You are on page 1of 6

‫قضایا معاصرة تواجه الّثقافة اإلسالمّیة‬

‫األسرة ومكانة المرأة‬

‫األسرة والّتحّد يات المعاصرة‬


‫تتأّثر منظومة الحياة األسرّية المستقّرة عندما تفقد توازنها المنطقّي في الحكم على الحقائق الّثابتة اّلتي يقتضيها العقل الّسليم؛ فّم ما يشهده‬
‫الواقع عنًفا ممارًسا ضّد المرأة‪ ،‬ودعوات للّتحّلل من قيد الحياء والحشمة‪ ،‬ومحاوالت للّنيل من األسرة المسلمة؛ قصًدا إلى تفكيك هذه‬
‫المنظومة المتماسكة‪.‬‬

‫من أبرز الّتحّد يات اّلتي تواجهها األسرة المسلمة‪:‬‬


‫أّو اًل ‪ -‬العنف األسرّي‪ ،‬والّتفّك ك‪:‬‬
‫تؤّثر األسرة فيما عداها من الّنظم االجتماعّية األخرى؛ فإن َص ُلحت َص ُلح المجتمع‪ ،‬وإن فسدت فسد المجتمع‪.‬‬
‫يتمّثل العنف األسرّي في إلحاق األذى بين أفراد األسرة الواحدة؛ كعنف الّز وج ضّد زوجته‪ ،‬وعنف أحد الوالدين أو كالهما تجاه األوالد‪ ،‬أو‬
‫عنف األوالد تجاه والديهم؛ إذ يشمل هذا األذى االعتداء الجسدّي‪ ،‬أو الّنفسّي ‪ ،‬أو الّتهديد‪ ،‬أو اإلهمال‪ ،‬أو سلب الحقوق من أصحابها‪.‬‬

‫منهج اإلسالم الوقائّي للعنف األسرّي ‪:‬‬


‫يتمّثل بمجموعة الّتدابير اّلتي أقام بها مؤّسسة األسرة على أساس العدل في الحقوق والواجبات؛ منها على سبيل الّذ كر ال الحصر‪:‬‬

‫خّص عقد الّز واج بقدسية تمّثلت بلفظ الميثاق اّلذي يشير إلى وجوب تقوى هللا تعالى ومراقبته في األسرة؛ إذ يفي كّل من الّز وجين‬ ‫‪.1‬‬
‫بتبعات الميثاق اّلذي رضيا به‪.‬‬

‫المساواة في الّتكليفات والحقوق والواجبات لقوله ‪ُّ ": ‬لُك ْم َر اٍع َو ُك ُّلُك ْم مسؤول عن َرِع َّيِتِه اِإْلَم اُم َر اٍع ومسؤول عن َر ِع َّيِتِه‪َ ،‬و الَّرُجُل َر اٍع‬ ‫‪.2‬‬
‫في َأْهِلِه وهو مسؤول عن َرِع َّيِتِه َو اْلَم ْر َأُة َر اِعَيٌة في َبْيِت َز ْو ِج َها ومسؤولة عن َرِع َّيِتَها‪َ ،‬و اْلَخ اِدُم َر اٍع في َم اِل َس ِّيِدِه ومسؤول عن َرِع َّيِتِه"‪.‬‬

‫فرض اإلسالم الّرفق وحرص على األلفة بين الّز وجين وُحسن العشرة‪ ،‬ويظهر ذلك في كثير من اآليات القرآنّية‪ ،‬قال تعالى‪َ" :‬وِم ْن‬ ‫‪.3‬‬
‫َآَياِتِه َأْن َخ َلَق َلُك ْم ِم ْن َأْنُفِس ُك ْم َأْز َو اًجا ِلَتْس ُكُنوا ِإَلْيَها َو َجَعَل َبْيَنُك ْم َم َو َّد ًة َو َر ْح َم ًة"‪ .‬وقال تعالى‪َ" :‬و َعاِش ُروُهَّن ِباْلَم ْعُروِف "‪.‬‬

‫الّتأثيم والّتجريم لصور اإلضرار بالمرأة واألبناء كافة؛ إذ نهى الّرسول ‪-‬عليه الّصالة والّسالم‪ -‬عن ضرب الّنساء؛ فعن َعاِئَشَة ‪-‬رضي‬ ‫‪.4‬‬
‫هللا عنها‪َ ،‬قاَلْت ‪َ" :‬م ا َض َرَب َر ُسوُل ِهَّللا ‪َ-‬ص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َس َّلَم ‪َ -‬خ اِدًم ا َلُه‪َ ،‬و اَل اْمَر َأًة‪َ ،‬و اَل َض َرَب ِبَيِدِه َشْيًئا"‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬الّلباس‪ ،‬والّز ينة‪:‬‬
‫امتّن هللا على بني آدم أّن رزقهم لباًسا يواري سوءاتهم‪ ،‬وفرض هللا الحجاب على المرأة المسلمة‪ ،‬لقوله تعالى‪َ﴿ :‬و ْلَيْض ِرْبَن ِبُخ ُم ِرِهَّن َع َلى‬
‫ُجُيوِبِهَّن َو اَل ُيْبِد يَن ِز يَنَتُهَّن ِإاَّل ِلُبُعوَلِتِهَّن َأْو آَباِئِهَّن َأْو آَباِء ُبُعوَلِتِهَّن َأْو َأْبَناِئِهَّن َأْو َأْبَناِء ُبُعوَلِتِهَّن َأْو ِإْخ َو اِنِهَّن َأْو َبِني ِإْخ َو اِنِهَّن َأْو َبِني َأَخ َو اِتِهَّن‬
‫َأْو ِنَس اِئِهَّن َأْو َم ا َم َلَك ْت َأْيَم اُنُهَّن َأِو الَّتاِبِع يَن َغْيِر ُأوِلي اِإْل ْر َبِة ِم َن الِّر َج اِل َأِو الِّطْفِل اّلذيَن َلْم َيْظَهُروا َع َلى َعْو َر اِت الِّنَس اِء َو اَل َيْض ِرْبَن‬
‫ِبَأْر ُج ِلِهَّن ِلُيْع َلَم َم ا ُيْخ ِفيَن ِم ْن ِزيَنِتِهَّن َو ُتوُبوا ِإَلى ِهَّللا َجِم يًعا َأُّيَها اْلُم ْؤ ِم ُنوَن َلَع َّلُك ْم ُتْفِلُحوَن ﴾‪.‬‬

‫‪ ‬شروط الّلباس الّش رعّي للمرأة المسلمة اّلتي أكرمها هللا به‪:‬‬
‫أكرم هللا تعالى الّنساء بلباس خاّص يمّيز المسلمة عن غيرها من نساء العالمين؛ إكراًم ا لها وصوًنا؛ فأوجب في هذا الّلباس شروًطا؛ منها‪:‬‬
‫أن يستوعب لباسها بدنها عدا الوجه والكّفين‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يكون واسعًا فضفاًضا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يكون كثيفًا غير شفاف؛ إذ يظهر لون بشرتها من خالله‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أاّل يكون لباس شهرة؛ لئال يلفت األنظار إليه‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أاّل يكون شبيًها بلباس الّرجل؛ لقوله ‪":‬لَع َن رُسول ِهللا ‪ ‬الَّرُج َل يلَبس ِلْبَس َة المرأِة والمرَأَة تلَبس ِلبَس ة الَّرجل"‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ ‬شروط الّز ينة‪:‬‬


‫أباح هللا تعالى للمرأة الّتزّين؛ انسجاًم ا مع فطرتها؛ كالكحل‪ ،‬والّطيب‪ ،‬والِخ ضاب (الحّناء)‪ ،‬وحّرم ما فيه تغيير لخلق هللا تعالى؛ كالوصل‪،‬‬
‫والوشم‪...‬؛ وأمرها بإظهار زينتها لمحارمها دون عاّم ة الّرجال؛ لما فيه من تبرج وفساد؛ لما روى عبد هللا بن مسعود ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬عن‬
‫رسول هللا –صّلى هللا عليه وسّلم‪ -‬قال‪َ" :‬لَع َن ُهَّللا الَو اِش َم اِت َو اْلُم ْسَتْو ِش َم اِت‪َ ،‬و الَّناِمَص اِت َو اْلُم َتَنِّمَص اِت‪َ ،‬و اْلُم َتَفِّلَج اِت ِلْلُحْس ِن الُم َغ ِّيَر اِت َخ ْلَق‬
‫ِهللا‪."...‬‬

‫ثالًثا‪ :‬شبهات موّج هة لألسرة المسلمة‪:‬‬

‫(قوامة الّر جل على المرأة تحمل معاني الّسلطة والّسيطرة‪ ،‬وهذه ُتعّد مصادمة لقيم المساواة اإلنسانّية‪ ،‬وحرّية المرأة)‪.‬‬ ‫الّش بهة األولى‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫والحقيقة أّن قوامة الّر جل على المرأة في األسرة تكليف ال تشريف؛ فهي مسؤولّية عظيمة ملقاة على كتف الّرجل؛ مصداًقا لقوله تعالى‪:‬‬
‫﴿الِّر َج اُل َقَّواُم وَن َع َلى الِّنَس اِء ِبَم ا َفَّض َل ُهَّللا َبْع َض ُهْم َع َلٰى َبْع ٍض َو ِبَم ا َأنَفُقوا ِم ْن َأْم َو اِلِهْم ﴾‪.‬‬

‫فالقوامة مسؤولّية تقع على عاتق الّز وج في تسيير شؤون األسرة؛ (كالمهر‪ ،‬والّنفقة‪ ،‬والمسكن‪ ،‬والملبس‪ ،‬والمأكل‪ ،‬وكّل ما ُيحّقق‬
‫مصلحتها)‪ ،‬والقوامة ُم قّيدة بعدم اإلضرار؛ فإذا تعارضت مصلحة األسرة مع غرض شخصّي ألحد أفراد األسرة‪ ،‬تدّخ ل الّز وج لمعالجة‬
‫الموقف‪ ،‬بما يتناسب مع المصلحة العاّم ة لألسرة‪ ،‬وإاّل كان مستحًّقا للعقاب‪.‬‬

‫(تعّد د الّز وجات للّرجل‪ ،‬وعدم مساواة المرأة بذلك ُيصادم قيم المساواة بين الّرجل والمرأة)‪.‬‬ ‫الّش بهة الّثانية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫شبهة تعّد د الّز وجات‪:‬‬
‫ُتعّد باطلة يمكن تهوينها بأّن تعّد د الّز وجات ليس فرض عين على كّل رجل‪ ،‬بل هو مباح للّرجل بضوابط شرعّية؛ منها‪ :‬إقامة العدل بين‬ ‫‪-1‬‬
‫الّز وجات في (الّنفقة‪ ،‬والمسكن‪ ،‬والمبيت)‪ ،‬وأاّل يزيد على أربع زوجات في عصمته‪ ،‬يقول هللا تعالى‪﴿ :‬وِإْن ِخ ْفُتْم َأاَّل ُتْقِس ُطوا ِفي اْلَيَتاَم ٰى‬
‫َفانِكُحوا َم ا َطاَب َلُك م ِّم َن الِّنَس اِء َم ْثَنٰى َو ُثاَل َث َو ُر َباَع َفِإْن ِخ ْفُتْم َأاَّل َتْع ِد ُلوا َفَو اِح َد ًة َأْو َم ا َم َلَك ْت َأْيَم اُنُك ْم َٰذ ِلَك َأْدَنٰى َأاَّل َتُعوُلوا﴾‪.‬‬

‫مشروعّية الّتعّد د تأتي لمصلحة الّرجل والمرأة مًعا؛ فهو ستر للمرأة العفيفة‪ ،‬مطّلقة كانت أم أرملة‪ ،‬ويؤّد ي إلى تقليل العنوسة‪ ،‬وتكثير‬ ‫‪-2‬‬
‫األّم ة باإلنجاب‪ ،‬ويحمي المجتمع من اآلفات االجتماعّية اّلتي تعصف بالمجتمعات غير المسلمة؛ كالمواليد غير الّش رعّيين‪ ،‬وحاالت‬
‫اإلجهاض‪ ،‬وحاالت الّز نا‪ ،‬وحاالت الّطالق بسبب العقم‪ ،‬وأّم ا إن ثبت العقم من الّرجل‪ ،‬فيثبت للمرأة الحّق في طلب الّطالق بالّش روط‬
‫اّلتي أقّرتها قوانين األحوال الّش خصّية‪.‬‬

‫كما أّن الّتعّد د ليس مقصوًر ا على اإلسالم؛ فلقد ُعرف في العصور اّلتي تْسبقه؛ إذ كان الّتعّد د منتشًرا بال قيد‪ ،‬حّتى جاء اإلسالم‪ ،‬وقّيده‬ ‫‪-3‬‬
‫بأربع‪.‬‬

‫(انفراد الّرجل بإيقاع الّطالق من دون المرأة ُينافي القيم اإلنسانّية في تحقيق العدل بين الّز وجين؛ ما ينعكس سلًبا على‬ ‫الّش بهة الّثالثة‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫نجاح األسرة واستمّراريتها)‪.‬‬

‫الّرد‪ :‬يفرض الّز واج على الّر جل أداء األعباء المالية كّلها؛ (كالمهر‪ ،‬والّنفقة‪ ،‬والُّسكنى‪ ،‬وبعد الطالق بنفقة العّد ة‪ ،‬والحضانة‪ ،‬والُّسكنى)‪ ،‬وهي‬
‫حقوق مالّية مفروضة على الّز وج ال على الّز وجة‪ ،‬وإن أسهمت الّز وجة بشيء‪ ،‬فلها أن ُتطالبه به إن لم تقصد اإلحسان إليه به‪.‬‬

‫فتقرير الحقوق والواجبات في اإلسالم متوازن‪:‬‬


‫فحّق الّطالق ُيقابله حّق الّز وجة في األعباء المالّية على زوجها‪ ،‬في حين أّن الّز وجة في غير المجتمعات اإلسالمية مطالبة ومرغمة‬ ‫‪‬‬
‫على المشاركة في الّنفقة‪.‬‬

‫كما أّن حّق الّطالق ليس للّز وج أن يوقعه في كّل وقت‪ ،‬بل هو مقّيد شريطة عدم اإلضرار بالّز وجة‪ ،‬وال يكون الّطالق في وقت تكون‬ ‫‪‬‬
‫فيه الّز وجة تحت المؤّثرات الجسدّية؛ كالحيض‪ ،‬والّنفاس‪.‬‬

‫فللّز وجة أن تشترط لنفسها الّطالق عند توقيع عقد الّز واج؛ وهو شرط جائز عند العلماء بأن توقعه هي ال الّرجل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما شرع اإلسالم للمرأة الُخ لع‪ ،‬أو الّتفريق؛ للّش قاق‪ ،‬والّنزاع‪ ،‬والّضرر‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫(ميراث الّرجل ضعف ميراث المرأة)‪.‬‬ ‫الّش بهة الّرابعة‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫يزعمون‪ :‬أّن الّش ريعة اإلسالمّية توّرث الّر جل ضعف ميراث المرأة‪ ،‬فذلك تمييز ضّد المرأة‪ ،‬وضرب لقيم المساواة المطلقة‬
‫بين الّرجل والمرأة‪.‬‬
‫الّر ّد ‪:‬‬
‫ال يمكن فهم حّق الميراث للمرأة في الّش ريعة إاّل في ضوء الموازنة العادلة بين الحقوق‪ ،‬والواجبات المالّية اّلتي تقّررها الّش ريعة على‬ ‫‪-1‬‬
‫كّل من الّرجل والمرأة‪ ،‬اّلتي توجب الّنفقة للمرأة‪ ،‬ال عليها‪.‬‬
‫نزلت آيات الميراث انتصاًرا للمرأة‪ ،‬و إلغاًء لمبادئ الجاهلّية اّلتي كانت تحرم المرأة من الميراث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عدد أصحاب الفروض* من الّنساء ضعف عدد الّذ كور؛ وهو دليل على عناية الّش ريعة بحّق المرأة؛ إذ بّين حّقها بتفصيل‪ ،‬ولم يتركه‬ ‫‪-3‬‬
‫لطمع الّرجل إن شاء أعطاها‪ ،‬وإن شاء حرمها‪.‬‬
‫في الّتطبيق العملّي ألحكام المواريث حاالت يفوق فيها نصيب المرأة نصيب الّر جل‪ ،‬وحاالت أخرى ُيحجب فيها الّرجل عن الميراث‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫عدد أصحاب الفروض‪ :‬الورثة الذين لهم أنصبة مقَّد رة في القرآن أو في الُّس ّنة أو باإلجماع‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫مكانة المرأة في اإلسالم‬


‫القواعد العاّم ة المشتركة بين الّذ كر‪ ،‬واألنثى‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫َو حدة األصل بين الّرجل‪ ،‬واألنثى‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كّرم هللا ‪-‬عّز وجّل ‪ -‬المرأة والّرجل‪ ،‬فخلقهما من نفس واحدة؛ لُيؤّك د المساواة في خلقهما‪ ،‬وتكوينها‪ ،‬ونشأتها‪ ،‬وبّين سبحانه وتعالى أّن أصل‬
‫الجنس البشرّي واحد؛ لقوله عّز وجّل ‪﴿َ :‬يا َأُّيَها الَّناُس اَّتُقوا َر َّبُك ُم اَّلِذ ي َخ َلَقُك م ِّم ن َّنْفٍس َو اِحَدٍة َو َخ َلَق ِم ْنَها َز ْو َجَها َو َبَّث ِم ْنُهَم ا ِر َج ااًل َك ِثيًرا‬
‫َوِنساًء ﴾‪.‬‬

‫المساواة في المخاطبة‪ ،‬والّتكليف‪ ،‬واالعتقاد‪ ،‬والّتدّين‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫ساوى اإلسالم بين الّرجل‪ ،‬والمرأة في‪ :‬حرّية االعتقاد‪ ،‬والّد ين‪ ،‬واستحقاق األجر من المثوبة‪ ،‬والجزاء‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬اَل ِإْك َر اَه ِفي الِّديِن َقْد‬
‫َتَبَّيَن الُّر ْش ُد ِم َن اْلَغ ِّي َفَم ْن َيْكُفْر ِبالَّطاُغ وِت َو ُيْؤ ِم ْن ِباِهَّلل َفَقِد اْسَتْمَس َك ِباْلُعْر َو ِة اْلُو ْثَقى اَل اْنِفَص اَم َلَها َو ُهَّللا َسِم يٌع َع ِليٌم ﴾‪.‬‬

‫‪ -3‬المساواة في الجزاء الّد نيوّي ‪ ،‬واألخروّي ‪:‬‬


‫يكتمل العدل اإللهّي المطلق في محاسبة الخلق في اآلخرة‪ ،‬من دون تمييز بين الّذ كر‪ ،‬واألنثى‪ ،‬قال تعالى‪َ﴿ :‬م ْن َع ِمَل َس ِّيَئًة َفال ُيْج َزى ِإَّال‬
‫ِم ْثَلَها َو َم ْن َع ِمَل َص اِلًحا ِّم ن َذ َك ٍر َأْو ُأنَثى َو ُهَو ُم ْؤ ِم ٌن َفُأوَلِئَك َيْدُخ ُلوَن اْلَج َّنَة ُيْر َز ُقوَن ِفيَها ِبَغْيِر ِحَس اٍب﴾‪.‬‬
‫وكذلك تّتبع المساواة الجزاءات الّد نيوّية؛ فمثاًل في تطبيق الحدود الّش رعّية على الجنسين فإّننا نجدها في قوله تعالى‪﴿ :‬الَّز اِنَيُة َو الَّز اِني‬
‫َفاْج ِلُدوا ُك َّل َو اِحٍد ِم ْنُهَم ا ِم اَئَة َج ْلَدٍة َو اَل َتْأُخ ْذ ُك ْم ِبِهَم ا َر ْأَفٌة ِفي ِد يِن ِهَّللا ِإْن ُكْنُتْم ُتْؤ ِم ُنوَن ِباِهَّلل َو اْلَيْو ِم اآْل ِخ ِر َو ْلَيْش َهْد َع َذ اَبُهَم ا َطاِئَفٌة ِم َن اْلُم ْؤ ِمِنيَن ﴾‪.‬‬

‫من حقوق المرأة في اإلسالم‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫من الحقوق االجتماعّية‪:‬‬
‫حّق الحياة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حافظ اإلسالم على الحياة البشرّية للّرجل‪ ،‬والمرأة كليهما؛ فحّرم قتل الّنفس البشرّية‪ ،‬قال هللا تعالى‪ِ﴿ :‬م ْن َأْج ِل َذ ِلَك َك َتْبَنا َع َلى َبِني ِإْس َر اِئيَل‬
‫َأَّنُه َم ْن َقَتَل َنْفًسا ِبَغْيِر َنْفٍس َأْو َفَس اٍد ِفي اَأْلْر ِض َفَك َأَّنَم ا َقَتَل الَّناَس َجِم يًعا َو َم ْن َأْح َياَها َفَك َأَّنَم ا َأْح َيا الَّناَس َجِم يًعا َو َلَقْد َج اَء ْتُهْم ُرُس ُلَنا ِباْلَبِّيَناِت ُثَّم‬
‫ِإَّن َك ِثيًرا ِم ْنُهْم َبْع َد َذ ِلَك ِفي اَأْلْر ِض َلُم ْس ِرُفوَن ﴾‪.‬‬

‫حّق الّرعاية‪ ،‬والّتربية الّصالحة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫كفل اإلسالم للمرأة حّقها في الّرعاية‪ ،‬والحماية‪ ،‬والّتربية منذ طفولتها‪ ،‬مروًرا بمراحل حياتها كّلها؛ لقول الّنبّي ﷺ‪َ" :‬م ن كان له ثالُث‬
‫بناٍت أو ثالُث أَخ وات‪ ،‬أو ابنتان أو ُأختان‪ ،‬فأحَس ن ُصحبَتهَّن واَّتقى َهللا فيهَّن َ فلُه الجَّنَة"‪ .‬وقول الّرسول ﷺ‪" :‬خْيركْم خْيركْم ألّهله وأنا‬
‫خْيركم ألهلي"‪.‬‬

‫حّق الّتعليم‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫حرص اإلسالم على انتشار العلم بين أفراد المجتمع اإلسالمّي ؛ ذكوًرا‪ ،‬وإناًثا؛ فكانت أّول اآليات نزواًل قوله تعالى‪﴿ :‬اْقَر ْأ ِباْس ِم َر ِّبَك اّلذي‬
‫َخ َلَق﴾‪ .‬ويشمل الخطاب القرآنّي في نصوصه الّرجل‪ ،‬والمرأة كليهما في مواضع عديدة؛ ألّن الخطاب بالمذّك ر يشمل المؤّنث‪ ،‬إاّل مع وجود‬
‫المخّصص اّلذي يخرج اإلناث‪ ،‬وهنا لم يوجد المخّصص؛ فدّل على الّش مول‪ ،‬قال تعالى‪َ﴿ :‬أَّم ْن ُهَو َقاِنٌت آَناَء الَّلْيِل َس اِج ًدا َو َقاِئًم ا َيْح َذ ُر‬
‫اآْل ِخَر َة َو َيْر ُجو َر ْح َم َة َر ِّبِه ُقْل َهْل َيْسَتِو ي اّلذيَن َيْع َلُم وَن َو اّلذيَن اَل َيْع َلُم وَن ِإَّنَم ا َيَتَذَّك ُر ُأوُلو اَأْلْلَباِب﴾‪.‬‬

‫حّق العمل‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫حّث اإلسالم على العمل بصيغة الجمع اّلتي تشمل الّذ كر‪ ،‬واألنثى‪ ،‬فقال تعالى‪ُ﴿ :‬هَو اّلذي َجَعَل َلُك ُم اَأْلْر َض َذ ُلواًل َفاْم ُش وا ِفي َم َناِكِبَها َو ُك ُلوا‬
‫ِم ْن ِر ْز ِقِه َو ِإَلْيِه الُّنُش وُر﴾‪ .‬ومع هذا الحّث لم ُيوِج ب اإلسالم عمل المرأة‪ ،‬وخروجها من المنزل‪ ،‬بل جعل من حقوقها على الّرجل‪ :‬اإلنفاق‪،‬‬
‫وتوفير المأكل‪ ،‬والملبس‪ ،‬والمسكن‪ ،‬واحتياجاتها في حدود قدرته‪ ،‬وهذا كّله من أجل أن تتفّرغ المرأة لوظيفتها األساس؛ وهي تربية األبناء‪،‬‬
‫والقيام بتدبير شؤون األسرة؛ فصناعة اإلنسان صانع الحضارة‪ُ ،‬يعّد مقَّد ًم ا على صناعة اآللة‪ ،‬والعمل؛ للّتكّسب‪.‬‬
‫وبالّرغم من ذلك فإّن اإلسالم لم َيْح رم المرأة من العمل إذا احتاجت إليه في مجتمعها‪ ،‬ولكن ال بّد من ضوابَط شرعّيٍة تحميها‪ ،‬وتتناسب مع‬
‫فطرتها‪ ،‬وُأنوثتها‪ ،‬وحشمتها في العمل‪.‬‬

‫من الحقوق االقتصادّية‪:‬‬


‫تمّلك المال‪ ،‬والّتصّرف فيه‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫قّر ر اإلسالم للمرأة أهلّية الّتملك‪ ،‬والّتصّرف‪ ،‬واالستثمار في المجاالت االقتصادّية‪ ،‬بالقدر نفسه اّلذي أقّره للّرجل‪ ،‬في حين أّنها كانت‬
‫محرومة من تلك األهلّية في القوانين الّسابقة؛ إذ كانت تلك القوانين تنظر للمرأة على أّنها بذاتها مال تنتقل ملكّيته من يد إلى يد باإلرث‪،‬‬
‫فجاء اإلسالم‪ ،‬وجعلها كالّر جل في شؤون الحياة المادّية كّلها؛ تمّلًك ا‪ ،‬وتصّر ًفا‪ ،‬وتبّرًعا‪ ،‬وتجارًة‪ ،‬ال ُيقّيدها اإلسالم عن البيع‪ ،‬والّش راء‪،‬‬
‫والّش ركة‪ ،‬والِهبة‪ ،‬وغيرها‪ ...‬إاّل في حاالت الّسفه‪ ،‬أو العته‪ ،‬أو غير ذلك من أسباب الحجر (المنع)‪.‬‬
‫ففي حديث أّم سلمة ‪-‬رضي هللا عنها‪" :‬قلت‪ :‬يا رسول هللا ألي أجر أْن ُأْن فق على بني أبي سلمة؟ إّنما هم بنّي ‪ ،‬فقال ‪-‬صّلى هللا عليه وسّلم‪:‬‬
‫أْنِفقي علْيهْم فلك أجُر ما أْنفقت عليهم"‪.‬‬

‫حّق الميراث‪:‬‬ ‫‪-2‬‬


‫بعد أن كانت المرأة سقًطا من المتاع؛ ُتوَر ث كما ُيورث‪ ،‬جاء اإلسالم؛ لُيعلي شأنها‪ ،‬ويرفع مكانتها؛ ففرض لها الحّق في الميراث نصيًبا‬
‫مفروًضا معلوًم ا‪ ،‬قال تعالى‪ِ﴿ :‬للِّر َج اِل َنِص يٌب ِمَّم ا َتَر َك اْلَو اِلَداِن َو اَأْلْقَر ُبوَن َو ِللِّنَس اِء َنِص يٌب ِمَّم ا َتَر َك اْلَو اِلَداِن َو اَأْلْقَر ُبوَن ِمَّم ا َقَّل ِم ْنُه َأْو َك ُثَر‬
‫َنِص يًبا َم ْفُروًضا﴾‪.‬‬

‫الحقوق الّسياسّية‪:‬‬
‫‪ -‬حّق إبداء الّرأي‪ :‬ساوى اإلسالم بين المرأة‪ ،‬والّرجل في إبداء الّرأي؛ كونهما ُخ لقا من نفس واحدة‪ ،‬ويشتركان في أصل الّتكوين‪،‬‬
‫والّنشأة؛ فكالهما يمتلك العقل اّلذي له القدرة على اكتساب العلم‪ ،‬والفكر‪ ،‬والّتمييز‪.‬‬
‫وحّق المبايعة من الحقوق الّسياسّية؛ فقد ضمنه اإلسالم للمرأة عندما شاركت المرأة في عصر الّنبوة بالبيعة على العقيدة واألخالق‬
‫قال‬ ‫اإلسالمّية‪ ،‬وُسميت اصطالًحا‪" :‬بيعة الّنساء"‪ ،‬وجاءت آيات سورة الممتحنة تجسيًدا حًّيا لدور المرأة في المشاركة الّسياسّية‪،‬‬
‫تعالى‪َ( :‬يا َأُّيَها الَّنِبُّي ِإَذ ا َج اَء َك اْلُم ْؤ ِم َناُت ُيَباِيْعَنَك َع َلى َأْن اَل ُيْش ِرْك َن ِباِهَّلل َشْيًئا َو اَل َيْس ِر ْقَن َو اَل َيْز ِنيَن َو اَل َيْقُتْلَن َأْو اَل َد ُهَّن َو اَل َيْأِتيَن ِبُبْهَتاٍن‬
‫َيْفَتِر يَنُه َبْيَن َأْيِد يِهَّن َو َأْر ُج ِلِهَّن َو اَل َيْع ِص يَنَك ِفي َم ْعُروٍف َفَباِيْعُهَّن َو اْسَتْغ ِفْر َلُهَّن َهَّللا ِإَّن َهَّللا َغ ُفوٌر َر ِح يٌم )‪.‬‬

‫‪ -‬اللهم نور بالكتاب بصري‪ ،‬واشرح به صدري‪ ،‬وأطلق به لساني‪ ،‬وقوي به عزمي بحولك وقوتك‪ ،‬اللهم أعني على‬
‫الدراسة‪ ،‬وال تجعل قلبي يمل منها‪ ،‬وكن معي في كل لحظة‪ ،‬ووفقني لما تحب وترضى‪ ،‬اللهم يا حي يا قيوم‪ ،‬رب موسى‬
‫وهارون ونوح وإبراهيم وعيسى ومحمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أكرمني بجودة الحفظ وسرعة الفهم‪ ،‬وارزقني الحكمة‬
‫والمعرفة والعلم وثبات الذهن والعقل والحلم‪ ،‬اللهم ال سهل إال ما جعلته سهًال‪ ،‬اللهم اجعل الصعب سهًال‪ ،‬اللهم ذكرني‬
‫منه ما نسيت وال حول وال قوة إال باهلل اللهم إني توكلت عليك‪ ،‬وفوضت أمري إليك‪ ،‬ال إله إال هللا‪ ،‬الحليم الكريم رب‬
‫العرش العظيم‪ ،‬اللهم ألهمني علمًا أعرف به أمرك‪ ،‬وأعرف به نواهيك‪ ،‬وارزقني اللهم فهم وبالغة النبيين‪ ،‬وفصاحة‬
‫حفظ المرسلين‪ ،‬وسرعة إلهام المالئكة المقربين‪ ،‬وأكرمني اللهم بنور العلم‪ ،‬وسرعة الفهم‪ ،‬وأخرجني من ظلمات الوهم‪،‬‬
‫وافتح لي أبواب رحمتك فإنه ال حول وال قوة إال بك يا أرحم الراحمين‪.‬‬

You might also like