Professional Documents
Culture Documents
دروس في مقياس مقارنة الأنظمة
دروس في مقياس مقارنة الأنظمة
1
نشأة ومفهوم القانون املقارن
أوال .نشأة القانون املقارن
ندرس نشأة القانون املقارن عند الاغريق ثم عند الرومان ثم في عصر التنوير والقرن التاسع عشر بما
يمكن أن نعبر عنه باملراحل التاريخية التي ساهمت في ظهور القانون املقارن( )1مع دراسة مختلف
املدارس الفقهية التي ساهمت في ظهوره بدءا بمدرسة املوحشين واملوحشين ( les glossateurs et
) (l’école humanitaireوأخيرا مدرسة )les post glossateursالالحقين ثم املدرسة الانسانية
القانون الطبيعي ) ) 2( (l’école du droit naturelبما مكن من تعريفه تعريفا جامعا مانعا يميزه عن
جميع فروع القانون ألاخرى سواء الداخلية أو الدولية وهو التعريف الذي يوضح مبادئه وأسسه
ومختلف التسميات التي اقترحت من الفقهاء ،والتي لم تصمد منها إال تسمية القانون املقارن ( le droit
.)3( )comparé
ثم نحدد مكانة القانون املقارن في املنظومة القانونية وكذا بعض التخصصات املتشابهة (ثانيا).
يعد تحديد تعريف القانون املقارن خطوة اولى لتطوير الدراسات املقارنة و تشجيعها من أجل النهوض
باملعرفة القانونية ومسايرتها مع التطور الهائل في مجال القانون سواء الداخلي أو الدولي ،مما جعل
القانون املقارن يحتل مكانة خاصة كفرع من فروع املعرفة القانونية بين تخصصات أخرى في مجال
العلوم وتحديد مكانته الخاصة املتميزة القانونية والنظرية ،وفي مجال فلسفة القانون،النظرية العامة
للقانون .
أوال .نشأة القانون املقارن واملدارس الفقهية التي ساهمت في ظهوره
-1نشأة القانون املقارن عبر التاريخ
مرت نشأة القانون املقارن بمراحل محورية ساهمت في رؤية الدراسات املقارنة النور وذلك منذ قرون
خلت بدءا ب بالحضارة الاغريقية ومرورا بالحضارة الرومانية وانتهاءا بعصر التنوير والقرن التاسع
عشر
أ) الحضارة الاغريقية
قام الفيلسوف الاغريقي أفالطون بمقارنة قوانين املدن الاغريقية ،كما قام ارسطو بتحليل 157
دستور من الدساتير التي كانت تحكم املدن اليونانية .
ب) عند الرومان :
قام الرومان بدراسة "قانون صولون اليوناني " وذلك بارسال ثالثة ممثلين رومانيين الى اثينا في
سنة 453قبل امليالد،وتم تشكيل لجنة من قامت بوضح قانون ألالواح الاثني عشر.
2
ج ) عصر التنوير والقرن التاسع عشر :
يمكن تمييز هنا عصر التنوير والقرن التاسع عشر
عصر التنوير :قام العديد من الفقهاء بدراسة القانون الطبيعي دون أن يرتكزوا على القانون الوضعي
ودون أن يستعينوا باملقارنة في حين استعمل بعضهم القانون املقارن مثل قروتيوس()Grotiuss
و"مونتيسكيو "((Montesquieu
القرن التاسع عشر :قام بعض مشرعو بعض الدول الغربية بمقارنة التشريعات الوطنية لوضع
تشريعات موجهة لتوحيد القانون الداخلي مثل القانون املدني الفرنس ي الذي وضع في 1804تحت تاثير
القانون الطبيعي .وازدهرت الدراسات املقارنة بفضل الاملاني ميتريمر والفرنس ي فوليكس الذي أسس
املجلة ألاجنبية للتشريع .
-2املدارس الفقهية التي ساهمت في ظهور القانون املقارن
مر تطور القانون املقارن عبر مراحل ميزتها ظهور مدارس فقهية ساهمت في ازدهاره وازدهار القانون
بشكل أوسع نجد منها :مدرسة املوحشين التي تقوم بشرح القواعد القانونية بإضافة حواش ي وقد
ظهرت في القرون الوسطى ،ثم مدرسة املوحشين الالحقيين التي ظهرت في القرن الثاني عشر والتي
حاولت تصحيح أخطاء مدرسة املوحشين .
ثم ظهرت املدرسة الانسانية في القرن السادس عشر والتي عكفت على دراسة القانون الروماني
دراسة علمية بحتة .ثم ظهرت بعدها مدرسة القانون الطبيعي والتي حاولت تطبيق القانون الطبيعي
والاجتهاد من أجل وضع قانون عالمي يكون مستمدا من القانون الطبيعي .
-3تعريف القانون املقارن
تمكن الفقهاء من وضع تعريف جامع للقانون املقارن على الرغم من كون الدراسات املقارنة قديمة
العهد بينما القانون املقارن كفرع من فروع املعرفة القانونية حديث النشأة ،وذلك على الرغم من
بعض الاختالفات في املفهوم إال أن التعريف ألارجح له هو " املقارنة بين الشرائع القانونية
العاملية الرئيسية بما في ذلك مختلف القوانين التي تحتوي عليها كل شريعة "
كما ظهرت عدة تسميات للقانون املقارن والتي لم تنجح في الاخير في الحلول محل اصطالح القانون
املقارن .
ثانيا :تحديد مكانة القانون املقارن وهدفه ألاساس ي وعالقاته ببعض التخصصات املشابهة
ندرس املكانة املتميزة جدا للقانون املقارن في املنظومة القانونية الداخلية والدولية ( )1والهدف
ألاساس ي للقانون املقارن ( )2ثم عالقات بالتخصصات ألاخرى التي يمكن ان تختلط به (. )3
3
-1مكانة القانون املقارن
-في مجال العلوم القانونية والنظرية :هو تاريخ القانون وفلسفته ،والنظرية العامة للقانون وعلم
الاجتماع
-في مجال فلسفة القانون :تحقق الدراسة املقارنة فائدة كبيرة تتمثل في الدعوة الى فكرة القانون
العالمي ،فالقانون املقارن وهو يبين أثر الفلسفة على القانون فال يكفي بتقسيم النظم بل يعمل على
تقييم ما تضمنته من افكار ومبادئ .
-في مجال تاريخ القانون :تظهر أهميته في مجال تاريخ القانون في اظهاره لكيفة تأثر الفقهاء او
الباحثين بمذهب من املذاهب ،وكذا دراسة تاريخ وعادات وأعراف القبائل والجماعات البشرية .
-في مجال النظرية العامة للقانون :تبين الدراسة املقارنة ألاصل التاريخي لتقسيمات القانون
والخصائص التي تتميز بها مفاهيمه عن املفاهيم في البالد ألاخرى،وبالدراسة املقارنة تستطيع التمييز
بين القانون العام والخاص ،و بين القانون التجاري واملدني ....الخ .
-في مجال علم الاجتماع .تبين الدراسة املقارنة أثر الظروف الاجتماعية لقانون كل مجتمع من
املجتمعات .
-2الهدف ألاساس ي للقانون املقارن :
الهدف ألاساس ي للقانون املقارن هو توحيد القوانين وهو أكبر حلم تطلع اليه الفالسفة واملفكرون على
الرغم من كونه صعب املنالر،كما يستجيب القانون املقارن الحتياجات كثيرة نذكر منها على سبيل
املثال -.التفتح نحو العالم املعقد في أوج التحول والتغير – التهذيب من أجل فهم أكال الحياة
والعالقات بين ألافراد – املقارنة كحتمية ملحة لتهذيب وتصحيح القواعد القانوني لتساير التطور
الحاصل في جميع املجاالت ...الخ .
طبيعة القانون املقارن
نظرا للتعقيد الظاهري للطبيعة الخاصة للقانون املقارن ظهرت عدة اتجاهات فقهية حاولت تحديد
طبيعته فمنها من يرى أن القانون املقارن على انه علم قائم بذاته ( )1وهناك من يعتبره مجرد طريقة
مقارنة ( )2ومنها من يرى أن له طبيعة مزدوجة أي هو علم و طريقة مقارنة (. )3
- 1الاتجاه الذي يرى أن القانون املقارن هو علم قائم بذاته
4
من دعاته نجد "سالي "و"المبير" اللذين يريان أن القانون املقارن هو علم قائم بذاته يهدف الى وضع
قانون عالمي مشترك ،لكن عيب هذا الاتجاه هو اختالف دعاته في هذا القانون املشترك العالمي ،اذ
يرى "سالي" ان هذا القانون العاملي مثالي يكون صالح لحكم الدول املتحضرة ،في حين ذهب" ال مبير"
الى فكرة مغايرة وهى ان هذا القانون العاملي املشترك يكون صالحا للتطبيق على مجموعة
محصورة من الدول تربط بينها روابط قد تكون تاريخية ،اقتصادية ،ثقافثة ،ويرى سالي أن
القانون املقارن هو علم أساس ي مستقل .
نقد :انتقد هذا الاتجاه الختالف مذهب كل من "سالي" و"ال مبير" في غاية القانون املقارن ،اذ يرى
"سالي" أنه قانون يهدف الى وضع قانون عاملي مثالي ،وهو غاية وهدف صعب املنال ،في حين أن" ال
مبير " وان كان قد أيده العديد من الفقهاء إال انه انتقد ألنه اعتبر أن القانون املقارن يحتوي على
شقين هما التاريخ املقارن الذي اعتبره علم قائم بذاته والشق الثاني هو التشريع املقارن الذي هو فن
،وعلى اثر عدم تمكن هذا الاتجاه من تحديد الطبيعة الصحيحة للقانون املقارن ظهر الاتجاه الثاني
الذي اعتبر القانون املقارن مجرد طريقة للمقارنة .
-2اعتبار القانون املقارن مجرد طريقة للمقارنة
من أنصار هذا الاتجاه نجد "هارولد جوترج " و"روني دايفيد " وينظرون الى القانون املقارن على أنه
مجرد طريقة للمقارنة ،بحيث يرى" جوترج " ان القانون املقارن مجرد طريقة للمقارنة قابلة للتطبيق
في كافة مجاالت البحث في القوانين الاجنبية ،وينقسم حسب رأيه الى قانون مقارن وصفي يستعمل
ألجل الحصول على معلومات في القوانين الاجنبية محل املقارنة وآخر تطبيقي يستعين به فالسفة
القانون لوضع نظريات للوقوف على أصل نشأة املفاهيم املختلفة .
élémentaire du بينما يرى "روني دايفيد " في مؤلفه " امليثاق ألاساس ي للقانون املقارن
) (le traité droit comparéأن القانون املقارن ال وجود له فعال ،وإنما املوجود هو الطريقة
املقارنة التي تستخدم ألغراض مختلفة .
-3الطبيعة املزدوجة للقانون املقارن
تزعم هذا الاتجاه كل من" روني دايفيد " و"أندري تانك " وذلك كمحاولة منهما للتوفيق بين الرأيين
السابقين ،اذ نجد ان" روني دايفيد "بعد أن كان من أنصار الاتجاه الثاني الذي يعتبر القانون املقارن
مجرد طريقة للمقارنة ،نجده يقرر في مؤلفه " الانظمة الكبرى للقانون املقارن "( les grands
)systèmes du droit comparéأنه اذا القانون املقارن ال يعدو أن يكون مجرد طريقة للمقارنة ،فانه
يمكن ان يفهم الى جانب ذلك ان القانون املقارن يعد علما قائما بذاته او فرعا مستقال من فروع
5
املعرفة القانونية ،ونكون بالتالي أمام فريقين من الفقهاء فقهاء في مختلف فروع القانون يستخدم
الطريقة املقارنة في أغراض عديدة وفقهاء القانون املقارن ينحصر دورهم في تمهيد الطريق للفريق
ألاول لتمكينه من استخدام الطريقة املقارنة استخداما متميزا وفعاال (فريق يستخدم القانون املقارن
كعلم للبحث في القوانين الاجنبية ،وفريق يستخدمه كطريقة للمقارنة ) .
نقد :انتقد هذا الاتجاه على أساس ان افتراض الطريقة املقارنة طريقة جاهزة للتطبيق افتراض
خاطئ الن املقارنة بين القوانين ال تأتي ثمارها ملجرد املقارنة واملطابقة بين القانون الوطني والقوانين
ألاجنبية وبين القواعد املوضوعية ،فالفهم الكامل لهذه القواعد املوضوعية ال يتم إال في ضوء املعرفة
السابقة بالخصائص السابقة للشريعة التي ينتمي اليها كل قانون من القوانين موضوع املقارنة .
ثانيا .عالقة القانون املقارن بفروع القانون ألاخرى
ندرس على سبيل املثال ال الحصر عالقاته ببعض الفروع املتداخلة جدا معه وهى القانون الدولي
الخاص ( )1والقانون الدولي العام ( )2وتاريخ القانون وعلم الاجتماع القانوني ( . )3
عالقة القانون املقارن بالقانون الدولي الخاص -1
تظهر هذه العالقة من خالل دور القانون املقارن في مواضيع القانون الدولي والتي تتمثل في دوره في
موضوع تنازع القوانين (أ) ودوره في تطبيق القانون ألاجنبي (ب) .
دور القانون املقارن موضوع قواعد تنازع القوانين أ)
يعتبر القانون املقارن املقارن والقانون الدولي الخاص قانونين مرتبطين ومتكاملين ،وتظهر عالقتهما من
خالل التقائهما في القانون الاجنبي ،لكن تعاملهما معه ،في حين ان القانون الدولي الخاص يبحث عن
القانون الاجنبي الواجب التطبيق على نزاع فيه عنصر اجنبي ،بينما القانون املقارن يتخذ القانون
الاجنبي موضوعا له .
بالنسبة ملوضوع قواعد تنازع القوانين فقد استطاعت التشريعات وذلك عن طريق استرشاد املشرع
الوطني بالقانون املقارن لوضع القانون الوطني ،وهذا ما ادى الى خلق نوع من التقارب بين قواعد تنازع
قوانين وطنية لقواعد اسناد مماثلة ،بما نتج عنه استقرار املعامالت .
كما حقق فرع من فروع القانون املقارن وهو القانون الدولي الخاص املقارن في الدول التي استعانت
به توحيدا بين قواعد تنازعها .
دور القانون املقارن في تطبيق القانون ألاجنبي ب)
6
لزيادة حجم العالقات التي تربط بين الدول املختلفة ،أدى ذلك الى زيادة حجم العالقات ذات العنصر
ألاجنبي ،وتزايدت بذلك ضرورة معرفة القاض ي الوطني بالقوانين ألاجنبية ،وضروة ان يكون مزودا
بأكبر قدر ممكن من ألافكار حول القوانين ألاجنبية .
-2عالقة القانون املقارن بالقانون الدولي العام
يسمح القانون املقارن باستخراج املبادئ العامة املشتركة بين الامم املتحضرة التي تعتبر من مصادر
القانون الدولي العام حسب املادة 38من النظام ألاساس ي ملحكمة العدل الدولية .
-3عالقة القانون املقارن بتاريخ القانون وبعلم الاجتماع
عالقة القانون املقارن بتاريخ القانون أ)
القانون املقارن يدرس الانظمة القانونية املعاصرة في املكان ،بينما تاريخ القانون يدرسها عبر الزمن
،فاملؤرخ للقانون مدعو لكي يقوم باملقارنة ،وال يمكن له أن يستعمل املفاهيم القانونية املعاصرة
لفهم القديمة إال باملقارنة .
عالقة القانون املقارن بعلم الاجتماع القانوني ب)
يدرس علم الاجتماع القانوني كيف يؤثر القانون على السلوك الانساني ،وكيف تؤثر التغيرات
الاجتماعية على القانون ،ويجب على الشخص الذي يقوم باملقارنة أن يدرس املجتمع وتاريخ ألامم حتى
يفهم الاختالفات في الحلول والقوانين املعتمدة فيها .
خالصة :نستنتج في ألاخير أن القانون املقارن هو علم قائم بذاته يستخدم الطريقة املقارنة كوسيلة
للحصول على ألاهداف املتوخاة منه ،فهو ال يقتصر على املقارنة فقط بين القواعد املوضوعية لقانون
ما،بينما يجب الرجول الى أصول املفاهيم واملبادئ الاساسية الخاصة باالنظمة القانونية املختلفة
،وعندما يقترن اصطالح القانون املقارن بفرع من فروع القانون كالقانون املدني مثال فنقول القانون
املدني املقارن ،القانون التجاري املقارن ....الخ .
كما يرتبط القانون املقارن بعالقات وطيدة بين مختلف فروع القانون سواء القانون الداخلي أو
الدولي .
أهمية القانون املقارن
يتمتع القانون املقارن بأهمية ال يستهان بها سواء على املستوى الداخلي (أوال)أو على املستوى الدولي
(ثانيا).
أوال .أهمية القانون املقارن على املستوى الداخلي أو الوطني
7
يلعب القانون املقارن دورا في استكمال القانون الوطني في جميع فروعه ،وذلك عن طريق
القياس والاستنباط من أحكام مماثلة في قوانين الدول الاخرى ،وبهذا ال يقتصر الباحث بقانون دولة
واحدة ،بل يجب أن يجري املقارنة بين قوانين الدول الاجنبية ،و أن يستعين بالقوانين التي يكون لها
ارتباط ديني أو تاريخي مشترك ،وبالتالي يمكن تحسين وتطوير قواعد القانون الداخلي .
يساهم القانون املقارن في تنوير املشرع ومساعدته اليجاد القواعد القانونية ألاجدر وألانفع
لحكم دولته ( )1كما يساعد القاض ي في فهم بعض الاحكام املطروحة أمامه بالرجوع الى املصدر
التاريخي لها ( )2كما يقود وينير توجهات الفقهاء حتى تكون قيمة في مجال القانون والفكر القانوني (.)3
-1دور القانون املقارن بالنسبة للمشرع
يظهر دور القانون املقارن بالنسبة للمشرع في مرحلتين هما مرحلة سن التشريع (أ) ومرحلة تعديل
التشريع .
مرحلة سن التشريع أ)
يجب أن يكون املشرع على درجة كبيرة من الذكاء لسن التشريع ،اذ يفرض عليه التطور الضخم في
مجال القانون والفكر القانوني أن يكون على معرفة باالتجاهات العاملية ،اذ يجب عليه الاطالع على
مختلف التشريعات الاجنبية بما يسمح له باستخالص ألاجدر وألانفع من القواعد وتجنب العيوب
واملساوئ التي وقع فيها التشريع ألاجنبي .
مرحلة تعديل القانون الوطني ب)
يتدخل املشرع الوطني لتعديل التشريع باالستعانة بالقانون املقارن لتصحيح ما يشوبه من عيب حتى
يساير التطور الهائل في مجال القانون والفكر القانوني على املستوى العالمي .
-2دور القانون املقارن بالنسبة للقاض ي
يجد القاض ي نفسه أمام مشكل فهم بعض ألاحكام الغامضة ،هذا ما يؤدي به الى الرجوع الى املصدر
التاريخي التي استمدت منه ،فيرجع الى القانون الاجنبي الذي اقتبس منه املشرع الوطني منه تلك
الاحكام ،وفي حالة عدم وجود حل للمسألة املطروحة ،عادة ما تحيل التقنينات الى مصادر احتياطية
منها القانون الوضعي وقواعد العدالة .
ثانيا .دور القانون املقارن على املستوى الدولي
ندرس دور القانون املقارن في توحيد وانسجام القوانين بين الدول ( )1وكذا دوره في استخالص املبادئ
القانونية املشتركة بين الدول املتحضرة ( )2وفي ألاخير دوره في املفاوضات الدولية والتمثيليات
الدبلوماسية (.)3
8
دور القانون املقارن في توحيد وانسجام القوانين بين الدول -1
بواسطة القانون املقارن تستطيع الدول الاطالع على مختلف ألانظمة ألاجنبية ،بما ادى الى ابرام عدد
ضخم من املعاهدات الدولية لتوحيد الانظمة القانونية التي تحكم شتى املجاالت من بينها اتفاقيات
املجال البحري (أ) واتفاقيات املجال الجوي (ب) كما يظهر التوحيد أيضا من خالل انسجام القواعد
املنظمة لقانون ألاعمال في الدول الافريقية الفرنكفونية(ت) وتوحيد وانسجام قواعد القانون املدني
في اطار ما يعرف بتوحيد القانون بالنسبة للدول ألاروبية(ث) اضافة الى توحيد قوانين الصرف (ج).
فيما يخص النقل البحري أ)
نذكر بعض الاتفاقيات املبرمة في هذا املجال على سبيل املثال ال الحصر وهى :
-الاتفاقية الدولية لتوحيد قواعد املساعدة وإلانقاذ ،
-الاتفاقية الدولية الخاصة بتوحيد القواعد الخاصة بسندات الشحن ....الخ
ب) فيما يخص النقل الجوي ،نذكر كذلك هذه الاتفاقيات على سبيل املثال ال الحصر وهى :
-الاتفاقية الدولية الخاصة بالطيران املدني
الاتفاقية الخاصة باألضرار التي تصيب الغير على سطح ألارض بسبب سقوط مركبة جوية أجنبية
......الخ ،
ت) دور القانون املقارن في انسجام القواعد املنظمة لقانون ألاعمال في الدول الافريقية
الفرنكفونية
أدمجت الدول الافريقية الناطقة بالفرنسية قيم العائالت القانونية املسيطرة ،بما أدى خلق تفاهم
اعتمدته الدول الافريقة الستة عشر أعضاء التنظيم بهدف انسجام وتوحيد قانون الاعمال في افريقا
والذي يهدف الى تأسيس اتحاد ومجموعة افريقية لضمان ألامن القانوني والقضائي وتنسيق قانون
ألاعمال .
تحقيق الانسجام فيما يعرف باملعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص ()unidroit ت)
ج) يعتبر مؤتمر الهاي املنعقد في 1910بالهاي بدعوة من الدول املنخفضة لتوحيد قانون الصرف أول
مؤتمر في هذا املجال حضرته 32دولة .وبموجب املؤتمر الثاني املنعقد في 1912تم وضع نظام مشترك
وموحد للسفتجة وسند ألمر واملصادقة عليه من طرف الدول الاعضاء .
-2دور القانون املقارن في استخالص املبادئ القانونية املشتركة بين الدول املتحضرة
تعتبر الدراسة املقارنة هى الوسيلة املثلى الستخالص املبادئ القانونية املشتركة بين ألامم املتحضرة
التي تعتبر من مصادر القانون الدولي التي كرستها املادة 38من النظام ألاساس ي ملحكمة العدل الدولية
9
،وهى املبادئ املستمدة من القانون الخاص ،وبالتحديد القانون املدني والتي ال تطبق في حكم
العالقات الدولية بنفس الصورة التي تطبق بها لحكم العالقات املدنية تتمثل في :
مبدأ سلطان الارادة أ)
مبدأ الاشتراط ملصلحة الغير ب)
مبدأ تفسير الشك ملصلحة املدين ت)
-3دور القانون املقارن في املفاوضات الدولية والتمثيليات الدبلوماسية
يلعب القانون املقارن دورا مهما في املفاوضات الدولية بقصد ابرام املعاهدات ،فهو يسمح للمفاوض
باإلملام باألفكار القانونية الرئيسية السائدة لدى الدول ألاجنبية.
كما أن دراسة القوانين ألاجنبية تسمح للمفاوض أن تكون له فكرة عن عادات وتاريخ تلك الدول ،ألامر
الذي يمكنه من استعمال ذلك في املفاوضات للتأثير وجلب نظر ألاطراف ألاخرى.
أما فيما يخص الجانب القانوني فغالبا ما يختار شاغلو الوظائف الدبلوماسية من رجال القانون
،فتمكنهم الجيد للجانب القانوني يشكل مفتاحا وجسرا لإلملام بعادات وتقاليد وأعراف الدول التي
يشتغلون فيها .
10