التشاركي‪ :‬نعمل‬

‫فيه على استحضار بعض مواقف الفاعلين المباشرين في هذا المجال‪ ،‬وهم بلا شك فئة‬

‫مدرسي الفلسفة‪ ،‬الذين تجمعهم مهنة التدريس‪ ،‬ل كن ما يفرقهم هو تعدد مشاربهم‬

‫التكوينية‪ ،‬هذه المشارب التي سينصب اهتمامنا الرئيس عليها في هذا الفصل‪ .‬وذلك‬

‫‪ 1‬بحيث سنخصص المحور الأول لطالب(ة) ذي التكوين الفلسفي‪ ،‬أما المحور الثاني فسنخصصه لطالب ذي التكوين‬
‫السوسيولوجي‪ ،‬في حين يختص المحور الثالث والأخير من هذا الفصل بطالب(ة) ذي التكوين السيكولوجي‪ .‬وهكذا‬
‫نكون قد حاولنا تغطية الخلفيات الثلاث التي يصدر منها أستاذ الفلسفة اليوم‪ .‬غير أنه وجب التنبيه إلى أن هنالك‬
‫خلفيات أخرى يأتي منها أستاذ الفلسفة‪ ،‬وهي خلفيات ذات طابع مؤسساتي صرف‪ ،‬وتحتاج إلى دراسة مستقلة‬
‫بذاتها‪.‬‬

‫‪59-146‬‬
‫عبر الاستناد على موجه أساس‪ ،‬وهو استطلاع الرأي في موضوع مدى تطابق التكوين‬

‫الجامعي مع الوثيقة التوجيهية التربو ية‪ 1.‬هذا الاستطلاع الذي سيقودنا إلى الاقتراب‬

‫ما أمكن من بعض الصعوبات والاحراجات الخفية التي يعاني منها اليوم مدرس‬

‫الفلسفة في السلك الثانوي‪.‬‬

‫‪ -‬فهل يمتلك الطالب(ة) في «شعبة الفلسفة» الحد الضروري من المعارف‬

‫الفلسفية التي تمكنه من نقل معرفته الفلسفية الأكاديمية من كونها معرفة عالمة‪ ،‬إلى‬

‫كونها معرفة قابلة للتدريس؟‬

‫‪ -‬وهل هنالك شروخ بينة أو مضمرة فعلا‪ ،‬بين المكون الجامعي التخصصي‪،‬‬

‫والمكون التوجيهي النظري؟‬

‫‪ -‬وماذا عن موقف مدرسي الفلسفة في السلك الثانوي من هذه الإشكالية (تجلياتها‬

‫وانعكاساتها وسبل تجاوزها)؟‬

‫‪1‬‬
‫إن المقصد الأساس من تسمية هذه الورقة «باستطلاع الرأي» هو محاولة الابتعاد ما أمكن من الوسيلة العلمية‬
‫التي تستخدم عادة في هذه الموضوعات‪ ،‬والتي تعرف في الأدبيات العلمية المتخصصة «بالاستمارة» و «تقنية تحليل‬
‫المضمون»‪ ،‬هذه الاستمارة التي تحتاج إلى ضبط منهجي على مستو يات عدة‪- :‬أولا أن يكون المقبل على توظيفها‬
‫مكونا تكوينا أكاديميا دقيقا في علم الاجتماع على وجه التحديد؛ ‪-‬ثانيا لابد من اختيار عينة المبحوثين بدقة متناهية‪،‬‬
‫الشيء الذي يعني أن الأسئلة يجب أن تكون مبنية بشكل منهجي دقيق؛ ‪-‬ثالثا يجب أن توزع على شر يحة كبيرة من‬
‫الفئة المستهدفة‪ ،‬ولعل هذا المطلب يستحيل تحقيقه؛ إذ رغم الجهود التي بذلت لم نستطع أن نحصل إلا على عدد‬
‫قليل جدا من الإجابات؛ ‪-‬رابعا اكراه ضيق الوقت المخصص لبحث الإجازة؛ كل هذه المعطيات تجعلنا نعترف‬
‫بأن لا سبيل لتوظيف الاستمارة بمعناها العلمي الدقيق‪ ،‬وإنما فقط هنالك محاولة بسيطة بدائية إن جاز هذا القول‪،‬‬
‫بغرض استجلاب بعض آراء السادة الأساتذة في الإشكالية المطروحة لا أقل ولا أكثر‪.‬‬

‫‪60-146‬‬
‫لئن كان الطالب(ة) في شعبة الفلسفة العامة أكثر اقترابا واتصالا من حيث‬

‫طبيعة تكوينه‪ ،‬ومساراته التخصصية‪ ،‬من المعرفة الفلسفية الأكاديمية؛ هذه المعرفة التي‬

‫تخول له من جهة أولى الاحتكاك المباشر والعميق بنصوص وأعلام وأنساق الفكر‬

‫الفلسفي على امتداد تاريخ الفلسفة الطو يل‪ ،‬والتي تؤهله من جهة ثانية لممارسة مهنة‬

‫تدريس الفلسفة في السلك الثانوي مبدئيا‪ ،‬فإن واقع الحال يكشف عن شروخ لا‬

‫يستهان بها في طبيعة تكوينه الجامعي‪ ،‬خاصة إذا نظرنا إليه من زاو ية العلاقة‬

‫البيداغوجية التي تربطه بالوثيقة الرسمية والبرامج الخاصة بمادة الفلسفة‪ ،‬فما الذي تكشفه‬

‫لنا المقارنة الموضوعاتية بين هذين الجانبين؟‬

‫‪61-146‬‬
‫ل كي نتمكن من الإجابة على هذا السؤال‪ ،‬يتحتم علينا أولا وقبل كل شيء‪ ،‬وضع‬

‫أرضية صلبة للانطلاق‪ ،‬هذه الأرضية التي تتحد في جانبين اثنين‪ :‬الجانب الأول‪ :‬يتجلى‬

‫أساسا في العمل على توظيف المكتسبات الوصفية للفصل الأول بشكل مباشر‪ ،‬بدون‬

‫الحاجة إلى استحضار حيثياتها المتمفصلة والمتشعبة‪ .‬أما الجانب الثاني‪ :‬فإنه يرتبط‬

‫بضرورة التنبيه إلى أن هذا المحور ينقسم إلى شقين أساسين‪ ،‬بحيث نستعرض في الأول‬

‫نتائج المقارنة الموضوعاتية بين المكونين السابقين‪ ،‬ثم نحاول تفكيكها وتحليلها‪ .‬في حين‬

‫نقوم بتدعيم معطيات هذا الأخير بشهادات ومواقف السادة أساتذة مادة الفلسفة في‬

‫السلك الثانوي التأهيلي من خلال الشق الثاني‪.‬‬

‫و بالعودة ِ إلى السؤال المحوري نجد أنفسنا أمام إشكال حقيقي‪ ،‬هذا الإشكال‬

‫الذي لم يلق ‪ -‬في حدود اطلاعنا ‪ -‬العناية الكافية به‪ 1،‬لا من حيث تعميق النظر فيه‪،‬‬

‫ولا من حيث البحث عن مخارج نظر ية له وسبل عملية لتجاوزه؛ غير أنه ومن باب‬

‫الموضوعية العلمية [‪ ]Scientific Objectivity‬لابد أن نشير إلى أن هنالك إشارة‬

‫مهمة لهذا الإشكال العو يص في مقالة للباحث المغربي جليل طليمات‪ ،‬ففي هذا المقال‬

‫يمكن أن نتلمس من صاحبه إشارة دقيقة تدعو إلى ضرورة النظر في وضعية تدريس‬

‫‪1‬‬
‫لقد حاولنا جهد المستطاع البحث عن دراسات علمية أو بحوث أكاديمية تناولت هذه الإشكالية أو أومئت إليها‬
‫بشكل أو بآخر‪ ،‬ل كن رغم التقصي الشديد الذي بدلناه لم نعثر على شيء يذكر‪ ،‬اللهم إشارة هنا وهنالك‪ ،‬من بينها‬
‫إشارة للباحث جليل طليمات سنذكرها‪ ،‬وإشارة أخرى وردت في دراسة للباحث يوسف العماري حول الكتاب‬
‫المدرسي مفادها كالآتي‪’’ :‬في ظل تعدد المسالك الجامعية التي ينحدر منها الأستاذ المغربي الحالي [‪ ]...‬لمن شأن‬
‫الكتاب المدرسي أن يخفف من نقص تكوين الأساتذة [‪* .‘‘]...‬العماري‪« ،‬أسءلة أولية حول الكتاب المدرسي»‪،‬‬
‫مرجع مذكور‪ .22 ،‬فرغم كونها إشارة عامة‪ ،‬إلا أنها تكشف عن وجود إشكالية حقيقية لا ترتبط بمدرس‬
‫الفلسفة فقط‪ ،‬وإنما تشمل خر يجي الجامعات كلل! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنها إشكالية تحتاج إلى‬
‫نظرة كلية جامعة‪ ،‬وإلى رؤ ية إصلاحية شاملة‪.‬‬

‫‪62-146‬‬
‫الفلسفة‪ ،‬ل كن من منطلق ’’[‪ ]...‬العلاقة بين تدريس الفلسفة في الثانوي التأهيلي‪،‬‬

‫وتدريسها في التعليم العالي [‪ 1،‘‘]...‬هذه العلاقة التي تحتاج في نظره إلى‬


‫وقفة تشخيصية دقيقة للدرس الفلسفي في‬

‫الجامعات‪ ،‬وإلى مساءلة مضامينه وبرامجه‬

‫وتخصصاته‪ ،‬فهو قاعدة التكوين المرجعي‬

‫لمدرسي الغد في السلك الثانوي التأهيلي‪ .‬فهل‬

‫تؤطر الدرس الفلسفي الجامعي رؤ ية فلسفية‬

‫مندمجة ومتكاملة‪ ،‬أم أنه عبارة عن جزر من‬


‫‪2‬‬
‫التخصصات التي لا جسور بينها؟‬

‫لقد أجاد حقا صاحب هذا النص طرح العناصر الإشكالية لهذا المحور بشكل‬

‫دقيق ومحكم‪ ،‬غير أنه وضع أمامنا مهمة ليست بالهينة‪ ،‬إذ يتبين من كلامه أن مهمة‬

‫تشخيص العلاقة بين الدرس الفلسفي في الثانوي ونظيره الجامعي لا زالت لم تنجز بعد‪،‬‬

‫هذا إلى جانب كون هذه العلاقة يجب أن ينظر فيها بمستو يات اشكالية متفاوتة‬

‫ومتفاضلة‪ ،‬لا يمكن أن يناقشها جميعا إلا من كانت له الأهلية العلمية التي تمكنه من‬

‫ذلك‪ 3،‬وما بمقدور المرء ‪ -‬أمام ضخامة هذه الإشكالية ‪ -‬إلا أن يناقش المستوى الأدنى‬

‫منها‪ ،‬هذا المستوى الذي ينسجم والخلفية المرجعية التي نصدر من خلالها في مقاربة‬

‫‪1‬‬
‫جليل طليمات‪« ،‬عناصر للتفكير في وضعية تدريس الفلسفة»‪ ،‬موقع ل كم‪ ،‬الجمعة ‪ 19‬نوفمبر ‪.08:43 | 2021‬‬
‫عبر الرابط الإل كتروني التالي‪.2022-02-16 ،/https://lakome2.com/opinion/252193 :‬‬
‫‪2‬‬
‫طليمات‪« ،‬عناصر للتفكير في وضعية تدريس الفلسفة»‪ ،‬موقع ل كم‪ ،‬الجمعة ‪ 19‬نوفمبر ‪.08:43 | 2021‬‬
‫‪ 3‬ذلك أن مناقشة المستو يات الثلاث التي أشار إليها الباحث جليل طليمات‪ ،‬وهي‪ :‬البرامج والمضامين والتخصصات‪،‬‬
‫تتطلب من صاحبها معرفة عميقة وتكوينا رزينا في هذا المجال‪ ،‬بل أكثر من ذلك تتطلب تفكيرا جماعيا تشاركيا بين‬
‫جل الفاعلين في هذا الحقل‪ ،‬من باحثين أكاديميين‪ ،‬وأساتذة جامعيين‪ ،‬ومفتشين تربو يين‪ ،‬ومدرسين في السلك‬
‫الثانوي مبرزين‪.‬‬

‫‪63-146‬‬
‫موضوع ’’تدريس الفلسفة في الثانوي التأهيلي‘‘‪ ،‬وهي المقاربة التي عنوانها العر يض‬

‫’’بجث في مدى ملاءمة التكوين الأكاديمي‘‘‪.‬‬

‫تتخذ المقاربة التي ننهجها في الشق الأول مسارين متواز يين ومتقاطعين‪ ،‬فهما‬

‫متواز يان لأنهما يطمحان إلى تحقيق نفس الهدف‪ ،‬وهو وضع مقارنة موضوعاتية‬

‫[‪]Thematic Comparison‬؛ وهما متقاطعان لأن لكل منهما غاية محددة‪ ،‬ذلك أنه‬

‫إذا كان المسار الأول سيكشف لنا عن مواطن التوافق بين طبيعة المقررات الدراسية‬

‫الجامعية ونظيرتها المدرسية الثانو ية‪ ،‬فإن المسار الثاني يبتغي تحقيق عكس ذلك تماما‪،‬‬

‫إذ الغرض منه هو وضع الأصبع على بعض مواطن الخلل والقصور التي تعتري طبيعة‬

‫التكوين الأكاديمي للطالب في شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬من حيث مضامينه وعلاقته‬

‫بالوثيقة التوجيهية‪ ،‬هذا الأخير الذي سبق لنا حصر خلفيته الأكاديمية في أربع كليات‬

‫متخصصة‪ ،‬وهي على التوالي‪( :‬كلية عبد المالك السعدي بتطوان‪ ،‬وكلية طفيل‬

‫بالقنيطرة‪ ،‬وكلية مولاي اسماعيل مكناس‪ ،‬وكلية محمد الخامس الرباط‪ ،‬وكلية مولاي‬

‫عبد الله بمراكش‪ ،‬وكلية الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬وكلية محمد الأول بالناظور‪،‬‬

‫وكلية‪.)...‬‬

‫يسهل على الدراس أن يجد تشابهات كبيرة بين طبيعة المقررات الدراسية في‬

‫السلك الثانوي لمادة الفلسفة‪ ،‬من جهة أولى‪ ،‬و بين طبيعة المقررات الجامعية للطالب‬

‫في شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬ولعل هذا التشابه يبرز أساسا في مستوى‬

‫الجذع المشترك في السلك الثانوي‪ ،‬كما أنه يبرز كذلك وبشكل ملفت للنظر في الفصول‬

‫الأولى الأربعة في شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬و يمكن تلمس ذلك من خلال العناصر المجدولة‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪64-146‬‬
‫الوحدات الدراسية يف شعبة الفلسفة‬ ‫الوحدات الدراسية يف السلك الثانوي التأهيلي‬
‫العامة‬
‫‪-1‬جمزوءة الفلسفة‪ :‬حبيث كل احملاور اليت تدرس فيها مبا ‪-1‬وحدة مبادئ التفكري الفلسفي‪:‬‬
‫فيها سياق النشأة والتطور التارخيي‪ ،‬ومبا فيها كذلك أيضا تتضمن هذه الوحدة ضمن وحدات أخرى‬
‫متقاطعة معها عموداي أو أفقيا من مثل‪:‬‬ ‫آلياهتا ومنط اشتغاهلا من‪« :‬بناء املفهوم» و«األشكلة»‬
‫‪...‬إخل‪ .‬ميكن إدراجها يف غري ما وحدة يف شعبة الفلسفة (مفاهيم ونصوص‪ ،‬أو الفلسفة وأمناط‬
‫يكفي من املعارف‬ ‫التعبري)‪ ،‬ما‬ ‫العامة؛‬
‫واملكتسبات النظرية واملنهجية لكي أتهل‬
‫الطالب(ة) ليدرس جمزوءة الفلسفة مبدئيا؛‬

‫‪-3‬أسس علم االجتماع‪ :‬تتضمن هذه‬


‫‪-2‬جمزوءة الطبيعة والثقافة‪ :‬على رغم من أن حماور هذه الوحدة ضمن وحدات متقاطعة معها أفقيا‬
‫اجملزوءة ال تتصل بشكل مباشر مبا هو مقرر يف شعبة أو عموداي‪ ،‬وهي‪( :‬العلم الطبيعي‪ ،‬أو‬

‫ال ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذع املشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرتك‬


‫الفلسفة العامة؛ إال تناول هذه اجملزوءة ملفهومني كبريين مها‪ :‬نشأة العلم احلديث‪ ،‬أو امليتافيزيقا)‪ ،‬ما‬
‫«الثقافة والطبيعة»‪ ،‬وما يتمفصل عنهما من حماور من قبيل‪ :‬يكفي من املعارف لكي تؤهل الطالب‬
‫(مواجهة الطبيعة؛ أو التميز بني املفهومني؛ أو اإلنسان كائن لتدريس هذه اجملزوءة‪ ،‬وما يعزز هذه‬
‫ثقايف؛) جيعلنا نقر أهنما يشكالن املفهومان األساسيان الفكرة هو اهلاجس البيداغوجي الرتبوي‬
‫الذي صيغ من أجله الربانمج الدراسي يف‬ ‫لتفكري الفلسفي؛‬
‫اجلذع املشرتك‪ ،‬هذا اهلاجس الذي جعل‬
‫من رهانه احملوري هو «هتيئة التلميذ لتقبل‬
‫خطاب العقل واملساءلة ووضع هذا‬
‫اخلطاب يف سياقه املعريف واإلنساين‬
‫التارخيي»‪ .‬إ ّن هذه الغاية اليت تتسم‬
‫ابلبساطة والرتغيب ال ترتك أي جمال‬
‫للشك يف قدرة الطالب(ة) يف شعبة‬
‫الفلسفة العامة على تدريس هذه اجملزوءة‬
‫مبستوى عال من الدقة والوضوح؛‬

‫‪65-146‬‬
‫‪-‬جمزوءة اإلنسان‪ :‬ميكن إدراج ضمن هذه الوحدة «مفهوم ‪-3‬وحدة أسس علم االجتماع‪ :‬تتصل‬
‫هذه الوحدة إىل جانب وحدات أخرى من‬ ‫اجملتمع» على وجه التحديد؛‬
‫‪-2‬جمزوءة الفاعلية واإلبداع‪ :‬ميكن إدراج مفهومي «التقنية مثل‪( :‬اجلماليات‪ ،‬أو نشأة العلم‬
‫والفن»‪ ،‬هذه املفاهيم اليت ترتبط بشكل مباشر ابلوحدات احلديث)‪ ،‬بشكل أو آبخر ابلوحدات‬

‫الثان ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــية ابك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالورا‬


‫واملفاهيم املقررة يف مستوى األوىل‬ ‫املقررة يف الفصول األربعة األوىل يف شعبة الفلسفة العامة؛‬
‫ابكالوراي‪ .‬هذا التواصل الذي تعززه من‬
‫جهة أوىل‪ ،‬طبيعة املقاربة‪ ،‬وهي بال شك‬
‫مقاربة فلسفية تبتغي حنت املفاهيم وبناء‬
‫اإلشكاالت‪ ،‬ويعززه من جهة اثنية‪ ،‬ذلك‬
‫االحتكاك املباشر مبفاهيم الفن واجملتمع‬
‫والتقنية والعلم يف شعبة الفلسفة العامة؛‬

‫إن الغرض من هذه العناصر الموضوعاتية أعلاه هو تبين بعض أوجه التوافق‬

‫بين الوحدات والمفاهيم والمحاور الدراسية في السلك الثانوي التأهيلي لمادة الفلسفة‪،‬‬

‫و بين ما هو مقرر في المستو يات الأربعة الأولى في شعبة الفلسفة العامة‪ .‬وفعلا هنالك‬

‫تقارب كبير بين الجانبين‪ ،‬خاصة على مستوى المنظور [‪ ،]Perspective‬الذي يتخذ‬

‫شكلين أساسيين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫أ‪ .‬على المستوى المنهجي‪ :‬ذلك أن الآليات المنهجية التي من الضروري أن‬

‫يوظفها المدرس(ة) في الفصول الدراسية‪ ،‬يكون قد تمكن منها في الفصول‬

‫الأربعة من شعبة الفلسفة العامة؛ فإذا كانت الوثيقة التوجيهية تولي عناية‬

‫كبرى للطرائق المنهجية للبناء الإشكالي للمفاهيم الفلسفية‪ ،‬فإن الفصول‬

‫الأربعة تمكن الطالب(ة)من تعميق النظر في هذه الطرائق‪ ،‬لمن حيث‬

‫الاحتكاك المباشر بها والمعرفة الدقيقة بعناصرها‪ ،‬ومن حيث سبل أجرأتها‬

‫وتفعليها في مقاربة النصوص الفلسفية تفكيكها وتحليلها والتعليق عليها‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪66-146‬‬
‫وبالتالي لا وجود لتضارب على مستوى زاو ية النظر‪ ،‬بل العكس‪ ،‬إذ‬

‫هنالك تطابق تام على المستوى المنظوري‪ ،‬أو لنقل الخلفية المرجعية الموجهة‬

‫لمدرس(ة) الفلسفة في الثانوي وللطالب(ة) ذي التكوين الفلسفي‪.‬‬

‫ب‪ .‬على المستوى المعرفي‪ :‬يستفاد من خلال البيانات المجدولة‬

‫[‪ ]Spreadsheet Types‬السابقة فكرة أساسية‪ ،‬وهي أن الخلفية المعرفية‬

‫التي تصدر منها الوثيقة التوجيهية‪ ،‬تلتقي إلى حد كبير مع المقررات الجامعية‬

‫في شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن هذه المقررات المتعلقة‬

‫بالفصول الأربعة تشترك فيها جميع الكليات المتخصصة على المستوى‬

‫الوطني‪ ،‬الشيء الذي يدفعنا للإقرار بأن تلك الوحدات تخول للطالب(ة)‬

‫أن يدرس تلك المجزوءات ل كونه قد راكم خبرة وتجربة لا يستهان بها في‬

‫التعامل مع تاريخ الفلسفة‪ ،‬منذ مطلعه‪ ،‬ومرورا بمحطاته التار يخية ال كبرى‪،‬‬

‫وما يتمفصل عن هذه التجربة من احتكاك مباشر بأعلام وأفكار ونصوص‬

‫فلسفية يتصل بعضها بما هو مقرر في السلك الثانوي‪ ،‬وينفتح الباقي منها‬

‫على آفاق معرفية أكثر سعة وشمولية‪.‬‬

‫وفضلا عن هذا التوافق المنظوري الذي يتخذ صورتين متكاملتين‪ ،‬فإن هنالك‬

‫توافق آخر لا يقل أهمية عن هذين المستو يين السابقين‪ ،‬يتعلق الأمر بالنظرة المشتركة‬

‫للفلسفة من كلا الجانبين على أنها تمثل حقلا معرفيا متمايزا عن باقي الحقول الأخرى‪،‬‬

‫من حيث طبيعة موضوعها‪ ،‬باعتبارها نحتا للمفاهيم ]‪،[Sculpture of concepts‬‬

‫ومن حيث كذلك طبيعة العلاقة التي تربطها بباقي الحقول المعرفية المتقاطعة والمتكاملة‬

‫‪67-146‬‬
‫معها‪ ،‬ذلك أن العودة إلى الوثيقة التوجيهية تكشف أن تمثلها للمعارف الإنسانية جمعاء‬

‫يسير وفق منطق شمولي مركب‬


‫من مختلف المعارف العلمية والأدبية والفنية‪،‬‬

‫وطر يقة في التفكير تقوم على تأمل التجربة‬

‫الإنسانية‪ ،‬الفردية والجماعية‪ ،‬وتحليلها تحليلا‬

‫نقديا‪ ،‬يتيح اتخاد المسافة مما هو قائم والتحرر‬

‫من البداهات وسوابق الرأي [‪ ]...‬هذه السمة‬

‫النقدية للتفكير الفلسفي تجعل المضامين‬

‫الفلسفية تقدم نفسها لا كحقائق مثبتة جاهزة‬

‫للأخذ والتقبل‪ ،‬بل كحلول ممكنة مؤسسة على‬

‫اختيارات وحجج منطقية ومنظومة مفاهيمية‬

‫والإبستمولوجية‬ ‫الوجودية‬ ‫للإشكالات‬


‫ال كبرى‪1.‬‬ ‫والقيمية‬

‫وبالمثل نجد أن الأهداف المعرفية المسطرة في شعبة الفلسفة العامة تطمح إلى اكساب‬

‫الطالب(ة) عدد منهجية ومعرفية تصب في نفس المنحى الذي تجترحه الوثيقة‬

‫التوجيهية‪ ،‬هذا المنحى الذي يتميز من جهة‪ ،‬بتمكين الطالب من المعرفة العلمية الدقيقة‬

‫بخصوصية التفكير الفلسفي عن غيره من أنماط التفكير الأخرى‪( :‬العلمية والسوسيلوجية‬

‫والدينية‪...‬إلخ)‪ ،‬ولقد سخرت لذلك غير ما وحدة دراسية من مثل‪( :‬الفلسفة وأنماط‬

‫التعبير؛ ومفاهيم ونصوص فلسفية؛ مبادى التفكير؛ المنطق؛ ‪...‬إلخ)‪ .‬أما ومن جهة‬

‫ثانية‪ ،‬فإن المعرفة بخصوصية التفكير الفلسفي تستلزم بالضرورة وعي الطالب بكون‬

‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.4 ،‬‬

‫‪68-146‬‬
‫المعرفة الفلسفية هي بالدرجة الأولى معرفة مفاهيمية نقدية هدفها إثارة التساؤلات‬

‫والإشكالات‪ ،‬ومساءلة المسلمات والبداهات‪ ،‬بما يرتبط والقضايا ال كبرى التي حددت‬

‫معالمها الوثيقة التوجيهية في ثلاث أبعاد أساسية‪( :‬البعد الوجودي؛ البعد‬

‫الإبستمولوجي؛ البعد القيمي؛)‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالعلاقة مع باقي الحقول الأخرى‪ ،‬فلقد حرصت الوثيقة على‬

‫إحداث فصل منهجي بين الفلسفة‪ ،‬من ناحية‪ ،‬والعلوم الدقيقة والإنسانية‪ ،‬من ناحية‬

‫ثانية‪ ،‬وذلك ’’[‪ ]...‬من خلال إعطاء الأولو ية للفلسفة‪ ،‬وجعل العلوم الدقيقة‬

‫والإنسانية مجالات للتناول الفلسفي[‪ 1،»]...‬وكذا من خلال «[‪]...‬تجنب احضار‬


‫‪2‬‬
‫هذه العلوم بصفتها الوضعية التخصصية‪ ،‬تفاديا للخلط والاجتزاء والاختزال[‪.‘‘]...‬‬

‫ولهذا‪ ،‬فإن العلوم الإنسانية والدقيقة تحضر في مقرر السلك الثانوي التأهيلي لمادة‬

‫الفلسفة حضورا يتخذ شكلين متكاملين‪ ،‬وهما‪:‬‬


‫حضورا إشكاليا‪ :‬تتخذ فيه الفلسفة صورة‬

‫الإبستمولوجيا باعتبارها مساءلة نقدية‬

‫لمنهاج ونتائج هذه العلوم؛‬

‫حضورا إسناديا‪ :‬تتخذ فيه الفلسفة العلوم‬

‫المجاورة لها كدعائم إسنادية وحجج منطقية‬


‫‪3‬‬ ‫لوجاهة أطروحاتها الفلسفية؛‬

‫س الاتجاه أيضا تسير شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬إذ لا يعقل إطلاقا أن‬
‫وفي نف ِ‬
‫تتعامل هذه الشعبة مع الوحدات المدرسة فيها على اعتبار أنها تنضوي ضمن تخصصات‬

‫‪1‬‬
‫وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.6 ،‬‬
‫‪ 2‬المرجع السابق‪.6 ،‬‬
‫‪3‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.6 ،‬‬

‫‪69-146‬‬
‫أخرى كالفيز ياء‪ ،‬أو اللسانيات‪ ،‬أو الأنثروبولوجيا‪ ،‬أو السوسيولوجيا‪ ،‬أو غيرها من‬

‫الحقول المعرفية الأخرى‪ ،‬ذلك أننا نستشف من البرامج المقررة فيها – وكما سبق عرضها‬

‫سابقا – حضورا بارزا للباحث الفلسفية وللحقبة التار يخية وللقضايا والإشكالات ذات‬

‫الطابع الفلسفي الصرف‪ 1.‬كتب الفيلسوف المغربي محمد عبد الجابري موضحا هذا التمايز‬

‫المنهجي بين موضوعات العلوم قائلا‪:‬‬


‫إن التمييز بين موضوعات البحث الخاصة بكل‬

‫علم ضرورة منهجية‪ :‬فالعلوم إنما يختلف بعضها‬

‫عن بعض باختلاف موضوعاتها‪ ،‬أو على‬

‫الأقل باختلاف مستو يات التحليل الذي نقوم‬


‫واحد‪2.‬‬ ‫به‪ ،‬عندما يكون الموضوع‬

‫لا مجال‪ ،‬إذن‪ ،‬للخلط بين موضوعات العلوم بدون أدنى اعتبار لخصوصية المقام‬

‫التداولي للحقل المعرفي الذي نتحدث عنه‪ ،‬وكذلك الشأن بالنسبة لشعبة الفلسفة التي‬

‫تنسجم خصوصيتها المعرفية والمنهجية إلى حد كبير مع المنطلقات المعرفية للوثيقة‬

‫التوجيهية التربو ية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قد يعترض على هذا الطرح بالقول إن هنالك وحدات توجد «خارج الحقل الفلسفي» من قبيل‪« :‬التصوف»‪،‬‬
‫«علم الكلام»‪« ،‬تيارات وميادين علم النفس» ‪...‬إلخ‪ ،‬بيد أنه من السهولة بمكان الجواب على هذا التعارض‪ ،‬إذ أنه‬
‫ومن جهة أولى‪ ،‬فإن هاته المواد تعتبر تكميلية وليست رئيسية‪ ،‬ومن جهة ثانية‪ ،‬فإن انفتاح شعبة الفلسفة على هذه‬
‫المعارف يكون من وجهة نظر فلسفية محضة‪ ،‬بمعنى مقاربة هذه المعارف من وجهة نظر تبين تقاطعاتها مع الفلسفة‬
‫من حيث الاهتمامات والآليات‪ ،‬أو من حيث التباينات والتشابهات‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الجابري‪ ،‬محمد عابد‪ .‬مدخل إلى فلسفة العلوم‪ :‬العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي (بيروت‪ :‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،8.‬فبراير ‪.19 ،)2014‬‬

‫‪70-146‬‬
‫يبدو من خلال المعطيات السابقة ألا وجود لأي تعارض بين الوثيقة التوجيهية‬

‫والمقررات الجامعية لشعبة الفلسفة العامة‪ ،‬فهل فعلا ألا وجود لأي تعارض بين‬

‫الوثيقة التوجيهية والمقررات الجامعية في شعبة الفلسفة؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار هذا‬

‫الطرح صائبا؟ أولا يحمل هذا الحكم في ذاته نوعا من المبالغة والتعسف؟ وإذا كان‬

‫الأمر كذلك‪ ،‬فكيف يمكن تلمس أوجه التعارض بين الجانبين وتجلياته؟ وأخيرا وليس‬

‫آخرا ماهي المقدمات التي نستند عليها في تبرير هذا التعارض وتجلياته؟‬

‫نستهل محاولة تفكيك بنية هاته الإشكالات أعلاه بتسجيل ملاحظتين‬

‫أساسيتين‪ ،‬يمكن اعتبارهما المهاد الأول لاستشكال أوجه التعارض بين المكونين؛‬

‫بحيث تتعلق الأولى بكون الكليات الأربعة التي حصرنا فيها خلفية الطالب(ة) في‬

‫شعبة الفلسفة العامة تنعدم فيها أي وحدة معرفية لها صلة بشكل أو بآخر بعالم التدريس‪،‬‬

‫سواء تعلق الأمر بديداكتيك المادة‪ ،‬أو بما له صلة مباشرة بالمضامين المقررة في الوثيقة‬

‫التوجيهية‪ .‬أما الملاحظة الثانية‪ ،‬فإنها ترتبط بوجود تباينات وتفاوتات بين الكليات‬

‫المتخصصة‪ ،‬من حيث حضور أو غياب بعض المواد الأساسية‪ ،‬من مثل‪ :‬فلسفة التاريخ؛‬

‫فلسفة اللغة؛ فلسفة الأخلاق؛ فلسفة العلوم؛ الإبستمولوجيا‪...‬إلخ‪ .‬هذه الوحدات التي تربطها‬

‫علاقة وطيدة بما هو مقرر في السلك الثانوي التأهيلي‪ ،‬و بخاصة في مستوى الأولى‬

‫والثانية باكالور يا‪.‬‬

‫بناء على هاتين الملاحظتين يمكن القول‪ :‬إن أوجه التعارض بين الجانبين تبرز‬

‫بشكل ملفت للنظر في الفصلين الخامس والسادس بين الكليات المتخصصة في شعبة‬

‫الفلسفة العامة‪ ،‬كما أنه بالنسبة لسلك الثانوي تبدأ من مستوى الأولى والثانية باكالور يا‪،‬‬

‫بحيث يمكن رصد هذه التباينات من خلال العناصر المجدولة الآتية‪:‬‬

‫‪71-146‬‬
‫الوحدات الدراسية يف شعبة الفلسفة‬ ‫الوحدات الدراسية يف السلك الثانوي التأهيلي‬
‫العامة‬
‫‪ .1‬جمزوءة اإلنسان‪ :‬تقارب هذه اجملزوءة مفهوم اإلنسان ‪ .1‬فيما يتعلق مبفهوم «الوعي‬
‫من زوااي متعددة‪ ،‬وهي‪( :‬الفردي السيكولوجي؛ اجملتمعي والالوعي»‪ ،‬فال وجود ألي وحدة يف شعبة‬
‫السوسيولوجي؛ اللغوي التواصلي؛)‪ .‬وما يهمنا منها على الفلسفة العامة؛ خاصة يف الفصلني‬
‫وجه التحديد املفاهيم الثالث الرئيسية‪ ،‬وهي‪« :‬الوعي اخلامس والسادس‪ ،‬وبتوافق اتم بني مجيع‬
‫الكليات املتخصصة‪ ،‬أي وحدة تقارب‬ ‫والالوعي» و«اللغة»‪ ،‬و«الرغبة»؛‬
‫هذا املفهوم‪ ،‬هذا إىل جانب الطابع‬
‫السيكولوجي الذي يتميز هذا املفهوم‪ ،‬وما‬
‫حيمل من خصوصية على مستوى املنظور‪،‬‬
‫الشيء الذي يتعارض واخللفية املنظورية يف‬
‫شعبة الفلسفة العامة؛‬

‫األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ابكالـ ـ ـ ـ ـ ــوري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬


‫‪ .2‬أما ابلنسبة ملفهوم اللغة‪ ،‬فإن عملية‬
‫املقابلة بني اجلانبني‪ ،‬ويف حدود جمال‬
‫االشتغال الذي حددانه‪ ،‬تكشف لنا أن‬
‫كالا من كلية اآلداب مبدينيت‪ :‬تطوان‬
‫ومكناس‪ ،‬ال تتضمن أي وحدة حتت‬
‫مسمى «فلسفة اللغة»‪ ،‬هذه الوحدة اليت‬
‫من مفروض أن يدرس فيها املنظور‬
‫الفلسفي للغة‪ ،‬ورصد عالقتها ابلفكر من‬
‫جهة‪ ،‬وابلغري والسلطة‪ ،‬من جهة اثنية‪.‬‬
‫غري أنه ويف مقابل هذا الغياب حتضر‬
‫فلسفة اللغة يف كليت‪ :‬ابن طفيل وحممد‬
‫اخلامس‪ ،‬الشيء الذي يعزز فكرة التباين‬
‫اليت أشران إليها آنفا‪.‬‬

‫‪72-146‬‬
‫‪ .2‬جمزوءة الوضع البشري‪ :‬خاصة منها مفهوم «التاريخ» ‪ .2‬فيما يرتبط مبفهوم التاريخ‪ ،‬فال نكاد‬
‫نعثر على مادة تقابل هذا املفهوم يف شعبة‬ ‫و «الغري» وما يرتبط هبذين املفهومني من حماور تفصيلية؛‬
‫‪ .3‬جمزوءة املعرفة‪ :‬وخباصة منها مفهوم «النظرية والتجربة»‪ ،‬الفلسفة العامة ابلنسبة لكلية تطوان‪ ،‬بل‬
‫وما يتمفصل عنه من حماور ذات طابع ابستملوجي خالص‪ ،‬من الغرابة مبكان أن تتكرر فيها بعض‬
‫من مثل‪( :‬العقالنية العلمية‪ ،‬معايري النظرية العلمية‪...‬إخل)؛ الوحدات على حنو غري مستساغ‪ ،‬من‬
‫‪ .3‬جمزوءة األخالق‪ :‬وما يندرج حتتها من مفاهيم وحماور مثل‪« :‬العدالة السياسية» «فلسفة احلق»‬
‫هلا ارتباط مبفهوم «الواجب» أو «اإلكراه» أو «السعادة»؛ «الفلسفة السياسية»‪ ،‬حبيث كلها تنضوي‬
‫ضمن إطار واحد‪ ،‬وكان من األوىل الرتكيز‬
‫على وحدات أخرى؛‬

‫الث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـانية ابكال ـ ـ ـ ـ ــوريـ ـ ـا‬


‫‪ .3‬أما ابلنسبة للكليات األخرى يف كل‬
‫من القنيطرة ومكناس والرابط‪ ،‬فتوجد فيها‬
‫وحدة حتت مسمى «فلسفة التاريخ» أو‬
‫«الفلسفة والتاريخ»؛‬
‫‪-4‬تغيب كلّية أي وحدة يف كل من كلية‬
‫تطوان والقنيطرة هلا صلة مباشرة بقضااي‬
‫املعرفة؛ سواء تعلق األمر بنظرية املعرفة‬
‫مبعناها التقليدي‪ ،‬أو تعلق األمر‬
‫ابإلبستمولوجيا مبعناها املعاصر‪ ،‬غري أنه‬
‫البد أن نسجل يف مقابل هذا الغياب‬
‫حضور هذا املبحث الفلسفي يف كلييت‬
‫بعنوان‪:‬‬ ‫والرابط‬ ‫مكناس‬
‫«اإلبستمولوجيا»؛‬

‫تكشف هذه العناصر المجدولة أعلاه بذاتها عن تباينات لا يستهان بها بين‬

‫المكونين ‪-‬قيد الدراسة والتحليل‪ -‬ل كنها تباينات وكما ثمت الإشارة لذلك آنفا متفاوتة‪،‬‬

‫بحيث تتصدر كلية الآداب بتطوان المرتبة الأولى من حيث غياب وحدات أساسية‬

‫من صلب التفكير الفلسفي‪ ،‬في حين تأتي الكليات الأخرى في نفس المرتبة‪ ،‬بل يمكن‬

‫‪73-146‬‬
‫القول إن فصولها الدراسية قد غطت إلى حد كبير جل المباحث الفلسفية ال كبرى‪.‬‬

‫إلا أنه ورغم من وجود هذه التباينات يظل الطالب(ة) في شعبة الفلسفة العامة المرشح‬

‫الأول لتدريس الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي نظرا لحجم التعالق ال كبير الذي يربط‬

‫تخصصه الجامعي بالدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬لا من حيث الخلفية النظر ية‪ ،‬ولا من‬

‫حيث طبيعة الموضوعات المقررة فيه‪ ،‬ولعل هذه النتيجة ليست مجرد إسقاط تعسفي‬

‫أو موقف ذاتي‪ ،‬كما قد يتبادر إلى الذهن‪ ،‬وإنما هي خلاصة مقابلة موضوعاتية محايدة‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه المقارنة الموضوعاتية قد أسفرت على هذه النتيجة ’’الإ يجابية‘‘‬

‫إلى حد ما‪ ،‬فهل تتفق هذه النتيجة مع مواقف وآراء السادة أساتذة مادة الفلسفة في‬

‫السلك الثانوي‪ ،‬أم أنها تتضارب معها وتناقضها؟ وهل فعلا يتحصل وعي كاف لدى‬

‫مدرسي الفلسفة بأهمية هذه الإشكالية وانعكاسها السلبي على الدرس الفلسفي‪ ،‬أم أنهم‬

‫يعتبرونها غير ذات موضوع أصلا؟‬

‫لقد اقتضت طبيعة المقاربة التي نصدر من خلالها في هذه الدراسة المتواضعة‬

‫إشراك الفاعلين المباشرين في حقل تدريس الفلسفة في الثانوي‪ ،‬وذلك بغية الاقتراب‬

‫بشكل واضح وملموس من بعض الصعوبات والتحديات التي يعاني منها اليوم مدرس(ة)‬

‫الفلسفة‪ ،‬و بخاصة من زاو ية طبيعة تخصصه الجامعي‪ ،‬وما هو مطالب بتدريسه في‬

‫السلك الثانوي التأهيلي‪ .‬ولقد وجهت هذه العملية التشاركية ضرورتان معرفيتان‬

‫أساسيتان‪ :‬فأما الضرورة الأولى فهي ضرورة منهجية تتجلى أساسا في كون مثل هذه‬

‫الموضوعات تتطلب تفكيرا جماعيا واعيا بين جل الفاعلين فيها‪ ،‬بغرض خلق جسور‬

‫للحوار والتفاعل والمشاركة بين الباحث من جهة‪ ،‬والمبحوثين من جهة ثانية‪ ،‬و بهدف‬

‫أيضا التمكن من استيعاب الظاهرة المدروسة من مختلف جوانبها‪ ،‬وكذا خلق إمكانات‬

‫‪74-146‬‬
‫لتجاوزها‪ ،‬ولعل هذا الفكر الجماعي‪/‬المركب‪ ]Collective] Though 1‬هو ما نحتاجه‬

‫اليوم في أوساطنا المغربية المتعالمة‪ ،‬و بخاصة في الفضاء التربوي التعليمي؛ فبفعل تعقد‬

‫ظواهر هذا الأخير وتشعبها وتداخلها مع حقول عدة‪ ،‬فإنه لا سبيل لحلها سوى التفكير‬

‫الجماعي التراكمي‪ .‬وأما الضرورة الثانية فهي ضرورة علمية موضوعية‪ ،‬ليس الغرض منها‬

‫هو التنقيص من شأن الأساتذة ولا من قدراتهم المعرفية والعلمية‪ ،‬وإنما رهانها الأساسي‬

‫هو محاولة الاقتراب من الظاهرة المدروسة في حد ذاتها هي‪ ،‬بما هي ظاهرة حية ملموسة‬

‫يعاني منها الدرس الفلسفي في السلك الثانوي ال تأهيلي‪ ،‬وفي استبعاد تام لأي هاجس‬

‫شخصي أو منطلق ذاتوي‪ .‬ولهذا فإن الأسئلة لا تمس الشخص في ذاته‪ ،‬وإنما تنظر إليه‬

‫بصفته مدرسا للفلسفة تحكمه قواعد مؤسساتية وبيداغوجية مضبوطة‪.‬‬

‫سنركز في هذا السياق على المستوى الثاني بالتحديد‪ ،‬وفي نفس الوقت سنركز على‬

‫إجابات السادة أساتذة الفلسفة ذوي خلفية أكاديمية فلسفية‪ .‬أما عن نوعية الأسئلة‬

‫المطروحة فيمكن تلمس ملامحها من خلال الوثيقة التالية‪( :‬أنظر الملحق رقم ‪،1‬‬

‫الصفحة ‪.)57‬‬

‫ل أحد عشر سؤالا نجد أن ستة أسئلة فقط لها صلة مباشرة بالمستوى‬
‫من أص ِ‬
‫التشخيصي‪ ،‬وسنورد الإجابات التي أدلى بها السادة الأساتذة كما هي‪ ،‬والذين لا يتجاوز‬

‫‪1‬‬
‫يعتبر الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغارد موران (‪ )Edgar Morin‬أحد الأعلام البارزين في الساحة‬
‫الفكر ية المعاصرة الذين يلحون على ضرورة تغيير النظرة إلى العالم‪ ،‬من نظرة أساسها التجزيء والتقسيم والتشتت‪،‬‬
‫إلى نظرة أساسها التركيب والنسقية والتنظيم‪ .‬وله في هذا الباب مؤلفات هامة‪ ،‬نذكر من بينها مؤلفه الشهير‪:‬‬
‫‪ ،Edgar, Moran. La Méthode, Paris: Seuil, 1977-2004.‬وقد صدر هذا المتن في أربع أجزاء متتالية‪.‬‬
‫يعبر هذا المتن في نظر العديد من الدارسين عن الأطروحة العامة التي يتبناها موران‪ ،‬هذه الأطروحة التي تقوم‬
‫أساسا على نفي النظرة التجزيئية إلى العالم؛ ذلك أنه و بحكم التطور الذي عرفته مختلف الأنساق النظر ية ما عاد‬
‫بمقدور الفكر البشري اليوم أن يقدم تصورا نسقيا وشاملا عن ظواهر الوجود إلا من خلال الصدور عن نظرة‬
‫تركيبية تنصهر فيها مختلف المعارف الإنسانية ضمن نسق معرفي يتميز بتراكب العلوم وتكاملها‪* .‬‬

‫‪75-146‬‬
‫عددهم الثلاث مشاركين‪ ،‬ومن ثمة نقوم بالتعليق عليها وتفكيك بنيتها طبقا لمنظورنا‬

‫الخاص‪ ،‬والذي ينبني أساسا على المعطيات الوصفية والموضوعية التي تمكنا من الحصول‬

‫عليها‪( .‬أنظر الملحق رقم‪ ،2 :‬ص‪.)91 :‬‬

‫من جملة ِ الملاحظات الأولية التي بمقدور المرء أن يسجلها من خلال التأمل الشديد‬

‫في الأجوبة المعطاة ‪ -‬أعلاه ‪ -‬والفحص الدقيق لعناصرها الداخلية‪ ،‬هي كالآتي‪:‬‬

‫‪ -‬على الصعيد البعد الموضوعي‪ :‬بحث يصعب على الناظر في هذه الأجوبة‬

‫أعلاه أن يفكك خيوطها و يحل ِل مضامينها بتجرد تام وحياد مطلق؛‬

‫‪ -‬على صعيد العمق التحليلي‪ :‬ذلك أن النظر المتبص ِر في طبيعة الأجوبة المعطاة‬

‫يكشف لصاحبه أنها حبكت بطر يقة دقيقة تنم عن مدى وعي أصحابها‬

‫بعمق الإشكال المطروح‪ ،‬وبتمثلهم الواعي لانعكاساته السلبية على الدرس‬

‫الفلسفي في السلك الثانوي التأهيلي؛‬

‫‪ -‬على الصعيد المنطلق المنظوري‪ :‬ليس يصعب على المرء أن يتبين من خلال‬

‫الأجوبة المعطاة بعض أوجه الاختلاف بينها؛ إلا أنه اختلاف وإن كان‬

‫يعكس على المستوى العام تمثل متباين لتجليات نقص التكوين الأكاديمي‬

‫لمدرس الفلسفة ذي الخلفية المتعددة‪ ،‬فهو يفصح على أن هنالك إجماعا‬

‫كليا على وجود خلل تكويني يعتري هذا الأخير في خلفيته الأكاديمية‬

‫المعرفية‪.‬‬

‫على ضوء ِ هذه الملاحظات سنشرع في التفاعل مع الأجوبة المعطاة من خلال‬

‫ال كشف عن بعض ملامحها‪ ،‬وتبين مدى توافقها أو اختلافها مع المعطيات التحليلية‬

‫التي أدلينا بها آنفا‪.‬‬

‫‪76-146‬‬
‫إن أول معطى وجب التنبيه إليه هو أن منطق المقاربة التي ننهجها في هذا‬

‫السياق لا ينظر إلى الأجوبة المعطاة بصفتها تمثل مخرجات علمية دقيقة يمكن تعميمها‬

‫بشكل مطلق‪ ،‬وإنما بوصفها مواقف وآراء تعبر عن محاولة بسيطة للتفكير الجماعي في‬

‫إشكال لا يمكن حله – حسب منظورنا – إلا بتقاسم الخبرة والتجارب‪ ،‬من جهة‪،‬‬

‫و بتحقيق التفاعل والتراكم‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬

‫يفرض علينا التعامل الهرمي التسلسلي مع الأجوبة المعطاة البدء مع أولها‪ ،‬هذا‬

‫السؤال الذي تعددت حوله الإجابات بين تحفظ يطبع جواب المشاركين الأول‬

‫والثالث اللذان وإن أقر بوجود تقاطعات بين الوثيقة التوجيهية والمقررات الجامعية‪ ،‬إلا‬

‫أنها تقاطعات تظل محدودة الأفق‪ ،‬بفعل عوامل عدة‪ ،‬منها‪ :‬اختلاف طرق التدريس‪،‬‬

‫اختلاف الرهانات والغايات‪ .‬وبين جواب موسوم بإطلاقيه كلية‪ ،‬يقر فيه صاحبه بوجود‬

‫اتصال كلي بين الجانبين‪ ،‬إلا أنه ومن منطلق التحليلات السابقة يمكن القول إن‬

‫صاحبه لا يصدر فيه عن وعي نقدي بالخطوط المفصلية للإشكال المطروح‪ ،‬بحيث‬

‫حتى لو اتفق معه على المستوى العام‪ ،‬فإننا لا محالة سنختلف معه على المستوى الخاص‪،‬‬

‫ذلك أن السبر الدقيق لمضامين المكونين – قيد الدراسة والتحليل – يكشف على وجود‬

‫شروخ عديدة تمت الإشارة إليها سابقا‪ .‬وإذا ما عبرنا إلى السؤال الثاني فإننا واجدون‬

‫أن إجابة كل من المشاركين الأول والثالث تلتقي إلى حد كبير مع ما أومئنا إليه آنفا‪،‬‬

‫بل و يضيفان نقطتان أساسيتان‪ ،‬وهما‪ :‬عدم أصالة التكوين الجامعي‪ ،‬عدم كفايته نظرا‬

‫لانفتاحه على قضايا متعددة‪ ،‬ولعل هاتين النقطتين كفيلتان بأن تعضد من ناحية ما ذهبنا‬

‫إليه‪ ،‬وأن تفتح من ناحية أخرى آفاقا مهمة لتفكير في سبل حل الإشكال‪.‬‬

‫‪77-146‬‬
‫بخلاف هذا‪ ،‬يذهب المشارك الثالث في مسار ’’التقزيم من دور التكوين‬

‫الجامعي‘‘‪ ،‬حينما يعتبر أن دوره يقتصر فقط على امداد الطالب(ة) بالمصادر والمراجع‪،‬‬

‫في حين يبقى التكوين الذاتي حسب زعمه هو المعول عليه لتأهيل مدرس(ة) الفلسفة‬

‫متمكن من مادته وقادر على تفعيل الآليات البيداغوجية‪ .‬غير أنه يمكن أن نرد على‬

‫هذا الطرح من وجهين أساسيين‪ :‬فمن جهة يمكن أن نطرح سؤالا استنكار يا فنقول‪،‬‬

‫هل من السهولة واليسر أن نسلم بهذا الدور الاختزالي للتكوين الجامعي‪ ،‬علما أنه يشكل‬

‫وعلى حد قول جليل طليمات «قاعدة التكوين المرجعي»؟ صحيح أن التكوين الذاتي لا‬

‫مفر منه‪ ،‬بيد أن هذا لا يعني أن لا دور يلعبه هذا الأخير‪ ،‬وإنما يعني أن التكوين‬

‫الجامعي ضرورة لا مفر منها بحكم طابعه الأكاديمي الذي يمكن المدرس من آليات‬

‫منهجية منضبطة يندر أن تتوفر في التكوين الذاتي غير المنضبط بشروط علمية واضحة‬

‫متفق حولها‪ .‬ومن جهة ثانية‪ ،‬فلابد من إحداث فصل منهجي بين المعرفة الأكاديمية‬

‫بوصفها تندرج ضمن سياق مؤسسي منضبط‪ ،‬وبين المعرفة الذاتية التي بمقدار الجميع‬

‫الانخراط فيها‪ .‬فهذا الفصل حقيقة يشكل مدخلا مناسبا لاستشكال طبيعة العلاقة‬

‫بين الدرس الفلسفي في الثانوي ونظيره الجامعي‪.‬‬

‫ننتقل بعد هذا مباشرة إلى السؤال الثالث‪ ،‬الذي توزعت الإجابات عنه إلى‬

‫صنفين رئيسيين‪ :‬صنف أول صريح ومباشر خاصة جواب المشارك الأول الذي اتسم‬

‫بدقة عالية وبإشارة واضحة إلى بعض الموضوعات التي يجد فيها صعوبة بالغة بحكم خلفيته‬

‫الفلسفية‪ .‬أما الصنف الثاني فهو غير مباشر‪ ،‬بحيث لا نجد في جواب المتدخل الثاني‬

‫والثالث إشارة واضحة لبعض الصعوبات التي تواجههما في تدريس موضوعات تنهل‬

‫من حقول عدة؛ إلا أن جوابهما يفتح أعيننا أمام إشكالات أخرى أكثر تعقيدا‬

‫‪78-146‬‬
‫وتشعبا‪ ،‬ليس مقدورنا الخوض فيها ههنا‪ ،‬يتعلق الأمر بآفتين خطيرتين‪ ،‬وهي‪ :‬صعوبة‬

‫هضم التلاميذ لبعض المعارف الفلسفية إما بسبب استغلاقها أو بسبب عدم ملاءمتها لمستواهم‬

‫المعرفي؛ الخلل الذي يعتري بعض موضوعات ال كتب المدرسية من سوء ترجمة أو خلط معرفي‪ .‬لن‬

‫نخوض في هذه الإشكالات لأنها تستحق فعلا أن يفرد لها دراسات علمية مستقلة‬

‫نظرا لأهميتها وراهنتيها‪ ،‬ل كن يكفي أن نشير إلى أن هنالك العديد من الباحثين حاولوا‬

‫ال كشف عن بعض المطبات التي وقعت فيها ال كتب المدرسية لمادة الفلسفة‪ ،‬هذا إلى‬

‫جانب بعض البحوث التي اهتمت بموضوع الرؤ ية البيداغوجية القائمة على أساس تنمية‬
‫‪1‬‬
‫ال كفايات وبين ما هو موجود في الممارسة الفصلية‪.‬‬

‫أما إذا عرجنا الآن على السؤال الرابع‪ ،‬وهو السؤال الذي يبتغي رصد بعض‬

‫انعكاسات الشروخ الموجودة بين المقررات الجامعية والوثيقة التوجيهية على الدرس‬

‫الفلسفي في الثانوي‪ ،‬فإننا نتبين من خلال الأجوبة المعطاة أنها تسلط الضوء على ثلاث‬

‫آفات رئيسية‪ ،‬وهي‪ :‬صعوبة إدراك أصل الإشكال‪ ،‬طغيان التأو يلات الشخصية‪ ،‬استحالة نقل‬

‫المعرفة الفلسفية من مستواها العالم إلى مستواها المدرسي‪.‬‬

‫إن هذه الآفات كفيلة بأن تدعونا لندق ناقوس الخطر وأن نسرع في إ يجاد‬

‫حلول آنية ومباشرة‪ ،‬ولعل في جواب المتدخل الثالث إشارة إلى مثل هذا حينما يؤكد‬

‫على ضرورة خلق تكوين مواز للمدرس في مساره المهني‪ .‬وما يجعلنا نلح على ضرورة‬

‫‪1‬‬
‫نذكر هنا على سبيل المثال لا للحصر مساهمة كل من‪ :‬الدكتور يوسف العماري في مقال له تحت عنوان‪« :‬أسئلة‬
‫أولية حول الكتاب المدرسي»‪ ،‬إضافة إلى مقالتين له في جريدة الإتحاد الاشتراكي بعوان‪« :‬آفات التحرير السائب‬
‫لتأليف الكتاب المدرسي لمادة الفلسفة‪ :‬تناول مفهوم القابلية للتكذيب والعقلانية العلمية نموذجا»‪ .‬ومساهمة الدكتور‬
‫مصطفى العارف بمقال له تحت عنوان‪« :‬الدرس الفلسفي في ظل ال كتب المدرسية»‪ .‬إلى جانب هذا هنالك مساهمة‬
‫أساتذةكثر‪ ،‬منهم الأستاذ كمال صدقي في مدونته الإل كترونية‪ ،‬ومساهمة الباحث الأكاديمي عبد الله بربزي بدراسة‬
‫له تحت عنوان‪« :‬تدريس الفلسفة بال كفايات وآثارها على التفكير النقدي‪ :‬الثانية باكالور يا نموذجا»‪ .‬إضافة‬

‫‪79-146‬‬
‫هذا التكوين الموازي هو حينما نستحضر السؤال الخامس الذي يزيد من تعميق الهوة‬

‫بفعل استحضاره للخلفيات الثلاث التي يصدر منها مدرس الفلسفة اليوم‪ ،‬هذه‬

‫الخلفيات التي تعددت حولها آراء المشاركين بين معول بشكل أساس على التكوين‬

‫الذاتي في نفي تام لهذه التعددية‪ ،‬إلا أنه لا يخفى على المتأمل في هذا الجواب أن‬

‫يتلمس بعض جوانب الإطلاقية ل كونه لا يسعف الدارس في تبين مكامن الخلل بشكل‬

‫دقيق‪ .‬ثم إن الحديث عن التكوين الذاتي مسألة مفروغ منها‪ ،‬ل كن يبقى التكوين‬

‫الأكاديمي هو الحجر الأساس الذي يبنى عليه كل شيء‪ ،‬فإذا أصيب بخلل فلا يمكن‬

‫حله إلا في ضوء رؤ ية شاملة متكاملة‪ .‬وعلى النقيض من هذا نجد أن ما يطبع أجوبة‬

‫المتدخل الأول والثالث كونها توطن مكامن الخلل بشكل دقيق‪ ،‬بحيث إذا اقتصرنا‬

‫على طالب الفلسفة فإن المشارك الأول يرسم لنا إمكانات وحدود هذا الأخير حينما‬

‫يحدد المسائل التي هو ضليع فيها والمسائل التي يحتاج إلى تكوين فيها من جديد‪ .‬أما‬

‫المشارك الثالث فبدوره ينخرط في هذا المسار حينما يؤكد على أهلية هذا الأخير على‬

‫القيام بمهمة التدريس‪ ،‬ل كن هذا لا يمنع في نظره من مواصلة التكوين وتطويره بشكل‬

‫مستمر‪ .‬وأخيرا نجد أن الإجابات كلها تتفق على عدم كفاية المعارف الديداكتيكية‬

‫والبيداغوجية التي يتلقاها الطالب(ة) في مراكز التكوين‪ ،‬إذ يبقى دور هذه الأخيرة‬

‫محدودا في الجهود التي تبذلها‪ ،‬وبالتالي لا مفر من الاعتراف بأن مراكز التكوين لا‬

‫يمكن أن تغطي النقص التكويني في صفوف مدرسي الفلسفة على مستوى المعارف‬

‫التخصصية‪ ،‬وأنه لابد من التفكير في حلول أخرى أكثر نجاعة وشمولية‪.‬‬

‫يتحصل مما سبق أنه بالرغم من الإمكانات المعرفية التخصصية التي يتميز بها‬

‫الطالب(ة) في شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬إلا أن هذا لا يمنع من تسجيل شروخ وتباينات‬

‫‪80-146‬‬
‫عديدة في طبيعة تكوينه؛ ولعل هذه النتيجة ليست فقط مجرد محصلة مقابلة مباشرة‬

‫بين طبيعة تكوينه والمطلوب في السلك الثانوي‪ ،‬وإنما هي خلاصة تعضد طرحها من‬

‫خلال آراء وشهادات حية ملموسة من واقع الممارسة الفصلية لمدرسي الفلسفة في‬

‫السلك الثانوي ال تأهيلي‪.‬‬

‫‪81-146‬‬
‫تبدأ مشكلة الطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع بمجرد استحضار نوعية خلفيته‬

‫الأكاديمية‪ ،‬هذه الخلفية التي تكاد تختلف «جذر يا» عن خلفية الطالب(ة) في مسلك‬

‫الفلسفة‪ ،‬كما أنها تفترض أن لها مسارا أكاديميا له مقوماته المميزة لنطاقه وآلياته التي‬

‫تحدد بشكل أو بآخر طبيعة العلاقة المعرفية التي تربطه بباقي التخصصات‪ ،‬وعلى رأسها‬

‫تخصص الفلسفة الذي يهمنا في هذا السياق‪ .‬صحيح أن حقلي الفلسفة والسوسيولوجيا‬

‫تربطهما علاقة متينة بحكم اهتمامهما الشديد بقضايا الإنسان في ذاته هو‪ ،‬وفي إطار‬

‫التفاعل مع غيره ومحيطه‪ ،‬غير أن ما يميز هذا الاهتمام هو كونه متباينا؛ لا من حيث‬

‫طرق الاشتغال‪ ،‬ولا من حيث الرهانات الموجهة لطبيعة المقاربة‪ ،‬ولعل هذا التباين‬

‫هو الذي أدى في زمن مضى إلى استقلالية علم الاجتماع بذاته كعلم قائم الذات –‬

‫من بين علوم إنسانية أخرى في منتصف القرن التاسع عشر– عما سمي وقت ذاك فلسفة‬
‫‪1‬‬
‫اجتماعية تأملية ميتافيز يقية‪.‬‬

‫تجدر الإشارة ههنا إلى أن الغرض من تبين هذه الفروق ليس هو الخوض في‬

‫إشكالات إبستمولوجية لا تتصل مباشرة بالإشكال المطروح‪ ،‬وإنما الغرض من‬

‫استحضارها هو البناء عليها كمقدمات أولية‪ ،‬خاصة في معترك الحديث عن بعض‬

‫الشروخ الموجودة بين وثيقة التوجهات التربو ية لمادة الفلسفة و بين المقررات الجامعية‬

‫لشعبة علم الاجتماع‪.‬‬

‫‪ 1‬وديع الجعواني‪ ،‬دروس وحدة‪ :‬أسس علم الاجتماع‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪( ،‬كلية الآداب والعلوم‬
‫الإنسانية ‪-‬تطوان‪ ،‬الموسم الدراسي ‪.2 ،)2021-2020‬‬

‫‪82-146‬‬
‫فعلا‪ ،‬لا يخطئ الناظر في طبيعة العلاقة بين المكونين – قيد الدراسة والتحليل‬

‫– من تلمس عدة مستو يات الاختلاف بينهما؛ سواء أتعلق الأمر بمرجعيات الانطلاق‬

‫أو تعلق الأمر بالأدوات العملية التي يستند إليها مدرس(ة) الفلسفة في مقاربة‬

‫النصوص الفلسفية قصد تحقيق الغايات البيداغوجية المسطرة في وثيقة التوجيهات‬

‫التربو ية‪ ،‬والتي تتجسد في تمكين التلميذ من أربع كفايات أساسية‪ ،‬وهي‪( :‬ثقافية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ومنهجية‪ ،‬وتواصلية‪ ،‬واستراتيجية)‪.‬‬

‫يعمل السؤال الإشكالي في هذا المحور على ضوء ما سبق ذكره من خلال بيان‬

‫الإمكانات المعرفية التي يتميز بها الطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع‪ ،‬وكذا النواقص‬

‫التي تعتري طبيعة تكوينه الجامعي في إطار العلاقة البيداغوجية التي تربطها بالوثيقة‬

‫ق تخصصه الجامعي‬
‫التوجيهية‪ ،‬فهل يمتلك هذا طالب في مسلك علم النفس من منطل ِ‬

‫ما يكفي من المعارف الفلسفية التي تؤهله لتدريس الفلسفة في الثانوي؟ أم أن هنالك‬

‫شرخا حادا بين طبيعة تكوينه والمطلوب في الدرس الفلسفي في الثانوي؟‬

‫يعد هذا السؤال مسلكا أساسيا لبيان مستو يات الاختلاف التي أشرنا إليها آنفا‪،‬‬

‫غير أن هذا لا يعني اطلاقا أننا سنركز فقط على هذه الأخيرة حصرا؛ إذ لا يعقل أن‬

‫نغض الطرف عن جانب مهم من الموضوعات التي يلتقي فيها التكوين الجامعي‬

‫لطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع مع الوثيقة التوجيهية‪ ،‬ذلك أن تهميش مواطن‬

‫التلاقي بين الجانبين سيؤدي إلى فهم مغلوط‪ ،‬والذي نحاول ما أمكن الابتعاد عنه من‬

‫خلال الصدور عن مقاربة موضوعية نراهن على تحقيقها – ولو بقدر يسير جدا – في‬

‫هذا العمل المتواضع‪.‬‬

‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.16 ،‬‬

‫‪83-146‬‬
‫ق هذا الهدف‪ ،‬إذن‪ ،‬يكون لزاما علينا أن ننتهج مسارين متواز يين‪ ،‬الأول‬
‫لتحقي ِ‬

‫يبتغي ال كشف عن مواطن التوافق بين المكونين‪ ،‬أما الثاني فيراد منه أن يوطن بشكل‬

‫دقيق معالم الاختلاف وتجلياته فيما يخص البنية المضمونية لكل من المكون النظري‬

‫التوجيهي لمادة الفلسفة في السلك الثانوي‪ ،‬والمكون الجامعي التخصصي لشعبة علم‬

‫الاجتماع‪.‬‬

‫وجب التنبيه بداية إلى مسألة أساس‪ ،‬وهي أن الخلفية الموجهة لهذا المحور تسير‬

‫على قدم وساق مع ما رسمنا معالمه في المحور الأول‪ ،‬ل كن مع الإشارة إلى أننا لن نكرر‬

‫المعطيات المنهجية التي سبق التعرض إليها سابقا‪ ،‬وإنما سنحاول استثمار مكتسباتها‬

‫بشكل مباشر‪.‬‬

‫إن أول معطى وجب الانطلاق منه‪ ،‬في معرض تبين بعض ملامح التوافق بين‬

‫المكونين هو الإشارة إلى أن القاعدة المشتركة التي توحد جميع التخصصات الموسومة‬

‫إما بالفلسفة أو علم الاجتماع أو علم النفس أن لها قاسما مشتركا يتمثل في الجذع‬

‫المشترك‪ ،‬ففي هذا المرحلة يتلقى الطلبة نفس الدروس والوحدات الشاملة لهذه الفروع‬

‫الثلاث على المستوى الوطني‪ ،‬وفي هذه القاعدة بالذات يمكن أن نرصد جملة من‬

‫التوافقات التي تربط بين التخصص الجامعي‪ ،‬وبالضبط شعبة علم الاجتماع مع الوثيقة‬

‫التوجيهية لمادة الفلسفة‪ ،‬فكيف السبيل لاستنباط هذه التوافقات وتبين ملامحها بشكل‬

‫دقيق ومحكم؟‬

‫لمحاولة ِ الإجابة على السؤال يلزمنا الرجوع القهقرى قليلا للوقوف على نقطة‬

‫أساسية‪ ،‬ألا وهي المقارنة الموضوعاتية [‪ ،]Thematic Comparison‬هذه المقارنة‬

‫‪84-146‬‬
‫التي سرنا على نهجها في المحور الأول‪ ،‬والتي سنعمل على وحي منها هنا بغرض رصد‬

‫بعض ملامح التوافقات بين المكونين السابقين‪.‬‬

‫ليس يصعب على الدراس أن يتبين ملامح التوافق بجلاء بين الوثيقة التوجيهية‬

‫والمقررات الدراسية لشعبة علم الاجتماع‪ ،‬هذه التوافقات التي تبتدئ كما سبقت‬

‫الإشارة من الجذع المشترك‪ ،‬لتنتقل بعد ذلك إلى مستوى الأولى باكالور يا‪ ،‬ل كن‬

‫بحدة أقل‪ ،‬ولتصل في الثانية باكالور يا إلى نهايتها‪ ،‬ل كن بشكل جزئي فقط‪ .‬ول كي نتبين‬

‫ذلك‪ ،‬كان لابد أن نستعين بالعناصر المجدولة التالية‪:‬‬


‫الوحدات الدراسية يف شعبة علم‬ ‫الوحدات الدراسية يف السلك الثانوي التأهيلي‬
‫االجتماع‬
‫‪ .1‬جمزوءة الفلسفة‪ :‬لقد سبقت اإلشارة سابقا أن هذه ‪ .1‬مبادئ التفكري الفلسفي‪ :‬تتضمن هذه‬
‫اجملزوءة تتضمن عناصر هلا ارتباط مباشر بسياق نشأة الوحدة‪ ،‬إىل جانب وحدة مفاهيم ونصوص‬
‫التفكري الفلسفي‪ ،‬من جهة‪ ،‬وابلعناصر املنهجية احمليطة به فلسفية‪ ،‬ما يكفي من املعارف الفلسفية‬
‫واحملددة لنمط اشتغاله بوصف نطاقا من نطاقات املعرفة األكادميية اليت متكن الطالب(ة) يف شعبة‬
‫علم االجتماع من أن يبلور فهما علميا‬ ‫اإلنسانية؛‬
‫ال ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذع املشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرتك‬

‫دقيقا وسليما مبا حييط بسياق نشأة‬


‫التفكري الفلسفي وابألدوات املنهجية‬
‫املؤطرة لنمط اشتغاله‪ .‬ومما يعضد هذا‬
‫الطرح هو اهلاجس البيداغوجي الذي تؤكد‬
‫عليه الوثيقة التوجيهية‪ ،‬وهو احلرص ما‬
‫‪ .2‬جمزوءة الطبيعة والثقافة‪ :‬حتتوي هذه اجملزوءة على أمكن على تناول هذه اجملزوءة «ببساطة‬
‫مفهومني أساسيني‪ ،‬ومها‪« :‬الطبيعة» و«الثقافة»‪ ،‬وتعمل ووظيفية مراعاة ملبدأ التعرف املؤسس‬
‫‪1‬‬
‫على مقاربتهما من زوااي عدة‪ ،‬منها الفروق اليت حتدد لربامج الفلسفة يف اجلذوع املشرتكة»‪.‬‬
‫إطارمها‪ ،‬واثنيا رصد عالقتهما ابلكائن البشري‪ ،‬وأخريا تبني‬

‫‪1‬‬
‫وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.22 ،‬‬

‫‪85-146‬‬
‫بعض أوجه التفاعالت اليت ينتجها اإلنسان مع الطبيعة ‪ .3‬أسس علم االجتماع‪ :‬تتضمن هذه‬
‫الوحدة إىل جانب وحدات أخرى متقاطعة‬ ‫والثقافة؛‬
‫معها عموداي من مثل‪ :‬مبادئ التفكري‬
‫الفلسفي ومفاهيم ونصوص ما يكفي من‬
‫املعارف الفلسفية اليت تعطي األحقية‬
‫لطالب يف شعبة علم االجتماع لتدريس‬
‫هذه اجملزوءة‪ .‬هذا إىل أن جانب كون‬
‫مسارات ختصصه تتيح له بشكل أو آبخر‬
‫االحتكاك بقضااي هلا صلة مبفهومي الثقافة‬
‫والطبيعة‪ .‬ويتعزز أيضا هذا الطرح‬
‫ابستحضار اهلاجس البيداغوجي الذي‬
‫يؤطر عمل هذه اجملزوءة لكونه خيضع‬
‫«لبساطة يف التناول واحنصاره يف حدود‬
‫التجريب األويل للممارسة التفكري‬
‫‪1‬‬
‫الفلسفي»؛‬

‫‪ .1‬جمزوءة اإلنسان‪ :‬وخباصة منها مفهوم اجملتمع أو البعد ‪ .3‬أسس علم االجتماع‪ :‬تتضمن هذه‬
‫االجتماعي على حد تعبري الوثيقة التوجيهية‪ ،‬فهذا املفهوم الوحدة إىل جانب وحدات أخرى متقاطعة‬
‫األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ابكالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوري ـ ــا‬

‫وما يتضمنه من حماور وهي‪« :‬أساس االجتماع البشري»‪ ،‬معها عموداي وأفقيا من قبيل‪( :‬ميادين‬
‫و«الفرد واجملتمع» و«اجملتمع والسلطة»‪ ،‬يعد حبق من صلب وتيارات علم االجتماع؛ املؤسسات‬
‫االجتماعية؛ علم النفس االجتماعي؛‬ ‫التخصص األكادميي لطالب يف شعبة علم االجتماع؛‬
‫‪-2‬جمزوءة الفاعلية واالبداع‪ :‬ميكن أن ندرج يف هذه اجملزوءة سوسيولوجيا الثقافة؛)‪ .‬تشمل هذه‬
‫ابلضبط مفهومي‪ :‬الشغل والتبادل على وجه التحديد نظرا الوحدات إىل جانب وحدات أخرى مجلة‬
‫من املعارف اليت تساعد الطالب(ة) يف‬ ‫التصاهلما بشكل مباشر بقضااي ختص علم االجتماع؛‬
‫شعبة علم االجتماع على مقاربة هذه‬

‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.22 ،‬‬

‫‪86-146‬‬
‫املفاهيم وفقا للصياغة اليت تنشدها الوثيقة‬
‫التوجيهية؛‬

‫‪ .2‬جمزوءة املعرفة‪ :‬خاصة منها مفهوم «العلوم اإلنسانية»‪ .3 ،‬النظرايت السوسيولوجيا املعاصرة‪:‬‬
‫حتتوي هذه الوحدة إىل جانب وحدات‬ ‫وما يندرج حتت هذا املفهوم من حماور؛‬
‫أخرى متقاطعة معها عموداي وأفقيا من‬
‫قبيل‪( :‬املناهج الكمية والكفية‪ ،‬أسس‬
‫ابستملوجيا‬ ‫االجتماع‪،‬‬ ‫علم‬

‫الثانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنية ابكال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوراي‬


‫السوسيولوجيا)‪ ،‬على عدة معرفية أكادميية‬
‫تتصل بشكل مباشر ابإلشكال املطروح يف‬
‫العلوم اإلنسانية‪ ،‬وهو «العلمية»‪ ،‬وهلذا‬
‫فإن الطالب(ة) يف علم االجتماع يكون‬
‫أقدر على تبني معامل هذا اإلشكال وأصوله‬
‫الفلسفية والتارخيية ومالحمه املوضوعية‪،‬‬
‫وابلتايل له األهلية يف تدرسه الفلسفة‬
‫السلك الثانوي‪ ،‬لكن على املستوى‬
‫النظري فقط؛‬

‫الملاحظات المحور ية التي يمكن استنباطها من خلال الجدول أعلاه هي أولا‬


‫ِ‬ ‫من‬

‫وقبل كل شيء ضرورة التأكيد على أن حجم التعالق بين الجانبين – وكما سبق التلميح‬

‫لذلك آنفا – لا يسير وفق وتيرة واحدة ووحيدة‪ ،‬منسجمة ومتكاملة‪ ،‬بل العكس‬

‫تماما؛ إذ أن السبر الدقيق والعميق للعناصر المجدولة لا يدع أدنى مجال للشك للإقرار‬

‫بأن هذه التوافقات ليست بتلك الصورة المتوقعة‪ ،‬لا من حيث مواطن الحضور‬

‫وتجلياته‪ ،‬ولا من حيث شمولية الحضور وتراتبيته‪.‬‬

‫يعضد هذه الملاحظة مسلمتان أساسيتان‪:‬‬


‫إن ما ِ‬

‫‪87-146‬‬
‫‪ -‬الأولى تتمركز في كون هذا الحضور يتخذ صورة واحدة ونمطا وحيدا‪ ،‬ألا‬

‫وهو النمط السوسيولوجي‪ ،‬بحيث جل الموضوعات التي يتوافق فيها المكونان‬

‫ذات خلفية سوسيولوجية بامتياز‪ ،‬في حين أن الوثيقة التوجيهيةكما سبق أن‬

‫رأينا تنظر إلى المعارف في صورة تركيبية شمولية؛ صحيح أنها تشمل قضايا‬

‫ذات طابع سوسيولوجي‪ ،‬ل كن هذ لا يعني البتة أنها المكون الأساس لها‬

‫أو العنصر الغالب فيها‪ ،‬وإنما يعني فقط أنها رافد من بين روافد أخرى‬

‫أهمها الروافد الفلسفية‪ ،‬هذا إذا لم نعتبر أن هذه الإشكالات بشكل أو‬

‫بآخر يمكن إدراجها ضمن حقل الفلسفة‪.‬‬

‫‪ -‬أما المسلمة الثانية فتتجلى أساسا في كون طبيعة الحضور يق ِل كلما انتقلنا‬

‫من مستوى إلى آخر‪ ،‬بحيث إذا كان بالإمكان الإقرار بأن الجذع المشترك‬

‫تكاد تتصل فيه الموضوعات بدرجةكبيرة‪ ،‬فإنه سرعان ما ينقطع حبل هذا‬

‫الاتصال بدءا من المستوى الثاني الذي يكشف ومن منطلق لغة الجبر‬

‫والحساب أنه ومن أصل مجزورتان نجد أن ثلاثة مفاهيم فقط لها صلة‬

‫بالمقررات الدراسية الجامعية لشعبة علم الاجتماع‪ ،‬لتزداد حدة هذا‬

‫الانفصال في المستوى الثالث الذي تحضر فيه القضايا ذات القواسم‬

‫المشتركة حضورا ذا سمة تكميلية هامشية ضمن مجزوءة المعرفة التي مرتكزها‬

‫الأساس هو النظر الفلسفي إلى إشكالية المعرفة الإنسانية عموما‪ ،‬وللقضايا‬

‫الابستمولوجية المرتبطة بها خصوصا‪.‬‬

‫لا ينبغي أن يترسخ في الأذهان اطلاقا أن الهدف من هذه الملاحظات هو‬

‫السقوط في وضعية تناقضية تقر الشيء ونقيضه‪ ،‬وإنما ينبغي أن توضع في سياقها‬

‫‪88-146‬‬
‫الموضوعي المخصوص‪ ،‬هذا السياق الذي لا ينظر إليها في حدودها الضيقة والسطحية‪،‬‬

‫حصلة نظر عميق وسبر دقيق للعناصر‬


‫وإنما يحاول أن يقاربها من زاو ية موضوعية تعتبرها م ِ‬

‫المجدولة التي تكشف بذاتها أن طبيعة القواسم المشتركة بين العنصرين لا تخرج عن‬

‫الإطار العام الذي حددت معالمه المسلمتان السابقيتان‪ ،‬وبالتالي لا مناص من الإقرار‬

‫بأن الحضور التوافقي‪ ،‬إن صح هذا التعبير‪ ،‬الذي يسم علاقة المكونين ببعضهما من سماته‬

‫الأساسية أنه حضور متواضع في حجمه‪ ،‬جزئي في تمفصلاته‪ ،‬وفوق هذا لا وجه‬

‫لمقارنته من حيث عمقه وتأثيره بما نجده في شعبة الفلسفة‪.‬‬

‫ليس يخفى أن هذه الملاحظات السابقة‪ ،‬وإن بدت من الوهلة الأولى أنها أولية‬

‫وغير كافية لاستشكال طبيعة العلاقة بين المكون النظري التوجيهي والتخصص‬

‫الأكاديمي لشعبة علم الاجتماع‪ ،‬فإن التوقف عندها بنظرة نقدية فاحصة لمضمونها‪،‬‬

‫من جهة‪ ،‬ولأبعادها‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬يقودنا حتما إلى اعتبارها تشكل مدخلا أساسيا‬

‫لاستشكال طبيعة العلاقة بين المكونين‪ ،‬خاصة على الصعيد المضموني الذي يهمنا في‬

‫هذا السياق‪ ،‬هذا الجانب الذي يتطلب الدخول في حيثياته المفصلية التحضير له على‬

‫الصعيدين المنهجي والإشكالي‪ ،‬فأيهما أكثر عمقا وأصالة؟ نعم‪ ،‬إن الصعيد المنهجي له‬

‫المكانة الأساسية في هذا المعترك‪ ،‬إلا أن هذا لا يعني ألا قيمة للصعيد الإشكالي‪ ،‬ذلك‬

‫أن كلا الجانبين ومن موقعهما المختلفين يشكلان منطلقين ضرور يين للدخول في معمعان‬

‫العلاقة التي نحن بصدد توطين معالمها المختلفة والمتباينة‪ .‬ولنبدأ مع الصعيد المنهجي‪،‬‬

‫هذا الأخير الذي يحتم علينا العودة إلى بداية المحور‪ ،‬و بخاصة النقطة المتعلقة بالفروق‬

‫البينة بين الفلسفة وعلم الاجتماع‪ ،‬على اعتبار أن خلفية الطالب(ة) في شعبة علم‬

‫الاجتماع لا تتوافق مع الوثيقة التوجيهية‪ ،‬لا من حيث المنطلقات والأسس‪ ،‬ولا من‬

‫‪89-146‬‬
‫حيث الرهانات والغايات‪ ،‬من ذلك أن من بين القواعد المؤسسة للوثيقة التوجيهية‬

‫كونها تقوم على مرتكزين أساسيين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫‪ -‬المقاربة الفلسفية‪ :‬تهدف هذه المقاربة كما هو مسطر في الوثيقة التوجيهية إلى‬

‫تعليم التفلسف لتلاميذ من خلال اكسابهم ثلاث قدرات أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫(البناء الإشكالي؛ البناء المفاهيمي؛ الحجاج الفلسفي؛‬

‫‪ -‬اعتماد المفاهيم‪ :‬هذا الاعتماد الذي يأتي في سياق ما عرفه و يعرفه واقع‬

‫تدريس الفلسفة في الفضاء ال كوني‪ ،‬من تجديد وتطوير‪ ،...‬و يأتي أيضا في‬

‫سياق إرساء مقاربة تعليمية تعلمية مستحدثة تعتبر أن المفاهيم الفلسفية‬

‫’’ليست دروسا بالمعنى التقليدي‪ ،‬وإنما هي [‪ ]...‬مواد للتفكير الفلسفي على‬

‫نحو اشكالي (لما يمكن أن تحمله من التباسات ومفارقات)‪ ،‬ومسالك لإنشاء‬


‫‪2‬‬
‫فضاء فلسفي[‪‘‘]...‬؛‬

‫فيصعب‪ ،‬إذن‪ ،‬أن نعتبر شعبة علم الاجتماع تهدف في مقرراتها الدراسية إلى‬

‫تمكين الطالب(ة) من تعلم الفلسفة بما هي ممارسة فكر ية لها شروطها ومحدداتها‪ ،‬وإنما‬

‫غرضها هو تمكينه من المعرفة السوسيولوجية بالدرجة الأولى؛ صحيح أنها تدرس‬

‫وحدات من صميم التفكير الفلسفي‪ ،‬ل كنها ليست بتلك الأصالة التي تلزم الإقرار بكونها‬

‫تبتغي تعليم الفلسفة‪ ،‬فضلا عن الإقرار بأنها تمكن الطالب(ة) من تدريسها! تظهر هذه‬

‫النقطة‪ ،‬إذن‪ ،‬مدى التعارض بين المكونين‪ ،‬هذا التعارض الذي تزداد شعلته في‬

‫الوهجان باستحضار عامل دعامة المفاهيم الفلسفية‪ ،‬بحيث نكاد نجزم أن شعبة علم‬

‫الاجتماع بكونها تشكل حقلا معرفيا منتجا لمفاهيم ذات طابع فلسفي اشكالي صرف‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.9 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫المرجع السابق‪.5 ،‬‬

‫‪90-146‬‬
‫أمر يصعب تقبله‪ ،‬وإلا سنقع في الخلط بين التخصصات‪ ،‬ذلك أن الملاحظة العينية‬

‫للبنية المعمار ية المضمونية لشعبة علم الاجتماع تكشف عن أنها تبتغي رسم معالم الظاهرة‬

‫الاجتماعية [‪ ،]Social Phenomenon‬من خلال أدوات عملية‪ ،‬وهي المناهج الكمية‬

‫وال كيفية‪ ،‬وعبر وسائل علميةكالاستمارة والمقابلة والاحصاء وغيرها‪ ،‬وذلك من خلال‬

‫ملامسة تجليات هذه الظاهرة في مختلف تمظهراتها المتعددة‪ ،‬السياسية منها والدينية‬

‫والقرو ية والحضر ية‪ ،‬والثقافية منها والبيئية والاقتصادية ‪...‬‬

‫ل ِنأت الآن إلى الصعيد الإشكالي الذي ينطلق مما هو منهجي‪ ،‬على اعتبار أن‬

‫الحيثيات التي يقدمها هذا الأخير تقود حتما إلى استشكال طبيعة العلاقة بين المكونين‬

‫بخلفية منهجية واعية بذاتها و بتمظهراتها‪ ،‬ومسترشدة بمعطيات موضوعية متينة‪ ،‬لا عن‬

‫خلفية متوهمة أو مصطنعة كما قد يتبادر إلى الذهن‪ .‬ومنه‪ ،‬فإن الأسءلة الشائكة التي‬

‫تتبادر إلى ذهننا في هذا المضمار يمكن تفر يغها كالآتي‪ :‬كيف يمكن رصد تمظهرات‬

‫هذا الشرخ المنهجي بين الوثيقة التوجيهية والمقررات الجامعية لشعبة علم الاجتماع؟ ما‬

‫هو حجم الانفصال المضموني بين المكونين؟ ثم ماذا عن أبعاد هذا الانفصال‬

‫وانعكاساته؟ وأخيرا ما هو موقف أساتذة المادة‪ ،‬خاصة منهم أصحاب خلفية أكاديمية‬

‫سوسيولوجية من هذه الاشكالية؟‬

‫أكيد أن محاولة الاقتراب من هذه الإشكالات مسألة ٌ تتطلب تحديدا دقيقا‬

‫لمسارها‪ ،‬هذا المسار الذي يتخذ صورة المقارنة الموضوعاتية تفيدنا في رصد تجليات‬

‫الشرخ المضموني بين الجانبين‪ ،‬ومن ثمة تفكيك هذه الشروخ وتحليلها طبقا للمعطيات‬

‫الوصفية وما تحصلنا عليه من إجابات طرف أساتذة المادة في السلك الثانوي‪.‬‬

‫‪91-146‬‬
‫لعل أول معطى يستوقفنا ونحن بصدد انجاز مقارنة موضوعاتية يتجسد أساسا في‬

‫كون المقابلة الأولية بين تخصص الفلسفة العامة‪ ،‬من ناحية‪ ،‬وتخصص علم الاجتماع‪،‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬من حيث غياب وحدات أساسية من صميم الممارسة الفلسفية‪،‬‬

‫تبين بوضوح تام أن شعبة علم الاجتماع لا يتعلق فيا الأمر بغياب جزءي أو تباين‬

‫لبعض المواد الأساسية‪ ،‬من قبيل‪( :‬فلسفة الأخلاق؛ فلسفة اللغة؛ فلسفة العلوم؛‬

‫الفلسفة السياسية؛ الفلسفة الإسلامية والحديثة؛ الإبستمولوجية؛ الميتافيز يقا؛‬

‫المنطق‪ ،)...‬كما هو الحال مع شعبة الفلسفة العامة؛ وإنما يتعلق الأمر بغياب شبه كلي‬

‫لهذه الوحدات بدءا من الفصل الثاني إلى السادس بالنسبة للتخصص الأكاديمي لشعبة‬

‫علم الاجتماع‪ ،‬هذا الغياب الذي لا يرتبط فقط بكلية دون أخرى‪ ،‬بل يكتسح جل‬

‫الكليات المتخصصة على المستوى الوطني‪ ،‬خاصة منها الجامعات الأربع التي ينحدر منها‬

‫الطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع في الغالب الأعم‪.‬‬

‫ل كي نوطِد هذه الفكرة بشكل واضح وملموس ما علينا إلا أن نسترشد بالعناصر‬

‫المجدولة التالية التي تظهر مدى الانفصال بين المكون النظري التوجيهي‪ ،‬والمكون‬

‫الجامعي التخصصي لشعبة علم الاجتماع‪...‬‬


‫الوحدات الدراسية يف شعبة علم‬ ‫الوحدات الدراسية يف السلك الثانوي التأهيلي‬
‫االجتماع‬
‫‪ .1‬جمزوءة اإلنسان‪ :‬خنص ابلذكر يف هذه اجملزوءة املفاهيم ‪ .1‬ال نعثر يف الوحدات املقررة يف شعبة‬
‫الثالث‪ ،‬وهي عل التوايل‪« :‬الوعي والالوعي» و«ماهية علم االجتماع بتوافق اتم بني مجيع‬
‫ابكالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوري ـ ــا‬
‫األول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى‬

‫اللغة» و«الرغبة»‪ .‬هذه املفاهيم اليت تنهل من حقلني الكليات على وحدة هلا صلة من قريب أو‬
‫خمتلفني‪ ،‬ومها‪ :‬السيكولوجية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وفلسفة اللغة من بعيد مبفهومي‪« :‬الوعي والالوعي»‬
‫و«الرغبة» ابعتبارمها ينتميان إىل حقل‬ ‫جهة اثنية؛‬
‫السيكولوجيا‪ ،‬صحيح أنه تدرس وحدة‬

‫‪92-146‬‬
‫علم النفس االجتماعي‪ ،‬إال أن السياق‬
‫حضور مباين متاما‪ .‬أما عن ماهية اللغة‬
‫‪ .2‬جمزوءة الفاعلية واإلبداع‪ :‬يتعلق األمر يف هذه اجملزوءة فإهنا تغيب كلية يف شعبة علم االجتماع‪،‬‬
‫ابملفهومني األساسني‪ ،‬ومها‪« :‬ماهية الفن» و«التقنية»‪ ،‬على اعتبار الوثيقة التوجيهية تناقش هذه‬
‫اللذان يستمدان مرجعيتهما من حقلي فلسفة اجلمال و‪/‬أو القضية من منظور فلسفة اللغة؛‬
‫‪ .2‬يكاد ال خيتلف األمر ابلنسبة ملفهوم‬ ‫فلسفة الفن‪ ،‬ومن فلسفة العلم أو االبستمولوجيا؛‬
‫ماهية الفن‪ ،‬فعلما أن هذا املفهوم ينتمي‬
‫إىل فلسفة اجلمال‪ ،‬وهي مبحث أصيل يف‬
‫التفكري الفلسفي‪ ،‬فال مناص من اإلقرار‪،‬‬
‫إذن‪ ،‬أن التكوين اجلامعي لطالب(ة) يف‬
‫شعبة علم االجتماع ال تربطه أدىن صلة‬
‫هبذا املبحث‪ .‬وابملثل فإن على هذا املفهوم‬
‫‪1‬‬
‫ميكن إحلاقه مبفهوم التقنية؛‬
‫‪ .1‬جمزوءة الوضع البشري‪ :‬يتعلق األمر يف هذه بثالث ‪ .1‬ال نعثر يف الوحدات املقررة يف شعبة‬
‫مفاهيم أساسية مكونة للوضع البشري‪ ،‬وهي‪( :‬الوجود علم االجتماع أية وحدة تقارب مفهوم‬
‫الوضع البشري كما تطرحه الوثيقة‬ ‫الذايت؛ الغريي التفاعلي؛ التارخيي اجلماعي)؛‬
‫الثانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنية ابكالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوري ـ ــا‬
‫‪ .2‬جمزوءة املعرفة‪ :‬خنص ابلذكر يف هذه اجملزوءة اليت هتدف التوجيهية أببعاده الفلسفية املتعددة‬
‫إىل مساءلة املعرفة اإلنسانية (شروطها وحدودها وغاايهتا)‪ ،‬واملتكاملة؛‬
‫‪ .2‬تغيب يف شعبة علم االجتماع أية‬ ‫مفهومي‪« :‬النظرية والتجربة» و«احلقيقة»؛‬
‫وحدة مرتبطة بنظرية املعرفة مبعناها‬
‫‪ .3‬جمزوءة السياسية‪ :‬تقارب هذه اجملزوءة املفاهيم السياسية الفلسفي سواء التقليدي أو املعاصر كما‬
‫من مثل‪« :‬الدولة» و«السلطة» و«احلق» و«العدالة»‪ ،‬من‬

‫‪ 1‬يورد عز الدين الخطابي في مقالة له تحت عنوان‪« :‬الحضور المؤجل للقضايا الجمالية ببرنامج الفلسفة بالثانوي» *‬
‫نصا للفيلسوف الألماني هوركهايمر يبرز فيه الترابط الشديد بين أهداف الفلسفة كممارسة فكر ية نقدية وأهداف‬
‫الفن كتجربة إنسانية جمالية‪ ،‬وذلك عبر قوله‪’’ :‬تتوحد مع الفن حينما تعبر عن فورة الشغف في اللغة وتحوله إلى‬
‫مجال للتجربة والذاكرة‘‘ * عز الدين الخطابي‪« ،‬الحضور المؤجل للقضايا الجمالية ببرنامج الفلسفة بالثانوي» (المجلة‬
‫التر بو ية‪ ،‬العدد المزدوج ‪ ،10-9‬ماي ‪.107 ،)2004‬‬

‫‪93-146‬‬
‫زاوية فلسفية تبحث عن إمكاانت أتسيسها داخل العالقات تطرحا الوثيقة التوجيهية ابعتبارها تريد‬
‫التأسيس للمعرفة ولسبل إدراك احلقيقة؛‬ ‫اإلنسانية االجتماعية؛‬
‫‪ .4‬جمزوءة األخالق‪ :‬تتناول هذه اجملزوءة مفهوم أخالق يف ‪ .3‬ال جند أي وحدة يف شعبة علم‬
‫أبعاده املركزية‪ ،‬وهي‪« :‬الواجب» «احلرية» و«السعادة»‪ ،‬االجتماع تقابل هذه املفاهيم السياسية‬
‫وذلك يف إطار التأسيس له فلسفيا من خالل البحث عن اليت تطرحها الوثيقة التوجيهية من زاوية‬
‫التمفصل القائم بني اإلكراه والواجب‪ ،‬من جهة‪ ،‬والتساؤل فلسفية أتسيسية جمردة؛‬
‫عن إمكانية احلرية الذاتية يف أفق بلوغ السعادة اإلنسانية؛‬
‫‪ .4‬ال وجه للمقارنة بني الكيفية اليت تطرح‬
‫هبا الوثيقة التوجيهية مفهوم األخالق‪ ،‬على‬
‫اعتبار أنه ينضوي ضمن حقل التفكري‬
‫الفلسفي‪ ،‬وبني الوحدات املقررة يف شعبة‬
‫علم االجتماع؛‬

‫إن التأمل الشديد في هذه المعطيات التي يقدمها الجدول أعلاه لمن شأنه أن يعزز‬

‫بشكل واضح وملموس ما أقررناه آنفا‪ ،‬من ناحية أولى‪ ،‬وأن يفتح أنظارنا على إشكالات‬

‫أكثر تعقيدا وأهمية‪ ،‬من ناحية ثانية‪ ،‬تمس بشكل أو بآخر طبيعة التكوين الجامعي‬

‫للطالب في شعبة علم الاجتماع في إطار علاقته بالمقررات الدراسية لمادة الفلسفة كما‬

‫تنص على ذلك وثيقة التوجيهات التربو ية‪.‬‬

‫يمكن حصر الإشكالات المفصلية التي يثيرها الجدول أعلاه في معطيين‬

‫أساسيين‪ ،‬المعطى الأول له صلة مباشرة بالشرخ المنظوري بين المكونين‪ ،‬أما الثاني فله‬

‫علاقة مباشرة بالمعرفة الفلسفية الأكاديمية التي تكاد تنعدم الصلة بينها وبين ما يتلقاه‬

‫الطالب في شعبة علم الاجتماع‪ .‬ومن أجل تعميق النظر بما يكفي في هذين العنصر ين‬

‫‪94-146‬‬
‫كان لابد من تخصيص فسحة محددة لكل واحد منها‪ ،‬ولنبدأ مع الأول الذي تتحدد‬

‫حيثياته كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تباي ٌن المنظور‪ :‬لا يتخذ الشرخ المنظوري بين الوثيقة التوجيهية والمقررات‬

‫الدراسية في شعبة علم الاجتماع صورة واحدة ووحدة؛ فعلاوة على أنه شرخ‬

‫في طبيعة المقاربة والمنطلقات المؤطرة‪ ،‬فهو كذلك شرخ في الرهانات والغايات‬

‫الموجهة؛ ذلك أن الاطلاع على الوثيقة التوجيهية يظهر أنها تروم تعليم‬

‫التفلسف‪ ،‬وتدريب التلميذ على الحس النقدي‪ ،‬والتساؤل‪ ،‬والنقد‪ ،‬والشك‪،‬‬


‫‪1‬‬
‫إن‬ ‫والتحليل‪ ،‬والتقبل الاختلاف‪ ،‬ومساءلة البداهات والمسلمات‪...‬إلخ‪.‬‬

‫السؤال الذي يفرض نفسه بقو ية ههنا أين هو التكوين الأكاديمي في شعبة علم‬

‫الاجتماع من هذا كله؟ هل فعلا يمكنه من تلك المعارف والعدد المنهجية؟‬

‫واضح أن الجواب لن إلا نفيا لهذه الصلة ومكرسا للهوة بين الجانبين‪ ،‬ولعل‬

‫وجاهة زعمه تقوم على عدة مبررات‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫أ‪ .‬كون طبيعة المقاربة التي تعتمدها الوثيقة التوجيهية في طرح القضايا‬

‫والمجزوءات والمفاهيم تختلف عن طر يقة مقاربتها في شعبة علم الاجتماع؛‬

‫ب‪ .‬كون الآليات المنهجية الموظفة في شعبة علم الاجتماع لا تنسجم‬

‫والآليات التي يشتغل بها الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬من بناء المفهوم‬

‫والأشكلة والحجاج‪.‬‬

‫‪ -‬غياب المعرفة الفلسفية الأكاديمية‪ :‬هذه المعرفة التي لا شك أن علاقة‬

‫الطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع بها علاقة طفيفة ومنحصرة في مواطن‬

‫‪ 1‬وزارة التربية‪ ،‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة‪ ،‬مرجع مذكور‪.7 ،‬‬

‫‪95-146‬‬
‫جزئية متفرقة عكس ما هو حاصل في شعبة الفلسفة العامة؛ بحيث اتصال‬

‫هذا الأخير بتاريخ الفلسفة بمختلف تلوينات أقصد (المباحث‪ ،‬والحقب‪،‬‬

‫والأنساق)‪ ،‬يكاد لا يحصل‪ ،‬وحتى إن حصل فإن زاو ية الانفتاح تكون‬

‫مؤطرة بالنظرة السوسيولوجية‪ ،‬وبالتالي تبقى معرفته بالحقل الفلسفي محدودة‬

‫جدا الشيء الذي سينعكس سلبا على كيفية تمثله للدرس الفلسفي في الثانوي‬

‫وكيفية تحو يله ديداكتيكيا إلى معرفة فلسفية مدرسية‪.‬‬


‫هكذا‪ ،‬إذن‪ ،‬نستشف من خلال المقارنة الموضوعاتية أن الطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع‪،‬‬

‫من حيث طبيعة تكوينه الأكاديمي أنه تتخلله جملة من المزالق والاشكالات التي لا‬

‫يستهان بها‪ ،‬خاصة على المستوى المؤهلات المعرفية الفلسفية الأكاديمية التي من‬

‫المفروض أن تمكنه من تدريس الفلسفة في الثانوي‪.‬‬

‫تدفعنا هذه الخلاصة ‪-‬السالفة الذكر‪ -‬إلى ضرورة الانفتاح على مواقف السادة‬

‫أساتذة المادة النابعة من صميم الممارسة الفصلية‪ ،‬هذا الانفتاح الذي يقتصر في هذا‬

‫السياق على فئة محددة تحديدا دقيقا‪ ،‬ألا وهي الفئة التي تنحدر من شعبة علم الاجتماع‬

‫على وجه التحديد‪ ،‬ولقد تقاسمت مع عدد من الأساتذة المحترمين ينحدرون من هذه‬

‫الشعبة ورقة استطلاع الرأي وكانت الأجوبة المعطاة كالآتي‪ :‬أنظر الملحق‬

‫يتبدى لنا من خلال التبصر الشديد في هذه الأجوبة المعطاة أنها تتصل إلى حد‬

‫كبير مع الأجوبة التي أدلى بها أساتذة الفلسفة ذوي خلفية أكاديمية فلسفية؛ إلا أن‬

‫هذا الاتصال لا يعني المطابقة الحرفية لنوعية الأجوبة حصرا‪ ،‬بقدر ما يعني أنه اتصال‬

‫من حيث عمق إدراك أصل الإشكال المطروح‪ ،‬ومن حيث كذلك التمثل الواعي‬

‫لانعكاساته السلبية على سيرورة الدرس الفلسفي في الثانوي وفاعليته التعليمية‪.‬‬

‫‪96-146‬‬
‫ل هذا التوافق الذي يسم نوعية أجوبة هاتين الفئتين ببعضها البعض‪ ،‬كان‬
‫لأج ِ‬
‫لابد أن ننطلق من فرضية مسبقة محددة مفادها أن الأجوبة المعطاة ‪ -‬ههنا ‪ -‬لا تخرج‬

‫عن الإطار العام الذي رسمت ملامحه المقابلة الموضوعاتية بين المكون النظري‬

‫التوجيهي‪ ،‬والمكون الجامعي السوسيولوجي‪ .‬فكيف يمكن‪ ،‬إذن‪ ،‬التحقق من صحة هاته‬

‫الفرضية؟ وهل يساعدنا التفاعل مع الأجوبة المعطاة اثبات صحتها أم نفي مصداقيتها؟‬

‫إن أول ملاحظة وجب تسجيلها في معرض محاولة التحقق من صحة الفرضية ‪-‬‬

‫الآنفة الذكر ‪ -‬تتحدد أساسا في كون التفاعل النقدي الذي نود إنجازه مع الأجوبة‬

‫المعطاة يسير وفق منطق الإرشادات التي سجلناها آنفا‪ ،‬والمتعلقة بالملاحظ الثلاث‪،‬‬

‫وهي‪( :‬البعد الموضوعي‪ ،‬والعمق التحليلي‪ ،‬والمنطلق المنظوري)‪ .‬وفي الآن نفسه ينحو‬

‫في اتجاه التعامل مع الأجوبة المعطاة لا بوصفها حقائق نهائية ومطلقة‪ ،‬وإنما باعتبارها‬

‫فقط مواقف تعبر عن محاولة بسيطة للتفكير الجماعي المشترك‪ ،‬ل كنها مواقف وآراء ‪-‬‬

‫بطبيعة الحال ‪ -‬تعي محدودية رأيتها وإمكاناتها‪ ،‬من جهة‪ ،‬كما أنها تحتاج من دون شك‬

‫إلى تطوير ومراجعة وإغناء‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬

‫نستهل هذا التفاعل النقدي مع الأجوبة المعطاة بالوقوف على أولها‪ ،‬هذا الأخير‬

‫الذي اتسمت إجابة المشاركين الثلاث عنه بتعدد في مواقفهم‪ ،‬بين تحفظ يطبع جواب‬

‫المشارك الأول‪ ،‬الذي وإن أقر بوجود اتصال‪ ،‬إلا أنه اتصال حسب زعمه يبقى محدود‬

‫الأفق‪ .‬و بين إطلاقية تسم جواب المشارك الثالث الذي لا يخفى على المتأمل فيه أن‬

‫صاحبه لا يعين الدارس بشيء في معرفة وتوطين مكامن الخلل وتجلياته على الصعيد‬

‫المضموني‪ .‬أما المشارك الثالث فعلى ما يبدو من خلال تفاعله أنه يركز على البعد‬

‫الإداري‪ ،‬بيد أنه وعلى الرغم من أهمية هذا البعد‪ ،‬فإنه لا يتصل مباشرة بما نناقشه؛‬

‫‪97-146‬‬
‫ذل كم أننا نناقش المستوى المضموني‪ ،‬أما الجاب التربوي الإداري الذي عبر عنه‬

‫المتدخل بالعلاقة الإلزامية‪ ،‬فلا جدال في كون علاقة الجانبين لا تخرج اطلاقا عن‬

‫هذا المنحى‪ .‬وما يمكن أن نسجله كملاحظة نقدية في هذا المضمار تكمن أساسا في‬

‫كون الأجوبة كلها لم تستطع في نظرنا أن توطن بشكل دقيق ملامح هذا الاتصال ولا‬

‫رسمت لنا حدوده‪ ،‬ينضاف إلى هذا بقاءها في حدود السطحية والعمومية‪.‬‬

‫س من هذا‪ ،‬فإن ما يطبع إجابات المشاركين فيما يخص السؤال الثاني‬


‫على العك ِ‬
‫المتعلق بعدم كفاية المعارف التخصصية‪ ،‬كونها جاءت صر يحة مباشرة تقر بعدم كفاية‬

‫هذه الأخيرة‪ ،‬وليس هذا وفقط‪ ،‬بل إن بعضها ‪ -‬خاصة المشارك الثاني ‪ -‬يفتح أعيننا‬

‫على آفاق مهمة منها ضرورة التكوين الذاتي والمستمر باعتبارهما دعامتين أساسيتين‬

‫للتكوين الأكاديمي الأساس‪ .‬وبالنظر إلى اتصال هذا السؤال بما يتبعه‪ ،‬فإننا واجدون‬

‫أن إجابة المشاركين الثلاث تجمع كلها على وجود صعوبة في تدريس ’’مجزوءة المعرفة‘‘‬

‫إن السؤال الذي يمكن أن نطرحه منذ الوهلة الأولى يتعلق أساسا لماذا هذه المجزوءة‬

‫بالضبط؟ باختصار شديد يمكن القول ومن منطلق التحليلات التي أدلينا بها سابقا أن‬

‫السبب في ذلك إنما يرجع أساسا إلى طبيعة هذه الوحدة باعتبارها تنتمي إلى حقل‬

‫الفلسفة أو الابستمولوجية‪ ،‬وما دام الطالب(ة) في شعبة علم الاجتماع لا يدرس هذه‬

‫الوحدة‪ ،‬فإنه حتما سيجد صعوبة بالغة في تدريسها‪ ،‬وما دامت هذه المجزوءة فيها قدر‬

‫من التجريد‪ ،‬فلا غرابة‪ ،‬إذن‪ ،‬من وجود صعوبة في تدريسها‪.‬‬

‫تحلينا هذه الصعوبة المتأتية من عدم كفاية المعارف التخصصية مباشرة على ما‬

‫يممكن أن نسميه انعكاسا سلبيا على الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬وفعلا يسجل‬

‫المشاركون الثلاث جملة من الانعكاسات السلبية التي يكن حصرها كالآتي‪( :‬غياب‬

‫‪98-146‬‬
‫الدقة والوضوح؛ تحو يل الدرس إلى نوع من التخزين وشحذ الذاكرة؛ صعوبة تحقيق‬

‫الرهان من الدرس الفلسفي؛)‪ .‬ينجم عن هذه المزالق فقدان الدرس الفلسفي فاعليته‪،‬‬

‫لا من حيث الأهداف التي رام تحقيقها‪ ،‬ولا من حيث القواعد التي يتأسس عليها‪،‬‬

‫ومن هنا يمكن أن نلمس أهمية وخطورة هذا الشرخ المضموني على الدرس الفلسفي‬

‫في الثانوي‪ ،‬وبالتالي لا مفر من التفكير في حلول ممكنة لتجاوزه أو على الأقل التنقيص‬

‫من حدته‪.‬‬

‫وإذا ما عرجنا الآن على السؤال الخامس‪ ،‬فإننا سرعان ما نكتشف أن السمة‬

‫الغالبة على الإجابات كونها تحتفي بالتعددية على مستوى الخلفيات الأكاديمية لمدرس‬

‫الفلسفة لأنها تنسجم – حسب زعمهم ‪ -‬مع مرونة الدرس الفلسفي في الثانوي‬

‫وانفتاحه على معارف متنوعة‪ ،...‬بيد أنه لابد أن نسجل ملاحظة نقدية في هذا الصدد‬

‫مفادها أننا لا نقصد البتة معارضة هذه التعددية ولا نفيها‪ ،‬وإنما التساؤل عن مدى‬

‫توافقها مع الدرس الفلسفي من عدمه‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬هل تمكن هذه التعددية الحد الأدنى‬

‫من المكتسبات المعرفية التي تأهل المدرس من مزاولة مهنة التدريس؟ ونحسب أننا قد‬

‫أدلينا بما يكفي من الشواهد والمعطيات الوصفية والموضوعية التي تكشف بذاتها عن‬

‫وجود شروخ عديدة‪ ،‬أحيانا طفيفة‪ ،‬وفي أحايين أخرى صارخة‪ ،‬بل قل مضمرة‪،‬‬

‫ولهذا‪ ،‬فإن النظر في هذه الإشكالية لمن شأنه أن يميط اللثام على جملة من الملابسات‪،‬‬

‫إلا أنها ملابسات وإن بدت من الوهلة الأولى أنها بسيطة‪ ،‬فهي بلا شك ستساعد على‬

‫إعادة النظر في الدرس الفلسفي في الثانوي قصد إغناءه وتطويره‪ .‬وأخيرا لابد أن‬

‫نسجل أن تجاوب المشاركين مع السؤال الأخير المتعلق بمراكز التكوين من سماته‬

‫‪99-146‬‬
‫الأساسية أنه يقر بشكل واضح بعدم كفاية الدعامات البيداغوجية والديداكتيكية‪ ،‬وأنه‬

‫لابد من جهد فردي وتطوير مستمر‪..‬‬

‫وبالجملة‪ ،‬يمكن تجميع الخلاصات الأساسية من هذا المحور في النقطتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ -‬فعلا‪ ،‬هنالك شرخ حاد بين المكون التوجيهي والتخصص السوسيولوجي‪،‬‬

‫غير أنه شرخ يجب التعامل معه بشكل محكم لتبين ملامحه بشكل دقيق‪،‬‬

‫وبالتالي القدرة على إ يجاد أنجع السبل الممكنة لتجاوزه؛‬

‫‪ -‬كون الدرس الأساس المستخلص من تفاعل الفئة الثانية من مدرسي‬

‫الفلسفة مع الإشكال المطروح أنه لا سبيل لتجاوز هذا الأخير ما لم يدعم‬

‫التكوين الأساس بدعامتين أساسيتين‪ ،‬وهما‪ :‬التكوين الذاتي والتكوين‬

‫المستمر‪.‬‬

‫‪100-146‬‬
‫إن السؤال المركزي الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد في مقدمة هذا المحور الأخير‬

‫تتحدد عناصره كالآتي‪ :‬لماذا تم جعل هذا المحور في آخر السلم الهرمي؟ هل لضرورة‬

‫قصدية واعية‪ ،‬أم لحيثية اعتباطية عادية؟ لن يكون التفاعل مع هذا السؤال المركزي‬

‫مثمرا ما لم نستحضر جملة من الحيثيات الضرور ية‪ ،‬الأولى ذات منحى معرفي‪ ،‬بحيث‬

‫أن النظر في الخلفية الأكاديمية للطالب ذي المنزع السيكولوجي في علاقتها مع المعطى‬

‫التوجيهي‪ ،‬لا يدع أدنى مجال للشك في كونها الخلفية المعرفية الأبعد ضمن الخلفيتين‬

‫الأكاديميتين السابقتين‪ ،‬فكيف ذلك؟ مرد ذلك باختصار إلى أن حجم التباعد بين‬

‫الجانبين لا يمكن رتقه البتة؛ ذلك أن ما يدرسه الطالب في شعبة علم النفس من‬

‫وحدات ‪-‬من حيث طبيعتها المضومنية وخلفيتها النظر ية‪ -‬تبتعد كثيرا عما يدرسه‬

‫الطالب(ة) في شعبة الفلسفة العامة‪ ،‬وإذا كان هذا الأخير لا يخل تكوينه من هفوات‬

‫رغم قربه الشديد من الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬فكيف بالأحرى ما لا تربطه صلة‬

‫بالدرس الفلسفي إلا النذر اليسير؟! أما الثانية فتتصل بما هو منهجي‪ ،‬ذلك أن الداعي‬

‫إلى وضع الطالب ذي المنزع السيكولوجي في آخر السلم الهرمي نابع بالأساس من المحاذير‬

‫المنهجية التي تواجهنا في دراسة تكوينه الجامعي في إطار علاقته مع الوثيقة التوجيهية‪،‬‬

‫هذه المحاذير المتمثلة من جهة أولى في انحصار شعبة علم النفس في كليتين‬

‫متخصصتين‪ 1،‬الشيء الذي يعني قلة الطلبة في مقابل شعب أخرى‪ .‬ومن جهة ثانية‬

‫‪ 1‬وهما‪ :‬كلية محمد الخامس بالدار البيضاء‪ ،‬وكلية ابن طفيل بالقنيطرة‪.‬‬

‫‪101-146‬‬
‫في ضعف اقبال طلبة هذه الشعبة على تدريس الفلسفة بحكم سعة الآفاق المهنية التي‬

‫تزخر بها هذه الأخيرة‪.‬‬

‫تفرض علينا هذه الحيثيات بشكل أو بآخر وضع خطة محددة ودقيقة تنسجم‬

‫وخصوصية هذا المحور من حيث طبيعة مضمونه ومراحله‪ .‬فأما المضمون فسيكون‬

‫خلوا من أية مشاركة أو تفاعل من طرف أساتذة الفلسفة من شعبة علم النفس‪ 1،‬وفي‬

‫المقابل سنكتفي فقط بما تمدنا به المقارنة الموضوعاتية المباشرة بين الوثيقة التوجيهية‬

‫والمقررات الدراسية لشعبة علم النفس‪ .‬وأما المراحل فلن تخرج عن النهج الذي سرنا‬

‫فيه منذ بداية الفصل‪ ،‬والذي مبعثه الأساس هاجسين اثنين‪ ،‬الأول توفيقي‪ ،‬نوطن‬

‫فيه بشكل دقيق مجمل التوافقات بين المكونين وحدودها‪ .‬والثاني انفصالي‪ ،‬نرصد فيه‬

‫مجمل الشروخ المضومنية بين الجانبين‪ ،‬ومن ثمة نعمل على تفكيك بنيتها‪ ،‬وتحليل‬

‫عناصرها‪ ،‬وأخيرا بيان انعكاساتها على الدرس الفلسفي في الثانوي التأهيلي‪.‬‬

‫بعد هذا التأطير العام لهذا المحور الأخير يكون لزاما علينا أن نتقدم خطوة إلى‬

‫أمام‪ ،‬هذه الخطوة التي تستدعي بالضرورة وضع أرضية إشكالية متينة‪ ،‬ولعل أول ما‬

‫يستوقفنا في هذا الإطار هو الخصوصية التي يزخر بها تخصص علم النفس في مقابل‬

‫تخصصات أخرى‪ ،‬على رأسها الفلسفة التي تهمنا في هذا السياق؛ فصحيح أن علم‬

‫النفس يندرج ضمن لائحة العلوم الإنسانية‪ ،‬وصحيح أيضا أن الفلسفة تعتبر الحاضن‬

‫الأكبر لهذه العلوم‪ ،‬لا من حيث استثمار مكتسباتها ولا من حيث نقد وتوجيه‬

‫أدواتها؛ إلا أن هذا لا يعني البتة المطابقة الحرفية بين التخصصين‪ ،‬بقدر ما يعني أن‬

‫هنالك مواطن اتصال وحدود الانفصال وجب الوعي بها مسبقا‪ .‬وفعلا‪ ،‬إذ بمجرد‬

‫‪1‬‬
‫رغم الجهود التي بذلت لم نستطع التواصل مع فئة مدرسي الفلسفة لهم خلفية أكاديمية سيكولوجية‪.‬‬

‫‪102-146‬‬
‫استحضار خصوصية علم النفس باعتباره شعبة قائمة الذات‪ ،‬تتبادر إلى ذهننا جملة من‬

‫التساؤلات الأولية‪ ،‬فما داعي إلى فصل هذه الشعبة عن باقي الشعب التي تتقاطع‬

‫معها؟ وما الحاجة إلى اعتبارها تخصص بعينه إذا كانت تطابق حرفيا ما يدرسه الطالب‬

‫في شعبة الفلسفة العامة؟ لا نجد جوابا شافيا عن هذه الأسءلة غير القول‪ :‬إن الداعي‬

‫إلى ذلك إنما يرجع أساسا إلى نوعية التحولات الإبستمولوجية التي شهدها هذا العلم‬

‫منذ مطلع القرن التاسع عشر‪ ،‬والتي أدت في نظر أحد الدارسين المغاربة إلى تضافر‬

‫جملة من‬
‫الشروط المعرفية التي استوفاها هذا العلم‬
‫الإنساني ل كي يتأسس كعلم و يجد مكانه ضمن‬
‫جداول تصنيف العلوم‪ ،‬ويتمتع بوضع اعترافي‬
‫من جهة الموضوع ومن جهة المنهج (سواء‬
‫بصيغة المفرد أو بصيغة الجمع‪ :‬موضوعات‬
‫ومناهج)‪1.‬‬

‫هكذا‪ ،‬إذن‪ ،‬يمكن أن نفهم لماذا تعد شعبة علم النفس تخصصا بعينه له محدداته‬

‫الإبستمولوجية وأدواته المنهجية التي تميزه عن غيره من الحقول المعرفية‪ ،‬ولعل هذه‬

‫المحددات الإبستمولوجية هي التي أدت – كما يؤكد على ذلك الدكتور عبد الرحيم‬

‫تمحري في كتابه علم النفس‪ :‬مدخل إبستمولوجي‬


‫إلى ميلاد هذا الفرع من المعرفة كعلم بالمعنى‬
‫الذي يتعارف على تحديده العلماء‪ ،‬والتي‬
‫وضعت حدا لانتمائه إلى صنف المعارف‬

‫‪ 1‬تمحري‪ ،‬عبد الرحيم‪ .‬علم النفس‪ :‬مدخل إبستمولوجي‪( ،‬تطوان‪ ،‬مطبعة الر يف التهامي الوزاني‪ ،‬ط‪،)2015 1‬‬
‫‪.46‬‬

‫‪103-146‬‬
‫التأملية والانطباعات الذاتية والسرديات‬
‫الإ يديولوجية‪1.‬‬

‫لابد أن ننوه ههنا إلى نقطة أساس‪ ،‬وهي أن الإقرار بخصوصية علم النفس عن‬

‫غيره من الحقول مسألة لا تتصل مباشرة والإشكال المطروح‪ ،‬وإنما الذي يهمنا من‬

‫هذه الخصوصية بالدرجة الأولى أبعادها الإشكالية بما يتصل بالدرس الفلسفي في‬

‫الثانوي‪ ،‬وبالتبعية كذلك وثيقة التوجيهات التربو ية‪ ،‬فاستحضار هذه العلاقة المضومنية‬

‫بين الجانبين‪ ،‬على اعتبار أن الشرعية الإدار ية تتيح للطالب في شعبة علم النفس الترشح‬

‫لتدريس الفلسفة في الثانوي‪ ،‬يجعلنا أمام وضعية إشكالية حقيقية‪ ،‬هذه الوضعية التي‬

‫تقودنا إلى طرح جملة من التساؤلات‪ ،‬لعل أبرزها كالآتي‪ :‬فهل تنسجم البنية المضمونية‬

‫للدرس الفلسفي في الثانوي مع مقررات الدرس الجامعي السيكولوجي؟ وهل يمكن‬

‫التكوين الجامعي السيكولوجي الطالب من الحد الأدنى من المعارف الفلسفية؟ وقبل‬

‫كل هذا وذاك‪ ،‬هل يدخل ضمن الرهان العام الذي تتأسس عليه شعبة علم النفس‬

‫مسألة تأهيل مدرس للفلسفة متمكن من العدد المنهجية والمعارف الفلسفية الضرور ية؟‬

‫ليس يخفى أن محاولة الإجابة على هذه التساؤلات مسألة لا يمكن أن ندعيها‬

‫باطلاقية كلية‪ ،‬ولا أن ننفيها بقطعية كاملة؛ ذلك أن من طبيعة الأسءلة الإشكالية أنها‬

‫أسئلة متداخلة متشعبة‪ ،‬إضافة إلى أن التعامل معها لا يخلو من صعوبات في الفهم‬

‫وتشعب واستغلاق‪ ،...‬لأجل ذلك فإننا نسير في هذا المضمار بمنطق المحاولة‪ ،‬هذا‬

‫المنطق الذي يستدعي بالضرورة مفاهيم النسبية والإمكان‪ ،‬باعتبارهما آليتين أساسيتين‬

‫في كل دراسة علمية تبتغي الاقتراب من الموضوعية لا امتلاكها‪.‬‬

‫‪ 1‬تمحري‪ ،‬علم النفس‪ ،‬مرجع مذكور‪.46 ،‬‬

‫‪104-146‬‬
‫نأتي الآن إلى محاولة الاقتراب من الإشكالات أعلاه‪ ،‬بيد أن هذه المحاولة تتخذ‬

‫‪-‬كما هو معلوم ‪ -‬شكلين اثنين‪ ،‬يتفقان من حيث الأدوات التي يجترحانها‪ ،‬و يختلفان‬

‫من حيث الرهان الذي يوجههما؛ فأما الأدوات فتستدعي المحورين السابقين لتأخذ‬

‫منهما من جهة أولى‪ ،‬آلية الجداول المختصرة‪ ،‬وتقنية المقارنة الموضوعاتية‪ .‬ومن جهة‬

‫ثانية‪ ،‬تستفيد من نفس عددهم المنهجية المتمثلة في المقارنة والتحليل والوصف والنقد‪.‬‬

‫وأما الرهان فمن سماته الجوهر ية أنه متباين؛ يبتغي توطين مجمل التوافقات في الحالة‬

‫الأولى‪ ،‬في حين يسعى إلى رصد الشروخ المضومنية في الحالة الثانية‪.‬‬

‫انسجاما مع هذه الأرضية الإشكالية‪ ،‬إذن‪ ،‬ننطلق مع المحطة الأولى التي يراد‬

‫منها معرفة إمكانات وحدود التوافقات بين البنية المضومنية للدرس الفلسفي في السلك‬

‫الثانوي‪ ،‬والبنية المضمونية للدرس الجامعي السيكولوجي‪ ،‬فأين بالضبط تتجلى هذه‬

‫التوافقات؟ يقودنا هذا السؤال إلى استحضار الفكرة الأساسية التي سبق أن أشرنا إليها‬

‫في المحور الثاني‪ ،‬والمتعلقة أساسا بكون القاعدة المشتركة بين تخصص علم النفس والعلم‬

‫الاجتماع‪ ،‬من جهة‪ ،‬والفلسفة العامة‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬إنما تكمن في الفصل الأول‬

‫باعتبار جذعا مشتركا موحدا على الصعيد الوطني‪ ،‬ففي هذه القاعدة الموحدة يمكن أن‬

‫نتلمس أوجه التوافق وحدودها بين المكونين‪ .‬ول كي نستطيع تحقيق ذلك كان لابد أن‬

‫نستعين بالمقارنة الموضوعاتية [‪ ،]Thematic Comparison‬التي تبين أن ما يميز هذه‬

‫التوافقات كونها جزءية وليست كلية‪ ،‬علاوة على أنها محصورة في قضايا ذات بعد‬

‫سيكولوجي‪ ،‬هذا إلى جانب كون تدرجها ينحدر من مرحلة إلى أخرى بشكل تنازِلي‪.‬‬

‫وبغرض التحقق من صحة هذه الملاحظات لابد أن ننصت إلى العناصر المجدولة‬

‫التالية التي تكشف لنا ذلك بوضوح تام‪.‬‬

‫‪105-146‬‬
‫الوحدات الدراسية يف شعبة علم النفس‬ ‫الوحدات الدراسية يف السلك الثانوي التأهيلي‬
‫‪ .1‬جمزوءة الفلسفة‪ :‬مبا يندرج حتتها من مفاهيم وحماور ‪ .1‬مبادئ التفكري الفلسفي‪ :‬حتتوي هذه‬
‫الوحدة إىل جانب وحدات أخرى متقاطعة‬ ‫حمددة‪ ،‬وهي‪« :‬سؤال النشأة»‪« ،‬التطور التارخيي»‪،‬‬

‫ال ـج ـ ـ ـ ــذع املشـ ـ ـ ــرتك‬


‫معها عموداي‪ ،‬من مثل‪« :‬مفاهيم‬ ‫و«اخلصائص»؛‬
‫‪ .2‬جمزوءة الطبيعة والثقافة‪ :‬مبا يندرج ضمنها من مفاهيم ونصوص»‪ ،‬و«أسس علم االجتماع»‪ ،‬ما‬
‫يكفي من املعارف األكادميية اليت متكن‬ ‫وحماور؛‬
‫الطالب(ة) يف شعبة علم نفس من تدريس‬
‫جمزوءيت‪ :‬الفلسفة والطبيعة والثقافة؛‬
‫‪ .5‬أسس علم النفس‪ :‬تتضمن هذه‬ ‫‪ .1‬جمزوءة اإلنسان‪ :‬وخباصة منها مفهومي‪:‬‬
‫الوحدة إىل جانب وحدات أخرى متقطعة‬ ‫«الوعي والالوعي»‪ ،‬و«الرغبة»‪ ،‬ابعتبارمها مفهومان‬
‫معها أفقيا‪ ،‬من مثل‪ :‬سيكولوجية‬ ‫ينتميان ابلدرجة األوىل إىل حقل السيكولوجيا؛‬

‫األولـ ـ ــى ابكال ـ ــوري ـ ــا‬


‫النفس‬ ‫وعلم‬ ‫والذهن‪،‬‬ ‫األعصاب‬
‫العصيب‪...‬إخل‪ ،‬ما يكفي من العدد‬
‫املنهجية واملعارف األكادميية اليت أتهل‬
‫الطالب يف شعبة علم النفس لتدريس‬
‫هذين املفهومني عن جدارة واستحقاق؛‬
‫‪ .2‬جمزوءة املعرفة‪ :‬خاصة منها مفهوم «مسألة العلمية يف ‪ .3‬أسس علم االجتماع‪ :‬نظرا للطابع‬
‫املدرسي الذي حيرك املفهوم األول يف‬ ‫العلوم اإلنسانية»‪ ،‬وما يرتبط هبذا املفهوم من حماور؛‬
‫الثان ـ ـ ـ ـ ــية ابكال ـ ـ ـ ـ ــوراي‬

‫جمزوءة املعرفة‪ ،‬فإن هذه الوحدة إىل جانب‬


‫وحدات أخرى مبقدورها أن متكن الطالب‬
‫يف شعبة علم النفس من املعارف الضرورية‬
‫لتدريسها؛‬

‫يتضح من خلال هذه العناصر المجدولة أن ما يميز التوافق المضموني بين المقررات‬

‫الدراسية لشعبة علم النفس والمضامين المعرفية للدرس الفلسفي في الثانوي كونه محصور‬

‫‪106-146‬‬
‫في قضايا سيكولوجية لا تتفق تمام الموافقة مع الوثيقة التوجيهية‪ ،‬إذ بالعودة إلى ما‬

‫تنص عليه هذه الأخيرة نستشف أن رهانها البيداغوجي يسعى إلى بلورة نسقا معرفيا‬

‫مترابطا ومتداخلا‪ ،‬توجهه على الصعيد المنهجي المقاربة الفلسفية‪ ،‬من جهة‪ ،‬والنظرة‬

‫الشمولية إلى المعرفة الإنسانية الفلسفية بشتى ألوانها وفروعها‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬بحيث‬

‫تحتل فيها ‪ -‬بطبيعة الحال ‪ -‬القضايا السيكولوجية قسطا مهما‪ ،‬ل كنها تشمل أيضا ما هو‬

‫وجودي وأخلاقي وابستمولوجي وتار يخي وسوسيولوجي‪...‬إلخ‪ ،‬ولعل هذه النقطة تجرنا‬

‫إلى طرح سؤال مشروع ووجيه‪ ،‬فما هو حظ الطالب في شعبة علم النفس من منطلق‬

‫تخصصه الجامعي من هذه المعارف التي تنهل من حقول عدة؟ يجرنا هذا السؤال بدوره‬

‫إلى السمة الثانية التي تميز التوافق المضموني بين العنصرين‪ ،‬هذه السمة التي تتمظهر في‬

‫كون البينة المضومنية التي يزخر بها الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬والتي تجد ركائزها في‬

‫الوثيقة التوجيهية‪ ،‬لا نجد ل كثير من عناصرها ما يقابلها في شعبة علم النفس؛ ذلك أن‬

‫المعاينة المباشرة للمسار التخصصي السيكولوجي تظهر أنه خلو من أية نفحة لها صلة من‬

‫قريب أو بعيد بالتفكير الفلسفي سواء ارتبط الأمر بمحطاته التار يخية (القديمة‪،‬‬

‫والوسيطة‪ ،‬والحديثة)‪ ،‬أو تعلق الأمر بمباحثه الفلسفية الأصيلة (الميتافيز يقا‪ ،‬والمنطق‪،‬‬

‫وفلسفة اللغة‪ ،‬وفلسفة الأنوار‪ ،‬والعلم الطبيعي)‪.‬‬

‫فكيف يمكن تفسير هذا التوافق المضموني الضيق‪ ،‬لا من حيث كمه ولا من‬

‫حيث كيفه؟ لعل التفسير الموضوعي السليم لهذا المسألة يستدعي بالضرورة العودة إلى‬

‫القاعدة الإشكالية التي انطلقنا منها في هذا المحور‪ ،‬ألا وهي‪ :‬رغم الإقرار بوجود‬

‫تقاطعات واتصالات بين علم النفس والفلسفة‪ ،‬غير أن ذلك لا يعطي لنا الصلاحية‬

‫اطلاقا لعدهما تخصصين مندمجين ومتطابقين‪ ،‬إلا من الباب التعسف والمغالاة‪ .‬من‬

‫‪107-146‬‬
‫خلال هذه القاعدة‪ ،‬إذن‪ ،‬يمكن أن نموضع السمتين السابقتين في سياقهما‪ ،‬كما يمكن‬

‫أن تساعدنا بشكل أساس على مساءلة الرهان المزدوج الذي يتأسس عليه الدرس‬

‫السيكولوجي الجامعي‪ ،‬من جهة‪ ،‬والدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬فهل‬

‫هو رهان متصل ومتكامل‪ ،‬أم أنه رهان منفصل‪ ،‬ومتنافر؟‬

‫بطرحنا لهذا السؤال الإشكالي نكون قد فتحنا الباب على مشراعيه للدخول في‬

‫الشق الثاني من هذا المحور‪ ،‬والمتعلق أساسا بالهاجس الانفصالي الذي نود ترسيخ‬

‫معالمه بين المكون النظري التوجيهي والتخصص الجامعي السيكولوجي‪ .‬وبغرض‬

‫الاقتراب ما أمكن من حيثيات هذا الهاجس سنحاول التركيز على بعض الملامح‬

‫الأساسية التي ينفصل فيها الرهان المعرفي الذي يتأسس عليه الجانبين‪ ،‬ومن ثمة نقوم‬

‫بتدعيم هذا الانفصال بالمقارنة الموضوعاتية المضومنية‪.‬‬

‫يتأسس الرهان المعرفي للتخصص الأكاديمي السيكولوجي على مسلمتين‬

‫أساسيتين‪ :‬الأولى ترتبط بتمكين الطالب من خصوصية المعرفة السيكولوجية (موضوعها‪،‬‬

‫منهاجها‪ ،‬أدواتها)‪ ،‬بحيث سخرت لذلك ‪ -‬كما يبدو من خلال المعاينة المباشرة ‪ -‬جل‬

‫الوحدات الدراسية بدءا من الفصل الثاني إلى الفصل السادس‪ ،‬والتي ترتبط‪ ،‬من‬

‫ناحية أولى بمختلف نطاقات المعرفة السيكولوجية‪ ،‬وهي‪( :‬المرضي‪ ،‬العصبي‪ ،‬النمائي‪،‬‬

‫المعرفي‪...‬إلخ)‪ ،‬ومن ناحية ثانية تتصل بالأساليب والأدوات‪ ،‬وهي‪( :‬الإحصاء‪،‬‬

‫دراسة الحالة‪ ،‬طرق البحث‪ ،‬الأساليب العلاجية‪...‬إلخ)‪ .‬فأين المعرفة الفلسفية‬

‫الأكاديمية من هذا كله؟! لنترك هذا السؤال جانبا الآن‪ ،‬ولننتقل إلى المسلمة الثانية‪،‬‬

‫بحيث أن ما يطبع هذه الوحدات كونها تبتعد كثيرا عن الفكر الفلسفي النقدي المجرد‬

‫‪-‬كما هو الحال مع شعبة الفلسفة العامة ‪ -‬الذي تقر الوثيقة التوجيهية أنها تسعى إلى‬

‫‪108-146‬‬
‫تعليمه‪ .‬وبالمقابل نجدها تعمق النظر في قضايا سيكولوجية دقيقة‪ ،‬مع الغياب الكلي‬

‫لأي وحدة ذات بعد فلسفي صرف‪ ،‬ومن هنا مكمن الخلل وموضع الاحراج الحقيقي‬

‫الذي يقع فيه التخصص السيكولوجي‪ ،‬فهل يعقل من ليس له تكوين أكاديمي رصين‬

‫بخصوص نطاق الفلسفة أن تعطى له الشرعية لتدريسها؟ من دون جدال‪ ،‬والحالة هذه‬

‫أن الجواب لن يكون إلا بالنفي‪ ،‬ويمكن تعزيز هذا النفي بعدة اعتبارات‪ ،‬أبرزها‬

‫كالآتي‪:‬‬

‫‪ -‬طرق التدريس متباينة‪ :‬بحيث ما تطمح إليه الوثيقة التوجيهية من اكساب‬

‫التلميذ معرفة فلسفية عميقة‪ ،‬لا من حيث نمط اشتغالها‪ ،‬ولا من حيث‬

‫روحها النقدية‪ ،‬شرطان لا يتحققان في الطالب الذي ينحدر من شعبة علم‬

‫النفس‪ ،‬نظرا لأن المناهج والمعارف الأكاديمية التي يتلقاها لا تتصل من‬

‫قريب أو بعيد من نطاق الفلسفة‪ ،‬كما تحدده الوثيقة التوجيهية؛‬

‫‪ -‬المعرفة الفلسفية الأكاديمية غائبة‪ :‬ذلك أن المضامين المقررة في شعبة علم‬

‫النفس‪ ،‬خاصة منها من الفصل الثاني إلى الأخير‪ ،‬لا تشمل أي وحدة‬

‫تتصل بالمعرفة الفلسفية الأكاديمية‪ ،‬هذه المعرفة ذات السمة الأكاديمية‬

‫التي نكاد نجزم أن علاقة الطالب في شعبة علم النفس علاقة بها جد هز يلة‪،‬‬

‫إن لم نقل منعدمة؛‬

‫يبدو من الأفضل‪ ،‬والحالة هذه الحديث عن تنافر مضموني‪ ،‬إن صح هذا التعبير‪،‬‬

‫وليس توافق مضموني؛ ذلك أن البون الشاسع بين التخصص السيكولوجي والمكون‬

‫التوجيهي‪ ،‬لا يمكن بأي وجه تغافله أو نكرانه‪ ،‬من ناحية‪ ،‬ولابد أن يؤثر سلبا على‬

‫الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬من ناحية أخرى‪ .‬ول كي نعزز هذا الطرح بشكل موضوعي‬

‫‪109-146‬‬
‫كان لابد أن نمر من المستوى النظري إلى العملي‪ ،‬فإذا كنا قد ركزنا فيما سبق على‬

‫المستوى النظري تحديدا‪ ،‬فلابد أن نعرج الآن على المستوى العملي‪ ،‬هذا المستوى الذي‬

‫تشكل المقارنة الموضوعاتية بالنسبة له اللبنة الأساس‪ ،‬فمن خلال هذه المقارنة سنقف‬

‫بشكل ملموس على معالم التنافر المضموني الذي تحدثنا عنه آنفا‪ ،‬بحيث نستعرض من‬

‫خلال العناصر المجدولة التالية المعالم الأساسية لهذا الأخير‪. . .‬‬


‫الوحدات الدراسية يف شعبة علم النفس‬ ‫الوحدات الدراسية يف السلك الثانوي التأهيلي‬
‫‪ .1‬جمزوءة اإلنسان‪ :‬يتعلق األمر يف هذه اجملزوءة مبفهومي‪ .1 :‬ال تتضمن شعبة علم النفس على‬
‫وحدات دراسية تتصل بشكل أو آبخر‬ ‫«اللغة» و«اجملتمع»؛‬
‫‪ .2‬جمزوءة الفاعلية واالبداع‪ :‬مبا يندرج حتتها من مفاهيم مبفاهيم اللغة والفن والشغل‪...‬إخل‪ .‬وليس‬

‫األول ـ ـ ــى ابكالـ ـ ـ ــوري ـ ــا‬


‫هذا وفقط‪ ،‬بل البد من تسجيل التباين‬ ‫وحماور؛‬
‫املنظوري بني الطرفني‪ ،‬إذ الوثيقة التوجيهية‬
‫تطرح تلك املفاهيم من منطلق فلسفي‪ ،‬يف‬
‫حني ترتبط الوحدات يف شعبة علم النفس‬
‫مبا هو من صميم التخصص السيكولوجي؛‬
‫‪ .1‬جمزوءة الوضع البشري‪ :‬خاصة منها مفهومي‪« :‬التاريخ» ‪ .1‬علما أن املقرر الدراسي يطمح يف‬
‫املستوى الثانية ابك إىل متكني الطالب من‬ ‫و«الشخص»؛‬
‫‪ .2‬جمزوءة املعرفة‪ :‬ميكن أن ندرج ضمنها مفهومي‪ :‬ممارسة التفكري يف قضااي فلسفية‪ ،‬فإن‬
‫املنطلق املنظوري والوحدات املقررة يف‬ ‫«النظرية والتجربة» و«احلقيقة»؛‬
‫الثان ـ ـ ـي ــة ابكال ـ ـ ــوري ـ ــا‬

‫شعبة علم النفس ال تربطهما صلة‬ ‫‪ .3‬جمزوءة السياسية‪ :‬مبا يندرج حتتها من مفاهيم وحماور؛‬
‫مبفهومي‪ :‬الوضع البشري واملعرفة؛‬ ‫‪ .4‬جمزوءة األخالق‪ :‬مبا يندرج حتتها من مفاهيم وحماور؛‬
‫‪ .2‬ليس هنالك أدىن مسوغ يربر احلديث‬
‫عن حضور مفهومي‪ :‬األخالق والسياسة‬
‫ضمن الوحدات املقررة يف شعبة علم‬
‫النفس؛‬

‫‪110-146‬‬
‫يؤكد الجدول أعلاه معطيات عدة‪ ،‬أولا‪ :‬أن من تجليات الرهان المعرفي الذي‬

‫تتأسس عليه شعبة علم النفس كونه يركز على المعرفة السيكولوجية الأكاديمية‪ ،‬وفي‬

‫المقابل لا تربطه صلة عميقة بالمعرفة الفلسفية الأكاديمية؛ فلا غرابة‪ ،‬إذن‪ ،‬أن تنعدم‬

‫الصلة بين الوحدات المقررة في شعبة علم النفس والوحدات المقررة في السلك الثانوي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنه ومن منطلق لغة الجبر والحساب‪ ،‬فإن شعبة علم النفس تغيب فيها ‪-‬كما يبدو‬

‫من خلال الجدول أعلاه‪ -‬بشكل كبير وملفت للنظر الوحدات المنبثقة من صلب‬

‫التفكير الفلسفي‪ ،‬ذلك أن من أصل مجزوءتين في مستوى الأولى باك اللتين يتفرع‬

‫عنهما ستة مفاهيم أساسية‪ ،‬لا نجد إلا مفهومين فقط ضمن مجزوءة الإنسان لهما علاقة‬

‫مباشرة بشعبة علم النفس‪ .‬أما في مستوى الثانية باك فالحالة أفظع وأشنع‪ ،‬إذ أنه ومن‬

‫أصل أربع مجزوءات يتفرع عنهما ثلاثة مفاهيم لكل مفهوم ثلاثة محاور‪ ،‬فلا نجد إلا‬

‫مفهومين أو ثلاثة ضمن مجزوءة أو أخرى لهما علاقة مباشرة بالمضامين المقررة في شعبة‬

‫علم النفس‪.‬‬

‫بهذا المعنى‪ ،‬إذن‪ ،‬يصبح الرهان المعرفي والمنطق الحسابي مقومين داعمين‬

‫لأطروحة الانفصال التام بين البنية المضومنية للدرس الفلسفي في الثانوي ونظيره‬

‫السيكولوجي الجامعي‪ ،‬ذلك أن التمعن الدقيق في خيوطهما يكشف أن عمق الهوة بين‬

‫المكونين لا يمكن ردمها بجرة قلم أو تجاوزها بكبسة زر‪ ،‬وإنما يستدعي الأمر وقوفا‬

‫جادا ومتمعنا معها‪ ،‬قصد تمحيص عناصرها وتبين أبعادها في أفق التفكير في حلول لها‬

‫تخرج من التنظير العام والشمولي لترتبط بما هو واقعي عملي‪ ،‬ولعل هذا المطلب الأساس‬

‫هو ما سنسعى إلى تحقيقه في الفصل الثالث والأخير من هذا الدراسة المتواضعة‪.‬‬

‫‪111-146‬‬
‫ل الآن بعد هذا الطواف العميق إلى خاتمة هذا الفصل‪ ،‬الذي حاولنا من‬
‫نص ٌ‬

‫خلاله تشخيص وضعية الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬ل كن من مدخل أساس تجسد‬

‫‪-‬كما هو معلوم‪ -‬في علاقة هذا الأخير بنظيره الجامعي الأكاديمي بتلويناته الرئيسية؛ هذه‬

‫العلاقة التي تطلب البحث في تلابيبها ضرورة الاستناد على عدة منهجية متكاملة تجتمع‬

‫فيها الأساليب التحليلية (التحليل‪ ،‬المقارنة‪ ،‬والوصف)‪ ،‬مع الأدوات الإجرائية‬

‫(المقارنة الموضوعاتية‪ ،‬الجداول المختصرة‪ ،‬الاستطلاع)‪ ،‬على صعيد واحد مترابط‬

‫غرضه محاولة الاقتراب ما أمكن من حيثيات الاشكال المطروح‪ .‬ولقد أصفر عن‬

‫هذا الاقتراب تسجيل جملة من الشروخ المضمونية‪ ،‬بيد أنه وقبل الإشادة بها لابد من‬

‫التنو يه إلى مسألة أساس‪ ،‬ذل كم أن غرضنا لم يكن هاجسه هو الانتصار لفئة محددة‬

‫من مدرسي الفلسفة‪ ،‬وإنما هو محاولة وضع مقاربة تدعي لنفسها الحياد والانصاف‪،‬‬

‫وعدم التخندق في دائرة ضيقة محدودة الأفق‪.‬‬

‫لم تتخذ هذه الشروخ شكلا واحدا ووحيدا‪ ،‬وإنما تعددت بتعدد المشارب‬

‫التخصصية لمدرسي الفلسفة واختلاف درجات الحضور والغياب فيها للمعرفة الفلسفية‬

‫الأكاديمية؛ إلا أن السمة المميزة لها كونها جاءت على نحو متفاوت‪ ،‬من حيث‬

‫المنطلقات والموضوعات‪ ،‬فما نجده في شعبة الفلسفة لا وجه لمقارنته مع شعبتي علم‬

‫النفس والاجتماع‪ .‬وعلاوة على هذا فإنه حتى لو سلمنا جدلا بكفاية المعارف‬

‫التخصصية‪ ،‬فإن شهادات الأساتذة تقول عكس ذلك‪ ،‬ولهذه العلة بذات يكون لزاما‬

‫علينا أن نحاول التفكير في مخارج عملية تمكننا من محاصرة هذا الإشكال أو على الأقل‬

‫‪112-146‬‬
‫التقليل من حدته‪ .‬فما هي‪ ،‬إذن‪ ،‬المداخل الممكنة لتجاوز الإحراجات التي يضعنا فيها‬

‫هذا الاشكال؟‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪113-146‬‬
‫ليس بمقدورنا الآن إلا أن نسجل بعض الخلاصات العامة التي استقيناها من‬

‫خلال هذا المغامرة البحثية في تلابيب الإشكال المطروح‪ ،‬والمتعلق أساسا بحقل‬

‫تدريس الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي‪ ،‬والذي حاولنا مقاربته من مدخل إشكالي‬

‫أساس‪ ،‬ألا وهو مدى ملاءمة التكوين الأكاديمي الجامعي لمتطلبات الدرس الفلسفي‬

‫في السلك الثانوي التأهيلي؟‬

‫لقد تطلب منا هذا السؤال الإشكالي – كما هو معلوم ‪ -‬الإعتماد على ثلاثة‬

‫مداخل أساسية‪ ،‬وهي‪ :‬الوصف‪ ،‬والتشخيص‪ ،‬والتقويم‪ ،‬بيد أنه وبالنظر إلى جملة من‬

‫الإكراهات الإدار ية المتعلقة بزمن تدبير بحث الإجازة‪ ،‬لم نستطع الوصول إلى مرحلة‬

‫التقويم؛ هذه المرحلة التي كان من المفترض أن تحدد فيها بعض المداخل النظر ية‬

‫والعملية التي يمكن أن تساعدنا على مجاوزة بعض الاحراجات الخفية التي يضعنا فيها‬

‫هذا الإشكال‪ .‬ل كن ورغم هذا الحدود التي تشوب هذه الدراسة‪ ،‬فإننا نأمل من‬

‫خلال هذه الخاتمة العامة أن نطرح بعض الرؤى والأفكار والتصورات التي من شأنها‬

‫‪ -‬على أقل تقدير ‪ -‬أن تمكننا من وعي منهجي بأهمية وراهنية حقل تدريس الفلسفة‬

‫في السياق التعليمي المغربي المعاصر‪ ،‬باعتباره يمثل الوسيلة الوحيدة لتمرير الخطاب‬

‫الفلسفي إلى الجيل الصاعد‪ ،‬وتمكينهم من بعض معالمه وآلياته في أفق بناء مجتمع أساسه‬

‫الحوار والنقد والسؤال‪.‬‬

‫ل كي نطرح هذه التصورات‪ ،‬إذن‪ ،‬يلزمنا أن نحدد خلفيتها النظر ية المنهجية‪ ،‬هذه‬

‫الخلفية التي تتكئ على ثلاثة مرتكزات أساسية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪114-146‬‬
‫أ‪ .‬الحلول المقترحة في وثيقة استطلاع الرأي التي شارك فيها عدد من مدرسي‬

‫الفلسفي في السلك الثانوي التأهيلي؛‬

‫التأمل الشديد الذي مارسناه على إشكالية البحث‪ ،‬وما نتج عن هذا من‬ ‫ب‪.‬‬

‫تدقيق لبعض العناصر واستخلاص لبعض النتائج؛‬

‫أخيرا‪ ،‬ما تمدنا به مسودة الفصل الثالث الذي لم يكتب له الخروج‬ ‫ت‪.‬‬

‫لأرض الواقع‪ ،‬بحيث سنحاول أن نستلهم مجموعة من التصورات التي دعا‬

‫إليها عدد من الدارسين‪ ،‬إلى جانب التوصيات الوزار ية‪ ،‬التي سعت إلى‬

‫طرح جملة من المقترحات لتطوير مهنة التدريس‪.‬‬

‫هذه‪ ،‬إذن‪ ،‬هي الخلفيات العامة التي نستلهمها في هذا السياق‪ ،‬بيد أنه وقبل‬

‫الشروع في عرضها‪ ،‬لابد من التنبيه إلى نقطتين أساسيتين‪ ،‬وهما‪:‬‬

‫‪ -‬الأولى أننا لا ندعي تقديم حلول ذات دلالات نهائية وقطعية‪ ،‬وإنما حلول‬

‫تتسم بالنسبية والمرونة وتنفتح على المستجدات‪ ،‬وفي الآن نفسه تعي‬

‫محدوديتها وقصورها؛‬

‫‪ -‬الثانية‪ ،‬ذلك أنه بقدر ما تدعونا هذه الخاتمة إلى استنباط عدد من‬

‫الخلاصات‪ ،‬فهي كذلك تضطرنا إلى طرح جملة من التساؤلات‪ ،‬من بينها‬

‫ما يلي‪ :‬كيف يمكن مقاربة إشكالية عدم ملاءمة التكوين الأكاديمي‬

‫لمدرس الفلسفة مع متطلبات التدريس من مداخل متينة ومتجددة؟ هل‬

‫المقاربة التقليدية تكفي‪ ،‬أم لابد من التفكير في حلول أكثر فاعلية تراعي‬

‫مستجدات التدريس‪ ،‬والآفاق الجديدة التي تنفتح عليها منظومة التربية‬

‫والتعليم؟ ولهذا نقول‪ :‬إن الأهمية التي تكتسيها هذه الدراسة عموما‪ ،‬وخاتمتها‬

‫‪115-146‬‬
‫خصوصا‪ ،‬إنما تكمن في كونها تعبر عن مسار بحثي لا زال في طور البناء‬

‫المتجدد‪ ،‬أما إدعاء الوصول إلى نتائج قطعية‪ ،‬فذاك أمر لا تطيقه هذه‬

‫الدراسة‪.‬‬

‫نأتي الآن إلى بسط هذه الخلاصات العامة التي نحاول أن نلتزم فيها بمبدأ الدقة‬

‫والاختزال‪ ،‬من ناحية أولى‪ ،‬والتي نسعى من خلالها إلى تثبيت الأطروحة العامة التي‬

‫نود ترسيخ معالمها‪ ،‬من ناحية ثانية‪ .‬وتتجلى هذه الخلاصات في العناصر الأربعة الآتية‪:‬‬

‫‪ .1‬دعامتا التكوين الذاتي والمستمر‪ :‬تشكل هاتان الدعامتان الأساس المتين‬

‫لإصلاح وتطوير التكوين الأكاديمي المتعدد الذي يتسم به مدرس‬

‫الفلسفة‪ .‬لقد تبين لنا من خلال استقراء عميق لبعض الدراسات الجادة‬

‫المنصبة على واقع الدرس الفلسفي في الثانوي‪ ،‬نذكر من بينها هنا‪:‬‬

‫أ‪ .‬عبد الرحيم تمحري‪ ،‬تدريس الفلسفة ومسألة التكوين المستمر؛‬

‫‪ .‬شخصية المدرس المغربي‪ :‬الهو ية والتوافق؛‬ ‫ب‪.‬‬

‫ت‪ .‬عز الدين الخطابي‪ ،‬وظائف التكوين المستمر من خلال توجيهات‬

‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين؛‬

‫ث‪ .‬عبد اللطيف الفحصي‪ ،‬رفع نجاعة أداء المدرس؛‬

‫ج‪ .‬عبد الله الخياري‪ ،‬مهام المدرس وأدواره‬

‫ح‪ .‬مصطفى حسني‪ ،‬تحولات المهنة؛‬

‫خ‪ .‬عبد العزيز سنهجي‪ ،‬ملامح مستقبلية حول جانبيات مدرس‬

‫المستقبل؛‬

‫د‪ .‬محمد فاوبار‪ ،‬التكوين المستمر ومفهوم الحاجيات‪.‬‬

‫‪116-146‬‬
‫أنه لا مجال لتطو ير وإغناء فعالية المدرس وتجويد أدائه داخل الفصل‬

‫الدراسي ما لم يكن يشتغل في حلقتين كبيرتين‪:‬‬

‫‪ -‬الأولى في إطار نوع من التكوين الممنهج الطو يل الأمد‪ ،‬هذا‬

‫التكوين الذي يعمل على بناء هو ية المدرس بشكل مستمر يراعي‬

‫المستجدات والمتغيرات‪ ،‬ويمكنه من الانخراط بفعالية ووعي منهجي‬

‫في صيرورة بناء جيل الغد؛‬

‫‪ -‬الثانية في إطار نوع من التكوين الشخصي الذي يراعي خصوصية‬

‫المدرس وإمكاناته‪ ،‬بحيث يعمل على تطوير مكتسباته المعرفية‬

‫والبيداغوجية‪ ،‬عبر الانخراط في عملية تكوينية ذاتية واعية بمحدوديتها‬

‫وإمكاناتها وأهدافها؛‬

‫والأدهى من هذا‪ ،‬وكما تؤكد إحدى الدراسات السابقة (رفع‬

‫نجاعة أداء المدرس)‪ ،‬فإن الانخراط في عملية التكوين المستمر والذاتي‬

‫أضحت ضرورة ملحة بالنظر إلى رهانات مجتمع المعرفة المعاصر‪،‬‬

‫وبالنظر كذلك إلى حجم التطورات التي لحقت مهنة التدريس‪ .‬وبالجملة‬

‫يجب أن تصبح عملية التكوين ثقافة سلوكية ومعرفية ترافق المدرس‬

‫في مساره المهني مدى الحياة‪.‬‬

‫‪ .2‬ضرورة تطوير البحث الأكاديمي‪ :‬لا مناص من الاعتراف بأن الحديث‬

‫عن الدرس الفلسفي في الثانوي يقودنا أيضا إلى مساءلة نظيره الجامعي‪،‬‬

‫ومن هنا العلاقة الوطيدة التي تربط بينهما‪ ،‬بمعنى لا وجود لدرس للفلسفة‬

‫متميز في المرحلة الثانو ية في غياب لدرس فلسفي جامعي مفحم بالفاعلية‬

‫‪117-146‬‬
‫ومنخرط بوعي في سيرورة إعادة تطوير هذا الأخير؛ إذ لا يمكن مجاوزة‬

‫هذا الإشكال إلا في ظل بحث أكاديمي فعال يعمل على مراجعة التكوين‬

‫الأساس وتطويره‪ ،‬بل والأكثر من هذا تذهب بعض الدراسات‪ ،‬من‬

‫بينها‪:‬‬

‫أ‪ .‬عبد اللطيف الفحصي‪ ،‬رفع نجاعة أداء المدرس؛‬

‫عبد الرحيم تمحري‪ ،‬شخصية المدرس المغربي‪ :‬الهو ية والتوافق‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫إلى أنه لا سبيل لل كشف عن التغيرات وتحديد الحاجيات وتحلي‬

‫بالطموحات ما لم يتم الانطلاق من البحث الأكاديمي؛‬

‫‪ .3‬مراعات الخصوصية‪ :‬إن الانطلاق من نقص التكوين الأساس مسألة لا‬

‫يختلف فيها اثنان‪ ،‬ل كن مواضع هذا النقص وتجلياته‪ ،‬تطرح غالبا على نحو‬

‫إشكالي‪ .‬ولهذا فإن الاسهام الحقيقي الذي ندعي تحقيقه في هذه الدراسة‬

‫يكمن هنا‪ ،‬أي في تتبع مظاهر هذا النقص تبعا لوضعية مدرس الفلسفة‬

‫المتسمة بالتعدد والاختلاف‪ ،‬ولعل هذا من شأنه أن يمكننا من موقعة‬

‫مواطن القصور بدقة‪ ،‬فيكون العمل على تطويرها وإعادة بنائها ينسجم مع‬

‫خصوصية كل نوعية من المدرسين على حدة؛‬

‫‪ .4‬ضرورة فتح المسار الأكاديمي على آفاق جديدة‪ :‬لم يعد مستساغا اليوم‬

‫وبالنظر إلى حجم التحولات العميقة التي طالت منظومة التربية والتعليم‬

‫والرهانات الجديدة التي دعت إلى الانخراط فيها الوزارة الوصية في عدد‬

‫كبير من المناسبات‪ ،‬أن تظل رؤ ية الطالب عموما‪ ،‬والطالب في شعبة‬

‫الفلسفة خصوصا‪ ،‬محدودة الأفق في دوائر مغلقة منتهية في أحسن الأحوال‬

‫‪118-146‬‬
‫عند مهنة التدريس‪ ،‬هذه المهنة التي تتحول في غياب أدنى شروط الممارسة‬

‫المهنية الواعية والمقصودة إلى مجال ل كسب القوة والعيش‪ ،‬ولعل هذا من‬

‫النتائج المباشرة لتضييق الخناق على هذه الفئة‪ ،‬فلو أنه فتحت مسارات‬

‫متعددة أكثر سعة وشمولية أمام هذه الفئة‪ ،‬خاصة منهم طلبة علم الاجتماع‬

‫وعلم النفس‪ ،‬لأمكن التحكم في هذا المشكل من منطلقه‪ ،‬ولأمكن كذلك‬

‫العمل على تقنين مهنة التدريس؛ لتصبح عملية واعية بذاتها ومسارها‬

‫وأدواتها‪ ،...‬وبالتالي يسهل إصلاحها وإعادة النظر في أسسها‪ .‬أما والحالة‬

‫هذه‪ ،‬المتسمة بوجود تعددية غير مبررة لا إدار يا ولا معرفيا فيصعب أن‬

‫نجد حلا مباشرا لهذا الخلل‪ .‬يتبين مما سبق أن فتح المسار الأكاديمي‬

‫للطالب في شعبة الفلسفة على آفاق جديدة ضرورة لا مفر منها‪ ،‬ويمكن‬

‫مبدئيا أن نحدد ههنا مسارين أساسين‪:‬‬

‫أ‪ .‬متابعة المشوار البحثي الأكاديمي؛‬

‫الانفتاح على المجال السوسيوإقتصادي‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪ .5‬المعرفة الأكاديمية كقاعدة ضرور ية‪ :‬نصل الآن موضع الأطروحة العامة‬

‫التي نتبناها‪ ،‬هذه الأطروحة التي عنوانها الرئيس «المعرفة الأكاديمية‬

‫]‪ ،»[Academic knowledge‬بحيث تبدى لنا من خلال التحليل‬

‫العميق لجملة من المحددات أن الاستناد على دعامتي التكوين الذاتي‬

‫والمستمر مسألة يصعب تحققها على أرض الواقع ما لم ننطلق بشكل أساس‬

‫من قاعدة للتكوين الأكاديمي الأساس تكون بمثابة نقطة مرجعية‪ .‬يستفاد‬

‫من هذا‪ ،‬إذن‪ ،‬أن جل الحلول ذات الصبغة الإدار ية والمحلية‪ ،‬وفي بعض‬

‫‪119-146‬‬
‫الأحيان الترقيعية والذاتية لن توتي أكلها ما لم يتم اعتبار المدخل الأساس‬

‫لإصلاح هذا الخلل هو التعو يل على المعرفة الأكاديمية‪ ،‬بصفتها المعرفة‬

‫القادرة على تمكين المدرس من الآليات المنهجية‪ ،‬ومن المعارف النظر ية‬

‫الضرورة لتجويد ممارساته الصفية‪ ،‬وإكسابه مناعة ذاتية تمكنه من التأقلم‬

‫من المستجدات والتغلب على الصعوبات‪.‬‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫‪120-146‬‬
‫يتضمن هذا الملحق عنصرين أساسين‪ ،‬الأول له علاقة بوثيقة استطلاع الرأي‬

‫وإجابة الأساتذة عنها‪ .‬والثاني له علاقة بلائحة المصادر والمراجعة التي تناولت بالدرس‬

‫والتحليل واقع الدرس الفلسفي بشقيه الجامعي والثانوي في السياق التعليمي المغربي‪.‬‬

‫‪ .1‬العنصر الأول‪ :‬وثيقة استطلاع الرأي‬


‫أ‪ .‬الملحق رقم‪1 :‬‬
‫استطلاع الرأي لدى مدرسي الفلسفة في السلك الثانوي‬

‫التأهيلي‬

‫في موضوع‪:‬‬

‫«مدى تطابق المقررات الدراسية مع الوثيقة الرسمية للتوجهات التربو ية وللتكوين الجامعي والبيداغوجي‬

‫للمدرسين»‬

‫فقرات الاستطلاع‬

‫‪ .1‬ما هو حكمك على طبيعة العلاقة بين الوثيقة التوجيهية وتخصصك الجامعي‪ ،‬أهي علاقة اتصال أم انفصال؟‬

‫‪ .2‬رأيك في المجزوءات والمفاهيم المقررة في السلك الثانوي التأهيلي؟‬

‫‪ .3‬علما أن المقرر الدراسي في السلك الثانوي قد شمل مختلف أبعاد الفكر الفلسفي‪ ،‬فهل تعتقد أن التكوين‬

‫الجامعي مكنك من الإحاطة الشاملة بهذه الموضوعات و بجزئياتها المفصلية؟‬

‫‪ .4‬في نظرك ما الذي يميز المعرفة الأكاديمية عن المعرفة الذاتية؟‬

‫‪ .5‬ما موقفك من طبيعة المقررات الدراسية في السلك الثانوي التأهيلي لمادة الفلسفة؟‬

‫‪ .6‬ما هي الموضوعات التي تجد فيها صعوبة بالغة في تدريسها من منطلق تخصصك الجامعي‪ ،‬ولماذا؟‬

‫‪ .7‬في نظرك كيف يمكن تجاوز الهوة بين الوثيقة التوجيهية لمادة الفلسفة والمقررات الفلسفية والسوسيلوجية‬

‫والسيكولوجية الجامعية؟‬

‫‪ .8‬في نظرك ما هي انعكاسات الشروخ الموجودة بين الوثيقة التوجيهية والمقررات الجامعية على الدرس‬

‫الفلسفي في السلك الثانوي‪ ،‬فاعليته وجدواه؟‬

‫‪121-146‬‬
‫‪ .9‬ما رأيك في التعددية التي تشمل أستاذ الفلسفة‪ ،‬هل تخول له التمكن من الحد الأدنى من المعارف‬

‫الفلسفية‪ ،‬وبالتالي قدرته على نقل المعرفة الفلسفية العالمة إلى معرفة مدرسية قابلة لتدريس؟‬

‫‪ .10‬في نظرك هل المعارف (البيداغوجية والديداكتيكية) التي يتلقاها الأساتذة المتدربون في مراكز التكوين‪،‬‬

‫كفيلة بأن تأهلهم لمهنة التدريس‪ ،‬خاصة من الزاو ية المعارف التخصصية؟‬

‫‪ .11‬ما هي في نظرك الحلول الممكنة لهذه الإشكالية المعرفية‪ ،‬من جهة‪ ،‬والبيداغوجية‪ ،‬من جهة ثانية‪ ،‬والتي‬

‫تعد بحق من الإشكالات الأساسية التي يعاني منها الدرس الفلسفي في السلك الثانوي التأهيلي بالمغرب؟‬

‫‪ .12‬إلى أي حد يمكن القول إن معالجة هذه الإشكالية تقترب من العوائق الأساسية التي تعاني منها اليوم في‬

‫تدريس الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي؟‬

‫الملحق رقم‪2 :‬‬ ‫ب‪.‬‬


‫الأجوبة المعطاة من طرف السادة أساتذة مادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي ذوي‬ ‫أرقام المشاركين‬

‫تخصص الفلسفة‬

‫‪-‬ج‪’’ :1/‬لا يوجد إلا اتصال بسيط بين الطرفين‪ ،‬لأن التكوين الجامعي غرضه بناء المعارف‪،‬‬

‫وغرض الدرس الفلسفي في الثانوي بناء ال كفايات عبر الاشتغال على المضامين‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :3/‬بعض المعارف لم يسبق أن تكونا فيها في الجامعة‪ ،‬وبعضها الآخر حتى وإن كنا قد‬

‫تكونا فيها‪ ،‬فإن ذلك التكوين ليس بالأصالة التي تأهلك بأن تدرسها لغرك‘‘‪.‬‬
‫رقم (‪)1‬‬
‫‪-‬ج‪’’ :6/‬الموضوعات التي تشمل عليها مجزوء الإنسان‪ ،‬و بخاصة مفهوم الوعي‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :8/‬الصعوبة في إدراك أصل الإشكال‪ ،‬وبالتالي صعوبة بنائه مع التلاميذ‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :9/‬إن دروس الفلسفة في السلك الثانوي‪ ،‬خاصة من دروس الدورة الثانية‪ ،‬هي عبارة‬

‫عن إشكاليات فلسفية تبنى‪ ،‬ولئن كان بناء الإشكال يحتاج إلى عدة أدوات‪ ،‬فإن الخلفية‬

‫المعرفية لهذا الإشكال لها حصة الأسد‪ ،‬وبالتالي فإن الدراس للفلسفة سيجد صعوبة في بناء‬

‫الإشكال خاصة بقضايا علم الاجتماع (مفهوم المجتمع في الأولى باك والعلوم الإنسانية في‬

‫الثانية باك)‪ ،‬إضافة إلى صعوبة في إشكال آخر له ارتباط بعلم النفس‪ ،‬ألا وهو الوعي‬

‫واللاوعي‪ ،‬وبالمقابل فإن الدارسون لعلم الاجتماع وعلم النفس سيجدون صعوبة بالغة في‬

‫تدريس قضايا فلسفية‪ .‬وإلى جانب هذا فإن هنالك بعض الدروس تحتاج إلى تكوين في جميع‬

‫‪122-146‬‬
‫الروافد المذكورة‪ ،‬من مثل مجزوءة الوضع البشري‪ ،‬وبالتالي فإن التكوين المعرفي الجامعي‬

‫الذي يأهل الطالب(ة) ليدرس الفلسفة قانونيا‪ ،‬لا يكفيه معرفيا‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :10/‬أغلب ما تنصب عليه مراكز التكوين هو التكوين البيداغوجي والديداكتيكي‪،‬‬

‫وبالتالي يبقى المجال المعرفي محدودا‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :1/‬علاقة اتصال‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :3/‬طبعا لا‪ ،‬التكوين الجامعي بالكاد يدلك على مصادر ومراجع للمعرفة الفلسفية‪ ،‬أما‬

‫اكتشافها وقراءتها وتحليلها وفهمها وتحو يلها ديداكتيكيا فهو رهان المدرس‪.‘‘...‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :6/‬هناك موضوعات عديدة فيها مشكل إبستمولوجي وديداكتيكي في ذاتها؛ الوعي‬ ‫رقم (‪)2‬‬
‫واللاوعي‪ ،‬اللغة‪ ،‬النظر ية والتجربة‪ ،‬الحق والعدالة‪ ...‬هذه المفاهيم مطروحة في الغالب على‬

‫نحو خاطئ في البرنامج وال كتب المدرسية‪.‘‘...‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :8/‬الارتجال‪ ،‬وطغيان التأو يلات الخاصة‪ ،‬ولا قابلية المعرفة للنقل الديداكتيكي»‪.‬‬

‫‪-‬ج‪« :9/‬لا‪ ،‬التكوين الذاتي هو السبيل‪.‘‘...‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :10/‬مراكز التكوين مؤسسات تم تقزيم دورها‪ ،‬لذلك يظل تأثيرها جد محدود‪.‘‘...‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :1/‬أعتقد أن هناك تقاطعات بين التخصص الجامعي (الفلسفة)‪ ،‬وبين تدريس مادة‬

‫الفلسفة في الثاوي‪ ،‬من حيث بعض المواضيع المدرسة (الأخلاق‪ ،‬الدين‪،‬‬

‫الابستمولوجيا‪ ،)...‬لا من حيث طرق التدريس‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :3/‬نوعا ما‪ ،‬ما ينقص التكوين الجامعي أنه غير كاف ما دامت الفلسفة تنفتح على‬

‫مواضيع متعددة‪ ،‬فإن سنوات الجامعة لا تكفي للإحاطة بها جميعا‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :6/‬ليس من جهة تكويني الشخصي‪ ،‬ول كن من جهة مستوى المتعلمين الذي يجعل‬

‫تعاملهم مع بعض الموضوعات (كمواضيع مجزوءة المعرفة بشكل خاص) على أنها مجزوءة‬

‫صعبة ومبالغة في التجريد‪( .‬خاصة الشعب الأدبية)‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :8/‬بعد الجامعة‪ ،‬يحتاج الأستاذ إلى تكوين آخر مغاير تماما من أجل ممارسة التدريس‪،‬‬

‫ولا يفيده الدرس الجامعي إلا في مكتسباته الشخصية التي يعزز بها درسه في الفصل‪ .‬بينما‬ ‫رقم (‪)3‬‬

‫يبقى في حاجة لتكوين مواز يشتغل فيه على آليات وطرق التدريس‘‘‪.‬‬

‫‪123-146‬‬
‫‪-‬ج‪’’ :9/‬تدريس الفلسفة يحتاج إلى طلاب شعبة الفلسفة العامة بشكل أساس‪ ،‬ل كن‬

‫مدرسي الفلسفة الذين جاءوا من شعبتي‪ :‬علم الاجتماع وعلم النفس لا بأس في أن يجتازوا‬

‫تكوينا مكثفا في الفلسفة‪ ،‬ويشتغل ذاتيا على التصورات الفلسفية‪ ،‬لأن البعد الفلسفي للمواضيع‬

‫يختلف جذر يا عن البعد النفسي أو الاجتماعي‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :10/‬أبدا‪ ،‬يبقى الأستاذ دائما في حاجة إلى الممارسة التطبيقية‪ ،‬أما الاكتفاء بالنظري‬

‫مع حصص تطبيقية قليلة تجعل السنوات الأولى للأستاذ داخل الفصل الدراسي سنوات‬

‫تكوين ذاتي‪ ،‬يعمل فيها على تكوين نفسه أكثر مما يعمل على تدريس الفلسفة‘‘‪.‬‬

‫أ‪ .‬الملحق رقم‪3 :‬‬


‫الأجوبة المعطاة من طرف السادة أساتذة مادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي ذوي‬ ‫أرقام المشاركين‬

‫تخصص علم الاجتماع‬

‫‪-‬ج‪’’ :1/‬علاقة اتصال إلى حد ما‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :3/‬لا‪ ،‬لأن تكويني الجامعي لم يمكنني من الإحاطة بجميع الموضوعات التي نحن بصدد‬

‫الاشتغال عليها بالسلك الثانوي‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :6/‬الموضوعات الإبستمولوجية‪.‘‘.‬‬ ‫رقم (‪)1‬‬


‫‪-‬ج‪’’ :8/‬التأثير على فاعلية الدرس ونجاحه (مثلا‪ :‬غياب الوضوح والدقة أثناء تقديم‬

‫الدرس)‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :9/‬نعم‪ ،‬لأن الموضوعات التي يتم تناولها في السلك الثانوي في مادة الفلسفة ليس‬

‫موضوعات فلسفة خالصة بل موضوعات تشمل ما هو فلسفي وما هو سوسيولوجي‪ ،‬وما هو‬

‫سيكولوجي ‪...‬الخ‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :10/‬ليست كافية‪ ،‬بل لابد من التكوين الذاتي المستمر‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :‬إن طبيعة العلاقة القائمة بين الوثيقة التوجيهية والتخصص الجامعي هي علاقة إلزامية‬

‫تتوخى تأطير وتنظيم واحترام السير العام للبرامج التعليمية الرسمية الخاصة بالمادة‘‘‪.‬‬

‫‪124-146‬‬
‫‪-‬ج‪’’ :3/‬إن التكوين الجامعي بالنسبة لي يبقى غير كاف في جعل الطالب الجامعي ملما‬

‫ومتمكنا ومتحكما في المادة؛ إذ لابد من التكوين المستمر‪ ،‬وأخص بالذكر هنا التكوين الذاتي‪:‬‬ ‫رقم (‪)2‬‬
‫(القراءة المستمرة‪ ،‬الكتابة‪ ،‬البحث‪ ،‬الانفتاح على تجارب الآخرين‪.‘‘)...‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :6/‬نظر ية المعرفة‪ ،‬والأخلاق‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :8/‬انعكاسات سلبية تتمثل في عدم تحقق ال كفايات الأساسية المرتبطة بالمادة لدى‬

‫المتعلمين‪ .‬جعل الغاية من المادة هي تلقين وشحن المتعلمين بالمضامين واستظهارها فقط‪ ،‬تغليب‬

‫هاجس الامتحان والنقطة المحصلة على حساب تنمية القدرات المتعلقة بالنقد والتحليل‬

‫والتركيب‪.‘‘...‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :9/‬إلى حد ما نعم‪ ،‬ويبقى بذل الجهد المتواصل شرط أساسي وضروري لتطوير أداء‬

‫المدرس والارتقاء بمعارفه وممارسته الصفية‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :10/‬لا يمكن اعتبار هذه التكوينات لوحدها كافية في جعل المدرسين مؤهلين بالشكل‬

‫المطلوب للتدريس‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :1/‬علاقة اتصال‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :3/‬لم يمكنني من الاحاطة بها‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :6/‬مجزوءة المعرفة‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :8/‬تأثيره بطبيعة الحال لن يكون إلا سلبيا‪ ،‬بحيث الرهان الذي يأسس عليه الدرس‬

‫يصبح غير قابل للتفعيل‘‘‪.‬‬ ‫رقم (‪)3‬‬


‫‪-‬ج‪’’ :9/‬التعددية تغني الدرس وينبغي الانفتاح على كل تخصص‘‘‪.‬‬

‫‪-‬ج‪’’ :10/‬غير كافية‘‘‪.‬‬

‫‪ .2‬العنصر الثاني‪ :‬البحوث والدراسات حول الدرس الفلسفي المغربي‬

‫أ‪ .‬ملحق الوثائق والدراسات الرسمية‪:‬‬


‫الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر‬
‫والبحث العلمي‪ :‬الأكاديمية الجهو ية للتربية والتكوين جهة مراكش آسفي‪ .‬دليل‬

‫‪125-146‬‬
‫تربوي لتدريس مادة الفلسفة‪ :‬موجهات تكييف درس الفلسفة وصيغ تفعيله‪،‬‬
‫مراكش‪ :‬أكتوبر ‪.2020‬‬
‫‪ .‬الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية الوطنية والتعليم‬
‫العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي‪ .‬التكوين المستمر‪ :‬ديداكتيك مادة الفلسفة‬
‫وتقويم التعلمات‪ ،‬الرباط‪ :‬يونيو ‪.2009‬‬
‫‪ .‬المفتشية العامة للتربية والتكوين‪ :‬أعمال الماىءدة‬
‫المستديرة حول‪ :‬تدريس الفلسفة في الثانوي‪ :‬البعد التار يخي ورهانات الإصلاح‪.‬‬
‫الرباط‪ :‬مطبعة التربية الوطنية‪.2008 ،‬‬
‫‪ .‬الدليل البيداغوجي لإدماج تكنولوجيا المعلومات‬
‫والاتصال في تدريس مادة الفلسفة بالسلك الثانوي التأهيلي‪ .‬الرباط‪ :‬المختبر الوطني‬
‫للموارد الرقمية‪ ،‬ماي ‪.2013‬‬

‫ملحق ال كتب‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬


‫مصطفى‪ ،‬محسن‪ .‬المعرفة والمؤسسة‪ :‬مساهمة في التحليل السوسيولوجي‬

‫للخطاب المدرسي المغربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار الطليعة‪ ،‬ط‪.1993 ،1.‬‬

‫الخطابي‪ ،‬عز الدين‪ .‬مسارات الدر الفلسفي في المغرب‪ :‬حوار البيداغوجيا‬

‫والثقافة‪ .‬الرباط‪ :‬منشورات عالم التربية‪ ،‬ط‪.2002 ،1.‬‬

‫قشيقش‪ ،‬محمد‪ .‬مساءل فلسفية وديداكتيكية‪ .‬مكناس‪ :‬مطبعة مرجان‪،‬‬

‫ط‪.2009 ،1.‬‬

‫الانتصار‪ ،‬عبد المجيد‪ .‬الأسلوب البرهاني الحجاجي في تدريس الفلسفة‪:‬‬

‫من أجل ديداكتيك مطابق‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪.1997 ،1.‬‬

‫ميشيل طوزي‪ ،‬ومن معه‪ ،‬بناء القدرات وال كفايات في الفلسفة‪ ،‬ترجمة‪:‬‬

‫حسا أحجيج‪ .‬الرباط‪ :‬منشورات عالم التربية‪ ،‬مطبعة النجاح‪ ،‬ط‪.2005 ،1.‬‬

‫كر يكر‪ ،‬شفيق‪ ،‬تنسيق‪ .‬منهجية الإنشاء الفلسفي‪ :‬دليل إلى قواعد‪:‬‬

‫لاختبارات امتحانات الباكالور يا‪ ،‬لمبار يات المدارس العليا‪ ،‬للمدرسين الباحثين عن‬

‫موارد جديدة‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬افر يقيا الشرق‪ ،‬ط‪.2014 ،1.‬‬

‫الزاهي‪ ،‬نور الدين‪ .‬الفلسفة واليومي‪ .‬المغرب‪ :‬مطبعة فضالة‪ ،‬ط‪،1.‬‬

‫‪.1999‬‬

‫‪126-146‬‬
‫الكلاعي‪ ،‬محيي الدين‪ .‬طر يقة المقال‪ :‬قواعد منهجية في تحليل النص‬
‫والمقالة الفلسفية تونس‪ :‬دار محمد علي للنشر‪ ،‬ط‪.2005 ،2.‬‬
‫الشية‪ ،‬محمد‪ .‬قضايا في تدريس الفلسفة وفي الإنشاء الفلسفي‪ .‬الرباط‪:‬‬
‫عالم ال كتب‪ ،‬ط‪.2015 ،1.‬‬
‫‪ .‬من وحي الدرس الفلسفي‪ :‬إشكالات وحدوس‬
‫ديداكتيكية‪ .‬الدار البيضاء‪ ،‬افر يقيا الشرق‪ ،‬ط‪.2015 ،1.‬‬
‫‪ .‬المحاورة الفصلية الفلسفية‪ :‬تجارب مدرس فلسفة‪.‬‬
‫الرباط‪ :‬منشورات ضفاف‪-‬اختلاف‪ ،‬ط‪.2017 ،1.‬‬
‫السهلي‪ ،‬إبراهيم‪ .‬تدريس الفلسفة‪ :‬من أجل مقاربة ديداكتيكية‬
‫للاشتغال على النص في درس الفلسفة‪ .‬الرباط‪ :‬الراصد الوطني للنشر والقراءة‪،‬‬
‫ط‪.2022 ،1.‬‬
‫بلجراف‪ ،‬علي‪ .‬تدريس الفلسفة في الثانوي‪ :‬قضايا وإشكالات‪.‬‬
‫المغرب‪ :‬دار النشر التطوانية‪ ،‬ط‪.2015 ،1.‬‬
‫عبد الرحمان بدوي وآخرون‪ .‬تدريس الفلسفة والبحث الفلسفي في‬
‫الوطن العربي‪ :‬اجتماع خبراء مراكش الممل كة المغربية ‪ 9-6‬يوليو ‪ .1978‬بيروت‪:‬‬
‫دار الغرب الإسلامي‪ ،‬ط‪ .1990 ،1.‬خاصة منه المشاركة التي قدمها الأستاذين‬
‫الجليلين رحمهما الله تعالى‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -‬محمد وقيدي‪« ،‬وضعية تدريس الفلسفة في المغرب»‪ ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الغرب الإسلامي‪ ،‬ط‪.1990 ،1.‬‬
‫‪ -‬جمال الدين العلوي‪« ،‬ورقات حول تدريس الفلسفة والبحث‬
‫الفلسفي في المغرب»‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الغرب الإسلامي‪ ،‬ط‪.1990 ،1.‬‬
‫بن الحسن الزهراوي‪ ،‬محمد‪ .‬بنية الدرس في مادة الفلسفة‪ :‬استقصاء‬
‫تركيبي‪ .‬الدار البيضاء‪:‬‬
‫إفر يقيا الشرق‪ ،‬ط‪.2011 ،1.‬‬

‫الدراسات الأكاديمية‪:‬‬ ‫ت‪.‬‬


‫محمد ياسين وحسن حمي‪ .‬الحجاج في درس الفلسفة‪ :‬النص الفلسفي‬

‫نموذجا‪ ،‬بحث نهاية التكوين بمركز تكوين مفتشي التعليم‪ .‬الرباط‪ :‬كلية علوم التربية ‪-‬‬

‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬يونيو ‪.2017‬‬

‫عبد الغني التازي ومجموعة من الأساتذة‪ .‬الحجاج بحث تربوي ميداني‪.‬‬

‫مدير ية القنيطرة‪ ،‬الأكاديمية الجهو ية‪ .‬الرباط‪-‬القنيطرة‪.2009 ،‬‬

‫‪127-146‬‬
‫ث‪ .‬ملحق المقالات العلمية‪:‬‬
‫حنان الغوات‪« ،‬تدريسية الفلسفة في الوطن العربي بين الواقع والمأمول‬
‫‪-‬المغرب نموذجا»‪ ،‬باحثون‪ ،‬العدد‪ ،5‬يناير‪-‬مارس‪.2019 ،‬‬

‫عبد الرحيم تمحري‪ ،‬والرو يض محمد‪« ،‬ديداكتيكية النص الفلسفي‪:‬‬


‫نظر يات وتطبيقات»‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي‪ ،‬مطبعة‬
‫المعارف‪-‬المحمدية‪.67-49 ،1992 ،‬‬

‫مصطفى كاك‪« ،‬مشكلة تدريس تاريخ الفلسفة»‪ ،‬فكر ونقد‪ ،‬العدد‪،8‬‬


‫أبر يل ‪.2002‬‬

‫الخالدي أحمد‪« ،‬تأملات في تجربة تعليم الفلسفة بالمغرب‪ :‬هشاشة‬


‫المؤسسة وسؤال المستقبل»‪ ،‬مجلة الفلسفة‪ ،‬العدد المزدوج‪.1999 ،8 -7‬‬

‫‪« .‬تعليم الفلسفة وسؤال الحاضر»‪ ،‬فكر ونقد‪ ،‬العدد ‪،48‬‬


‫أبر يل ‪.2002‬‬

‫أيت موحى محمد‪« ،‬ديداكتيك الفلسفة‪ :‬أسئلة التأسيس ومنطلقات‬


‫البناء»‪ ،‬مجلة ديداكتيكا‪ ،‬العدد ‪ ،2‬دجنبر ‪.1992‬‬
‫باداح محمد‪« ،‬مشكل التقويم في مادة الفلسفة»‪ ،‬مجلة علوم التربية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،24‬مارس ‪.2003‬‬
‫بربزي عبد الله‪« ،‬قراءة في مؤشرات التربية على القيم في منهاج الفلسفة‬
‫بالمغرب»‪ ،‬عالم التربية‪ ،‬العدد‪.2012 ،21‬‬
‫جمال هشام‪« ،‬برامج الدرس الفلسفي في التعليم الثانوي‪ :‬مسألة اللاتوازن‬
‫بين ال كم وال كيف»‪ ،‬فكر ونقد‪ ،‬العدد ‪.2003 ،54‬‬

‫سليم رضوان‪« ،‬تدريس الفلسفة بالمغرب»‪ ،‬مجلة الجدل‪،‬‬


‫العدد‪.1985 ،1‬‬

‫محمد عابد الجابري وآخرون‪ ،‬دروس في الفلسفة لطلاب الباكالور يا‬


‫بالمغرب‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬دار النشر المغربية‪.1966 ،‬‬
‫إبراهيم نيوتشي‪« ،‬تدريس الفلسفة على ضوء مشروع التجديد التربوي»‪،‬‬
‫المجلة التربو ية‪ ،‬العدد المزدوج‪ ،9-8 ،‬ماي ‪.2004‬‬
‫أحمد العقاد‪« ،‬درس الفلسفة وبيداغوجيا ال كفايات»‪ ،‬مجلة علوم التربية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،31‬سبتمبر ‪.2006‬‬

‫‪128-146‬‬
‫عبد الغني التازي‪« ،‬الترسيخ الوجودي الدرس الفلسفي»‪ ،‬فكر ونقد‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،48‬أبر يل ‪.2002‬‬
‫سميرة الشمعاوي‪ ،‬درس الفلسفة‪« :‬مجال للإثراء والإحباط»‪ ،‬فكر ونقد‪،‬‬
‫العدد ‪ ،48‬أبر يل ‪.2002‬‬

‫ج‪ .‬ملحق الموارد الإل كترونية‪:‬‬


‫عبد المجيد باعكريم‪« ،‬تكوين مدرس الفلسفة ورهان الحداثة»‪ ،‬بوابة فيلو‬

‫لنشر ثقافة فلسفية‪ ،‬عبر الموقع الإل كتروني التالي‪:‬‬


‫‪u.blogspot.com/2019/12/philosophieabdelmajidbaakrime.html‬‬
‫‪.22/07/2022 .https://philo4‬‬

‫كمال صدقي‪« ،‬المدونة الإكترونية»‪ ،‬عبر الموقع التالي‪:‬‬

‫ح‪ .‬حوارات وندوات‬

‫يتوقف هنا هذا الشق على أن يتم إكمال باقي مراحله في وقت لاحق بإذنه عز وجل‪.‬‬

‫‪129-146‬‬
‫تتضمن هذه الدراسة جملة من المفاهيم العلمية ذات الدلالات المحددة‬

‫والاستعمالات المخصوصة؛ ولما كان الأمر كذلك‪ ،‬فلابد‪ ،‬إذن‪ ،‬من وضع معجم‬

‫دلالي يقف على بعض منها ويرصد معانيها طبقا للمرامي التي من أجلها سيقت‪.‬‬

‫سنركز في هذا السياق على المفاهيم الأساسية حصرا‪ ،‬وذلك من خلال عرضها‬

‫بشكل يراعي خصوصية الحقل المعرفي الذي تنتمي إليه‪.‬‬

‫المفاهيم ذات الطابع البيداغوجي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪ .2‬المقرر الدراسي "‪ :"Course‬يقصد به‬

‫مجموعة من الموضوعات الدراسية يقوم الطلاب‬


‫بدراستها في فصل دراسي واحد أو على مدار‬
‫السنة الدراسة وفق خطة معينة وتشكل مجموعة‬
‫المقررات الدراسية البرنامج الدراسي الذي يعد‬
‫لفئة معينة من الطلاب للحصول على درجة‬
‫حددة‪1.‬‬
‫علمية م‬
‫‪ .3‬المجزوءة "‪ :"fragmented‬تعود كلمة مجزوءة من حيث اشتقاقها اللغوي‬

‫إلى‬

‫فعل جزأ الذي يعني القطع والتقسيم‪ .‬وهذا‬

‫المفهوم ينسجم مع مدلول ‪ module‬الذي‬

‫يعني تقسيم السنة الدراسية إلى مجزوءات‬

‫فصلية ووحدات يمكن تقسيمها بدورها إلى‬

‫‪ 1‬الدريج‪ ،‬معجم مصطلحات المفاهيم التربو ية‪ ،‬مرجع مذكور‪.70 ،‬‬

‫‪130-146‬‬
‫وحدات ومقاطع وفضاءات وحلقات قصد‬

‫تحقيق مجموعة من ال كفايات المسطرة لمواجهة‬

‫وضعيات سياقية تستلزم من المتعلم إظهار‬

‫قدراته الذاتية وكفاءاته الفرد‪ 1‘‘ .‬أما من‬

‫حيث الاصطلاح فنجد فيفيان دولاندشير‬

‫تعرفها بأنها‪’’ :‬وحدة معيار ية أو شبه معيار ية‬

‫تدخل في تأليف كل متكامل (منهاج)‪ ،‬قابلة‬

‫للإدراك والتعديل والتكييف‪ ،‬فهي كفيلة‬


‫‪2‬‬ ‫ببناء برنامج دراسي على القياس المطلوب‪‘‘.‬‬

‫‪ .4‬وثيقة التوجيهات التربو ية "‪ "Educational Guidance‬تجسد هذه‬

‫الوثيقة الاختيارات العامة المنصوص عليها في النظام التعليمي‪ ،‬والتي لا‬

‫تخرج في غالب الأحيان على ثلاث أبعاد أساسية‪ ،‬وهي‪ :‬البعد القيمي‪،‬‬

‫البعد المهاري‪ ،‬البعد المضموني‪ .‬تصدر هذه الوثيقة عن‬

‫مدير ية المناهج التربو ية و يعود إليها الأستاذ عند‬


‫التخطيط والتحضير لدروسه أو التعلمات‬
‫وإعداد الجذاذات‪ ،‬وتشكل الانتقال من‬
‫الخطاب يهتم أساسا بالمضامين ال كتب‬
‫المدرسية‪ ،‬إلى خطاب يركز على طرق تدبير‬
‫الدرس)‪3.‬‬ ‫التعليم (دستور‬

‫‪ 1‬عن موقع‪« :‬المستجد التربوي»‪ ،‬يشرف عليه عدد المهتمين‪https://www.mostajad.com/p/blog- .‬‬


‫‪page_3915.html‬‬
‫‪ 2‬عن موقع‪« :‬المستجد التربوي»‪ ،‬يشرف عليه عدد المهتمين‪https://www.mostajad.com/p/blog- .‬‬
‫‪page_3915.html‬‬
‫‪ 3‬عن موقع‪« :‬المستجد التربوي»‪ ،‬يشرف عليه عدد المهتمين‪https://www.mostajad.com/p/blog- .‬‬
‫‪page_3915.html‬‬

‫‪131-146‬‬
‫‪ .5‬كفايات أساسية "‪ :"Basic Competencies‬يشير هذا المفهوم إلى‬

‫مجموع المهارات الذهنية والسلوكية الضرور ية التي يجب على المتعلم أن‬

‫يكتسبها ل كونها تشكل ’’البناء القاعدي الذي ينهض عليه الصرح التعليمي‬

‫ككل [‪ .]..‬وهي كفاية ينبغي على التلميذ أن يكتسبها ل كي يتمكن من‬


‫‪1‬‬ ‫الانتقال من دون مشاكل إلى مستو يات جديدة‪‘‘.‬‬

‫‪ .6‬البيداغوجية "‪ :"Pedagogical‬تعرف موسوعة علوم التربية هذا المفهوم‬

‫مشيرة إلى أن‬

‫كلمة " بيداغوجيا " في الأصل اليوناني‪ ،‬من‬


‫حيث الاشتقاق اللغوي‪ ،‬من شقين‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫‪Pead‬وتعني الطفل‪ ،‬و ‪Agoge‬وتعني القيادة‬
‫والسياقة‪ ،‬وكذا التوجيه‪ .‬وبناء على هذا‪ ،‬كان‬
‫البيداغوجي ‪ Le pedagogue‬هو الشخص‬
‫المكلف بمراقبة الأطفال ومرافقتهم في‬
‫خروجهم للتكوين أو النزهة‪ ،‬والأخذ بيدهم‬
‫ومصاحبتهم‪]...[ .‬‬
‫فقد أخذت كلمة "بيداغوجيا" بمعان عدة‪ ،‬من‬
‫حيث الاصطلاح‪ ،‬حيث اعتبرها إميل‬
‫دوركايم ‪ E. Durkheim:‬نظر ية تطبيقية‬
‫للتربية‪ ،‬تستعير مفاهيمها من علم النفس وعلم‬
‫الاجتماع‪ .‬واعتبرها أنطوان ماكري نكو ‪A.‬‬
‫‪( Makarenko‬العالم التربوي السوفياتي)‪:‬‬
‫العلم الأكثر جدلية‪ ،‬يرمي إلى هدف عملي‪.‬‬
‫وذهب روني أوبري‪ ، R. Hubert‬إلى أنها‬
‫ليست علما ولا تقنية ولا فلسفة ولا فنا‪ ،‬بل‬

‫‪ 1‬الدريج‪ ،‬معجم مصطلحات المفاهيم التربو ية‪ ،‬مرجع مذكور‪.31 ،‬‬

‫‪132-146‬‬
‫هي هذا كله‪ ،‬منظم وفق تمفصلات منطقية‪.‬‬
‫والملاحظ أن هذه التعار يف‪ ،‬وكثير غيرها‪،‬‬
‫تقيم دليلا قو يا على تعقد "البيداغوجيا"‬
‫وصعوبة ضبط مفهومها‪ ،‬مما يدفع دائما إلى‬
‫الاعتقاد أن تلك التعار يف وغيرها‪ ،‬ليست في‬
‫واقع الأمر سوى وجهات نظر في تحديد‬
‫مفهوم " البيداغوجيا "‪ .‬وإجمالا يمكن تحديد‬
‫دلالة هذا المفهوم في وجهين أساسين‪:‬‬
‫‪ -‬إنها حقل معرفي‪ ،‬قوامه التفكير الفلسفي‬
‫والسيكولوجي‪ ،‬في غايات وتوجهات الأفعال‬
‫والأنشطة المطلوب ممارستها في وضعية التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬على الطفل والراشد؛‬
‫‪ -‬إنها نشاط عملي‪ ،‬يتكون من مجموع‬
‫الممارسات والأفعال التي ينجزها كل من‬
‫الفصل‪1.‬‬ ‫المدرس والمتعلمين داخل‬
‫‪ .7‬الديداكتيك"‪ "Didactic‬لقد عرفه الخبير المغربي في شؤون التربية الأستاذ‬

‫محمد الدريج في كتابه تحليل العملية التعليمية كما يلي‪:‬‬

‫هي الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته‪،‬‬


‫ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها‬
‫المتعلم‪ ،‬قصد بلوغ الأهداف المنشودة‪ ،‬سواء‬
‫على المستوى العقلي المعرفي أو الانفعالي‬
‫الوجداني أو الحس حركي المهاري‪ .‬كما تتضمن‬
‫البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف‬
‫المواد‪ .‬ومن هنا تأتي تسمية " تربية خاصة "‬

‫‪ 1‬موسوعة علوم التربية‪« ،‬ما هو الديداكتيك؟»‪ ،‬عبر الرابط الإل كتروني التالي‪:‬‬
‫‪.23/07/2022 .https://m3olomtarbya.blogspot.com/2018/02/blog-post_28.html‬‬

‫‪133-146‬‬
‫أي خاصة بتعليم المواد الدراسية (الديداكتيك‬
‫الخاص أو ديداكتيك المواد) أو " منهجية‬
‫التدريس "(المطبقة في مراكز تكوين المعلمين‬
‫العامة‬ ‫التربية‬ ‫مقابل‬ ‫في‬ ‫والمعلمات)‪،‬‬
‫(الديداكتيك العام)‪ ،‬التي تهتم بمختلف القضايا‬
‫التربو ية‪ ،‬بل وبالنظام التربوي برمته مهما‬
‫‪1‬‬ ‫كانت المادة الملقنة‪.‬‬
‫‪ .8‬المقاربة "‪ "Approach‬تعني المقاربة في معناه العام إلى معنيين أساسين‪،‬‬

‫وهما‪:‬‬

‫ال كيفية العامة‪ ،‬أو الخطة المستعملة في‬ ‫‪-‬‬


‫نشاط ما‪ ،‬والتي يراد منها دراسة وضعية‬
‫أو مسألة أو حل مشكلة معينة لبلوغ غاية‬
‫معينة؛‬
‫‪ -‬الطر يقة التي يتناول بها الشخص أو‬
‫الباحث الموضوع أو ظاهرة معينة بغرض‬
‫فهمها‪.‬‬
‫أما من حيث المنظور التربوي فتعني المقاربة‬
‫أساس نظري يتكون من مجموعة من المبادئ‬
‫يتأسس عليها برنامج أو منهاج دراسي‪ .‬وقد‬
‫استخدم هذا المفهوم في مجال التربية كمفهوم‬
‫تقني للدلالة على التقارب الذي يقع بين‬
‫مكونات العملية التعليمية التعلمية التي ترتبط‬
‫فيما بينها عن طر يق علاقات منطقية‪ ،‬لتتآزر‬

‫‪ 1‬موسوعة علوم التربية‪« ،‬ما هو الديداكتيك؟»‪ ،‬مرجع مذكور‪.25/11/2022 .‬‬

‫‪134-146‬‬
‫من أجل تحقيق غاية تعليمية وفق استراتيجية‬
‫واضحة‪1.‬‬ ‫تربو ية‬

‫‪ .9‬التكوين المهني" ‪ " Professional Formation‬تعرف الوثيقة الإطار‬

‫هذا المصطلح بالقول‪:‬‬

‫هو تكوين يروم تأهيل الأفراد مهنيا من خلال‬


‫تطوير كفاياتهم المهنية المرتبطة بوظيفة أو مهنة‪،‬‬
‫ويتميز هذا التكوين في غالب الأحيان بهيمنة‬
‫الطابع العملي على النظري‪ .‬وفي مجال تكوين‬
‫المدرسين‪ ،‬يشير التكوين المهني إلى برامج إعداد‬
‫المدرسين عمليا واكسابهم مهارات التدريس‬
‫وتمكنهم من الاتصال المباشر بالممارسة داخل‬
‫الأقسام‪2.‬‬

‫‪.10‬التدريس "‪ "Teaching‬يشير في معناه إلى ذلك‬

‫النشاط التعليمي التعلمي الذي يقوم به‬


‫المدرس‪ ،‬لإكساب المتعلم مجموعة من المعارف‬
‫والمهارات‪ ،‬والقيم والسلوكيات لتوظيفها في‬
‫وضعيات مختلفة‪ .‬هذا المعنى له ارتباط بالمعنى‬
‫اللغوي لأن التدريس كذلك يقوم على‬
‫القراءة‪ ،‬والحفظ‪ ،‬والإفهام‪ .‬وفي هذا المستوى‬

‫‪ 1‬مراد الرايس‪ ،‬تنسيق‪ .‬عرض حول‪ :‬البيداغوجيا والمقاربة‪ :‬الفرق بينهما‪ .‬تطوان‪ :‬جامعة عبد المالك السعدي‪-‬‬
‫المدرسة العليا للأساتذة‪.12-10 ،2021 ،‬‬
‫‪2‬‬
‫الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية والتعليم‪ ،‬الوثيقة الإطار‪ :‬عدة تكوين الأساتذة بالمراكز الجهو ية للتربية‬

‫والتكوين (الرباط‪ :‬يونيو ‪.30 ،)2012‬‬

‫‪135-146‬‬
‫يحتاج إلى الدقة في التخطيط والضبط‪ ،‬وفي‬
‫والتقويم‪1.‬‬ ‫التنفيذ‬
‫‪ .11‬الكتاب المدرسي "‪ "School Book‬يعرفه كل من‪:‬‬

‫«كزافيي روجرز (‪ )Xavier ROEGIERS‬و‬


‫«ف‪ .‬م جرار» (‪ )f.-M. GERARD‬كما يلي‪:‬‬
‫«إنه أداة مطبوعة‪ ،‬مبنية على نحو قصدي‬
‫بحيث تندرج ضمن سيرورة تعلم ما‪ ،‬لأجل‬
‫تحسن نجاعته‪ .‬وله خواص مميزة عديدة‪- :‬فهو‬
‫يؤدي وظائف مختلفة متصلة بالتعلمات؛ ‪-‬‬
‫ينصب على أهداف تعلم مختلفة؛ ‪-‬يقترح أنواعا‬
‫مختلفة من الأنشطة التي يظن فيها خدمة‬
‫التعلم‪2.‬‬

‫‪.12‬التكوين الذاتي"‪ :"self-configuration‬يعرفه الباحث في شؤون التربية أورلسان‬

‫بأنه‬

‫صيغة جديدة تساهم بقسط كبير في التكوين‬


‫المستمر‪ ،‬وقد يشمل التكوين الذاتي عدة‬
‫مفاهيم‪ ،‬وهي‪ :‬التعلم الذاتي أو الدراسة‬
‫المستقلة‪ ،‬أو التعلم بمساعدة ال كومبيوتر‪ ،‬أو‬
‫الثقافة الذاتية‪ ،‬عن طر يق المطالعة‪ ،‬أو‬
‫الاحتكاك بالغير‪ ،‬وقد تعتبر كل منها نظام‬
‫متكامل في حد ذلته‪.‬‬
‫‪.13‬التكوين المستمر "‪:"Continuous formation‬‬

‫‪ 1‬الوثيقي‪ ،‬طرق تدريس الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي‪ ،‬مرجع مذكور‪.13 ،‬‬
‫‪ 2‬العماري‪« ،‬أسئلة أولية حول تقويم الكتاب المدرسي»‪( ،‬مجلة دفاتر مغربية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬يونيو‬

‫‪.19 ،)2010‬‬

‫‪136-146‬‬
‫يعتبر التكوين المستمر آلية تعليمية ضرور ية‬
‫فرضتها التحولات المعاصرة على الفءات‬
‫المتعلمة بشتى أصنافها‪ :‬طلاب‪ ،‬معلمين‪،‬‬
‫أساتذة‪ ،‬مربون‪ ،‬عمال‪...‬إلخ‪ .‬يتميز التكوين‬
‫المستمر بصبغته الأكاديمية‪ ،‬إذ لابد له ل كي‬
‫ينعت بأنه مستمر من إطار أكاديمي ينخرط‬
‫فيه‪ ،‬هذا الإطار قد يكون عن عبارة عن‬
‫جلسات مستمرة وورشات تأطير ية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫يرى المختصون في حقل التدريس عموما أن‬
‫التكوين المستمر قد أضحى يشكل وجها بارزا‬
‫من وجوه التربية المستدامة في الزمن المعاصر‪،‬‬
‫إذ في غيابه يفقد المتعلم فاعليته وتتراجع قدراته‬
‫وتضعف إمكاناته بفعل تطور المعارف‬
‫وتراكمها‪.‬‬
‫‪. 14‬التكوين الأكاديمي "‪"Academic composition‬‬

‫يقابل هذا المفهوم عدة مفاهيم أساسية‪ ،‬من‬

‫أو‬ ‫العالي‬ ‫أو‬ ‫الجامعي‬ ‫التكوين‬ ‫بينها‪:‬‬

‫التخصصي‪...‬إلخ‪ .‬يتميز هذا بطابع مؤسساتي‬

‫صرف‪ ،‬و يقوم علا رؤ ية منهجية واضحة تحدد‬

‫مساره وأبعاده وإمكاناته‪ .‬ويمارس عادة في‬

‫’’معاهد والمدارس العليا والجامعات‪ ،‬و يوفر‬

‫لصاحبه قدرا عال من المهارات العلمية والفنية‬

‫والإدار ية‪ ،‬و يحصل بموجبه المتكون على‬

‫‪137-146‬‬
‫شهادات عليا ‪ ...‬تضمن له شغل منصب‬
‫المستخدمة‘‘‪1.‬‬ ‫عامل متخصص في المؤسسات‬

‫‪:world knowledge‬‬ ‫‪ 15‬المعرفة العالمة‬

‫‪:‬‬ ‫‪school knowledge‬‬ ‫‪ 16‬المعرفة المدرسية‬

‫‪ .2‬المفاهيم ذات الطابع الفلسفي‪:‬‬


‫‪ .1‬التفكير الفلسفي ‪: philosophical thinking‬‬

‫يدرس التفكير الفلسفي الوجود في كليته‪،‬‬

‫بالدلالة التي تحيل على أن الوجود يشمل‬

‫الأبعاد التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬البعد الميتافيز يقي؛‬

‫‪ .2‬البعد الفيز يقي؛‬

‫‪ .3‬البعد الابستمولوجي؛‬

‫‪ .4‬البعد الاستطيقي‪.‬‬

‫و يعتمد في ذلك على مقدمات عقلية منطقية‬

‫خالصة‪ .‬و يمكن إجمال بعض محدداته في‬

‫النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إبداع المفاهيم‪ :‬باعتبار أن وظيفة التفكير الفلسفي الأساسية‪،‬‬

‫وكما خلص لذلك جيب دولوز وكتري في كتابيهما المشترك‬

‫ماهي الفلسفة؟ تتمثل في نحت المفاهيم وسقليها وتحديد‬

‫دلالتهما وضعها ضمن أنساق نظر ية خدمة لرهانات فكر ية؛‬

‫‪ 1‬رباب‪ ،‬أقطي‪ ،‬التكوين الجامعي وعلاقته بكفاءة الإطار في المؤسسة الاقتصادية‪ ،‬رسالة الدكتوراه‪ ،‬جامعة‬
‫الحاج خضر‪-‬كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية‪.35 ،2008 ،‬‬

‫‪138-146‬‬
‫‪ -‬الرؤ ية النسقية‪ :‬باعتباره يشكل منظومة فكر ية نسقية متمايزة‬

‫عن غيرها من الحقول المعرفية‪ ،‬من حيث المنطلقات‬

‫والغايات والرهانات؛‬

‫الرؤ ية النقدية‪ :‬باعتبار أن التفكير الفلسفي قوامه النقد‬ ‫‪-‬‬

‫والسؤال‪،‬‬

‫‪ .2‬المفهوم الفلسفي ‪: philosophical concept‬‬

‫‪ .3‬الإشكال الفلسفي ‪: philosophical problem‬‬

‫‪ .4‬الأطروحة الفلسفية ‪: philosophical thesis‬‬

‫‪ .5‬المنظور ‪: perspective‬‬

‫يتوقف هنا هذا الشق على أن يتم إكمال باقي مراحله في وقت لاحق بإذنه عز وجل‪.‬‬

‫‪139-146‬‬
‫تتوزع لائحة المصادر والمراجع العلمية المعتمدة في هذا البحث على أربعة أصناف‬

‫أساسية‪ ،‬بحيث يمكن عرضهما حسب أهميتها وترتيبها الهرمي وفق الصياغة الآتية‪:‬‬

‫‪ .1‬الوثائق الوزار ية الرسمية‪:‬‬


‫الممل كة المغربية‪ ،‬وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر‬
‫والبحث العلمي‪ .‬التوجهات التربو ية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك‬
‫الثانوي التأهيلي‪ .‬الرباط‪ :‬مدير ية المناهج‪ ،‬نونبر ‪.2007‬‬
‫‪ .‬الوثيقة الإطار‪ :‬عدة تكوين الأساتذة بالمراكز الجهو ية‬
‫للتربية والتكوين‪ .‬الرباط‪ :‬يونيو ‪.2012‬‬
‫‪ .‬مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي‪ .‬منهج‬
‫الفلسفة‪ :‬الوحدة المركز ية لتكوين الأطر‪ .‬الرباط‪ :‬يونيو ‪.2012‬‬
‫‪ .‬المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين‪ :‬جهة الرباط‪-‬‬
‫سلا‪ ،-‬فرع قنيطرة‪ :‬استعمالات الزمن الأسدوس ‪1‬و‪ ،2‬مسلك تكوين أستاذات‬
‫وأساتذة التعليم الثانوي للموسم الجامعي‪2020 :‬م‪2012-‬م و‪2020‬م‪2022-‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬ال كتب والرسائل الجامعية والمجلات‪:‬‬

‫ب‪ .‬ال كتب‪:‬‬


‫الجابري‪ ،‬محمد عابد‪ .‬مدخل إلى فلسفة العلوم‪ :‬العقلانية المعاصرة وتطور‬

‫الفكر العلمي‪ .‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪ ،8.‬فبراير ‪.2014‬‬

‫تمحري‪ ،‬عبد الرحيم‪ .‬منهجية البحث الجامعي‪ :‬لطلبة الإجازة والماستر‬

‫والدكتوراه‪ .‬تطوان‪ :‬مطبعة تطوان‪ ،‬ط‪.2019 ،1.‬‬

‫‪ .‬شخصية المدرس المغربي‪ :‬الهو ية والتوافق‪ :‬الدار‬

‫البيضاء‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪.2013 ،1.‬‬

‫‪140-146‬‬
‫‪ .‬علم النفس‪ :‬مدخل إبستمولوجي‪ .‬تطوان‪ :‬مطبعة‬

‫الر يف التهامي الوزاني‪ ،‬ط‪.2015 ،1.‬‬

‫محمد الدريج‪ ،‬تنسيق‪ .‬معجم مصطلحات ومناهج طرق التدريس‪.‬‬

‫الرباط‪ :‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (‪ :)ALECSO‬مكتب تنسيق‬

‫التعريب في الوطن العر بي‪ ،‬ط‪.2011 ،1.‬‬

‫ت‪ .‬الرسائل الجامعية‪:‬‬


‫البقالي‪ ،‬وسيمة‪ .‬مدى ملاءمة التكوين الجامعي مع الدرس الفلسفي‪.‬‬
‫رسالة الإجازة الأساسية‪ .‬تطوان‪ :‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية‪ -‬جامعة عبد المالك‬
‫السعدي‪.2019 ،‬‬
‫الوثيقي‪ ،‬إبراهيم‪ .‬طرق تدريس الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي‪:‬‬
‫مقاربة تشخيصية تقويمية لأساتذة ومفتشي مادة الفلسفة في السلك الثانوي التأهيلي‪.‬‬
‫رسالة دبلوم الماستر‪ .‬الرباط‪ :‬كلية علوم التربية‪-‬جامعة محمد الخامس‪.2014 ،‬‬
‫بربزي‪ ،‬عبد الله‪ .‬تدريس الفلسفة بال كفايات وآثارها على تعلم التفكير‬
‫النقدي‪ .‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ .‬الرباط‪ :‬كلية علوم التربية ‪-‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪.2012 ،‬‬

‫ج‪ .‬المجلات المحكمة‪:‬‬


‫الطيب بوعزة و يوسف بن عدي‪( ،‬تنسيق)‪« ،‬في تدريس الفلسفة»‪،‬‬
‫مؤسسة مؤمنون بلا حدود‪ ،‬قسم الفلسفة والعلوم الإنسانية‪ ،‬سلسلة ملفات بحثية‪،‬‬
‫‪ 11‬ديسمبر ‪.91-3 ،2015‬‬
‫إدريس هواري‪ ،‬وزويتة حسن‪« ،‬الدرس الفلسفي وتاريخ الفلسفة»‪،‬‬
‫(مجلة اهتمامات تربو ية‪ :‬تصدرها أكاديمية بني ملال‪ ،‬العدد ‪.77-72 ،)1996 ،4‬‬
‫عبد اللطيف الفحصي‪« ،‬رفع نجاعة أداء المدرس»‪ ،‬مجلة البيداغوجي‪،‬‬
‫العدد ‪ ،1‬أكتوبر‪،2014 ،‬‬
‫عبد الله زروال‪« ،‬المدرس وأسئلة المهنة»‪ ،‬مجلة علوم التربية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،61‬شتنبر ‪.63-57 ،2016‬‬
‫عبد الله بربزي‪« ،‬تدريس الفلسفة في التعليم الثانوي المغربي‪ :‬من‬
‫اكراهات البدايات إلى صياغة المنهاج»‪ ،‬المغرب‪ :‬سلسلة ملفات بحثية‪ ،‬مؤسسة‬
‫مؤمنون بلا حدود‪ 11 ،‬ديسمبر ‪.2015‬‬
‫عبد المجيد انتصار‪ ،‬وصالح هاشم‪« ،‬الدرس الفلسفي في المغرب»‪ ،‬حوار‬
‫مع كمال عبد اللطيف مجلة فكر ونقد‪ ،‬الرباط‪ :‬العدد ‪ ،54‬يونيو ‪.60-51 ،2003‬‬

‫‪141-146‬‬
‫عزيز لزرق‪« ،‬الدرس الفلسفي في الثانوي‪ :‬قراءة في الاحراجات الخفية‬
‫لتكوين الفلسفي»‪ ،‬مجلة فكر ونقد‪ ،‬العدد ‪ ،48‬أبر يل ‪.50-41 ،2000‬‬
‫عز الدين الخطابي‪« ،‬الحضور المؤجل للقضايا الجمالية ببرنامج الفلسفة‬
‫بالثانوي»‪ ،‬المجلة التربو ية‪ ،‬العدد المزدوج‪ ،10-9 :‬ماي ‪.116-107 ،2004‬‬
‫عز الدين الخطابي‪« ،‬وظائف التكوين المستمر من خلال توجيهات‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين»‪ ،‬مجلة علامات تربو ية‪ ،‬العدد ‪.27-9 ،2006 ،20‬‬
‫عز الدين الخطابي‪« ،‬رهانات تدريس الفلسفة في الثانوي‪ :‬التجربتان‬
‫الفرنسية والمغربية نموذجا» (مؤسسة مؤمنون بلا حدود‪ ،‬سلسلة ملفات بحثية‪11 ،‬‬
‫ديسمبر ‪2015‬م)‪.12-5 ،‬‬
‫عبد الله الخياري‪« ،‬مهام المدرس وكفايته»‪ ،‬مجلة دفاتر فلسفية‪ ،‬العدد‬
‫المزدوج ‪ ،9-8‬يناير ‪.28-21 ،2013‬‬
‫عبد العزيز سنهجي‪« ،‬ملامح مستقبلية حول جانبيات مدرس‬
‫المستقبل»‪ ،‬مجلة دفاتر فلسفية‪ :‬شهادات‪ ،‬العدد المزدوج ‪ ،9-8‬يناير ‪.134 ،2013‬‬
‫مصطفى حسني‪« ،‬تحولات المهنة»‪ ،‬مجلة دفاتر فلسفية‪ :‬شهادات‪،‬‬
‫العدد المزدوج ‪ ،9-8‬يناير ‪.135 ،2013‬‬
‫تمحري عبد الرحيم‪« ،‬تدريس الفلسفة ومسألة التكوين المستمر»‪ ،‬مجلة‬
‫فكر ونقد‪ ،‬العدد ‪ ،62‬فبراير‪.70-61 ،‬‬
‫محمد الشيخ‪« ،‬تدريس الفلسفة في الكليات المغربية‪ :‬كلية الآداب‬
‫والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء»‪ ،‬مجلة تبين‪ ،‬العدد ‪ ،2‬خر يف ‪-242 ،2012‬‬
‫‪.257‬‬
‫محمد فاوبار‪« ،‬التكوين المستمر ومفهوم الحاجيات»‪ ،‬المجلة التربو ية‪،‬‬
‫العدد المزدوج‪ ،10-9 :‬ماي ‪.45-29 ،2004‬‬
‫مصطفى المعاش‪« ،‬المدرس والأدوار المستترة»‪ ،‬مجلة دفاتر فلسفية‪،‬‬
‫العدد المزدوج ‪ ،9-8‬يناير ‪.20-13 ،2013‬‬
‫يوسف العماري‪« ،‬أسئلة أولية حول تقويم الكتاب المدرسي»‪ ،‬مجلة‬
‫دفاتر مغربية‪ ،‬العدد ‪ ،3‬شتنبر ‪.22-19 ،2010‬‬

‫‪ .3‬المقررات الدراسية‪:‬‬

‫أ‪ .‬مقررات السلك الثانوي التأهيلي‪:‬‬


‫أحمد الخالدي‪ ،‬تنسيق‪ .‬في رحاب الفلسفة‪ :‬الجذع المشترك من سلك‬
‫الباكالور يا‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬الدار العالمية للكتاب‪ ،‬ط‪.2009 ،1.‬‬

‫‪142-146‬‬
‫‪ .‬في رحاب الفلسفة‪ :‬السنة الأولى من سلك‬
‫الباكالور يا الدار البيضاء‪ :‬الدار العالمية للكتاب‪ ،‬ط‪.2009 1‬‬
‫في رحاب الفلسفة‪ :‬السنة الثانية من سلك‬ ‫‪.‬‬
‫الباكالور يا‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬الدار العالمية للكتاب‪ ،‬ط‪.2009 ،1.‬‬
‫محمد سبيلا (تنسيق)‪ .‬مباهج الفلسفة‪ :‬الجذع المشترك من سلك‬
‫الباكالور يا‪ .‬أفر يقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬ط‪.2007 ،1‬‬
‫‪ .‬مباهج الفلسفة‪ :‬السنة الأولى من سلك الباكالور يا‪.‬‬
‫الدار البيضاء‪ :‬أفر يقيا الشرق‪ ،‬ط‪.2007 ،1.‬‬
‫‪ .‬مباهج الفلسفة‪ :‬السنة الثانية من سلك الباكالور يا‪.‬‬
‫افر يقيا الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬أفر يقيا‪ ،‬ط‪.2007 ،1.‬‬
‫محمد (أمزيان) منار الفلسفة‪ :‬الجذع المشترك باكالور يا‪ .‬الدار‬
‫البيضاء‪ :‬أفر يقيا الشرق‪ ،‬ط‪.2007 ،1.‬‬
‫‪ .‬منار الفلسفة‪ :‬السنة الأولى باكالور يا‪ .‬أفر يقيا‬
‫الشرق‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬ط‪.2007 ،1.‬‬
‫‪ .‬منار الفلسفة‪ :‬السنة الثانية باكالور يا‪ .‬الدار‬
‫البيضاء‪ :‬أفر يقيا الشرق‪ ،‬ط‪.2007 ،.1‬‬

‫ب‪ .‬مقررات السلك الجامعي‪:‬‬


‫المقرر الدراسي بشعبة الفلسفة كلية الآداب والعلوم الإنسانية ‪-‬‬
‫تطوان‪ -‬عبد المالك السعدي‪.‬‬
‫‪ .‬كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬قنيطرة‪ -‬جامعة‬
‫ابن طفيل‪.‬‬
‫‪ .‬كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬مكناس‪-‬‬
‫مولاي اسماعيل‪.‬‬
‫‪ .‬كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬الرباط‪ -‬محمد‬
‫الخامس‪.‬‬
‫المقرر الدراسي بشعبة علم الاجتماع كلية الآداب والعلوم الإنسانة‬
‫‪-‬قنيطرة‪ -‬جامعة ابن طفيل‪.‬‬
‫‪ .‬شعبة الفلسفة كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬‬
‫مكناس‪ -‬مولاي اسماعيل‪.‬‬
‫‪ .‬كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬الرباط‪ -‬محمد‬
‫الخامس‪.‬‬

‫‪143-146‬‬
‫‪ .‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية ‪-‬تطوان‪ -‬عبد‬
‫المالك السعدي‪.‬‬
‫المقرر الدراسي بشعبة علم النفس كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬‬
‫الرباط‪ -‬محمد الخامس‪.‬‬
‫‪ .‬كلية الآداب والعلوم الإنسانة ‪-‬قنيطرة‪-‬‬
‫جامعة ابن طفيل‪.‬‬
‫وديع الجعواني‪ ،‬دروس وحدة‪ :‬أسس علم الاجتماع‪ ،‬جامعة عبد‬
‫المالك السعدي‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية ‪-‬تطوان‪ ،‬الموسم الدراسي ‪-2020‬‬
‫‪.2021‬‬

‫‪ .4‬الموارد الإل كترونية؛‬


‫بن عدي‪ ،‬يوسف‪« .‬رهانات تدريس الفلسفة في التعلم المدرسي‪ :‬بحث‬
‫الإل كتروني‪:‬‬ ‫الموقع‬ ‫منهجيات‪،‬‬ ‫بوابة‬ ‫المفارقات»‪،‬‬ ‫في‬
‫‪.01-02-2022 https://www.manhajiyat.com/ar‬‬
‫جليل طليمات‪« ،‬عناصر للتفكير في وضعية تدريس الفلسفة»‪ ،‬موقع ل كم‪،‬‬
‫الجمعة ‪ 19‬نوفمبر ‪ .08:43 | 2021‬عبر الرابط الإل كتروني التالي‪:‬‬
‫‪.2022-02-16 ،/https://lakome2.com/opinion/252193‬‬
‫رشيد العلوي‪« ،‬عن هو ية مدرس «مول» الفلسفة»‪ ،‬يونيو ‪ ،2016‬مجلة‬
‫الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة‪ ،‬فرع الرحامنة‪ .‬عبر الرابط الإل كتروني التالي‪:‬‬
‫‪.2022.02.01 https://www.manhajiyat.com/ar‬‬

‫‪144-146‬‬
145-146

You might also like