You are on page 1of 5

‫خطبة عيد الفطر‬

‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫عددَ ما ذَ َ‬
‫كر هللاَ ذا ِكر وكبّر‪ ،‬هللا أكبر عدَدَ ما َح ِمدَ‬ ‫طر‪ ،‬هللا أكبر َ‬ ‫صام صائِم وأف َ‬
‫َ‬ ‫عدَدَ ما‬‫هللا أكبر َ‬
‫فجر اإلسالم وأ ْسفَر‪ ،‬هللا أكبر ما أقبَ َل شهر الصيام وأ ْدبَر‪،‬‬ ‫طع ْ‬ ‫س َ‬‫امد وشَكر‪ ،‬هللا أكبر ما َ‬ ‫هللاَ َح ِ‬
‫تاب تا ِئب واستَ ْغفَر‪.‬‬
‫عدَدَ ما َ‬‫يامه واست َ ْبشَر‪ ،‬هللا أكبر َ‬
‫ص ِ‬ ‫هللا أكبر ما فَ ِر َح الصائم بتمام ِ‬
‫صر‪،‬‬ ‫َزائن جو ِد ِه التي ال ت ْح َ‬ ‫وأفاض عليهم ِمن خ ِ‬ ‫َ‬ ‫سر‪،‬‬
‫س َّه َل للعبا ِد طريقَ ال ِعبادَةِ ويَ َّ‬ ‫الحمد هلل الذي َ‬
‫ط َّهر‪ .‬أحمده سبحانه‬ ‫بو َ‬ ‫كرر‪ ،‬نَقّاهم به ِم ْن دَ َر ِن الذنو ِ‬ ‫و َجع َل لهم عيدا َيعود في كل عام ويَتَ َّ‬
‫ألن ي ْح َمدَ وي ْش َكر‪.‬‬
‫صر‪ ،‬وأ ْشكره وهو المست َ ِح ّق ْ‬ ‫على ِنعَم ِه التي ال تعَد وال ت ْح َ‬
‫سبي َل الحبّ ِ‬ ‫س ْل َ‬
‫سقاكم َ‬ ‫الفرح‪ ،‬و َ‬‫َّام َ‬ ‫عليْك ْم أي َ‬
‫ام هللا َ‬
‫س ِعيد‪ ،‬أدَ َ‬ ‫ارك َ‬ ‫أما بعد؛ أيها المؤمنون‪ ،‬عيدكم مبَ َ‬
‫صدَقاتِكم‪ ،‬و َجمي َع طاعاتِك ْم‪ .‬و َكما فَ ِر ْحتم‬ ‫صيا َمكم وقيا َمكم‪ ،‬وصلوا ِتكم و َ‬ ‫واإلخَاء‪ ،‬وتقبَّ َل هللا ِ‬
‫طره‪ ،‬وفَ ْرحة‬ ‫فر َحتي ِْن يَ ْف َرحهما‪ :‬فَ ْر َحة ِعند فِ ْ‬
‫صائِم ْ‬‫أن لل ّ‬ ‫ع ِل ْمتم ّ‬‫طركم‪ ،‬فَق ْد َ‬ ‫بصيامكم‪ ،‬فا ْف َرحوا ب ِف ْ‬
‫ِ‬
‫صدَّقتم‪ ،‬فهنيئا لكم ما قد َّْمتم‪،‬‬ ‫ضك ْم‪ ،‬وأط ْعتم َربَّكم‪ ،‬ص ْمت ْم وقرأتم وت َ‬ ‫قاء َربّه‪ .‬أدَّيْت ْم فَ ْر َ‬
‫عندَ ِل ِ‬
‫وب ْشراكم الفَ ْوزَ ‪ -‬بإذن هللا وفضله ‪.-‬‬
‫صيام وال ِقيام‪ ،‬و َوفّقَكم له ِمن صا ِلح األعمال و َجمي ِل‬ ‫فاتقوا هللا وا ْشكروه على ما هَداكم إليه ِمنَ ال ّ‬
‫ْرك العيدَ ول ِبس ال َجديد‪ ،‬والَ‬ ‫سعيد َم ْن أد َ‬
‫ْس ال ّ‬ ‫الخصال‪ .‬واعلموا َر ِح َمكم هللا أنه لي َ‬‫األقوال و َعظيم ِ‬
‫وم الوعيد‪ ،‬وراقَ َ‬
‫ب هللا ِفيما‬ ‫ت الدنيا تأتي ِه على ما َيشتهي ويريد‪ ،‬إنما العيد ِل َم ْن خاف َي َ‬ ‫َم ْن كان ِ‬
‫شدِيد‪ ،‬وق ْعرها َب ِعيد‪.‬‬‫ي ْبدِئ ويعيد‪ ،‬وفاز بجنة ال َي ْنفَد نَعيمها وال َي ِبيد‪ ،‬ونَ َجا ِمن نار َحرها َ‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫وفرح وسرور‪ ،‬وهَا نحن ن َودّعه بح ْزن‬ ‫باألم ِس القريب كنا نَسْتقبل رمضان بش َْوق َ‬ ‫ْ‬ ‫عبادَ هللا؛‬
‫وأن يثي َبنا على ال ِذّ ْك ِر وقِراءة‬
‫يام‪ْ ،‬‬
‫يام وال ِق َ‬
‫ص َ‬ ‫أن َيتقبَّ َل هللا تعالى ِمنّا ال ّ‬ ‫وألَم‪ ،‬وأ َملنا َ‬
‫ورجاؤنا ْ‬
‫القرآن‪.‬‬
‫ب ثم ا ْن َف ّ‬
‫ض‪َ ،‬ر ِب َح فيه َمن َربح‪ ،‬و َخس َِر فيه َمن َخسِر‪َ ،‬ربح‬ ‫إخوتي ال ِكرام؛ رمضان سوق انت َ َ‬
‫ص َ‬
‫ساهون َّ‬
‫الالهون‬ ‫سابقون بالخيرات‪ .‬و َخس َِر فيه الغافِلون ال ّ‬ ‫فيه الصائمون القائِمون الذا ِكرون ال ّ‬
‫صرون‪.‬‬‫المقَ ّ‬
‫عزيـ َمته‪ ،‬ف َمأل أيّا َمه ولَيا ِليَه بطا َ‬
‫ع ِة هللا و ِعبادتِه‪،‬‬ ‫ت فيه َ‬ ‫علَ ْ‬
‫ت في َرمضانَ ِه ّمته‪ ،‬وقَ ِويَ ْ‬ ‫فَ َهنِيئا ْ‬
‫لمن َ‬
‫سان‪...‬‬ ‫واإلح َ‬
‫ْ‬ ‫بال ِذّ ْك ِر والقرآن‪ ،‬بالصالة والدّعاء‪ ،‬بالم ْعروف‬
‫وأطراف النهار‪ ،‬ونا َجى َربّه واستغفَ َره باألسْحار‪.‬‬
‫َ‬ ‫هَنيئا ْ‬
‫لمن تَال ِك َ‬
‫تاب هللا آناء الليل‬
‫لمن قام رمضان‬ ‫واحتِسابا‪ ،‬فغ ِف َر له ما ت َ َقد َّم ِم ْن ذَنبه‪ .‬وهَنيئا ْ‬
‫لمن صام رمضانَ إيـمانا ْ‬ ‫هَنيئا ْ‬
‫لمن قام ليلةَ القد ِْر إيـمانا واحتسابا‪ ،‬فغ ِفر له‬‫إيـمانا واحتِسابا‪ ،‬فغ ِف َر له ما تقد َّم ِمن ذنبه‪ .‬وهَنيئا ْ‬
‫ما تقدم ِمن ذنبه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫سنَ إلى يَتيم‪ ،‬وأ ْد َخ َل الفَ ْرحةَ إلى‬
‫وأح َ‬ ‫هَنيئا لمن َّ‬
‫فط َر فيه صائما‪ ،‬وأطعَم جائعا‪ ،‬وأ ْع َ‬
‫طى سائِال‪ْ ،‬‬
‫ْقل ِ‬
‫ب َحزين‪.‬‬
‫عت دَرجاته‪ ،‬وأ ْعتِ ْ‬
‫قت رق َبته‪.‬‬ ‫ت َحسناته‪ ،‬ورفِ ْ‬
‫ت ذنوبه‪ ،‬وكث َر ْ‬
‫هَنيئا لمن غ ِف َر ْ‬
‫وخوفا ِمن هللا‪.‬‬ ‫لمن َ‬
‫ط ّه َر قلبَه‪ ،‬ف َمأله محبّة هلل‪ ،‬وتعظيما هلل‪ْ ،‬‬ ‫هَنيئا ْ‬
‫هَنيئا لمن زَ ّكى نف َ‬
‫سه وربّاها على طاعة هللا‪ ،‬واأل ْن ِس باهلل‪.‬‬
‫سفَاه على َمن ضيّ َع َ‬
‫أيام رمضانَ وليا ِليَه‪ ،‬على َمن َم َّر به‬ ‫صر‪َ ،‬واأ َ‬ ‫فر َ‬
‫ط وقَ ّ‬ ‫ويا َحسْرتَى على َم ْن ّ‬
‫رمضان فل ْم يَ ْزدَ ْد إيـمانه‪ ،‬ولم تق َب ْل أعْماله‪ ،‬ولم تغ َف ْر ذنوبه وآثامه‪.‬‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫وليس ن ْق َ‬
‫طةَ نِهايَة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عبادَ هللا؛ رمضان ن ْقطة ِبدايَة‪،‬‬
‫والح ْلم‪ ،‬على ال ّ‬
‫شفَق ِة والمحبّة‬ ‫َرمضان جاء ِليربّ َينا على طاع ِة هللا وعبادتِه وت َ ْق َواه‪ ،‬على ال َّ‬
‫صب ِْر ِ‬
‫الروح‬
‫ت ّ‬ ‫طلّبا ِ‬ ‫واإلحسان‪ ،‬على الذّ ْك ِر والدّعاء وقِراءةِ القرآن‪ ،‬على الـموازَ نة َبيْنَ َمت َ َ‬ ‫ْ‬ ‫واإليثار‬
‫عه َب ْعدَ رمضان‪ ،‬وإنما ِلندا ِو َم عليه بعدَ رمضان‪.‬‬ ‫فارقَ ذلك ون َو ِدّ َ‬
‫سد‪ ..‬ال ِلن ِ‬
‫وال َج َ‬
‫صالحين‪.‬‬
‫األنبياء وال ّ‬
‫ِ‬ ‫ت والقربات‪ِ ،‬م ْن ِس َما ِ‬
‫ت‬ ‫داومة على الطاعا ِ‬
‫فالـم َ‬
‫ْ‬
‫قالت‪ :‬س ِئ َل رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي هللا عنها‬
‫وإن قَ ّل»‪.‬‬
‫وسلم‪ :‬أي األعما ِل أ َحب إلى هللا؟ فقال‪« :‬أد َْومها‪ْ ،‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪( :‬كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا‬
‫داو َم عليه‪.‬‬
‫أي َ‬‫ع َمال أثْ َبـتَه)‪ْ .‬‬
‫ع ِم َل َ‬
‫َ‬
‫هللا ألنبيائِه ورس ِله؛ قال تعالى عن نبيّه ِعيسى عليه السالم‪﴿ :‬‬ ‫صيّة ِ‬‫ت َو ِ‬ ‫المداومة على الطاعا ِ‬ ‫َ‬
‫أي مدّة َ َبقائي في هذِه الحياة‪.‬‬ ‫ص َالةِ َو َّ‬
‫الز َكاةِ َما د ْمت َحيًّا ﴾ [مريم‪ْ .]31 :‬‬ ‫صانِي ِبال َّ‬‫َوأ َ ْو َ‬
‫والمداومة على الطاعات َوصيّة هللاِ ِلعباد ِه المؤمنين؛ قال تعالى في َمد ِْح ِه ْم‪ ﴿ :‬الَّذِينَ ه ْم َ‬
‫ع َلى‬ ‫َ‬
‫ص َالتِ ِه ْم دَائِمونَ ﴾ [المعارج‪.]23 :‬‬ ‫َ‬
‫ش ْهر َرمضانَ بالطاع ِة واال ْستِقام ِة دون‬ ‫صيص َ‬ ‫َف ِمنَ الخطأ الذي يَقع فيه كثير ِمنَ الناس ْ‬
‫تخ ِ‬
‫فرب‬ ‫خلق ِليكون عبْدا هلل في رمضانَ وعبدا ِلـ َهواه بعدَ َرمضان‪َ .‬‬ ‫غير ِه ِمنَ الشهور؛ والعبْد ل ْم ي ْ‬
‫ّللاِ َي ْو َم َخ َلقَ‬
‫ب َّ‬‫ش ْهرا فِي ِكتَا ِ‬ ‫عش ََر َ‬‫ّللاِ اثْنَا َ‬
‫ور ِع ْندَ َّ‬ ‫عز وجل‪ِ ﴿ :‬إ َّن ِعدَّة َ الشه ِ‬ ‫الشهور واحد‪ ،‬قال ّ‬
‫سك ْم ﴾ [التوبة‪.]36 :‬‬ ‫ض ِم ْن َها أ َ ْربَ َعة حرم ذَ ِل َك الدِّين ْالقَ ِيّم فَ َال تَ ْ‬
‫ظ ِلموا فِي ِه َّن أ َ ْنف َ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬ ‫س َم َاوا ِ‬
‫ال َّ‬
‫عةَ على الد َّوام‪،‬‬ ‫ب على ال ِعبا ِد الطا َ‬ ‫الصيام وأ َم َر بعبادتِه في رمضان‪ ،‬هو الذي ْأو َج َ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫فر َ‬ ‫والذي َ‬
‫وهو القائِل سبحانه‪ ﴿ :‬واعْب ْد رب َّك حتى يأتيك اليَ ِقين ﴾ [الحجر‪ .]99 :‬وهو القائل سبحانه‪ ﴿ :‬وما‬
‫فمنَ الخَطإ أن َيهدِم المرء ما َبناه في‬ ‫واإلنس إال ِليَ ْعبدون ﴾ [الذاريات‪ِ .]56 :‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الجن‬ ‫خلقت‬
‫أن َيعودَ المسلم إلى ما كان عليه ِم ْن ت ْقصير وتفريط وتَعَاط للمعاصي‬ ‫ومنَ الخطإ ْ‬ ‫رمضان‪ِ ،‬‬
‫ف تأ ِثير ِه في‬ ‫ض ْع ِ‬‫ْراك الع ْب ِد لح ِقيق ِة ش ْه ِر رمضان‪ ،‬و َ‬ ‫عدَ ِم إد ِ‬ ‫ذلك َيد ّل على َ‬ ‫فإن َ‬ ‫قب َل رمضان‪ّ ،‬‬
‫‪2‬‬
‫أوامر ِه ونَواهيه في ك ّل و ْقت َو ِحين‪ ،‬فقال‬ ‫عال ق ْد َحذّ َر ِمن َمعصيتِه ومخالف ِة ِ‬ ‫نفسِه‪ ،‬وهللا ج ّل و َ‬
‫اإلثْ َم َ‬
‫سي ْجزَ ْونَ ِب َما َكانوا يَ ْقت َ ِرفونَ ﴾‬ ‫اطنَه إِ َّن الَّذِينَ َي ْكسِبونَ ْ ِ‬
‫اإلثْ ِم َوبَ ِ‬
‫ظا ِه َر ْ ِ‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬وذَروا َ‬
‫[األنعام‪.]120 :‬‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫عبادَ هللا؛ لَئِ ِن انقَ َ‬
‫ضى رمضان فالعبادَة ال تَنقَضي‪.‬‬
‫ب النبي صلى هللا عليه‬ ‫التطوعِ َمفتوح‪ ،‬وقد َر ّ‬
‫غ َ‬ ‫ّ‬ ‫ضي‪ ،‬فباب‬ ‫ضى رمضان فالصيام ال يَنقَ ِ‬ ‫لَئِ ِن انقَ َ‬
‫ضانَ ‪ ،‬ث َّم أَتْ َبعَه‬ ‫ام َر َم َ‬‫ص َ‬ ‫وسلم في صيام ِست ِة أيام ِم ْن شوال‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪َ « :‬م ْن َ‬
‫ي ِ رضي هللا عنه‪.‬‬ ‫ار ّ‬‫ص ِ‬ ‫ص َي ِام الدَّ ْه ِر»‪ .‬رواه مسلم عن أَبِي أَي َ‬
‫وب األ َ ْن َ‬ ‫ِستًّا ِم ْن ش ََّوال‪َ ،‬كانَ َك ِ‬
‫صلَّى هللا‬ ‫ي َ‬ ‫س ِم ْعت النَّ ِب َّ‬‫ع ْنه قا َل‪َ :‬‬ ‫ي هللا َ‬‫ض َ‬ ‫ي ِ َر ِ‬‫س ِعيد الخد ِْر ّ‬ ‫ع ْن أبِي َ‬ ‫وفي الصحيحين وغيرهما َ‬
‫س ْبعِينَ خ َِريفا»‪.‬‬ ‫ار َ‬ ‫ع ِن النَّ ِ‬ ‫س ِبي ِل هللا‪ ،‬بَعَّدَ هللا َو ْج َهه َ‬
‫ام يَ ْوما فِي َ‬ ‫سلَّ َم يَقول‪َ « :‬م ْن َ‬
‫ص َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫َ‬
‫ع ْن أ َ ِبي ه َري َْرة َ رضي هللا عنه قَا َل‪:‬‬
‫ضى رمضان فالقيام ال َينقضي‪ ،‬ففي صحيح مسلم َ‬ ‫ولَ ِئ ِن انقَ َ‬
‫صالَة اللَّ ْي ِل »‪.‬‬ ‫صالَ ِة َب ْعدَ ْالفَ ِري َ‬
‫ض ِة َ‬ ‫ّللا صلى هللا عليه وسلم‪ « :‬أ َ ْف َ‬
‫ضل ال َّ‬ ‫قَا َل َرسول َّ ِ‬
‫س َّل َم َكانَ َيقوم ِمنَ اللَّ ْي ِل‬ ‫صلَّى هللا َ‬
‫ع َل ْي ِه َو َ‬ ‫ّللا َع ْن َها أ َ َّن نَ ِب َّ‬
‫ي َّ ِ‬
‫ّللا َ‬ ‫ي َّ‬ ‫ض َ‬ ‫شةَ َر ِ‬ ‫ع ْن َ‬
‫عا ِئ َ‬ ‫وفي الصحيحين َ‬
‫ّللا لَ َك َما تَقَد ََّم ِم ْن ذَ ْن ِب َك‬
‫غفَ َر َّ‬ ‫صنَع َهذَا َيا َرسو َل َّ ِ‬
‫ّللا‪َ ،‬وقَ ْد َ‬ ‫عا ِئشَة‪ِ :‬ل َم ت َ ْ‬
‫ت َ‬ ‫َحتَّى تَت َ َف َّ‬
‫ط َر قَدَ َماه‪ ،‬فَقَالَ ْ‬
‫َو َما تَأ َ َّخ َر؟ قَا َل‪« :‬أَفَالَ أَكون َعبْدا شَكورا؟»‪.‬‬
‫فهو حياة القلوب‪ ،‬الذي قال هللا عنه‪ ﴿ :‬أال ب ِذ ْك ِر هللا‬ ‫ضى رمضان فالذّ ْكر ال ين َقضي‪َ ،‬‬ ‫ولئِ ِن ان َق َ‬
‫ط َمئِن القلوب ﴾ [الرعد‪ .]28 :‬وق ْد أ َم َر هللا تعالى ب ِذ ْكره في ك ّل زمان وعلى ك ّل َحال‪:‬‬ ‫تَ ْ‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫احذَروا َ‬
‫عد َّوك ْم َب ْعدَ رمضان‪.‬‬ ‫عبادَ هللا؛ ْ‬
‫ط ِليقا‪َ ،‬يت َ َوعَّد َك بالك ْي ِد وال ِغواية‪،‬‬ ‫الشيطان الذي كان م َكبَّال في رمضان‪ ،‬أصب َح ِمنَ ال َي ْو ِم ح ّرا َ‬
‫ض‬ ‫صيَة‪ ﴿ ،‬قَا َل َربّ ِ ِب َمآ أ َ ْغ َو ْيتَنِي ألزَ ِيّن ََّن لَه ْم فِي األ َ ْر ِ‬ ‫يَتربَّص بك ِليو ِق َع َك في الضالل والم ْع ِ‬
‫ط َك‬‫ص َرا َ‬ ‫صينَ ﴾‪ ﴿ .‬قَا َل فَ ِب َما أ َ ْغ َو ْيتَنِي َأل َ ْقعدَ َّن َله ْم ِ‬ ‫َوأل ْغ ِو َينَّه ْم أ َ ْج َمعِينَ ِإالَّ ِعبَادَ َك ِم ْنهم ْالم ْخلَ ِ‬
‫ش َمائِ ِل ِه ْم َو َال تَ ِجد أ َ ْكث َ َره ْم‬ ‫يم * ث َّم ََلتِ َينَّه ْم ِم ْن بَي ِْن أ َ ْيدِي ِه ْم َو ِم ْن خ َْل ِف ِه ْم َو َ‬
‫ع ْن أ َ ْي َمانِ ِه ْم َو َ‬
‫ع ْن َ‬ ‫ْالم ْست َ ِق َ‬
‫شَا ِك ِرينَ ﴾ [األعراف‪ .]17 ،16 :‬فَك ْن يا عبدَ هللا ِمنَ الذّا ِكرين الشاكرين‪ ،‬وال تَك ْن من الغافلين‪،‬‬
‫صين‪.‬‬ ‫المخلَ ِ‬
‫ودَا ِو ْم على طاعة هللا لِتكونَ ِمن ِعبا ِد هللاِ ْ‬
‫أن ت َ ْستَ ِجيب‪.‬‬ ‫ريط والت ّ ْق ِ‬
‫صير بَ ْعدَ رمضان‪ ،‬فإيّاك ْ‬ ‫سل‪ ،‬والت ّ ْف ِ‬
‫وك عدو َك إلى الخمو ِل وال َك َ‬
‫سيَدْع َ‬
‫َ‬
‫وك إلى ه َْج ِر المساجد‪ ،‬إلى ه َْج ِر القرآن‪ ،‬إلى ه َْجر الذّ ْك ِر والدّعاء‪ ،‬فإيّاك أن تَستجيب‪.‬‬
‫سيَدْع َ‬
‫َ‬
‫ت بعد رمضان‪ ،‬فإياك أن تَستجيب‪.‬‬
‫وك إلى المعاصي والمنكرا ِ‬
‫سيَدْع َ‬
‫َ‬

‫‪3‬‬
‫ت والمن َكرا ِ‬
‫ت بعد رمضان‪ ،‬فإياك‬ ‫سيَدْعوك إلى ش ْرب الخمور والم ْس ِكرات‪ ،‬وتعاطي الم َخدّرا ِ‬
‫َ‬
‫أن تستجيب‪.‬‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫سنَ حاال مما كنتم عليه ق ْب َل رمضان‪.‬‬
‫أح َ‬
‫عبادَ هللا؛ كونوا َب ْعدَ رمضانَ ْ‬
‫اك تض ِيّع ال ِعبادة َ َب ْعدَ رمضان؟ أتراك تعود إلى‬ ‫اجتَ َهد َ‬
‫ْت في الطاع ِة في رمضان؛ أت َر َ‬ ‫يا َم ِن ْ‬
‫التقصير والتفريط بعدَ رمضان؟‪.‬‬
‫اك تَـ ْهجر القرآن بعد رمضان؟‪.‬‬
‫القرآن في رمضان؛ أت َر َ‬
‫ِ‬ ‫يا َم ْن أقبَ ْل َ‬
‫ت على‬
‫راك تعود إلى الغفل ِة بعد رمضان؟‪.‬‬
‫ِكر هللا في رمضان؛ أت َ‬
‫سانك بذ ِ‬
‫ت ِل َ‬ ‫ع َّ‬
‫ط ْر َ‬ ‫يا َمن َ‬
‫ي على الفالح"‬
‫ي على الصالة ح ّ‬ ‫راك تس َمع النداء "ح ّ‬
‫للنداء في رمضان؛ أت َ‬ ‫ِ‬ ‫تستجيب‬
‫ِ‬ ‫ت‬‫يا من ك ْن َ‬
‫األم َر ال َي ْع ِنيك؟‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وكأن ْ‬ ‫ْتجيب‪ ،‬ت َولّي ظ ْه َرك للمسج ِد‬
‫بَ ْعدَ رمضانَ فال تَس ِ‬
‫يوت هللا بعدَ رمضان؟‪.‬‬
‫ار المساج ِد في رمضان؛ أتراك تهجر ب َ‬
‫كنت ِمن ع ّم ِ‬
‫يا َمن َ‬
‫عصية هللا بع َد‬ ‫اك ت ْ‬
‫ط ِلق جوار َحك في َم ِ‬ ‫يا َمن ص ْن َ‬
‫ت جوار َح َك عن الحرام في رمضان؛ أت َر َ‬
‫رمضان؟‪.‬‬
‫ّللاَ َو ْلت َ ْنظ ْر نَ ْفس َما قَدَّ َم ْ‬
‫ت ِلغَد َواتَّقوا َّ‬
‫ّللاَ ِإ َّن‬ ‫تذ َّك ْر قول َربّنا عز وجل‪َ ﴿ :‬يا أَي َها الَّذِينَ آ َمنوا اتَّقوا َّ‬
‫سه ْم أولَ ِئ َك هم ْالفَا ِسقونَ ﴾ [الحشر‪:‬‬ ‫ساه ْم أ َ ْنف َ‬ ‫ّللاَ فَأ َ ْن َ‬
‫ّللاَ َخ ِبير ِب َما ت َ ْع َملونَ * َو َال تَكونوا َكالَّذِينَ نَسوا َّ‬
‫َّ‬
‫ِك طريقَ الفا ِسقين؟‪ .‬فاللهم ثَبّتْنَا على‬ ‫فهل بعدَ الطاعة والعبادة تنسى هللا‪ ،‬وتختار لنفس َ‬ ‫‪ْ .]19 ،18‬‬
‫عتِ َك يا َربَّ العالمين‪.‬‬ ‫طا َ‬

‫‪4‬‬
‫الخطبة الثانية ‪...‬‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫ص ْحب ِه أجمعين‪.‬‬
‫أشرف المرسلين‪ ،‬وعلى آله و َ‬
‫ِ‬ ‫الحمد هلل ربّ العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على‬
‫ت‪ ،‬فَ ْلت ْش ِر ْق َمعها ِشفاهك ْم ِ‬
‫بص ْد ِ‬
‫ق البَ ْس َمة‪ ،‬وقلوبك ْم‬ ‫أ ّما بَعد؛ عبادَ هللا‪ ،‬هذه شمس العي ِد ق ْد أ ْش َرقَ ْ‬
‫اص َر الحبّ ِ بينَ األصدِقاء‪ ،‬والتراح َم بينَ‬‫بالمودّةِ والمحبّة‪َ ،‬جدِّدوا َأو ِ‬ ‫َ‬ ‫فاء البَ ْه َجة‪ ،‬ونفوسكم‬‫ص ِ‬ ‫بِ َ‬
‫الناس جميعا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األقرباء‪ ،‬والبِ َّر بالوا ِلدَيْن‪ ،‬والتّعَاونَ بينَ‬
‫ِ‬
‫هي أيام‬ ‫ع ّز وج ّل‪ ،‬وإنما َ‬ ‫غ ْفلة و َم ْعصية هلل َ‬
‫أيام ل ْهو و َ‬ ‫ت َ‬ ‫س ْ‬‫ّام العي ِد لي َ‬ ‫واعْلموا َر ِح َمكم هللا ّ‬
‫أن أي َ‬
‫ِعبادة وش ْكر هلل سبْحانه‪ ،‬والمؤمن يَتقلَّب في أنواع ال ِعبادات‪ ،‬و َي ْنت َ ِقل ِمن طاعة إلى طاعة‪ .‬ومنَ‬
‫صة في ِمثْ ِل هذ ِه‬ ‫الح ْرص عليها خا ّ‬ ‫ت التي يحبّها هللا ويَ ْرضاها‪ ،‬والتي ينبغي ِ‬ ‫ت والطاعا ِ‬ ‫ال ِعبادا ِ‬
‫ور‬ ‫سر ِ‬ ‫المساكين والفقَراء‪ ،‬وإدْخال ال ّ‬
‫ِ‬ ‫طف على‬ ‫األقارب‪ ،‬والعَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫األر َحام‪ ،‬وزيارة‬‫صلة ْ‬ ‫األيام‪ِ :‬‬
‫األرامل واأليْتام‪...‬‬
‫ِ‬ ‫على‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫صدْعِ‪،‬‬ ‫ش ْم ِل‪َ ،‬و َرأْ ِ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ِين ال َعالقات‪ ،‬وتَسْو َية ال ِنّزاعات‪ ،‬و َج ْمع ال ّ‬
‫صة ِلتَ ْحس ِ‬
‫ِع َبادَ هللا؛ العيد ف ْر َ‬
‫ت الم ْنتَش َِر ِة َبين الناس‪.‬‬ ‫وقَ ْ‬
‫طعِ ال َعداوا ِ‬
‫سى ذَوو النّ ِ‬
‫فوس الطيّ َب ِة أضْغانَهم‪،‬‬ ‫قارب القلوب على الودّ‪ ،‬وتجتَ ِمع على األ ْلفَة‪ ،‬و َيتَنا َ‬ ‫ففي العي ِد تَت َ َ‬
‫الكريم ه َو‬
‫َ‬ ‫صافونَ َب ْعدَ َكدَر‪ّ ،‬‬
‫وإن الرج َل‬ ‫ْ‬ ‫تمعون َب ْعدَ افتِراق‪ ،‬و َيتصافَحون َبعدَ ان ِقباض‪ ،‬و َيت َ‬ ‫ف َي ْج ِ‬
‫سيّدا َم ْن َي ْج َمع ْ‬
‫األحقادَ‬ ‫ْس كريما وال َعظيما وال َ‬ ‫الزلّ ِة‪ ،‬وال يحا ِسب على ال َه ْف َوة‪ .‬ولي َ‬
‫ع ِن ّ‬ ‫َم ْن َي ْعفو َ‬
‫فاء والقَ ِطي َعة‪.‬‬
‫و َي ْح ِمل الضّغائِنَ ويدا ِوم على ال َج ِ‬
‫سا ِهموا‬‫بأوامر الدّين‪ ،‬و َ‬ ‫ِ‬ ‫وتزودوا ِمنَ ال ِعبادة‪ ،‬وابْذلوا الم ْعروف‪ ،‬وقوموا‬ ‫َّ‬ ‫فا ْست َ ِقيموا على الطاع ِة‪،‬‬
‫واألم ِن والمـ َحبّ ِة والتّآل ِ‬
‫ف فيما َب ْينَكم‪ِ ،‬لت َ ْس َعدوا في د ْنياكم‬ ‫ْ‬ ‫ناء م ْجت َم ِعك ْم وأ َّم ِتكم‪ ،‬ونَ ْش ِر الخي ِْر‬
‫في ِب ِ‬
‫وفي أ ْخراكم‪.‬‬
‫هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪ ،‬هللا أكبر‪.‬‬
‫ضيْت ْم َربَّكم‪،‬‬ ‫صالتَكم‪ْ ،‬‬
‫وأر َ‬ ‫ض ْرتم ِعيدَكم‪ ،‬و َقضيْت ْم َ‬ ‫ش ْه َركم‪ ،‬و َح َ‬ ‫أيها المسلمون‪ :‬ل َق ْد ص ْمت ْم َ‬
‫صالّكم ِبقلوب متَ َعلّقة باهلل تعالى‪ ،‬موقِنة به‪ ،‬مت َ َو ّكلة َ‬
‫عليه‪ ،‬م ِنيبة إليه‪..‬‬ ‫فان َ‬
‫ط ِلقوا ِم ْن م َ‬
‫وأحسِنوا‬‫صلوا َم ْن قَط َعكم‪ ،‬وأَعْطوا َم ْن َح َر َمكم‪ْ ،‬‬ ‫واألحقاد؛ فَ ِ‬
‫ْ‬ ‫س ِلي َمة ِمنَ الضَّغائِ ِن‬‫ا ْنط ِلقوا ِبقلوب َ‬
‫األرواح‪.‬‬‫واجتِ َماعِ ْ‬
‫َقاء القلوب‪ْ ،‬‬ ‫صفاء‪ ،‬ون ِ‬ ‫إلى َمن أسا َء إليكم؛ فالعيد ِعيد ْالو ِدّ وال َّ‬
‫الدعاء‪...............‬‬

‫‪5‬‬

You might also like