You are on page 1of 5

‫‪:‬مقدمة‬

‫ٌشكل التقسٌم الجهوي المغربً اإلطار األمثل فً نظر الدولة لتفعٌل سٌاسة التنمٌة االقتصادٌة والمحلٌة‪ ،‬إذ تعد الجهة بمساحاتها‬
‫الجغرافٌة وإمكانٌاتها البشرٌة والمالٌة والتنظٌمٌة آلٌة تمكن من إعطاء انطالقة صحٌحة ومستدامة لمسلسل هذا النوع من التنمٌة‬
‫‪،‬والذي ٌمكن أن ٌؤثر إٌجابٌا على محٌطها الداخلً المباشر‪ ،‬وكذلك على المحٌط الخارجً والذي ٌمكن أن ٌتعدى حدود التراب‬
‫الوطنً‪ ،‬غٌر أن تصور الجهة فً المغرب ٌطغى علٌه الطابع األحادي البعد‪ ،‬فالدراسات التً أنجزت فً الجغرافٌة اإلقلٌمٌة‬
‫إلى حد اآلن‪ ،‬فضلت الجوانب الوظٌفٌة فً حٌن أن تقنً التخطٌط اعتبروا الجهة فقط إطارا إدارٌا لتدخالت الدولة‪ ،‬وقد ترتب‬
‫عن هذا كله إخفاء دور العالقات االجتماعٌة فً هٌكلة المجال‪ ،‬هنا ٌكمن العجز الحاصل على المستوى األكادٌمً فً اإللمام‬
‫‪.‬بالواقع المعقد من جهة وعلى المستوى التطبٌقً للحد من التباٌنات السوسٌومجالٌة‬
‫فما مفهوم الجهة والجهوٌة؟ وكٌف كان التطور التارٌخً لهذٌن المفهومٌن بالمغرب؟ وبماذا تمٌز مشروع الجهة والجهوٌة لما‬
‫بعد تجربة ‪1997‬؟‬
‫الجهة والجهوٌة‪ :‬مقاربة مفاهٌمٌة ‪I.‬‬
‫تعرٌف الجهة وتصنٌفاتها ‪1-‬‬
‫تعرٌف الجهة ‪1-1-‬‬
‫الجهة هً الفضاء أو التراب أو جزء من سطح األرض‪ ،‬الذي ٌتمٌز بخصوصٌات طبٌعٌة وبشرٌة تجعله منه وحدة متمٌزة عن‬
‫الجهات المجاورة له أو داخل المجموعة التً ٌنتمً لها‪ .‬وتعنً الجهة بمفهومها الواسع الناحٌة أو المنطقة‪ ،‬وهً وحدة مجالٌة‬
‫ٌمكن أن توجد بٌن المحلً والوطنً كما ٌمكن أن تكون أٌضا دولة أو مجموعة دول أو قارة أو جزء من قارة‪ ،...‬أما من‬
‫الناحٌة الوظٌفٌة فكثٌرا ما ترفق تسمٌة الجهة بنعوت وصفات مختلفة تحدد مضمونها أو نوعها كالجهة البحرٌة والجهة‬
‫الصناعٌة والجهة الحضرٌة‪ ،...‬كما ٌمكن للجهة أن تنعت بالجهة الطبٌعٌة التً تتمٌز بقوة العوائق المرتبطة بالمعطٌات‬
‫الجٌولوجٌة والتضارٌسٌة والمناخٌة‪ ،‬مما ٌجعل الوسط ٌوجه إلى حد كبٌر أنماط العٌش وظروف الحٌاة عند السكان‪ ،‬وباعتبار‬
‫أن الجهة هً فً األصل مجال للحٌاة ولممارسة األنشطة البشرٌة فإن مضمون الجهة ٌختلف بٌن الناس حسب تمثالثهم‪ ،‬ولعل‬
‫‪.‬ذلك ما ٌجعل تعرٌف مفهوم الجهة صعب المنال‬
‫تصنٌف الجهات ‪1-2-‬‬
‫إن مجمل المعاٌٌر والمقاٌٌس التً وضعها الجغرافٌون فً تقسٌماتهم للمجال تنطلق من عدة اعتبارات تتمثل فً خصوصٌات‬
‫كل مجال وإطاره الخاص به‪ ،‬سواء تعلق األمر بالعنصر الطبٌعً أو العنصر البشري وكذا العالقة التً تربط بٌن هذٌن‬
‫العنصرٌن‪ ،‬هذه العملٌة أد ت بالجغرافٌٌن إلى تصنٌف الجهة إلى أصناف مختلفة والتً تتمثل فً الجهة الطبٌعٌة والجهة‬
‫‪.‬البشرٌة والجهة التارٌخٌة‪ ،‬إلى جانب هذه التصنٌفات توجد تصنٌفات أخرى تعد دقٌقة ومفصلة بناءا على اعتبارات أدق‬
‫الجهة الطبٌعٌة ‪1-2-1-‬‬
‫هً جزء من سطح األرض ٌكون وحدة صغٌرة أو كبٌرة تحدد بناء على معاٌٌر ذات طبٌعة فزٌائٌة متجانسة‪ ،‬وتمتاز بقوة‬
‫العوائق الطبٌعٌة التً توجد فً عمومها أنماط العٌش‪ ،‬وهً مجال أرضً تتفاعل وتتداخل فٌه الظواهر الطبٌعٌة مما ٌعطً‬
‫منظر جغرافٌة طبٌعٌة موحدة‪ ،‬متمٌزة ومتفردة كما ٌوجد فً المجاالت البنٌوٌة والمورفولوجٌة والمناخٌة والبٌومناخٌة‬
‫المجاورة‪ ،‬فجبال األطلس مثال لها دور كبٌر فً المساهمة فً تحدٌد المناخ والغطاء النباتً بل والمناظر الجغرافٌة ‪،‬وتساهم فً‬
‫توجٌه أنماط العٌش وأنشطة السكان‪ ،‬وٌؤثر المناخ بدوره على توزٌع التباٌنات وعلى الفالحة والتجهٌزات وطرق العٌش أٌضا‬
‫‪.‬على الرغم من أن مجهود اإلنسان أصبح كبٌرا للتحكم فً الوسط والتأثٌرات علٌه بجمٌع أشكال التأثٌر‬
‫الجهة التارٌخٌة ‪1-2-2-‬‬
‫ٌعد هذا الصنف كجهة بشرٌة وهً وحدة جغرافٌة ذات حدود قدٌمة استطاعت أن تصمد مع مرور الزمن‪ ،‬وٌركز بعض‬
‫الباحثٌن على صعوبة تعرٌف وتحدٌد هذا النوع من الجهات على الرغم من المنفعة العلمٌة التً تقدمها‪ ،‬فهً تبنً الروابط‬
‫القائمة بٌن الجغرافٌا والتارٌخ وتوضح أٌضا العالقات بٌن معطٌات الماضً والظواهر الحالٌة وتجمع بٌن المعطى السٌاسً‬
‫واالقتصادي‪ ،‬بمعنى أنها مجال لتحكم مجموعة بشرٌة متماسكة تعمل على استغالل مواردها‪،‬غٌر أن العوامل السٌاسٌة التً‬
‫كانت سببا فً تكوٌنها وتطورها لم تعد قائمة لتعطً الحٌوٌة لتلك الجهة‪ ،‬وهو ما ٌمكن مالحظته بالنسبة لناطق الدٌر فً‬
‫‪.‬المغرب أو مناطق األطلس الكبٌر الغربً أو الرٌف الغربً‬
‫الجهة المستقطبة ‪1-2-3-‬‬
‫وهً جهة تتكون من قطب أو مجموعة أقطاب (مدن أو مراكز) وشبكة تراتب وٌمكن لهذه الجهة أن تكون وظٌفٌة ألنها تتشكل‬
‫من مجال تؤثر فٌه المؤثرات من كل نوع والتً تنعكس على وجود بنٌات وأنماط أو أشكاال لسٌر األنشطة البشرٌة‬
‫واالقتصادٌة‪ ،‬وتكون دعامتها مبنٌة على شبكة تراتبٌة للمدن التً تكون دوائر للتواصل ومراكز لإلنتاج والتوزٌع‪ ،‬فترسم حركة‬
‫مجالٌة مستقطبة لألفراد والسلع والخدمات ورؤوس األموال ‪ ...‬عبر التجهٌزات وخصوصا طرق المواصالت التً تلعب دورا‬
‫أساسٌا فً شكل وتفاعلٌة بنائٌتها؛ إن األمر ٌتعلق إذن بنظام مجالً مفتوح قائم على عالقات التأثٌر والتأثر فً جمٌع االتجاهات‬
‫‪.‬األفقٌة والعمودٌة‬
‫جهة المخطط ‪1-2-4-‬‬
‫وهً إطار رسمً ومؤسساتً لبرمجة التدخالت العمومٌة أو الخصوصٌة من أجل مستقبل أفضل‪ ،‬وتكون ناجمة عن قرار‬
‫سٌاسً فً إطار جهوٌة معٌنة أي أن السلطة السٌاسٌة هً مهندسة الجهة وتصبح هذه األخٌرة ناجمة عن تقطٌعات وسٌطة بٌن‬
‫المحلً والوطنً‪ ،‬وتترجم بتحوٌل بعض الموارد واألنشطة من المستوى الوطنً إلى المستوى الجهوي تحت تأثٌر ظروف‬
‫‪.‬معٌنة‬
‫مفهوم الجهوٌة وتحدٌد أنواعها ‪2-‬‬
‫تعرٌف الجهوٌة ‪2-1-‬‬
‫هً سٌاسة عمومٌة تتخذ فً عمومٌاتها بعدا مؤسساتٌا‪ ،‬وٌتعارض ذلك مع الجهوٌة المتضمنة للنزعة اإلقلٌمٌة التً تمثل تٌارا‬
‫سٌاسٌا وإٌدٌولوجٌا للبحث عن خصوصٌات الهوٌة والتفرد‪ .‬الجهوٌة حسب جٌرار ماركو مثال "أداة لخلق درجة أو مستوى‬
‫جدٌد فً التنظٌم الترابً للدولة‪ ،‬والمؤسسات الجدٌدة ٌمكن أن تختلف من حٌث أجهزتها واختصاصاتها وسلطات الجهة‪ ،‬ولكنها‬
‫تتركب من المؤسسات المحلٌة الموجودة‪ .‬فالجهوٌة إذن هً سٌاسة تراتبٌة ومقٌاس وسٌط للتدخل والتدبٌر الترابً‪ ،‬وتحتاج‬
‫‪.‬الجهوٌة فً تطبٌقاتها إلى خلق جهات لتكون اإلطار األمثل الذي تنجز من خالله برامج ومخططات العمل الجهوي‬
‫أنواع الجهوٌة ‪2-2-‬‬
‫تختلف أنواع الجهوٌة حسب المعاٌٌر المعتمدة والمصالح المراعاة ثم االختٌارات القائمة لكل دولة‪ ،‬وٌمكن أٌضا أن نصنف هذه‬
‫التقسٌمات بشكل عام إلى صنفٌن أساسٌٌن والذي ٌقوم على أساس الدور الموكول لهذه الجهات وهما الجهة والجهوٌة السٌاسٌة‪،‬‬
‫‪.‬الجهة والجهوٌة الوظٌفٌة‬
‫الجهوٌة السٌاسٌة ‪2-2-1-‬‬
‫فهً عندما تتمكن من إنتاج أو إعادة إنتاج نظام تسٌٌر ٌشبه فً غالبٌته خصائص وصالحٌات نموذج الدولة ‪،‬حٌث تتمتع بسلطة‬
‫‪...).‬شبٌهة بتلك التً تتوفر علٌها الدولة (سلطة تشرٌعٌة وسلطة قضائٌة‬
‫ومن بٌن اآلثار السلبٌة لهذا النموذج من الجهوٌة هً فرضٌة عدم استقرار الجهات التً تتولد عن هذا النوع من التقسٌم ‪،‬من‬
‫‪.‬حٌث أنها تصبح منفردة الواحدة عن األخرى‬
‫الجهة والجهوٌة الوظٌفٌة ‪2-2-2-‬‬
‫نتحدث عنها عندما تمنح للجهة إمكانٌة ممارسة بعض الوظائف من أجل االنخراط بإٌجابٌة فً مسلسل التنمٌة االقتصادٌة‬
‫واالجتماعٌة‪ ،‬على الصعٌدٌن المحلً والوطنً دون الرقً بها إلى مستوى الجهة السٌاسٌة‪ ،‬وتنقسم الجهات الوظٌفٌة إلى عدة‬
‫‪:‬أنواع ٌمكننا تلخٌصها فً ثالثة أنواع أساسٌة‬
‫أن الدولة بدعمها للجماعات الترابٌة تقوم باحداث تقسٌم إداري للتراب ٌفرز لنا مجموعة من الجهات تتمتع بصالحٌات واسعة‬
‫)(فرنسا‬
‫أن الدولة تقوم بتمتٌع الجماعات الترابٌة باستقاللٌة فً التسٌٌر واستقاللٌة مالٌة مما ٌمكنها من سلطات خاصة بها وهو ما نجده‬
‫)فً بعض الدول (الدنمارك‬
‫أن الدولة تعمد إلى خلق جهات اقتصادٌة حقٌقٌة معتمدة فً ذلك على البنٌات اإلدارٌة الموجودة التً تمكن من تفعٌل االقتصاد‬
‫)المحلً ( انجلترا والسوٌد‬
‫المجال المغربً والتقسٌم الجغرافً الجهوي ‪II.‬‬
‫سنعمد إلى تقدٌم عٌنات نتائج الدراسات الجغرافٌة التً أعطت بعض المحاوالت فً تقسم المجال الجغرافً المغربً‪،‬‬
‫‪.‬وسنعرضها بناءا على تطور مضمونها والمعاٌٌر المستعملة فً ذلك‬
‫تقسٌم سٌلٌري وهاردي ‪1-‬‬
‫ٌمٌز كل من سٌلٌري وهاردي فً تقطٌعهما للمغرب بٌن ثمان جهات طبٌعٌة كبرى‪ ،‬اعتمد هذا التقطٌع على المعاٌٌر الطبٌعٌة‬
‫بالتركٌز على المعطٌات التضارٌسٌة باألساس‪ ،‬وقد تم استخراج مغرب أطلنتً وآخر أطلسً وآخر جنوب أطلسً‪ ،‬وتبٌن جلٌا‬
‫انه قسم المجال على أساس السهول والهضاب والجبال واألحواض والكتل‪ ،‬وٌبدو أن التجانس سمة ممٌزة لكثٌر من الوحدات‬
‫‪.‬غٌر أنه لٌس المعٌار الوحٌد إلستخراج الوحدات أو الجهات‬
‫الجهات البشرٌة عند رٌنال ‪2-‬‬
‫ٌستعمل رٌنال عدة معاٌٌر لتحدٌد الجهة أو الجهات البشرٌة وهً باألساس اإلطار الطبٌعً والمجالً‪ ،‬المتجدر بفعل تأثٌر عامل‬
‫وكثافة العمل البشري‪ ،‬التراكم فً عمل اإلنسان بما تنتجه تجاربه ومعارفه‪ ،‬أٌضا التراتبٌة المجالٌة‪ ،‬وأخٌرا التجانس فً‬
‫التشكٌل المجالً الذي ٌلعب فٌه التشابه بٌن العناصر دورا مهما فً خلق مناظر بشرٌة موحدة ومتغاٌرة‪ ،‬كل هذه المعطٌات‬
‫جعلت رٌنال ٌقترح تقسٌما للمغرب ٌدمج عوامل أخرى مساعدة لكنها مهمة‪،‬مرتبطة أوال بالمعطٌات الخاصة بالسكان والمجال‬
‫وثانٌا بالتدخل األوربً ودوره فً تموقع األنشطة والتجهٌزات ‪،‬ونجده ٌعتبر المغرب مكونا من من ثمانٌة جهات كبرى تقسم‬
‫‪ .‬بدورها ‪ 26‬جهة صغٌرة‬
‫الجهات السٌاسة عند مونطانً ‪3-‬‬
‫فهو ٌقسم المغرب إلى قسمٌن كبٌرٌن‬
‫القسم األول‪ :‬المسمى بالد المخزن أو مغرب المخزن والذي ٌهم أساسا السهول األطلنتٌة والتً تعبرها أودٌة سبو وأم الربٌع‬
‫‪.‬وتانسٌفت‪ ،‬وهً مناطق حوضٌة وسهلة العبور وتوجد بها مدن قدٌمة وتعمٌر كبٌر ومهم‬
‫القسم الثانً‪ :‬والذي سماه بمغرب السٌبة أو بلد السٌبة وهو الذي ٌبتدأ عموما من القوس الجبل المكون من الرٌف واألطلس‬
‫‪.‬المتوسط واألطلس األوسط واألطلس الغربً‬
‫تقسٌم مدٌرٌة إعداد التراب ‪4-‬‬
‫أما الجهة المقترحة من طرف هذه المدٌرٌة‪ ،‬فتصنف ضمن الجهات التً تبنى على أساس ثقافة إنجاز المشروع والحكامة‬
‫‪.‬الترابٌة القادرة على التنافس واإلنصاف‬
‫وتعتبر المقاربة الجهوٌة التً اعتمدتها المدٌرٌة انطالقا من هذه المرجعٌات مقاربة مجالٌة أثمرت بما تمت تسمٌته بجهات‬
‫اإلعداد‪ ،‬والتً ال تعد نتاجا للتقطٌع اإلداري الصرف‪ ،‬ولكنها عبارة عن تقسٌم إلى مجموعات متماسكة بهدف اإلعداد‪ ،‬وترتبط‬
‫‪.‬أوال بالضرورات المنهجٌة للمنطق المجالً‪ ،‬وهً بذلك مناطق للدراسات الخاصة بإعداد التراب وبمجاالت المشارٌع‬
‫اإلطار التارٌخً للجهوٌة وتطور الجهة بالمغرب ‪III.‬‬
‫فترة ما قبل االستعمار ‪1-‬‬
‫لقد تمت الجهوٌة بالمغرب منذ زمن بعٌد‪ ،‬إذ عاش األمازٌغ و القرطاجٌٌن فً مجموعات شبه مستقلة رسخت مفهوم الجماعة‬
‫كأسلوب فً اإلدارة والحكم ‪،‬المرتكز أساسا على النظام القبلً الذي اتسم بإسناد تسٌٌر الشؤون المحلٌة لبعض الوجهاء‬
‫واألعٌان‪ٌ ،‬نتخب من بٌنهم رئٌسا ٌفصل فً مختلف القضاٌا وٌعتبر رجل النصٌحة‪ ،‬وهذا النظام استمرت إشكالٌته فً كل‬
‫الدول التً تعاقبت على حكم المغرب من قرطاجٌٌن ورومان ووندال‪ ،‬وبالرغم من أن ممارسة الشؤون المحلٌة لم تكون مقننة‬
‫بنص قانونً فإن مداوالت الجماعة كانت دائما تتمحور حول مواضٌع إدارٌة قانونٌة وقضائٌة تهم قضاٌا السكان المحلٌٌن‪ .‬بعد‬
‫ذلك سٌعرف المغرب تنظٌما جهوٌا ٌعتمد على أسس عسكرٌة وقبلٌة تتمٌز باالستقالل والحرٌة‪ ،‬وهذا االستقالل عن السلطة‬
‫المركزٌة كان ٌختلف باختالف قوتها وضعفها‪ ،‬ففً الوقت الذي تكون فٌها الدولة فً أوج قوتها ٌتقزم دور المجموعات المحلٌة‬
‫"الجماعة" ‪،‬التً تتشكل فً غالب األحٌان من قبٌلة واحدة أو مجموعات قبائل تجمعها رابطة الدم أو العرق‪ ،‬أما أثناء مرحلة‬
‫انهٌار الدولة فإن الجماعات القبلٌة تتقوى لتأخذ فً أحٌان كثٌرة شكل مجموعات مستقلة بصورة شبه نهائٌة عن السلطة‬
‫المركزٌة‪ ،‬وما تجدر اإلشارة إلٌه أن الدول التً تعاقبت على حكم المغرب‪ ،‬قد وضعت المالمح األولى للنظام الجهوي‪ ،‬وهكذا‬
‫عمد المرابطٌن إلى تقسٌم المغرب إلى أربع جهات رئٌسٌة على رأس كل واحدة منها حاكم ٌنتمً إلى األسرة الحاكمة‪ ،‬أي أبناء‬
‫السلطان وذوٌه‪ .‬أما السعدٌٌن فقد قاموا بتقسٌم المغرب إلى ‪ 12‬إقلٌما ‪،‬تخضع كلها لنظام عسكري على شكل باشاوات خاضعة‬
‫لسلطة ممثل السلطان "الباشا"‪ ،‬فً حٌن تمٌزت فترة العلوٌٌن بأنها بداٌة عهد جدٌد فً التنظٌم اإلداري بحٌث عرفت البالد‬
‫تقسٌمات إدارٌة كان الهدف منها ضبط المجال‪ ،‬خصوصا وأن السلطة السٌاسٌة أصبح ٌتقاسمها كل من الجٌش والزواٌا‬
‫والقبائل‪ ،‬فسخر التنظٌم الجهوي إلحتواء الزواٌا واستقطابها بجعلها تحت راٌة السلطان‪ ، ،‬إضافة إلى زجر القبائل المنتفضة‬
‫‪.‬على السلطة المركزٌة‬
‫لقد كان التنظٌم الجهوي بالمغرب قبل الحماٌة ٌتجسد إما فً إطار واقعً تمارسه " الجماعة" المحلٌة ‪،‬دون تفوٌض من السلطة‬
‫المركزٌة لضعفها أو بعد بعض المناطق الجغرافٌة عن عاصمة الحكم‪ ،‬وإما فً إطار تنظٌم مخزنً محلً مفوض من طرف‬
‫السلطان والذي عادة ما ٌتم اختٌاره من بٌن أفراد األسرة‪ ،‬هذا الخٌر حٌن ٌمثل السلطة الدٌنٌة وٌكون رابطة وصل بٌن الرعٌة‬
‫والسلطان‪ .‬إن ما ٌمٌز هذه الحقبة هو النزعة االستقاللٌة التً كانت سائدة‪ ،‬حٌث كان المغرب مقسما إلى مناطق متباٌنة‪ ،‬مناطق‬
‫‪.‬تسمى ببالد السٌبة ومناطق ٌطلق علٌها بالد المخزن‬
‫فترة الحماٌة األجنبٌة ‪2-‬‬
‫انتهجت فرنسا سٌاسة الجهوٌة للتحكم فً المجال وضبطه وفق مقاربة أمنٌة‪،‬وضعت مالمحها األولى فٌما ٌعتبر مرحلة تأسٌس‬
‫حقٌقً لإلهتمام بالمجال الجهوي‪ ،‬وذلك بإدخال بعض اإلجراءات األولٌة المعمول بها فً فرنسا آنذاك‪ ،‬مهدت لمرحلة توطٌد‬
‫دعائم الحكم االستعماري على كافة تراب المغرب‪ ،‬لٌشكل الهاجس األمنً المحرك األساسً والفعلً للتقسٌم الجهوي‪ ،‬إذ غدت‬
‫الجهوٌة آلٌة لمراقبة التراب الوطنً لتأمٌن استمرار الحماٌة على البالد‪ ،‬لذلك عملت سلطات الحماٌة إلى تقسم المغرب إلى‬
‫جهات عسكرٌة تطورت بعد ذلك إلى جهات مدنٌة‪ ،‬ففً هذه الفترة أصبح التنظٌم الجهوي ٌسخر ألغراض أمنٌة وعسكرٌة‪،‬‬
‫وذلك حتى تتمكن سلطات الحماٌة من مراقبة التراب بهدف إخضاعه للسٌطرة الستعمارٌة ومحاصرة المقاومة المغربٌة‪ .‬لقد‬
‫أحدثت الجهة فً هذه الفترة بناءا على القرار الصادر عن المقٌم العام الفرنسً بتارٌخ ‪ 4‬غشت ‪ ،1912‬أما الجهات األمنٌة فلم‬
‫تحدث إال ابتداء من سنة ‪ ، 1919‬وأحدثت جهة الدار البٌضاء والرباط بقرار المقٌم العام الصادر فً ‪ 27‬مارس ‪ ،1919‬وجهة‬
‫وجدة بقرار الصادر فً ‪ 22‬دجنبر ‪ ، 1919‬فً حٌن أحدثت جهة الغرب سنة ‪ ،1920‬وفً ‪ 11‬دجنبر ‪ 1923‬صدر نص‬
‫تنظٌمً عن اإلقامة الفرنسٌة ٌعدل التنظٌم الترابً للمغرب‪ ،‬وبذلك تم تقسٌم البالد إلى أربع جهات مدنٌة هً الرباط والدار‬
‫البٌضاء وجهة الغرب وثالث مراقبات مدنٌة هً آسفً‪ ،‬مزكان الجدٌدة والصوٌرة موكادور‪ ،‬وثالثة جهات عسكرٌة هً فاس‪،‬‬
‫‪:‬مراكش ومكناس‪ ،‬وفً سنة ‪ 1935‬تغٌر هذا التقسٌم بدوره لتقسم البالد إلى منطقتٌن مدنٌة وعسكرٌة وذلك على الشكل التالً‬
‫‪.‬المناطق المدنٌة‪ :‬تضم ثالث جهات وهً وجدة‪ ،‬الدار البٌضاء والرباط وثالث أقالٌم وهً إقلٌم آسفً‪ ،‬مٌناء لٌوطً ومازكان‬
‫المناطق العسكرٌة‪ :‬تضم ثالث جهات وهً فاس‪ ،‬مكناس ومراكش‪ ،‬وأربعة أقالٌم تتمثل فً تازة‪ ،‬تافاللت‪ ،‬تخوم درعة ووسط‬
‫‪.‬األطلس‬
‫فكل هذه التقسٌمات واألجهزة والمؤسسات وجدت لخدمة المصالح االستعمارٌة‪ ،‬مما ترتب عنه تقسٌم البالد إلى مغرب نافع‬
‫ومغرب غٌر نافع‪ ،‬الشًء الذي أدى إلى تفقٌر مناطق على حساب مناطق أخرى‪ ،‬وهذا ما ٌجسد التوزٌع غٌر المتكافئ للبنٌات‬
‫‪.‬وخلق فوارق اجتماعٌة متباٌنة‬
‫مرحلة االستقالل ‪3-‬‬
‫خرج مغرب االستقالل من منهكا من تجربة استعمارٌة طوٌلة استنفدت كل طاقات البالد‪ ،‬وسخرت منظومتها اإلدارٌة لخدمة‬
‫مصالحها االمبرٌالٌة‪ ،‬لتجد البالد نفسها أمام إكراهات تنظٌمٌة مهترئة تتمٌز باإلزدواجٌة بٌن إدارة تقلٌدٌة عتٌقة وإدارة‬
‫عصرٌة ‪،‬أمام اكراهات تشكل الدولة غداة االستقالل‪ .‬انصب االهتمام على تكرٌس مركزٌة شمولٌة لمواجهة التحدٌات‬
‫االقتصادٌة واالجتماعٌة الكبٌرة ‪،‬بعد االستقالل أهمل التقسٌم الجهوي وأهملت الجهة لٌأخذ اإلطار االقلٌمً محلها ‪،‬كوسٌلة تمكن‬
‫‪.‬من فرض سلطة الدولة الفتٌة سٌاسٌا وإدارٌا بحٌث اعتبر اإلقلٌم أهم التقسٌمات اإلدارٌة للدولة‬
‫ولم ٌظهر االهتمام بالمجال الجهوي والجهة إال بعد التأكد والتٌقن من استفحال خطورة الفوارق الجهوٌة ‪،‬وعجز االهتمامات‬
‫األولٌة المبعثرة واإلطار اإلقلٌمً عن مواجهتها‪ ،‬نظرا ألنه إطار محدود ال ٌالئم الهدف المنشود من التنمٌة الجهوٌة‪ ،‬بفعل‬
‫ضٌق اختصاصاته االقتصادٌة واالجتماعٌة‪ ،‬وضعف اإلمكانٌات الموضوعة تحت تصرفه وسلطة الوصاٌا القوٌة المفروضة‬
‫علٌه‪ ،‬ومن ثم ظهرت ضرورة التفكٌر فً إٌجاد إطار جدٌد ٌمكن من تحقٌق تنمٌة جهوٌة متوازنة‪ ،‬وظهرت الجهة كقاعدة‬
‫‪.‬ترابٌة لهذه التنمٌة من خالل إصدار ظهٌر ‪ 1971‬المتعلق بتنظٌم الجهات‬
‫اإلطار القانونً للجهة بالمغرب ‪IV.‬‬
‫ظهٌر ‪ 1971‬كإطار قانونً ومؤسساتً ‪1-‬‬
‫فً بداٌة السبعٌنات حظٌت الجهة والجهوٌة باهتمام خاص من طرف السلطات العمومٌة‪ ،‬وذلك بهدف تحقٌق تنمٌة جهوٌة شاملة‬
‫ومتوازنة لجمٌع المناطق وجهات المملكة‪ ،‬وجاء هذا االهتمام بعد عجز اإلطار اإلقلٌمً على مواجهة المشاكل المطروحة‪،‬‬
‫خاصة وأن اإلقلٌم انصب دوره أساسا على الجانب اإلداري‪ ،‬ومن هنا ظهرت ضرورة إٌجاد إطار وتنظٌم ٌتحمل مهمة تحقٌق‬
‫التنمٌة المتوازنة ‪،‬وفً هذا اإلطار صدر ظهٌر رقم ‪ 1.71.77‬بتارٌخ ‪ٌ 16‬ونٌو ‪ 1971‬وذلك للتخفٌف من مركزٌة القرارات‬
‫ولتفادي تعثر التنمٌة وللحد من الفوارق الجهوٌة‪ ،‬حٌث أعطٌت ألهمٌة للعامل االقتصادي لٌكون هو الحافز االساسً فً إنشاء‬
‫‪.‬الجهات ‪،‬خاصة بعدما اتضح أن الجماعات المحلٌة ال ٌتسع لها القٌام بالمشارٌع الكبرى‬
‫إذن فمشروع ظهٌر ‪ 1971‬لم ٌجعل من الجهة جماعة محلٌة متمتعة بالشخصٌة المعنوٌة واالستقالل المالً واإلداري‪ ،‬بل‬
‫اكتفى فقط بجعل الجهة إطار ترابً لتحقٌق النمواالقتصادي لتخفٌف العبئ على الدولة ‪.‬وقد جاء تعرٌف الجهة فً الفصل الثالث‬
‫من الظهٌر رقم ‪ 1.71.77‬بشأن إحداث الجهات االقتصادٌة السبع بأنها "إطار افتراضً لتنفٌذ وتنسٌق األشغال والدراسات‬
‫واألعمال المتعلق بالمناطق‪ ،‬والعمل بصفة عامة على ازدهار اقتصاد المناطق"‪ .‬أما المنطقة فٌراد بها حسب الفصل الثانً من‬
‫نفس الظهٌر " مجموعة من األقالٌم التً تربط بٌنها أو ٌحتمل أن تربط بٌنهما على الصعٌد الجغرافً واالقتصادي واالجتماعً‬
‫عالقة كفٌلة بتقوٌة نموها‪ ،‬والتً تقتضً من جزاء ذلك القٌام بهٌئة عامة‪ ،‬وتشكل المنطقة إطار عمل اقتصادي‪ٌ ،‬باشر داخله‬
‫‪".‬إجراء دراسات وانجاز برامج قصد تحقٌق تنمٌة منسقة ومتوازنة لمختلف أجزاء المملكة‬
‫ظهٌر ‪ :1997‬الرقً بالجهة إلى مستوى الجماعات المحلٌة ‪2-‬‬
‫بعدما أخفقت تجربة ‪ 1971‬فً تحقٌق أهدافها‪ ،‬تم التفكٌر فً تجربة جدٌدة ترتكز على أسس اقتصادٌة واجتماعٌة وثقافٌة‬
‫جدٌدة‪ ،‬بالفعل كانت البوادر األولى لهذه التجربة كما ٌتضح ذلك من خالل مضمون خطاب الملك الحسن الثانً بتارٌخ ‪24‬‬
‫‪.‬أكتوبر ‪1984‬‬
‫هكذا بدء المد الجهوي ٌحضى باهتمامات خاصة أبرزها التعدٌل الدستوري لسنة ‪ 1992‬الذي ارتقى بالجهة إلى مستوى‬
‫الجماعات المحلٌة ‪،‬حسب مقتضٌات القانون المنظم للجهات ‪ 47-96‬الصادر فً ابرٌل ‪ 1997‬حٌث أصبح للجهة كٌان مستقل‬
‫تتمتع بالشخصٌة المعنوٌة واالستقالل المالً واختصاصات قانونٌة تقرٌرٌة‪ ،‬كما ارتقى بالجهة إلى مستوى مؤسسة دستورٌة‬
‫تتمتع بالشخصٌة المعنوٌة وباالستقالل المالً واإلداري‪ ،‬وهكذا أصبحت للجهة فً مقدمة المؤسسات التمثٌلٌة المحلٌة‬
‫والالمركزٌة كخطوة تعد تكرسا للعهد الدستوري للجهة‪ ،‬وهكذا فالفصل ‪ 94‬منه ٌنص على أن "الجماعات المحلٌة بالمملكة هً‬
‫الجهات والعماالت واألقالٌم والجماعات الحضرٌة والقروٌة"‪ ،‬وال ٌمكن إحداث اي جماعة محلٌة إال بقانون وبذلك وضعت‬
‫الجهة فً مستوى الجماعات المحلٌة‪ ،‬وبالتالً أعطاها المشرع قاعدة دستورٌة‪ ،‬وهذا تم تأكٌده من خالل دستور ‪ 13‬شتنبر‬
‫‪ ، 1996‬حٌث أصبحت الجهات وحدة جماعٌة ترابٌة تخضع لنفس المقتضٌات الدستورٌة التً كانت تخضع لها الوحدات‬
‫الجماعٌة األخرى‪ ،‬وذلك بمقتضى الفصل ‪ 100‬والفصل ‪ 101‬و‪ ،102‬لقد حاول دستور ‪ 1996‬إدماج الجهة فً المجال‬
‫السٌاسً بواسطة نظام التمثٌلٌة مثل األحزاب السٌاسٌة والنقابات والغرف المهنٌة‪ ،‬وذلك فً إطار مجلس المستشارٌن كمؤسسة‬
‫‪.‬دستورٌة تمارس السٌادة بصفة غٌر مباشرة وفقا للفصل الثانً من الدستور‬
‫واقع حال الجهوٌة بالمغرب ‪V.‬‬
‫واقع حال الجهوٌة ‪1-‬‬
‫إن المتتبع لواقع الجهوٌة بالمغرب لٌس له إال أن ٌصرح بسٌر مجموعة من االختالالت والتماٌزات التً فً بعض األحٌان‬
‫ٌصعب إٌجاد مبررات لها‪ ،‬والتً فً نفس اآلن تقوم كعوائق حقٌقة أمام تنزٌل مقتضٌات الجهوٌة الفعلٌة والتً من شأنها أن‬
‫تجعل من الجهة أداة للتنمٌة ولٌس كما هو الحال السعً لتطوٌر الجهات‪ ،‬وٌمكن تلخٌص مجمل هذه االختالالت وتفسٌرها من‬
‫‪:‬خالل ماٌلً‬
‫تواضع وبساطة ومحدودٌة الصالحٌات الممنوحة للمجالس الجهوٌة ‪،‬والتً تقابلها وصاٌا مهنٌة للوالً بصفته المزدوجة •‬
‫‪.‬والمتمثلة فً اعتباره وصٌا وآمرا بالصرف‬
‫نظام انتخابً غٌر مالئم والذي ٌنتج منتخبٌن ال ٌعبرون عن انتمائهم للجهات التً ٌتم انتخابهم فٌها‪ ،‬كما أن هؤالء المنتخبٌن •‬
‫‪ٌ.‬ضلوا مرتبطٌن باألساس بجماعاتهم القروٌة والحضرٌة‪ ،‬وبالتالً الدفاع عن مصالحهم خارج اإلحساس باالنتماء إلى الجهة‬
‫إمكانٌات مالٌة جد ضعٌفة على الخصوص‪ ،‬إذا أخدنا بعٌن االعتبار حجم الرهانات التنموٌة من المجاالت الترابٌة‪ ،‬وهذا ما •‬
‫‪ٌ.‬فسر كذلك التباٌنات الواقعة بٌن الجهات الغنٌة واألقل غنى والمتوسطة والفقٌرة‬
‫تناقضات اقتصادٌة بٌن مختلف الجهات ‪،‬حٌث أننا نجد فً العقد األخٌر أن فقط خمس جهات بالمملكة تساهم فً إنتاج أكثر •‬
‫‪.‬من ‪ %60‬من الثروة‬
‫كل هذه العوامل تفسر إلى حد بعٌد الوضعٌات المتأزمة والمتناقضة التً تمٌز مختلف القطاعات التنموٌة على مستوى مختلف‬
‫الجهات وعلى مستوى القطاع األول‪ ،‬نجد بأن جهة سوس ماسة درعة تنتج لوحدها ‪ %32‬من القٌمة المضافة فالحٌا على‬
‫المستوى الوطنً‪ ،‬وكذلك بالنسبة للجهات الجنوبٌة تساهم بأكثر من ‪ %36,4‬من القٌمة المضافة على الصعٌد الوطنً فٌما‬
‫ٌخص الصٌد البحري‪ ،‬هذا فً الوقت الذي تستمر فٌه الدولة من إصدار مشارٌع قطاعٌة تعمم على جمٌع الجهات رغم تباٌنها‬
‫على مستوى الخصوصٌات وعلى مستوى بنٌات االستقبال‪ ،‬أما فٌما ٌخص القطاع الثانً فال ٌجادل أحد فً هٌمنة القطب‬
‫الثالثً الصناعً (فاس‪ ،‬قنٌطرة والجدٌدة) وبالخصوص القطب الوطنً الدار البٌضاء التً تنتج لوحدها ‪ %36‬من القٌمة‬
‫المضافة للقطاع الصناعً و‪ %49‬من اإلنتاج الصناعً للبالد‪ .‬وأخٌرا فٌما ٌخص القطاع الثالث فإن الجهات ألكثر مساهمة‬
‫هً جهة الدار البٌضاء بحوالً ‪ %15,6‬تلٌها جهة الرباط زمور زعٌر ب ‪ ،%13,8‬فً حٌن أن جهة مراكش تانسٌفت الحوز‬
‫‪.‬وجهة سوس ماسة درعة تنفردان بالمساهمة األكبر بالقٌمة المضافة فً القطاع السٌاحً‬
‫ولتجاوز كل تلك االختالالت والتماٌزات بٌن مختلف الجهات المشكلة للتراب الوطنً تبقى اآلمال معقودة على مشروع الجهوٌة‬
‫‪.‬المتقدمة‬
‫مشروع الجهوٌة المتقدمة ‪2-‬‬
‫جاء الخطاب الملكً ٌوم ‪ 6‬نونبر ‪ 2008‬بمناسبة المسٌرة الخضراء‪ ،‬وبعده الخطاب الملكً بتارٌخ ‪ٌ 3‬ناٌر ‪ 2010‬بمفهوم‬
‫وتصور جدٌدٌن للجهوٌة ٌنبٌان على مجموعة من األسس المرتبطة بالوحدة وثوابت الدولة والتضامن والتناسق والتوازن فً‬
‫الصالحٌات واإلمكانٌات بٌن الجهات‪ ،‬ثم الالتركٌز الواسع ضمن حكامة ترابٌة ناجعة‪ ،‬وٌمكن القول أن تشكٌل اللجنة المكلفة‬
‫بإعداد تصور لتطبٌق مشروع" الجهوٌة الموسعة"‪ ،‬والتً ضمت كما ٌعلم الجمٌع شخصٌات من مختلف التخصصات‬
‫االقتصادٌة والجغرافٌة والتارٌخٌة والسٌاسٌة‪ ،...‬مما ٌعكس الرغبة فً بلورة تصور منسجم ٌقف على العناصر الكفٌلة بإنجاح‬
‫‪.‬هذا المشروع فً مختلف تجلٌاته‬
‫المغرب ٌراهن على مشروع الجهوٌة المتقدمة كأساس لدعم الالمركزٌة من أجل القدرة على مواجهة مختلف التحدٌات التً‬
‫ٌفرضها السٌاقٌن الداخلً والخارجً‪ ،‬فً إطار العولمة والظرفٌة االقتصادٌة العالمٌة واالنفتاح الالمشروط على الخارج‬
‫‪،.‬خاصة دول غرب أورباو ما تستجوبه الرغبة الملحة فً االندماج المغاربً‬
‫وإذا كانت النماذج الجهوٌة التً الهمت الدولة المغربٌة فً صناعة وطرح مختلف مشارٌع إصالح الجهوٌة (إٌطالٌا‪ ،‬اسبانٌا‬
‫وفرنسا) ‪ ،‬قد شكلت دعائم التنمٌة بالجهة وخففت على الدولة نصٌبا وافرا من األعباء المالٌة التً ٌستوجبها التدخل المباشر فً‬
‫التنمٌة‪ ،‬فإن الدولة حاضرة بقوة كفاعل أساسً‪ ،‬كما تبقى الجماعات الترابٌة عاجزة عن القٌام بأقل المهام التً أوكلت إلٌها من‬
‫خالل مختلف المواثٌق الجماعٌة‪ .‬وقد جاء الدستور الجدٌد لسنة ‪ 2011‬بمستجدات تدعم قدرة الجهة على تفعٌل التنمٌة‬
‫االقتصادٌة واالجتماعٌة على مستوى نفوذها الترابً من خالل اعتبارها جهة ترابٌة كما النص على ذلك فً المادة ‪135‬‬
‫‪.‬و‪ 145‬من نفس الدستور‬
‫‪:‬خاتمة‬
‫لقد حاول المغرب دوما أن ٌسٌر فً جهوٌته بشكل تدرٌجً نحو جهوٌة أكثر دٌمقراطٌة نحو خلق وحدات ترابٌة أكثر إدماجا‬
‫للسكان واألنشطة وأكثر تعبٌرا عن التالؤم مع متطلبات الدولة والتراب الوطنً والظروف المحٌطة بالمغرب‪ ،‬إال أن التفكٌر فً‬
‫حل بعض المشاكل المستعصٌة والتعامل مع التحوالت الكبرى التً عانتها البالد جعل المغرب ٌحاول التجدٌد واإلبداع فً‬
‫طرح مشارٌع جدٌدة للجهوٌة تكون أكثر تقدما من سابقاتها‪ ،‬كمشروع الجهوٌة الموسعة المرتقب وجهوٌة الحكم الذاتً التً هً‬
‫‪.‬مقترح المغرب من أجل التفاوض لحل النزاع المفتعل حول الصحراء‬
‫المراجع المعتمدة‬
‫لبكر رشٌد (‪ ، )2002‬إعداد التراب الوطنً و رهان التنمٌة الجهوٌة‪ ،‬أطروحة لنٌل الدكتوراه فً القانون العام‪ ،‬كلٌة الحقوق‪،‬‬
‫جامعة الحسن الثانً‪ ،‬الدار البٌضاء‬
‫‪.‬بوجروف سعٌد (‪ ،)2012‬الجهة والجهوٌة بالمغرب‪ :‬أي مشروع ألي تراب؟‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنٌة‪ ،‬مراكش‬
‫‪ .‬محاضرة األستاذ محمد أٌت احسو فً مادة الجهو و الجهوٌة الفصل السادس ‪2013‬‬
‫‪ .‬مقال بعنوان"الجهوٌة الموسعة‪ ،‬السٌاق العام‪ ،‬المرتكزات‪ ،‬األهداف مستوٌات النجاح‪2010 .‬‬

You might also like