You are on page 1of 9

‫معوقات التنمية الزراعية في العراق‬

‫تحتل التنمية الزراعية في العراق مكانة مهمة ومتميزة لما لها من دور مهم في تنمية القطاع الزراعي ‪.‬ففي البلدان‬

‫المتقدمة كان هناك دعم كبير مالي وفني وعلمي وتكنولوجي من قبل الحكومات الى القطاع الزراعي على الرغم‬

‫من اإلمكانيات المالية والفنية واإلدارية والتكنولوجية التي يمتلكها القطاع الخاص الزراعي ‪.‬لذا فمن الضروري قيام‬

‫الحكومة بتقديم كل اشكال الدعم لتنمية القطاع الزراعي وحل اشكالية التنمية وذلك لعظمة مشاكل التنمية الزراعية‬

‫من جهة وضعف اإلمكانيات المالية والفنية و اإلدارية والتكنولوجية والمعلوماتية للقطاع الزراعي الخاص ‪.‬‬

‫تتكون أصال في كون إشكالية التنمية الزراعية تتمثل بمجموعة من المعوقات المتشابكة والمتداخلة بتدمير البنى‬

‫التحتية ومشاكل األرض بعد االحتالل عام ‪ 2003‬والتصحر ومشاكل المياه من حيث النوع والكم والتلوث البيئي‬

‫وانخفاض االستثمارات وضعف دعم الدولة وانخفاض استخدام الحزمة التكنولوجية الزراعية مقابل ذلك ضعف‬

‫اإلمكانات المالية والفنية واإلدارية والتكنولوجية للقطاع الزراعي الخاص وعدم قدرته على معالجة مشاكل التنمية‬

‫الزراعية لوحده ‪.‬‬

‫أن أبرز معوقات التنمية الزراعية في العراق خالل المدة ‪ 2010-2003‬كانت على ما يلي‪:‬‬

‫اوال‪ :‬المعوقات األرضية والمائية والبيئية‬

‫ثانيا‪ :‬معوقات االستثمار والتمويل الزراعي‬

‫ثالثا‪ :‬معوقات الملكية والحيازة الزراعية‬

‫رابعا‪ :‬معوقات استخدام الحزمة التكنولوجية‬

‫خامسا‪ :‬المعوقات البشرية‬

‫سادسا‪ :‬المعوقات البنيوية المؤسسية‬

‫‪٣٢‬‬
‫أوال ‪ :‬المعوقات األرضية والمائية والبيئية‬

‫يعاني العراق من وجود العديد من اإلشكاليات والمعوقات في الموارد األرضية والمائية والبيئية الزراعية والتي‬

‫باإلمكان اإلشارة الى أبرزها فيما يلي ‪:‬‬

‫أ‪ .‬تملح األراضي التقليدية‪ ،‬نتيجة الهدر في استخدام مياه الري من قبل بعض الفالحين في األراضي الزراعية‬

‫المروية في الري التقليدي ‪ .‬كما تظهر هذه المشكلة ايضا في بعض المناطق الزراعية غير المروية وفقا لمادة أصل‬

‫تكوين التربة‪ .‬بحيث يبدأ تدهور األراضي الزراعية بالتملح ‪ .‬كذلك عندما تتواجد طبقات صماء تعيق تصريف المياه‬

‫فضال عن سوء إدارة التربة المروية مما يؤدي الى وجود آفاق صودية أو طبقة طينية تعيق تصريف المياه وكذلك‬

‫حركة الجذور وبالتالي تصبح التربة في حالة غدق ‪ .‬مما يجعل األراضي غير صالحة للزراعة ‪ .‬وعلى مر الزمن‬

‫تخرج من نطاق االستثمار الزراعي وتدخل في قائمة األراضي المتدهورة‪ .‬وقد بلغت مساحة األراضي عديمة‬

‫االنتاجية في العراق ما مقداره (‪ )2934507‬ألف هكتار ‪,‬أي ما يعادل (‪ )%68,9‬تقريبا من مساحة العراق‬

‫اإلجمالية ‪ .‬وهي مساحة كبيرة حيث تشكل أكثر من نصف مساحة العراق ‪.‬‬

‫كما وتقسم الترب المتأثرة باألمالح الى (ترب ملحية ‪,‬ترب صودية ‪,‬ترب ملحية –صودية ) وفي العراق تقدر‬

‫المساحة المتأثرة بالغدق ب(‪ ) 370‬ألف هكتار ‪.‬وبالغدق والملوحة معا بحوالي (‪ )653‬ألف هكتار ‪.‬‬

‫ب‪ .‬عدم تنظيم الري عالوة على انخفاض مناسيب المياه في بعض االنهار مما يؤدي الى انخفاض مساحة األراضي‬

‫المزروعة وخاصة أراضي (الحبوب) وتزداد خطورته أمام ضعف تمويل المشاريع المائية السابقة والحالية‬

‫والمستقبلية لدول الجوار والتي تسيطر على منابع نهري دجلة والفرات وروافدهما ‪ .‬مما يمنحها المقدرة على التحكم‬

‫أو التأثير بمجرى نهري دجلة والفرات وروافدهما سواء من خالل التأثير على مستوى مناسيبهما أو من خالل‬

‫تلويث مياههما بالفضالت واألوساخ التي يلقيها افراد أو مصانع تلك البلدان في المياه الدولية ‪ .‬كما وأن المياه غير‬

‫كافيه لتلبية متطلبات الزراعة في العراق مستقبال إذا ما أخذنا بنظر االعتبار مشاريع االستصالح والتطوير المنوي‬

‫إقامتها في العراق مستقبالا فضالا عن انخفاض كمية الواردات المائية العراقية وتدهور نوعيتها بسبب المشاريع‬

‫السورية والتركية المقامة على نهري دجلة والفرات ‪.‬‬

‫‪٣٣‬‬
‫ج ‪ :‬التلوث البيئي‬

‫لقد حصل تلوث بيئي خطير جدا في العراق بعد االحتالل االمريكي عام ‪ 2003‬وما نجم عنه من استخدام أسلحة‬

‫محرمة دوليا أدت بالنتيجة الى تلوث الهواء ‪ .‬فضالا عن تلوث المياه الناجمة عن رمي مخلفات الصناعة والزراعة‬

‫والمدن في مجرى نهري دجلة والفرات من قبل دول المنبع تركيا وسوريا وإيران وحتى العراق حيث ارتفعت نسبة‬

‫الملوحة من ‪ 250‬جزء من المليون الى (‪ ) 3000‬جزء من المليون في مياه شط العرب ونسبة التلوث من ‪.3/1‬‬

‫وبذلك فقد أصبحت المياه غير صالحه للشرب وللسقي وأدى الى تدمير الثروة السمكية في أنهر العراق فضال عن‬

‫انخفاض اإلنتاجية ا لزراعية وبشكل كبير جدا مقابل ارتفاع تكاليف اإلنتاج الزراعي الناجمة عن مكافحة‬

‫المزروعات لعدة مرات وارتفاع أسعار المبيدات ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬معوقات االستثمار والتمويل الزراعي‬

‫يمكن عد المعوقات المالية واالستثمارية من أهم معوقات التنمية الزراعية ‪.‬حيث تتبين أهمية هذه المعوقات من‬

‫مالحظة االنخفاض الكبير لالستثمارات في القطاع الزراعي بعد عام ‪ 2003‬حيث توقف االستثمار الحكومي بشكل‬

‫شبه تام ‪ .‬أما االستثمارات الخاصة فهي األخرى كانت ضعيفة جدا بسبب انعدام االستثمارات الحكومية من جهة‬

‫وضعت اإلمكانيات المالية للنشاط الزراعي الخاص من جهة أخرى ويؤكد العالم كرشنا على أهمية االستثمارات‬

‫المخصصة للقطاع الزراعي في البلدان النامية ‪.‬حيث يؤكد على ضرورة أن ال تقل نسبة هذه االستثمارات عن‬

‫(‪ )%20‬من مجموع االستثمار العام ‪.‬كضرورة لمواجهة األزمة الغذائية ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬معوقات الملكية والحيازة الزراعية‬

‫تعد مشكلة الملكية والحيازة الزراعية من أهم المشكالت والمعوقات التي تواجه تحديث وتطوير الزراعة ‪ .‬حيث‬

‫شهدت الملكية والحيازة الزراعية في العراق تغيرات مستمرة من التجميع والتفتيت واالستيالء والتوزيع طيلة العقود‬

‫السابقة ‪.‬إذ أن تعقيد التركيب الحيازي لألراضي الزراعية وتفتيت الملكية الزراعية الى وحدات إنتاجية صغيرة‬

‫ومبعثره ال يساعد على استخدام المكننة الزراعية ‪.‬وبالتالي يؤدي الى تدني اإلنتاج الزراعي ومعدالت إنتاجية‪.‬‬

‫‪٣٤‬‬
‫وال جدير بالذكر أن عدد الملكيات والحيازات الزراعية في العراق قد بلغ بعد صدور قانوني اإلصالح الزراعي رقم‬

‫(‪ )117‬و(‪ )90‬لعامي ‪ 1975-1970‬على التوالي ‪.‬ما مقداره (‪ )157050‬للملكيات األقل من (‪ )10‬دونم و‬

‫(‪ )492300‬للملكيات األكثر من (‪ )10‬دونم وأقل من (‪ )20‬دونم ‪.‬بينما بلغ عدد الملكيات ذات المساحة األكبر من‬

‫(‪ )120‬دونم (‪ )28300‬واألكثر من (‪ )300‬دونم (‪ ) 5214‬ملكيه زراعيه ‪.‬مما سبق يتضح لنا مدى استحواذ‬

‫الملكيات والحيازات الصغيرة والمتوسطة على معظم األراضي الموزعة على الفالحين حيث تشكل الملكيات‬

‫الزراعية من الصنف األول والثاني أعاله ما مقداره (‪ )% 95‬من إجمالي الملكيات والحيازات الزراعية في العراق‬

‫ونتيجة لذلك تكونت ملكيات زراعيه غير اقتصاديه بحيث ال تسمح ل لفالح بزراعتها وفق الدورة االقتصادية من جهة‬

‫وال يمكن زراعتها بالحبوب من جهة أخرى ‪ .‬فضال عن انعدام إمكانية استخدام التكنولوجيا الحديثة في عملية‬

‫الزراعة ‪.‬ناهيك عن الخسارة الكبيرة الناجمة عن امتالك كل فالح لساحبه مع ملحقاتها ‪.‬مما نجم عنه هدر كبير في‬

‫المكننة الزراعية دون مراعاة للكفاءة االقتصادية ‪.‬السيما أن معظم هذه اآلالت كانت تستورد بالعملة‬

‫الصعبة ‪.‬مما سبق يتضح لنا الدور السلبي لتلك القوانين في تفتيت األراضي الزراعية وبعثرتها ‪.‬كذلك يأتي دور‬

‫عامل التوريث ليضيف الى هذه اإلمكانيات الصغيرة أصال في مقاييس االستثمار الزراعي عامال آخر يزيد من‬

‫تفتيت الملكية الزراعية وتشتتها وبعد تلك القوانين صدرت العديد من القرارات التي تخص الملكية الزراعية في‬

‫محاولة لحل مشكلة الملكية والحيازة الزراعية نظرا لكون هذه القرارات لم تعالج مشكلة الملكية والحيازة الزراعية‬

‫بشكل علمي ومدروس من الناحية االقتصادية واالجتماعية والسياسية فضال عن تأثير ظروف الحرب التي مر بها‬

‫العراق طيلة تلك السنوات على خططه وبرامجه التنموية في القطاع الزراعي وسائر قطاعات االقتصاد القومي ‪.‬‬

‫‪٣٥‬‬
‫رابعا ‪ :‬معوقات استخدام الحزمة التكنولوجية‬

‫يقصد بالحزمة التكن ولوجية كل ما يتعلق بتطبيق العلم في تطوير مدخالت اإلنتاج الزراعي كالمكائن والمعدات‬

‫الزراعية (المكننة اآللية) وطرق استخدامها وصيانتها والبذور المحسنة والشتالت األصلية ومدى مالئمتها فضال‬

‫عن أنظمة الري وطرق تشغيلها وأساليب مكافحة األوبئة واآلفات الزراعية المحلية ‪.‬فبالنسبة الستخدام البذور‬

‫والشتالت والتقاوي المحسنة فبالرغم من معرفة فوائد ومزايا هذه األصناف في زيادة اإلنتاج الزراعي وتحسين‬

‫نوعيته إال أن النجاح المتحقق من إنتاجها محليا واستخدامها كان محدودا قبل االحتالل عام ‪ 2003‬وكان االعتماد‬

‫على الخارج في الحصول على التقاوي والبذور المحسنة كان بشكل كبير‬

‫ويرجع سبب محدودية استخدام البذور المحسنة والتقاوي والشتالت الى االسباب التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬قلة األصناف المالئمة للظروف المختلفة داخل القطر العراقي ‪.‬‬

‫‪ -2‬قلة وعدم كفاءة اكثار البذور المحسنة نتيجة قصور اإلمكانات المادية والفنية ‪.‬‬

‫‪ -3‬محدودية اإلمكانات البحثية في استنباط أصناف جديدة أكثر مالئمة للبيئة الزراعية في العراق ‪.‬وضعف القدرة‬

‫على ايصالها الى المزارعين في األوقات المحدودة‬

‫‪ -4‬قلة الوعي اإلرشادي بين المزارعين وضعف الجهاز االرشادي في توجيه وتوعية المزارعين بأهمية االصناف‬

‫الجديدة ‪ .‬أما المكننة الزراعية فعلى الرغم من كونها مؤشرا يدل على مستوى التقدم التكنولوجي في المجال‬

‫الزراعي وعلى الرغم من اهتمام و توجيه العراق نحو هذا المجال ‪ .‬أال أن معدل استخدام المكننة الزراعية في‬

‫العراق ما زال هامشيا ومنخفضا مقارنة مع المعدالت في الدول المتقدمة ‪.‬حيث بلغ عدد الجرارات المستخدمة‬

‫المستخدمة في العراق لعام ‪ 1987‬ما مقداره (‪ )10,8‬جرار لكل ألف مزارع مقابل (‪ )188,8‬جرار لكل ألف‬

‫مزارع في الدول المتقدمة و(‪ ) 371,3‬جرار لكل ألف مزارع في اوروبا الغربية ‪.‬‬

‫‪٣٦‬‬
‫أما الحاصدات فقد بلغ عددها في العراق (‪ )0,9‬حاصدة لكل ألف مزارع مقابل (‪ )33,9‬حاصدة لكل ألف مزارع‬

‫في الدول المتقدمة و(‪ ) 31,3‬حاصدة لكل ألف مزارع في الدول األوربية ‪.‬مما يشير الى الفرق الكبير في استخدام‬

‫المكننة الحديثة في الزراعة بين العراق والدول المتقدمة واألوربية ‪.‬ونتيجة النخفاض معدالت استخدام المكننة‬

‫الزراعية ‪.‬فقد انخفضت كفاءة أداء الزراعة في العراق ‪.‬حيث قدرت بحوالي ‪ %14‬من كفاءة الزراعة في بعض‬

‫البلدان ‪.‬وهذا بدوره قد أدى الى قصور كبير في اإلنتاج الزراعي واسهم في االعتماد على الخارج في الحصول‬

‫على الغذاء لمواجهة احتياجات السكان المحليين ‪ .‬ويعود سبب محدودية المكننة الزراعية في العراق الى جملة‬

‫أسباب أهمها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬االرتفاع الكبير في اسعار المكننة الزراعية الحديثة نتيجة خضوعها لالحتكار من قبل عدد محدود من الدول‬

‫المتقدمة وعدد محدود من الشركات الكبرى المتعددة الجنسية ‪.‬‬

‫‪ -2‬تعقيد مشكلة الصيانة بسبب اآلالت الزراعية الحديثة ‪.‬‬

‫‪ -3‬صغر حجم الحيازات الزراعية وتبعثرها بالشكل الذي يعيق عملية إدخال المكننة الزراعية الحديثة ‪.‬‬

‫‪ -4‬ضعف الدعم الحكومي بعد االحتالل االمريكي لعام ‪ 2003‬وفيما يتعلق باألسمدة الكيمياوية فأنها ذات أهمية‬

‫كبيرة في تحقيق التنمية الزراعية وباألخص التنمية الرأسية ‪.‬حيث اكدت الدراسات أن األسمدة الكيمياوية أسهمت‬

‫بحوالي (‪ )% 20‬من معدل اإلنتاجية للمحاصيل الزراعية خالل القرن الماضي ‪.‬‬

‫أما ما يتعلق باآلفات الزراعية بأنواعها المختلفة فأنها تعد من أهم المعوقات الرئيسية لإلنتاج الزراعي في العراق‬

‫وتمثل هذه اآلفات بالحشرات والقوارض واألمراض النباتية واألعشاب الضارة والحيوانات والطيور المختلفة ‪.‬‬

‫حيث تقدر الخسائر السنوية الناتجة عن تلك اآلفات الزراعية بحوالي (‪ )%50-35‬من جملة اإلنتاج الزراعي ‪.‬‬

‫ولمعالجة ومكافحة تلك اآلفات الزراعية ينبغي االستعانة المكثفة بالمبيدات الكيمياوية لحماية اإلنتاج الزراعي ‪.‬‬

‫في حين نجد أن استخدام هذه المبيدات في العراق لم يكن بالمستوى المطلوب ‪.‬‬

‫‪٣٧‬‬
‫ويعود سبب انخفاض استخدام المبيدات الكيمياوية الى عدم توافر معلومات كافيه عن البيئة وضعف القدرة التمويلية‬

‫للفالحين ونقص الخبرة والمعرفة الفنية لمعظم الفالحين ‪.‬وتجدر اإلشارة هنا الى ما يمكن أن يترتب عن استخدام‬

‫العشوائي للمبيدات الكيمياوية من سلبيات كتلوث المياه ومخاطر حوادث التسمم الناتجة عن بقايا المبيدات في المواد‬

‫الغذائية ‪.‬وقد ارتفعت أسعار المبيدات بعد االحتالل األمريكي ورفع الدعم الحكومي عنها بشكل كبير جدا وقد تعتذر‬

‫مكافحة البساتين بسبب عدم السماح لوزارة الزراعة باستخدام طائرات المكافحة فضالا عن الغش الحاصل في‬

‫المبيدات المستوردة من قبل النشاط الخاص مما حمل الفالح تكاليف عالية من جهة وانخفاض اإلنتاج من جهة‬

‫أخرى‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬المعوقات البشرية‬

‫يرجع اغلب التدهور الحاصل في الزراعة العراقية الى سوء ادارة االنسان للموارد الزراعية بصورة عامة والموارد‬

‫األرضية بصورة خاصة ‪.‬فضال عن الممارسات البشرية واالستنزاف غير المدروس مثل (ازالة الغطاء النباتي عن‬

‫طريق التحطيب وقطع وحرق االشجار والرعي الجائر والتوسع العمراني غير المدروس على حساب االراضي‬

‫الزراعية الخصبة وسوء استخدام المكننة الزراعية واالستخدام العشوائي لألسمدة والمبيدات الكيميائية وما ينتج‬

‫عنه من تلوث التربة والمياه ‪.‬فضال عن سوء ‪.‬ادارة الثروة الحيوانية والتطبيقات الخاطئة في الرعي والسحب الجائر‬

‫للمياه الجوفية وحفر اآلبار الجوفية لسقاية المواشي في المناطق الجافة و‪....‬الخ ‪.‬كل ذلك يعد من المعوقات البشرية‬

‫للتنمية الزراعية (النباتية والحيوانية) في العراق ومن المشاكل االخرى التي تسببها التعرية واالنجراف المائي فضال‬

‫عن فقدان التربة الخصبة فأنها تعمل على نقل ا ألتربة والرمل وزحفها وتساقطها على المناطق السكنية وطرق‬

‫المواصالت مما يضر بصحة االنسان وبيئته حيث تشير االحصائيات بأن (‪ )%90‬تقريبا من اراضي العراق‬

‫معرضة للتعرية واالنجراف المائي فبسبب ازالة الغطاء النباتي ‪.‬نتيجة الممارسات البشرية الخاطئة وغير المدروسة‬

‫تعر ضت معظم االراضي الزراعية المطرية الى التعرية واالنجراف ‪.‬مما ساهم في خسارة االراضي الزراعية‬

‫الخصبة ‪.‬فضال عن زيادة تركيز نسبة ثاني اكسيد الكربون في الغالف الجوي والذي بدوره يؤدي الى ارتفاع‬

‫متوسطات درجات الحرارة في العراق ظاهرة االحتباس الحراري ‪.‬‬

‫‪٣٨‬‬
‫أما فيما يخص سوء ادارة االنسان للثروة الحيوانية فباإلمكان اإلشارة الى النقاط التالية ‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬الرعي الجائر (تدهور المراعي )‬

‫يؤدي الرعي الجائر الى ازالة الغطاء النباتي للمراعي الطبيعية وغير الطبيعية ويعمل على تدهور المراعي وانعدام‬

‫التجدد الطبيعي للنباتات المستسا غة من قبل الحيوانات الرعوية مما يؤدي في النهاية الى سيادة النباتات الغازية غير‬

‫المستساغة من قبل الحيوانات الرعوية فضال عن انتشار بعض الحشائش الضارة فتتدهور المراعي وتنخفض‬

‫انتاجيتها ‪.‬كما وقد أدى هذا التدهور في المراعي الطبيعية الى التزايد النسبي في هجرة السكان من الريف والبادية‬

‫الى المدن وتقدر المساحة التي تقتلع شجيراتها الرعوية سنويا في العراق بحوالي (‪2000‬هكتار‪/‬سنويا)‪ .‬وهي‬

‫مساحة كبيرة نسبيا ا إذا ما قورنت بمساحة العراق الكلية ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الذبح الجائر‬

‫يقصد بالذبح الجائر (عدم إتباع األساليب العلمية الصحيحة والضوابط الخاصة بالتربية والتحسين في عمليات‬

‫استبعاد وذبح الحيوانات لالستهالك )‪ .‬كأن تذبح األغنام في عمر دون سن الفطام مما يؤدي الى خسارة كبيرة في‬

‫الحصول على اللحوم الجيدة ‪.‬فيما لو ذبحت هذه االغنام بعد عدة شهور ‪ .‬فضال عن ذبح النعاج الحوامل واألمهات‬

‫صغيرة السن وأبقار الحليب ‪.....‬الخ‬

‫ثالثا ‪ :‬ضآلة الرعاية البيطرية نتيجة انخفاض عدد االطباء البيطريين من ذوي الكفاءة والخيرة ‪.‬وقلة المستشفيات‬

‫البيطرية أو انعدامها في بعض المناطق ‪ ,‬فضال عن قلة االدوية والمعدات الالزمة للوقاية ومكافحة االمراض‬

‫وانخفاض مستوى اإلرشاد والتوعية البيطرية ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬المعوقات البنيوية والمؤسسية‬

‫تمثل المعوقات البنيوية والمؤسسية أهم العوامل المؤثرة على عناصر اإلنتاج األخرى كاألرض والمياه ورأس المال‬

‫والتكنولوجيا‪ .‬فضال عن صعوبة تنفيذها وإنش ائها نظرا لضخامة رؤوس االموال التي تتطلبها وطول الفترة الزمنية‬

‫الالزمة إلنجازها ‪.‬فيما يلي سوف نتناول ابرز هذه المعوقات وأكثرها تأثيرا على التنمية الزراعية في العراق‬

‫‪٣٩‬‬
‫اوال ‪ :‬المعوقات البنيوية‬

‫تمثل البنية التحتية (‪ )Infrastructure‬جميع المرافق التي تعد أساسا للحياة االقتصادية والتي تمثل األرضية‬

‫لبنية االقتصاد القومي وتشمل وسائل النقل والمواصالت والتخزين والطاقة والماء وأنظمة الري والبزل والسدود‬

‫ومؤسسات الرعاية الصحية واالجتماعية والتعليم ‪.....‬الخ ‪,‬أن عدم توفر الهيكل الخدمي في المناطق الريفية‬

‫الزراعية من العراق يؤدي الى بطئ السير نحو تحقيق عملية التنمية الزراعية وصعوبة استغالل الموارد الزراعية‬

‫واالقتصادية المتاحة بصورة كاملة‪.‬‬

‫ومن ابرز معوقات البنية التحتية في الريف العراقي هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬قصور طرق المواصالت ووسائل النقل والترحيل ‪.‬فضال عن محدودية الطرق الجيدة وارتفاع تكاليف النقل‬

‫نتيجة ارتفاع أسعار الوقود ‪.‬‬

‫‪ -2‬محدودية مراكز التوزيع لمستلزمات اإلنتاج الرئيسية ‪,‬كاألسمدة والبذور المحسنة والمبيدات الكيماوية فضال‬

‫عن البعد بين مراكز التوزيع ومناطق اإلنتاج ‪,‬مما يعيق وصول مستلزمات اإلنتاج في أوقاتها المحدودة ‪.‬فضال عن‬

‫ارتفاع أسعارها‪.‬‬

‫‪ -3‬محدودية وسائل التخزين الحديثة ‪,‬حيث تعاني منتجات الفواكه والخضر واأللبان واللحوم بشكل خاص من هذه‬

‫المشكلة نظرا لسرعة تلفها ‪.‬فضال عن النقص الكبير في شبكات الري والصرف الصحي والجسور والمعاهد‬

‫التدريبية والمؤسسات التعليمية (‪.)2‬‬

‫‪ -4‬قلق المؤسسات الخدمية األساسية ‪:‬مثل (مؤسسات التعليم –الصحة‪ -‬المواصالت ‪-‬االتصاالت‪-‬الترفيه–الكهرباء‬

‫الماء –شبكات الري –الجسور – الصرف الصحي ‪......‬الخ)‪ .‬إذ هناك نقص كبير من هذه الخدمات في الريف‬

‫العراقي ‪.‬‬

‫‪٤٠‬‬

You might also like